الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّرْغِيب فِي الصَّبْر سِيمَا لمن ابْتُلِيَ فِي نَفسه أَو مَاله وَفضل الْبلَاء وَالْمَرَض والحمى وَمَا جَاءَ فِيمَن فقد بَصَره
5143 -
عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الطّهُور شطر الْإِيمَان وَالْحَمْد لله تملأ الْمِيزَان وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله تملآن أَو تملأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالصَّلَاة نور وَالصَّدَقَة برهَان وَالصَّبْر ضِيَاء وَالْقُرْآن حجَّة لَك أَو عَلَيْك كل النَّاس يَغْدُو فبائع نَفسه فمعتقها أَو موبقها. رَوَاهُ مُسلم
(1)
.
قوله: "عن أبي مالك الأشعري" اختلف في اسمه فقيل الحارث وقيل عبيد وقيل عبد الله وقيل عمرو وقيل كعب وهو معدود من الشاميين، توفي في خلافة عمر وتقدم الكلام عليه في الوضوء وغيره مبسوطًا.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان" الحديث، الطهور بفتح الطاء هو ما يُتطهر به من مائع وجامد وهو [المراد] هنا.
وقال النووي المراد بالطهور الوضوء
(2)
. قال الطوفي
(3)
وهو أعمّ من ذلك إذ يشمل الوضوء والغسل وغيرهما ثم في قوله: "الطهور شطر الإيمان" أقوال كثيرة تقدم ذكرها في الوضوء.
(1)
صحيح مسلم (1)(223).
(2)
شرح النووي على مسلم (3/ 100).
(3)
التعيين في شرح الأربعين (ص 174).
قوله: "والحمد لله تملأ الميزان"[معناه] عظيم أجرها يملأ الميزان وقد تظاهرت نصوص القرآن والسنة على وزن الأعمال وثقل الميزان وخفتها فإذا حمد الله تعالى حامد [مستحضرا] معنى الحمد في قلبه [امتلأ] ميزانه من الحسنات.
قوله صلى الله عليه وسلم: "والصبر ضياء"، قال النووي
(1)
: أي الصبر المحبوب، وهو الصبر على طاعة الله تعالى والبلاء ومكاره الدنيا وعن المعاصي، ومعناه لا يزال صاحبه مستضيئا مستمرًّا على الصواب
قال الطوفي
(2)
: [قلت] يحتمل وجهين: أحدهما: أن ثواب الصبر ضياء ونور في الآخرة، والثاني أن الصبر على الطاعات وعن المعاصي نوّر القلب واستضاءته بالحق، وشاهده بقياس العكس {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}
(3)
أي: أن المعاصي سودت قلوبهم وصيرتها مظلمة. اهـ. وتقدم الكلام على ألفاظ هذا الحديث مبسوطًا في الوضوء وغيره والله أعلم.
5144 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَمن يتصبر يصبره الله وَمَا أعطي أحد عَطاء خيرًا وأوسع من الصَّبْر رَوَاهُ البُخَارِيّ
(4)
(1)
شرح النووي على مسلم (3/ 101).
(2)
التعيين في شرح الأربعين (ص 178).
(3)
سورة المطففين، الآية:14.
(4)
صحيح البخاري (1469، 6470).
وَمُسلم
(1)
فِي حَدِيث تقدم فِي الْمَسْأَلَة، وَرَوَاهُ الْحَاكِم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مُخْتَصرًا: مَا رزق الله عبدًا خيرًا لَهُ وَلَا أوسع من الصَّبْر. وَقَالَ: صَحِيح على شَرطهمَا
(2)
.
(1)
مسلم (124)(1053).
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك (3552) عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعًا به، وقال: قد اتفق الشيخان على إخراج هذه اللفظة في آخر حديثه بهذا الإسناد: أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث بطوله، وفي آخره هذه اللفظة ولم يخرجاه بهذه السياقة التي عند إسحاق بن سليمان وهذا سند منكر، ولا علاقة لأبي هريرة بالحديث، وهو مشهور عن أبي سعيد الخدري وعن مالك أيضًا.
أخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 997)، وأحمد (3/ 93) عن إسحاق بن سليمان عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري، فذكره، وتوبع إسحاق بن سليمان: هو الرازي أبو يحيى على هذا السند: فأخرجه الدارمي (1646) عن الحكم بن المبارك. والبخاري (1469) عن عبد الله بن يوسف. ومسلم (1053)، والنسائي (5/ 95)، وفي الكبرى (2380) عن قتيبة بن سعيد. والنسائي في الكبرى، عن ابن القاسم. وأبو داود (1644) عن عبد الله بن مسلمة. والترمذي (2024) عن معن. كلهم: عن مالك، فذكره. وقال الترمذي: حسن صحيح.
ورواه أحمد (3/ 93)، ومسلم (1053) عن معمر. والبخاري (6470) عن شعيب. كلاهما عن ابن شهاب الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، فذكره. وأخرجه أحمد (3/ 12 و 3/ 47) عن هشام بن سعد، حدثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبى سعيد الخدري فذكره.
وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 327)، وصحيح الجامع الصغير وزياداته (5626) عن أبي هريرة. والصحيحة (448)، والتعليق الرغيب (2/ 11)، وصحيح أبي داود (1451)، وصحيح الترمذي (2110).
قوله: "وعن أبي سعيد الخدري" تقدم الكلام على ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن يتصبر" الحديث، أي يستعمل الصبر. وقوله:"يصبره الله" أي يقويه ويمكّنه من نفسه حتى تنقاد له [ويذعن] لتحمّل الشدائد وعند ذلك يكون الله معه فيظفره بمطلوبه ويوصله إلى مرغوبه. قاله القرطبي في شرح مسلم
(1)
، والمراد منه تعاطي أسباب الصبر وما وعد الله عليه من الأجر والصبر ترك الشكوى من ألم البلوى
(2)
، وقيل: هو تجرّع المرارة من غير [تعبيس]
(3)
، وقيل: هو الثبات على أحكام الكتاب والسنة
(4)
، قاله شارح الأربعين [الودعانية]
(5)
.
قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: ذكر الله تعالى الصبر في القرآن في نحو تسعين موضعا وهو واجب بإجماع الأمة وهو نصف الإيمان فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر وهو في القرآن على ستة عشر نوعًا
(6)
.
والصبر في اللغة هو الحبس ومنه {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِي}
(7)
، أي احبسها معهم فالصبر حبس النفس عن الجزع
(1)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (9/ 66).
(2)
التعريفات (ص 134).
(3)
قاله الجنيد كما في الرسالة (1/ 322).
(4)
قاله الخواص كما في الرسالة (1/ 323).
(5)
شرح الأربعين الودعانية (لوحة 20).
(6)
مدارج السالكين (2/ 151).
(7)
سورة الكهف، الآية:28.
والسَّخط وحبس اللّسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن التشويش وهو ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله وصبر على امتحان الله فالأولان صبر على ما يتعلق بالكسْب والثالث صبرٌ على ما لا كسب للعبد فيه
(1)
، اهـ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: فَازَ الصَّابِرُونَ بِعِزِّ الدَّارَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ نَالُوا مِنَ اللهِ مَعِيَّتَهُ. فَإِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ
(2)
. وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}
(3)
. إِنَّهُ انْتِقَالٌ مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى. فَالصَّبْرُ دُونَ الْمُصَابَرَةِ. وَالْمُصَابَرَةُ دُونَ الْمُرَابَطَةِ وَالْمُرَابَطَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الرَّبْطِ وَهُوَ الشَّدُّ. وَسُمِّي الْمُرَابِطُ مُرَابِطًا لِأَنَّ الْمُرَابِطِينَ يَرْبِطُونَ خُيُولَهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْفَزَعَ. ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ مُنْتَظِرٍ قَدْ رَبَطَ نَفْسَهُ لِطَاعَةٍ يَنْتَظِرُهَا: مُرَابِطٌ
(4)
. وَقِيلَ: اصْبِرُوا بِنُفُوسِكُمْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ. وَصَابِرُوا بِقُلُوبِكُمْ عَلَى الْبَلْوَى فِي اللهِ. وَرَابِطُوا بِأَسْرَارِكُمْ عَلَى الشَّوْقِ إِلَى اللهِ.
وَقِيلَ: اصْبِرُوا فِي اللهِ. وَصَابِرُوا بِالله. وَرَابِطُوا مَعَ اللهِ. وَقِيلَ: اصْبِرُوا عَلَى النَّعْمَاءِ. وَصَابِرُوا عَلَى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَرَابِطُوا فِي دَارِ الْأَعْدَاءِ. وَاتَّقَوْا إِلَهَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فِي دَارِ الْبَقَاءِ
(5)
. اهـ.
(1)
مدارج السالكين (2/ 155 - 156).
(2)
الرسالة (1/ 324 - 325)، ومدارج السالكين (2/ 158).
(3)
سورة آل عمران، الآية:200.
(4)
مدارج السالكين (2/ 158).
(5)
مدارج السالكين (2/ 159).
قوله صلى الله عليه وسلم: "وما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر" الحديث، هكذا هو في جميع النسخ [خبر] مرفوع وهو صحيح وتقديره هو خيرٌ كما وقع في رواية البخاري
(1)
، وإذا حصل الوسع فأيّ ضيق وأي ضَيْم يُوجد معه
(2)
، ففي هذا الحديث الحث على التعفف والقناعة والصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا
(3)
.
وسئل الفضيل عن الصبر فقال: هو الرضى بقضاء الله. قيل: وكيف [ذلك]؟ قال: الراضي لا يتمنى فوق منزلته
(4)
. وقيل: الصبر الجميل أن لا يُعرَف صاحب المصيبة من غيره ولا يخرجه عن حد الصابرين توجّع القلب ولا فيضان العين بالدمع على الميت فإن ذلك مُقتضى البشرية ولذلك لما مات إبراهيم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم[فاضت عيناه]، فقيل له: أما نهيتنا عن هذا؟ فقال: إن هذه رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء
(5)
، بل ذلك أيضا لا يخرج عن مقام الرضى
(6)
.
تنبيه: الرضا على قسمين: رضا عام وهو أن لا يجد غير الله ربا ولا غير
(1)
شرح النووي على مسلم (7/ 145).
(2)
حدائق الأولياء (1/ 73).
(3)
شرح النووي على مسلم (7/ 145).
(4)
إحياء علوم الدين (4/ 72 - 73).
(5)
أخرجه البخاري (1284) و (5655) و (6655) و (7377) و (7448)، ومسلم (11 - 923) عن أسامة.
(6)
إحياء علوم الدين (4/ 73).
الإسلام دينا ولا غير محمد صلى الله عليه وسلم رسولًا، وهذا الرضا لا يخلو عنه مسلم إذا لا يصح التديّن بدين الإسلام إلا بذلك، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، رواه مسلم وغيره
(1)
. ورضًا خاصٌ وهو الذي تكلّم [فيه] أرباب القلوب وأحسن عبارة فيه ما قاله النوري: هو سرور القلب بمر القضاء وهو غاية الرضا، فيُظهر [للعبد] التحمّل عند الصّدمة الأولى [ويرضى] بثواب الله عوضا عما أخذ منه ولا يسخط شيئا يَرِدُ القضاء به
(2)
.
قال شقيق
(3)
: اشتريت بطيخة لأمي فلما قطعتها سخِطت. فقلت: [يا] أمّاه على من تسخطين، [هل تردين] القضاء أو تلومين حارثها أو مشتريها أو خالقها؟ فأما حارثها ومشتريها فوالله ما كان لهما ذنب، ولودّا أن تكون من أطيب البطيخ، ولا أراك تلومين إلا خالقها فاتقي الله ولا تلوميه، فوالله ما سمعت أمي كلاما أنفع [من ذلك، انتهى].
قال الغزالي
(4)
: الصبر مقام من مقامات الدين ومنزل من منازل السالكين وهو خاص بالإنسان لا يتصور في البهائم ولا في الملائكة، أما في البهائم فلنقصانها وأما في الملائكة فلكمالها، وقد وصف الله الصابرين بأوصاف
(1)
صحيح مسلم (56)(34) عن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولًا".
(2)
المفهم (1/ 128).
(3)
الامتاع والمؤانسة (ص 236) وقمع الحرص (ص 161).
(4)
إحياء علوم الدين (4/ 62).
وذكر الصبر في القرآن في نيف وسبعين موضعا، وأضاف أكثر الخيرات والدرجات إلى الصبر، وجعلها ثمرة له فقال عز من قائل:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}
(1)
، وقال:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا}
(2)
، وقال:{وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ}
(3)
، وقال:{أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا}
(4)
، وقال:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
(5)
، فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلى الصبر، والصبر على البلاء أعلى مقامات الصبر.
قال ابن عباس
(6)
: الصبر في القرآن على ثلاثة أوجه: صبر على أداء
(1)
سورة السجدة، الآية:24.
(2)
سورة الأعراف، الآية:137.
(3)
سورة النحل، الآية:96.
(4)
سورة القصص، الآية:54.
(5)
سورة الزمر، الآية:10.
(6)
قوت القلوب (1/ 332) والإحياء (4/ 72)، وهذا قد روي مرفوعا من حديث علي رضي الله عنه أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر (24) وأبو الشيخ في الثواب ومن طريقه ومن طريق آخر الديلمي في مسند الفردوس (1975) كلهم من طريق عبد الله بن محمد بن زيرك عن عمر بن علي عن عمر بن يونس اليماني عن مدرك بن محمد السدوسي عن رجل يقال له علي عن علي رضي الله عنه رفعه الصبر ثلاثة فصبر على المصيبة وصبر على الطاعة وصبر عن المعصية فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرض إلى منتهى الأرضين ومن صبر عن المعصية =
فرائض الله تعالى فله ثلاثمائة درجة، وصبر عن محارم الله فله ستمائة درجة، وصبر في المصيبة عند الصدمة الأولى فله تسعمائة درجة، ومعنى الصدمة الأولى يعني الصبر الشاق الكامل الصعب على النفس الذي يعظم عليه الثواب الجزيل لكثرة المشقة فيه إنما هو عند هجوم المصيبة وحرارتها فإنه يدل على قوة النفس وتثبيتها وتمكنها في مقام الصبر، وأما إذا بردت حرارة المصيبة فكل أحد يصبر، إذ الصدم أصله الضرب على الشيء الصلب، ثم استُعير لمن فجأته المصيبة. قاله القرطبي
(1)
.
وقال بعضهم: أيضًا أصل الصدم الضرب في شيء صلب ثم استعمل مجازا في كل مكروه حصل بغتة. وفضيلة الصبر ومدح الصابرين أشهر من أن يذكر والله أعلم.
وقد روي أيضًا بإسناد ضعيف من حديث علي مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الصبر على المصيبة يكتب به للعبد ثلاثمائة درجة وأن الصبر على الطاعة يكتب له به ستمائة درجة وأن الصبر عن المعاصي يكتب له به تسعمائة درجة وقد خرجه ابن أبي الدنيا وابن جرير الطبري. قاله ابن رجب الحنبلي
(2)
.
= كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش مرتين. انظر: الدر المنثور (1/ 159).
(1)
المفهم (8/ 56) وقمع الحرص (ص 161).
(2)
جامع العلوم والحكم (2/ 26).
5145 -
وَعَن أنس رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَربع لَا يصبن إِلَّا بعجب الصَّبْر وَهُوَ أول الْعِبَادَة والتواضع وَذكر الله وَقلة الشَّيْء" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(1)
وَالْحَاكِم
(2)
كِلَاهُمَا من رِوَايَة الْعَوام بن جوَيْرِية وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَتقدم فِي الصمت
(3)
.
قوله: "وعن أنس" هو ابن مالك تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أربع لا يصبن إلا بعجب الصبر وهو أول العبادة والتواضع وذكر الله وقلة الشيء" الحديث، رواه الطبراني، تقدم الكلام على الصبر وعلى التواضع في بابه، وعلى [ذكر] الله في بابه أيضا، وعلى قلة الشيء أيضا في كتاب الصمت.
5146 -
وروى التِّرْمِذِيّ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "الزهادة فِي الدُّنْيَا لَيست بِتَحْرِيم الْحَلَال وَلَا إِضَاعَة المَال وَلَكِن الزهادة فِي الدُّنْيَا أَن لَا تكون بِمَا فِي يدك أوثق مِنْك بِمَا فِي يَد الله وَأَن تكون فِي ثَوَاب الْمُصِيبَة إِذا
(1)
في المعجم الكبير (1/ 256/ 741).
(2)
الحاكم في المستدرك (7864) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
(3)
رواه ابن حبان في المجروحين (2/ 185)، وابن عدي في الكامل (1/ 81)، وتمام في الفوائد (974)، والبيهقي في الآداب (299)، وفي شعب الإيمان (4628، 7800) من طريق العوام بن جويرية، عن الحسن، عن أنس، رضي الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ورواه موقوفا: ابن أبي الدنيا في الصمت (556)، وابن أبي عاصم في الزهد (48)، وابن شاهين في الترغيب (392)، وتمام في الفوائد (1696) عن العوام بن جويرية. وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (2/ 197/ 781): موضوع.
أَنْت أصبت بهَا أَرغب فِيهَا لَو أَنَّهَا أبقيت لَك" قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث غَرِيب
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم في رواية الترمذي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما يدك أوثق بما في يد الله وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أبقيت لك، الحديث.
في هذا الحديث سبب الزهد لا حقيقته، وذلك أنه إذا وثق بما في يد الله تعالى هذا الوثوق وكان ذلك سببا لترك فضول الدنيا والحرص عليها والشدة فيها، اهـ.
وقال ابن رجب
(2)
: فسّر النبي صلى الله عليه وسلم الزهد في الدنيا بشيئين من أعمال القلوب لا من أعمال الجوارح: ولهذا كان أبو سليمان لا يشهد لأحد
(1)
سنن الترمذي (2340)، وأخرجه ابن ماجه (4100)، والطبراني في المعجم الأوسط (7954)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (9/ 303)، والبيهقي في شعب الإيمان (10289) من طريق عمرو بن واقد. وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وأبو إدريس الخولاني اسمه: عائذ الله بن عبد الله، وعمرو بن واقد منكر الحديث. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 286) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمرو بن واقد، وقد ضعفه الجمهور، وقال محمد بن المبارك: كان صدوقا، وبقية رجاله ثقات، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3194): ضعيف جدا. انظر: ضعيف سنن ابن ماجه برقم (894)، المشكاة (5301/ التحقيق الثاني)، ضعيف الجامع الصغير وزيادته (3194). الصحيح وقفه، فقد رواه أحمد في كتاب الزهد (96).
(2)
جامع العلوم والحكم (2/ 180 - 182).
بالزهد، فإن الزهد في القلب، أحدهما: أن يكون العبد بما في يد الله أوثق منه بما في يد نفسه وهذا ينشأ من صحة اليقين وقوته فإن الله ضمِن أرزاق عباده وتكفّل بها كما قال: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}
(1)
، والآيات في ذلك كثيرة، والثاني أن يكون العبد إذا أصيب بمصيبة في دنياه من ذهاب مال أو ولد أو غير ذلك أرغب في ثواب ذلك مما ذهب منه من الدنيا أن يبقى له وهذا أيضا ينشأ من كمال اليقين ومن علامات الزهد في الدنيا [و] قلة الرغبة فيها كما قال علي رضي الله عنه: من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب
(2)
، وروي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا قال: من سرّه أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده
(3)
. اهـ.
فقوله: "الزهادة في الدنيا ليس بتحريم الحلال ولا إضاعة المال" الحديث.
قال هشام: قال أبو إدريس الخولاني: مثل هذا الحديث بين الأحاديث كمثل الإبريز في الذهب؛ رواه الترمذي. وأبو إدريس الخولاني اسمه عائذ الله بن عبد الله القشيري. في الرسالة قال أحمد بن حنبل الزهد على ثلاثة أوجه: الأول ترك الحرام وهو زهد العوام؛ والثاني: ترك الفضول من الحلال وهو
(1)
سورة هود، الآية:6.
(2)
حديث مجاعة بن الزبير (101)، وابن أبى الدنيا في الزهد (92).
(3)
أخرجه: أبو عبيد في الخطب (123)، وعبد بن حميد (675)، وابن أبى الدنيا في مكارم الأخلاق (5)، وأبو نعيم في الحلية 3/ 218 - 219، والقضاعي في مسند الشهاب (367) و (368) من حديث عبد الله بن عباس. وضعفه الألباني جدا في الضعيفة (5421).
زهد الخواص؛ والثالث: ترك ما يشغل عن الله تعالى وهو زهد العارفين
(1)
. وقال الفضيل بن عياض جعل الله تعالى [الشرّ كله] في بيت وجعل مفتاحه حب الدنيا، وجعل الله الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد فيها. واختلفت عبارة العلماء في حد الزهد: فقال مالك: الزهد التقوى
(2)
. وقال أحمد وسفيان الثوري وغيرهما: الزهد قصر الأمل
(3)
.
وقال ابن المبارك: الزهد الثقة بالله. وقال عبد الواحد بن [زيد]: [الزهد ترك الدينار والدرهم. وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى: الزهد ترك ما يشغل عن الله تعالى
(4)
.
وقال سفيان بن عيينة:] الزهد أن يزهد فيما [حرّمه] الله، فأما ما أحل فقد أباحه لك
(5)
. وقال الزهري: هو الصبر [على] الشهوات.
وقال سفيان الثوري أيضا: الزهد قصر الأمل ليس بأكل الغليظ ولا بلبس الخشن
(6)
. وقال الفضيل: هو ترك الدنيا كلها أحبّ تركها أم كرِه
(7)
. وقال بشر بن الحارث: الزهد في لقاء الناس فإن من أحب الدنيا أحب لقاء
(1)
الرسالة (1/ 243).
(2)
الرسالة (1/ 244).
(3)
الرسالة (1/ 241).
(4)
الرسالة (1/ 241).
(5)
الحلية (7/ 297)، وسير أعلام النبلاء (8/ 469).
(6)
الرسالة (1/ 240).
(7)
تفسير القرطبي (10/ 355).
أهلها
(1)
. وقال إبراهيم بن أدهم: لا يكون العبد زاهدا حتى يكون ترك الدنيا أحب إليه من أخذها
(2)
. وقال رجل للحسن إن فقهاءنا يقولون كذا. فقال الحسن: [وهل] رأيت فقيها؟ الفقيه الزاهد في الدنيا، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه
(3)
. وتقدم الكلام على الزهد في الدنيا أبسط من ذلك.
تتمة: والزهد أيضا كان حال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي الدرداء وتميم الداري ومن ماثلهم وما أكثر الزهادة في الصحابة، وعبد الرحمن بن عوف والزبير زاهدان رضي الله عنهما[وعمن سبقهما]، ولا التفات إلى رواية من روى أنه يدخل الجنة حبوا فإنه حديث باطل
(4)
، والذي انتهى إليه الزهد من التابعين ثمانية الأسود وأويس والحسن والرّبيع بن [خثيم] وعامر بن عبد قيس ومسروق وهَرِم بن حيان وأبو مسلم الخولاني واسمه عبد الله بن ثوب
(5)
، اهـ، قاله في الديباجة.
5147 -
وَعَن عَلْقَمَة قَالَ قَالَ عبد الله الصَّبْر نصف الْإِيمَان وَالْيَقِين الْإِيمَان كُله. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح وَهُوَ مَوْقُوف وَقد رَفعه بَعضهم
(6)
.
(1)
تفسير القرطبي (10/ 355).
(2)
تفسير القرطبي (10/ 355).
(3)
الزهد لأحمد (1513)، وأخلاق العلماء (ص 73)، والحلية (2/ 147) و (6/ 178).
(4)
قمع الحرص (ص 158).
(5)
الحلية (2/ 87).
(6)
رواه الطبراني في الكبير (9/ 107/ 8544) من طريق محمد بن علي الصائغ، عن سعيد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بن منصور، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن علقمة قال: قال عبد الله
…
موقوفا، وإسناده صحيح، ورجاله رجال الصحيح، خلا شيخ الطبراني، وهو ثقة، وصححه الحاكم (2/ 446) ووافقه الذهبي. ذكر البخاري بعضه تعليقا في الإيمان، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس. بقوله: وقال ابن مسعود: اليقين الإيمان كله، وأخرجه أبو نعيم (5/ 34)، والبيهقي في الشعب (48) وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 327) صحيح موقوف وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3536)، وفي السلسلة الضعيفة (499): منكر. وقال البيهقي في الآداب (ص 404): والموقوف أصح. وقد رفعه بعضهم: أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (5/ 34)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 226)، والبيهقي في الزهد برقم (984)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1364)، والحافظ في لسان الميزان 5/ 152، والقضاعي في مسند الشهاب 1/ 126 برقم (158) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، حدثنا محمد بن خالد المخزومي، أخبرنا سفيان الثوري، عن زبيد اليامي، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
…
وقال الخطيب: تفرد بروايته عن سفيان الثوري محمد بن خالد المخزومي.
وقال البيهقي: تفرد به يعقوب بن حميد، عن محمد بن خالد، والصحيح المعروف أن هذا من قول ابن مسعود. ثم أخرجه موقوفا برقم (985) وقال: هذا هو الصحيح، موقوف. ومحمد بن خالد المخزومي ذكره ابن حبان في الثقات 9/ 59 وقال: ربما رفع وأسند.
ونقل الحافظ عن أبي علي النيسابوري قوله: هذا حديث منكر لا أصل له من حديث زبيد، ولا من حديث الثوري ثم تعقبه بقوله: قلت: وأما الموقوف الذي علقه البخاري، فأسند الطبراني في المعجم الكبير من رواية الأعمش، عن أبي ظبيان -تحرفت في لسان الميزان إلى: ابن طيان- عن علقمة، عن عبد الله، وقد أشبعت القول فيه، في تعليق التعليق.
وقال أبو نعيم: ورواه الثوري، عن أبي إسحاق، عن جرير، عن النهدي، عن رجل من بني سليم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ في الفتح 1/ 48: هذا التعليق طرف من أثر وصله الطبراني بسند صحيح، =
قوله: "وعن علقمة" علقمة هو
(1)
أبو شبل، علقمة بن قيس بن مالك، من بني بكر بن النخع النخعي، روى عن عمر، وعبد الله بن مسعود، روى عنه إبراهيم، والشعبي، وابن سيرين. وهو تابعي مشهور كبير، اشتهر بحديث ابن مسعود وصحبته، وهو عم الأسود النخعي، وأجمعوا على جلالته، وعظم محله، ووفور علمه، وجميل طريقته قال إبراهيم النخعي: كان علقمة يشبه بابن مسعود. وقال أبو إسحاق السبيعي: كان علقمة من الربانيين. وقال أحمد بن حنبل: علقمة ثقة من أهل الخير، مات سنة إحدى وستين
(2)
.
قوله: "قال عبد الله: الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله" الحديث، حيث أطلق عبد الله في اصطلاح المحدثين فالمراد به ابن مسعود رضي الله عنه، وتقدم الكلام على الصبر. قوله:"واليقين الإيمان كله" واليقين هو روح أعمال القلوب التي هي أرواح أعمال الجوارح. وهو حقيقة الصديقية. وهو قطب هذا الشأن الذي عليه مداره، واليقين قرين التوكل. ولهذا فسر التوكل بقوة اليقين، والصواب: أن التوكل ثمرته ونتيجته. ولهذا حسن اقتران الهدى
= وبقيته: والصبر نصف الإيمان. وأخرجه أبو نعيم في (الحلية)، والبيهقي في (الزهد) من حديثه مرفوعا ولا يثبت رفعه .... وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1/ 231): أخرجه أبو نعيم في الحلية، والخطيب في التاريخ من حديث ابن مسعود بسند حسن.
(1)
طبقات ابن سعد 6/ 86، تاريخ البخاري 7/ 41، المعرفة والتاريخ 2/ 552،، الحلية 2/ 98، تاريخ بغداد 12/ 296، سير أعلام النبلاء ط الرسالة (4/ 53) تاريخ الإسلام 3/ 50، تذكرة الحفاظ 1/ 45، الإصابة ت 6454.
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 342 - 343).
به، قال الله تعالى:{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)}
(1)
فالحق: هو اليقين. وقالت رسل الله: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا}
(2)
، ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نورا وإشراقا. وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط، وهم وغم. فامتلأ محبة لله. وخوفا منه ورضا به، وشكرا له، وتوكلا عليه، وإنابة إليه. فهو مادة جميع المقامات والحامل لها، وعند أهل الحقيقة هو رؤية العيان بقوة الإيمان لا بالحجة والبرهان، وقيل هو مشاهدة الغيوب بصفاء القلوب وملاحظة الأسرار بمخاطبة الأفكار، وقيل هو زوال الشبه والمعارضات.
قوله: "وهو موقوف" المراد بالحديث الموقوف في اصطلاح المحدثين أن يكون من قول الصحابي غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
(3)
. وقد رفع بعضهم هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم
(4)
اهـ.
(1)
سورة النمل، الآية:79.
(2)
سورة إبراهيم، الآية:12.
(3)
كشف المناهج والتناقيح (1/ 56).
(4)
أخرجه ابن الأعرابى في المعجم (592)، وابن شاهين في الترغيب (271)، وتمام في الفوائد (1083)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 34)، والبيهقي في الشعب (7/ 123 رقم 9265)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 226)، القضاعي في مسند شهاب (1/ 26: 158) وابن الجوزي في العلل (2/ 330: 1364) به مرفوعا.
