المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة طه (20) : الآيات 87 الى 88] - التحرير والتنوير - جـ ١٦

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 78 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 83 إِلَى 84]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 85 إِلَى 88]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 89 إِلَى 90]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 92 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 99 الى 101]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 103 إِلَى 104]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 107 إِلَى 108]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 109]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 110]

- ‌19- سُورَةُ مَرْيَمَ

- ‌أغراض السُّورَة

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 2 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 4 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 16 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 30 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 47 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 51 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 54 إِلَى 55]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 56 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 59 إِلَى 63]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 66 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 68 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 71 إِلَى 72]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 73 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 77 إِلَى 80]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 81 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 83 إِلَى 84]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 85 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 88 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 96]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 97]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 98]

- ‌20- سُورَةُ طَهَ

- ‌أغراضها:

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 2 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 11 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 17 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 24 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 37 الى 41]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 43 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 45 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 53 إِلَى 54]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 57 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 60 إِلَى 61]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 62 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 67 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 70 إِلَى 71]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 72 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 74 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 78 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 83 إِلَى 85]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 86]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 87 الى 88]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 90 إِلَى 91]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 92 إِلَى 94]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 95 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 97]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 98]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 99 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 102 إِلَى 104]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 105 إِلَى 107]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 108 إِلَى 112]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 113 إِلَى 114]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 117 الى 119]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 121 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 123 الى 127]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 129 إِلَى 130]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 131]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 135]

الفصل: ‌[سورة طه (20) : الآيات 87 الى 88]

وَالْعَهْدُ: مَعْرِفَةُ الشَّيْءِ وَتَذَكُّرُهُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُطْلِقَ عَلَى الْمَفْعُولِ كَإِطْلَاقِ الْخَلْقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ، أَيْ طَالَ الْمَعْهُودُ لَكُمْ وَبَعُدَ زَمَنُهُ حَتَّى نَسِيتُمُوهُ وَعَمِلْتُمْ بِخِلَافِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَبْقَى عَلَى أَصْلِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ عَهْدُهُمُ اللَّهَ عَلَى الِامْتِثَالِ وَالْعَمَلِ بِالشَّرِيعَةِ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَقَوْلُهُ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي فِي [سُورَةِ الْبَقَرَةِ: 27 وَ40] .

وأَمْ إِضْرَابٌ إِبْطَالِيٌّ. وَالِاسْتِفْهَامُ الْمُقَدَّرُ بَعْدَ أَمْ فِي قَوْلِهِ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ [طه: 86] إِنْكَارِيٌّ أَيْضًا، إِذِ التَّقْدِيرُ: بَلْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ، فَلَا يَكُونُ كُفْرُكُمْ إِذَنْ إِلَّا إِلْقَاءً بِأَنْفُسِكُمْ فِي غَضَبِ اللَّهِ كَحَالِ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْهِ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ.

فَفِي قَوْلِهِ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ، إِذْ شَبَّهَ حَالَهُمْ فِي ارْتِكَابِهِمْ أَسْبَابَ حُلُولِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِدُونِ دَاعٍ إِلَى ذَلِكَ بِحَالِ مَنْ يُحِبُّ حُلُولَ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِ إِذِ الْحُبُّ لَا سَبَبَ لَهُ.

وَقَوْلُهُ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي تَفْرِيعٌ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ الثَّانِي. وَمَعْنَى مَوْعِدِي هُوَ وَعْدُ اللَّهِ عَلَى لِسَانِهِ، فَإِضَافَتُهُ إِلَى ضَمِيرِهِ لِأَنَّهُ الْوَاسِطَةُ فِيهِ.

[87- 88]

[سُورَة طه (20) : الْآيَات 87 الى 88]

قالُوا مَا أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هَذَا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88)

قالُوا مَا أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها وَقَعَتْ جُمْلَةُ قالُوا غَيْرَ مَعْطُوفَةٍ لِأَنَّهَا جَرَتْ فِي الْمُحَاوَرَةِ جَوَابًا عَنْ كَلَامِ مُوسَى- عليه السلام. وَضَمِيرُ قالُوا عَائِدٌ إِلَى الْقَوْمِ

ص: 283

وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بَعْضُهُمْ، تَصَدُّوا مُجِيبِينَ عَنِ الْقَوْمِ كُلِّهِمْ وَهُمْ كُبَرَاءُ الْقَوْمِ وَأَهْلُ الصَّلَاحِ مِنْهُمْ.

