المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌14 - باب في السرج في المساجد - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٥

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌14 - باب في السرج في المساجد

يرويها غيره" وقال أيضًا: "روى إسحاق عن مكحول عن سمرة: أحاديث -مع ما ذكرتها- كلها غير محفوظة" [الجرح والتعديل (2/ 215)، الكامل (1/ 336)، تاريخ دمشق (8/ 194)، تعجيل المنفعة (1/ 28)، اللسان (2/ 50)]، وقال ابن حجر في التعجيل: "ولم يسمع مكحول من سمرة"، قلت: والتاريخ يؤكده؛ فإن بين وفاتيهما ما يزيد على خمس وخمسين سنة، وأقوال الأئمة في عدم سماعه من أكثر من روى عنهم من الصحابة تؤيد ذلك [انظر: المراسيل (211)، تحفة التحصيل (314)، التهذيب (4/ 148)]، والله أعلم.

***

‌14 - باب في السُّرُج في المساجد

457 -

. . . سعيد بن عبد العزيز، عن زياد بن أبي سودة، عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله! أفتنا في بيت المقدس؟ فقال: "ائتوه فصلوا فيه" وكانت البلاد إذ ذاك حَربًا "فإن لم تأتوه وتصلوا فيه؛ فابعثوا بزيتٍ يُسرَجُ في قناديله".

• حديث منكر.

أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 216 - 217/ 8445)، وفي مسند الشاميين (1/ 197/ 344)، وأبو أحمد العسكري في معرفة الصحابة [ذكره السخاوي في البلدانيات]. والبيهقي (2/ 441)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 423)، والمزي في التهذيب (9/ 481)، والسخاوي في البلدانيات (4)، وهو في نسخة أبي مسهر برقم (15).

ولفظه: قالت: قلت: يا رسول الله! أفتنا في بيت المقدس؟ قال: "ائتوه فصلوا فيه" قالت: فكيف؟! والروم إذا ذاك فيه، قال:"فإن لم تستطيعوا؛ فابعثوا بزيتٍ يُسرَجُ في قناديله".

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن عبد العزيز إلا الوليد" يعني: ابن مسلم.

قلت: رواه عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي: مسكين بن بكير الحراني، وأبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني، ومروان بن محمد الطاطري، والوليد بن مسلم الدمشقي، واختلف على الأخير:

أ- فرواه الهيثم بن خارجة [المرُّوذي، نزيل بغداد: صدوق]، ومحمد بن بكير [الحضرمي، البغدادي، نزيل أصبهان: صدوق يغلط]: روياه عن الوليد بن مسلم به مثل الجماعة. [طس. شاميين].

ب- وخالفهما: ابن أبي السري [هو: محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن العسقلاني: صدوق، كثير الغلط. التهذيب (3/ 686)، الميزان (4/ 23)] قال: نا الوليد بن

ص: 376

مسلم، عن سعيد بن عبد العزيز، عن زياد بن أبي سودة، عن أخيه، عن ميمونة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيت المقدس؟ قال: "ائتوه فصلوا فيه" فقلت: فمن لم يستطع أن يأتيه؟ قال: "فليهد إليه زيتًا يسرج في قناديله".

أخرجه ابن عساكر في تاريخه (33/ 423).

قلت: فهذه الزيادة في الإسناد: "عن أخيه": وهم من ابن أبي السري، في حديث الوليد، والله أعلم.

وروى البيهقي في الشعب (3/ 495/ 4176) بإسناد صحيح إلى: عبد الله بن بحر الخلال: نا رديح بن عطية أبو الوليد: نا سعيد بن عبد العزيز الدمشقي، وعثمان بن عطاء، عن زياد بن أبي سودة، عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يأت بيت المقدس فصلى؛ فليبعث بزيت يسرج فيه".

قال السخاوي في البلدانيات (ص 66): "ووصفت ميمونة في هذه الرواية بأنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: وهم".

