المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثاني (محال الزكاة) - فقه العبادات على المذهب الحنبلي

[سعاد زرزور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلفة

- ‌تقديم الشيخ أحمد الشامي، مفتي دوما وعالمها

- ‌لمحة عن حياة الإمام أحمد

- ‌نسبه:

- ‌طلبه للعلم ومنزلته العلمية:

- ‌محنته:

- ‌كتبه:

- ‌تلاميذه:

- ‌أولاده:

- ‌متن الكتاب

- ‌تعريف الفقه

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول (تعريف الطهارة)

- ‌الباب الثاني (الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة)

- ‌الباب الثالث (أحكام التخلي)

- ‌الباب الرابع (الوضوء)

- ‌الباب الخامس (الغسل)

- ‌الباب السادس (التيمم)

- ‌الباب السابع (الحيض والاستحاضة والنفاس)

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول (تعريف الصلاة)

- ‌الباب الثاني (الأذان والإقامة)

- ‌الباب الثالث (شروط الصلاة)

- ‌الباب الرابع

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الباب الخامس (صلاة التطوع)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الباب السادس (صلاة الجماعة)

- ‌الباب السابع (صلاة الجمعة)

- ‌الباب الثامن (صلاة المسافر)

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الباب التاسع (صلاة الخوف)

- ‌الباب العاشر (الجنائز)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (محال الزكاة)

- ‌الباب الثالث (زكاة الفطر)

- ‌الباب الرابع (أداء الزكاة)

- ‌الباب الخامس (صدقة التطوع)

- ‌كتاب الصيام

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (الاِعتكاف)

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني (أركان الحج)

- ‌الباب الثالث (واجبات الحج)

- ‌الباب الرابع (سنن الحج)

- ‌الباب الخامس

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌الفصل السادس

- ‌الباب السادس (العمرة)

- ‌الباب السابع (الهدي)

الفصل: ‌الباب الثاني (محال الزكاة)

‌الباب الثاني (محال الزكاة)

ص: 351

محال الزكاة خمسة:

-1- المواشي.

-2- الزروع والثمار.

-3- الذهب والثمار.

-4- المعدن.

-5- عروض التجارة.

أولاً: زكاة المواشي

شروط وجوب الزكاة فيها:

يجب أن تتوفر فيها بالإضافة إلى الشروط العامة ثلاثة شروط هي:

-1- أن تكون من بهيمة الأنعام سواء أكانت أهلية أو وحشية، لكثرة نمائها ودرها ونفعها. ولا زكاة في غيرها كالخيل والبغال والحمير والرقيق، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)(1) .

-2- أن تكون سائمة أي راعية معظم الحول، فلا زكاة في المعلوفة، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب لهم: (في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة

) (2) ، فهذا يدل على نفي الزكاة عن غير السائمة.

⦗ص: 352⦘

-3- أن تكون متخذة للدر والنسل لا للعمل، فإن كانت للعمل فلا زكاة فيها.

(1) مسلم: ج-2/ كتاب الزكاة باب 1/8.

(2)

النسائي: ج-5 /ص 17.

ص: 351

مقدار نصابها:

أ- من الابل خمس وتعتبر النجاتي (الجمل الذي له سنامان) نوع من الابل وتضم إليها.

ب- ومن البقر ثلاثون وتعتبر الجواميس نوع من البقر وتضم إليها.

حـ- ومن الغنم أربعون ويعتبر الضأن والمعز جنساً واحداً ويضم بعضه إلى بعض.

إذا كان لرجل سائمة عجلان فأكثر بينهما مسافة قصر فلكل محل حكم نفسه، فإذا كان له شياه بمحال متباعدة في كل محل أربعون فعليه شياه بعدد المحال، ولا شيء عليه إن لم يجتمع له في كل محل أربعون مالم يكن خلطة. أما إن كان له بمحال ليس بينها مسافة قصر ضم بعضها إلى بعض وكانت زكائها كزكاة المختلطة.

مقدار الزكاة:

أ- زكاة الابل:

-1- من (5 - 24) : في كل خمسة شاة إما جذعة ضأن (1) أو ثنية معز (2) .

-2- من (25 - 35) : بنت مخاض (لها سنة ودخلت في الثنانية) سالمة من العيوب، فإن لم تكن فإبن لبون (له سنتان ودخل في الثالثة) ، فإن لم يجده وجب عليه شراء بنت مخاض، فإن لم يجد جاز له اخراج حقَّه لأنها أعلى.

-3- من (36 - 45) : بنت لبون أثنى وهي ماله سنتان.

-4- من (46 - 60) : حقة (لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة) .

-5- من (61 - 75) : جذعة وهي التي ألقت سناً لها أربع سنين ودخلت في الخامسة) .

⦗ص: 353⦘

-6- من (76 - 90) : بنت لبون.

-7- من (91 - 120) : حقتان.

-8- في الـ (121) ثلاث بنات لبون.

