الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل خُتم الرسل بمحمد كما خُتم به الأنبياء
؟!
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 8/11/1424هـ
السؤال
هناك طائفة لها موقع على شبكة المعلومات تدعي أن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم كان آخر نبي، لكنه لم يكن آخر رسول، وهم ينظرون إلى راشد خليفة كرسول لهم جاءت رسالته لتحذير الناس لاتباع القرآن فقط بدلا من الأشياء المضللة (يقصدون بذلك الأحاديث)، وفوق ذلك يقولون: كل نبي رسول، وليس كل رسول نبي، والحظر إنما جاء في القرآن على النبي وليس الرسول (والعياذ بالله) ، فهل هناك نص معين في القرآن بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخر نبي وآخر رسول؟ وكيف ندحض حججهم الكفرية بالقرآن؟ هذا الموضوع هام جداً؛ لأن هذه الجماعة تنشط الآن في الجامعات والكليات.
الجواب
من عقائد المسلمين القطعية إيمانهم بأن محمداً عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد دل على هذا نصوص الكتاب والسنة. قال الله سبحانه:"وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً"[الأحزاب: من الآية40]
ومعنى خاتم النبيين: أي الذي ختمت به النبوة فطبع عليها فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة. وهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول. قال القاضي عياض: والصحيح الذي عليه الجم الغفير - أي عامة العلماء - أن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول. الشفاء (1/ 347) ، والأدلة على أن مقام الرسالة أخص وأكمل من مقام النبوة كثيرة، ومنها قوله تعالى:"فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ"[الأحقاف: من الآية35] ، فنوه الله سبحانه وتعالى بأولي العزم من الرسل وأمر نبيه أن يقتدي بصبرهم وثباتهم، وهم على أشهر الأقوال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وخاتم النبيين محمد عليهم الصلاة والسلام. وذكرهم الله بوصف الرسالة مما يدل على أن وصف الرسالة أخص وأكمل، وأخرج الإمام أحمد في مسنده (22288) من حديث أبي ذر رضي الله عنه قلت: يا رسول الله كم وَفَى - أي بلغ - عدة الأنبياء؟، قال:" مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً "، وقد دلت السنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خاتم الأنبياء والمرسلين ومن ذلك: ما جاء في الصحيحين البخاري (3535) ومسلم (2286) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين"، وفي رواية في (تاريخ دمشق) لابن عساكر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:"فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة، ختم بي البنيان، وختم بي الرسل" ذكرها السيوطي في الجامع الكبير، وكذلك ما جاء في الصحيحين البخاري (3532) ومسلم (2354) من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي"، وكذلك ما جاء في صحيح مسلم (1920) عن ثوبان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وإنه سيكون من أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، ولا نبي بعدي"، وما جاء في صحيح مسلم (523) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون".
قال الحافظ ابن كثير: (وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه، ورسوله في سنته المتواترة عنه أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل، ولو تخرق وشعبذ وأتى بأنواع السحر والطلاسم) ، فهذه الطائفة المذكورة طائفة ضالة زائغة عن الهدى، مكذبة للقرآن والسنة، وهذا المدعي للرسالة كذاب أفاك مفتر على الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. قال القاضي عياض: (نكفر من ادعى نبوة أحدٍ مع نبينا صلى الله عليه وسلم
…
أو من ادعى النبوة لنفسه، أو جوز اكتسابها والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها كالفلاسفة وغلاة المتصوفة، وكذلك من ادعى منهم أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة، فهؤلاء كلهم كفار مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين لا نبي بعده، وأخبر صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى أنه خاتم النبيين
…
) الشفاء (2/ 1070) . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.