الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وأن صلاته بمكة إنما كانت بغير نداء ولا إقامة، وكذلك كان يصلي أول ما قدم المدينة إلى أن رأى عبد الله بن زيد النداء في المنام بغير أذان ولا إقامة.
ويدل على أن الأذان قائمًا قوله: "قم يا بلال"، إذ الأذان قائمًا أحرى أن يسمعه من يبعد عن المؤذن ممن يؤذن قاعدًا.
ويدل على أن الذي أمر بلالًا بالأذان النبي صلى الله عليه وسلم".
2 -
حديث أنس: قال: كانت الصلاة إذا حضرت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى رجلٌ في الطريق فنادى: الصلاة، الصلاة، الصلاة، فاشتدَّ ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله! لو اتخذنا ناقوسًا؟ قال: "ذلك للنصارى" قالوا: فلو اتخذنا بوقًا؟ قال: "ذلك لليهود" قال: فأُمِرَ بلاذ أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
وهو حديث صحيح، يأتي في السنن برقم (508 و 509).
3 -
حديث عبد الله بن زيد، وهو الحديث الآتي.
***
28 - باب كيف الأذان
499 -
. . . إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، قال: حدثني أبي عبد الله بن زيد، قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يُعمل ليُضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي وأنا نائمٌ رجلٌ يحمل ناقوسًا في يده، فقلت: يا عبد الله! أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، قال: فقال:
تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، قد قامتِ الصلاة، قد قامتِ الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بما رأيت، فقال:"إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقُمْ مع بلالٍ فَأَلْقِ عليه ما رأيت؛ فليؤَذِّن به، فإنه أندى صوتًا منك"، فقمت مع بلال، فجعلْتُ أُلْقِيه عليه، ويؤذن به.
قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب، وهو في بيته، فخرج يَجُرُّ رداءه، ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله، لقد رأيتُ مِثْلَ ما أُرِيَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فللَّه الحمد".
قال أبو داود: هكذا رواية الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن زيد
وقال فيه ابن إسحاق، عن الزهري: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر.
وقال معمر ويونس، عن الزهري فيه: الله أكبر الله أكبر، لم يُثَنِّيا.
• حديث صحيح.
أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (180)، والدارمي (1/ 287/ 1189)، وابن خزيمة (1/ 193/ 371)، وابن حبان (4/ 572/ 1679)، وابن الجارود (158)، والضياء في المختارة (9/ 373 - 376/ 344 و 345)، وأحمد (4/ 43)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (567)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (1/ 461/ 174)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 12/ 1162)، والدارقطني (1/ 241)، والبيهقي في السنن الصغرى (1/ 200/ 277)، وفي الكبرى (1/ 390 و 415 و 427)، وفي المعرفة (1/ 445/ 592)، وفي الخلافيات (1/ 502 - مختصره)، وفي الدلائل (7/ 17)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 23).
ولم ينفرد به إبراهيم بن سعد [وهو: ثقة حجة، من أثبت الناس في ابن إسحاق، وأعلمهم بمواضع سماعه] عن ابن إسحاق؛ فقد تابعه عليه:
1 -
يحيى بن سعيد الأموي [ثقة]، رواه عن ابن إسحاق به، مختصرًا، بدون قصة الرؤيا وألفاظ الأذان، وفيه:"فإنه أَنْدَى وأَمَدُّ صوتًا منك"، وفي آخره:"فَلِلَّهِ الحمدُ، فذلك أَثبتُ".
أخرجه الترمذي (189)، وابن خزيمة (1/ 189/ 363)، وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 251).
2 -
سلمة بن الفضل الأبرش [صدوق، عنده مناكير، وهو صاحب مغازي ابن إسحاق، ثبت فيه. انظر: التهذيب (2/ 76) وغيره]، رواه عن ابن إسحاق به، وأوله: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها [يعني: المدينة] إنما يجتمع إليه بالصلاة لحين مواقيتها بغير دعوةٍ، فَهَمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل بوقًا كبوق اليهود الذين يدعون به لصلاتهم، ثم كرهه، ثم أمر بالناقوس فنُحت ليُضرب به للمسلمين إلى الصلاة. . . ثم ذكر الحديث بطوله مثل رواية إبراهيم بن سعد، وفيه: مرَّ بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسًا في يده. . .، إلى أن قال في آخره:"فَلِلَّهِ الحمدُ، فذاك أَثبتُ".