قلت: هذه رواية منكرة؛ بزيادة عثمان بن عطاء الخراساني في الإسناد مقرونًا بسعيد بن عبد العزيز، وبجعل ميمونة هي: بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، وإنما هي: بنت سعد، مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما خالف في سياق المتن.

ولا أدري ممن هذه الأوهام؟

فعبد الله بن بحر هذا إنما هو: عبد الرحمن بن بحر البصري أبو علي الخلال، قد تصحف اسمه، روى له النسائي في المجتبى (8/ 80/ 4934) متابعة، روى عنه جماعة، ولم يوَثَّق، وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 217) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا [وانظر: تهذيب الكمال (16/ 542)، تهذيب التهذيب (2/ 490)، التقريب (358) وقال:"مقبول"].

ورديح بن عطية: صدوق يغرب، والله أعلم.

قال السخاوي في البلدانيات بعد حديث سعيد: "هذا حديث حسن"، ثم قال: "وسكت عليه أبو داود؛ فهو على قاعدته: صالح.

ولم ينفرد به سعيد؛ فقد رواه كذلك معاوية بن صالح عن زياد".

• قلت: تابع سعيدَ بن عبد العزيز [وهو: ثقة ثبت إمام] على هذا الإسناد، وزاد في المتن.

معاويةُ بن صالح [الحمصي: صدوق، له أوهام]، رواه عن زياد بن أبي سودة، عن ميمونة -وليست بميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله! أفتنا عن بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن الصلاة فيه كألف صلاة" قالت: أرأيت من لم يطق أن يتحمل أن يأتيه؟ قال: "فإن لم يطق ذلك؛ فليهد إليه زيتًا يسرج فيه، فمن أهدي اليه كان كمن صلى فيه".

ص: 377

أخرجه الطحاوي في المشكل (1/ 447/ 435 و 436 - تحفة)، والطبراني في الكبير (25/ 32/ 54)، وفي مسند الشاميين (3/ 137/ 1947)، وعنه: أبو نعيم في المعرفة (6/ 3442/ 7835)، والمزي في التهذيب (9/ 482).

من طرقٍ عن عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية به.

• قال أبو نعيم: "وخالفهما: ثور بن يزيد، ويزيد بن يزيد بن جابر، فقالا: عن زياد، عن أخيه عثمان بن أبي سودة، عن ميمونة".

وقال السخاوي في البلدانيات: "لكن رواه ثور بن يزيد، وصدقة بن يزيد، ويزيد بن يزيد بن جابر، كلهم: عن زياد؛ بإثبات عثمان أخي زياد بينهما.

فحديث صدقة: عند الطبراني في الكبير، وحديث ثور: عنده أيضًا، وكذا عند أحمد في مسنده، وابنه عبد الله في زوائده، وابن ماجه في سننه، كلهم: من حديث عيسى بن يونس عنه".

• قلت: لم أقف على من أخرج حديث يزيد بن يزيد بن جابر [وهو: الأزدي، الدمشقي، ثقة].

• وأما حديث صدقة بن يزيد [وهو: الخراساني، ثم الشامي، نزيل الرملة، ضعيف.

تاريخ دمشق (24/ 37)، اللسان (4/ 315)، وغيرهما]: فالذي يظهر لي أنه هو الذي رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 216/ 3448)، والطبراني في الكبير (25/ 33/ 56):

من طريق محمد بن أبي السري العسقلاني: ثنا رواد بن الجراح: عن صدقة بن صدقة، عن ثور بن يزيد، عن زياد بن أبي سودة، عن أخيه، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. . . مثل حديث معاوية بن صالح.

