الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[التَّرْغِيب فِي حفر الْقُبُور وتغسيل الْمَوْتَى وتكفينهم]
[5305]
عَن رَافع رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من غسل مَيتا فكتم عَلَيْهِ غفر الله لَهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَة وَمن حفر لِأَخِيهِ قبرا حَتَّى يجنبه فَكَأَنَّمَا أسْكنهُ مسكنا حَتَّى يبْعَث. رواه الطبراني في الكبير
(1)
، ورواته محتج بهم في الصحيح، والحاكم
(2)
وقال: صحيح على شرط مسلم، وَلَفظه من غسل مَيتا فكتم عَلَيْهِ غفر الله لَهُ أَرْبَعِينَ مرّة وَمن كفن مَيتا كسَاه الله من سندس وإستبرق فِي الْجنَّة وَمن حفر لمَيت قبرا فأجنه فِيهِ أجْرى الله لَهُ من الْأجر كَأَجر مسكن أسْكنهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ورواه الطبراني في الأوسط
(3)
من حديث جابر، وفي سنده الخليل بن مرة، وَلَفظه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من حفر قبرا بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة
(1)
الطبراني في معجمه الكبير (1/ 315/ 929). وقال الهيثمي في المجمع (3/ 21): رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر في الدراية (1/ 230): إسناده قوي،، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2049)[شاذ]، وفي السلسلة الضعيفة (6781) (من غسل ميتا فكتم عليه؛ غفرالله له أربعين كبيرة
…
). شاذ بلفظ: كبيرة. وانظر السلسلة الصحيحة (2353).
(2)
والحاكم في (1307، 1340). وأخرجه البيهقي في الكبرى (3/ 395)، والشعب (9265) ومعرفة السنن والآثار 2153، وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (6172) وقال النووي في الرياض 1/ 296: قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وأبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم مختلف في اسمه، فقيل: اسمه أسلم، وقيل: إبراهيم، وقيل: صالح.
(3)
أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط (9292).
وَمن غسل مَيتا خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه وَمن كفن مَيتا كَسَاه الله من حلل الْجنَّة وَمن عزى حَزينًا ألبسهُ الله التَّقْوَى وَصلى على روحه فِي الْأَرْوَاح وَمن عزى مصابا كَسَاه الله حلتين من حلل الْجنَّة لَا تقوم لَهما الدُّنْيَا وَمن تبع جَنَازَة حَتَّى يقْضى دَفنهَا كتب الله لَهُ ثَلَاَثَة قراريط القيراط مِنْهَا أعظم من جبل أحد وَمن كفل يَتِيما أَو أرملة أظلهُ الله فِي ظله وَأدْخلهُ الْجنَّة.
قوله: "عن أبي رافع" أبو رافع اسمه أسلم وقيل إبراهيم وقيل ثابت وقيل هرمز وقيل غير ذلك، توفي في خلافة علي رضي الله تعالى عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا فكتم عنه غفر الله له أربعين كبيرة" الحديث، يغسّل الميت لقوله صلى الله عليه وسلم: ما من ميت يموت إلا يجنب عند الموت، أورده النيسابوري. وقال بعض أصحاب القفال: اختلفوا في معناه فقيل أنه من شدة النزع ينزل وقيل إن الميت إذا فارقته الروح وارتاح من شدة النزع التذ فأنزل والله أعلم.
واعلم أن غسل الميت وتكفينه ودفنه فرض على الكفاية أي على كل من علم حاله من المسلمين بالإجماع وهذا إذا كان مسلما فإن كان كافرا فلا يجب، قاله في هادي النبيه
(1)
.
وقال صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقص به بعيره فاندقّ عنقه اغسلوه بماء وسدر، الحديث. فخاطب به الجمع، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: فرض على أمتي غسل موتاها والصلاة عليها ودفنها فإذا تركه من علمه أثموا جميعا، لكن هل يأثم أقاربه الذين هم أولى بغسله أَغُلظ أم لا؟ فيه وجهان حكاهما الماوردي فقال:
(1)
هادي النبيه (لوحة 68/ مخ 2121 ظاهرية).
أحدهما أن جميع المسلمين في غسله أسوة فعلى هذا لا يجوز لمن علمه من الأقارب وغيرهم تركه حتى يقوم به أحدهم، والثاني أقاربه أحق به وإثم تركه عليهم أغلظ فعلى هذا للأجانب تفويض أمره للأقارب فإن أمسك عنه الأقارب شاركهم في فرضه الأجانب ولو لم يعلم بالميت إلا واحد وتعين عليه فرضه فإن أخبر به غيره بقي فرض كفاية حتى يواريه أحدهما. قال الماوردي والتكفين والصلاة والدفن كذلك، قاله في مختصر الكفاية
(1)
.
فرع: الأطفال من الذكور والإناث يغسلهم النساء والرجال. قال الرافعي والمراد بالصغير من لا يُشتهى مثله وكلام أبي زيد يقتضي أن المناط ما دون البلوغ. وفي التتمة أن ذلك في [صغيرة لا تُشتهى] وصغير لم يبلغ حد من يجامع
(2)
، وقال بعضهم ذلك فيما دون سن التمييز والمميز الذي يفهم الخطاب ويحسن رد الجواب ولا يضبط ذلك بسن بل يختلف باختلاف الأفهام، كذا قاله الفقهاء
(3)
.
تنبيه: شرط من يتولى الغسل أن يكون مسلما فإن كان كافرا فكالمعدوم وأن لا يكون قاتلا فإن قتل بحق بني على إرثه منه. قاله في هادي النبيه
(4)
.
(5)
(1)
الكفاية (5/ 14)، ومختصر الكفاية (لوحة 32/ مخ 3176 ظاهرية).
(2)
كفاية النبيه (5/ 21 - 22).
(3)
المجموع (7/ 28)، وتحرير ألفاظ التنبيه (ص 134).
(4)
هادي النبيه (لوحة 68 و 69/ مخ 2121 ظاهرية).
(5)
مخطوط وهناك رسالة ماجستير: دراسة وتحقيق جزء من مخطوطة (هادي النبيه إلى تدريس التنبيه) للإمام ابن الملقن (ت 804) من أول باب الخلع إلى آخر باب الرضاع.
فائدة: قال العلماء يستر الميت في الغسل عن العيون كما في حال الحياة، أي عيون الأجانب بأن يجعل في بيت ويرخى على بابه شيء خشية أن يكون به عيب كان يكتمه فيظهر أو قد اجتمع في موضع من بدنه دم أو التوى عنقه لعارض فيظن من لا يعرف أنه عقوبة وسوء عاقبة ويستحب أن يكون بقربه مجمرة حتى إذا كانت له رائحة لم تظهر كل ذلك طلبا للستر والأولى أن يستر من جهة السماء كسقف وغيره في الأصح. وقيل: بل غسله تحت السماء أحب لتنزل عليه الرحمة. أما أولياء الميت فقال البندنيجي وأبو الطيب وغيرهما أنهم يدخلون لأنه يوثق بهم ولا ينظر الغاسل يعني من غير العورة إلا إلى ما لا بد منه فيغض بصره ما أمكن، والذي يعاون الغاسل في معنى الغاسل إذا لم يستغن عنه فإن استغنى عنه فيستحب أن لا يستعين فإن نظرا إلى ما لهما منه بد كُره كغيرهما من الأجانب. وأما العورة فنظرها حرام مطلقا لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت، رواه أبو داود، اهـ. قاله في تسهيل الهداية
(1)
.