أخرجه الدارمي (1/ 286 و 287/ 1187 و 1188)، وابن خزيمة (1/ 191 - 192/ 370)(6/ 654/ 7156 - الإتحاف)، والضياء في المختارة (9/ 376 - 377/ 346).
3 -
محمد بن سلمة الباهلي مولاهم، أبو عبد الله الحراني [ثقة]، رواه عن ابن إسحاق به، بنحو رواية سلمة بن الفضل، ولم يذكر الإقامة.
أخرجه ابن ماجه (706)، قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن عبيد بن ميمون المدني [صدوق يخطئ]: ثنا محمد بن سلمة الحَرَّاني به.
لكن رواه البخاري في خلق أفعال العباد (181)، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الله بن زيد، قال: فأُريَ عبدُ الله بن زيد، فخرج عبد الله،. . . فذكره مختصرًا.
هكذا بإسقاط محمد بن إبراهيم التيمي من الإسناد، وجعل صورته مرسل، بين محمد بن عبد الله بن زيد وأبيه، إن كان محمد بن عبيد بن ميمون حفظه هكذا، فالله أعلم.
قال ابن ماجه في آخر الحديث: قال أبو عبيد: فأخبرني أبو بكر الحكمي، أن عبد الله بن زيد الأنصاري قال في ذلك:
أحمد الله ذا الجلال وذا
…
الإكرام حمدًا على الأذان كثيرا
إذ أتاني به البشير من الله
…
فأكرم به لديَّ بشيرا
في ليالٍ والى بهنَّ ثلاثٍ
…
كلما جاء زادني توقيرا
قال ابن حجر في النكت الظراف (4/ 344 - بحاشية التحفة): "وأبو بكر الحكمي المذكور: من صغار أتباع التابعين، فسنده عن عبد الله بن زيد: معضل؛ لأن عبد الله بن زيد استشهد باليمامة، فلعل ما يكون بين الحكمي وبينه: رجلان".
• وأيًّا كان فرواية الجماعة هي الصواب.
قال الترمذي: "حديث عبد الله بن زيد: حديث حسن صحيح.
وقد روى هذا الحديث: إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق: أتم من هذا الحديث وأطول، وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة.
وعبد الله بن زيد، هو: ابن عبد رَبِّه، ويقال: ابن عبد رَبٍّ، ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان.
وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني: له أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عم عباد بن تميم".
وقال البيهقي في السنن (1/ 390): "وفي كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي، قال: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث -يعني: حديث محمد بن إبراهيم التيمي-؟ فقال: هو عندي حديث صحيح"، وذكره في المعرفة (1/ 446) أيضًا.
وقال الطوسي: "حديث حسن صحيح".
وقال ابن خزيمة (1/ 193/ 372): "سمعت محمد بن يحيى يقول: ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان خبر أصح من هذا؛ لأن محمد بن عبد الله بن زيد سمعه
من أبيه، وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعه من عبد الله بن زيد"، وأسند قول محمد بن يحيى الذهلي هذا أيضًا: البيهقي في السنن الكبرى (1/ 390 و 415 و 421)، وفي الصغرى (1/ 201)، وفي المعرفة (1/ 446)، وفي الخلافيات (1/ 503 - مختصره).
وقال ابن خزيمة في موضع آخر (1/ 197): "وخبر محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، عن أبيه: ثابت صحيح من جهة النقل؛ لأن محمد بن عبد الله بن زيد قد سمعه من أبيه، ومحمد بن إسحاق قد سمعه من محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وليس هو مما دلسه محمد بن إسحاق"، ونقله عنه البيهقي في الخلافيات (1/ 504 - مختصره).
وقال ابن المنذر (3/ 13): "وليس في أسانيد أخبار عبد الله بن زيد إسنادًا أصح من هذا الإسناد، وسائر الأسانيد فيها مقال".
وقال ابن عدي: "لا نعرف له شيئًا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديث الأذان"[التهذيب (2/ 339)].
وقال الدارقطني في السنن (1/ 241): "وحديث ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه: متصل".
وقال الخطابي في المعالم (1/ 131): "روي هذا الحديث والقصة بأسانيد مختلفة، وهذا الإسناد أصحها".
وقال النووي في المجموع (3/ 82): "رواه أبو داود بإسناد صحيح"، وقال في الخلاصة (777):"حديث صحيح".
فإن قيل: بل هو مرسل، لانقطاعه بين محمد بن عبد الله بن زيد وأبيه، قال البيهقي في الخلافيات (1/ 506 - مختصره): "والعلة الجامعة لوهن حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه هذا: أن عبد الله استشهد يوم أحد كما بلغنا، ولا تنفك الرواية عنه من الإرسال.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ: أخبرنا أبو إسماعيل بن محمد،. . . وذكر إسنادًا إلى عبيد الله بن عمر، قال: دخلت ابنة عبد الله بن زيد بن عبد ربه على عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقالت: يا أمير المؤمنين! أنا ابنة عبد الله بن زيد، أبي شهد بدرًا، وقُتل يوم أحد، فقال عمر بن عبد العزيز:
تلك المكارم لا قعبان من لبن
…
شيبًا بماء فعادا بعد أبوالا
سلي ما شئت. قال: فسألت، فأعطى ما سألت.
قال الحاكم أبو عبد الله: فهذه الرواية الصحيحة تصرح بأن أحدًا من هؤلاء لم يلق عبد الله بن زيد بن عبد ربه صاحب الرؤيا، ولم يدرك أيامه، وأن الروايات كلها واهية، ولوهنه تركه محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج؛ فلم يخرجاه في الصحيح".
وقال الحاكم في المستدرك (4/ 348): "وإنما ترك الشيخان حديث عبد الله بن زيد في الأذان والرؤيا التي قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد؛ لتقدم موت عبد الله بن
زيد، فقد قيل: إنه استشهد بأحد، وقيل بعد ذلك بيسير، والله أعلم".
وهو في ذلك قد ناقض نفسه، فقد نقل قبل ذلك -عن الواقدي- في مناقب عبد الله بن زيد (3/ 336) أنه شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،. . . إلى أن قال الحاكم:"وإنما توفي عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان".
قلت: هذه القصة يرويها أبو نعيم في الحلية (5/ 322)، والبيهقي في الخلافيات (1/ 506 - مختصره)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (70/ 273).
من طريق: إبراهيم بن حمزة: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، قال: دخلت ابنة عبد الله بن زيد. . .
وقد صححها الحاكم، وصحح إسنادها إلى عبيد الله بن عمر: الحافظ في الإصابة (4/ 97)، وفي التهذيب (2/ 339).
قلت: أنى لهذا الإسناد بالصحة، وراويه عن عبيد الله بن عمر العمري: عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو: صدوق، إلا أن حديثه عن عبيد الله بن عمر: منكر، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر [وهو: ضعيف] يرويه عن عبيد الله بن عمر [انظر: التهذيب (2/ 593)].
وحضور عبيد الله بن عمر لهذه الواقعة فيه نظر، قال ابن دقيق العيد في الإمام:"والذي يظهر أن في هذه الرواية أيضًا إرسالًا؛ فإن أبا عثمان عبيد الله بن عمر ليس في طبقة من يروي عن عمر بن عبد العزيز مشافهةً ولقاءًا"[نصب الراية (1/ 293)، الجوهر النقي (1/ 421 - حاشية السنن الكبرى للبيهقي)]، وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 199):"وفي صحة هذا نظر؛ فإن عبيد الله بن عمر لم يدرك هذه القصة،. . .، ولو صح ما تقدم للزم أن تكون بنت عبد الله بن زيد صحابية".
قال ابن عساكر معقبًا على هذه القصة: "كذا قال، ولا أعلم عبد الله قتل يوم أحد؛ بل توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، ولا أعلم له بنتًا غير أم حميد بنت عبد الله، وأمها من أهل اليمن، فالله أعلم أهي هي؟ أم غيرها؟ أو بنت ابن له؟ وذلك أشبه بالصواب".
