الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصف النبي صلى الله عليه وسلم
-
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه المناسبات/ربيع الأول
التاريخ 15/3/1425هـ
السؤال
ما هو وصف النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكيف كان يبدو حسب الأحاديث الصحيحة؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ورد في صفة النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة حيث كان الصحابة رضي الله عنهم يصفون النبي صلى الله عليه وسلم فيذكر كل منهم ما استحضره من صفاته صلى الله عليه وسلم، ومن الأحاديث الجامعة في هذا ما يأتي:
1-
ما أخرجه البخاري ح (3547) من طريق رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَصِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِل، وقَوْله:"كَانَ رَبْعَة"أَيْ مَرْبُوعًا، وَالتَّأْنِيث بِاعْتِبَارِ النَّفْس، يُقَال رَجُل رَبْعَة وَامْرَأَة رَبْعَة، وَقَدْ فَسَّرَهُ، بِقَوْلِهِ:" لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِن وَلَا بِالْقَصِيرِ"، وِالطَّوِيلِ الْبَائِن: الْمُفْرِط فِي الطُّول مَعَ اِضْطِرَاب الْقَامَة، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث الْبَرَاء رضي الله عنه بَعْد قَلِيل أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيّ-صلى الله عليه وسلم-مَرْبُوعًا " وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة-رضي الله عنه: " كَانَ رَبْعَة وَهُوَ إِلَى الطُّول أَقْرَب"، قَوْله: (أَزْهَر اللَّوْن) أَيْ أَبْيَض مُشَرَّب بِحُمْرَةِ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيث أَنَس رضي الله عنه عِنْد مُسْلِم ، وَعِنْد التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث عَلِيّ قَالَ: " كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم-أَبْيَض مُشَرَّبًا بَيَاضه بِحُمْرَةٍ"، قَوْله: (لَيْسَ بِأَبْيَض أَمْهَق) : الْمُرَاد أَنَّهُ لَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الشَّدِيد الْبَيَاض وَلَا بِالْآدَمِ الشَّدِيد الْأُدْمَة، وَإِنَّمَا يُخَالِط بَيَاضه الْحُمْرَة. قَوْله: " لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَط وَلَا سَبِط) ، وَالْجُعُودَة فِي الشَّعْر: أَنْ لَا يَتَكَسَّر وَلا يَسْتَرْسِل، وَالسُّبُوطَة ضِدّه ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ وَسَط بَيْنهمَا. وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَلِيّ عِنْد التِّرْمِذِيّ:"وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَط، وَلَا بِالسَّبِطِ، كَانَ جَعْدًا رَجِلًا " وَقَوْله: رَجِل أَيْ مُتَسَرِّح ، وَهُوَ مَرْفُوع عَلَى الِاسْتِئْنَاف،
أَيْ هُوَ رَجِل.
2-
وفي الصحيحين [البخاري ح (3551) ، ومسلم ح (2337) ] من حديث الْبَرَاءَ، قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-رَجُلًا مَرْبُوعًا بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ عَظِيمَ الْجُمَّةِ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم-قَوْله: (بَعِيد مَا بَيْن الْمَنْكِبَيْنِ) أَيْ عَرِيض أَعْلَى الظَّهْر، وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه عِنْد اِبْن سَعْد " رَحْب الصَّدْر"، قَوْله:(لَهُ شَعْر يَبْلُغ شَحْمَة أُذُنه) وفِي رِوَايَة " أُذُنَيْهِ"، بِالتَّثْنِيَةِ. وَفِي رِوَايَة أخرى:" تَكَاد جُمَّته تُصِيب شَحْمَة أُذُنَيْهِ". والْمُرَاد أَنَّ مُعْظَم شَعْره كَانَ عِنْد شَحْمَة أُذُنه، وَمَا اِسْتَرْسَلَ مِنْهُ مُتَّصِل إِلَى الْمَنْكِب. وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس رضي الله عنه عِنْد مُسْلِم أَنَّ شَعْره صلى الله عليه وسلم" كَانَ بَيْن أُذُنَيْهِ وَعَاتِقه " وَفِي حَدِيث حُمَيْدٍ عَنْه " إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ"، وفي سنن أبي دَاوُدَ (3655) مِنْ حديث عَائِشَة رضي الله عنها قَالَتْ:"كَانَ شَعْر رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَوْق الْوَفْرَة وَدُون الْجُمَّة"، قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْجُمَّة أَكْثَر مِنْ الْوَفْرَة ، فَالْجُمَّة الشَّعْر الَّذِي نَزَلَ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ ، وَالْوَفْرَة مَا نَزَلَ إِلَى شَحْمَة الْأُذُنَيْنِ، وقيل إن اختلاف صفة الشعر لِاخْتِلَافِ الْأَوْقَات، فَإِذَا غَفَلَ عَنْ تَقْصِيرهَ بَلَغَ الْمَنْكِب، وَإِذَا قَصَّرَهَ كَانَ إِلَى أَنْصَاف الْأُذُنَيْنِ ، فَكَانَ يَقَصرُ وَيَطَولُ بِحَسَبِ ذَلِكَ.
