المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الباب الأول - فقه العبادات على المذهب الحنبلي

[سعاد زرزور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلفة

- ‌تقديم الشيخ أحمد الشامي، مفتي دوما وعالمها

- ‌لمحة عن حياة الإمام أحمد

- ‌نسبه:

- ‌طلبه للعلم ومنزلته العلمية:

- ‌محنته:

- ‌كتبه:

- ‌تلاميذه:

- ‌أولاده:

- ‌متن الكتاب

- ‌تعريف الفقه

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول (تعريف الطهارة)

- ‌الباب الثاني (الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة)

- ‌الباب الثالث (أحكام التخلي)

- ‌الباب الرابع (الوضوء)

- ‌الباب الخامس (الغسل)

- ‌الباب السادس (التيمم)

- ‌الباب السابع (الحيض والاستحاضة والنفاس)

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول (تعريف الصلاة)

- ‌الباب الثاني (الأذان والإقامة)

- ‌الباب الثالث (شروط الصلاة)

- ‌الباب الرابع

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الباب الخامس (صلاة التطوع)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الباب السادس (صلاة الجماعة)

- ‌الباب السابع (صلاة الجمعة)

- ‌الباب الثامن (صلاة المسافر)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الباب التاسع (صلاة الخوف)

- ‌الباب العاشر (الجنائز)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (محال الزكاة)

- ‌الباب الثالث (زكاة الفطر)

- ‌الباب الرابع (أداء الزكاة)

- ‌الباب الخامس (صدقة التطوع)

- ‌كتاب الصيام

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (الاِعتكاف)

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (أركان الحج)

- ‌الباب الثالث (واجبات الحج)

- ‌الباب الرابع (سنن الحج)

- ‌الباب الخامس

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس

- ‌الباب السادس (العمرة)

- ‌الباب السابع (الهدي)

الفصل: ‌ ‌الباب الأول

‌الباب الأول

ص: 391

تعريف الصيام:

الصيام لغة الإمساك، بدليل قوله تعالى:{إني نذرت للرحمن صوماً} (1) أي صمتاً وإمساكاً عن الكلام.

وشرعاً: الإمساك عن المفطرات يوماً كاملاً من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس بشرط نيته.

(1) مريم: 26.

ص: 391

أقسام الصيام:

-1- الصيام المفروض.

-2- الصيام المسنون.

-3- الصيام المكروه.

-4- الصيام المحّرم.

-1ً- الصيام المفروض

الصوم المفروض هو صوم شهر رمضان أداءً وقضاءً، وصوم الكفارات، والصوم المنذور.

صوم رمضان

فرض صوم شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة على من توفرت فيه شروط الوجوب، وهو ركن من أركان الإسلام.

⦗ص: 392⦘

دليل فرضيته:

من الكتاب قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه

} (1) .

ومن السنة: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله. وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. وحج البيت. وصوم رمضان)(2) .

وإجماع أئمة المسلمين. فمن أنكر صيام رمضان فقد كفر.

(1) البقرة: 185.

(2)

مسلم: ج-1 /كتاب الإيمان باب 5/21.

ص: 391

شروط الصيام:

أولاً: شروط الوجوب:

-1- الإسلام: فلا يجب الصوم على الكافر ولو كان مرتداً كما لا يصح منه، بدليل قوله تعالى:(قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف)(1) .

-2- العقل: فلا يجب الصوم على المجنون ولا يصح منه، لما روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل)(2) .

-3- البلوغ: فلا يجب الصوم على صبي لم يبلغ، لكن يجب على وليه أمره به إذا أطاقه ويجب أن يضربه إذا امتنع.

فإن أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو بلغ الصبي في أثناء الشهر، لزمه صيام ما بقي منه، ولا يلزمهم قضاء ما مضى.

-4- الإطاقة: ويقصد بذلك القدرة على الصوم بلا مشقة، فلا يجب الصوم على الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم، ولا على المريض الذي لا يرجى برؤه،

⦗ص: 393⦘

لقوله تعالى: {لا يكلف الله نفس إلا وسعها} (3)، ويجب عليها إطعام مسكين عن كل يوم لقوله تعالى:{وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} (4) .

(1) الأنفال: 38.

(2)

أبو داود: ج-4/ كتاب الحدود باب 16/4403.

(3)

البقرة: 286.

(4)

البقرة: 184.

ص: 392

ثانياً- شروط صحة الصوم.