قلت: وتأريخ وفاته بسنة اثنتين وثلاثين، هو المشهور عند المؤرخين، أرخه بها: الواقدي، وابن سعد، وابن أبي عاصم، وابن حبان، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وغيرهم [الطبقات الكبرى (3/ 536)، الآحاد والمثاني (3/ 475). الثقات (2/ 254)، معرفة الصحابة (3/ 1653)، الاستيعاب (1379)، تاريخ دمشق (70/ 273)، وغيرها]، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي وهو ابن أربع وستين، وصلى عليه عثمان بن عفان، وعزا أبو نعيم هذا القول للزهري، ولم أره في التاريخ الأوسط فيمن كان في خلافة عثمان، وإنما ذكره البخاري في عصر من بين الستين إلى السبعين (2/ 813/ 657)، لكنه في ترجمته في التاريخ الكبير (5/ 12) ذكر ما يدل على أنه شهد حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد روى أبان بن يزيد العطار: ثنا يحيى بن أبي كثير، أن أبا سلمة حدثه، أن محمد بن عبد الله بن زيد حدثه، أن أباه شهد النبي صلى الله عليه وسلم عند المنحر، هو ورجل من
الأنصار، فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في ثوبه، فأعطاه، فقسم منه على رجال، وقلم أظفاره، فأعطاه صاحبه، قال: فإنه عندنا مخضوب بالحناء والكتم. يعني: شعره.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 12)، وأبو عوانة (2/ 312/ 3248)، وابن خزيمة (4/ 300 و 301/ 2931 و 2932)، والحاكم (1/ 475)، والضياء في المختارة (9/ 384 و 385/ 353 - 355)، وأحمد (4/ 42)، وابن سعد في الطبقات (3/ 536)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 326/ 993)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 275/ 862)، وابن شاهين في الناسخ (172 - 174)، والبيهقي في السنن (1/ 25)، وفي الشعب (2/ 202/ 1535)، وفي الدلائل (5/ 441)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 340).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
قلت: إسناده صحيح متصل إلى محمد بن عبد الله بن زيد، إلا أن صورته مرسل، إذ من المحتمل أنه كان صغيرًا إذ ذاك؛ فلم يشهد الواقعة، ولا يبعد اتصاله؛ فإن محمدًا قد سمع من أبيه، وعلى فرض إرساله، فإنه حجة في هذا الباب؛ فإن ولد الرجل أعلم بوقت وفاة أبيه من غيره، فلو كان أبوه استشهد في أحد لما خفي عليه ذلك، حتى يحكي عنه أنه أدرك حجة الوداع.
وعلى هذا فالراجح: أنه توفي سنة (32)، في أواخر خلافة عثمان، وعليه: فلا وجه لإنكار سماع ابنه منه، وقد ثبت من طريق صحيح، واعتمد عليه جمع من الأئمة في إثبات السماع، وتصحيح حديث الأذان، وقد تقدم ذكرهم.
• وحاصل القول: فإن حديث عبد الله بن زيد في الأذان -من طريق ابن إسحاق-: حديث صحيح، صححه جمع من الأئمة.
• ولابن إسحاق فيه إسناد آخر:
يرويه إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، قال: وذكر محمد بن مسلم الزهري، عن سعيد بن المسيَّب، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، قال: لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب بالناقوس، يجمع للصلاة الناسَ، وهو له كارهٌ لموافقته النصارى، طاف بي من الليل طائفٌ وأنا نائمٌ، رجلٌ عليه ثوبان أخضران، وفي يده ناقوسٌ يحمله، قال: فقلت له: يا عبد الله، أتبيع الناقوس؟. . . فذكر الحديث بمثل حديث محمد بن إبراهيم التيمي بنفس ألفاظ الأذان -مع تربيع التكبير-، والإقامة، إلى أن قال: قال: فلما أصبحتُ أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بما رأيتُ، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه لرؤيا حق إن شاء الله"، ثم أمر بالتَّأذِين، فكان بلالٌ مولى أبي بكر يُؤَذِّنُ بذلك، ويدعو رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، قال: فجاءه فدعاه ذات غداةٍ إلى الفجر، فقيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائمٌ، قال: فصرخ بلالٌ بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم.
قال سعيد بن المسيَّب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر.
أخرجه أبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام"(1/ 460/ 173)،
وابن خزيمة (1/ 193/ 373)، وأحمد (4/ 42)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (568)، والبيهقي (1/ 415)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 22)، وابن الجوزي في التحقيق (358)، وفي المنتظم (3/ 78).
