المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في كثرة المصلين على الجنازة وفي التعزية - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ١٣

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في عيش السلف

- ‌الترغيب في البكاء من خشية الله تعالى

- ‌الترغيب في ذكر الموت وقصر الأمل

- ‌الترغيب في الخوف وفضله

- ‌الترغيب في الرجاء وحسن الظن بالله سيما عند الموت

- ‌كتاب الجنائز وما يتقدمها

- ‌التَّرْغِيب فِي سُؤال الْعَفو والعافية

- ‌التَّرْغِيب فِي كَلِمَات يقولهن من رأى مبتلى

- ‌التَّرْغِيب فِي الصَّبْر سِيمَا لمن ابْتُلِيَ فِي نَفسه أَو مَاله وَفضل الْبلَاء وَالْمَرَض والحمى وَمَا جَاءَ فِيمَن فقد بَصَره

- ‌التَّرْغِيب فِي كَلِمَات يقولهن من آلمه شَيْء من جسده

- ‌التَّرْهِيب من تَعْلِيق التمائم والحروز

- ‌[التَّرْغِيب فِي الْحجامَة وَمَتى يحتجم]

- ‌[التَّرْغِيب فِي عِيَادَة المرضى وتأكيدها وَالتَّرْغِيب فِي دُعَاء الْمَرِيض]

- ‌[التَّرْغِيب فِي كَلِمَات يدعى بِهن للْمَرِيض وكلمات يقولهن الْمَرِيض]

- ‌[التَّرْغِيب فِي الْوَصِيَّة وَالْعدْل فِيهَا والترهيب من تَركهَا أَوالمضارة فِيهَا وَمَا جَاءَ فِيمَن يعْتق ويَتَصَدَّق عِنْد الْمَوْت]

- ‌التَّرْهِيب من كَرَاهِيَة الْإِنْسَان الْمَوْت وَالتَّرْغِيب في تلقيه بالرضى وَالسُّرُور إِذا نزل حبا للقاء الله عز وجل

- ‌فائدة فيها بشرى:

- ‌[التَّرْغِيب فِي كَلِمَات يقولهن من مَاتَ لَهُ ميت]

- ‌[التَّرْغِيب فِي حفر الْقُبُور وتغسيل الْمَوْتَى وتكفينهم]

- ‌[التَّرْغِيب فِي تشييع الْمَيِّت وَحُضُور دَفنه]

- ‌التَّرْغِيب فِي كَثرَة الْمُصَلِّين على الْجِنَازَة وَفِي التَّعْزِيَة

- ‌[التَّرْغِيب فِي الْإِسْرَاع بالجنازة وتعجيل الدّفن]

- ‌فوائد يختم بها الباب:

- ‌[التَّرْغِيب فِي الدُّعَاء للْمَيت وإحسان الثَّنَاءعَلَيْهِ والترهيب من سوي ذَلِك]

الفصل: ‌الترغيب في كثرة المصلين على الجنازة وفي التعزية

‌التَّرْغِيب فِي كَثرَة الْمُصَلِّين على الْجِنَازَة وَفِي التَّعْزِيَة

5323 -

عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من ميت يُصَلِّي عَلَيْهِ أمة من الْمُسلمين يبلغون مائَة كلهم يشفعون لَهُ إِلَّا شفعوا فِيهِ رواه مسلم

(1)

والنسائي

(2)

والترمذي

(3)

، وعنده: مائة فما فوقها.

قوله: "عن عائشة" تقدم الكلام على فضائلها رضي الله عنها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه" الحديث، وعند الترمذي مائة فما فوقها. الأمة الجماعة، وفي رواية: ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه

(4)

وفي حديث آخر: ثلاثة صفوف. رواه أصحاب السنن

(5)

، قال القاضي عياض رحمه الله

(1)

صحيح مسلم (947).

(2)

سنن النسائي (4/ 75).

(3)

سنن الترمذي (1029)، وقال:"حديث عائشة حديث حسن صحيح، وقد أوقفه بعضهم ولم يرفعه".

(4)

صحيح مسلم (948).

(5)

ابن ماجه (1490)، وأبو داود (3166)، والترمذي (1028)، وأحمد (16724)، وابن أبي شيبة في المصنف (11625)، وابن أبي عاصم، في "الآحاد والمثاني"(2816)، والروياني (1537)، والحاكم (1341)، وقال الترمذي: حديث مالك بن هبيرة حديث حسن هكذا رواه غير واحد، عن محمد بن إسحاق، وروى إبراهيم بن سعد، عن محمد =

ص: 686

تعالى

(1)

: قيل: هذه الأحاديث خرجت أجوبة لسائلين سألوا عن ذلك فأجاب كل واحد عن سؤاله. هذا كلام القاضي عياض ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم[أخبر بقبول] شفاعة مائة فأخبر به ثم عن قبول شفاعة أربعين فأخبر به ثم عن ثلاثة صفوف وإن قل عددهم فأخبر به

(2)

.

