المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قَوْله: {فصل}   {مَا عَنهُ الذّكر الْحكمِي، إِمَّا أَن يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض - التحبير شرح التحرير - جـ ١

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌شرح مُقَدّمَة الْكتاب

- ‌ حَيْثُ ابْتَدَأَ بهَا فِي [كِتَابَته] إِلَى الْمُلُوك وَغَيرهم.واقتداء بقوله

- ‌ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة وَغَيره أَنه قَالَ: " كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِالْحَمْد لله فَهُوَ أقطع ".وَفِي رِوَايَة: " بِحَمْد الله "، وَفِي رِوَايَة: " بِالْحَمْد "، وَفِي رِوَايَة: " بِبسْم الله الرَّحْمَن " كَمَا تقدم، وَفِي رِوَايَة:: فَهُوَ أَجْذم "، وَفِي رِوَايَة: " لَا يبْدَأ فِيهِ

- ‌ قَالَ: " قَالَ الله تَعَالَى: قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ

- ‌ عَن جِبْرِيل عليه السلام عَن رب الْعَالمين، ذكره النَّوَوِيّ وَغَيره.وَيدل على ذَلِك ذكره مَعَه فِي التَّشَهُّد، والخطب، والتأذين، وَغَيرهَا.وَأمر الله تَعَالَى الْمُؤمنِينَ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَام عَلَيْهِ، وَأخْبر أَنه وَمَلَائِكَته يصلونَ عَلَيْهِ فِي الْآيَة الْكَرِيمَة، وَأدنى مَرَاتِب الْأَمر

- ‌ وَصلى صَلَاة دَعَا) انْتهى.قَالَ ابْن الْقيم فِي / " جلاء الأفهام ": (أصل الصَّلَاة لُغَة يرجع إِلَى

- ‌ إِذا دعِي أحدكُم إِلَى الطَّعَام فليجب فَإِن كَانَ صَائِما فَليصل "، أَي: فَليدع، على الصَّحِيح) انْتهى.وَقَالَ السُّهيْلي: (معنى الصَّلَاة حَيْثُ تصرفت يرجع إِلَى الحنو

- ‌ قَالَ: " من صلى عَليّ صَلَاة صلى الله عَلَيْهِ عشرا) ، وَفِي غير مُسلم " سبعين "، وَظَاهره الِاقْتِصَار على الصَّلَاة، وَهَذَا أظهر

- ‌ أَنا سيد ولد آدم وَلَا فَخر ".وَمِنْهَا: مَا خصّه الله تَعَالَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.فَفِي الدُّنْيَا: كَونه بعث إِلَى النَّاس كَافَّة، وَغَيره مِمَّا لَا يُحْصى.وَفِي الْآخِرَة: اخْتِصَاصه بالشفاعة، والأنبياء تَحت لوائه

- ‌ أُوتيت فواتح الْكَلم وخواتمه وجوامعه " رَوَاهُ أَحْمد، وَفِي رِوَايَة: " وَاخْتصرَ لي الحَدِيث اختصاراً ".فَبَعثه الله تَعَالَى بجوامع الْكَلم، وَخَصه ببدائع الحكم.وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " بعثت بجوامع الْكَلم ".قَالَ الزُّهْرِيّ: (جَوَامِع الْكَلم

- ‌ أَنه قَالَ: " فضلت على من قبلي بست وَلَا فَخر "، فَذكر مِنْهَا " وَأُوتِيت جَوَامِع الْكَلم "، وَهَذَا مِمَّا لَا يحْتَاج إِلَى إطالة وَلَا تَقْرِير.قَوْله: {وَأعلم} .كَونه أعلم خلق الله من الْمُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْأمة من غير توقف، لِأَن من تتبع مجاري أَحْوَاله

