المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثاني (أركان الحج) - فقه العبادات على المذهب الحنبلي

[سعاد زرزور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلفة

- ‌تقديم الشيخ أحمد الشامي، مفتي دوما وعالمها

- ‌لمحة عن حياة الإمام أحمد

- ‌نسبه:

- ‌طلبه للعلم ومنزلته العلمية:

- ‌محنته:

- ‌كتبه:

- ‌تلاميذه:

- ‌أولاده:

- ‌متن الكتاب

- ‌تعريف الفقه

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول (تعريف الطهارة)

- ‌الباب الثاني (الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة)

- ‌الباب الثالث (أحكام التخلي)

- ‌الباب الرابع (الوضوء)

- ‌الباب الخامس (الغسل)

- ‌الباب السادس (التيمم)

- ‌الباب السابع (الحيض والاستحاضة والنفاس)

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول (تعريف الصلاة)

- ‌الباب الثاني (الأذان والإقامة)

- ‌الباب الثالث (شروط الصلاة)

- ‌الباب الرابع

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الباب الخامس (صلاة التطوع)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الباب السادس (صلاة الجماعة)

- ‌الباب السابع (صلاة الجمعة)

- ‌الباب الثامن (صلاة المسافر)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الباب التاسع (صلاة الخوف)

- ‌الباب العاشر (الجنائز)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (محال الزكاة)

- ‌الباب الثالث (زكاة الفطر)

- ‌الباب الرابع (أداء الزكاة)

- ‌الباب الخامس (صدقة التطوع)

- ‌كتاب الصيام

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (الاِعتكاف)

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (أركان الحج)

- ‌الباب الثالث (واجبات الحج)

- ‌الباب الرابع (سنن الحج)

- ‌الباب الخامس

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس

- ‌الباب السادس (العمرة)

- ‌الباب السابع (الهدي)

الفصل: ‌الباب الثاني (أركان الحج)

‌الباب الثاني (أركان الحج)

ص: 430

أولاً: الإحرام:

الإحرام هو قصد الدخول في الحج أو العمرة أو كليهما معاً، ويشترط فيه النية، فلا يصير محرماً بمجرد التجرد أو التلبية من غير نية الدخول في النسك، لحديث:(إنما الأعمال بالنية)(1) ، ولأنه عبادة محضة فافتقرت إلى نية كالصلاة. وإن شك هل أحرم أم لا فهو كالناسي لإحرامه (يرجع إلى الميقات ليحرم) ، ومن نسي بما أحرم به صرفه إلى أي نسك شاء. وإن نوى إحراماً بنسك فسبق لسانه إلى غيره انعقد إحرامه بما نواه دون ما نطق به.

ولا يفتقر انعقاد الإحرام إلى التلبية، لأنه عبادة لا يجب النطق في آخرها فلم يجب في أولها كالصوم.

(1) مسلم: ج-3/ كتاب الإمارة باب 45/155.

ص: 430

سنن الإحرام:

-1- يستحب الغسل لكل محرم، صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى، لما روى خارجة بن زيد عن أبيه (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل)(1) .

ويسن الغسل للمرأة حتى في حال الحيض والنفاس، لما ورد في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال:(فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر. فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ قال اغتسلي. واستثفري بثوب وأحرمي)(2) .

⦗ص: 431⦘

ولا يسن التيمم عند العجز عن الغسل، لأن الحكمة من الغسل النظافة، على قول إحدى الروايتين والمعتمد أنه يتيمم لعموم قوله تعالى:(فلم تجدوا ماء فتيمموا)(3) .

-2- يستحب قبل الغسل التنظيف بقص الشارب، وأخذ شعر العانة والإِبط، وقص الأظافر وتقليمها، وقطع الرائحة.

-3- تطيب البدن، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت:(كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت)(4) ، ولا يسن تطيب الثياب.

-4- يسن للرجل لبس إزار ورداء أبيضين نظيفين جديدين أو غسيلين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البسوا من ثيابكم البياض. فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم)(5) . ولبس نعلين أيضاً، لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما:(ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين)(6) .

-5- أن يحرم عقب صلاة إما مكتوبة أو نافلة.