قلت: وهكذا رتّب ابن ماجه أحاديث الباب فقدّم حديث المائة ثم الأربعين ثم الثلاثة صفوف فكأنه والله أعلم يميل إلى هذا الجواب. قال النووي وغيره: ويحتمل أيضا أن يقال هذا مفهوم عدد ولا يحتج به جماهير الأصوليين فلا يلزم من الإخبار بقبول شفاعة المائة منع قبول ما دون ذلك وكذا في الأربعين مع ثلاث صفوف، وحيئنذ كل الأحاديث معمول بها وتحصل الشفاعة بأقل الأمرين من [الثلاثة الصفوف والأربعين] والله أعلم

(3)

.

واعلم أنه يشترط في الصلاة على الميت أن يكون مسلما أما الكافر فلا تحلّ الصلاة عليه. قال الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}

(4)

، وهي فرض على الكفاية لقوله صلى الله عليه وسلم: فرض على أمتي غسل موتاها والصلاة

= ابن إسحاق هذا الحديث، وأدخل بين مرثد، ومالك بن هبيرة رجلا، ورواية هؤلاء أصح عندنا.، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

(1)

شرح النووي على مسلم (7/ 17).

(2)

شرح النووي على مسلم (7/ 17).

(3)

شرح النووي على مسلم (7/ 17).

(4)

سورة التوبة: 84.

ص: 687

عليها ودفنها

(1)

.

وقال صلى الله عليه وسلم

(2)

: صلوا على من قال لا إله إلا الله، فظاهره الوجوب وليس فرض عين اتفاقا فتعين أنه فرض كفاية وهذا كله مجمع عليه

(3)

وفيما يسقط به فرض الصلاة أربعة أوجه أصحها عند أكثر أصحابنا تسقط بصلاة رجل واحد والثاني يشترط اثنان والثالث ثلاثة والرابع أربعة

(4)

سواء صلوا جماعة أو فرادى لأن الصحابة صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم أفرادا كما رواه مسلم

(5)

وإنما

(1)

لم أجده إلا في كتب الشافعية، ولم أعثر عليه في المصنفات الحديثية.

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 447/ 13622)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 320)، والدارقطني 2/ 56، وابن عدي في الكامل (3/ 478) و (6/ 301)، وابن حبان في المجروحين 2/ 279، وابن الجوزي في العلل المتناهية (712) و (713) و (715) و (716) وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 96): الدارقطني من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عمر وعثمان كذبه يحيى بن معين ومن حديث نافع عنه وفيه خالد بن إسماعيل عن العمري به وخالد متروك ووقع في الطريق عن أبي الوليد المخزومي فخفي حاله على الضياء المقدسي وتابعه أبو البختري وهب وهو كذاب ومن طريق مجاهد عن ابن عمر وفيه محمد بن الفضل وهو متروك وهو في الطبراني أيضا وله طريق أخرى من رواية عثمان بن عبد الله العثماني عن مالك عن نافع عن ابن عمر وعثمان رواه ابن عدي بالوضع وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 67): رواه الطبراني في الكبير، وفيه محمد بن الفضل بن عطية وهو كذاب. وانظر الإرواء (2/ 306) وانظر الميزان (5/ 53)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3483).

(3)

كفاية النبيه (5/ 59).

(4)

كفاية النبيه (5/ 59 - 60).

(5)

هذا وهم وإنما أخرجه ابن ماجه (1628) وأبو يعلى (22). وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه.

ص: 688

فعلوا ذلك تعظيما له. وقال الشافعي للتنافس في ذلك حتى تنعقد الخلافة لأحد أما النساء الخلّص فالانفراد أفضل لهن وتجوز الجماعة وقيل [تستحب في] جنازة المرأة

(1)

، وأما كيفية هذه الصلاة فهي أن ينوي عند التحرم كسائر الصلوات فيقول: أصلي فرض الجنازة مأموما أو إماما لتحصل له فضيلة الجماعة يعني للإمام ولا يشترط ذلك في الإمامة وفي التعرض للفرضية والإضافة إلى الله تعالى الخلاف كما في غيرها من الصلوات فلا يجب التعرض لكونها فرض كفاية في أصح الوجهين بل يكفي مطلق الفرض

(2)

ويكبر أربع تكبيرات لا يزيد ولا ينقص لدوامه عليه السلام عليها من موت النجاشي إلى أن توفي كما قاله القاضي عياض

(3)

، وانعقد عليه الإجماع في زمن عمر رضي الله عنه

(4)

، فإن أخلّ بواحدة من التكبيرات لم تصح صلاته وإن زاد خامسة ففي بطلان صلاته وجهان لأصحابنا الأصح لا تبطل ولو كان مأموما فكبر إمامه خامسة فإن قلنا أن الخامسة تبطل الصلاة فارقه المأموم كما لو قام إلى ركعة خامسة وإن قلنا بالأصح أنها لا تبطل لم يفارقه ولا يتابعه على الصحيح والمشهور. وإذا قلنا بالمذهب الصحيح أنه لا يتابعه فهل ينتظره ليسلم معه أم يسلم في الحال؟ فيه وجهان الأصح ينتظره، قاله

(1)

كفاية النبيه (5/ 62).

(2)

كفاية النبيه (5/ 74 - 75)، والنجم الوهاج (3/ 41 - 42).

(3)

إكمال المعلم (3/ 416).

(4)

كفاية النبيه (5/ 76).

