الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 - باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد
473 -
. . . حيوة -يعني: ابن شريح- قال: سمعت أبا الأسود -يعني: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل- يقول: أخبرني أبو عبد اللَّه مولى شداد، أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من سمع رجلًا ينشُدُ ضالَّةً في المسجد؛ فليقل: لا أداها الله إليك؛ فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا".
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (568)، سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء برقم (75)(1/ 148).
***
22 - باب في كراهية البزاق في المسجد
474 -
. . . هشام وشعبة وأبان، عن قتادة، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التَّفْلُ في المسجد خطيئة، وكفارته أن يُوارَيه".
• حديث متفق على صحته.
أخرجه من طريق أحدهم، أو بعضهم:
البخاري (415) ولفظه من طريق شعبة: "البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنُها". ومسلم (552/ 56) ولفظه من طريق شعبة: "التفل في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها". وأبو عوانة (1/ 337 و 338/ 1203 - 1206)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 154/ 1213)، والدارمي (1/ 377/ 1395)، وابن خزيمة (2/ 276 - 277/ 1309)، وأحمد (3/ 173 و 183 و 232 و 274 و 277 و 289)، والطيالسي (3/ 486/ 2099)، وابن أبي شيبة (2/ 143/ 7463)، وابن شبة في أخبار المدينة (65)، والبزار (13/ 384/ 7065)، وأبو يعلى (5/ 410/ 3088) و (6/ 7/ 3222)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (935)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 128/ 2511)، وابن مخلد البزاز في حديثه عن شيوخه (27 و 28)، والبيهقي (2/ 291)، والبغوي في شرح السنة (2/ 130/ 489).
وهذا لفظ هشام الدستوائي في بعض الطرق عنه، ولفظه في بعض الطرق الأخرى مثل شعبة وأبان:"وكفارتها دفنُها"، ولفظ أبان:"التفل في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها".
***
475 -
. . . أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها".
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (552/ 55)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 153/ 1212)، والترمذي (572) وقال:"حسن صحيح"، والنسائي في المجتبى (2/ 50 - 51/ 723)، وفي الكبرى (1/ 398/ 804)، وابن حبان (4/ 514 و 516/ 1635 و 1637)، والبزار (13/ 437/ 7190)، وأبو يعلى (5/ 237/ 2850)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (3/ 196/ 2453)، وابن مخلد البزاز في حديثه عن شيوخه (29)، وابن حزم في المحلى (3/ 247)، والبيهقي (2/ 291).
وفي بعض ألفاظه: "البصاق"، وفي أخرى:"النخامة".
وانظر فيمن وهم فيه على أبي عوانة: المعجم الأوسط (9/ 164/ 9431)، تاريخ بغداد (2/ 285).
***
476 -
. . . سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النخاعة في المسجد. . ." فذكر مثله.
• حديث صحيح.
أخرجه أحمد (3/ 109 و 209 و 234)، وابن شبة في أخبار المدينة (64)، والبزار (13/ 384/ 7064)، وأبو يعلى (5/ 410 و 446 و 450/ 3087 و 3155 و 3161)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (937)، وابن مخلد البزاز في حديثه عن شيوخه (26).
وفي بعض ألفاظه: "التفل"، وفي أخرى:"البزاق".
وهذا إسناد صحيح، على شرط الشيخين، رواه عن سعيد بن أبي عروبة جماعة ممن روى عنه قبل الاختلاط، وغيرهم، مثل: يزيد بن زريع، وخالد بن الحارث، وابن أبي عدي، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، وغندر محمد بن جعفر، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد.
• هكذا روى هذا الحديث عن قتادة: أثبت أصحابه: شعبة، وهشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، وتابعهم من أصحاب قتادة الثقات: أبو عوانة، وأبان بن يزيد العطار [5]:
6 -
وهمام بن يحيى: حدثنا قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها".
أخرجه أبو يعلى (5/ 267/ 2885).
وإسناده صحيح، على شرط الشيخين.
• وانظر فيمن رواه عن قتادة فوهم فيه، أو فيما لا يصح إسناده إلى أصحاب قتادة، أو فيمن رواه عن قتادة من الضعفاء: مصنف عبد الرزاق (1/ 435/ 1697)، مسند البزار (13/ 384/ 7066)، جزء الألف دينار (147)، المعجم الصغير للطبراني (1/ 79/ 101)، فوائد ابن منده (33)، طبقات المحدثين (3/ 269)، مسند أبي حنيفة لأبي نعيم (235)، أخبار أصبهان (1/ 131)، تاريخ بغداد (9/ 395)، تاريخ دمشق (21/ 23).
• ورُوي الحديث بإسناد آخر عن أنس فيه جهالة، انظر: كنى الدولابي (3/ 989/ 1732)، المؤتلف للدارقطني (4/ 1904).
• ولحديث أنس شواهد، منها:
1 -
حديث أبي أمامة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التفل في المسجد سيئة، ودفنه حسنة".
أخرجه أحمد (5/ 260)، وابن أبي شيبة (2/ 143/ 7464)، وابن شبة في أخبار المدينة (68)، والطبراني في الكبير (8/ 284 و 285/ 8091 - 8094).
من طريق: حسين بن واقد: ثنا أبو غالب، أنه سمع أبا أمامة يقول:. . . فذكره.
قال المنذري في الترغيب (1/ 125): "رواه أحمد بإسناد لا بأس به"، وحسن إسناده الحافظ في الفتح (1/ 512)، قلت: وهو كما قالا، وهو: جيد في الشواهد.
2 -
حديث أبي سعيد:
أخرجه ابن شبة في أخبار المدينة (83).
وفي إسناده: عبد العزيز بن عمران الزهري، وهو: متروك.
3 -
حديث ابن عباس:
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 287/ 7513).
وقال: "لم يرو هذا الحديث عن داود إلا ابن أبي ليلى، ولا عن ابن أبي ليلى إلا النضر بن إسماعيل، تفرد به: الشاذكوني".
قلت: ابن أبي ليلى: سيئ الحفظ جدًّا، والنضر بن إسماعيل البجلي: ليس بالقوي، والشاذكوني: هو: سليمان بن داود المنقري: حافظ؛ إلا أنه متروك، رماه الأئمة بالكذب [انظر: اللسان (4/ 142)].
4 -
حديث سلمان:
أخرجه ابن عدي (2/ 187) بإسناد ضعيف.
***
477 -
. . . أبو مودود، عن عبد الرحمن بن أبي حَدْرَد الأسلمي: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دخل هذا المسجد فبزق فيه، أو تنخم؛ فليحفر فليدفنه، فإن لم يفعل فليبزُق في ثوبه، ثم لْيَخرج به".
• حديث حسن.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 277/ 1310)، وأحمد (2/ 260 و 324 و 471 - 472 و 532)، وابن أبي شيبة (2/ 144/ 7476)، وابن شبة في أخبار المدينة (75)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 128/ 2520)، والطبراني في الأوسط (8/ 261/ 8577)، والبيهقي (2/ 291)، وابن عبد البر (14/ 160).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبد الرحمن إلا أبو مودود".
قلت: أبو مودود، هو: عبد العزيز بن أبي سليمان المدني، وهو: ثقة [انظر: التهذيب (2/ 586) وغيره]، واختلف الثقات عليه في لفظ هذا الحديث اختلافًا يسيرًا لا يضر.
وشيخه: عبد الرحمن بن أبي حدرد: تابعي، سمع أبا هريرة، سمع منه أبو مودود، قال الدارقطني:"لا بأس به"، وذكره ابن حبان في الثقات [سؤالات البرقاني (273)، الثقات (5/ 91)، التاريخ الكبير (5/ 275)، التهذيب (2/ 501)].
وهو حديث حسن.
صححه ابن خزيمة، وروي بعضه في الصحيح من طريقين عن أبي هريرة:
أ- فقد روى القاسم بن مهران، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد، فأقبل على الناس، فقال:"ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه، فيتنخع أمامه، أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه، فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد فليقل هكذا".
ووصف القاسم: فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض.