(1)
لأحمد بن لؤلؤ بن عبد الله الرومي، أبو العباس، شهاب الدين ابن النَّقِيب الشافعي (702 - 769 هـ = 1302 - 1368 م): فقيه شافعيّ مصري مولده ووفاته بالقاهرة كان أبوه روميا من نصارى أنطاكية. رباه أحد الأمراء وأعتقه وجعله نقيبا فتصوف في البيبرسية بالقاهرة. ونشأ ولده صاحب الترجمة فكان أولا بزيّ الجند، ثم حفظ القرآن وتفقه وتأدب وجاور بمكة والمدينة مرات. قال ابن حجر: كان مع تشدده في العبادة، حلو النادرة كثير الانبساط والدعابة. ومات بالطاعون. من كتبه (تسهيل الهداية وتحصيل الكفاية - خ) أجزاء منه، في شستربتي والأزهرية ودار الكتب، اختصر به (الكفاية) في فروع =
فرع: الأفضل عند مالك وأبي حنيفة أن يغسل الميت مجردا إلا أنه تستر عورته. وقال الشافعي وأحمد بن حنبل: الأفضل أن يغسل الميت في قميص اقتداء بما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
كما صححه الحاكم لما روى بريدة قال: لما أخذوا في غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناداهم مناد داخل البيت لا تنزعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه، رواه ابن ماجه والحاكم وأبو داود بمعناه
(2)
، وقال المزني إن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لجلالته وعظم قدره
(3)
.
فإن قيل: معتمد الشافعي والأصحاب في استحباب الغسل في القميص هذا الحديث وهو مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم كما قاله المزني، فالجواب:[أنما ثبت] كونه سنة في حقه صلى الله عليه وسلم فهو سنة في حق غيره حتى يثبت التخصيص، والذي فُعل بالنبي صلى الله عليه وسلم هو الأكمل والأفضل
(4)
، والحديث يتضمن أن القميص الذي غسّل فيه النبي صلى الله عليه وسلم نزع عنه عند تكفينه وهذا هو الصواب
= الشافعية، للجاجرمي، و (السراج في نكت المنهاج - خ) للنووي، في شستربتي و (الترشيح المذهب في تصحيح المهذب للشيرازي - خ) في دار الكتب، و (عمدة السالك وعدة الناسك - ط). انظر: معجم المؤلفين (2/ 55)، الأعلام للزركلي (1/ 200).
(1)
الشافى شرح مسند الشافعي (2/ 388).
(2)
أخرجه ابن ماجه (1466) والحاكم 1/ 354 و 362، والبيهقي 3/ 387 عن بريدة. وقال الألباني: منكر وأخرجه أبو داود (3141) وابن حبان (6627) و (6628) عن عائشة. وقال الألباني حسن صحيح الأحكام (ص 49).
(3)
النجم الوهاج (3/ 18).
(4)
المجموع (5/ 162 - 163).
الذي لا يتجه غيره لأنه لو بقي من رطوبته لأفسد الأكفان
(1)
والله أعلم.
ولم يثبت التخصيص فيندب الغسل في القميص للاقتداء لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اختلفوا في غسله صلى الله عليه وسلم هل نجرده أو نغسله في ثيابه فغشيهم النعاس وسمعوا هاتفا يقول: لا تجردوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: غسِّلوه في قميصه الذي مات فيه فغسل في القميص
(2)
.
[وقيل الأولى أن يجرّد وعلى الأول ينبغي أن يكون القميص خليعا أو رقيقا ينزل الماء عنه إلى البدن ثم إن كان واسع الكمين أدخل يده منهما وإلا الشقّ الدخاريص وأدخل يده، وكلام الشيخ أبي إسحاق الشيرازي يفهم أن القميص يلبسه حال غسله وهو الأصح وبه صرح المسعودي وغيره، وقال الإمام والغزالي يغسل في قميصه الذي مات فيه ولا ينزع عنه حين موته بل يترك ليغسل فيه كما فعل به صلى الله عليه وسلم، قاله في مختصر الكفاية
(3)
]
(4)
.
فرع: يستحب أن يغطي وجه الميت بخرقة من أول ما يوضع على المغتسل، نقله المزني عن الإمام الشافعي، واستحب هو إعادة الوضوء في كل غسلة ويندب أن يظفر شعر المرأة وأن يجعل ثلاثة قرون كما في
(1)
شرح النووي على مسلم (7/ 8).
(2)
الكفاية (5/ 26).
(3)
الكفاية (5/ 27)، ومختصر الكفاية (لوحة 34 و 35/ مخ 3176 ظاهرية).
(4)
وقع تأخير لهذا الموضع في النسخة الهندية، وأدرج قبل قوله: (فرع: ما أحدثه الغسال من القراءة
…
).
الحديث، قاله الكمال الدميري
(1)
.
فرع: ما أحدثه الغسال من القراءة والأذكار على الميت عند كل عضو فذلك بدعة لم ترد عن السلف مع أنك ترى الغاسل يقرأ القرآن ويده تباشر إزالة النجاسة عن بدن الميت وفي ذلك ما فيه، انتهى، قاله ابن النحاس في كتابه التنبيه في الأمر بالمعروف
(2)
وهو كتاب نفيس.
فرع أيضا: يندب أن يوضع الميت حال غسله على لوح وتكون جهة رأسه أعلى لينحدر الماء عنه ويكون على ظهره ورجلاه إلى القبلة وللجنب والحائض غسل الميت لكن يكره ولو ماتا غسلا غسلا واحدا، اهـ. قاله أيضا في مختصر الكفاية
(3)
.
تنبيه: والواجب من الغسل النية لأنه غسل واجب لا لإزالة عين كغسل الجنابة فينوب الغاسل عن الميت فيها كما أشار إليه الإمام، وهذا أخذ من نص الشافعي أن الغريق يغسل، وقيل لا تجب النية وهو الأصح لأن الشافعي رضي الله عنه صحح غسل الذمَية زوجها ولأن القصد منه التنظيف لا رفع الحدث، والواجب أيضا الغسل مرة واحدة كغسل الجنابة وهذا لا خلاف فيه بخلاف طهارة الحي، اهـ. قاله أيضا في مختصر الكفاية
(4)
.
(1)
النجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 23).
(2)
تنبيه الغافلين (ص 485 - 486).
(3)
الكفاية (5/ 38).
(4)
مختصر الكفاية (لوحة 36 و 37/ مخ 2176 ظاهرية).
