الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول (تعريف الصلاة)
لغة: الدعاء بخير، بدليل قوله تعالى:(وصلّ عليهم)(1) أي ادع لهم وأنزل رحمتك عليهم.
وشرعاً: قربة (2) فعلية (3) ذات إحرام وسلام، أو أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، وقيل هي سجود (فتشمل سجود التلاوة فهو صلاة) .
(1) التوبة: 103.
(2)
القربة: ما يتقرب به إلى الله تعالى.
(3)
فعليه: ما يشمل أفعال الجوارح من ركوع وسجود وفعل اللسان من قراءة وذكر وعمل قلب من خشوع وخضوع.
حكمها:
فرض، ودليل فرضيتها من الكتاب قوله تعالى:(إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً)(1) . أي مفروضاً بوقت معلوم، وقد فرضت الصلاة بمكة ليلة الإسراء قبل الهجرة. ومن السنة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)(2) .
وقد أجمعت الأمة على فرضيتها، فمن أنكر ذلك فهو مرتد عن دين الإسلام بلا خلاف
⦗ص: 134⦘
(1) النساء: 103.
(2)
مسلم: ج-1/ كتاب الإيمان باب 5/21.
عدد الصلوات المفروضة: خمس، قال تعالى:(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)(1)، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)(2)، وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للسائل عن الإسلام:(خمس صلوات في اليوم والليلة. فقال: هل عليّ غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطَّوَّع)(2) . وروى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يأتِ بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة)(4) .
(1) الحشر: 7.
(2)
مسلم: ج-1 /كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 51/283.
(3)
مسلم: ج-1/ كتاب الإيمان باب 2/8.
(4)
أبو داود: ج-2/ كتاب الصلاة باب الوتر/1420.
حكم تارك الصلاة:
-1ً- من تركها متهاوناً بها معتقداً بوجوبها وجب قتله، لقوله تعالى:(فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)(1) مما يدل على أنهم إذا لم يقيموا الصلاة يقتلون، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا على قتال مانعي الزكاة، والصلاة آكد منها، ولكن لا يقتل تاركها حتى يستتاب ثلاثة أيام ويُضيَّق عليه ويدعى إلى فعل كل صلاة في وقتها ويقال له: إما أن تصلي وإما أن تقتل، فإن تاب ترك وإلا قتل بالسيف. والتساؤل هنا هل قتله حد أو بسبب كفره فهناك روايتان، الأولى: لكفره فهو كالمرتد في أحكامه لحديث جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 135⦘
يقول: (إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)(2) ، ولأن الصلاة لا تسقط عن المكلف بنيابة شخص ولا مال، فيكفر تاركها كالشهادتين وهذا الرأي هو المعتمد.
والرواية الثانية: أنه يقتل حداً كالزاني المحصن، للحديث المتقدم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: (خمس صلوات كتبهن الله
…
ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد: إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة) (3) فلو اعتبر كافراً لما دخل في حكم المشيئة وفق ما ورد في الحديث، ولما روي عن عبادة بن الصامت أيضاً رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار) (4)، وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(يخرج من النار من قال لا إله إلا الله)(5) .
-2- من جحد وجوبها فهو مرتد وتجري عليه أحكام المرتد ويقتل بعد استتابته ثلاثة أيام إن لم يتب ويكون قتله كفراً بإتفاق.
(1) التوبة: 5.
(2)
مسلم: ج-1/ كتاب الإيمان باب 35/134.
(3)
أبو داود: ج-2/ كتاب الصلاة باب 337/1420
(4)
الترمذي: ج-5/ كتاب الإيمان باب 17/2638.
(5)
ابن ماجة ج-2/ كتبا لزهد باب 37/4312.
أوقات الصلاة
أولاً صلاة الظهر:
أول وقتها: هو زوال الشمس، لما روى أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه قال:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس)(1) أي عندما تكون الشمس في منتصف السماء عمودية على الأرض تقريباً.
وآخر وقتها: إذا صار ظل كل شيء مثله، مضافاً إليه القدر الذي زالت الشمس عليه، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمَّني جبريل
⦗ص: 136⦘
عليه السلام عند البيت مرتَيْن، فصلى الظهر في الأولى منها حين كان الفيء مثل الشراك (2) ، ثم صلى العصر حين كان كلُّ شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين بَرَقَ الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كلّ شيء مثله، لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كلّ شيء مِثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إليَّ جبريل فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك؛ والوقت بين هذين الوقتين" (3) . ويعرف زوال الشمس بطول الظل بعد تناهي قصره. والأفضل تعجيلها في أول الوقت إلا في شدة الحر فيستحب الإبراد بها، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اشتد الحر فأبرِدوِا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم (4) ، وإلا مع الغيم لمصلِ في جماعة يؤخرها لقرب وقت العصر.
