المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ 12082)].***10 -باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٥

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌ 12082)].***10 -باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت

430 -

. . . بقية، عن ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك الألهاني، قال: أخبرني ابن نافع، عن ابن شهاب الزُّهريّ، قال: قال سعيد بن المسيب: إن أبا قتادة بن ربعي أخبره، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: إني فرضت على أمتك خمس صلوات، وعهدت عندي عهدًا؛ أنَّه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن؛ أدخلته الجنَّة، ومن لم يحافظ عليهن؛ فلا عهد له عندي".

• حديث منكر.

تقدم تحت الحديث رقم (425)، الشاهد الأوَّل، وهو حديث منكر.

وهذا الحديث من رواية أبي سعيد الأعرابي أيضًا، مثل الحديث السابق [انظر: تحفة الأشراف (9/ 243/‌

‌ 12082)].

***

10 -

باب إذا أخر الإمام الصَّلاة عن الوقت

431 -

. . . عن أبي عمران -يعني: الجوني-، عن عبد الله بن الصَّامت، عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذر! كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصَّلاة؟ "، أو قال:"يؤخرون الصَّلاة؟ " قلت: يا رسول الله فما تأمرني؟ قال: "صلِّ الصَّلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلِّها، فإنها لك نافلة".

• حديث صحيح.

أخرجه مسلم (648/ 238 - 0 24)، والبخاري في الأدب المفرد (113)، وأبو عوانة (1/ 287 و 413/ 1005 و 1006 و 1525 و 1526 و 1527) و (2/ 83/ 2404 و 2405 و 2406) و (4/ 402/ 7101)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 242/ 1437 و 1438 و 1439)، والترمذي (176) وقال:"حديث حسن"، وابن ماجة (1256)، والدارمي (1/ 304/ 1228)، وابن حبان (4/ 622 و 624/ 1718 و 1719) و (13/ 302/ 5964)، وأحمد (5/ 149 و 157 و 161 و 163 و 169 و 171)، والطيالسي (1/ 359/ 450)، وعبد الرَّزاق (2/ 381/ 3783)، وابن أبي شيبة (2/ 154 و 155/ 7592 و 7599)، والحسين المروزي في البر والصلة (224)، والبزار (9/ 376 - 378/ 3957 و 3958)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصَّلاة (1007 - 1010)، وأبو العباس السَّرَّاج في مسنده (629 - 632 و 636 و 1174 - 1177 و 1180)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (541 و 1758 - 1760 و 1765)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 363)، وأبو الحسن علي بن عمر الحربي في فوائده (72)، وابن حزم في المحلى (2/ 262)، والبيهقيّ في السنن (2/ 301)،

ص: 280

و (3/ 124)، وفي المعرفة (2/ 133/ 1069)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 64) وقال:"حديثٌ صحيحٌ"، والبغوي في شرح السنة (2/ 46/ 391 و 392) وقال:"حديثٌ صحيحٌ".

وانظر: علل الدارقطني (6/ 283/ 1140).

هذا الحديث قد رواه عن أبي عمران عبد الملك بن حبيب الجوني: حماد بن زيد، وشعبة بن الحجاج، وعبد العزيز بن عبد الصَّمد العمي، وهمام بن يَحْيَى، ومعمر بن راشد، ومرحوم بن عبد العزيز القرشي، وجعفر بن سليمان الضبعي، وأبو عامر صالح بن رستم الخزاز، وأبو قدامة الحارث بن عبيد الإيادي، وألفاظهم متقاربة.

وهذا لفظ حماد، وزاد عند مسلم: فيؤخرون الصَّلاة عن وقتها -أو: يميتون الصَّلاة عن وقتها-".

ولفظ شعبة عند أحمد (5/ 161): "أوصاني خليلي عليه السلام بثلاثة: اسمع وأطع ولو لعبد مجدَّع الأطراف، وإذا صنعت مرقة فأكثر ماءها، ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منه بمعروف، وصلِّ الصَّلاة لوقتها، وإذا وجدت الإمام قد صلى فقد أحرزت صلاتك، وإلا فهي نافلة".

وأكثر أصحاب أبي عمران الجوني يروون هذه الأطراف الثلاثة مستقلة؛ لذلك فقد ذكرت من خرَّجه بتمامه، أو خرّج الطرف الأخير منه فقط. وألفاظ الباقين بنحو لفظ مرحوم عند أحمد (5/ 149):"يا أبا ذرا صلِّ الصَّلاة لوقتها، فإن أتيت النَّاس وقد صلوا كنت قد أحرزت صلاتك، وإن لم يكونوا صلوا صليت معهم، وكانت لك نافلة".

وقد تابع أبا عمران الجوني عليه:

أ - أبو العالية البرَّاء، رواه بديل بن ميسرة قال: سمعت أبا العالية، يحدث عن عبد الله بن الصَّامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضرب فخذي:"كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصَّلاة عن وقتها" قال: قال: ما تأمر؟ قال: "صل الصَّلاة لوقتها، ثم اذهب لحاجتك، فإن أقيمت الصَّلاة وأنت في المسجد فصلِّ".

ورواه أيوب السختياني، عن أبي العالية البراء، قال: آخر ابن زياد الصَّلاة، فجاءني عبد الله بن الصَّامت، فألقيت له كرسيًا، فجلس عليه، فذكرت له صنيع ابن زياد، فعض على شفته وضرب فخذي، وقال: إنِّي سألت أبا ذر كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك، وقال: إنِّي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك أو في رواية: أتيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بوَضوء، فحرك رأسه، وعض على شفتيه]، وقال:"صلِّ الصَّلاة لوقتها، فإن أدركتك الصَّلاة معهم فصل، ولا تقل: إنِّي قد صليت فلا أصلى". وله روايات أخرى بمعناها.

أخرجه مسلم (648/ 241 و 242 و 244)، والبخاري في الأدب المفرد (954 و 957)، وأبو عوانة (1/ 287 و 412 - 413/ 1007 و 1522 - 1524) و (2/ 84/ 2407 و 2409)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 243/ 1440 و 1441 و 1443)، والنَّسائيُّ في

ص: 281

المجتبى (2/ 75 و 113/ 778 و 859)، وفي الكبرى (1/ 418 و 450 - 451/ 856 و 934)، والدارمي (1/ 304/ 1227)، وابن خزيمة (3/ 66 و 68/ 1637 و 1639)، وابن حبان (4/ 346/ 1482) و (6/ 166/ 2406)، وأحمد (5/ 147 و 160 و 168)، والطيالسي (1/ 362/ 455)، وعبد الرزاق (2/ 380/ 3780 و 3781)، والبزار (9/ 373 و 374/ 3952 - 3954)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصَّلاة (1011 - 1013)، وأبو العباس السَّرَّاج في مسنده (633 - 635 و 638 و 1178 و 1179 و 1182 و 1183)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1761 - 1764 و 1766 و 1767 و 1775)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1178)، وابن المنذر (4/ 220/ 2061)، والطحاوي (1/ 363)، وابن الأعرابي في معجمه (697)، والطبراني في الصَّغير (1/ 361/ 604)، وفي الأوسط (4/ 355/ 4416)، وفي حديثه لأهل البصرة بانتقاء ابن مردويه (89)، وابن حزم (2/ 262)، والبيهقيّ (2/ 299 و 300) و (3/ 128)، وابن عبد البر (8/ 63 و 64)، والخطيب في تاريخه (5/ 108).

