الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوعظ والدعاء بعد الدفن
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 20/1/1423
السؤال
في بلدنا يقف الواعظ على القبر بعد الدفن ويعظ الناس ثم يدعو ويؤمن الناس وراءه، هل الدعاء بهذه الكيفية بدعة كما يقول البعض؟ وما حكم قراءة المأثورات بشكل جماعي؟ مع العلم أن ابن تيمية رحمه الله أجاز الذكر الجماعي، أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وبعد فديننا مبني على الاتباع والاقتداء كما قال - تعالى-: "وأنّ هذا صراطي مستقيماًَ فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"[الأنعام: 153]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (
…
إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) رواه أصحاب السنن (الترمذي (2676) أبو داود (4607) ابن ماجة (42)) وصححه الحاكم (333) واللفظ لأبي داود، وكل محدث في الدين بلا دليل فهو بدعة مردودة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) البخاري (2697) ومسلم (1718) ، وقد تكاثرت نصوص الشرع وأقوال السف مقررة قاعدة أن الأصل في العبادات الحظر والمنع، فلا تفعل عبادة إلا بدليل سواء في ذلك الهيئة والعدد والزمان والمكان.
وجواب السائل من خلال النقاط التالية:
أولاً: الواجب على المسلم متابعة أمر الله وأمر رسوله، وليعلم أن ما خالفه غير صحيح ولو نُسِب إلى بعض الأكابر.
ثانياً: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أذكار وأدعية تعلمها منه أصحابه، ولم ينقل عنه ولا عن أصحابه أنهم كانوا يقولون تلك الأذكار مجتمعين فينبغي للمسلم أن يهتدي بهدي النبي وأصحابه. وعليه فالاجتماع لقراءة المأثورات بشكل جماعي وصوت واحد واتخاذها عادة من البدع المحدثة.
ثالثاً: أمر الناس بالدعاء للميت بعد دفنه واردٌ فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: (استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل) رواه أبو داود (3221) وصححه الحاكم (1412) .
أما التزام الموعظة بعد الدفن ثم دعاء الواعظ وتأمين الناس وراءه فهو محدث لم يرد.
أما لو وعظ أحد فقط في بعض الأحيان (دون التزام) فلا بأس، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب (رواه أبو داود (4753) وغيره) وعلي (رواه البخاري (1362) ومسلم (2647) وغيرهما.
رابعاً: شيخ الإسلام ابن تيمية لم أقف له على إجازة الذكر الجماعي المردد بصوت واحد، وإنما يجيز الاجتماع على الذكر بغير مداومة. والفرق أن الاجتماع أن يجلس جماعة في مكان واحد لقراءة قرآن من أحدهم واستماع الباقين، أو لتذاكر شيء من العلم ونحو ذلك، أمّا الذكر الجماعي فهو تلاوة ذكر معين بصوت واحد على هيئة جماعية وهذا أمر محدث. فيقول رحمه الله: (الاجتماع لذكر الله واستماع كتابه والدعاء عمل صالح
…
ولكن ينبغي أن يكون هذا أحياناً في بعض الأوقات والأمكنة، فلا يُجعل سنة راتبه يحافظ عليها
…
إلى أن قال: (فما سن صلى الله عليه وسلم عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات فُعِل كذلك، وما سن المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عُمِل كذلك، كما كان الصحابة يجتمعون أحياناً يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون) أ. هـ مجموع الفتاوى (22/520-521) . والأوراد مما شُرع فيها الانفراد كما سبق
وقال أيضاً: (قاعدة عامة في الاجتماع على الطاعات والعبادات فإنه نوعان: أحدهما سنة راتبة، إما واجب وإما مستحب كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين، فهذه سنة راتبة ينبغي المحافظة عليها والمداومة، والثاني ما ليس بسنة راتبة مثل الاجتماع لصلاة تطوع أو على قراءة قرآن أو ذكر الله أو دعاء فهذا لا بأس به إذا لم يتخذ عادة راتبة.. لكن اتخاذه عادة دائرة بدوران الأوقات مكروه لما فيه من تغيير الشريعة) مجموع الفتاوى (23/132-133) .
هذا خلاصة للجواب، وأوصي السائل بأن يعتني بالأذكار المأثورة الصحيحة في مثل صحيح الكلم الطيب والوابل الصيب والأذكار. ويحذر من الكتب التي اشتملت على أحاديث ضعيفة أو موضوعة.