المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من تعليق التمائم والحروز - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٣

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في عيش السلف

- ‌الترغيب في البكاء من خشية الله تعالى

- ‌الترغيب في ذكر الموت وقصر الأمل

- ‌الترغيب في الخوف وفضله

- ‌الترغيب في الرجاء وحسن الظن بالله سيما عند الموت

- ‌كتاب الجنائز وما يتقدمها

- ‌التَّرْغِيب فِي سُؤال الْعَفو والعافية

- ‌التَّرْغِيب فِي كَلِمَات يقولهن من رأى مبتلى

- ‌التَّرْغِيب فِي الصَّبْر سِيمَا لمن ابْتُلِيَ فِي نَفسه أَو مَاله وَفضل الْبلَاء وَالْمَرَض والحمى وَمَا جَاءَ فِيمَن فقد بَصَره

- ‌التَّرْغِيب فِي كَلِمَات يقولهن من آلمه شَيْء من جسده

- ‌التَّرْهِيب من تَعْلِيق التمائم والحروز

- ‌[التَّرْغِيب فِي الْحجامَة وَمَتى يحتجم]

- ‌[التَّرْغِيب فِي عِيَادَة المرضى وتأكيدها وَالتَّرْغِيب فِي دُعَاء الْمَرِيض]

- ‌[التَّرْغِيب فِي كَلِمَات يدعى بِهن للْمَرِيض وكلمات يقولهن الْمَرِيض]

- ‌[التَّرْغِيب فِي الْوَصِيَّة وَالْعدْل فِيهَا والترهيب من تَركهَا أَوالمضارة فِيهَا وَمَا جَاءَ فِيمَن يعْتق ويَتَصَدَّق عِنْد الْمَوْت]

- ‌التَّرْهِيب من كَرَاهِيَة الْإِنْسَان الْمَوْت وَالتَّرْغِيب في تلقيه بالرضى وَالسُّرُور إِذا نزل حبا للقاء الله عز وجل

- ‌فائدة فيها بشرى:

- ‌[التَّرْغِيب فِي كَلِمَات يقولهن من مَاتَ لَهُ ميت]

- ‌[التَّرْغِيب فِي حفر الْقُبُور وتغسيل الْمَوْتَى وتكفينهم]

- ‌[التَّرْغِيب فِي تشييع الْمَيِّت وَحُضُور دَفنه]

- ‌التَّرْغِيب فِي كَثرَة الْمُصَلِّين على الْجِنَازَة وَفِي التَّعْزِيَة

- ‌[التَّرْغِيب فِي الْإِسْرَاع بالجنازة وتعجيل الدّفن]

- ‌فوائد يختم بها الباب:

- ‌[التَّرْغِيب فِي الدُّعَاء للْمَيت وإحسان الثَّنَاءعَلَيْهِ والترهيب من سوي ذَلِك]

الفصل: ‌الترهيب من تعليق التمائم والحروز

‌التَّرْهِيب من تَعْلِيق التمائم والحروز

5241 -

عَن عقبَة بن عَامر رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول من علق تَمِيمَة فَلَا أتم الله لَهُ وَمن علق ودعة فَلَا ودع الله لَهُ رواه أحمد وأبو يعلى

(1)

بإسناد جيد والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

قوله: "عن عقبة بن عامر" تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من علّق تميمة فلا أتم الله له ومن علق ودعة فلا ودع الله له" الحديث. التميمة يقال أنها خرزة كانوا يعلِّقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات، واعتقاد هذا الرأي جهل وضلالة إذ لا مانع ولا دافع غير الله تعالى، اهـ. قاله الحافظ المنذري. وقال بعض العلماء: التميمة تجمع على تمائم وهي خرزات كانت العرب تعلِّقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم

(2)

ويعتقدون تأثيرها بنفسها.

وقال بعضهم [تعلقها] النساء بعنق أولادهن ويزعمون أنها تدفع العين فأبطلها الإسلام، واعتقاد هذا الرأي ضلال بل كفر ولا دافع ولا مانع إلا الله تعالى، ومنه الحديث:"من علق تميمة فلا أتم الله له"، وسمَوْها تمائم لأنهم

(1)

أخرجه أحمد (17404) وأبو يعلى (1759)، والحاكم في المستدرك (4/ 216). وصحح الحاكم إسناده. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 103): رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني، ورجالهم ثقات. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (1266)، وضعيف الترغيب والترهيب (2/ 375)، وغاية المرام (ص: 180).

(2)

النهاية (1/ 197).

ص: 475

كانوا يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء.

