المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثاني (الأذان والإقامة) - فقه العبادات على المذهب الحنبلي

[سعاد زرزور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلفة

- ‌تقديم الشيخ أحمد الشامي، مفتي دوما وعالمها

- ‌لمحة عن حياة الإمام أحمد

- ‌نسبه:

- ‌طلبه للعلم ومنزلته العلمية:

- ‌محنته:

- ‌كتبه:

- ‌تلاميذه:

- ‌أولاده:

- ‌متن الكتاب

- ‌تعريف الفقه

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول (تعريف الطهارة)

- ‌الباب الثاني (الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة)

- ‌الباب الثالث (أحكام التخلي)

- ‌الباب الرابع (الوضوء)

- ‌الباب الخامس (الغسل)

- ‌الباب السادس (التيمم)

- ‌الباب السابع (الحيض والاستحاضة والنفاس)

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول (تعريف الصلاة)

- ‌الباب الثاني (الأذان والإقامة)

- ‌الباب الثالث (شروط الصلاة)

- ‌الباب الرابع

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الباب الخامس (صلاة التطوع)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الباب السادس (صلاة الجماعة)

- ‌الباب السابع (صلاة الجمعة)

- ‌الباب الثامن (صلاة المسافر)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الباب التاسع (صلاة الخوف)

- ‌الباب العاشر (الجنائز)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (محال الزكاة)

- ‌الباب الثالث (زكاة الفطر)

- ‌الباب الرابع (أداء الزكاة)

- ‌الباب الخامس (صدقة التطوع)

- ‌كتاب الصيام

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (الاِعتكاف)

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (أركان الحج)

- ‌الباب الثالث (واجبات الحج)

- ‌الباب الرابع (سنن الحج)

- ‌الباب الخامس

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس

- ‌الباب السادس (العمرة)

- ‌الباب السابع (الهدي)

الفصل: ‌الباب الثاني (الأذان والإقامة)

‌الباب الثاني (الأذان والإقامة)

ص: 146

تعريف الأذان:

لغة: الإعلام، بدليل قوله تعالى:(وأذان من الله ورسوله) .

شرعاً: إعلام بدخول وقت الصلاة.

(1) التوبة: 3.

ص: 146

تعريف الإقامة:

لغة: مصدر أقام.

شرعاً: إعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص.

حكمها:

-1ً- فرض كفاية لأداء الصلوات الخمس، لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، على الرجال الأحرار، فإن أتفق أهل بلد على ترك الأذان قوتلوا عليه.

ويشترط لإجزاء الأذان أن يكون بعد دخول الوقت لأنه لا يحصل المقصود منه قبل الوقت إلا في الفجر فيجزىء الأذان لها بعد الليل لحديث مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان لرسول الله صلىالله عليه وسلم مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم الأعمى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حيى يؤذن ابن أم مكتوم

) (2) ، ولأنه وقت نوم فيحتاج للتأذين قبل الوقت ليتنبه النائم ويتأهب [ص-147] للصلاة، لكن بشرط أن يكون عادة لئلا يغر الناس وأن يكون معه من يؤذن في الوقت كفعل بلال وابن مكتوم..

أما الإقامة فلا يجوز تقديمها على الوقت لأنها تراد لافتتاح الصلاة ولا تفتح قبل الوقت.

-2ً- سنة:

آ- الأذان للفائتة لجديث أبي قتادة رضي الله عنه وفيه: (أنهم فاتتهم صلاة الصبح فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره. قال فقمنا فزعين

ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين. ثم صلى الغداة

) (3) . وإن كثرت الفوائت أذن للأولى وأقام لكل واحدة، لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:(إن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالاً فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء)(4) ، وكذلك إن جمع بين صلاتين، لما روى عن جابر ابن رضي الله عنهما قال:(سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له حتى إذا انتهى إلى بطن الوادي خطب الناس ثم أذن بلال ثم أقام الصلاة فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئاً)(5) ، فإن ترك الأذان للفائتة فلا بأس، لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:(كنا في غزوة فحبسنا المشركون عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلما انصرف المشركون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً فأقام لصلاة الظهر فصلينا وأقام لصلاة العصر فصلينا وأقام لصلاة المغرب فصلينا وأقام لصلاة العشاء فصلينا ثم طاف علينا فقال: ما على الأرض عصابة يذكرون الله عز وجل غيركم)(6) .

⦗ص: 148⦘

ب- للمنفرد: لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يعجب ربكم من راعي غنم في رأس شظيةٍ بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم للصلاة، يخاف مني، قد غفرت لعبدي، وأدخلته الجنة)(7) .

