المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فيما رواه أبو هريرة وغيره أنه قال: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع ".وفي رواية: " بحمد الله "، وفي رواية: " بالحمد "، وفي رواية: " ببسم الله الرحمن " كما تقدم، وفي رواية:: فهو أجذم "، وفي رواية: " لا يبدأ فيه - التحبير شرح التحرير - جـ ١

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌شرح مُقَدّمَة الْكتاب

- ‌ حَيْثُ ابْتَدَأَ بهَا فِي [كِتَابَته] إِلَى الْمُلُوك وَغَيرهم.واقتداء بقوله

- ‌ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة وَغَيره أَنه قَالَ: " كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِالْحَمْد لله فَهُوَ أقطع ".وَفِي رِوَايَة: " بِحَمْد الله "، وَفِي رِوَايَة: " بِالْحَمْد "، وَفِي رِوَايَة: " بِبسْم الله الرَّحْمَن " كَمَا تقدم، وَفِي رِوَايَة:: فَهُوَ أَجْذم "، وَفِي رِوَايَة: " لَا يبْدَأ فِيهِ

- ‌ قَالَ: " قَالَ الله تَعَالَى: قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ

- ‌ عَن جِبْرِيل عليه السلام عَن رب الْعَالمين، ذكره النَّوَوِيّ وَغَيره.وَيدل على ذَلِك ذكره مَعَه فِي التَّشَهُّد، والخطب، والتأذين، وَغَيرهَا.وَأمر الله تَعَالَى الْمُؤمنِينَ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَام عَلَيْهِ، وَأخْبر أَنه وَمَلَائِكَته يصلونَ عَلَيْهِ فِي الْآيَة الْكَرِيمَة، وَأدنى مَرَاتِب الْأَمر

- ‌ وَصلى صَلَاة دَعَا) انْتهى.قَالَ ابْن الْقيم فِي / " جلاء الأفهام ": (أصل الصَّلَاة لُغَة يرجع إِلَى

- ‌ إِذا دعِي أحدكُم إِلَى الطَّعَام فليجب فَإِن كَانَ صَائِما فَليصل "، أَي: فَليدع، على الصَّحِيح) انْتهى.وَقَالَ السُّهيْلي: (معنى الصَّلَاة حَيْثُ تصرفت يرجع إِلَى الحنو

- ‌ قَالَ: " من صلى عَليّ صَلَاة صلى الله عَلَيْهِ عشرا) ، وَفِي غير مُسلم " سبعين "، وَظَاهره الِاقْتِصَار على الصَّلَاة، وَهَذَا أظهر

- ‌ أَنا سيد ولد آدم وَلَا فَخر ".وَمِنْهَا: مَا خصّه الله تَعَالَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.فَفِي الدُّنْيَا: كَونه بعث إِلَى النَّاس كَافَّة، وَغَيره مِمَّا لَا يُحْصى.وَفِي الْآخِرَة: اخْتِصَاصه بالشفاعة، والأنبياء تَحت لوائه

- ‌ أُوتيت فواتح الْكَلم وخواتمه وجوامعه " رَوَاهُ أَحْمد، وَفِي رِوَايَة: " وَاخْتصرَ لي الحَدِيث اختصاراً ".فَبَعثه الله تَعَالَى بجوامع الْكَلم، وَخَصه ببدائع الحكم.وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " بعثت بجوامع الْكَلم ".قَالَ الزُّهْرِيّ: (جَوَامِع الْكَلم

- ‌ أَنه قَالَ: " فضلت على من قبلي بست وَلَا فَخر "، فَذكر مِنْهَا " وَأُوتِيت جَوَامِع الْكَلم "، وَهَذَا مِمَّا لَا يحْتَاج إِلَى إطالة وَلَا تَقْرِير.قَوْله: {وَأعلم} .كَونه أعلم خلق الله من الْمُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْأمة من غير توقف، لِأَن من تتبع مجاري أَحْوَاله

- ‌ أرجح النَّاس عقلا وأفضلهم رَأيا) .وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: فَوجدت فِي جَمِيعهَا: (أَن الله تَعَالَى لم يُعْط جَمِيع الْخلق من بَدْء الدُّنْيَا إِلَى انْقِضَائِهَا من الْعقل فِي جنب عقله

- ‌ لِكَثْرَة خصاله المحمودة.أَي: ألهم الله تَعَالَى أَهله ذَلِك لما علم من خالصه المحمودة، قَالَه ابْن فَارس.وَقَالَت أمة: (سَمَّاهُ الله بذلك)