فإني لم أقف لصدقة بن صدقة هذا على ترجمة، أو رواية إلا في هذا الموضع، بينما صدقة بن يزيد الخراساني: مشهور، يروي عن طبقة زياد بن أبي سودة، ويروي عنه رواد بن الجراح، وكلام السخاوي يدل على أن رواية الطبراني المذكورة آنفًا إنما هي من طريق صدقة بن يزيد عن زياد بن أبي سودة؛ فالذي يظهر لي أن عبارة:"صدقة عن ثور بن" مقحمة في إسناد الآحاد والمعجم، فيصير الإسناد بعد التصحيح: محمد بن أبي السري العسقلاني: ثنا رواد بن الجراح: عن صدقة بن يزيد، عن زياد بن أبي سودة، عن أخيه، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ومما يزيد ذلك تأكيدًا: أن حديث ثور بن يزيد إنما يعرف من حديث عيسى بن يونس وحده، ولم يتابعه عليه صدقة، والله أعلم.

• وأما حديث ثور بن يزيد [الحمصي، ثقة ثبت]:

فيرويه عيسى بن يونس، قال: ثنا ثور بن يزيد، عن زياد بن أبي سودة، عن أخيه، أن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس؟ فقال: "أرض المنشر والمحشر، ائتوه فصلوا فيه؛ فإن صلاةً فيه كألف صلاةٍ فيما سواه" قالت: أرأيت من لم

ص: 378

يطق أن يتحمل إليه، أو يأتيه؟ قال:"فليهد إليه زيتًا يسرج فيه؛ فإن من أهدى له كان كمن صلى فيه".

أخرجه ابن ماجه (1407)، وأحمد (6/ 463)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (6/ 463)، وإسحاق بن راهويه (5/ 106/ 2211)، وأبو يعلى (12/ 523/ 7088)، والطحاوي في المشكل (1/ 447/ 434 - تحفة)، والطبراني في الكبير (25/ 33/ 55)، وفي مسند الشاميين (1/ 271/ 471)، وأبو نعيم في المعرفة (6/ 3443/ 7836)، والضياء في فضائل بيت المقدس (17)، وابن عساكر في تاريخه (4/ 310)، والمزي في التهذيب (9/ 482).

قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (5/ 533): "وأظن أن زيادًا لم يسمعه من ميمونة، وإنما بينه وبينها أخوه عثمان. . . ثم قال: ففي هذا أن رواية سعيد بن عبد العزيز التي ذكر أبو داود: منقطعة. . .".

وقال الذهبي في الميزان (2/ 90): "رواه سعيد بن عبد العزيز عن زياد عنها، فهذا منقطع؛ رواه ثور بن يزيد عن زياد متصلًا".

وقال العلائي في جامع التحصيل (178) عن زياد بن أبي سودة: "وعن ميمونة خادم النبي صلى الله عليه وسلم حديث: "ابعثوا بزيت يسرج في قناديله" عن المسجد الأقصى، والصحيح: أنه عن أخيه عثمان عن ميمونة" وانظر: تحفة التحصيل (115).

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/ 14): "وإسناد طريق ابن ماجه صحيح، رجاله ثقات، وهو أصح من طريق أبي داود؛ فإن بين زياد بن أبي سودة وميمونة: عثمان بن أبي سودة، كما صرح به ابن ماجه في طريقه، وكما ذكره العلائي صلاح الدين في المراسيل".

وقال المزي في التهذيب (9/ 480) لما ذكر رواية زياد عن ميمونة: "والصحيح: عن أخيه عثمان عنها" وانظر: التهذيب (1/ 649)، الجوهر النقي (2/ 441).

قلت: الذي يظهر لي أنه يقال في مثل هذا: أن زياد بن أبي سودة قد رواه على الوجهين، مرة بإثبات أخيه عثمان، ومرة بإسقاطه، فإن كلًّا من ثور بن يزيد وسعيد بن عبد العزيز: ثقة ثبت، وإن كان سعيد أثبت من ثور، وأرفع منه قدرًا؛ إلا أن ثورًا ثقة حافظ تقبل زيادته، وقد توبع عليها، فدلت روايته على انقطاع رواية سعيد، والله أعلم.

• وممن وهم في هذا الإسناد على ثور:

أ- قال الطبراني في مسند الشاميين (1/ 472/ 271): حدثنا موسى بن أبي حسين الواسطي: ثنا سعيد بن عبد الحميد الواسطي: ثنا يزيد بن هارون، عن أصبغ بن زيد، عن ثور بن يزيد، عن زياد بن أبي سودة، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله.