(1) البخاري: ج-1/ كتاب مواقيت الصلاة باب 10/516.
(2)
أي استبان الفيء في أصل الحائط من الجانب الشرقي عند الزوال فصار في رؤية العين كقدر الشراك والشراك هو سير النعل الذي على ظهر القدم.
(3)
الترمذي: ج-1/ كتاب الصلاة باب 113/149.
(4)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 32/180.
ثانياً صلاة العصر: وهي الوسطى، لما روي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً)(1) .
أ- وقت اختيار: ويبدأ من أول وقتها إذا صار الظل كل شيء مثله سوى ظل الزوال، ويستمر إلى أن يصبح ظل كل شيء مثليه سوى ظل الزوال، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم: (ثم صلى العصر حين كل شيء مثل
⦗ص: 137⦘
ظله
…
وصلى المرة الثانية
…
العصر حين كان ظل كل شيء مثليه) . وعن الإمام أحمد: أن آخر وقت العصر ما لم تصفر الشمس لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(وقت العصر ما لم تصفر الشمس)(2) فينتهي وقت الاختيار.
ب- وقت جواز (وقت ضرورة) : ويستمر إلى وقت غروب الشمس، ومن أدرك جزءاً منها قبل الغروب فقد أدركها، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك)(3) .
ج- وقت فضيلة والأفضل تعجيلها في أول الوقت لحديث أبي برزة رضي الله عنه عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
…
وكان يصلي الظهر حين تزول الشمس والعصر، يذهب الرجل إلى أقصى المدينة، والشمس حية..) (4) .
(1) مسلم: ج-1/ كتاب المساجد باب 36/205.
(2)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 31/173.
(3)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 30/165.
(4)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 40/235.
ثالثاً: صلاة المغرب:
أول وقتها: إذا غربت الشمس.
آخره: إذا غاب الشفق الأحمر، لحديث بريدة رضي الله عنه أن رجلاً سأل عن وقت الصلاة وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً حين غابت الشمس
…
فلما أن كان اليوم الثاني
…
صلى المغرب قبل أن يغيب الشفق ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله. قال: وقت صلاتكم ما بين ما رأيتم) (1) وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
…
ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق) (2) .
⦗ص: 138⦘
ويكره تأخير صلاة المغرب عن أول وقتها، لأن جبريل عليه السلام صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في المرتين في أول وقتها، وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة. والعصر والشمس نقية. والمغرب إذا وجبت (3)
…
) (4) . إلا ليلة جمع لنحرم قصد المزدلفة فيجمع المغرب مع العشاء جمع تأخير، أما إذا وصل إلى مزدلفة قبل الغروب فيصلي كلاً من المغرب والعشاء على حدة. ويسن تأخيرها في الغيم لمصل في جماعة.
(1) مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 31/176.
(2)
مسلم: ج-1/ المساجد باب 31/173.
(3)
وجبت الشمس أي غابت.
(4)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 40/233.
رابعاً: صلاة العشاء:
أول وقتها: إذا غاب الشفق الأحمر.
وآخره: إلى طلوع الفجر الثاني.
ولها وقت اختيار: من غياب الشفق إلى ثلث الليل الأول، لحديث بريدة رضي الله عنه وفيه: (فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره
…
فلما أن كان اليوم الثاني أمره.... وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث الليل) (1)، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة)(2) . وعن الإمام أحمد: آخره الوقت المختار نصف الليل الأول، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلوات؟ فقال:
…
ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل) (3) .
والأفضل تأخير صلاة العشاء، لما روى أبو برزة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء إلى ثلث الليل، ويكره النوم قبلها، والحديث
⦗ص: 139⦘
بعدها) (4) ويستحب أن يراعي الإمام حال المأمومين، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر: والعشاء أحياناً يؤخرها وأحياناً يعجل، كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم أبطأوا آخَّر)(5) .
أما وقت الجواز أو الضرورة فيستمر إلى طلوع الفجر الثاني.
(1) مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 31/176.
(2)
البيهقي: ج-1/ ص-373.
(3)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 31/174.
(4)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 40/237.
(5)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 40/233.
خامساً: صلاة الفجر:
أول وقتها: طلوع الفجر الثاني، وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق معترضاً لا ظلمة بعده.
وآخر وقته: إذا طلعت الشمس.
وقت اختيار: من طلوع الفجر إلى الإسفار، لما روى بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: (
…
ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر. فلما أن كان اليوم الثاني: صلى الفجر فأسفر بها ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم) (1) ، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم عن صلاة جبريل عليه السلام.