وقوله في الحديث بعده: "ومن علق فقد أشرك" وإنما جعلها شركا لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم فطلبوا دفع الأذى [من غير الله الذى] هو دافعه

(1)

، اهـ.

قوله: ["ومن علق ودعة فلا ودع الله له"، الحديث]"الودع" بفتح الدال وسكونها جمع ودعة وهو شيء أبيض مجوف يجلب من البحر يعلق في حلوق الصبيان وغيرهم وإنما نهى عنها لأنهم كانوا يعلقونها مخافة العين

(2)

.

وقوله: "فلا ودع الله له" الحديث أي لا جعله الله في ودعة وحفظ وسكون. وقيل: هو لفظ مبني على الودعة ومعناه لا خفف الله تعالى عنه ما يخافه، مأخوذ من وَدَعَه يدَعُه أي تركه، [قّل] ما يستعمل الماضي منه إلا كقول الشاعر: نما له في الحبّ حتى وَدَعَه، وفي الحديث أنه وَادَعَ بني فلان، أي سَالَم وصالح على أن يترك كل واحد صاحبَه من الحرب والأذى، اهـ. قاله في الروضة.

(3)

.

5242 -

وَعَن عقبَة أَيْضا رضي الله عنه أَنه جَاءَ فِي ركب عشرَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبَايع تِسْعَة وَأمْسك عَن رجل مِنْهُم فَقَالُوا مَا شَأْنه فَقَالَ إِن فِي عضده تَمِيمَة فَقطع الرجل التميمة فَبَايعهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَالَ من علق فقد أشرك رواه

(1)

النهاية (1/ 198).

(2)

المجموع المغيث (3/ 399)، والنهاية (5/ 168).

(3)

المجموع المغيث (3/ 399).

ص: 476

أحمد

(1)

والحاكم

(2)

واللفظ له ورواة أحمد ثقات التميمة يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات واعتقاد هذا الرأي جهل وضلالة إذ لا مانع إلا الله ولا دافع غيره ذكره الخطابي

(3)

.

قوله: "وعن عقبة بن عامر أيضا" تقدم.

قوله: "أنه جاء في ركب عشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايع تسعة وأمسك عن رجل منهم فقالوا: ما شأنه؟ فقال: إن في عضده تميمة. فقطع الرجل التميمة، فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم" الحديث. المراد بالمبايعة المعاهدة وهي مأخوذة من البيع لأن كل واحد من المتابيعين كان يمدّ يده إلى صاحبه وكذا هذه البيعة تكون بأخذ الكف، وقيل سميت مبايعة لما فيها من المعاوضة لما وعدهم الله تعالى من عظيم الجزاء بقوله سبحانه وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}

(4)

(5)

، اهـ. قاله في الديباجة. والعضُد

(1)

أخرجه أحمد (17422)، والحارث بغية الباحث (563)، والطبراني في الكبير (17/ 885) من طريق يزيد بن أبي منصور، به، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 103) رواه أحمد، والطبراني، ورجال أحمد ثقات.

(2)

الحاكم (7513) من طريق يزيد بن أبي منصور، به. قال الألباني في السلسلة الصحيحة (492) من علق تميمة فقد أشرك.

(3)

نقله القاضي في إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 606) انظر: شرح النووي على مسلم (3/ 93)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/ 89).

(4)

سورة التوبة، الآية:111.

(5)

شرح النووي على مسلم (12/ 229 - 230).

ص: 477

هو من رأس الكتف إلى المرفق. وتقدم تفسير التميمة في الحديث قبله.

5243 -

وَعَن عِيسَى بن حَمْزَة قَالَ دخلت على عبد الله بن عكِيم وَبِه حمرَة فَقلت أَلا تعلق تَمِيمَة فَقَالَ نَعُوذ بِالله من ذَلِك قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من علق شَيْئا وكل إِلَيْهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ إِلَّا أَنه قَالَ فَقُلْنَا أَلا تعلق شَيْئا فَقَالَ الْمَوْت أقرب من ذَلِك رواه أبو داود

(1)

والترمذي

(2)

إلا أنه قال: فقلنا: ألا تعلق شيئا؟ فقال: الموت أقرب من ذلك. وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

[قوله: "وعن عيسى بن حمزة" هو عيسى بن عبد الرحمن بن أبى ليلى الأنصارى الكوفى، والد عبد الله بن عيسى، وأخو محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى قاضى الكوفة قال ابن معين ثقة وذكره ابن حبان في الثقات.