-1- الإسلام كما تقدم.

-2- العقل: فلا يصح الصوم من غير العاقل، فلو نوى الصوم ليلاً ثم أُغمي عليه أو جن جميع النهار فلا يصح صومه ما لم يفق فيه ولو لحظة من إغمائه أو جنونه. ويجب القضاء في حالة الإغماء، أما في حالة الجنون فلا قضاء عليه. ولا يضر النوم ولو استغرق جميع النهار ويبقى صومه صحيحاً.

-3- التمييز.

-4- انقطاع دم الحيض والنفاس.

-5- النية:

تعريفها: القصد وهو اعتقاد القلب فعل الشيء خارج وعزمه عليه من غير تردد.

ويكون العزم الجازم في القلب على الصوم طيلة اليوم، فإن نوى الخروج من صوم الفرض أبطله لأن النية شرط في جميعه.

شروط النية:

-1ً- التبييت في الصوم المفروض من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق لكل يوم على حدة، لما روت حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)(1) . فمن لم يبيت النية فعليه الإمساك والقضاء. أما إن أكل أو شرب بعد النية فلا تبطل نيته، لأن إباحة الأكل والشرب إلى الفجر دليل على نيته لم تفسد به.

⦗ص: 394⦘

أما في الصيام المسنون فتصبح النية في أي وقت من النهار إذا لم يأت بمنافٍ للصوم، بدليل ما روته عائشة رضي الله عنها قال:(دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. قال: فإني أذن صائم. ثم أتانا يوم آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حَيْس. فقال: أرينيه فلقد أصبحت صائماً، فأكل)(2) .

-2ً- التعيين: أي تعيين نوع الفرض هل هو صوم رمضان أو كفارة أو نذر.

وينبغي أن تكون النية جازمة، فإن نوى ليلة الشك صوم غد إن كان من رمضان وإلا هو متنفل أو مفطر، لم يصح صوم ذلك اليوم إن كان من رمضان لأنه لم يجزم به والنية عزم جازم.

(1) النسائي: ج-4 /ص 196.

(2)

مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 32/170.

ص: 393

ثبوت شهر رمضان:

-1- يجب صوم رمضان على الجميع لاستكمال شعبان ثلاثين يوماً.

-2- يجب صوم رمضان على كل من رأى الهلال، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فضرب بيده فقال:(الشهر هكذا وهكذا وهكذا - ثم عقد إبهامه في الثالثة - فصوموا لرؤيته. وأفطروا لرؤيته. فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين)(1) . ولا يجب على من رأى الهلال إبلاغ الحاكم أو الإعلان في المسجد أو إخبار الناس.

-3- يجب صوم رمضان لإعلان الإِمام دخول رمضان، ويثبت عنده دخول رمضان يشهادة شخص واحد مكلف عدل ظاهراً أو باطناً، حر أو عبد، ذكر أو أنثى. وإن رُدَّت شهادته بقي واجباً عليه الصوم وعلى كل من سمع شهادته، ولو ادعى جماعة رؤية الهلال فعلى الحاكم أن لا يقبل إلا شهادة اثنين.

⦗ص: 395⦘

-4- إذا ثبتت رؤية الهلال بقطر من الأقطار وجب الصوم على سائر الأقطار لا فرق بين القريب من جهة الثبوت والبعيد إذا بلغهم من طريق موجب للصوم، ولا عبرة باختلاف مطلع الهلال مطلقاً.

وإذا غم الهلال في غروب اليوم التاسع والعشرين من شعبان فلا يجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً على إحدى الروايتين، ويجب عليه تبييت النية وصوم اليوم التالي لتلك الليلة، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا. فإن غُمَّ عليه فاقدروا (2) له) (3) . وهذا هو المعتمد في المذهب.

أما الأسير في موضع لا يمكنه فيه معرفة الشهور بالخبر فاشتبهت عليه الشهور، فإنه يصوم شهراً بالاجتهاد، فإن استبان أن صومه وقع في شهر رمضان، أو لم يستبن شيئاً، أو أنه استبان أنه وقع بعد رمضان أجزأه صومه. أما عن استبان أن صومه وقع قبل شهر رمضان لم يجزئه لأنه قدم العبادة على وقتها كمن صلى قبل دخول الوقت. ولو صام بغير اجتهاد لم يجزئه وإن وافق رمضان.

ولا عبرة لقول المنجمين بدخول شهر رمضان.

(1) مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 2/4.

