المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل الرابع - فقه العبادات على المذهب الحنبلي

[سعاد زرزور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلفة

- ‌تقديم الشيخ أحمد الشامي، مفتي دوما وعالمها

- ‌لمحة عن حياة الإمام أحمد

- ‌نسبه:

- ‌طلبه للعلم ومنزلته العلمية:

- ‌محنته:

- ‌كتبه:

- ‌تلاميذه:

- ‌أولاده:

- ‌متن الكتاب

- ‌تعريف الفقه

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول (تعريف الطهارة)

- ‌الباب الثاني (الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة)

- ‌الباب الثالث (أحكام التخلي)

- ‌الباب الرابع (الوضوء)

- ‌الباب الخامس (الغسل)

- ‌الباب السادس (التيمم)

- ‌الباب السابع (الحيض والاستحاضة والنفاس)

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول (تعريف الصلاة)

- ‌الباب الثاني (الأذان والإقامة)

- ‌الباب الثالث (شروط الصلاة)

- ‌الباب الرابع

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الباب الخامس (صلاة التطوع)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الباب السادس (صلاة الجماعة)

- ‌الباب السابع (صلاة الجمعة)

- ‌الباب الثامن (صلاة المسافر)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الباب التاسع (صلاة الخوف)

- ‌الباب العاشر (الجنائز)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (محال الزكاة)

- ‌الباب الثالث (زكاة الفطر)

- ‌الباب الرابع (أداء الزكاة)

- ‌الباب الخامس (صدقة التطوع)

- ‌كتاب الصيام

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (الاِعتكاف)

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (أركان الحج)

- ‌الباب الثالث (واجبات الحج)

- ‌الباب الرابع (سنن الحج)

- ‌الباب الخامس

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس

- ‌الباب السادس (العمرة)

- ‌الباب السابع (الهدي)

الفصل: ‌ ‌الفصل الرابع

‌الفصل الرابع

ص: 237

النوافل ذات السبب

-1ً- تحية المسجد: ودليلها ما روى أبو قتادة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين قبل أن يجلس)(1) . وسن صلاتها سواءً قصد الجلوس في المسجد أم لا باستثناء ما يلي:

-1- طيب دخل للخطبة.

-2- خادم المسجد.

-3- الداخل لصلاة عيد.

-4- من دخل ووجد الإمام يصلي المكتوبة فعليه الاقتداء فوراً.

-5- الداخل للمسجد الحرام، لأنَّ تحيته الطواف.

وتسقط صلاة تحية المسجد بالجلوس إن طال جلوسه عرفاً.

(1) مسلم: ج-1 / كتاب صلاة المسافرين باب 11/69.

ص: 237

-2- صلاة الاستخارة: عن جابر رضي الله عنه، قال: - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: (إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم

⦗ص: 238⦘

بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقْدُر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به. قال: ويسمي حاجته) (1) .

-3ً- صلاة التوبة: عن علي رضي الله عنه، قال: حدثني أبي بكر وصدق أبي بكر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله إلى آخر الآية) (2) .

-4ً- صلاة الحاجة: عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء، ثم ليصلِّ ركعتين، ثم ليُثْنِ على الله، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنباً إلى غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضاً إلا قضيتها، يا أرحم الراحمين (3) .

(1) البخاري: ج-1/ التطوع باب 1/1109.

(2)

الترمذي: ج-5/ كتاب التفسير باب 4/3006.

(3)

الترمذي: ج-2/ الصلاة باب 348/479.

ص: 237

-5ً- صلاة التسابيح: لم يرَ الإمام أحمد استحباب صلاة التسابيح لكن إن صلاها المكلف فلا بأس.

-6ً- سجود التلاوة:

دليل مشروعيته: ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن، فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضاً موضعاً لمكان جبهته (1) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله

⦗ص: 239⦘

صلى الله عليه وسلم: (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله، أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار)(2) .

وقد أجمعت الأمة على أنه مشروع عند قراءة مواضع مخصوصة من القرآن.