- ‌ أرجح النَّاس عقلا وأفضلهم رَأيا) .وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: فَوجدت فِي جَمِيعهَا: (أَن الله تَعَالَى لم يُعْط جَمِيع الْخلق من بَدْء الدُّنْيَا إِلَى انْقِضَائِهَا من الْعقل فِي جنب عقله

- ‌ لِكَثْرَة خصاله المحمودة.أَي: ألهم الله تَعَالَى أَهله ذَلِك لما علم من خالصه المحمودة، قَالَه ابْن فَارس.وَقَالَت أمة: (سَمَّاهُ الله بذلك)

- ‌ وباسمه، وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُم قد خلف امْرَأَته حَامِلا، فَنَذر كل وَاحِد مِنْهُم إِن ولد لَهُ ولد أَن يُسَمِّيه مُحَمَّدًا، فَفَعَلُوا ذَلِك

- ‌ لَكِن لم يكن / مُحَمَّدًا حَتَّى كَانَ أَحْمد، حمد ربه فنبأه وشرفه، فَلذَلِك تقدم اسْم أَحْمد على اسْم مُحَمَّد

- ‌ تالية لحمد الله، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ

- ‌ رزقنا الله محبتهم وَاتِّبَاع آثَارهم، وَلَا جعل فِي قُلُوبنَا غلاً للَّذين آمنُوا.نُكْتَة: إِنَّمَا جَمعنَا بَين الْآل وَالْأَصْحَاب مُخَالفَة للمبتدعة؛ لأَنهم يوالون الْآل فَقَط، وَأهل السّنة يوالون الْآل وَالْأَصْحَاب.وجمعنا الْعلم بقولنَا: الْعُلُوم، وَإِن كَانَ الْعلم جِنْسا

- ‌ فَإِن كَانَ يَقُولهَا فِي خطبه وَشبههَا، رَوَاهُ عَنهُ الْخَمْسَة وَثَلَاثُونَ صحابياً، ذكر الْحَافِظ الرهاوي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فِي كِتَابه " الْأَرْبَعين "، وَذكر رِوَايَة كل وَاحِد مِنْهُم بِالْأَسَانِيدِ.وَزَاد ابْن مَنْدَه فِي مستخرجه ثَلَاثَة

- ‌ أُوتيت جَوَامِع الْكَلم وَاخْتصرَ لي الْكَلَام اختصاراً "، وَهُوَ مرادنا.واختصاره مشَاهد بالعيان كَذَلِك، إِذْ لَو كَانَ مطولا لَكَانَ أوسع وأكبر حجماً، وَإِنَّمَا اختصرناه لمعان.مِنْهَا: لِئَلَّا يحصل الْملَل بالإطالة.وَمِنْهَا: ليحفظ، فَإِن حفظ الْمُخْتَصر أيسر

- ‌{الْكَلَام على الْمُقدمَة}

- ‌ يتلَقَّى من جِبْرَائِيل، فَلَا حَاجَة فِيهِ إِلَى الِاسْتِدْلَال.{وَقيل: بالاستدلالي} . أَي: أَن علمهمْ استدلالي.قَالَ بعض الْأُصُولِيِّينَ: (علمهمْ استدلالي؛ لِأَنَّهُ يعلمُونَ الشَّيْء على حَقِيقَته، أَي: على مَا هُوَ بِهِ، وحقائق الْأَحْكَام تَابِعَة لأدلتها وعللها، فَكَمَا

- ‌ إِذا أَدّوا الْجِزْيَة فَلهم مَا لنا وَعَلَيْهِم مَا علينا

- ‌ فِيمَا جَاءَ بِهِ عَنهُ، ويتوقف صدقه على دلَالَة المعجزة.وَلِهَذَا ذكرت فِي هَذَا الْمُخْتَصر من أصُول الدّين بعض الْمُتَعَلّق بأصول الْفِقْه، كل مَسْأَلَة فِي مَكَانهَا الْمُتَعَلّق بهَا، وَقد ذكره الأصوليون ضمنا، لأجل التَّعَلُّق الْمَذْكُور.الثَّانِي: استمداده من الْعَرَبيَّة؛ وَذَلِكَ [