وقال البيهقي في الشعب، والمحفوظ عن ابن مسعود من قوله غير مرفوع، وقال الحافظ في الفتح (1/ 48): ولا يثبت رفعه وقال الألباني في الضعيفة برقم (499): منكر.
5148 -
وَعَن جَعْفَر بن أبي طَالب رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الصَّبْر معول الْمُسلم
(1)
. ذكره رزين الْعَبدَرِي وَلم أره.
5149 -
وَعَن صُهَيْب الرُّومِي رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عجبا لأمر الْمُؤمن إِن أمره لَهُ كُله خير وَلَيْسَ ذَلِك لأحد إِلَّا لِلْمُؤمنِ إِن أَصَابَته سراء شكر فَكَانَ خيرا لَهُ وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر فَكَانَ خيرا لَهُ
(2)
.
قوله: "وعن صُهيب الرومي"
(3)
تقدم [الكلام عليه رضي الله تعالى عنه].
قوله صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر وكان خيرا له" الحديث، الضراء الحالة التي تضر من الفقر والشدة والعذاب وهي نقيض السراء وهما بناءان للمؤنث ولا مذكر لهما كذا في النهاية
(4)
. وقال الأصبهاني شارح الأربعين الودعانية
(5)
: الضراء الشدة والمراد بها كل شدة
(1)
أخرجه هناد في الزهد (393) ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (5/ 342) عن عمر بن عبد العزيز قوله. ولم يدرج المصنف تحته شرحا.
(2)
صحيح مسلم (64)(2999) من طريق ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب.
(3)
طبقات ابن سعد: 3/ 226، التاريخ الكبير: 4/ 315، الاستيعاب: 5/ 147، أسد الغابة: 3/ 36، تهذيب الكمال: 613، سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 17)، تاريخ الإسلام: 2/ 185، 186، تهذيب التهذيب: 4/ 438 - 439، الإصابة: 5/ 160.
(4)
النهاية (3/ 82).
(5)
شرح الودعانية (لوحة 34).
تصيب المؤمن في جنب الله وكأنه يقلب ضرها نفعا وأعظم بذلك رصفا ووصفا.
5150 -
وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الله عز وجل قَالَ يَا عِيسَى إِنِّي باعث من بعْدك أمة إِن أَصَابَهُم مَا يحبونَ حمدوا الله وَإِن أَصَابَهُم مَا يكْرهُونَ احتسبوا وصبروا وَلَا حلم وَلَا علم فَقَالَ يَا رب كَيفَ يكون هَذَا قَالَ أعطيهم من حلمي وَعلمِي. رَوَاهُ الْحَاكِم
(1)
وَقَالَ: صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ
(2)
.
(1)
الحاكم (1/ 348).
(2)
أخرجه البخاري في التاريخ (8/ 355 - 356)، والحاكم (1/ 348)، وأحمد (6/ 450)، والبزار (4088)، والطبراني، في "الأوسط"(3252)، والبيهقي، في "شعب الإيمان"(4165 و 9480)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 227)، (5/ 243): من طرق عن معاوية بن صالح، عن أبي حلبس يزيد بن ميسرة قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها - يقول: فذكره. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري وأقول: كلا؛ فإن ابن صالح؛ لم يرو له البخاري في الصحيح، وإنما في جزء القراءة.
ويزيد بن ميسرة؛ لم يخرج له أصلا لا هو ولا غيره من الستة، ثم إنه مجهول الحال، فإنه لم يرو عنه غير معاوية هذا وصفوان بن عمرو كما في تاريخ البخاري، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وكذلك صنع ابن أبي حاتم (4/ 2/ 288). وأما ابن حبان فذكره في الثقاث! وقال الهيثمي في المجمع (10/ 67): رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط. ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن سوار، وأبي حلبس يزيد بن ميسرة، وهما ثقتان. أخرجه أحمد (6/ 450)، والطبراني في الأوسط (3252)، والحاكم (1/ 348)، والبيهقي في الشعب (9953)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 288)، وقال الألباني =
قوله وعن أبي الدرداء تقدم الكلام على مناقبه رضي الله عنه.
قوله: "سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل قال يا عيسى إني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا الله عز وجل" الحديث. قوله: "سمعت أبا القاسم" قال العلماء: العَلمُ إما أن يكون مُشْعِرا بمدح أو ذم وهو اللقب وإما أن لا يكون فإما أن يُصدّر بنحو الأب والابن وهو الكنية أو لا وهو الاسم، فاسمه صلى الله عليه وسلم محمد وكنيته أبو القاسم ولقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
واختلف العلماء في هذه المسألة
(2)
، فقيل: لا يحل التكني بأبي القاسم لمن اسمه محمد أي لا يجوز الجمع بينهما وقيل لا يحل مطلقا سواء كان اسمه محمدا أم لا، وقيل يباح مطلقا، وقيل التسمية بمحمد ممنوعة مطلقة والغرض فيه توقيره وجلالة قدره صلى الله عليه وسلم، [أو] هذا كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يلتبس به، اهـ، قاله الكرماني
(3)
. وعيسى صلوات الله عليه وسلامه آخر أنبياء بني إسرائيل. قال ابن إسحاق: حدثني بعض أهل العلم أن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام قال: إن أحب الأمم إلى الله عز وجل لأمة أحمد. قيل له: وما فضلهم الذي تذكر؟ قال: لم تذلل لا إله إلا الله على ألسن أمة من
= في السلسلة الضعيفة (4038، 4991): ضعيف، وقال في ضعيف الجامع (4052): موضوع.
(1)
الكواكب الدرارى (22/ 45).
(2)
انظر: شرح النووي على مسلم (14/ 113)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (17/ 126).
(3)
الكواكب الدراري (22/ 45 - 46).
الأمم تذليلها على ألسنتهم. قاله ابن رجب
(1)
.
5151 -
وَرُوِيَ عَن سَخْبَرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أعطي فَشكر وابتلي فَصَبر وظلم فَاسْتَغْفر وظلم فغفر ثمَّ سكت فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا لَهُ قَالَ أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن وهم مهتدون. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(2)
.
سَخْبَرَة: بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْخَاء الْمُعْجَمَة بعدهمَا بَاء مُوَحدَة وَيُقَال إِن لَهُ صُحْبَة وَالله أعلم.
قوله: "وروي عن سخبرة" تقدم، يقال أن له صحبة
(3)
.
قوله: "من ابتلي فصبر" إلى قوله: "أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" أي
(1)
تفسير ابن رجب الحنبلي (2/ 425) ولطائف المعارف لابن رجب (ص: 86).
(2)
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(7/ 163/ 6613 - 6614)، وابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب عليه"(33)، والخرائطي في "فضيلة الشكر لله على نعمته"(36)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(2/ 276)، وفي "معرفة الصحابة"(3653)، (3654) من طريق محمد بن المعلى، عن زياد بن خيثمة، عن أبي داود، عن عبد الله بن سخبرة، عن سخبرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم .. ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 284): رواه الطبراني، وفيه أبو داود الأعمى، وهو متروك، ابن حجر في الإصابة (3/ 30) وفي سنده أبو داود الأعلمي أحد المتروكين. وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2/ 364): ضعيف جدًا.
(3)
سَخْبَرَةَ: بفتح أوله وسكون المعجمة وفتح الموحدة صحابي في إسناد حديثه ضعف وعند الترمذي عن سخبرة وليس بالأزدي وقال غيره هو الأزدي انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (3/ 30) الجرح والتعديل (4/ 319) معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1440)، أسد الغابة (2/ 175)، معجم الصحابة للبغوي (3/ 269) تقريب التهذيب (ص: 229) (2213)، تهذيب التهذيب (3/ 454).
لهم الأمن في الأرض وهم مهتدون أي في الدنيا، والصبر مشتق من الأصبار وهو الغرض للسهام وكذلك الصابر ينصب نفسه غرضا لسهام القضاء فإن ثبت لها فهو صابر والصبر ثبات القلب بين يدي الرب. قاله في مِنن اللطائف لابن عطاء
(1)
.
[5152 - وَعَن كَعْب بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مثل الْمُؤمن كَمثل الخامة من الزَّرْع تفيئها الرّيح تصرعها مرّة وتعدلها أُخْرَى حَتَّى تهيج
(2)
.
قوله: "وعن كعب بن مالك" تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح تصرعها" الحديث، "مثل المؤمن" قال [الجوهري]
(3)
: مثل كلمة تسوية، يقال هذا مِثْله ومَثَله، كما يقال شِبْهه وشَبَهه بمعنى ومثل الشيء أيضا صفته والرواية هنا مثل بفتح المثلثة انتهى.
قوله: "كخامة الزرع [تتكفّأها] الريح" والمؤمن يتكفأ بالبلاء، معنى ذلك تميلها يمينا وشمالا كما في الحديث الآخر تميلها، وكذلك البلاء بالمؤمن يصيبه مرة ويتركه أخرى [ليكفّر] خطاياه، والخامة من الزرع بالخاء المعجمة
(1)
لطائف المنن (ص 119).
(2)
أخرجه مسلم (59)(2810) وفيه زيادة: "
…
ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذية على أصلها، لا يفيئها شيء، حتى يكون انجعافها مرة واحدة".
(3)
الصحاح (5/ 1816).
وتخفيف الميم وهي الطاقة الغضة اللينة من الزرع
(1)
. وقال القاضي عياض
(2)
: قال بعضهم الخامة من الزرع أول ما ينبت. قوله صلى الله عليه وسلم: "تفيئها الريح"[بضم] التاء وتُميلها بمعنى واحد، ومعناه تحركها وتميلها يمينا وشمالا. قوله:"مرة تصرعها" أي تميلها وترميها من جانب إلى جانب
(3)
كمن صرع في الأرض
(4)
.
قوله: "وتعدلها أخرى" بفتح التاء وكسر الدال، أي ترفعها فتعتدل قائمة على سوقها
(5)
. قوله: "حتى تهيج" الحديث، ومعنى تهيج تيبس وتصفر، يقال هاج [النبت] هياجا إذا يبس واصفّر وأهاجته الريح، قاله في النهاية
(6)
.
5153 -
وَفِي رِوَايَة حَتَّى يَأْتِيهِ أَجله وَمثل الْكَافِر كَمثل الأرزة المجدبة على أَصْلهَا لَا يُصِيبهَا شَيْء حَتَّى يكون انجعافها مرّة وَاحِدَة رَوَاهُ مُسلم
(7)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة على أصلها" الحديث، الأرزة بفتح الهمزة وسكون الراء كذا الرواية، قيل هي إحدى شجر الأرز
(1)
النهاية (2/ 89).
(2)
إكمال المعلم (8/ 343).
(3)
النهاية (3/ 24).
(4)
إكمال المعلم (8/ 344).
(5)
إكمال المعلم (8/ 344).
(6)
النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 286).
(7)
أخرجه مسلم (60)(2810) عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو الصنوبر ويقال له [الأرزن] أيضا، قال أبو [عبيدة] وهو شجر معروف بالشام وقد رأيته يقال له الأَرْزُ، واحدتها أرزة، وهي التي تسمى بالعراق الصنوبر، والصنوبر ثمر الأرز، والله أعلم. قاله عياض
(1)
. قوله: "المجذبة على أصلها"، والمجذبة بميم مضمومة ثم جيم ساكنة ثم ذال معجمة مكسورة وهي النابتة في الأرض المنتصبة. قوله:"لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة" الحديث، والانجعاف الانقلاع، يقال جعفت الرجل إذا صرعته، يقال: جعَفه فانجعف، أي قلعته فانقلع، وقال في الإكمال
(2)
: الانجعاف الانقلاع، وانجعافها بالنون والجيم والعين والفاء، انتهى. قاله النووي
(3)
.
5154 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مثل الْمُؤمن كَمثل الزَّرْع لَا تزَال الرِّيَاح تفيئه وَلَا يزَال الْمُؤمن يُصِيبهُ بلَاء وَمثل الْمُنَافِق كمثل شَجَرَة الْأرز لَا تهتز حَتَّى تستحصد. رَوَاهُ مُسلم
(4)
وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح.
الْأرز بِفَتْح الْهمزَة وتضم وَإِسْكَان الرَّاء بعدهمَا زَاي هِيَ شَجَرَة الصنوبر وَقيل شَجَرَة الصنوبر الذّكر خَاصَّة وَقيل شَجَرَة العرعر وَالْأول أشهر.
(1)
إكمال المعلم (8/ 343).
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 343).
(3)
شرح النووي على مسلم (17/ 153).
(4)
صحيح مسلم (58)(2809)، والترمذي (2866) وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح".
قوله: "وعن أبي هريرة" تقدم [الكلام عليه رضي الله تعالى عنه]
قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الرياح تفيئه ولا يزال المؤمن يصيبه بلاء، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حت تستحصد" الحديث. قوله: "الأرزة" بفتح ويضم، وإسكان الراء بعدهما زاي هي شجرة الصنوبر الذكر خاصة، وقيل شجرة العرعر والأول أشهر، اهـ. قاله الحافظ المنذري.
وقال النووي في شرح مسلم
(1)
: وقد قال أهل اللغة والغريب [الأرزة] شجر معروف يقال له الأرزن يشبه الصنوبر بفتح الصاد، يكون بالشام وبلاد الأرمن. قوله:"حتى تستحصد" بفتح التاء وكسر الصاد، كذا ضبطناه وكذا نقله القاضي عياض عن رواية [الأكثرين]، وضبطه بعض شيوخنا على ما لم يسم فاعله، والأول أجود أي لا تتغير حتى تنقطع مرة واحدة كالزرع الذي انتهى يبسه.
قال العلماء: معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو ماله أو أهله وذلك مكفِّر لسيئاته ورافع لدرجاته. وأما الكافر فقليلها وإن وقع به شيء لم يكفر شيئا من سيئاته بل يأتي بها يوم القيامة كاملة، والله أعلم، اهـ. قاله النووي في شرح مسلم
(2)
.
(1)
شرح النووي على مسلم (17/ 153).
(2)
شرح النووي على مسلم (17/ 153).
5155 -
وَعَن أم سَلمَة رضي الله عنها قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا ابتلى الله عبدا ببلاء وَهُوَ على طَريقَة يكرهها إِلَّا جعل الله ذَلِك الْبلَاء كَفَّارَة وَطهُورًا مَا لم ينزل مَا أَصَابَهُ من الْبلَاء بِغَيْر الله عز وجل أَو يَدْعُو غير الله فِي كشفه رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَرَض وَالْكَفَّارَات
(1)
وَأم عبد الله ابْنة أبي ذئاب لَا أعرفهَا
(2)
.
5156 -
وَعَن مُصعب بن سعد عَن أَبِيه رضي الله عنه قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَي النَّاس أَشد بلَاء قَالَ الأنبياء ثمَّ الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فَإِن كانَ دينه صلبا اشْتَدَّ بلاؤه وَإِن كانَ فِي دينه رقة ابتلاه الله على حسب دينه فَمَا يبرح الْبلَاء بِالْعَبدِ حَتَّى يمشي على الأَرْض وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة
رواه ابن ماجه
(3)
وابن أبي الدنيا
(4)
والترمذي
(5)
وقال: حديث حسن صحيح
(6)
.
(1)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (43). وحسنه الألباني في الصحيحة (2500) وصحيح الترغيب (3401) وقال الضعيفة (1136): موضوع. ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (43) و (205). وحسنه الألباني في الصحيحة (2500) وصحيح الترغيب (3401)، وقال في الضعيفة (1136): موضوع. ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(3)
ابن ماجه (4023).
(4)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (3).
(5)
الترمذي (2398).
(6)
وأخرجه البزار (1154)، وأبو يعلى (830)، وابن حبان (2901)، والبغوي (1434)،=
5157 -
وَلابْن حبَان فِي صَحِيحه
(1)
من رِوَايَة الْعَلَاء بن الْمسيب عَن أَبِيه عَن سعد قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَي النَّاس أَشد بلَاء قَالَ الْأَنْبِيَاء ثمَّ الأمثل فالأمثل يبتلى النَّاس على حسب دينهم فَمن ثخن دينه اشْتَدَّ بلاؤه وَمن ضعف دينه ضعف بلاؤه وَإِن الرجل ليصيبه الْبلَاء حَتَّى يمشي فِي النَّاس مَا عَلَيْهِ خَطِيئَة
(2)
= والحاكم (121)، وعنه البيهقي في الشعب (9775)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (1/ 368) كلهم من طرق عن عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، به. وقال: الترمذي: حسن صحيح، وقال الألباني في: صحيح الترغيب والترهيب (3/ 329) صحيح، وصحيح الجامع الصغير وزيادته (992)، والصحيحة (143).
(1)
أخرجه ابن حبان (2920).
(2)
رجال ثقات إلا أنه منقطع المسيب -وهو ابن رافع- لم يسمع من سعد. أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 99/ 120) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 330) صحيح، وصحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 231)، والصحيحة (144)، وقال الدوري في "تاريخه" (2930): سمعت يحيى بن معين، يقول: لم يسمع المسيب بن رافع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إلا البراء بن عازب، وقال الحاكم في المستدرك (5463): قد صحت الرواية من أوجه عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم العلماء، ثم الأمثل فالأمثل" قلت: قوله: صحيح على شرط الشيخين هو كما قال وحصل فيه اختلاف على مصعب لكنه لا يضر الحديث، فأخرجه ابن حبان (2920)، والمحاملي في الأمالي (151) عن جرير بن عبد الحميد، والضياء في المختارة (1053) عن عبيدة بن حميد. كلاهما عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن سعد بن أبي وقاص، ونقل الضياء عن =
قوله: "وعن مصعب بن سعد عن أبيه" تقدم [الكلام عليه رضي الله تعالى عنه].
قوله: "قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه" الحديث، وفيه جواز المرض على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والحكمة فيه تكثير أجورهم وتسلية الناس بهم ولئلا يفتتن الناس بهم فيعبدوهم، اهـ، قاله الكرماني
(1)
.
تنبيه: ربما خطر لبعض الناس أن هؤلاء أحباب الله وأنبياؤه ورسله فكيف يقاسون هذه الشدائد العظيمة وهو سبحانه وتعالى قادر أن يخفف عنهم أجمعين؟
الجواب: أن أشد الناس بلاء في الدنيا الأنبياء كما في الحديث، فأحب الله سبحانه وتعالى أن يبتليهم تكميلا لفضائلهم لديه ورفعة لدرجاتهم عنده وليس ذلك في حقهم نقصا ولا عذابا بل هو كمال رفعة مع رضاهم بجميل ما يجريه الله عليهم، فأراد الحق سبحانه وتعالى أن يختم لهم بهذه الشدائد مع
= الدارقطني قال: ورواه القاسم بن مالك والمحاربي عن العلاء بن المسيب عن عاصم بن أبي النجود عن مصعب بن سعد عن أبيه وصوّبه.
(1)
الكواكب الدراري (20/ 180) فإن قلت: الحديث كيف دل على الترجمة قلت يقاس سائر الأنبياء على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والأولياء أيضا هم بهذه النسبة وأما العلة فيه فهي أن البلاء في مقابلة النعمة فمن كانت نعم الله تعالى عليه أكثر كان بلاؤه أشد ولهذا ضوعف حدود الأحرار على العبيد.
إمكان التخفيف والتهوين عليهم ليرفع منازلهم ويعظم أجورهم قبل موتهم كما ابتلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالنار وموسى عليه الصلاة والسلام بالخوف الأسفار وعيسى عليه الصلاة والسلام بالصحاري والقفار ونبينا صلى الله عليه وسلم بالفقر في الدنيا ومقابلة الكفار، كل ذلك رفعة في أحوالهم وكمال في درجاتهم ولا يفهم من هذا أن الله شدّد عليهم أكثر مما شدّد على العصاة المخلِّطين فإنّ ذلك عقوبة ومؤاخذة على أجرامهم فلا نسبة بينه وبين هذا، اهـ، قاله في التذكرة
(1)
، والله أعلم.
قوله في الحديث: "ثم الأمثل فالأمثل" الحديث، أي الأشرف فالأشرف، والأعلى فالأعلى في الرتبة والمنزلة، وأماثل الناس خيارهم
(2)
. وعن أبي سليمان قال: مرّ موسى صلى الله عليه وسلم على رجل في متعبّد له ثم مرّ به بعد ذلك وقد مزّقت السباع لحمه فرأس [ملقاة] وفخذ ملقاة وكبد ملقى. فقال موسى: يا رب عبدك كان يطيعك فابتليته، فأوحى الله تعالى إليه أنه سألني درجة لم يبلغها بعمله فابتليته بهذا لأبلِّغه تلك الدرجة
(3)
. والله أعلم.
تتمة: وقد يجهل بعض الناس فيظن أن شدة البلاء وكثرته إنما ينزل بالعبد لهوانه وهذا لا يقوله إلا من أعمى الله قلبه [بل العبد يبتلى على حسب دينه كما قاله المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم. قال سفيان الثوري رحمه الله
(1)
التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 162).
(2)
النهاية (4/ 296).
(3)
شعب الإيمان (12/ 276 رقم 9390)، وربيع الأبرار (ص 633).
تعالى: ليس بفقيه من لم يعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة
(1)
]، [بل البلاء نعمة والرخاء مصيبة]، ولقد ابتلي خلق كثير [من أولياء الله تعالى] بأنواع من الأذى فبعضهم ضرب وبعضهم حبس وبعضهم نفي وبعضهم قتل مظلوما شهيدا [هذا أمير المؤمنين عثمان بن عفان] دخل عليه جماعة من الفجرة قتلوه وهو صابر محتسب وكذلك علي بن أبي طالب وكذلك ولده الحسين قتل مظلوما شهيدا، وكذلك عبد الله بن الزبير قتل مظلوما شهيدا قتله الحجاج وصلبه، وكذلك سعيد بن جبير وكان من سادات التابعين. قال الترمذي في جامعه
(2)
: أحصي من قتله الحجاج بن يوسف صبرا فكانوا مائة ألف وعشرين ألفا، وهذا سعيد بن المسيب وهو سيد التابعين جلد بالسياط في أيام [عبد الملك بن مروان] وطافوا به في ثياب من شعر وعزّروه وحبسوه ومنعوا الناس من مجالسته، والإمام أبو حنيفة عُهد إليه بالقضاء فلم يقبل فضُرِب وحبس ومات في السجن، والإمام مالك بن أنس جردوه وضربوه بالسياط وجُبِذت يده حتى انخلعت من كتفه وسفيان الثوري أمر بصلبه فاختفى مدة. وقال أحمد بن عبد الله العجلي آجر سفيان الثوري نفسه
(1)
الشكر (81) لابن أبى الدنيا، وشعب الإيمان (12/ 389 رقم 9606).
(2)
سنن الترمذي (2220) الفضل بن موسى، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الله بن عصم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في ثقيف كذاب ومبير: يقال: الكذاب المختار بن أبي عبيد، والمبير: الحجاج بن يوسف حدثنا أبو داود سليمان بن سلم البلخي، قال: أخبرنا النضر بن شميل، عن هشام بن حسان قال: أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألف قتيل.
من جمّال إلى مكة فأمروه أن يعمل خبزة فلم تجيء جيدة فضربه الجمال، فلما قدموا مكة دخل الجمال فإذا سفيان قد اجتمع حوله الناس فقالوا هذا سفيان الثوري. فلما انفض عنه الناس أتاه الجمال وقال [ألم] أعرفك يا أبا عبد الله، فقال سفيان من يفسد طعام الناس يصيبه أكثر من [هذا]. والإمام أحمد بن حنبل امتحن محنته المشهورة على أن يقول القرآن مخلوق فلم يقل بل قال [إنّ] كلام الله منزل غير مخلوق فضرب بالسياط حتى غشي عليه ثم قطع بعد ذلك من لحمه بالسكين وهو في جميع ذلك صابر، وقد ضرب في محنة القول بخلق القرآن جماعة من العلماء والأخيار وقيدوا وحبسوا فمنهم من مات في قيوده ودفن بها ومنهم نعيم بن حماد شيخ البخاري أوصي أن يدفن في قيوده ليخاصم بها عند الله يوم القيامة، ومنهم أبو يعقوب البويطي أجل أصحاب الشافعي حمل من مصر إلى بغداد في أربعين رطلا من حديد ومات في قيده مسجونا. قال الرّبيع بن سليمان كان البويطي أبدا يحرّك شفتيه بذكر الله تعالى ولقد رأيته على بغل في عنقه غل وفي رجليه قيد وبينه وبين البغل سلسلة فيها لبنة وزنها أربعون رطلا وهو يقول إنما خلق الله الخلق بكن فإذا [كانت "ركن"] مخلوقة فكأنّ [مخلوقا خلق] لمخلوق، [وكان] الإمام مسهر بن عبد الأعلى بن مسهر الدمشقي
(1)
شيخ [أهل الشام] في وقته وأحد
(1)
انظر: سير أعلام النبلاء (10/ 236)، التاريخ الكبير 6/ 73، الجرح والتعديل 6/ 29، تاريخ بغداد 11/ 72 - 75، تذكرة الحفاظ 1/ 381، الكاشف 2/ 147، تهذيب التهذيب 6/ 98.
شيوخ البخاري، عُرض على السيف ليقول القرآن مخلوق فأبى ثم قال ذلك كرها فأمر بحبسه إلى أن مات.
قال أبو داود
(1)
: رحم الله أبا مسهر لقد كان من الإسلام بمكان، حمل على المحنة وحمل على السيف فمدّ رأسه وجُرّد السيف فأبى فلما رأوا ذلك منه حملوه إلى السجن فمات فيه. والإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري تُعُصِّب عليه ونفي من بلده بُخارا وكان يقول اللهم قد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك، فما جاء عليه شهر منذ قال هذا الكلام حتى مات
(2)
، اهـ[رحمهم الله تعالى ورضي عنهم ورضي عنا بهم].
سؤال: لِم شدِّد البلاء على الأفاضل؟ قيل: لأنّ الله تعالى يُبغض الدنيا فامتحن الأولياء فيها كيلا يميلوا إليها فهي مبغوضة وأيضا لتكثير الأجر لهم.
فإن قيل: [لم] حجب عنهم الدنيا؟ قيل: ليتفرغوا لطاعته ولا يشتغلوا بها عنه فتحملهم على المعصية فإن النعمة قد تكون سبب المعصية لقوله تعالى:
(1)
تاريخ بغداد 11/ 74. سير أعلام النبلاء (10/ 236) قال أحمد بن علي بن الحسن البصري: سمعت أبا داود السجستاني -وقيل له: إن أبا مسهر كان متكبرا في نفسه- فقال: كان من ثقات الناس، رحم الله أبا مسهر، لقد كان من الإسلام بمكان، حمل على المحنة فأبى، وحمل على السيف فمد رأسه، وجرد السيف فأبى، فلما رأوا ذلك منه، حمل إلى السجن، فمات.
(2)
هذا كلام الدميري كما نقله عنه العلقمى في شرح الجامع الصغير (مخ رقم 242 تيمورية الجزء الأول/ لوحة 242 - 243).
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ} إلى قوله: {بَغْتَةً}
(1)
(2)
.
5158 -
وَعَن أبي سعيد رضي الله عنه أَنه دخل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ موعوك عَلَيْهِ قطيفة فَوضع يَده فَوق القطيفة فَقَالَ مَا أَشد حماك يَا رَسُول الله قَالَ إِنَّا كذَلِك يشدد علينا الْبلَاء ويضاعف لنا الْأجر ثمَّ قَالَ يَا رَسُول الله من أَشد النَّاس بلَاء قَالَ الْأَنْبِيَاء قَالَ ثمَّ من قَالَ الْعلمَاء قَالَ ثمَّ من قَالَ الصالحون كَانَ أحدهم يبتلى بالقمل حَتَّى يقْتله ويبتلى أحدهم بالفقر حَتَّى مَا يجد إِلَّا العباءة يلبسهَا ولأحدهم كَانَ أَشد فَرحا بالبلاء من أحدكُم بالعطاء. رواه ابن ماجه
(3)
وابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات
(4)
والحاكم
(5)
واللفظ له وقال صحيح على شرط مسلم وله شواهد كثيرة
(6)
.
(1)
سورة الأنعام، الآية:44.
(2)
كشف الأسرار (لوحة 7).
(3)
سنن ابن ماجه (4024).
(4)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (1).
(5)
المستدرك (119) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتج بهشام بن سعد، ثم له شواهد كثيرة ولحديث عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه طرق يتبع ويذاكر بها، وقد تابع العلاء بن المسيب عاصم بن بهدلة على روايته عن مصعب بن سعد".
(6)
وعن الحاكم أخرجه البيهقي في الكبرى (3/ 372)، وفي شعب الإيمان (9317) وفي الآداب (1051)، والحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد (510)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 208)، وأبو يعلى (1045)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 459)، وأبو العرب التميمي في المحن (ص 300) عن عبد الله بن وهب عن هشام =
قوله: "وعن أبي سعيد" هو الخدري. تقدم [الكلام عليه رضي الله تعالى عنه].
قوله: "أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مَوْعُوك عليه قطيفة" الحديث، الوعك بإسكان العين قيل هو الحمى، وقيل ألمها ومغثها، وقد وُعك الرجل يوعك فهو مَوْعوك. والقطيفة كساء من صوف له خمل يؤتزر به.