أخرجه مسلم (550)، وأبو عوانة (1/ 336 و 337/ 1197 و 1199)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 152 و 953/ 1201 و 1210)، والنسائي (1/ 163/ 309)، وابن ماجه (1022)، وأحمد (2/ 250 و 415)، وإسحاق (1/ 120/ 37 و 38)، وابن أبي شيبة (2/ 142/ 7450)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (3/ 1122)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (120)، وأبو يعلى (11/ 319/ 6435)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 191 - 192/ 549)، والبيهقي (2/ 291 و 292).
ب- وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، سمع أبا هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه؛ فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه، ولا عن
يمينه؛ فإن عن يمينه ملكًا، وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه: فيدفنها".
أخرجه البخاري (416)، وابن حبان (6/ 46/ 2269)، وأحمد (2/ 318)، وعبد الرزاق (1/ 431/ 1686)، والبيهقي في السنن الصغرى (1/ 532/ 955)، وفي الكبرى (2/ 293)، وفي القراءة خلف الإمام (178)، والبغوي في شرح السنة (2/ 131/ 491) وقال:"صحيح"، وهو في صحيفة همام برقم (119).
• وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص:
يرويه: محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي عتيق، عن عامر بن سعد، حدثه عن أبيه سعد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا تنخم أحدكم في المسجد فليغيب نخامته؛ أن تصيب جلد مؤمن، أو ثوبه؛ فتؤذيه".
أخرجه ابن خزيمة (2/ 277/ 1311)، والضياء في المختارة (3/ 196 - 198/ 991 - 997)، وأحمد (1/ 179)، وابن أبي شيبة (2/ 144/ 7475)، والدورقي في مسند سعد (29)، وابن شبة في أخبار المدينة (62 و 63)، والبزار (3/ 330/ 1127)، وأبو يعلى (2/ 131 و 140/ 808 و 824)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 129/ 2521)، والبيهقي في الشعب (7/ 516/ 11179).
قال علي بن المديني: "هو حسن الإسناد"[فتح الباري لابن رجب (2/ 348)]، وصححه ابن خزيمة، وقال الحافظ في الفتح (1/ 512):"رواه أحمد بإسناد حسن"، وهو كما قال، إسناده مدني حسن، صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث من رواية جمع عنه، مثل: إبراهيم بن سعد، وابن أبي عدي، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وزهير بن معاوية.
***
478 -
. . . منصور، عن ربعي، عن طارق بن عبد اللَّه المحاربي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام الرجل إلى الصلاة -أو: إذا صلى أحدكم-؛ فلا يبزق أمامه، ولا عن يمينه، ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغًا، أو تحت قدمه اليسرى، ثم لْيَقُل به".
• حديث صحيح.
أخرجه الترمذي (571)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على جامع الترمذي "مختصر الأحكام"(3/ 125/ 535)، والنسائي في المجتبى (2/ 52/ 726)، وفي الكبرى (1/ 399/ 807)، وابن ماجه (1021)، وابن خزيمة (2/ 44 و 45/ 876 و 877)، وابن حبان [(6/ 345/ 6613 - إتحاف المهرة)، ولم أجده في المطبوع من الصحيح]. والحاكم (1/ 256)(1/ 125/ أ - مخطوطة رواق المغاربة)، والضياء في المختارة (8/ 121 - 124/ 134 - 140)، وأحمد (6/ 396)، والطيالسي (2/ 605/ 1371)، وعبد الرزاق (1/ 432/ 1688)،
وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 142/ 7453)، وفي المسند (821)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 35 - 36/ 1322)، وأبو القاسم الحامض في حديثه (93)، وابن قانع في المعجم (2/ 44)، والطبراني في الكبير (8/ 312 - 314/ 8165 - 8172)، وفي الأوسط (3/ 328/ 3307)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1555/ 3938)، وابن حزم في المحلى (4/ 22)، والبيهقي في السنن (2/ 292)، وفي الشعب (7/ 516/ 11175)، والخطيب في تالي تلخيص المتشابه (1/ 146/ 62).
والحديث من رواية الجماعة عن منصور بلفظ الخطاب، لا بلفظ الغيبة كما رواه أبو الأحوص، ولفظ زائدة:"إذا صليت فلا تبزق بين يديك، ولا عن يمينك، ولكن ابزق تلقاء شمالك إن كان فارغًا، أو تحت رجلك"، والبقية بنحوه.
زاد يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن منصور [الترمذي. النسائي. ابن خزيمة. المختارة. أحمد]: "وابصق خلفك، أو تلقاء شمالك"، فتفرد بقوله:"خلفك"، واحتج بها ابن خزيمة على الرخصة في بصق المصلي خلفه، وعلى إباحة لي المصلي عنقه وراء ظهره إذا أراد أن يبصق في صلاته، وبوب عليه النسائي:"الرخصة للمصلي أن يبصق خلفه، أو تلقاء شماله"[وانظر: طرح التثريب (2/ 343)].
قال أحمد في المسند بعد رواية القطان: "ولم يقل وكيع ولا عبد الرزاق: "وابصق خلفك" منكرًا بذلك على يحيى القطان تفرده بهذه اللفظة.
قال ابن رجب في الفتح (2/ 344): "قال الدارقطني: هي وهم من يحيى بن سعيد، ولم يذكرها جماعة من الحفاظ من أصحاب سفيان، وكذلك رواه أصحاب منصور عنه، لم يقل أحد منهم: "ابزق خلفك"".
قلت: روى الحديث بدون هذه الزيادة عن الثوري: وكيع، وعبد الرزاق، وعبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي، والحسين بن حفص الأصبهاني [وهم: ثقات، من أصحاب الثوري، ووكيع: أثبتهم في الثوري، والأشجعي: أثبت الناس كتابًا في الثوري].
ورواه الحاكم من طريق يحيى بن سعيد القطان مقرونًا بالأشجعي والحسين بن حفص، فلم يذكرها، فهل حمل حديثه على حديث الأشجعي والحسين بن حفص؟ أم أن الرواية اختلفت عن يحيى بن سعيد بالحذف والإثبات؟
والظاهر أن الأخير هو الصواب، فقد رواه عن يحيى بن سعيد القطان بالزيادة: أحمد بن حنبل، وبندار محمد بن بشار، وأبو موسى محمد بن المثنى، وعبيد الله بن سعيد بن يحيى اليشكري، وعمر بن شبة النميري [وهم: ثقات حفاظ].
ورواه عن يحيى بدونها: مسدد بن مسرهد [المستدرك]، ويحيى بن حكيم المقومي [الطوسي][وهما ثقتان حافظان].
وعلى هذا فإن الرواية اختلفت عن يحيى بن سعيد القطان في هذه الزيادة بالحذف
والإثبات، ولم يتابع على وجه الإثبات، وإنما توبع على وجه الحذف؛ مما يدل على أنه هو المحفوظ، وأن زيادة:"وابصق خلفك": زيادة شاذة.
ومما يؤكد شذوذها: أن هذا الحديث قد رواه عن منصور بدونها جمع من الحفاظ المتقنين، وغيرهم: شعبة، وزائدة بن قدامة، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وجرير بن عبد الحميد، ومفضل بن مهلهل، وغيلان بن جامع، وورقاء بن عمر، وعبيدة بن حميد، وقيس بن الربيع، وجعفر بن الحارث الواسطي أبو الأشهب [صدوق يخطئ. التهذيب (1/ 303)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (3/ 1332)]، والأعمش [ولا يصح عنه]. وانظر: المعرفة، والمختارة.
زاد شعبة في آخره: "وادلكه"[أحمد]، وهي زيادة محفوظة، تابعه عليها: مفضل بن مهلهل، وعبيدة بن حميد، قالا:"ثم ادلكه"[أحمد. الشعب. تالي التلخيص]، والقول بإدراجها: ضعيف، وقال جرير [ابن خزيمة]:"ثم قل به"، وقال أبو الأحوص:"ثم لْيَقُل به"[أبو داود].
قال الترمذي: "حسن صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح؛ على ما أصلته من تفرد التابعي عن الصحابي، ولم يخرجاه".
وذكره الدارقطني فيما ألزم به الشيخان إخراجه مما هو على شرطهما [الإلزامات ص (101 - 102)] فقال: "طارق بن عبد الله المحاربي: له حديثان.
روى أحدهما: ربعي بن حراش عنه.
والآخر: أبو صخرة جامع بن شداد.
وكلاهما: من شرطهما.
