المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[السادسة والسبعون اتخاذ آثار أنبيائهم مساجد] - فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت علي مخلوف

[محمود شكري الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الطبعة الأولى]

- ‌[شيء من ترجمة العلامة الشيخ محمود شكري الألوسي رحمه الله]

- ‌[مقدمة العلامة الألوسي]

- ‌[الأولى التعبد بإشراك الصالحين في عبادة الله تعالى]

- ‌[الثانية أنهم متفرقون ويرون السمع والطاعة مهانة ورَذالة]

- ‌[الثالثة أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له عندهم فضيلة]

- ‌[الرابعة أن دينهم مبني على أصول أعظمها التقليد]

- ‌[الخامسة الاقتداء بفسقة أهل العلم وجهالهم وعبادهم]

- ‌[السادسة الاحتجاج بما كان عليه أهل القرون السالفة]

- ‌[السابعة الاعتماد على الكثرة والاحتجاج بالسواد الأعظم]

- ‌[الثامنة الاستدلال على بطلان الشيء بكونه غريبا]

- ‌[التاسعة الاستدلال على المطلوب والاحتجاج بقوم أُعْطوا من القوة في الفهم والإدراك وفي القدرة والْمُلْك ظَنًّا أن ذلك يمنعهم من الضلال]

- ‌[العاشرة الاستدلال بعطاء الدنيا على محبة الله تعالى]

- ‌[الحادية عشرة الاستدلال على بطلان الشيء بأخذ الضعفاء به]

- ‌[الثانية عشرة رميُ من اتبع الحق بعدم الإخلاص وطلب الدنيا]

- ‌[الثالثة عشرة الإعراض عن الدخول في الحق الذي دخل فيه الضعفاء تكبرا وأنفة]

- ‌[الرابعة عشرة الاستدلال على بطلان الشيء بكونهم أولى به لو كان حقا]

- ‌[الخامسة عشرة الاستدلال بالقياس الفاسد وإنكار القياس الصحيح وجهلهم بالجامع والفارق]

- ‌[السادسة عشرة الغلو في الصالحين من العلماء والأولياء]

- ‌[السابعة عشرة اعتذارهم عن اتباع الوحي بعدم الفهم]

- ‌[الثامنة عشرة أنهم لا يقبلون من الحق إلا ما تقول به طائفتهم]

- ‌[التاسعة عشرة الاعتياض عن كتاب الله تعالى بكتب السحر]

- ‌[العشرون تناقضهم في الانتساب]

- ‌[الحادية والعشرون تحريف كلام الله من بعد ما عقلوه وهم يعلمون]

- ‌[الثانية والعشرون تحريف العلماء لكتب الدين]

- ‌[الثالثة والعشرون معاداة الدين الذي انتسبوا إليه أشد العداوة وموالاتهم لمذهب الكفار]

- ‌[الرابعة والعشرون عدم قبولهم من الحق إلا ما قالته طائفتهم والكفر بما مع غيرهم من الحق]

- ‌[الخامسة والعشرون ادعاء كل فرقة أنها هي الناجية]

- ‌[السادسة والعشرون أنهم أنكروا ما أقروا أنه من دينهم]

- ‌[السابعة والعشرون التعبد بكشف العورات]

- ‌[الثامنة والعشرون التعبد بتحريم الحلال]

- ‌[التاسعة والعشرون الإلحاد في أسمائه وصفاته]

- ‌[الثلاثون نسبة النقائص إليه سبحانه كالولد والحاجة]

- ‌[الحادية والثلاثون تنزيه المخلوق عما نسبوه للخالق]

- ‌[الثانية والثلاثون القول بالتعطيل]

- ‌[الثالثة والثلاثون الشركة في الملك]

- ‌[الرابعة والثلاثون إنكار النبوات]

- ‌[الخامسة والثلاثون جحود القدر والاحتجاج به على الله تعالى]

- ‌[السادسة والثلاثون مسبة الدهر]

- ‌[السابعة والثلاثون إضافة نِعَم الله إلى غيره]