فائدة: مما اعتاده كثير من الناس إعطاء ما على الميت للغاسل وهم قسمان قسم يخشى من هذه العادة فيجرده حتى ربما لا يبقي عليه ما يستر عورته من قميص رفيع أو مهلهل ونحوه خشية أن يترك عليه ما له قيمة فيأخذه الغاسل، والقسم الثاني يتركون ما عليه وربما زادوه من أفخر ثيابه ثم يعطون ذلك للغاسل رياء ومفاخرة، وعلى كلا التقديرين فإن كان في الورثة صغير أو غائب حرم على من يتولى ذلك أن يعطي الغاسل [شيئا من ذلك] زائدا على قدر أجرته وإن كان الورثة كبارا حاضرين بأجمعهم وطابت أنفسهم بإعطاء الغاسل ذلك من غير رياء ولا مفاخرة جاز وهذه صورة نادرة لا تكاد توجد وكثير من الغسال يأخذ ذلك بيده من غير استئذان لاحتقاره أهل الميت أو توهمه أنهم لا يسمحون له إذا استأذنهم [وهذه كلها بدع محرّمة يجب إنكارها على كل قادر عليها، قاله ابن النحاس في كتابه التنبيه
(1)
]
(2)
.
[فرع: لو حفر قبرا فوجد فيه [عظما] أعاد القبر ولم يتم الحفر. قال الشافعي: فإن فرغ من القبر فظهر شيء من العظام جاز أن يجعل في جانب القبر ويدفن الثاني معه، ذكره الرافعي
(3)
.
فرع آخر: دفن الاثنين جميعا يكره إلا للضرورة ولا يحرم على الصحيح
(1)
تنبيه الغافلين (ص 487 - 488).
(2)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(3)
تنبيه الغافلين (ص 484).
نعم لا يجمع بين الرجال والنساء إلا عند شدة الحاجة، وصرّح في شرح المهذب
(1)
بأن ذلك حرم حتى في الأم وولدها وأباح بعضهم من كان بينهما زوجية أو محرمية
(2)
.
تنبيه: ومن البدع أن يدفن في قبر ميت قبل أن يبلى الأول ويذهب أثره من غير ضرورة وهذه بدعة محرمة شائعة في الناس من غير نكير ولا فرق في ذلك بين أن يكون الميت الأول أباه أو أمه أو ابنه أو أجنبيا منه حتى أن بعضهم يوصي أن يدفن على أبيه أو ابنه أو قرابته وذلك لا يجوز لأن نبش القبر والكشف عن الميت حرام وموضعه مختص به لا يجوز لأحد أن يدفن معه فيه إلا أن يفنى ولم يبق له أثر فيجب على كل قادر إنكار ذلك والمنع منه فإن كان عاجزا فيجب عليه أن لا يحضر ذلك لأن حضور الدفن سنة وإنكار ذلك واجب وليس له أن يتعرض لترك واجب بارتكاب سنة والله أعلم، قاله ابن النحاس في تنبيه
(3)
]
(4)
.
غريبة: ذكر أبو [حاتم] الأندلسي في كتاب تحفة الألباب
(5)
أن في آخر بلاد الإسلام في الشمال بلد بلغار يكون النهار عندهم في الصيف عشرين ساعة
(1)
المجموع (2/ 285).
(2)
تنبيه الغافلين (ص 484).
(3)
تنبيه الغافلين (ص 484).
(4)
حصل تأخير لما بين المعقوفين في النسخة الهندية، وأدرج بعد قوله:(فلم أستطع دفنه إلا بعد ثلاثة أشهر وبقي في البيت كالحجر، اهـ).
(5)
تحفة الألباب ونخبة الإعجاب (ص 138) لأبى حامد الغرناطي.
والليل أربع ساعات ويشتد البرد فيها حتى لا يقدر أحد أن يدفن الميت ستة أشهر من شدة البرد لأن الأرض تصير كالحديد لا يمكن أن يحفر فيها قبر، قال: ولقد مات لي ولد بها في آخر الشتاء فلم أستطع دفنه [إلا بعد] ثلاثة أشهر وبقي في البيت كالحجر، اهـ. قاله في الديباجة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا فكتم عليه" قال النووي
(1)
: يستحب الإكثار من ذكر الله تعالى والدعاء للميت في حال غسله وتكفينه. قال أصحابنا: وإذا رأى الغاسل من الميت ما يعجبه من استنارة وجهه وطيب ريحه وتبسمه ونحو ذلك استحب له أن يحدث الناس بذلك لا سيما إن كان الميت ممن ينسب إلى صلاح وخير وإذا رأى من الميت ما يكره من سواد وجه وتغير الخلقة ونتن عضو وانقلاب صورة ونحو ذلك حرم عليه أن يحدّث أحدا به واحتجوا بما روي في سنن أبي داود والترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم
(2)
وجملة القول أن الغاسل
(1)
الأذكار للنووي (ص: 154).
(2)
أخرجه أبو داود (4900)، والترمذي (1019)، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (22/ 308)، وابن حبان (3020)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (235)، والطبراني في المعجم الأوسط (3601)، وفي المعجم الصغير (الروض الداني 461)، والحاكم (1421)، والبيهقي في الكبرى (4/ 75)، قال الترمذي: هذا حديث غريب. سمعت محمدا يقول عمران بن أنس المكى منكر الحديث وروى بعضهم عن عطاء عن عائشة. قال وعمران بن أبى أنس مصرى أقدم وأثبت من عمران بن أنس المكى. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه وفي ترجمته ذكره الذهبي في ميزان =
يستحب له إن رآى خيرا ذكره ليكون ذلك أدعى إلى كثرة المصلين عليه والدعاء له وإن رآى غير ذلك حرم عليه ذكره [لأنه] غيبة لمن لا يتأتى الاستحلال منه.
وفي صحيح مسلم
(1)
: [من ستر مسلما]
(2)
ستره الله في الدنيا والآخرة.
لطيفة: مرّ بي عن بعض التواريخ أن امرأة كانت في زمن بني إسرائيل ملكت قومها مدة طويلة وقتلت اثني عشر ألف نبي، فقاتلها ملك آخر فقتلها وألقى جيفتها للكلاب فأكلوا جميع جسدها إلا رأسها ويديها فسأل الملك عن ذلك فقال: إنها كانت تفلي ثياب اليتامى وتسرح شعورهم، اهـ.
ثم [إن]
(3)
جماهير أصحابنا أطلقوا المسألة كما ذكرته، [أي
…
]
(4)
اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم]. وقال أبو الخير اليمني صاحب البيان منهم لو كان الميت مبتدعا مظهرا للبدعة أو ظالما متجاهرا بظلمه ورأى الغاسل منه ما يكره فالذي يقتضيه القياس أن يتحدث به في الناس ليكون ذلك زجرا للناس عن البدعة والظلم
(5)
والله أعلم. اهـ.
= الاعتدال (5/ 283) قال البخاري منكر الحديث وقال العقيلي لا يتابع على حديثه والحديث ضعفه النووي في الخلاصة (2/ 944) في الأذكار (1/ 131)، والسخاوي في المقاصد الحسنة (1/ 98). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير (739).
(1)
صحيح مسلم (2699).
(2)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(3)
سقط هذا اللفظ من النسخة الهندية.
(4)
كلمة غير واضحة.
(5)
البيان (3/ 38).
قوله: "غفر الله له أربعين كبيرة" تقدم الكلام على حد الكبيرة واختلاف العلماء فيها.