قوله: "دخلت على عبد الله بن عكيم" هو أبو معبد عبد الله بن عكيم الجهني من جهينة بن زيد بن ليث أحد المخضرمين جاهلي إسلامي، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف له رؤية ولا رواية، وقد خرجه غير واحد من أصحاب المعارف في عداد الصحابة، والصحيح أنه تابعي، سمع عمر، وابن

(1)

لعله وهم منه، ففي تحفة الأشراف (6643) [ت] حديث: من تعلق شيئا وكل إليه (ت) في الطب (24: 1) عن محمد بن مدويه، عن عبيد الله بن موسى، عن ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى بن عبد الرحمن قال: دخلت على ابن عكيم

فذكره. و (24: 2) عن ابن بشار، عن يحيى، عن ابن أبي ليلى نحوه. وقال: إنما نعرفه من حديث ابن أبي ليلى.

(2)

أخرجه الترمذي (2072). وحسنه الألباني في غاية المرام (297). صحيح الترغيب والترهيب (3456) حسن لغيره.

ص: 478

مسعود، وحذيفة بن اليمان، روى عنه زيد بن وهب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو فروة الجهني، وهلال الوزان. قال الحافظ أبو بكر الخطيب: سكن الكوفة، وقدم المدائن في حياة حذيفة، وكان ثقة حديثه في الكوفيين.

قوله: "وبه حمرة. فقلت: ألا تعلِّق تميمة. فقال: أعوذ بالله من ذلك". وفي رواية الترمذي فقلت: ألا تعلق شيئًا؟ فقال: الموت أقرب من ذلك. الحمرة: قال في المحكم

(1)

الحمرة داء يعتري الناس فيحمر موضعها. وفي النهاية

(2)

: أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة وهي حمرة تعلو الوجه والجسد يُقال منه شيك الرجل فهو مشوك ولعل هذه الحمرة المذكورة في الحديث والله أعلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "من علق شيئا وكل الله" الحديث فقد نهى أن يعلق الإنسان على نفسه أو ولده التمائم وهو أن يعلق خرزة كي لا تصيبه الآفة من الجن وخرزة كي يذهب عنه الحمى وخرزة كذا وكذا وأن العبد إذا اتكل على شيء وكله الله إليه وخذله وأعطاه مناه، استدراجا، فقد كره العلماء كل شيء يُعلّق وكل شيء يعقد مثل الوتر والأعواد التي تنقطع فيمسكها الإنسان للقروح، والحديد والفولاذ الذي يجعل في العضد كي لا تصيبه آفة الجن فهذا وأشباهه غواية الشيطان ومن أجل هذا كره العلماء كثيرًا من التعويذات والعزائم وأشباهها معتقدًا أنها تجلب إليه نفعا أو تدفع عنه سوءًا

(3)

، اهـ.

(1)

المحكم والمحيط الأعظم (3/ 332).

(2)

النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 510).

(3)

المنهيات (ص 65).

ص: 479

5244 -

وَعَن عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أبْصر على عضد رجل حَلقَة أرَاهُ قَالَ من صفر فَقَالَ وَيحك مَا هَذِه قَالَ من الواهنة قَالَ أما إِنَّهَا لَا تزيدك إِلَّا وَهنا انبذها عَنْك فَإنَّك لَو مت وَهِي عَلَيْك مَا أفلحت أبدا. رواه أحمد وابن ماجه دون قوله: انبذها إلى آخره، وابن حبان في صحيحه وقال: فإنك لو مت وهي عليك وكلت إليها. والحاكم وقال: صحيح الإسناد

(1)

.

قَالَ الْحَافِظ رَوَوْهُ كلهم عَن مبارك بن فضَالة عَن الْحسن عَن عمرَان وَرَوَاهُ ابْن حبَان أَيْضا بِنَحْوِهِ عَن أبي عَامر الخزاز عَن الْحسن عَن عمرَان وَهَذِهِ جَيِّدَة إِلَّا أَن الْحسن اخْتلف في سَمَاعه من عمرَان وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ وَغَيره لم يسمع مِنْهُ وَقَالَ الْحَاكم أَكثر مَشَايِخنَا على أَن الْحسن سمع من عمرَان وَالله أعلم

(2)

.

قوله: "وعن عمران بن حصين" تقدمت ترجمته.

قوله: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة أُراه قال من صفر فقال: ويحك ما هذه؟ فقال: من الواهنة. قال: أما إنها لا تزيدك إلا وهنا، انبذهما عنك" الحديث. وفي رواية: خاتم من صفر. فقال: ما هذا؟ قال: من الواهنة. تقدم الكلام على العضد في حديث عقبة بن عامر، والحلقة بسكون اللام تقدم الكلام عليها في مواضع كثيرة من هذا التعليق وأُراه بضم الهمزة

(1)

أخرجه أحمد 5/ 445 (20242) ابن ماجه (3531)، والبزار (3545)، (3547)، وابن حبان (6088)، والحاكم (4/ 216). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (1029) ضعيف الترغيب والترهيب (2015) غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام (296).