قال الطبراني: "ولم يذكر في الإسناد: عن زياد عن أخيه".

قلت: وهم فيه أصبغ بن زيد، وهو: ليس به بأس، له غرائب وإفرادات، يخطئ كثيرًا [التهذيب (1/ 183)، الميزان (1/ 270)]، والمحفوظ: ما رواه عيسى بن يونس عن ثور.

ص: 379

وسعيد بن عبد الحميد الواسطي: لم أقف له على ترجمة، وليس هو: ابن جعفر، ولا ابن قيس، ولا ابن إسحاق؛ فالأول: أنصاري مدني واسمه: سعد، والثاني: رازي، والثالث: نيسابوري.

وأما موسى بن أبي حسين الواسطي: شيخ الطبراني، فهو: ابن أبي حصين بالصاد، بدل السين، لم أر من ترجم له سوى ابن ماكولا في الإكمال (2/ 481) حيث قال:"حدث عن أبي الشعثاء علي بن الحسن الواسطي، روى عنه الطبراني"، وانظر: المعجم الصغير (2/ 232/ 1083)، المعجم الأوسط (8/ 210 - 213/ 8425 - 8435)، فلا أرى مثل هذا يصح عن يزيد بن هارون!

ب- قال ابن حجر في المطالب العالية (7/ 177/ 1334): وقال أبو يعلى: حدثنا عمرو بن الحصين: ثنا يحيى بن العلاء: ثنا ثور بن يزيد، عن زياد بن أبي سودة، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قالت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله!. . . فذكره بمثل حديث ثور.

أخرجه من طريق أبي يعلى: الضياء في فضائل بيت المقدس (16).

قال الضياء: "كذا روى هذا الحديث: عمرو بن الحصين عن يحيى بن العلاء، وكلاهما لا يحتج بحديثه، والمعروف: حديث ميمونة بنت سعد مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست بابنة الحارث".

وقال ابن حجر: "قلت: عمرو وشيخه: ضعيفان جدًّا، وهذا الإسناد خطأ، إنما رواه زياد بن أبي سودة عن أخيه عثمان عن ميمونة رضي الله عنها، وليست زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فخبط يحيى أو عمرو في إسناده، وهو عند أبي داود وابن ماجه على الصواب" كذا قال، وقال نحوه البوصيري في الإتحاف (2/ 346/ 1090)، والسخاوي في البلدانيات (ص 66).

وهو كما قالوا، عمرو ويحيى: متروكان، ويحيى: كذبه أحمد وغيره، ورمي بالوضع.

• وأخيرًا، فإن هذا الحديث قواه جماعة، منهم:

• النووي: قال في المجموع (8/ 257): "ورواه ابن ماجه بإسناد لا بأس به، ورواه أبو داود مختصرًا. . . في كتاب الصلاة بإسناد حسن"، وقال في الخلاصة (883):"رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن".

• العراقي: قال في المغني (1/ 198) بعد أن عزاه لابن ماجه: "بإسناد جيد".

• السخاوي: قال في البلدانيات: "هذا حديث حسن".

وانظر أيضًا: البدر المنير (9/ 513)، كشف الخفاء (929).

لكن قال ابن حجر في الإصابة (8/ 130) نقلًا عن ابن السكن قوله في ميمونة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رُوى عنها حديث واحد في فضل بيت المقدس: فيه نظر".

قلت: نعم، هو حديث فيه نظر، وإن كان رجاله قد وثقوا!