قوله: "ثم قال من أشد الناس بلاء؟ قال: الأنبياء. قال: ثم من؟ قال: العلماء" الحديث، وفي الرواية الأخرى: ثم الأمثل فالأمثل، [وقيل] الأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى. وقيل الأفضل فالأفضل في الرتبة والمنزلة [وأماثل الناس وخيارهم]
(1)
. [قال العلماء والحكمة في كون الأنبياء أشد بلاء ثم الأمثل فالأمثل] أنهم مخصوصون بكمال الصبر وصحة الاحتساب ومعرفة أن ذلك نعمة من الله عليهم ليتمّ لهم الخير ويتضاعف لهم الأجر ويظهر صبرهم ورضاهم
(2)
. وتقدم أيضا حكمة غير هذه والله أعلم.
قوله في الحديث: "قال: ثم من؟ قال: الصالحون، كان أحدهم يبتلى
= بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار.
وخالفه معمر، فقال عن زيد بن أسلم عن رجل عن أبي سعيد الخدري. أخرجه أحمد (3/ 94)، وعبد بن حميد (960)، وعبد الرزاق في المصنف (20626) عن معمر. وهو ضعيف لإيهام الراوى عن أبى سعيد، وقال الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (995)، والترغيب والترهيب (3/ 330): صحيح.
(1)
النهاية (4/ 296).
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 129).
بالقمل حتى يقتله" القمل بفتح القاف وإسكان الميم معروف، واحدته قملة، والقمل جمع قملة، والقمل يتولد من العرق والوسخ. قال الجاحظ
(1)
: وربما كان الإنسان قمل الطباع وإن تنظف وتعطر وبدلّ الثياب كما عرض لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام حين استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في لباس الحرير فأذن لهما فيه، ولولا أنهما كانا في حدّ ضرورة لما أذن لهما مع ما قد جاء في ذلك من التشديد فيجوز لبس الثوب الحرير لدفع القمل لأنه لا يقمل بالخاصيّة ولذلك رخّص رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في لبسه لذلك لما تقدم، والأصح أنه لا يختص بالسفر، وفي وجه اختاره الجُوَيني وابن الصلاح يختص لأن الرواية مقيّدة بذلك
(2)
.
وقال مالك رحمه الله: لا يجوز لبسه مطلقا لأن وقائع الأحوال عنده لا تعم وهو وجه بعيد عندنا
(3)
والله أعلم. قال -يعني الجاحظ- ومن طبع القمل أن يكون في شعر الرأس الأحمر أحمر وفي الشعر الأسود أسود وفي الرأس الأبيض أبيض ومتى تغيّر الشعر تغيّر إلى لونه. قال: وهو من الحيوان الذي إناثه أكبر من ذكوره. وقيل: أن ذكوره الصِّبيان. وقيل أن الصِّبيان بيضه والقمل يسرع إلى الدجاج والحمام ويعرض للقردة
(4)
.
(1)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 353).
(2)
حياة الحيوان (2/ 357).
(3)
حياة الحيوان (2/ 357).
(4)
حياة الحيوان (2/ 354).
تنبيه: وأما القمل والبرغوث فقال أكثر أصحابنا لا يؤكل طعام مات فيه شيء منهما لأنهما نجسان وهما من الحيوان الذي عيشه من دم حيوان لا عيش لهما غير الدم فهما نجسان ولهما دم.
وكان سليمان بن سالم القاضي الكندي من أهل إفريقية يقول: إن ماتت القملة في ماء طرح ولم يشرب وإن وقعت في دقيق ولم تخرج في الغربال لم يؤكل الخبز وإن ماتت في شيء جامد طرحت وما حولها كالفأرة. وقال غيره من أصحابنا [وغيرهم] من القمل كالذباب سواء [وإذا ألقيت القملة حية أورثت النسان، كذا رواه ابن عدي في كامله
(1)
في ترجمة عبد الله بن الحكم بن عبد الله الأيلي أنه روى بإسناد صحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ست منها النسيان: سؤر الفأر، وإلقاء القملة وهي حية، والبول في الماء الراكد، وقطع الفطير، ومضغ العلك، وأكل التفاح الحامض؛ قاله في حياة الحيوان
(2)
].
فائدة: اختلف العلماء في القمل المرسل على بني إسرائيل المذكور في قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ}
(3)
الآية. فقال ابن عباس
(1)
ابن عدي في الكامل (2/ 483) في ترجمة الحكم بن عبد الله بن سعد بن عبد الله الأيلي. قال: الحكم بن عبد الله بن سعد ليس بثقة، ولا مأمون. قال ابن عدي: وبهذا الإسناد
…
غير ما ذكرت أكثر من خمسة عشر حديثا كلها مع ما ذكرتها موضوعة، وما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد، وما أمليت للحكم عن القاسم بن محمد والزهري وغيرهم كلها والمتن الروايات غير ما ذكرته ها هنا فكلها مما لا يتابعه الثقات عليه، وضعفه بين على حديثه.
(2)
حياة الحيوان الكبرى (2/ 358).
(3)
سورة الأعراف، الآية:133.
-رضي الله عنهما
(1)
: هو السوس الذي يخرج من الحنطة. وقال مجاهد [والسّدي] وقتادة والكلبي الجراد الطيّار الذي له أجنحة، وقال الدبا الصغار الذي لا أجنحة له، وقال عكرمة بنات الجراد
(2)
. وقال ابن زيد: البراغيث
(3)
. وقال الحسن وسعيد بن جبير دواب سود صغار. وقال عطاء الحراساني: روي أن موسى عليه الصلاة والسلام مشى بعصاه إلى كثيب أهيل فضربه به فانتشر كله قملا في مصر، ثم إنهم قالوا: ادع لنا ربك في كشف هذا عنا، فدعا فكشفه عنهم، فرجعوا إلى طغيانهم فبعث الله عليهم الضفادع فكانت تدخل في فرشهم وبين ثيابهم، وإذا همّ الرجل أن يتكلم دخل الضفدع في فيه وتلقي نفسها في القدر [وهي تغلي] قالوا ادع لنا ربك يكشفها عنا، فدعا فرجعوا إلى كفرهم فبعث الله عليهم الدم فرجع ماؤهم الذي يشربونه دما فكان الرجل منهم إذا استسقى من البئر وارتفع إليه الدلو عاد دما. وقيل سلط عليهم الرعاف
(4)
.
فائدة أخرى: إذا رأى المصلي في ثوبه قملة أو برغوثا، قال الشيخ أبو حامد الغزالي
(5)
: الأوْلى أن يتغافل عنها فإن ألقاها بيده أو أمسكها حتى يفرغ فلا بأس وإن قتلها في الصلاة عفي عن دمها دون جلدها فإن قتلها وتعلق جلدها بظفره أو ثوبه بطلت صلاته. قال: ولا بأس بقتلها في الصلاة كما لا
(1)
تفسير الطبري (10/ 383).
(2)
انظر: تفسير الطبري (10/ 383 - 385).
(3)
تفسير الطبري (10/ 384).
(4)
انظر: السيوطي في الدر المنثور (3/ 521).
(5)
نقله عنه في حياة الحيوان الكبرى (2/ 357).
بأس بقتل الحية والعقرب، فإن ألقى القملة بيده فلا بأس. قال القمولي: ينبغي أن يختص جواز إلقائها بغير المسجد، والذي قاله صحيح لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرّها في ثوبه حتى يخرج من المسجد. رواه الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح
(1)
.
وفي المسند أيضا عن شيخ من أهل مكة قال: وجد رجل في ثوبه قملة فأخذها ليطرحها في المسجد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل صُرَّها في ثوبك حتى تخرج من المسجد؛ وإسناده صحيح أيضا].
(2)
وفي فتاوى قاضي خان: لا بأس أن [تطرح] القملة حية والأدب أن يقتلها
(3)
.
(1)
أحمد (23485) وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 368، وأبو داود في المراسيل (16)، والبيهقي 2/ 294 وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2780)، وابن الأثير في أسد الغابة 6/ 380 من طريق يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن رجل من الأنصار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا وجد أحدكم القملة في ثوبه فليصرها ولا يلقها في المسجد رجاله ثقات، إلا أن الحضرمي بن لاحق لا يروي إلا عن التابعين، ولم يثبت له لقاء أحد من الصحابة، فإن كان الرجل الأنصاري صحابيا، فهو منقطع، وإلا فهو مرسل. قال البيهقي: وهذا مرسل حسن في مثل هذا.
وأخرجه عبد الرزاق (1744) من طريق يحيى بن أبي كثير، بلاغا عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: فلا يقتلها في المسجد.
(2)
أحمد (23558) إسناده ضعيف، ابن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 20،: رواه أحمد، ورجاله ثقات، إلا أن محمد بن إسحاق عنعنه، وهو مدلس ..
(3)
فتاوى قاضى خان (3/ 252).
فرع: قال الترمذي الحكيم: إذا وجد الجالس على الخلاء قملة لا يقتلها بل يدفنها، فقد روي أن من قتل قملة وهو على رأس خلائه بات معه في شعاره شيطانة تنسيه ذكر الله تعالى أربعين صباحا
(1)
.
تنبيه: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تقصع القملة بالنواة أي تقتل، والقصع الدلك بالظفر وإنما خص النواة لأنهم كانوا يأكلونه عند الضرورة
(2)
. وقيل لأن النواة مخلوقة من فضلة طينة آدم عليه السلام
(3)
. وفي الحديث: أكرموا النخلة فإنها عمتكم.
(4)
وفي حديث آخر: نعمت العمة لكم النخلة. وقيل: لأن النوى قوت الدواب. وقال الجوهري في الحديث أنه نهى عن قصع الرطبة وهو عصرها [لتقشر]
(5)
، اهـ. [فجميع ما ذكر في القمل] منقول من حياة الحيوان.
5159 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يود أهل الْعَافِيَة يَوْم الْقِيَامَة حِين يعْطى أهل الْبلَاء الثَّوَاب لَو أَن جُلُودهمْ كَانَت قرضت
(1)
حياة الحيوان (2/ 357).
(2)
النهاية (4/ 73).
(3)
الفائق (1/ 273).
(4)
أخرجه أبو يعلى (455)، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 256 و 6/ 131، وابن حبان في المجروحين (3/ 44، 45)، والرامهرمزي في الأمثال (111/ 112: 35)، أبو الشيخ في الأمثال (309، 310: 263)، وابن عدي، في "الكامل" 6/ 431 و 8/ 138، وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (3/ 118)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 123)، وابن عساكر (7/ 382)، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أبي نعيم (385). وقال الألباني: موضوع السلسلة الضعيفة (263)، وضعيف الجامع (1136).
(5)
حياة الحيوان (2/ 357).
بِالْمَقَارِيضِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مغراء وَبَقِيَّة رُوَاته ثِقَات وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب
(1)
وَرَوَاهُ الطَّبَرانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَفِيه رجل لم يسم
(2)
.
5160 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يُؤْتى بالشهيد يَوْم الْقِيَامَة فَيُوقف لِلْحسابِ ثمَّ يُؤْتى بالمتصدق فينصب لِلْحسابِ ثمَّ يُؤْتى بِأَهْل الْبلَاء فَلا ينصب لَهُم ميزَان وَلَا ينصب لَهُم ديوَان فَيصب عَلَيْهِم الْأجر صبا حَتَّى إِن أهل الْعَافِيَة لَيَتَمَنَّوْنَ فِي الْموقف أَن أَجْسَادهم قرضت بِالْمَقَارِيضِ من حسن ثَوَاب الله. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من رِوَايَة مجاعَة بن الزبير وَقد وثق
(3)
.
(1)
أخرجه الترمذي (2402)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (202)، والطبراني في الصغير (1/ 156 رقم 241)، والبيهقي في السنن (3/ 526 رقم 6553)، وفي الشعب (12/ 316 رقم 9451). وحسنه الألباني في المشكاة (1570) وصحيح الترغيب (3404)، والصحيحة (2206).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 155 رقم 8777 و 8778). قال الهيثمي في المجمع 2/ 305: رواه الطبراني في الكبير، وفيه رجل لم يسم، وبقية رجاله ثقات. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (3/ 331).
(3)
أخرجه الطبراني (12/ 182 - 183/ 12829)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (3/ 91) من طريق مجاعة بن الزبير، وهو في حديثه (100)، وقال أبو نعيم عقبه: هذا حديث غريب من حديث جابر بن زيد وقتادة تفرد به مجاعة اهـ. وسكت عليه الحافظ في "تخريج الكشاف"(4/ 118)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 305): رواه الطبراني في الكبير، وفيه مجاعة بن الزبير وثقه أحمد وضعفه الدارقطني.
وله طريق آخر: أخرجه عفان بن مسلم في أحاديثه (65) حدثنا محمد بن طلحة، عن الأعمش، عن مسروق قال: ليودن أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم قرضت =
قوله: "وعن ابن عباس" تقدم [الكلام عليه رضي الله تعالى عنه].
قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم يؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان فيصبّ عليهم الأجر صبا" الحديث. وروي عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال لي جدي صلى الله عليه وسلم: يا بني عليك بالقناعة تكن من أغنى الناس وأداء الفرائض تكن من أعبد الناس، يا بني:"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يُقَالُ لَهَا شَجَرَةُ الْبَلْوَى يُؤْتَى بِأَهْلِ الْبَلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَا يُرْفَعُ لَهُمْ دِيوَانٌ وَلَا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانٌ يُصَبُّ عَلَيْهِمُ الْأَجْرُ صَبًّا" وَقَرَأَ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
(1)
، ذكره أبو الفرج بن الجوزي في كتاب: روضة المشتاق
(2)
.
وعن قتادة
(3)
قال: ابتلي أيوب عليه السلام سبع سنين ملقى على كناسة بيت المقدس، هو أيوب النبي صلى الله عليه وسلم، المبتلى الصابر من ولد روم بضم الراء بن
= بالمقاريض. وله شاهد واه: رواه الثعلبي في تفسيره ورواه أبو القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب ورواه ابن مردويه في تفسيره عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (3/ 200)، وقال: بكر ابن حبيش وضرار والرقاشي كلهم ضعاف، وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2/ 364): ضعيف، وصححه في السلسلة الصحيحة (2206)، وحسنه في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 330) صحيح الجامع الصغير وزيادته (5484).
(1)
سورة الزمر، الآية 100.
(2)
وروى ابن الجوزي في الموضوعات (202/ 3) ومن طريقه ابن النجار في تاريخه (كما في اللآلئ 333/ 2). وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 3/ 92 - 93 (2760)؛ قال الهيثمي في المجمع 2/ 305: فيه سعد بن طريف؛ وهو ضعيف جدًّا.
(3)
المستدرك للحاكم (4117).
العيص بكسر المهملة ابن إسحاق بن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليهم وكان عمره ثلاثا وستين سنة، ومدة بلائه سنة أو سنتين. قاله الكرماني
(1)
.
وقال الحسن
(2)
: لقد كان أيوب عليه السلام ملقى على الكناسة وما على الأرض أكرم على الله تعالى منه، والله أعلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما
(3)
أن امرأة أيوب قالت له: قد والله نزل بي الجهد والفاقة ما إن بعت قرني برغيف فأطعمك فادع الله أن يشفيك. قال: ويحك كنا في النعماء سبعين عاما فنحن في البلاء سبع سنين. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمتى أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب إنما عذابها في الدنيا الزلازل والقتل والبلاء
(4)
.
(1)
الكواكب الدراري (3/ 142).
(2)
تفسير الطبري (18/ 501).
(3)
المستدرك للحاكم (4114) وعنه: البيهقي في الشعب: (9794)، وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 64).
(4)
أخرجه محمد بن فضيل الضبي في الدعاء (12)، وعنه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 38 - 39) والحاكم (4/ 353 - 254). وأخرجه أحمد (19914)، وعبد بن حميد (536)، وأبو داود (4278)، وأبو يعلى (7277) عن أبي بردة بن أبي موسى، فذكره قال الدوري في "تاريخه" (2633): سمعت يحيى بن معين يقول: حرملة بن قيس، عن أبي بردة؛ "عذاب أمتي" قال يحيى: من لم يسنده أكيس ممن أسنده .. وللحديث شواهد: عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه أمة مرحومة، عذابها بأيديها، فإذا كان يوم القيامة، دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين، فيقال هذا فداؤك من النار. أخرجه ابن ماجه (4292) قلت: وسنده تالف جبارة بن المغلس متروك. وقال أبو يعلى =
5161 -
وَرُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أحب الله عبدا أَو أَرَادَ أَن يصافيه صب عَلَيْهِ الْبلَاء صبا وثجه عَلَيْهِ ثَجًّا، فَإِذا دَعَا العَبْد قَالَ يَا رباه قَالَ الله لبيْك يَا عَبدِي لَا تَسْأَلنِي شَيْئا إِلَّا أَعطيتك إِمَّا أَن أعجله لَك وَإِمَّا أَن أدخره لَك. رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا
(1)
.
قوله: "وروي عن أنس" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبدا أو أراد أن يصافيه صبّ عليه البلاء صبا وسحّه عليها سحّا" الحديث، محبة الله تعالى لعبده هي إرادة الخير له وهدايته وإنعامه عليه ورحمته؛ وبغضه لعبده إرادة عقابه أو شقاوته والله أعلم. قوله:"وسحّه عليها سحّا": السحُّ الصبُّ المتتابع.
5162 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يصب منه رواه مالك والبخاري
(2)
يصب منه أي يوجه إليه مصيبة ويصيبه ببلاء.
= كما في المطالب العالية (4556) حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو داود الحفري، حدثنا ابن أبي زائدة، عن سعد بن طارق، عن أبي حازم عن أبي هريرة قال:"إن هذه الأمة أمة مرحومة، لا عذاب عليها إلا ما عذبت هي أنفسها". قال: قلت: وكيف تعذب أنفسها؟ قال: "أما كان يوم الجمل عذابًا؟ أما كان يوم صفين عذابًا؟ أما كان يوم النهر عذابًا"، سنده صحيح لكنه موقوف. انظر: السلسلة الصحيحة (959).
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (220) وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (ص: 1477): وبكر بن خنيس والرقاشي ضعيفان. ورواه الأصفهاني في الترغيب والترهيب (1/ 333 برقم: 561) بتمامه وأدخل بين بكر وبين الرقاشي ضرار بن عمرو وهو أيضًا ضعيف، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (4993): ضعيف.
(2)
أخرجه مالك في الموطأ (585)، والبخاري (5645).
قوله: "وعن أبي هريرة" تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يُصِب منه" الحديث، ضبطوا يصب منه بفتح الصاد وكسرها، قاله النووي في أذكاره، ومعناه: يوجه إليه مصيبة [تصيبه] ببلاء، اهـ. قاله المنذري. وقال في النهاية: أي [ابتلاه] بالمصائب ليثيبه عليها. يقال مصيبة ومصوبة ومصابة والجمع مصاب ومصاوب، والمصيبة هي الأمر المكروه ينزل بالإنسان. [يقال] أصاب الإنسان من المال وغيره أي أخذ وتناول. ومنه الحديث: يصيبون ما أصاب الناس، أي ينالون ما نالوا. اهـ.
5163 -
وَعَن مَحْمُود بن لبيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا أحب الله قوما ابْتَلَاهُم فَمن صَبر فَلهُ الصَّبْر وَمن جزع فَلهُ الْجزع رواه أحمد
(1)
ورواته ثقات ومحمود بن لبيد رأى النبي صلى الله عليه وسلم واختلف في سماعه منه
(2)
.
(1)
أحمد (5/ 427 و 428 و 429).
(2)
أخرجه الشجري في أماليه (2/ 189)، والبيهقي في الشعب (9327) مرفوعًا، وقال البيهقي: مرسل الآداب (ص: 461)، وقال الهيثمي في المجمع (2/ 291): رجاله ثقات. وأما محمود بن لبيد فقد اختلف في صحبته. فذكر ابن أبي حاتم عن البخاري أنه قال: له صحبة. وذكره ابن حبان في ثقات التابعين (5/ 434 - 435) وقال: يروي المراسيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرناه في كتاب الصحابة لأن له رؤية. وقال في الصحابة من الثقات (3/ 397): له صحبة، وأكثر ما يروي سمعه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الترمذي: رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام صغير. وخالف في ذلك مسلم وابن سعد ويعقوب بن سفيان فذكروه في التابعين. وقال أبو حاتم: لا يعرف له صحبة الجرح (4/ 1/ 290). ووثقه ابن سعد ويعقوب بن سفيان وأبو زرعة، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة (الثقات ص 421)، =
5164 -
وَعَن أنس رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن عظم الْجَزَاء مَعَ عظم الْبلَاء وَإِن الله تَعَالَى إِذا أحب قوما ابْتَلَاهُم فَمن رَضِي فَلهُ الرِّضَا وَمن سخط فَلهُ السخط رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن غريب
(1)
.
= وقال الذهبي: ولد بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه أحاديث يرسلها سير الأعلام (3/ 485). وفي التهذيب: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، ولم تصح له رؤية ولا سماع منه، قال ابن عبد البر: قول البخاري أولى وقد ذكرنا من الأحاديث ما يشهد له وهو أولى بأن يذكر في الصحابة من محمود بن الربيع فإنه أسن منه وذكره مسلم في الطبقة الثانية منهم فلم يصنع شيئا ولا علم منه ما علم غيره الاستيعاب (10/ 50).
وقال ابن حجر في فتح الباري (10/ 108): ورواته ثقات إلا أن محمود بن لبيد اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه وهو صغير وله شاهد من حديث أنس عند الترمذي وحسنه. انظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 351)، والصحيحة (146). ولم يدرج الشارح تحته شرحًا.
(1)
أخرجه ابن ماجه (4031)، والترمذي (2396)، وأبو يعلى (4253)، وابن بشران (244)، والقضاعي في مسند الشهاب (1121) والبيهقي في الآداب (1035) وفي الشعب (9325)، (9326)، والشجري في أماليه (2/ 282) والبغوي في شرح السنة (1435)، وفي التفسير (1/ 130) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس مرفوعًا به وقال الترمذي: حسن غريب. سعد بن سنان مختلف فيه والأكثر على تضعيفه.
وله عن أنس طرق: أخرجه البيهقي في الآداب (1036)، وفي الشعب (9328) عن عبد الله بن بكر السهمي ثنا سنان الحضرمي عن أنس مرفوعا إذا أراد الله بقوم خيرا ابتلاهم. وقال: سنان هذا هو ابن ربيعة أبو ربيع الحضرمي. واختلف فيه، وسمع السهمي منه بعد ما خرف. قاله ابن معين (التاريخ الكبير 2/ 2/ 164). ولم ينفرد السهمي به بل تابعه حماد بن سلمة عن سنان بن ربيعة عن أنس به. ذكره الدارقطني في العلل معلقا. ومن طريقه أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (1120). أخرجه أبو يعلى (4222) ووقع =
قوله: "وعن أنس" تقدمت ترجمته.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إنّ عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحبّ قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط" الحديث، فالبلاء دليل إرادة الخير أو عقوبة الذنب، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الأخرى. من عظم بلاؤه عظم أجره وهو دال على محبة الله تعالى لعبده إذ عجّل عقوبته في الدنيا وآجره في العقبى، ودليل ذلك أيضا ما روي عن عبد الله بن مغفّل أن امرأة كانت بغيّا في الجاهلية فمرّ بها رجل فبسط يده إليها [فقالت]: مَه إن الله ذهب بالشرك وجاء بالإسلام، فتركها وولى وجعل ينظر إليها حتى أصاب وجهه الحائط، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: أنت عبد أراد الله بك خيرا، إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيرا عجّل له عقوبة ذنبه
(1)
.
= عنده: سليمان الحضرمي وهو تصحيف. وتابعه الحسين بن الحسن المروزي ثنا السهمي به. أخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (179) ووقع عنده: سنان عن الحضرمي، وهو خطأ.
الثالث: يرويه الطبراني في الأوسط (3252) عن ابن لهيعة ثنا إسحاق عن عيسى الإسكندراني عن أنس مرفوعا إذا أحب الله قوما ابتلاهم، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 291): رواه الطبراني في الأوسط، فيه ابن لهيعة وفيه كلام.
(1)
أخرجه أحمد (4/ 87)، وابن حبان (2911)، والحاكم في مستدركه (1291 - 8133)، والبيهقي في الأسماء والصفات (315) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 191): رواه أحمد والطبراني
…
ورجال أحمد رجال الصحيح وكذلك أحد إسنادى الطبراني. ورواه الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 103) عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه نحوه. =
وعن أبي بن كعب في قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ}
(1)
، قال: المصيبة في الدنيا لعلهم يرجعون لعلهم يتوبون
(2)
. قوله في الحديث: "إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم" وتقدم معنى محبة الله لعبده.
= قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (7227): رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل وأبو يعلى وعنه ابن حبان في صحيحه. وله شاهد من حديث أنس رواه الترمذي والحاكم.
وله شاهد من مرسل الحسن: أخرجه هناد بن السري في الزهد (427) حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن قال: نحوه.
وآخر موصول: أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط (5315) عن طريق هشام بن لاحق المدائني عن عاصم الأحول عن أبي تميمة الهجيمي قال بينا انا في
…
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 265): رواه الطبراني في الأوسط وفيه هشام بن لاحق ترك أحمد حديثه وضعفه ابن حبان وقال الذهبي: قواه النسائي.
وفي الباب: عن أنس: أخرجه أبو يعلى (4254)، والحاكم (8799) عنه مرفوعا إن الله إذا أراد بعبد خيرا عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد الله بعبد شرا أمسك عليه بذنبه حتى يوافيه يوم القيامة.
عن ابن عباس: أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (11/ ص 313/ 11842) عن عباد بن يعقوب الأسدي ثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي عن شيبان عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس نحوه.
وروي من طريق آخر عن ابن عباس أخرجه ابن عدي الكامل (5/ 189) عن علي بن ظبيان وقال: ولعلي بن ظبيان غير ما ذكرت من الحديث والضعف على حديثه بيِّن.
(1)
سورة السجدة، الآية:21.
(2)
أخرجه مسلم (42 - 2799).
قوله في الحديث: "فمن رضي فله الرضا" الحديث، [وفي الأثر: إذا أحب الله عبدا ابتلاه فإن صبر اجتباه، فإن رضي اصطفاه]. وفي أثر آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يعلم ما له عند الله فلينظر ما لله عنده فإن الله ينزل العبد منه حيث ينزله العبد من نفسه
(1)
.
وسئل ابن شمعون عن الرضا فقال: أن ترضى به مدبِّرا ومختارا
(1)
أخرجه عبد بن حميد (1107)، وأبو يعلى (1865 و 2138)، ومن طريقه ابن حبان في الضعفاء (2/ 81)، وكذا البزار (3064)، وعبد بن حميد في المنتخب من المسند (54/ 1105)، والطبراني في الأوسط (2674)، وفي الدعاء (1891)، والحاكم (1820)، والبيهقي في الشعب (1/ 397/ 528)، وابن بشران في الفوائد (598)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 194)، (56/ 79) من طريق عمر بن عبد الله، مولى غفرة، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 77): فيه عمر بن عبد الله مولى غفرة وقد وثقه غير واحد وضعفه جماعة وبقية رجالهم رجال الصحيح.
وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأخبار ويروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار.
وترجم له الذهبي في الميزان (3/ 210) وقال: قال أحمد: ليس به بأس، لكن أكثر حديثه مراسيل. وقال ابن سعد: ثقة، كثير الحديث. وقال ابن معين: ضعيف. وكذا ضعفه النسائي. وقال ابن حبان: روى عنه الليث بن سعد، والناس. كان ممن يقلب الأخبار، ويروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الإثبات، لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب إلا على جهة الاعتبار. قال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 261): والحديث حسن والله أعلم. رواه الإمام أحمد في الزهد (ص 242). وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (5427): ضعيف.
وترضى عنه قاسما ومعطيا ومانعا وترضاه إلها ومعبودا وربا
(1)
. وقال بعض العارفين: الرضا ترك الاختيار وسرور القلب فالراضي واقف مع اختيار الله له معرض عن اختياره لنفسه
(2)
. وقيل: الراضي من لم يندم على فائت من الدنيا ولم يتأسف عليها
(3)
، ولبعض الناس:
الْعَبْدُ ذُو ضَجَرٍ. وَالرَّبُّ ذُو قَدَرٍ
…
وَالدَّهْرُ ذُو دُوَلٍ. وَالرِّزْقُ مَقْسُومُ
وَالْخَيْرُ أَجْمَعُ فِيمَا اخْتَارَ خَالِقُنَا
…
وَفِي اخْتِيَارِ سِوَاهُ اللَّوْمُ وَالشُّومُ
(4)
اجتمع وُهيب بن الوَرْد وسفيان الثوري ويوسف بن أسباط، فقال الثوري: قد كنت أكره موت الفجأة قبل اليوم فوددت أني ميت، فقال له يوسف ولم؟ فقال: لما أتخوف من الفتنة. فقال يوسف: لكني لا أكره طول البقاء. فقال الثوري: ولم [تكره] الموت؟ قال: لعلي أصادف يوما أتوب فيه وأعمل [فيه] صالحا. فقيل لوهيب: يعني ابن الورد، أي شيء تقول أنت؟ فقال: أنا لا أختار شيئا أحبّ ذلك إليّ أحبه إلى الله تعالى. فقبّل الثوري بين عينيه وقال: روحانية ورب الكعبة، فهذا حال عبد قد استوت عنده حالة البقاء والموت، ووقف مع اختيار [الله تعالى] له منهما
(5)
، اهـ.