ص: 689

النووي في أذكاره

(1)

، ويرفع في التكبير اليدين حذو المنكبين كما رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان ابن عمر وأنس رضي الله عنهما يفعلانه ويندب أن يجمع يديه بينهما ويضعهما تحت صدره ويقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة

(2)

وهل يشرع دعاء الاستفتاح والتعوذ قبل القراءة فيه أوجه أصحها يشرع التعوذ دون الاستفتاح لأن صلاة الجنازة مبناها على التخفيف وهذا التعليل يقتضي أنه لو صلى على غائب استحب دعاء الاستفتاح لأن طلب الإسراع [بالميت] مفقود ها هنا

(3)

والله أعلم.

ذكر هذا التعليل ابن العماد في شرح العمدة ولا تشرع قراءة السورة بعد الفاتحة في صلاة الجنازة على النص، وجزم به جماعة وفي وجه يقرأ سورة قصيرة لأنه صح عن ابن عباس أنه قرأ بعد الفاتحة سورة جهرا. وقال: فعلت ذلك لتعملوا أنها سنة

(4)

.

وبعد الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأقله اللهم صل على محمد ويستحب أن يقول: وعلى آل محمد ولا يجب ذلك عند جماهير أصحابنا، اهـ. قاله النووي في أذكاره

(5)

ولا يفعله كما يفعله كثير من العوام قراءتهم {إِنَّ اللَّهَ

(1)

الأذكار (ص 155).

(2)

كفاية النبيه (5/ 79)، والنجم الوهاج (3/ 47).

(3)

النجم الوهاج (3/ 48).

(4)

أخرجه النسائي في المجتبى 4/ 127 (2003) والكبرى (2125)، وأبو يعلى (2661). وصححه الألباني في صفة الصلاة (2/ 554) والإرواء (3/ 179).

(5)

الأذكار (ص: 155).

ص: 690

وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}

(1)

الآية، فإنه لا تصح صلاته إذا اقتصر عليه ويندب الدعاء للمؤمنين والمؤمنات عقب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الأصح تقريبا للإجابة، وهل يستحب الحمد قبل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه وجهان أرجحهما في الروضة نعم وثانيهما لا وهو مقتضى كلام الأكثرين ولا يشترط ترتيب هذه الثلاثة لكنه أولى، قاله في هادي النبيه

(2)

. وبعد الثالثة يدعو للميت لخبر أبي أمامة وهذا هو المقصود الأعظم منها، وما قبله مقدمات

(3)

، والواجب منه ما يقع عليه اسم الدعاء كقوله: رحمه الله أو غفر الله له أو اللهم اغفر له وارحمه أو الطف به ونحو ذلك

(4)

وبعد الرابعة يقول: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله

(5)

، رواه أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم في آخر ما دعا به

(6)

وهذا ما نقله البويطي عن الشافعي

(7)

، وحكى [ابن] أبي

(1)

سورة الأحزاب: 56.

(2)

هادى النبيه (لوحة 70/ مخ 2121 ظاهرية).

(3)

كفاية النبيه (5/ 82)، وهادى النبيه (لوحة 70 و / 71 مخ 2121 ظاهرية)، والنجم الوهاج (3/ 47).

(4)

الأذكار (ص 156 - 157).

(5)

الأذكار (ص 159)، وهادى النبيه (لوحة 71/ مخ 2121 ظاهرية)، والنجم الوهاج (3/ 50).

(6)

أخرجه ابن ماجه (1498)، وأبو داود (3201)، والبيهقي 4/ 41، والحاكم في المستدرك 1/ 358، والنسائي في الكبرى (10852). وقال الألباني: صحيح الأحكام (124)، المشكاة (1675).

(7)

الأذكار (ص 159).

ص: 691

أبي هريرة أن المتقدمين كانوا يقولون {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار}

(1)

(2)

ثم يسلم يمينا وشمالا كما في غيرها من الصلوات، وأما ذكر الرابعة فلا يجب بعدها ذكر أصلا ولكن يستحب الدعاء والمختار أنه يطول في الدعاء وفي الرابعة خلاف ما يعتاده أكثر الناس

(3)

.

فرع: وأركان صلاة الجنازة أحد عشر ركنا: القيام على المذهب إن قدر ونية الفرضية والتكبير وقراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية والصحيح أن الصلاة على الآل لا تجب والدعاء للميت بعد الثالثة أو الرابعة وأربع تكبيرات والسلام

(4)

، اهـ. وزاد في هادي النبيه

(5)

: تقديم الغسل الغسل وطهارة الحدث والخبث والستر والاستقبال.

فرع: إذا اجتمع جنائز قُدِّم إلى الإمام أفضلهم فيقدم الرجل ثم الصبي ثم الخنثى ثم المرأة فإن اتحد النوع قدم إليه أفضلهم وعند التساوي يقدم بالتراضي أو القرعة هذا إذا حضرن معا فإذا حضرن مرتبا فلا ينحى السابق وإن كان مفضولا سوى الأنثى والخنثى للذكر ويفارق الصبي حيث لا ينحى للرجل على الأصح فإنه قد يقف معه في الصف بخلافهما.

فرع آخر: يضع الموتى أمامه صفوفا هكذا.

(1)

سورة البقرة: 201.

(2)

الأذكار (ص 159)، وكفاية النبيه (5/ 87).

(3)

انظر هادى النبيه (لوحة 71/ مخ 2121 ظاهرية)، والنجم الوهاج (3/ 50).