3-
وفي الصحيحين البخاري (3549)، ومسلم (2337) من حديث الْبَرَاءَ قال:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ"
4-
وفي الصحيحين البخاري (3561)، ومسلم (2330) من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم-وَلَا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم"واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم: " قَالَ أَنَسٌ-رضي الله عنه: مَا شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ وَلَا مِسْكًا وَلَا شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا مَسِسْتُ شَيْئًا قَطُّ دِيبَاجًا وَلَا حَرِيرًا أَلْيَنَ مَسًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"قَوْله:(وَلَا دِيبَاجًا) هُوَ مِنْ عَطْف الْخَاصّ عَلَى الْعَامّ، ِأَنَّ الدِّيبَاج نَوْع مِنْ الْحَرِير قَوْله: (أَلْيَن مِنْ كَفّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قِيلَ هَذَا يُخَالِف مَا وَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس " أَنَّهُ كَانَ ضَخْم الْيَدَيْنِ " وَالْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّ الْمُرَاد اللِّين فِي الْجِلْد وَالْغِلَظ فِي الْعِظَام فَيَجْتَمِع لَهُ نُعُومَة الْبَدَن وَقُوَّته.
5-
وفي الصحيحين البخاري ح (3556) ، ومسلم ح (2769) من حديث كَعْب
بْن مَالِكٍ رضي الله عنه يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ قَالَ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، قَوْله:(اِسْتَنَارَ وَجْهه كَأَنَّهُ قِطْعَة قَمَر) أَيْ الْمَوْضِع الَّذِي يَبِين فِيهِ السُّرُور، وَهُوَ جَبِينه، فَلِذَلِكَ قَالَ:"قِطْعَة قَمَر".
6-
وفي مسند الإمام أحمد ح (646) بإسناد حسن من حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-ضَخْمَ الرَّأْسِ عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ هَدِبَ الْأَشْفَارِ مُشْرَبَ الْعَيْنِ بِحُمْرَةٍ كَثَّ اللِّحْيَةِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، وقوله: هَدِبَ الْأَشْفَارِ: أي طويل شعر الأجفان، وقوله:" إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ " أي إذا مشى تمايل إلى قُدَّام، وقوله:" شَثْنَ " أي غليظ الكفين، هذه بعض أوصافه الخَلقية الكريمة عليه الصلاة والسلام، وقد لخص القاضي عياض رحمه الله ما جاء من صفات النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث فقال: " كان أزهر اللون، أدعج، أنجل، أشكل، أهدب الأشفار، أبلج، أقنى، أفلج، مدور الوجه، واسع الجبين، كث اللحية تملأ صدره، سَوَاءَ البطن والصدر، واسع الصدر، عظيم المنكبين، ضخم العظام، عَبْل العضدين والذراعين والأسافل، رَحب الكفين والقدمين،
…
دقيق المسربة ربعة القد، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، ومع ذلك فلم يكن يماشيه أحد ينسب إلى الطول إلا طاله صلى الله عليه وسلم، رجل الشعر، إذا افْتَرَّ ضاحكاً افتر عن مثل سنا البرق، وعن مثل حب الغمام، إذا تكلم رُئي كالنور يخرج من ثناياه
…
"الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/82-83)، قوله: أَدْعَج، الدعج: شدة سواد العين مع سعتها، أَنْجَل: النجلة: سعة شق العين مع حسنها، أَشْكَل: الشكلة: حمرة يسيرة في بياض العين. أبلج: البلج: نقاء ما بين الحاجبين من الشعر، أزج: مقوس الحاجب مع طول امتداد، والأقنى: طول أنفه ودقة أرنبته مع حدب في وسطه، أفلج: الفلج: تباعد ما بين الثنايا، أو ما بين الأسنان، عبل: ضخم قوي، الأسافل: جمع أسفل، يريد رجليه، رحب: واسع، دقيق المسربة: المراد ليس بعريض ولا متكاثف الشعر، والمسربة: شعر مستطيل من الصدر للسرة، ربعة القد: القد بمعنى القامة، وربعة: معتدل أي مربوع القامة، عن مثل حب الغمام: هو البرد، أي مثله في بياضه ونقائه وصفائه.
هذا ومن أحب التوسع فليرجع إلى كتاب الشمائل للترمذي وشروحه، والبداية والنهاية لابن كثير، باب جامع لأحاديث متفرقة في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحيح البخاري مع الفتح (6/563- 579) . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.