حكمه:

-1- هو سنة للقارئ والمستمع (ولا يسن للسامع من غير قصد) .

-2- وهو واجب على المأموم إذا سجد إمامه في الصلاة الجهرية، (يكره للإمام أن يقرأ آية سجدة في الصلاة السرية وأن يسجد لها، وأن يسجد لها، وإذا سجد خُيِّر المأموم بين الإِتباع والترك) .

شروط السجود:

-1ً- أن لا يطول الفصل عرفاً بينه وبين سببه، فإن كان القارئ أو المستمع محدثاً ولا يقدر على استعمال الماء تيمم وسجد، أما إذا كان قادراً على استعمال الماء فإن السجود يسقط عنه لأنه لو توضأ طال الفصل.

-2ً- ويشترط فيه ما يشترط لصحة الصلاة من الطهارة واجتناب النجاسة واستقبال القبلة والنية غير ذلك.

-3ً- ويشترط للمستمع إضافة إلى ذلك شرطان:

أ- أن يصلح القارئ لإمامه السامع ولو في صلاة نفل، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن غلاماً قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة، فانتظر الغلام النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد فلما لم يسجد. قال: يا رسول الله أليس في هذه السجدة

⦗ص: 240⦘

سجود؟ قال: بلى. ولكنك كنت إمامنا فيها ولو سجدت لسجدنا) (3) . لذا لا يسجد المستمع إذا سمع آية السجدة من إمرأة أو خنثى أو من غير آدمي كالآلة الحاكية والببغاء، ولكن يسن للمستمع أن يسجد إن كان القاريء أمياً أو مقعداً أو صبياً مميزاً لأنه يصح للإمامة في صلاة النافلة. ولا يسجد المستمع أمام القارئ ولا عن يساره إذا كان يمينه خالياً.

ب- أن يسجد القارئ فإن لم يسجد فلا يسن للمستمع أن يسجد للحديث المتقدم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه.

أركانه:

في الصلاة: سجدة والرفع منها.

وفي خارج الصلاة: تزاد التسليمة.

كيفيته:

في الصلاة وخارجها سجدة ما بين تكبيرتين. وإذا كانت السجدة آخر السورة وهو في الصلاة سجد ثم قام فقرأ شيئاً ثم ركع، وإن أحب قام فقرأ شيئاً ثم ركع، وإن أحب قام ثم ركع من غير قراءة، وللمكلف أن يومئ في السجود على الراحلة كصلاة السفر ويشترط له ما يشترط الناقلة.

واجباته:

-1- تكبيرتان: تكبير السجود وتكبير للرفع منه.

-2- التسبيح في السجود كتسبيحات سجود الصلاة.

مندوباته:

أن يدعو في السجود بما روته عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل: (سجد وجهي للذي خلقه وشقَّ

⦗ص: 241⦘

سمعه وبصره بحوله وقوته) (4) . وروى الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة، فسجدتُ فسجدتِ الشجرة لسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً. وضَعْ عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود. قال ان عباس: فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد قال: فقال ابن عباس: فسمعته وهو يقول مثلما أخبره الرجل عن قول الشجرة)(5) . ومهما قال من ذلك فحسن.

(1) مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 20/103.

(2)

مسلم: ج-1/ كتاب الإيمان باب 35/133.

(3)

فتح الباري: 2/ كتاب 17 باب 8/1075، وروى البيهقي نحوه: 2 /ص 324.

(4)

الترمذي: ج-2/ الصلاة باب 407/580.

(5)

الترمذي: ج-2/ الصلاة باب 407/579.

ص: 238

ما يقوم مقام سجدة التلاوة:

يقوم مقامها أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أربع مرات.

مواضع السجدات في القرآن:

أربعة عشر: آخر الأعراف، في الرعد عند قوله تعالى:(بالغدو والأصال)، النحل عند قوله تعالى:(ويفعلون ما يؤمرون)، وفي سبحان الذي أسرى عند قوله تعالى:(يزيدهم خشوعاً)، وفي مريم:(خروا سجداً وبكياً)، وفي الحج:(يفعل ما يشاء) و (لعلكم تفلحون)، الفرقان:(وزادهم نفوراً)، النمل:(العرش العظيم)، وفي الم تنزيل عند قوله:(وهم لا يستكبرون)، وفي حم السجدة:(وهم لا يسأمون) ، وفي آخر النجم، وفي الانشقاق عند (لا يسجدون) ، وآخر أقرأ باسم ربك.