-6- التلفظ بالنية، وتعيين النسك الذي أحرم به، فإن أطلق صرفه حيث شاء، وإن أحرم بإحرام غيره صح، كأن يقول: أحرمت بمثل ما أحرم بمثل ما أحرم به فلان، لما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال:(قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء، فقال لي: أحججت؟ فقلت: نعم. فقال: بم أهللت؟ قال: قلت لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فقد أحسنت)(7) .

⦗ص: 432⦘

-7- أن يشترط حين إحرامه بهذا الشرط يقول: "أن محلي حيث يحبسني". فيقول: "اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقلبه مني، وإن حبسني حابس فمحلي حيث يحسبني"، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت:(دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج. وأنا شاكية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حجي واشترطي أن مَحِلِّي حيث حبستني)(8) ويفيد هذا الشرط في شيئين:

آ- أنه متى عاقه عائق من مرض أو غيره فله التحلل.

ب- أنه إذا حل لذلك فلا شيء عليه من دم ولا غيره.

-8- البداءة بالتلبية إذا ركب راحلته، لما روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما (أنه صلى الله عليه وسلم أهلّحين استوت به راحلته قائمة)(9)، وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أيُّ الحج أفضل؟ قال: العجّ والثجّ) (10)، وروى ابن ماجة عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما من محرم يَضْحى لله يومَه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه فعاد كما ولدته أمه)(11) .

ويرفع الرجل صوته بالتلبية، لما روى خلاّد بن السائب بن خلاّد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فأمرني أن آمُرَ أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية)(12) .

أما المرأة فتسمع نفسها فقط ويكره لها الجهر.

وصيغة التلبية: ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحُليفة، أهلّ، فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك

⦗ص: 433⦘

والملك، لا شريك لك) (13) . ولا بأس بزيادة قوله:"لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والرغباء إليك والعمل". وزاد أنس رضي الله عنه: "لبيك حقاً حقاً تعبداً ورقاً"، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الله تعالى الرضا والجنة، بأن يقول:"اللهم إني أسألك رضاك والجنة" ويستعيذ من النار بقوله: "اللهم إني أعوذ بك من سخطك ومن النار".

ويستحب ذكر إحرامه في تلبيته، لما روى أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لبيك عمرة وحجاً)(14) .

- ويستحب الإكثار من التلبية، لحديث جابر رضي الله عنه المتقدم:(ما من محرم يضحى لله يومَه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه فعاد كما ولدته أمه)(15) ، ويتأكد استحبابها في ثمانية مواضع في صعود وهبوط، أو تلبس بمحظور ناسياً، وفي أدبار الصلوات، وإقبال الليل والنهار، وبالأسحار، وإذا التقت الرفاق، لما روى جابر رضي الله عنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلي إذا رأى راكباً أو صعد أكمة، أو هبط وادياً، وفي إدبار المكتوبة، وآخر الليل) .

كما تستحب التلبية في المسجد الحرام ومنى وسائر مساج الحرم وبقاعه لأنها مواضع النسك، ولا يستحب إظهارها في مساجد الحل وأمصاره.

-9- يستحب للمحرم قلة الكلام إلا فيما ينفع، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)(16) فهذا في حال الإحرام والتلبس بطاعة الله تعالى والاستشعار بعبادته أولى (17) .

ولا يبطل الإحرام بجنون أو إغماء أو سكر كالموت ولا ينعقد مع وجود أحدها.

⦗ص: 435⦘

(1) الترمذي: ج-3/ كتاب الحج باب 19/81.

(2)

مسلم: ج 2/ كتاب الحج باب 19/147.

(3)

المائدة: 6.

(4)

مسلم: ج 2/ الحج باب 7/33.

(5)

الترمذي: ج-3/ كتاب الجنائز باب 18/994.

(6)

مسند الإِمام أحمد: ج-2 / ص-34.

(7)

مسلم: ج-2/ كتاب الحج باب 22/154.

(8)

مسلم: ج 2/ الحج باب 15/105.

(9)

البخاري: ج-2 /كتاب الحج باب 28/105.

(10)

الترمذي: ج-3 /الحج باب 14/827. والعج رفع الصوت، والثج: إسالة الدماء (نحر البدن) .

(11)

ابن ماجة: ج-2/ كتاب المناسك باب 17/2925.

(12)

الترمذي: ج-3 /كتاب الحج باب 15/829.

() البخاري: ج-2 /كتاب الحج باب 25/1474.

