الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الثاء المثلثة
ثأب: ثَئِبَ الرَّجُل «1» ثَأَباً وتَثاءَبَ وتَثَأَّبَ: أَصابَه كَسَلٌ وتَوصِيمٌ، وَهِيَ الثُّؤَباءُ، ممْدود. والثُّؤَباءُ مِنَ التَّثاؤُب مِثْلَ المُطَواءِ مِنَ التَّمَطِّي. قَالَ الشاعِر فِي صِفَةِ مُهْر:
فافْتَرَّ عَنْ قارِحِه تَثاؤُبُهْ
وَفِي الْمَثَلِ: أَعْدَى مِن الثُّؤَباءِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَثاءَبْتُ عَلَى تَفاعَلْتُ وَلَا تَقُلْ تَثاوَبْتُ. والتَّثاؤُبُ: أَن يأْكُلَ الإِنْسان شَيْئًا أَو يَشْربَ شَيْئًا تَغْشاهُ لَهُ فَتْرة كَثَقْلةِ النُّعاس مِنْ غَير غَشْيٍ عَلَيْهِ. يُقَالُ: ثُئِبَ فُلَانٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: تَثَأَّبَ يَتَثَأَّبُ تثَؤُّباً مِنَ الثُّؤَباءِ، فِي كِتَابِ الْهَمْزِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
التَّثاؤُبُ مِنَ الشَّيْطان
؛ وإِنما جَعَلَهُ مِنَ الشَّيْطانِ كَراهِيةً لَهُ لأَنه إِنَّمَا يَكُونُ مِن ثِقَلِ البَدَنِ وامْتِلائه واستِرخائِه ومَيْلِه إِلَى الكَسَل وَالنَّوْمِ، فأَضافه إِلَى الشَّيْطَانِ، لأَنه الَّذِي يَدْعُو إِلَى إِعْطَاءِ النَّفْس شَهْوَتَها؛ وأَرادَ بِهِ التَحْذِيرَ مِنَ السبَب الَّذِي يَتَولَّدُ مِنْهُ، وَهُوَ التَّوَسُّع فِي المَطْعَمِ والشِّبَعِ، فيَثْقُل عَنِ الطَّاعاتِ ويَكْسَلُ عَنِ الخَيْرات. والأَثْأَبُ: شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي بُطُون الأَوْدية بِالْبَادِيَةِ، وَهُوَ عَلَى ضَرْب التِّين يَنْبُت ناعِماً كأَنه عَلَى شاطئِ نَهر، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنَ الْمَاءِ، يَزْعُم النَّاسُ أَنها شَجَرَةٌ سَقِيَّةٌ؛ واحدتُه أَثْأَبةٌ. قَالَ الكُمَيْتُ:
وغادَرْنا المَقاوِلَ فِي مَكَرٍّ،
…
كَخُشْبِ الأَثْأَبِ المُتَغَطْرسِينا
قَالَ اللَّيْثُ: هِيَ شَبِيهةٌ بشَجَرة تُسَمِّيهَا الْعَجَمُ النَّشْك، وأَنشد:
فِي سَلَمٍ أَو أَثْأَبٍ وغَرْقَدِ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأَثْأَبةُ: دَوْحةٌ مِحْلالٌ واسِعةٌ، يَسْتَظِلُّ تَحتَها الأُلُوفُ مِنَ الناسِ تَنْبُتُ نباتَ شجرَ الجَوْز، ووَرَقُها أَيضاً كَنَحْوِ وَرقِه، وَلَهَا ثمَر مثلُ التِّينِ الأَبْيَضِ يُؤْكل، وَفِيهِ كَراهةٌ، وَلَهُ حَبٌّ مِثْلُ حَبِّ التِّين، وزِنادُه جَيِّدَةٌ. وَقِيلَ: الأَثْأَبُ شِبْه القَصَبِ له رؤوسٌ كَرؤُوس القَصَب وشَكِير كشَكِيرِه، فأَمّا قَوْلُهُ:
قُلْ لأَبي قَيْسٍ خَفِيفِ الأَثَبَهْ
فَعَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ، إِنَّمَا أَراد خَفِيفَ الأَثْأَبة. وَهَذَا الشَّاعِرُ كأَنه لَيْسَ مِنْ لُغَتِهِ الْهَمْزُ، لأَنه لَوْ هَمَزَ لَمْ يَنْكَسِرِ الْبَيْتُ، وظنَّه قَوْمٌ لُغَةً، وَهُوَ خَطَأٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ بَعْضُهُمْ الأَثْب، فاطَّرَح الْهَمْزَةَ، وأَبْقى الثاءَ عَلَى سُكونها، وأَنشد:
ونَحْنُ مِنْ فَلْجٍ بأَعْلى شِعْبِ،
…
مُضْطَرِب الْبانِ، أَثِيثِ الأَثْبِ
ثبب: ابْنُ الأَعرابي: الثَّبابُ: الجُلُوس، وثَبَّ إِذَا جَلَس جُلُوساً مُتَمَكِّناً. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو. ثَبْثَبَ إِذَا جلَس مُتمكِّناً.
ثرب: الثَّرْبُ: شَحْم رَقِيقٌ يَغْشَى الكَرِشَ والأَمْعاءَ، وجمعُه ثُرُوبٌ. والثَّرْبُ: الشَّحْمُ المَبسُوط عَلَى الأَمْعاءِ والمَصارِينِ. وَشَاةٌ ثَرْباءُ: عَظيمة الثَّرْبِ؛ وأَنشد شِمْرٌ:
وأَنْتُم بِشَحْمِ الكُلْيَتَيْن معَ الثَّرْبِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهى عَنْ الصَّلاةِ إِذَا صارَتِ الشمسُ
(1). قوله [ثئب الرجل] قال شارح القاموس هو كفرح عازياً ذلك للسان، ولكن الذي في المحكم والتكملة وتبعهما المجد ثأب كعنى.
كالأَثارِبِ
أَي إِذَا تَفَرَّقَت وخَصَّت مَوْضِعاً دُونَ مَوْضِعٍ عِنْدَ المَغِيب. شَبَّهها بالثُّرُوبِ، وَهِيَ الشحْمُ الرَّقيق الَّذِي يُغَشِّي الكَرِشَ والأَمْعاءَ الْوَاحِدُ ثَرْبٌ وَجَمْعُهَا فِي الْقِلَّةِ: أَثْرُبٌ؛ والأَثارِبُ: جَمْعُ الْجَمْعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّ المُنافِقَ يؤَخِّر العَصْرَ حَتَّى إِذَا صارَتِ الشمسُ كَثَرْبِ البَقَرة صلَّاها.
والثَّرَباتُ: الأَصابعُ. والتَّثْريبُ كالتَّأْنيب والتَّعْيِيرِ والاسْتِقْصاءِ فِي اللَّوْمِ. والثَّارِبُ: المُوَبِّخُ. يُقَالُ ثَرَبَ وثَرَّب وأَثْرَبَ إِذَا وَبَّخَ. قَالَ نُصَيْبٌ:
إِنِّي لأَكْرَهُ مَا كَرِهْتَ مِنَ الَّذي
…
يُؤْذِيكَ سُوء ثَنائِه لَمْ يَثْرِبِ
وَقَالَ فِي أَثْرَبَ:
أَلا لَا يَغُرَّنَّ امْرَأً، مِنْ تِلادِه،
…
سَوامُ أَخٍ، دَانِي الوسِيطةِ، مُثْرِبِ
قَالَ: مُثْرِبٌ قَلِيلُ العَطاءِ، وَهُوَ الَّذِي يَمُنُّ بِمَا أَعْطَى. وثَرَّبَ عَلَيْهِ: لامَه وعَيَّره بذَنْبه، وذكَّرَه بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ
. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ لَا إفسادَ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ لَا تُذْكَرُ ذنُوبُكم. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ مِنَ الثَّرْبِ كالشَّغْفِ مِنَ الشِّغاف. قَالَ بِشْر، وَقِيلَ هُوَ لتُبَّعٍ:
فَعَفَوْتُ عَنْهُم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرِّبٍ،
…
وتَرَكْتُهُم لعِقابِ يَوْمٍ سَرْمَدِ
وثَرَّبْتُ عَلَيْهِمْ وعَرَّبْتُ عَلَيْهِمْ، بِمَعْنًى، إِذَا قَبَّحْتَ عَلَيْهِمْ فعْلَهم. وَالمُثَرِّبُ: المُعَيِّرُ، وَقِيلَ: المُخَلِّطُ المُفْسِدُ. والتَّثْرِيبُ: الإِفْسادُ والتَخْلِيطُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحدِكم فَلْيَضْرِبْها الحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ
؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ وَلَا يُبَكِّتْها وَلَا يُقَرِّعْها بَعْدَ الضَّرْبِ. والتقْريعُ: أَن يَقُولَ الرَّجُلُ فِي وَجه الرجْل عَيْبَه، فَيَقُولُ: فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا. والتَّبْكِيتُ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: أَي لَا يُوَبِّخْها وَلَا يُقَرِّعْها بِالزِّنَا بَعْدَ الضَّرْبِ. وَقِيلَ: أَراد لَا يَقْنَعْ فِي عُقُوبتها بالتثرِيبِ بَلْ يضرِبُها الْحَدَّ، فَإِنَّ زِنَا الإِماء لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْعَرَبِ مَكْروهاً وَلَا مُنْكَراً، فأَمَرَهم بحَدّ الْإِمَاءِ كَمَا أَمَرَهم بِحَدِّ الحَرائر. ويَثْرِبُ: مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، والنَّسَبُ إِلَيْهَا يَثْرَبِيٌّ ويَثْرِبِيٌّ وأَثْرَبِيٌّ وأَثرِبِيٌّ، فَتَحُوا الرَّاءَ اسْتِثْقَالًا لِتَوَالِي الْكَسْرَاتِ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه نَهى أَن يقالَ لِلْمَدِينَةِ يَثْرِبُ، وَسَمَّاهَا طَيْبةَ
، كَأنه كَرِه الثَرْبَ، لأَنه فَسادٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: يَثْرِبُ اسْمُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، قَدِيمَةٌ، فغَيَّرها وَسَمَّاهَا طَيْبةَ وطابةَ كَراهِيةَ التَّثْرِيبِ، وَهُوَ اللَّوْمُ والتَعْيير. وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ أَرضِها؛ وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِاسْمِ رَجُلٍ مِنَ العَمالِقة. ونَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وأَثْرِبِيٌّ، مَنْسوب إِلَى يَثْربَ. وَقَوْلُهُ:
وَمَا هُوَ إلَّا اليَثْرِبِيُّ المُقَطَّعُ
زعَم بعضُ الرُّواة أَن الْمُرَادَ بِالْيَثْرِبِيِّ السَّهْمُ لَا النَّصْلُ، وأَن يَثْرِبَ لَا يُعْمَلُ فِيهَا النِّصالُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ لأَنّ النِّصالَ تُعملُ بِيَثْرِبَ وَبِوَادِي القُرى وبالرَّقَمِ وبغَيْرِهِنَّ مِنْ
أَرض الْحِجَازِ، وَقَدْ ذَكَرَ الشُّعَرَاءُ ذَلِكَ كَثِيرًا. قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ
أَي مشدودٌ بالرِّصافِ. والثَّرْبُ: أَرض حِجارتُها كَحِجَارَةِ الحَرّة إِلَّا أَنها بِيضٌ. وأَثارِبُ: موضع.