(2)

المستدرك للحاكم (4/ 216).

ص: 480

معناه أظنّه والصفر النحاس وتقدم معنى ويح.

قال في النهاية: والواهنة عرق يأخذ في المنكب وفي اليد كلها فيرقى منها.

وقيل: هو مرض يأخذ في العضد وربما علق عليها جنس من الخرز يقال لها خرز الواهنة وهي تأخذ الرجال دون النساء، وإنما نهاه عنها لأنه إتما اتخذها على أنها تعصمه من الألم، وكانت عنده في معنى التمائم المنهي عنها، اهـ. قاله في النهاية

(1)

.

5245 -

وَعَن ابْن أُخْت زَيْنَب امْرَأَة عبد الله عَن زَيْنَب رضي الله عنها قَالَت كَانَت عَجُوز تدخل علينا ترقي من الْحمرَة وَكَانَ لنا سَرِير طَوِيل القوائم وَكَانَ عبد الله إِذا دخل تنحنح وَصَوت فَدخل يَوْمًا فَلَمَّا سَمِعت صَوته احْتَجَبت مِنْهُ فجَاء فَجَلَسَ إِلَى جَانِبي فمسني فَوجدَ مس خيط فَقَالَ مَا هَذَا فَقلت رقي لي فِيهِ من الْحمرَة فَجَذَبَهُ فَقَطعه فَرمى بِهِ ثمَّ قَالَ لقد أصبح آل عبد الله أَغْنِيَاء عَن الشّرك سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الرقى والتمائم والتولة شرك قلت فَإِنِّي خرجت يَوْمًا فأبصرني فلَان فَدَمَعَتْ عَيْني الَّتِي تليه فَإِذا رقيتها سكنت دمعتها وَإِذا تركتهَا دَمَعَتْ قَالَ ذَلِك الشَّيْطَان إِذا أطعته تَركك وَإِذا عصيته طعن بِأُصْبُعِهِ فِي عَيْنك وَلَكِن لَو فعلت كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ خيرا لَك وأجدر أَن تشفي تنضحي فِي عَيْنك المَاء وتقولي أذهب الْبَأْس رب النَّاس واشف أَنْت الشافي لَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك شِفَاء لَا يُغَادر سقما رواه ابن ماجه، واللفظ له وأبو داود باختصار عنه إلا أنه قال: عن ابن أخي زينب، وهو كذا في

(1)

النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 234).

ص: 481

بعض نسخ ابن ماجه، وهو على كلا التقديرين مجهول، ورواه الحاكم

(1)

أخصر منهما، وقال: صحيح الإسناد: قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ الْمنْهِي عَنهُ من الرقى مَا كَانَ بِغَيْر لِسَان الْعَرَب فَلَا يدرى مَا هُوَ وَلَعَلَّه قد يدْخلهُ سحر أَو كفر فَأَما إِذا كَانَ مَفْهُوم الْمَعْنى وَكَانَ فِيهِ ذكر الله تَعَالَى فَإِنَّهُ مُسْتَحبّ متبرك بِهِ وَالله أعلم.

قوله: "وعن ابن أخت زينب امرأة عبد الله عن زينب" ابن أخت زينب اسمه عبد الله بن عمرو بن الحارث بن أبي ضرار بن المصطلق الخزاعي المصطلقي، ابن أخي زينب امرأة عبد الله بن مسعود، وقيل عمرو بن الحارث، وقيل الراوى عن زينب غير عمرو بن الحارث قال ابن حجر: كأنه صحابي ولم أره مسمى

(2)

روى عنه يحيى بن الجزار

(3)

، وزينب هذه هي الثقفية امرأة بن مسعود ولها صحبة، وقيل اسمها رابطة وهي بنت معاوية. وقيل بنت أبي معاوية، وقيل بنت عبد الله بن معاوية بن عتاب بن الأسعد. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن زوجها عبد الله بن مسعود، وروى عنها ابن أخيها

(1)

أخرجه ابن ماجه (3530)، وأبو داود (3883)، وابن حبان (6090)، والحاكم في المستدرك (4/ 216 - 217) و (4/ 417 - 418). وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (331 و 2972)، غاية المرام (299)، تخريج الإيمان لابن سلام (87/ 81).

(2)

تهذيب الكمال (15/ ترجمة 3448)، وتهذيب التهذيب (5/ 335 و 12/ 318) والتقريب (ص 419 وص 704).

