الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الثامنة والعشرون التعبد بتحريم الحلال]
الثامنة والعشرون التعبد بتحريم الحلال فَرَدَّ الله تعالى ذلك عليهم بقوله في سورة " الأعراف "[31 - 33] : {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ - قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ - قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 31 - 33]
ومعنى الآيات: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] أي: ثيابكم لمواراة عوراتكم عند طواف أو صلاة.
وسبب النزول: أنه كان أناس من الأعراب يطوفون بالبيت عراة، حتى إن كانت المرأة لتطوف بالبيت وهي عريانة، فتعلق على سُفْلها سُيورا مثل هذه السيور التي تكون على وجه الْحُمْر من الذباب، وهي تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله
…
وما بدا منه فلا أحله
فأنزل الله تعالى هذه الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [الأعراف: 31] مما طاب لكم (1) .
قال الكلبي: كان أهل الجاهلية لا يأكلون من الطعام إلا قوتا، ولا يأكلون دسما في أيام حجهم، يعظمون بذلك حجهم، فقال المسلمون: يا رسول الله نحن أحق بذلك، فأنزل الله تعالى الآية.
وفيه يظهر وجه ذكر الأكل والشرب هنا.
(1) روى مسلم في (التفسير: 7551) عن ابن عباس رضي الله عنهما: كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة، فتقول: مَنْ يُعيرني تطوافا؟ تجعله على فرجها، وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله
…
فما بدا منه فلا أحله
فنزلت هذه الآية: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) .
{وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31] بتحريم الحلال، كما هو المناسب لسبب النزول.
{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31] بل يبغضهم، ولا يرضى أفعالهم.
{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] من الثياب وكل ما يُتَجَمَّل به، وخلقها لنفعهم من الثياب كالقطن والكتان والحيوان كالحرير والصوف.
{وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] أي: المستلذَّات، وقيل: المحلَّلات من المآكل والمشارب كلحم الشاة وشحمها ولبنها.
{قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الأعراف: 32] أي: هي لهم بالأصالة لمزيد كرمهم على الله تعالى والكفرة - وإن شاركوهم فيها - فبالتبع، فلا إشكال في الاختصاص.
{خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32] أي: لا يشاركهم فيها غيرهم.
{كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32] أي: مثل تفصيلنا هذا الحكم نفصل سائر الأحكام لمن يعلم ما في تضامينها من المعاني الرائقة.
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} [الأعراف: 33] أي: ما تزايد قبحه من المعاصي، ومنه ما يتعلق بالفروج.
{مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] بدل من الفواحش، أي: جهرها وسرها.
وعن البعض: {مَا ظَهَرَ} [الأعراف: 33] الزنى علانية، {وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] الزنى سرا (1) وكانوا يكرهون الأول، ويفعلون الثاني، فنهوا عن ذلك مطلقا.
وعن مجاهد: {مَا ظَهَرَ} [الأعراف: 33] التعري في الطواف، {وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] الزنى.
والبعض يقول: الأول: طواف الرجال بالنهار، والثاني: طواف النساء بالليل عاريات.
{وَالْإِثْمَ} [الأعراف: 33] أي: ما يوجب الإثم، وأصله الذم، ثم أطلق على ما يوجبه من مطلق الذنب، وذكر للتعميم بعد التخصيص بناء على ما تقدم من معنى الفواحش.
(1) وهذا أحد أقوال ابن عباس في الآية، وبه قال سعيد بن جبير، كما في زاد المسير (3 / 34) .