ثرقب: الثُّرْقُبِيَّةُ والفُرْقُبِيَّةُ: ثِيابُ كَتَّانٍ بيضٌ، حَكَاهَا يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ، وَقِيلَ: مِنْ ثِيَابِ مِصْرَ. يُقَالُ: ثَوْبٌ ثُرْقُبيٌّ وفُرْقُبِيٌّ.
ثعب: ثَعَبَ الماءَ والدَّمَ ونحوَهما يَثْعَبهُ ثَعْباً: فَجَّره، فانْثَعَبَ كَمَا يَنْثَعِبُ الدَّمُ مِنَ الأَنْف. قَالَ اللَّيْثُ: وَمِنْهُ اشْتُقَّ مَثْعَبُ المطَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
يجيءُ الشَّهيدُ يومَ القيامةِ، وجُرْحُه يَثْعَبُ دَماً
؛ أَي يَجْري. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رضي الله عنه: صَلَّى وجُرْحُه يَثْعَب دَماً.
وَحَدِيثُ
سعدٍ، رضي الله عنه: فقَطَعْتُ نَساهُ فانْثَعَبَتْ جَدِّيةُ الدَّمِ
، أَي سالَتْ، وَيُرْوَى فانْبَعَثَتْ. وانْثَعَبَ المطَرُ: كَذَلِكَ. وماءٌ ثَعْبٌ وثَعَبٌ وأُثْعُوبٌ وأُثْعُبانٌ: سَائِلٌ، وَكَذَلِكَ الدّمُ؛ الأَخيرة مَثَّلَ بِهَا سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهَا السِّيرَافِيُّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الأُثْعُوبُ: مَا انْثَعَبَ. والثَّعْبُ مَسِيلُ الْوَادِي «2» ، وَالْجَمْعُ ثُعْبانٌ. وجَرى فَمُه ثَعابِيبَ كسَعابِيبَ، وَقِيلَ: هُوَ بَدَلٌ، وَهُوَ أَن يَجْري مِنْهُ ماءٌ صافٍ فِيهِ تمَدُّدٌ. والمَثْعَبُ، بِالْفَتْحِ، وَاحِدُ مَثاعِبِ الحِياضِ. وانْثَعَبَ الماءُ: جَرى فِي المَثْعَبِ. والثَّعْبُ والوَقيعةُ والغَدير كُلُّه مِنْ مَجامع الْمَاءِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: والثَّعْبُ الَّذِي يَجْتَمعُ فِي مَسيلِ الْمَطَرِ مِنَ الغُثاء. قَالَ الأَزهري: لَمْ يُجَوِّد اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ الثَّعْبِ، وَهُوَ عِنْدِي المَسِيلُ نفسُه، لَا مَا يَجْتَمِعُ فِي المَسِيل مِنَ الغُثاء. والثُّعْبانُ: الحَيَّةُ الضَّخْمُ الطويلُ، الذكرُ خَاصَّةً. وَقِيلَ: كلُّ حَيَّةٍ ثُعْبانٌ. وَالْجَمْعُ ثَعابينُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ*
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَراد الكبيرَ مِنَ الحَيَّاتِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ جَاءَ فَإِذَا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ. وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ*؛ والجانُّ: الصغيرُ مِنَ الْحَيَّاتِ. فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ: أَنّ خَلْقَها خَلْقُ الثُّعبانِ العظيمِ، واهْتِزازُها وحَرَكَتُها وخِفَّتُها كاهْتِزازِ الجانِّ وخِفَّتِه. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَيَّاتُ كُلُّهَا ثُعْبانٌ، الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ والإِناث والذُّكْرانُ وَقَالَ أَبو خَيْرة: الثعبانُ الحَيَّةُ الذكَر. وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الضَّحَّاكُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ*
. وَقَالَ قُطْرُبٌ: الثُّعبانُ الحَيّةُ الذكرُ الأَصْفَر الأَشْعَرُ، وَهُوَ مِنْ أَعظمِ الحَيّات. وَقَالَ شِمْرٌ: الثُّعبانُ مِنَ الحَيّاتِ ضَخْمٌ عَظِيمٌ أَحمر يَصِيدُ الفأْر. قَالَ: وَهِيَ بِبَعْضِ الْمَوَاضِعِ تُسْتَعار للفَأْر، وَهُوَ أَنفَعُ فِي البَيْتِ مِنَ السَّنانِير. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
شَدِيدٌ تَوَقِّيهِ الزِّمامَ، كَأَنما
…
نَرى، بتَوَقِّيهِ الخِشاشةَ، أَرْقَمَا
فَلَمَّا أَتَتْه أَنْشَبَتْ فِي خشاشِه
…
زِماماً، كَثُعْبانِ الحَماطةِ، مُحْكَمَا
والأُثْعبانُ: الوَجْهُ الفَخْم فِي حُسْن بيَاضٍ. وقيل:
(2). قوله [والثعب مسيل إلخ] كذا ضبط في المحكم والقاموس وقال في غير نسخة من الصحاح والثعب بالتحريك مسيل الماء.
هُوَ الوَجْهُ الضَّخْم. قَالَ:
إنِّي رَأَيتُ أُثْعباناً جَعْدَا،
…
قَدْ خَرَجَتْ بَعْدي، وقَالَتْ نَكْدَا
قَالَ الأَزهري: والأَثْعَبِيُّ الوَجْه الضَخْمُ فِي حُسْن وبَياضٍ. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَن يَقُولُ: وجهٌ أُثْعُبانِيٌّ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ أَسماءِ الفأْر البِرُّ والثُّعْبةُ والعَرِمُ. والثُّعْبةُ ضَرْبٌ مِنَ الوَزَغ تُسمى سامَّ أَبْرَصَ، غَيْرَ أَنها خَضْراءُ الرأْس والحَلْقِ جاحظةُ الْعَيْنَيْنِ، لَا تَلْقاها أَبداً إِلَّا فاتِحةً فَاهَا، وَهِيَ مِن شَرِّ الدَّوابِّ تَلْدَغُ فَلَا يَكادُ يَبْرَأُ سَلِيمُها، وَجَمْعُهَا ثُعَبٌ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الثُّعْبةُ دابّةٌ أَغْلَظُ مِنَ الوَزَغةِ تَلْسَعُ، ورُبما قَتَلَتْ، وَفِي الْمَثَلِ: مَا الخَوافي كالقِلَبةِ، وَلَا الخُنَّازُ كالثُّعَبةِ. فالخَوافي: السَّعَفاتُ اللَّوَاتِي يَلِينَ القِلَبةَ. والخُنَّازُ: الوَزَغةُ. ورأَيت فِي حَاشِيَةِ نُسْخَةٍ مِنَ الصِّحَاحِ مَوْثُوقٌ بِهَا مَا صُورَتُهُ: قَالَ أَبو سَهْلٍ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ الْجَوْهَرِيِّ الثُّعْبة، بِتَسْكِينِ الْعَيْنِ. قَالَ: وَالَّذِي قرأْته عَلَى شَيْخِي، فِي الْجَمْهَرَةِ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ. والثُّعْبةُ نبتةٌ «1» شَبِيهة بالثُّعْلةِ إِلَّا أَنها أَخْشَن وَرَقًا وساقُها أَغْبَرُ، وَلَيْسَ لَهَا حَمْل، وَلَا مَنْفعةَ فِيهَا، وَهِيَ مِنْ شَجَرِ الْجَبَلِ تَنْبُت فِي مَنابِت الثُّوَعِ، وَلَهَا ظِلٌّ كَثِيفٌ، كلُّ هَذَا عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والثَّعْبُ: شَجَرٌ، قَالَ الْخَلِيلُ: الثُّعْبانُ مَاءٌ، الْوَاحِدُ ثَعْبٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الثَّغْبُ، بالغين المعجمة.