(4)

المنهاج (ص 58 - 59).

(5)

هادى النبيه (لوحة 71/ مخ 2121 ظاهرية).

ص: 692

وقيل صفا رأس كل إنسان عند رجل الآخر ويكونون عن يمينه هكذا ويقف الإمام عند رأس الرجل وعند عجيزة المرأة هذا هو المذهب. وبه جزم جماعة لأن أنسا رضي الله عنه وقف عند رأس رجل وكبر أربعا وعند عجيزة المرأة

(1)

، فقيل له هكذا كان صلى الله عليه وسلم يفعل يكبر أربعا ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة، فقال: نعم، رواه أبو داود

(2)

وروى البخاري

(3)

ومسلم

(4)

أنه صلى الله عليه وسلم صلى على امرأة فقام وسطها، وروي أن أنسا فعله وعزاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الخلاف في الأولى وإلا فلو وقف وهي أمامه كيف شاء جاز اهـ.

فرع آخر: الخنثى كالمرأة

(5)

.

فرع: واختلفوا في عدد الذين يسقط بهم فرض صلاة الجنازة فقيل واحد وهو الأصح عند أكثر أصحابنا

(6)

وقيل اثنان وقيل ثلاثة وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ابن [لأبي] طلحة في منزلهم [فتقدّم] وكان أبو طلحة وراءه وأم سليم وراء أبي طلحة ولم يكن معهم غيرهم، حكاه البغوي في شرح

(1)

هادى النبيه (لوحة 70/ مخ 2121 ظاهرية).

(2)

سنن أبي داود (3194)، وأخرجه الترمذي (1034) وقال: حديث حسن. وابن ماجه (1494)، وأحمد (3/ 118، و 151) مختصرًا، وقد صححه ابن الملقن في البدر المنير 5/ 257. وصححه الألباني إلا قوله (فحدثوني أنه إنما

) صحيح أبي داود (2735).

(3)

صحيح البخاري (332).

(4)

صحيح مسلم (87)(964).

(5)

هادى النبيه (لوحة 70/ مخ 2121 ظاهرية).

(6)

قاله النووي كما في شرح مسلم (7/ 21) والمنهاج (ص 60).

ص: 693

السنة

(1)

، وقيل أربعة سواء صلوا جماعة أو فرادى

(2)

ومحل هذه الفروع في الترتيب أن تقدم على الصلاة لكن حصل سهو عن الترتيب.

5324 -

وَعَن كريب أَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما مَاتَ لَهُ ابْن بِقديد أَو بعسفان فَقَالَ يَا كريب انْظُر مَا اجْتمع لَهُ من النَّاس قَالَ فَخرجت فَإِذا نَاس قد اجْتَمعُوا فَأَخْبَرته فَقَالَ تَقول هم أَرْبَعُونَ قَالَ قلت نعم قَالَ أَخْرجُوهُ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا من رجل مُسلم يَمُوت فَيقوم على جنَازَته أَرْبَعُونَ رجلا لَا يشركُونَ بِالله شَيْئا إِلَّا شفعهم الله فِيهِ رَوَاهُ مسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه رواه مسلم

(3)

وأبو داود

(4)

وابن ماجه

(5)

.

قوله: "وعن كريب رضي الله عنه" كريب هو مولى ابن عباس تابعي أدرك عثمان وزيد بن ثابت وغيرهما، وهو كريب بن أبي مسلم أبو رشدين المدني، روى عن مولاه ابن عباس وعائشة وأم هانئ وميمونة وثقه ابن معين والنسائي [وكان عنده حمل بعير] من كتب ابن عباس، [توفي سنة ثمان وتسعين بالمدينة]

(6)

، والله أعلم.

(1)

البغوي في شرح السنة (5/ 382).

(2)

المجموع (5/ 213).

(3)

صحيح مسلم (948).

(4)

سنن أبي داود (3170).

(5)

ابن ماجه (1489).

(6)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

ص: 694

قوله: "أن ابن عباس مات له ابن بقديد أو بعسفان" الظاهر أنه كان بالغا لأنه طلب له شفاعة المصلين فدل على الخوف عليه من جهة التكليف فإن الصبي لا خوف عليه ويحتمل أن يكون صبيا وتكون الشفاعة إما لرفع الدرجات وإما أن شدة الخوف تقتضي ذلك فإن الله يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل، ومذهب أهل السنة أن [له] تعالى تعذيب الطائع وتنعيم العاصي

(1)

والله أعلم.

وقوله: "ما من رجل مسلم" يدل للأول، وقد جاء: ما من ميت، وهذا يدل على الثاني لعمومه في الكبير والصغير والذكر والأنثى، إلا أن الظاهر حمله على البالغ للرواية الأخرى، والله أعلم.