مكروهاته:

-1- يكره السجود في الأوقات التي تكره فيها النافلة.

⦗ص: 242⦘

-2- يكره اختصار السجود، وهو أن يجمع آيات السجدات فيقرأها في ركعة ويسجد لها، وقيل يكره أن يحذف أيات السجدات في قراءته لأنه محدث، وفيه إخلال بالترتيب.

-7ً- سجود الشكر:

سببه: تجدد النعم أو اندفاع النقم.

حكمه: مستحب عند تجدد النعم، لما روى أبو بكر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه إذا جاءه أمر سرور، أو بشر به خرَّ ساجداً شاكراً لله)(1) .

وصفته وشروطه كصفة سجود التلاوة وشروطه. ولا يسجد للشكر في الصلاة لأنِّ سببه ليس منها، فإن فعل بطلت.

(1) أبو داود: ج-3/ كتاب الجهاد باب 174/2774.

ص: 241

-8ًسجود السهو:

شرع سجود السهو جبراً للخلل الواقع في الصلاة.

حكمه: يختلف حكمه باختلاف سببه بالنسبة للإمام والمنفرد.

-1ً- واجب:

أ- على الإمام والمنفرد: إذا كان لما يبطل عمده الصلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وأمر به، ولأنه شرع لجبر واجب فكان واجباً كواجبات الحج.

ب- على المأموم: إذا سجد إمامه على الإطلاق سواءً كان السجود واجباً أو سنة أو مباحاً.

-2ً- سنة للإمام والمنفرد لزيارة ذكر مشروع في غير محله كالقراءة في الركوع مثلاً (وهذا عمده لا يبطل الصلاة) لحديث عبد الله رضي الله عنه، عن رسول

⦗ص: 243⦘

الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّما إنما أنا بشر مثلكم. أنسى كما تنسون. فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين. وهو جالس)(1) .

-3ً- مباح لترك سنة قولية أو فعلية.

كيفيته:

هو سجدتان كسجدتي الصلاة مع توفر شروط الصحة، فإن كان السجود قبلياً كبَّر بعد فراغه من التشهد وسجد سجدتين ثم سلَّم، وإن كان بعدياً كبَّر للسجود والرفع منه وتشهَّد وسلَّم، لما روى عمران بن حصين رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين، ثم تشهَّد، ثمَّ سلَّم)(2) .

موضعه:

-1ً- بعد التشهد وقبل السلام: في حال كون السجود واجباً، فمن تركه عمداً بطلت صلاته لأنَّه ترك واجباً فيها عمداً. وكذلك في حال كون السجود مسنوناً، كمن قرأ في الركوع، أو مباحاً كمن اقتصر على مرة في التسبيح.

-2ً- بعد السلام:

أ- إن ترك السجود الواجب قبل السلام سهواً، لأنه فاته واجب فيقضيه. هذا إن كان تذكره قبل طول الفصل وإن كان تكلم، أما إن طال الفصل أو خرج من المسجد فيسقط عنه السجود، وعن الإمام أحمد أنَّه يعيد الصلاة.

ب- إذا سلم من نقصان في صلاته لحديث أبي هريرة رضي الله عنه (أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيتَ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين. فقال: الناس: نعم.

⦗ص: 244⦘

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين، ثم سلَّم، ثم كبَّر، فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع) (3) .

فمن ترك السجود المشروع بعد السلام عمداً أو سهواً لم تبطل صلاته، لأنه ترك واجباً ليس منها فلم تبطل بتركه.

(1) مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19/94.

(2)

أبو داود: ج-1/ كتاب الصلاة باب 202/1039.

(3)

البخاري: ج-1/ السهو باب 4/1170.

ص: 242

تعداده:

جود السهو لا يتعدد وإنما أُخر لآخر الصلاة ليجع السهو كله، للحديث المتقدم:(فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) . وإن كان أحد السجودين قبل السلام والآخر بعده يجزئه سجود واحد، ويسجد قبل السلام لأنه أسبق وآكد.

أسبابه:

تنحصر أسبابه في ثلاثة أقسام:

القسم الأول: الزيادة في الصلاة. والزيادة فيها إما أن تكون زيادة في الأقوال أو زيادة في الأفعال.

القسم الثاني: النقص في الصلاة:

والنقص فيها إما أن يكون:

-1- ترك ركن.

-2- ترك واجب.

-3- ترك سنة.

⦗ص: 245⦘

القسم الثالث: الشك في الصلاة:

والشك فيها إما:

-1- في عدد الركعات.

-2- في ترك ركن من أركانها.

-3- فيما يوجب سجود السهو.

وتفصيل ذلك كما يلي:

القسم الأول: الزيادة في الصلاة:

أولاً: الزيادة في الأقوال:

أ- زيادة ذكر مشروع في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود والجلوس والتشهد في القيام، والصلاة على النبي في التشهد الأول، فهذا لا يبطل الصلاة ولا يجب له سجود سهو لأن عمده غير مبطل، إنما يسن لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(فإذا نسي أحد فليسجد سجدتين) .

ب- التسليم في الصلاة قبل إتمامها:

-1- فإذا كان عمداً بطلت الصلاة لأنه تكلم فيها والكلام مبطل للصلاة.

-2- وإن كان سهواً:

(1ً) - طال الفصل: بطلت أيضاً لتعذر بناء الباقي عليها.

(2ً) - قصر الفصل: أتم صلاته وسجد بعد السلام، والدليل على ذلك ما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال:(صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي (1)، إما الظهر وإما العصر. فسلم في ركعتين. ثم أتى جِذْعَاً في قبلة المسجد فاستند إليها مُغْضَباً. وفي القوم أبو بكر وعمر. فهابا أن يتكلما. وخرج سرعان الناس. قُصِرَت الصلاة. فقام ذو اليدين فقال: يا رسول الله أقُصِرَت الصلاة أم

⦗ص: 246⦘

نسيتَ؟ فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يميناً وشمالاً. فقال: ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: صدق لم صلي إلا ركعتين فصلى ركعتين وسلَّم. ثم كبَّر ثم سجد. ثم كبَّر فرفع ثم كبَّر وسجد ثم كبَّر ورفع فإن كان قيامه. قال: وأخبرت عن عمران بن حصين أنه قال: وسلَّم) (2) .

(3ً) - وأما إن انتقض وضوءه أو دخل في صلاة أخرى أو تكلم في غير شأن الصلاة كقوله اسقني ماءً فسدت صلاته، لحديث:(إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس..)(3) .

جـ - الكلام في صلب الصلاة:

-1- يبطل الصلاة:

(1ً) - إن تكلم عمداً بحرفين فصاعداً، لما روى زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:(كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: وقوموا لله قانتين. أمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام)(4) . أما إن كان ناسياً أو جاهلاً بالتحريم ففيه روايتان: الأولى: يبطلها لأنه من غير جنس الصلاة فأشبه العمل الكثير، والثانية: لا يبطلها.

(2ً) - أن شمت عاطساً أو رد سلاماً أو سلم على إنسان لأنَّه من كلام الآدميين.

(3ً) - القهقهة تبطل الصلاة لكن لكن لا تنقض الوضوء، لحديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:(الضحك ينقض الصلا ولا ينقض الوضوء)(5) .

-2- لا يبطل الصلاة:

(1ً) - إن غلبه البكاء فنشج بما انتظم حروفاً - لا تبطل صلاته، لأن عمر رضي الله عنه كان يسمع نشيجه من وراء الصفوف.

⦗ص: 247⦘

(2ً) - إن أخطأ في القراءة وأتى بكلمة من غيرها لا تبطل صلاته، لأنه لا يمكن التحرز منه.

(3ً) - وإن نام يسيراً فتكلم لا تفسد صلاته لأنه عن غلبة.

(1) العشيّ: قال الأزهري: العشي عند العرب ما بين زوال الشمس وغروبها.

(2)

مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19/97.

(3)

مسلم: ج-1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 7/33.

(4)

مسلم: ج-1/ المساجد باب 7/35.

(5)

الدارقطني: ج-1 /173.

ص: 244

ثانياً: الزيادة في الأفعال:

أ- الزيادة من جنس الصلاة.

ب- الزيادة من غير جنس الصلاة.

جـ- الأكل والشرب.

أ- الزيادة من نس الصلاة: كزيادة ركعة أو ركوع أو سجود:

-1ً- عمداً: يبطل الصلاة.

-2ً- سهواً: لا يبطل الصلاة ويسجد للسهو قبل السلام، لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:(صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً. فلما انفتل توشوش القوم بينهم قال: ما شأنكم؟ قالوا يا رسول الله هل زيد في الصلاة؟ قال: لا. قالوا: فإنك قد صليت خمساً. فانفتل ثم سجد سجدتين. ثم سلَّم، ثم قال: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون. وزاد ابن نُمير في حديثه: فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين)(1) . وفي رواية أخرى عن عبد الله: (إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين)(2) . وهناك حالتان:

-1 - إذا قام إلى الركعة الزائدة فلم يذكر حتى سلم سجد للحال، إن ذكر قبل السلام سجد ثم سلَّم.

-2 - وإذا ذكر في الركعة جلس على أي حال كان، فإن كان قيامه فليجلس قبل

⦗ص: 248⦘

التشهد تشهَّد ثم سجد ثم سلَّم، وإن كان بعده سجد ثم سلَّم، وإن كان تشهد ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه ثم سجد وسلم.

واجب المصلين تجاه سهو الإمام في الزيادة:

إذا سها الإمام فزاد أو نقص فعلى المأمومين تنبيهه، لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:(صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابراهيم: زاد أو نقص - فلما سلَّم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا. قال: فثنى رجليه، واستقبل القبلة، فسجد سجدتين، ثم سلَّم. ثم أقبل علينا بوجهه فقال: إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به. ولكن إنما أنا بشر أنس كما تنسون. فإذا نسيت فذكروني. وإذا شكَّ أحدكم في صلاته فليتحرَّ الصواب. فليُتم عليه. ثم ليسجد سجدتين)(3) ولما في حديث سهل بن سعد الساعدي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ مننابه شيء في صلاته فليسبح. فإنه إذا سبَّح التفتُّ إليه. وإنما التصفيح للنساء)(4) . وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء)(5) . وإذا سبَّح له اثنان لزمه الرجوع إليهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجع إلى قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وأمر بتذكيره ليرجع فإن لم يرجع بطلت صلاته لأنه ترك الواجب عمداً، وليس للمأمومين اتباعه لبطلان صلاته، فإن اتبعوه بطلت صلاتهم، إلا أن يكونوا جاهلين فلا تبطل، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تابعوه في الخامسة، وإن فارقوه وسلموا صحت صلاتهم. أما إن سبح له واحد فلا يرجع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرجع لقول ذي اليدين وحده.

وإن نسي الإمام التشهد الأول فسبحوا بعد انتصابه قائماً فلا يرجع ويتابعونه في القيام، وإن رجع قبل شروعه في القراءة لم يتابعوه لأنه خطأ. أما إن سبحوا قيل

⦗ص: 249⦘

قيامه لزمه الرجوع، فإن لم يرجع تشهدوا لأنفسهم وتابعوه لأنه ترك واجباً تعين عليهم فلا يجوز لهم اتباعه في تركه. وإن ذكر التشهد قبل انتصابه فرجع إليه بعد قيام المأمومين وشروعهم في القراءة لزمهم الرجوع لأنه رجع إلى واجب فلزمهم متابعته ولا عبرة بما فعلوه قبله.

(1) مسلم: ج-1 كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19/92.

