الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الصَّحِيح؛ لِأَن كَمَال الشَّيْء ونقصه يعرف بِكَمَال آثاره وأفعاله ونقصها، وَنحن نشاهد قطعا تفَاوت آثَار الْعُقُول فِي الآراء وَالْحكم والحيل وَغَيرهَا، وَذَلِكَ يدل على تفَاوت الْعُقُول فِي نَفسهَا، وَأجْمع الْعُقَلَاء على صِحَة قَول الْقَائِل: فلَان أَعقل من فلَان، أَو أكمل عقلا، وَذَلِكَ يدل على مَا قُلْنَا.
وَلِحَدِيث أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
قَالَ للنِّسَاء: " أَلَيْسَ شَهَادَة إحداكن مثل [نصف شَهَادَة] الرجل؟ " قُلْنَ: بلَى، قَالَ:" فَذَلِك من نُقْصَان عقلهَا ". { [وَخَالف ابْن] عقيل، والأشعرية، والمعتزلة، [وَقَالَهُ] الْمَاوَرْدِيّ فِي الغريزي لَا التجربي، وَحمل الطوفي الْخلاف على ذَلِك}
.
قَالَ ابْن عقيل، والأشاعرة، والمعتزلة: الْعقل لَا يخْتَلف؛ لِأَن الْعقل حجَّة عَامَّة يرجع إِلَيْهَا النَّاس عِنْد اخْتلَافهمْ، وَلَو تفاوتت الْعُقُول لما كَانَ كَذَلِك.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ من أَصْحَاب الشَّافِعِي: (الغريزي لَا يخْتَلف والتجربي يخْتَلف) .
وَحمل الطوفي فِي " شرح مُخْتَصره " الْخلاف على ذَلِك فَقَالَ بعد أَن ذكر دَلِيل الْقَوْلَيْنِ: (وَهَذَا يَقْتَضِي أَن النزاع [لَيْسَ مورده وَاحِدًا] ، وَوجه الْجمع بَين الْقَوْلَيْنِ: أَن الْعقل على ضَرْبَيْنِ: طبيعي وَهُوَ الَّذِي لَا يتَفَاوَت [عِنْد] الْعُقَلَاء، وكسبي تجربي وَهُوَ الَّذِي يتفاوتون / فِيهِ، وَقد جَاءَ عَن عَليّ رضي الله عنه: (أَن الْعقل الطبيعي يتناهى إِلَى سبع وَعشْرين سنة، والتجربي لَا يتناهى إِلَّا بِالْمَوْتِ) .
وَقيل: ضعفه وقوته بِحَسب شكله ومزاجه.
قَالَ القَاضِي (الإحساس وَمَا يدْرك بالحواس لَا يخْتَلف، بِخِلَاف مَا يدْرك بِالْعقلِ، فَإِنَّهُ يخْتَلف مَا يدْرك بِهِ وَهُوَ التَّمْيِيز والفكر، فَلهَذَا يخْتَلف) .
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: (يلْزم مِنْهُ: أَن الْعلم الْحسي لَيْسَ من الْعقل) .
قَالَ: وَلنَا فِي الْمعرفَة الإيمانية فِي الْقلب هَل تزيد وتنقص؟ رِوَايَتَانِ، فَإِذا قيل:(إِن النظري لَا يخْتَلف) ، فالضروري أولى.
وَهَذِه الْمَسْأَلَة من جنس مَسْأَلَة الْإِيمَان، وَأَن الأصوب: أَن القوى الَّتِي هِيَ الإحساس وَسَائِر الْعُلُوم والقوى تخْتَلف) انْتهى.
وَتقدم هَل يتَفَاوَت الْعلم أَو لَا؟