ص: 380

عثمان بن أبي سودة المقدسي: لم يذكر فيه البخاري ولا ابن أبي حاتم جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه:"حدثني محمود بن خالد، قال: سمعت مروان بن محمد يقول: عثمان بن أبي سودة، وزياد بن أبي سودة، من أهل بيت المقدس: ثقتان، ثبتان"، وقال يعقوب بن سفيان:"ثقة"، وكذا قال ابن حجر. لكن قال ابن القطان الفاسي:"لا تعرف حاله"، وقال الذهبي:"في النفس شيء من الاحتجاج به"[التاريخ الكبير (6/ 226)، الجرح والتعديل (6/ 153)، الثقات (5/ 154)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (668 و 1701)، المعرفة والتاريخ (2/ 273)، تاريخ دمشق (38/ 370)، بيان الوهم والإيهام (3/ 600/ 1403) و (5/ 535/ 2769)، الميزان (3/ 35)، التهذيب (3/ 63)، التقريب (419)].

ولا يعرف له سماع من ميمونة بنت سعد.

وزياد بن أبي سودة: يقال فيه مثل ما قيل في أخيه عثمان، إلا أن يعقوب بن سفيان لم يوثقه [التاريخ الكبير (3/ 357)، الجرح والتعديل (3/ 534)، الثقات (4/ 260)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (668 و 1701)، بيان الوهم والإيهام (5/ 535/ 2769)، الميزان (2/ 95)، التهذيب (1/ 649)، التقريب (208)].

• وممن تكلم في هذا الحديث أيضًا إضافة إلى ابن السكن:

• عبد الحق الإشبيلي: قال في الأحكام الوسطى (1/ 298): "ليس هذا بقوي".

• ابن القطان الفاسي: قال في بيان الوهم (5/ 535): "هو كذلك غير صحيح، فإنا كما لم نعلم حال عثمان، فكذلك لم نعلم حال زياد، كلاهما ممن يجب التوقف عن روايتهما حتى يثبت من أمرهما ما يغلب على الظن صدقهما، فإن صح توسط عثمان بين زياد وميمونة فقد اجتمعا فيه؛ فهو أحرى بأن لا يصح".

• الذهبي: قال في الميزان (2/ 90) في ترجمة زياد: "هذا حديث منكر جدًّا".

رواه سعيد بن عبد العزيز عن زياد عنها، فهذا منقطع؛ رواه ثور بن يزيد عن زياد متصلًا، قال عبد الحق: ليس هذا الحديث بقوي، وقال ابن القطان: زياد وعثمان ممن يجب التوقف عن روايتهما.

قلت [القائل الذهبي]: وميمونة هذه يقال: بنت سعد، ويقال: بنت سعيد، لها في السنن أربعة أحاديث، والأربعة منكرة:

فالأول: قلناه.

والثاني: قال: "ولد الزنا لا خير فيه".

والثالث: فيمن قبل زوجته في رمضان، قال:"أفطر".

والرابع: "مثل الرافلة في الزينة".

ثم ما أدري أهل سمع سعيد بن عبد العزيز من زياد، أو دلسه بعن؟ وقد رواه ثور بن يزيد ومعاوية بن صالح عن زياد وما فيه: قلت: وكيف والروم فيه؟ بل لفظهما: قلت:

ص: 381

أرأيت من لم يطق أن يتحمل إليه؟ وزادا: "فإن صلاة فيه كألف صلاة" هكذا أخرجه أحمد وابن ماجه" اهـ كلامه.

قلت: زاد لها الطبراني في معجمه الكبير (25/ 35 - 38/ 59 - 69) على هذه الأربعة: عشرة أحاديث، بإسناد واحد، قال الطبراني: حدثنا أحمد بن النضر العسكري: ثنا إسحاق بن زريق الراسبي: ثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: ثنا عبد الحميد بن يزيد، عن آمنة بنت عمر بن عبد العزيز، عن ميمونة بنت سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ لغرابته، وجهالة رواته، وفيهم من ضُعِّف، وقد تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (227)، وغيره، وفيها ما يستنكر، وعلى هذا فلا يصح لها حديث فيما يظهر، والله أعلم.