(2)

اقدروا له: ضيقوا العدة، أي يحسب شهر شعبان تسعة وعشرين يوماً.

(3)

مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 2/8.

ص: 394

ثبوت شهر شوال:

-1- لا يجوز الفطر إلا بشهادة عدلين، ولا تقبل فيه شهادة رجل وامرأتين، ولا يفطر إذا رأى هلال شوال وحده.

-2- إن غم ليلة الواحد والثلاثين ولم يُرَ الهلال هناك حالتان:

آ- إن كان بدء الصوم بشهادة عدلين أفطروا ولو لم يروا هلال شوال.

ب- إن كان بدء الصوم برؤية عدل واحد أو كان قد غم عليهم في أوله وصاموا لأجل الغيم لم يفطروا، لأن الأصل بقاء رمضان.

⦗ص: 396⦘

أركان الصيام:

للصوم ركن واحد وهو الإمساك عن دخول المفطرات إلى الجوف بشرط نيته طيلة اليوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.

مفسدات الصيام:

أولاً: دخول شيء إلى الجوف أو الحلق أو الدماغ، من مائع وغيره مغذٍ وغير مغذٍ كالحصاة والنواة، ذاكراً عامداً مختاراً، أما إن كان ناسياً أو مكروهاً أو نائماً فلا يفطر. ومن المفطرات:

-1- الأكل والشرب.

-2- السعوط في الأنف.

-3- إن ابتلع ما بين أسنانه من طعام، أو ابتلع ريقه بعد أن وصل إلى بين شفتيه.

-4- إن سال من فمه دم أو خرج إليه قلس أو قيء فابتلعه.

-5- ابتلاع النخامة إذا وصلت إلى الفم على إحدى الروايتين (الرواية الأخرى: لا يفطر) والفطر هو المعتمد.

-6- إن ذاق طعاماً ووجد الطعم في حلقه.

-7- إن مضغ علكاً فوجد طعمه في حلقه.

-8- إن احتقن أو داوى جائفة. بما يصل إلى جوفه.

-9- إن طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه بما يصل إلى جوفه.

-10- إن قطر في أذنه فوصل إلى دماغه.

-11- إن داوى مأمومة (1) بما يصل إلى دماغه.

-12- إن اكتحل فوصل الكحل إلى حلقه كأن يجد مرارة الكحل في حلقه (أما إن شك في وصوله وكان يسيراً فلا يفطر) .

-13- الاحتقان في الدبر.

⦗ص: 397⦘

أما سبق ماء المضمضة إلى الحلق بالمبالغة أو بالزيادة على الثلاث فيكره ولا يفطر على الأرجح.

ثانياً: الحجامة، وهي تفسد صوم الحاجم والمحجوم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(أفطر الحجم والمحجوم)(2) .

ثالثاً: الاستقياء عمداً، أما من ذرعه القيء فلا شيء عليه، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استسقاء عمداً فليقض)(3) .

رابعاً: المباشرة دون الفرج مع نزول المني أو المذي كأن قبّل أو لمس، أما إن لم ينزل فلا يفسد صومه ولكن فعله حرام، لما روى عمر رضي الله عنه قال:(يا رسول الله صنعت اليوم أمراً عظيماً، قبّلت وأنا صائم، قال: أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم قلت: لا بأس، قال: فمه.)(4) . شبه القبلة بالمضمضة.

خامساً: إنزال المني عمداً:

آ- بالاستنماء: إن استنمى بيده فأنزل منياً أو مذياً، لأنه أشبه بالمباشرة.

ب- إن أنزل منياً فقط بتكرار النظر. أما إن صرف نظرة وأنزل، أو أنزل بالفكر والاحتلام فلا يفطر. وإن جامع ليلاً فأنزل نهاراً لم يفطر.

سادساً الجماع في الفرج في نهار رمضان سواء أنزل أم لم ينزل، ويفسد صوم الفاعل والمفعول به، سواء كان الجماع. في القبل أو الدبر، حياً أو ميتة، عاقلاً أو غيره ولو بهيمة، وسواء كان الفاعل عامداً، أو ناسياً، عالماً، أو جاهلاً، مختاراً أو مكرهاً، أو مخطئاً كمن وطئ وهو معتقد أن الفجر لم يدخل وقته ثم تبين أنه وطئ بعد الفجر.

⦗ص: 398⦘

سابعاً: الردة لقوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك)(5) .

ثامناً: العزم على الفطر، لقطعه النية المشترطة في جميعه في الفرض.