(1) التوبة: 3.

(2)

مسلم: كتاب الصيام باب 8/38.

(3)

مسلم: ج-1/كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 55/311.

(4)

الترمذي: ج-1/كتاب الصلاة باب 132/179.

(5)

النسائي: ج-2 /ص-15.

(6)

النسائي: ج-2/ص-18.

(7)

أبو داود: ج-2/ كتاب الصلاة باب 272/1203.

ص: 146

جـ- للمسافر:

-3ً- مكروه: يكره الأذان والإقامة للنساء والخنثى ولو كانا بلا رفع صوت. بل لا يصحان منهن، ويحرم إن جهرن بهما. (أما إمامة المرأة لنسوة مثلها فتسن) .

صيغة الأذان والإقامة:

عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه قال: (لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلا. قال: فقال تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت لصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها لرؤية حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتاً منك، فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن

⦗ص: 149⦘

به، فسمع ذلك عمر- رضي الله عنه وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم فلله الحمد) (1) . فهذا صفة الأذان والإقامة المستحب، فإن رجع في الأذان (يسر كلمتي الشهادة ثم يجهر بهما) أو ثنى الإقامة فلا بأس لأنه من الاختلاف المباح. ويسَن التثويب في أذان الصبح وهو قول المؤذن:"الصلاة خير من النوم" مرتين بعد حي على الفلاح لما روى أبو محذورة رضي الله عنه قال: (كنت أوذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت أقول في أذان الفجر الأول: حيّ على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)(2) . ويكره التثويب في غير الصبح، لما روى بلال رضي الله عنه قال:(أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أثوب في الفجر ونهاني أن أثوب في العشاء)(3)، وعن مجاهد قال:(كنت مع ابن عمر فثوب رجل في الظهر، أو العصر، قال: أخرج بنا فإن هذه بدعة)(4) .

(1) أبو داود: ج-1/ كتاب الصلاة باب 28/499.

(2)

النسائي: ج-2/ ص 14.

(3)

ابن ماجة: ج-1/ كتاب الأذان والسنة فيها باب 3/715.

(4)

أبو داود: ج-1/ كتاب الصلاة باب 45/538.

ص: 148

شروط صحة الأذان والإقامة:

-1ً- ترتيبهما: فلا يصح الأذان والإقامة إلا مرتبين، لأنه ذكر معتد به فلا يجوز الإخلال بنظمه.

-2ً- التوالي عرفاً: لأن المقصود منها الإعلام ولا يحصل إلا بالموالاة، فإن سكت سكوتاً طويلاً أعاد.

-3ً- أن يكون الأذان من شخص واحد، فإذا بدأ شخص بالأذان وكمل آخر فلا يصح ولو كان لعذر بأن مات أو جن، لأنها عبادة بدنية فلا يَبْني فعله على فعل غيره كالصلاة فإن أغمي عليه ثم أفاق عن قريب بنى وإن طال الفصل أعاد لتحصيل الموالاة. ولا بأس أن يؤذن اثنان أحدهما بعد الآخر لما روى ابن عمر

⦗ص: 150⦘

رضي الله عنهما قال: (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم الأعمى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن مكتوم. قال: ولم يكن بينهما إلا ينزل هذا ويرقى هذا)(1) . ولا يسن أن يؤذن أكثر من اثنين إلا أن تدعو إليه حاجة فيجوز.

-4ً- النية: لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى)(2) .

-5ً- دخول الوقت إلا في الفجر فيصح الأذان بعد نصف الليل.

(1) مسلم: ج-2/ كتاب الصيام باب 8/38.

(2)

مسلم: ج-3/ كتاب الإمارة باب 45/155.

ص: 149

ما يكره في الأذان:

يكره الكلام في الأذان، فإن تكلم بكلام طويل استأنف لإِخلاله بالموالاة، وإن كان يسيراً بنى، لأن الكلام اليسير لا يبطل الخطبة، إلا أن يكون محرماً ففيه وجهان، أحدهما: لا يبطل لأنه لا يخل بالمقصود، والثاني: يبطل لأنه فعل محرماً فيه وهو المعتمد.

ما يستحب في الأذان والإقامة:

-1ً- يستحب أن يؤذن في أول الوقت ليعلم الناس بوقت الصلاة فيتهيؤوا لها، وقد روي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:(كان بلال لا يؤخر الأذان عن الوقت وربما أخر الإقامة شيئاً)(1) ، ويؤخر الإقامة، لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال:(يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر (2) ، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من

⦗ص: 151⦘

شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني) (3) ، ولأن الإقامة لافتتاح الصلاة فينبغي أن تتأخر قدراً يتهيؤون فيه للصلاة، ويسن للمؤذن في المغرب أن يجلس جلسة خفيفة بين الأذان والإقامة.