رواه [يعني: هذا الحديث]: شعبة والثوري والناس، عن منصور، عن ربعي عنه.
ورواه [يعني: حديثه الطويل وأطرافه: "يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله، تفلحوا"، و"يا أيها الناس! اليد العليا خير من اليد السفلى"، و"ألا لا تجني أم على ولدها". انظره بتمامه في: مستدرك الحاكم (2/ 612)، صحيح ابن حبان (14/ 518/ 6562)، مسند ابن أبي شيبة (822)، حديث لوين (26)، سنن الدارقطني (3/ 44)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1556/ 3939)، سنن البيهقي (6/ 20)، وغيرها]: يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن أبي صخرة، قاله أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن نمير عنه" اهـ كلامه. وانظر: ضعفاء العقيلي (1/ 105).
وهو كما قالوا، وربعي بن حراش قد سمع من طارق بن عبد الله المحاربي، ثبت سماعه منه من رواية زائدة بن قدامة [معجم الطبراني الكبير (8167) وفي سنده سقط]، والله أعلم.
***
479 -
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود: ثنا حماد: ثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يومًا إذ رأى نخامة في قبلة المسجد، فتغيَّظ على الناس، ثم حكَّها، -قال: وأحسبه قال: فدعا بزعفرانٍ فلطَخَه به-، وقال:"إن الله عز وجل قِبَلَ وجه أحدكم إذا صلى، فلا يبزق بين يديه".
• حديث صحيح، دون اللطخ بالزعفران.
أخرجه من طريق أبي داود: ابن عبد البر في التمهيد (14/ 159).
هكذا رواه سليمان بن داود العتكي أبو الربيع الزهراني البصري [وهو: ثقة]، عن حماد بن زيد: على الشك في اللطخ بالزعفران.
ورواه سليمان بن حرب [وهو: ثقة ثبت، إمام حافظ]، عن حماد به، واختلف عليه:
أ- فرواه الإمام البخاري [جبل الحفظ، وإمام الدنيا في الحديث] في صحيحه (1213)، عن سليمان بن حرب به بدون ذكر الزعفران، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد؛ فتغيَّظ على أهل المسجد، وقال:"إن الله قِبَل أحدكم، فإذا كان في صلاته؛ فلا يبزُقَنَّ -أو قال: لا يتنخَّمَنَّ" ثم نزل فحتَّها بيده.
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: إذا بزق أحدكم فليبزق على يساره.
ب- ورواه الإمام الدارمي عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل أبو محمد [ثقة متقن، حافظ إمام]، ويوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي [ثقة حافظ]: روياه عن سليمان بن حرب به، فذكرا اللطخ بالزعفران. ولفظ الدارمي بمثل لفظ البخاري؛ إلا أنه قال: ثم أمر بها، فحك مكانها -أو: أمر به فلطخت-، قال حماد: ولا أعلمه إلا قال: بزعفران. ولفظ يوسف بن يعقوب: ثم نزل فحته بيده، ثم لطخه -فيما أظنه- بزعفران.
أخرجه الدارمي (1/ 378/ 1397)، والبيهقي (2/ 293).
ج- ورواه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 151/ 1204)، من طريق: إسماعيل بن إسحاق القاضي [حافظ متقن مصنف، أحد الأئمة]، وأبي مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري الكجي [ثقة حافظ، إمام مصنف]، ويوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي [ثقة حافظ]: ثلاثتهم عن سليمان بن حرب به، ولم يذكر لفظهم، ولم يبين اختلاف ألفاظ الناقلين للحديث عن نافع.
قال البيهقي: "رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب، دون كلمة اللطخ فيما أظن بالزعفران، وأخرجه مسلم من حديث ابن علية عن أيوب دونها بمعنى حديث مالك".
قال الذهبي في المهذب (2/ 733): "هي زيادة ثابتة من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد عنه"، يعني: عن أيوب.
قلت: نعم؛ هي ثابتة عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن أيوب؛ تتابع على إثباتها ثقتان حافظان، وتابع سليمان بن حرب عليها: سليمان بن داود العتكي؛ فهي ثابتة عن حماد بن زيد، وكان الشك يقع منه في إثبات هذه الزيادة -كما في رواية الدارمي-، فلم يكن متيقنًا من ثبوتها؛ ومع كون حماد بن زيد: أثبتَ الناس في أيوب السختياني؛ إلا أن هذه الزيادة: شاذة، أخطأ فيها حماد؛ ولذلك فإن البخاري قد حذفها عمدًا، وعدل مسلم عنها إلى رواية ابن علية السالمة من هذه العلة، وأعلها أبو داود نفسه:
***
قال أبو داود: رواه إسماعيل وعبد الوارث، عن أيوب، عن نافع:
ومالك وعبيد اللَّه وموسى بن عقبة، عن نافع: نحو حماد؛ إلا أنه لم يذكروا الزعفران.
ورواه معمر عن أيوب، وأثبت الزعفران فيه. وذكر يحيى بن سليم عن عبيد اللَّه عن نافع: الخلوق.
قلت: تابع حماد بن زيد على هذه الزيادة:
معمر بن راشد [ثقة في الزهري وابن طاووس، وحديثه عن أهل البصرة فيه ضعف، وهذا منه. انظر: تاريخ دمشق (59/ 414)، شرح علل الترمذي (2/ 774)]، رواه عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم حتَّها بيده -يعني: النخامة، أو: البزاق-، ثم لطخها بالزعفران، دعا به، قال: فلذلك صُنع الزعفران في المساجد.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 270/ 1295) بإسناد صحيح إلى معمر، وانظر: مصنف عبد الرزاق (1/ 431/ 1683).
• خالفهما: إسماعيل بن علية، وعبد الوارث بن عبد الصمد [ثقتان ثبتان، وهما أثبت أصحاب أيوب بعد حماد بن زيد، بل رجحت طائفةٌ ابنَ علية على حماد بن زيد. انظر: شرح العلل (2/ 700)]، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة]، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي [ليس به بأس]: رووه عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد، فقام فحكَّها -أو قال: فحتَّها- بيده، ثم أقبل على الناس، فتغيَّظ عليهم، وقال:"إن الله عز وجل قِبَلَ وجه أحدكم في صلاته؛ فلا يتنخَّمَنَّ أحدٌ منكم قِبَلَ وجهه في صلاته". لفظ ابن علية.
أخرجه مسلم (547/ 51)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 151/ 1204)، وابن خزيمة (2/ 62/ 923)، وأحمد (2/ 6 و 141)، وابن أبي شيبة (2/ 143/ 7462)، وابن شبة في أخبار المدينة (50)، والبزار (12/ 135/ 5707)، وعلقه أبو داود.
هكذا رووه بدون ذكر اللطخ بالزعفران، وقولهم هو الصواب، لا سيما وقد تردد فيه حماد فرواه بالشك.
• وهذا الحديث قد رواه جماعة من ثقات أصحاب نافع؛ فلم يذكروا فيه اللطخ بالزعفران، منهم:
مالك، وعبيد الله بن عمر [وهما: أثبت أصحاب نافع]، والليث بن سعد، وموسى بن عقبة، وصخر بن جويرية، وجويرية بن أسماء، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، والضحاك بن عثمان [8]:
رووه عن نافع عن ابن عمر، بألفاظ متقاربة، ولفظ مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بصاقًا في جدار القبلة، فحكَّه، ثم أقبل على الناس، فقال:"إذا كان أحدكم يصلي، فلا يبصق قِبَل وجهه؛ فإن الله تبارك وتعالى قِبَل وجهه إذا صلَّى". ولفظ المرفوع من رواية عبيد الله بن عمر: "إذا كان أحدكم في الصلاة، فلا يتنخم قِبَل وجهه؛ فإن الله تعالى قبل وجه أحدكم إذا كان في الصلاة".