ب - أبو نعامة السعدي، قال: سمعت عبد الله بن الصَّامت يحدث عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم -أو: كيف أنت- إذا بقيت في قوم يؤخرون الصَّلاة عن وقتها؟! فصلِّ الصَّلاة لوقتها، ثم إن أقيمت الصَّلاة فصلِّ معهم؛ فإنها زيادة خير".

وفي رواية لغير مسلم: "يا أبا ذر َ إنَّها ستكون عليكم أئمة بميتون الصَّلاة، فإن أدركتموهم فصلوا الصَّلاة لوقتها، واجعلوا صلواتكم معهم نافلة".

أخرجه مسلم (648/ 243)، وأبو عوانة (2/ 84/ 2407 و 2408)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 243/ 1442)، والنَّسائيُّ في الإغراب (185)، وأحمد (5/ 159)، والسراج في مسنده (637 و 1181)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1768 و 1769)، والطبراني في الكبير (2/ 151/ 1633)، والبغوي في شرح السنة (2/ 47/ 393) وقال:"حديثٌ صحيحٌ".

ج- خالد بن معدان:

قال الطّبرانيّ في مسند الشاميين (1/ 133/ 213): حدّثنا إبراهيم بن محمَّد بن عرق الحمصي: ثنا محمَّد بن مصفى: ثنا بقية: ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن الصَّامت، عن أبي ذر، قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يتوضّأ يحرك رأسه كهيئة التعجب، قلت: يا رسول الله! ماذا تعجب منه؟ قال: "ناس من أمتي يميتون الصَّلاة" قلت: وما إماتتهم إياها؟ قال: "يؤخرونها عن وقتها" قلت: فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: "صلِّ الصَّلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة".

قلت: هذا إسناد رجاله شاميون مشهورون بالصدق، غير شيخ الطّبرانيّ: إبراهيم بن محمَّد بن عرق الحمصي: قال الذهبي: "شيخ للطبراني: غير معتمد"[الميزان (1/ 63)، اللسان (1/ 355)، المعجم الصَّغير (1/ 140/ 212)]. وله علة إلَّا أني لم أقف عليها، فقد قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 153/ 429): "سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن ثابت، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن الصَّامت، عن أبي

ص: 282

ذر، قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يتوضّأ فحرك رأسه كهيئة المتعجب،

فذكر الحديث، ثم قال: قال أبي: هذا حديث منكر بهذا الإسناد".

وانظر أيضًا: تاريخ بغداد (13/ 184).

***

432 -

. . . الوليد: ثنا الأوزاعي: حدثني حسَّان -يعني: ابن عطية- عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأودي، قال: قدم علينا معاذ بن جبل اليمنَ رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلينا، قال: فسمعت تكبيره مع الفجر: رجلٌ أجشُّ الصوت، قال: فألقِيَتْ محبتي عليه، فما فارقتُه حتَّى دفنتُه بالشام ميتًا.

ثم نظرت إلى أفقه النَّاس بعده، فأتيت ابن مسعود، فلزمته حتَّى مات، فقال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصَّلاة لغير ميقاتها"، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟ قال: "صلِّ الصَّلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سُبحة".

• حديث صحيح.

أخرجه ابن حبان (4/ 345/ 1481)، ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتَّاريخ (1/ 90) و (2/ 279) بالقصة فقط. وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 417/ 1819) ببعض القصة. وابن نصر في تعظيم قدر الصَّلاة (1017)، والبيهقيّ (3/ 124 - 125).

هكذا رواه مرفوعًا عن الوليد بن مسلم الدّمشقيُّ: عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو، أبو سعيد الدّمشقيُّ القاضي، المعروف بدحيم [ثقة حافظ متقن]، ومحمد بن المبارك الصوري، نزيل دمشق [ثقة]،.

لكن رواه الإمام أحمد بن حنبل [ثقة حافظ فقيه حجة] في مسنده (5/ 231) - ومن طريقه: ابن عساكر (46/ 408) - عن الوليد بن مسلم به موقوفًا على ابن مسعود.

وتابعه على وقفه: محمَّد بن بشر بن النجم الحرشي النيسابوري [لم أقف فيه على جرح أو تعديل. انظر ترجمته: الإكمال (2/ 237)، تاريخ الإسلام (18/ 415)] رواه عن الوليد به موقوفًا، وزاد في آخره: "ثم صحبت بعده أفقه النَّاس: عبد الله بن مسعود، فسمعته يقول: عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة، ويرغب في الجماعة، ثم سمعته يومًا من الأيَّام وهو يقول: سيلي عليكم ولاة يؤخرون الصَّلاة عن مواقيتها، فصلوا الصَّلاة لميقاتها، فهو الفريضة، وصلوا معهم فإنها لكم نافلة.

قال: قلت: يا أصحاب محمَّد! ما أدري ما تحدثوا؟! قال: وما ذاك؟ قلت: تأمرني بالجماعة، وتحضني عليها، ثم تقول لي: صلِّ الصَّلاة وحدك وهي الفريضة، وصلِّ مع الجماعة وهي النافلة!

ص: 283

قال: يا عمرو بن ميمون! قد كنت أظنك أفقه أهل هذه القرية، تدري ما الجماعة؟ قال: قلت: لا. قال: إن جمهور الجماعة الذين فارقوا الجماعة، الجماعة ما وافق الحق، وإن كنت وحدك".

أخرجه ابن عساكر (46/ 408 - 409).

ولا أرى هذه الزيادة محفوظة من حديث الوليد بن مسلم، والله أعلم.

والذي يظهر لي من هذا الاختلاف: أن الرَّفع محفوظ؛ إذ هو زيادة من ثقتين؛ فهي مقبولة، لا سيما ودحيم: حافظ متقن، ضابط لحديثه، يُعتمد على حفظه، يروي هذا الحديث من أهل بلده، وأهل بلد الرجل أعلم بحديثه من الغرباء، قال أبو حاتم:"كان دحيم يميز ويضبط حديث نفسه"، وكان يرفع من شأنه كثيرًا. وهو: متَّفقٌ على إمامته وجلالته وحفظه، وعليه يُعتمد في تعديل شيوخ الشَّام وجرحهم. انظر: الجرح والتعديل (5/ 211)، تاريخ دمشق (34/ 163)، التهذيب (2/ 484)، وغيرها.

فإن قيل: قد روي موقوفًا عن الأوزاعي من وجه آخر. فيقال: نعم، لكن لا يصح، ولا يعارض بمثله رواية الوليد بن مسلم؛ وهو من أثبت النَّاس في الأوزاعي، وأعلمهم بحديثه.

