الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
النوافل الموقوتة
-1ً- الوتر:
وهو سنة مؤكدة لمداومته صلى الله عليه وسلم عليه في الحضر والسفر، وهو آكد التطوع بعد الكسوف والاستسقاء والتراويح. عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الوتر حق على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل)(1) .
وقته: من بعد صلاة العشاء إلى الصبح لما روى خارجة بن حُذافة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، الوتر، جعله الله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر)(2) . والأفضل فعله سحراً لما روته عائشة رضي الله عنها قالت: (كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتهى وتره إلى السحر)(3) فمن كان له تهجد جعل الوتر بعده، ومن خشي أن لا يقوم أوتر قبل أن ينام لما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)(4) . ومن فاته الوتر حتى يصبح صلاة قبل الفجر. ولا يصح تعدد الوتر لما رواه طلق بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا وتران في ليلة)(5) .
⦗ص: 213⦘
وأقله: ركعة واحدة، وأكثره إحدى عشر ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة لما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة)(6) .
وأدنى الكمال: ثلاث ركعات بتسليمتين لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحجرة وأنا في البيت فيفصل عن الشفع والوتر بتسليم يسمعناه)(7) .
ويستحب أن يقرأ فيه في الأولى بعد الفاتحة (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون) وفي الثالثة (قل هو الله أحد) لما روى أبي بن كعب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون والله الواحد الصمد)(8) . وإن أوتر بخمس سردهن فلا يجلس إلا في آخرهن وإن أوتر بتسع فلا يجلس إلا بعد الثامنة ولا يسلم ثم يجلس بعد التاسعة فيتشهد ويسلم، وكذا إن صلى سبعاً
(1) أبو داود: ج-2/ كتاب الصلاة باب 338/1422.
(2)
الترمذي: ج-2 /الصلاة باب 332/452.
(3)
البخاري: ج-1/ كتاب الوتر باب 2/951.
(4)
مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين باب 21/162.
(5)
الترمذي: ج-2 /الصلاة باب 344/470.
(6)
الترمذي: ج-2 /الصلاة باب 325/440.
(7)
مسند الإمام أحمد: ج-6 /ص 84.
(8)
أبو داود: ج-2/ كتاب الصلاة باب 339/1423.
القنوت في الوتر:
حكمه: سنة في جميع السنة، ويكون بعد الركوع لما روى أنس رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع)(1) .
ويقول فيه ما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت (2) ، وعافني (3) فيمن
⦗ص: 214⦘
عافيت، وتولني (4) فيمن توليت، وبارك (5) لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت) (6) .
وزاد البيهقي بعد قوله: (ولا يذل من واليت) : (ولا يعز من عاديت)(7)، وزاد النسائي:(وصلي الله على النبي)(8) .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)(9) .
وبأس أن يدعو المصلي في قنوته بما يشاء غير ما تقدم من الوارد عنه صلى الله عليه وسلم، وإن كان الوارد أفضل.
ويسن القنوت في الوتر جماعة في رمضان. ويؤمن المأمون على قنوت إمامه، ويرفع القانت يديه في الدعاء إلى صدره وبطونهما نحو السماء ولو كان مأموماً لأن ابن مسعود رضي الله عنه فعله، وإذا فرغ أمرَّ يديه على وجهه.
ويكره القنوت في غير الوتر إلا إذا نزل بالمسلمين نازلة.
(1) مسلم: ج-1/ كتاب المساجد باب 54/300.
(2)
أصل الهدى: الرشاد والبيان قال تعالى: (وإنك لتهدي إلى صرط مستقيم) والهداية من الله التوفيق والإرشاد، وطلب الهداية من قبل المؤمنين مع كونهم مهتدين بمعنى طلب التثبيت عليها أو المزيد منها.
(3)
العافية من الأسقام والبلايا. والعافية: أن يعافك الله من الناس ويعافيهم منك.
(4)
الولي ضدد العدو، مأخوذ من توليت الشيء أي اعتنيت به أي إن الله ينظر في أمر موليه بالعناية. أو مأخوذ من وليت الشيء إذا لم يكن بينك وبينه واسطة بمعنى أن الولي يقطع الوسائط بينه وبين الله حتى يصير في مقام المراقبة.
(5)
البركة: الزيادة، وقيل: هي حلول الخير الإِلهي في الشيء.
(6)
الترمذي: ج-2/ الصلاة باب 341/464.
(7)
البيهقي: ج-2/ 209.
(8)
النسائي: ج-3 / 248.
(9)
أبو داود: ج-2/ كتاب الصلاة باب 340/1427.
-2ً- صلاة الضحى:
روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهرٍ وركعتي الضحى، وأن أوتِر قبل أن أَرْقُد)(1) .
⦗ص: 215⦘
وتسن غباً لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم عليها.
أقلها: ركعتان، وأكثرها ثماني ركعات لما روت أم هانئ رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثماني ركعاتٍ، ما رأيته صلى صلاة قط أخفَّ منها، غير أنه كان يتم الركوع والسجود)(2) .
وقتها: أفضل وقت تصلى فيه إذا علت الشمس واشتد حرها لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه رأى قوماً يصلون من الضحى، فقال: أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(صلاة الأوابين حين تِرْمِضُ الفِصَالُ)(3) .
ويبدأ وقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال بقليل.
⦗ص: 216⦘
(1) مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين باب 13/85.
(2)
مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين باب 13/80.
(3)
مسلم: ج-1/ كتاب صلاة المسافرين باب 19/143. وترمض: من الرمضاء: الرمل الذي اشتدت حرارته بالشمس: أي حين تحترق أخفاف الفصال، وهي الصغار من أولاد الإِبل، جمع فصيل. وذلك من شدة حر الرمل.