الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[السابعة والعشرون التعبد بكشف العورات]
السابعة والعشرون التعبد بكشف العورات قال تعالى في سورة " الأعراف "[28 - 29] : {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ - قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 28 - 29]
قال بعض المفسرين: الفاحشة هنا: الفعلة القبيحة المتناهية في القبح، والتاء إما لأنها مُجراة على الموصوف المؤنث، أي: فعلة فاحشة، وإما للنقل من الوصفية إلى الاسمية، والمراد بها هنا: عبادة الأصنام، وكشف العورة في الطواف، ونحو ذلك.
وعن الفراء تخصيصها بكشف العورة.
وفي الآية حذف، أي:{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} [الأعراف: 28] فنهوا عنها {قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا} [الأعراف: 28] محتجين بأمرين: بتقليد الآباء، والافتراء على الله.
وكان من سُنَّة الْحُمْس (1) أنهم لا يخرجون أيام المواسم إلى عرفات، إنما يقفون بالمزدلفة، وكانوا لا يسلأون، ولا يأقطون، ولا يرتبطون عنزا ولا بقرة، ولا يغزلون صوفا ولا وبرا، ولا يدخلون بيتا من الشعر والْمَدر، وإنما يكتنُّون بالقباب الحمر في الأشهر الحرم، ثم فرضوا على العرب قاطبة أن يَطَّرحوا أزواد الحل إذا دخلوا الحرم، وأن يتركوا ثياب الحل، ويستبدلوها بثياب الحرم، إما اشتراء، وإما عارية، وإما هبة، فإن وجدوا ذلك فيها وإلا طافوا بالبيت عَرايا.
(1) الحمس: قريش وما ولدت، ومن دان بدينها، وقد سموا كذلك من باب أنهم تحمسوا في دينهم، وهو الشدة في الدين والصلابة.
وفرضوا على نساء العرب مثل ذلك، غير أن المرأة كانت تطوف في درج مُفَرَّج القوائم والمواخير.
قالت امرأة وهي تطوف بالبيت:
اليوم يبدو بعضه أو كله
…
وما بدا منه فلا أحله
أختم مثل القعب باد
…
ظله كأن حمى خيبر تمله
وكلفوا العرب أن يفيضوا من مزدلفة، وقد كانوا يفيضون من عرفة، إلى غير ذلك من الأمور التي ابتدعوها وشرعوها مما لم يأذن به الله.
ومع ذلك كانوا يدعون أنهم على شريعة أبيهم إبراهيم عليه السلام، وما ذلك إلا لجاهليتهم.
وغالب من ينتمي إلى الإسلام اليوم ابتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله، فمنهم من اتخذ ضرب المعازف وآلات اللهو عبادة يتعبدون بها في بيوت الله ومساجده، ومنهم من اتخذ الطواف على القبور والقصد إليها والنذور أخلص عبادته وأفضل قرباته، ومنهم من ابتدع الرهبانية والحيل الشيطانية، وزعم أنه سلك سبيل الزهاد وطريق العباد، ومقصده الأعلى نيل شهواته الحيوانية، والفوز بهذه الدنيا الدنية، إلى غير ذلك مما يطول، ولا يعلم ماذا يقول.
إِلَى دَيَّانِ يَوْمِ الدِّينِ نَمْضِي
…
وَعِنْدَ اللَّهِ تَجْتَمِعُ الْخُصُومُ (1) .
(1) هذا البيت لأبي العتاهية كما في ديوانه (ص 209) .