-9- من (122 - 199) : في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة، ففي الـ (130) حقة وبنتا لبون.

-10- في الـ (200) أربع حقق أو خمس بنات لبون.

(1) جدعة ضأن: بلغت سنة أشهر.

(2)

أتمت السنة الأولى ودخلت في الثانية

ص: 352

ب- زكاة البقر:

- في الثلاثين: تبيع أو تبيعة (لها سنة ودخلت في الثانية) .

- في الأربعين مسنّة (لها سنتان ودخلت في الثالثة) ولا يجزء الذكر.

فإذا زادت على ذلك ففي كل تبيع أو تبيعة وفي كل أربعين مسنّة، ففي الستين تبيعان أو تبيعتان، وفي السبعين مسنة وتبيع أو تبيعة، وفي الثمانين مسنّتان، وفي التسعين ثلاث أتبعة، وفي المائة مسنة وتبيعان أو تبعتان، وفي مائة وعشرة مسنتان وتبيع، وفي مائة وعشرين تجب أربعة أتبعة أو ثلاث مسنات. وهكذا وما بين الفريضتين معفو عنه ولا زكاة فيه.

جـ- زكاة الغنم:

من (40-120) : شاة (جذعة ضأن أي لها ستة أشهر، أو ثنية معز لها سنة ودخلت في الثانية) .

ومن (121-200) : شاتان.

ومن (201-399) : ثلاث شياه.

ومن (400 فما فوق) : في كل مائة شاة، وما بين الفريضتين معفو عنهولا زكاة فيه.

⦗ص: 354⦘

ماهية الزكاة المأخوذة:

لا يجزئ في الزكاة إخراج هرمة، ولا معيبة، ولا تيس لقوله تعالى:(ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون)(1) .

-2- ولا يجزئ في الزكاة إخراج الربى، وهي التي تربّى في البيت للبنها، ولا الماخض وهي الحامل ولا التي طرقها الفحل لأن الغالب أنها حامل، ولا الأكولة وهي السمينة، ولا فحل الماشية المعد لضرابها، ولا حزرات المال وهي خياره تحزره العين لحسنه لقول النبي لحسنه صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن:(.. فإياك وكرائم أموالهم)(2)) إلا إن تبرع المالك بدفع شيء من هذا أو أخرج بأعلى من جنسه.

-3- ولا يجزئ إخراج القيمة في شيء من الزكاة الواجبة، لما روى معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن وقال له:(خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقرة من البقر)(3) .

(1) البقرة: 266.

(2)

مسلم: ج-1 /كتاب الإيمان باب 7/29.

(3)

ابن ماجة: ج-1 /كتاب الزكاة باب 16/1814.

ص: 353

الخلطة في الزكاة:

الخلطة في السائمة هو أن يخلط شخصان أو أكثر من أهل الزكاة مواشيهما مع بعضهما حولاً كاملاً بشرط أن يكون مجموعهما نصاباً فأكثر.

أقسامها اثنان:

أ- خلطة أعيان بأن يملكا مالاً مشاعاً يرثانه أو يشتريانه أو غير ذلك.

ب- خلطة أوصاف بأن يكون مال كل واحد منهما متميزاً فيخلطاه.

⦗ص: 355⦘

حكمها:

الخلطة في الزكاة هي أن يجعل المالين كالمال الواحد ضمن شروط معينة، فإذا كان لإنسان شاة ولآخر تسعة وثلاثون فعليهما شاة، أو كان لأربعين رجلاً أربعون شاة لكل واحد شاة واشتركوا حولاً تاماً فعليهم شاة على حسب ملكهم. وإذا كان لثلاثة أشخاص مائة وعشرون لكل واحد أربعون ولم يثبت لأحدهم حكم الانفراد في الحول فعلى الجميع شاة واحدة أثلاثاً في حين يلزمهم مع عدم الخلطة ثلاث شياه.

شروط الخلطة:

-1- أن تكون في السائمة ولا تؤثر الخلطة في غيرها.

-2- أن يكون الخليطان من أهل الزكاة، فإن كان أحدهما مكاتباً أو ذمياً فلا أثر لخلطته أنه لا زكاة في ماله.

-3- أن يختلطا في نصاب فإن اختلطا فيما دونه مثل أن يختلطا في ثلاثين لم تؤثر الخلطة سواء كان لهما مال سواه أو لم يكن.

-4- أن تختلط الماشية في ستة أشياء: المسرح (1) ، والمشرب، والمحلب (2) ، والمراح (3) ، والراعي، والفحل، لما روى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)(4) وفي رواية: (لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفرق، والخليطان ما اجتمع على الحوض والراعي والفحل)(5) .

