الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُعْتِقُ عَبْدَه سَائِبَةً، فيَمُوتُ العَبْدُ ويَتْرُك مَالًا، وَلَا وارثَ لَهُ، فَلَا يَنْبَغِي لِمُعتقه أَن يَرْزَأَ مِنْ مِيراثِه شَيْئًا، إِلا أَن يَجْعَلَهُ فِي مِثْله. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ الصَّدَقةُ والسَّائبةُ ليومِهما، أَي يُرادُ بِهِمَا ثوابُ يومِ القيامةِ؛ أَي مَن أَعْتَقَ سائِبَتَه، وتَصَدَّقَ بِصَدقةٍ، فَلَا يَرْجِعُ إِلى الانْتِفاعِ بشيءٍ مِنْهَا بعدَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، وإِن وَرِثَهما عَنْهُ أَحدٌ، فَلْيَصْرِفْهُما فِي مِثْلِهما، قَالَ: وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الفَضْلِ، وطَلَبِ الأَجْرِ، لَا عَلَى أَنه حرامٌ، وإِنما كَانُوا يَكْرَهُونَ أَن يَرْجِعُوا فِي شيءٍ، جَعَلُوه لِلَّهِ وطَلَبُوا بِهِ الأَجر. وَفِي حَدِيثِ
عبدِ اللَّهِ: السَّائبةُ يَضعُ مالَه حيثُ شاءَ
؛ أَي العَبْدُ الَّذِي يُعْتَقُ سائِبةً، وَلَا يَكُونُ ولاؤُه لِمُعْتِقِه، وَلَا وارِثَ لَهُ، فيَضَعُ مالَه حيثُ شاءَ، وَهُوَ الَّذِي ورَدَ النَّهْيُ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُرِضَتْ عَليَّ النارُ فرأَيتُ صاحِبَ السَّائِبَتَيْنِ يُدْفَعُ بِعَصاً
، السَّائِبتانِ: بَدَنَتان أَهْداهما النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، إِلى البَيْت، فأَخذهما رَجلٌ مِن الْمُشْرِكِينَ فذَهَبَ بِهِمَا؛ سمَّاهُما سائِبَتَيْنِ لأَنه سَيَّبَهُما لِلَّهِ تَعَالَى. وَفِي حديثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ الحيلةَ بالمَنْطِقِ أَبْلَغُ مِنَ السُّيُوبِ فِي الكَلِمِ
؛ السُّيُوبُ: مَا سُيِّبَ وخُلِّي فسابَ، أَي ذَهَبَ. وسابَ فِي الْكَلَامِ: خاضَ فِيهِ بهَذْرٍ؛ أَي التَّلَطُّفُ والتَّقَلُّلُ مِنْهُ أَبلَغُ مِنَ الإِكثارِ. وَيُقَالُ سابَ الرَّجُل فِي مَنْطِقِه إِذا ذَهَبَ فِيهِ كلَّ مذهبٍ. والسَّيَابُ، مِثْلُ السَّحابِ: البَلَحُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ البُسْر الأَخضرُ، وَاحِدَتُهُ سَيابةٌ؛ وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجل؛ قَالَ أُحَيْحةُ:
أَقْسَمْتُ لَا أُعْطِيكَ، فِي
…
كَعْب ومَقْتَلِه، سَيابَهْ
فإِذا شَدَّدْته ضَمَمْتَه، فَقُلْتَ: سُيَّابٌ وسُيّابةٌ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
أَيَّامَ تَجْلُو لَنَا عَنْ بارِدٍ رَتِلٍ،
…
تَخالُ نَكْهَتَها، باللَّيْلِ، سُيَّابَا
أَراد نَكْهةَ سُيَّابٍ وسُيَّابةٍ أَيضاً. الأَصمعي: إِذا تَعَقَّدَ الطَّلْعُ حَتَّى يَصِيرَ بَلَحًا، فَهُوَ السَّيابُ، مُخَفَّف، وَاحِدَتُهُ سَيابةٌ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: هُوَ السَّدَى والسَّداءُ، مَمْدُودٌ بِلُغَةِ أَهل الْمَدِينَةِ؛ وَهِيَ السَّيابةُ، بلغةِ وَادِي القُرَى؛ وأَنشد للَبيدٍ:
سَيابةٌ مَا بِهَا عَيْبٌ، وَلَا أَثَرُ
قَالَ: وَسَمِعْتُ الْبَحْرَانِيِّينَ تَقُولُ: سُيَّابٌ وسُيَّابةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُسَيْد بْنِ حُضَيْرٍ: لَوْ سَأَلْتَنا سَيابةً مَا أَعْطَيْناكَها
، هِيَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالتَّخْفِيفِ: البَلحَةُ، وَجَمْعُهَا سَيابٌ. والسِّيبُ: التُّفَّاحُ، فارِسيّ؛ قَالَ أَبو العلاءِ: وَبِهِ سُمِّيَ سِيبَوَيْهِ: سِيب تُفَّاحٌ، وَوَيْه رائحتُه، فكأَنه رَائِحَةُ تُفَّاحٍ. وسائبٌ: اسمٌ مِنْ سابَ يَسِيبُ إِذا مَشى مُسْرِعاً، أَو مِنْ سابَ الماءُ إِذا جَرى. والمُسَيَّبُ: مِنْ شُعَرائِهم. والسُّوبانُ: اسْمُ وادٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
فصل الشين المعجمة
شأب: الشَّآبِيبُ مِن المَطر: الدُّفعاتُ. وشُؤْبُوبُ العَدْوِ مِثْلُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: الشُّؤْبُوبُ: الدُّفْعةُ مِنَ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: تَمْريهِ الجَنُوبُ دِرَر
أَهاضيبِه ودُفَعَ شآبيبِه
؛ الشَّآبيبُ: جَمْعُ شُؤْبُوبٍ، وَهُوَ الدُّفْعةُ مِنَ المَطر وَغَيْرِهِ. أَبو زَيْدٍ: الشُّؤْبُوبُ: الْمَطَرُ يُصيبُ الْمَكَانَ ويُخْطئُ الْآخَرَ، وَمِثْلُهُ النَّجوُ والنَّجاءُ. وشُؤْبُوبُ كُلِّ شيءٍ: حَدُّه، وَالْجَمْعُ الشَّآبِيب؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهير، يَذْكُرُ الحِمار والأُتُن:
إِذا مَا انتحاهُنَّ شُؤْبُوبُه،
…
رأَيْتَ، لجاعِرَتَيْه، غُضونا
شُؤْبُوبه: دُفْعَتُه. يَقُولُ: إِذا عَدا واشتَدَّ عَدوُه، رأَيتَ لجاعِرَتَيْهِ تَكَسُّراً. وَلَا يُقَالُ للمَطر شُؤْبُوبٌ إِلا وَفِيهِ بَرَدٌ. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ: إِنها لَحَسنة شَآبِيبِ الْوَجْهِ، وَهُوَ أَول مَا يَظْهَر مِنْ حُسْنِها، فِي عَيْنِ النَّاظِرِ إِليها. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ غَفَرَ: قَالَتِ الغَنويَّةُ مَا سالَ مِنَ المُغْفُر، فبَقِيَ شِبْهُ الخُيُوطِ، بَيْنَ الشَّجَرِ والأَرض، يُقَالُ لَهُ شآبِيب الصَّمْغِ؛ وأَنشدت:
كأَنَّ سَبْلَ مَرْغِه المُلعْلعِ،
…
شُؤْبُوبُ صَمْغٍ، طَلْحُه لَمْ يُقْطعِ
شبب: الشَّباب: الفَتاء والحداثةُ. شبَّ يشِبُّ شَبَابًا وَشَبِيبَةً. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: تجوزُ شهادةُ الصِّبيان عَلَى الْكِبَارِ يُسْتشَبُّون
أَي يُسْتشْهَدُ مَنْ شبَّ مِنْهُمْ وكَبر إِذا بَلَغ، كأَنه يَقُولُ: إِذا تحمَّلوها فِي الصِّبا، وأَدَّوْها فِي الكِبر، جَازَ. وَالِاسْمُ الشَّبيبةُ، وَهُوَ خِلافُ الشَّيبِ. وَالشَّبَابُ: جَمْعُ شابٍّ، وَكَذَلِكَ الشُّبان. الأَصمعي: شَبَّ الغلامُ يَشِبُّ شَباباً وشُبوباً وشَبِيباً، وأَشَبَّه اللهُ وأَشَبَّ اللَّهُ قَرْنَه، بِمَعْنَى؛ والقَرْنُ زِيَادَةٌ فِي الْكَلَامِ؛ وَرَجُلٌ شابٌّ، وَالْجَمْعُ شُبَّانٌ؛ سِيبَوَيْهِ: أُجري مَجْرَى الِاسْمِ، نَحْوَ حاجِرٍ وحُجْرانٍ؛ والشَّبابُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ بسابِحٍ مَرِحٍ،
…
ومَعِي شَبابٌ، كُلُّهُمْ أَخْيَل
وامرأَة شابَّةٌ مِن نِسوةٍ شَوابَّ. زَعَمَ الْخَلِيلِ أَنه سَمِعَ أَعرابيّاً فَصيحاً يَقُولُ: إِذا بَلَغَ الرَّجل سِتِّينَ، فإِيَّاه وإِيَّا الشَّوابِّ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: رَجُل شَبٌّ، وامرأَةٌ شَبَّةٌ، يَعْنِي مِنَ الشَّبابِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يَجُوزُ نِسوةٌ شَبائِبُ، فِي مَعْنَى شَوابَّ؛ وأَنشد:
عَجائِزاً يَطْلُبْنَ شَيْئًا ذَاهِبَا،
…
يَخْضِبْنَ، بالحنَّاءِ، شَيْباً شائِبا،