فائدة: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتا فليغتسل، رواه الترمذي
(1)
وحسّنه وصححه ابن حبان
(2)
ومال ابن حزم إلى تصحيحه
(3)
وكذلك صاحب الإلمام، وقال الماوردي خرج بعضهم لصحته مائة وعشرين طريقا، وقال علي بن المديني وأحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى الذهلي لا يصح في الباب شيء
(4)
. وقال البخاري
(5)
الأشبه وقفه على
(1)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (6111)، وعنه أحمد في المسند (2/ 272)، ومن طريقه ابن شاهين في ناسخ الحديث (33 و 297)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (626)، والذهبي في سير أعلام النبلاء (18/ 356). وأخرجه ابن ماجه (1463). والترمذي (993)، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (625). والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 300) وابن حبان في صحيحه (1161) وقال الترمذي عقب الحديث: حديث أبي هريرة حديث حسن وقد روي هذا عن أبي هريرة موقوفا. وصححه الألباني في صحيح الجامع (4176).
(2)
وابن حبان في صحيحه (1161).
(3)
أخرجه أبو داود في السنن (3161)، ومن طريقه ابن حزم في المحلى (2/ 23)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 303)، وفي الخلافيات (1004).
(4)
قال ابن حجر: وقال الذهلي فيما حكاه الحاكم في تاريخه ليس في: من غسل ميتا فليغتسل حديث ثابت. انظر: فتح الباري (3/ 127).
(5)
قال النووي، والزيلعي: ضعفه الجمهور. انظر: خلاصة الأحكام (2/ 941)، ونصب الراية (2/ 203). قال النووي: وليس في الغسل من غسل الميت شيء صحيح. انظر: المجموع (2/ 233). قال البخاري في التاريخ الكبير (1/ 396) عقب الحديث: لا يصح.
أبي هريرة. وقال البيهقي
(1)
: أنه الصحيح. وقال الرافعي في شرح المسند
(2)
: أنه لم يصححه الأئمة فيُسنّ الغسل لغاسل الميت سواء كان الميت كبيرا أو صغيرا مسلما كان أو كافرا لعموم هذا الحديث على تقدير صحته، وصرفنا عن الوجوب
(3)
.
قوله: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه"، قال الحاكم
(4)
:
(1)
قال البيهقي: ابن لهيعة، وحنين بن أبي حكيم لا يحتج بهما والمحفوظ من حديث أبي سلمة ما أشار إليه البخاري موقوف من قول أبي هريرة.
انظر: السنن الكبرى (1/ 302). قال ابن دقيق العيد: البكراوي هو عبد الرحمن بن عثمان طرح الناس حديثه كما قاله أحمد وقال علي بن المديني ذهب حديثه وقال أبو حاتم ليس بقوي يكتب حديثه ولا يحتج به وقال يحيى والنسائي ضعيف، وقال ابن حبان يروي المقلوبات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به.
انظر: الإمام لابن دقيق العيد (2/ 379)، والبدر المنير (2/ 530 - 531). وقال البيهقي: الروايات المرفوعة في هذا الباب عن أبي هريرة غير قوية لجهالة بعض رواتها وضعف بعضهم والصحيح عن أبي هريرة من قوله موقوفا غير مرفوع. السنن الكبرى (1/ 303)، والإمام لابن دقيق العيد (2/ 378).
(2)
شرح مسند الشافعي (4/ 345).
(3)
النجم الوهاج (2/ 487).
(4)
الحاكم (1426) وعنه البيهقي في الكبرى (1/ 306)، وخرجه الدارقطني (2/ 76/ 4). وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وفيه رفض لحديث مختلف فيه على محمد بن عمرو بأسانيد من غسل ميتا فليغتسل.
وقال البيهقي: هذا ضعيف والحمل فيه على أبي شيبة إبراهيم بن عبد الله كما أظن وروى بعضه من وجه آخر بن عباس مرفوعا. والحديث اختلف في رفعه خرجه البيهقي (1/ 306) وفي (3/ 398) عن بن عباس قال ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه إن ميتكم =
صحيح على شرط البخاري وبهذا قال المزني وقواه في شرح المهذب وقال الشافعي في القديم بوجوب الغسل من [غاسل] الميت لظاهر الأمر به ثم اختلفوا فيه فقيل أنه تعبّد وقيل لنجاسة الميت عند القائل به
(1)
، ولهذا قال الرافعي وجماعة أنه آكد الأغسال لأنه مختلف في وجوبه بخلاف غسل الجمعة وقيل هما سواء.
[وقال] الشافعي في القديم آكدّها غسل الجمعة ولذلك قال النووي: إن القديم أظهر
(2)
، وصححه الأكثرون وأحاديثه صحيحة كثيرة، وليس للجديد حديث صحيح وتظهر فائدة القولين: فيما إذا أوصى بماء [لا حق للناس] به فحضره مريد الجمعة ومن يغسل ميتا أيهما يستحقه
(3)
، اهـ، من الديباجة.
= لمؤمن طاهر وليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم. وقال البيهقي: وروي هذا مرفوعا ولا يصح رفعه.
ورواه عبد الرزاق (6101)، وابن أبي شيبة في الصنف (3/ 267): عن ابن عباس به موقوفا مختصرا بلفظ: لا تنجسوا موتاكم؛ فإن المؤمن ليس بنجس حيا ولا ميتا. قلت: وهذا إسناد صحيح.
وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 138): أبو شيبة -هو: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة- احتج به النسائي، ووثقه الناس، ومن فوقه احتج بهم البخاري؛ فالإسناد حسن. قلت: وفيه نظر فقد جاء مسمى، والسند ليس مما يحتج به لما سيق ذكره وصححه الألباني في صحيح الجامع (5408).
(1)
النجم الوهاج (2/ 487).
(2)
المجموع (5/ 185 - 186) والمنهاج (ص 49)، والنجم الوهاج (2/ 489).
(3)
النجم الوهاج (2/ 489).
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن حفر لأخيه قبرا حتى يجنبه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث" الحديث حتى يجنبه معناه حتى يستره. [في الحديث أيضا عن هشام بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احفروا وأحسنوا، رواه أبو داود والترمذي. وفي رواية النسائي: احفروا وأحسنوا وأعمقوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد. والظاهر أن هذا عند الضرورة].
فرع: أقل القبر حفرة تمنع الرائحة والسبع والأولى أن يعمق ويوسع قدر قامة وبسطة
(1)
لأن عمر رضي الله عنه أوصى بذلك ولم ينكره أحد ولأنه أبلغ في المقصود والزيادة عليه غير مأثورة والمراد قامة رجل معتدل.
وقيل: رجل ربع، والبسطة أن يرفع الرجل يديه [من] فوق رأسه ما أمكنه وهو قائم، وقدر مجموع ذلك على الأصح عند النووي تبعا للجمهور أربعة أذرع ونصف، وجزم الرافعي تبعا للمحاملي أنه ثلاثة أذرع ونصف
(2)
.
قال النووي
(3)
: وقد غلط المحاملي فيه وهو شاذ مردود، والعجب من جزم الرافعي به وإعراضه عما جزم به الجمهور وهو أربعة أذرع ونصف، هذا هو الأكمل، [وعن الجويني أن السنة أن يعمق قدر قامة فقط وهو ثلاثة أذرع
(1)
المنهاج (ص 61).
(2)
النجم الوهاج (3/ 75).
(3)
الأم (1/ 313) ولفظه خلاف ما نقل عنه الشارح إلا أن تكون كلمة سقطت لفظة لا قبل كلمة أحب حيث قال في الأم: وقد يجعلونه في الصندوق ويفضون به إلى الكافور، ولست أحب هذا، ولا شيئا منه.