وقال الذهبي في "المهذب في اختصار السنن الكبير للبيهقي"(2/ 869/ 3826): "وهذا خبر منكر؛ وكيف يسوغ أن يبعث بزيت ليسرجه النصارى على التماثيل والصلبان؟! وأيضًا: فالزيت منبعه من الأرض المقدسة، فكيف يأمرهم أن يبعثوا به من الحجاز محل عدمه إلى معدنه؟! ثم إنه عليه السلام لم يأمرهم بوقيد ولا بقناديل في مسجده ولا فعله، وميمونة: لا يدرى من هي، ولا يعرف لعثمان سماع منها".

فلله درُّ هذا الإمام الناقد البصير، ومما يشهد لكلامه: ما جاء في حديث أبي برزة: وكان يصلي الصبح وما يعرف أحدنا جليسه [تقدم برقم (398)]، فلو كان المسجد مُسرجًا لعرف بعضهم بعضًا، والله أعلم.

• فإن قيل: لهذا الحديث إسناد آخر يقويه:

قال السخاوي في البلدانيات (66 - 67): "ورواه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن ثور، فقال: عن مكحول، أن ميمونة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيت المقدس؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "نعم المسكن بيت المقدس، ومن صلى فيه صلاة كانت بألف صلاة فيما سواه" قالت: فمن لم يطق ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: "فليهد زيتًا".

وهذا مرسل، فظاهره شهود مكحول سؤال ميمونة رضي الله عنها، وعلى تقدير روايته له عنها فهو لم يسمع منها، والذي قبله أصح".

قلت: محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، هو: محمد بن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي، وليس هو: القرشي العامري المديني، فإنه تابعي، من الطبقة الثالثة، وأما الدمشقي هذا فإنه من الطبقة التاسعة تقريبًا، وهو: لا يكاد يعرف، ولعل الراوي عنه هو ذاك الذي ترجم له أبو نعيم في مقدمة مستخرجه على مسلم (1/ 85/ 262) فقال:"الوليد بن الوليد القيسي: روى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان موضوعات".

فلا أراه يصح عن مكحول، وإنما يرويه ثور عن زياد بن أبي سودة، لا عن مكحول.

• والخلاصة: فإن حديث ميمونة هذا: حديث منكر، كما قال الذهبي رحمه الله تعالى.

ص: 382

وأصح ما ورد في التضعيف المتعلق بالمساجد الثلاثة: ما اتفق عليه الشيخان [البخاري (1190)، مسلم (1394)] من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه؛ إلا المسجد الحرام".

وأخرج مثله مسلم من حديث ابن عمر (1395)، وميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (1396) وفيه قصة.

• ومما وقفت عليه مما روي في فضل إسراج المساجد:

1 -

قال الحارث بن أبي أسامة في مسنده [زوائد الهيثمي (127)]، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتابه "العرش" (34): حدثنا إسحاق بن بشر [قال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو يعقوب الكاهلي]: ثنا أبو عامر الأسدي مهاجر بن كثير، عن الحكم بن مصقلة العبدي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجًا؛ لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له، ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج". لفظ الحارث.

وهذا حديث موضوع.

الحكم بن مصقلة العبدي: قال البخاري: "عنده عجائب"، وقال الأزدي:"كذاب"[انظر: الميزان (1/ 580) وحكم على هذا الحديث بالوضع. اللسان (3/ 255)].

ومهاجر بن كثير: قال أبو حاتم والأزدي: "متروك الحديث"[انظر: ضعفاء ابن الجوزي (3/ 143)، اللسان (8/ 176)].

وإسحاق بن بشر، هو: ابن مقاتل، أبو يعقوب الكاهلي الكوفي: كذاب، وهو في عداد من يضع الحديث [انظر: اللسان (2/ 46)]، قال الذهبي في الميزان (1/ 580) بأن الآفة في هذا الحديث منه [وانظر: مجموع الفتاوى (18/ 128)، الفوائد الموضوعة (162)، الفوائد المجموعة (26)، المقاصد الحسنة (1059) وقال:"سنده ضعيف"، وعزاه لأبي الشيخ في الثواب. كشف الخفاء (2371)، تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (2/ 59) وعزاه لأبي الفتح سليم بن أيوب الرازي في كتابه "الترغيب" من طريق الحارث به. وكذا السيوطي في الدر المنثور (4/ 143 - 144)].