(14)

مسلم: ج-2/ كتاب الحج باب 34/215.

(15)

ابن ماجة: ج-2/ كتاب المناسك باب 17/2925.

(16)

ابن ماجة: ج-2/ كتاب الفتن باب 12/3976.

(17)

من حكم بن عطاء الله: من قال لأخيه من أين وإلى أين فهذا مما لا يعنيه.

ص: 430

ما يكره للمحرم:

-1- حك شعره بأظفاره كي لا ينقطع، فإن انقطع به شعره لزمه فدية.

-2- الكحل بالإِثمد غير المطيب، لأنه زينة والحاج أشعث أغبر، وهو في حق المرأة أشد كراهة ولا فدية فيه.

-3- النظر في المرآة لإصلاح شيء لأنه نوع من التزيين، أما إذا كان لضرورة كإزالة شعر بعين فيباح للحاجة ولا يكره.

ثانياً: والوقوف بعرفة:

دليل ركنيته: ما روى عبد الرحمن بن يعمر الدِّيلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه)(1) .

مكان الوقوف: عرفة كلها موقف إلا بطن وادي عُرْنة، لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (

وقفت ههنا وعرفة كلها موقف

) (2)، ويقصد بقوله ههنا: عند الصخرات حيث الجبل ههنا يسمى جبل الرحمة.

وحدود عرفة: من الجبل المشرف على وادي عرنة إلى الجبال المقابلة له، إلى ما يلي حوائط بني عامر، ومسجد نمرة ليس من عرفة.

والواجب في الوقوف أن يحضر المحرم بأرض عرفة. ويصح وقوفه حتى لو وقف على غصن شجرة فيها، أو على دابة، والمقصود مطلق الحضور لا خصوص الوقوف، لذا يصح وقوفه إن كان نائماً أو ماراً في طلب آبق أو هارباً، وإن لم يعرف كون الموضع عرفة بشرط وجود نية الحج.

⦗ص: 435⦘

زمن الوقوف: يبدأ الوقوف من طلوع فجر يوم يوم عرفة، ويستمر إلى طلوع فجر يوم النحر، لما روى عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام قال:(أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة، حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله إني جئت من جَبَلَيْ طيء، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه. فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فقد أتم حجه، وقضى تفثه)(3) .

ولو وقف الناس كلهم أو كلهم إلا قليلاً في اليوم الثامن أو العاشر خطأ فيهما لا عمداً أجزأهم الوقوف.

(1) ابن ماجة: ج-2 /كتاب المناسك باب 57/3015.

(2)

مسلم: ج-2/ كتاب الحج باب 20/149.

(3)

الترمذي: ج-3/ كتاب الحج باب 57/891.

ص: 435

واجبات الوقوف:

يجب أن يقف الحاج حتى تغرب الشمس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة (ثم أفاض حين غربت الشمس)(1) ، فإن ترك عرفة قبل الغروب فعليه دم إن لم يعد، أما إن أتى عرفة بعد الغروب أجزأه الوقوف وليس عله دم، للحديث المتقدم:(الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه) .

(1) الترمذي: ج-3/ كتاب الحج باب 54/885.

ص: 435

شروطه:

-1ً- أن يكون الحضور باختياره، فلا يصح حضور من أكره على الوقوف.

-2ً- أن يكون أهلاً للعبادة، فلا يصح من مجنون ولا سكران ولا مغمى عليه.

-3ً- أن يكون في الوقت المعتبر له شرعاً.

ولا يشترط للوقوف الطهارة من الحدثين، ولا السترة، ولا استقبال القبلة بل تسن، لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما حاضت:(افعلي كما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)(1) .

⦗ص: 436⦘

(1) البخاري: ج-2/ كتاب الحج باب 80/1567.

ص: 435

سنن الوقوف:

-1ً- أن يقف طاهراً من الحدثين.

-2ً- الوقوف عند الصخرات الكبار في أسفل جبل الرحمة، لما ورد في رواية جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات)(1) . أما النساء فحاشية الموقف أُولى لهن.

-3ً- الوقوف راكباً، لما روت أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها (أن ناساً اختلفوا عندها، يوم عرفة، في صوم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن، وهو واقف على بعيره فشربه)(2) .

-4ً- أن يكون مفطراً، لأن الفطر أعون له على الدعاء، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف مفطراً.