- ‌[الثامنة والثلاثون الكفر بآيات الله]

- ‌[التاسعة والثلاثون اشتراء كتب الباطل واختيارها على الآيات]

- ‌[الأربعون القدح في حكمته تعالى]

- ‌[الحادية والأربعون الكفر بالملائكة والرسل والتفريق بينهم]

- ‌[الثانية والأربعون الغلو في الأنبياء والرسل عليهم السلام]

- ‌[الثالثة والأربعون الجدال بغير علم]

- ‌[الرابعة والأربعون الكلام في الدين بلا علم]

- ‌[الخامسة والأربعون الكفر باليوم الآخر والتكذيب بلقاء الله وبعث الأرواح]

- ‌[السادسة والأربعون التكذيب بقوله تعالى مالك يوم الدين]

- ‌[السابعة والأربعون التكذيب بقوله تعالى لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة]

- ‌[الثامنة والأربعون التكذيب بقوله تعالى ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون]

- ‌[التاسعة والأربعون قتل أولياء الله وقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس]

- ‌[الخمسون الإيمان بالجبت والطاغوت وتفضيل المشركين على المسلمين]

- ‌[الحادية والخمسون لبس الحق بالباطل وكتمانه]

- ‌[الثانية والخمسون التعصب للمذهب والإقرار بالحق للتوصل إلى دفعه]

- ‌[الثالثة والخمسون تسميه اتباع الإسلام شركا]

- ‌[الرابعة والخمسون تحريف الكلم عن مواضعه وَلَيُّ الألسنة بالكتاب]

- ‌[الخامسة والخمسون تلقيب أهل الهدى بالصابئة والحشوية]

- ‌[السادسة والخمسون افتراء الكذب على الله والتكذيب بالحق]

- ‌[السابعة والخمسون رمي المؤمنين بطلب الغلو في الأرض]

- ‌[الثامنة والخمسون رمي المؤمنين بالفساد في الأرض]

- ‌[التاسعة والخمسون رمي المؤمنين بتبديل الدين]

- ‌[الستون كونهم إذا غُلِبوا بالحجة فزعوا إلى السيف والشكوى إلى الملوك]

- ‌[الحادية والستون تناقض مذهبهم لما تركوا الحق]

- ‌[الثانية والستون دعواهم العمل بالحق الذي عندهم]

- ‌[الثالثة والستون الزيادة في العبادة]

- ‌[الرابعة والستون النقص من العبادة]

- ‌[الخامسة والستون تَعَبُّدُهم بترك أكل الطيبات من الرزق وترك زينة الله التي أخرج لعباده]

- ‌[السادسة والستون تعبدهم بالْمُكاء والتصدية]

- ‌[السابعة والستون دعواهم الإيمان عند المؤمنين فإذا خرجوا خرجوا بالكفر الذي دخلوا به]

- ‌[الثامنة والستون دعاؤهم الناس إلى الضلال بغير علم]

- ‌[التاسعة والستون دعاؤهم الناس إلى الكفر مع العلم]

- ‌[السبعون المكر الكُبَّار]

- ‌[الحادية والسبعون أئمتهم إما عالم فاجر وإما عابد جاهل]

- ‌[الثانية والسبعون زعمهم أنهم أولياء لله من دون الناس]

- ‌[الثالثة والسبعون دعواهم محبة الله مع ترك شرعه]

- ‌[الرابعة والسبعون تمنيهم على الله تعالى الأمانِيَّ الكاذبة]

- ‌[الخامسة والسبعون اتخاذ قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد]

- ‌[السادسة والسبعون اتخاذ آثار أنبيائهم مساجد]

- ‌[السابعة والسبعون اتخاذ السُّرُج على القبور]

- ‌[الثامنة والسبعون اتخاذ القبور أعيادا]

- ‌[التاسعة والسبعون الذبح عند القبور]

- ‌[الثمانون التَّبَرُّك بآثار المعظَّمين كدار الندوة]