أخرج حديثهم: البخاري (406 و 753 و 6111)، ومسلم (547/ 50 و 51)، وأبو عوانة (1/ 336 و 337/ 1198 و 1200 - 1202)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 150 و 151/ 1203 و 1204)، ومالك في الموطأ (1/ 270/ 522)، والنسائي في المجتبى (2/ 51/ 724)، وفي الكبرى (1/ 286 و 398/ 533 و 805)، وابن ماجه (763)، وأحمد (2/ 29 و 53 و 66 و 72)، وإبراهيم بن طهمان في مشيخته (124)، والطيالسي (3/ 376/ 1953)، وابن أبي شيبة (2/ 143/ 7461)، وابن شبة في أخبار المدينة (48)، والبزار (12/ 135 و 136/ 5705 و 5706 و 5708)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (117 و 118)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (122 و 2293)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 266/ 1633)، والطبراني في الأوسط (2/ 143/ 1517)، والجوهري في مسند الموطأ (652)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 160)، وابن بشران في الأمالي (46)، وابن حزم في المحلى (3/ 85)، والبيهقي في السنن (2/ 293)، وفي الأسماء والصفات (972)، والبغوي في شرح السنة (2/ 133/ 495) وقال:"متفق على صحته"، وابن حجر في التغليق (2/ 309)، وابن قطلوبغا في عوالي الليث (27).
• وممن رواه عن نافع فوهم فيه:
1 -
محمد بن إسحاق [صدوق]، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده حصاة يحك بها نخامة رآها في القبلة، ويقول:"إذا صلى أحدكم فلا يتنخمن تجاهه؛ فإن العبد إذا صلى فإنما قام يناجي ربه تعالى". فوهم في لفظه، وزاد ذكر الحصاة.
أخرجه أحمد (2/ 32 و 144).
2 -
ليث بن أبي سليم [ضعيف؛ لاختلاطه، وعدم تميز حديثه]، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم فلا يتنخمن تجاه القبلة؛ فإن تجاهه الرحمن، ولا عن يمينه، ولكن عن شماله، أو تحت قدمه اليسرى". فأدرج قول ابن عمر في المرفوع، وميَّزه أيوب السختياني.
أخرجه أحمد (2/ 99).
3 -
عبد العزيز بن أبي رواد [صدوق، ربما وهم]، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فرأى في القبلة نخامة، فلما قضى صلاته، قال:"إن أحدكم إذا صلى في المسجد فإنه يناجي ربه، وإن الله تبارك وتعالى يستقبله بوجهه، فلا يتنخمن أحدكم في القبلة، ولا عن يمينه" ثم دعا بعود فحكه، ثم دعا بخلوق فخضبه. وفي رواية: ثم دعا بصفرة فصفرها.
أخرجه أحمد (2/ 18 و 34)، وعبد الرزاق (1/ 430/ 1682)، وابن شبة في أخبار المدينة (49 و 51)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 163 - 164/ 555)، وابن حجر في التغليق (2/ 309)، وذكره البخاري تعليقًا بعد رواية الليث بن سعد (753).
والمحفوظ: ما رواه جماعة الثقات عن نافع: مالك وعبيد الله بن عمر، ومن تابعهما.
• ولحديث ابن عمر طريق أخرى وفيها بدء الزعفران في المسجد، تقدمت الإشارة إليها تحت الحديث رقم (458):
يرويها: عمر بن سليم: حدثني أبو الوليد، قال: قلت لابن عمر: ما كان بدء هذا الزعفران في المسجد؟ قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى نخامة في قبلة المسجد، فقال:"غير هذا أحسن من هذا"، فسمع بذلك رجل، فجاء بزعفران، فحكها، ثم طلى بالزعفران مكانها، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال:"هذا أحسن من الأول". قال: وصنعه الناس.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 271/ 1298) مطولًا. والعقيلي في الضعفاء (3/ 169 و 170)، والبيهقي (2/ 440) واللفظ له.
وإسناده ضعيف؛ لجهالة أبي الوليد هذا، وتقدم الكلام عليه هناك.
• وروى عاصم بن محمد العمري المدني [ثقة]، وعاصم بن عمر العمري المدني [ضعيف]: كلاهما عن محمد بن سوقة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يبعث صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه".
أخرجه ابن خزيمة (2/ 278/ 1312 و 1313)، وابن حبان (4/ 517/ 1638)، والبزار (275 - مختصر الزوائد)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 1090/ 2345).
وخالفهما: عبد الله بن نمير، ومروان بن معاوية، ويعلى بن عبيد، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [وهم: ثقات]: فرووه عن محمد بن سوقة، عن نافع، عن ابن عمر قوله، موقوفًا عليه، وهو: أشبه بالصواب.
أخرجه ابن خزيمة (1312)، وابن أبي شيبة (2/ 143/ 7457)، وابن شبة في أخبار المدينة (76)، وابن حبان في الثقات (9/ 136 - 137).
وأسند ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 114/ 701) إلى الدارقطني قوله: "روى علي بن عابس [ضعيف]، ومحمد بن جابر [هو: ابن سيار الحنفي: ضعيف]، وعاصم بن
عمر العمري [ضعيف]، عن محمد بن سوقة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من تنخم في قبلة المسجد فإنه يؤتي بها في جبهته يوم القيامة".
وقد رواه مروان بن معاوية [ثقة حافظ]، وابن نمير [ثقة]، والنضر بن إسماعيل [ليس بالقوي]، في آخرين: عن ابن سوقة، عن نافع، عن ابن عمر: موقوفًا، والموقوف: أشبه بالصواب".
***
480 -
. . . محمد بن عجلان، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العَراجين، ولا يزال في يده منها، فدخل المسجد فرأى نخامةً في قبلة المسجد، فحكها، ثم أقبل على الناس مغضبًا، فقال:"أَيسُرُّ أحدَكم أن يُبصَق في وجهه؟ إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبلُ ربَّه عز وجل، والمَلَك عن يمينه، فلا يتفُل عن يمينه، ولا في قِبلته، وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه، فإن عَجِلَ به أمرٌ فليقُلْ هكذا". ووصف لنا ابن عجلان ذلك: أن يتفُلَ في ثوبه، ثم يرُدَّ بعضَه على بعض.
• حديث صحيح.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 46/ 880)، وابن حبان (6/ 47 و 48/ 2270 و 2271)، والحاكم (1/ 257)، وأحمد (3/ 9 و 24)، والحميدي (2/ 320/ 729)، وابن أبي شيبة (2/ 142/ 7449)، وابن شبة في أخبار المدينة (44)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (121)، وأبو يعلى (2/ 278/ 993)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 268/ 1637)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 427/ 433)، والدارقطني في العلل (11/ 295/ 2293).
هكذا رواه خالد بن الحارث، وزاد يحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عيينة، وأبو خالد الأحمر: تعيين القدم، فقالوا:"أو تحت قدمه اليسرى"، وهي زيادة محفوظة.
• روى هذا الحديث: يحيى بن سعيد القطان، وخالد بن الحارث، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن بلال [وهم: ثقات أثبات]، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [صدوق يهم]:
خمستهم: عن ابن عجلان، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العَراجين. . . الحديث.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح، مفسر في هذا الباب، على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، قلت: وهو كما قال، وانظر: صحيح مسلم (985/ 21)، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وابن حجر في الفتح (1/ 513).
• وأغرب عبيد بن عَبِيدة التمار [وثقه الدارقطني، وابن حبان وقال: "يغرب"، وهو يحدث عن معتمر بغرائب، لم يتابع عليها. انظر: اللسان (5/ 356)]، فرواه عن معتمر بن سليمان، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن ابن عجلان، عن نافع، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى نخامة في قبلة المسجد، فحكها بعرجون كان في يده، وقال:"من فعل هذا؟ ألم أنه عن هذا! ". . . وذكر الحديث.
أخرجه الدارقطني في العلل (11/ 296) وقال: "عبيد يحدث عن معتمر بغرائب لم يأت بها غيره"[كذا في اللسان (5/ 356) ولم أقف عليه في مطبوع العلل].
وقال في العلل قبل ذلك: "وهو غريب عن الثوري، تفرد به عنه، وهو وهم.
والصواب: حديث عياض عن أبي سعيد".
• ولحديث أبي سعيد طرق أخرى، يرويها:
1 -
ابن شهاب الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة وأبا سعيد حدثاه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامةً في جدار المسجد [وفي رواية: في قبلة المسجد]، فتناول حصاةً، فحكَّها، فقال:"إذا تنخَّم أحدكم فلا يتنخَّمَنَّ قِبَلَ وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه اليسرى".