رواه نعيم بن حماد، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمَّد الفَزَاريّ، قال: حدّثنا الأوزاعي، عن حسَّان بن عطية، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون، قال: قدم علينا معاذ بن جبل، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع حبه في قلبي، فلزمته حتَّى واريته في التُّراب بالشام.

ثم لزمت أفقه النَّاس بعده: عبد الله بن مسعود، فذُكر يومًا عنده تأخير الصَّلاة عن وقتها، فقال: صلوها في بيوتكم، واجعلوا صلاتكم معهم سبعة. قال عمرو بن ميمون: فقيل لعبد الله بن مسعود: وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي: يا عمرو بن ميمون! إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة، إنَّما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك.

أخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1/ 108/ 160)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 408 و 408 - 409).

ونعيم بن حماد: ضعيف، وأحسن أحواله أن يقال فيه: صدوق، كثير الوهم والخطأ، له مناكير كثيرة تفرد بها عن الثقات المشاهير [انظر: التهذيب (4/ 234)، الميزان (4/ 267)]. والفزاري هو: الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد بن الحارث، الكوفي، نزيل الشَّام، وفي تفرد نعيم بن حماد، المروزي، نزيل مصر، عنه نكارة، والله أعلم.

وقد تابع الأوزاعي على رفعه: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.

فقد روى الطّبرانيّ في مسند الشاميين (1/ 138/ 220) عن أبي زرعة الدّمشقيّ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (21/ 423) و (46/ 410) و (47/ 121) من طرق عن أبي زرعة قال: نا يَحْيَى بن عمرو بن عمارة الليثي، قال: سمعت ابن ثوبان، يقول: حدثني حسَّان بن

ص: 284

عطية: حدثني شيخ بمكة -قال أبو زرعة: يعني ابن سابط- قال: سمعت عمرو بن ميمون، قال: قدم معاذ بن جبل ونحن باليمن، فقال: يا أهل اليمن! أسلموا تسلموا، إنِّي رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إليكم. قال عمرو: فوقع له في قلبي حب؛ فلم أفارقه حتَّى مات، فلما حضره الموت بكيت، فقال معاذ: ما يبكيك؟ قال: أما إنَّه ليس عليك أبكي، إنَّما أبكي على العلم الذي يذهب معك. فقال: إن العلم والإيمان ثابتان إلى يوم القيامة، العلم عند: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن سلام؛ فإنَّه عاشر عشرة في الجنَّة، وسلمان الخير، وعويمر أبي الدرداء. فلحقت بعبد الله بن مسعود، فذُكر وقت الصَّلاة، فذكرت ذلك لعبد الله بن مسعود، فأمرني بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن أصلي [الصَّلاة] لوقتها، وأجعل صلاتهم تسبيحًا". فذكرت له فضيلة الجماعة، فضرب على فخذي، وقال: ويحك! إن جمهور النَّاس فارقوا الجماعة، إن الجماعة ما وافق طاعة الله عز وجل.

وهذا إسناد دمشقي لا بأس به إلى عبد الرحمن بن سابط، حسَّان بن عطية: ثقة فقيه عابد، وابن ثوبان: لا بأس به، لا سيما في حديث أهل الشَّام؛ إلَّا ما كان عن أبيه عن مكحول [التهذيب (2/ 494)، الميزان (2/ 551)]، وأبو الخطَّاب يَحْيَى بن عمرو بن عمارة بن راشد الليثي الدّمشقيُّ: روى عنه أبو حاتم وقال: "صدوق"[الجرح والتعديل (9/ 177) في المطبوع ترجمه ابن أبي حاتم مرتين، وهما واحد، فقد ضمهما ابن عساكر في ترجمة واحدة، وهو الصواب. الثقات (9/ 265)، فتح الباب (2551)، غنية الملتمس (661)، تاريخ دمشق (64/ 350)، تاريخ الإسلام (15/ 445 - 446) وفعل مثل ابن عساكر لكن فيه: "قال أبو حاتم: ثقة"]، وأبو زرعة الدّمشقيُّ: شيخ الشَّام في وقته، عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله النصري، إمام ثقة حافظ مصنف [التهذيب (2/ 536)، السير (13/ 311)، تاريخ دمشق (35/ 141)].

وفي الجملة: فهي متابعة جيدة لرواية الأوزاعي، والزيادة التي أتى بها: لا بأس بها.

• وأخيرًا: فإن حديث ابن مسعود هذا: حديث صحيح.

قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة (2/ 279) بعد رواية دحيم: "وهذا أجود ما يكون من الإسناد وأوضحه".

قلت: لجلالة رواته، وتقدمهم في العلم والفقه والعبادة، والله أعلم.

• ولحديث ابن مسعود مرفوعًا: أسانيد أخرى، منها ما رواه:

أ - أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعلكم ستدركون أقوامًا يصلون الصَّلاة لغير وقتها، فإن أدركتموهم فصلوا في بيوتكم للوقت الذي تعرفون، ثم صلوا معهم واجعلوها سبحة".

أخرجه النَّسائيّ في المجتبى (2/ 75 - 76/ 779)، وفي الكبرى (1/ 208/ 327)، وابن ماجة (1255)، وابن خزيمة (3/ 68/ 1640)، وابن الجارود (331)، وأحمد

ص: 285

(1/ 379)، والبزار (5/ 210/ 1812)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصَّلاة (1014)، والطبراني في الأوسط (2/ 95/ 1365)، والإسماعيلي في معجم شيوخه (3/ 718)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 305)، والبيهقيّ في السنن (3/ 127)، وفي الدلائل (6/ 396)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 57)، والخطيب في التَّاريخ (14/ 66).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عاصم عن زر عن عبد الله: إلَّا أبو بكر بن عياش".

وقال أبو نعيم: "غريب من حديث عاصم، لم يروه عنه: إلَّا أبو بكر".

قلت: أبو بكر بن عياش: ثقة، صحيح الكتاب، وإن كان في حفظه كلام؛ إلَّا أنَّه من خاصة أصحاب عاصم بن أبي النجود، ومن أهل بلده، وقد لازمه مدة، وأخذ عنه القرآن؛ فلا ينكر تفرده عنه، والله أعلم.

وتابعه عليه من لا يُعتبر به:

رواه حماد بن شعيب [ضعفوه، وقال البُخاريّ: "فيه نظر"، اللسان (3/ 270)]، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله به مرفوعًا.

أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 220/ 2062).

• وقد خولف فيه أبو بكر بن عياش: فقد رواه زائدة بن قدامة [ثقة ثبت متقن]، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله، قال: إنَّها ستكون عليكم أئمة يميتون الصَّلاة، فمن أدرك ذلك منكم فليصلها وقتها، وليجعل صلاته معهم سبحة.

هكذا موقوفًا.

أخرجه الطّبرانيّ في الكبير (9/ 298/ 9495) بإسناد صحيح إلى زائدة، رواه عن زائدة: راويته الثقة: معاوية بن عمرو الأزدي، وعنه: ابن بنته الثقة: محمَّد بن أحمد بن النضر الأزدي، وعنه: الطّبرانيّ.