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ وَمَا بِهِ الْإِرْشَاد، هُوَ كتاب الله وَسنة رَسُوله

- ‌ وَإِلَى عُلَمَاء الْأمة، لم يخرج شَيْء من أَحْكَام الْمُسلمين وَالْإِسْلَام عَنْهَا.قَوْله: وَالدَّلِيل: الْقُرْآن.قَالَ الْفَخر أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل الْبَغْدَادِيّ: (هَذَا دَلِيل على أَن الدَّلِيل حَقِيقَة قَول الله تَعَالَى)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ تعرف إِلَى الله فِي الرخَاء يعرفك فِي الشدَّة

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ أَلا إِن فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله، أَلا وَهِي الْقلب) .وَقد دللنا - أَيْضا - على أَن الْعقل بعضالعلوم الضرورية، والعلوم الضرورية لَا تكون إِلَّا فِي الْقلب، وَمَعَ هَذَا لَهُ اتِّصَال بالدماغ، قَالَه التَّمِيمِي من أَصْحَابنَا، وَغَيره من الْأَصْحَاب

- ‌ قَالَ للنِّسَاء: " أَلَيْسَ شَهَادَة إحداكن مثل [نصف شَهَادَة] الرجل؟ " قُلْنَ: بلَى، قَالَ: " فَذَلِك من نُقْصَان عقلهَا ". { [وَخَالف ابْن] عقيل، والأشعرية، والمعتزلة، [وَقَالَهُ] الْمَاوَرْدِيّ فِي الغريزي لَا التجربي، وَحمل الطوفي الْخلاف على ذَلِك}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ من الْأَنْبِيَاء الْمُرْسلين، / إِنَّمَا كَانَ مَبْعُوثًا لِقَوْمِهِ خَاصَّة، فَهُوَ مَبْعُوث بلسانهم، وَمُحَمّد

- ‌ أصدق كلمة قَالَهَا [شَاعِر] كلمة لبيد أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل "، فَسمى ذَلِك كُله كلمة.وَهُوَ مجَاز مهمل فِي عرف النُّحَاة، فَقيل: هُوَ من تَسْمِيَة الشَّيْء باسم بعضه، وَقيل: لما ارْتبط أَجزَاء الْكَلَام بَعْضهَا بِبَعْض حصل لَهُ بذلك وحدة، فشابه بهَا الْكَلِمَة

- ‌ عَن الله تَعَالَى أعلم أمته أَنه كَلَام الله تَعَالَى لَا كَلَام غَيره، وَهَذَا يبطل قَول من قَالَ من الْمُتَأَخِّرين: إِن الْكَلَام يُقَال بالاشتراك على اللَّفْظ وَالْمعْنَى، فَيُقَال لَهُم: إِذا كَانَ كل مِنْهُمَا يُسمى كلَاما

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌قَوْله {فصل}

- ‌قَوْله: / {فصل}

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ بالبطحاء فمرت سَحَابَة، فَقَالَ النَّبِي

- ‌ وَالله لأغزون قُريْشًا " وكرره ثَلَاثًا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عِكْرِمَة مُرْسلا

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ للْعَبَّاس: " لَا يفضض الله فَاك "، أَي: أسنانك؛ إِذْ الْفَم مَحل

- ‌ كل مُسكر خمر "، لِأَن فِيهِ قُوَّة الْإِسْكَار

- ‌ تحيضي - فِي علم الله - سِتا أَو سبعا "، فَإِن التَّقْدِير:

- ‌ أَيّمَا رجل وجد مَاله عِنْد رجل قد أفلس فَصَاحب الْمَتَاع أَحَق بمتاعه "، قَالَ القَاضِي