-5- أن يختلطا في جميع الحول، فإن كان مال كل واحد منهما منفرداً فخلطاه زكيله في الحول الأول زكاة الانفراد وفيما بعده زكاة الخلطة، فإن اتفق حولاهما مثل [ص-355] أن يملك كل واحد منهما أربعين في أول المحرم وخلطاهما في صفر أخرجا إذا تم حولهما الأول شاتين وإذا تم الثاني فعليهما شاة واحدة. فإن اختلف حولهما فمن أحدهما أربعون في محرم ومن الآخر أربعون في صفر وخلطاهما في ربيع أخرجا شاتين للحول الأول كلّ في جحوله: الأول في محرم والآخر في صفر، فإذا تم الحول الثاني فعلى الأول نصف شاة أي في محرم للسنة الثانية زكاة خلطة وعلى الثاني عند تمام حوله الثاني في صفر نصف شاة زكاة خلطة لأن الثمانين الشركة تجب فيه شاة واحدة.

وإن باع أحدهما غنمه بغنم صاحبه وأبقياهما على الخلطة لم ينقطع حولهما ولم تزل خلطتهما، وكذا إن باع البعض بالبعض من غير إفراد قل المبيع أو كثر.

أما إن أفرداها ثم تبايعا ثم خلطاها وطال زمان الإِفراد بطل حكم الخلطة.

وإن أفردا بعض النصاب تبايعا وكان الباقي على الخلطة نصاباً لم تنقطع الخلطة لأنها باقية في نصاب، أما إن بقي أقل من نصاب فحكمها حكم إفراد جميع المال.

⦗ص: 357⦘

(1) المسرح: المرعى الذي ترعى فيه الماشية.

(2)

المحلب: المكان الذي تحلب فيه الماشية.

(3)

المراح: المكان الذي تروح إليه الماشية.

(4)

الدارقطني: ج-2/ ص 105.

(5)

الدارقطني: ج-2/ ص 105.

ص: 354

ثانياً: زكاة الزروع والثمار

دليل فرضيتها: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض)(1) .

شروط وجوبها: بالإضافة إلى الشروط العامة لوجوب الزكاة (ما عدا مرور الحول) خمسة شروط خاصة بها:

-1- أن يكون حباً أو تمراً، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ليس في حب ولا تمر صدقة، حتى يبلغ خمسة أوسقٍ، ولا فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة. ولا فيما دون خمس أواقٍ صدقة)(2) . وهذا يدل على وجوب الزكاة في الحب والثمر وانتفائهما عن غيرهما.

-2- أن يكون قليلاً لتقديره بالأوسق.

-3- أن يكون مما يدخر، فتجب الزكاة في جميع الحبوب المكيلة المقتات منها والقطاني (الفول، الحمص العدس

) والبذور وحب القطن ونحوها، وتجب في التمر والزبيب واللوز والفستق والعناب لاجتماع هذه الأوصاف الثلاثة فيها.

ولا زكاة في سائر الفواكه كالجوز والتفاح والأجاص والتين لعدم الكيل فيها وعدم الادخار في بعضها، لما روى البيهقي (أن عامل عمر رضي الله عنه كتب إليه أن قبله حيطاناً فيها كروم وفيها من الفرسك والرمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافاً. فكتب إليه يستأمره في العشر، فكتب إليه عمر أنه ليس عليها عشر قال هي من العضاه كلها فليس عليها عشر (3)) .

⦗ص: 358⦘

ولا زكاة في الزيتون والرمان والورق والزهر، أما قوله تعالى:(والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده)(4) قيل لم يرد بهذه الآية

زكاة لأنها مكية نزلت قبل وجوب الزكاة.

-4- أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة فيه وإن لم يزرعه، فتجب الزكاة فيما نبت بنفسه مما يزرعه الآدمي كمن سقط له حب في أرضه فنبت وفعل الزرع ليس شرطاً. ولا زكاة فيما يكتسبه اللقاط، أو يأخذه أجرة لحصاده ونحوه، ولا فيما يجنيه من المباح كالبطم والزعبل وبزر قطون.

ومن استأجر أرضاً أو استعارها فالزكاة عليه فيما زرع لأن الزرع ونفع الأرض له دون المالك كما لو كانت الأرض موقوفة له فعليه زكاة ما ينبت.

-5- أن تكون نصاباً من جنس واحد، فلا يُضم جنس إلى آخر كأن يضم القمح إلى الشعير، بخلاف الأنواع فإنها تُّضم بعضها إلى بعض ويخرج من كل نوع بقسطه، فإن شق ذلك لكثرة الأنواع واختلافها أخذ من الوسط، وإن أخرج رب المال الجيد عن الرديء جاز وله ثواب الفضل.

(1) البقرة: 267.

(2)

مسلم: ج-2/ كتاب الزكاة /5.

(3)

البيهقي: ج-4/ ص 125، والعضاه: المقطوع.

(4)

الأنعام: 141.