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 189/ 2162) عن عبدة عن ابن إسحاق به مختصرًا بقصة التثويب فقط.
هكذا رواه ابن إسحاق عن الزهري مسندًا، مع تربيع التكبير، ورواه يونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة [فأرسلوه، يزيد بعضهم على بعض، وألفاظهم متقاربة، مع تثنية التكبير]:
ثلاثتهم [وهم من ثقات أصحاب الزهري]: عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب عن النداء: أن أول من أُرِيَه في النوم رجلٌ من الأنصار، من بني الحارث بن الخزرج، يقال له: عبد الله بن زيد، قال عبد الله بن زيد: بينا أنا نائمٌ إذ أرى رجلًا يمشي، وفي يده ناقوس، فقلت: يا عبد الله! أتبيع هذا الناقوس؟ فقال: ما تريد إليه؟ فقلت: أريد أن أتخذه للنداء بالصلاة، فقال: ألا أخبرك بخير من ذلك؟ قل: الله أكبر الله أكبر،. . . هكذا بتثنية التكبير، والباقي مثل حديث ابن إسحاق في الأذان والإقامة، إلى أن قال ابن المسيب: فاستيقظ عبد الله بن زيد، فجمع عليه ثيابه، ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي أُرِيَ من ذلك، قال ابن المسيب: وأري عمر بن الخطاب مثل ذلك، فأقبل حتى أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي أري من ذلك، وكان أولهما سبق بالرؤيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن زيد الأنصاري، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بالتأذين، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا فأذن بالأذان الأول، ثم بالإقامة. لفظ يونس.
وذكر معمر وشعيب اختلافهم في البوق والناقوس، وفي بعض روايات معمر وشعيب قصة التثويب في الفجر.
أخرجه ابن ماجه (716) مختصرًا. وعبد الرزاق (1/ 455 - 456 و 472/ 1774 و 1820)، وابن سعد (1/ 246)، وابن شبة في أخبار المدينة (2/ 98/ 1649)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 106)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 475/ 1937)، والطبراني في الكبير (1/ 354/ 1078)، وابن شاهين في الناسخ (177)، وابن مخلد البزاز في حديثه عن شيوخه (37)، والبيهقي (1/ 414 و 422)، وابن الجوزي في المنتظم (3/ 79).
قال الحاكم في المستدرك (3/ 335 - 336) عن الواقدي: "وشهد عبد الله بن زيد في السبعين من الأنصار ليلة العقبة -في رواية جميعهم-، وشهد بدرًا، وأحدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت معه راية بني الحارث بن الخزرج في غزوة الفتح، وهو الذي أُري الأذان الذي تداوله فقهاء الإسلام بالقبول، ولم يخرج في الصحيحين لاختلاف الناقلين في أسانيده، وأمثل الروايات فيه: رواية سعيد بن المسيب،
وقد توهم بعض أئمتنا أن سعيدًا لم يلحق عبد الله بن زيد، وليس كذلك فإن سعيد بن المسيب كان فيمن يدخل بين علي وبين عثمان في التوسط، وإنما توفي عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان، وحديث الزهري عن سعيد بن المسيب: مشهور، رواه يونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم،. . .".
وقال البيهقي في الخلافيات (1/ 508): "ومرسل ابن المسيب: أولى بالأخذ به من مراسيل غيره، إذ لا أعلم خلافًا بين أئمة أهل النقل أن أصح المراسيل: مراسيل سعيد بن المسيب، وذكر الواقدي بإسناده عن محمد بن عبد الله بن زيد قال: توفي أبي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه، فإن صح ذلك؛ فيشتبه أن يكون حديث سعيد بن المسيب مسندًا؛ إلا أنه ولد في أول خلافة عمر بن الخطاب، وذهب بعض المحدثين إلى أنه سمع من عمر؛ فلا يبعد سماعه من عبد الله بن زيد؛ إذا صح موته في خلافة عثمان رضي الله عنه، والله أعلم"، وقد صرح بإرساله في المعرفة (1/ 444 و 446).
وقال ابن عبد البر (24/ 24): "رواية معمر ويونس لهذا الحديث عن الزهري عن سعيد كأنها مرسلة، لم يذكرا فيها سماعًا لسعيد من عبد الله بن زيد، وهي محمولة عندنا على الاتصال".