تاسعاً: التردد فيه، لأنه لم يجزم بالنية.

عاشراً: خروج دم الحيض والنفاس.

أحد عشر: الموت لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله، إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية. أو علم ينتفع به. أو ولد صالح يدعو له)(6) .

(1) المأمومة: جراحة في الرأس بحيث تبلغ إلى الدماغ.

(2)

البخاري: ج-2/ كتاب الصوم باب 32، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد عشر نفساً، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما:(احتجم النبي وهو صائم) منسوخ، وهو في البخاري: 2/1837.

(3)

الترمذي: ج-3/ كتاب الصوم باب 25/720.

(4)

أبو داود: ج-2/ كتاب الصوم باب 33/2385.

(5)

الزمر: 65.

(6)

مسلم: ج-3/ كتاب الوصية باب 3/14.

ص: 395

أشياء لا تفطر:

-1- إذا فعل ناسياً كل ما ذكر من المفطرات عدا الجماع، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال:(من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتم صومه. فإنما أطعمه الله وسقاه)(1) . نص الحديث على الأكل والشرب وقسنا عليه سائر ما ذكرنا:

أو إن فعل ذلك مكرها فلا يفطر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من ذرعه القيء فليس عليه قضاء)(2) فيقاس عليه ما عداه.

أو إن فعله نائماً لأنه أبلغ في العذر من الناسي، لما روي علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل) (3) .

أما إن فعل ذلك مخطئاً، كأن أكل ظاناً أن الشمس قد غابت ولم تغب، أو ظن أن الفجر لم يطلع وقد طلع، فيفطر، لما روي عن حنظلة رضي الله عنه وكان

⦗ص: 399⦘

صديقاً لعمر رضي الله عنه قال: (كنت عند عمر في رمضان فأفطر وأفطر الناس، فصعد المؤذن ليؤذن فقال: يا أيها الناس هذه الشمس لم تغرب. فقال عمر رضي الله عنه: كفانا الله شرك إنا لم نبعثك راعياً ثم قال عمر رضي الله عنه: من كان أفطر فليصم يوماً مكانه)(4) .

وكذلك إن فعله جاهلاً بالتحريم أفطر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفطر الحاجم والمحجوم) في حق رجلين رآهما يفعلان ذلك مع جهلهما بالتحريم.

-2- كل ما يمكن التحرز منه كابتلاع الريق، وغربلت الدقيق وغبار الطريق، ووصول الذبابة إلى حلقه، وابتلاع ريقه بعد المضمضة، والتسوك بالعود الرطب، وسبق ماء المضمضة إلى الحلق شريطة عدم المبالغة فيه أو الزيادة على الثلاث.

(1) مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 33/171.

(2)

الترمذي: ج-3/ كتاب الصوم باب 25/730.

(3)

أبو داود: ج-4/ كتاب الحدود باب 16/4403.

(4)

البيهقي: ج-4 /ص 217.

ص: 398

حالات الفطر في رمضان:

أولاً: الفطر الواجب: يجب الفطر على الحائض والنفساء وعليهما القضاء فقط.

ثانياً: الفطر الجائز:

-1- يجوز الفطر للشيخ الكبير الذي يجهده الصوم، والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، لقول الله تعالى:(لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)(1)، وعليهما أن يطعما عن كل يوم مسكيناً لقوله تعالى:(وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)(2) . وفي حالة عدم القدرة على الفدية فإن الكفارة لا تسقط عنه، وتسقط بتكفير غيره عنه.

-2- الحامل والمرضع:

أ- إن خافتا على الولد فقط فأفطرتا فعليهما الفدية والقضاء.

⦗ص: 400⦘

ب- إن خافتا على أنفسهما فأفطرتا فعليهما القضاء فقط كالمريض.

-3- المريض: يجوز الفطر للمريض الذي يخاف من صومه ازدياد مرضه أو إعطاء برئه، أو يخاف على نفسه من شدة عطش أو جوع، وعليه القضاء فقط، لقوله تعالى:{فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} (3) . ويلحق المغمي عليه بالمريض من حيث القضاء إذا أغمي عليه يوماً كاملاً، أما إن أفاق جزءاً من النهار صح صومه ولا قضاء عليه.

أما إن كان المرض لا علاقة للصوم به كوجع الضرس ونحوه فلا يباح للمكلف الفطر، لأنه لا ضرر عليه بالصوم.