قوله: "قديد" بضم القاف وفتح الدال ثم ياء ساكنة ثم دال على مرحلة من عسفان وعسفان بضم العين وسين ساكنة مهملتين قرية جامعة بها منبر وهي

(1)

نقل هذا المذهب عن الأشاعرة الماتريدى كما في تفسيره (1/ 172 - 173) وكذلك الشاطبي في الموافقات (2/ 486) وقال الأشاعرة بجوازه عقلا وامتناعه شرعا وقال الماتريدي بامتناعه شرعا وعقلا والاختلاف بينهما على مسألة الحكمة من التصرف ويقول ابن تيمية في منهاج السنة (2/ 304 - 305): وأما قوله: ويثيب المطيع لئلا يكون ظالما فقد قدمنا [أن] للمثبتين للقدر في تفسير الظلم الذي يجب تنزيه الله عنه قولين أحدهما: أن الظلم [هو] الممتنع لذاته وهو المحال لذاته، وإن كان ما يمكن أن يكون فالرب قادر عليه، وكل ما كان قادرا عليه لا يكون ظالما. وهذا قول الجهم والأشعري وموافقيهما، وقول كثير من السلف والخلف، أهل السنة والحديث، ويروى عن إياس بن معاوية قال: ما ناظرت بعقلي كله إلا القدرية، قلت لهم: أخبروني عن الظلم ما هو؟ قالوا: التصرف في ملك غيره. قلت: فلله كل شيء. وهذا قول كثير من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم.

ص: 695

بين مكة والمدينة على نحو مرحلتين من مكة، وأما قول صاحب المطالع بينهما ستة وثلاثون ميلا فليس بمقبول. قال مالك في الموطأ بينهما أربعون [بُردا]

(1)

وهذا صحيح

(2)

والله أعلم. [وروى عن ابن عباس وغيره رضي الله تعالى عنهم، توفي سنة ثمان وتسعين بالمدينة، والله تعالى أعلم].

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه" الحديث، هذا الحديث شريف كبير ولهذا شرطه الشافعية في انعقاد الجمعة. وجاء في أبي داود ثلاثة صفوف وهي في الغالب تكون نحو ذلك لكنها تصدق على اثنين فما زاد في كل صف ولكنه بعيد فقد جاء: ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون فيه [إلا شفعوا فيه]

(3)

وهي في مسلم، [فلعل] المائة ذكرت أولا ثم خفف لأنه قد يعسر اجتماعهم فاكتفي بأربعين ثم خفف فاكتفي بثلاثة صفوف من غير حصر للعدد

(4)

.

قوله: "تقول هم أربعون" أي تظن ذلك.

وقوله: "أربعون رجلا" خرج مخرج الغالب فلو كانوا رجالا ونساء أو نساء ليس فيهم رجل فكذلك.

(1)

كذا في الأصل والصواب أربعة برد كما في الموطأ (398) وتهذيب الأسماء واللغات (4/ 56) التى نقل عنها الشارح.

(2)

تهذيب الأسماء واللغات (4/ 56).

(3)

سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.

(4)

شرح النووي على مسلم (7/ 17).

ص: 696

قوله: "لا يشركون بالله شيئا" أي لا يشترط لقبولهم إلا التوحيد فلو كانوا عصاة أو بعضهم فإنه لا يردّون وصلاتهم صحيحة مسقطة للفرض، اهـ. فيستحب كثرة اجتماع الناس له لهذا الحديث، فهذا مقصود الصلاة على الميت وهو الدعاء له والاستغفار والشفاعة فيه ومعلوم أنه في قبره أشدّ حاجة منه على نعشه فإنه حينئذ معرّض للسؤال وغيره وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف على القبر بعد الدفن فيقول: سلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل، فعلم أنه محتاج إلى الدعاء بعد الدفن فإذا كنا على جنازته ندعو له فلأن ندعو له ونشفع له لا [نستشفع] به فبعد الدفن [أولى] وأحرى

(1)

.

فائدة: هل الأولى تأخير الصلاة عليه ليجتمع له هذا العدد أو الإسراع به وإن لم يجتمعوا لقوله صلى الله عليه وسلم: أسرعوا بالجنازة

(2)

، الظاهر الثاني ويُرجى ببركة امتثال السنة بالإسراع أن يعطى أفضل ما يعطاه من شفع له [أولئك مع] تأخيره ولذلك قدم الإسراع به يوم الجمعة على انتظار الصلاة عليه من المصلين في الجمعة على ما بينه العلماء وحثوا عليه خلافا لما يفعله كثير من الجهال بل أفتى شيخ الإسلام بن عبد السلام بسقوط الجمعة عن الحمالين ونحوهم كذلك

(3)

والله أعلم قاله في شرح الإلمام

(4)

.

(1)

إغاثة اللهفان (1/ 202).

(2)

أخرجه البخاري (1315)، ومسلم (50 و 51 - 944) عن أبى هريرة.

(3)

نقله عنه الدميرى في النجم الوهاج (2/ 567).

(4)

لم أجده في المطبوع.

ص: 697

5325 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من رجل يُصَلِّي عَلَيْهِ مائَة إِلَّا غفر الله لَهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِيه مُبشر بن أبي الْمليح لَا يحضرني حَاله

(1)

.

5326 -

وَعَن الحكم بن فروخ قَالَ صلى بِنَا أَبُو الْمليح على جَنَازَة فظننا أَنه قد كبر فَأقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ أقِيمُوا صفوفكم ولتحسن شفاعتكم قَالَ أَبُو الْمليح حَدثنِي عبد الله عَن إِحْدَى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَهِي مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَت أَخْبرنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من ميت يُصَلِّي عَلَيْهِ أمة من النَّاس إِلَّا شفعوا فِيهِ فَسَأَلت أَبَا الْمليح عَن الْأمة قَالَ أَرْبَعُونَ رواه النسائي

(2)

.