ص: 357

مقدار النصاب:

خمسة أوسق (1) من الحب المصفى من التبن، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)(2) ، وتضم أنوع الجنس بعضها إلى بعض ليكمل النصاب فيضم العَلَس إلى الحنطة والسلت إلى الشعير لأنهما نوعا جنس واحد. ويضم زرع العام الواحد بعضه إلى بعض سواء اتفق وقت اطلاعه وإدراكه أو اختلف، فلو حصدت الذرة ثم نبتت مرة

⦗ص: 359⦘

أخرى يضم أحدهما إلى الآخر لأنه زرع عام واحد. ولا يضم جنس إلى غيره لأنهما جنسان مختلفان.

(1) الوسق يساوي ستين صاعاً، فالنصاب يساوي (300) صاعاً، ووزن الصاع عند الحنابلة (1728) غرام أي النصاب يساوي (300 x 1728) غراماً أي 518. 4 كيلو غراماً.

(2)

مسلم: ج-2/ كتاب الزكاة /3.

ص: 358

مقدار زكاة الزروع والثمار:

ما سقي بماء السماء والعيون والأنهار (أي بدون كلفة) فزكاته العشر وذلك لخفة مؤنته.

-2- ما سقي بدولاب، يديره حيوان أو آدمي، أو بنضح، أو بماء اشتراه فزكاته نصف العشر لارتفاع مؤنته، لحديث سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثرياً (1) ، العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر) (2) .

-3- فيما سقي نصفه بغير كلفة ونصفه بكلفة ففيه ثلاثة أرباع العشر، لأن النصف الأول فيه العشر والنصف الثاني فيه نصف العشر فالزكاة هي مجموعهما.

وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر بالأكثر، وإن اختلف الساعي ورب المال في قدر السقي فالقول قول رب المال من غير يمين لأن الناس لا يستحلفون على صدقاتهم.

(1) ما سقي بماء السيل، وسمي عثرياً لأنهم كانوا يضعون في مجرى الماء عاثوراً فيصطدم به الماء فيتراد نحو مجرى الأرض المراد سقيها.

(2)

البخاري: ج-2/ كتاب الزكاة باب 54/1412.

ص: 359

متى تجب الزكاة:

تجب الزكاة عند بدو صلاح الزروع باشتداد الحب، لأنه حينئذ طعام، وهو قبل ذلك بقل، كما تجب عند حلول طعم الحلو أو التلون في التمر والعنب، وهو قبل ذلك بلح وحصرم، وبدو صلاح بعضه كبدو صلاح كله.

⦗ص: 360⦘

فإن تلف الحب أو الثمر قبل بدو الصلاح فلا شيء فيه لأنه تلف قبل الوجوب، وإن تلف بعد وجوب الزكاة وقبل حفظها في بيدرها بغير تفريط، فلا ضمان عليه سواء خرصت أو لم تخرص لأنها في حكم ما لم تثبت اليد عليه، أما إن تلفت بعد جعلها في بيدرها فيضمنها. ويجوز لرب المال بعد وجوب الزكاة عليها البيع، لأن الزكاة ترتبت في ذمته فلا يمنع من التصرف في ماله، ويجب عليه اخراج زكاته دون المشتري كما لو لم يبعه.

متى يجب إخراجها:

يجب إخراج الزكاة من الحبوب بعد التصفية، ومن الثمار بعد الجفاف، لأنه وقت الكمال وحالة الادّخار، وإن كانت ثمراً يستحب للإمام أن يبعث من يخرص الثمار عند بدو الصلاح، لما روى عتاب بن أسيد رضي الله عنه قال:(أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُخرص العنب كما يُخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيباً كما تؤخذ زكاة النخل تمراً)(1) . ويخرص الرطب والعنب دون غيرهما، لأن الحاجة داعية إلى أكلهما رطبين، وخرصهما ممكن لظهور ثمرتهما. فيطوف الخارص بكل شجرة، ويقدر ثمرها رطباً ثم يابساً مفرقاً بين الأنواع المختلفة، ثم يُعَرِّف المالكَ قد الزكاة، ويخيره بين حفظها إلى الجذاذ وبين التصرف فيها وضمان حق الفقراء، فإن اختار حفظها فعليه زكاة ما يؤخذ منها قلَّ أو كثر لأن الفقراء شركاؤه فليس له أكثر من حقهم فيها، وإن اختار التصرف ضَمن حصة الفقراء بالخرص، ويتخير الساعي بين مقاسمة رب المال الثمرة قبل الجذاذ بالخرص ويأخذ نصيبه شجرات منفردة وبين مقاسمة رب المال الثمرة بعد جذها بالكيل ويقسم الثمرة في الفقراء وبين بيعها للمالك أو لغيره قبل الجذاذ وبعده ويقسم ثمنها في الفقراء، فإن أتلفها رب المال فعليه قيمتها.

(1) أبو داود: ج-2/ كتاب الزكاة باب 13/1603.

