الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يترك ابنه في بيئة كافرة
؟
المجيب يوسف أبرام
مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 19/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب مسلم سبق لي الزواج من امرأة أوروبية، وبعد مدة من الخلافات حدث الطلاق، لي منها ولد عمره الآن 11 سنة، هي الآن ارتدت عن الدين الإسلامي. وتزوجت من رجل آخر من أهل بلدتها، القانون هنا يعطي المرأة دائما حق الحضانة للأطفال، ابني كان قد حفظ بعضاً من القرآن، ويعرف كيف يصلي، ولكنه الآن يعيش في جو كله كفر، ماذا أفعل؟ جزاكم الله كل خير، أنا الآن -والحمد لله- صلتي بربى جيدة، أداوم على الصلاة وتعاليم ديني الحنيف؛ لأني أخشى يوم لقاء ربي وحسابه، أفكر الآن في العودة إلى بلدي أو أي بلد مسلمة، بعد أن مللت العيش في بلاد الكفار وخاصة بعد قراءة كثير من الفتاوى التي تحرم الإقامة في بلاد الكفار، ماذا أفعل؟ وهل أترك ابني هنا؟. أفيدوني أفادكم الله، وجزاكم عني كل الخير والثواب.
الجواب
الحمد لله وحده. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ السائل -حفظه الله-.
كنت أتمنى لو اطلعتَ على الفتوى القائلة بحرمة العيش في بلاد الكفر، وما ورد فيها من أحكام خاصة وعامة قبل أن تتزوج من أوروبية، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه.
اعلم رعاك الله أن الحكم بردة زوجتك قضية خطيرة، فتأكد من قولك، لأن قضية التكفير بلية عظيمة لا نزال نصطلي بنارها، وإذا قال المسلم لأخيه -يا كافر- فقد باء بها أحدهما كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري (6104) ، ومسلم (60) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فمجرد زواج مطلقتك من رجل غير مسلم مع عدم اعتقادها الحل لا يعتبر مسوغًا للحكم عليها بالردة. وعسى الله أن يعيدها إلى حمى الإسلام والإيمان. أما إذا ارتدت فعلا عن الإسلام فهي شر أراحك الله منه.
أما ما قلته إن "القانون يعطي المرأة دائما الحق" فأنت محق لا محالة، وبناء على هذا الأمر وغيره من الأسباب لا ننصح بالزواج من الكتابية إلا إذا كانت الإقامة في مجتمع إسلامي، وتحت سلطان الإسلام والسواد الأعظم من المسلمين. وأما في بلاد الغرب فلا سلطان لا للإسلام ولا للمسلمين، والقوامة والسلطة سواء داخل البيت أو خارجه للزوجة الكتابية على حساب زوجها المسلم.
وقد تساءلت بقولك "هل أترك ابني هنا" والجواب:
إن استطعت أن تأخذه إلى بلدك بالحكمة وبطريقة حسنة لا تعرضك لمكروه فعليك بها. ولكن قبل أن تفكر في هذا المشروع لا بد أن تستعلم عن قوانين بلدك؛ لأن كثيرًا من الدول الغربية بينها وبين الحكومات الإسلامية قوانين تلتزم بموجبها هذه الأخيرة إعادة الأولاد إلى أمهاتهم الأوربيات. وتكون حينها كمن استجار من الرمضاء بالنار، وفي الأخير: إن لم تقصر في تربيتك لزوجتك ولابنك فلا لوم عليك إن شاء الله، وأما خوفك على مستقبل ابنك فاعلم أن الله ولي الصالحين، وهو معك في السراء والضراء، مجيب المضطر إذا دعاه وكاشف السوء، فالزم طاعته وتقواه واجتهد في الدعاء فإنه سبحانه وتعالى قال:" والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين"[الطور: 21]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل:
"احفظ الله يحفظك" رواه الترمذي (2516) وغيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما فإن حفظت الله بالتزام العقيدة السليمة المنجية، عقيدة سلف الأمة، والتزم بفعل الواجبات وترك المنهيات، فإنه سبحانه وتعالى يكرمك بحفظ دينك من الشبهات والشهوات ويحفظ لك أهلك وأولادك ومالك. فعسى الله أن يمن عليك بما تقر به عينك وينشرح له صدرك، ولا يخزيك في ذريتك أبدًا. والله أعلم.