وقيل فيه غير ذلك والله أعلم. قاله في مختصر الكفاية
(1)
.
فرع أيضا: قال الشافعي في الأم
(2)
: أحّب أن يجعل الميت في صندوق أي تابوت. قال البندنيجي: فيستحب ترك التابوت لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يدفنوا فيه. وقال الرافعي والقاضي حسين والرافعي: يكره أن يدفن الميت في التابوت إلا أن تكون الأرض رخوة أو نديّة ولو أوصى به لم تنفذ وصيته في مثل هذه الحالة ويكون التابوت من رأس المال
(3)
، اهـ.
فرع أيضا: ومن البدع نقل الميت من بلد إلى بلد وذلك بدعة محرمة يجب إنكارها وممن نص على تحريمه القاضي حسين وأبو الفرج الدارمي وصاحب التتمة ولو أوصى بذلك لم تنفذ وصيته اهـ وقيل نقله مكروه إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس فيستحب نقله إليها، نص عليه الشافعي وعلى هذا إنما يباح قبل الدفن ويشترط أن يؤمن الانفجار وتغيّره فإن كان قد دفن حرم نبشه إلى مكة وغيرها، والله أعلم. قاله ابن النحاس
(4)
]
(5)
.
(1)
مختصر الكفاية (لوحة 51/ مخ 2176 ظاهرية).
(2)
الحاوي الكبير (3/ 23).
(3)
المجموع (5/ 287) و (5/ 293) والروضة (2/ 135)، وكفاية النبيه (5/ 138)، والنجم الوهاج (3/ 108).
(4)
تنبيه الغافلين (ص 490).
(5)
سقطت هذه الفقرة من النسخة الهندية.
تتمة: لو لحق الأرض نداوة أو سيل، [قال الزبيري]
(1)
يجوز نقله منهما ومنعه غيره
(2)
. قال النووي
(3)
: قول الزبيري أصح واستدل له بما روى البخاري عن جابر عن عبد الله أنه دفن أباه مع رجل آخر في قبر، قال: ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كهيئته يوم وضعته، وجعلته في قبر على حدة
(4)
.
قال النووي
(5)
: وهذا الحديث يقتضي جواز النبش والنقل لهذا الغرض وهو مشكل، وهذا النبش كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولا شك أن جابرا إنما فعل ذلك بعد استئذان النبي صلى الله عليه وسلم فإما أن يكون للأصحاب جواب عنه وإما أن يقال أن النقل لمصلحة الميت جائز مطلقا.
فرع: وإذا تهدم القبر فيتخير أولياء الميت بين أن يتركوه بحاله وبين أن ينبشوه ويصلحوه وبين أن ينقلوه إلى غيره، قاله الكمال الدميرى
(6)
.
فائدة: ومن البدع ما يفعله بعضهم من الفرش تحت الميت والمخدة تحت رأسه وهذه بدعة شنيعة، وكذلك ما يفعله بعضهم من إلباس الميت أفخر ثيابه من الحرير والذهب ونحو ذلك مع الكفن وهذا حرام لأنه إضاعة
(1)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(2)
النجم الوهاج (2/ 118).
(3)
المجموع (5/ 265).
(4)
البخاري (1351 و 1352).
(5)
النجم الوهاج (3/ 118).
(6)
النجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 119).
مال من غير ضرورة وللورثة مطالبة من فعل ذلك به والله أعلم، قاله ابن النحاس
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من كفن ميتا كساه الله من حلل الجنة" الحديث، وتكفين الميت فرض على الكفاية كما تقدم لقوله صلى الله عليه وسلم كفنوه في توبيه فخاطب به الجمع وأيضا فهو إجماع وهل أقاربه فيه وغيرهم سواء فيه ما تقدم وهذا في المسلم وكذا الذمي على الأصح [لا الحربي] قطعا، قاله في هادي النبيه
(2)
.
فرع: تكره المغالاة في الكفن لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب [سلبا سريعا] رواه أبو داود، [وعن] علي ولم يضعِّفه وفهم من التقييد بالمغالاة أن تحسينه لا يكره وهو كذلك بل يستحب، ففي صحيح مسلم
(3)
إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه أي يتخذه أبيض لطيفا سابغا، وفي كامل ابن عدي
(4)
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حسّنوا أكفان
(1)
تنبيه الغافلين (ص 485).
(2)
هادى النبيه (لوحة 69/ مخ 2121 ظاهرية).
(3)
صحيح مسلم (943).
(4)
ابن عدي في الكامل (4/ 237)، وقال ابن عدي: وهذه الأحاديث عن ابن سيرين لا أعلم أعلم يرويه عنه غير سليمان بن أرقم. وقد خولف فيه كما في المنامات لابن أبي الدنيا (162) وشعب الإيمان. (9268) من وجهين عن: مسلم بن إبراهيم الأزدي قال أنبأنا عكرمة بن عمار عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه فإنهم يتزاورون في قبورهم". ورواه الترمذي =
=
موتاكم فإنهم يتزاورون في قبورهم، اهـ.
تنبيه: ويستحب أن يكفن الرجل وكذا الصبي في ثلاثة أثواب إزار ولفافتين بيض
(1)
لحديث عائشة رضي الله عنها، وقال صلى الله عليه وسلم
(2)
: ألبسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم، رواه الترمذي، والإزار ما يؤتزر به العورة، واللفافتان أن [تلف] كل منهما على جميع البدن لأن الخبر دل على
= (995) وابن ماجه (1474) عن عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه". بدون الزيادة في التزاور قلت: وعمر بن يونس ثقة، وقد خالفه مسلم بن إبراهيم الأزدي - كذا جاء في المنامات وهو تصحيف بل هو سلم أوله سين وهو مكذب. وإسماعيل بن سنان في الطريق قبله الرقاشي السيء الحفظ، فلا شك في رجحان طريق عمر بن يونس، أما ثانيًا: فقد خولف في رفعه عكرمة فقد روى عبد الرزاق (6208) عن الثوري عن هشام عن بن سيرين قال: "كان يقال من ولى أخاه فليحسن كفنه وإنه بلغني أنهم يتزاورون في أكفانهم". ولا شك في رجحان الثوري على عكرمة بن عمار سيما وقد توبع: كما في مصنف ابن أبي شيبة (11131) حدثنا بشر بن مفضل عن سلمة بن علقمة عن بن سيرين قال: كان يحب حسن الكفن ويقال أنهم يتزاورون في أكفانهم.
(1)
المجموع (5/ 194 و 195).
(2)
أخرجه: الشافعي في مسنده (566)، وعبد الرزاق (6200)، وأحمد 1/ 247، وأبو داود (3878)، وابن ماجه (3566)، والترمذي (994) وقال: حديث حسن صحيح.، وأبو يعلى (2410)، وابن حبان (5423)، والحاكم 1/ 354، والبيهقي 3/ 245 وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 455)، وصحيح الجامع الصغير وزيادته (1236)، وصحيح ابن ماجه (1472 و 3566)، وصحيح وضعيف سنن أبي داود (3878).