-2ً- يستحب التثويب في أذان الفجر، أي يقول بعد الحيعلتين:"الصلاة خير من النوم" مرتين.

-3ً- تستحب الإقامة في موضع الأذان، إلا أن يشق على المؤذن لكونه أذن في مكان بعيد.

-4ً- يستحب أن يكون المؤذن هو نفسه المقيم، لما روى زياد بن الحارث الصُّداني (أنه أذن فجاء بلال ليقيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أخاً صُداء أذن، ومن أذن فهو يقيم) (4) ، وإن أقام غيره جاز، لما روى أبو داود في حديث الأذان عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ألقه على بلال فألقاه عليه، فأذن بلال، فقال عبد الله: أنا رأيته، وأن كنت أريده، قال: فأقم أنت)(5) .

ولا يجوز أخذ الأجرة على الأذان، لما روى عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال:(إن من آخر ما عهد إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً)(6) ، ولأنه قربة لفاعله أشبه الإمام. فإن لم يوجد من يتطوع به رزق الإمام من بيت المال من يقوم به، لأن الحاجة داعية إليه فجاز أخذ الرزق عليه كالجهاد، ويقال له جُعالة (7) ولا يقال له أجر، أما إن وجد متطوع به فلا يرزق، لأن المال للمصلحة فلا يعطى لغير مصلحة.

⦗ص: 152⦘

(1) ابن ماجة: ج-1/ كتاب الأذان والسنة فيها باب 3/713.

(2)

إحدر: أي أسرع.

(3)

الترمذي: ج-1/ كتاب الصلاة باب 143/195.

(4)

ابن ماجة: ج-1/ كتاب الأذان باب 3/717.

(5)

أبو داود: ج-1/ كتاب الصلاة باب 30/512.

(6)

الترمذي: ج-1/ كتاب الصلاة باب 155/209.

(7)

وإن كان وقف يدفع ثمنه يقال عن ثمنه نزول عن اختصاص وعن النجاسة كذلك.

ص: 150

شروط المؤذن:

-1ً- مسلمٌ: فلا يصح الأذان من كافر.

-2ً- عاقلٌ: فلا يصح من طفل ولا مجنون، لأنهما غير أهل للعبادات. أما أذان الصبي العاقل ففيه وجهان، أحدهما: يصح لأنه مشروع لصلاته وهو من أهل العبادات وهذا الوجه هو المعتمد، الثاني: لا يصح لأنه إعلام بالوقت ولا يقبل فيه خبره.

-3ً- ذكرٌ: فلا يصح من الأنثى الأذان ولا الإِقامة، لأنه يشرع فيهما رفع الصوت والنساء لسن من أهل ذلك، وكذا الخنثى المشكل لأنه لا يعلم كونه ذكراً.

-4ً- عدلٌ: ولو ظاهراً، فلا يعتد بأذان ظاهر الفسق، لأنه الرسول عليه الصلاة والسلام وصف المؤذنين بالأمانة والفاسق غير أمين، (أما مستور الحال أي غير ظاهر الفسق فيصح أذانه بغير خلاف) وقيل يصح لأنه مشروع لصلاته وهو من أهل العبادات.

ما يسن للمؤذن:

-1ً- أن يكون أميناً، لأنه مؤتمن على الأوقات، ولأنه يؤذن في موضع عالٍ فلا يؤمن منه النظر إلى العورات.

-2ً- أن يكون صيِّتاً (1)، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد اللله بن زيد رضي الله عنه في الحديث المتقدم:(فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتاً منك) ، ولأنه أبلغ في الإعلام المقصود بالأذان.

-3ً- أن يكون عالماً بالأوقات ليتمكن من الأذان في أولها، فإن لم يكن عالماً بالوقت فلا يؤمن منه الخطأ.

⦗ص: 153⦘

-4ً- أن يكون طاهراً من الحدثين، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤذن إلا متوضئ)(2) ، والطهارة للإقامة آكد منها للأذان لأنها أقرب إلى الصلاة، فإن كان جُنباً كره له الأذان والإقامة، أما إن كان حدثه أصغراً فلا كراهة في أذانه وكرهت إقامته.

-5ً- أن يكون بصيراً لأن الأعمى لا يعلم أوقات الصلاة، إلا أن يكون معه بصير يؤذن قبله كبلال مع ابن مكتوم.