ص: 359

شروط الخارص:

يشترط في الخارص أن يكون ذكراً، مسلماً، أميناً، غير متهم، ذا خبرة،

⦗ص: 361⦘

ويصح أن يكون الخارص هو المالك نفسه إذا توفرت فيه الشروط المذكورة، ويجزئ خارص واحد. والحكمة من الخرص هي معرفة القدر الذي وجبت فيه الزكاة، والتوسيع على المالك إذ يتناول بعد الخرص من زرعه ما يشاء، وحفظ حق الفقراء من الزكاة.

وعلى الخارص أن يترك من الخرص الثلث أو الربع توسعة على رب المال، لحاجته إلى الأكل منها والإطعام، ولأنه قد يتساقط منها، وينتابها الطير والمارة، لما روي عن سهل بن أبي حثمة قال:(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا خرصتم فجذُّوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا أو تجذُّوا الثلث فدعوا الربع)(1) ، فإن لم يترك الخارص شيئاً فيجوز الأكل بقدر ذلك ولا يُحتسب عليه.

فإذا احتيج إلى قطع الثمرة قبل كما لها لخوف العطش أو غيره، أو لتحسين بقية الثمرة، جاز ذلك لأن العشر وجب مواساةً فلا يكلف منه ما يهلك أصل المال.

(1) أبو داود: ج-2/ الزكاة باب 14/1605.

ص: 360

حالة اجتماع العشر والخراج:

يجتمع العشر والخراج في كل أرض فُتحت عنوة (1) ، الخراج نقد في رقبتها والعشر في غلتها. ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ولا عشر عليهم في الخارج منها لأنهم من غير أهل الزكاة، ولكن يكره للمسلم أن يبيعها لهم لئلا يفضي إلى اسقاط الزكاة.

(1) الأرض: أرضان صلح وعنوة، فأما المصلح فهو كل أرض صولح أهلها عليها لتكون ملكاً لهم ويؤدون عليها خراجاً، وهذا الخراج كالجزية متى أسلموا سقط عنهم، ولهم بيعها وهبتها ورهنها، ولا شيء إلا الزكاة فهي واجبة على كل مسلم، وأما الأرض التي فتحت عنوة فهي وقف على المسلمين ويضرب عليها خراج معلوم لا يسقط إذا أسلم أهلها وعليهم العشر عن غلتها.

ص: 361

زكاة العسل:

تجب الزكاة في العسل، لما روى الأثرم قال: "سئل أبو عبد الله: أنت

⦗ص: 362⦘

تذهب إلى أن في العسل زكاة؟ قال: نعم، أذهب إلى أن في العسل زكاة العشر، قد أخذ عمر منهم الزكاة. قلت: ذلك على أنهم يطوعون، قال: لا بل أخذ منهم. " وروى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ في زمانه من قرب العسل (من كل عشر قرب قربة)(1) .

نصابه: مائة وستون رطلاً عراقية، وهي عشر أفراق كل فَرَق: ستة عشر رطلاً عراقياً (2)، لما روى الجوزجاني عن عمر رضي الله عنه (أن أناساً سألوه فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع لنا وادياً باليمن فيه خلايا من نحل، وإنا نجد ناساً يسرقونها. فقال عمر: إن رأيتم صدقتها من كل عشرة أفراق فَرَقاً حمينها لكم) .

والفَرَق: مكيال معروف بالمدينة، فحمل كلام عمر رضي الله عنه على المتعارف ببلده أَولى.

⦗ص: 363⦘

(1) أبو داود: ج-2/ كتاب الزكاة باب 12/1601.

(2)

الرطل العراقي يساوي 4/7 128 الدرهم.

ص: 361

ثالثاً: زكاة الذهب والفضة

دليل فرضيتها: قوله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)(1) .

نصابها الورِق (الفضة) مائتا درهم، والذهب عشرون مثقالاً (2) ، وما زاد فبحسبانه، لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ليس فيما دون خمس أواق من الوَرِق صدقة)(3) . وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم،

⦗ص: 364⦘

وليس عليك شيء - يعني في الذهب - حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار) (4) .

ويُضم الذهب إلى الفضة في إكمال النصاب وإن كانا جنسين لأن مقصدهما وزكاتهما متفقة فهما كنوعي جنس، ويكمل نوع بنوع آخر من جنس واحد ويؤخذ من كل نوع بالقسط إن سهل وإلا أخذ من الوسط. ولا زكاة في المغشوش من الذهب أو الفضة حتى يبلغ خالصه نصاباً وعنها يخرج الواجب إما خالصاً وإما مغشوشاً خالصه بقدر الواجب.

وأما الفلوس فتجب الزكاة في قيمتها كعروض التجارة، وتضم العروض التجارية إلى كل منهما في تكميل النصاب.

(1) التوبة: 34.