- ‌ وباسمه، وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُم قد خلف امْرَأَته حَامِلا، فَنَذر كل وَاحِد مِنْهُم إِن ولد لَهُ ولد أَن يُسَمِّيه مُحَمَّدًا، فَفَعَلُوا ذَلِك

- ‌ لَكِن لم يكن / مُحَمَّدًا حَتَّى كَانَ أَحْمد، حمد ربه فنبأه وشرفه، فَلذَلِك تقدم اسْم أَحْمد على اسْم مُحَمَّد

- ‌ تالية لحمد الله، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ

- ‌ رزقنا الله محبتهم وَاتِّبَاع آثَارهم، وَلَا جعل فِي قُلُوبنَا غلاً للَّذين آمنُوا.نُكْتَة: إِنَّمَا جَمعنَا بَين الْآل وَالْأَصْحَاب مُخَالفَة للمبتدعة؛ لأَنهم يوالون الْآل فَقَط، وَأهل السّنة يوالون الْآل وَالْأَصْحَاب.وجمعنا الْعلم بقولنَا: الْعُلُوم، وَإِن كَانَ الْعلم جِنْسا

- ‌ فَإِن كَانَ يَقُولهَا فِي خطبه وَشبههَا، رَوَاهُ عَنهُ الْخَمْسَة وَثَلَاثُونَ صحابياً، ذكر الْحَافِظ الرهاوي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فِي كِتَابه " الْأَرْبَعين "، وَذكر رِوَايَة كل وَاحِد مِنْهُم بِالْأَسَانِيدِ.وَزَاد ابْن مَنْدَه فِي مستخرجه ثَلَاثَة

- ‌ أُوتيت جَوَامِع الْكَلم وَاخْتصرَ لي الْكَلَام اختصاراً "، وَهُوَ مرادنا.واختصاره مشَاهد بالعيان كَذَلِك، إِذْ لَو كَانَ مطولا لَكَانَ أوسع وأكبر حجماً، وَإِنَّمَا اختصرناه لمعان.مِنْهَا: لِئَلَّا يحصل الْملَل بالإطالة.وَمِنْهَا: ليحفظ، فَإِن حفظ الْمُخْتَصر أيسر

- ‌{الْكَلَام على الْمُقدمَة}

- ‌ يتلَقَّى من جِبْرَائِيل، فَلَا حَاجَة فِيهِ إِلَى الِاسْتِدْلَال.{وَقيل: بالاستدلالي} . أَي: أَن علمهمْ استدلالي.قَالَ بعض الْأُصُولِيِّينَ: (علمهمْ استدلالي؛ لِأَنَّهُ يعلمُونَ الشَّيْء على حَقِيقَته، أَي: على مَا هُوَ بِهِ، وحقائق الْأَحْكَام تَابِعَة لأدلتها وعللها، فَكَمَا

- ‌ إِذا أَدّوا الْجِزْيَة فَلهم مَا لنا وَعَلَيْهِم مَا علينا

- ‌ فِيمَا جَاءَ بِهِ عَنهُ، ويتوقف صدقه على دلَالَة المعجزة.وَلِهَذَا ذكرت فِي هَذَا الْمُخْتَصر من أصُول الدّين بعض الْمُتَعَلّق بأصول الْفِقْه، كل مَسْأَلَة فِي مَكَانهَا الْمُتَعَلّق بهَا، وَقد ذكره الأصوليون ضمنا، لأجل التَّعَلُّق الْمَذْكُور.الثَّانِي: استمداده من الْعَرَبيَّة؛ وَذَلِكَ [

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ وَمَا بِهِ الْإِرْشَاد، هُوَ كتاب الله وَسنة رَسُوله

- ‌ وَإِلَى عُلَمَاء الْأمة، لم يخرج شَيْء من أَحْكَام الْمُسلمين وَالْإِسْلَام عَنْهَا.قَوْله: وَالدَّلِيل: الْقُرْآن.قَالَ الْفَخر أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل الْبَغْدَادِيّ: (هَذَا دَلِيل على أَن الدَّلِيل حَقِيقَة قَول الله تَعَالَى)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ تعرف إِلَى الله فِي الرخَاء يعرفك فِي الشدَّة

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ أَلا إِن فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله، أَلا وَهِي الْقلب) .وَقد دللنا - أَيْضا - على أَن الْعقل بعضالعلوم الضرورية، والعلوم الضرورية لَا تكون إِلَّا فِي الْقلب، وَمَعَ هَذَا لَهُ اتِّصَال بالدماغ، قَالَه التَّمِيمِي من أَصْحَابنَا، وَغَيره من الْأَصْحَاب