(3)

تهذيب الكمال (34/ 486).

ص: 482

هذا الحديث

(1)

.

قوله: "كانت عجوز تدخل علينا ترقى الحمرة" الحديث إلى آخره. وفي رواية لأبي داود

(2)

: وكنت أختلف إلى فلان اليهودي فيرقيني فإذا رقاني سكنت. فقال عبد الله: إنما ذلك الشيطان ينخسها بيده فإذا رقاها كفّ عنها، إنما يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أذهب البأس رب الناس. إلى آخره. وعن حذيفة أنه دخل على رجل مريض يعوده فلمس عضده فإذا فيه خيط فقال: ما هذا؟ قال شيء رقي فيه فقطعه وقال: لو متّ وهو عليك ما صليت عليك

(3)

.

(1)

أسد الغابة (7/ 136)، وتهذيب الكمال (35/ ترجمة 7849).

(2)

سنن أبي داود (3883).

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 372)، والخلال في السنة (1482)، (1624)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (1030)، (1031) من طريق الأعمش عن أبي ظبيان حصين بن جندب الكوفي قال: دخل حذيفة على رجل من عبس يعوده فمس عضده فإذا فيه خيط، قال: ما هذا؟ قال: شيئا رقي لي فيه، فقطعه، وقال: لو مت وهو عليك ما صليت عليك" ا. هـ.

قلت: رجاله رجال الشيخين. وقال ابن أبي حاتم في المراسيل: قال أبي: حصين بن جندب أبو ظبيان قد أدرك ابن مسعود ولا أظنه سمع منه، ولا أظنه سمع من سلمان حديث العرب الذي يرويه، والذي يثبت له ابن عباس وجرير بن عبد الله، ولا يثبت له سماع من علي رضي الله عنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (7/ 273) من طريق زيد بن وهب، قال: انطلق حذيفة إلى رجل من النخع يعوده، فانطلق وانطلقت معه، فدخل عليه ودخلت معه، فلمس عضده، فرأى فيه خيطا، فأخذه فقطعه، ثم قال: لو مت وهذا في عضدك ما صليت عليك.

أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (7/ 2208) من طريق عاصم الأحول، عن عزرة قال: =

ص: 483

قوله: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك" الحديث، أما الرقى فقال الحافظ المنذري قال أبو سليمان الخطابي

(1)

المنهي عنه من الرقى ما كان بغير لسان العرب فلم ندر ما هو إلى آخر كلامه في الترغيب. وأما التمائم فتقدم الكلام عليها في أول الباب. وأما التولة فقال الحافظ بكسر المثناة فوق وبفتح الواو شيء شبيه السحر أو من أنواعه تفعله المرأة ليحببها إلى زوجها، اهـ.

جعله من السحر لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم فطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه واعتقدوا أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى

(2)

. وقال الخليل: التولة بكسر التاء وضمها ضرب من السحر

(3)

.

وقوله: "شرك" جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل بخلاف قدرة الله عز وجل

(4)

. قوله في حديث زينب: "ولكن لو فعلتِ كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خيرًا لك وأجدر أن تشفي تنضحي في عينك الماء" الحديث، وأجدر معناه أحق والنضح المراد به رش الماء في العين.

= دخل حذيفة على مريض فرأى في عضده سيرا فقطعه أو انتزعه، ثم قال:(وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون). عزرة: هو ابن عبد الرحمن الخزاعي، روايته عن حذيفة مرسلة. والأثر بمجموع هذه الطرق ثابت إن شاء الله.

(1)

معالم السنن (4/ 226).

(2)

النهاية (1/ 198).

(3)

الصحاح (4/ 1645).

(4)

كشف المناهج (4/ 104).

ص: 484

قوله في الحديث: "أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما" الحديث.

وقوله: "أذهب البأس" أي شدة المرض، والبأس هو الشدة والعذاب والحزن

(1)

. وقال بعضهم: البأس الافتقار وشدة الحاجة، "وربَّ الناس" بنصب الرب على حذف حرف النداء. قال بعضهم هو منادى مضاف

(2)

.

وقوله: "ولا شفاء إلا شفاؤك" لأن الدواء لا ينفع إذا لم يخلق الله فيه الشفاء

(3)

، و"شفاء لا يغادر سقما" تكميل لقوله:"اشف" والتنكير في سقما للتوكيد.

وقوله: "لا يغادر سقما" بغين معجمة ودال مهملة أي لا يترك سقما والمغادرة الترك والسقم بفتحتين وبضم السين وإسكان القاف لغتان، وتقدم ذلك وهو المرض. قاله الكرماني

(4)

.