أخرجه البخاري (408 - 411 و 414)، ومسلم (548)، وأبو عوانة (1/ 335 و 336/ 1195 و 1196)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 151 و 152/ 1205 - 1207)، والنسائي في المجتبى (2/ 51 - 52/ 725)، وفي الكبرى (1/ 398/ 806) و (10/ 353/ 11655)(3997 - التحفة)، وابن ماجه (761)، والدارمي (1/ 378/ 1398)، وابن خزيمة (2/ 43 و 44/ 874 و 875)، وابن حبان (6/ 45/ 2268)، وأحمد (2/ 266) و (3/ 6 و 58 و 88 و 93)، وابن وهب في قطعة من حديثه (430)، والطيالسي (3/ 673/ 2341)، وعبد الرزاق (1/ 430/ 1681)، والحميدي (2/ 319/ 728)، وابن أبي شيبة (2/ 142/ 7452)، وابن شبة في أخبار المدينة (45 - 47)، والبزار (14/ 374/ 8087)، وأبو يعلى (2/ 264/ 975)، والطبراني في الأوسط (4/ 320/ 4320)، وفي مسند الشاميين (4/ 121/ 2889) و (4/ 181/ 3059)، والدارقطني في العلل (10/ 254/ 1993)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 242)، والبيهقي في السنن (2/ 293)، وفي الآداب (601)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 159)، والبغوي في شرح السنة (2/ 132/ 494) وقال:"صحيح".
وانظر: علل الدارقطني (10/ 252 - 255/ 1993)، تالي تلخيص المتشابه (2/ 568).
2 -
روى خالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت، سمع من الجريري قبل الاختلاط]، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى [ثقة، من أصحاب الجريري، روى الشيخان للجريري من روايته]، ويزيد بن هارون [ثقة ثبت، سمع من الجريري في الاختلاط]: نا سعيد -يعني: ابن إياس- الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم -
نخامة في قبلة المسجد، فاستبرأها بعود معه، ثم أقبل على القوم يعرفون الغضب في وجهه، فقال:"أيكم صاحب هذه النخامة؟ " فسكتوا، فقال:"أيحب أحدكم إذا قام يصلي أن يستقبله رجل فيتنخع في وجهه؟ " فقالوا: لا، قال:"فإن الله عز وجل بين أيديكم في صلاتكم، فلا توجهوا شيئًا من الأذى بين أيديكم، ولكن عن يسار أحدكم، أو تحت قدمه".
أخرجه ابن خزيمة (2/ 63/ 926)، والحاكم [ساقط من المطبوع والمخطوط، وأثبته من إتحاف المهرة (5/ 413/ 5678)]. وأبو يعلى (2/ 338/ 1081).
قال الحاكم: "صحيح، على شرط مسلم"، قلت: وهو كما قال.
3 -
فليح بن سليمان [ليس بالقوي]، عن سعيد بن الحارث، عن أبي سلمة، قال: كان أبو هريرة يحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم، وهو في صلاة، يسأل الله خيرًا إلا آتاه إياه". قال: وقللها أبو هريرة بيده، قال: فلما توفي أبو هريرة قلت: والله لو جئت أبا سعيد فسألته عن هذه الساعة. . . واقتص الحديث في قصة طويلة، وفيه موضع الشاهد.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 81/ 1660) مختصرًا. وأحمد (3/ 65) بطوله. ومن طريقه: ابن عساكر (49/ 285).
وهذا شاذ بهذا الإسناد والمتن، فقد روى هذا الحديث: محمد بن إبراهيم التيمي [ثقة]، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، في قصة طويلة له مع كعب الأحبار، وبصرة بن أبي بصرة الغفاري، وعبد الله بن سلام، وليس فيه ذكر لأبي سعيد الخدري وقصته، انظر تخريجه في الذكر والدعاء (3/ 992) تحت الحديث رقم (456)، والله أعلم.
***
481 -
. . . عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو، عن بكر بن سوادة الجذامي، عن صالح بن حَيْوان، عن أبي سهلة السائب بن خلاد -قال أحمد [يعني: ابن صالح، شيخ أبي داود]: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلًا أمَّ قومًا فبصق في القبلة، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ:"لا يصلي لكم" فأراد بعد ذلك أن يصليَ لهم، فمنعوه، وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذَكَرَ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:"نعم" وحسبتُ أنه قال: "إنك آذيتَ اللهَ ورسولَه".
• حديث ضعيف.
أخرجه ابن حبان (4/ 515/ 1636)، وأحمد في المسند (4/ 56)، وفي العلل (3/ 451/ 5916)، والدولابي في الكنى (1/ 217/ 396)، والطبراني في الأوسط (6/ 215/ 6221)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2920/ 6841)، والمزي في التهذيب (13/ 38).
قال الطبراني: "لم يُروَ هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمرو بن الحارث".
قلت: رجاله ثقات، رجال الصحيح، عدا صالح بن حيوان -بالمهملة-، ويقال: خيوان -بالمعجمة-، قال أبو سعيد بن الأعرابي:"قال أبو داود: ليس أحد يقول خيوان -بالخاء المعجمة- إلا قد أخطأ"، وقال عبد الحق الإشبيلي:"وهو بالحاء المهملة، ومن قال بالخاء المنقوطة فقد أخطأ، ذكر ذلك أبو داود رحمه الله"، وقال ابن ماكولا:"قاله ابن يونس بالحاء المبهمة، وقاله البخاري كذلك، ولكنه: وهمٌ، وقال: يروي عن السائب بن خباب، وهو: وهمٌ، وإنما يروى عن السائب بن خلاد"، وذكره ابن أبي حاتم بالخاء المنقوطة.
قال العجلي: "مصري تابعي ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال عبد الحق الإشبيلي:"صالح بن حيوان: لا يحتج به"، وذكره ابن خلفون في الثقات، وقال:"غمزه بعضهم، وقال: لا يحتج به"، وتعقَّبَ ابنُ القطان الفاسي تضعيفَ عبد الحق له؛ معتمدًا في ذلك على توثيق العجلي، فصحح الحديث، واحتجَّ على من ضعَّفه بشاهده عن عبد الله بن عمرو [انظر: التاريخ الكبير (4/ 274)، الجرح والتعديل (4/ 399)، ثقات العجلي (747)، ثقات ابن حبان (4/ 373)، المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 754)، الأحكام الوسطى (1/ 294)، الإكمال لابن ماكولا (2/ 581)، تهذيب مستمر الأوهام (192)، الاستيعاب (2/ 571)، المشتبه (1/ 278)، التبصير (1/ 546)، توضيح المشتبه (3/ 496)، بيان الوهم والإيهام (5/ 282 و 335/ 2470 و 2513)، الإصابة (3/ 465)، تهذيب الكمال (13/ 38)، إكمال مغلطاي (6/ 326)، التهذيب (2/ 192)، الميزان (2/ 293)، الكاشف (1/ 494)، التقريب (277)].
قال في طرح التثريب (2/ 341): "رواه أبو داود بإسناد جيد".
قلت: قوله: "جيد"، ليس بجيد، فإن صالح بن حيوان: قليل الرواية جدًّا، ليس له إلا حديثين، أو ثلاثة، ولم يرو عنه إلا بكر بن سوادة، قال الذهبي في الميزان (2/ 293):"ما روى عنه سوى بكر"، وقال ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه (3/ 496):"لا أعلم له راويًا غيره"، فهو في عداد المجاهيل، والعجلي وابن حبان معروفان بتساهلهما في توثيق المجاهيل من التابعين، وقول عبد الحق:"لا يحتج به": أقرب للصواب، ولم أر لحديثه شاهدًا إلا ما رواه:
عبد الله بن وهب، قال: حدثني حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي للناس صلاة الظهر، فتفل في القبلة، وهو يصلي للناس، فلما كان صلاة العصر أرسل إلى آخر، فأشفق الرجل الأول، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أُنزل فيَّ؟ قال: "لا، ولكنك تفلتَ بين يديك وأنت تؤم الناس، فآذيتَ اللهَ وملائكتَه" وفي رواية: "فآذيتَ اللهَ ورسولَه".
أخرجه بقي بن مخلد [بيان الوهم والإيهام (5/ 282/ 2470)]. والطبراني في الكبير [(104) قطعة من الجزء (13)].
قال المنذري في الترغيب (1/ 126/ 444): "رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد".