(2)

المثقال يساوي (3. 60) غراماً فالنصاب يساوي (20*3. 60) أي (72) غراماً، وهو يعادل 10/11 10 ليرة رشادية، لأن وزن الذهب الصافي فيها (6. 6) غرام فلنصاب منها يعادل 72/6. 6 = 10/11 10 ليرة. أو يعادل النصاب 9/11 9 ليرة إنكليزية (أو سعودية) ، لأن وزن الذهب الصافي فيها (7. 34) غرام فالنصاب منها يعادل 72/7. 34 أي 9/11 9 ليرة.

ويعادل النصاب 1/3 13 ليرة سورية ذهبية، لأن وزن الذهب الصافي فيها (5. 4) غرام فالنصاب منها يساوي 72/5. 4 ويساوي 1/3 13 ليرة.

ويعادل النصاب 74/79 10 ليرة حميدية، لأن وزن الذهب الصافي فيها (6. 5) غرام، فالنصاب منها 72/6. 5 = 74/79 10 كما يعادل النصاب 28/31 12 ليرة تونسية أو فرنسية ذهبية، لأن زن الذهب الصافي فيها (5. 58) غرام فالنصاب 72/5. 58=28/31 12.

(3)

مسلم: ج-2/ كتاب الزكاة /6.

(4)

أبو داود: ج-2/ كتاب الزكاة باب 4/1573.

ص: 363

مقدار الزكاة:

ربع العشر، لما ورد في الكتاب الذي كتبه أبو بكر رضي الله عنه لأنس رضي الله عنه، وعليه خاتم رسول صلى الله صلى الله عليه وسلم: فإذا فيه: (وفي الرقة ربع العشر)(1) والرقة الدراهم المضروبة، فيجب في المائتين خمس دراهم وفي العشرين مثقالاً نصف مثقال.

(1) أبو داود: ج-2/ كتاب الزكاة باب 4/1567.

ص: 364

زكاة الجواهر: لا زكاة في الجواهر واللآلي، لأنها معدة للاستعمال، ما لم تكن عروضاً تجارية.

زكاة الحلي:

أ- الحلي المباح: لا زكاة في الحلي المباح كحلية النساء وخاتم الرجل من الفضة إن كان معداً للاستعمال لا للتجارة ولا للكري (1)، لما روي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه:(ليس في الحلي زكاة)(2) ولا فرق بين كثير الحلي وقليله، فإن كسر الحلي كسراً يمنع لبسه وترك وحال عليه الحول ففيه زكاة.

⦗ص: 365⦘

ويباح للرجل من الفضة الخاتم، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال:(اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق)(3) . والأولى أن جعله في يساره ويكره بسبابة ووسطى، ويكره أن يكتب عليه ذكر الله قرآناً كان أو غيره. ويباح له أيضاً قبيعة السيف وهي ما يجعل على طرف القبضة لما روي عن أنس رضي الله عنه قال:(كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة)(4) .

كما يباح له حلية المنطقة وهي ما يشد به الوسط ونحوها كحلية الجوشن والخوذة والخف وحمائل السيف لأن ذلك يساوي المنطقة معنى فوجب أن يساويها حكماً، وقد اتخذ الصحابة مناطق محلاة بالفضة، ولأنه يسير تابع، ولا يباح غير ذلك كتحلية المراكب ولباس الخيل كاللجم وتحلية الدواة والمقلمة والمشط والمكحلة والميل والمرآة والقنديل.

أما من الذهب فيباح للرجل قبيعة السيف أيضاً لأن عمر رضي الله عنه كان له سيف فيه سبائك من ذهب، وعثمان بن حنيف كان في سيفه مسمار من ذهب ذكر ذلك أحمد وقيده باليسير. وكذلك يباح له ما دعمت إليه الضرورة كأنف ورباط أسنان، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن (عرفجة بن سعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ، أنفاً من فضة فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفاً من ذهب)(5) .

ويباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه ولو كثر كالطوق والخلخال والسوار والقرط والتاج وما أشبه ذلك، لما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(حرم لبس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم)(6) .

⦗ص: 366⦘

ب- الحلي الحرّم: تجب الزكاة في الحلي المحرم، فمن ملك مصنوعاً من الذهب والفضة محرّماً كالأواني وخاتم الرجل من الذهب أو غيره ففيه الزكاة. فإن كان محرم الاستعمال معداً للتجارة وجبت الزكاة في قيمته كالعروض، وإن لم يكن معداً للتجارة فزكاته على حسب وزنه ولو زادت قيمته لأنها حصلت بواسطة صنعه محرمة يجب إتلافها شرعاً فلم تعتبر. أما في الصناعة المباحة كحلي التجارة أو ما أعد للادّخار فعليه أن يزكي باعتبار قيمته لأنه لو أخرج قدر ربع عشره وزناً فاتت قيمة الصنعة المباحة شرعاً على الفقراء وهو ممتنع.

⦗ص: 367⦘

(1) إن نوى بالحلي المباح للتجارة أو الكري انعقد عليه حول الزكاة من حين نوى.

(2)

الترمذي: ج-3/ كتاب الزكاة باب 12/636.

(3)

البيهقي: ج-4/ ص 142.