يَقُلْنَ كُنَّا، مَرَّةً، شَبائِبا
قَالَ الأَزهري: شَبائِبُ جَمْعُ شبَّةٍ، لَا جَمْعُ شابَّةٍ، مِثْلُ ضَرَّةٍ وضَرائِرَ. وأَشَبَّ الرَّجُل بَنِينَ إِذا شَبَّ ولَده. وَيُقَالُ: أَشَبَّتْ فُلانةُ أَولاداً إِذا شَبَّ لَهَا أَولادٌ. ومرَرْت بِرِجَالِ شَبَبةٍ أَي شُبَّانٍ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
لَمَّا بَرَز عُتْبةُ وشَيْبةُ والولِيدُ بَرَزَ إِليهم شَبَبةٌ مِنَ الأَنصار
؛ أَي شُبَّانٌ، وَاحِدُهُمْ شابٌّ، وَقَدْ صَحَّفه بَعْضُهُمْ سِتّة، وَلَيْسَ بشيءٍ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: كنتُ أَنا وابنُ الزُّبَيْر فِي شَبَبةٍ معَنا.
وقِدْحٌ شابٌّ: شديدٌ، كَمَا قَالُوا فِي ضِدِّهِ: قِدْحٌ هَرِمٌ. وَفِي الْمَثَلِ: أَعْيَيْتَنِي مِن شُبَّ إِلى دُبَّ، وَمِنْ شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ أَي مِنْ لَدُنْ شَبَبْتُ إِلى أَن دَبَبْتُ عَلَى العَصا؛ يُجعَل ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْمِ، بإِدخال مِن عَلَيْهِ، وإِن كَانَ فِي الأَصل فِعْلًا. يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ والمرأَة، كَمَا قِيلَ:
نَهَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عَنْ قِيلَ وقالَ، وما زالَ عَلَى خُلُقٍ واحدٍ
مِنْ شُبٍّ إِلى دُبٍ
؛ قَالَ:
قَالَتْ لَها أُخْتٌ لَها نَصَحَتْ:
…
رُدِّي فُؤَادَ الهائمِ الصَّبِ
قَالَتْ: ولِمْ؟ قَالَتْ: أَذَاكَ وقَدْ
…
عُلِّقْتُكُمْ شُبّاً إِلى دُبِ
وَيُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ فِي شَبِيبَتِه، ولَقِيتُ فُلَانًا فِي شَبابِ النَّهَارِ أَي فِي أَوَّله؛ وجِئتُك فِي شَبابِ النهارِ، وبِشَبابِ نَهارٍ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي أَوَّله. والشَّبَبُ والشَّبُوبُ والمِشَبُّ: كُلُّهُ الشَّابُّ مِنَ الثِّيرانِ والغَنَمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِمَورِكَتَيْن مِنْ صَلَوَيْ مِشَبٍّ،
…
مِنَ الثِّيران، عَقْدُهما جَمِيلُ
الْجَوْهَرِيُّ: الشَّبَبُ المُسِنُّ مِنْ ثِيرانِ الوحشِ، الَّذِي انْتَهَى أَسنانه؛ وقال أَبو عبيدة: الشَّبَبُ الثَّوْرُ الَّذِي انْتَهَى شَباباً؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي انْتَهَى تمامُه وذَكاؤُه، مِنْهَا؛ وَكَذَلِكَ الشَّبُوبُ، والأُنثى شَبُوبٌ، بِغَيْرِ هاءٍ؛ تَقُولُ مِنْهُ: أَشَبَّ الثَّوْرُ، فَهُوَ مُشِبٌّ، وَرُبَّمَا قَالُوا: إِنه لَمِشَبٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ للثَّوْرِ إِذا كَانَ مُسِنّاً: شَبَبٌ، وشَبُوبٌ، ومُشِبٌّ؛ وَنَاقَةٌ مُشِبَّةٌ، وَقَدْ أَشَبَّت؛ وَقَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
أَقامُوا صُدُورَ مُشِبَّاتِها
…
بَواذِخَ، يَقْتَسِرُونَ الصِّعابا