2 -

قال الطبراني في مسند الشاميين (2/ 273/ 1327): أخبرنا خير بن عرفة: ثنا هانئ بن المتوكل: ثنا خالد بن حميد، عن مسلمة بن علي، عن عبد الله بن مروان، عن نعمة بن دفين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من علق في مسجد قنديلًا صلى عليه سبعون ألف ملك؛ ما دام ذلك القنديل يقد، ومن بسط في مسجد حصيرًا صلى عليه سبعون ألف ملك واستغفروا له؛ ما دام في ذلك المسجد من ذلك الحصير شيء".

هذا خبر باطل.

نعمة بن دفين: قال البخاري في التاريخ الكبير (8/ 129): "يعد في الشاميين، يروي عن أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم، في صلاة الضحى: منكر، روى عنه: عبد الله بن مروان".

ص: 383

فهو وأبوه: مجهولان، يرويان المنكرات [انظر: اللسان (4/ 288) و (8/ 288) ترجمة: صالح بن الصباح، ونعمة بن عبد الله].

وعبد الله بن مروان: فلم أعرفه؛ إلا أن يكون: أبا العنبس الكوفي الأكبر، الذي روى عنه شعبة، ولا أظنه هو [وانظر: اللسان (4/ 288)].

ومسلمة بن علي: الذي يظهر لي أنه: الخشني، فإن كان هو، فهو: متروك، منكر الحديث، أحاديثه غير محفوظة [انظر: التهذيب (4/ 76)، الميزان (4/ 109)].

وخالد بن حميد، هو: المهري: لا بأس به.

وهانئ بن المتوكل الإسكندراني أبو هاشم: قال ابن حبان في المجروحين (3/ 97): "كان يُدخل عليه لما كبر، فيجيب، فكثر المناكير في روايته، فلا يجوز الاحتجاج به بحال"

[وانظر: سؤالات أبي زرعة (2/ 729)، الجرح والتعديل (9/ 102)، اللسان (8/ 319)].

وخير بن عرفة: نعته الذهبي في السير (13/ 413) بالمحدث الصدوق [وانظر: تاريخ دمشق (17/ 76)، تاريخ الإسلام (21/ 174)].

3 -

أخرج ابن حبان في المجروحين (2/ 126)(2/ 108 - ط حمدي السلفي)، والسهمي في تاريخ جرجان (131)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (63/ 152)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 405/ 682)، والرافعي في التدوين (4/ 17):

من طريق: عاصم بن سليمان الكوزي، قال: حدثنا برد بن سنان [وقع في التدوين وتاريخ جرجان: "ثور بن يزيد" بدل: "برد بن سنان"]، عن مكحول، عن الوليد بن العباس، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة، ومن علق فيه قنديلًا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يطفأ ذلك القنديل، ومن بسط فيه حصيرًا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يتقطع ذلك الحصير، ومن أخرج منه قذاة كان له كفلان من الأجر".

ذكره ابن حبان في ترجمة الكوزي، وقال:"وهو صاحب حديث: شرب الماء على الريق يعقد الشحم، يرويه عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن روى مثل هذا كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب".

وعاصم بن سليمان الكوزي البصري: هو المتهم بهذا الحديث الموضوع أيضًا؛ فإنه: كذاب، يضع الحديث [انظر: اللسان (4/ 368)].

قال الذهبي في الميزان (2/ 350): "فعلمنا بطلان هذا؛ بأن النبي صلى الله عليه وسلم مات ولم يوقد في حياته في مسجده قنديل، ولا بُسط فيه حصير، ولو كان قال لأصحابه هذا لبادروا إلى هذه الفضيلة".

وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح، قال الفلاس: كان عاصم بن سليمان يضع الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال الدارقطني: كذاب".

والراوي عن الكوزي هذا: عمرو بن صبيح: لا يعرف [انظر: الجرح والتعديل (6/ 241)].

ص: 384