(4)

البيهقي: ج-4/ ص 143.

(5)

البيهقي: ج-4/ ص 140.

(6)

الترمذي: ج-4/ كتاب الزكاة باب 1/1720.

ص: 364

رابعاً زكاة المعدن

تعريف المعدن: المعدن هو ما استخرج من الأرض مما خلق فيها من غير جنسها سواء كان جامداً كالذهب والفضة والحديد والبلور والعقيق والكبريت وأشباهها أو مائعاً كالزرنيخ والنفط ونحوها.

دليلها: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} (1) .

(1) البقرة: 267.

ص: 367

شروط وجوب زكاة المعدن:

يشترط بالإضافة إلى الشرائط العامة ما يلي:

-1- كمال النصاب بعد التصفية وهو مائتا درهم من الورق أو عشرون مثقالاً من الذهب أو ما قيمته ذلك من غيرهما، لحديث جابر رضي الله عنه المتقدم ليس فيما دون خمس أواق من الورِق صدقة) .

-2- أن يكون مخرجه ممن تجب عليه الزكاة، فلا تجب على كافر أو ذميّ أو مديون.

-3- استخراج النصاب دفعة واحدة أو دفعات لا يترك العمل بينهن ترك إهمال، فإن أخرج ما دون النصاب ثم ترك ترك إهمال ثم أخرج ما دون النصاب فلا زكاة عليه في الإِثنين ولو كان مجموعهما نصاباً لفوات الشرط، أما إن كان أحدهما يبلغ النصاب والآخر لم يبلغه أخرج زكاة الأول ولا شيء عليه في الثاني. أما ترك العمل للنوم، أو لعذر من مرض، أو لإِصلاح الأداة، أو إباق عبد، أو للاستراحة فلا يقطع حكم العمل وحكمه متصل.

⦗ص: 368⦘

ويعتبر النصاب في كل جنس منفرداً، والأولى ضم الأجناس من المعدن الواحد إلى بعضها لتكميل النصاب لأنها تتعلق بالقيمة. ولا يحتسب بما أنفقه على المعدن في إخراجه وتصفيته لأنه كمؤن الحصاد والزراعة.

ولا يشترط مرور الحول في وجوب زكاة المعدن.

مقدار الزكاة: ربع العشر سواء كان المعدن ذهباً، أو فضة، أو غيره، جامداً، أو مائعاً، وما زاد على النصاب فبحسبانه لأنه مما يتجزأ. فإن كان المعدن مستخرجاً من أرض مملوكة فهو لمالكها لا للمستخرج. وإن كان المعدن في أرض مباحة غير مملوكة فالمُستخرج منها لمن استخرجه وتجب عليه فيه الزكاة ربع العشر.

ويجوز بيع تراب معادن الذهب والفضة بغير جنسه، وزكاته تكون على البائع.

متى تجب زكاة المعدن: تجب زكاة المعدن بعد ظهوره، ولا يجب إخراجها إلا بعد السبك والتصفية.

زكاة ما استخرج من البحر: لا تجب الزكاة فيما استخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والسمك والعنبر ولو بلغ نصاباً.

زكاة الركاز:

الركاز هو مال الكفار المدفون في الأرض، أو هو دفين الجاهلية، وكان عليه أو على شيء منه علامة كفر كأسمائهم أو صورهم. ويجب فيه الخمس.

أما إن كان دفين إسلام بأن كان عليه شيء من القرآن، أو اسم من أسماء ملوك المسلمين فيُرد إلى مالكه إن عُلم، لأنه مال مسلم، ومال المسلم لا يملك بالاستيلاء عليه، وإن لم يعلم مالكه فهو لقطة. وكذلك إن كان على بعضه علائم إسلام وعلى بعضه علائم كفر فهو لقطة أيضاً، وما لا علامة عليه فهو مال مسلم تغليباً لحكم الإسلام.

⦗ص: 369⦘

ويشترط لوجوب زكاة الركاز بلوغ النصاب ولا يشترط مرور الحول.

حالات مختلفة في ملكية الركاز:

-1- إن وجد الركاز في أرض موات فهو لواجده.

-2- إن وجد في ملك آدمي معصوم ففيه روايتان، إحداهما: لواجده إن لم يدعه المالك وهو معتمد، والثانية: للمالك إن اعترف به فإن لم يعترف فهو لمن قبله.

-3- إن وجد في أرض حرب فهو لواجده إن قدر عليه بنفسه وإن لم يقدر عليه إلا ببجماعة المسلمين فهو غنيمة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(العَجْمَاء (1) جُبَار (2) ، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس) (3) .

⦗ص: 370⦘

(1) العجماء: هي البهيمة، سميت عجماء لأنها لا تتكلم.

(2)

جبار: هدر.

(3)

البخاري: ج-2/ كتاب الزكاة باب 65/1428.