-5ً- يسن جمع صلاة العصر مع الظهر جمع تقديم، ومن لم يصلِّ مع الإِمام جمع في رحله، ويسن أن يخطب الإِمام خطبة يعلم الناس فيها مناسكهم وفعلهم في الوقوف ودفعهم.

-6ً- يسن الإكثار من ذكر الله تعالى والدعاء، لما روى ابن ماجة في سننه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ما من يوم أكثر أن يعتق الله عز وجل في عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو عز وجل ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء)(3) ؟

ويستحب أن يكون الدعاء من المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل ما روي عن طلحة بن عبيد الله بن كريز رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل

⦗ص: 437⦘

الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له) (4) .

وزاد البيهقي في رواية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم أجعل في قلبي نوراً وفي سمعي نوراً وفي بصري نوراً، اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، وأعوذ بك من وسواس الصدر وشتات الأمر وفتنة القبر. اللهم إني أعوذ بك من شر يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح ومن شر بوائق الدهر)(5) .

-7ً- أن لا يدفع من عرفات إلى مزدلفة قبل الإِمام، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفعوا قبله.

-8ً- أن يخرج إلى منى يوم التروية قبل صلاة الظهر (أي في اليوم الثامن من ذي الحجة) .

(1) مسلم: ج-2/ كتاب الحج باب 19/147.

(2)

البخاري: ج-2/ الحج باب 87/1578.

(3)

ابن ماجة: ج-2/ كتاب المناسك باب 56/3014.

(4)

البيهقي: ج-5 /ص 117.

(5)

البيهقي: ج-5 /ص 117.

ص: 436

ثالثاً: طواف الزيارة:

ويسمى طواف الزيارة، لأن الحاج يأتي من منى فيزور البيت، ولا يقيم بمكة، وإنما يبيت في منى، ويسمى أيضاً طواف الإفاضة، لأنه يفعله عند إفاضته من منى إلى مكة.

دليل ركنيته: قوله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق} (1) ، وحديث عائشة رضي الله عنها (أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حاضت، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحابستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت. قال: فلا إذاً)(2) .

⦗ص: 438⦘

وقته: يدخل وقته من بعد نصف ليلة النحر، ولا حد لآخره، عن عائشة رضي الله عنها قالت:(أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر ثم فضت فأفاضت)(3) . ولكن الأفضل فعله يوم النحر، ويكره تأخيره عنه.

(1) الحج: 29.

(2)

البخاري: ج-2/ كتاب الحج باب 144/1670.

(3)

أبو داود: ج-2/ كتاب المناسك باب 66/1942.

ص: 437

شروط صحة الطواف:

-1- الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، والطهارة من النجاسة في الثوب والبدن والمكان الذي يطؤه. ويعفى عما يشق الاحتراز عنه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير)(1) . أما إذا كان الحاج طفلاً لم يميز فيصح طوافه ولو كان محدثاً متلبساً بنجاسة.

ويجوز الكلام في الطواف للحديث المتقدم، كما يجوز الشرب، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف)(2) .

-2- ستر العورة، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه (أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أمرّه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع، يوم النحر، في رهط، يؤذن في الناس: ألا، لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان)(3) ، ولأن الطواف عبادة تتعلق بالبدن فشرط لها الستر.

-3- النية، لأنها عبادة محضة أشبهت الصلاة، وكذلك الإسلام فلا يصح الطواف من كافر، والعقل فلا يصح أيضاً من مجنون.

-4- الطواف بجميع البدن خارج البيت، ويعتبر الشاذروان وحجر سيدنا إسماعيل من البيت، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:(سألت النبي صلى الله عليه وسلمعن الجَدْر - هو الحجر أو الحطيم - أمن البيت هو؟ قال: نعم)(4) .

⦗ص: 439⦘

والدليل على اشتراط كون الطائف خارجاً بجميع بدنه عن جميع البيت، قوله تعالى:(وليطوفوا بالبيت العتيق) . فيكون المرء طائفاً به إذا لم يكن جزء منه فيه، وإلا فهو طائف فيه. لذا من دخل جزء من بدنه في هو الشاذروان أو الحجر، أو مس جدار الحجر أو جدار البيت، لم يصح طوافه، فيعيد الشوط الذي حصل فيه شيء من ذلك.