وقال الهيثمي في المجمع (2/ 20): "رواه في الكبير ورجاله ثقات".
وصححه ابن القطان الفاسي [انظر: بيان الوهم (5/ 282 و 336)].
قلت: حيي بن عبد الله المعافري: منكر الحديث فيما تفرد به عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال فيه ابن عدي: فيما رواه ابن وهب، عن حيي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن ابن عمرو:"وبهذا الإسناد: خمس وعشرون حديثًا، عامتها لا يتابع عليها"[انظر فيما تقدم: الشاهد الخامس تحت الحديث رقم (447)، وتخريج الذكر والدعاء (1/ 423/ 210)].
فلا يصلح هذا شاهدًا لحديث السائب بن خلاد، وعليه: فالحديث ضعيف، والله أعلم.
***
482 -
. . . حماد: أخبرنا سعيد الجريري، عن أبي العلاء، عن مُطَرِّف، عن أبيه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فبزق تحت قدمه اليسرى.
• حديث شاذ.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 45 - 46/ 879)، وأحمد (4/ 25 - 26)، وابن قانع في المعجم (2/ 63).
قال الحافظ في الفتح (1/ 512): "إسناده صحيح وأصله في مسلم".
قلت: لكنه شاذ، خالف فيه حمادُ بن سلمة [وهو: ثقة، سمع من الجريري قبل الاختلاط]: جماعةَ الحفاظ من أصحاب الجريري، قال ابن خزيمة بعد ما رواه من طريق جماعة من الحفاظ ممن روى عن الجريري قبل الاختلاط، منكرًا به على حماد:"روى هذا الخبر: حماد بن سلمة عن الجريري، فقال: عن أبي العلاء، عن مطرف، عن أبيه".
***
483 -
. . . سعيد الجريري، عن أبي العلاء، عن أبيه، بمعناه، زاد: ثم دلكه بنعله.
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (554/ 59)، وأبو عوانة (1/ 338/ 1209)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 154 - 155/ 1215)، وابن خزيمة (2/ 45/ 878)، وابن حبان (6/ 48/ 2272)،
والحاكم (1/ 256)، والضياء في المختارة (9/ 478/ 463)، وأحمد (4/ 25)، وعبد الرزاق (1/ 384 و 432/ 1500 و 1687)، والبزار (6/ 260/ 2295)، والبيهقي (2/ 293).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقد اتفقا على أبي العلاء، فإنه: يزيد بن عبد الله بن الشخير، وقد أخرج مسلم عن عبد الله بن الشخير الصحابي، والحديث صحيح على شرطهما".
قلت: وهم في استدراكه، فقد أخرجه مسلم.
قال البزار: "وهذا الحديث: هكذا رواه يزيد عن الجريري، ورواه جماعة عن الجريري، عن يزيد، عن مطرف، عن أبيه".
قلت: هو وهمٌ، تفرد به حماد بن سلمة؛ فقد رواه: إسماعيل بن علية، ويزيد بن زريع، وبشر بن المفضل، وخالد بن عبد الله الواسطي [وهم: ثقات أثبات متقنون، ممن سمع من الجريري قبل الاختلاط. انظر: الكواكب النيرات (24)، شرح العلل (2/ 743)، وغيرهما]، وعبد الواحد بن زياد [ثقة]، ومعمر بن راشد [ثقة، سمع قبل الاختلاط]، وإسحاق بن يوسف الأزرق [ثقة، سمع بعد الاختلاط]، وعلي بن عاصم [صدوق يخطئ]: ثمانيتهم: عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، به. فلم يذكروا في الإسناد: مطرف بن عبد الله بن الشخير.
ولفظ يزيد بن زريع وإسماعيل بن علية: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنخع، ندلكها بنعله اليسرى.
• تابع الجريري على هذا الوجه، مما يدل على أنه المحفوظ:
كهمس بن الحسن [بصري، ثقة]، رواه عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته تنخع ندلكها بنعله.
أخرجه مسلم (554/ 58)، وأبو عوانة (1/ 338/ 1210)، وابن حبان (5/ 558 - 559/ 2184) ولفظه: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، وعليه نعلٌ مخصوفة.
• تابعهما عن أبي العلاء به: بعض المجهولين والمتروكين: انظر: ثقات ابن حبان (7/ 666)، المعجم الأوسط للطبراني (7/ 136/ 7091).
***
484 -
. . . الفرج بن فضالة، عن أبي سعيد، قال: رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد دمشق، بصق على البُورِي، ثم مسحه برجله، فقيل له: لم فعلت هذا؟! قال: لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
• حديث ضعيف.
أخرجه أحمد (3/ 490)، والطيالسي (2/ 352 و 695/ 1106 و 1454)، وابن شبة
في أخبار المدينة (61)، والطبراني في الكبير (22/ 88/ 212)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (66/ 267)، والمزي في التهذيب (33/ 345).
وقع في بعض نسخ أبي داود: "عن أبي سعد"، وكذا وقع عند ابن عساكر، ووقع عند أحمد:"ثنا أبو سعد"، ومثله عند الطبراني، ووقع في رواية أبي داود الطيالسي:"حدثني أبو سعد الشامي".
من رواية قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي النضر هاشم بن القاسم، والطيالسي، وعبد الله بن رجاء الغُدَّاني. وعليه: فالصحيح أنه: أبو سعد، وأما زيادة الياء: فتصحيفٌ، أو وهمٌ من بعض رواة النسخ، قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (3/ 52 2):"والصواب: أبو سعد"، وقال ابن حجر في التهذيب (4/ 527):"والصحيح: أبو سعد".
وذِكْر البُوري في هذا الحديث إنما وقع في رواية قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن إبراهيم، ولفظ الطيالسي: فبزق تحت قدمه اليسرى، ثم عركها بالأرض. والباقون بنحوه، ولم يذكروا الأرض، ولا البوري [قال ابن الأثير في النهاية (1/ 162):"هي الحصير المعمول من القَصَب، ويقال فيها: باريَّة وبُورِياء"].
قال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 293): "فرج بن فضالة: ضعيف، وأيضًا: فلم يكن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حُصُر، والصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بصق على الأرض، ودلكه بنعله اليسرى، ولعل واثلة إنما أراد هذا فحمل الحصير عليه"، ونقله القرطبي في تفسيره (12/ 278).
وتعقبه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (3/ 252/ 992 و 993) بقوله: "وبقي عليه أن يبين أن أبا سعد هذا: لا يعرف من هو،. . .، وهو: شامي، مجهول الحال، وتعليل الحديث به أولى من تعليله بفرج بن فضالة؟ فإنه -وإن كان ضعيفًا- فإنه معروف في أهل العلم،. . .".
وقال العراقي في طرح التثريب (2/ 344): "والحديث: لا يصح".
قلت: وهو كما قالوا: حديث ضعيف، فرج بن فضالة: ضعيف، حديثه عن أهل الشام أحسن حالًا من حديثه عن أهل الحجاز، فإنه يروي عنهم المناكير [انظر: التهذيب (3/ 382) وغيره]، وأبو سعد: مجهول، ما روى عنه سوى فرج بن فضالة [التهذيب (4/ 527)، الميزان (4/ 529)، بيان الوهم (3/ 252)]. وهو: منكر بذكر البوري، والله أعلم.
***
485 -
. . . حاتم بن إسماعيل: ثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: أتينا جابرًا -يعني: ابنَ عبد الله- وهو في مسجده، فقال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا، وفي يده عُرجونُ ابنِ
طاب، فنظر فرأى في قبلة المسجد نخامةً، فأقبل عليها فحتَّها بالعرجون، ثم قال:"أيُّكم يحب أن يُعرِض الله عنه بوجهه؟ " ثم قال: "إن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله عز وجل قِبَلَ وجهه، فلا يبصُقنَّ قِبَلَ وجهه، ولا عن يمينه، وليبصُق عن يساره، تحتَ رِجله اليسرى، فإن عَجِلَتْ به بادرةٌ فليقُلْ بثوبه هكذا" ووضعه على فِيه، ثم دلكه، ثم قال "أروني عبيرًا" فقام فتًى من الحيِّ يشتدُّ إلى أهله، فجاء بخَلُوقٍ في راحَتِه، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعله على رأس العرجون، ثم لَطَخ به على أَثَر النُّخامة.
