الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهوديا، وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانيا، فأنزل الله فيهم هذه الآية» المنادية على جهلهم وعنادهم، كما لا يخفى على من راجع التفسير.
قال الشيخ:
[الرابعة والأربعون الكلام في الدين بلا علم]
الرابعة والأربعون الكلام في الدين بلا علم أقول: أجمل الشيخ رحمه الله تعالى الكلام في هذه المسألة كل الإجمال، كما فعل مثل ذلك في كثير من المسائل، وما أحقها بالتفصيل.
وذلك أن أهل الجاهلية من العرب وغيرهم من الكتابيين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله:
أما العرب فقد كان الكثير منهم على دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام إلى أن ظهر فيهم الخزاعي فغير وبدل، وابتدع بدعا كثيرة، وأغرى العرب على عبادة الأصنام، وبحر البحيرة، وحمى الحام، واستقسم بالأزلام، إلى غير ذلك مما فصلناه في غير هذا الموضع (1) .
وإن شئت أن تعرف جهل العرب، وما ابتدعوه فاقرأ سورة " الأنعام " فإن فيها كثيرا من ضلالاتهم ومبتدعاتهم.
(1) انظر في ذلك صحيح البخاري: (المناقب قصة خزاعة: 3520 و 3521) و (التفسير المائدة: 4623) .
وأما الجاهليون من اليهود والنصارى، فقد {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} [التوبة: 31] وذلك أن أحبارهم ورهبانهم ابتدعوا لهم في الدين بدعا، وحللوا وحرموا ما اشتهته أنفسهم، فقبلوا ذلك منهم وأطاعوهم عليه، مع أن الدين إنما يكون بتشريع الله ووحيه إلى أنبيائه ورسله، ولا يكون بآراء الرجال وبحسب أهوائهم، فكل ما لا دليل عليه من كتاب ولا سنة مردود على صاحبه (1) .
وقد ذم الله تعالى اليهود على مثل ذلك، فقال - عز اسمه - في سورة " آل عمران " [78] :{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78]
فمن أول نصوص الكتاب والسنة على حسب شهواته وبمقتضى هواه فهو - أيضا - من قبيل الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب.
وأنت تعلم ما اشتمل عليه - اليوم - كثير من كتب الشريعة من الآراء التي ليس لها مستند من دلائل الشريعة (2) فإلى الله المشتكى من صولة الباطل، وخمول الحق.
(1) عن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ هذه الآية: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال:" أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ "، فقلت: بلى. قال: " فتلك عبادتهم " رواه أحمد والترمذي بنحوه - وحسنه - في سننه: (تفسير القرآن ومن سورة التوبة: 3095) . فمن أطاع العلماء أو الأمراء في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا من دون الله.
(2)
بل بعضها مضاد تماما للشرع الشريف، بل بعضها يقول فيها من ألفها من الملاحدة: الكتاب والسنة من أصول الكفر، وبعضهم تنازل قليلا فقال: ظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر.