الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزلَّةَ. الهَيْئَةُ: صورةُ الشيءِ وشَكْلُه وحالَتُه، يُرِيدُ بِهِ ذَوِي الهَيْئَاتِ الحَسَنةِ، الَّذِينَ يَلْزَمون هَيْئةً وَاحِدَةً وسَمْتاً وَاحِدًا، وَلَا تَخْتَلِفُ حالاتُهم بِالتَّنَقُّلِ مِنْ هَيْئةٍ إِلَى هَيْئةٍ. وَتَقُولُ: هِئْتُ للأَمر أَهِيءُ هَيْئةً، وتَهَيَّأْتُ تَهَيُّؤاً، بِمَعْنًى. وقُرئَ: وَقَالَتْ هِئْتُ لَكَ، بِالْكَسْرِ وَالْهَمْزِ مِثْلُ هِعْتُ، بِمَعْنَى تَهَيَّأْتُ لكَ. والهَيْئَةُ: الشارةُ. فُلَانٌ حَسَنُ الهَيْئةِ والهِيئةِ. وتَهايَؤُوا على كذا: تَمالَؤُوا. والمُهايَأَةُ: الأَمْرُ المُتَهايَأُ عَلَيْهِ. والمُهايَأَةُ: أَمرٌ يَتَهايَأُ الْقَوْمُ فيَتَراضَوْنَ بِهِ. وهاءَ إِلَى الأَمْر يَهَاءُ هِيئةً: اشتاقَ. والهَيْءُ والهِيءُ: الدُعاءُ إِلَى الطَّعامِ وَالشَّرَابِ، وَهُوَ أَيضاً دُعاءُ الإِبِل إِلَى الشُّرب، قَالَ الهَرَّاءُ:
وَمَا كانَ عَلَى الجِيئِي،
…
وَلَا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وهَيْءَ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا الأَسَفُ عَلَى الشيءِ يَفُوتُ، وَقِيلَ هِيَ كَلِمَةُ التَّعَجُّبِ. وَقَوْلُهُمْ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الهِيءِ والجِيءِ مَا نَفَعَه. الهِيءُ: الطَّعام، والجِيءُ: الشَّرابُ، وَهُمَا اسْمَانِ مِنْ قَوْلِكَ جَاْجَأْتُ بالإِبل دَعَوْتُها للشُّرْب، وهَأْهَأْتُ بِهَا دَعَوْتُها للعَلف. وَقَوْلُهُمْ: يَا هَيْءَ ما لي: كَلِمَةُ أَسَفٍ وتَلَهُّفٍ. قَالَ الجُمَيْح بْنُ الطَّمَّاح الأَسدي، ويروى لنافع ابن لَقِيط الأَسَدي:
يَا هَيْءَ، مَا لِي؟ مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ
…
مَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ، والتَّقْلِيبُ
وَيُرْوَى: يَا شَيْءَ مَا لِي، ويا فَيْءَ ما لي، وكلُّه وَاحِدٌ. وَيُرْوَى:
وَكَذَاكَ حَقّاً مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه
…
كَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ بَعْضِ أَهل اللُّغَةِ أَنَّ هَيْءَ اسْمٌ لِفِعْلِ أَمر، وَهُوَ تَنَبَّهْ واسْتَيْقِظْ، بِمَعْنَى صَهْ ومَهْ فِي كَوْنِهِمَا اسْمَيْنِ لاسْكُتْ واكْفُفْ، وَدَخَلَ حَرْفُ النداءِ عَلَيْهَا كَمَا دَخَلَ عَلَى فِعْلِ الأَمر فِي قَوْلِ الشَّمَّاخِ:
أَلا يَا اسْقِياني قَبْلَ غارةِ سِنْجارِ
وإِنما بُنِيت عَلَى حَرَكَةٍ بِخِلَافِ صَهْ ومَهْ لِئَلَّا يَلْتَقِيَ سَاكِنَانِ، وخُصت بِالْفَتْحَةِ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ بِمَنْزِلَةِ أَيْنَ وكَيْفَ. وَقَوْلُهُ مَا لِي: بِمَعْنَى أَيُّ شيءٍ لِي، وَهَذَا يَقُولُهُ مَنْ تَغَيَّر عَمَّا كَانَ يَعْهَدُ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ، فأَخبر عَنْ تَغَيُّرِ حَالِهِ، فَقَالَ: مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه مَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ، والتَّغَيُّرُ مِنْ حالٍ إِلَى حَالٍ، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الواو
وَبَأَ: الوَبَأُ: الطَّاعُونُ بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ. وَقِيلَ هُوَ كلُّ مَرَضٍ عامٍّ، وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن هَذَا الوَبَاءَ رِجْزٌ.
وجمعُ الممدود أَوْبِيةٌ وَجَمْعُ الْمَقْصُورِ أَوْباءٌ، وَقَدْ وَبِئَتِ الأَرضُ تَوْبَأُ وَبَأً. ووَبُؤَتْ وِبَاءً وَوِباءَةً «3» وإِباءَةً عَلَى الْبَدَلِ، وأَوْبَأَتْ إِيبَاءً ووُبِئَتْ تِيبَأُ وَبَاءً، وأَرضٌ وَبِيئةٌ عَلَى فَعيلةٍ ووَبِئةٌ عَلَى فَعِلةٍ ومَوْبُوءَةٌ ومُوبِئةٌ: كَثِيرَةُ الوَباء. والاسم البِئةُ إِذَا كَثُر مرَضُها. واسْتَوْبَأْتُ البلدَ والماءَ.
(3). قوله [وِبَاءً ووِبَاءَةً إلخ] كذا ضبط في نسخة عتيقة من المحكم يوثق بضبطها وضبط في القاموس بفتح ذلك.
وَتَوَبَّأْتُه: اسْتَوخَمْتُه، وَهُوَ ماءٌ وَبِيءٌ عَلَى فَعِيلٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: وإِنَّ جُرْعَةَ شَرُوبٍ أَنْفَعُ مِن عَذْبٍ مُوبٍ
أَي مُورِثٍ للوَباءِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وإِنما تُرِكَ الهمزُ ليوازَنَ بِهِ الحَرفُ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ الشَّرُوبُ، وَهَذَا مَثَل ضَرْبُهُ لِرَجُلَيْنِ: أَحدُهما أَرْفَعُ وأَضَرُّ، وَالْآخَرُ أَدْوَنُ وأَنْفَعُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ: أَمَرَّ مِنْهَا جانِبٌ فأَوْبَأَ
أَي صَارَ وَبِيئاً. واسْتَوْبَأَ الأَرضَ: اسْتَوْخَمَها ووجَدها وَبِئةً. والباطِل وَبيءٌ لَا تُحْمَدُ عاقِبَتُه. ابْنُ الأَعرابي: الوَبيءُ العَلِيلُ. ووَبَّأَ إِلَيْهِ وأَوْبَأَ، لُغَةٌ فِي وَمَأْتُ وأَوْمَأْتُ إِذَا أَشرتَ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: الإِيماءُ أَن يكونَ أَمامَك فتُشِيرَ إِلَيْهِ بيدكَ، وتُقْبِلَ بأَصابِعك نَحْوَ راحَتِكَ تَأْمُرُه بالإِقْبالِ إلَيْكَ، وَهُوَ أَوْمَأْتُ إِلَيْهِ. والإِيبَاءُ: أَن يَكُونَ خَلْفَك فَتَفْتَح أَصابِعَك إِلَى ظَهْرِ يَدِكَ تأْمره بالتأَخُّر عَنْكَ، وَهُوَ أَوْبَأْتُ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
تَرَى الناسَ إنْ سِرْنا يَسِيرُونَ خَلْفَنا،
…
وإنْ نَحْنُ وَبَّأْنا إِلَى النَّاسِ وقَّفُوا
وَيُرْوَى: أَوْبَأَنا. قَالَ: وأَرى ثَعْلَبًا حَكَى وبَأْتُ بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. ابْنُ بُزُرْجَ: أَوْمَأْتُ بِالْحَاجِبَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ ووَبَأْتُ باليَدَيْنِ والثَوْبِ والرأْس. قَالَ: ووَبَأْتُ المَتاعَ وعَبَأْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: وَبَأْتُ إِلَيْهِ مِثل أَوْمَأْتُ. وماءٌ لَا يُوبِئُ مِثْلَ لَا يُؤْبي «1» . وَكَذَلِكَ المَرْعَى. ورَكِيَّةٌ لَا تُوبِئُ أَي لَا تَنْقَطِعُ؛ والله أَعلم.
وثأ: الوَثْءُ والوَثاءَةُ: وَصْمٌ يُصِيبُ اللَّحْمَ، وَلَا يَبْلُغ العَظْمَ، فَيَرِمُ. وَقِيلَ: هُوَ تَوَجُّعٌ فِي العَظْمِ مِنْ غيرِ كَسْرٍ. وَقِيلَ: هُوَ الفَكُّ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الوَثْءُ شِبْهُ الفَسْخِ فِي المَفْصِلِ، وَيَكُونُ فِي اللَّحْمِ كَالْكَسْرِ فِي الْعَظْمِ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ دُعائهم: اللهمَّ ثَأْ يَدَه. والوَثْءُ: كَسْرُ اللَّحْمِ لَا كَسْرُ الْعَظْمِ. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَصابَ العظمَ وَصْمٌ لَا يَبْلُغ الْكَسْرَ قِيلَ أَصابَه وَثْءٌ ووَثْأَة، مَقْصُورٌ. والوَثْءُ: الضَّربُ حَتَّى يَرْهَصَ الجِلْدُ واللَّحْمُ ويَصِلَ الضَرْبُ إِلَى العَظْمِ مِنْ غَيْرِ أَن يَنْكَسِرَ. أَبو زَيْدٍ: وَثَأَتْ يَدُ الرَّجل وَثْأً وَقَدْ وَثِئَتْ يَدُه تَثَأُ وَثْأً ووَثَأً، فَهِيَ وَثِئَةٌ، عَلَى فَعِلةٍ، ووُثِئَتْ، عَلَى صِيغة مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ، فَهِيَ مَوْثُوءَةٌ ووَثِيئةٌ مِثْلُ فَعِيلةٍ، ووَثَأَها هُوَ وأَوْثَأَها اللهُ. والوَثيءُ: المكسورِ اليَدِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قِيلَ لأَبي الجَرَّاحِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ مَوْثُوءاً مَرْثُوءاً، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: كأَنما أَصابه وَثْءٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ وُثِئَتْ يَدُه، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذكرُ مَرْثُوءٍ. الْجَوْهَرِيُّ: أَصابَه وَثْءٌ. وَالْعَامَّةُ تَقُولُ وَثْيٌ، وَهُوَ أَن يُصِيبَ العظمَ وَصْمٌ لَا يَبْلُغُ الكسر.
وجأ: الوَجْءُ: اللَّكْزُ. ووَجَأَه بِالْيَدِ والسِّكِّينِ وَجْأً، مَقْصُورٌ: ضَربَه. وَوَجَأَ فِي عُنُقِه كَذَلِكَ. وَقَدْ تَوَجَّأْتُه بيَدي، ووُجِئَ، فَهُوَ مَوْجُوءٌ، ووَجَأْتُ عُنُقَه وَجْأً: ضَرَبْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رَاشِدٍ، رضي الله عنه: كنتُ فِي
(1). قوله [مثل لا يؤبي] كذا ضبط في نسحة عتيقة من المحكم بالبناء للفاعل وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ فِي مادة أبي ولا تقل لا يؤبى أي مهموز الفاء والبناء للمفعول فما وقع في مادة أبي تحريف.
مَنائِحِ أَهْلي فَنَزَا مِنْهَا بَعِيرٌ فَوَجَأْتُه بحديدةٍ.
يُقَالُ: وجَأْتُه بِالسِّكِّينِ وَغَيْرِهَا وَجْأً إِذَا ضَرَبْتَهُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه: مَن قَتَلَ نفسَه بحديدةٍ فحديدتُه فِي يَدِه يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بطنِه فِي نَارِ جَهَنَّمَ.
والوَجْءُ: أَن تُرَضَّ أُنْثَيا الفَحْلِ رَضّاً شَدِيدًا يُذْهِبُ شَهْوَة الْجِمَاعِ ويتَنَزَّلُ فِي قَطْعِه مَنْزِلةَ الخَصْي. وَقِيلَ: أَن تُوجَأَ العُروقُ والخُصْيَتان بِحَالِهِمَا. ووَجَأَ التَّيْسَ وَجْأً ووِجَاءً، فَهُوَ مَوْجُوءٌ ووَجِيءٌ، إِذَا دَقَّ عُروقَ خُصْيَتَيْه بَيْنَ حَجَرَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَن يُخْرِجَهما. وَقِيلَ: هُوَ أَن تَرُضَّهما حَتَّى تَنْفَضِخَا، فَيَكُونَ شَبِيهاً بالخِصاءِ. وَقِيلَ: الوَجْءُ الْمَصْدَرُ، والوِجَاءُ الِاسْمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بالبَاءَةِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بالصَّوْمِ فإِنه لَهُ وِجَاءٌ
، مَمْدُودٌ. فَإِنْ أَخْرَجَهما مِنْ غَيْرِ أَن يَرُضَّهما، فَهُوَ الخِصاءُ. تَقُولُ مِنْهُ: وَجَأْتُ الكَبْشَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ضَحَّى بكَبْشَيْن مَوْجُوءَيْن
، أَي خَصِيَّيْنِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ مُوْجَأَيْن بِوَزْنِ مُكْرَمَيْن، وَهُوَ خَطَأٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ مَوْجِيَّيْنِ، بِغَيْرِ هَمْزٍ عَلَى التَّخْفِيفِ، فَيَكُونُ مِنْ وَجَيْتُه وَجْياً، فَهُوَ مَوْجِيٌّ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْفَحْلِ إِذَا رُضَّتْ أُنْثَياه قَدْ وُجِئَ وِجَاءً، فأَراد أَنه يَقْطَعُ النِّكاحَ لأَن المَوْجُوءَ لَا يَضْرِبُ. أَراد أَن الصومَ يَقْطَعُ النِّكاحَ كَمَا يَقْطَعُه الوِجَاءُ، وَرُوِيَ وَجًى بِوَزْنِ عَصاً، يُرِيدُ التَّعَب والحَفَى، وَذَلِكَ بِعِيدٌ، إِلَّا أَن يُراد فِيهِ مَعْنَى الفُتُور لأَن مَنْ وَجِيَ فَتَرَ عَنِ المَشْي، فَشَبَّه الصَّوْمَ فِي بَابِ النِّكاحِ بالتَّعَبِ فِي بَابِ المَشْي. وَفِي الْحَدِيثِ:
فلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَراتٍ مِنْ عَجْوةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنَ
أَي فلْيَدُقَّهُنَّ، وَبِهِ سُمِّيت الوَجِيئةُ، وَهِيَ تَمْر يُبَلُّ بلَبن أَو سَمْن ثُمَّ يُدَقُّ حَتَّى يَلْتَئِمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، عادَ سَعْداً، فوَصَفَ لَهُ الوَجِيئةَ.
فأَمَّا قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ:
فكنتَ أَذَلَّ مِنْ وَتِدٍ بِقاعٍ،
…
يُشَجِّجُ رأْسَه، بالفِهْرِ، واجِي
فَإِنَّمَا أَرادَ واجِئٌ، بِالْهَمْزِ، فَحَوَّلَ الهمزةَ يَاءً لِلْوَصْلِ وَلَمْ يَحْمِلْهَا عَلَى التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ، لأَن الْهَمْزَ نَفْسَهُ لَا يكونُ وَصْلًا، وتَخْفِيفُه جارٍ مَجْرَى تَحْقِيقه، فَكَمَا لَا يَصِلُ بِالْهَمْزَةِ الْمُحَقَّقَةِ كَذَلِكَ لَمْ يَسْتَجِز الوَصْلَ بالهمزة المُخفَّفة إذ كَانَتِ المخففةُ كأَنها المُحقَّقةُ. ابْنُ الأَعرابي: الوَجِيئَةُ: البقَرةُ، والوَجِيئَة، فَعِيلةٌ: جَرادٌ يُدَقُّ ثُمَّ يُلَتُّ بِسَمْنٍ أَو زَيْتٍ ثُمَّ يُؤْكل. وَقِيلَ: الوَجِيئَةُ: التَّمْرُ يُدَقُّ حَتَّى يَخْرُجَ نَواه ثُمَّ يُبَلُّ بِلَبَنٍ أَو سَمْن حَتَّى يَتَّدِنَ ويلزَم بعضُه بَعْضًا ثُمَّ يؤْكل. قَالَ كُرَاعٌ: يقال الوَجِيَّةُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، فَإِنْ كَانَ هَذَا عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ لأَن هَذَا مطَّرد فِي كُلِّ فَعيِلة كَانَتْ لَامُهُ هَمْزَةً، وإِن كَانَ وَصْفًا أَو بَدَلًا فَلَيْسَ هَذَا بَابَهُ. وأَوجَأَ: جاءَ فِي طَلَبِ حَاجَةٍ أَو صَيْدٍ فَلَمْ يُصِبْه. وأَوْجَأَتِ الرَّكِيَّةُ وأَوْجَت: انْقَطَع ماؤُها أَو لَمْ يَكُنْ فِيهَا ماءٌ. وأَوْجَأَ عَنْهُ: دَفَعَه ونَحَّاه.
ودأ: وَدَّأَ الشيءَ: سَوّاه. وتَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرضُ: اشْتَمَلَتْ، وَقِيلَ تَهَدَّمت وتَكَسَّرت. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ تَوَدَّأَتْ عَلَى فُلَانٍ الأَرضُ وَهُوَ ذهابُ الرَّجلِ فِي أَباعد الأَرضِ حَتَّى
لَا تَدْرِي مَا صنَعَ. وَقَدْ تَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ إِذَا ماتَ أَيضاً، وَإِنْ ماتَ فِي أَهْلِه. وأَنشد:
فَما أَنا إِلا مِثْلُ مَنْ قَدْ تَوَدَّأَتْ
…
عليهِ البِلادُ، غَيْرَ أَنْ لَمْ أَمُتْ بَعْدُ
وتَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرض: غَيَّبَتْه وذهَبَتْ بِهِ. وتَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرضُ أَي اسْتَوَتْ عليه مثل ما تَسْتَوِي عَلَى المَيِّت. قَالَ الشَّاعِرُ:
ولِلأَرْضِ كَمْ مِن صالِحٍ قَدْ تَوَدَّأَتْ
…
عَلَيْهِ، فَوارَتْه بِلَمَّاعة قَفْرِ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذَا وَدَّأَتْنَا الأَرضُ، إِذْ هِيَ وَدَّأَتْ،
…
وأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمورِ مَقُوبُها
ودَّأَتْنَا الأَرضُ: غَيَّبَتْنا. يُقَالُ: تَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرضُ، فَهِيَ مُوَدَّأَةٌ. قَالَ: وَهَذَا كَمَا قِيلَ أَحْصَنَ، فَهُوَ مُحْصَنٌ، وأَسْهَبَ، فَهُوَ مُسْهَبٌ، وأَلْفَجَ، فَهُوَ مُلْفَجٌ. قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مثلُها. وودَّأْتُ عَلَيْهِ الأَرضَ تَوْدِيئاً: سَوَّيْتُها عَلَيْهِ. قَالَ زُهير بْنُ مَسْعُودٍ الضَّبِّي يَرْثي أَخاه أُبَيّاً:
أَأُبَيُّ إِن تُصْبِحْ رَهِينَ مُوَدَّإِ،
…
زَلْخِ الجَوانِبِ، قَعْرُه مَلْحُودُ
وَجَوَابُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَهُوَ:
فَلَرُبَّ مَكْرُوبٍ كَرَرْتَ ورَاءَه،
…
فَطَعَنْتَه، وبَنُو أَبيه شُهُودُ
أَبو عَمْرٍو: المُوَدَّأَةُ: المَهْلَكَةُ والمَفازَةُ، وَهِيَ فِي لَفْظِ المَفْعُول بِهِ. وأَنشد شَمِرٌ لِلرَّاعِي:
كائِنْ قَطَعْنا إِلَيْكُمْ مِنْ مُوَدَّأَةٍ،
…
كأَنَّ أَعْلامَها، فِي آلِهَا، القَزَعُ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المُوَدَّأَةُ، حُفْرَةُ الميِّتِ، والتَّوْدِئَةُ: الدَّفْنُ. وأَنشد:
لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مُوَدَّأً لرَهِينةٍ،
…
زَلْجِ الجَوانِب، راكِدِ الأَحْجارِ
والوَدَأُ: الهلاكُ، مَقْصُورٌ مَهْمُوزٌ. وتَوَدَّأَ عَلَيْهِ: أَهلكه. ووَدَّأَ فُلَانٌ بالقومِ تَوْدِئةً. وتَوَدَّأَتْ عليَّ وعنِّي الأَخبارُ: انْقَطَعَتْ وتَوارَتْ. التَّهْذِيبُ في ترجمة ود ي: ودَأَ الفرسُ يَدَأُ، بِوَزْنِ وَدَعَ يَدَعُ، إِذَا أَدْلى. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَهَذَا وَهْمٌ لَيْسَ فِي وَدَى الفرسُ، إذا أَدْلَى، همز. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: تَوَدَّأْتُ عَلَى مَالِي أَي أَخذْتُه وأَحْرَزْتُه.
وذأ: الوَذْءُ: الْمَكْرُوهُ مِنَ الْكَلَامِ شَتْماً كَانَ أَو غَيْرَهُ. ووذَأَه يَذَؤُه وَذْءاً: عابَه وزَجَرَه وحَقَرَه. وَقَدِ اتَّذَأَ. وأَنشد أَبو زَيْدٍ لأَبي سَلَمَةَ المُحارِبيِّ:
ثَمَمْتُ حوائِجي، ووَذَأْتُ بِشْراً،
…
فَبِئْسَ مُعَرَّسُ الرَّكْبِ السِّغابِ
ثَمَمْتُ: أَصْلَحْتُ. قَالَ ابْنُ بَرِّي: وَفِي هَذَا الْبَيْتِ شَاهِدٌ عَلَى أَنَّ حَوائجَ جَمْعُ حاجةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ جَمْعُ حائجةٍ لُغَةٌ فِي الحاجةِ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ ذاتَ يَوْمٍ، فَقَامَ رَجُلٌ وَنَالَ مِنْهُ، ووَذَأَه ابْنُ سَلامٍ، فاتَّذَأَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا يَمنَعَنَّكَ مَكانُ ابْنِ سَلامٍ أَن تَسُبَّه، فَإِنَّهُ مِنْ شَيعتِه.
قَالَ الأُموي: يُقَالُ وذَأْتُ الرجُلَ إِذَا زَجَرْتَه، فاتَّذَأَ أَي انْزَجَر. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وذَأَه أَي زَجَرَه وذَمَّه. قَالَ: وَهُوَ فِي
الأَصل العَيْبُ والحَقارة. وَقَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّة:
أَنِدُّ منَ القِلَى، وأَصُونُ عِرْضِي،
…
وَلَا أَذَأُ الصَّدِيقَ بِمَا أَقولُ
وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: مَا بِهِ وَذْأَةٌ وَلَا ظَبْظَابٌ أَي لَا عِلَّةَ بِهِ، بِالْهَمْزِ. وَقَالَ الأَصمعي: مَا بِهِ وَذْيةٌ، وَسَنَذْكُرُهُ في المعتل.
ورأ: ورَاءُ والوَرَاءُ، جَمِيعًا، يَكُونُ خَلْفَ وقُدَّامَ، وَتَصْغِيرُهَا، عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وُرَيِّئةٌ، وَالْهَمْزَةُ عِنْدَهُ أَصلية غَيْرُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّي: وَقَدْ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي الْمُعْتَلِّ وَجَعَلَ هَمْزَتَهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ. قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ، وَتَصْغِيرُهَا عِنْدَهُمْ وُرَيَّةٌ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الوَراءُ: الخَلْفُ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ مِمَّا تَمُرُّ عَلَيْهِ فَهُوَ قُدَّام. هَكَذَا حَكَّاهُ الوَرَاءُ بالأَلِف وَاللَّامِ، مِنْ كَلَامِهِ أُخذ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ
؛ أَي بَيْنِ يَدَيْهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: ورَاءُ يكونُ لخَلْفٍ ولقُدّامٍ وَمَعْنَاهَا مَا تَوارَى عَنْكَ أَي مَا اسْتَتَر عَنْكَ. قَالَ: وَلَيْسَ مِنَ الْأَضْدَادِ كَمَا زَعَم بعضُ أَهل اللُّغَةِ، وأَما أَمام، فَلَا يَكُونُ إلَّا قُدَّام أَبداً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً
. قَالَ ابْنُ عبَّاس، رضي الله عنهما كَانَ أَمامهم. قَالَ لبيد:
أَلَيْسَ وَرائي، إنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي،
…
لُزُومُ العصَا تُحْنَى عَلَيْهَا الأَصابِعُ
ابْنُ السكِّيت: الوَراءُ: الخَلْفُ. قَالَ: ووَراءُ وأَمامٌ وقُدامٌ يُؤَنَّثْنَ ويُذَكَّرْن، ويُصَغَّر أَمام فَيُقَالُ أُمَيِّمُ ذَلِكَ وأُمَيِّمةُ ذَلِكَ، وقُدَيْدِمُ ذَلِكَ وقُدَيْدِمةُ ذَلِكَ، وَهُوَ وُرَيِّئَ الحائطِ ووُرَيِّئَةَ الحائطِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الوَرَاءُ، مَمْدُودٌ: الخَلْفُ، وَيَكُونُ الأَمامَ. وَقَالَ الفرَّاءُ: لَا يجوزُ أَن يُقَالَ لِرَجُلٍ ورَاءَكَ: هُوَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَلَا لِرَجُلِ بينَ يدَيْكَ: هُوَ وَراءَكَ، إِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي المَواقِيتِ مِنَ الليَّالي والأَيَّام والدَّهْرِ. تَقُولُ: وَراءَكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ، وَبَيْنَ يَدَيْكَ بَرْد شَدِيدٌ، لأَنك أَنْتَ وَرَاءَه، فَجَازَ لأَنه شيءٌ يأْتي، فكأَنه إِذَا لَحِقَك صَارَ مِن وَرائِكَ، وكأَنه إِذَا بَلَغْتَه كَانَ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَلِذَلِكَ جَازَ الوَجْهانِ. مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ، عز وجل: وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ
، أَي أَمامَهمْ. وَكَانَ كَقَوْلِهِ: مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ
؛ أَي أَنَّهَا بَيْنَ يَدَيْهِ. ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ، عز وجل: بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُ
. أَي بِمَا سِواه. والوَرَاءُ: الخَلْفُ، والوَراءُ: القُدّامُ، والوَراءُ: ابنُ الابْنِ. وَقَوْلُهُ، عز وجل: فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ*
. أَي سِوَى ذَلِكَ. وَقَوْلُ ساعِدةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
حَتَّى يُقالَ وَراءَ الدَارِ مُنْتَبِذاً،
…
قُمْ، لَا أَبا لَكَ، سارَ النَّاسُ، فاحْتَزِمِ
قَالَ الأَصمعي: قَالَ ورَاءَ الدَارِ لأَنه مُلْقىً، لَا يُحْتاجُ إِلَيْهِ، مُتَنَحٍّ مَعَ النساءِ مِنَ الكِبَرِ والهَرَمِ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وراءُ مُؤَنَّثة، وَإِنْ ذُكِّرت جَازَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا وَراءَكَ إِذَا قُلْتَ انْظُرْ لِما خَلْفَكَ. والوراءُ: ولَدُ الوَلَدِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ
. قَالَ الشَّعْبِيُّ: الوَراءُ: ولَدُ الوَلَدِ. ووَرَأْتُ الرَّجلَ: دَفَعْتُه. ووَرَأَ مِنَ الطَّعام: امْتَلأَ. والوَراءُ: الضَّخْمُ الغَلِيظُ الأَلواحِ، عَنِ الْفَارِسِيِّ. وَمَا أُورِئْتُ بالشيءِ أَي لَمْ أَشْعُرْ بِهِ. قَالَ:
مِنْ حَيْثُ زارَتْني ولَمْ أُورَ بِهَا
اضْطُرَّ فأَبْدَلَ؛ وأَما قَوْلُ لَبِيدٌ:
تَسْلُبُ الكانِسَ، لَمْ يُوأَرْ بِهَا،
…
شُعْبةَ الساقِ، إِذَا الظِّلُّ عَقَلْ «1»
قَالَ، وَقَدْ رُوِيَ: لَمْ يُورَأْ بِهَا. قَالَ: ورَيْتُه وأَوْرَأْتُه إِذَا أَعْلَمْتَه، وأَصله مِنْ وَرَى الزَّنْدُ إِذَا ظَهَرَتْ نَارُهُ، كأَنَّ ناقَته لَمْ تُضِئْ للظَّبْيِ الكانِس، وَلَمْ تَبِنْ لَهُ، فيشعر بها لِسُرْعَتها، حتى انْتَهَتْ إِلَى كِناسِه فنَدَّ مِنْهَا جافِلًا. قَالَ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
دَعاني، فَلَمْ أَورَأْ بِهِ، فأَجَبْتُه،
…
فمَدَّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا، غَيْرِ أَقْطَعا
أَي دَعاني وَلَمْ أَشْعُرْ بِهِ. الأَصمعي: اسْتَوْرَأَتِ الإِبلُ إِذَا تَرابَعتْ عَلَى نِفارٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: ذَلِكَ إِذَا نَفَرَت فصَعِدَتِ الجبلَ، فَإِذَا كَانَ نِفارُها فِي السَّهْل قِيلَ: استأْوَرَتْ. قَالَ: وَهَذَا كَلَامُ بَنِي عُقَيْلٍ.
وزأ: وَزَأْتُ اللحمَ وَزْءاً: أَيْبَسْتُه، وَقِيلَ: شَوَيْتُه فأَيْبَسْتُه. والوَزَأُ، عَلَى فَعَل بِالتَّحْرِيكِ: الشديدُ الخَلْقِ. أَبو الْعَبَّاسِ: الوَزَأُ مِنَ الرجالِ، مَهْمُوزٌ، وأَنشد لِبَعْضٍ بَنِي أَسد:
يَطُفْنَ حَوْلَ وَزَإٍ وَزْوازِ
قَالَ: والوَزَأُ: الْقَصِيرُ السَّمِينُ الشديدُ الخَلْقِ. وَوَزَّأَتِ الفَرَسُ والناقةُ بِرَاكِبِهَا تَوْزِئةً: صَرَعَتْه. وَوَزَّأْتُ الوِعاءَ تَوْزِئةَ وتَوْزِيئاً إِذَا شَدَدْتَ كَنْزَه. ووَزَّأْتُ الإِناءَ: مَلأْتُه. وَوَزَأَ مِنَ الطَّعامِ: امْتَلأَ. وَتَوَزَّأْتُ: امْتَلأْتُ رِيًّا. وَوَزَّأْتُ القربةَ تَوْزِيئاً: مَلأْتُها. وَقَدْ وَزَّأْتُه: حَلَّفْتُه بيَمينٍ غَليظةٍ.
وصأ: وَصِئَ الثَّوْبُ: اتَّسَخَ.
وضأ: الوَضُوءُ، بِالْفَتْحِ: الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ، كالفَطُور والسَّحُور لِمَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ ويُتَسَحَّرُ بِهِ. والوَضُوءُ أَيضاً: الْمَصْدَرُ مِنْ تَوَضَّأْتُ للصلاةِ، مِثْلُ الوَلُوعِ والقَبُولِ. وَقِيلَ: الوُضُوءُ، بِالضَّمِّ، الْمَصْدَرُ. وحُكيَ عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ العَلاء: القَبُولُ، بِالْفَتْحِ، مَصْدَرٌ لَمْ أَسْمَعْ غَيْرَهُ. وَذَكَرَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ*، فَقَالَ: الوَقُودُ، بِالْفَتْحِ: الحَطَبُ، والوُقُود، بِالضَّمِّ: الاتّقادُ، وَهُوَ الفعلُ. قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ الوَضُوءُ، وَهُوَ الْمَاءُ، والوُضُوءُ، وَهُوَ الفعلُ. ثُمَّ قَالَ: وَزَعَمُوا أَنهما لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُقَالُ: الوَقُودُ والوُقُودُ، يَجُوزُ أَن يُعْنَى بِهِمَا الحَطَبُ، وَيَجُوزُ أَن يُعنى بِهِمَا الفعلُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: القَبُولُ والوَلُوع، مفتوحانِ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ شاذَّانِ، وَمَا سِوَاهُمَا مِنَ الْمَصَادِرِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ. التَّهْذِيبُ: الوَضُوءُ: الْمَاءُ، والطَّهُور مِثْلُهُ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِيهِمَا بِضَمِّ الْوَاوِ وَالطَّاءِ، لَا يُقَالُ الوُضُوءُ وَلَا الطُّهُور. قَالَ الأَصمعي، قُلْتُ لأَبي عَمْرٍو: مَا الوَضُوءُ؟ فَقَالَ: الماءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ. قُلْتُ: فَمَا الوُضُوءُ، بِالضَّمِّ؟ قَالَ: لَا أَعرفه. وَقَالَ ابْنُ جَبَلَةَ: سَمِعْتُ أَبا عُبَيْدٍ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ إِنَّمَا هُوَ الوَضُوءُ.
(1). قوله [شعبة] ضبط بالنصب في مادة وأ ر من الصحاح ووقع ضبطه بالرفع في مادة ور ي من اللسان.
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الوُضُوءُ: مَصْدَرٌ، والوَضُوءُ: مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ، والسُّحُورُ: مَصْدَرٌ، والسَّحُورُ: مَا يُتَسَحَّر بِهِ. وتَوَضَّأْتُ وُضُوءاً حَسَناً. وَقَدْ تَوَضَّأَ بالماءِ، وَوَضَّأَ غَيْره. تَقُولُ: تَوَضَّأْتُ لِلصَّلَاةِ، وَلَا تَقُلْ تَوَضَّيْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: تَوَضَّأْتُ وُضُوءاً وتَطَهَّرْت طُهوراً. اللَّيْثُ: المِيضأَةُ مِطْهَرةٌ، وَهِيَ الَّتِي يُتَوَضَّأُ مِنْهَا أَو فِيهَا. وَيُقَالُ: تَوَضَّأْتُ أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً ووُضُوءاً، وأَصل الْكَلِمَةِ مِنَ الوضاءَة، وَهِيَ الحُسْنُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وُضُوءُ الصلاةِ مَعْرُوفٌ، قَالَ: وَقَدْ يُرَادُ بِهِ غَسْلُ بَعْضِ الأَعْضاء. والمِيضَأَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ فِيهِ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَوَضَّؤُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النارُ.
أَراد بِهِ غَسْلَ الأَيدِي والأَفْواهِ مِنَ الزُّهُومة، وَقِيلَ: أَراد بِهِ وُضُوءَ الصلاةِ، وذهبَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ الفقهاءِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نَظِّفُوا أَبْدانَكم مِنَ الزُّهومة، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعراب لَا يَغْسِلُونها، وَيَقُولُونَ فَقْدُها أَشدُّ مِنْ رِيحها. وَعَنْ قَتَادَةَ: مَنْ غَسَلَ يدَه فَقَدْ تَوَضَّأَ. وَعَنِ الْحَسَنِ: الوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الفَقْرَ، والوُضُوءُ بعدَ الطعامِ يَنْفِي اللَّمَمَ. يَعْنِي بالوُضُوءِ التَّوَضُّؤَ. والوَضَاءَةُ: مصدرُ الوَضِيءِ، وَهُوَ الحَسَنُ النَّظِيفُ. والوَضاءَةُ: الحُسْنُ والنَّظافةُ. وَقَدْ وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضَاءَةً، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: صَارَ وَضِيئاً، فَهُوَ وَضِيءٌ مِنْ قَوْم أَوْضِياءَ، وَوِضَاءٍ ووُضَّاءٍ. قَالَ أَبو صَدَقة الدُّبَيْرِيُّ:
والمرْءُ يُلْحِقُه، بِفِتْيانِ النَّدَى،
…
خُلُقُ الكَريم، ولَيْسَ بالوُضَّاءِ
«2» وَالْجَمْعُ: وُضَّاؤُون. وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: وَضاضِئ، جاؤوا بِالْهَمْزَةِ فِي الْجَمْعِ لَمَّا كَانَتْ غَيْرَ مُنْقَلِبَةٍ بَلْ مَوْجُودَةٌ فِي وَضُؤْتُ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ:
لَقَلَّما كانتِ امرأَةٌ وَضِيئةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّها.
الوَضَاءَة: الحُسْنُ والبَهْجةُ. يُقَالُ وَضُؤَتْ، فَهِيَ وَضِيئةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه، لِحَفْصةَ: لَا يَغُرّكِ أَن كانَتْ جارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ
أَي أَحْسَنَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لوَضِيءٌ، فِي فِعْلِ الحالِ، وَمَا هُوَ بواضِئٍ، فِي المُسْتَقْبَلِ. وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَهُنَّ إضاءٌ صافِياتُ الغَلائِلِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد وِضَاءٌ أَي حِسانٌ نِقَاءٌ، فأَبدل الهمزة من الواو المكسورة، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ووَاضَأْتُه فَوَضَأْتُه أَضَؤُه إِذَا فاخَرْتَه بالوَضاءَةِ فَغَلَبْتَه.
وطأ: وَطِئَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً: داسَه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَمّا وَطِئَ يَطَأُ فَمِثْلُ وَرِمَ يَرِمُ وَلَكِنَّهُمْ فَتَحُوا يَفْعَلُ، وأَصله الْكَسْرُ، كَمَا قَالُوا قرَأَ يَقْرَأُ. وقرأَ بعضُهم: طَهْ مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى، بِتَسْكِينِ الْهَاءِ. وَقَالُوا أَراد: طَإِ الأَرضَ بِقَدَمَيْكَ
(2). قوله [وليس بالوُضَّاءِ] ظاهره أنه جمع واستشهد به في الصحاح على قوله ورجل وُضاء بالضم أَي وضيء فمفاده أنه مفرد.
جَمِيعًا لأَنَّ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَرْفَعُ إِحْدَى رِجْلَيْه فِي صَلاتِه. قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَالْهَاءُ عَلَى هَذَا بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ طَأْ. وتَوَطَّأَهُ ووَطَّأَهُ كَوَطِئَه. قَالَ: وَلَا تَقُلْ تَوَطَّيْتُه. أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
يَأْكُلُ مِنْ خَضْبٍ سَيالٍ وسَلَمْ،
…
وجِلَّةٍ لَمَّا تُوَطِّئْها قَدَمْ
أَي تَطَأْها. وأَوْطَأَه غيرَه، وأَوْطَأَه فَرَسَه: حَمَلَه عَلَيْهِ حَتَّى وَطِئَه. وأَوْطَأْتُ فُلَانًا دابَّتي حَتَّى وَطِئَتْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنّ رِعاءَ الإِبل ورِعاءَ الْغَنَمِ تَفاخَرُوا عِنْدَهُ فأَوْطَأَهم رِعاءَ الإِبل غَلَبَةً
أَي غَلَبُوهُم وقَهَرُوهم بالحُجّة. وأَصله: أَنَّ مَنْ صارَعْتَه، أَو قاتَلْتَه، فَصَرَعْتَه، أَو أَثْبَتَّه، فَقَدْ وَطِئْتَه، وأَوْطَأْتَه غَيْرَك. وَالْمَعْنَى أَنه جعلهم يُوطَؤُونَ قَهْراً وغَلَبَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه، لَمَّا خَرَجَ مُهاجِراً بَعْدَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: فَجَعَلْتُ أَتَّبِعُ مآخِذَ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، فأَطَأُ ذِكْرَه حَتَّى انتَهْيتُ إِلَى العَرْجِ.
أَراد: إِنِّي كنتُ أُغَطِّي خَبَره مِنْ أَوَّل خُروجِي إِلَى أَن بَلَغْتُ العَرْجَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَكَنَى عَنِ التَّغْطِيةِ وَالْإِيهَامِ بالوَطْءِ، الَّذِي هُوَ أَبلغ فِي الإِخْفاءِ والسَّتْر. وَقَدِ اسْتَوْطَأَ المَرْكَبَ أَي وجَده وَطِيئاً. والوَطْءُ بالقَدَمِ والقَوائمِ. يُقَالُ: وَطَّأْتُه بقَدَمِي إِذَا أَرَدْتَ بِهِ الكَثْرَة. وبَنُو فُلَانٍ يَطَؤُهم الطريقُ أَي أَهلُ الطَريقِ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: فِيهِ مِن السَّعةِ إخْبارُكَ عَمَّا لَا يَصِحُّ وطْؤُه بِمَا يَصِحُّ وَطْؤُه، فَنَقُولُ قِياساً عَلَى هَذَا: أَخَذْنا عَلَى الطريقِ الواطِئِ لِبَنِي فُلَانٍ، ومَررْنا بِقَوْمٍ مَوْطُوئِين بالطَّريقِ، وَيَا طَريقُ طَأْ بِنَا بَنِي فُلَانٍ أَي أَدِّنا إِلَيْهِمْ. قَالَ: وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ إخْبارُكَ عَنِ الطَّريق بِمَا تُخْبِرُ بِهِ عَنْ سَالِكِيهِ، فَشَبَّهْتَه بِهِمْ إذْ كَانَ المُؤَدِّيَ لَهُ، فَكأَنَّه هُمْ، وأَمَّا التوكيدُ فِلأَنَّك إِذَا أَخْبَرْتَ عَنْهُ بوَطْئِه إِيَّاهم كَانَ أَبلَغَ مِن وَطْءِ سالِكِيه لَهُمْ. وَذَلِكَ أَنّ الطَّريقَ مُقِيمٌ مُلازِمٌ، وأَفعالُه مُقِيمةٌ مَعَهُ وثابِتةٌ بِثَباتِه، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَهلُ الطَّرِيقِ لأَنهم قَدْ يَحْضُرُون فِيهِ وَقَدْ يَغِيبُون عَنْهُ، فأَفعالُهم أَيضاً حاضِرةٌ وقْتاً وغائبةٌ آخَرَ، فأَيْنَ هَذَا مِمَّا أَفْعالُه ثابِتةٌ مُسْتَمِرَّةٌ. ولمَّا كَانَ هَذَا كَلَامًا الغرضُ فِيهِ المدحُ والثَّنَاءُ اخْتارُوا لَهُ أَقْوى اللَّفْظَيْنِ لأَنه يُفِيد أَقْوَى المَعْنَيَيْن. اللَّيْثُ: المَوْطِئُ: الْمَوْضِعُ، وكلُّ شيءٍ يَكُونُ الفِعْلُ مِنْهُ عَلَى فَعِلَ يَفْعَلُ فالمَفْعَلُ مِنْهُ مَفْتُوحُ الْعَيْنِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ عَلَى بناءِ وَطِئَ يَطَأُ وَطْأً؛ وَإِنَّمَا ذَهَبَتِ الْوَاوُ مِن يَطَأُ، فَلَمْ تَثْبُتْ، كَمَا تَثْبُتُ فِي وَجِل يَوْجَلُ، لأَن وَطِئَ يَطَأُ بُني عَلَى تَوَهُّم فَعِلَ يَفْعِلُ مِثْلُ وَرِمَ يَرِمُ؛ غَيْرَ أَنَّ الحرفَ الَّذِي يَكُونُ فِي مَوْضِعِ اللَّامِ مِنْ يَفْعَلُ فِي هَذَا الحدِّ، إِذَا كَانَ مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ السِّتَّةِ، فَإِنَّ أَكثر ذَلِكَ عِنْدَ الْعَرَبِ مَفْتُوحٌ، وَمِنْهُ مَا يُقَرُّ عَلَى أَصل تأْسيسه مِثْلَ وَرِمَ يَرِمُ. وأَمَّا وَسِعَ يَسَعُ ففُتحت لِتِلْكَ الْعِلَّةِ. والواطِئةُ الَّذِينَ فِي الْحَدِيثِ هُمُ السابِلَةُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لوَطْئِهم الطريقَ. التَّهْذِيبُ: والوَطَأَةُ: هُمْ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنَ النَّاسِ، سُمُّوا وطَأَةً لأَنهم يَطَؤُون الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ للخُرَّاصِ احْتَاطوا لأَهْل الأَمْوالِ فِي النائِبة والواطِئةِ.
الواطِئةُ: المارَّةُ والسَّابِلةُ. يَقُولُ: اسْتَظْهِرُوا لَهُمْ فِي الخَرْصِ لِما يَنُوبُهمْ ويَنْزِلُ
بِهِمْ مِنَ الضِّيفان. وَقِيلَ: الواطِئَةُ سُقاطةُ التَّمْرِ تَقَعُ فتُوطَأُ بالأَقْدام، فَهِيَ فاعِلةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولةٍ. وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الوَطايا جَمْعُ وَطِيئةٍ؛ وَهِيَ تَجْري مَجْرَى العَرِيَّة؛ سُمِّيت بِذَلِكَ لأَنَّ صاحِبَها وطَّأَها لأَهله أَي ذَلَّلَها ومَهَّدها، فَهِيَ لَا تَدْخُلُ فِي الخَرْص. وَمِنْهُ حَدِيثُ القَدَرِ:
وآثارٍ مَوْطُوءَةٍ
أَي مَسْلُوكٍ عَلَيْها بِمَا سَبَقَ بِهِ القَدَرُ مِنْ خَيْر أَو شرٍّ. وأَوطَأَه العَشْوةَ وعَشْوةً: أَرْكَبَه عَلَى غَيْرِ هُدًى. يُقَالُ: مَنْ أَوطأَكَ عَشْوةً. وأَوطَأْتُه الشيءَ فَوَطِئَه. ووَطِئْنا العَدُوَّ بالخَيل: دُسْناهم. وَوَطِئْنا العَدُوَّ وطْأَةً شَديدةً. والوَطْأَةُ: مَوْضِعُ القَدَم، وَهِيَ أَيضاً كالضَّغْطةِ. والوَطْأَةُ: الأَخْذَة الشَّديدةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ اشْدُدْ وطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ
أَي خُذْهم أَخْذاً شَديداً، وَذَلِكَ حِينَ كَذَّبوا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَدَعا علَيهم، فأَخَذَهم اللهُ بالسِّنِين. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ووَطِئْتَنا وَطْأً، عَلَى حَنَقٍ،
…
وَطْءَ المُقَيَّدِ نابِتَ الهَرْمِ
وَكَانَ
حمّادُ بنُ سَلَمة يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ: اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْدَتَكَ عَلَى مُضَر.
والوَطْدُ: الإِثْباتُ والغَمْزُ فِي الأَرض. ووَطِئْتُهم وَطْأً ثَقِيلًا. وَيُقَالُ: ثَبَّتَ اللهُ وَطْأَتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
زَعَمَتِ المرأَةُ الصالِحةُ، خَوْلةُ بنْتُ حَكِيمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، خَرَجَ، وَهُوَ مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه، وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّكُمْ لتُبَخِّلُون وتُجَبِّنُونَ، وإِنكم لَمِنْ رَيْحانِ اللَّهِ، وإنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَها اللهُ بِوَجٍ
، أَي تَحْمِلُون عَلَى البُخْلِ والجُبْنِ والجَهْلِ، يَعْنِي الأَوْلاد، فإِنَّ الأَب يَبْخَل بإنْفاق مَالِهِ ليُخَلِّفَه لَهُمْ، ويَجْبُنُ عَنِ القِتال ليَعِيشَ لَهُمْ فيُرَبِّيَهُمْ، ويَجْهَلُ لأَجْلِهم فيُلاعِبُهمْ. ورَيْحانُ اللهِ: رِزْقُه وعَطاؤُه. ووَجٌّ: مِنَ الطائِف. والوَطْءُ، فِي الأَصْلِ: الدَّوْسُ بالقَدَمِ، فسَمَّى بِهِ الغَزْوَ والقَتْلَ، لأَن مَن يَطَأُ عَلَى الشيءِ بِرجله، فقَدِ اسْتَقْصى فِي هَلاكه وإِهانَتِه. وَالْمَعْنَى أَنَّ آخِرَ أَخْذةٍ ووقْعة أَوْقَعَها اللهُ بالكُفَّار كَانَتْ بِوَجٍّ، وَكَانَتْ غَزْوةُ الطائِف آخِرَ غَزَواتِ سَيِّدِنَا رَسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ لَمْ يَغْزُ بعدَها إِلَّا غَزْوةَ تَبُوكَ، وَلَمْ يَكن فِيهَا قِتالٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: ووجهُ تَعَلُّقِ هَذَا الْقَوْلِ بِمَا قَبْلَه مِن ذِكر الأَولاد أَنه إِشارةٌ إِلَى تَقْلِيل مَا بَقِيَ مِنْ عُمُره، صلى الله عليه وسلم، فَكَنَّى عَنْهُ بِذَلِكَ. ووَطِئَ المرأَةَ يَطَؤُها: نَكَحَها. ووَطَّأَ الشيءَ: هَيَّأَه. الجوهريُّ: وطِئْتُ الشيءَ بِرجْلي وَطْأً، ووَطِئَ الرجُلُ امْرَأَتَه يَطَأُ: فِيهِمَا سقَطَتِ الواوُ مِنْ يَطَأُ كَمَا سَقَطَتْ مَنْ يَسَعُ لتَعَدِّيهما، لأَن فَعِلَ يَفْعَلُ، مِمَّا اعتلَّ فاؤُه، لَا يَكُونُ إِلَّا لَازِمًا، فَلَمَّا جَاءَا مِنْ بَيْنِ أَخَواتِهما مُتَعَدِّيَيْنِ خُولِفَ بِهِمَا نَظائرُهما. وَقَدْ تَوَطَّأْتُه بِرجلي، وَلَا تَقُلْ تَوَطَّيْتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ جِبْرِيلَ صلَّى بِيَ العِشاءَ حينَ غَابَ الشَّفَقُ واتَّطَأَ العِشاءُ
، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْ وَطَّأْتُه. يُقَالُ: وطَّأْتُ الشيءَ فاتَّطَأَ أَي هَيَّأْتُه فَتَهَيَّأَ. أَراد أَن الظَّلام كَمَلَ.
وواطَأَ بعضُه بَعْضاً أَي وافَقَ. قَالَ وَفِي الْفَائِقِ: حِينَ غابَ الشَّفَقُ وأْتَطَى العِشاءُ. قَالَ: وَهُوَ مِنْ قَوْلِ بَني قَيْسٍ لَمْ يَأْتَطِ الجِدَادُ، وَمَعْنَاهُ لَمْ يأْتِ حِينُه. وَقَدِ ائْتَطَى يأْتَطي كَأْتَلى يَأْتَلي، بِمَعْنَى المُوافَقةِ والمُساعَفةِ. قَالَ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَر أَنه افْتَعَلَ مِنَ الأَطِيطِ، لأَنّ العَتَمَةَ وقْتُ حَلْبِ الإِبل، وَهِيَ حِينَئِذٍ تَئِطُّ أَيْ تَحِنُّ إِلَى أَوْلادِها، فجعَل الفِعْلَ للعِشاءِ، وَهُوَ لَهَا اتِّساعاً. ووَطَأَ الفَرَسَ وَطْأً ووَطَّأَهُ: دَمَّثه. ووَطَّأَ الشيءَ: سَهَّلَه. وَلَا تَقُلْ وَطَّيْتُ. وَتَقُولُ: وطَّأْتُ لَكَ الأَمْرَ إِذَا هَيَّأْتَه. ووَطَّأْتُ لَكَ الفِراشَ ووَطَّأْتُ لَكَ المَجْلِس تَوْطِئةً. والوطيءُ مِنْ كلِّ شيءٍ: مَا سَهُلَ وَلَانَ، حَتَّى إِنَّهُمْ يَقولون رَجُلٌ وَطِيءٌ ودابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنة الوَطاءَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا أُخْبِرُكم بأَحَبِّكم إلَيَّ وأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجالِسَ يومَ القيامةِ أُحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُونَ أَكْنافاً الذينَ يَأْلَفُون ويُؤْلَفون.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مَثَلٌ وحَقيقَتُه مِنَ التَّوْطِئةِ، وَهِيَ التَّمهيِدُ والتَّذليلُ. وفِراشٌ وطِيءٌ: لَا يُؤْذي جَنْبَ النائِم. والأَكْنافُ: الجَوانِبُ. أَراد الَّذِينَ جوانِبُهم وَطِيئةٌ يَتَمَكَّن فِيهَا مَن يُصاحِبُهم وَلَا يَتَأَذَّى. وَفِي حَدِيثِ النِّساءِ:
ولَكُم عَلَيهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أَحَداً تَكْرَهونه
؛ أَي لَا يَأْذَنَّ لأَحِدٍ مِنَ الرِّجال الأَجانِب أَن يَدْخُلَ عليهنَّ، فَيَتَحَدَّث إليهنَّ. وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عادةِ الْعَرَبِ لَا يَعُدُّونه رِيبَةً، وَلَا يَرَوْن بِهِ بأْساً، فلمَّا نَزَلَتْ آيةُ الحِجاب نُهُوا عَنْ ذَلِكَ. وشيءٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الوَطاءَةِ والطِّئَةِ والطَّأَةِ مِثْلُ الطِّعَةِ والطَّعَةِ، فالهاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ فِيهِمَا. وَكَذَلِكَ دابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنةُ الوَطاءَةِ والطَّأَةِ، بِوَزْنِ الطَّعَةِ أَيضاً. قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَغْشَى المَكارِهَ، أَحْياناً، ويَحْمِلُنِي
…
مِنْهُ عَلَى طَأَةٍ، والدَّهْرُ ذُو نُوَبِ
أَي عَلَى حالٍ لَيِّنةٍ. وَيُرْوَى عَلَى طِئَةٍ، وَهُمَا بِمَعْنًى. والوَطِيءُ: السَّهْلُ مِنَ الناسِ والدَّوابِّ والأَماكِنِ. وَقَدْ وَطُؤَ الموضعُ، بِالضَّمِّ، يَوْطُؤُ وطَاءَةً وَوُطُوءَةً وطِئةً: صَارَ وَطِيئاً. ووَطَّأْتُه أَنا تَوطِئةً، وَلَا تَقُلْ وَطَّيْته، وَالِاسْمُ الطَّأَة، مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ. قَالَ: وأَمَّا أَهل اللُّغَةِ، فَقَالُوا وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَأَة والطِّئَةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: دابَّةٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَةِ، بِالْفَتْحِ، ونَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ طِئةِ الذَّلِيلِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَعْنَاهُ مِنْ أَن يَطَأَني ويَحْقِرَني، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَطُؤَتِ الدابَّةُ وَطْأً، عَلَى مِثَالِ فَعْلٍ، ووَطَاءَةً وطِئةً حسَنةً. وَرَجُلٌ وَطِيءُ الخُلُقِ، عَلَى الْمَثَلِ، وَرَجُلٌ مُوَطَّأُ الأَكْنافِ إِذَا كَانَ سَهْلًا دَمِثاً كَريماً يَنْزِلُ بِهِ الأَضيافُ فيَقْرِيهم. ابْنُ الأَعرابي: الوَطِيئةُ: الحَيْسةُ، والوَطَاءُ والوِطَاءُ: مَا انْخَفَضَ مِنَ الأَرض بَيْنَ النّشازِ والإِشْرافِ، والمِيطَاءُ كَذَلِكَ. قَالَ غَيْلانُ الرَّبَعي يَصِفُ حَلْبَةً:
أَمْسَوْا، فَقادُوهُنَّ نحوَ المِيطَاءْ،
…
بِمائَتَيْنِ بِغلاءِ الغَلَّاءْ
وَقَدْ وَطَّأَها اللهُ. وَيُقَالُ: هَذِهِ أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ لَا رِباءَ فِيهَا وَلَا وِطَاءَ أَي لَا صُعُودَ فِيهَا وَلَا انْخفاضَ.
وواطَأَه عَلَى الأَمر مُواطأَةً: وافَقَه. وتَواطَأْنا عَلَيْهِ وتَوطَّأْنا: تَوافَقْنا. وَفُلَانٌ يُواطِئُ اسمُه اسْمِي. وتَواطَؤُوا عَلَيْهِ: تَوافَقُوا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِيُواطِؤُا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ
؛ هُوَ مِنْ وَاطَأْتُ. وَمِثْلُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ ناشِئةَ الليلِ هِيَ أَشَدُّ وطَاءً، بِالْمَدِّ: مُواطأَةً. قَالَ: وَهِيَ المُواتاةُ أَي مُواتاةُ السمعِ والبصرِ إيَّاه. وقُرئَ أَشَدُّ وَطْئاً
أَي قِياماً. التَّهْذِيبُ: قرأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عامرٍ وِطَاءً، بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ، مِنَ المُواطأَةِ والمُوافقةِ. وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ والكسائي: وَطْئاً،
بِفَتْحِ الْوَاوِ سَاكِنَةَ الطَّاءِ مَقْصُورَةً مَهْمُوزَةً، وَقَالَ الفرَّاءُ: معنى هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً
، يَقُولُ: هِيَ أَثْبَتُ قِياماً. قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَشَدُّ وَطْئاً
أَي أَشَدُّ عَلَى المُصَلِّي مِنْ صلاةِ النَّهَارِ، لأَنَّ الليلَ لِلنَّوْمِ، فَقَالَ هِيَ، وإِن كَانَتْ أَشَدَّ وَطْأً، فَهِيَ أَقْوَمُ قِيلًا. وقرأَ بعضُهم: هِيَ أَشَدُّ وِطَاءً، عَلَى فِعالٍ، يُرِيدُ أَشَدُّ عِلاجاً ومُواطَأَةً. وَاخْتَارَ أَبو حَاتِمٍ: أَشَدُّ وِطاءً، بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ. وَحَكَى الْمُنْذِرِيُّ: أَنَّ أَبا الْهَيْثَمِ اخْتَارَ هَذِهِ القراءَة وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ سَمْعَه يُواطِئُ قَلْبَه وبَصَرَه، ولِسانُه يُواطِئُ قَلْبَه وِطاءً. يُقَالُ واطَأَني فُلَانٌ عَلَيَّ الأَمرِ إِذَا وافَقَكَ عَلَيْهِ لَا يَشْتَغِلُ القلبُ بِغَيْرِ مَا اشْتَغَلَ بِهِ السَّمْعُ، هَذَا واطأَ ذاكَ وذاكَ واطَأَ هَذَا؛ يُرِيدُ: قِيامَ الليلِ والقراءةَ فِيهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ أَشدُّ وِطَاءً لِقِلَّةِ السَّمْعِ. ومنْ قَرأَ وَطْئاً
فَمَعْنَاهُ هِيَ أَبْلغُ فِي القِيام وأَبْيَنُ فِي الْقَوْلِ. وَفِي حديثِ ليلةِ القَدْرِ:
أَرَى رُؤْياكم قَدْ تَواطَتْ فِي العَشْرِ الأَواخِر.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ بِتَرْكِ الْهَمْزِ، وَهُوَ مِنَ المُواطأَةِ، وحقيقتُه كأَنّ كُلًا مِنْهُمَا وَطئَ مَا وَطِئَه الآخَرُ. وتَوَطَّأْتُهُ بقَدَمِي مِثْلُ وَطِئْتُه. وَهَذَا مَوْطِئُ قَدَمِك. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه: لَا نَتَوَضَّأُ مِنْ مَوْطَإٍ
أَي مَا يُوطَأُ مِنَ الأَذَى فِي الطَّرِيقِ، أَراد لَا نُعِيدُ الوُضوءَ مِنْهُ، لَا أَنهم كَانُوا لَا يَغْسِلُونه. والوِطاءُ: خلافُ الغِطاء. والوَطِيئَةُ: تَمْرٌ يُخْرَجُ نَواه ويُعْجَنُ بلَبَنٍ. والوَطِيئَةُ: الأَقِطُ بالسُّكَّرِ. وَفِي الصِّحَاحِ: الوَطِيئَةُ: ضَرْب مِنَ الطَّعام. التَّهْذِيبُ: والوَطِيئةُ: طَعَامٌ لِلْعَرَبِ يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ. وَقَالَ شِمْرٌ قَالَ أَبو أَسْلَمَ: الوَطِيئةُ: التَّمْرُ، وَهُوَ أَن يُجْعَلَ فِي بُرْمةٍ ويُصَبَّ عَلَيْهِ الماءُ والسَّمْنُ، إِنْ كَانَ، وَلَا يُخْلَطُ بِهِ أَقِطٌ، ثُمَّ يُشْرَبُ كَمَا تُشْرَبُ الحَسَيَّةُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الوَطِيئةُ مِثْلُ الحَيْسِ: تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بِالسَّمْنِ. الْمُفَضَّلُ: الوَطِيءُ والوَطيئةُ: العَصِيدةُ الناعِمةُ، فَإِذَا ثَخُنَتْ، فَهِيَ النَّفِيتةُ، فَإِذَا زَادَتْ قَلِيلًا، فَهِيَ النَّفِيثةُ بالثاءِ «3» ، فَإِذَا زَادَتْ، فَهِيَ اللَّفِيتةُ، فَإِذَا تَعَلَّكَتْ، فَهِيَ العَصِيدةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، رضي الله عنه: أَتَيْناهُ بوَطِيئةٍ
، هِيَ طَعامٌ يُتَّخَذُ مِن التَّمْرِ كالحَيْسِ. يروى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقِيلَ هُوَ تَصْحِيفٌ. والوَطِيئة، عَلَى فَعِيلةٍ: شيءٌ كالغِرارة. غَيْرُهُ: الوَطِيئةُ: الغِرارةُ يَكُونُ فِيهَا القَدِيدُ والكَعْكُ وغيرُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَخْرَجَ إِلَيْنَا ثلاثَ أُكَلٍ مِنْ وَطِيئةٍ
؛ أَي ثلاثَ قُرَصٍ مِنْ غِرارةٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَمَّار أَنّ رَجُلًا وَشَى بِهِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ كَذَبَ، فاجعلْهُ مُوَطَّأَ العَقِب
(3). قوله [النفيثة بالثاء] كذا في النسخ وشرح القاموس بلا ضبط.
أَي كَثِيرَ الأَتْباعِ، دَعا عَلَيْهِ بأَن يَكُونَ سُلطاناً، ومُقَدَّماً، أَو ذَا مالٍ، فيَتْبَعُه الناسُ وَيَمْشُونَ وَراءَه. ووَاطأَ الشاعرُ فِي الشِّعر وأَوْطَأَ فِيهِ وأَوطَأَه إِذَا اتَّفقت لَهُ قافِيتانِ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، فَإِنِ اتَّفَق اللفظُ واخْتَلف المَعنى، فَلَيْسَ بإيطاءٍ. وَقِيلَ: واطَأَ فِي الشِّعْر وأَوْطَأَ فِيهِ وأَوْطَأَه إِذَا لَمْ يُخالِفْ بَيْنَ القافِيتين لَفْظًا وَلَا مَعْنًى، فَإِنْ كَانَ الاتفاقُ بِاللَّفْظِ والاختلافُ بِالْمَعْنَى، فَلَيْسَ بِإيطاءٍ. وَقَالَ الأَخفش: الإِيطَاءُ رَدُّ كَلِمَةٍ قَدْ قَفَّيْتَ بِهَا مَرَّةً نَحْوُ قافيةٍ عَلَى رجُل وأُخرى عَلَى رجُل فِي قَصِيدَةٍ، فَهَذَا عَيْبٌ عِنْدَ الْعَرَبِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَقَدْ يَقُولُونَهُ مَعَ ذَلِكَ. قَالَ النَّابِغَةُ:
أوْ أَضَعَ البيتَ فِي سَوْداءَ مُظْلِمةٍ،
…
تُقَيِّدُ العَيْرَ، لَا يَسْري بِهَا السَّارِي
ثُمَّ قَالَ:
لَا يَخْفِضُ الرِّزَّ عَنْ أَرْضٍ أَلمَّ بِهَا،
…
وَلَا يَضِلُّ عَلَى مِصْباحِه السَّارِي
قَالَ ابْنُ جِنِّي: ووجْهُ اسْتِقْباحِ الْعَرَبِ الإِيطَاءَ أَنه دالٌّ عِنْدَهُمْ عَلَى قِلّة مَادَّةِ الشَّاعِرِ ونزَارة مَا عِنْدَهُ، حَتَّى يُضْطَرّ إِلَى إِعادةِ القافيةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْقَصِيدَةِ بِلَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا، فيَجْري هَذَا عِنْدَهُمْ، لِما ذَكَرْنَاهُ، مَجْرَى العِيِّ والحَصَرِ. وأَصله: أَن يَطَأَ الإِنسانُ فِي طَرِيقِهِ عَلَى أَثَرِ وَطْءٍ قَبْلَهُ، فيُعِيد الوَطْءَ عَلَى ذلِك الْمَوْضِعِ، وَكَذَلِكَ إعادةُ القافيةِ هِيَ مِن هَذَا. وَقَدْ أَوطَأَ ووَطَّأَ وأَطَّأَ فأَطَّأَ، عَلَى بَدَلَ الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ كَوناةٍ وأَناةٍ وآطَأَ، عَلَى إِبْدَالِ الأَلف مِنَ الْوَاوِ كَياجَلُ فِي يَوْجَلُ، وغيرُ ذَلِكَ لَا نَظَرَ فِيهِ. قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: الإِيطاءُ لَيْسَ بعَيْبٍ فِي الشِّعر عِنْدَ الْعَرَبِ، وَهُوَ إِعادة القافيةِ مَرَّتين. قَالَ اللَّيْثُ: أُخِذ مِنَ المُواطَأَةِ وَهِيَ المُوافَقةُ عَلَى شيءٍ وَاحِدٍ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سَلام الجُمَحِيِّ أَنه قَالَ: إِذَا كثُر الإِيطاءُ فِي قَصِيدَةٍ مَرَّاتِ، فَهُوَ عَيْبٌ عِنْدَهُمْ. أَبو زَيْدٍ: ايتَطَأَ الشَّهْرُ، وَذَلِكَ قَبْلَ النِّصف بِيَوْمٍ وَبَعْدَهُ بيوم، بوزن ايتَطَعَ.
وَكَأَ: تَوَكَّأَ عَلَى الشَّيْءِ واتَّكَأَ: تَحَمَّلَ واعتمَدَ، فَهُوَ مُتَّكِئٌ. والتُكأَةُ: العَصا يُتَّكَأُ عَلَيْهَا فِي الْمَشْيِ. وَفِي الصِّحَاحِ: مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ. يُقَالُ: هُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصَاهُ، ويَتَّكِئُ. أَبو زَيْدٍ: أَتْكَأْتُ الرجُلَ إِتْكاءً إِذَا وَسَّدْتَه حَتَّى يَتَّكِئَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَذَا الأَبيضُ المُتَّكِئُ المُرْتَفِقُ
؛ يُرِيدُ الجالِسَ المُتَمَكِّنَ فِي جُلُوسِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
التُّكَأَةُ مِن النَّعْمةِ.
التُكَأَةُ، بِوَزْنِ الهُمَزة: مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ. وَرِجْلٌ تُكَأَةٌ: كَثِيرُ الاتِّكاءِ، والتاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ وَبَابُهَا هَذَا الْبَابُ، والموضعُ مُتَّكَأٌ. وأَتْكَأَ الرَّجُلَ: جَعل لَهُ مُتَّكَأً، وقُرئَ: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ لطَعام أَو شَرَابٍ أَو حَدِيثٍ. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
، أَي طَعَامًا، وَقِيلَ للطَّعامِ مُتَّكَأٌ لأَنَّ القومَ إِذَا قَعَدوا عَلَى الطعام اتَّكَؤُوا، وَقَدْ نُهِيَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: آكُلُ كَمَا يأَكُلُ العَبْدُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا آكُلُ مُتَّكِئاً.
المُتَّكِئُ فِي العَرَبِيَّةِ كُلُّ مَن اسْتَوَى قاعِداً عَلَى وِطاءٍ مُتَمَكِّناً، والعامّةُ لَا تَعْرِفُ المُتَّكِئَ إِلَّا مَنْ مالَ فِي قُعُودِه مُعْتَمِداً عَلَى أَحَدِ شِقَّيْه؛ والتاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وأَصله مِنَ الوِكاءِ، وَهُوَ
مَا يُشَدُّ بِهِ الكِيسُ وَغَيْرُهُ، كأَنه أَوْكَأَ مَقْعَدَتَه وشَدَّها بالقُعود عَلى الوِطاءِ الَّذِي تحْتَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنِّي إِذَا أَكَلْتُ لَمْ أَقْعُدْ مُتَمَكِّناً فِعْلَ مَن يُريدُ الْاستِكْثارَ مِنْهُ، ولكِنْ آكُلُ بُلْغةً، فَيَكُونُ قُعُودي لَهُ مُسْتَوْفِزاً. قَالَ: ومَن حَمَل الاتِّكاءَ عَلَى المَيْلِ إِلَى أَحَد الشّقَيْنِ تأَوَّلَه عَلَى مَذْهَب الطِّبِّ، فإِنه لَا يَنْحَدِرُ فِي مَجاري الطعامِ سَهْلًا، وَلَا يُسِيغُه هَنِيئاً، ورُبَّما تأَذَّى بِهِ. وَقَالَ الأَخفش: مُتَّكَأً هُوَ فِي مَعْنَى مَجْلِسٍ. وَيُقَالُ: تَكِئَ الرجلُ يَتْكَأُ تَكَأً؛ والتُّكَأَةُ، بِوَزْنِ فُعَلةٍ، أَصله وُكَأَةٌ، وإنما مُتَّكَأٌ، أَصله مُوتَكَأٌ، مِثْلُ مُتَّفَقٍ، أَصله مُوتَفَقٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تُكَأَةٌ، بِوَزْنِ فُعَلةٍ، وأَصلُهُ وُكَأَة، فَقُلِبت الْوَاوُ تَاءً فِي تُكَأَةٍ، كَمَا قَالُوا تُراثٌ، وأَصله وُراثٌ. واتَّكَأْتُ اتِّكَاءً، أَصله اوتَكَيْتُ، فأُدغمت الْوَاوُ فِي التاءِ وشُدّدت، وأَصل الْحَرْفِ وكَّأَ يُوَكِّئُ تَوْكِئةً. وَضَرَبَهُ فأَتْكَأَه، عَلَى أَفْعَله، أَي أَلقاه عَلَى هَيْئَةِ المُتَّكِئِ. وَقِيلَ: أَتْكَأَه أَلْقَاهُ عَلَى جَانِبِهِ الأَيسر. والتاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ. أَوْكَأَتُ فُلَانًا إِيكَاءً إِذَا نَصَبَتْ لَهُ مُتَّكَأً، وأَتْكَأْته إِذَا حَمَلْتَه عَلَى الاتِّكاءِ. وَرَجُلٌ تُكَأَةٌ، مِثْلُ هُمَزة: كَثِيرُ الاتِّكاءِ. اللَّيْثُ: تَوَكَّأَتِ الناقةُ، وَهُوَ تَصَلُّقُها عِنْدَ مَخاضِها. والتَّوَكُّؤُ: التَّحامُل عَلَى العَصا فِي المَشْي. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاءِ قَالَ
جابِرٌ، رضي الله عنه: رأُيتُ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، يُواكِئُ
أَي يَتَحامَلُ عَلَى يَدَيْه إِذا رَفَعَهما وَمَدَّهُمَا فِي الدُّعاءِ. وَمِنْهُ التَوَكُّؤُ عَلَى العَصا، وَهُوَ التَّحامُلُ عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعالِم السُّنَن، وَالَّذِي جاءَ فِي السُّنَن، عَلَى اختِلاف رواياتِها وَنَسْخِهَا، بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ ما ذكره الخطابي.
وَمَأَ: ومَأَ إِلَيْهِ يَمَأُ وَمْأً: أَشارَ مِثل أَوْمَأَ. أَنشد القَنانيُّ:
فقُلْت السَّلامُ، فاتَّقَتْ مِنْ أَمِيرها،
…
فَما كَانَ إِلَّا وَمْؤُها بالحَواجِبِ
وَأَوْمَأَ كَوَمَأَ، وَلَا تَقُلْ أَوْمَيْتُ. اللَّيْثُ: الإِيماءُ أَن تُومِئَ برَأْسِكَ أَوْ بيَدِك كَمَا يُومِئُ المَرِيضُ برأْسه للرُّكُوعِ والسُّجُودِ، وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ: أَوْمَأَ برأْسِه أَي قَالَ لَا. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ، عَنْ نُخَراتِها،
…
بِنَهْزٍ، كإِيماءِ الرُّؤُوسِ المَوانِع
وَقَوْلُهُ، أَنشده الأَخفش فِي كِتابه المَوْسُوم بِالْقَوَافِي:
إِذَا قَلَّ مالُ المَرْءِ قَلَّ صَديقُه،
…
وأَوْمَتْ إِلَيْهِ بالعُيُوبِ الأَصابِعُ
إِنَّمَا أَراد أَوْمَأَتْ، فاحْتاجَ، فخَفَّف تَخْفِيف إِبْدالٍ، وَلَمْ يَجْعَلْها بَيْنَ بَيْنَ، إذْ لَوْ فَعَل ذَلِكَ لَانْكَسَرَ البيتُ، لأَنَّ المُخفَّفةَ تَخْفيفاً بَيْنَ بَيْنَ فِي حُكْمِ المُحقَّقةِ. وَوَقَعَ فِي وامِئةٍ أَيْ دَاهِيَةٍ وأُغْوِيَّة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه اسْمًا لأَني لَمْ أَسْمَعْ لَهُ فِعْلًا. وذهَبَ ثَوْبي فَمَا أَدْري مَا كانَتْ وامِئَتُه أَي لَا أَدْري مَنْ أَخَذَه، كَذَا حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الجَحْدِ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعِنْدِي أَنَّ مَعْنَاهُ مَا كَانَتْ داهِيَتُه الَّتِي ذَهَبَتْ بِهِ.