- ‌[الفخز بالأحساب والاستسقاء بالأنواء والطعن في الأنساب والنياحة]

- ‌[الخامسة والثمانون تعيير الرجل بفعل غيره لا سيما أبوه وأمه]

- ‌[السادسة والثمانون الافتخار بولاية البيت]

- ‌[السابعة والثمانون الافتخار بكونهم من ذرية الأنبياء عليهم السلام]

- ‌[الثامنة والثمانون الافتخار بالصنائع]

- ‌[التاسعة والثمانون عظمة الدنيا في قلوبهم]

- ‌[التسعون ازدراء الفقراء]

- ‌[الحادية والتسعون عدم الإيمان بملائكة الله وكتبه ورسله واليوم الآخر]

- ‌[الثانية والتسعون الإيمان بالْجِبْت والطاغوت وتفضيل دين المشركين على دين المسلمين]

- ‌[الثالثة والتسعون كتمان الحق مع العلم به]

- ‌[الرابعة والتسعون القول على الله بلا علم]

- ‌[الخامسة والتسعون التناقض الواضح]

- ‌[العِيافة والطَّرْق والطِّيَرَة والكِهانة والتحاكم إلى الطاغوت]

الفصل: ‌[السادسة والسبعون اتخاذ آثار أنبيائهم مساجد]

[السادسة والسبعون اتخاذ آثار أنبيائهم مساجد]

السادسة والسبعون اتخاذ آثار أنبيائهم مساجد كما ورد عن عمر رضي الله عنه فإن هذه المسألة من بدع جاهلية الكتابيين، كانوا يتخذون آثار أنبيائهم مساجد، فورثهم الجاهلون من هذه الأمة، فتراهم يبنون على موضع اختفى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو وصل قدمه المبارك، أو تعبد فيه، فهذا ليس يحمد في الشريعة؛ لجره إلى الغلو.

وفي العراق مواضع كثيرة بنوا عليها مبانِيَ كالمقام الذي زعموا أن الشيخ الكيلاني تعبد فيه، وكأثر الكف الذي زعم الشيعة أنه أثر كف الإمام علي لما وضعه على الصخرة فأَثَّر فيها، فبنوا عليها مسجدا، وكعدة أماكن زعموا أن الخضر رُئِيَ فيها، ولا أصل له، إلى غير ذلك مما لا يستوعبه المقام.

فينبغي لمن يدعي الإسلام أن يتجنبها، وينهى عن حضورها، وإن رُمِيَ بالإنكار، وعداوة الأشرار، وكيد المارقين الفجار.

وفي المسألة تفصيل لا بأس بذكره:

قال شيخ الإسلام: " أما مقامات الأنبياء والصالحين - وهي الأمكنة التي قاموا فيها أو أقاموا، أو عبدوا الله سبحانه - لكنهم لم يتخذوها مساجد - فالذي بلغني في ذلك قولان عن العلماء مشهورين:

أحدهما: النهي عن ذلك، وكراهته، وأنه لا يستحب قصد بقعة للعبادة إلا أن يكون قصدها للعبادة مما جاء به الشرع، مثل أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم قصدها للعبادة كما قصد الصلاة في مقام إبراهيم، وكما كان يتحرى الصلاة عند الأسطوانة، وكما تُقْصَد المساجد للصلاة، ويقصد الصف الأول، ونحو ذلك.

ص: 134

القول الثاني: أنه لا بأس باليسير من ذلك، كما نقل عن ابن عمر أنه كان يتحرى قصد المواضع التي سلكها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم سلكها اتفاقا لا قصدا.

وسئل الإمام أحمد عن الرجل يأتي هذه المشاهد، ويذهب إليها، ترى ذلك؟ قال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلي في بيته حتى يَتَّخِذَ ذلك مُصَلّى (1) وعلى ما كان يفعله ابن عمر، يتتبع مواضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأثره، فليس بذلك بأس أن يأتي الرجل المشاهد، إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا جدا، وأكثروا فيه.