(2)

مسلم: ج-1 كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19/96.

(3)

مسلم: ج-1/ المساجد باب 19/89.

(4)

مسلم: ج-1/ الصلاة باب 22/102.

(5)

مسلم: ج-1/ الصلاة باب 22/106.

ص: 247

ب- الزيادة من غير جنس الصلاة: كالمشي والحك سواءً كان عمداً أو سهواً مبطل للصلاة إجماعاً إن كثر متوالياً ولا يشرع له السجود. أما إن قلَّ فلا يبطلها، لما روى أبو قتادة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها وإذا جلس وضعها)(1) وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها، قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أحمد يصلي والباب عليه مغلق، فجئت فاستفتحتُ. قال أحمد: فمشى ففتح لي، ثم رجع إلى مصلاه - وذكر أن الباب كان في القبلة)(2) . والفعل اليسير ما شابه فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه، والفعل الكثير ما زاد على ذلك مما يُعد كثيراً في العرف فيبطل الصلاة إلا إن فعله متفرقاً.

(1) مسلم: ج-1 /كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 9/41.

(2)

أبو داود: ج-1/ كتاب الصلاة باب 169/922.

ص: 249

جـ- الأكل والشرب:

-1ً- عمداً يبطل الصلاة، أما سهواً أو جهلاً فلا يبطلها إن كان الأكل والشرب يسيرين، ومن ترك في فمه طعاماً يذوب كالسكر فابتلع ما يذوب منه فهو أكل يبطل الصلاة.

-2ً- إن بقي في فم المصلي أو بين أسنانه يسير من بقايا الطعام وجرى به الريق وابتلعه المصلي فلا تبطل صلاته لأنه يمكن الترحز منه.

-3ً- وإن ترك في فمه لقمة علكة لم يبتلعها فلا تبطل الصلاة ولكن تكره لزوال الخشوع، وإن لاكها فهو كالعمل إن كثر أبطل وإلا فلا تبطل.

⦗ص: 250⦘

القسم الثاني: النقص في الصلاة: إما أن يكون ترك ركن أو ترك واجب أو ترك سنة.

أولاً- ترك ركن: كركوع أو سجود.

-1ً- عمداً: يبطل الصلاة.

-2ً- سهواً:

أ- إن لم يتذكر المصلي ترك ركن إلا بعد السلام وطال الفصل بطلت الصلاة لتعذر البناء مع طول الفصل، وإن قصر الفصل أتى بركعة كاملة وسجد للسهو.

ب- إن تذكر الركن المتروك قبل شروعه في قراءة الركعة الثانية عاد وأتى بما تركه ثم بنى على صلاته وسجد للسهو، فإن لم يعد إلى فعل ما تركه فسدت صلاته لأنه ترك الواجب عمداً إلا أن كان جاهلاً فلا تبطل صلاته.

جـ- إن تذكر الركن المتروك بعد شروعه في قراءة الركعة الأخرى بطلت الركعة التي ترك ركنها وحدها وجعل الأخرى مكانها وأتم صلاته وسجد قبل السلام.

ثانياً: ترك الواجب:

-1ً- عمداً يبطل الصلاة.

-2ً- سهواً: يسجد للسهو قبل السلام، لما روى عبد الله ابن بحينة قال:(صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قال فلم يجلس. فقام الناس معه فلما قضى الصلاة ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلَّم)(1) ، ويقاس عليه سائر الواجبات. إن ذكر التشهد قبل انتصابه قائماً رجع فأتى به، أما إن ذكره بعد انتصابه قائماً وبعد شروعه في القراءة فلا يرجع

⦗ص: 251⦘

إليه لأنه تلبس بركن مقصود فلا يرجع إلى واجب، لحديث المغيرة بن شعبر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام الإمام في الركعتين: فإن ذكر قبل أن يستوي قائماً فلا يجلس، فإن استوى قائماً فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو)(2) ، وإن رجع بعد أن استوى قائماً وقيل شروعه بالقراءة كره ذلك ولم تفسد صلاته. ولا يرجع إلى غير التشهد من الواجبات لأنه لو رجع للركوع لأجل تسبيحه لزاد ركوعاً في صلاته وأتى بالتسبيح في ركوع غير مشروع.