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ فِي فرس أبي طَلْحَة لماركبه: " وَجَدْنَاهُ بحراً "، وَنَحْوه.قَوْله: { [وَفِي] إِسْنَاد، خلافًا لقوم} .يكون الْمجَاز فِي الْإِسْنَاد على الصَّحِيح، وَعَلِيهِ الْمُعظم، وَكثير من أَصْحَابنَا فَيجْرِي فِيهِ وَإِن لم يكن فِي لَفْظِي الْمسند والمسند إِلَيْهِ تجوز، وَذَلِكَ بِأَن يسند الشَّيْء

الفصل: ‌ ‌قَوْله: {فصل}   {مَا عَنهُ الذّكر الْحكمِي، إِمَّا أَن يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض

‌قَوْله: {فصل}

{مَا عَنهُ الذّكر الْحكمِي، إِمَّا أَن يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض بِوَجْه، أَو لَا، وَالثَّانِي: الْعلم، وَالْأول: إِمَّا أَن يحْتَمل النقيض عِنْد الذاكر لَو قدره، أَولا، وَالثَّانِي: الِاعْتِقَاد، فَإِن طابق فَصَحِيح، وَإِلَّا ففاسد، وَالْأول: الرَّاجِح مِنْهُ ظن، والمرجوح وهم، والمساوي شكّ، وَعلم بذلك حُدُودهَا} .

اعْلَم أَن الذّكر الْحكمِي هُوَ الْكَلَام الخبري تخيله أَو تلفظ بِهِ، فَإِذا قلت: زيد قَائِم، أَو لَيْسَ بقائم، فقد ذكرت حكما، وَهُوَ الذّكر الْحكمِي، وَمَا عَنهُ الذّكر الْحكمِي: هُوَ مَفْهُوم الْكَلَام الخبري.

قَالَ القَاضِي عضد الدّين: (الذّكر الْحكمِي يُنبئ عَن أَمر فِي نَفسك، من إِثْبَات أَو نفي، وَهُوَ مَا عَنهُ الذّكر الْحكمِي) .

وَإِنَّمَا لم يَجْعَل الحكم مورد الْقِسْمَة؛ لِئَلَّا يلْزم خُرُوج الْوَهم وَالشَّكّ عَن موردها عِنْد من منع مقارنتهما للْحكم.

ص: 248

قَالَ القَاضِي عضد الدّين: (وَإِنَّمَا جعل المورد مَا عَنهُ الذّكر الْحكمِي دون الِاعْتِقَاد أَو الحكم، / ليتناول الشَّك وَالوهم مِمَّا لَا اعْتِقَاد وَلَا حكم للذهن فِيهِ.

وَأَشَارَ بقوله: (لَو قدره) إِلَى أَن الظَّن اعْتِقَاد بسيط، وَقد لَا يخْطر نقيضه بالبال، وَلَكِن يَنْبَغِي أَن يكون بِحَيْثُ لَو أخطر نقيضه بالبال لجوز، وَلَا يكون تَمْيِيزه فِي الْقُوَّة بِحَدّ لَو قدر نقيضه لمَنعه) انْتهى.

قَوْله: ومتعلقه. أَي: مُتَعَلق مَا عَنهُ الذّكر الْحكمِي، وَهُوَ النِّسْبَة الْوَاقِعَة بَين طرفِي الْخَبَر فِي الذِّهْن، فَإِن الحكم يتَعَلَّق بهَا.

فَمَا عَنهُ الذّكر الْحكمِي: إِمَّا أَن يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض بِوَجْه من الْوُجُوه، سَوَاء كَانَ فِي الْخَارِج، أَو عِنْد الذاكر، إِمَّا بتقديره بِنَفسِهِ، أَو بتشكيك مشكك إِيَّاه، أَو لَا يحْتَمل أصلا وَالثَّانِي: الْعلم.

وَالْأول: إِمَّا أَن يحْتَمل عِنْد الذاكر بتقديره فِي نَفسه، أَولا.