قوله: "وعن الحكم بن فروخ" هو أبو بكار الحكم بن فروخ الغزال البصري، سمع عكرمة، وأبا المليح، روى عنه: يحيى القطان، ومحمد بن سواء. حديثه في البصريين، وثقه النسائي وابن المدينى وقال أحمد: صالح الحديث

(3)

.

قوله: "صلى بنا أبو المليح على جنازة" فذكر الحديث، إلى أن قال:"ما من ميت يصلي عليه أمة من الناس إلا شفعوا فيه فسألت أبا المليح عن الأمة" قال:

(1)

أخرجه الطبراني (13/ 283 رقم 14046) وعنه أبو نعيم في الحلية (8/ 391). وقال الهيثمي في المجمع 3/ 36: رواه الطبراني في الكبير، وفيه مبشر بن أبي المليح، ولم أجد من ذكره. قلت: مبشر قال الدارقطني: مبشر بن أبي المليح، عن أبيه، لا بأس به، ويحتج بحديثه، وأخواه زياد ومحمد يحدثان عن أبيهما أيضًا، يعتبر بهما. [سؤالات البرقاني: 486] وصححه الألباني في صحيح الترغيب (3506). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

(2)

سنن النسائي (4/ 76)، وقال الألباني حسن صحيح.

(3)

الاستغناء (1/ 482) لابن عبد البر، وتهذيب الكمال (7/ ترجمة 1441).

ص: 698

أربعون الحديث، والشفاعة السؤال في التجاوز عن الذنوب. قال النيسابوري: والحكمة في الأربعين أنه لم يجتمع قط أربعون إلا ولله تعالى فيهم عبد صالح

(1)

: قيل: [سبب] هذا الاختلاف اختلاف السؤال وذلك أنه سئل صلى الله عليه وسلم مرة عمن صلى عليه مائة واستشفعوا له فقال: شفعوا وسئل مرة أخرى عمن صلى عليه أربعون فأجاب بذلك ولو سئل عن أقل من ذلك لقال ذلك والله أعلم، [إذ] قد يستجاب دعاء الواحد ويقبل استشفاعه وقد روى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: من صلى عليه ثلاثة صفوف شفعوا فيه ولعلهم يكونون أقل من أربعين قاله القرطبي

(2)

. وتقدم كلام القاضي عياض في ذلك.

5327 -

وَعَن مَالك بن هُبَيْرَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا من مُسلم يَمُوت فَيصَلي عَلَيْهِ ثَلَاثَة صُفُوف من الْمُسلمين إِلَّا أوجب وَكَانَ مَالك إِذا اسْتقْبل أهل الْجِنَازَة جزأهم ثَلَاثَة صُفُوف لهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن قَوْله أوجب أَي وَجَبت لَهُ الْجنَّة. رواه أبو داود

(3)

واللفظ له وابن ماجه

(4)

والترمذي

(5)

وقال: حديث حسن.

(1)

تسهيل المقاصد (لوحة 39)، والخادم (ص 495/ رسالة علمية).

(2)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (8/ 82).

(3)

أبو داود (3166).

(4)

ابن ماجه (1490).

(5)

الترمذي (1028) وقال: حديث مالك بن هبيرة حديث حسن هكذا رواه غير واحد عن محمد بن إسحاق وروى إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق هذا الحديث وأدخل بين مرثد ومالك بن هبيرة رجلا ورواية هؤلاء أصح عندنا. وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه =

ص: 699

[قوله: أوجب]: أي وجبت له الجنة.

قوله: "وعن مالك بن هبيرة" هو مالك بن هبيرة بن خالد بن مسلم الكندي، وقيل: السكوني، قال ابن عبد البر كنيته أبو سعيد وقيل أبو سليمان له صحبة سكن مصر وقيل أنه شهد الفتح قال: ابن عبد البر معدود من الشاميين ومنهم من يعده من المصريين ومنهم من يعده من [الحسينيين] وأنه وليها لمعاوية وكان أميرا لمعاوية على الجيوش وغزو الروم روى عنه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني [له حديث واحد] في الصف على الجنازة لا

= (11625)، وأحمد (4/ 79) والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 303)، والروياني (1537)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2816) وأبو يعلى (6831)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 44)، والطبراني في معجمه الكبير (19/ 299/ 665)، وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (5431) تاريخ دمشق (56/ 510) تهذيب الكمال (27/ 166) وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 55)، والحاكم (1341)، وعنه البيهقي في الكبرى (4/ 30) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، والحديث مما حسنه أو صححه جمع غفير من الحفاظ فأصابوا، وعلى رأسهم الإمام أحمد، وذلك فيما ذكره ابن رجب في فتح الباري (5/ 296)، وابن التركماني في الجوهر النقي (3/ 180)، وقال ابن حجر في الفتح 3/ 187: وفي الإصابة (5/ 756): حسنه الترمذي وصححه الحاكم. قال النووي في الخلاصة (2/ 962) وفى الرياض 1/ 298: قال الترمذي: حديث حسن. ضعيف صحيح وضعيف سنن أبي داود (ص: 2) ضعيف، وضعيف الجامع الصغير (5220)، المشكاة (1687) ضعيف الترغيب والترهيب (2058)(ضعيف - ابن ماجه 1495 (برقم 327 مع اختلاف في اللفظ وضعيف الجامع 5087 و 5668 وأحكام الجنائز 100).