فائدة: وقد رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وأذن في الرقية وقال لا بأس بها ما لم يكن فيها شرك. واستأذنوه فيها فقال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه

(5)

. وهذا يدل على أنها نفع وإحسان وذلك مستحب مطلوب لله ورسوله

(1)

الكواكب الدراري (20/ 201).

(2)

الكواكب الدراري (20/ 201).

(3)

الكواكب الدراري (20/ 201).

(4)

الكواكب الدراري (20/ 201).

(5)

صحيح مسلم (2199) عن جابر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، =

ص: 485

فالراقي محسن والمسترقي سائل راج نفع الغير

(1)

وقد رقت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل قد رقاه أيضًا كما تقدم فإذا كانت بالقرءان وبإسماء الله تعالى فهي مباحة وإنما جاءت الكراهة منها لما كان بغير لسان العرب فإنه ربما كان كفرًا

(2)

.

قال: ويحتمل أن يكون الذي كرهه من الرقية ما كان على مذاهب الجاهلية من العوذ التي كانوا يتعاطونها ويزعمون أنها تدفع عنهم الآفات ويعتقدون أنها من قبل الجن ومعونتهم. قاله الخطابي

(3)

.

فائدة أيضا في رقية النملة وغيرها، فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في الرقية من الحمة والعين والنملة

(4)

. الحُمَة بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم هي سم العقرب وشبهها والمراد من] ذي حمة كالعقرب وشبهها

(5)

أي لا رقية إلا من لدغ ذي حمة واللدغ بالدال المهملة والغين المعجمة، وأما العين فهو إصابة العائن غيره بعينه والعين حق

(6)

.

= وإنك نهيت عن الرقى، قال: فعرضوها عليه، فقال:"ما أرى بأسا من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه".

(1)

حادى الأرواح (ص 111).

(2)

أعلام الحديث (3/ 2116).

(3)

أعلام الحديث (3/ 2117).

(4)

أخرجه مسلم (57 و 58 - 2196)، وابن ماجه (3516)، والترمذي (2056). وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه والترمذي.

(5)

شرح النووي على مسلم (3/ 93).

(6)

شرح النووي على مسلم (3/ 93).

ص: 486

قال الخطابي

(1)

: ومعنى الحديث: لا رقية أشفى وأولى من رقية العين وذي الحمة. وقد رقى النبي صلى الله عليه وسلم ورقي وأمر بها فإذا كانت بالقرآن وبأسماء الله تعالى فهي مباحة

(2)

. وأما النملة -بفتح النون وإسكان الميم- فهي تخرج في الجنب

(3)

. وقال بعضهم أيضا: النملة بثور صغار مع ورم يسير [ثم يتقرح، سمتها] الأطباء الذباب

(4)

.

روى أبو داود

(5)

والحاكم وصححه

(6)

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للشفاء بنت عبد عبد الله: علِّمي حفصة رقية النملة كما علمتها الكتابة، وفي صحيح مسلم

(7)

أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في الرقية من النملة وذلك أن رقية النملة شيء كانت تستعمله النساء يعلم كل من سمعه أنه لا يضر ولا ينفع.

قال الشيخ كمال الدين الدميري: ورأيت في بعض الكتب [خط] بعض الحفاظ أن رقية النملة يصوم راقيها ثلاثة أيام متوالية ثم يرقيها بكرة كل يوم

(1)

أعلام الحديث (3/ 2115)، وإكمال المعلم (1/ 606)، وشرح النووي على مسلم (3/ 93) والكواكب الدراري (20/ 218).

(2)

شرح النووي على مسلم (3/ 93).

(3)

إكمال المعلم (7/ 102).

(4)

الصحاح (5/ 1836).

(5)

أبو داود (3887).

(6)

أخرجه أبو داود (3887)، والحاكم (4/ 414). وقال: صحيح على شرط الشيخين. وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2650 - 1236)، الصحيحة 178.

(7)

صحيح مسلم (457 - 2196) عن أنس بن مالك، في الرقى قال:"رخص في الحمة والنملة والعين".

ص: 487

من الثلاثة عند طلوع الشمس فيقول: اقْشَطْرِي وابترجي فقدنوه بنُوه بَرْبَطش دَبْيقت اشف أيها الجرب بألف لا حول ولا قوة إلا [بالله العلي العظيم]، [ويتفل] على الموضع عقب الرقية ويكون في أصبعه زينب طيب يسمح به عليها، قاله في حياة الحيوان

(1)

.