وَالثَّانِي: الِاعْتِقَاد، فَإِن طابق فَصَحِيح، وَإِلَّا ففاسد.

وَالْأول: إِمَّا أَن يكون الْمُتَعَلّق راجحاً عِنْد الذاكر على احْتِمَال النقيض وَهُوَ الظَّن، ويتفاوت حَتَّى يُقَال غَلَبَة الظَّن، أَولا.

وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَن يكون مرجوحاً، أَو لَا، وَالْأول: الْوَهم.

ص: 249

وَالثَّانِي: الشَّك.

إِذا علم ذَلِك فالعلم قسيمه الِاعْتِقَاد الصَّحِيح وَالْفَاسِد.

وَالظَّن قسيمه الشَّك وَالوهم.

وَقَوله: وَعلم بذلك حُدُودهَا.

وَذَلِكَ [لما] ذكر الْمُشْتَرك الَّذِي هُوَ كالجنس، وَهُوَ مَا عَنهُ الذّكر الْحكمِي، وَقيد كل قسم بِمَا يميزه عَمَّا عداهُ، كَانَ ذَلِك حدا لكل وَاحِد من الْأَقْسَام، لِأَن الْحَد عِنْد الْأُصُولِيِّينَ، كل لفظ مركب يتَمَيَّز الْمَاهِيّة عَن أغيارها سَوَاء كَانَ بالذاتيات أَو بالعرضيات أَو بالمركب مِنْهُمَا. (فحد الْعلم: مَا عَنهُ ذكر حكمي لَا يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض بِوَجْه، لَا فِي الْوَاقِع، وَلَا عِنْد الذاكر، وَلَا بالتشكيك.

ص: 250

والاعتقاد الصَّحِيح: مَا عَنهُ ذكر حكمي يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض عِنْد الذاكر بتشكيك مشكك إِيَّاه فَقَط.

وَالْفَاسِد: مَا عَنهُ ذكر حكمي يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض عِنْد الذاكر بتشكيك مشكك، وَلَا يحْتَمل النقيض بتقديره، وَيكون غير مُطَابق للْوَاقِع. وَالظَّن: مَا عَنهُ ذكر حكمي يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض عِنْد الذاكر بتقديره، مَعَ كَونه راجحاً.

وَالوهم: مَا عَنهُ ذكر حكمي يحْتَمل مُتَعَلّقه / النقيض عِنْد الذاكر بتقديره، مَعَ كَونه مرجوحاً.

وَالشَّكّ: مَا عَنهُ ذكر حكمي يحْتَمل مُتَعَلّقه النقيض، مَعَ تَسَاوِي طَرفَيْهِ عِنْد الذاكر) وَالله أعلم.

قَوْله: {فَائِدَة: الِاعْتِقَاد الْفَاسِد: الْجَهْل الْمركب، وَهُوَ: تصور

ص: 251

الشَّيْء على غير هَيئته} ، وَذَلِكَ أَن حكم الْعقل بِأَمْر على أَمر جازم غير مُطَابق فِي الْخَارِج، هُوَ الِاعْتِقَاد الْفَاسِد. وَيُسمى الْجَهْل الْمركب؛ لِأَنَّهُ مركب من عدم الْعلم بالشَّيْء، واعتقاد غير مُطَابق.

قَوْله: {وَالْجهل الْبَسِيط: عدم الْعلم} .

الْجَهْل الْبَسِيط: هُوَ انْتِفَاء إِدْرَاك الشَّيْء بِالْكُلِّيَّةِ، بِحَيْثُ لَا يخْطر بالبال أصلا من الْقَابِل للْعلم.

فَإِذا قيل لشخص: هَل تجوز الصَّلَاة بِالتَّيَمُّمِ عِنْد عدم المَاء؟

فَإِن قَالَ: لَا أعلم، كَانَ ذَلِك جهلا بسيطاً، وَإِن قَالَ: لَا تجوز، كَانَ جهلا مركبا، لِأَنَّهُ مركب من عدم الْفتيا بالحكم الصَّحِيح، وَمن الْفتيا بالحكم الْبَاطِل.