ص: 700

يعرف له سواه وليس في الصحابة من اسمه مالك بن هبيرة سواه

(1)

والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب" الحديث أوجب معناه وجبت له الجنة، قاله المنذري، وقيل معناه غفر له وكذا رواه أحمد والحاكم بلفظ غفر له فيستحب جعل الصفوف في الصلاة على الميت ثلاثة، قال ابن العماد: سمعت شيخنا ولي الدين الملَّوي يحكي عن بعض مشائخه إن ذلك من باب التوسع في الرجاء كأنهم يقولون جئناك ثلاثة صفوف شافعين فلا تردنا وهذا مثل تكثير الخطا إلى المساجد فإنه يستحب تقصير الخطا في المشي إلى المسجد لأنه يكتب له بكل خطوة حسنة ويحط عنه سيئة ويرفع له درجة فهو من باب التوسع في الرجاء وإذا استحب جعل الصفوف ثلاثا فالظاهر أنهم في الفضيلة سواء ولا مزية حيئنذ للصف المقدم ولأنهم مأمورون بالتأخر

(2)

، اهـ.

5328 -

وَرُوِيَ عَن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من عزى مصابا فَلهُ مثل أجر صَاحبه رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب وَقد رُوِيَ مَوْقُوفا رواه الترمذي

(3)

.

(1)

الاستيعاب (3/ 1361 - 1362).

(2)

ذكره الزركشي في الخادم (ص 494/ رسالة علمية).

(3)

الترمذي (1073). أخرجه ابن ماجه (1602)، والعقيلي (3/ 247)، والطبراني في الدعاء (1223) والشاشي في المسند (440 و 441) والبيهقي في الكبرى (4/ 59)، وفي الآداب (رقم/ 279) والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 244)، وعنه: ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 223) القضاعي في مسند الشهاب (378) وتمام الرازي في الفوائد (1217) والبزار =

ص: 701

وقال: حديث غريب، وقد روي موقوفا.

قوله: وروى عن عبد الله، تقدم الكلام على مناقبه رضي الله عنه.

= في المسند - البحر الزخار (1632) وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث علي بن عاصم وروى بعضهم عن محمد بن سوقة، بهذا الإسناد مثله، موقوفا، ولم يرفعه، ويقال: أكثر ما ابتلي به علي بن عاصم بهذا الحديث نقموا عليه. وقال العقيلي: لم يتابعه عليه ثقة.

اقتصر على تضعيفه النووي في الخلاصة (2/ 1046)، وفي المجموع شرح المهذب (5/ 305). ونقل الخطيب عن يعقوب بن شيبة قال: هذا الحديث من أعظم ما أنكره الناس على علي بن عاصم، وتكلموا فيه.

وذكر ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 138)، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة (1/ 423) إنكار يحيى بن سعيد القطان عليه هذا الحديث، وقال أبو داود: يخطئ في أحاديث يرويها، منها حديث ابن مسعود: من عزى مصابا، وإنما هو حديث منقطع، فوصله علي بن عاصم، فعاتبه يحيى، فقال: أصحابك الذين سمعوا معك ما أسندوه، وأنت تسنده؟ فأبى أن يرجع، فسبه يحيى.

وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 327): ومما أنكر على علي بن عاصم روايته يعني هذا، وقد تابعه عليه قوم من الضعفاء. وقال البزار: وهذا الحديث رواه غير واحد موقوفا، وأسنده علي بن عاصم، وعبد الحكيم وتوبع علي، متابعات، لكنها غير محفوظة، ولم يغفل عنها العلماء، لكنهم لم يعدوها شيئا، لذا عصبوا الحديث برقبته هو دونهم.

قال الخطيب (11/ 453 - 454): وقد روى حديث ابن سوقة: عبد الحكيم بن منصور مثل ما رواه علي بن عاصم، وروي كذلك عن سفيان الثوري، وشعبة، وإسرائيل، ومحمد بن الفضل بن عطية، وعبد الرحمن بن مالك بن مغول، والحارث بن عمران الجعفري. كلهم عن ابن سوقة، وقد ذكرنا أحاديثهم في مجموعنا لحديث محمد بن سوقة، وليس شئ منها ثابتا.

ص: 702

قوله: من عزّى مصابا فله مثل أجر صاحبه، الحديث. قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام

(1)

معناه فله مثل أجر صبره فإن المصيبة ليست من فعله حتى يؤجر عليها، وقد قال الله تعالى {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فلا أجر ولا جزاء إلا بمكتسب في نفسه أو مكتسب بسببه فالتعزية لم يبيّن ما هي وهي في اللغة التسلية عن المصيبة والصبر عليها وهي في الشرع التصبر، يقال: عزيته أي أمرته بالصبر والعزاء بالمد الصبر.