والأفضل تعجيلها، لما روت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:(لقد كان نساء من المؤمنات يشهد الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتَلَفِّعاتٍ بمُرُوطهنَّ ثم ينقلبن إلى بيوتهن وما يُعْرفْن. من تغليس (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة) (3) . وعن الإمام أحمد: أنه يُراعى حال المأمومين فإن أسفروا فالإسفار أفضل كما ذكرنا في العشاء.
⦗ص: 140⦘
حالة من شك بدخول الوقت: لا يصلي حتى يتيقن أو يغلب على ظنه دخول الوقت، فإن أخبره ثقة عن علم عمل به وإن أخبره عن اجتهاد لا يقلده، ويجتهد حتى يغلب على ظنه دخول الوقت، وإن صلى فبان أنه وافق الوقت أو بعده أجزأه، وإن كان صلى قبل الوقت لم يجزئه لأنه صلى قبل الوجوب.
متى تجب الصلاة؟
تجب الصلاة في أول الوقت لأن الأمر بها يتعلق في أول وقتها، والأمر يقتضي الوجوب، ولكن أول الوقت هو سبب الوجوب تثبت عقبه كسائر الأسباب. فلو حاضت المرأة بعد دخول جزء من الوقت لزمها القضاء. بل هناك رأي يقول: إن من أدركت جزءاً من الوقت لزمها قضاء الظهر والعصر لأنها أدركت إحدى صلاتي الجمع فلزمتها الأخرى كمن أدركت جزءاً من الوقت. وقيل: بل لا يلزمها قضاء العصر، بخلاف ما لو أدركت وقت العصر، فإنها إن نقيت قبل الغروب لزمتها صلاتا الظهر والعصر. وكذا يقال في المغرب والعشاء
متى تُدرك الصلاة أداء؟
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)(4) ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس، أو من الصبح قبل أن تطلع فقد أدركها)(5) .
وتدرك الصلاة أداء بإدراك تكبيرة الإحرام في وقتها فإذا كبر للإحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الفجر وكانت أداءً وإذا: بر للإحرام قبل غروب الشمس فقد أدرك العصر أداءً. وكذا وقت الجمعة يدرك بتكبيرة الإحرام.
⦗ص: 141⦘
(1) مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 31/176.
(2)
من تغليس رسول الله: أي من أجل إقامتها في غلس. وهو ظلمة آخر الليل بعد طلوع الفجر.
(3)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 40/231.
(4)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 30/161.
(5)
مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 30/164.
الأعذار المبيحة لتأخير الصلاة عن وقتها:
-1- النوم والنسيان والغفلة عن دخول الوقت ولو كان ناشئاً عن تقصير
-2- المرض.
-3- السفر.
قضاء الفوائت ووقته:
يجب قضاء الفوائت على الفور وقبل الحاضرة، لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصليها إذا ذكرها فإن الله يقول: أقم الصلاة لذكري)(1) .
وتسقط الفورية بما يلي:
-1- إذا خشي فوات الحاضرة، أي ضاق الوقت بحيث لا يسع إلا الحاضرة، قدم الحاضرة كي لا تصبح فائتة.
-2- إذا نسي الفائتة حتى صلى الحاضرة سقط الترتيب، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(2) .
-3- إذا كان هناك متسع من الوقت، وكان مأموماً في صلاة حاضرة وذكر الفائتة، أتم الحاضرة خلف الإمام ثم يقضي الفائتة ثم يعيد الحاضرة.
-4- إذا كان منفرداً وذكر الفائتة أثناء أداء الحاضرة، قيل يتمها ثم يقضي الفائتة ثم يعيد الحاضرة، وقيل يقطع الحاضرة ويصلي الفائتة ثم الحاضرة.
ويشترط في القضاء الترتيب بين الفوائت، فإن كثرت عليه قضاها متتابعة، ما لم تشغله عن معيشته أو تضعفه في جسده حتى يخشى فوات الحاضرة فيصلي
⦗ص: 142⦘
الحاضرة ثم يعود إلى القضاء. وعن الإمام أحمد: إذا كثرت الفوائت ولم يمكنه فعلها قبل فوات الحاضرة، فله فعل الحاضرة أولاً في أول وقتها لعدم الفائدة من التأخير مع لزوم الإخلال بالترتيب.
ومن نسي صلاة لا يعلم عينها لزمه خمس صلوات ينوي في كل واحدة منها المكتوبة.
وتجوز صلاة الفائتة في أي وقت من ليل أو نهار، لحديث أنس رضي الله عنه المتقدم.
