الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
الإِحصار
تعريف الإِحصار:
لغة: المنع.
وشرعاً: منع المحرم من إتمام ما يوجبه الإِحرام قبل أداء ركن النسك.
والإحصار نوعان:
أولاً: الإحصار العام:
-1- الإحصار عن الدخول إلى الحرم:
آ- إذا منع المحرم من دخول الحرم من قبل عدو للمسلمين لا يصل إليه إلا بعد الفوات، لم يجز له التحلل بل يجب عليه المضي والتحلل بعمرة.
ب- إن لم يجد طريقاً آخر لا من قريب ولا من بعيد فعليه التحلل بذبح هدي ومن ثم بالحلق، لقوله تعالى:{فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} (1) ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حصره العدو بالحديبية فتحلل وذبح الهدي حيث أُحصر. ويجب أن ينوي بذبحه التحلل به ثم الحلق، لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:(خرجنا مع النبي صلى الله عليه سلم معتمرين، فحال كفار قريش دون البيت، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنه وحلق رأسه)(2) . فإن لم يجد هدياً صام عشرة أيام ثم يحل، فإن نوى التحلل قبله فلا يحل بل يبقى على إحرامه.
هذا، ولا قضاء على من أحصر، فإن قيل بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى عمرة الحديبية وسميت الثانية عمرة القضية، فإن الذين صُدوا في الحديبية كانوا ألفاً وأربعمائة والذين اعتمروا في القضاء كانوا نفراً يسيراً ولم يأمر الباقين بالقضاء.
⦗ص: 485⦘
فإن لم يحل المحصر حتى زال الحصر فلا يجوز له التحلل، لأنه زال العذر ولو بعد الفوات، وعليه أن يمضي ويتحلل بعمرة وعليه هدي للفوات لا للحصر.
(1) البقرة: 196.
(2)
البخاري: ج-2/ الإحصار وجزاء الصيد باب 4/1717.
-2- الإحصار عن عرفة فقط:
ومن صد عن عرفة وتمكن من البيت فله أن يتحلل بعمرة، لأن له ذلك من غير حصر فمعه أولى وليس عليه دم.
ثانياً: الإحصار الخاص:
مثل من أحصر بمرض، أو بفقد نفقة، حبسه سلطان أو غريم ظلماً أو بحق لا يقدر على إيفائه. أو العبد إذا منعه سيده، أو الزوجة منعها زوجها، أو بعدم اهتدائه إلى الطريق، فهو كالإحصار العام في جواز التحلل لعموم الآية، ولأنه روي عن الحجاج بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كُسِرَ وعرِجَ فقد حَلْ، وعليه حجة أخرى)(1)، ولأنه محصر فأشبه من حصره العدو على إحدى الروايتين. والرواية الثانية: ليس له التحلل حتى يقدر على البيت الحرام وهو المعتمد، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(لا حصر إلا من حبسه عدو فيحل بعمرة، وليس عليه حج لا عمرة)(2) ، لأنه لا يستفيد بالتحلل انتقالاً من حال إلى حال أحسن منها. فإن فاته الحج تحلل بعمرة ولا ينحر هدياً كان معه إلا بالحرم.
أما من شرط في ابتداء إحرامه أن محلي حيث حبستني فله التحلل بجميع ذلك ولا شيء عليه، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة ثقيلة، وإني أريد الحج فما تأمرني؟ قال: أهلِّي بالحج، واشترطي أن محلِّي حيث تحسبني) (3) . فالشرط يفيد إباحة التحلل عند المرض فإن لم يشترط لم يجز له التحلل حال المرض.
⦗ص: 486⦘
(1) الترمذي: ج-3/ كتاب الحج باب 96/940.
(2)
فتح الباري: ج-4/ ص-3.
(3)
مسلم: ج-2/ كتاب الحج باب 15/106.