ص: 367

خامساً: زكاة التجارة

تعريف عروض التجارة: هي ما يعد للبيع والشراء لأجل الربح، وسمي عرضاً لأنه يعرض ثم يزول ويفنى.

دليل فرضيتها: ما روي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع)(1) .

(1) أبو داود: ج-2/ كتاب الزكاة باب 2/1562.

ص: 370

كيفية حساب الزكاة:

تقوّم العروض التجارية بما فيها من نماء وربح إذا حال الحول عليه، وأوله من حين بلوغ القيمة نصاباً بأحد النقدين ذهباً أو فضة (ولا عبرة للنقد المشترى بها) .

ويكمل النصاب التجارة بالأثمان لأن زكاة التجارة تتعلق بالقيمة لأنها من جنس واحد فعندها يخرج ربع العشر من قيمتها لا من أعيانها.

مقدارها: ربع العشر وما زاد على النصاب فبحسبانه، وتُخرج ذهباً أو ورِقاً لأنهما جميعاً قيمة:

شروط وجوبها:

يشترط بالإضافة للشروط العامة ما يلي:

-1- نية التجارة: عند كل تصرف، بدليل الحديث:(من الذي نعد للبيع) وفي جميع الحول.

-2- أن يملك العروض بفعله كالشراء ونحوه مقروناً بنية التجارة، بخلاف الإِرث فإنه لم يكن بفعله. ولا يشترط أن تملك العروض بعرض فإن ملكه بهبة أو غنيمة

⦗ص: 371⦘

صح لأنه بفعله. فإذا لم ينو عند التملك ووى بعده لم تجب الزكاة فيه، أما إن نوى بتملكه التجارة ثم نواه للقنية لم يصر لها حتى يبيعه.

-3- أن تبلغ قيمة العروض نصاباً من أقل الثمنين قيمة ولا يعتد بما اشتراه به، وإن كانت العروض أثماناً (أي نقود أخرى كأموال الصيارفة) قوّمها كالسلع. وإذا اشترى نصاباً للتجارة بنصاب آخر لم ينقطع الحول لأن القيمة واحدة انتقلت من سلعة إلى سلعة وإن اشتراه بأثمان لم ينقطع الحول، وكذلك لو باع نصاب التجارة بنصاب الأثمان لم ينقطع الحول، أما لو اشترى نصاباً للتجارة بنصاب سائمة أو العكس انقطع الحول لأنهما مختلفان.

-4- حولان الحول، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من استفاد مالاً، فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول عند ربه)(1) ، ويشترط وجوب النصاب في جميع الحول، فلو اشترى لتجارة عروضاً لا تبلغ نصاباً ثم بلغته انعقد الحول من حين صار نصاباً، وإن ملك نصاباً فنقص أثناء الحول انقطع الحول فإن عاد فنما حتى بلغ النصاب استأنف الحول، وإن ملك في أوقات مختلفة فلكل نصابٍ حول ولا يضم نصاب إلى نصاب، وإن لم يكمل النصاب إلا بالثاني فحولهما منذ ملك الثاني وإن لم يكمل إلا بالثالث فحول الجميع من حين ملك النصاب.

(1) الترمذي: ج-3/ كتاب الزكاة باب 10/631.

ص: 370

حالة اجتماع زكاة تجارة وزكاة عين:

وذلك إذا كان عرض التجارة مما تجب الزكاة في عينه، كالنعم السائمة والزروع وفي ذلك تفصيل:

-1- إذا ملك التجارة سائمة فحال الحول، والسوم ونية التجارة موجودان، فبلغ المال نصاب أحدهما دون الآخر كخمس من الإِبل لا تبلغ قيمتها مائتي

⦗ص: 372⦘

درهم، أو أربع إِبل بلغت قيمتها مائتي درهم، وجبت زكاة ما كمل نصابه.

-2- إذا وجد نصاباً كخمس إبل قيمتها مائتا درهم وجبت زكاة التجارة وحدها لأنها أحظ للفقراء وسواء تم حولهما جميعاً أو تقدم أحدهما.

-3- إذا اجتمعت زكاة تجارة مع زكاة زروع أو ثمار كتجارة أرض مع زروعهما أو تجارة أشجار نخيل مع ثمارها ففيها قولان، الأول: تُقدم زكاة التجارة، والثاني: يزكي الاثنين: زكاة الأرض والزروع أو زكاة عروض النخيل والثمر.

زكاة مال المضاربة:

إذا حال الحول على مال المضاربة فعلى رب المال زكاة رأس المال وحصته من الربح، لأن حول الربح حول الأصل، وله إخراجها من مال ويحسبها من نصيبه لأنها واجبة عليه وهو المعتمد، ويحتمل أن تحتسب من الربح لأنها مؤنة المال.

وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه بإخراج الزكاة وأخرجا معاً الزكاة ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه، وإن أخرجها أحدهما قبل الآخر ضمن الثاني نصيب الأول علم بإخراجه أو لم يعلم.

ص: 371