ورواية زائدة هذه: أولى بالصواب، وأبو بكر بن عياش قد سلك فيه الجادة والطريق السهل، فجعله عن زر، ورفعه.

هذا، أو يكون عاصم قد اضطرب فيه، فقد كان في حفظه شيء، وكان يُختلف عليه في زر وأبي وائل شقيق بن سلمة [انظر: التهذيب (2/ 250)].

قال ابن حجر في الفتح (2/ 187): "وهو حديث حسن".

قلت: قد علمت ما فيه.

ب - عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّه سيلي أمركم من بعدى رجال يطفئون السنة، ويحدثون بدعة، ويؤخرون الصَّلاة عن مواقيتها" قال: ابن مسعود: يا رسول الله! كيف بي إذا أدركتهم؟ قال: "ليس -يا ابن أم عبد - طاعةٌ لمن عصى الله" قالها ثلاث مرات.

أخرجه ابن ماجة (2865)، وأحمد (1/ 399 - 400)، وابنه في زوائد المسند

ص: 286

(1/ 400)، وعنه أبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (240)، والبزار (5/ 356/ 1988)، وأبو محمَّد الفاكهي في فوائده (131)، والطبراني في الكبير (10/ 173/ 10361)، وأبو نعيم في الدلائل (479)، والبيهقيّ في السنن (3/ 124 و 127)، وفي الدلائل (6/ 396 و 397)، وابن عساكر في تاريخه (49/ 90 - 91) و (63/ 240).

هكذا رواه عن ابن خثيم المكيِّ: داود بن عبد الرحمن المكيِّ [ثقة]، وإسماعيل بن زكريا الخلقاني [صدوق]، وفضيل بن سليمان النميري [صدوق، يخطئ كثيرًا]، ويحيى بن سليم الطائر [صدوق، سيئ الحفظ]، ومسلم بن خالد الزنجي [صدوق، كثير الأوهام]، وإسماعيل بن عياش [ضعيف في روايته من أهل الحجاز، وهذا منها].

خالفهم: معمر بن راشد أثبت في الزُّهريّ وابن طاووس]، فرواه عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره بنحوه، هكذا مرسلًا.

أخرجه عبد الرَّزاق (2/ 383/ 3788)، وعنه: أحمد (1/ 409).

ورواية الجماعة بإثبات عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود في الإسناد: أصح.

وهذا إسناد حسن، وقد اختلف في سماع عبد الرحمن من أبيه، والصحيح: أنَّه سمع منه؛ فقد أثبت سماعه بإطلاق من غير قيد: أحمد، البُخاريّ، وأبو حاتم [انظر: سؤالات ابن هانئ (2170)، التَّاريخ الكبير (5/ 299)، التَّاريخ الأوسط (1/ 169/ 246)، الجرح والتعديل (5/ 248)، وغيرها. وانظر ما تقدم في هذه المسألة: الذكر والدعاء (2/ 507/ 246)]، وقد صحح له التِّرمذيُّ عن أبيه أحاديث، مما يعني ثبوت سماعه عنده مطلًا [انظر: جامع التِّرمذيّ (1206 و 2257 و 2634 و 2657)].

• وقد جاء بهذا الإسناد أيضًا: ما يدل على أن ابن مسعود قد عمل بهذا الحديث، وفيه ما يثبت سماع عبد الرحمن من أبيه:

فقد روى عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن القاسم بن عبد الرحمن، أن أباه أخبره، أن الوليد بن عقبة آخر الصَّلاة بالكوفة، وأنا جالس مع أبي في المسجد، فقام عبد الله بن مسعود، فثوب بالصلاة، فصلَّى بالنَّاس، فأرسل إليه الوليد: ما حملك على ما صنعت؟ أجاءك من أمير المؤمنين أمر؛ فسمع وطاعة؟ أم ابتدعت الذي صنعت؟ قال: لم يأتنا من أمير المؤمنين أمر، ومعاذ الله أن أكون ابتدعت، أبي الله علينا ورسوله أن ننتظرك بصلاتنا، وأنت في حاجتك.

أخرجه البُخاريّ في التَّاريخ الأوسط (1/ 169/ 246) مختصرًا، وبه أثبت السماع. وأحمد (1/ 450)، وابن أبي شيبة (1/ 475/ 5490)، والفسوي في المعرفة والتَّاريخ (2/ 321)، والشاشي في مسنده (1/ 326/ 296)، والبيهقيّ في السنن (3/ 124)، وفي الدلائل (6/ 397)، وابن عساكر في التَّاريخ (35/ 63 و 67)، و (63/ 240 و 241).

وإسناده حسن، كالذي قبله.

ص: 287

وانظر: مصنف عبد الرَّزاق (2/ 384/ 3790)، المعجم الكبير للطبراني (9/ 299/ 9500).

• وقد ثبت هذا الحديث عن ابن مسعود موقوفًا، من وجوه كثيرة، مما يدل على أن ابن مسعود كان يرفعه تارة، ويوقفه تارة، وللموقوف حكم الرَّفع لو لم يثبت مرفوعًا؛ إذ مثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، فهو مشتمل على إخبار بأمر غيبي، وعلى حكم شرعي مترتب عليه.

ومن هذه الأسانيد، ما رواه:

أ - الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة، قالا: أتينا عبد الله بن مسعود في داره، فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ فقلنا: لا. قال: فقوموا، فصلوا. فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة. قال: وذهبنا لنقوم خلفه، فأخذ بأيدينا، فجعل أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله، قال: فلما ركع، وضعنا أيدينا على ركبنا، قال: فضرب أيدينا، وطبق بين كفَّيه، ثم أدخلهما بين فخذيه، قال: فلما صَلَّى، قال: إنَّه ستكون عليكم أمراء يؤخرون الصَّلاة عن ميقاتها، ويخنقونها إلى شرق الموتى، فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك؛ فصلوا الصَّلاة لميقاتها، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة، وإذا كنتم ثلاثة فصلوا جميعًا، وإذا كنتم أكثر من ذلك؛ فليؤمكم أحدكم، وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه، وليجنأ، وليطبق بين كفَّيه، فلكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراهم.

أخرجه مطولًا ومختصرًا: مسلم (534/ 26 و 27)، وأبو عوانة (1/ 485 و 486/ 1803 - 1805)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 134 و 135/ 1176 - 1178)، وأبو داود (868)، والنَّسائيُّ في المجتبى (2/ 49 - 50 و 50 و 183 - 184/ 719 و 720 و 1029)، وفي الكبرى (1/ 319 و 396 و 397/ 620 و 612 و 800 و 801)، وابن خزيمة (3/ 65/ 1636)، وابن حبان (4/ 425/ 1558) و (5/ 192 و 195/ 1874 و 1875)، والشَّافعيّ في الأم (8/ 483 - 484/ 3525) معلقًا. وأحمد (1/ 378 و 426 و 447)، وعبد الرَّزاق (2/ 409/ 3884)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 221/ 2540) و (2/ 154/ 7591)، وفي المسند (222)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (2/ 860)، والبزار (4/ 356/ 1558) و (5/ 58/ 1621)، وابن نصر في الصَّلاة (1015)، وأبو يعلى (9/ 129/ 5203)، وأبو العباس السَّرَّاج في حديثه بانتقاء الشحامي (267)، وابن المنذر (4/ 221/ 2063)، والطحاوي (1/ 229)، والشاشي (1/ 374 و 416/ 368 و 427)، و الطبراني في الكبير (9/ 276/ 9381) و (10/ 131/ 10206)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 105)، والبيهقيّ في السنن (2/ 83)، وفي المعرفة (1/ 562/ 794).