فائدة أيضا في الرقية على الصغير: في صحيح البخاري

(2)

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوِّذ الحسن والحسين رضي الله عنهما: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، ويقول: إن أباكما كان يعوِّذ بهما إسماعيل وإسحاق صلى الله عليهم أجمعين وسلم. الهامة بتشديد الميم وهي ذات سم تقتل كالحية وغيرها والجمع الهوام. [قال العلماء:] وقد تقع الهوام على ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل كالحشرات ومنه حديث كعب بن عجرة: أتؤذيك هوام رأسك؟ أي القمل. وأما العين اللامّة فهي بتشديد الميم وهي التي تصيب ما نظرت إليه بشرّ. قاله النووي في أذكاره، اهـ.

(3)

خاتمة في رقية اللديغ بفاتحة الكتاب: روى البخاري ومسلم

(4)

عن أبي سعيد الخدري قال: انطلق نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ

(1)

حياة الحيوان الكبرى (2/ 502).

(2)

صحيح البخاري (3371) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(3)

الأذكار للنووي (ص: 230)، وشرح النووي على مسلم (8/ 122).

(4)

صحيح البخاري (2276)، ومسلم (2201).

ص: 488

سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء. فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم بعض شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحدكم من شيء. قال بعضهم: إني لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيّفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق [يتفل] عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلَبَة أي وجَع، فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه. وقال بعضهم: اقسموا. فقال الذي يرقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر الذي يأمرنا فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له فقال: وما يدريك أنها رقية. [ثم قال]: قد أصبتم، [اقسموا واضربوا] لي معكم سهما، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث. وفي رواية: فأمر له بثلاثين شاة، والراقي هو أبو سعيد، هكذا [جاءت] في بعض الروايات صريحًا.

وقوله في الحديث: اضربوا لي بسهم، إنما قال اضربوا تطييبا لقلوبهم ومبالغة في أنه حلال لا شبهة فيه

(1)

. وفي الحديث التصريح بأن الفاتحة رقية يستحب أن يُقرأ بها على اللديغ والمريض وسائر الأسقام. فإن قلت جاء في الحديث في الذين يدخلون الجنة بغير حساب لا يرقون ولا يسترقون، فما وجه الجمع بينهما؟ قلت: الرقى المذمومة هي التي [من كلام] الكفار أو التي لا يُعرف معناه المحتملة أن [تكون] كفرا أو قريبا منه

(1)

شرح النووي على مسلم (14/ 188).

ص: 489

[كالتي] بالعبرانية وأما غيرها فلا مذمة فيها بل قد تكون ممدوحة كالرقا [بآيات القرآن] والأذكار المشهورة، وقد نقلوا الإجماع على جوازه بالآيات وأسماء لله تعالى وقد يجمع بينها بأن المدح في ترك الرقا للأفضلية وبيان التوكل والذي أذن فيه هو لبيان الجواز مع أن تركها أفضل وبأن النهي إنما هو لقوم كانوا يعتقدون نفعها وتأثيرها بطبعها كما كانت الجاهلية يزعمون في أشياء كثيرة

(1)

.

قال ابن بطال فيه أن في القرآن ما يخص الرقى وإن كان القرآن كله مرجو البركة ولكن إذا كان في الآية تعوذ بالله تعالى أو دعاء كان أخص بالرقية فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "وما يدريك" أن يختبر علمه بذلك، والموضع الذي فيه الرقية هو:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}

(2)

لأن الاستعانة به على كشف الضر وسؤال الفرج والإقرار بالحاجة إلى عونه هو في معنى الدعاء، ويحتمل أنه إنما رقى بالحمد لما علم أنه ثناء على الله تعالى فاستفتح رقيته بالثناء رجاء الفرج، اهـ. قاله الكرماني.

(3)

تتمة في الشفاء من الأمراض: عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الدواء القرآن، انفرد به ابن ماجه

(4)

، وعلى تقدير صحته هو محمول على الاسترقاء

(1)

الكواكب الدرارى (10/ 110).

(2)

سورة الفاتحة، الآية:5.

(3)

الكواكب الدراري (10/ 111).

(4)

أخرجه ابن ماجه (3533)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 265)، والقضاعي في مسند =

ص: 490

كما في الصحيح من حديث الرقية بالفاتحة، وقال صلى الله عليه وسلم: إنها لرقيا؛ أو محمول على قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}

(1)

، وعلى قوله تعالى:{وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ}

(2)

، فهو دواء للقلوب والأبرار، وقوله تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ، قال ابن عطية وهذه الآية إحدى آيات الشفاء، وهي ست. {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} ، {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ}

(3)

، {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}

(4)

، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ، {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} ، {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} ، ومما جُرِّب نفعه للاستشفاء أن تكتب هذه الآيات الست ثم [يُكتب] بسم الله الرحمن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} إي والله إي والله إي والله {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} إي والله إي والله إي والله {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)} لا والله لا والله لا والله {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} لا والله لا والله لا والله، رب الناس أذهب البأس أنت أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما،

= الشهاب (28) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2885)، وفي السلسلة الضعيفة (3093).