وقال النووي في الخلاصة (816): "رواه ابن ماجه وهو منقطع؛ لم يسمع ابن المسيب بلالًا"[وانظر: البدر المنير (3/ 358)].
وقال ابن حجر في الفتح (2/ 78): "ومنهم من وصله عن سعيد عن عبد الله بن زيد، والمرسل: أقوى إسنادًا".
وقد حكم على رواية سعيد هذه أيضًا بالإرسال: ابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 198)، وابن رجب في الفتح (3/ 403)، وقد تقدم نقل كلامهما تحت الحديث السابق.
قلت: رواية الجماعة من ثقات أصحاب الزهري أولى بالصواب من رواية ابن إسحاق، ففي روايته عن الزهري كلام، فقد ليَّنه في الزهري: أحمد وغيره، فكيف وقد خالف فيه أصحابه الثقات المقدَّمين فيه.
وعليه: فهو حديث مرسل، يحكي فيه ابن المسيب واقعة بدء الأذان في بداية العهد المدني، ولم يشهدها قطعًا، ولم يسندها روايةً عن عبد الله بن زيد، والله أعلم.
وأما رواية ابن ماجه والتي وقع فيها: "عن سعيد بن المسيب عن بلال"، فهي مختصرة سندًا ومتنًا، وهي ظاهرة الانقطاع؛ فإن ابن المسيب لم يدرك بلالًا، فقد ولد بعد موت بلال بسنتين، أو ثلاث، أو خمس.
ومراسيل ابن المسيب: أصح المراسيل، وهو يعضد حديث عبد الله بن زيد، وتربيع التكبير: ثابت صحيح من حديث عبد لله بن زيد.
• وقد روي حديث عبد الله بن زيد في الأذان من طرق أخرى، كلها مرسلة، وفي بعض أسانيدها من ضُعِّف، انظر: موطأ الإمام مالك (1/ 113/ 172)، مستخرج أبي عوانة
(1/ 276/ 965)، المراسيل لأبي داود (19 - 21)، مصنف عبد الرزاق (1/ 456 و 461/ 1775 و 1787)، طبقات ابن سعد (3/ 536)، مسند الشاشي (3/ 36/ 1082)، الناسخ لابن شاهين (190)، حديث ابن مخلد البزاز عن شيوخه (38)، المطالب العالية (3/ 63/ 224).
وهذا غير ما سيأتي تخريجه مفصلًا في موضعه من السنن -إن شاء الله تعالى- برقم (506 و 507 و 512 و 513).
• وقد رُوي حديث عبد الله بن زيد متصلًا أيضًا من حديث بريدة بن الحصيب؛ ولكن لا يصح:
رواه الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 38/ 1085) قال: حدثنا محمد بن علي الوراق: نا أبو سلمة: نا أبو عبد الله: نا علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: أن رجلًا من الأنصار -يقال له: عبد الله بن زيد- دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فرآه حزينًا، وذاك أنه اهتم للصلاة، فأراد أن يجعل ناقوسًا أو بوقًا، فلما رأى من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى، انصرف فقال لأهله: دونكم طعامكم فلا حاجة لي فيه، وأقبل على صلاته حتى أدركه النوم، فأتاه آتٍ في منامه فقال: إن الذي رأيتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيتَ منه، إنما ذاك من أجل الناقوس، فأتِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقل له -ووضع يديه في أذنيه- ثم قال: الله أكبر الله أكبر -مرتين-، حتى أتى على الأذان، ثم قال في الإقامة أيضًا مثلها، مرتين مرتين، فأصبح عبد الله عاديًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد أبا بكر عنده، فلما قضى أبو بكر حاجته، دخلث فقصصتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رأيتُ، فقال:"بذاك دخل أخوك أبو بكر، فانطلِقا إلى بلال فعلِّماه".
وهذا إسناد رجاله ثقات، غير أبي عبد الله.
أبو سلمة هو: التبوذكي، موسى بن إسماعيل المنقري، وهو: ثقة ثبت، وشيخ الشاشي هو: محمد بن علي بن عبد الله بن مهران، حمدان الوراق: ثقة حافظ [الثقات (9/ 143)، سؤالات السلمي (330)، طبقات الحنابلة (8/ 301)، تاريخ بغداد (3/ 61)، المقصد الأرشد (2/ 468)، السير (13/ 49)، التذكرة (2/ 590)].