(1)
الشعب (1/ 396 رقم 230)، ومدارج السالكين (2/ 216).
(2)
الشعب (1/ 396 رقم 231)، ومدارج السالكين (2/ 216).
(3)
الشعب (1/ 397 رقم 232)، ومدارج السالكين (2/ 216).
(4)
الشعب (1/ 405)، ومدارج السالكين (2/ 216).
(5)
مدارج السالكين (2/ 206 - 207).
5165 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الرجل ليَكُون لَهُ عِنْد الله الْمنزلَة فَمَا يبلغهَا بِعَمَل فَمَا يزَال يَبْتَلِيه بِمَا يكره حَتَّى يبلغهُ إِيَّاهَا رَوَاهُ أَبُو يعلى وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من طَرِيقه وَغَيرهمَا
(1)
.
5166 -
وَرُوِيَ عَن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ رضي الله عنه قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا أصَاب رجلا من الْمُسلمين نكبة فَمَا فَوْقهَا حَتَّى ذكر الشَّوْكَة إِلَّا لإحدى خَصْلَتَيْنِ إِمَّا ليغفر الله لَهُ من الذُّنُوب ذَنبا لم يكن ليغفره لَهُ إِلَّا بِمثل ذَلِك أَو يبلغ بِهِ من الْكَرَامَة كَرَامَة لم يكن ليبلغها إِلَّا بِمثل ذَلِك رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا
(2)
.
(1)
أخرجه أبو يعلى (6095) و (6100)، وابن حبان (2908)، والحاكم (1/ 344) وصححه. وتعقبه الذهبي فقال: قلت: يحيى، وأحمد ضعيفان، وليس يونس بالحجة. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 292: روه أبو يعلى، ورجاله ثقات. وحسنه الألباني في الصحيحة (1599) و (2599) وقال في صحيح الترغيب (3408): حسن صحيح. ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (250)، ومن طريقه: البيهقي في شعب الإيمان (129391) من طريق أبي حمزة السكري، عن جابر، حدثنا من سمع بريدة الأسلمي، يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول، فذكره. وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل الذي حدث جابرا: فإنه لم يسم. وجابر، وهو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف،" قال في ضعيف الترغيب والترهيب (2/ 365): ضعيف. رواه أبو بكر بن أبي شيبة كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(3850/ 2)، وقال البوصيري: وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل الذى حدث جابرا فإن لم يسم وجابر هو ابن يزيد الجعفى وهو ضعيف.
وله شواهد:
1 -
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل تكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل فلا يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه ذلك. أخرجه أبو يعلى (6095)، (6100)، =
قوله: "وروي عن بريدة الأسلمي" هو أبو عبد الله، ويقال: أبو سهل، ويقال: أبو الحصيب، ويقال: أبو ساسان بريدة بن الحصيب، بضم الحاء المهملة، ابن عبد الله بن الحرب بن الأعرج بن سعد بن رزاح الأسلمى. سكن المدينة، ثم البصرة، ثم مرو، وتوفى بها سنة اثنتين وستين، وهو آخر من توفى من الصحابة، رضى الله عنهم، بخراسان. روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وأربعة وستون حديثا، اتفق البخاري ومسلم على حديث،
= وعنه ابن حبان (2908)، والحاكم (1274) ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (9392) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: يحيى وأحمد ضعيفان. وأحمد بن عبد الجبار وهو ضعيف لكنه توبع ويونس: لا بأس به كما قال ابن حجر وحديثه حسن كما قال الذهبي في الميزان وهو حسن الحديث ويحيى لا بأس به كما قال ابن حجر. وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن بكير. ويصح بشواهده.
2 -
ابن مسعود: أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (405)، وإسحاق في "المسند" كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(3850/ 1) ابن السري في الزهد (400).
2 -
أخرج ابن سعد (7/ 508)، والبخاري في التاريخ (4/ 1/ 266)، وإسحاق بن راهويه، وابن أبي شيبة في "المسند" كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(3849/ 1 - 2) عن مسلم بن عقيل مولى الزرقيين، قال: دخلت على عبد الله بن إياس بن أبي فاطمة، فقال: يا أبا عقيل، حدثني أبي، أن أباه أخبره، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، إذ قال، فذكره. وفيه محل الشاهد
قلت: مسلم بن عقيل لم يذكر فيه جرح ولا تعديل وعبد بن إياس وأبوه لم أجد لهما ترجمة. وأبو فاطمة جد عبد الله بن إياس هو الضمرى فذكره ابن حجر في الإصابة القسم الأول وساق له هذا الحديث ولم يزد.
وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بأحد عشر. أسلم بريدة قبل بدر، ولم يشهدها، وقيل: أسلم بعدها. روى عنه ابناه عبد الله، وسليمان
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب رجلا من المسلمين نكبة فما فوقها" الحديث، النكبة بفتح النون وإسكان الكاف وفتح الباء الموحدة، قال القاضي عياض وتبعه النووي مثل العثرة يعثرها الإنسان برجله تدمي الرجل منها وربما جرحت أصبعه وأصله من النكب وهو القلب والكبّ والعاثر قد نكب غالبا. قاله عياض
(2)
. ويحتمل أن يراد بالنكبة المصيبة وهو معناها المشهور
(3)
.
5167 -
وَعَن مُحَمَّد بن خَالِد عَن أَبِيه عَن جده وَكَانَت لَهُ صُحْبَة من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول إِن العَبْد إِذا سبقت لَهُ من الله منزلَة فَلم يبلغهَا بِعَمَل ابتلاه الله فِي جسده أَو مَاله أَو فِي وَلَده ثمَّ صَبر على ذَلِك حَتَّى يبلغهُ الْمنزلَة الَّتِي سبقت لَهُ من الله عز وجل. رواه أحمد
(4)
وأبو داود
(5)
وأبو يعلى
(6)
والطبراني في الكبير
(7)
والأوسط
(8)
ومحمد بن خالد لم يرو عنه
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 133).
(2)
إكمال المعلم (8/ 44) والمشارق (2/ 12)، وشرح النووي على مسلم (16/ 130 - 131).
(3)
طرح التثريب (3/ 241).
(4)
أحمد (22338).
(5)
سنن أبي داود (3090)، ومن طريقه: البيهقي في السنن الكبرى (3/ 524).
(6)
وأبو يعلى (923).
(7)
المعجم الكبير للطبراني (22/ 318/ 801).
(8)
المعجم الأوسط (1085).
عنه غير أبي المليح الرقي ولم يرو عن خالد إلا ابنه محمد والله أعلم
(1)
.
قوله: "وعن محمد بن خالد عن أبيه عن جده" هو محمد بن خالد بن زيد بن جارية
(2)
وقيل اسم جده اللجلاج بن حكيم أورده ابن مندة في ترجمة اللجلاج بن حكيم السلمي، وزعم أنه أخو الجحّاف بن حكيم، وأنه في أهل الجزيرة
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة فلم يبلغها بعمل ابتلاه الله في جسده أو ماله أو في ولده ثم صبّره على ذلك" الحديث، أي إذا قدر الله تعالى لعبد منزلة ودرجة رفيعة ولم يقدر ذلك العبد أن يبلغ تلك المنزلة بالعمل الصالح أصابه الله تعالى ببلاء ورزقه صبرا على ذلك البلاء حتى يبلغ تلك المنزلة بما حصل له من ثواب ذلك البلاء وصبره عليه، اهـ. وتقدم معنى الابتلاء أنه الامتحان، وتقدم الكلام على [الصبر] مبسوطًا.
(1)
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (7/ 477)، والدولابي في الكنى (1/ 76)، وابن أبي الدنيا في المرض (39)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1416)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5933)، والبيهقي في الشعب (9389) كلهم من طريق محمد بن خالد السلمي، عن أبيه، عن جده، وقال: الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 292): رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وأحمد وفيه قصة ومحمد بن خالد وأبوه: لم أعرفهما والله أعلم. ومحمد بن خالد السلمي قال في التقريب (ص 476). مجهول. وأبوه، قال في التقريب (ص 190): مجهول. وقال الألباني في الصحيحة (2599): صحيح، وفي صحيح الترغيب والترهيب (3/ 332) صحيح لغيره.
(2)
رواه ابن شاهين كما في الإصابة (2/ 493).
(3)
المستخرج (2/ 308)، وأسد الغابة (4/ 487).
5168 -
وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله عز وجل ليقول للْمَلَائكَة انْطَلقُوا إِلَى عَبدِي فصبوا عَلَيْهِ الْبلَاء صبا فيحمد الله فيرجعون فَيَقُولُونَ يَا رَبنَا صببنا عَلَيْهِ الْبلَاء صبا كَمَا أمرتنا فَيَقُول ارْجعُوا فَاِنِّي أحب أَن أسمع صَوته. رَوَاهُ الطَّبَرانِيّ فِي الْكَبِير
(1)
.
قوله: "وروي عن أبي أمامة"، أبو أمامة اسمه صديّ بن عجلان الباهلي، [تقدمت] ترجمته
(2)
.
5169 -
وَرُوِيَ فِيهِ أَيْضا عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله ليجرب أحدكُم بالبلاء كَمَا يجرب أحدكُم ذهبه بالنَّار فَمِنْهُ مَا يخرج كالذهب الإبريز فَذَاك الَّذِي حماه الله من الشُّبُهَات وَمِنْه مَا يخرج دون ذَلِك فَذَلِك الَّذِي يشك بعض الشَّك وَمِنْه مَا يخرج كالذهب الْأسود فَذَاك الَّذِي افْتتن
(3)
.
(1)
المعجم الكبير للطبراني (8/ 166/ 7697)، ومن طريقه الشجري في ترتيب الأمالي الخميسية (2870)، وأبو طاهر المخلص في المخلصيات (2345)(190)، والبغوي في شرح السنة (1425) من طريق عفير بن معدان، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 291) رواه الطبراني في الكبير، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف. وقال الألباني في "الضعيفة" (4994): ضعيف، وفي الترغيب والترهيب (2/ 365): ضعيف جدا.
(2)
طبقات ابن سعد 7/ 411، التاريخ الكبير 4/ 326، الجرح والتعديل 4/ 454، الاستيعاب: 736، أسد الغابة 3/ 16، و 6/ 16، سير أعلام النبلاء (3/ 359) تاريخ الإسلام 3/ 313، الإصابة 2/ 182، تهذيب التهذيب 4/ 420.
(3)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (27)، والطبراني في الكبير (8/ 166 رقم 7698)، والحاكم (4/ 314). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. قال الهيثمي في المجمع =
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليجرّب أحدكم بالبلاء كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنه مما يخرج كالذهب الإبريز" الحديث، الإبريز هو الخالص
(1)
.
5170 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمُصِيبَة تبيض وَجه صَاحبهَا يَوْم تسود الْوُجُوه. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط
(2)
.
5171 -
وَعَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا يُصِيب الْمُؤمن من نصب وَلَا وصب وَلَا هم وَلَا حزن وَلَا أَذَى وَلَا غم حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها إِلَّا كفر الله بهَا من خطاياه. رواه البخاري
(3)
ومسلم
(4)
ولفظه ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته ورواه ابن أبي الدنيا
(5)
من حديث أبي هريرة وحده.
= 2/ 291: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف. وضعفه الألباني جدا في الضعيفة (4998) وضعيف الترغيب (1989).
(1)
النهاية (1/ 14).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (4622)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 291): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سليمان بن رقاع وهو منكر الحديث، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5937)، والضعيفة (4678)، وضعيف الترغيب والترهيب (2/ 366). ولم يدرج الشارح تحته شرحًا.
(3)
صحيح البخاري (5641).
(4)
صحيح مسلم (52)(2573).
(5)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (38)، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 332): صحيح.
5172 -
وَفِي رِوَايَة لَهُ مَا من مُؤمن يشاك بشوكة فِي الدُّنْيَا يحتسبها إِلَّا قصّ بهَا من خطاياه يَوْم الْقِيَامَة.
النصب التَّعَب
(1)
النصب التعب الوصب المرض.
قوله: "وعن أبي سعيد وأبي هريرة" تقدم الكلام على مناقبهما رضي الله عنهما. قوله صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المؤمن نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن" الحديث، النصب التعب والوصب المرض، قالهما الحافظ. وقال بعض العلماء: النصب التعب، وقد نصب ينصب نصبا كفرح يفرح فرحا، ونصبه غيره وأنصبه لغتان مشهورتان. والوصب الوجع [ملازم]، ومنه قوله تعالى:{وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ}
(2)
أي [لازم ثابت].
وقوله: "ولا هم ولا حزن"، قال بعضهم: هما لفظان متغايران فالهم يختص بما هو آت والحزن بما مضى، والحزن بضم الحاء وسكون الزاي وبفتحهما معا لغتان. قوله:"وفي رواية مسلم: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته"، تقدم تفسير النصب والوصب والحزن. وأما السقم فهو بضم السين وإسكان القاف وبفتحها معا لغتان: المرض. قوله صلى الله عليه وسلم: حتى الهم يهمه، الحديث. والهمّ لما يستقبل ويهمه. قال القاضي عياض هو بضم الياء وفتح الهاء على
(1)
صحيح مسلم (48)(2572) عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصيب المؤمن شوكة فما فوقها، إلا قص الله بها من خطيئته".
(2)
سورة الصافات، الآية:9.
ما لم يسمّ فاعله، وضبطه غيره يهمه بفتح الياء وضم الهاء أي يغمّه وكلاهما صحيح
(1)
. المؤمن يجزى بالسوء في الدنيا بالنصب والتعب والوصب والحزن والغم، ومن [هنا] قيل إن المرض إذا كان عقوبة لا يقبل الدواء لأنه [جزاء سيئة] في الدنيا، وإذا كان عقوبة فلا دواء له حتى تنقضي مدة العقوبة وينزل العفو هكذا ذكر صاحب نوادر الأصول
(2)
والله أعلم. قوله في الحديث: "إلا كفر به من سيئاته" وفي رواية لابن أبي الدنيا: إلا [قُصّ] بها من خطاياه. و [للعذري] في حديث [ابن نمير] نقص بها من خطاياه، ولغيره قُصّ، أي كُفِّر عنه وحوسب بها وحط مثلها من خطاياه كما [جاء] بلفظ حط في الحديث الآخر، وهو أوجه، والرواية الأخرى إليه يرجع معناها إن صحت، اهـ. قاله عياض
(3)
.
وفي رواية: ما يصيب المؤمن من مرض أو وجع إلا كان كفارة لذنبه. ظاهر قوله [صلى الله عليه وسلم]: إلا كان كفارة لذنبه ترتب تكفير جميع الذنوب على مطلق المرض والوجع للعموم الذي في [قوله صلى الله عليه وسلم: كذنبه] فإنه مفرد مضاف، لكن العلماء لم يقولوا بذلك في الكبائر بل قالوا: إن تكفيرها لا يكون إلا بالتوبة، وطردوا ذلك في سائر المكفرات من الأعمال والمشاق وأصلهم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: الصلوات خمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان
(1)
شرح النووي على مسلم (16/ 130).
(2)
نوادر الأصول (3/ 96).
(3)
مشارق الأنوار (2/ 26)، ومطالع الأنوار (4/ 212).
مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. فحملوا المطلقات الواردة في التكفير على هذا المقيد، والقول بتكفير المرض وإن خف والوجع وإن خف لجميع الصغائر فيه بعد، وقد عرفتَ أن الذي في الصحيح كفر الله بها عنه ولم يذكر تكفير جميع الذنوب بل قوله صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم: قص الله بها من خطيئته صريح في تكفير البعض. وورد في رواية أخرى أن المكفّر خطيئة واحدة. وفي رواية أخرى ضعيفة: عشر سيئات، فيحمل لفظ الرواية وهي قوله إلا كان كفارة لذنبه من طريق الإمام أحمد على أن معناه أن المرض صالح لتكفير الذنوب فيكفر الله به ما يشاء منها، ويكون كثرة التكفير وقلته باعتبار شدّة المرض وخفته، والمراد بتكفير [الذنوب] ستره ومحو [أثرها] المرتّب [عليها] [من استحقاق العقوبة.
قال في الصحاح: التكفير في المعصية كالإحباط في الثواب، أي أن معنى تكفير المعصية محو أثرها المرتب عليها] وهو الثواب [والله تعالى أعلم بالصواب]
(1)
، وظاهره يعني الحديث ترتب تكفير الذنوب على مجرد المرض أو الوجع سواء انظم إليه صبر أم لا واعتبر أبو العباس القرطبي في حصول ذلك وجود الصبر فقال: لكن هذا كله إذا صبر المصابُ واحتسب وقال ما أمره الله به في قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ}
(2)
، الآية، فإن كان كذلك وصل إلى ما وعده الله ورسوله من
(1)
طرح التثريب (3/ 238).
(2)
سورة البقرة، الآيتان: 155 - 156.
ذلك
(1)
، اهـ. وهو مطالب بالدليل على ذلك
(2)
والله أعلم.
5173 -
وَعَن أبي بردة رضي الله عنه قَالَ كنت عِنْد مُعَاوِيَة وطبيب يعالج قرحَة فِي ظَهره وَهُوَ يتَضَرَّر فَقلت لَهُ لَو بعض شبابنا فعل هَذَا لعبنا ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ مَا يسرني أَنِّي لَا أَجِدهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا من مُسلم يُصِيبهُ أَذَى من جسده إِلَّا كَانَ كَفَّارَة لخطاياه رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا
(3)
وروى الْمَرْفُوع مِنْهُ أَحْمد
(4)
بِإِسْنَاد رُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح إِلَّا أَنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا من شَيْء يُصِيب الْمُؤمن فِي جسده يُؤْذِيه إِلَّا كفر الله بِهِ عَنهُ من سيئاته وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(5)
وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا
(6)
.
(1)
المفهم (21/ 89) وعنه العراقى في طرح التثريب (3/ 239).
(2)
طرح التثريب (3/ 239).
(3)
ابن أبي الدنيا في الكفارات (69 و 80)، صحيح الترغيب والترهيب (3/ 333) حسن صحيح.
(4)
أحمد (16899).
(5)
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 301): رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه قصة، ورجال أحمد رجال الصحيح ..
(6)
أخرجه الحاكم (1285) من طريق طلحة بن يحيى عن ابن بريدة عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قلت: ابن بريدة صوابه عن أبي بردة، وسنده حسن.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المسند" كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(3826/ 1) وهو في مصنف ابن أبي شيبة (10809)، وأحمد (4/ 98)، وعبد بن حميد (415)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 359/ 841) من طريق طلحة بن يحيى، عن أبي بردة، فذكره.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 301): رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وفيه =
قوله: "وعن أبي بردة" هو أبو بردة بن أبى موسى الأشعرى، واسم أبى موسى عبد الله بن قيس، ويأتى تمام نسبه في ترجمته، واسم أبى بردة عامر، هذا هو الصحيح المشهور الذي قاله الجمهور، وقال يحيى بن معين: اسمه الحارث. وفى رواية عنه: عامر، كقول الجمهور، وهو تابعى كوفى، ولى قضاء الكوفة فعزله الحجاج، وجعل أخاه أبا بكر مكانه، روى عن الزبير بن العوام، وعوف بن مالك، وسمع أباه، وعلى بن أبى طالب وابن عمر، والأغر المزنى، وعبد الله بن سلام، وعائشة، رضى الله عنهم، وسمع خلائق من التابعين روى عنه جماعات من التابعين وغيرهم، واتفقوا على توثيقه وجلالته
(1)
.
قوله: "كنت عند معاوية وطبيب يعالج قرحة في ظهره" الحديث، تقدم الكلام على معاوية بن أبي سفيان
(2)
، والقرحة تقدم الكلام عليها في الصدقة
= قصة ورجال أحمد رجال الصحيح. وقال المناوى في التيسير (2/ 701): وإسناده صحيح. وله شاهد: عن أبي سعيد الخدري أخرجه ابن عساكر (7/ 331) من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن زينب بنت كعب عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال ما من شيء يصيب المؤمن في جسده إلا كفر الله عنه به من الذنوب، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5724)، والصحيحة (2274).
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (2/ 178).
(2)
طبقات ابن سعد 3/ 32 و 7/ 406، التاريخ الكبير 7/ 326، المعرفة والتاريخ 1/ 305، الجرح والتعديل 8/ 377، الاستيعاب: 1416، تاريخ بغداد 1/ 207، أسد الغابة 4/ 385، سير أعلام النبلاء (3/ 119)، تاريخ الإسلام 2/ 318 الإصابة 3/ 433، تهذيب التهذيب 10/ 207.
بالماء وهى حبات تخرج في بدن الإنسان
(1)
، وقيل: القرحة كالدمل والورم.
5174 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من مُصِيبَة تصيب الْمُسلم إِلَّا كفر الله عَنهُ بهَا حَتَّى الشَّوْكة يشاكها. رواه البخاري
(2)
ومسلم
(3)
.
5175 -
وَفِي رِوَايَة: لمُسلم لَا يُصِيب الْمُؤمن شَوْكة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا نقص الله بهَا من خطيئته. وَفِي أُخْرَى: إِلَّا رَفعه الله بهَا دَرَجَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة
(4)
. وفي أخرى: إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة
(5)
.
وفي رواية: له ما من مؤمن يشاك بشوكة في الدنيا يحتسبها إلا قص بها من خطاياه يوم القيامة
(6)
.
5176 -
وَفِي أُخْرَى: لَهُ قَالَ دخل شباب من قُرَيْش على عَائِشَة رضي الله عنها وَهِي بمنى وهم يَضْحَكُونَ فَقَالَت مَا يُضْحِككُمْ قَالُوا فلَان خر على طُنب فسطاط فَكَادَتْ عُنُقه أَو عينه أَن تذْهب فَقَالَت لَا تَضْحَكُوا فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا من مُسلم يشاك بشوكة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا كتبت لَهُ بهَا دَرَجَة ومحيت عَنهُ بهَا خَطِيئَة
(7)
.
(1)
شرح النووي على مسلم (2/ 124).
(2)
صحيح البخاري (5640).
(3)
صحيح مسلم (49)(2572).
(4)
صحيح مسلم (46)(2572).
(5)
صحيح مسلم (47)(2572).
(6)
صحيح مسلم (46)(2572).
(7)
صحيح مسلم (46)(2572).
قوله: "وعن عائشة" تقدم الكلام على مناقبها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما حق مصيبة تصيب المؤمن إلا كفر الله عنه بها حتى الشوكة يشاكها" الحديث، الشوكة بالجر عطفا على لفظ مصيبة وبالرفع عطفا على محل الجار والمجرور.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا رفعه الله بها درجه وحط عنه خطيئة" وفي حديث عائشة: "رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة"
(1)
وهو إما شكّ من الراوي وإما تنويع من النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار الناس، فالمذنب تحط عنه خطيئة ومن لا ذنب له كالأنبياء ومن [عصم] الله تعالى [ترفع له الدرجة] الدرجة.
وفي رواية الأسود عند الطبراني: كتابة عشر حسنات وتكفر عنه عشر سيئات ورفعه له عشر درجات، وفيه تكفير الخطايا بالأمراض والأسقام ومصائب الدنيا وهمومها، وإن قلَّت مشقتها، وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور وزيادة الحسنات وهذا هو الصحيح الذي عليه جمهور العلماء. وحكى القاضي عن بعضهم أنه تكفر الخطايا فقط ولا ترفع درجة ولا تكتب حسنة
(2)
. اهـ. قال يعني القاضي
(3)
وروي نحوه عن ابن مسعود. قال الوجعُ لا يكتب به أجر لكن تكفر به الخطايا، واعتمد في ذلك على الأحاديث التي فيها تكفير الخطايا فقط ولم تبلغه هذه الأحاديث التي ذكرها
(1)
صحيح مسلم (47)(2572).
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 128).
(3)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 42) شرح النووي على مسلم (16/ 129).
مسلم المصرحة برفع الدرجات وكتب الحسنات، اهـ.
تنبيه: في هذه الأحاديث بشارة عظيمة للمسلمين فإنه قلّ أن ينفك الواحد منهم ساعة من شيء من هذه الأمور
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: "قالوا: فلان خرّ على طُنُب فسطاط فكادت عنه أو عينه أن تذهب. فقالت: لا تضحكوا" الحديث، خرّ بمعنى سقط، والطنب هو الحبل الذي يشدّ به الفسطاط
(2)
، والفسطاط الخيمة [الكبيرة وتسمى بمدينة مصر الفسطاط]
(3)
، والطنب أحد أطناب الخيمة [وهي الخيمة] وهي الخِباء بكسر الخاء المعجمة وبالمدّ [يكون] من وبر أو صوف ولا تكون من الشعر وهي على عمودين أو ثلاثة وتجمع على أخبية نحو الحمار والأحمرة
(4)
، اهـ.
ففي هذا الحديث النهي عن الضحك من مثل هذا إلا أن تحصل غلبة لا يمكن دفعه وأما تعمد الضحك فمذموم لأن فيه إشماتا بالمسلم وكسرا لقلبه
(5)
، انتهى.
5177 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا يزَال الْبلَاء بِالْمُؤمنِ والمؤمنة فِي نَفسه وَولده وَمَاله حَتَّى يلقى الله تَعَالَى وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة.
(1)
شرح النووي على مسلم (16/ 128).
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 128).
(3)
عمدة القارى (6/ 292).
(4)
الكواكب الدرارى (9/ 167) و (12/ 150).
(5)
شرح النووي على مسلم (16/ 128).
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
(1)
والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم
(2)
.
قوله: "وعن أبي هريرة" تقدم. قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة" الحديث، أي حتى يموت وقد زال ذنبه في الدنيا، هذا الحديث دليل لمن يقول المصائب تكفر الخطايا فقط ولا ترفع درجة ولا تكتب حسنة والجمهور على خلاف ذلك
(3)
كما تقدم.
(1)
سنن الترمذي (2399).
(2)
الحاكم في مستدركه (7879) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأخرجه ابن أبى شيبة وأحمد (2/ 287)، (2/ 450)، والبخاري في الأدب المفرد (494)، وابن السري في الزهد (402)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (40)، وأبو يعلى (5912)، (6012)، وابن حبان (2924)، والبيهقي الكبرى (3/ 374) وفى الشعب وفى الآداب (909)، وابن شاهين في فضائل الأعمال (461)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 180)، والحاكم في مستدركه (7879)، والبغوي في شرح السنة (1436) من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، فذكره. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. ووافقه النووي في الرياض (ص/ 32)، وفي خلاصة الأحكام (2/ 898)، وكذا قال البغوى في شرح السنة (1436)، وقال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 180): .. وروي في هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه.
وفي الباب: عن أبي هريرة أخرجه مالك في الموطأ (558) بلاغا: أنه بلغه عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقي الله وليست له خطيئة.
قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 180): هكذا جاء هذا الحديث في الموطأ عند عامة رواته. قال أبو عمر: لا أحفظه لمالك عن ربيعة عن أبي الحباب إلا بهذا الإسناد وأما معناه فصحيح محفوظ عن أبي هريرة من وجوه.
(3)
شرح النووي على مسلم (16/ 128 - 129).
تتمة: [ليُعلَم] أن الآلام والأسقام كلها مكفرة للذنوب، فإن فرضنا أنه بقي على المسلم بقية كفرها الموت، وقد صح كما قال القرطبي
(1)
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الموت كفارة لكل مسلم، اهـ. وروى الحافظ أبو نعيم والقاضي أبو بكر بن العربي في سراج المريدين، وقال حديث حسن صحيح عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الموت راحة لكل مسلم وإنما كان كفارة لما يلقاه الميت في مرضه من الآلام والأوجاع
(2)
ومما يقوي رجاء المؤمن في سعة رحمة الله وعفوه وإكرامه له وبره كون هذا العبد المؤمن من أمة سيد ولد آدم خاتم الأنبياء والمرسلين وأكرمهم [صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين] ولو لم يكن لهذا من أسباب نجاته إلا هذا لكان كافيا [فيندفع بالموت على الإسلام من الضرر العام ضرر الذنوب والآلام، فإن الموت يكفرها كما سبق وصح من قول النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا اندفع ألم الآثام حصلت السلامة من أنواع العذاب وأهوال يوم المآب وما يكون من تفاضل ذلك مما يتدبره أولوا الألباب، قاله ابن الملقن]، اهـ.
5178 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "من أُصِيب بمصيبة بِمَالِه أَو فِي نَفسه فكتمها وَلم يشكها إِلَى النَّاس كانَ حَقًا على الله أَن يغْفر لَهُ" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَلَا بَأْس بِإِسْنَادِهِ
(3)
.
(1)
التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 168).
(2)
التذكرة (ص 168 - 169).