أوقات الصلاة النافلة:
وقت النافلة الراتبة:
إن كانت الراتبة قبلية فوقتها من دخول وقت الفريضة حتى صلاة الفريضة، وإن كانت بعدية فوقتها بعد انتهاء صلاة الفريضة إلى خروج الوقت.
وقت صلاة الجنازة والطواف وإعادة الجماعة: تصح في جميع الأوقات بما فيها بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر، لأنهما وقتان طويلان، باستثناء أوقات ثلاث:
عند شروق الشمس إلى أن ترتفع قدر رمح، وعند الاستواء إلى أن تزول، وعند الغروب إلى أن تغرب كاملة، ففي هذه الأوقات روايتان، إحداهما تجوز صلاة النوافل المذكورة فيها لعموم الأدلة المجوزة، والثانية: لا تجوز، لحديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال:(ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تَضَيَّفُ الشمس للغروب حتى تغرب)(3) ، ولأنها أوقات خفيفة لا يخشى على الميت فيها، ولا يشق تأخير الركوع للطواف فيها بخلاف غيرها.
⦗ص: 143⦘
أما الأدلة على جواز هذه الصلوات الثلاث (الجنازة، الطواف، إعادة الجماعة) بعد صلاة الصبح والعصر فهي على الترتيب:
بالنسبة للجنازة: لأنهما وقتان طويلان فالانتظار فيها يضر بالميت.
وأما ركعتا الطواف، فلما رواه جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)(4) .
وإعادة الجماعة لما روى يزيد بن الأسود رضي الله عنه قال: (شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخَيْف، قال: فلما قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال: عليَّ بهما، فجيء بهما تُرْعَد فَرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة)(5) ، ومتى أعاد المغرب شفعهما برابعة لأنها نافلة ولا يشرع التنفل بوتر في غير الوقت، فينتظر حتى يسلم الإمام ثم يقوم ويأتي بأربعة.
وقت النافلة ذات السبب: تحية المسجد، الكسوف، سجدة التلاوة، قضاء السنن وقتها حين حصول سببها، أما فعلها في أوقات النهي فهناك روايتان، إحداهما: المنع فلا تنعقد في أوقات النهي وهو المعتمد، والثانية: الجواز، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين وقال فيما روته عنه أم سلمة رضي الله عنها:(إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان)(6) ، ولتقريره صلى الله عليه وسلم لمن رآه يصلي بعد صلاة الفجر نافلة
⦗ص: 144⦘
الفجر، عن قيس بن عمرو رضي الله عنه قال:(خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة، فصليت معه الصبح، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم فوجدني أصلي، فقال، مهلاً يا قيس! أصلاتان معاً؟ قلت يا رسول الله، إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال: فلا إذن)(7)، ولأنها صلاة ذات سبب فأشبهت ركعتي الطواف. وعن الإمام أحمد رضي الله عنه: عن صلاهما بعد صلاة الفجر أجزأه، وقال: أما أنا فأختار تأخيرهما إلى الضحى، لما روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يصلِّ ركعتي الفجر فليصلِّهما بعدما تطلع الشمس)(8) . وقت النافلة التي لا سبب لها (أي النوافل المطلقة) : تصح في كل الأوقات إلا في خمسة أوقات فلا تصح صلاتها فيها، وهي في الأرجح أربعة أوقات تتعلق بالزمن وهي:
-1- من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا صلاة ببعد افجر إلا سجدتين)(9) أي لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
-2- من طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح، أي بعد طلوع الشمس بثلث ساعة، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب)(10) .
-3- وعند الاستواء حتى تزول، لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه المتقدم.
-4- وعند الغروب حتى تغرب، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم.
⦗ص: 145⦘
والوقت الخامس يتعلق بالفعل وهو بعد صلاة العصر، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا صلاة بعد الصبح تى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس)(11) .
فهذه الأوقات لا تجوز النافلة المطلقة فيها سواء كان المصلي في مكة أو في غيرها وسواء كان يوم الجمعة أو غيره.
⦗ص: 146⦘
(1) مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 55/316.
(2)
ابن ماجة: ج-1/ كتاب الطلاق باب 2045.
(3)
مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 51/293. وتضيف: أي تميل.
(4)
النسائي: ج-1 /صلى الله عليه وسلم 284.
(5)
الترمذي: ج-1 / الصلاة باب 163/219.
(6)
مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 54/297.
(7)
الترمذي: ج-1 / الصلاة باب 313/422.
(8)
الترمذي: ج-1 / الصلاة باب 314/423.
(9)
الترمذي: ج-1 / الصلاة باب 310/429.
(10)
البخاري: مواقيت الصلاة باب 29/558.
(11)
البخاري: ج-1/ كتاب مواقيت الصلاة باب 30/561.