قال جابر: فمن هناك جعلتم الخَلوق في مساجدكم.
• هذا الحديث طرف من حديث جابر الطويل، وقصة أبي اليَسَر، وقد أخرج منه موضع الشاهد:
مسلم (3008)، وابن حبان (6/ 42 - 43/ 2265)، وابن شبة في أخبار المدينة (43)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (123)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 124 - 125/ 2511)، والبيهقي (2/ 294)، وإسماعيل الأصبهاني في الدلائل (37).
وفي رواية مسلم: "أيُّكم يحب أن يُعرِض الله عنه؟ " قال: فخشعنا،. . . أعادها ثلاثًا، وفي الثالثة قال: قلنا: لا أيُّنا، يا رسول الله!.
وأخرج منه أبو داود طرفين آخرين، يأتيان برقم (634 و 1532)، سبق أحدهما في تخريج الذكر والدعاء برقم (415)(3/ 937)، وانظر أيضًا:(4/ 1279)، ويأتي الآخر في موضعه إن شاء الله تعالى.
• ولحديث جابر طرق أخرى، صح منها:
أبو الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم فلا يبصق بين يديه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه اليسرى".
أخرجه ابن حبان (6/ 44/ 2266)، وأحمد (3/ 324 و 337 و 396).
رواه عن أبي الزبير: ابن جريج، وموسى بن عقبة، وابن لهيعة.
وإسناده صحيح، على شرط مسلم.
وانظر: تاريخ أصبهان (2/ 336)، تاريخ بغداد (2/ 397).
• ومما جاء في هذا الباب مما أخرجه الشيخان أو أحدهما:
1 -
عن أنس: له طرق، وألفاظ منها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه، فلا يبزُقنَّ بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن شماله، تحت قدمه".
متفق عليه، وتقدم بطرقه تحت الحديث رقم (390).
2 -
عن عائشة:
يرويه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في جدار القبلة [وفي رواية: في قبلة المسجد، بصاقًا، أو مخاطًا، أو نخامةً، فحكَّه.
أخرجه البخاري (407)، ومسلم (549)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 152/ 1208)، ومالك في الموطأ (1/ 270/ 523)، وابن ماجه (764)، وابن خزيمة (2/ 279/ 1315)، وأحمد (6/ 138 و 148 و 230)، وإسحاق (2/ 127/ 606 و 607)، وابن أبي شيبة (2/ 141/ 7447)، وابن شبة في أخبار المدينة (84)، والجوهري في مسند الموطأ (749)، والبيهقي (2/ 293).
وانظر: أخبار المدينة (59).
3 -
عن أبي ذر:
يرويه مهدي بن ميمون [ثقة]: حدثنا واصلٌ مولى أبي عُيينة، عن يحيى بن عُقَيل، عن يحيى بن يَعْمَرَ، عن أبي الأسود الدِّيلي، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عُرِضتْ عليَّ أعمالُ أمتي، حسنُها وسيئُها، فوجدت في محاسن أعمالها: الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها: النخاعةَ تكونُ في المسجد لا تدفنُ".
أخرجه مسلم (553)، والبخاري في الأدب المفرد (230)، وأبو عوانة (1/ 339/ 1211)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 154/ 1214)، وابن خزيمة (2/ 276/ 1308)، وابن حبان (4/ 519/ 1641)، وأحمد (5/ 180)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 128/ 2518)، وابن منده في التوحيد (473)، والبيهقي في السنن (2/ 291)، وفي الشعب (7/ 515/ 11173)، وفي الآداب (600)، والبغوي في شرح السنة (2/ 130/ 490) وقال:"صحيح".
• اختلف فيه على مهدي بن ميمون:
أ- فرواه عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي، وشيبان بن فروخ، ووهب بن جرير، وأبو النعمان محمد بن الفضل عارم، ويونس بن محمد المؤدب، وموسى بن إسماعيل: ستتهم [وهم: ثقات، وأغلبهم حفاظ] رووه عن مهدي بن ميمون، به هكذا، بإثبات أبي الأسود الديلي في الإسناد بغير شك.
ب- ورواه عفان بن مسلم [ثقة ثبت]، وأبو داود الطيالسي [ثقة حافظ]، كلاهما: عن مهدي به، إلا أن عفان قال: كان واصل ربما ذكر أبا الأسود الديلي. وقال الطيالسي: وربما ذكر: عن أبي الأسود الدؤلي.
أخرجه أحمد (5/ 178)، والطيالسي (1/ 388 - 389/ 485)، والبيهقي في الشعب (7/ 515/ 11173).
ج- ورواه إسحاق بن إدريس [الأسواري البصري: متروك، منكر الحديث، قال ابن معين: "كذاب، يضع الحديث"، انظر: اللسان (2/ 41)] قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عن واصل، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي ذر به مرفوعًا. فأسقط أبا الأسود من الإسناد، ولا عبرة بهذه الرواية.
أخرجه ابن شبة في أخبار المدينة (67).
والذي يظهر من هذا الخلاف: أن ذكر أبي الأسود في الإسناد ثابت، "إلا أن واصلًا كان يتردد في ذلك أحيانًا، فكان مهدي بن ميمون يذكر تردده هذا أحيانًا، إلا أنه كان في الغالب يُعرض عن ذكره، والله أعلم.
• ورواه هشام بن حسان [بصري، ثقة]، عن واصل مولى أبي عيينة، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره، ولم يذكر في الإسناد: أبا الأسود.
أخرجه أحمد (5/ 178)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 306/ 26349)، وفي الأدب (114)، وعنه: ابن ماجه (3683)، وابن شبة في أخبار المدينة (66)، وابن منده في التوحيد (472)، وإسماعيل الأصبهاني في الدلائل (280).
كلهم من طريق يزيد بن هارون [وهو: واسطي، ثقة متقن]، عن هشام به.
خالفه: معتمر بن سليمان التيمي [بصري، ثقة]، قال: سمعت هشامًا، عن واصل مولى أبي عيينة، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:. . . فذكره، وأثبت في الإسناد أبا الأسود.
أخرجه ابن حبان (4/ 518/ 1640).
فهذه زيادة من ثقة، من أهل بلد الرجل، وبلديُّ الرجل أعلم بحديثه من غيره، وروايته أولى بالصواب.
• ورواه حماد بن زيد [بصري، ثقة ثبت]، قال: نا واصلٌ مولى أبي عيينة، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود، عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره.
أخرجه البزار (9/ 352/ 3916)، بإسناد صحيح إلى حماد بن زيد.
وقال: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن أبي ذر إلا من هذا الوجه، بهذا الإسناد".
لكن ذكر الدارقطني في العلل (6/ 280/ 1137) أن حمادًا رواه بدون ذكر أبي الأسود في الإسناد، فالله أعلم.
• ورواه خالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت]، عن واصل مولى أبي عيينة، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدؤلي، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره.
أخرجه بحشل في تاريخ واسط (115)، بإسناد صحيح إلى خالد.
والحاصل: أن ذكر أبي الأسود الديلي في هذا الإسناد: ثابت محفوظ، ولهذا أخرجه مسلم في صحيحه من هذا الوجه الصحيح المتصل، ولم يذكر خلافه.
قال الدارقطني في العلل (6/ 280/ 1137) لما سئل عن هذا الحديث: "يرويه واصل مولى أبي عيينة، واختلف عنه:
فرواه مهدي بن ميمون، عن واصل، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدئلي، عن أبي ذر.
وخالفه: هشام بن حسان، وحماد بن زيد: فروياه عن واصل، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي ذر، لم يذكرا فيه أبا الأسود.
وقول مهدي بن ميمون: أصح؛ لأنه زاد عليهما، وهو ثقة حافظ".
• قال القرطبي في المفهم (2/ 161): "فلم يثبت لها حكم السيئة لمجرد إيقاعها في المسجد، بل بذلك وببقائها غير مدفونة".
• ومما روي في هذا الباب أيضًا، ولم يخرجه الشيخان أو أحدهما:
1 -
عن حذيفة:
وله أسانيد عنه، أحدها: اختلف في رفعه ووقفه، والوقف أرجح، والثاني والثالث: جيدان:
أخرجها: ابن ماجه (1023)، وابن خزيمة (2/ 62/ 924)، وعبد الرزاق (1/ 432/ 1689)، وابن أبي شيبة (2/ 142/ 7454 و 7455)، والبزار (7/ 307/ 2904)، وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (122)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 158 - 159)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 458).