(1)

سورة الإسراء، الآية:82.

(2)

سورة يونس، الآية:57.

(3)

سورة يونس، الآية:57.

(4)

سورة النحل، الآية:69.

ص: 491

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم؛ [يكتب] في إناء نظيف ويسقى [للمريض]

(1)

قاله في الديباجة.

فائدة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتدّ وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده رجاء بركتها، رواه البخاري ومسلم

(2)

. قال القرطبي

(3)

: النفث نفخ يسير مع ريق يسير وهو أقل من التفل، قال وحكمة مسح النبي صلى الله عليه وسلم بيمينه عند الرقا التبرك بها وفيه دليل على جواز ذلك وأن ذلك غاية [ممكن] الراقي فكأنّه مدّ يده لأخذ المرض وإزالته. ومن حكمته إظهار عجز الراقي عن الشفاء وصحة تفويضه ذلك إلى الله تعالى، [ولذلك] كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند ذلك: لا شفاء إلا شفاؤك. قال القاضي

(4)

: وفائدة [التفل] التبرك بتلك الرطوبة [أو الهواء] والنفس المباشر [للرقية] والذكر الحسن كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى، اهـ. قاله في الديباجة.

فائدة: كان إذا اشتكى الإنسان [للشيء] يجده منه أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا

(5)

، هذا من فعله

(1)

نقله في الكوكب المنير شرح الجامع الصغير (لوحة 355/ مخ 242 ج 3 التيمورية).

(2)

البخاري (5016)، ومسلم (2192).

(3)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (18/ 64).

(4)

إكمال المعلم (7/ 101).

(5)

البخاري (5745)، ومسلم (2194) عن عائشة، رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول =

ص: 492

صلى الله عليه وسلم. حقيقة الطب مع التبرك باسم الله تعالى والتشفي به وذلك أن تراب الأرض لبرده ويبسه يقوي في الموضع الذي به [الألم] ويمنع انصباب المواد إليه بيبسه وتجفيفه مع منفعته في تجفيف الجراح [واندمالها] واختصاص بعض الأرضين بتحليل الأورام والريق مختص بالتحليل والإنضاج والإدمال وإبراء [الجراحات] والأورام والقوابي والثآليل والجراحات لا سيما من الصائم والجائع ومن بعُد عهده بالأكل والشرب وذلك بانفراده في الأجسام الرخصة. وأما في القوة فقد يضاف إليها في علاج الأورام الحنطة الممضوغة وأشباهها من المحلالات المنضجات، وذهب بعضهم إلى تخصيص قوله "أرضنا" بالمدينة تبركا بتربتها لفضلها والصواب ما ذكرناه، حكاه في الإكمال

(1)

، والله تعالى [أعلم بالصواب].

5246 -

وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَنه دخل على امْرَأَته وَفِي عُنُقهَا شَيْء مَعْقُود فَجَذَبَهُ فَقَطعه ثمَّ قَالَ لقد أصبح آل عبد الله أَغْنِيَاء عَن أَن يشركوا بِالله مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا ثمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الرقى والتمائم والتولة شرك قَالُوا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن هَذِه الرقى والتمائم قد عرفناهما فَمَا التولة قَالَ شَيء تَصنعهُ النِّسَاء يتحببن إِلَى أَزوَاجهنَّ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي

= للمريض: "بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا"

(1)

إكمال المعلم بفوائد مسلم (7/ 97).

ص: 493

صَحِيحه وَالْحَاكِم بِاخْتِصَار عَنهُ وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

(1)

التولة بِكَسْر الْمُثَنَّاة فَوق وبفتح الْوَاو شَيْء شَبيه بِالسحرِ أَو من أَنْوَاعه تَفْعَلهُ الْمَرْأَة ليحببها إِلَى زَوجهَا.

5247 -

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت لَيْسَ التميمة مَا تعلق بِهِ بعد الْبلَاء إِنَّمَا التميمة مَا تعلق بِهِ قبل الْبلَاء رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

(2)

.

(1)

أخرجه ابن حبان (6090)، والحاكم (4/ 216 - 217) و (4/ 417 - 418). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (2972)، وصحيح الترغيب (3457). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

(2)

أخرجه الحاكم (4/ 4118) والبيهقي في الكبرى (9/ 589 رقم 19606). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (3458). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

ص: 494