وإن تشاحّ اثنان في الأذان قُدِّم أكملها في هذا الخصال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم بلالاً على عبد الله بن زيد رضي الله عنهما، فإن استويا في الصفات أقرع بينهما، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يَسْتَهِمُوا عليه لاستهموا)(3) . وعن الإمام أحمد: يقدّم من يرضاه الجيران، لأن الأذان لإعلامهم فكان لرضاهم أثر في التقديم.

-6ً- يستحب أن يؤذن قائماً، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يا بلال قم فنادِ بالصلاة)(4) ، ولأنه أبلغ في الإسماع. أما إن كان في سفر وأذن قاعداً أو راكباً جاز، لأن الصلاة آكد منه وجازت.

-7ً- يستحب أن يؤذن على مكان مرتفع، لأنه أبلغ في الإعلام، وقد كان بلال رضي الله عنه يؤذن على سطح بيت امرأة، وأن يرفع صوته، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(المؤذن يُغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس)(5) ولا يجهد نفسه فوق طاقته لئلا ينقطع نفسه ويؤذي نفسه، وإذا أذن لنفسه في مصر أو لفائتة لم يجهر، أما إن كان في صحراء فيجهر في الوقت، لما

⦗ص: 154⦘

روى أبو سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن، جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة)(6) .

-8ً- أن يؤذن مستقبلاً القبلة، وأن يلتفت يميناً إذا قال:"حي على الصلاة" ويساراً إذا قال "حي الفلاح" ولا يزيل قدميه.

-9ً- أن يجعل أصبعيه في أذنيه، لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه:(رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويُتبع فاه ههنا وههنا وغصبعاه في أذنيه)(7) .

-10ً- أن يترسل في الأذان وأن يحدر الإِقامة، لحديث جابر رضي الله عنه المتقدم:(يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر) . ويكره التمطيط والتلحين، وفي رواية لا يصح الأذان بالتلحين لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذن يطرّب (ينغم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأذان سمح فإن كان أذانك سهلاً سمحاً وإلا فلا تؤذن)(8) .

-11- يسن للمؤذن أن يرفع وجهه إلى السماء، وقبل عند الشهادتين وقيل عند كلمة الإخلاص.

(1) شديد الصوت ورفيعه.

(2)

الترمذي: ج-1/ كتاب الصلاة باب 147/200.

(3)

الترمذي: ج-1/ كتاب الصلاة باب 28/129.

(4)

الترمذي: ج-1/ كتاب الصلاة باب 1/1.

(5)

الترمذي: ج-1/ كتاب الصلاة باب 31/515.

(6)

البخاري: ج-1/ كتاب الأذان باب 5/584.

(7)

الترمذي: ج-1/ كتاب الصلاة باب 144/197.

(8)

رواه الدارقطني: ج-1/ص 239.

ص: 152

ما يسن لسامع الأذان:

-1ً- يسن للسامع أن يجيب المؤذن، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)(1)، إلا في الحيعلتين فيقول عقب كل منهما:"لا حول ولا قوة إلا بالله"، وعقب التثويب يقول: صدقت وبررت. وعقب كلمة الإقامة يقول: "أقامها الله وأدامها"، لما

⦗ص: 155⦘

روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله. ثم قال: أشهد أن محمداً رسول الله قال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: حيّ على الصلاة، قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله، من قلبه، دخل الجنة" (2) . ومن كان في قراءة أثناء الأذان قطعها ليجيب المؤذن، لأن القراءة لا تفوت والإجابة تفوت.

-2ً- ويسن لسامع الأذان أن يسأل الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم الوسيلة بعد الأذان، لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة)(3) . وروى سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً غفر له ذنبه)(4) .

-3ً- ويستحب الدعاء بين الأذان والإقامة، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة)(5) .

كما تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما

⦗ص: 156⦘

يقول ثم صلوا علي، فإن من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) (6) .

تعقيب: يحرم بعد الأذان الخروج من المسجد بلا عذر أو نية رجوع إليه إلا إذا كان أذان الفجر الأول فلا مانع.

⦗ص: 157⦘

(1) مسلم: ج-1/ كتاب الصلاة باب 7/10.

(2)

مسلم: ج-1/ كتاب الصلاة باب 7/12.

(3)

البخاري: ج-1/ كتاب الأذان باب 8/589.

(4)

مسلم: ج-1/ كتاب الصلاة باب 7/13.

(5)

الترمذي: ج-1/ كتاب الصلاة باب 158/212.

(6)

مسلم: ج-1/ كتاب الصلاة باب 7/11.

ص: 154