ويجوز لمن مرض أثناء النهار الفطر.

-4- يجوز الفطر للمسافر سفراً طويلاً مباحاً، ولو كان السفر في أثناء النهار. لكن بشرط أن لا يفطر حتى يغادر بنيان المدينة، وعليه القضاء بدليل الآية:{فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} (3)، ولما روى جابر رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كُراع الغميم. فصام الناس. ثم دعا بقدح من ماء فرفعه. حتى نظر الناس إليه. ثم شرب. فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام. فقال: أولئك العصاة. أولئك العصاة) (4) . ويجوز للمسافر أن يفطر بما شاء ولو بالجماع.

-5- يجوز لصاحب العمل الشاق أن يفطر إن خاف بالصوم تلفاً، ويتضرر إن ترك صنعته، وليس لديه ما ينفق منه وعليه القضاء، أما إن كان لا يتضرر بترك صنعته في رمضان وعنده ما ينفق منه فعليه تركها والقيام بفرض الصيام.

-6- يجوز الفطر لمن احتاج إلى قتال عدو أو أحاط العدو ببلده ورأى أن الصوم يضعفه ولو بدون سفر نصاً وقد فعله الشيخ تقي الدين وأمر به لما نازل العدو دمشق لدعاء الحاجة.

⦗ص: 401⦘

(1) البقرة: 286.

(2)

البقرة: 184.

(3)

البقرة: 184.

(4)

مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 15/90.

ص: 399

ثالثاً الفطر المحرم

-1- من أفطر عامداً بإحدى المفطرات (عدا الجماع) بغير عذر فعليه القضاء والإمساك باقي اليوم.

-2- من أفطر بالجماع عمداً فعليه القضاء والإمساك باقي اليوم والكفارة.

رابعاً: الفطر بسبب الخطأ أو الجهل:

-1- من أفطر خطأ أو جهلاً بإحدى المفطرات (عدا الجماع) فعليه القضاء والإمساك باقي اليوم.

-2- من أفطر بالجماع خطأ أو جهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فعليه القضاء والإمساك باقي اليوم والكفارة، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال:(جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله. قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً قال: لا. قال: ثم جلس. فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيه تمر. فقال: تصدق بهذا. قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها (1) أهل بيت أحوج إليه منا. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه. ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك) (2) .

أما من أفطر بالجماع في غير رمضان فلا كفارة عليه لعدم حرمة الزمان، ولأن النص إنما ورد بالجماع في رمضان.

الكفارة:

تجب الكفارة على الرجل وعلى المرأة أيضاً إن طاوعت وكانت غير ناسية وغير جاهلة للحكم، وهناك قول آخر: لا تجب الكفارة إلا على الواطئ، ولا تجب

⦗ص: 4⦘

على المرأة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر امرأة المواقع بالكفارة، لكن يفسد صومها. والقول الأول هو المعتمد.

(1) هما الحّتان. والمدينة بين حرتين. والحرة الأرض الملبسة حجارة سوداء.

(2)

مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 14/81.

ص: 401

ما يستحب للصائم:

-1- ينبغي للصائم أن يكف اللسان عن فضول الكلام والشتم والمعاصي، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم)(1) .

وأما كفه عن الحرام كالغيبة والنميمة والكذب فواجب في كل زمان.

-2- يستحب للصائم السحور، لما روى أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تسحروا، فإن في السحور بركة)(2) .

-3- يستحب للصائم تأخير السحور وتعجيل الإفطار، لما روى أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور)(3) .

-4- أن يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد فعلى ماء، لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رُطبات. فإن لم تكن رُطبات فتميرات. فإذا لم تكن تميرات، حسا حسوات من ماء)(4) .

-5- يستحب الدعاء عقب فطره بالمأثور كأن يقول: "اللهم إني لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت، وبك آمنت، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن الله، يا واسع الفضل اغفر لي، الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت".

-6- يستحب الإكثار من الصدقة والإحسان إلى ذوي الأرحام والفقراء والمساكين.

⦗ص: 405⦘

-7- الاشتغال بالعلم وتلاوة القرآن والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما تيسر له ذلك ليلاً أو نهاراً.

-8- الاِعتكاف.

-9- تحري ليلة القدر لقوله تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر)(5) ، ويكون التحري في العشر الأواخر من رمضان وآكدها ليالي الوتر، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم في العشر الأواخر فاطلبوها في الوتر منها)(6) . فينبغي أن يجتهد في ليالي الوتر من العشر كله ويكثر من الدعاء لعله يوافقها ويدعو بما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قلت يا رسول الله: أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عني)(7) .