قَوْله: {وَمِنْه:} - أَي من الْجَهْل الْبَسِيط - {سَهْو وغفلة ونسيان، بِمَعْنى وَاحِد، وَهِي: ذُهُول الْقلب عَن مَعْلُوم، قَالَه فِي التَّمْهِيد فِي السَّهْو، وَقيل: لَا يُسمى نِسْيَانا إِلَّا إِذا طَال} .

قَالَ فِي " التَّمْهِيد ": (حد السَّهْو: ذُهُول الْقلب عَن النّظر فِي الْمَعْلُوم) انْتهى.

وَقَوْلنَا: (وَهِي) ، عَائِد إِلَى السَّهْو والغفلة وَالنِّسْيَان.

وَاعْلَم أَن الْجَهْل الْبَسِيط يَنْقَسِم أَرْبَعَة أَقسَام: سَهْو، وغفلة،

ص: 252

ونسيان، وَغَيرهَا، وَذَلِكَ: إِن سبقه إِدْرَاك ثمَّ زَالَ سمي سَهوا، وَإِلَّا فَلَا، وَالْأول: إِن قصر فِيهِ زمَان [ذهَاب] الْإِدْرَاك اشْتهر تَسْمِيَته سَهوا، وَيُسمى - أَيْضا - غَفلَة.

قَالَ الْجَوْهَرِي: (السَّهْو: الْغَفْلَة) .

وَقَالَ فِي " الْقَامُوس ": (سَهَا فِي الْأَمر: نَسيَه، وغفل عَنهُ، وَذهب قلبه إِلَى غَيره، فَهُوَ ساه، وسهوان) .

وَقَالَ: (غفل عَنهُ غفولاً: تَركه وسها عَنهُ) انْتهى.

وَإِن طَال زَمَانه سمي مَعَ كَونه سَهوا نِسْيَانا، فَهُوَ أخص من مُطلق السَّهْو، وَمُطلق السَّهْو أخص من مُطلق الْجَهْل الْبَسِيط، وَهَذَا قَول جمَاعَة من الْعلمَاء، وَهُوَ أحسن [مَا فرق بِهِ بَينهمَا] إِذا قيل: هما متباينان.

وَقيل: النسْيَان: عدم ذكر مَا / كَانَ مَذْكُورا، والسهو: غَفلَة عَمَّا كَانَ مَذْكُورا وَعَما لم يكن مَذْكُورا، فعلى هَذَا النسْيَان أخص من السَّهْو مُطلقًا، فَهُوَ بِاعْتِبَار آخر غير الأول.

وَمِنْهُم من فرق بِغَيْر ذَلِك، قَالَ فِي " الْمِصْبَاح ":(فرقوا بَين الساهي وَالنَّاسِي: بِأَن النَّاسِي إِذا ذكر تذكر، والساهي بِخِلَافِهِ) انْتهى.

ص: 253

وَذهب كثير من الْعلمَاء إِلَى أَن مَعْنَاهُمَا وَاحِد، وَهُوَ الَّذِي قدمْنَاهُ وَقد تقدم كَلَامه فِي " الْقَامُوس ".

قَالَ القَاضِي عِيَاض فِي " الْمَشَارِق ": (السَّهْو فِي الصَّلَاة: النسْيَان فِيهَا) .

قَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد فِي " شرح الْعُمْدَة ": (الْفرق بَينهمَا من حَيْثُ اللُّغَة بعيد، وَهَذَا أظهر) انْتهى.

وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: (والسهو: الْغَفْلَة عَن الشَّيْء، وَذَهَاب الْقلب إِلَى غَيره، وَفرق بَعضهم بَين السَّهْو وَالنِّسْيَان وَلَيْسَ بِشَيْء) انْتهى.

ص: 254