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط (737)، وفي الكبير (11/ 184)(11438)، ومن طريقة: =
قوله: "وعن ابن عباس" تقدم الكلام على مناقبه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من أصيب بمصيبة بماله أو في نفسه فكتمها ولم يشكها إلى الناس كان حقا على الله أن يغفر له" الحديث، الشكوى إلى الله عز وجل لا تنافي الصبر، فإن يعقوب عليه الصلاة والسلام وعد بالصبر الجميل والنبي إذا وعد لا يخلف، ثم قال:{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}
(1)
، وكذلك أيوب عليه السلام أخبر الله أنه وجده صابرًا مع قوله:{مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}
(2)
، وإنما ينافي الصبر شكوى الله لا الشكوى إليه كما رآى بعضهم رجلا يشكو إلى آخر فاقة وضرورة فقال: يا هذا تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ ثم أنشده:
وَإِذَا عَرَتْكَ بَلِيَّةٌ فَاصْبِرْ لهَا
…
صَبْرَ الْكَرِيمِ فَإِنَّهُ بِكَ أَعْلَمُ
وَإِذَا شَكَوْتَ إِلَى ابْنِ آدَمَ إِنَّمَا
…
تَشْكُو الرَّحِيمَ إِلَى الَّذِي لَا يَرْحَمُ؟
= الشجري في الأمالي (2/ 280، 285) عن بقية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 256): رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله وثقوا. قال ابن أبي حاتم في علل الحديث (1871): قال أبي: هذا حديث موضوع لا أصل له، وكان بقية يدلس، فظنوا هؤلاء أنه يقول في كل حديث حدثنا ولا يعتقدون الخبر منه، وفي (2028) قال: هذا حديث باطل، وقال: الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2/ 366) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5435)، وقال في الضعيفة (198)، وضعيف الجامع الصغير وزيادته (5435): موضوع.
(1)
سورة يوسف، الآية:46.
(2)
سورة الأنبياء، الآية:83.
وفي أثر إسرائيلي: أوحى الله تعالى إلى نبي من أنبيائه: أنزلت بعبدي بلائي فدعاني فما طلته بالإجابة فشكاني فقلت: عبدي كيف أرحمك من شيء به أرحمك
(1)
. اهـ.
5179 -
وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَجَرَة فهزها حَتَّى تساقط وَرقهَا مَا شَاءَ الله أَن يتساقط ثمَّ قَالَ للمصيبات والأوجاع أسْرع فِي ذنُوب ابْن آدم مني فِي هَذِه الشَّجَرَة رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى
(2)
.
5180 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. مَا من شَيْء يُصِيب الْمُؤمن من نصب وَلَا حزن وَلَا وصب حَتَّى الْهم يهمه إِلَّا يكفر الله عَنهُ بِهِ سيئاته رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن
(3)
.
5181 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول وصب الْمُؤمن كَفَّارَة لخطاياه رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
(4)
.
(1)
مدارج السالكين (2/ 160).
(2)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (88)، وأبو يعلى (4299). قال الهيثمي في المجمع 2/ 301: رواه أبو يعلى وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف. وضعفه الألباني في الضعيفة (4996) وضعيف الترغيب (1992). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(3)
أخرجه الترمذي (966)، وابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (127). وقال الألباني: حسن صحيح صحيح الترغيب (3415)، الصحيحة (2503). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(4)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (58) و (131)، والبزار (9989)، والحاكم (1/ 374). قال البزار: ولا نعلم رواه، عن عبد الله بن المختار، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، إلا إسرائيل. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم =
5182 -
وروي عن بشير بن عبد الله بن أبي أيوب الأنصاري عن أبيه عن جده قال: عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأنصار فأكب عليه فسأله، فقال: يا نبي الله ما غمضت منذ سبع، ولا أحد يحضرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي أخي اصبر أي أخي اصبر حتى تخرج من ذنوبك كما دخلت فيها. قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ساعات الأمراض يذهبن ساعات الخطايا. رواه ابن أبي الدنيا
(1)
.
قوله: وروي عن بشير بن عبد الله بن أبي أيوب الأنصاري
(2)
عن أبيه عن جده بشير ذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عنه فضال بن جبير، وفضال لا شيء وأبوه عبد الله لم يرو عنه إلا ابنه وجده أبو أيوب خالد بن زيد بن ثعلبة النجاري الخزرجي الأنصاري شهد بدرا، والعقبة الثانية، والمشاهد كلها. وهو ممن غلبت عليه كنيته. وكان مع علي بن أبي طالب في حروبه كلها.
ومات بالقسطنطينية مرابطا سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة خمسين.
= يخرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (2410) وصحيح الترغيب (3416). ولم يدرج المصنف تحته شرحا.
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (34) وتمام في الفوائد (207) وتلخيص المتشابه في الرسم (1/ 145). وضعفه جدا الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1993).
(2)
بشير بن عبد الله بن أبي أيوب. عن أبيه، عن جده. وعنه فضال بن جبير. مجهول. انظر: تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 145) ولسان الميزان لابن حجر (2/ 324).
قوله: "عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأنصار فأكب عليه فسأله، فقال: يا نبي الله ما غمضت من سبع ولا أحد يحضرني" الحديث، عيادة المريض معروفة مستحبة، والأنصار قبيلتان: الأوس والخزرج وهم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم من مكة إلى المدينة مهاجرا.
5183 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا كثرت ذنُوب العَبْد وَلم يكن لَهُ مَا يكفرهَا ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عَنهُ. رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا لَيْث بن أبي سليم رواه أحمد
(1)
. ورواته ثقات إلا ليث بن أبي سليم
(2)
.
(1)
أخرجه أحمد 6/ 157 (25236)، وأخرجه ابن أبي الدنيا في الهم والحزن (3)، والبزار (4/ 87/ 3260 - الكشف)، وأبو الشيخ في تاريخ أصبهان (283)،، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (853)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 189 و 3/ 388 - 389) من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عائشة مرفوعا. وقال البزار: لا نعلم رواه بهذا الإسناد إلا زائدة، ولا عنه إلا حسين. وأورده الهيثمي في المجمع 3/ 291، وقال: رواه أحمد، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات، وأورده أيضا 10/ 192 وقال: رواه أحمد والبزار، وإسناده حسن وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (678) والسلسلة الضعيفة (2695).
وأخرجه ابن أبي الدنيا في التوبة (170)، وفي الهم والحزن (81) من طريق إسماعيل بن علية، عن ليث، عن الحكم، قال:"إذا كثرت ذنوب العبد، ولم يكن له من العمل ما يكفرها عنه، ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عنه". ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
وهو ضعيف انظر الكاشف (4692) والتقريب (5685).
5184 -
وَعَن عَائِشَة أَيْضا رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا اشْتَكَى العَبْد الْمُؤمن أخلصه الله من الذُّنُوب كَمَا يخلص الْكِير خبث الْحَدِيد. رواه ابن أبي الدنيا
(1)
والطبراني
(2)
. واللفظ له وابن حبان في صحيحه
(3)
.
قوله: "وعن عائشة" تقدم الكلام على فضائلها رضي الله عنها.
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (90) من طريق ابن أبي فديك، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
الطبراني في المعجم الأوسط (4123)، وقال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا ابن أبي ذئب، تفرد به: ابن أبي فديك". وفيه نظر، فقد أخرجه هو في المعجم الأوسط (5351)، (1900) من طريق عبد الله بن نافع .. وقال لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا ابن أبي ذئب، ولا عن ابن أبي ذئب إلا عبد الله بن نافع. وقال الهيثمي في المجمع (2/ 302): رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات إلا أني لم أعرف شيخ الطبراني.
(3)
أخرجه عبد بن حميد (1488). وابن حبان (2936)، والبزار (123) عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، فذكره. وروي بزيادة في سنده: زاد فيه: "جبير بن أبي صالح".
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(497) ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (235)، والشجري ترتيب الأمالي الخميسية (2866) من طريق عيسى بن المغيرة، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (235) من طريق عثمان بن طلحة، كلاهما عن ابن أبي ذئب ..
وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلم رواه إلا ابن أبي ذئب، وقد اختلف على ابن أبي ذئب. فرواه ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة. ورواه غير ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها. وصححه الألباني في "الصحيحة"(1257).
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتكى المؤمن خلصه الله من الذنوب كما يخلص الكير خبث الحديد" الحديث، الكير هو زق أو جلد غليظ للحدادين ينفخون فيه على الحديد، وأما المبني من الطين فهو الكورُ
(1)
، والخَبث مفتوح الخاء والباء ويروى مضموم الخاء ساكن الباء ما تلقيه النار من وسخ الحديد والنحاس والفضة وغير ذلك، وقذره الذي تخرجه النار منه إذا أذيب
(2)
.
5185 -
وَعَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ قَالَ لي ابْن عَبَّاس أَلا أريك امْرَأَة من أهل الْجنَّة فَقلت بلَى قَالَ هَذِه الْمَرْأَة السَّوْدَاء أَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت إِنِّي أصرع وَإِنِّي أتكشف فَادع الله لي قَالَ إِن شِئْت صبرت وَلَك الْجنَّة وَإِن شِئْت دَعَوْت الله أَن يعافيك فَقَالَت أَصْبِر فَقَالَت إِنِّي أتكشف فَادع الله لي أَن لَا أتكشف فَدَعَا لَهَا. رواه البخاري
(3)
ومسلم
(4)
.
قوله: "وعن عطاء بن أبي رباح"
(5)
هو أبو محمد، عطاء بن أبي رباح -واسم أبي رباح أسلم- مولى فهر، أو جمح المكي. كان جعد الشعر، أسودا، أفطسا، أشلا، أعورا، ثم عمي، وكان من أجلاء الفقهاء، وتابعي مكة، قال الأوزاعي:
(1)
الكواكب الدراري (9/ 64).
(2)
النهاية (2/ 5)، والكواكب الدراري (9/ 64).
(3)
صحيح البخاري (5652).
(4)
صحيح مسلم (54)(2576).
(5)
طبقات ابن سعد 5/ 467، تاريخ البخاري 6/ 463، الجرح والتعديل 6/ 330، سير أعلام النبلاء (5/ 78)، تاريخ الإسلام 4/ 278، ميزان الاعتدال 3/ 70، تهذيب التهذيب 7/ 199.
مات يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عند الناس، ومات سنة خمس عشرة ومائة، وقيل: سنة أربع عشرة، وله ثمان وثمانون سنة، سمع ابن عباس، وأبا هريرة، وأبا سعيد، وجابرا، وابن عمر، وعائشة، روى عنه عمرو بن دينار، والزهري، وحبيب بن أبي ثابت، وابن جريج، وقيس بن سعد وقال إبراهيم بن عمر بن كيسان: أذكرهم في زمان بنى أمية يأمرون في الحاج صائحا يصيح: لا يفتى الناس إلا عطاء بن أبى رباح. واتفقوا على توثيقه وجلالته وإمامته
(1)
.
قوله: "قال لي ابن عباس ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى. قال: هذه السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي" الحديث، هذه المرأة السوداء هي أم زفر
(2)
، وفي هذا الحديث دليل على أن الصرع يثاب عليه أكمل ثواب
(3)
والله أعلم.
5186 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ جَاءَت امْرَأَة بهَا لمَم إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله ادْع الله لي فَقَالَ إِن شِئْت دَعَوْت الله فشفاك وَإِن شِئْت صبرت وَلَا حِسَاب عَلَيْك قَالَت بل أَصْبِر وَلَا حِسَاب عَليّ. رواه البزار
(4)
(1)
جامع الأصول (12/ 702 - 703)، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 333 - 334).
(2)
أم زفر -بضم الزاي وفتح الفاء-، جاء ذلك في رواية البخاري، وقيل: هي سعيرة الأسدية. انظر: فتح الباري (10/ 119)، الإصابة (7/ 700 و 8/ 210)، تنبيه المعلم (ص 230، رقم 1055).
(3)
شرح النووي على مسلم (16/ 131).
(4)
أخرجه البزار (7980)(772 - كشف الأستار). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 307): رواه البزار وإسناده حسن.، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (2502).
وابن حبان في صحيحه
(1)
.
قوله: "وعن أبي هريرة" تقدم الكلام على مناقبه رضي الله عنه.
قوله: "جاءت امرأة بها لمم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ادع الله لي" الحديث. قال أهل اللغة: اللمم [طرف] من الجنون يلمّ بالإنسان أي يقرب منه ويعتريه. قاله في النهاية
(2)
، ومنه حديث أعوذ بكلمات الله التامة من شر كل عين لامّة، أي ذات لمَم ولذلك لم يقل ملمّة، اهـ.
5187 -
وَعَن معَاذ بن عبد الله بن حبيب عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لأصحابه أتحبون أَن لَا تمرضوا قَالُوا وَالله إِنَّا لنحب الْعَافِيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَا خير أحدكم أَن لَا يذكرهُ الله. رواه ابن أبي الدنيا
(3)
وفي إسناده إسحاق بن محمد الفروي
(4)
.
(1)
ابن حبان (2909). وأخرجه أحمد (9689)، والبغوي في شرح السنة (1424)، وهناد في الزهد (288)، والبزار، وابن حبان (2909)، والحاكم 4/ 218 من طرق عن محمد بن عمرو، به. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (502)، والبيهقي في الشعب (9969) من طريق قرة بن حبيب، عن إياس بن أبي تميم، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة - ضمن قصة مطولة.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 272).
(3)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (243)، وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (2/ 367): ضعيف.
(4)
صدوق، كف فساء حفظه، انظر: تقريب التهذيب (ص: 102 ت 381)، تهذيب التهذيب (1/ 248 ت 466).
قوله: "وعن معاذ بن عبد الله بن خبيب"
(1)
روى عن: أبيه، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن أنيس، وابن عباس، وعقبة بن عامر، وغيرِهم.
وعنه: بكير بن الأَشَجّ، وزيد بن أسلم، وسعيد بن أبي هلال، وغيرهم.
قال ابن معين: من الثقات وقال أبو داود: ثقة، وروى عنه غير واحد، وذكره ابن حبان في "الثقات" قال أبو بكر بن أبي عاصم: مات سنة ثماني عشرة ومئة
(2)
.
قوله: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه أتحبون أن لا تمرضوا؟ قال: والله أنا لنحب العافية" الحديث، تقدم الكلام على المرض في هذا الكتاب، وعلى العافية في كتاب الجنائز.
قوله: "في إسناده إسحاق بن محمد القروي" إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، واسمه عبد الرحمن بن الأسود بن سوادة، ويقال: الأسود بن عمرو بن رياش، ويقال: كيسان، القرشي الأموي، أبو سليمان المدني، مولى آل عثمان بن عفان، تركوه، تكلم فيه مالك والشافعي وتركاه
(3)
.
(1)
معاذ بن عبد الله بن خبيب بالمعجمة مصغر الجهني المدني صدوق ربما وهم. انظر: تهذيب التهذيب (10/ 191) تهذيب الكمال (28/ 125) تقريب التهذيب (ص: 536/ 6736). وعبد الله بن خبيب بمعجمة وموحدتين مصغرا الجهني [ويقال: الأسلمي] حليف الأنصار مدني له صحبة. انظر: معجم الصحابة للبغوي (4/ 165) معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1630)، أسد الغابة (3/ 119)، تهذيب التهذيب (5/ 197) الإصابة في تمييز الصحابة (6/ 123).
(2)
تهذيب الكمال (28/ ترجمة 6031).
(3)
تهذيب الكمال (2/ ترجمة 367).
5188 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا ضرب على مُؤمن عرق قطّ إِلَّا حط الله بِهِ عَنهُ خَطِيئَة وَكتب لَهُ حَسَنَة وَرفع لَهُ دَرَجَة رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد حسن وَاللَّفْظ لَهُ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
(1)
.
5189 -
وَعَن أبي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا مرض العَبْد أَو سَافر كتب لَهُ مثل مَا كَانَ يعْمل مُقيما صَحِيحًا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاود
(2)
.
[5190 - وَعَن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من أحد من النَّاس يصاب ببلاء فِي جسده إِلَّا أَمر الله عز وجل الْمَلَائِكَة الَّذين يَحْفَظُونَهُ قَالَ اكتبوا لعبدي فِي كل يَوْم وَلَيْلَة مَا كَانَ يعْمل من خير مَا كَانَ فِي وثاقي. رواه أحمد.
(3)
واللفظ له، والحاكم
(4)
. وقال: صحيح على شرطهما.
(1)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (207)، والطبراني في الأوسط (3/ 56 - 57 رقم 2460)، والبيهقي في الشعب (12/ 279 - 280 رقم 9394). قال الهيثمي في المجمع 2/ 304: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وضعفه الألباني في الضعيفة (4456) وضعيف الترغيب (1996). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
أخرجه البخاري (2996)، وأبو داود (3091). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(3)
أخرجه أحمد (6482)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 303): رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، ورجال أحمد رجال الصحيح.
(4)
أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 348)، وعنه: البيهقي في "شعب الإيمان"(9460)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(10804)، وفي "المسند" - كما في "إتحاف الخيرة المهرة (3844/ 1) ومن طريقه: ابن عبد البر في "الاستذكار"(8/ 407)، وفي "التمهيد"(5/ 49)، والدارمي في "السنن"(2770). البخاري في الأدب المفرد (500) وهناد بن =
5191 -
وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن العَبْد إِذا كَانَ على طَريقَة حَسَنه من الْعِبَادَة ثمَّ مرض قيل للْملك الْمُوكل بِهِ اكْتُبْ لَهُ مثل عمله إِذا كَانَ طليقا حَتَّى أطلقهُ أَو أكفته إِلَيّ وَإِسْنَاده حسن
(1)
.
= السري في "الزهد"(438). ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(76) أبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 83) والخطيب في "تاريخ بغداد"(7/ 21 - 22) والشجري في الأمالي الخميسية (2903). كلهم عن علقمة بن مرثد، عن القاسم بن مخيمرة، فذكره. وتابع: علقمة بن مرثد: أبو حصين عثمان بن عاصم الأسدي، وعاصم: أخرجه أحمد في "المسند"(2/ 205) والدولابي في "الكنى والأسماء"(1/ 373) والبزار في "المسند"(2413)(759 - كشف الأستار) وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(76) وأحمد في المسند (2/ 194)، ومن طريقه: أبو نعيم في "حلية الأولياء"(7/ 249) كلهم عن أبي حصين.
وأحمد في "المسند"(2/ 205)، والدولابي في "الكنى والأسماء"(1/ 373) عن عاصم، كلهم (علقمة بن مرثد، وأبو حصين عثمان بن عاصم الأسدي، وعاصم) عن القاسم بن مخيمرة، فذكره. قال الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". قال ضياء الدين المقدسي: "رجاله على شرط الصحيحين. "الأمراض أو الطب النبوي" (26). قال الهيثمي: "رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، ورجال أحمد رجال الصحيح. مجمع الزوائد (2/ 303) قلت: الحديث منقطع، قال ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار" (1447): القاسم بن مخيمرة الهمداني أبو عروة كان مولده بالكوفة مات سنة مائة لا يصح له من صحابي لقى.
ولم يخرج له الشيخان شيئا عن أي صحابي انما اخرجا له عن شريح بن هانيء و أبي بردة بن أبي موسى.
(1)
أخرجه عبد الرزاق (20308)، ومن طريقه: أحمد في "المسند"(6895)، وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(26)، والبزار في "المسند"(760 - كشف الأستار) والبيهقي في =
قَوْله: أكفته إِلَيّ -بكاف ثمَّ فَاء ثمَّ تَاء مثناة فَوق- مَعْنَاهُ أضمه إِلَيّ وأقبضه. قوله أكفته إلي بكاف ثم فاء ثم تاء مثناة فوق معناه أضمه إلي وأقبضه.
قوله: "وعن عبد الله بن عمرو" تقدم الكلام عليه. [قوله صلى الله تعالى عليه وسلم]: "إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة فيمرض قيل للملك الموكل به اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا"[أي صحيحا]. قوله: "حتى أطلقه أو أكفته إليّ" الحديث. قوله: "أكفته" بكاف ثم فاء ثم تاء مثناة فوق معناه أضمه إلي وأقبضه. اهـ، قاله المنذري. وقال في النهاية
(1)
: أي أضمّه إلى القبر، ومنه قيل للأرض [كفاة]. وقال ابن عطية
(2)
: الكفات: السِّتر والوِعاء الجامع للشيء بإجماع. فقوله كفتَ الرجل شعره إذا جمعه بخرقة، وقرأ ابن مسعود وقد دفن قملة في المسجد {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا
= "السنن الكبرى"(3/ 524)، والبغوي في "شرح السنة"(1429)، وفي "التفسير"(1861). عن معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 303) رواه أحمد وإسناده صحيح. قال ابن حجر:"أخرجه عبد الرزاق وأحمد وصححه الحاكم". فتح الباري (6/ 137).
وروي موقوفا عن عبد الله بن عمرو: أخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(97) حدثنا خلف بن هشام، حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن أبي النجود، عن خيثمة، عن عبد الله بن عمرو، قال: إذا مرض المسلم مرضا فذكره.
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 184).
(2)
تفسير ابن عطية (5/ 419).
(25)
}
(1)
. قال أبو محمد
(2)
: ولما كان القبر كفاتا كالبيت قطع من سرق منه، فالأرض تكفت الأحياء على ظهرها وتكفت الأموات في بطنها. وأصل الكفت الستر والضم قال الله تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26)}
(3)
أي تضمهم على ظهرها وفي بطنها. قاله عياض
(4)
.
5192 -
وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا ابتلى الله عز وجل العَبْد الْمُسلم ببلاء فِي جسده قَالَ الله عز وجل للْملك اكْتُبْ لَهُ صَالح عمله الَّذِي كَانَ يعْمل وَإِن شفَاه غسله وطهره وَإِن قَبضه غفر لَهُ ورحمه، رواه أحمد ورواته ثقات
(5)
.
قوله: "وعن أنس بن مالك" تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده" فذكر الحديث وفي
(1)
سورة المرسلات، الآية:25.
(2)
المصدر السابق.
(3)
سورة المرسلات، الآية:25.
(4)
إكمال المعلم (8/ 310 - 311).
(5)
أخرجه أحمد (12503) و (13501) و (13712)، والبخاري في الأدب المفرد (501) وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (160) و (178)، وأبو يعلى الموصلي (4233) و (4235) والعقيلي الضعفاء الكبير (2/ 170)، والطحاوي في مشكل الآثار (2213)، والبيهقي في شعب الإيمان (9465). قال أبو جعفر العقيلي: وفي هذا الباب أحاديث من غير هذا الطريق بأسانيد جياد. قال البيهقي: سنان بن ربيعة هو أبو ربيعة وفي هذا دلالة على أنه لم يسمعه من أنس بن مالك، والله أعلم. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 304): رواه أبو يعلى وأحمد، ورجاله ثقات.
آخره "وإن قبضه غفر له ورحمه" تقدم أن الابتلاء هو الامتحان.
تنبيه: المغفرة ستر الذنوب ومحوها، والرحمة الخيرات، فالأول عبارة عن الزحزحة عن النار، والثاني إدخال الجنة، وهذا هو الفوز العظيم
(1)
.
لطيفة: قال الجنيد بِتُّ عند [السري] ليلة فقال لي أنائم أنت؟ قلت: لا. قال: أوقفني الحق بين يديه وقال: أتدري لم خلقت الخلق؟ قلت: لا. قال: خلقتهم فادّعوا محبتي فخلقت الدنيا فاشتغل بها من [العشرة] آلاف تسعة آلاف وبقي ألف، فخلقت الجنة فاشتغل بها تسع مائة وبقيت مائة فسلطت عليهم شيئا من بلائي فاشتغل تسعون وبقي عشرة، فقلت لهم لا الدنيا وأردتم ولا في الجنة رغبتم ولا من البلاء هربتم فماذا تريدون؟ قالوا: إنك لتعلم ما نريد، فقلت إني سأنزل عليكم من البلاء ما لا تطيقه الجبال أفتثبتون؟ قالوا: ألست أنت الفاعل؟ قد [رضينا بك ونحمل] ذلك بك وفيك ولك، فقلت لهم: أنتم عبادي حقا
(2)
. [شعر]:
نفس إليكِ بِكُلِّهَا قَدْ أَجْمَعَتْ
…
لَوْ كَانَ فِيكِ هَلاكُهَا مَا أَقْلَعَتْ
تَبْكِي عَلَيْكَ ببعضها في بعضها
…
حَتَّى يُقَالُ مِنَ الْبُكَاءِ تَقَطَّعَتْ
انْظُر إِلَيْهَا نظرة بتعطف
…
فلطالما متّعتها فتمتّعت
(3)
(1)
الكواكب الدراري (22/ 138).
(2)
شعب الإيمان (2/ 26 - 27).
(3)
قاله أبو علي الروذباري انظر: طبقات الصوفية (ص 272) للسلمى، انظر: عقلاء المجانين (ص 101).
5193 -
وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا من عبد يمرض مَرضا إِلَّا أَمر الله حافظه أَن مَا عمل من سَيِّئَة فَلَا يَكْتُبهَا وَمَا عمل من حَسَنَة أَن يَكْتُبهَا عشر حَسَنَات وَأَن يكْتب لَهُ من الْعَمَل الصَّالح كَمَا كَانَ يعْمل وَهُوَ صَحِيح وَإِن لم يعْمل رَوَاهُ أَبُو يعلى وَابْن أبي الدُّنْيَا
(1)
.
5194 -
وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عجب لِلْمُؤمنِ وجزعه من السقم وَلَو كانَ يعلم مَا لَهُ من السقم أحب أَن يكون سقيما الدَّهْر ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَضَحِك فَقيل يَا رَسُول الله مِم رفعت رَأسك إِلَى السَّمَاء فَضَحكت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عجبت من ملكَيْنِ كَانَا يلتمسان عبدا فِي مصلى كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فَلم يجداه فَرَجَعَا فَقَالَا يَا رَبنَا عَبدك فلَان كُنَّا نكتب لَهُ فِي يَوْمه وَلَيْلَته عمله الَّذِي كَانَ يعْمل فوجدناه حَبسته فِي حبالك قَالَ الله تبارك وتعالى اكتبوا لعبدي عمله الَّذِي كانَ يعْمل فِي يَوْمه وَلَيْلَته وَلَا تنقصوا مِنْهُ شَيْئا وَعلي أجره مَا حَبسته وَله أجر مَا كَانَ يعْمل رواه ابن أبي الدنيا
(2)
(1)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (238)، وأبو يعلى (6638). قال الهيثمي في المجمع 2/ 304: رواه أبو يعلى وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور وهو ضعيف. وضعفه الألباني في الضعيفة (4998) وضعيف الترغيب (1997). ولم يدرج الشارح تحته شرحًا.
(2)
وفي رواية: عن عبد الله، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فتبسم فقلنا: يا رسول الله مم تبسمت؟ قال: "عجبت للمؤمن وجزعه من السقم ولو يعلم ما في السقم أحب أن يكون سقيما حتى يلقى الله عز وجل" لفظ الطيالسي في "المسند"(345) أخرجه أبو داود الطيالسي في "المسند"(345، 346)، ومن طريقه: أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 266 - 267)، =
والطبراني في الأوسط
(1)
والبزار
(2)
باختصار
قوله: "وعن ابن مسعود" تقدم الكلام عليه. قوله: "عجب للمؤمن وجزعه وجزعه من السقم" تقدم الكلام على السقم.
5195 -
وَعَن أبي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ أَنه رَاح إِلَى مَسْجِد دمشق وهجر الرواح فلقي شَدَّاد بن أَوْس والصنابحي مَعَه فَقلت أَيْن تريدان يرحمكما الله
= والبيهقي في "شعب الإيمان"(9468 - 9469)، وإسحاق بن راهويه في "المسند"، كما في المطالب العالية (2451)، وإتحاف الخيرة المهرة (3842/ 1) والبزار في "المسند"(1761)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(2317) ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(75) وقوام السنة في الترغيب والترهيب (570) كلهم عن محمد بن أبي حميد، عن عون بن عبد الله، عن أبيه، فذكره. وقال الهيثمي:"رواه الطبراني في الأوسط والبزار باختصار وفيه محمد بن أبي حميد وهو ضعيف جدا. مجمع الزوائد (2/ 304)، وقال البوصيري: "مدار حديث ابن مسعود هذا على محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف. إتحاف الخيرة المهرة (3842/ 2). قال ابن حجر:""هذا حديث ضعيف الإسناد. المطالب العالية" (2451/ 2).
اختلف فيه على محمد بن أبي حميد: فروي عنه، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: بدون: "عن أبيه".
أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (4/ 267) عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن محمد بن أبي حميد، أن عون بن عبد الله أخبره، عن ابن مسعود، قال: تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
قال أبو نعيم: "تفرد به محمد عن عون. ورواه الليث بن سعد عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن محمد بن أبي حميد عن عون، ولم يقل عن أبيه.
(1)
الطبراني في المعجم الأوسط (2317).
(2)
البزار في المسند (1761).
تَعَالَى فَقَالَا نُرِيد هَهُنَا إِلَى أَخ لنا من مُضر نعوده فَانْطَلَقت مَعَهُمَا حَتَّى دخلا على ذَلِك الرجل فَقَالَا لَهُ كيفَ أَصبَحت فَقَالَ أَصبَحت بِنِعْمَة فَقَالَ شَدَّاد أبشر بكفارات السَّيِّئَات وَحط الْخَطَايَا فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الله يَقُول إِذا ابْتليت عبدا من عبَادي مُؤمنا فحمدني على مَا ابتليته فأجروا لَهُ كمَا كُنْتُم تجرون لَهُ وَهُوَ صَحِيح. رواه أحمد
(1)
من طريق إسماعيل بن عياش عن راشد الصنعاني والطبراني في الكبير والأوسط
(2)
وله شواهد كثيرة
(3)
.
قوله: "وعن أبي الأشعث الصنعاني" هو أبو الأشعث، شراحيل بن أدة، قاله يحيى بن معين وغيره، ويقال: شراحيل بن كليب بن ادة. ويقال:
(1)
مسند أحمد (17118).