وَقَوْلُهُ بِمَلْكِنا قَرَأَهُ نَافِعٌ، وَعَاصِمٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ- بِفَتْحِ الْمِيمِ-. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَيَعْقُوبُ- بِكَسْرِ الْمِيمِ-. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ- بِضَمِّ الْمِيمِ-. وَهِيَ وُجُوهٌ ثَلَاثَةٌ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَمَعْنَاهَا: بِإِرَادَتِنَا وَاخْتِيَارِنَا، أَيْ لِإِخْلَافِ مَوْعِدِكَ، أَيْ مَا تَجَرَّأْنَا وَلَكِنْ غَرَّهُمُ السَّامِرِيُّ وَغَلَبَهُمْ دَهْمَاءُ الْقَوْمِ. وَهَذَا إِقْرَارٌ مِنَ الْمُجِيبِينَ بِمَا فَعَلَهُ دَهْمَاؤُهُمْ.

وَالِاسْتِدْرَاكُ رَاجِعٌ إِلَى مَا أَفَادَهُ نَفْيُ أَنْ يَكُونَ إِخْلَافُهُمُ الْعَهْدَ عَنْ قَصْدٍ لِلضَّلَالِ وَالْجُمْلَةُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَهُ وَقَعَتْ بِإِيجَازٍ عَنْ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ التَّنَصُّلِ مِنْ تَبِعَةِ نَكْثِ الْعَهْدِ.

وَمَحَلُّ الِاسْتِدْرَاكِ هُوَ قَوْلُهُ فَقالُوا هَذَا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى وَمَا قَبْلَهُ تَمْهِيدٌ لَهُ، فَعُطِفَتِ الْجُمَلُ قَبْلَهُ بِحَرْفِ الْفَاءِ وَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ غُلِبُوا عَلَى رَأْيِهِمْ بِتَضْلِيلِ السَّامِرِيِّ.

فَأُدْمِجَتْ فِي هَذَا الِاعْتِذَارِ الْإِشَارَةُ إِلَى قَضِيَّةِ صَوْغِ الْعِجْلِ الَّذِي عَبَدُوهُ وَاغْتَرُّوا بِمَا مُوِّهَ لَهُمْ مِنْ أَنَّهُ إِلَهُهُمُ الْمَنْشُودُ مِنْ كَثْرَةِ مَا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِهِمْ أَنَّ اللَّهَ مَعَهُمْ أَوْ أَمَامَهُمْ، وَمِمَّا جَاشَ فِي خَوَاطِرِهِمْ مِنَ الطَّمَعِ فِي رُؤْيَتِهِ تَعَالَى.

وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَرُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ حُمِّلْنا- بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَكْسُورَةٍ، أَيْ حَمَّلَنَا مَنْ حَمَّلَنَا، أَوْ حَمَّلْنَا أَنْفُسَنَا.

وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَحَمْزَةُ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ، وَرَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ- بِفَتْحِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً-.

ص: 284

وَالْأَوْزَارُ: الْأَثْقَالُ. وَالزِّينَةُ: الْحُلِيُّ وَالْمَصُوغُ. وَقَدْ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ أَزْمَعُوا الْخُرُوجَ قَدِ احْتَالُوا عَلَى الْقِبْطِ فَاسْتَعَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَارِهِ الْقِبْطِيِّ حُلِيًّا فِضَّةً وَذَهَبًا وَأَثَاثًا، كَمَا فِي الْإِصْحَاحِ 12 مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ خَشَوْا تَلَاشِيَ تِلْكَ الزِّينَةِ فَارْتَأَوْا أَنْ يَصُوغُوهَا قِطْعَةً وَاحِدَةً أَوْ قِطْعَتَيْنِ لِيَتَأَتَّى لَهُمْ حِفْظُهَا فِي مَوْضِعٍ مَأْمُونٍ.

وَالْقَذْفُ: الْإِلْقَاءُ. وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا الْإِلْقَاءُ فِي نَارِ السَّامِرِيِّ للصوغ، كَمَا يومىء إِلَيْهِ الْإِصْحَاحُ 32 مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ. فَهَذَا حِكَايَةُ جَوَابِهِمْ لِمُوسَى- عليه السلام مُجْمَلًا مُخْتَصَرًا شَأْنَ الْمُعْتَذِرِ بِعُذْرٍ وَاهٍ أَنْ يَكُونَ خَجْلَانَ مِنْ عُذْرِهِ فَيَخْتَصِرُ الْكَلَامَ.

فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هَذَا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88) ظَاهِرُ حَالِ الْفَاءِ التَّفْرِيعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا صَادِرًا مِنْ قَائِلِ الْكَلَامِ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ.

وَالْمَعْنَى: فَمِثْلُ قَذْفِنَا زِينَةَ الْقَوْمِ، أَيْ فِي النَّارِ، أَلْقَى السَّامِرِيُّ شَيْئًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ التَّخَلُّصُ إِلَى قِصَّةِ صَوْغِ الْعِجْلِ الَّذِي عَبَدُوهُ.

وَضَمِيرَا الْغِيبَةِ فِي قَوْلِهِ فَأَخْرَجَ لَهُمْ وَقَوْلُهُ: فَقالُوا عَائِدَانِ إِلَى غَيْرِ الْمُتَكَلِّمِينَ.

عَلَّقَ الْمُتَكَلِّمُونَ الْإِخْرَاجَ وَالْقَوْلَ بِالْغَائِبِينَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ مَعَ مُوسَى لَمْ يَكُونُوا مِمَّنِ اعْتَقَدَ إِلَهِيَّةَ الْعِجْلِ وَلَكِنَّهُمْ صَانَعُوا دَهْمَاءَ الْقَوْمِ، فَيَكُونُ هَذَا مِنْ حِكَايَةِ قَوْلِ الْقَوْمِ لِمُوسَى. وَعَلَى هَذَا دَرَجَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ، فَيَكُونُ مِنْ

ص: 285

تَمَامِ الْمَعْذِرَةِ الَّتِي اعْتَذَرَ بِهَا الْمُجِيبُونَ لِمُوسَى، وَيَكُونُ ضَمِيرُ فَأَخْرَجَ لَهُمْ الْتِفَاتًا قَصَدَ الْقَائِلُونَ بِهِ التَّبَرِّي مِنْ أَنْ يَكُونَ إِخْرَاجُ الْعِجْلِ لِأَجْلِهِمْ، أَيْ أَخْرَجَهُ لِمَنْ رَغِبُوا فِي ذَلِكَ.

وَجَعَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ هَذَا الْكَلَامَ كُلَّهُ مِنْ جَانِبِ اللَّهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مُسْلِمٍ،

فَيَكُونُ اعْتِرَاضًا وَإِخْبَارًا لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَلِلْأُمَّةِ. وموقع الْفَاء يناكد هَذَا لِأَنَّ الْفَاءَ لَا تَرِدُ لِلِاسْتِئْنَافِ عَلَى التَّحْقِيقِ، فَتَكُونُ الْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ تَفْرِيعَ أَخْبَارٍ عَلَى أَخْبَارٍ.

وَالْمَعْنَى: فَمِثْلُ ذَلِكَ الْقَذْفِ الَّذِي قَذَفْنَا مَا بِأَيْدِينَا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ أَلْقَى السَّامِرِيُّ مَا بِيَدِهِ مِنَ النَّارِ لِيَذُوبَ وَيَصُوغَهَا فَأَخْرَجَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ عِجْلًا جَسَدًا. فَإِنَّ فِعْلَ (أَلْقَى) يَحْكِي حَالَةً مُشَبَّهَةً بِحَالَةِ قَذْفِهِمْ مَصُوغَ الْقِبْطِ. وَالْقَذْفُ وَالْإِلْقَاءُ مُتَرَادِفَانِ، شُبِّهَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.

وَالْجَسَدُ: الْجِسْمُ ذُو الْأَعْضَاءِ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً [ص: 34] . قِيلَ: هُوَ شِقُّ طِفْلٍ وَلَّدَتْهُ إِحْدَى نِسَائِهِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ.

قَالَ الزَّجَاجُ: الْجَسَدُ هُوَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا يُمَيِّزُ إِنَّمَا هُوَ الْجُثَّةُ، أَيْ أَخْرَجَ لَهُمْ صُورَةَ عِجْلٍ مُجَسَّدَةً بِشَكْلِهِ وَقَوَائِمِهِ وَجَوَانِبِهِ، وَلَيْسَ مُجَرَّدَ صُورَةٍ مَنْقُوشَةٍ عَلَى طَبَقٍ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ. وَفِي سِفْرِ الْخُرُوجِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ.