وقد رفع بعضهم موضع الشاهد، وهو: وهم، وهذه الرِّواية هي المحفوظة، وهذا لفظ مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش.

• ووهم فيه أبو بكر بن عياش، فرواه عن عبد العزيز بن رفيع، عن إبراهيم، عن

ص: 288

علقمة، عن عبد الله، يرفعه إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لعلكم تدركون أقوامًا يؤخرون الصَّلاة عن وقتها، فإذا أدركتموهم فصلوها للوقت الذي تعرفون في بيوتكم، ثم ائتوهم فصلوا معهم، واجعلوها سبحة". هكذا رفعه أبو بكر، وهو موقوف من حديث إبراهيم.

أخرجه الطّبرانيّ في الأوسط (2/ 95/ 1365)، والدارقطني في الأفراد (4/ 114/ 3748)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 311)، وابن عبد البر (8/ 57).

قال الطّبرانيّ: "لم يرو هذا الحديث عن عبد العزيز: إلَّا أبو بكر".

وقال الدارقطني: "غريب من حديث عبد العزيز بن رفيع، عن إبراهيم النَّخعيّ، عنه، تفرد به: أبو بكر بن عياش، وعنه: هاشم بن الوليد وأبو طالب الهروي".

ب - ابن إسحاق، قال: وحدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النَّخعيّ، عن أبيه، قال: دخلت أنا وعمي علقمة على عبد الله بن مسعود بالهاجرة، قال: فأقام الظهر ليصلي، فقمنا خلفه، فأخذ بيدي ويد عمي، ثم جعل أحدنا عن يمينه والآخر عن يساره، ثم قام بيننا فصففنا خلفه صفًا واحدًا، قال: ثم قال هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثة، قال: فصلَّى بنا، فلما ركع طبَّق، وألصق ذراعيه بفخذيه، وأدخل كفَّيه بين ركبتيه، قال: فلما سلَّم أقبل علينا، فقال: إنَّها ستكون أئمة يؤخرون الصَّلاة عن مواقيتها، فإذا فعلوا ذلك فلا تنتظروهم بها، واجعلوا الصَّلاة معهم سبحة.

أخرجه مطولًا ومختصرًا: أحمد (1/ 451 و 455 و 459)، والشَّافعيّ في الأم بلاغًا (8/ 482 - 483/ 3522)، وأبو يعلى (9/ 190/ 5287)، والطحاوي (1/ 306)، والبيهقيّ (3/ 98).

وإسناده حسن.

ولم ينفرد به ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود؛ فقد تابعه:

ج- هارون بن عنترة، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود وعلقمة، قالا: دخلنا على عبد الله نصف النهار، فقال: إنَّه سيكون أمراء يشتغلون عن وقت الصَّلاة، فصلوا لوقتها، ثم قام فصلَّى بيني وبينه، فقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل.

أخرجه أبو داود (613)، والنَّسائيُّ في المجتبى (2/ 84/ 799)، وفي الكبرى (1/ 426/ 876)، وأحمد (1/ 424)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 429/ 4936)، وفي المسند (191)، وأبو يعلى (8/ 414/ 4996) و (9/ 121/ 5191)، والخطيب في التَّاريخ (11/ 104).

وهارون بن عنترة: كوفي، ثقة [انظر: التهذيب (4/ 255)، الميزان (4/ 284) وقد رد الذهبي قول من ضعفه بقوله:"الظاهر أن النكارة من الراوي عنه"]؛ فالإسناد صحيح.

د - أبو إسحاق السبيعي، عن [وفي رواية شعبة: سمعت، أبي الأحوص، عن ابن مسعود قال: إنكم في زمان قليل خطباؤه، كثير علماؤه، يطيلون الصَّلاة، ويقصرون الخطبة، وأنَّه سيأتي عليكم زمان كثير خطباؤه، قليل علماؤه، يطيلون الخطبة، ويؤخرون

ص: 289

الصَّلاة، حتَّى يقال: هذا شرق الموتى، قلت له: ما شرق الموتى؟ قال: إذا اصفرت الشَّمس جدًّا، فمن أدرك ذلك منكم فليصل الصَّلاة لوقتها، فإن احتبس فليصل معهم، وليجعل صلاته وحده الفريضة، وصلاته معهم تطوعًا.

أخرجه عبد الرَّزاق (2/ 382/ 3787)، وابن نصر المروزي في الصَّلاة (1037 و 1038)، والطبراني في الكبير (9/ 108 و 298/ 8567 و 9496).

وهذا إسناد صحيح.

وله أسانيد أخرى كثيرة، لا تخلو من مقال، لا نطيل بذكرها، ونكتفي بذكر مصادرها: مسند أحمد (1/ 405)، مصنف عبد الرَّزاق (2/ 382 و 383 و 384/ 3786 و 3789 و 3791)، الأوسط لابن المنذر (2/ 403/ 1115)، المعجم الكبير للطبراني (9/ 299/ 9498)، تاريخ ابن عساكر (33/ 141).

***

433 -

قال أبو داود: حدّثنا محمَّد بن قدامة بن أعين: ثنا جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثني، عن ابن أخت عبادة بن الصَّامت، عن عبادة بن الصَّامت.

(ح): وثنا محمَّد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع، عن سفيان -المعنى-، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثني الحمصي، عن أَبِي أُبَيّ ابن امرأة عبادة بن الصَّامت، عن عبادة بن الصَّامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّها ستكون عليكم بعدي أمراء تشغلهم أشياء عن الصَّلاة لوقتها حتَّى يذهب وقتها، فصلوا الصَّلاة لوقتها" فقال رجل: يا رسول الله أصلي معهم؟ قال: "فعم، إن شئت".

وقال سفيان: إن أدركتُها معهم أصلي معهم؟ قال: "نعم، إن شئت".

• شاذ من هذا لوجه، وهو حديث صحيح بغير هذا السياق.

هذا الحديث قد اختلف فيه على منصور:

1 -

فرواه جرير بن عبد الحميد [ثقة، صحيح الكتاب]، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثني، عن ابن أخت عبادة بن الصَّامت، عن عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره.

أخرجه أبو داود (433)، وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (5/ 329)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصَّلاة (1018)، والمزي في التهذيب (13/ 331) [وسقط من إسناده: عبادة بن الصَّامت، وهو وهم]. وعلقه البُخاريّ في الكنى من التَّاريخ الكبير (7).