(1) البخاري: ج-2/ كتاب الصوم باب 9/1805.

(2)

البخاري: ج-2/ الصوم باب 20/1843.

(3)

مسند الإِمام أحمد: ج-5 /ص 145.

(4)

الترمذي: ج-3/ كتاب الصوم باب 10/696.

(5)

القدر: 3.

(6)

مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 40/207. وأمارات ليلة القدر أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء وليس فيها شعاع. روى الإِمام أحمد في مسنده (5/ص 324) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة كأن فيها قمراً ساطعاً ساكنة ساجية لا برد فيها ولا حر ولا يحل لكوكب أن يرمى بها فيها حتى تصبح، وإن أماراتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ولا يحل للشيطان أن يخرج معا يومئذ) .

(7)

الترمذي: ج-5/ كتاب الدعوات باب 85/3531.

ص: 404

ما يكره للصائم:

-1- ذوق الطعام، فإن فعل فلم يصل شيء إلى حلقه لم يضره.

-2- مضغ العلك القوي الذي لا يتحلل منه شيء، فإن كان ما يتحلل وابتلع منه شيء فيفطر فاعله.

-3- الغوص في الماء لئلا يدخل الماء في أذنيه، فإن دخل فهو كالداخل من المبالغة في الاستنشاق، أما الغسل فلا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً ثم يغتسل.

⦗ص: 406⦘

-4- المباشرة للصائم بلمس أو تكرار نظر أو قبلة لمن تحرك شهوته، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه، فإذا الذي رخّص له شيخ، والذي نهاه شاب)(1) .

-5- الوصال وهو أن يصوم يومين لا يفطر بينهما، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال. قالوا: إنك تواصل، قال: إني لست كهيئتكم إني أُطعم وأُسقى) (2) . فإن أخر فطره إلى السحر جاز، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يوصل فليواصل حتى السحر. قالوا: فإنك تواصل، قال: إني لست كهيئتكم، إن لي مُطعماً يطعمني وساقياً يسقيني)(3) .

-6- السواك بعود رطب، أما بعود جاف فجائز إذا لم يتحلل منه شيء.

-7- أن يترك بقية طعام بين أسنانه.

(1) أبو داود: ج-2/ كتاب الصوم باب 35/2387.

(2)

مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 11/55.

(3)

أبو داود: ج-2/ كتاب الصوم باب 24/2361.

ص: 405

-2ً- الصيام المسنون

حكمه: مستحب، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام. فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جنة. فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يسخب. فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)(1) .

أفضله: صيام داود عليه السلام للقادر عليه، وهو صوم يوم وإفطار يوم، لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحب

⦗ص: 407⦘

الصيام إلى الله صيام داود وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه. وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً) (2) .

(1) مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 30/163.

(2)

مسلم: ج-2/ الصيام باب 35/189.

ص: 406

أقسامه:

آ- ما يتكرر بتكرار الأسابيع:

صيام يومي الاثنين والخميس، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى صوم الاثنين والخميس)(1)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس. فأحب ان يعرض عملي وأنا صائم)(2) .

ب- ما يتكرر بتكرر الأشهر:

يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أصلي الضحى) (3) ، ويستحب أن يجعلها الأيام البيض، لما روى أبو ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة)(4) .

جـ - ما يتكرر بتكرر السنين:

-1- يستحب الصيام في محرم، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان، شهر المحرم. وأفضل الصلاة بعد الفريضة، صلاة الليل)(5) ، وآكدها صوم اليوم التاسع واليوم العاشر (عاشوراء) من المحرم، لما روى أبو قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في

⦗ص: 408⦘

صيام يوم عاشوراء: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)(6) ، وروى ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) (7) .

-2- صيام عشر ذي الحجة، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر. فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الجهاد في سبيل الله. إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)(8) ، وآكدها صوم يوم عرفة وهو التاسع من ذي الحجة لغير الحاج للتقوي على الدعاء، لما روى أبو قتادة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صوم يوم عرفة:(أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده)(9) .

-3- صيام ست من شوال، لما روى أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)(10) ، وتحصل السنة بصيامها ولو غير متصلة ولا متتابعة.

(1) الترمذي: ج-3 / كتاب الصوم باب 44 / 745.