(2)
الطبراني في المعجم الكبير (7/ 279/ 7136)، والمعجم الأوسط (4709)، ومسند الشاميين (1097)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 309)، وأبو يعلى في "المسند" كما في المطالب العالية (2454) كلهم من طريق إسماعيل بن عياش، به.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 303) رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط كلهم من رواية إسماعيل بن عياش عن راشد الصنعاني وهو ضعيف في غير الشاميين. وتعقبه الألباني في الصحيحة (4/ 144) وقال: فيه ذهول، وهذا -ابن الصنعاني- ليس نسبة إلى صنعاء اليمن، وإنما هو منسوب إلى صنعاء دمشق كما في التقريب، فهو شامي، وإسماعيل صحيح الحديث عنهم، فثبت الحديث، والحمد لله. اهـ. وهذا سند جيد. حسنه الألباني في ضعيف الجامع (4300)، والصحيحة (2009). صحيح الترغيب والترهيب (3/ 337) حسن صحيح الجامع الصغير وزيادته (4300).
(3)
انظر الصحيحة (1611)، (2009).
شراحيل بن شراحيل. ويقال: شرحبيل بن شرحبيل. والأول أشهر، وهو من صنعاء الشام وكانت قرية بالقرب من دمشق وهي الآن أرض فيها بساتين غربي دمشق بينها وبين الربوة، وقيل: أنه من صنعاء اليمن، ويحتمل أنه كان من صنعاء اليمن ثم لما قدم الشام سكن صنعاء دمشق. تابعي مشهور، روى عن عبادة بن الصامت، وثوبان، روى عنه مسلم بن يسار، وأبو قلابة، ثقة شهد فتح دمشق
(1)
.
قوله: "أنه راح إلى مسجد دمشق فهجر الرواح" الحديث، التهجير هو التبكير إلى الصلاة.
قوله: "فلقي شداد بن أوس والصنابحي معه" الحديث، هو شداد بن أوس بن المنذر بن حزام، فذكره إلى أن قال ابن مالك بن النجار وكنيته أبو محمد وقيل أبو عبد الرحمن وقيل أبو يعلى وشداد بن أوس ابن أخي حسان بن ثابت الشاعر، ونزل البيت المقدّس وسكنه وكان إمامه
(2)
.
وقال ابن أبي الدنيا: رئي على سور البيت المقدّس الشرقي وهو ينظر إلى وادي جهنم ويبكي فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: من ها هنا أخبرنا رسول الله
(1)
تهذيب الكمال (12/ ترجمة 2712).
(2)
طبقات ابن سعد: (7/ 401)، التاريخ الكبير: 4/ 224، تاريخ الفسوي: 1/ 356، 2/ 320، 719، الجرح والتعديل (4/ 328) الاستيعاب: 2/ 694، تهذيب الكمال 574، تاريخ الإسلام: 2/ 291، العبر: 1/ 62، تهذيب التهذيب: 4/ 315، الإصابة: 5/ 52، معجم الصحابة للبغوي (3/ 283) معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1459) أسد الغابة (2/ 355) تهذيب التهذيب (4/ 315).
-صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنم
(1)
. وقال: كان شداد إذا أوى إلى فراشه كأنه حبّة على [مَقْل] فيقول: اللهم إن النار قد أسهرتني ثم يقوم إلى الصلاة. وفي رواية أن جهنم لا تدع أحدا ينام
(2)
.
وقال ابن سعد
(3)
بإسناده عن محمد بن مسلم قال: قال شداد بن أوس وكانت له صحبة: زوجوني. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن لا ألقى الله عزبا، واسم أمّه صريمة من بني عدي بن النجار، وتقدم الكلام على مناقبه وتقدم الكلام على الصنابحي.
قوله: "رواه أحمد من طريق إسماعيل بن عياش عن راشد الصنعاني" راشد بن داود الصنعاني الدمشقي: قال الدارقطني: ضعيف لا يعتبر به، وقال البخاري: فيه نظر ووثقه دحيم وابن معين وغيرهما.
5196 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الله تبارك وتعالى إِذا ابْتليت عَبدِي الْمُؤمن فَلم يشكني إِلَى عواده أطلقته من إساري ثمَّ أبدلته لَحْمًا خيرا من لَحْمه ودما خيرا من دَمه ثمَّ يسْتَأْنف الْعَمَل. رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما
(4)
.
(1)
كذا قال سبط ابن الجوزى في مرآة الزمان (7/ 363)، وأخرجه ابن حبان (7464)، والحاكم في المستدرك 4/ 603 - 604، عن عبادة بن الصامت.
(2)
الطبقات 5/ 322، ومرآة الزمان (7/ 363).
(3)
طبقات ابن سعد: 7/ 401.
(4)
أخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (215)، والحاكم (1/ 348 - 349)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وصححه الألباني في الصحيحة (272)، وصحيح الترغيب (3424).
قوله: "وعن أبي هريرة" تقدم الكلام على مناقبه.
قوله: "إذا ابتليتُ عبدي فلم يشكني لعُوّاده أطلقته من أسري" الحديث.
وعن علقمة قال: دخلنا على ابن مسعود فقلنا: يا أبا عبد الرحمن ما تشتكي؟ قال: ذنوبي. قلنا: ما تشتهي: قال أشتهي المغفرة. فقالا: أنا [نأتيك] بطبيب؟ قال: الطبيب أنزل في ما تَرْون. قال: ثم بكى عبد الله، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد إذا مرض يقول الرب تبارك وتعالى عبدي في وثاقي فإن كان نزل به المرض وهو في [اجتهاده] قال اكتبوا له من الأجر قدر ما كان يعمل في اجتهاده وإن كان نزل به المرض وهو في فترة منه قال: اكتبوا له من الأجر قدر ما كان في فترته. فأنا أبكي أنه نزل بي المرض في فترة، ولوددت أنه كان في اجتهاد مني
(1)
.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا مرض أوحى الله عز وجل إلى ملائكته: يا ملائكتي أنا قيدت عبدي بقيد من قيودي فإن أقبضه أغفر له وإن أعافيه فجسد مغفور له لا ذنب له
(2)
. اهـ.
5197 -
وَعَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَا يمرض مُؤمن وَلَا مُؤمنَة وَلَا مُسلم وَلَا مسلمة إِلَّا حط الله بِهِ خطيئته وَفِي
(1)
أخرجه البيهقي في الشعب (12/ 326 - 327 رقم 9466).
(2)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (25)، والطبراني في الكبير (8/ 167 رقم 7701)، والحاكم (4/ 313). وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: فيه عفير بن معدان واه. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 291: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف. وصححه الألباني في الصحيحة (1611).
رِوَايَة إِلَّا حط الله عَنهُ من خطاياه رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان فِي صَحِيحه إِلَّا أَنه قَالَ إِلَّا حط الله بذلك خطاياه كَمَا تنحط الورقة عَن الشَّجَرَة
(1)
.
5198 -
وَعَن أَسد بن كرز رضي الله عنه أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول الْمَرِيض تحات خطاياه كَمَا يتحات ورق الشّجر رَوَاهُ عبد الله بن أَحْمد
(2)
فِي زوائده وَابْن أبي
(1)
أخرجه أحمد 3/ 346 (14725) و 3/ 386 (15146) و 3/ 400 (15297)، والبزار (758 - كشف الأستار)، والطحاوي في مشكل الآثار (2222)، وأبو يعلى (2305)، وابن حبان (2927). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 201: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (3425). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
أخرجه عبد الله بن أحمد (16654) وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2543) و (2793)، والطبراني في الكبير (6/ 235) رقم (6086)، والضياء في المختارة (1428)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (893) من طريق سلم بن قتيبة، عن يونس بن أبي إسحاق، عن إسماعيل بن أوسط، عن خالد بن عبد الله، عن جده أسد بن كرز، سمع النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين خالد بن عبد الله -وهو ابن يزيد بن أسد القسري- وبين جده، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/ 110) وفي تعجيل المنفعة (1/ 297). -في ترجمة أسد بن كرز- وقال أيضا: أسد بن كرز بن عامر البجلي القسري، له صحبة ورواية، روى عنه حفيده خالد بن عبد الله القسري الأمير، ورواية خالد حفيده، عنه منقطعة، وهو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد، فأسد جد أبيه. قال أبو حاتم الرازي: أسد بن كرز، له صحبة. "الجرح والتعديل" 2/ 337.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 301: إسناده حسن، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5928)، وقال في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 338): صحيح لغيره.
الدُّنْيَا بِإِسْنَاد حسن
(1)
.
قوله: "وعن أسد بن كرز"
(2)
هو أسد بن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن غمغمة بن جرير بن شق بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ البجلي القسري، جد خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسري أمير العراق، عداده في أهل الشام، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، ولأبيه يزيد أيضا صحبة.
روى عنه مهاجر بن حبيب، وضمرة بن حبيب، وحفيده: خالد بن عبد الله، وأهدى للنبي قوسا، فأعطاها قتادة بن النعمان
(3)
.
5199 -
وَعَن أم الْعَلَاء وَهِي عمَّة حَكِيم بن حزَام وَكَانَت من المبايعات رضي الله عنها قَالَت عادني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا مَرِيضَة فَقَالَ يَا أم الْعَلَاء أَبْشِرِي فَإِن مرض الْمُسلم يذهب الله بهِ خطاياه كَمَا تذْهب النَّار خبث الْحَدِيد وَالْفِضَّة. رواه أبو داود
(4)
.
(1)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (ص: 166) كتب إلي عقبة بن مكرم، حدثنا سلم بن قتيبة، عن يونس، عن إسماعيل بن أوسط، عن خالد بن عبد الله، عن جده أسد بن كرز، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: المريض تحات خطاياه كما يتحات ورق الشجر.
(2)
الجرح والتعديل (2/ 337) أسد معرفة الصحابة لابن منده (ص: 198) أسد معرفة الصحابة لأبي نعيم (1/ 268)، أسد الغابة (1/ 85) الإصابة (1/ 110)، تعجيل المنفعة (1/ 297).
(3)
أسد الغابة (1/ 203).
(4)
أبو داود (3092)، والطبراني في المعجم الكبير (25/ 141/ 340) المنتخب من مسند عبد بن حميد (1564)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7995) والمزي في تهذيب الكمال =
قوله: "وعن أم العلاء"[أم العلاء بالمد وهي عمة حكيم بن حزام [الأنصارية]. قال الحافظ [القسطلاني]: صوابه: حزام بن حكيم [الأنصارية]، وكانت من المبايعات، واسمها
(1)
كنيتها.
قوله في الحديث: "فإن مرض المسلم يُذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الفضة والحديد" الحديث، الخبث هو ما تبديه النار وتميزه من رديء الفضة والحديد وتنقيه إذا أذيبا
(2)
. وتقدم الكلام على مثل هذا قريبا في الباب.
5200 -
وَعَن عَامر الرام أخي الْخضر رضي الله عنه قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ النُّفيْلِي هُوَ الْخضر وَلَكِن كَذَا قَالَ قَالَ إِنِّي لببلادنا إِذْ رفعت لنا رايات وألوية فَقلت مَا هَذَا قَالُوا هَذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْته وَهُوَ تَحت شَجَرَة قد بسط لَهُ كسَاء وَهُوَ جَالس عَلَيْهِ وَقد اجْتمع إِلَيْهِ أَصْحَابه فَجَلَست إِلَيْهِ فَذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الأسقام فَقَالَ إِن الْمُؤمن إِذا أَصَابَهُ السقم ثمَّ أَعْفَاهُ الله مِنْهُ كَانَ كفَّارَة لما مضى من ذنُوبه وموعظة لَهُ فِيمَا يسْتَقْبل وَإِن الْمُنَافِق إِذا مرض ثمَّ أعفي كَانَ كالبعير
= (35/ 376) عن عبد الملك بن عمير، عن أم العلاء،. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (714)، وصحيح الترغيب والترهيب (3427)، وصحيح الجامع الصغير وزيادته (37 - 14).
(1)
أم العلاء عمة حزام بن حكيم صحابية لها حديث وروى عبد الملك بن عمير عن أم العلاء امرأة منهم فكأنها أخرى، تقريب التهذيب (ص: 757) 8752 - تهذيب الكمال (35/ 376)، أسد الغابة (6/ 370) الإصابة في تمييز الصحابة (8/ 440).
(2)
النهاية (2/ 5).
عقله أَهله ثمَّ أَرْسلُوهُ فَلم يدر لم عقلوه وَلم يدر لم أَرْسلُوهُ فَقَالَ رجل مِمَّن حوله يَا رَسُول الله وَمَا الأسقام وَالله مَا مَرضت قطّ قَالَ قُم عَنَّا فلست منا. رواه أبو داود وفي إسناده راو لم يسم
(1)
(1)
أخرجه أبو داود (3089)، ومن طريقه: البيهقي في شعب الإيمان (6728)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 57) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1767). قال ابن أبي حاتم الرازي: روى محمد بن إسحاق، عن أبي منظور الشامي، عن عمه، عن عامر الرام أخي الخضر، قال: جلست إلى النبي صلى الله عليه وسلم. روى ابن أبي أويس، عن أبيه، عن ابن إسحاق، فأدخل بينه وبين أبي منظور الحسن بن عمارة. "الجرح والتعديل" 6/ 329.
إسناده ضعيف لجهالة أبي منظور وعمه، وقد روى هذا الحديث ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 121)، فقال: عن أبي منظور، عن عمه، عن عامر الرامي، وكذلك رواه المزي في تهذيب الكمال (4/ 86 - 87) من طريق عبد الله بن محمد النفيلي، قال الحافظ في النكت الظراف 4/ 236 - 237: ليس بين الروايتين اختلاف، إلا أن ظاهر الرواية أنه عن أبي منظور: عن عمه، عن عمه، مرتين، وليس ذلك المراد، وإنما المراد أن الراوي بعد أن قال: عن عمه، بالعنعنة بين أن عمه صرح له بالحديث، فقال: حدثني عمي، بعد أن قاله بلفظ: عن عمه.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في حسن الظن بالله (20)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 236 - 237، والبيهقي في شعب الإيمان (7130)، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 58، والبغوي في شرح السنة (1440)، وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 121)، والمزي في تهذيب الكمال (4/ 86 - 87) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري معلقا في التاريخ الكبير 6/ 446 عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، حدثني الحسن بن عمارة، عن أبي منظور، عن عمه، عن عامر الخضر الرام. قال الحافظ في الإصابة 3/ 606: هذا يدل على وهم أبي أويس، أو يكون ابن إسحاق سمعه من الحسن، عن أبي منظور. وفي باب أن الأمراض والبلاء فيهما تكفير =
قوله: "وعن عامر الرام أخي الخُضْر"
(1)
الخُضْر بضم الخاء وإسكان الضاد المعجمتين فرد من الأسماء. عامر الرام أخو الخضر والخضر قبيلة من قيس عيلان، ثم من محارب بن حصفة بن قيس عيلان، وهم ولد مالك بن طريف بن خلف بن محارب. قيل لمالك وأولاده: الخضر، لأنه كان آدم، وكان عامر أرمى العرب له رؤية ورواية روى عنه أبو منظور
(2)
.
قوله: "إني لببلادنا إذ رُفعتْ لنا رايات وأعلام" الحديث، أي ظهرت لأبصارنا رايات وأعلام. قوله:"إن المؤمن إذا أصابه السّقم ثم أعفاه الله منه" تقدم الكلام على ضبط السقم وتفسيره. قوله: "وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلم يدر لم عقلوه ولم يدر لم أرسلوه" الحديث. أعفي المريض بمعنى عُوفي. قوله: "فقال رجل ممن حوله: يا رسول الله وما الأسقام؟ والله ما مرضت قط؟ فقال: قم عنا فلست
= للذنوب عن عدد من الصحابة، منها: عن أنس بن مالك عند الترمذي (2559)، وابن ماجه (4031) رفعه، ولفظه: إن عظم الجزاء مع عظم النبلاء، فإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، وحسنه الترمذي. ونحو هذا اللفظ عن محمود بن لبيد عند أحمد (23623).
وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود (679)، وضعيف الترغيب والترهيب (2/ 369)، وضعيف الجامع الصغير وزيادته (1767).
(1)
التاريخ الكبير للبخاري (6/ 446) الجرح والتعديل (6/ 329) معرفة الصحابة لأبي نعيم (4/ 2064) الاستيعاب (2/ 789) أسد الغابة (3/ 17) الإصابة في تمييز الصحابة (3/ 491) تقريب التهذيب (ص: 289/ 3114)، تهذيب التهذيب (5/ 84).
(2)
جامع الأصول (12/ 558) وأسد الغابة (3/ 118).
منا" أي لست ممن اهتدى بهدينا وعملنا وحسن طريقتنا.
5201 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ لما نزلت {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}
(1)
فَقَالَ إِنَّا لنجزى بِكُل مَا عَملنَا هلكنا إِذا فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ نعم يجزى بِهِ فِي الدُّنْيَا من مُصِيبَة فِي جسده مِمَّا يُؤْذِيه. رواه ابن حبان في صحيحه
(2)
.
(1)
سورة النساء، الآية:123.
(2)
قوله: وعن أبي هريرة، لعله وهم فهو بهذا اللفظ مروي عن عائشة: انظر: إتحاف المهرة (21947) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 339) عن عائشة رضي الله عنها: وهو في (الموارد) برقم (1736) وقد أورده ابن كثير في تفسيره (1/ 558) ط الحلبي نقلا عن كتاب سعيد بن منصور عن ابن وهب بسنده إلى عائشة. ونسبه السيوطي في الدر المنثور (2/ 227) إلى ابن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه، وأبي يعلى، وابن جرير، والبيهقي في شعب الإيمان -بسند صحيح- عن عائشة، رواه ابن حبان في صحيحه. وصححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (4/ 466) - التعليق الرغيب (4/ 152)، الروض (819).
رواه أبو يعلى الموصلي في "المسند" كما في إتحاف الخيرة المهرة (5673/ 2) وله شاهد من حديث أنس بن مالك.
وأخرجه أحمد (6/ 65)، وسعيد بن منصور (رقم 699). والبخاري في التاريخ (8/ 371). وأبو يعلى في مسنده (4/ 354). والبيهقي في شعب الإيمان (7/ 151)، كلهم من طريق بكر بن سوادة، عن يزيد بن أبي يزيد، عن عبيد بن عمير، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: .. وهذا إسناد رجاله ثقات إلا يزيد، فذكره البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 298)، وابن حجر في في تعجيل المنفعة (454) وقد روى عنه جمع ولم يوثقه إلا ابن حبان في الثقات (7/ 631).
قوله: "وعن أبي هريرة" تقدم الكلام على مناقبه.
قوله: "قال أبو هريرة لما نزلت {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها"
(1)
الحديث.
المقاربة هي القصد الذي لا غلو فيه ولا تقصير وهو القريب من الطاعة الذي لا مشقة فيه ومنه قوله: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا}
(2)
غير شاق، والسدّاد الاستقامة والإصابة والنكبة تقدم الكلام عليها قريبا، ويُنكَبها بضمّ الياء وفتح الكاف مبنيا للمفعول، ويحتمل أن يُراد بالنكبة هنا المصيبة وهو معناها المشهور. قال الجوهري
(3)
والنكبة واحدة نكبات الدهر. والله أعلم.
5202 -
وَعَن أبي بكر الصّديق رضي الله عنه أَنه قَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ الصّلاح بعد هَذِه الْآيَة {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}
(4)
وكل شَيْء عَمِلْنَاهُ جزينا بِهِ فَقَالَ غفر الله لَك يَا أَبَا بكر أَلَسْت تمرض أَلَسْت تحزن أَلَسْت يصيبك اللأواء قَالَ فَقلت بلَى قَالَ هُوَ مَا تُجْزونَ
(1)
هذا ليس لفظ حديث الترغيب وإنما هو حديث آخر لأبى هريرة بلفظ: لما نزل: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] شق ذلك على المسلمين، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"قاربوا وسددوا، وفي كل ما يصيب المؤمن كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها". أخرجه مسلم (2573) م، والترمذي (3038).
(2)
سورة التوبة، الآية:42.
(3)
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (1/ 228).
(4)
سورة النساء، الآية:123.
بِهِ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه أَيْضا
(1)
.
واللأواء بِهَمْزَة سَاكِنة بعد اللَّام وهمزة فِي آخِره ممدودة هِيَ شدَّة الضّيق.
5203 -
وَعَن أُمَيْمَة أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة عَن هَذِه الْآيَة {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}
(2)
الْآيَة وَ {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} فَقَالَت عَائِشَة مَا سَأَلَني أحد مُنْذُ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لي النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَا عَائِشَة هَذِه مبايعة الله العَبْد بِمَا يُصِيبهُ من الْحمى والنكبة والشوكة حَتَّى البضاعة يَضَعهَا فِي كمه فيفقدها فَيفزع لَهَا فيجدها فِي ضبنه حَتَّى إِن الْمُؤمن ليخرج من ذنُوبه كَمَا يخرج الذَّهَب الْأَحْمَر من الْكِير رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا من رِوَايَة عَليّ بن يزِيد عَنهُ
(3)
.
(1)
أخرجه أبو يعلى (98) و (99) و (100) و (101)، وابن حبان (2910) و (2926) والحاكم (3/ 74 - 75). وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وقال الألباني: حسن، الروض (819)، وصححه في صحيح الترغيب (3430). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
سورة البقرة، الآية:284.
(3)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (101)، والقاسم بن سلام في الناسخ والمنسوخ (513)، وإسحاق بن راهويه (1413)، والطيالسي (1689)، والترمذي (2991)، وقوام السنة في الترغيب والترهيب (560) من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أمية، أنها سألت عائشة.
وقال القاسم بن سلام في الناسخ (513) عن أمة، أو قال: عن أمية شك أبو عبيد عن عائشة وقال الترمذي (2991)، وإسحاق بن راهويه (1413) أمية، أبي داود الطيالسي (1689) قال: عن أمية بنت عبد الله، وقال قوام السنة (560) أمينة وقال الترمذي (2991)"هذا حديث حسن غريب من حديث عائشة، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة". =
الضبن بضاد مُعْجمَة مَكْسُورَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة سَاكنة ثمَّ نون هُوَ مَا بَين الْإِبِط والكشح وَقد أضبنت الشَّيْء إِذا جعلته فِي ضبنك فأمسكته.
قوله: "وعن أميمة" هي أميمة بنت عبد الله ويقال أمية وعنها ربيبها علي بن زيد بن جدعان وقيل عن علي عن أم محمد وهي امرأة أبيه واسمها أمينة قال ابن كثير: علي بن زيد بن جدعان، ضعيف يغرب في رواياته، وهو يروي هذا الحديث عن امرأة أبيه -أم محمد بنت عبد الله-، عن عائشة، وليس له عنها في الكتب سواه
(1)
.
قوله: "أنها سألت عائشة {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}
(2)
الآية، {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} الآية"، فذكر الحديث.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة هذه متابعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة" إلى آخره. قال بعض المحققين: وقع في بعض النسخ: [يتابع] الله العبدَ، ولا معنى له، والصواب معاتبة الله العبد، ومعنى المعاتبة هنا أن
= وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 12): "رواه أحمد، وأمينة لم أعرفها قال ابن حجر في تعجيل المنفعة (1628) أمينة بالتصغير عن عائشة رضى الله تعالى عنها وعنها سليمان التيمي لا تعرف. أظنها أم محمد امرأة زيد بن جدعان والد علي بن زيد بن جدعان روى عنها علي بن زيد أحاديث يقول في بعضها عن أم محمد وفي بعضها عن امرأة أبيه وفي بعضها عن أمه وفي بعضها عن آمنة ومنهم من قال أمية بالتصغير وبالتحتانية الثقيلة والجميع واحدة فيما أحسبه فإن يكن كذلك فهي معروفة.
(1)
تهذيب الكمال (35/ 132 - 133)، وتفسير ابن كثير (1/ 340).
(2)
سورة البقرة، الآية:284.
يؤاخذه بما أصابه من الذنوب
(1)
، اهـ.
والإشارة إلى مفهوم الآية المسئول عنها، أي محاسبة الله تعالى عباده ومجازاتهم بما يبدون وما يخفون من الأعمال هو بما يصيبهم من الدنيا من الآفات
(2)
والله أعلم.
وقوله: "حتى البضاعة يضعها في كمّه" فذكره إلى أن قال: "فيجدها في ضبنه"، أي لو وضع متاعه في كمه وسقط، والضبن قد ضبطه الحافظ وفسره فقال: هو ما بين الإبط والكشح، وقد أضبنت الشيء إذا جعلته في ضبنك فأمسكته.
[قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} أي تظهروا ما في قلوبكم من السوء وعملتم به أو تخفوه بمعنى أو تسِرّوه يعني ما جرى في خواطركم من قصد الذنوب يحاسبكم به الله ولكن جزاؤه ما يصيب الرجل من الحزن والمرض وغير ذلك. هذا قول عائشة، وفي قول هذه الآية منسوخة بقوله:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
(3)
[ودفع ما جرى في الخاطر ليس بمقدور الإنسان]، والمعاتبة جريان العتاب بين الصديقين يظهر أحد الخليلين من نفسه الغضب على خليله إذا ظهر منه سوء أدب مع أن في قلبه محبة، يعني ليس معنى الآية أن يعذّب الله المؤمنين بجميع ذنوبهم يوم
(1)
الميسر (2/ 377).
(2)
تحفة الأبرار (1/ 425).
(3)
سورة البقرة، الآية:286.
القيامة، بل معناه أنه يلحقهم الجوع والعطش والمرض والحزن وغير ذلك من المكاره حتى إذا خرجوا من الدنيا خرجوا في حال صيرورتهم متطهرين برآء من الذنوب، لأن مكاره الدنيا كفارة لذنوب المؤمنين
(1)
].
5204 -
وَعَن عَطاء بن يسَار رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا مرض العَبْد بعث الله إِلَيْهِ ملكَيْنِ فَقَالَ انْظُرُوا مَا يَقُول لعواده فَإِن هُوَ إِذا جاؤوه حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ رفعا ذَلِك إِلَى الله وَهُوَ أعلم فَيَقُول لعبدي عَليّ إِن توفيته أَن أدخلهُ الْجنَّة وَإِن أَنا شفيته أَن أبدله لَحْمًا خيرا من لَحْمه ودما خيرا من دَمه وَأَن أكفر عَنهُ سيئاته رَوَاهُ مَالك مُرْسلا
(2)
وَابْن أبي الدُّنْيَا
(3)
وَعِنْده فَيَقُول الله عز وجل
(1)
المفاتيح (2/ 402).
(2)
مالك في الموطأ (1682).
(3)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (13)، وروي موصولا: أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1392) عن سليمان بن سليم عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم به. وتوبع سليمان بن سليم على وصله، تابعه عباد بن كثير فرواه البيهقي في الشعب (9942)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 47) عن عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: به. وعند البيهقي قرنه مع سليمان هذا في السند. وهذا معل.
فرواه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (13) حدثنا ابن جميل حدثنا عبد الله حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. وهو أصح ومالك في الموطأ (1682)، والبيهقي في شعب الإيمان (9941) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به. هذا مرسل وهو المحفوظ عن مالك، راجع للتفصيل الدارقطني في العلل (10/ 97).
إِن لعبدي هَذَا عَليّ إِن أَنا توفيته أدخلته الْجنَّة وَإِن أَنا رفعته أَن أبدله لَحْمًا خيرا من لَحْمه ودما خيرا من دَمه وأغفر لَهُ.
قوله: "وعن عطاء بن يسار"
(1)
بالياء المثناة التحتانية والمهملة، كنيته أبو محمد المدني، مولى ميمونة أم المؤمنين، وكان عطاء قاصّا ويرى القدر، مات سنة أربع وتسعين على الأشبه. قاله الكرماني
(2)
. قوله: "رواه مالك مرسلا" تقدم الكلام على الحديث المرسل أنه الذي يرويه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يذكر الصحابي.
5205 -
وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ دخلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فمسسته فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّك توعك وعكا شَدِيدا فَقَالَ أجل إِنِّي أوعك كمَا يوعك رجلَانِ مِنْكُم قلت ذَلِك بِأَن لَك أَجْرَيْنِ قَالَ أجل مَا من مُسلم يُصِيبهُ أَذَى من مرض فَمَا سواهُ إِلَّا حط الله بهِ سيئاته كمَا تحط الشَّجَرَة وَرقهَا رواه البخاري
(3)
ومسلم
(4)
.
قوله: "وعن ابن مسعود" تقدم.
قوله: "دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فمسِسته" بكسر السين الأولى.
(1)
طبقات ابن سعد 5/ 173، تاريخ البخاري 6/ 461، تاريخ الإسلام 4/ 34 و 155، تذكرة الحفاظ 1/ 84، تهذيب التهذيب 7/ 217، تقريب التهذيب (ص: 392) 4605 تهذيب الكمال (20/ 125) سير أعلام النبلاء (4/ 448) تاريخ الإسلام (3/ 104).
(2)
الكواكب الدراري (2/ 4).
(3)
صحيح البخاري (5647).
(4)
صحيح مسلم (45)(2571).
قوله: "فقلت يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا" الوعك الحمى. قاله المنذري، وقيل: الوعك حرارة الحمى وشدتها والرعدة فيها
(1)
، وقد وعكه المرض وعكا فهو موعوك
(2)
.