-5- الطواف سبعاً، فإن ترك شيئاً من السبع وإن قل فلا يجزئ.

-6- أن يبدأ من الحجر الأسود وينتهي إلى الحجر الأسود. وإذا شك في العدد لزمه الأخذ بالأقل أثناء الطواف، أما إذا شك بعد الانتهاء فلا شيء عليه.

-7- جعل البيت على يساره، فإن نكسه لم يصح طوافه.

-8- الموالاة، إلا إذا أقيمت الصلاة، أو حضرت الجنازة، فإنه يصلي ثم يبني على ما طاف، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)(5)، وعن الإِمام: إذا أعيا في الطواف فلا بأس أن يستريح، أما إن قطع الطواف لغير عذر أو لحاجة استأنفه.

-9- أن يكون الطواف داخل المسجد وإن وسع، ويجوز في هواء المسجد وعلى سطحه، ولو مرتفعاً عن البيت. فإن طاف خارج المسجد لم يصح طوافه.

-10- محاذاة الحجر بجميع بدنه.

-11- دخول وقت الطواف، وأوله بعد نصف الليل ليلة النحر.

-12- أن يطوف ماشياً مع القدرة، فلا يجزئ طواف الراكب لغير عذر، وعن الإِمام أحمد أنه يجزئ وعليه دم، وعنه رواية أخرى: يجزى ولا دم عليه وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه. أما طواف الراكب لعذر فيجوز بغير خلاف.

(1) الترمذي: ج-3/ كتاب الحج باب 112/960.

(2)

البيهقي: ج-5 /ص 85.

(3)

البخاري: ج-1/ كتاب الحج باب 66/1543.

(4)

البخاري: ج-1/ الحج باب 41/1507.

(5)

مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين باب 9/63.

ص: 438

سنن الطواف:

أن يستلم الحجر الأسود بيده في ابتداء الطواف، ويقبله، لما روى سالم أن أباه حدثه قال: (قبّل عمر بن الخطاب الحجر. ثم قال: أمَ والله! لقد

⦗ص: 440⦘

علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) (1) . فإن لم يمكنه تقبيله أستلمه وقبّل يده، لما روى نافع قال:(رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده. ثم قبّل يده. وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله)(2) . ويسن استلامه في بداية كل طوفة، فإن لم يتمكن من استلامه بيده، اقتصر على استلامه بعصا ونحوها، ثم يقبل ما استلمه به، لما روى أبو الطفيل رضي الله عنه قال:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن)(3) ، فإن لم يتمكن من استلامه بشيء أشار إليه بيده أو بشيء، عن بعد، ولا يقبله.

أما المرأة فلا يستحب لها مزاحمة الرجال لا ستلام الحجر بل تشير بيدها إليه، قال عطاء:(كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجزة من الرجال لا تخالطهم)(4) .

ويستحب أن يقول عند استلامه: "بسم الله والله أكبر. اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، وإتباعاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم"(5) .

-2- ين استلام الركن اليماني بيده اليمنى دوت تقبله، لما روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:(ما تركت استلام هذين الركنين، اليماني والحجر، مذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما، في شدة ولا رخاء)(6) . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وكل بالركن اليماني سبعون ملكاً. فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. قالوا: آمين)(7) .

⦗ص: 441⦘

ويسن أن يقول بين الركنين: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، لما روى عبد الله بن سائب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين الركنين: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)(8) . وفي باقي الطواف يقول: "اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً. رب اغفر وارحم. واعف عما تعلم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم". ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوا بما أحب. ولا بأس بقراءة القرآن في الطواف لأنه صلاة والصلاة محل القرآن.

ولا يسن في الطواف استلام الركنين الشامي والعراقي.

-3- أن يطوف ماشياً، بناء على الرواية الثانية، إلا لعذر من مرض أو نحوه، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت:(شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي. فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)(9) .

-4- يسن الاضطباع للرجل والصبي، في طواف يسن فيه الرمل فقط، وذلك بأن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن ويتركه مكشوفاً ويرد طرفيه على منكبه الأيسر، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجِعرانة فرَمَلوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسرى)(10) . ولا يسن الاضطباع في ركعتي الطواف لكراهته في الصلاة.