ثعلب: الثَّعْلَبُ مِنَ السبِّاع مَعروفة، وَهِيَ الأُنثى، وَقِيلَ الأُنثى ثَعْلبةٌ وَالذَّكَرُ ثَعْلَبٌ وثُعْلُبانٌ. قَالَ غاوِي بْنُ ظالِم السُّلَمِيّ، وَقِيلَ هُوَ لأَبي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، وَقِيلَ هُوَ لعَبَّاس بْنِ مِرْداس السُلَمي، رضي الله عنهم:
أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعْلبانُ برَأْسِه،
…
لَقَدْ ذَلَّ مَن بالَتْ عليهِ الثَّعالِبُ «2»
الأَزهري: الثَّعْلَبُ الذكرُ، والأُنثى ثُعالةٌ، وَالْجَمْعُ ثَعَالِبُ وثَعالٍ. عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَلَا يُعْجِبُني قَوْلُهُ، وأَما سِيبَوَيْهِ فإِنه لَمْ يُجِزْ ثَعالٍ إِلّا فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِ رَجُلٍ مِنْ يَشْكُرَ:
لهَا أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ، تُتَمِّرهُ،
…
مِنَ الثَّعالي، ووَخْزٌ مِن أَرانِيها
ووجَّهَ ذَلِكَ فَقَالَ: إِن الشَّاعِرَ لَمَّا اضْطُرَّ إِلى الْيَاءِ أَبْدلَها مَكانَ الباءِ كَمَا يُبْدِلُها مكانَ الْهَمْزَةِ. وأَرضٌ مُثَعْلِبةٌ، بِكَسْرِ اللَّامِ: ذاتُ ثَعالِبَ. وأَما قَولُهم: أَرضٌ مَثْعَلةٌ، فَهُوَ مِنْ ثُعالةَ، وَيَجُوزُ أَيضاً أَن يَكُونَ مِنَ ثَعْلَبَ، كَمَا قَالُوا مَعْقَرةٌ لأَرض كَثِيرَةِ العَقاربِ. وثَعْلَبَ الرَّجلُ وتَثَعْلَبَ: جَبُنَ وراغَ، عَلَى التَّشْبِيه بعَدْوِ الثَّعْلَب. قَالَ:
فَإِنْ رَآني شاعِرٌ تَثَعْلبَا «3»
وثَعْلَبَ الرَّجلُ مِنْ آخَر فَرَقاً. والثَّعْلَبُ: طَرَفُ الرُّمْح الداخِلُ في جُبَّةِ
(1). قوله [والثعبة نبتة إلخ] هي عبارة المحكم والتكملة لم يختلفا في شيء إلا في المشبه به فقال في المحكم شبيهة بالثعلة وفي التكملة بالثوعة.
(2)
. 1 قوله" أرب إلخ" كذا استشهد الجوهري به على قوله والذكر ثعلبان، وقال الصاغاني والصواب في البيت الثعلبان تثنية ثعلب.
(3)
. قوله" فإن رآني" في التكملة بعده:
وإن حداه الحين أو تذايله
السِّنانِ. وثَعْلَبُ الرُّمْحِ: مَا دَخَلَ فِي جُبَّةِ السِّنان مِنْهُ. والثَّعْلَبُ: الجُحْرُ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهُ ماءُ الْمَطَرِ. والثَّعْلَبُ: مَخْرَجُ الماءِ من جَرِينِ التَّمْرِ. وَقِيلَ: إِنه إِذا نُشِرَ التَّمْر فِي الجَرِينِ، فَخشُوا عَلَيْهِ المطَر، عَمِلُوا لَهُ جُحْراً يَسِيلُ مِنْهُ ماءُ الْمَطَرِ، فَاسْمُ ذَلِكَ الجُحْر الثَّعْلَبُ، والثَّعْلَبُ: مَخْرَج الماءِ مِنَ الدِّبارِ أَو الحَوْضِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، اسْتَسْقَى يَوْماً ودَعا فقامَ أَبو لُبَابَة فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ إِنَّ التمرَ فِي المَرابِدِ، فَقَالَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اسْقِنا حَتَّى يَقُومَ أَبُو لُبابةَ عُرياناً يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَدِه بإِزارِه أَو رِدائِه. فَمُطِرْنا حَتَّى قامَ أَبو لُبابةَ عُرْياناً يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبدِه بإِزارِه.
والمِربَدُ: مَوْضِعٌ يُجَفَّفُ فِيهِ التمرُ. وثَعْلبُه: ثَقْبُه الَّذِي يَسِيلُ مِنْهُ ماءُ المطَر. أَبو عَمْرٍو: الثَّعلَب أَصْلُ الراكُوب فِي الجِذْع مِنَ النَّخْل. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ أَصْلُ الفَسِيلِ إِذا قُطِع مِنْ أُمِّه. والثَّعْلَبةُ: العُصْعُصُ. والثَّعْلَبةُ: الاسْتُ. وداءُ الثَّعْلَبِ: عِلَّةٌ مَعْرُوفةٌ يَتناثَرُ مِنْهَا الشعَرُ. وثَعْلَبة: اسْمٌ غَلَبَ عَلَى القَبيلة. والثَّعْلَبتان: ثَعْلبةُ بْنُ جَدْعاءَ بْنِ ذُهْلِ بن رُومانَ ابن جُنْدَبِ بْنِ خارِجةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ فُطْرةَ بْنِ طَيِّىءٍ، وثَعْلبةُ بْنُ رُومانَ بْنُ جُنْدَبٍ. قَالَ عَمرو بْنُ مِلْقَط الطَّائِيُّ مِنْ قَصِيدَةٍ أَوَّلها:
يَا أَوسُ، لَوْ نالَتْكَ أَرْماحُنا،
…
كُنْتَ كَمَنْ تَهْوي بِهِ الهاوِيَهْ
يَأْبى لِيَ الثَّعْلَبَتانِ الَّذي
…
قَالَ خُباجُ الأَمَةِ الرَّاعِيَهْ
الخُباجُ: الضُّراط، وأَضافَه إِلى الأَمَةِ لِيَكُونَ أَخَسَّ لَهَا، وجَعَلها راعِيةً لِكَوْنِهَا أَهْوَنَ مِنَ الَّتِي لَا تَرْعَى. وأُمُّ جُنْدَب: جَدِيلةُ بنتُ سُبَيْعِ بْنِ عَمرو مِنْ حِمْيَر، وإِليها يُنْسَبون. والثَّعالِبُ قَبائِلُ مِنَ العَرَبِ شَتَّى: ثَعْلَبةُ فِي بَنِي أَسَدٍ، وثَعْلَبةُ فِي بَنِي تَمِيمٍ، وثَعْلَبةُ في طيىءٍ، وثَعْلَبةُ فِي بَنِي رَبِيعةَ. وَقَوْلُ الأَغلب:
جاريةٌ مِنْ قَيْسٍ ابنِ ثعْلَبَهْ،
…
كَرِيمةٌ أَنْسابُها والعَصَبَهْ «1»
إِنما أَرادَ مِنْ قَيْسِ بْنِ ثَعْلبةَ، فاضْطُرَّ فأَثبت النُّونَ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: الَّذِي أُرى أَنه لَمْ يُرد فِي هَذَا الْبَيْتِ وَمَا جَرى مَجْراه أَن يُجْرِيَ ابْنًا وَصْفاً عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَلَوْ أَراد ذَلِكَ لَحَذف التَّنْوِينَ، ولكنَّ الشَّاعِرَ أَراد أَن يُجْرِيَ ابْنًا عَلَى مَا قَبْلَه بَدَلًا مِنْهُ، وإِذا كَانَ بَدَلًا مِنْهُ لَمْ يُجعل مَعَهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، فوجَب لِذَلِكَ أَن يُنْوى انْفِصالُ ابْنٍ مِمَّا قَبْلَهُ، وإِذا قُدِّر بِذَلِكَ، فَقَدْ قَامَ بِنَفْسِهِ ووجَبَ أَن يُبْتَدأَ، فَاحْتَاجَ إِذاً إِلى الأَلِفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الابتداءُ بِالسَّاكِنِ، وَعَلَى ذَلِكَ تقول: كَلَّمت زيداً ابن بَكْرٍ، كأَنك تَقُولُ كلَّمت زَيْدًا كلَّمت ابْنَ بَكْرٍ، لأَن ذَلِكَ حُكْمُ البَدَل، إِذ البَدَلُ فِي التَّقْدِيرِ مِنْ جُمْلَةٍ ثَانِيَةٍ غَيْرِ الْجُمْلَةِ الَّتِي. المُبْدَلُ مِنْهُ مِنْهَا، وَالْقَوْلُ الأَوّل مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ. وثُعيلِبات: مَوْضِعٌ. والثَّعْلَبِيَّةُ: أَن يَعْدُوَ الفرسُ عَدْوَ الْكَلْبِ. والثَّعْلَبِيَّةُ: مَوْضِعٌ بِطَرِيقِ مكة.
(1). قوله" أنسابها" في المحكم أخوالها.
ثغب: الثَّغْبُ والثَّغَبُ، وَالْفَتْحُ أَكثر: مَا بَقِيَ مِنَ الْمَاءِ فِي بطنِ الْوَادِي، وَقِيلَ: هُوَ بَقِيَّةُ الماءِ العَذْبِ فِي الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ أُخْدُودٌ تَحْتَفِرهُ المَسايِلُ مِنْ عَلُ، فإِذا انْحَطَّتْ حَفَرَتْ أَمثالَ القُبورِ والدِّبار، فيَمْضي السَّيْلُ عَنْهَا، ويُغَادِرُ الماءَ فِيهَا، فتُصَفِّقُه الرِّيحُ ويَصْفُو ويَبْرُد، فَلَيْسَ شيءٌ أَصْفَى مِنْهُ وَلَا أَبْرَدَ، فسُمِّيَ الماءُ بِذَلِكَ المكانِ. وَقِيلَ: الثَّغَبُ الغَدِيرُ يَكُونُ فِي ظلِّ جَبَل لَا تُصِيبُه الشَّمْسُ، فيَبْرُد ماؤُه، وَالْجَمْعُ ثِغْبانٌ مِثْلُ شَبَثٍ وشِبْثانٍ، وثُغْبانٌ مِثْلُ حَمَل وحُمْلان. قَالَ الأَخطل:
وثالثةٍ مِنَ العَسَل المُصَفَّى،
…
مُشَعْشَعةٍ بثِغْبانِ البِطاح
وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ «1» بثُغْبانٍ، بِضَمِّ الثَّاءِ، وَهُوَ عَلَى لُغَةِ ثَغْبٍ، بالإِسكان، كعَبْدٍ وعُبْدانٍ. وَقِيلَ: كلُّ غَدِيرٍ ثَغْبٌ، وَالْجَمْعُ أَثْغابٌ وثِغابٌ. اللَّيْثُ: الثَّغَبُ ماءٌ، صَارَ فِي مُسْتَنْقَعٍ، فِي صَخْرَةٍ أَو جَهْلةٍ، قليلٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه: مَا شَبَّهْتُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا بثَغْبٍ قَدْ ذَهَبَ صَفْوُه وبَقِيَ كَدَرُه.
أَبو عُبَيْدٍ: الثَّغْبُ، بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ: المُطْمَئِنُّ مِنَ الْمَوَاضِعِ فِي أَعلى الْجَبَلِ، يَسْتَنْقِعُ فِيهِ ماءُ الْمَطَرِ. قَالَ عَبيدٌ:
وَلَقَدْ تَحُلُّ بِهَا، كأَنَّ مُجاجَها
…
ثَغْبٌ، يُصَفَّقُ صفْوُه بِمُدامِ
وَقِيلَ: هُوَ غَديرٌ فِي غَلْظٍ مِنَ الأَرضِ، أَو عَلَى صَخْرة، وَيَكُونُ قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: فُثِئَتْ بِسُلالةٍ مِنْ مَاءِ ثَغْبٍ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الثَّغَبُ مَا استَطال فِي الأَرض مِمَّا يَبْقَى مِنَ السَّيْل، إِذا انْحَسَر يَبْقَى مِنْهُ فِي حَيْدٍ مِنَ الأَرض، فالماءُ بمكانِه ذَلِكَ ثَغَبٌ. قَالَ: واضْطُرَّ شَاعِرٌ إِلى إِسكان ثانِيه، فَقَالَ:
وَفِي يَدي، مِثْلُ ماءِ الثَّغْبِ، ذُو شُطَبٍ،
…
أَنِّي بِحَيْثُ يَهُوسُ اللَّيْثُ والنَّمِرُ
شَبَّه السيفَ بِذَلِكَ الماءِ فِي رِقَّتِه وصفَائه، وأَراد لأَني. ابْنُ السِّكِّيتِ: الثَّغْبُ تَحْتَفِرُه المَسايِلُ مِنْ عَلُ، فالماءُ ثَغْبٌ، والمكانُ ثَغْبٌ، وَهُمَا جَمِيعًا ثَغْبٌ وثَغَبٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وما ثَغَبٌ، باتَت تُصَفِّقُه الصَّبا،
…
قَرارةَ نِهْيٍ أَتْأَقَتْها الرَّوائِحُ
والثَّغَبُ: ذَوْبُ الجَمْدِ، والجمعُ ثُغْبَانٌ. وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ بَيْتَ الأَخطل: بثُغْبان الْبِطَاحِ. ابْنُ الأَعرابي، الثُغْبان: مَجاري الماءِ، وَبَيْنَ كلِّ ثَغْبَيْنِ طَريقٌ، فَإِذَا زادتِ المِياهُ ضاقتِ المسالِكُ، فدَقَّتْ، وأَنشد:
مَدافِعُ ثُغْبانٍ أَضَرَّ بِهَا الوَبْلُ
ثغرب: الثِّغْرِبُ: الأَسنان الصُّفْر. قَالَ:
وَلَا عَيْضَموزٌ تُنْزِرُ الضَّحْكَ، بَعْدَ ما
…
جَلَتْ بُرْقُعاً عَنْ ثِغْرِبٍ مُتناصِلِ
ثقب: اللَّيْثُ الثَّقْبُ مَصْدَرُ ثَقَبْتُ الشيءَ أَثْقُبهُ ثَقْباً. والثَّقْبُ: اسْمٌ لِمَا نفَذ. الْجَوْهَرِيُّ: الثَّقْبُ، بِالْفَتْحِ، وَاحِدُ الثُّقُوبِ. غَيْرُهُ: الثَّقْبُ: الخَرْقُ النافِذُ، بِالْفَتْحِ، وَالْجَمْعُ أَثْقُبٌ وثُقُوبٌ. والثُّقْبُ، بِالضَّمِّ: جَمْعُ ثُقْبةٍ. ويُجمع أَيضاً
(1). 1 قوله" ومنهم من يرويه إلخ" هو ابْنُ سِيدَهْ فِي مُحْكَمِهِ كما يأتي التصريح به بعد.
عَلى ثُقَبٍ. وَقَدْ ثَقَبَه يَثْقُبه ثَقْباً وثَقَّبه فانْثَقَبَ، شُدّد لِلْكَثْرَةِ، وتَثَقَّب وتَثَقَّبَه كثَقَبَه. قال العجاج:
بِحَجِناتٍ يَتَثَقَّبْن البُهَرْ
ودُرٌّ مُثَقَّبٌ أَي مَثْقوبٌ. والمِثْقَبُ: الآلةُ الَّتِي يُثْقَبُ بِهَا. ولُؤْلُؤاتٌ مثَاقِيبُ، وَاحِدُهَا مَثْقُوبٌ والمُثَقِّبُ، بِكَسْرِ الْقَافِ: لَقَبُ شَاعِرٍ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ مَعْرُوفٌ، سُمي بِهِ لِقَوْلِهِ:
ظَهَرْنَ بِكِلّةٍ، وسَدَلْنَ رَقْماً،
…
وثَقَّبْنَ الوَصاوِصَ للعُيُونِ
وَاسْمُهُ عَائِذُ بْنُ مِحْصَنٍ العَبْدي. والوصاوِصُ جَمْعُ وَصْوَصٍ، وَهُوَ ثَقْبٌ فِي السِّتْر وَغَيْرِهِ عَلَى مِقْدار العَيْن، يُنْظَر مِنْهُ. وثَقَّبَ عُودَ العَرْفَجِ: مُطِرَ فَلانَ عُودُه، فَإِذَا اسْوَدَّ شَيْئًا قِيلَ: قَدْ قَمِلَ؛ فَإِذَا زَادَ قَلِيلًا قِيلَ: قَدْ أَدْبى، وَهُوَ حِينَئِذٍ يَصْلُح أَن يُؤكل؛ فَإِذَا تَمَّتْ خُوصَتُهُ قِيلَ: قَدْ أَخْوَصَ. وتَثَقَّبَ الجِلْدُ إِذَا ثَقَّبَه الحَلَمُ. والثُّقُوب: مَصْدَرُ النارِ الثاقبةِ. والكَوْكَبُ الثاقِبُ: المُضِيءُ. وتَثْقِيبُ النَّارِ: تَذْكِيَتُها. وثَقَبَتِ النارُ تَثْقُبُ ثُقُوباً وثَقابةً: اتَّقَدَتْ. وثَقَّبَها هُوَ وأَثْقَبها وتَثَقَّبها. أَبو زَيْدٍ: تَثَقَّبْتُ النارَ، فأَنا أَتثَقَّبُها تَثَقُّباً، وأُثْقِبُها إثْقاباً، وثَقَّبْتُ بِهَا تَثْقِيباً، ومَسَّكْتُ بِهَا تَمْسِيكاً، وَذَلِكَ إِذَا فَحَصْت لَهَا فِي الأَرض ثُمَّ جَعَلْت عَلَيْهَا بَعَراً وضِراماً، ثُمَّ دَفَنْتَها فِي التُّرَابِ. وَيُقَالُ: تَثَقَّبْتُها تَثَقُّباً حِينَ تَقْدَحُها. والثِّقابُ والثَّقُوب: مَا أَثْقَبَها بِهِ وأَشْعَلَها بِهِ مِنْ دِقاقِ العِيدان. وَيُقَالُ: هَبْ لِي ثَقُوباً أَي حُرَاقاً، وَهُوَ مَا أَثْقَبْتَ بِهِ النارَ أَي أَوقَدْتَها بِهِ. وَيُقَالُ: ثَقَبَ الزَّنْدُ يَثْقُب ثُقُوباً إِذَا سَقَطَتِ الشَّرارةُ. وأَثْقَبْتُها أَنا إِثْقَابًا. وزَنْدٌ ثاقِبٌ: وَهُوَ الَّذِي إِذَا قُدِحَ ظَهَرت نارُه. وشِهابٌ ثاقِبٌ أَي مُضِيءٌ. وثَقَبَ الكَوْكَبُ ثُقُوباً: أَضاء. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ
. قَالَ الفرَّاء: الثاقِبُ المُضِيءُ؛ وَقِيلَ: النَّجْمُ الثاقِبُ زُحَلُ. والثاقِبُ أَيضاً: الَّذِي ارْتَفَعَ عَلَى النُّجُومِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلطَّائِرِ إِذَا لَحِقَ بِبَطْن السَّمَاءِ: فَقَدْ ثَقَبَ، وكلُّ ذَلِكَ قَدْ جاءَ فِي التَّفْسِيرِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَثْقِبْ نارَكَ أَي أَضِئْها للمُوقِد. وَفِي حَدِيثِ
الصِّدِّيقِ، رضي الله عنه: نحنُ أَثْقَبُ الناسِ أَنساباً
؛ أَي أَوضَحُهم وأَنوَرُهم. والثَّاقِبُ: المُضِيءُ، وَمِنْهُ قَولُ الْحَجَّاجِ لِابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: إنْ كَانَ لَمِثْقَباً أَي ثاقِبَ العِلْم مُضِيئَه. والمِثْقَبُ. بِكَسْرِ الْمِيمِ: العالِمُ الفَطِنُ. وثَقَبتِ الرائحةُ: سَطَعَتْ وهاجَتْ. وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
بِريحِ خُزامَى طَلَّةٍ مِن ثِيابِها،
…
ومِنْ أَرَجٍ مِنْ جَيِّد المِسْكِ، ثاقِبْ
اللَّيْثُ: حَسَبٌ ثاقِبٌ إِذَا وُصِفَ بشُهْرَتِه وارْتِفاعِه. الأَصمعي: حَسَبٌ ثاقِبٌ: نَيِّر