وقال في المهذب

(2)

: الأولى فيها تعزية [الخضر] ومن خواص هذه الأمة القول عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون، وقد روى البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم عزّى رجلا بولد له مات

(3)

، وروى شيخه الحاكم عن معاذ أنه مات له ابن فكتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم يعزيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل سلام عليك فإني أحمد [إليك] الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فأعظم الله لك الأجر وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر فإن أنفسنا وأموالنا وأهلينا من مواهب الله عز وجل الهنيّة وعواريه المستردّة متّعك الله به في غبطة وسرور وقبضه منك بأجر والصلاة والرحمة والهدى إن احتسبته فاصبر ولا [يحبط] جزعك أجرك فتندم واعلم أن الجزع لا يردّ شيئا ولا

(1)

الامام في بيان أدلة الأحكام (ص 176)، وقواعد الأحكام (1/ 136).

(2)

المهذب (1/ 257) وزاد: وهو يقول: إن في الله سبحانه عزاء من كل مصيبة وخلفًا من كل هالك ودركًا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب.

(3)

السنن الكبرى (4/ 99 رقم 7092) عن أبى خالد يعنى الوالبى وقال: وهذا مرسل.

ص: 703

يدفع حزنا وما هو نازل فكأن قَدْ والسلام

(1)

.

[ويتأكد] استحباب التعزية قبل الدفن لأنه وقت شدة الجزع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الصبر عند الصدمة الأولى. قال الرافعي

(2)

: وتأخيرها إلى ما بعد الدفن حسن وبعد الدفن إلى ثلاثة أيام لأن الغالب أن الحزن بعدها يسكن فتكره حينئذ لأنها [تجدد] الحزن وابتداؤها من الدفن. قاله في شرح المهذب

(3)

.

وقيل: من الموت. قاله الماوردي وصححه في الكافي، والثلاثة تقريب كل هذا إذا كان المعزِّي والمعزَّى حاضرين فإن كانا غائبين امتد الاستحباب إلى ما بعد الثلاث

(4)

.

[قال الشاعر:

إِذا النَّائباتُ بَلَغْنَ النُّهَى

وكَادَتْ بهِنَّ تَذوبُ الْمُهْجُ

وحَلَّ الْبَلاءُ وقَلَّ الْعَزَا

فَعِنْدَ التَّنَاهِي يَكُونُ الْفُرَجُ]

(5)

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 155 رقم 324) والأوسط (1/ 33 رقم 83) والدعاء (1216)، والحاكم (3/ 273). قال الحاكم: غريب حسن. وقال الذهبي: ذا من وضع مجاشع. وقال الهيثمي في المجمع 3/ 3: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه مجاشع بن عمرو، وهو ضعيف. وقال الألباني: موضوع أحكام الجنائز (1/ 255).

(2)

العزيز شرح الوجيز (2/ 459)، والنجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 85).

(3)

المجموع (5/ 306) والنجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 85).

(4)

النجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 85).

(5)

النجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 85)، وقع تأخير هذا القول في النسخة الهندية، وأدرج بعد قوله فيما سيأتي:(جلس يعرف في وجهه الحزن).

ص: 704

وقال الشيخ محب الدين الطبري: يُعزّى الغائب بعد قدومه لما روي أن أبا بكر لما قدم مكة بعد [وفاة] رسول الله صلى الله عليه وسلم بأشهر جاءه أهل مكة يعزّونه، وقيل: لا أمد للتعزية

(1)

. وقال أبو حنيفة: يُعزّى قبل الدفن لا بعده، والمستحب أن يعم بالتعزية أهل البيت الكبير والصغير والرجال والنساء، لكن لا يُعزّي الشابة إلا محرم لها

(2)

ويكره الجلوس لها، قيل:[وأول من] جلس لها عبد الله بن المبارك لما ماتت أخته دخل عليه بعض جيرانه فقال: حق العاقل أن يفعل في أول يوم ما يفعله الجاهل بعد ثلاثة أيام، فأمر عبد الله بطيّ البساط وتذكّر التعزية. وقال ابن الفركاح: لا كراهة في الجلوس لها لأن النبي صلى عليه وسلم لما جاءه نعي زيد وجعفر وابن رواحة جلس يعرف في وجهه الحزن

(3)

.

[5329]

وروى الترمذي

(4)

أيضًا عن أبي بررة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عزى ثكلى كسي بردا في الجنة، وقال: حديث غريب.

(1)

النجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 85).

(2)

النجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 85).

(3)

النجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 88).

(4)

أخرجه الترمذي (1076)، وقال: هذا حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، أخرجه أبو يعلى (7439)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(8842)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي (ص: 121)، و (المشكاة 1738)، وضعيف الجامع الصغير (5695)، والإرواء (764)، وضعيف الترغيب والترهيب (2060)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5695).

ص: 705

وقوله في رواية الترمذي: من عزَّى ثكلى كُسِي بردا في الجنة، ثكلى بفتح الثاء المثلثة وسكون الكاف وهي المرأة الفاقدة لولدها.

5330 -

وروى ابْن مَاجَه عَن عَمْرو بن حزم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من مُؤمن يعزي أَخَاهُ بمصيبة إِلَّا كَسَاه الله من حلل الْكَرَامَة يَوْم الْقِيَامَة

(1)

.

(1)

أخرجه ابن ماجه (1601). وحسنه الألباني في الإرواء (764)، وصحيح الترغيب (3508). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.

ص: 706