-5- يسن الرمل (11) للرجل فقط في الطوفات الثلاثة الأولى إذا أعقب الطواف سعي مطلوب، وأن يقول أثناء الرمل: اللهم اجعله حجاً مبروراً - أو عمرة مبرورة - وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، وتجارة لن تبور، يا عزيز ويا غفور".

⦗ص: 442⦘

أما المرأة فلا ترمل ولا تضطبع، لأن الرمل شرط في الأصل لإظهار الجد والقوة ولا يقصد ذلك من المرأة، ولذلك لا يسن الرمل في حق المكي ومن جرى مجراه، وقال بعض أهل العلم:"ليس على أهل مكة رمل ولا على من أحرم منها"(12) .

-6- الدنو من البيت للرجل فقط، لأنه أيسر في الاستلام والتقبيل، أما إذا أدى الاقتراب إلى تأذيه أو تأذي غيره فالبعد أولى.

-7- الإكثار من الدعاء، ورفع الأيدي في جميع الطواف، وخاصة حين رؤية الكعبة، ومأثور الدعاء أفضل، فالقراءة، فغير المأثور، ويسن الإِسرار بذلك.

-8- أن يصلي بعد كل سبعة أشواط ركعتين سنة الطواف، سواء كان الطواف فرضاً أم واجباً أم نفلاً. وإن صلى المكتوبة بعد طوافه أجزأته عنهما، وإن جمع بين الأسابيع وصلّى لكل أسبوع ركعتين جاز، لأن عائشة والمسوّر بن مخرمة رضي الله عنهما فعلا ذلك، ولا تجب الموالاة بينهما.

وتسن صلاة الركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام وتصح في أي موضع آخر، ويسن أن يقرأ فيهما:(قل يا أيها الكافرون) و (الإخلاص) ، لما روي عن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعاً، فرمل من الحجر الأسود ثلاثاً ثم صلى ركعتين قرأ فيهما: قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد)(13) .

-9- يستحب أن يدع الحديث كله إلا ذكر الله وقراءة القرآن أو دعاء أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدّم عند الترمذي:(الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير) .

(1) مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 41 / 248.

(2)

مسلم: ج 2 / الحج باب 40 / 246.

(3)

مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 42 / 257، والمحجن: القضيب.

(4)

البيهقي: ج-5/ ص 78.

(5)

البيهقي: ج-5/ ص 79.

(6)

مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 40 / 245.

(7)

مسند الإِمام أحمد: ج-2 /ص 353 (الهامش أي منتخب كنز العمال) .

(8)

أبو داود: ج 2 / كتاب المناسك باب 52 / 1892.

(9)

البخاري: ج-2/ كتاب الحج باب 73/1552.

(10)

أبو داود: ج-2 / كتاب المناسك باب 50/ 1884.

(11)

وهو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطا، دون الوثوب والعدو.

(12)

الترمذي: ج-3/ كتاب الحج باب 34.

(13)

البيهقي: ج-5/ ص 91.

ص: 439

رابعاً: السعي بين الصفا والمروة:

تعريفه: أصل السعي الإسراع، والمراد به مطلق الشيء.

دليل فرضيته: قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج

⦗ص: 443⦘

البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) (1)، وما روت أم حبيبة بنت أبي تجرأة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يسعى:(اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي)(2) .

(1) البقرة: 158.

(2)

الدارقطني: ج-2/ ص 255.

ص: 442

شروط صحة السعي:

-1- النية: فلو سعى بقصد طلب غريم له لم يصح.

-2- الإِسلام.

-3- العقل.

-4- أن يكون بعد طواف صحيح ولو مسنوناً، فإن طاف وسعى ثم علم أن طوافه غير صحيح لعدم الطهارة أو غيرها لم يعتد بسعيه لفوات الترتيب.

-5- أن يبدأ الساعي بالصفا، لحديث جابر رضي الله عنه قال:(لما دنا صلى الله عليه وسلم من الصفا قرأ: إن الصفا والمرة من شعائر الله، أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا)(1) . فلو عكس لم تحسب المرة الأولى، ويشترط في المرة الثانية أن يبدأ بالمروة وهكذا.

-6- أن يكون عدد مرات السعي سبعاً، فلو ترك من السبع شيئاً لم يصح، ويحسب ذهابه من الصفا إلى المروة مرة وعودته مرة أخرى.