قوله: "فقال: أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم" الحديث. أجَل رُوي بسكون الجيم وفتح اللام بمعنى من أجل وبفتح الجيم وسكون اللام مخففة، ومعناها نعم، وهي تقع في جواب الخبر تحقيقا له وتصديقا للخبر يقال لك قد كان أو يكون فتقول أجل، ولا تصلح في جواب الاستفهام، وأما نعم فمحققة لكل كلام، كذا في كتاب الفائق
(3)
أي [يصيبني] سَوْرة الحمى وحدّتها ضعف ما يصيبه رجل منكم. وقال بعضهم أيضا: أجل إنما هو جواب مثل نعم من حروف الإيجاب
(4)
، اهـ.
5206 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رجلا من الْمُسلمين قَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت هَذِه الْأَمْرَاض الَّتِي تصيبنا مَا لنا بهَا قَالَ كفَّارَات قَالَ أبي يَا رَسُول الله وَإِن قلت قَالَ وَإِن شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا فَدَعَا على نَفسه أَن لَا يُفَارِقهُ الوعك حَتَّى يَمُوت وَأَن لَا يشْغلهُ عَن حج وَلَا عمْرَة وَلَا جِهَاد فِي سَبِيل الله وَلَا صَلَاة مَكْتُوبَة فِي جمَاعَة قَالَ فَمَا مس إِنْسَان جسده إِلَّا وجد حرهَا حَتَّى
(1)
تحفة الأبرار (1/ 422).
(2)
النهاية (5/ 207).
(3)
الفائق في غريب الحديث (2/ 11).
(4)
الصحاح (4/ 1622).
مَاتَ رَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان فِي صَحِيحه الوعك الْحمى
(1)
.
5207 -
وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الصداع والمليلة لَا تزَال بِالْمُؤمنِ وَإِن ذَنبه مثل أحد فَمَا تَدعه وَعَلِيهِ من ذَلِك مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل.
5208 -
وَفِي رِوَايَة مَا يزَال الْمَرْء الْمُسلم بِهِ المليلة والصداع وَإِن عَلَيْهِ من الْخَطَايَا لأعظم من أحد حَتَّى تتركه مَا عَلَيْهِ من الْخَطَايَا مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل. رواه أحمد واللفظ له وابن أبي الدنيا والطبراني
(2)
وفيه ابن لهيعة وسهل بن معاذ.
المليلة بفتح الميم بعدها لام مكسورة هي الحمى تكون في العظم.
قوله: "وعن أبي الدرداء" اسمه عامر تقدمت ترجمته.
(1)
أخرجه أحمد 3/ 23 (11183)، وابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (10)، وأبو يعلى (995)، وابن حبان (2928)، والحاكم (4/ 308). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قال الهيثمي في المجمع 2/ 302: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله ثقات. وقال الألباني: حسن صحيح صحيح الترغيب (3433). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
أخرجه أحمد 5/ 198 (21728) و 5/ 199 (21736)، وابن أبى الدنيا (41)، والحارث (245)، والطبراني في الأوسط (1/ 199 رقم 634) و (3/ 271 رقم 3119) والشاميين (351). قال الهيثمي في المجمع 2/ 301: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه ابن لهيعة وفيه كلام. وضعفه الألباني في الضعيفة (2433) وضعيف الترغيب (2001).
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الصداع والمليلة لا يزال بالعبد وإن ذنبه مثل أحد" الحديث. الصداع معروف وهو وجع في الرأس، والمليلة قد ضبطها الحافظ وفسّرها فقال: هي الحمى تكون في العظم، اهـ. وقال في النهاية
(1)
: المليلة حرارة الحمى ووهجها، وقيل: هي الحمى التي تكون في العظام كما قاله المنذري.
فائدة: يكتب للصداع: بسم الله الرحمن الرحيم ذلك تخفيف من ربكم ورحمة بسم الله الرحمن الرحيم يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا بسم الله الرحمن الرحيم الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا بسم الله الرحمن الرحيم [حم] عسق بسم الله الرحمن الرحيم وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان بسم الله الرحمن الرحيم ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا بسم الله الرحمن الرحيم وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم هذا ما وجد [منقولا] في حجر في كنيسة قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبعمائة عام، انتهى ذكره في حياة الحيوان
(2)
.
فائدة أخرى: [تكتب] للصداع: قال الحافظ ابن عساكر: ويكتب للصداع بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص حم عسق كم لله من نعمة على عبد شاكر
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 362).
(2)
حياة الحيوان الكبرى (1/ 269).
وغير شاكر وكم من نعمة لله في كل قلب خاشع وغير خاشع وكم من نعمة لله في كل عرق ساكن وغير ساكن اذهب أيها الصداع بعِزِّ عز الله بنور وجه الله وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، تكتب وتجعل على الرأس، وذكر لها خبرا اتفق لهارون الرشيد مع بعض الروم ذكر أيضا في حياة الحيوان
(1)
.
5209 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تزَال المليلة والصداع بِالْعَبدِ وَالْأمة وَإِن عَلَيْهِمَا من الْخَطَايَا مثل أحد فَمَا تدعهما وَعَلَيْهِمَا مِثْقَال خردلة رواه أبو يعلى
(2)
ورواته ثقات.
قوله: "وعن أبي هريرة" اختلف في اسمه واسم أبيه على نحو ثلاثين قولا وكان له هرة فكني بها، وتقدم الكلام عليه مبسوطا. قوله:"لا تزال المليلة والصداع بالعبد" الحديث، تقدم الكلام على ذلك في الحديث قبله.
(1)
حياة الحيوان الكبرى (1/ 269).
(2)
أخرجه أبو يعلى (6150) عن ضمام، عن موسى بن وردان، فذكره - وعنه أخرجه ابن عدي، في "الكامل"(5/ 166) في ترجمة ضمام بن إسماعيل، وقال: وهذه الأحاديث التي أمليتها لضمام بن إسماعيل لا يرويها غيره، وله غيرها الشيء اليسير. والحديث: أخرجه إبراهيم الحربي في غريب الحديث (1/ 330)، والبيهقي، في "شعب الإيمان"(9434 و 9435) من طريق ضمام به. إتحاف الخيرة المهرة (4/ 404) هذا إسناد رجاله ثقات، رواه الترمذي في الجامع وصححه بغير هذا اللفظ. ونحوه قال الهيثمي (2/ 301). وضعفه الألباني في الترغيب والترهيب (2/ 370).
5210 -
وَعَن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من صدع رَأسه فِي سَبِيل الله فاحتسب غفر لَهُ مَا كَانَ قبل ذَلِك من ذَنْب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن
(1)
.
5211 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ صداع الْمُؤمن وشوكة يشاكها أَو شَيْء يُؤْذِيه يرفعهُ الله بهَا يَوْم الْقِيَامَة دَرَجَة وَيكفر عَنهُ بهَا ذنُوبه رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَرُوَاته ثِقَات
(2)
.
5212 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الله ليبتلي عَبده بِالسقمِ حَتَّى يكفر ذَلِك عَنهُ كل ذَنْب رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا
(3)
.
(1)
أخرجه سعيد بن منصور (2425)، وعبد بن حميد (329)، والبزار (2437)، والطبراني في الكبير (14/ 45 رقم 14637). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 302:"رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن". وضعفه الألباني في الضعيفة (4615) وضعيف الترغيب (2003). ولم يدرج المصنف تحته شرحا.
(2)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (180) ومن طريقه البيهقي في الشعب (12/ 285 - 286 رقم 9409). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (3434). ولم يدرج المصنف تحته شرحا.
(3)
أخرجه الحاكم (1/ 347 - 348)، وتمام (1625)، والبيهقي في الشعب (12/ 280 - 281 رقم 9397). وصححه الحاكم وسكت الذهبي عليه في تلخيصه. وحسنه الألباني في الصحيحة (3393) وصحيح الترغيب (3435) وقال: حسن صحيح. ولم يدرج المصنف تحته شرحا.
5213 -
وَعَن أنس رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الرب سبحانه وتعالى يَقُول وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أخرج أحدا من الدُّنْيَا أُرِيد أَغفر لَهُ حَتَّى أستوفي كل خَطِيئَة فِي عُنُقه بسقم فِي بدنه وإقتار فِي رزقه ذكره رزين ولم أره
(1)
.
قوله: "وعن أنس" تقدم.
قوله: "إن الرب يقول: وعزتي وجلالي لا أخرج أحدا من الدنيا أريد أن أغفر له حتى أستوفي كل خطيئة في عنقه بسقم في بدنه وإقتار في رزقه" الحديث، تقدم الكلام على السقم، والإقتار التضييق على الإنسان في الرزق. يقال: أقتر الله رزقه، أي ضيقه وقلله. وقد أقتر الرجل فهو مُقتر وقتِر فهو مقتور عليه. ومنه الحديث: موسع عليه في الدنيا ومقتور عليه في الآخرة. وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ "فأَقْتَرَ أبوَاهُ حَتَّى جَلَسا مَعَ الأوْفاض"
(2)
أَيِ افْتَقَرا حَتَّى جَلسَا مَعَ الْفُقَرَاءِ. اهـ. قاله في النهاية
(3)
.
5214 -
وَعَن يحيى بن سعيد أَن رجلا جَاءَهُ الْمَوْت فِي زمن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رجل هَنِيئًا لَهُ مَاتَ وَلم يبتل بِمَرَض فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَيحك مَا يدْريك لَو أَن الله ابتلاه بِمَرَض يكفر عَنهُ من سيئاته رَوَاهُ مَالك عَنهُ مُرْسلا
(4)
.
"وعن يحيى بن سعيد" هو: أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو
(1)
لم أجده. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (2004).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (8739)، وقال الهيثمي في المجمع (3/ 129): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 12).
(4)
أخرجه مالك في الموطأ (2714). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (2005).
بن سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري المديني.
سمع أنس بن مالك، والسائب بن يزيد، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وأبا أمامة سهل بن حنيف، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن يسار، وأبا سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه هشام بن عروة، ومالك بن أنس، وابن جريج، وشعبة، والثوري، والحمادان، والليث بن سعد، وابن عيينة، وابن المبارك، ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد القطان، وهشيم. كان يتولى القضاء بمدينة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- زمن بني أمية، وأقدمه المنصور العراق، وولاه القضاء بالهاشمية، وذكر غير واحد من أهل العلم أنه ولي القضاء بمدينة السلام، قال الخطيب: وليس ذلك ثابتا عندي، مات سنة ثلاث وأربعين ومائة، وقيل: سنة أربع وأربعين، وقيل: سنة ست وأربعين بالهاشمية، وكان إماما من أئمة الحديث والفقه عالما ورعا صالحا زاهدا مشهورا بالثقة والدين، وهو أخو عبد ربه، وسعد
(1)
.
قوله: "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك ما يدريك لو أن الله ابتلاه بمرض لكفر عنه من سيئاته" الحديث، ويحك كلمة ترحم وتوجع، تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها. وقد يقال بمعنى المدح والتعجب، وهي منصوبة على المصدر.
وقد ترفع، وتضاف ولا تضاف. يقال. ويح زيد، وويحا له، وويح له
(2)
.
(1)
جامع الأصول (12/ 1006).
(2)
النهاية (5/ 235).
قوله: "رواه مالك عنه مرسلا" تقدم الكلام على الحديث المرسل.
5215 -
وَعَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من عبد يصرع صرعة من مرض إِلَّا بَعثه الله مِنْهَا طَاهِرا رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرُوَاته ثِقَات
(1)
.
5216 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السَّائِب أَو أم الْمسيب فَقَالَ مَا لَك تزفزفين قَالَت الْحمى لَا بَارك الله فِيهَا فَقَالَ لَا تسبي الْحمى فَإِنَّهَا تذْهب خَطَايَا بني آدم كَمَا يذهب الْكِير خبث الْحَدِيد رواه مسلم
(2)
.
تزفزفين روي براءين وبزاءين ومعناهما متقارب وهو الرعدة التي تحصل للمحموم
قوله: "وعن جابر بن عبد الله" تقدم.
قوله: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال ما لك تزفزفين قالت الحمى لا بارك الله فيها فقال لا تسبي الحمى" الحديث.
أم السائب أو المسيب اسمها لا يعرف، ذكرها ابن كعب في قبائل العرب
(1)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (23)، والرويانى (1270)، والطبراني في الكبير (8/ 97 رقم 7485) والشاميين (1595). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 302: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (2277) وصحيح الترغيب (3436). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
صحيح مسلم (53 - 2575).
بين المهاجرين والأنصار
(1)
.
وتزفزفين برائين وبزائين ومعناهما متقارب وهي الرعدة التي تحصل للمحموم، قاله الحافظ. وقال بعضهم هو بزائين معجمتين وفائين والتاء مضمومة وفتح الزاي الأولى
(2)
. وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى
(3)
: هذا هو الصحيح المشهور في ضبط هذه اللفظة، أي ترعدين. والزفزفة الرعدة، وادّعى القاضي أنها رواية جميع رواة مسلم، ووقع في بعض نسخ بلادنا بالراء والفاء، [ورواه] بعضهم في غير مسلم بالراء والفاء اهـ، ورواه بعضهم أيضا بالراء والقاف. قال أبو مروان بن سراج وهما صحيحان يعني الزاي والراء [انتهى] ومعناه تتحركين حركة شديدة [معه] أي ترعدين ومعناه ترتعد، اهـ.
قوله: "فقال: لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبت الحديد" الحديث، الكير بالكسر كير الحداد [وهو] المبني بالطين وقيل الزق الذي ينفخ به النار والمبني الكور
(4)
، اهـ. وتقدم أيضا الكلام عليه قريبا، ومعنى الخبث.
(1)
الإصابة (8/ 399).
(2)
شرح النووي على مسلم (16/ 131).
(3)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 44).
(4)
النهاية (4/ 217).
5217 -
وَعَن أم الْعَلَاء رضي الله عنها قَالَت عادني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا مَرِيضَة فَقَالَ أَبْشِرِي يَا أم الْعَلَاء فَإِن مرض الْمُسلم يذهب الله بِهِ خطاياه كَمَا تذْهب النَّار خبث الْفضة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
(1)
.
5218 -
وَعَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّمَا مثل العَبْد الْمُؤمن حِين يُصِيبهُ الوعك والحمى كحديدة تدخل النَّار فَيذْهب خبثها وَيبقى طيبها رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
(2)
.
5219 -
وَعَن فَاطِمَة الْخُزَاعِيَّة رضي الله عنها قَالَت عَاد النَّبِي صلى الله عليه وسلم امْرَأَة من الْأَنْصَار وَهِي وجعة فَقَالَ لَهَا كَيفَ تجدينك فَقَالَت بِخَير إِلَّا أَن أم ملدم قد بَرحت بِي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اصْبِرِي فَإِنَّهَا تذْهب خبث ابْن ادم كَمَا يذهب الْكِير خبث الْحَدِيد رواه الطبراني
(3)
ورواته رواة الصحيح.
(1)
أخرجه عبد بن حميد (1564)، وأبو داود (3092)، والطبراني في الكبير (25/ 141 رقم 340). وصححه الألباني في الصحيحة (714) وصحيح الترغيب (3427) و (3438). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
أخرجه ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (24)، والبزار (756 - كشف الأستار)، والحاكم (1/ 73) و (1/ 348) و (3/ 431). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (1714) وصحيح الترغيب (3439). ولم يدرج المصنف تحته شرحا.
(3)
المعجم الكبير للطبراني (24/ 405/ 984) أخرجه عبد الرزاق، (20306)، ومن طريقه: البيهقي في شعب الإيمان (9380)، وفيه: عن الزهري، قال: حدثتني فاطمة الخزاعية - وكانت قد أدركت عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (204) عن الزهري به. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 307): رواه =
قوله: "وعن فاطمة الخزاعية" روى عنها الزهري وقالوا كانت قد أدركت عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ذكرها أبو بكر بن أبي عاصم في الوحدان، وأوردها الطبراني أيضا في الصحابيات.
قوله: "عاد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من الأنصار وهي وجعة فقال لها: كيف تجدينك؟ فقالت: بخير إلا أن أم مِلدم قد برّحت بي" الحديث، أم ملدم هي كنية الحمى، والميم الأولى مكسورة زائدة وألدمت [عليَّ] الحمى أي دامت وبعضهم يقولها بالذال المعجمة اهـ. والحمى حرارة غريبة تشتعل في القلب وبنبت منه في جميع البدن [فيشتعل] اشتعالا يضر بالأفعال الطبيعية، قاله الكرماني
(1)
. وقولها برَّحت بي [أو بنا] معناه أي كشفت أمرنا وأظهرته. قاله عياض
(2)
.
= الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح. قلت: فاطمة هذه ليست صحابية، ولا هي من رواة الصحيح.
وله شاهد آخر من حديث خالد بن يزيد عن أبى الزبير عن جابر: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَادَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ"، فَقَالَ لَهَا: "أَهِيَ أُمُّ مِلْدَمٍ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ. فَلَعَنَهَا اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَسُبِّيهَا، فَإِنَّهَا تَغْسِلُ ذُنُوبَ الْعَبْدِ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ" أخرجه الحاكم (1/ 346) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم وإنما أخرجه بغير هذا اللفظ من حديث حجاج بن أبي عثمان عن أبى الزبير ووافقه الذهبي. وصححه لغيره الألباني في الترغيب والترهيب (3/ 343).
(1)
الكواكب الدراري (21/ 171).
(2)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 83).
5220 -
وَعَن الْحسن رضي الله عنه رَفعه قَالَ إِن الله ليكفر عَن الْمُؤمن خطاياه كلهَا بحمى لَيْلَة رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا
(1)
من رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَن عمر بن الْمُغيرَة الصَّنْعَانِيّ عَن حَوْشَب عَنهُ وَقَالَ قَالَ ابْن الْمُبَارك هَذَا من جيد الحَدِيث.
قوله: "وعن الحسن يرفعه" تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليكفّر عن المؤمن من خطاياه كلها بحمّى ليلة" الحديث. وأخبرنا الشيخ [أبو علي] بن الحسن عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حُمَّ ثلاث ساعات فتصبّر فيها شاكرا حامدا له باهى الله به الملائكة فقال: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي وصبره على بلائي، اكتبوا لعبدي براءة من النار، فكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم براءة لفلان بن فلان أن قد أمّنتك من ناري وأوجبت لك
(1)
ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (28)، ومن طريقه: البيهقي في شعب الإيمان (9400) عن حوشب، عن الحسن، وقال العراقي في طرح التثريب في شرح التقريب (3/ 238): لكن مرسلات الحسن غير محتج بها عند أهل الحديث. المقاصد الحسنة (ص: 315) وقال ابن المبارك عقب روايته له: إنه من جيد الحديث ومن جهة هشام عن الحسن قال: كانوا يرجون في حمى ليلة كفارة لما مضى من الذنوب، وشواهده كثيرة وبعضها يؤكد بعضا. وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (6144): منكر.
وروي من قول الحسن أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (9399) عن عمر بن مغيرة، عن حوشب، عن الحسن، إنه ليكفر عن العبد خطاياه كلها بحمى ليلة.
وروي من قول شيوخه أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (9401) عن هشام، عن الحسن قالوا: كانوا يرجون في حمى ليلة كفارة لما مضى من الذنوب.
جنتي فادخلها بسلام.
(1)
.
5221 -
وَعنهُ رضي الله عنه قَالَ كَانُوا يرجون فِي حمى لَيْلَة كفَّارَة لما مضى من الذُّنُوب رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا أَيْضا وَرُوَاته ثِقَات
(2)
.
5222 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من وعك لَيْلَة فَصَبر وَرَضي بهَا عَن الله عز وجل خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الرِّضَا وَغَيره.
(3)
.
5223 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه قَالَ اسْتَأْذَنت الْحمى على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ من هَذِه قَالَت أم ملدم فَأمر بهَا إِلَى أهل قبَاء فَلَقوا مِنْهَا مَا يعلم الله فَأتوهُ فشكوا ذَلِك إِلَيْهِ فَقَالَ مَا شِئْتُم إِن شِئْتُم دَعَوْت الله فكشفها عَنْكُم وَإِن شِئْتُم أَن تكون لكم طهُورا قَالُوا أو تفعل قَالَ نعم قَالُوا فدعها رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته رُوَاة
(1)
انظر: الفردوس بمأثور الخطاب (5988).
(2)
ابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (29)، والبيهقي في الشعب (12/ 282 رقم 9401). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (3441). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(3)
أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (ج 4/ ص 336)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (240)، والبيهقي في شعب الإيمان (9873) من طريق إياس بن أبي تميمة قال حدثنا عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال ما وجع أحب الى من الحمى لأنها تعطي كل مفصل فسطه من الوجع.
قال ابن حجر في فتح الباري (ج 10/ ص 112): ومثله حديث أبي هريرة عند أحمد وبن أبي شيبة بلفظ: لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة قال أبو هريرة ما من وجع يصيبني أحب إلي من الحمى أنها تدخل في كل مفصل من بن آدم وأن الله يعطي كل مفصل قسطه من الأجر. ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
الصَّحِيح وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان فِي صَحِيحه
(1)
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِنَحْوِهِ من حَدِيث سلمَان وَقَالَ فِيهِ فشكوا الْحمى إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا شِئْتُم إِن شِئْتُم دَعَوْت الله فَدَفعهَا عَنْكُم وَإِن شِئْتُم تَرَكْتُمُوهَا وأسقطت بَقِيَّة ذنوبكم قَالُوا فدعها يَا رَسُول الله
(2)
.
5224 -
وَعَن مُحَمَّد بن معَاذ بن أبي بن كَعْب عَن أَبِيه عَن جده أَنه قَالَ يَا رَسُول الله مَا جَزَاء الْحمى قَالَ تجْرِي الْحَسَنَات على صَاحبهَا مَا اختلج عَلَيْهِ قدم أَو ضرب عَلَيْهِ عرق قَالَ أبيّ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك حمى لَا تمنعني خُرُوجًا فِي سَبِيلك وَلَا خُرُوجًا إِلَى بَيْتك وَلَا مَسْجِد نبيك قَالَ فَلم يمس أبي قطّ إِلَّا وَبِه حمى. رواه الطبراني في الكبير
(3)
والأوسط
(4)
وسنده لا بأس به محمد
(1)
أخرجه أحمد 3/ 316 (14393)، وابن أبى الدنيا في المرض والكفارات (245)، وأبو يعلى (1892)، وابن حبان (2935). قال الهيثمي في المجمع 2/ 206: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (3442). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 146 رقم 6112). وقال الهيثمي في المجمع (2/ 306): فيه هشام بن لاحق تركه أحمد وقواه النسائي، وبقية رجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (3443). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(3)
الطبراني في المعجم الكبير (1/ 200/ 540).
(4)
المعجم الأوسط (445) وعنه أبو نعيم في الحلية (1/ 255)، وقال الطبراني: لم يرو هذين الحديثين عن معاذ بن محمد بن أبي، إلا محمد بن عيسى الطباع، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 305): رواه الطبراني في الكبير والأوسط عن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب عن أبيه وهما مجهولان كما قال ابن معين، قلت: ذكرهما ابن حبان في الثقات. وقال =
وأبوه ذكرهما ابن حبان في الثقات وتقدم حديث أبي سعيد بقصة أبيّ أيضا.
قوله: "وعن محمد بن معاذ بن أبيّ بن كعب عن أبيه عن جده" ومحمد هذا وأبوه ذكرهما ابن حبان في الثقات
(1)
. قاله الحافظ
(2)
.
قوله: "أنه قال يا رسول الله: ما جزاء الحمى؟ قال: تجري الحسنات على صاحبها ما اختلج عليه قدم أو ضرب عليه عرق" الحديث. وقال قتادة
(3)
: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصيب ابن آدم خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو عنه أكثر، اهـ. الاختلاج التحرك وأصل الاختلاج الحركة والاضطراب. قاله في النهاية
(4)
.
5225 -
وَعَن أبي رَيْحَانَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْحمى من فيح جَهَنَّم وَهِي نصيب الْمُؤمن من النَّار رواه ابن أبي الدنيا
(5)
والطبراني
(6)
كلاهما
= الألباني في السلسلة الضعيفة (3387): ضعيف؛ معاذ بن محمد وأبوه وجده مجاهيل.
قال ابن المديني: لا نعرف محمدا هذا، ولا أباه، ولا جده في الرواية، وهذا إسناد مجهول. وقال في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 344): حسن لغيره.
(1)
الثقات لابن حبان (7/ 378)، (5/ 422).
(2)
يعني المنذري.
(3)
تفسير عبد الرزاق (2741)، تفسير الطبري (7/ 241)، شعب الإيمان (9358).
(4)
النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 60).
(5)
أخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (21).
(6)
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 93)(7468)، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 63) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2217)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 345)، وأبو نعيم معرفة الصحابة (4526) والبيهقي في شعب الإيمان (9386) وابن عبد البر في =
من رواية شهر بن حوشب عنه.
قوله: "وعن أبي ريحانة" تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الحمى من فيح جهنم" وهي نصيب المؤمن من النار، الحديث. فيح جهنم بفتح الفاء وإسكان الياء المثناة من تحت وآخره حاء مهملة هو شدة حرِّها ولهبها وانتشارها. قال أبو العباس القرطبي
(1)
.
قوله الحمى من فيح جهنم: [فيح جهنم] شدة حرارتها وأصله من فاحت القدر إذا غلت وجهنم اسم علم من أسماء [نار جهنم]. وفي الحديث دليل على أن جهنم مخلوقة الآن موجودة وهو مذهب أهل السنة والجماعة، ويروى من فوح جهنم وهما سواء، يُروى الحمى من فور جهنم بالراء أي من انتشار حرّها ومنه فور الماء وحمى تفور، والظاهر أنه على حقيقته ولهذا كان ابن عمر يقول
(2)
: اللهم أذهب عنا الرجز، ويحتمل أنه مجاز على طريق التشبيه بحرّ جهنم، والله أعلم. ذكره العراقي في شرح الأحكام. ومما
= التمهيد (6/ 360) من طريق عصمة بن سالم، عن أشعث الحداني، عن شهر بن حوشب، عن أبي ريحانة الأنصاري.، وقال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (2/ 335): قال أبو طاهر هذا إسناد فيه جماعة من الضعفاء، وأبو ريحانة اسمه شمعون، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 306): رواه الطبراني في الكبير، وفيه شهر بن حوشب وفيه كلام ووثقه جماعة. وصححه الألباني في صحيح الجامع (3190)، وفي السلسلة الصحيحة (1822)، وصحيح الترغيب والترهيب (3/ 345)، وصحيح الجامع الصغير وزيادته (3190).
(1)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 582).
(2)
صحيح البخاري (5723).
يدل في الدنيا على وُجود النار الحمى التي تصيب بني آدم وهي نار باطنة فمنها نفحة من نفحات سَموم جهنم ومنها نفحة زمهريرها.
وقد رُوي في حديث: أنها حظ المؤمن من النار. وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عاد مريضا ومعه أبو هريرة من وعك كان به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشر فإن الله تعالى يقول: هي ناري أسلِّطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة.
انفرد به ابن ماجه
(1)
، والمراد أن الحمى تكفر ذنوب المؤمن [وتنقيه منها] كما ينفي الكير خبثَ الحديث، وتقدم ذلك، وإذا [طهر] المؤمن من ذنوبه في الدنيا لم يجد حرّ النار إذا مرّ عليها يوم القيامة، لأنّ وُجْدان [الناس] لحرّها [عند] المرور عليها بحسب ذنوبهم فمن [طهر] من الذنوب ونقي منها في الدنيا جاز على الصراط كالبرق الخاطف والريح ولم يجد شيئا من حر النار ولم يحسّ بها فتقول النار للمؤمن: جُزْ يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي
(2)
، وفي
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة (10802)، وأخرجه أحمد في المسند (9676)، وهناد في الزهد (391)، وابن ماجه (3470)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (19)، والطبراني في مسند الشاميين (561)، وأبو نعيم في حلية الأولياء 6/ 86، والحاكم في المستدرك 1/ 345، والبيهقي في شعب الإيمان (9844)، وفي السنن 3/ 381 - 382.
والحديث حسنه النووي في خلاصة الأحكام (3238)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (557)، وصحيح الجامع الصغير وزيادته (32).
(2)
أخرجه: الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (100)، والطبراني في الكبير (22/ 110/ 668)، وابن عدي في الكامل (9/ 652)، وأبو نعيم في حلية الأولياء =
حديث جابر
(1)
. المرفوع في مسند الإمام أحمد أنهم يدخلونها فتكون عليهم بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم عليه السلام حتى إن للنار ضجيجا من بردهم، اهـ. قاله ابن رجب الحنبلي
(2)
.
فائدة: ورد في الحديث: الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء، بهمزة الوصل وضم الراء يقال بردَ الماء حرارة جوفي، وحكى الجوهري فتح الهمزة وكسر الراء وهو ضعيف، قاله في النهاية. وورد في الحديث أيضا: إذا حُمَّ أحدكم فليَشُنّ عليه الماء
(3)
.
= 9/ 329، والبيهقي في شعب الإيمان (375)، والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 403)، (9/ 231). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 360): رواه الطبراني، وفيه سليم بن منصور بن عمار، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (3413)، وضعيف الجامع الصغير وزيادته (2474).
(1)
أخرجه: أحمد (14520)، والحارث في مسنده كما في بغية الباحث (1127)، وعبد بن حميد (1106)، والبيهقي في شعب الإيمان (370)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (99، 991). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته (6156).