ص: 290

وانفرد جرير بقوله: ابن أخت عبادة، وهو: وهم، ووهم في لفظه أيضًا، فزاد:"حتَّى يذهب وقتها"، وقوله:"إن شئت".

2 -

ورواه سفيان الثوري، واختلف عليه:

أ- فرواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ، من أثبت أصحاب سفيان]، وعبد الرَّزاق بن همام الصنعاني [ثقة حافظ مصنف]، وعلي بن قادم [صدوق]، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي [صدوق، سيئ الحفظ، وكان يصحف، وضعفه جماعة في سفيان. التقريب (619)، شرح علل التِّرمذيِّ (2/ 726)]، وأبو أحمد الزبيري محمَّد بن عبد الله بن الزُّبير [ثقة ثبت، قد يخطئ في حديث الثوري]:

رواه خمستهم: عن سفيان الثوري، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثني الحمصي، عن أَبِي أُبَيّ ابن امرأة عبادة بن الصَّامت، عن عبادة بن الصَّامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّها ستكون عليكم أمراء تشغلهم أشياء عن الصَّلاة، حتَّى يؤخروها عن وقتها، فصلوها لوقتها" قال: فقال رجل: يا رسول الله! فإن أدركتها معهم أصلي؟ قال: "إن شئت". لفظ وكيع.

أخرجه أبو داود (433)، وابن ماجة (1257)، والضياء في المختارة (8/ 317/ 381 و 382)، وأحمد (5/ 315)، وعبد الرَّزاق (2/ 380/ 3782)، وابن أبي شيبة (2/ 154/ 7590)، وابن نصر المروزي في الصَّلاة (1019)، والهيثم بن كليب (3/ 134/ 1200 و 1201)، وابن عبد البر في الاستذكار (1/ 79)، وعلقه البُخاريّ في الكنى (7).

• تنبيه: وقع في المطبوع من سنن ابن ماجة [طبعة محمَّد فؤاد عبد الباقي، وبشار عواد، وغيرهما]، وفي مخطوطة المحمودية (121)، وفي تحفة الأشراف (4/ 253/ 5097)، وفي المسند الجامع (8/ 32/ 5541):"حدّثنا محمَّد بن بشار: ثنا أبو أحمد: ثنا سفيان بن عيينة".

وهذا وهم عندي لأسباب؛ منها:

• أن أبا أحمد الزبيري مشهور بالرواية عن الثوري، ولا تعرف له رواية عن ابن عيينة [راجع: ترجمة الثوري وابن عيينة والزبيري في تهذيب الكمال].

• أن الضياء المقدسي روى الحديث في مختارته من طريق: محمَّد بن هارون الروياني [ثقة حافظ إمام، صاحب المسند. السير (14/ 507)، التذكرة (2/ 752)] قال: ثنا محمَّد بن بشار: ثنا أبو أحمد: ثنا سفيان. هكذا فلم ينسبه، وأبو أحمد إنما يروي عن الثوري، كما تقدم.

• أن الحديث مشهور عن الثوري، رواه عنه جماعة من أصحابه المشهورين، مثل: ابن المبارك، ووكيع، وقبيصة، والفريابي، وعبد الرَّزاق، وأبي حذيفة، ولا يُعرف الحديث عن ابن عيينة من رواية أحد من أصحابه المعروفين، على كثرتهم الكاثرة؛ إلَّا ما جاء عند ابن ماجة من رواية الزبيري عنه، والزبيري غير معروف بالرواية عنه، بل يروي عن الثوري.

ص: 291

• جاء في إحدى نسخ ابن ماجة [مطبوعة الشَّيخ الأعظمي (1248)]: حدّثنا محمَّد بن بشار: ثنا أبو أحمد: ثنا سفيان، عن منصور. هكذا بدون نسبة، وهو الصَّحيح عندي، والله أعلم.

ب - ورواه عبد الله بن المبارك [ثقة ثبت، فقيه إمام، من أثبت أصحاب الثوري]، وقبيصة بن عقبة [ثقة، يخطئ في حديث الثوري، وهو أثبت عن أبي حذيفة فيه]، ومحمد بن يوسف الفريابي [ثقة، يخطئ في حديث الثوري، وهو مقدم فيه على عبد الرَّزاق]:

رواه ثلاثتهم: عن سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثني الحمصي، عن أَبِي أُبَي ابن امرأة عبادة بن الصَّامت، قال: كُنَّا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أيها النَّاس! سيجيء أمراء يشغلهم أشياء؛ حتَّى لا يصلوا الصَّلاة لميقاتها، فصلوا الصَّلاة لميقاتها" فقال رجل: يا رسول الله! ثم نصلي معهم؟ قال: "نعم".

أخرجه البُخاريّ في الكنى (7)، وأحمد (5/ 315)، وابن سعد في الطبقات (7/ 402)، والسري بن يَحْيَى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (123)، والضياء في المختارة (8/ 318/ 384)، والمزي في التهذيب (13/ 331).

• تنبيه: وقع عند الضياء والمزي زيادة: "عن عبادة بن الصَّامت"، من رواية الفريابي، وليست محفوظة.

وإنما المحفوظ: ما رواه البُخاريّ في تاريخه عن الفريابي بدونها، فلم يجاوز به ابن امرأة عبادة -يعني: عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وخالف إمامَ الحفَّاظ فزادها عن الفريابي: عبدُ الله بن محمَّد بن سعيد بن أبي مريم: قال ابن عدي: "مصري، يحدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل، ثم سرد جملة من مناكيره، ثم قال: "وعبد الله بن محمَّد بن سعيد بن أبي مريم هذا: إمَّا أن يكون مغفلًا لا يدري ما يخرج من رأسه، أو يتعمد، فإني رأيت له غير حديث مما لم أذكره أيضًا ها هنا غير محفوظ" [الكامل (4/ 255)، الميزان (1/ 491)، اللسان (4/ 562)].

والمحفوظ عن الثوري في إسناد هذا الحديث: هو ما رواه ابن المبارك ومن تابعه: عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثني الحمصي، عن أبِي أُبَيّ ابن امرأة عبادة بن الصَّامت، قال: كُنَّا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. بدون ذكر عبادة في الإسناد.

قال عبد الله بن أحمد في المسند بعد رواية ابن المبارك عن الثوري (5/ 315): "قال أبي رحمه الله: وهذا الصواب".

وكذلك فإن رواية هؤلاء هي المحفوظة في المتن أيضًا، بدون زيادة:"إن شئت".

3 -

تابع الثوري على الوجه المحفوظ عنه: شعبة بن الحجاج، وشيبان بن عبد الرحمن النّحوي، وشريك بن عبد الله النَّخعيُّ [صدوق، سيئ الحفظ]:

رواه ثلاثتهم: عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثني، عن أَبِي أبَيّ ابن امرأة عبادة بن الصَّامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "سيكون أمراء يشغلهم أشياء، يؤخرون

ص: 292

الصَّلاة عن وقتها، فصلوا الصَّلاة لوقتها، ثم اجعلوا صلاتكم معهم تطوعًا". لفظ شعبة.

