المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الكهف (18) : الآيات 85 إلى 88] - التحرير والتنوير - جـ ١٦

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 78 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 83 إِلَى 84]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 85 إِلَى 88]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 89 إِلَى 90]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 92 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 99 الى 101]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 103 إِلَى 104]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 107 إِلَى 108]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 109]

- ‌[سُورَة الْكَهْف (18) : آيَة 110]

- ‌19- سُورَةُ مَرْيَمَ

- ‌أغراض السُّورَة

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 2 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 4 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 7 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 16 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 30 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 47 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 51 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 54 إِلَى 55]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 56 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 59 إِلَى 63]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 66 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 68 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 71 إِلَى 72]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 73 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 77 إِلَى 80]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 81 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 83 إِلَى 84]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 85 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : الْآيَات 88 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 96]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 97]

- ‌[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 98]

- ‌20- سُورَةُ طَهَ

- ‌أغراضها:

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 2 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 11 إِلَى 13]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 14 إِلَى 16]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 17 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 24 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 37 الى 41]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 43 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 45 إِلَى 48]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 49 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 53 إِلَى 54]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 56]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 57 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 60 إِلَى 61]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 62 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 67 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 70 إِلَى 71]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 72 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 74 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 78 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 83 إِلَى 85]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 86]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 87 الى 88]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 90 إِلَى 91]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 92 إِلَى 94]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 95 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 97]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 98]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 99 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 102 إِلَى 104]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 105 إِلَى 107]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 108 إِلَى 112]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 113 إِلَى 114]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 117 الى 119]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 121 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 123 الى 127]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة طه (20) : الْآيَات 129 إِلَى 130]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 131]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة طه (20) : آيَة 135]

الفصل: ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 85 إلى 88]

بِنَفْسِهِ، فَيُقَالُ: مَكَّنَاهُ فِي الْأَرْضِ كَقَوْلِهِ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ [الْأَنْعَام: 6] .

فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ لِلتَّوْكِيدِ كَاللَّامِ فِي قَوْلِهِمْ: شَكَرْتُ لَهُ، وَنَصَحْتُ لَهُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَفَنُّنٌ. وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ [الْأَنْعَام: 6] .

فَمَعْنَى التَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ إِعْطَاءُ الْمَقْدِرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ.

وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ أَرْضٌ مُعَيَّنَةٌ وَهِيَ أَرْضُ مُلْكِهِ.

وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ [يُوسُف: 56] .

وَالسَّبَبُ: حَقِيقَتُهُ الْحَبْلُ، وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى الشَّيْءِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَقْدِرَةٍ أَوْ آلَاتِ التَّسْخِيرِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [166] .

وكُلِّ شَيْءٍ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي الْأَشْيَاءِ الْكَثِيرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ [يُونُس: 97] أَيْ آتَيْنَاهُ وَسَائِلَ أَشْيَاءَ عَظِيمَة كَثِيرَة.

[85- 88]

[سُورَة الْكَهْف (18) : الْآيَات 85 إِلَى 88]

فَأَتْبَعَ سَبَباً (85) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (86) قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً (88)

السَّبَبُ: الْوَسِيلَةُ. وَالْمرَاد هُنَا مَعْنًى مَجَازِيٌّ وَهُوَ الطَّرِيقُ، لِأَنَّ الطَّرِيقَ وَسِيلَةٌ إِلَى

الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ، وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ ذِكْرُ الِاتِّبَاعِ وَالْبُلُوغِ

ص: 24

فِي قَوْلِهِ: فَأَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى إِرَادَةِ غَيْرِ مَعْنَى السَّبَبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً إِظْهَارُ اسْمِ السَّبَبِ دُونَ إِضْمَارِهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى غَيْرُ مَا أُرِيدَ بِالْأَوَّلِ حَسُنَ إِظْهَارُ اسْمِهِ تَنْبِيهًا عَلَى اخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ، أَيْ فَاتَّبَعَ طَرِيقًا لِلسَّيْرِ وَكَانَ سَيْرُهُ لِلْغَزْوِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ.