ثلاثة أثواب وهذه الهيئة أولى به والأصح أن الثلاثة سوابغ
(1)
نعم لو كفن من بيت المال حيث يجب فلا يزاد على ثوب واحد لتأدي الواجب به والمحرم لا يزاد على إزار ورداء كما قاله ابن سراقة في تلقينه
(2)
وتكفن المرأة في خمسة أثواب إزار ودرع وهو القميص وخمار ولفافتين بيض اقتداء بفعله عليه السلام بأم كلثوم
(3)
والواجب ثوب واحد لأن ما دونه لا يسمى كفنا، والأصح في الروضة أنه ما يستر العورة، وقيل البدن
(4)
.
فرع: قال صاحب التقريب: الثوب الواحد حق لله تعالى والثاني والثالث حق للميت فلو أوصى بأن يكفن بثوب واحد كفن بثوب سابغ وقد رضي بإسقاط حقه من الثلاث، ولو قال رضيت بما يستر العورة فلا أثر لوصيته ويجب تكفينه بسابغ واستحسنه الإمام، وفي جزمه بعدم [نفوذ] وصيته نظر فإنه قد نقل عن الشافعي أن الزائد على ستر العورة حق للميت فينبغي أن ينفذ بإسقاطه كالثوبين
(5)
، والله أعلم.
فائدة: قال الصيمري وغيره: لا يستحب للإنسان أن يعد لنفسه كفنا في حياته لئلا يحاسب عليه
(6)
.
(1)
كفاية النبيه (5/ 43).
(2)
النجم الوهاج (3/ 31).
(3)
كفاية النبيه (5/ 44).
(4)
المهذب (ص 242)، وروضة الطالبين (2/ 110)، وكفاية النبيه (5/ 49).
(5)
المجموع (5/ 195)، وكفاية النبيه (5/ 52).
(6)
روضة الطالبين (2/ 114).
قال النووي
(1)
: الذي قاله الصيمري صحيح إلا أن يقطع [بحله] أو يكون من أثر أهل الخير كالعلماء والعباد ونحو ذلك فإن ادخاره حسن وقد صح عن بعض الصحابة فعله [ويحمل قول من قال من أصحابنا أنه يكره أن يتخذ لنفسه كفنا لئلا يحاسب عليه على كفن لا يكون من آثارهم، قال ابن الرفعة
(2)
وفي كلام الصيمري نظر إذا كان الواجب تكفينه من ماله فإنه يحاسب عليه بكل حال، اهـ. قاله في مختصر الكفاية
(3)
]
(4)
، [والذي قاله مردود فإن أمواله كلها يحاسب عليها] وأشار بقوله: وقد صح عن بعض الصحابة إلى ما رواه البخاري
(5)
عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت عليه جبة فطلبها منه فأعطاه إياها فأعدّها [ذلك] لنفسه كفنا، وروي أن سعد بن أبي وقاص لما حضرته الوفاة دعا بخلق جبة من صوف فقال كفنوني فيها فإني كنت لقيت المشركين فيها يوم بدر وهي علي وإنما كنت أخبأها لهذا، ولما حضر معاوية الوفاة قال لابنه يزيد: يا بني إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يوما لحاجته فاتبعته بإداوة فكساني أحد ثوبيه اللذين كانا على جلده فخبأته لهذا اليوم، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أظفاره وشعره فأخذته وخبأته لهذا اليوم، فإذا أنا مت فاجعلوا ذلك القميص [فيما] يلي جسدي واجعلوا الشعر
(1)
روضة الطالبين (2/ 114).
(2)
كفاية النبيه (5/ 40).
(3)
لم أجده في المختصر.
(4)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
(5)
صحيح البخاري (2093).
والأظفار في فمي وعلى عيني ومواضع السجود مني فإن نفع شيء فذاك، وإلا فإنّ الله غفور رحيم
(1)
، اهـ.
فرع: قال بعضهم يكره إعداد الكفن كما تقدم لمسلم من حسابه بخلاف حفر القبر
(2)
والله أعلم.
فرع: محل الكفن أصل التركة
(3)
فإن مات إنسان ولم يوجد هناك ما يكفن به إلا ثوب مع مالك له غير محتاج إليه لزمه بذله بقيمته كالطعام للمضطر
(4)
والأصح عندنا أن كفن الزوجة على الزوج وبه قال مالك وأبو حنيفة، وقال [الشعبي] ومحمد بن الحسن وأحمد في مالها، وروي عن مالك
(5)
.
تتمة: يستحب أن يبخر الكفن
(6)
بالعود إذا لم يكن الميت محرما، وقال الإمام [والغزالي] أنه أولى من تطييبها بالمسك وخالفهما ابن الصلاح لأنه أطيب الطيب وأوصى [عليّ رضي الله تعالى عنه] أن يحنط بمسك كان عنده من فضل حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفتى أيضا بعدم جواز كتابة شيء من القرآن على الكفن صيانة له عن صديد [الموتى] وفيمن عنده قماش يكريه لتجهيز
(1)
النجم الوهاج (3/ 40).
(2)
قاله الصيمري كما في الكفاية (5/ 40).
(3)
المجموع (5/ 188).
(4)
النجم الوهاج (3/ 36).
(5)
المجموع (5/ 191).
(6)
بحر المذهب للروياني (2/ 541).
الموتى من ألوان الحرير وغيرها أنه لا يجوز كراؤها لأنه يقصد به الزينة ولا بأس [بما] المقصود به ستر الميت وصيانته، وكره الغزالي التجارة في أكفان الموتى وحنوطهم وما يتعلق بذلك
(1)
، اهـ.
قوله صلى الله عليه وسلم: ومن عزّى حزينا ألبسه الله التقوى
(2)
، وفي الحديث الآخر: عزى مصابا كساه الله [حلتين] من حلل الجنة
(3)
واعلم أن التعزية هي التصبر، وذكر ما يسلي صاحب الميت وتخفف حزنه وتهوّن مصيبته وهي مستحبة فإنها مشتملة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي أيضا داخلة في قول الله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}
(4)
، وهذا من أحسن ما يستدل يستدل به في التعزية، واعلم أن التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده. قال أصحابنا: يدخل وقت التعزية [بعد ثلاثة أيام لأن التعزية] من حين الموت وتبقى إلى ثلاثة أيام بعد الدفن وتكره التعزية بعد ثلاثة أيام لأن التعزية لتسكين قلب المصاب والغالب سكون قلبه بعد الثلاثة فلا يجدد له الحزن،
(1)
النجم الوهاج (3/ 35 - 36).
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (9292)، ومكارم الأخلاق (101)، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 338) ورواه الطبراني في الأوسط من حديث جابر، وفي سنده الخليل بن مرة، ولفظه: قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 21). رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الخليل بن مرة، وفيه كلام. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (5002)، وضعيف الترغيب والترهيب (2/ 393).
(3)
هو جزء من الحديث السابق.
(4)
سورة المائدة، الآية:2.