ولفظ شيبان: عن منصور، عن هلال بن يساف [وقع في كنى الدولابي: هلال بن بشار، وهو تصحيف]، قال: حدّثنا أبو المثني الحمصي، قال: حدثني أبو أُبَي ابن امرأة عبادة بن الصَّامت، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون بعدي أمراء تشغلهم أشياء؛ حتَّى لا يصلوا الصلوات لوقتها، فصلوا الصلوات لمواقيتها" قال رجل: يا رسول الله! ثم نصلي معهم؟ قال: "نعم، ثم صلوا معهم".

أخرجه البُخاريّ في الكنى (7)، وأحمد (5/ 314 و 315) و (6/ 7)، وابن نصر المروزي في الصَّلاة (1020 و 1021)، وأبو علي الطُّوسي في مختصر الأحكام (1/ 439/ 160)، والدولابي في الكنى (1/ 43/ 111)، والضياء في المختارة (8/ 318/ 383).

• تنبيه: وقع في مختصر الأحكام للطوسي زيادة: "عن عبادة بن الصَّامت"، وهي خطأ، فقد رواه البُخاريّ وابن نصر المروزي من نفس الطَّريق بدونها، ورواه أحمد من طريقين عن شعبة بدونها، وكذلك رواه الضياء من طريق أحمد.

• والحاصل: أن المحفوظ في هذا الحديث: هو ما رواه جماعة الحفَّاظ: سفيان الثوري، وشعبة، وشيبان: عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثني، عن أبي أُبَيّ ابن امرأة عبادة بن الصَّامت، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. هكذا بدون ذكر عبادة في الإسناد، وبدون ذكر:"حتَّى يذهب وقتها"، وقوله:"إن شئت" في المتن.

والحديث رواه عبد الرَّزاق في مصنفه (2/ 382/ 3785): عن معمر، عن الأعمش، عن هلال بن يساف، عن أبي صهيب وأبي المثني، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

ومعمر: لم يعمل شيئًا في حديث الأعمش، إنَّما هو ثبت في حديث الزُّهريّ وابن طاوس، وحديثه من أهل العراق فيه ضعف، قال ابن معين:"إذا حدثك معمر عن العراقيين فَخِفه، إلَّا عن الزُّهريّ وابن طاوس؛ فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئًا"[تاريخ دمشق (59/ 414)، شرح العلل (2/ 774)].

• نرجع إلى إسناد منصور، قال الطُّوسي:"وهو حديث حسن"، وقال ابن عبد البر:"أبو المثني الحمصي هو؛ الأملوكي: ثقة، روى عن عتبة، وأبِي أُبَي ابن أم حرام، وكعب الأحبار. وأبو أُبَي ابن أم حرام، ربيب عبادة: له صحبة، وقد سماه وكيع وغيره في هذا الحديث عن الثوري، وقد ذكرناه في الكنى".

قلت: أبو أبي، اسمه: عبد الله، واختلف في اسم أبيه، وأشهر الأقوال أنَّه: ابن عمرو بن قيس بن زيد الأنصاري، وهو: ابن أم حرام بنت ملحان، امرأة عبادة بن الصَّامت، وخالة أنس بن مالك، ومن قال: ابن أخت عبادة: فقد وهم، وأبو أبي هذا: له صحبة [انظر: كنى مسلم (249)، الجرح والتعديل (5/ 117)، الثقات (3/ 233)، الطبقات الكبرى (7/ 402)، فتح الباب (621)، الاستغناء (24)، تاريخ دمشق (27/ 73)،

ص: 293

الاستيعاب (3/ 891) و (4/ 1592)، أسد الغابة (3/ 348) و (6/ 4)، الإصابة (4/ 195) و (7/ 5)، التهذيب (4/ 477)].

وأمَّا أبو المثني، فهو: ضمضم الأملوكي، وقيل: الوصّابي، الحمصي، تابعي، سمع: عتبة بن عبد السلمي، وأبا أبيّ عبد الله بن عمرو بن قيس، ابن أم حرام [ولهما صحبة]، وكعب الأحبار [تابعي، مخضرم]، روى عنه: هلال بن يساف [تابعي، من الطبقة الثَّالثة]، وصفوان بن عمرو السكسكي [من الطبقة الخامسة].

قال العجلي: "شامي، تابعي، ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عبد البر:"ثقة"[ومن فرَّق بين من روى عنه هلال، ومن روى عنه صفوان: فلم يصب، فقد جعلهما واحدًا: أبو حاتم، ومسلم، وهو ظاهر صنيع البُخاريّ، حيث ترجم له في الأسماء باسمه وكنيته، ولم يذكره في الكنى، مما يدل على أنَّهما عنده واحد، وما اعتمد عليه ابن الجارود في التَّفريق بينهما برواية الأثرم عن أحمد بن حنبل أنَّه ذكر رواية صفوان بن عمرو، وهلال بن يساف، عن أبي المثني، وقال: سبحان الله! - كالمتعجب - يروي عنه هلال بن يساف، ويروي عنه صفوان بن عمرو! = فهو معارض برواية ابنيه عبد الله وصالح عنه، قال عبد الله بن أحمد: "سمعت أبي يقول: أبو المثني، يقال له: الأملوكي، وقال بعضهم: المليكي، اسمه: ضمضم، روى عنه: صفوان بن عمرو، وهلال بن يساف"، وقال صالح عن أبيه في الأسامي والكنى: "وأبو المثني الأملوكي، اسمه: ضمضم، روى عنه: صفوان بن عمرو، وهلال بن يساف: حديث أبِي أُبَيّ ابن امرأة عبادة بن الصَّامت في تأخير الصَّلاة، وهذا القول منه هو الموافق لقول الأئمة، وهو الصواب. انظر: العلل ومعرفة الرجال (3/ 306 و 394/ 5362 و 5732)، الأسامي والكنى (282)، التَّاريخ الكبير (4/ 338)، الجرح والتعديل (4/ 468)، كنى مسلم (2/ 781/ 3179)، الثقات (4/ 389)، معرفة الثقات (2242)، الطبقات الكبرى (7/ 458)، الأسماء والكنى للدولابي (3/ 984/ 1724)، الاستغناء (2/ 696/ 792)، الأنساب (1/ 208)، الإكمال (7/ 308)، المقتنى (5596)، ذيل الميزان (777)، التهذيب (2/ 231) و (4/ 581)، التقريب (287)، الكاشف (1/ 510)].

وهو قليل الرِّواية، ليس له من المسند سوى ثلاثة أحاديث، أو أربعة، وله آثار يرويها عن كعب الأحبار، وهو هنا في هذا الحديث: لم يرو منكرًا، ولم ينفرد بأصل وسنة، وما رُوي من زيادات من رواية جرير، ومن رواية وكيع عن سفيان ["حتَّى يذهب وقتها" و "أن شئت"]: فهي زيادات شاذة، لا تصح، بل المحفوظ من حديثه هذا: مروي من طرق صحيحة: من حديث أبي ذر، وابن مسعود، فعلى هذا ينبغي أن يصحح حديثه هذا، والله أعلم.