- ‌ قَالَ للنِّسَاء: " أَلَيْسَ شَهَادَة إحداكن مثل [نصف شَهَادَة] الرجل؟ " قُلْنَ: بلَى، قَالَ: " فَذَلِك من نُقْصَان عقلهَا ". { [وَخَالف ابْن] عقيل، والأشعرية، والمعتزلة، [وَقَالَهُ] الْمَاوَرْدِيّ فِي الغريزي لَا التجربي، وَحمل الطوفي الْخلاف على ذَلِك}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ من الْأَنْبِيَاء الْمُرْسلين، / إِنَّمَا كَانَ مَبْعُوثًا لِقَوْمِهِ خَاصَّة، فَهُوَ مَبْعُوث بلسانهم، وَمُحَمّد

- ‌ أصدق كلمة قَالَهَا [شَاعِر] كلمة لبيد أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل "، فَسمى ذَلِك كُله كلمة.وَهُوَ مجَاز مهمل فِي عرف النُّحَاة، فَقيل: هُوَ من تَسْمِيَة الشَّيْء باسم بعضه، وَقيل: لما ارْتبط أَجزَاء الْكَلَام بَعْضهَا بِبَعْض حصل لَهُ بذلك وحدة، فشابه بهَا الْكَلِمَة

- ‌ عَن الله تَعَالَى أعلم أمته أَنه كَلَام الله تَعَالَى لَا كَلَام غَيره، وَهَذَا يبطل قَول من قَالَ من الْمُتَأَخِّرين: إِن الْكَلَام يُقَال بالاشتراك على اللَّفْظ وَالْمعْنَى، فَيُقَال لَهُم: إِذا كَانَ كل مِنْهُمَا يُسمى كلَاما

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله {فصل}

- ‌قَوْله: / {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ بالبطحاء فمرت سَحَابَة، فَقَالَ النَّبِي

- ‌ وَالله لأغزون قُريْشًا " وكرره ثَلَاثًا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عِكْرِمَة مُرْسلا

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ للْعَبَّاس: " لَا يفضض الله فَاك "، أَي: أسنانك؛ إِذْ الْفَم مَحل

- ‌ كل مُسكر خمر "، لِأَن فِيهِ قُوَّة الْإِسْكَار

- ‌ تحيضي - فِي علم الله - سِتا أَو سبعا "، فَإِن التَّقْدِير:

- ‌ أَيّمَا رجل وجد مَاله عِنْد رجل قد أفلس فَصَاحب الْمَتَاع أَحَق بمتاعه "، قَالَ القَاضِي

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فِي فرس أبي طَلْحَة لماركبه: " وَجَدْنَاهُ بحراً "، وَنَحْوه.قَوْله: { [وَفِي] إِسْنَاد، خلافًا لقوم} .يكون الْمجَاز فِي الْإِسْنَاد على الصَّحِيح، وَعَلِيهِ الْمُعظم، وَكثير من أَصْحَابنَا فَيجْرِي فِيهِ وَإِن لم يكن فِي لَفْظِي الْمسند والمسند إِلَيْهِ تجوز، وَذَلِكَ بِأَن يسند الشَّيْء

الفصل: ‌ فيما رواه أبو هريرة وغيره أنه قال: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع ".وفي رواية: " بحمد الله "، وفي رواية: " بالحمد "، وفي رواية: " ببسم الله الرحمن " كما تقدم، وفي رواية:: فهو أجذم "، وفي رواية: " لا يبدأ فيه

وبفعل سُلَيْمَان بن دَاوُد - عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام -، حَيْثُ كتب إِلَى بلقيس.

قَوْله: {الْحَمد لله} .

ثنينا بِالْحَمْد؛ مُوَافقَة لوضع الْكتاب الْعَزِيز، وامتثالاً لقَوْل سيد الْمُرْسلين صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة وَغَيره أَنه قَالَ: " كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِالْحَمْد لله فَهُوَ أقطع ".

وَفِي رِوَايَة: " بِحَمْد الله "، وَفِي رِوَايَة:" بِالْحَمْد "، وَفِي رِوَايَة:" بِبسْم الله الرَّحْمَن " كَمَا تقدم، وَفِي رِوَايَة:: فَهُوَ أَجْذم "، وَفِي رِوَايَة: " لَا يبْدَأ فِيهِ

بِذكر الله ".

ص: 35

وَالْمَشْهُور حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ حَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه، وَالنَّسَائِيّ فِي " عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة "، وَابْن حبَان فِي " صَحِيحه "،

ص: 36

والإسفراييني فِي " الْمخْرج على صَحِيح مُسلم ".