2 -
عن أبي أمامة:
أخرجه الروياني (1189)، والطبراني في الكبير (8/ 199/ 7808).
بإسناد واهٍ جدًّا، مسلسل بالضعفاء، وفي متنه نكارة.
3 -
عن أبي بن كعب:
أخرجه ابن شبة في أخبار المدينة (60)، بإسناد ضعيف، فيه ليث بن أبي سليم، وهو: ضعيف لاختلاطه وعدم تميز حديثه.
4 -
عن العباس مولى بني هاشم:
انظر: السير (13/ 239)، الإصابة (3/ 635) وعزاه لابن منده. وفي الإسناد إليه ضعف.
5 -
عن رجل من أهل الشام يقال له: عبد الله:
أخرجه عبد الرزاق (1/ 433/ 1690)، وأراه مرسلًا.
• ومن فوائد أحاديث الباب:
1 -
دلت الأحاديث على تحريم البصق في المسجد؛ لمن لم يدفنها، وذلك لحديث أنس:"البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها"، ولحديث أبي ذر:"ووجدت في مساوئ أعمالها: النخاعةَ تكونُ في المسجد لا تدفنُ"، ولعموم النهي في الأحاديث المتقدمة، ولغضبه صلى الله عليه وسلم، وتغيُّظه على الناس، ولحكه صلى الله عليه وسلم لها بيده الشريفة، أو بحصاة، أو بالعرجون، ثم تغييره صلى الله عليه وسلم لها باللطخ بالخلوق، ولعموم الأمر بتنظيف المساجد وتطييبها.
ويتأكد التحريم إذا كان البصق في أثناء الصلاة، في القبلة؛ لحديث ابن عمر:"إذا كان أحدكم يصلي، فلا يبصق قِبَل وجهه؛ فإن الله تبارك وتعالى قِبَل وجهه إذا صلَّى"، ولحديث أنس وأبي سعيد وجابر أيضًا.
هذا إذا كانت أرض المسجد من تراب، أو رمل، أو حصباء، فله أن يبصق في المسجد، عن يساره تحت قدمه اليسرى، ويواريه بالدفن، أو الدلك في التراب، وأما إذا كان في المسجد فُرُش، أو رخام، أو بلاط؛ فلا يجوز حينئذٍ البصق عليها، لأنها تتلوث بذلك، وقد تصيب جلدَ المصلي أو ثوبه؛ فيتأذَّى بذلك، ولكن يبصق في طرف ثوبه، ثم يدلك بعضه ببعض.
وأما إذا كان خارج المسجد، فله أن يبصق عن يساره إن كان فارغًا، أو تحت قدمه اليسرى، ولا حاجة حينئذٍ لتلويث ثوبه.
2 -
دلت الأحاديث على طهارة النخامة والنخاعة والبصاق والمخاط، للاكتفاء بحكها من جدار المسجد، أو بدلكها في تراب المسجد حتى تتوارى، أو بدلكها بالثوب، وهو يصلي.
3 -
دلت الأحاديث على وجوب صيانة المسجد منها، ولا بأس عندئذ بدلكها في طرف الثوب، إذا عجلت به بادرة، ولم يتمكن من دفنها، وقد ورد تعليل ذلك في حديث سعد:"إذا تنخم أحدكم في المسجد فليغيب نخامته؛ أن تصيب جلد مؤمن، أو ثوبه؛ فتؤذيه"، وعليه فإن المسجد ينزه عما لا ينزه عنه الثوب.
4 -
استحباب تطييب المسجد، لفعله صلى الله عليه وسلم، كما في حديث جابر.
5 -
في الأحاديث دليل على تكريم جهة اليمين، واحترامها في الجملة، ففي حديث أنس:"فإن عن يمينه ملكًا"، فإن قيل: عن يساره أيضًا ملك؟ قيل: ملك اليمين أعلى وأفضل، إذ هو كاتب الحسنات.
6 -
وفيها أن النفخ والتنحنح في الصلاة جائزان للحاجة؛ لأن النخامة لا بد أن يقع معها شيء من نفخ أو تنحنح.
7 -
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس: "إن أحدكم إذا قام يصلي فإنما يناجي ربه -أو: إن ربه بينه وبين القبلة-"، وفي حديث ابن عمر:"إن الله عز وجل قِبَلَ وجه أحدكم إذا صلى"، ونحوه في حديث جابر، وفي حديث أبي سعيد:"إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبلُ ربَّه عز وجل"، ينبغي فهمه على ضوء ما جاء في معناه من نصوص الكتاب والسنة، من قرب الله سبحانه وتعالى من عابديه قربًا خاصًّا، مثل ما أخبر الله سبحانه وتعالى بقربه ممن دعاه، فقال سبحانه وتعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، ومثل ما ثبت في حديث أبي موسى لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس! ارْبَعُوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم"، وفي رواية:"والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم"
[البخاري (2992 و 4202 و 6384 و 6409 و 6610 و 7386)، مسلم (2704)]، ومثل ما ثبت في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء"[مسلم (482)].
قال حماد بن زيد، والشافعي، وغيرهما:"يقرب من خلقه كيف شاء"[انظر: ضعفاء العقيلي (1/ 143)، مقالات الإسلاميين (295)، مجموع الفتاوى (4/ 181) و (5/ 376 و 385)، اجتماع الجيوش الإسلامية (94 و 155)، العلو (165 و 205 و 217 و 221)، السير (9/ 333)، وغيرها].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع (15/ 17): "وهذا القرب من الداعي هو قربٌ خاصٌّ، ليس قربًا عامًّا من كل أحد، فهو قريب من داعيه، وقريب من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، وقال (5/ 460):"وأصل هذا: أن قربه سبحانه ودنوه من بعض مخلوقاته، لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش، بل هو فوق العرش، ويقرب من خلقه كيف شاء، كما قال ذلك من قاله من السلف"، وقال (5/ 131):"والكلام في هذا القرب من جنس الكلام في نزوله كل ليلة، ودنوه عشية عرفة، وتكليمه لموسى من الشجرة، وقوله {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: 8]، وقد ذكرنا في غير هذا الموضع ما قاله السلف في مثل ذلك، مثل حماد بن زيد وإسحاق بن راهوية وغيرهما، من أنه ينزل إلى سماء الدنيا ولا يخلو منه العرش، وبيَّنا أن هذا هو الصواب"، ومما يقرِّب فهمه أيضًا قوله عن النزول والقرب (5/ 243):"والصواب قول السلف: أنه ينزل، ولا يخلو منه العرش، وروح العبد في بدنه لا تزال ليلًا ونهارًا إلى أن يموت، ووقت النوم تعرج، وقد تسجد تحت العرش، وهي لم تفارق جسده، وكذلك: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، وروحه في بدنه، وأحكام الأرواح مخالف لأحكام الأبدان، فكيف بالملائكة؟!، فكيف برب العالمين؟! ".
وقال ابن رجب في الفتح (2/ 331): "ولم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفهمون من هذه النصوص غير المعنى الصحيح المراد بها، يستفيدون بذلك معرفة عظمة الله وجلاله، واطلاعه على عباده وإحاطته بهم، وقربه من عابديه، وإجابته لدعائهم، فيزدادون به خشيةً لله وتعظيمًا وإجلالًا ومهابةً ومراقبةً واستحياءً، ويعبدونه كأنهم يرونه.
ثم حدث بعدهم من قلَّ ورعه، وساء فهمه وقصده، وضعفت عظمة الله وهيبته في صدره، وأراد أن يُريَ الناسَ امتيازَه عليهم بدقة الفهم وقوة النظر، فزعم أن هذه النصوص تدل على أن الله بذاته في كل مكان، كما يحكى ذلك عن طوائف من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، وهذا شيء ما خطر لمن كان قبلهم من الصحابة رضي الله عنهم،. . .!.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (14/ 157): "وأما قوله في هذا الحديث: "فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى": فكلامٌ خرج على التعظيم لشأن القبلة وإكرامها، والله أعلم، والآثار