مُتَوَقِّدٌ، وعِلمٌ ثاقبٌ، مِنْهُ. أَبو زَيْدٍ: الثَّقِيبُ مِنَ الإِبل الغَزِيرةُ اللبنِ. وثَقبتِ الناقةُ تَثْقُبُ ثُقُوباً، وَهِيَ ثاقِبٌ: غَزُرَ لَبنُها، عَلَى فَاعِلٍ. وَيُقَالُ: إِنها لثَقِيبٌ مِن الإِبل، وَهِيَ الَّتِي تُحالِبُ غِزارَ الإِبل، فَتَغْزُرُهنَّ. وثَقَبَ رأْيُه ثُقُوباً: نَفَذَ. وقولُ أَبي حَيّةَ النُّمَيْري:
ونَشَّرْتُ آياتٍ عَلَيْهِ، ولَمْ أَقُلْ
…
مِنَ العِلْمِ، إِلَّا بالّذِي أَنا ثاقِبُهْ
أَرَادَ ثاقِبٌ فِيهِ فحَذَف، أَو جاءَ بِهِ عَلَى: يَا سارِقَ الليلةِ. وَرَجُلٌ مِثْقَبٌ: نافِذُ الرَّأْي، وأُثْقُوبٌ: دَخَّالٌ فِي الأَمُور. وثَقَّبَه الشَّيْبُ وثَقَّبَ فِيهِ، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي: ظَهَرَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ أَوَّلُ مَا يَظْهَرُ. والثَّقِيبُ والثَّقِيبةُ: الشَّدِيدُ الحُمْرة مِنَ الرِّجال وَالنِّسَاءِ، وَالْمَصْدَرُ الثَّقابةُ. وَقَدْ ثَقَبَ يَثْقُبُ. والمِثْقَبُ: طَرِيقٌ فِي حَرّةٍ وغَلْظٍ، وَكَانَ فِيمَا مَضى طَريقٌ بَيْنَ اليَمامةِ والكُوفة يُسمَّى مِثْقَباً: وثُقَيْبٌ: طَرِيقٌ بِعَيْنِه، وَقِيلَ هُوَ مَاءٌ، قَالَ الرَّاعِي:
أَجَدَّتْ مَراغاً كالمُلاءِ وأَرْزَمَتْ
…
بِنَجْدَيْ ثُقَيْبٍ، حَيْثُ لاحَتْ طَرائِقُهْ
التَّهْذِيبِ: وطَريقُ الْعِرَاقِ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى مَكَّةَ يُقَالُ لَهُ مِثْقَبٌ. ويَثْقُبُ: مَوْضِعٌ بالبادِية.
ثلب: ثَلَبَه يَثْلِبُه ثَلْباً: لامَه وعابَه وصَرَّحَ بِالْعَيْبِ وقالَ فِيهِ وتَنَقَّصَه. قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إِلَّا ثَلْبا
غَيْرُهُ: الثَّلْبُ: شِدّةُ اللَّوْمِ والأَخْذُ باللِّسان، وَهُوَ المِثْلَبُ يَجْري فِي العُقُوباتِ، والثَّلْب. ومَثَل: لَا يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إلَّا ثَلَّابًا «2» . والمَثالِبُ مِنْهُ. والمَثالِبُ: العُيُوبُ، وَهِيَ المَثْلَبةُ والمَثْلُبةُ. ومثالِبُ الأَمِيرِ وَالْقَاضِي: مَعايِبُه ورَجلٌ ثِلْبٌ وثَلِبٌ: مَعِيبٌ. وثَلَبَ الرَّجُلَ ثَلْباً: طرَدَهُ. وثَلَبَ الشيءَ: قَلَبَه. وثَلَبَه كَثَلَمَه عَلَى الْبَدَلِ. ورمْحٌ ثَلِبٌ: مَتَثَلِّمٌ. قَالَ أَبو العِيال الهُذَلِي:
وَقَدْ ظَهَرَ السَّوابِغُ فِيهِمُ
…
والبَيْضُ واليَلَبُ
ومُطَّرِدٌ. مِنَ الخَطِّيِّ،
…
لَا عارٍ، وَلَا ثَلِبُ
اليَلَبُ: الدُّرُوعُ المَعْمُولةُ مِنْ جُلُودِ الإِبل، وَكَذَلِكَ البَيْضُ تُعْمَلُ أَيضاً مِنَ الجُلود. وَقَوْلُهُ: لَا عارٍ أَي لَا عارٍ مِنَ القِشْر وَمِنْهُ امْرأَةٌ ثالبَةُ الشَّوَى أَي مُتَشَقِّقةُ القَدَمَيْنِ، قَالَ جَرِيرٌ:
لَقَدْ ولَدَتْ غَسَّانَ ثالِبةُ الشَّوَى،
…
عَدُوسُ السُّرَى، لَا يَعْرِفُ الكَرْمَ جِيدُها
وَرَجُلٌ ثِلْبٌ: مُنْتَهي الهَرَمِ مُتَكَسِّرُ الأَسْنانِ،
(2). قوله [إلا ثلابا] كذا في النسخ فإن يكن ورد ثالب فهو مصدره وإلا فهو تحريف ويكون الصواب ما تقدم أعلاه كما في الميداني والصحاح.
وَالْجَمْعُ أَثْلابٌ، والأُنثى ثِلْبةٌ، وأَنكرها بعضُهم، وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ ثِلْبٌ. وَقَدْ ثَلَّبَ تَثْلِيباً. والثِّلْبُ: الشَّيخ، هُذَلِيَّةٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ المُسِنُّ، وَلَمْ يَخُصَّ بِهَذِهِ اللُّغَةِ قَبِيلةً مِنَ الْعَرَبِ دُونَ أُخرى. وأَنشد:
إمَّا تَرَيْنِي اليَوْمَ ثِلْباً شاخِصاً
الشاخِصُ الَّذِي لَا يُغِبُّ الغَزْوَ. وَبَعِيرٌ ثِلْبٌ إِذَا لَمْ يُلْقِحْ. والثِّلْبُ، بِالْكَسْرِ: الْجَمَلُ الَّذِي انْكَسَرَتْ أنيابُه مِن الهَرَمِ، وتَناثَر هُلْبُ ذَنَبِه، والأُنثى ثِلْبةٌ، وَالْجَمْعُ ثِلَبةٌ، مثلُ قِرْدٍ وقِرَدةٍ. تَقُولُ مِنْهُ: ثَلَّبَ البعيرُ تَثْلِيباً، عَنِ الأَصمعي قَالَهُ فِي كِتَابِ الفَرْق؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَهُمْ مِنَ الصَّدَقةِ الثِّلْبُ والنَّابُ.
الثِّلْبُ مِنْ ذُكور الإِبل: الَّذِي هَرِمَ وتكسَّرَتْ أَسنانُه. والنابُ: المُسِنَّةُ مِنْ إناثِها، وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الْعَاصِ كَتَبَ إِلَى معاويةَ رضي الله عنهما: إِنَّكَ جَرَّبْتَني فوجَدْتَني لستُ بالغُمْرِ الضَّرَعِ وَلَا بالثِّلْبِ الْفَانِي.
الغُمْرُ: الجاهلُ. والضَّرَعُ: الضَّعِيفُ. وَثَلِبَ جِلْدُه ثَلَباً، فَهُوَ ثَلِبٌ، إِذَا تَقَبَّض. والثَّلِيبُ: كَلأُ عامَيْنِ أَسْوَدُ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وأَنشد:
رَعَيْنَ ثَلِيباً سَاعَةً، ثُمَّ إنَّنا
…
قَطَعْنا علَيْهِنَّ الفِجاجَ الطَّوامِسا
والإِثْلِبُ والأَثْلَبُ: التُّرابُ وَالْحِجَارَةُ. وَفِي لغةٍ: فَتاتُ الحِجارةِ والترابُ. قَالَ شِمْرٌ: الأَثْلَبُ، بِلُغَةِ أَهل الْحِجَازِ: الحَجَر، وَبِلُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ: التُّرَابُ. وَبِفِيهِ الإِثْلِبُ، والكلامُ الْكَثِيرُ الأَثْلَبُ، أَي الترابُ وَالْحِجَارَةُ. قَالَ:
ولكِنَّما أُهْدي لقَيْسٍ هَدِيَّةً،
…
بِفِيَّ، مِن إهْداها لَه، الدَّهْرَ، إثْلِبُ
بِفِيَّ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ أُهْدي ثُمَّ استأْنف، فَقَالَ لَهُ: الدهرَ، إثْلِبُ، مِنْ إِهْدَائِي إِيَّاهَا. وَقَالَ رُؤْبَةُ:
وإنْ تُناهِبْهُ تَجِدْه مِنْهَبا،
…
تَكْسُو حُروفَ حاجِبَيْه الأَثْلَبا
أَراد تُناهِبْه العَدْوَ، وَالْهَاءُ للعَير، تَكْسُو حُروفَ حاجِبَيْه الأَثْلَبَ، وَهُوَ التُّرَابُ تَرمي بِهِ قوائمُها عَلَى حاجبَيْه. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: الإِثْلِبَ لكَ والترابَ. قَالَ: نَصَبُوهُ كأَنَّه دُعَاءٌ، يُرِيدُ: كأَنه مصْدَرٌ مَدْعُوٌّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ اسْمًا كَمَا سَنَذْكُرُهُ لَكَ فِي الحِصْحِصِ والتُّراب، حِينَ قَالُوا: الحِصْحِصَ لَكَ والترابَ لَكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الوَلَدُ للفِراش وللعاهِر الإِثْلِبُ.
الإِثْلِبُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَفَتْحِهِمَا وَالْفَتْحُ أَكثر: الْحَجَرُ. والعاهرُ: الزَّانِي. كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
وللعاهِرِ الحجَرُ
، قِيلَ: مَعْنَاهُ الرَّجْمُ، وَقِيلَ: هُوَ كنايةٌ عَنِ الخَيْبةِ، وَقِيلَ: الأَثْلَبُ: الترابُ، وَقِيلَ: دُقاقُ الحِجارة، وَهَذَا يُوَضِّحُ أَن مَعْنَاهُ الخَيْبةُ إِذْ لَيْسَ كُلُّ زانٍ يُرْجَمُ، وَهَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ. والأَثْلَمُ، كالأَثْلَبِ، عَنِ الهجَريّ. قَالَ: لَا أَدْري أَبَدَلٌ أَم لُغَةٌ. وأَنشد:
أَحْلِفُ لَا أُعْطِي الخَبيثَ دِرْهَما،
…
ظُلْماً، وَلَا أُعْطِيهِ إِلَّا الأَثْلَما
والثَّلِيبُ: القَدِيمُ مِنَ النَّبْتِ. والثَّلِيبُ: نَبْتٌ وَهُوَ مِن نَجِيلِ السِّباخِ، كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. والثِّلْبُ: لَقَبُ رَجل.
والثَّلَبُوتُ: أَرضٌ. قَالَ لَبِيدٌ:
بأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ، يَرْبَأُ، فَوْقَها،
…
قَفْرَ المَراقِبِ، خَوْفُها آرامُها
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: ثَلَبُوتٌ: أَرض، فَأَسْقَطَ مِنْهُ الأَلف وَاللَّامَ وَنَوَّنَ، ثُمَّ قَالَ: أرضٌ وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا. والثَّلَبُوتُ: اسْمُ وادٍ بين طَيِّئٍ وذُبْيانَ.
ثوب: ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً: رجَع بَعْدَ ذَهَابِهِ. وَيُقَالُ: ثابَ فُلَانٌ إِلَى اللَّهِ، وتابَ، بِالثَّاءِ وَالتَّاءِ، أَي عادَ ورجعَ إِلَى طَاعَتِهِ، وَكَذَلِكَ أَثابَ بِمَعْنَاهُ. ورجلٌ تَوّابٌ أَوّابٌ ثَوّابٌ مُنيبٌ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَرَجُلٌ ثَوّابٌ: لِلَّذِي يَبِيعُ الثِّيابَ. وثابَ الناسُ: اجْتَمَعُوا وجاؤوا. وَكَذَلِكَ الماءُ إِذَا اجْتَمَعَ فِي الحَوْضِ. وثابَ الشيءُ ثَوْباً وثُؤُوباً أَي رَجَعَ. قَالَ:
وزَعْتُ بِكالهِراوةِ أعْوَجِيٍّ،
…
إِذَا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَى وَثابا
وَيُرْوَى وِثابا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وثَوَّبَ كثابَ. أَنشد ثَعْلَبٌ لِرَجُلٍ يَصِفُ ساقِيَيْنِ:
إِذَا اسْتَراحا بَعْدَ جَهْدٍ ثَوَّبا
والثَّوابُ: النَّحْلُ لأَنها تَثُوبُ. قالَ ساعِدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
مِنْ كُلِّ مُعْنِقَةٍ وكُلِّ عِطافةٍ
…
مِنْهَا، يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَرْعَبُ
وثابَ جِسْمُه ثَوَباناً، وأَثابَ: أَقْبَلَ، الأَخيرة عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ. وأَثابَ الرَّجلُ: ثابَ إِلَيْهِ جِسْمُه وصَلَح بَدَنُهُ. التَّهْذِيبِ: ثابَ إِلَى العَلِيلِ جِسْمُه إِذَا حسُنَتْ حالُه بعْدَ تَحوُّلِه ورجَعَتْ إِلَيْهِ صِحَّتُه. وثابَ الحَوْضُ يَثُوبُ ثَوْباً وثُؤُوباً: امْتَلأَ أَو قارَبَ، وثُبةُ الحَوْض ومَثابُه: وَسَطُه الَّذِي يَثُوبُ إِلَيْهِ الماءُ إِذَا اسْتُفرِغَ حُذِفَتْ عَينُه. والثُّبةُ: مَا اجْتَمع إِلَيْهِ الماءُ فِي الْوَادِي أَو فِي الغائِط. قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ ثُبةً لأَن الماءَ يَثُوبُ إِلَيْهَا، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ الذَّاهِبَةِ مِنْ عَيْنِ الْفِعْلِ كَمَا عَوَّضُوا مِنْ قَوْلِهِمْ أَقام إِقَامَةً، وأَصله إقْواماً. ومَثابُ الْبِئْرِ: وَسَطها. ومَثابُها: مقامُ السَّاقي مِنْ عُرُوشها عَلَى فَم الْبِئْرِ. قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ البِئر وتَهَوُّرَها:
وَمَا لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ،
…
إِذَا اسْتُلَّ، مِنْ تَحْتِ العُرُوشِ، الدَّعائمُ
ومَثابَتُها: مَبْلَغُ جُمُومِ مائِها. ومَثابَتُها: مَا أَشْرَفَ مِنَ الْحِجَارَةِ حَوْلَها يَقُوم عَلَيْهَا الرَّجل أَحياناً كَيْ لَا تُجاحِفَ الدَّلْوَ الغَرْبَ، ومَثابةُ البِئْرِ أَيضاً: طَيُّها، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري أَعَنَى بطَيّها موضِعَ طَيِّها أَم عَنى الطَّيَّ الَّذِي هُوَ بِناؤُها بِالْحِجَارَةِ. قَالَ: وقَلَّما تَكُونُ المَفْعَلةُ مَصْدَرًا. وثابَ الماءُ: بَلَغ إِلَى حَالِهِ الأَوّل بعد ما يُسْتَقَى. التَّهْذِيبِ: وبِئْرٌ ذاتُ ثَيِّبٍ وغَيِّثٍ إِذَا اسْتُقِيَ مِنْهَا عادَ مكانَه ماءٌ آخَر. وثَيّبٌ كَانَ فِي الأَصل ثَيْوِبٌ. قَالَ: وَلَا يكون الثُّؤُوبُ أَوَّلَ الشيءِ حَتَّى يَعُودَ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. وَيُقَالُ: بِئْر لَهَا ثَيْبٌ أَي يَثُوبُ الماءُ فِيهَا. والمَثابُ: صَخْرة يَقُوم السَّاقي عَلَيْهَا يَثُوبُ إِلَيْهَا الْمَاءُ،
قَالَ الرَّاعِي:
مُشْرفة المَثاب دَحُولا
. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: الكَلأُ بمَواضِعِ كَذَا وَكَذَا مِثْلُ ثائِبِ الْبَحْرِ: يَعْنُون أَنه غَضٌّ رَطْبٌ كأَنه ماءُ الْبَحْرِ إِذَا فاضَ بَعْدَ جزْرٍ. وثابَ أَي عادَ ورَجَع إِلَى مَوْضِعِه الَّذِي كَانَ أَفْضَى إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: ثابَ ماءُ البِئر إِذَا عادَتْ جُمَّتُها. وَمَا أَسْرَعَ ثابَتَها. والمَثابةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُثابُ إِلَيْهِ أَي يُرْجَعُ إِلَيْهِ مرَّة بَعْدَ أُخرى. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً
. وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمَنْزِلِ مَثابةٌ لأَنَّ أَهلَه يَتَصَرَّفُون فِي أُمُورهم ثُمَّ يَثُوبون إِلَيْهِ، وَالْجَمْعُ المَثابُ. قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: الأَصل فِي مَثابةٍ مَثْوَبةٌ وَلَكِنَّ حركةَ الْوَاوِ نُقِلَت إِلَى الثَّاءِ وتَبِعَت الواوُ الحركةَ، فانقَلَبَتْ أَلِفًا. قَالَ: وَهَذَا إِعْلَالٌ بِإِتْبَاعِ بَابِ ثابَ، وأَصل ثابَ ثَوَبَ، وَلَكِنَّ الْوَاوَ قُلبت أَلفاً لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا. قَالَ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ النَّحْوِيِّينَ فِي ذَلِكَ. والمَثابةُ والمَثابُ: وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ الفرَّاءُ، وأَنشد الشَّافِعِيُّ بَيْتَ أَبي طَالِبٍ:
مَثاباً لأَفْناءِ القَبائِلِ كلِّها،
…
تَخُبُّ إِلَيْهِ اليَعْمَلَاتُ الذَّوامِلُ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: البيتُ مَثابةٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَثُوبةٌ وَلَمْ يُقرأ بِهَا. ومَثابةُ الناسِ ومثابُهم: مُجتَمَعُهم بَعْدَ التَّفَرُّق. وَرُبَّمَا قَالُوا لِمَوْضِعِ حِبالة الصَّائِدِ مَثابة. قَالَ الرَّاجِزُ:
مَتَى مَتَى تُطَّلَعُ المَثابا،
…
لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابَا
يَعْنِي بالشَّيْخِ الوَعِلَ. والثُّبةُ: الجماعةُ مِنَ النَّاسِ، مِنْ هَذَا. وتُجْمَعُ ثُبَةٌ ثُبًى، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهل اللُّغَةِ فِي أَصلها، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مَنْ ثابَ أَي عادَ ورَجَعَ، وَكَانَ أَصلها ثَوُبَةً، فَلَمَّا ضُمت الثاءُ حُذفت الْوَاوُ، وَتَصْغِيرُهَا ثُوَيْبةٌ. وَمِنْ هَذَا أُخذ ثُبةُ الحَوْض. وَهُوَ وسَطُه الَّذِي يَثُوب إِلَيْهِ بَقِيَّةُ الْمَاءِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً
. قَالَ الفرّاءُ: مَعْنَاهُ فانْفِرُوا عُصَباً، إِذَا دُعِيتم إِلَى السَّرايا، أَو دُعِيتم لتَنْفِروا جَمِيعًا. وَرُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَلَامٍ سأَل يُونُسَ عَنْ قَوْلِهِ عز وجل: فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً
. قَالَ: ثُبَةٌ وثُباتٌ أَي فِرْقةٌ وفِرَقٌ. وَقَالَ زُهَيْرٌ:
وَقَدْ أَغْدُو عَلَى ثُبَةٍ كِرامٍ،
…