(2)

الترمذي: ج-3 / الصوم باب 44/747.

(3)

الترمذي: ج-3 /الصوم باب 54/760.

(4)

الترمذي: ج-3 /الصوم باب 54/761.

(5)

مسلم: ج-2 /كتاب الصيام باب 38/202.

(6)

مسلم: ج-2 /الصيام باب 36/196.

(7)

مسلم: ج-2 /الصيام باب 20/134.

(8)

الترمذي: ج-3/ كتاب الصوم باب 52/757.

(9)

مسلم: ج-2 /كتاب الصيام باب 36/196.

(10)

مسلم: ج-2 /الصيام باب 39/204.

ص: 407

-3ً- الصيام المكروه

-1- يكره إفراد يوم الجمعة بالصيام، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَصُم أحدكم يوم الجمعة. إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده)(1) .

⦗ص: 409⦘

-2- يكره إفراد يوم السبت بالصوم، لحديث عبد الله بن بُسر عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم)(2) فإن لم يفرد ذلك وصام الجمعة والسبت معاً فلا يكره.

-3- يكره إفراد أعياد الكفار بالصيام لما فيه من تعظيمها والتشبه بأهلها.

-4- يكره صوم الدهر، لما روى أبو قتادة رضي الله عنه: (

فقال عمر: يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر

) (3) .

-5- يكره إفراد رجب بالصوم لما فيه من تشبيه برمضان، إلا إذا أفطر في أثنائه فلا يكره.

-6- يكره صوم يوم الشك تطوعاً، وهو اليوم الذي يشك فيه هل هو من شعبان أو من رمضان، إذا كان صحواً. ويحتمل أنه محّرم لقول عمار رضي الله عنه:(من صام اليوم الذي يَشُك فيه الناس، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم (4) والمعصية حرام.

-7- يكره استقبال رمضان بصيام يوم أو يومين، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقدموا صيام رمضان بيوم ولا يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فيصومه)(5) . وما وافق من هذا كله عادة فلا بأس بصومه لهذا الحديث.

(1) مسلم: ج-2 /الصيام باب 24/147.

(2)

الترمذي: ج-3 /الصوم باب 43/744.

(3)

مسلم: ج-2 /كتاب الصيام باب 36/196.

(4)

الترمذي: ج-3 /كتاب الصوم باب 3/686.

(5)

ابن ماجة: ج-1/ كتاب الصيام باب 5/165.

ص: 408

-4ً- الصيام المُحرَّم

-1- يحرم صيام يومي العيدين: يوم الفطر ويوم الأضحى، لحديث أبي سعيد رضي الله عنه قال:(نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر ويوم النحر)(1) .

⦗ص: 410⦘

-2- يحرم صيام أيام التشريق الثلاثة، لحديث نُبيشة الهُذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيام التشريق أيام أكل وشرب)(2) .

-3- يحرم صيام المرأة نفلاً بغير إذن زوجها إن كان حاضراً، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه)(3) .

(1) البخاري: ج-2/ كتاب الصوم باب 65/1890.

(2)

مسلم: ج-2/ الصيام باب 23/144.

(3)

البخاري: ج-2/ كتاب الصوم باب 84/4896.

ص: 409

حكم الإفطار في صيام غير رمضان

-1- يجوز الخروج من صوم التطوع وليس عليه قضاء، لما روت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:(قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يا عائشة هل عندكم شيء؟ قالت فقلت: يا رسول الله ما عندنا شيء. قال: فإني صائم. قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهديت لنا هدية - أو جاءنا زَوْرٌ - قالت: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رضي الله عنه سول الله أهديت لنا هدية - أو جاءنا زور - وقد خبأن لك شيئاً. قال: ما هو؟ قلت: حَيْس. قال: هاتيه. فجئت به فأكل. ثم قال: قد كنت أصبحت صائماً)(1) .

-2- يستحب الخروج من صوم مكروه، لما روت جويرية بنت الحارث رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة، وهي صائمة، فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا. قال: تريدين أن تصومي غداً؟ قالت: لا. قال: فأفطري)(2) .

-3- يحرم الإفطار من صوم واجب كقضاء أو نذراً أو كفارة، فإن أفطر لم يلزمه أكثر مما كان عليه.

⦗ص: 411⦘

(1) مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 32/169.

(2)

البخاري: ج-2/ كتاب الصوم باب 62/1885.

ص: 410