الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكُلُّ ذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ مَآلَ بِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم صَائِرٌ إِلَى مَا صَارَتْ إِلَيْهِ بَعْثَةُ مُوسَى عليه السلام مِنَ النَّصْرِ عَلَى مُعَانَدِيهِ. فَلِذَلِكَ انْتَقَلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى وَعِيدِ مَنْ أَعْرَضُوا عَنِ الْقُرْآنِ وَلَمْ تَنْفَعْهُمْ أَمْثَاله ومواعظه.
- وتذكير النَّاس بعداوة الشَّيْطَان للْإنْسَان بِمَا تضمنته قصَّة خلق آدم.
- وَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ سُوءَ الْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ لِمَنْ جَعَلُوا مَقَادَتَهُمْ بِيَدِ الشَّيْطَانِ وَإِنْذَارَهُمْ بِسُوءِ الْعِقَابِ فِي الدُّنْيَا.
- وَتَسْلِيَةَ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا يَقُولُونَهُ وَتَثْبِيتَهُ عَلَى الدِّينِ.
وَتَخَلَّلَ ذَلِكَ إِثْبَاتُ الْبَعْثِ، وَتَهْوِيلُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا يَتَقَدَّمُهُ مِنَ الْحَوَادِث والأهوال.
[1]
[سُورَة طه (20) : آيَة 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
طه (1)
وَهَذَانِ الْحَرْفَانِ مِنْ حُرُوفِ فَوَاتِحِ بَعْضِ السُّوَرِ مِثْلُ الم، وَيس. وَرُسِمَا فِي خَطِّ الْمُصْحَفِ بِصُورَةِ حُرُوفِ التَّهَجِّي الَّتِي هِيَ مُسَمَّى (طا) وَ (هَا) كَمَا رُسِمَ جَمِيعُ الْفَوَاتِحِ الَّتِي بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ. وَقُرِئَا لِجَمِيعِ الْقُرَّاء كَمَا قُرِئت بَقِيَّةُ فَوَاتِحِ السُّوَرِ. فَالْقَوْلُ فِيهِمَا كَالْقَوْلِ الْمُخْتَارِ فِي فَوَاتِحِ تِلْكَ السُّوَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ الْأَعْرَافِ.
وَقِيلَ هُمَا حَرْفَانِ مُقْتَضَبَانِ مِنْ كَلِمَتَيْ (طَاهِرٍ) وَ (هَادٍ) وَأَنَّهُمَا عَلَى مَعْنَى النِّدَاءِ بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ.
وَتَقَدَّمَ وَجْهُ الْمَدِّ فِي (طَا)(هَا) فِي أَوَّلِ سُورَةِ يُونُسَ. وَقِيلَ مُقْتَضَبَانِ مِنْ فِعْلِ (طَأْ) أَمْرًا مِنَ الْوَطْءِ. وَمِنْ (هَا) ضَمِيرِ الْمُؤَنَّثَةِ الْغَائِبَةِ عَائِدٌ إِلَى الأَرْضِ. وَفُسِّرَ بِأَنَّ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ إِذَا قَامَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ قَامَ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَطَأَ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ الْأُخْرَى. وَلَمْ يَصِحَّ.
وَقِيلَ (طَاهَا) كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَنَّ أَصْلَهَا مِنَ الْحَبَشِيَّةِ، وَمَعْنَاهَا إِنْسَانٌ، وَتَكَلَّمَتْ بِهَا
قَبِيلَةُ (عَكَّ) أَوْ (عُكْلٍ) وَأَنْشَدُوا لِيَزِيدَ بْنِ مُهَلْهَلٍ:
إِنَّ السَّفَاهَةَ طَاهَا مِنْ شَمَائِلِكُمْ
…
لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي الْقَوْمِ الْمَلَاعِينِ
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى اعْتِبَارِهِمَا كَلِمَةً لُغَةَ (عَكَّ) أَوْ (عُكْلٍ) أَوْ كَلِمَةً مِنَ الْحَبَشِيَّةِ أَوِ النَّبَطِيَّةِ وَأَنَّ مَعْنَاهَا فِي لُغَةِ: (عَكَّ) يَا إِنْسَانُ، أَوْ يَا رَجُلُ، وَفِي مَا عَدَاهَا: يَا حَبِيبِي، وَقِيلَ: هِيَ اسْمٌ سَمَّى اللَّهُ بِهِ نَبِيئَهُ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ عَلَى مَعْنَى النِّدَاءِ، أَوْ هُوَ قَسَمٌ بِهِ.
وَقِيلَ: هِيَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَعْنَى الْقَسَمِ.
وَرُوِيَتْ فِي ذَلِكَ آثَارٌ وَأَخْبَارٌ ذَكَرَ بَعْضَهَا عِيَاضٌ فِي «الشِّفَاءِ» . وَيَجْرِي فِيهَا قَوْلُ مَنْ جَعَلَ جَمِيعَ هَذِهِ الْحُرُوفِ مُتَّحِدَةً فِي الْمَقْصُودِ مِنْهَا. كَقَوْلِ مَنْ قَالَ: هِيَ أَسْمَاءٌ لِلسُّوَرِ الْوَاقِعَةِ فِيهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَإِنَّمَا غَرَّهُمْ بِذَلِكَ تَشَابُهٌ فِي النُّطْقِ فَلَا نُطِيلُ بِرَدِّهَا. وَكَذَلِكَ لَا الْتِفَاتَ إِلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمُوا أَنَّهُ مِنْ أَسمَاء النبيء صلى الله عليه وسلم.