وَلَمْ يَعُدَّ أَهْلُ اللُّغَةِ مَعْنَى الطَّرِيقِ فِي مَعَانِي لَفْظِ السَّبَبِ لَعَلَّهُمْ رَأَوْهُ لَمْ يَكْثُرْ وَيَنْتَشِرْ فِي الْكَلَامِ. وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: أَسْبابَ السَّماواتِ [فاطر: 37] مِنْ هَذَا الْمَعْنَى. وَكَذَلِكَ قَوْلُ زُهَيْرٍ:

وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنَايَا يَنَلْنَهُ أَيْ هَابَ طُرُقَ الْمَنَايَا أَنْ يَسْلُكَهَا تَنَلْهُ الْمَنَايَا، أَيْ تَأْتِيهِ، فَذَلِكَ مَجَازٌ بِالْقَرِينَةِ.

وَالْمُرَادُ بِ مَغْرِبَ الشَّمْسِ مَكَانُ مَغْرِبِ الشَّمْسِ مِنْ حَيْثُ يَلُوحُ الْغُرُوبُ مِنْ جِهَاتِ الْمَعْمُورِ مِنْ طَرِيقِ غَزْوَتِهِ أَوْ مَمْلَكَتِهِ. وَذَلِكَ حَيْثُ يَلُوحُ أَنَّهُ لَا أَرْضَ وَرَاءَهُ بِحَيْثُ يَبْدُو الْأُفُقُ مِنْ جِهَةٍ مُسْتَبْحِرَةٍ، إِذْ لَيْسَ لِلشَّمْسِ مَغْرِبٌ حَقِيقِيٌّ إِلَّا فِيمَا يَلُوحُ لِلتَّخَيُّلِ.

وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ ذُو الْقَرْنَيْنِ قَدْ بَلَغَ بَحْرَ الْخَزَرِ وَهُوَ بُحَيْرَةُ قَزْوِينَ فَإِنَّهَا غَرْبُ بِلَادِ الصِّينِ.

وَالْقَوْلُ فِي تَرْكِيبِ حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ كَالْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها.

وَالْعَيْنُ: مَنْبَعُ مَاءٍ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَحَفْصٌ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ مَهْمُوزًا مُشْتَقًّا مِنَ الْحَمْأَةِ، وَهُوَ الطِّينُ الْأَسْوَدُ. وَالْمَعْنَى: عَيْنٌ مُخْتَلِطٌ مَاؤُهَا بِالْحَمْأَةِ فَهُوَ غَيْرُ صَافٍ.

ص: 25

وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَخَلَفٌ:

فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ بِأَلِفٍ بَعْدَ الْحَاءِ وَيَاءٍ بَعْدَ الْمِيمِ، أَيْ حَارَّةٍ مِنَ الْحُمُوِّ وَهُوَ الْحَرَارَةُ، أَيْ أَنَّ مَاءَهَا سَخَنَ.

وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ عُيُونِ النِّفْطِ الْوَاقِعَةِ عَلَى سَاحِلِ بَحْرِ الْخَزَرِ حَيْثُ مَدِينَةُ (بَاكُو) ، وَفِيهَا مَنَابِعُ النِّفْطِ الْآنَ وَلَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا يَوْمَئِذٍ. وَالْمُؤَرِّخُونَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمُّونَهَا الْبِلَادَ الْمُنْتِنَةَ.

وَتَنْكِيرُ قَوْماً يُؤْذِنُ بِأَنَّهُمْ أُمَّةٌ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَلَا مَأْلُوفَةٍ حَالَةُ عَقَائِدِهِمْ وَسِيرَتُهُمْ.

فَجُمْلَةُ قُلْنا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِمَا أَشْعَرَ بِهِ تَنْكِيرُ قَوْماً مِنْ إِثَارَةِ سُؤَالٍ عَنْ حَالِهِمْ وَعَمَّا لَاقَاهُ بِهِمْ ذُو الْقَرْنَيْنِ.

وَقَدْ دَلَّ قَوْلُهُ: إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً عَلَى أَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ لِلْعَذَابِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَحْوَالَهُمْ كَانَتْ فِي فَسَادٍ مِنْ كُفْرٍ وَفَسَادِ عَمَلٍ.