(2)
لطائف المعارف لابن رجب (ص: 325)، تحقيق كلمة الإخلاص (ص: 40) جامع العلوم والحكم (ص: 211).
(3)
أخرجه النسائي في السنن الكبرى (7566) وأبو يعلى (3794)، والحاكم (7438)، (8226)، والطبراني في "الأوسط"(5174)، والمقدسي في المختارة (2043) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
قال أبو حاتم الرازي في "علل الحديث"(2535): رواه موسى بن إسماعيل وغيره، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشبه. =
أي فيرشّه عليه رشّا متفرّقا، الشنّ الصب المنقطع والسنّ الصب المتصل، ومنه حديث ابن عمر
(1)
: كان يسُنُّ على وجهه [ولا يشنّه أي يجريه ويفرّقه]، اهـ.
فائدة أيضا: عن عبد الله الأسلمي
(2)
. قال: أصابتني الحمى المثلثة اثنين وثلاثين سنة إلى أن هلكت منها، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: خذ دواةً وقرطاسا واكتب: بسم الله الرحمن الرحيم صرخ صارخ من وجه النار نور الله يطفئ النار يا نار كوني بردا وسلاما كما كنت على إبراهيم الخليل أيتها الحمى اخرجي من العظم إلى اللحم ومن اللحم إلى الجلد ومن الجلد إلى الأرض فامكثي ما شاء الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فكتبتها وبلعتها فعوفيت من وقتي، اهـ.
تتمة: عن ابن عباس:
(3)
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الحمى والأوجاع كلها أن يقولوا: بسم الله الكبير أعوذ بالله العظيم من شر كل عرق نعار ومن
= وقال أبو زرعة: هذا خطأ، إنما هو حميد، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح، وقد صححه الألباني في صحيح الجامع (497) والسلسلة الصحيحة (1310).
(1)
في رواية أبي يعلى: "فليسن" بالمهملة، والشن: الصب المنقطع، والسن: الصب المتصل. "النهاية في غريب الحديث" 2/ 506.
(2)
لم أجده.
(3)
أخرجه أحمد (1/ 300)، ومعمر بن راشد (19771)، والترمذي (2075)، وابن ماجه (3526)، والطبراني في الدعاء (1097)، والحاكم (4/ 414)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي (ص: 233)، وفي ضعيف الجامع الصغير (4587) وفي المشكاة (1554).
شرّ حرّ النار. قال أبو عامر أما الناس في هذا [فأقول] نعار رواه الترمذي في الطب نعر العرق بالدم إذا ارتفع وجرح [نعار] ونعورا إذا صوّت دمُه عند خروجه، اهـ. وقال بعضهم النعار غليانُ الدم، وقال بعضهم أيضا: العرق النعار الصباب [للدم] هو الذي دمُه من غلبة الدم، يُقال نعر العرق بالدم إذا ارتفع دمُه، ويقال: ما كانت فتنة إلا نَعَر فيها فلان أي نهض، اهـ. وقوله:"باسم الله" المراد هنا بالاسم المسمى كأنه قال الله يبرئك كما قال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}
(1)
أي سبح ربك، ولفظ الاسم في أصله عبارة عن الكلمة الدالة على المسمى، والمسمى هو مدلولها غير أنه قد يتوسع فيوضع الاسم موضع المسمى مسامحة فتدبر فإنه موضع كثر فيه الغلط وموضع استيفائه علم الكلام. قال القرطبي فيه دليل على استحباب الرقية بأسماء الله تعالى بالعُوَذ الصحيحة المعنى وأن ذلك أيضا [نصّ] التوكل على الله ولا ينقصه إذ لو كان شيء من ذلك لكان النبي صلى الله عليه وسلم أحق الناس بأن يجتنب ذلك فإن الله لم يزل يُرقِّي نبيه صلى الله عليه وسلم في المقامات الشريفة والدرجات الرفيعة إلى أن قبضه على أرفع مقام وأعلى حال وقد رقى في أمراضه حتى في مرض موته والله أعلم. أبو عامر اسمه عبد الملك بن عمرو العقدي البصري الحافظ توفي سنة أربع ومائتين. قال يحيى بن معين ثقة. وقال أبو حاتم صدوق.
(1)
سورة الأعلى، الآية:1.
قال ابن السمعاني: العقدي نسبة إلى بطن من بَجِيلةَ وقيل من قيس كان إسحاق بن راهويه يُسميه الثِّقة الأمين، روى له الجماعةُ، وعن جُنادة بن أمية قال: سمعت عُبادة بن الصامت يقول: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُوعَك فقال: [بسم] الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حسد حاسد ومن كل عين الله يشفيك، انفرد به ابن ماجه.
(1)
.
فائدة: عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحُمّى من فيح جهنم فأبردوها بالماء. [رواه مسلم]
(2)
. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحمى كير من كير جهنم فنحّوها عنكم بالماء البارد
(3)
.
وشبّه النبي صلى الله عليه وسلم نار الحمى بنار الكير والبدن بالحديد وفضول البدن بخبث الحديد، والذي صرّح به في الحديث أنها تنقي الذنوب لأنها كفارة
(1)
ابن ماجه (3527)، وأحمد (22760)، والبزار (2684)، والطبراني في مسند الشاميين للطبراني (223)، والحاكم (8268) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وقال البوصيري في الزوائد إسناده حسن. لأن ابن ثوبان اسمه عبد الرحمن بن ثابت. وابن ثوبان مختلف فيه. وباقي رجال الإسناد ثقات. وأخرجه أحمد (22759)، والنسائي في السنن الكبرى (10776)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (53) عن عاصم الأحول، عن سلمان، رجل من أهل الشام عن ابن أخي عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت.
(2)
صحيح مسلم (2210).
(3)
أخرجه ابن ماجه (3475)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (120)، والطبراني في المعجم الأوسط (3990). قال أيوب السختياني: لم يسمع الحسن من أبي هريرة. "المراسيل" لابن أبي حاتم (106). وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (3189) عن أبي هريرة. الصحيحة 1822.
[السيئات] تمحو المكفر عنه وحينئذ يكون قد شبه المعقول بالمحسوس [للمريض ليتذكر العقبى]. والمريض [يتذكر العقبى] ويندم على ما مضى ويستغفر من الخطايا فيعود كمن لا ذنب له بمنزلة الملائكة. [وقد] روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: دعاء المريض كدعاء الملائكة
(1)
.
قال: قوله: " [فأبردوها] بالماء البارد"[وصوابه] بوصل الألف لأنه من قولهم بردَ الماء حرارة جوفي وهو ثلاثي وقد أخطأ من قال أبردوها بقطع الهمزة، وفي الرواية الأخرى [فأطفئوها بالهمزة] رباعيا من [أطفأ]، [قاله القرطبي
(2)
].
قال بعضهم: أبردوها بالماء يُروى بضم الراء وبالقطع وكسر الراء، قال القرطبي
(3)
: ليس كل حمى يجوز إبرادها بالماء البارد بل الحمايات [المحترقة] التي ليس معها ورم وكثيرا ما تعرض الحمايات التي يوافقها الماء في أرض العرب وكل بلد حار يابس، فجاء الحديث على هذا النمط والأطباء يُسلِّمون أن الحمى الصفراوية يدبر صاحبها بسقي الماء البارد الشديد البرودة ويسقونه الثلج ويغسلون أطرافه بالماء البارد وعلى هذا فلا يبعُد أنه صلى الله عليه وسلم أراد هذا النوع هو المقصود بالحديث والله أعلم. ولئن سلمنا أنه أراد جميع جسد المحموم
(1)
أخرجه ابن ماجه (1441) وابن السني في عمل اليوم والليلة (557) عن عمر بن الخطاب. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (487) وفي مشكاة المصابيح (1588) وفي السلسلة الضعيفة (1004).
(2)
المفهم (18/ 78 - 79).
(3)
المفهم (18/ 79 - 80).
فجوابه أنه يريد بذلك استعماله بعد أن تقطع الحمى وتسكن حرارتها ويكون ذلك في وقت مخصوص [وبعدد] مخصوص فيكون ذلك من باب الخواص التي أطلع الله تعالى عليها نبيه صلى الله عليه وسلم، اهـ.
وقال الخطابي
(1)
: تبريد الحميات الصفراوية بسقي الماء البارد ووضع أطراف المحموم فيه من أنفع العلاج وأسرعه على إطفاء نارها وعلى هذا الوجه [أَمَرَ] رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبريد الحمى بالماء دون الانغماس فيه. قال
(2)
: وبلغني عن ابن الأنباري أنه كان يقول معنى [قوله صلى الله عليه وسلم]: "فأبردوها بالماء"، أي تصدقوا بالماء [على] المريض يشفيه الله عز وجل لما روي أن أفضل الصدقة سقي الماء.
قلت: وهذا كله تكلف [والجواب] يردّه ما سيأتي في مسند أسماء بنت أبي بكر أنها كانت إذا أتِيت بالمرأة قد حُمّت تدعوا لها أخذت الماء فصبته بينها وبين جيبها، وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نبردها بالماء، وذكر حديث سمرة بن جندب
(3)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحمى قطعة من النار [فأبردوها] عنكم بالماء البارد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حُمّ دعا بقربة من ماء فأفرغها
(1)
أعلام الحديث (3/ 2124).
(2)
كشف المشكل (2/ 185 - 186).
(3)
أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1857)، والطبراني في المعجم الكبير (7/ 227/ 6947)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3581)، والحاكم في المستدرك (8229) فيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف جدا. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 94) رواه الطبراني، والبزار، وفيه إسماعيل بن مسلم، وهو متروك.
على قرنه فاغتسل، فهذا على خلاف ما قاله الخطابي، وابن الأنباري والصحابة أعرف بمقصود الرسول صلى الله عليه وسلم في خطابه، وإنما الوجهُ ما أخبرتُك به من عادات العرب في بلادهم، وقد قال إبراهيم الحربي في قوله: فأبردوها بالماء، قال هذا لأهل المدينة لو كان رجل بخراسان في الشتاء كان يصب عليه الماء فهذا يصدق ما ذهبتُ إليه والله أعلم، اهـ.
وقال بعضهم أيضا في قوله صلى الله عليه وسلم: الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء، فقوله: من فيح جهنم يعني من اشتعال حرارة الطبيعة وهو يُشبه نار جهنم في كونه معذّبا ومذيبا للجسد
(1)
.
وقوله: فأبردوها بالماء، أي اسقوا المحموم الماء البارد
(2)
.
قال الإمام التوربشتي
(3)
: قد وجدت [في كلام بعض الأطباء] المتدينين أن الماء من أنفع الأدوية في التبريد عن الحميات الحادة لأن الماء ينساغ بسهولة فيصل إلى أماكن العلة ويدفع حرارتها من غير حاجة إلى معاونة الطبيعة فلا تشتغل بذلك عن معاونة العلة، [والله أعلم بالصواب].
لطيفة يختم بها ذكر الحمى: قال ابن أبي حاتم
(4)
: حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن
(1)
المفاتيح (5/ 75).
(2)
الميسر (3/ 1003).
(3)
الميسر (3/ 1003 - 1004).
(4)
تفسير ابن أبي حاتم (6/ 2031).
النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال أصحابه وكيف نطمئن أو تطمئن المواشي ومعنا الأسد، فسلّط الله عليه الحمى فكانت أول حمى نزلت الأرض فهو لا يزال محموما، ثم شكوا الفأرة فقالوا الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها، وهذا مرسل.
وفي الحلية
(1)
في ترجمة وهب بن منبه أنه قال: لما أمر نوح أن يحمل من كل زوجين اثنين قال: رب كيف أصنع بالأسد والبقرة وكيف أصنع بالعناق والذئب وكيف أصنع بالحمام والهرّ، قال من ألقى بينها العداوة؟ قال: أنت يا رب. قال: فإني أؤلف بينهم فلا يتضررون، اهـ، [قاله] في حياة الحيوان
(2)
.
5226 -
وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْحمى كير من جَهَنَّم فَمَا أصَاب الْمُؤمن مِنْهَا كَانَ حَظه من جَهَنَّم رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ.
5227 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْحمى حَظّ كل مُؤمن من النَّار رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن
(3)
.
(1)
حلية الأولياء (4/ 43).
(2)
حياة الحيوان الكبرى (1/ 22).
(3)
أخرجه البزار (765 - كشف الأستار). قال البزار: لا نعلم أسنده عن هشيم إلا عثمان. وقال الدارقطني: المحفوظ موقوفا. قال الهيثمى في المجمع 2/ 306: رواه البزار وإسناده حسن. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (3447). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
5228 -
عَن أنس رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الله عز وجل قَالَ إِذا ابْتليت عَبدِي بحبيبتيه فَصَبر عوضته مِنْهُمَا الْجنَّة يُرِيد عَيْنَيْهِ. البخاري
(1)
والترمذي
(2)
ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة.
5229 -
وَفِي رِوَايَة لَهُ من أذهبت حبيبتيه فَصَبر واحتسب لم أَرض لَهُ ثَوابًا دون الْجنَّة
(3)
.
"عن أنس بن مالك"[تقدمت ترجمته رضي الله تعالى عنه].
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يقول إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة" الحديث، الابتلاء هو الامتحان وبحبيبتيه معناه بذهاب بصره، حبيبتيه وهما عيناه، اهـ، قاله شارح مشارق الأنوار
(4)
، [اهـ].
والحبيبتان أي المحبوبتان يعني العينين وسميتا بذلك لأنهما أحب
(1)
صحيح البخاري (5653).
(2)
سنن الترمذي (2400) من طريق أبي ظلال، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الباب عن أبي هريرة، وزيد بن أرقم وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأبو ظلال اسمه: هلال.
(3)
أخرجه الترمذي (2401)، وأحمد (7597)، والدارمي (2795)، والنسائي في الكبرى (11446)، وهناد بن السري في الزهد (380)، وابن حبان (2932) عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال صحيح الترغيب والترهيب (3/ 346) صحيح لغيره صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1352)(صحيح). الروض النضير (151).
(4)
حدائق الأزهار شرح مشارق الأنوار للأرزنجاني (لوحة 269/ مخ 87781 كتبخانة).
الأشياء إلى الشخص
(1)
.
وقوله: "فصبر" أي على الابتلاء شاكرا عليه راضيا بقضاء الله تعالى، وليس ابتلاء الله تعالى العبدَ بالعمى لسخَطه عليه بل لدفع مكروه يكون بسبب البصر ولتكفير ذنوب سلفت منه [وليبلغه] إلى أجر لم يبلغه بعمله ونعمة [الصبر] وإن كانت أجلّ نعم الله تعالى على العبد في الدنيا [انتهى قاله الكرماني
(2)
] فعوّض الله له [بكفِّه] عليها أعظم العوضين وأفضل النعمتين كالبقاء مدة الالتذاذ بالبصر وضعفه وبقاء الالتذاذ الجنة وقوته فمن ابتلي بالعمى أو بفقد جارحة ليتلقّ ذلك بالصبر لتحصل له الجنة التي من صار إليها [فقد ربحت تجارته، انتهى][والله أعلم. انتهى، قاله الكرماني]
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم في رواية الترمذي: "يقول الله عز وجل إذا أخذت كريمتي عبد في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة" الحديث، ويروى [كريمته] يريد عينيه أي جارحتيه أي الكريمتين عليه، وكل شيء مكرم عليك فهو كريمُك وكريمتُك، ومنه الحديث: أنه أكرمَ جرير بن عبد الله لما ورد عليه فبسط له رداءه وعمّمه بيده وقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه
(4)
، أي كريم قوم
(1)
الكواكب الدراري (20/ 183).
(2)
الكواكب الدراري (20/ 183 - 184).
(3)
الكواكب الدراري (20/ 184).
(4)
أخرجه ابن ماجه (3712) قال البوصيري (4/ 111) وهذا إسناد ضعيف، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، (2991). وابن عدي في الكامل (3/ 379) عن ابن عمر، والطبراني في الأوسط (5261)(6290) وفي المعجم الكبير (2/ 304)(2266)(2/ 325) =
وشريفهم، والهاء للمبالغة
(1)
. وقوله في الرواية الأخرى: "من أذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب" الحديث، تقدم الكلام على الصبر والمراد بالاحتساب ها هنا الرضا والله أعلم.
5230 -
وَعَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَعْنِي عَن ربه تبارك وتعالى أَنه قَالَ إِذا سلبت من عَبدِي كريمتيه وَهُوَ بهما ضنين لم أَرض لَهُ ثَوابًا دون الْجنَّة إِذا هُوَ حمدني عَلَيْهِمَا رواه ابن حبان
(2)
في صحيحه
= (2358). والبيهقي في الشعب (10997) وابن عدي في الكامل (2/ 456) عن أبي هريرة. وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 292) عن جابر، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 304)(1181) وفي الأوسط (5582) وانظر مجمع الزوائد (8/ 16) عن ابن عباس. والطبراني في المعجم الكبير (17/ 160) رقم (422) عن عيينة بن بدر الفزاري، والطبراني في الكبير (20/ 140) و (202) عن معاذ بن جبل، وقال الهيثمي في المجمع (8/ 16) رواه الطبراني وشهر لم يدرك معاذ وعبد الله بن خراش ضعيف. وابن عساكر (22/ 184) عن عائشة. ذكره الحافظ ابن حجر هذا الحديث في الإصابة (4/ 135) وقال: قال ابن منده: عبد الله بن ضمرة عداده في أهل البصرة وإسناده مجهول.
وابن عساكر (40/ 77) والقضاعي (760)، عن عدي بن حاتم، وصححه الألباني في صحيح الجامع (269)، والسلسلة الصحيحة (1205) وانظر: المقاصد الحسنة (50).
(1)
النهاية (4/ 167).
(2)
أخرجه أبو يعلى في "المسند"(المطالب العالية 2464)، وابن حبان (2931)، والطبراني في الكبير (18/ 254)(633)، (634). وأخرجه البزار (771) والطبراني في الكبير (18/ 257)(643)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 103) من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن حبيب بن عبيد، عن العرباض، وقال: لا نعلمه عن العرباض بأحسن من هذا الإسناد. وقال الهيثمي في المجمع (2/ 208 - 209)،: رواه البزار، والطبراني في الكبير، وفيه أبو =
قوله: "وعن العرباض بن سارية" تقدم الكلام عليه. قوله في الحديث: "إذا سلبتُ من عبدي كريمتيه" وهو بمهملتين "لم أرضَ له ثوابا"، السلب هو الأخذ بسرعة، وضنين بهما بالضاد المعجمة أي بخيل بهما.
5231 -
وَعَن عَائِشَة بنت قدامَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَزِيز على الله أَن يَأْخُذ كرِيمَتي مُؤمن ثمَّ يدْخلهُ النَّار. قَالَ يُونُس يَعْنِي عَيْنَيْهِ رواه أحمد
(1)
والطبراني
(2)
من رواية عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي
(3)
.
قوله: "وعن عائشة بنت قدامة" هى عائشة بنت قدامة بن مظعون
= بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف. وحسنه لغيره الألباني في صحيح الجامع الصغير (4305). وصحيح الترغيب والترهيب (3/ 346)، والصحيحة (2010).
وفي الباب: عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تبارك وتعالى: إذا أخذت كريمتي عبدي، فصبر واحتسب، لم أرض له ثوابا دون الجنة" أخرجه أبو يعلى (2365)، وفي المعجم (331)، وابن حبان (2930)، والطبراني المعجم الكبير (12/ 54/ 12452).
(1)
أحمد (27063) من طريق عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي، قال: وحدثني أبي، عن أمه عائشة بنت قدامة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
المعجم الكبير للطبراني (24/ 343/ 856) من طريق عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي، به. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 308): رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي ضعفه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3710)، وضعيف الترغيب والترهيب (2/ 372)، وضعيف الجامع الصغير وزيادته (3710).
(3)
قال ابن أبي حاتم: عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب الجمحي، سألت أبي عنه، فقال: روى عنه ابنه عبد الرحمن أحاديث منكرة. "الجرح والتعديل" 6/ 144.
القرشية الجمحية هي وأمها رائطة بنت سفيان الخزاعية من المبايعات
(1)
.
قوله: "عزيز على الله أن يأخذ كريمتي مؤمن ثم يدخله النار" الحديث، عزيز على الله بمعنى حق على الله.
وتقدم الكريمتين. قال يونس يعني عينيه.
قوله في الحديث: "من رواية عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي" عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب روى عن أبيه عن ابن عمر وعمه روى عنه سعيد بن سليمان وزكريا بن يحيى بن صبيح وأبو معمر وعثمان بن أبي شيبة قال أبو حاتم: ضعيف الحديث يهولني كثرة ما يسند
(2)
.
تنبيه: فيه بشرى للمكفوفين، في الصحيح أن أوّل ما يقضي الله فيه الدماء وأول ما يُعطي الله أجورهم الذين ذهبت أبصارهم ثم ينادي يوم القيامة بالمكفوفين فيقال لهم أنتم أحرى أي أحقّ من ينظر إليهم ربهم ثم يستحيي الله سبحانه وتعالى منهم ويقول لهم اذهبوا إلى ذات اليمين، وتعقد لهم راية وتجعل بيد شعيب عليه السلام فيصير أمامهم ومعهم من ملائكة النور [وما] لا يحصي عددهم إلا الله تعالى يزفونهم كما تزف العروس فيمرّ بهم على الصراط كالبرق الخاطف، وصفة أحدهم الصبر والحلم، كابن عباس ومن ضاهاه من الأئمة، اهـ قاله صاحب الدرة الفاخرة
(3)
.
(1)
أسد الغابة (7/ 191).
(2)
الجرح والتعديل (5/ 264).
(3)
الدرة الفاخرة في علوم الآخرة (ص 63) للغزالى.
فائدة: نقل القرطبي
(1)
في تفسير قوله تعالى {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}
(2)
عن المكي والقشيري أن عبد الله بن زيد المؤذن الذي رأى الأذان في منامه وقصه على رسول الله صلى الله عليه وسلم[لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم] قال: اللهم اعمنى حتى لا أرى شيئا بعده، فعمي من ساعته، وكان رؤياه الأذان في السنة الأولى من الهجرة. قال الترمذي: سمعت البخاري يقول: لا نعرف له إلا حديث الأذان
(3)
.
قال النووي
(4)
: قد رُويت له أحاديث وذكر بعضها في تهذيب الأسماء. اهـ.
فائدة أخرى: ولما قدم سعد بن أبي وقاص إلى مكة وقد كُف بصره جعل الناس يُهرعون إليه ليدعو لهم [فجعل يدعو لهم]، قال عبد الله بن السائب فأتيته [وأنا] غلام فتعرفت إليه فعرفني فقلت يا عم أنت تدعو للناس فلو دعوت لنفسك لردّ الله عليك بصرك. فتبسّم ثم قال: يا بني قضاء الله عندي
(1)
تفسير القرطبي (17/ 253).
(2)
سورة النساء، الآية:69.
(3)
أخرجه الترمذي (189) وقال: حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح. وعبد الله بن زيد هو ابن عبد ربه، ويقال: ابن عبد رب. ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان.
(4)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 268) قال: قد روينا في مسند أبى يعلى الموصلى، عن الموصلى، عن محمد ابن المثنى، عن عبد الوهاب، عن عبيد الله بن بشير بن محمد، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، أنه تصدق على أبويه، ثم توفيا، فرده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثا. وروينا في تاريخ دمشق، عن ابنه محمد، عن أبيه عبد الله بن زيد حديثا في حلق النبى صلى الله عليه وسلم رأسه بمنى، وقسمة شعره، وهو في طبقات ابن سعد، وإسناده جيد.
أحب إلي من بصري، اهـ
(1)
.
خاتمة يختم بها الباب: اعلم أن العميان من الأنبياء إسحاق ويعقوب وشعيب ومن الأشراف عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس وزهرة بن كلاب ومطعم بن عدي ومن الصحابة سواء كان أعمى في عهده أو حدث له بعد وفاته عليه الصلاة والسلام البراء بن عازب وجابر بن عبد الله وحسان بن ثابت والحكم بن أبي العاص وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن يربوع وصخر بن حرب أبو سفيان والعباس بن عبد المطلب وعبد الله بن الأرقم وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمير وعبد الله بن أبي أوفى وعتبان بن مالك وعتبة بن مسعود الهذلي وعثمان بن عامر أبو قحافة وعقيل بن أبي طالب وعمرو بن أم مكتوم المؤذن و [قتادة] بن النعمان، هذا ما جاء في حديث أن [عينيه] أصيبتا وهذا قد لا يُعدّ لأنه عليه الصلاة والسلام ردّهما
(2)
ومثله حبيب بن فديك لأنه عليه السلام دعا له وهو أعمى مبيضة عيناه فأبصر وكان يدخل الخيط في الإبرة، مختلف في حديثه
(3)
، وسبب ما جرى [بعينه] قال له عليه الصلاة والسلام كنت أمرِّن جملا لي فوقفت على بيض حية فأصيب بصري فنفث رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه فأبصر
(4)
. وكعب بن مالك
(1)
إحياء علوم الدين (4/ 350)، مدارج السالكين (2/ 217).
(2)
الطبقات (3/ 453)، التاريخ الكبير (2/ 652) لابن أبى خيثمة.
(3)
أسد الغابة (1/ 679).
(4)
أخرجه أبو نعيم في الدلائل (556) والمعرفة (2181).
ومالك بن ربيعة أبو أسيد الساعدي ومخرمة بن نوفل وورقة على القول بأنه صحابي وهو الظاهر، وأما حديث عثمان بن حُنيف الأنصاري أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون فيمن تقدم. ومن التابعين [عطاء بن أبي رباح] وأبو بكر بن عبد الرحمن وقتادة بن دعامة وأبو عثمان السلمي وأبو هلال الراسبي
(1)
والله تعالى أعلم.
5232 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يذهب الله بحبيبتي عبد فيصبر ويحتسب إِلَّا أدخلهُ الله الْجنَّة رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه.
5233 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول الله إِذا أخذت كَرِيمَتي عَبدِي فَصَبر واحتسب لم أَرض لَهُ ثَوابًا دون الْجنَّة.
رَوَاهُ أَبُو يعلى وَمن طَرِيقه ابْن حبَان فِي صَحِيحه.
5234 -
وَعَن زيد بن أَرقم رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا ابْتُلِيَ عبد بعد ذهَاب دينه بأشد من ذهَاب بَصَره وَمن ابْتُلِيَ ببصره فَصَبر حَتَّى يلقى الله لَقِي الله تبارك وتعالى وَلَا حِسَاب عَلَيْهِ رَوَاهُ الْبَزَّار من رِوَايَة جَابر الْجعْفِيّ
(2)
.
5235 -
وَعَن بُرَيْدَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لن يبتلى عبد بِشَيْء أَشد عَلَيْهِ من الشّرك بِالله وَلنْ يبتلى عبد بِشَيْء بعد الشّرك بِالله أَشد عَلَيْهِ من ذهَاب
(1)
تلقيح فهوم أهل الأثر (ص 324 - 325).
(2)
أخرجه البزار (4342)، قال الهيثمي في المجمع 2/ 308: قال الهيثمي: رواه البزار، وفيه جابر الجعفي، وفيه كلام كثير وقد وثق. وضعفه الألباني جدا في ضعيف الترغيب (2009). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
بَصَره وَلنْ يبتلى عبد بذهاب بَصَره فيصبر إِلَّا غفر الله لَهُ رَوَاهُ الْبَزَّار من رِوَايَة جَابر أَيْضا
(1)
.
5236 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أذهب الله بَصَره فَصَبر واحتسب كَانَ حَقًا على الله وَاجِبا أَن لَا ترى عَيناهُ النَّار رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير والأوسط
(2)
.
5237 -
وَرُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن جِبْرِيل عليه السلام عَن ربه تبارك وتعالى قَالَ يَا جِبْرِيل مَا ثَوَاب عَبدِي إِذا أخذت كريمتيه إِلَّا النّظر إِلَى وَجْهي والجوار فِي دَاري قَالَ أنس فَلَقَد رَأَيْت أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَبْكُونَ حوله يُرِيدُونَ أَن تذْهب أَبْصَارهم، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط
(3)
.
(1)
أخرجه البزار (4388) والمحاملى في الأمالى (410) والدينوري في المجالسة (1781). قال الهيثمي في المجمع 2/ 308: رواه البزار، وفيه جابر الجعفي وفيه كلام كثير وقد وثق. وضعفه الألباني جدا في الضعيفة (4424) وضعيف الترغيب (2010). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(2)
أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 93 رقم 124) والأوسط (2/ 351 رقم 2202) و (6/ 190 - 191 رقم 6156). قال الهيثمي في المجمع 3/ 309: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه وهب بن حفص الحواني وهو ضعيف. وضعفه الألباني جدا في ضعيف الترغيب (2011)، ولم يدرج الشارح تحته شرحا.
(3)
أخرجه الدولابي في الكنى (1150)، والطبراني في الأوسط (8/ 354 رقم 8855). قال الهيثمي في المجمع 2/ 309: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أشرس بن الربيع ولم أجد من ذكره وأبو ظلال ضعفه أبو داود والنسائي وابن عدي ووثقه ابن حبان. وضعفه الألباني في الضعيفة (5773) وضعيف الترغيب (2012). ولم يدرج الشارح تحته شرحا.