وأما أبو عبد الله المذكور في هذا الإسناد، فهو: هشام أبو عبد الله، صاحب الصدقة، شيخ مجهول لأبي سلمة التبوذكي، روى عنه أبو سلمة أربعة أحاديث:
حديثين عن علقمة بن مرثد، هذا أحدهما، والآخر: رواه الروياني (1)، والطبراني في الكبير (2/ 22/ 1159)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 435/ 1266)، والبيهقي في الدعوات (248).
وحديثًا عن أبي الزبير عن جابر: رواه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (796)، والطبراني في الدعاء (1956)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (805)، وابن بشران في الأمالي (123)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 230 و 231).
وحديثًا عن شيبة بن الأحنف: رواه ابن عساكر في تاريخه (23/ 246).
وذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 337) هشامًا هذا فيمن روى عن شيبة بن الأحنف، وتبعه المزي في التهذيب (2773)، وابن حجر في تهذيبه (2/ 185).
وروى أيضًا أثرًا عن حميد بن زياد اليمامي: ذكره ابن حبان في الثقات (6/ 191) في ترجمة حميد بن زياد.
ولم أر أحدًا ترجم لأبي عبد الله صاحب الصدقة هذا.
والحاصل: أن أبا عبد الله هذا: قليل الرواية جدًّا، ولم يرو عنه سوى موسى بن إسماعيل المنقري؛ فهو: مجهول.
وقد وهِم في متن هذا الحديث في ثلاثة مواضع: الأول: في جعل الإقامة مثنى مثنى مثل الأذان في أذان بلال، والثاني: بجعل أبي بكر الصديق هو الذي وافق عبد الله بن زيد في رؤياه الأذان، وإنما هو عمر، والثالث: أنه جعل عبد الله بن زيد مسبوقًا بقص الرؤيا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو السابق.
فإن قيل: تابعه عليه أبو حنيفة، فرواه عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه: أن رجلًا من الأنصار مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حزين. . . فذكر الحديث.
أخرجه أبو يوسف في الآثار (85)، والطبراني في الأوسط (2/ 293/ 2020)، وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة (148).
قال الطبراني: "لم يروه عن علقمة بن مرثد إلا أبو حنيفة".
وقال أبو نعيم: "تفرد به أبو حنيفة عن علقمة".
قلت: أبو حنيفة النعمان بن ثابت الإمام: ضعيف في الحديث، ولم يتفرد به، بل تابعه هذا المجهول صاحب الصدقة، فلم يعمل شيئًا، ولا يصح هذا من حديث علقمة بن مرثد، ولا من حديث سليمان بن بريدة، ولا من حديث بريدة بن الحصيب، والله أعلم.
***
500 -
. . . الحارث بن عُبَيْد، عن محمد بن عبد الملك بن أبي مَحْذُورة، عن أبيه، عن جده، قال: قلتُ: يا رسول اللَّه! عَلِّمْني سُنَّةَ الأذان، قال: فمسحَ مُقَدَّمَ رأسي، وقال: "تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، ترفعُ بها صوتَك، ثم تقولُ: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا رسولُ اللَّه، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا رسولُ اللَّه، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح،
فإن كان صلاة الصبح قلتَ: الصلاةُ خيرٌ من النوم، الصلاة خيرٌ من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".
• حديث ضعيف.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 163)، وابن حبان (4/ 578 - 579/ 1682)، وأحمد (3/ 408 - 409)، وابن سعد في الطبقات (4/ 532 - المتمم)، وابن قانع في المعجم (1/ 307)، والطبراني في الكبير (7/ 174/ 6735)، وابن عدي في الكامل (2/ 189)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 394 و 421)، وفي المعرفة (1/ 421 و 448/ 553 و 594)، والبغوي في شرح السنة (2/ 60/ 409)، وابن الجوزي في التحقيق (362)، والمزي في تهذيب الكمال (26/ 23).
رواه عن الحارث بن عبيد: سريج بن النعمان [ثقة، غلِط في أحاديث. التهذيب (1/ 686)، فثنَّى التكبير في أوله، فوهِم، ورواه على الصواب؛ فربَّع التكبير: مسدد بن مسرهد [ثقة حافظ]، والمعلى بن أسد [ثقة ثبت].