ثالثاً: ترك السنة:

لا تبطل الصلاة بترك السنة عمداً أو سهواً ولا سجود عليه لأنه شرع للجبر فإذا لم يكن الأصل واجباً فجبره أولى (أي جبره بسجود السهو أولى أن لا يكون واجباً) . ولكنه يباح سواء كان المتروك سنة قولية أو فعلية على المعتمد من المذهب، لقوله عليه السلام:(فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) .

القسم الثالث: الشك في الصلاة: والشك فيها إما أن يكون في عدد الركعات، أو في ترك ركن من أركانها، أو فيما يوجب سجود السهو.

أولاً: الشك في عدد الركعات: إذا شكَّ المصلي في عدد الركعات هل صلَّى ركعتين أو ثلاثاً بنى على اليقين وهو اثنتين، سواء كان إماماً أو منفرداً، وأتى بما بقي وسجد قبل السلام، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شكَّ أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلَّى؟ ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبين على ما استيقن. ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً، شفعن له صلاته. وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان)(3) .

ثانياً: الشك في ترك ركن من أركان الصلاة: حكمه حكم تركه لأنَّ الأصل عدمه.

ثالثاً: الشك فيما يوجب سجود السهو: من زيادة أو ترك واجب كتسبيح الركوع فهذا لا يوجب سجود السهو، إلا إذا شكَّ في الزيادة وقت فعله لأنه شك في سبب وجود السجود والأصل عدمه، فإن شكَّ في أثناء الركعة الأخيرة أهي رابعة أم خامسة سجد لأنه أدى جزءاً من صلاته متردداً في كونه منها وذلك بضضعف النية. وإنما يؤثر الشك إذا وجد في الصلاة، فإن شكَّ بعد السلام لم يلتفت إليه لأن الظاهر الإتيان بها على الوجه المشروع. وهكذا الشك في سائر العبادات بعد فراغه منها.

سجود المؤتم:

ليس على امؤتم سجود سهو وإنما يسجد مع إمامه إذا سها، لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه سهو وإن سها من خلف الإمام فليس عليه سهو والإمام كافيه)(4) ، ولأن المأموم تابع للإمامه فيلزمه متابعة في السجود وتركه.

ويسجد المسبوق معع إمامه، فإن كان السجود بعد السلام فلا يقوم المسبوق حتى يشهده معه (وعن الإمام أحمد لا سجود عليه هنا والقول الأول هو المعتمد في المذهب) ، وإذا كان المؤتم قد قام لإتمام صلاته، ولم يعلم أن الإمام عليه سجود سهو، وسجد الإمام، رجع فسجد معه، إن لم يكن قد استتم قائماً، وإن كان استتم قائماً مضى ثم سجد في آخر صلاته قبل سلامه لأنه قام عن واجب فأشبه تارك التشهد الأول. أمَّا إن سجد مع الإمام ففيه روايتان: إحداهما: يعيد السجود لأنَّ محله آخر الصلاة، وإنما سجد مع إمامه تبعاً فلم يسقط المشروع في محله كالتشهد. والثانية: لا يعيد السجود لأنه قد سجد وانجبرت صلاته.

⦗ص: 253⦘

ولو ترك الإمام السجود لسهو نفسه، أو كان لا يسجد لاختلاف المذهب ففي سجود المؤتم روايتان: إحداهما: يسجد لأنَّ صلاته نقصت بسهو إمامه ولم يجبرها فلزمه جبرها وهو المذهب، والثاني: لا يسجد لأنه إنما يسجد تبعاً فإذا لم يوجد المتبوع لم يجب التبع.

⦗ص: 254⦘

(1) مسلم: ج-1 /كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19/85.

(2)

أبو داود: ج-1 /كتاب الصلاة باب 201/1036.

(3)

مسلم: ج-1 /كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19/88.

(4)

الدارقطني: ج-1/ ص 377.

ص: 249