نَشاوَى، واجِدِينَ لِما نَشاءُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الثُّباتُ جَماعاتٌ فِي تَفْرِقةٍ، وكلُّ فِرْقةٍ ثُبةٌ، وَهَذَا مِنْ ثابَ. وَقَالَ آخَرُونَ: الثُّبةُ مِنَ الأَسْماء النَّاقِصَةُ، وَهُوَ فِي الأَصل ثُبَيةٌ، فَالسَّاقِطُ لَامُ الْفِعْلِ فِي هَذَا الْقَوْلِ، وأَما فِي الْقَوْلِ الأَوّل، فالساقِطُ عَيْنُ الْفِعْلِ. ومَن جَعَلَ الأَصل ثُبَيةً، فَهُوَ مِنْ ثَبَّيْتُ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا أَثْنَيْتَ عَلَيْهِ فِي حياتِه، وتأَوِيلُه جَمْعُ مَحاسِنِهِ، وَإِنَّمَا الثُّبةُ الجماعةُ. وَثَابَ القومُ: أَتَوْا مُتواتِرِين، وَلَا يقالُ لِلْوَاحِدِ. والثَّوابُ: جَزاءُ الطاعةِ، وَكَذَلِكَ المَثُوبةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ
. وأَعْطاه ثَوابَه ومَثُوبَتَهُ ومَثْوَبَتَه أَي جَزاءَ مَا عَمِلَه. وأَثابَه اللَّهُ ثَوابَه وأَثْوَبَه وثوَّبَه مَثُوبَتَه: أَعْطاه إِيَّاهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا
كانُوا يَفْعَلُونَ. أَي جُوزُوا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَثابَهُ اللهُ مَثُوبةً حَسَنَةً. ومَثْوَبةٌ، بِفَتْحِ الْوَاوِ، شَاذٌّ، مِنْهُ. وَمِنْهُ قراءَةُ مَن قرأَ: لمَثْوَبةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ. وَقَدْ أَثْوَبه اللهُ مَثْوَبةً حسَنةً، فأَظْهر الْوَاوَ عَلَى الأَصل. وَقَالَ الْكِلَابِيُّونَ: لَا نَعرِف المَثْوَبةَ، وَلَكِنِ المَثابة. وثَوَّبه اللهُ مِن كَذَا: عَوَّضه، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. واسْتَثابَه: سأَله أَن يُثِيبَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ التَّيِّهانِ، رضي الله عنه: أَثِيبُوا أَخاكم
أَي جازُوه عَلَى صَنِيعِهِ. يُقَالُ: أَثابَه يُثِيبه إِثابةً، وَالِاسْمُ الثَّوابُ، وَيَكُونُ فِي الْخَيْرِ والشرِّ، إِلَّا أَنه بِالْخَيْرِ أَخَصُّ وأَكثر استِعمالًا. وأَما قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا أَعرِفَنَّ أَحداً انْتَقَص مِن سُبُلِ الناسِ إِلَى مَثاباتِهم شَيْئًا.
قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِلَى مَثاباتِهم إِلَى مَنازِلهم، الْوَاحِدُ مَثابةٌ، قَالَ: والمَثابةُ المَرْجِعُ. والمَثابةُ: المُجْتمَعُ والمَنْزِلُ، لأَنَّ أَهلَه يَثُوبُون إِلَيْهِ أَي يرجِعُون. وأَراد عُمر، رضي الله عنه، لَا أَعْرِفَنَّ أَحداً اقْتَطع شَيْئًا مِنْ طُرُق الْمُسْلِمِينَ وأَدخله دارَه. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها، وقولُها فِي الأَحْنَف: أَبي كانَ يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهِه.
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرو بْنِ الْعَاصِ، رضي الله عنه، قِيلَ لَهُ فِي مَرَضِه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُني أَذُوبُ وَلَا أَثُوبُ
أَي أَضْعُفُ وَلَا أَرجِعُ إِلَى الصِّحة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لأَساس البَيْتِ مَثاباتٌ. قَالَ: وَيُقَالُ لتُراب الأَساس النَّثِيل. قَالَ: وثابَ إِذَا انْتَبَه، وآبَ إِذَا رَجَعَ، وتابَ إِذَا أَقْلَعَ. والمَثابُ: طَيُّ الْحِجَارَةِ يَثُوبُ بَعْضُها عَلَى بَعْضٍ مِنْ أَعْلاه إِلَى أَسْفَله. والمَثابُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَثُوبُ مِنْهُ الماءُ، وَمِنْهُ بِئْر مَا لَهَا ثائِبٌ. والثَّوْبُ: اللِّباسُ، وَاحِدُ الأَثْوابِ، والثِّيابِ، وَالْجَمْعُ أَثْوُبٌ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَهْمِزُهُ فَيَقُولُ أَثْؤُبٌ، لِاسْتِثْقَالِ الضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ، والهمزةُ أَقوى عَلَى احْتِمَالِهَا مِنْهَا، وَكَذَلِكَ دارٌ وأَدْؤُرٌ وساقٌ وأَسْؤُقٌ، وَجَمِيعُ مَا جاءَ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ. قَالَ مَعْرُوفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
لكُلِّ دَهْرٍ قَدْ لَبِسْتُ أَثْؤُبا،
…
حَتَّى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْيَبا،
أَمْلَحَ لَا لَذًّا، وَلَا مُحَبَّبا
وأَثْوابٌ وثِيابٌ. التَّهْذِيبِ: وثلاثةُ أَثْوُبٍ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، وأَما الأَسْؤُقُ والأَدْؤُرُ فَمَهْمُوزَانِ، لأَنَّ صَرْفَ أَدْؤُرٍ عَلَى دَارٍ، وَكَذَلِكَ أَسْؤُق عَلَى ساقٍ، والأَثْوبُ حُمِل الصَّرْفُ فِيهَا عَلَى الْوَاوِ الَّتِي فِي الثَوْب نَفْسِها، وَالْوَاوُ تَحْتَمِلُ الصَّرْفَ مِنْ غَيْرِ انْهِمَازٍ. قَالَ: وَلَوْ طُرِحَ الْهَمْزُ مِنْ أَدْؤُر وأَسْؤُق لَجَازَ عَلَى أَن تُرَدَّ تِلْكَ الأَلف إِلَى أَصلها، وَكَانَ أَصلها الْوَاوَ، كَمَا قَالُوا فِي جَمَاعَةِ النابِ مِنَ الإِنسان أَنْيُبٌ، هَمَزُوا لأَنَّ أَصل الأَلف فِي النَّابِ يَاءٌ «3» ، وَتَصْغِيرٌ نابٍ نُيَيْبٌ، وَيُجْمَعُ أَنْياباً. وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الثِّياب: ثَوَّابٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، يَقُولُ: لَا تَلْبَسْ ثِيابَك عَلَى مَعْصِيةٍ، وَلَا عَلَى فُجُورِ كُفْرٍ، واحتجَّ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِنِّي بِحَمْدِ اللهِ، لَا ثَوْبَ غادِرٍ
…
لَبِسْتُ، وَلا مِنْ خَزْيةٍ أَتَقَنَّعُ
(3). قوله [هَمَزُوا لأَن أَصْلَ الأَلف إلخ] كذا في النسخ ولعله لم يهمزوا كما يفيده التعليل بعده.
وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الثِّيابُ اللِّباسُ، وَيُقَالُ للقَلْبِ. وَقَالَ الفرَّاءُ: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
: أَي لَا تَكُنْ غادِراً فَتُدَنِّسَ ثِيابَك، فإِنَّ الغادِرَ دَنِسُ الثِّيابِ، وَيُقَالُ: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
. يَقُولُ: عَمَلَكَ فأَصْلِحْ. وَيُقَالُ: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
أَي قَصِّرْ، فَإِنَّ تَقْصِيرها طُهْرٌ. وَقِيلَ: نَفْسَكَ فطَهِّر، وَالْعَرَبُ تَكْني بالثِّيابِ عَنِ النَفْسِ، وَقَالَ:
فَسُلِّي ثِيَابِي عَنْ ثِيابِكِ تَنْسَلِي
وَفُلَانٌ دَنِسُ الثِّيابِ إِذَا كَانَ خَبيثَ الفِعْل والمَذْهَبِ خَبِيثَ العِرْض. قَالَ إمْرُؤُ القَيْس:
ثِيابُ بَني عَوْفٍ طَهارَى، نَقِيّةٌ،
…
وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسافِرِ، غُرّانُ
وَقَالَ:
رَمَوْها بأَثْوابٍ خِفافٍ، وَلَا تَرَى
…
لَهَا شَبَهاً، إِلَّا النَّعامَ المُنَفَّرا
. رَمَوْها يَعْنِي الرّكابَ بِأَبْدانِهِم. وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرَّاعِي:
فقامَ إِلَيْهَا حَبْتَرٌ بِسلاحِه،
…
وَلِلَّهِ ثَوْبا حَبْتَرٍ أَيّما فَتَى
يُرِيدُ مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ ثَوْبا حَبْتَرٍ مِنْ بَدَنِه. وَفِي حَدِيثِ
الخُدْرِيِّ لَمَّا حَضَره المَوتُ دَعا بِثيابٍ جُدُدٍ، فَلَبِسَها ثُمَّ ذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: إِنَّ المَيّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيابِه الَّتِي يَموتُ فِيهَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَما أَبو سَعِيدٍ فَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى ظاهرهِ، وَقَدْ رُوي فِي تَحْسِينِ الكَفَنِ أَحاديثُ. قَالَ: وَقَدْ تأَوّله بعضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْمَعْنَى وأَراد بِهِ الحالةَ الَّتِي يَمُوت عَلَيْهَا مِنَ الخَير وَالشَّرِّ وعَمَلَه الَّذِي يُخْتَم لَهُ بِهِ. يُقَالُ فُلَانٌ طاهِرُ الثيابِ إِذَا وَصَفُوه بِطَهارةِ النَّفْسِ والبَراءةِ مِنَ العَيْبِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
. وَفُلَانٌ دَنِسُ الثِّيَابِ إِذَا كَانَ خَبِيثَ الْفِعْلِ والمَذْهبِ. قَالَ: وَهَذَا كَالْحَدِيثِ الآَخَر:
يُبْعَثُ العَبْدُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ.