وَمعنى ذِي بَال: أَي ذِي حَال يهتم بِهِ.

وَمعنى أقطع: نَاقص الْبركَة أَو قليلها ".

وَكَذَا معنى أَجْذم بِالْجِيم والذال الْمُعْجَمَة.

وَلَا شكّ أَن الْيمن وَالْبركَة فِي ذكر اسْم الله تَعَالَى والابتداء بِهِ.

إِذا علم ذَلِك؛ فالألف وَاللَّام فِي الْحَمد اخْتلف فِيهَا:

ص: 37

فَذهب الزَّمَخْشَرِيّ وَمن تبعه إِلَى أَنَّهَا لتعريف الْجِنْس، وَأَنَّهَا لَا تفِيد سوى التَّعْرِيف، وَالِاسْم يدل على نفس الْمَاهِيّة الْمعبر عَنْهَا بالجنسية، فَلَا يُسْتَفَاد الِاسْتِغْرَاق / من اللَّام، لَكِن لَا شَيْء من الْجِنْس ثَابت لغيره وَإِلَّا لَكِن الْجِنْس ثَابتا للْغَيْر، لِأَنَّهُ مَتى وجد فَرد مِنْهُ وجد الجنسفي ضمنه فَيَنْتَفِي الِاخْتِصَاص، فَحصل الِاسْتِغْرَاق حِينَئِذٍ لَكِن بِدلَالَة الِالْتِزَام، وَذَلِكَ لِأَن الْجِنْس إِنَّمَا نظره إِلَى الْمَفْهُوم، لدلَالَة الْحَيَوَان - مثلا - على جسم نَام حساس متحرك بالإرادة مَعَ قطع النّظر عَن الْأَفْرَاد، فَهُوَ غير مركب مِنْهَا وَلَا نظر لَهُ إِلَيْهَا إِلَّا من حَيْثُ إِنَّه لَا يُوجد منفكاً عَنْهَا، فَكَمَا أَن السّقف لَا يُوجد بِدُونِ حَامِل، كَذَلِك الْجِنْس لَا يُوجد بِدُونِ فَرد، بِخِلَاف الِاسْتِغْرَاق فَإِنَّهُ لمجموع الْأَفْرَاد، فدلالته على كل فَرد على انْفِرَاده بالتضمن؛ لِأَن الْمَجْمُوع تركب من تِلْكَ الْأَفْرَاد، فَلَا خلاف بَينه وَبَين الِاسْتِغْرَاق فِي الْمَآل حِينَئِذٍ.

ص: 38

وَقَالَ الْجُمْهُور: إِنَّهَا للْعُمُوم، أَي: هُوَ الَّذِي يسْتَحق المحامد كلهَا على الْحَقِيقَة، فَهِيَ للاستغراق، بِمَعْنى: أَن كل فَرد من الْحَمد ثَابت لله تَعَالَى، فدلالته على ثُبُوت الْجَمِيع لَهُ من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع بِدلَالَة الْمُطَابقَة، وعَلى الْبَعْض بالتضمن.

قَالَ السرمري من أَصْحَابنَا فِي " شرح الؤلؤة ": (الْألف،

ص: 39

وَاللَّام فِي الْحَمد للاستغراق، أَي: هُوَ الْمُسْتَحق لجَمِيع الْحَمد من كل أحد على كل حَال فِي كل زمَان) .

وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي " تَفْسِيره ": (الْحَمد لَفظه خبر، كَأَنَّهُ يخبر أَن الْمُسْتَحق للحمد هُوَ الله) . قَالَ: (وَفِيه تَعْلِيم لِلْخلقِ تَقْدِيره: قُولُوا الْحَمد لله) . انْتهى.

وَقيل: الْألف وَاللَّام للْعهد، وَيكون الْمَعْهُود مَا ورد فِي الشَّرَائِع الْمنزلَة، فَيكون أمرنَا بِمَا عهدناه من ذَلِك مِمَّا هُوَ مُمكن.

قَالَ الواحدي: (الْألف وَاللَّام فِي الْحَمد يحْتَمل كَونهَا للْجِنْس أَي: جَمِيع المحامد لله؛ لِأَنَّهُ الْمَوْصُوف بِصِفَات الْكَمَال فِي نعوته وأفعاله الحميدة، وَيحْتَمل / كَونهَا للْعهد، أَي: الْحَمد الَّذِي حمدته بنفسي وحمدته أولياؤه) انْتهى.