هكذا قاله الجماهير من أصحابنا. قال أصحابنا: والتعزية بعد الدفن أفضل منها قبله لأن أهل الميت مشغولون بتجهيزه ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر، هذا إذا لم ير منهم جزعا شديدا فإن رآه قدّم التعزية ليسكِّنهم، ويستحب أن يعم بالتعزية جميع أهل الميت وأقاربه الكبار والصغار، الرجال والنساء إلا أن تكون امرأة شابة فلا يعزّيها إلا محارمها. قال الشافعي رضي الله عنه وأصحابنا: يكره الجلوس للتعزية، قالوا: ويعني بالجلوس أن يجتمع أهل الميت في بيت ليقصدهم من أراد التعزية بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فيعزّى من وُجِد منهم في مصلاه وفي سوقه وفي طريقه ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها، صرح به المحاملي ونقله عن نص الشافعي، وهذه كراهة تنزيه إذا لم يكن معها محدث آخر فإن ضم إليها أمر آخر من البدع المحرمة كما هو الغالب منها في العادة كان ذلك حراما من قبائح المحرمات فإنه محدث. وثبت في الحديث الصحيح أن كل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة والإعانة عليه مكروه، اهـ. قاله النووي
(1)
.
فرع: إذا كان المعزِّي أو المعزَّى غائبا فإنها مستحبة وإن كانت بعد الثلاث
(2)
لأن الحزن يبقى فيها فيحتاج إلى التصبر، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة نهاية التحزين
(3)
، فقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد
(1)
الأذكار للنووي (ص: 149)، والمجموع شرح المهذب (5/ 305).
(2)
الأذكار (ص 255) وروضة الطالبين (2/ 144).
(3)
كفاية النبيه (5/ 171).
على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا،
(1)
اهـ.
فائدة: يقال في تعزية المسلم: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك لأنه لائق الحال، قال الشافعي رحمه الله
(2)
وأحب أن يقول مثل ما عزى به أهل بيته صلى الله عليه وسلم ثم يترحم على الميت ويدعو له ولمن خلف وأشار بذلك إلى ما روت عائشة رضي الله عنها
(3)
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعنا هاتفا في البيت يسمع صوته ولا يرى شخصه يقول: السلام عليكم أهل [البيت] ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب، فقيل: إن هذا هو الخضر عليه السلام، وقال القاضي حسين: جلس الصحابة رضي الله عنهم في المسجد للتعزية فدخل شيخ فسلم ثم قال: إن في الله عزاء إلى آخره، فقال علي إنه الخضر عليه السلام.
(1)
البخاري (1280)، ومسلم (58)(1486).
(2)
كفاية النبيه في شرح التنبيه (5/ 174).
(3)
الحاكم في المستدرك (3/ 57) وعنه: البيهقي في دلائل النبوة (7/ 268). ورواه الشافعي (ص 361)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (4/ 60)، وفي دلائل النبوة (7/ 268) وقال البيهقي: وقد روي معناه من وجه آخر عن جعفر عن أبيه عن جابر ومن وجه آخر عن أنس بن مالك، وفي أسانيده ضعف والله أعلم. وقال في دلائل النبوة: هذان الإسنادان، وإن كانا ضعيفين، فأحدهما يتأكد بالآخر، ويدلك على أن له أصلا من حديث جعفر. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وضعفه الألباني في أحكام الجنائز (1/ 255)، والسلسلة الضعيفة (5384).
[5306]
وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من غسل مَيتا فكتم عَلَيْهِ طهره الله من ذنُوبه فَإِن كَفنه كَسَاه الله من السندس رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير
(1)
.
[5307]
وَرُوِيَ عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من غسل مَيتا وكفنه وحنطه وَحمله وَصلى عَلَيْهِ وَلم يفش عَلَيْهِ مَا رأى خرج من خطيئته مثل مَا وَلدته أمه رواه ابن ماجه
(2)
.
ورُوي عن علي، تقدم الكلام على مناقبه رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا وكفنه وحنطه وحمله وصلى عليه ولم يفش ما رآى" الحديث، [وتقدم الكلام على غسل الميت وتكفينه]
(3)
.
تتمة: غسلت امرأة بالمدينة في زمن مالك امرأة فالتصقت يدها على فرجها فتحير الناس في أمرها هل تقطع يد الغاسلة أو فرج الميتة، فاستفتي
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 281 رقم 8078)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامى والكنى (5/ 236)، وأبو القاسم الحرفى في فوائده (52)، والبيهقي في الشعب (11/ 458 رقم 8829). قال الحرفى: حديث غريب من حديث معتمر مسندا ورواه أحمد بن حنبل رحمه الله عن معتمر موقوفا على أبي أمامة وهو الصحيح. قال الهيثمي في المجمع 3/ 21: رواه الطبراني في الكبير، وفيه أبو عبد الله الشامي، روى عن أبي خالد، ولم أجد من ترجمه. وقال الألباني: موضوع الضعيفة (6952) وقال في ضعيف الترغيب (2051): ضعيف. ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
أخرجه ابن ماجه (1462). وضعفه الألباني جدا في ضعيف الترغيب (2052).
(3)
سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.
مالك فقال: سلوها ما قالت لما وضعت يدها عليها. فسألوها فقالت: قلت طالما عصى هذا الفرج ربه عز وجل. فقال مالك: هذا قذف، اجلدوها ثمانين جلدة تتخلص يدها، فجلدوها ذلك فتخلصت يدها، فمن ثَمَّ قيل: لا يُفتى ومالك بالمدينة
(1)
، اهـ.
فرع: روى أحمد في مسنده
(2)
عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الميت يعرف من يغسله ومن يحمله ومن يدليه في قبره.
وقال صالح المرى
(3)
: بلغني أن الأرواح تتلاقى عند الموت فتقول أرواح الموتى للروح التي تخرج إليهم كيف كان مأواك وفي أي جسد كنت [في] طيب أو خبيث؟ وقال عبيد بن عمير: أهل القبور [يتوكفون] الأخبار فإذا أتاهم الميت قالوا: ما فعل فلان ما فعل فلان؟ فيقول: ألم يأتكم؟ ألم يقدم عليكم؟ فيقولون: لا، فيقال إنا لله وإنا إليه راجعون، سُلك به غير سبيلنا، اهـ.
(1)
النجم الوهاج (3/ 97 - 98).
(2)
أحمد 3/ 3 (10997) و 3/ 62 (11600)، وابن أبي الدنيا في المنامات (6)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 208)، والطبراني في المعجم الأوسط 7/ 257 (7438)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 251)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 21: رواه أحمد، والطبراني في الأوسط، وفيه رجل لم أجد من ترجمه. وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1881): رواه أحمد من رواية رجل عنه اسمه معاوية أو ابن معاوية نسبه عبد الملك بن حسن. وقال البوصيري إتحاف الخيرة المهرة (2/ 457): رواه مسدد وأحمد بن حنبل بسند ضعيف لجهالة بعض رواته، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع"(1794) وفي "الضعيفة"(3152).
(3)
الروح (ص 19)، وأهوال القبور (ص 25 - 26).
[وتقدم الكلام على غسل الميت وتكفينه] وأما حنوطه فقال العلماء: والمستحب أن يذرّ الحنوط والكافور في الأكفان
(1)
.
قال الماوردي
(2)
: وهذا لم يذكره غير الشافعي رحمه الله من الفقهاء، وكيفية ذلك أن يبسط أولا أحسن الثياب وأوسعها ويمدد عليه ذلك ثم يفرش فوقها الذي يليها في الحسن والسعة ويذر عليها ثم يفرش الثالثة ويستحب أن يكون ذلك بعد أن تبخر الأكفان ثلاث بالند والعود ثم يحمل الميت مستورا بثوب ويوضع على الكفن مستلقيا على ظهره والحنوط بفتح الحاء طيب يخلط للميت خاصة ويدخل فيه الكافور والصندل ودريرة القصب.