وَإِسْنَادُ الْقَوْلِ إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَوْلُ إِلْهَامٍ، أَيْ أَلْقَيْنَا فِي نَفْسِهِ تَرَدُّدًا بَيْنَ أَن يُبَادر استيصالهم وَأَن يُمْهِلَهُمْ وَيَدَعُوهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَحُسْنِ الْعَمَلِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ، أَيْ قَالَ فِي نَفْسِهِ مُعْتَمِدًا عَلَى حَالَةٍ وَسَطٍ بَيْنِ صُورَتَيِ التَّرَدُّدِ.

وَقِيلَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ نبيئا يُوحى عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ كَلَامًا مُوحًى بِهِ إِلَيْهِ يُخَيِّرُهُ فِيهِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، مِثْلَ التَّخْيِيرِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً [مُحَمَّد: 4]، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ جَوَابًا مِنْهُ إِلَى رَبِّهِ. وَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ إِظْهَارَ سَدَادِ اجْتِهَادِهِ كَقَوْلِهِ: فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ [الْأَنْبِيَاء: 79] .

وحُسْناً مُصَدَرٌ. وَعَدَلَ عَنْ (أَنَ تُحْسِنَ إِلَيْهِمْ) إِلَى أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً مُبَالَغَةً فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ حَتَّى جَعَلَ كَأَنَّهُ اتَّخَذَ فِيهِمْ نَفْسَ

ص: 26

الْحُسْنِ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [الْبَقَرَة: 83] . وَفِي هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ تَلْقِينٌ لِاخْتِيَارِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهُمَا.

وَالظُّلْمُ: الشِّرْكُ، بِقَرِينَةِ قَسِيمِهِ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً.

وَاجْتِلَابُ حَرْفِ الِاسْتِقْبَالِ فِي قَوْلِهِ: فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ سَيَدْعُوهُ إِلَى الْإِيمَانِ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْكُفْرِ يُعَذِّبْهُ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً أَيْ آمَنَ بَعْدَ كُفْرِهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَنْ هُوَ مُؤْمِنٌ الْآنَ، لِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ تَعْذِيبِهِمْ وَاتِّخَاذِ الْإِمْهَالِ مَعَهُمْ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُؤْمِنُونَ حِينَ التَّخْيِيرِ.

وَالْمَعْنَى: فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ عَذَابَ الدُّنْيَا وَلِذَلِكَ أَسْنَدَهُ إِلَى ضَمِيرِهِ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً وَذَلِكَ عَذَابُ الْآخِرَةِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ جَزاءً الْحُسْنى بِإِضَافَةِ جَزاءً إِلَى الْحُسْنى عَلَى الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَحَفَصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَيَعْقُوبُ، وَخَلَفٌ جَزاءً الْحُسْنى بِنَصْبِ جَزاءً مُنَوَّنًا عَلَى أَنَّهُ تَمْيِيزٌ لِنِسْبَةِ اسْتِحْقَاقِهِ الْحُسْنَى، أَوْ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ

جُمْلَةِ فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى، أَوْ حَالٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا بِاعْتِبَارِ تَعْرِيفِ الْجِنْسِ كَالتَّنْكِيرِ.

وَتَأْنِيثُ الْحُسْنى بِاعْتِبَارِ الْخَصْلَةِ أَوِ الْفِعْلَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحُسْنى هِيَ الْجَنَّةُ كَمَا فِي قَوْلِهِ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يُونُس: 26] .

وَالْقَوْلُ الْيُسْرُ: هُوَ الْكَلَامُ الْحَسَنُ، وُصِفَ بِالْيُسْرِ الْمَعْنَوِيِّ لِكَوْنِهِ لَا يُثْقِلُ سَمَاعَهُ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً [الْإِسْرَاء: 28] أَيْ جَمِيلًا.

فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْحُسْنى الْخِصَالَ الْحُسْنَى، فَمَعْنَى عَطْفِ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً أَنَّهُ يُجَازِي بِالْإِحْسَانِ وَبِالثَّنَاءِ، وَكِلَاهُمَا

ص: 27