ص: 40

وعَلى [كل] الْأَقْوَال: الْحَمد لُغَة: هُوَ الثَّنَاء على الله تَعَالَى بجميل صِفَاته.

وَالثنَاء مَحَله اللِّسَان على قصد التَّعْظِيم سَوَاء تعلق بالفضائل أَو الفواضل.

وَقَالَ كثير: هُوَ الْوَصْف بالجميل الِاخْتِيَارِيّ على وَجه التَّعْظِيم.

وَالشُّكْر: فعل يُنبئ عَن تَعْظِيم الْمُنعم لكَونه منعماً على الشاكر بِسَبَب إنعامه، سَوَاء كَانَ قولا بِاللِّسَانِ، أَو فعلا بالأركان، أَو اعتقاداً أَو محبَّة بالجنان.

فنقيض الْحَمد الذَّم، ونقيض الشُّكْر الْكفْر.

فموروده الْحَمد اللِّسَان وَحده فَهُوَ مُخْتَصّ بِالظَّاهِرِ، ومتعلقة النِّعْمَة عَلَيْهِ وَغَيرهَا من الْأَفْعَال الجميلة كالكرم والشجاعة وَنَحْوهمَا، فمورد خَاص ومتعلقة عَام.

ص: 41

ومورد الشُّكْر اللِّسَان وَغَيره، فَشَمَلَ الظَّاهِر وَالْبَاطِن، ومتعلقة النِّعْمَة فَقَط، فمورده عَام ومتعلقة خَاص، وَمن موارده الْقلب، وَهُوَ أشرف الْمَوَارِد كلهَا؛ لِأَن فعله وَإِن كَانَ خفِيا يسْتَقلّ بِكَوْنِهِ شكرا من غير أَن يَنْضَم إِلَيْهِ فعل غَيره، بِخِلَاف الموردين الآخرين، إِذْ لَا يكون فعل شَيْء مِنْهُمَا حمداً وَلَا شكرا حَقِيقَة مَا لم يَنْضَم إِلَيْهِ فعل الْقلب.

قَالَ بَعضهم: (فَالْحَمْد أَعم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَقع عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَقع على الْأَفْعَال وَالصِّفَات، وأخص بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَقع بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا بِاللِّسَانِ) .

وَالشُّكْر أَعم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَقع بِهِ، لِأَنَّهُ يَقع بالاعتقاد وَاللِّسَان وَالْفِعْل، وأخص بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَقع عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا فِي مُقَابلَة الْإِحْسَان فَهُوَ جَزَاء.

فَالْحَمْد أَعم من الشُّكْر بِاعْتِبَار الْمُتَعَلّق، وأخص بِاعْتِبَار المورد، وَالشُّكْر أَعم من الْحَمد بِاعْتِبَار المورد وأخص بِاعْتِبَار الْمُتَعَلّق، فبينهما عُمُوم وخصوص / من وَجه، وشأن الْعُمُوم وَالْخُصُوص من وَجه أَن يجتمعا فِي صُورَة، وينفرد كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي صُورَة، فيجتمع الْحَمد وَالشُّكْر فِي الثَّنَاء بِاللِّسَانِ، وينفرد الْحَمد بالثناء على الصِّفَات الحميدة من غَيره، وينفرد الشُّكْر بالثناء بالجنان والأركان) .

ص: 42

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: (الْحَمد أَعم من جِهَة أَسبَابه، وَالشُّكْر أَعم من جِهَة أَنْوَاعه.

فَالْحَمْد أَعم؛ لكَونه هُوَ الثَّنَاء الْحسن مُطلقًا، أَعنِي: فِي مُقَابلَة السَّرَّاء وَالضَّرَّاء على جِهَة التَّعْظِيم.

وَالشُّكْر هُوَ الثَّنَاء الْحسن على حسن الصَّنِيع، فَمن هَذَا الْوَجْه الشُّكْر أخص، وَمن جِهَة كَونه بالْقَوْل وَالْفِعْل أَعم.

قَالَ الله تَعَالَى: {اعْمَلُوا ءال دَاوُد شكرا} [سبأ: 13] .

وَقَالَ الشَّاعِر:

(أفادتكم النعماء مني ثَلَاثَة

يَدي ولساني وَالضَّمِير المحجبا)

وَالْحَمْد لَا يكون إِلَّا بالْقَوْل، قَالَ الله تَعَالَى:{وَقل الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا} [الْإِسْرَاء: 111]، {وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} [فاطر: 34] إِلَى غير ذَلِك، فَالْحَمْد وَالشُّكْر حِينَئِذٍ ضدهما الْكفْر) ، انْتهى.

ص: 43