تنبيه: والحكمة في الكافور في غسل الميت أنه يطيب ويصلب بدن الميت ويمنع إسراع فساده ويمنع عنه الهوام ويتضمن كرامة الميت
(3)
وفي استعماله تفاؤل بتكفير ذنوب الميت، وفيه دليل على استحباب تكثير الكافور فإن لم يوجد الكثير منه فشيئا منه كما هو مذكور في غسل ابنة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: واجعلن في الأخيرة كافورا
(4)
، وسيأتي الكلام على حمل الميت والصلاة عليه قريبا إن شاء الله تعالى. [ ..
(5)
: يبادر بغسل الميت إذا تيقن موته. حكى
(1)
التنبيه (ص 50)، والبيان (3/ 45)، وكفاية النبيه (5/ 53).
(2)
كفاية النبيه في شرح التنبيه (5/ 53).
(3)
شرح النووي على مسلم (7/ 3)، ورياض الأفهم (3/ 223 - 224).
(4)
أخرجه البخاري (1253) و (1254) و (1258) و (1261) و (1263)، ومسلم (36 و 40 - 939).
(5)
بياض في أصل النسخة الهندية بمقدار ثلاث كلمات وما بعده منها.
ابن عساكر
(1)
أن يعقوب الماجشون جد عبد الملك صاحب مالك رحمه الله تعالى مات ووضع على السرير واجتمع الناس للصلاة عليه فوجد الغاسل عرقا تحت رجله يتحرك، فقال الغاسل: أرى أن يؤخر غسله إلى غد. فلما أصبحوا واجتمع الناس للصلاة عليه وغسله وجده الغاسل كذلك فصرف عنه الناس، ثم كذلك في اليوم الثالث. ثم إنه استوى جالسا وقال: اسقوني سويقا، فسقوه وسألوه عن حاله فقال: عرج بروحى إلى السماء الدنيا ففتح لها الباب ثم كذلك إلى السماء السابعة، فقيل للملك الذي عرج به من معك؟ قال: الماجشون. قال: إنه بقي من عمره كذا كذا شهرا وكذا كذا يوما وكذا كذا ساعة. قال ثم هبط بي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر عن يمينهن وعمر عن يساره وعمر بن عبد العزيز بين يديه. فقلت للملك الذي معي: إنه لقريب المنزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال إنه عمل بالحق في زمن الجور، وإنما عملا بالحق في زمن الحق، انتهى قاله الدميري في شرح المنهاج
(2)
]
(3)
.
[5308]
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من غسل مَيتا فَأدى فِيهِ الْأَمَانَة وَلم يفش عَلَيْهِ مَا يكون مِنْهُ عِنْد ذَلِك خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه رواه أحمد والطبراني من رواية جابر الجعفي.
(4)
(1)
حاشية الجمل على شرح المنهج (2/ 142).
(2)
النجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 17).
(3)
وسقطت هذه الفقرة من الأصل.
(4)
أحمد (24881 - 24910) وأخرجه الطبراني في الأوسط (3575)، وابن عدي في الكامل (5/ 329)(10/ 610)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 192)، وقوام السنة الترغيب والترهيب =
قوله: "وعن عائشة" تقدم الكلام على مناقبها رضي الله عنها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا فأدى فيه الأمانة ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" يعني لا ذنب له، تقدم الكلام على غسل الميت، وأما قوله فأدّى فيه الأمانة أي أتى بما يتعلق بغسله من واجبات الغسل وستر ما يراه أي كتم ما يشاهده في جسده من عيوب غفرت له ذنوبه، وذكر بعض المتأخرين من الشافعية أن الغاسل إذا رأى تغيرا في وجه الميت من زرقة أو سواد فينبغي أن يكتم ذلك لاحتمال أن يكون سبب ذلك اجتماع الدم في ذلك الموضع
(1)
، قال: إلا أن يكون الميت مشهورا بالبدعة فإن تغير وجهه يدل على خبث باطنه فينبغي للغاسل والحالة هذه إظهار ذلك وإشاعته تنبيها على سوء ما كان عليه من البدعة لينزجر بذلك من كان موافقا له وليمتنع غيره من التأسي به في ذلك
(2)
، قاله ابن عقيل في شرح الأحكام،
= (3/ 156)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 396)، وفي الشعب (9266)، وقال الدارقطني في العلل (3698): ولعل هذا الاضطراب من جابر، والله أعلم. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 21) رواه أحمد، والطبراني في الأوسط، وفيه جابر الجعفي، وفيه كلام كثير. وقال البوصيري إتحاف الخيرة المهرة (2/ 454): ومدار إسناد حديث عائشة هذا على جابر الجعفي. وقال الذهبي في المهذب (3/ 373): هذا حديث منكر سمعه إبراهيم بن الحجاج من سلام، وجابر الجعفي واه. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2053)، وفي السلسلة الضعيفة (1225).
(1)
انظر المجموع (5/ 154 - 155) والأذكار (ص 278)، والنجم الوهاج (3/ 97).
(2)
البيان (3/ 38)، والأذكار (ص 278).
وتقدم شيء من ذلك في معناه قريبا.
خاتمة: خرج البرقاني
(1)
في كتاب الروضة من حديث عمرو بن شمر وهو ضعيف جدا عن جابر الجعفي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من ميت يموت إلا وهو يعرف غاسله ويناشد حامله إن كان بُشِّر برَوْح وريحان وجنة ونعيم أن يعجِّله وإن بُشِّر بنزل من حميم وتصلية جحيم أن يحبسه
(2)
والله أعلم.
[5309]
وَعَن أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم زر الْقُبُور تذكر بهَا الْآخِرَة واغسل الْمَوْتَى فَإِن معالجة جَسَد خاو موعظة بليغة وصل على الْجَنَائِز لَعَلَّ ذَلِك أَن يحزنك فَإِن الحزين فِي ظلّ الله يتَعَرَّض كل خير رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ رُوَاته ثِقَات
(3)
.
(1)
كذا في الأصل وإنما هو محمد بن أحمد بن البراء أبو الحسن العبدى الثقة الصدوق المقرئ تاريخ بغداد (1/ 281)، أخبار أصبهان (2/ 227)، المنتظم (13/ 28)، تاريخ الإسلام (22/ 241)، معرفة القراء (2/ 526)، غاية النهاية (2/ 56)، الشذرات (3/ 385).
(2)
عزاه السيوطي في الدر المنثور (8/ 39) لابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما. أخرجه الديلمى كما في الغرائب الملتقطة (2317) وانظر أهوال القبور (ص 44 - 45).
(3)
أخرجه ابن شاهين في الترغيب (470)، والحاكم (1/ 375) و (4/ 330). وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي في التلخيص فقال: لكنه منكر، ويعقوب هو القاضي أبو يوسف حسن الحديث، ويحيى لم يدرك أبا مسلم فهو منقطع، أو أن أبا مسلم رجل مجهول. وضعفه الألباني في الضعيفة (3663) وضعيف الترغيب (2054) و (2074). ولم يدرج المصنف تحته شرحا.