قال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 301): "ولا يحتج بهذا الإسناد"، وفسَّره في الأحكام الكبرى (2/ 84) بقوله:"الحارث بن عبيد: يُضعَّف، وقد روى عنه عبد الرحمن بن مهدي، وقال: هو من شيوخنا".
وتعقبه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (3/ 346) بعد ذكر قوله في الأحكام الوسطى، فقال:"ولم يبين علته، وهي الجهل بحال محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة، ولا يُعلَم روى عنه إلا أبو قدامة الحارث بن عبيد، وهو أيضًا: ضعيف،. . ."، ثم ذكر كلام الأئمة فيه.
وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 202): "وفيه محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة، وهو: غير معروف الحال، والحارث بن عبيد: وفيه مقال".
قلت: محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة: ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه هذا في صحيحه، ولم ينفرد بالرواية عنه: الحارث بن عبيد، بل روى عنه أيضًا: سفيان الثوري [انظر: التهذيب (3/ 635)، التاريخ الكبير (1/ 163)، الميزان (3/ 631) وقال: "ليس بحجة، يكتب حديثه اعتبارًا، المغني (2/ 610) وقال: "فيه لين"].
والحارث بن عبيد، أبو قدامة الإيادي: بصري، ليس بالقوي [انظر: التهذيب (1/ 334)، الميزان (1/ 438)، تاريخ ابن معين للدوري (4199 و 4296)، ضعفاء أبي زرعة الرازي (607)، ضعفاء العقيلي (1/ 213)، الكامل (2/ 189)، وغيرها]، ولم ينفرد به، فقد قال ابن عدي:"وقد روى هذا الحديث: إبراهيم بن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة مع الحارث بن عبيد".
وإبراهيم هذا لم أجد من ترجم له.
فهو إسناد لا يحتج به، كما قال الإشبيلي.
• ورواه إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة [ضعيف]: حدثني عبد الملك بن أبي محذورة، أنه سمع أباه أبا محذورة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسيأتي تخريجه بطرقه مفصلًا -إن شاء الله تعالى- تحت الحديث رقم (502).
• ورواه عمر بن قيس [المكي، المعروف بسندل: متروك]، عن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يا أبا محذورة! ثنِّ الأولى من الأذان من كل صلاة، وقل في الأولى من صلاة الغداة: الصلاة خير من النوم".
أخرجه الدارقطني (1/ 238) بإسناد حسن إلى سندل.
• ورواه حبيب بن قيس، عن ابن أبي محذورة، عن أبيه، أنه كان يخفض صوته بالأذان مرة مرة، حتى إذا انتهى إلى قوله: أشهد أن محمدًا رسول الله، رجع إلى قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، فرفع بها صوته مرتين مرتين، حتى إذا انتهى إلى: حيَّ على الصلاة، قال: الصلاة خير من النوم، في أذان الأول في الفجر.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 186/ 2123)، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا سليمان التيمي، عن حبيب به. وعنه: البخاري في التاريخ الكبير (2/ 323).
وحبيب بن قيس هذا: مجهول، لا يعرف إلا بهذا الإسناد، وذكره ابن حبان في الثقات [التاريخ الكبير (2/ 323)، الجرح والتعديل (3/ 108)، الثقات (6/ 177)].
• وهكذا رواه: محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة، وإبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، وعمر بن قيس المكي، وحبيب بن قيس: عن عبد الملك عن أبيه، واختلفوا في سياقه، ولم يرفعه حبيب.
وخالفهم: نافع بن عمر الجمحي [مكي، ثقة ثبت]، والنعمان بن راشد [صدوق، كثير الوهم]:
روياه عن عبد الملك بن أبي محذورة، عن عبد الله بن محيريز الجمحي، عن أبي محذورة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فزادا في الإسناد: عبد الله بن محيريز، بين عبد الملك وأبي محذورة، وهو الصواب، وسيأتي في الحديث رقم (505).
ولعله لهذا السبب أو لغيره لم يثبت البخاري في تاريخه الكبير (5/ 430): سماع عبد الملك من أبيه، والله أعلم.
***