وأمَّا قول ابن القطان الفاسي: "فعلى كل حال: لا يصح الحديث؛ لأنَّ عدالة راويه لم تعرف" [ذيل الميزان (777)، ساقط من مطبوعة بيان الوهم (4/ 139/ 1581) وقال في

ص: 294

ملخص الكتاب في آخره (5/ 677): "وفي تصحيحه نظر"، ففيه نظر؛ إذ ليس بلازم أن ما يرويه المجهول دائمًا يكون ضعيفًا، ولا أن الجهالة تستلزم الجرح ورد حديث الراوي [انظر: كتاب الخبر الثابت. بحث في المجهول (28) من تأليفي]، والراوي هنا: أبو المثني الأملوكي: تابعي كبير، يحتمل فيه من الجهالة ما لا يحتمل في غيره، وليس في حديثه ما يستنكر، بل هو موافق لحديث الثقات؛ فهو حديثٌ صحيحٌ.

وليس في المحفوظ من هذا الحديث ما يصلح أن يكون حجة للقائل بعدم تكفير تارك الصَّلاة، والله أعلم.

***

434 -

. . . أبو هاشم -يعني: الزعفراني-: حدثني صالح بن عبيد، عن قبيصة بن وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون عليكم أمراءُ من بعدي يؤخرون الصلاةَ، فهي لكم، وهي عليهم، فصلُّوا معهم ما صلَّوا القبلةَ".

• حديث حسن.

أخرجه البُخاريّ في التَّاريخ الكبير (7/ 173)، وابن سعد في الطبقات (7/ 56)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصَّلاة (1028)، والدولابي في الكنى (3/ 1128/ 1964)، وابن قانع في المعجم (2/ 343)، والطبراني في الكبير (18/ 375/ 959)، وفي الأوسط (3/ 103/ 2623)، والأزدي في المخزون (200)، وأبو نعيم في معرفة الصّحابة (4/ 2334/ 5737 و 5738)، والحسن بن علي الشاموخي في أحاديثه عن شيوخه (7)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 65)، وفي الاستذكار (1/ 22)، وعلقه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/ 124).

قال أبو محمَّد ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: "أدخله أبو زرعة في مسند أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الذين سكنوا البصرة، ولا نعرف له غير هذا الحديث الواحد، الذي رواه أبو هاشم صاحب الزعفراني، واسم أبي هاشم عمار بن عمارة".

وقال الطّبرانيّ في الأوسط: "لا يُروى هذا الحديث عن قبيصة بن وقاص الليثي: إلَّا بهذا الإسناد، تفرد به: أبو هاشم".

وقال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (4/ 139/ 1582): "وصالح بن عبيد هذا: لا تعرف حاله أصلًا، فالحديث ضعيف من أجله"، ثم طعن في صحبة قبيصة؛ لكونه لا يعرف إلَّا بهذا الحديث الواحد، ولم يذكر فيه سماعًا من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولو ذكر لم يقبل منه؛ لأنَّه لم يخبر عنه بذلك تابعي ثقة، وانظر أيضًا:(2/ 550/ 553).

هذا خلاصة بحث ابن القطان، وتبعه على شيء منه: الذهبي -نقله عنه ابن حجر في الإصابة-، وقال به ابن رجب في الفتح (3/ 21 - 22)، وفيما ذهبوا إليه نظر، فهذا

ص: 295

الحديث رواه عن أبي هاشم الزعفراني عمار بن عمارة: أبو الوليد الطَّيالسيّ هشام بن عبد الملك، وروح بن عبادة، أما أبو الوليد فقال:"وكانت لقبيصة صحبة"[الطبقات الكبرى (7/ 56)]، وأمَّا روح بن عبادة، فقال: نا عمار، قال: حدثني صالح بن عبيد، أن قبيصة بن وقاص السلمي حديثه، أنَّه سمع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول مثله، كذا هو عند البُخاريّ في التَّاريخ، وقال أبو حاتم:"وروى روح بن عبادة، عن أبي هاشم صاحب الزعفران، عن صالح بن عبيد، عن قبيصة بن وقاص، وكان من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم"، فجزم له بالصحبة، وفي الرّواية الأولى: تسلسل الإسناد بالسماع إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومن ثم جزم له بالصحبة: البُخاريّ، وأبو زرعة، وابن حبان، وابن سعد، وابن أبي خيثمة، وابن نافع، والطبراني، وأبو نعيم، وابن السكن، وغيرهم [انظر: الثقات (3/ 345)، الاستيعاب (3/ 1273)، الإصابة (5/ 412)، وقال:"ويكفينا في هذا جزم البُخاريّ بأن له صحبة، فإنَّه ليس ممن يطلق الكلام لغير معنى"].

وأمَّا صالح بن عبيد: فقد تفرد بالرواية عنه: أبو هاشم الزعفراني، على الصَّحيح، وليس هو بالذي يروي عنه: عمرو بن الحارث، بل هما اثنان، فرق بينهما: البُخاريّ، وأبو حاتم، وابن حبان، وأبو بكر البزار [انظر: التَّاريخ الكبير (4/ 285)، الجرح والتعديل (4/ 408)، الثقات (6/ 457 و 464)، التهذيب (2/ 197)]، فهو: مجهول؛ كما ذهب إليه: ابن القطان، وابن المواق.

ويمكن حمل هذا الحديث على معنى حديث أبي ذر وابن مسعود؛ فيحسن بذلك، والله أعلم.

• ومما روي في الباب أيضًا، مما لا يخلو من مقال، ولو يسيرًا:

1 -

عن شداد بن أوس:

أخرجه أحمد (4/ 124)، والبزار (8/ 413/ 3486)، وابن نصر في الصَّلاة (1025)، والطبراني في الكبير (7/ 287/ 7155)، وفي الأوسط (5/ 145/ 4907)، وفي مسند الشاميين (2/ 153/ 1093 و 1094).

2 -

عن عامر بن ربيعة:

أخرجه أحمد (3/ 445 و 446)، وعبد الرَّزاق (2/ 379/ 3779)، وابن نصر في الصَّلاة (1022 و 1023)، وأبو يعلى (113/ 59 و 161/ 7201 و 7203)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 414)، والضياء في المختارة (8/ 193 - 195/ 221 - 223).

3 -

عن جابر بن عبد الله:

أخرجه ابن نصر في الصَّلاة (1024).

4 -

عن أنس بن مالك: من طريقين عنه:

أخرجه البُخاريّ في التَّاريخ الكبير (3/ 235 و 485 و 486)، وابن نصر في الصَّلاة (1026 و 1027)، وأبو يعلى (7/ 293/ 4323)، والطبراني في الأوسط (8/ 351/ 8845)، والضياء في المختارة (6/ 148/ 2143).

ص: 296