قَالَ الهَروِيُّ: وَلَيْسَ قَولُ مَنْ ذَهَبَ بِهِ إِلَى الأَكْفانِ بشيءٍ لأَنَّ الإِنسان إِنَّمَا يُكَفَّنُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرةٍ أَلْبَسَه اللهُ تَعَالَى ثَوْبَ مَذَلَّةٍ
؛ أَي يَشْمَلُه بالذلِّ كَمَا يشملُ الثوبُ البَدَنَ بأَنْ يُصَغِّرَه فِي العُيون ويُحَقِّرَه فِي القُلوب. وَالشُّهْرَةُ: ظُهور الشَّيْءِ فِي شُنْعة حَتَّى يُشْهِره الناسُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: المُشْكِلُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَثْنِيَةُ الثَّوْبِ. قَالَ الأَزهريّ: مَعْنَاهُ أَن الرَّجُلَ يَجعَلُ لقَميصِه كُمَّيْنِ أَحدُهما فَوْقَ الْآخَرِ لِيُرَى أَن عَلَيْهِ قَميصَين وَهُمَا وَاحِدٌ، وَهَذَا إِنَّمَا يكونُ فِيهِ أَحدُ الثَوْبَيْن زُوراً لَا الثَوْبانِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَن الْعَرَبَ أَكثر مَا كَانَتْ تَلْبَسُ عِنْدَ الجِدَّةِ والمَقْدُرةِ إِزَارًا وَرِدَاءً، وَلِهَذَا حِينَ
سُئل النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ قال: أَوكُلُّكُم يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟
وَفَسَّرَهُ عُمَرُ، رضي الله عنه، بإزارٍ ورِداء، وَإِزَارٍ وَقَمِيصٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ راهُويه قَالَ: سأَلتُ أَبا الغَمْرِ الأَعرابيَّ، وَهُوَ ابنُ ابنةِ ذِي الرُّمة، عَنْ تَفْسِيرِ ذَلِكَ، فَقَالَ: كَانَتِ العربُ إِذَا اجتَمَعوا فِي المحافِلِ كَانَتْ لَهُمْ جماعةٌ يَلْبَسُ أَحدُهم ثَوْبَيْنِ حَسَنَيْن. فَإِنِ احْتَاجُوا إِلَى شَهادةٍ شَهِدَ لَهُمْ بِزُور، فيُمْضُون شَهادتَه بثَوْبَيْهِ، فَيَقُولُونَ: مَا أَحْسَنَ
ثِيابَه، وَمَا أَحسنَ هَيْئَتَه، فَيُجيزون شَهَادَتَهُ لِذَلِكَ. قَالَ: والأَحسن أَن يُقَالَ فِيهِ إنَّ المتشبّعَ بِمَا لَمْ يُعْطَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ أُعْطِيتُ كَذَا لشيءٍ لَمْ يُعْطَه، فأَمّا أَنه يَتَّصِفُ بصِفاتٍ لَيْسَتْ فِيهِ، يريدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى منَحَه إِيَّاهَا، أَو يُريد أَنّ بعضَ الناسِ وصَلَهُ بشيءٍ خَصَّه بِهِ، فَيَكُونُ بِهَذَا الْقَوْلِ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ كَذِبَيْنِ أَحدهما اتّصافُه بِمَا لَيْسَ فِيهِ، أَو أَخْذُه مَا لَمْ يأْخُذْه، والآخَر الكَذِبُ عَلَى المُعْطِي، وَهُوَ اللهُ، أَو الناسُ. وأَراد بِثَوْبَيْ زُورٍ هَذَيْنِ الحالَيْن اللَّذَيْنِ ارْتَكَبَهما، واتَّصفَ بِهِمَا، وَقَدْ سَبَقَ أَن الثوبَ يُطلق عَلَى الصِّفَةِ الْمَحْمُودَةِ وَالْمَذْمُومَةِ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ التَّشْبِيهُ فِي التَّثْنِيَةِ لأَنه شَبَّه اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ، وَاللَّهُ أَعلم. وَيُقَالُ: ثَوَّبَ الدَّاعِي تَثْوِيباً إِذَا عَادَ مرَّة بَعْدَ أُخرى. وَمِنْهُ تَثْوِيبُ الْمُؤَذِّنِ إِذَا نادَى بالأَذانِ لِلنَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ نادَى بَعْدَ التأْذين، فَقَالَ: الصلاةَ، رَحمكم اللَّهُ، الصلاةَ، يَدْعُو إِلَيْهَا عَوْداً بَعْدَ بَدْء. والتَّثْوِيبُ: هُوَ الدُّعاء لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وأَصله أَنَّ الرجلَ إِذَا جاءَ مُسْتَصْرِخاً لوَّحَ بِثَوْبِهِ لِيُرَى ويَشْتَهِر، فَكَانَ ذَلِكَ كالدُّعاء، فسُمي الدُّعَاءُ تَثْوِيبًا لِذَلِكَ، وكلُّ داعٍ مُثَوِّبٌ. وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّي الدُّعاء تَثْوِيباً مِنْ ثَابَ يَثُوبُ إِذَا رجَع، فَهُوَ رُجُوعٌ إِلَى الأَمر بالمُبادرة إِلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّ المؤَذِّن إِذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، فَقَدْ دَعاهم إِلَيْهَا، فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: الصلاةُ خيرٌ مِنَ النَّوْم، فَقَدْ رجَع إِلَى كَلَامٍ مَعْنَاهُ المبادرةُ إِلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
بِلال: أَمرَني رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَنْ لَا أُثَوِّبَ فِي شيءٍ مِنَ الصلاةِ، إلَّا فِي صلاةِ الْفَجْرِ
، وَهُوَ قَوْلُهُ: الصلاةُ خيرٌ مِنَ النَّوْم، مَرَّتَيْنِ. وَقِيلَ: التَّثْويبُ تَثْنِيَةُ الدُّعَاءِ. وَقِيلَ: التَّثْوِيبُ فِي أَذان الْفَجْرِ أَن يَقُولَ المؤَذِّن بَعْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ: الصلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم، يَقُولُهَا مَرَّتَيْنِ، كَمَا يُثوِّب بَيْنَ الأَذانين: الصلاةَ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ، الصلاةَ. وأَصلُ هَذَا كلِّه مِنْ تَثْوِيب الدُّعَاءِ مَرَّةً بعدَ أُخْرَى. وَقِيلَ: التَّثوِيبُ الصلاةُ بعدَ الفَريضة. يُقَالُ: تَثَوَّبت أَي تَطَوَّعْت بَعْدَ المكتُوبة، وَلَا يَكُونُ التَّثْوِيبُ إِلَّا بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ، وَهُوَ الْعَوْدُ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فأْتُوها وَعَلَيْكُمُ السَّكِينةُ والوَقارُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: التَّثْويبُ هَاهُنَا إقامةُ الصَّلَاةِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ أَنها قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رضي الله عنها، حِينَ أَرادت الخُروجَ إِلَى الْبَصْرَةِ: إنَّ عَمُودَ الدِّين لَا يُثابُ بالنساءِ إنْ مالَ.
تُرِيدُ: لَا يُعادُ إِلَى اسْتِوائه، من ثابَ يَثُوبُ إذا رجَع. وَيُقَالُ: ذَهَبَ مالُ فلانٍ فاسْتَثابَ مَالًا أَي اسْتَرْجَع مَالًا. وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
إِنَّ العَشِيرةَ تَسْتَثِيبُ بمالِه،
…
فتُغِيرُ، وهْوَ مُوَفِّرٌ أَمْوالَها
وَقَوْلُهُمْ فِي المثلِ هُوَ أَطْوَعُ مِنْ ثَوابٍ: هُوَ اسْمُ رَجُلٍ كَانَ يُوصَفُ بالطَّواعِيةِ. قال الأَخفش بْنُ شِهَابٍ:
وكنتُ، الدَّهْرَ، لَسْتُ أُطِيع أُنْثَى،
…
فَصِرْتُ اليومَ أَطْوَعَ مِن ثَوابِ
التَّهْذِيبِ: فِي النَّوَادِرِ أَثَبْتُ الثَّوْبَ إِثَابَةً إِذَا كَفَفْتَ مَخايِطَه، ومَلَلْتُه: خِطْتُه الخِياطَة الأُولى بِغَيْرِ كَفٍّ. والثائبُ: الرّيحُ الشديدةُ تكونُ فِي أَوّلِ المَطَر. وثَوْبانُ: اسْمُ رجل.