-7- يشترط استعياب جميع المسافة ما بين الصفا والمروة، فلو بقي منها بعض خطوة لم يصح سعيه بل يجب على الماشي أن يلصق رجله بالجبل في الابتداء والانتهاء.

-8- المشي مع القدرة، وفي رواية أنه سنة.

(1) مسلم: ج-2/ الحج باب 19/147.

ص: 443

سنن السعي:

-1ً- يستحب بعد صلاة ركعتي الطواف أن يستلم الحجر قبل أن يخرج إلى الصفا.

⦗ص: 444⦘

-2ً- أن يخرج الصفا من بابه.

-3ً- أن يرقى الرجل على كل من الصفا والمروة دون المرأة، ثم يقف بعد الرقي مستقبلاً القبلة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رقى على كل منهما حتى رأى الميت، فقد روى جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ثم خرج من الباب إلى الصفا. فلما دنى من الصفا قرأ: إن الصفا والمرة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا. فرقي عليها. حتى رأى البيت فاستقبل القبلة. فوحَّد الله وكبَّره. وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده. أنجز وعده. ونصر عبده. وهزم الأحزاب وحده. ثم دعا بين ذلك. قال مثل هذه ثلاث مرات. ثم نزل إلى المروة)(1) .

وزاد البيهقي: (اللهم اعصمنا بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك، وجنبنا حدودك، اللهم اجعلنا نحبك، ونحب ملائكتك وأنبيائك ورسلك، ونحب عبادك الصالحين، اللهم حببنا إليك، وإلى ملائكتك، وإلى نبيائك ورسلك، وإلى عبادك الصالحين، اللهم يسرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى، واجعلنا من أئمة المتقين. اللهم إنك قلت "ادعوني أستجب لكم" وإنك لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني إلى الإِسلام ألا تنزعه مني حتى تتوفني وأنا مسلم، اللهم أحيني على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وتوفني على ملته وأعذني من مضلات الفتن)(2) .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإِقامة ذكر الله)(3) .

-4ً- يسن المشي أول السعي وآخره، ويعدو الرجل بين الميلين الأخضرين، دون المرأة، روى جابر رضي الله عنه قال: (

ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبَّت

⦗ص: 445⦘

قدماه في بطن الوادي سعى. حتى إذا صعدتا مشى. حتى أتى المروة. ففعل على المروة كما فعل على الصفا) (4) .

-5ً- أن يسعى ماشياً بناء على الرواية الثانية، ويجوز راكباً، عن جابر رضي الله عنه قال:(طاف النبي ص في حجة الوداع على راحلته، بالبيت، وبالصفا والمروة. ليراه الناس، وليشرف وليسألوه. فإن الناس غشوه)(5) .

-6ً- الموالاة بين مرات السعي وبين السعي والطواف.

-7ً- الطهارة وستر العورة، ولكن لو سعى محدثاً أو جنباً أو حائضاً أو نفساء، أو عليه نجاسة، أو مكشوف العورة صح سعيه، لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم، عند البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها حين حاضت:(افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)(6)، ولأن الفقهاء من أهل المدينة كانوا يقولون:(أيما امرأة طافت بالبيت ثم وجهت لتطوف بالصفا والمروة فحاضت فلتطف بالصفا والمروة وهي حائض)(7) .

ولا يسن تكرار السعي بين الصفا والمروة، إنما هو ركن في الحج مرة وفي العمرة مرة، فمن سعى بعد الطواف القدوم لم يعده بعد طواف الزيارة، أما من لم يسع بعد طواف القدوم أتى به بعد طواف الزيارة، أما قوله تعالى:(إن الصفا والمروة من شعائر الله، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما، ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم)(8) فهو من قبيل إطلاق الجزء على الكل والمراد به الحج والعمرة الشاملين على السعي لا السعي فقط.

⦗ص: 446⦘

(1) مسلم: ج-2/ الحج باب 19/147.

(2)

البيهقي: ج-5/ ص 94.

(3)

أبو داود: ج-2/ كتاب المناسك باب 51/1888.

(4)

مسلم: ج-2/كتاب الحج باب 19/147.

(5)

مسلم: ج-2/ الحج باب 42/255.

(6)

البخاري: ج-1/ كتاب الحيض باب 80/1567.

(7)

البيهقي: ج-5/ ص 96.

(8)

البقرة: 158.

ص: 443