وكذلك نقل عنه أحمد بن القاسم أنه سئل عن الرجل يأتي هذه المشاهد التي بالمدينة وغيرها يذهب إليها؟ فقال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتيه، فيصلي في بيته، حتى يتخذه مسجدا، وعلى ما كان يفعل ابن عمر، «كان يتتبع مواضع سير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى إنه رُئِيَ يصب في موضعٍ ماءً، فسئل عن ذلك، فقال: " رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصب هاهنا ماء» (2) قال: أما على هذا فلا بأس به. قال: ورخص فيه، ثم قال: ولكن قد أفرط الناس جدا، وأكثروا في هذا المعنى، فذكر قبر الحسين وما يفعل الناس عنده. رواهما الخلَّال في كتاب الأدب.

فقد فَصَّل أبو عبد الله في المشاهد - وهي الأمكنة التي فيها آثار الأنبياء والصالحين من غير أن تكون مساجد لهم كمواضع بالمدينة - بين القليل الذي لا يتخذونه عيدا، أو الكثير الذي يتخذونه عيدا كما تقدم.

وهذا التفصيل جَمَعَ فيه بين الآثار وأقوال الصحابة:

فإنه قد روى البخاري في صحيحه «عن موسى بن عقبة قال: " رأيت سالم بن

(1) لم أجده من حديث ابن أم مكتوم، وإنما وجدته من حديث عتبان بن مالك عند البخاري في صحيحه في (الصلاة المساجد في البيوت: 425) وفي مواضع أخرى، وهي بالأرقام (667 و840 و 1186 و5401)، ومسلم في (الإيمان: 149) وبرقم (1496) .

(2)

ذكر الأثر ابن الأثير في أسد الغابة (3 / 237) ، والذهبي في سير أعلام النبلاء (3 / 213) وفي الأصل " هنا " وما أثبته من الاقتضاء.

ص: 135

عبد الله يتحرى أماكن من الطريق، ويصلي فيها، ويحدث أن أباه كان يصلي فيها، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في تلك الأمكنة» (1) .

فهذا كما رخص الإمام أحمد.

وأما كراهته، فقد روى سعيد بن منصور في سننه قال: حدثنا أبو معاوية قال: «حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن عمر قال: خرجنا معه في حجة حجها، فقرأ بنا في الفجر بـ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] و {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1] في الثانية، فلما رجع من حجته رأى الناس ابتدروا المسجد، فقال: ما هذا؟ فقالوا: مسجد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه، فقال: " هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بِيَعًا، من عرضت له منكم الصلاة فيه فَلْيُصَلِّ، ومن لم تعرض له الصلاة فليمض» (2) .

فقد كره عمر اتخاذ مصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عيدا، وبَيَّنَ أن أهل الكتاب إنما هلكوا بمثل هذا، كانوا يتبعون آثار أنبيائهم، ويتخذونها كنائس وبِيَعًا.

وروى محمد بن وضاح وغيره: " أن عمر بن الخطاب أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الناس كانوا يذهبون تحتها، فخاف عمر الفتنة عليه "(3) .

وما ذكره عمر هو الحري بالقبول، وهو مذهب جمهور الصحابة، غير ابنه (4) وهو الذي يجب العمل به، ويُعَوَّل عليه.

(1) رواه البخاري في (الصلاة / المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (483)، وفيه:" فيصلي " بدل " ويصلي ".

(2)

أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (كتاب الصلاة / باب ما يقرأ في الصبح في السفر: 1 / 118 - 119 برقم 2734) ، وابن وضاح في البدع والنهي عنها (ص 41 - 42) .

(3)

لعل الصواب " عليهم ": رواه ابن وضاح في " البدع والنهي عنها " ص (42 - 43) .

اقتضاء الصراط المستقيم (2 / 742 - 744) مع اختلاف بكلمات يسيرة.

(4)

إنما أراد ابن عمر رضي الله عنهما بفعله الاقتداء لا التبرك؛ لأن من تبرك بشجرة أو حجر أو غيرهما فقد أشرك، وهي من صفات أهل الجاهلية.

ص: 136