وَالْإِخْرَاجُ: إِظْهَارُ مَا كَانَ مَحْجُوبًا. وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِخْرَاجِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ صَنَعَهُ بِحِيلَةٍ مَسْتُورَةٍ عَنْهُمْ حَتَّى أَتَمَّهُ.

وَالْخُوَارُ: صَوْتُ الْبَقَرِ. وَكَانَ الَّذِي صَنَعَ لَهُمُ الْعِجْلَ عَارِفًا بِصِنَاعَةِ الْحِيَلِ الَّتِي كَانُوا يَصْنَعُونَ بِهَا الْأَصْنَامَ وَيَجْعَلُونَ فِي أَجْوَافِهَا وَأَعْنَاقِهَا مَنَافِذَ كَالزَّمَّارَاتِ تَخْرُجُ مِنْهَا أَصْوَاتٌ إِذَا أُطْلِقَتْ عِنْدَهَا رِيَاحٌ بِالْكِيرِ وَنَحْوِهِ.

ص: 286

وَصَنَعَ لَهُمُ السَّامِرِيُّ صَنَمًا عَلَى صُورَةِ عِجْلٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَدِ اعْتَادُوا فِي مِصْرَ عِبَادَةَ الْعِجْلِ «إِيبِيسَ» ، فَلَمَّا رَأَوْا مَا صَاغَهُ السَّامِرِيُّ فِي صُورَةِ مَعْبُودٍ عَرَفُوهُ مِنْ قَبْلُ وَرَأَوْهُ يَزِيدُ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ خُوَارًا، رَسَخَ فِي أَوْهَامِهِمُ الْآفِنَةِ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْإِلَهُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي عَبَّرُوا عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ هَذَا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى، لِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَتَوَهَّمُوا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْعِجْلِ (إِيبِيسَ) . وَإِذْ قَدْ كَانُوا يُثْبِتُونَ إِلَهًا مَحْجُوبًا عَنِ الْأَبْصَارِ وَكَانُوا يَتَطَلَّبُونَ رُؤْيَتَهُ، فَقَالُوا لِمُوسَى: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [النِّسَاء: 153] ، حِينَئِذٍ تَوَهَّمُوا أَنَّ هَذِهِ ضَالَّتُهُمُ الْمَنْشُودَةُ.

وَقِصَّةُ اتِّخَاذِهِمُ الْعِجْلَ فِي كِتَابِ التَّوْرَاةِ غَيْرُ مُلَائِمَةٍ لِلنَّظَرِ السَّلِيمِ.

وَتَفْرِيعُ فَنَسِيَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى فَقالُوا هَذَا إِلهُكُمْ تَفْرِيعَ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ، فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى السَّامِرِيِّ، أَيْ قَالَ السَّامِرِيُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَسِيَ مَا كَانَ تَلَقَّاهُ مِنْ هَدْيٍ أَوْ تَفْرِيعَ مَعْلُولٍ عَلَى عِلَّةٍ، أَيْ قَالَ ذَلِكَ، فَكَانَ قَوْلُهُ سَبَبًا فِي نِسْيَانِهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ هَدْيٍ إِذْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ فَحَرَمَهُ التَّوْفِيقَ مِنْ بَعْدُ.

وَالنِّسْيَانُ: مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِضَاعَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها [طه: 126] وَقَوْلِهِ: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ [الماعون: 5] .

وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ فَنَسِيَ مِنَ الْحِكَايَةِ لَا مِنَ الْمَحْكِيِّ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى السَّامِرِيِّ فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَتَّصِلَ بِقَوْلِهِ أَفَلا يَرَوْنَ [طه: 89] وَيَكُونَ اعْتِرَاضًا. وَجَعَلَهُ جَمْعٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عَائِدًا إِلَى مُوسَى، أَيْ فَنَسِيَ مُوسَى إِلَهَكُمْ وَإِلَهَهُ، أَيْ غَفَلَ عَنْهُ، وَذَهَبَ إِلَى الطُّورِ يُفَتِّشُ عَلَيْهِ وَهُوَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ، وَمَوْقِعُ فَاءِ التَّفْرِيعِ يُبْعِدُ هَذَا التَّفْسِيرَ.

وَالنِّسْيَانُ: يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا مَجَازًا فِي الْغَفْلَة.

ص: 287