أَي أَقاموا هَذِهِ الإِبل عَلَى القَصْدِ. أَبو عَمْرٍو: القَرْهَبُ المُسِنُّ مِنَ الثيرانِ، والشَّبوبُ: الشابُّ. قَالَ أَبو حاتم وابن شُمَيْلٍ: إِذا أَحالَ وفُصِلَ، فَهُوَ دَبَبٌ، والأُنثَى دَبَبَةٌ، وَالْجَمْعُ دِبابٌ؛ ثُمَّ شَبَبٌ، والأُنثى شَبَبةٌ. وتَشْبِيبُ الشِّعْر: تَرْقِيقُ أَوَّله بِذِكْرِ النساءِ، وَهُوَ مِنْ تَشْبِيبِ النَّارِ، وتأْرِيثِها. وشَبَّبَ بالمرأَة: قَالَ فِيهَا الغَزَل والنَّسِيبَ؛ وَهُوَ يُشَبِّبُ بِهَا أَي يَنْسُبُ بِهَا. والتَّشْبِيبُ: النَّسِيبُ بالنساءِ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنهما: أَنه كَانَ يُشَبِّبُ بلَيْلَى بنتِ الجُودِيّ فِي شِعْرِه. تَشْبِيبُ الشِّعْر: تَرْقِيقُه بِذِكْرِ النساءِ. وشَبَّ النارَ والحَرْبَ: أَوقَدَها، يَشُبُّها شَبّاً، وشُبُوباً، وأَشَبَّهَا، وشَبَّتْ هِيَ تَشِبُّ شَبّاً وشُبُوباً. وشَبَّةُ النارِ: اشْتِعالُها. والشِّبابُ والشَّبُوبُ: مَا شُبَّ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الشَّبوبُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُوقَدُ بِهِ النارُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ العلاءِ، أَنه قَالَ: شُبَّتِ النارُ وشَبَّتْ هِيَ نفسُها؛ قَالَ وَلَا يُقَالُ: شابَّةٌ، وَلَكِنْ مَشْبُوبةٌ. وَتَقُولُ: هَذَا شَبُوبٌ لِكَذَا أَي يَزيدُ فِيهِ ويُقَوّيهِ. وَفِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ: فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّانُ شِعْر الهاتِفِ، شَبَّبَ يُجاوِبُه أَي ابتدأَ فِي جَوابِه، مِنْ تَشْبِيبِ الكُتُبِ، وَهُوَ الابتداءُ بِهَا، والأَخْذُ فِيهَا، وَلَيْسَ مِنْ تَشْبِيبٍ بالنساءِ فِي الشِّعْرِ، وَيُرْوَى نَشِبَ بِالنُّونِ أَي أَخذ فِي الشِّعْر، وعَلِقَ فِيهِ. وَرَجُلٌ مَشْبوبٌ: جميلٌ، حسنُ الوَجْهِ، كأَنه أُوقِد؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا الأَرْوَعُ المَشْبوبُ أَضحَى كأَنه،
…
عَلَى الرَّحْلِ مِمَّا مَنَّه السيرُ، أَحْمَقُ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ: مِنْ قرَيْشٍ كلِّ مَشْبوبٍ أَغرّ. ورجلٌ مَشْبُوبٌ إِذا كَانَ ذَكِيَّ الفؤَادِ، شَهْماً؛
وأَورد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ. تَقُولُ: شَعَرُها يَشُبّ لوْنَها أَي يُظْهِرُه ويُحَسِّنُه، ويُظْهِرُ حُسْنَه وبَصِيصَه. والمَشْبوبَتانِ: الشِّعْرَيانِ، لاتِّقادِهِما؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وعَنْسٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَسَأْتُها،
…
إِذا قيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ، هُما هُما
وشَبَّ لَوْنَ المرأَةِ خِمارٌ أَسْوَدُ لَبِسَتْهُ أَي زَادَ فِي بياضِها وَلَوْنِهَا، فحَسَّنَها، لأَنَّ الضِّدَّ يَزِيدُ فِي ضِدِّهِ، ويُبْدي مَا خَفِيَ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالُوا:
وبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشْياءُ
قَالَ رَجُلٌ جَاهِلِيٌّ مِنْ طيئٍ:
مُعْلَنْكِسٌ، شَبَّ لَها لَوْنَها،
…
كَمَا يَشُبُّ البَدْرَ لَوْنُ الظَّلامِ
يَقُولُ: كَمَا يَظْهَرُ لَوْنُ البدرِ فِي الليلةِ المظلمةِ. وَهَذَا شَبُوبٌ لِهَذَا أَي يَزِيدُ فِيهِ، ويُحَسِّنُه. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
مُطَرِّف: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، ائْتَزَرَ ببُرْدَةٍ سَوْداءَ، فجعلَ سَوادُها يَشُبُّ بياضَه، وَجَعَلَ بياضُه يَشُبُّ سَوادَها
؛ قَالَ شَمِرٌ: يَشُبُّ أَي يَزْهاه ويُحَسِّنُه وَيُوقِدُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه لَبِسَ مِدْرَعةً سوداءَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا أَحْسَنَها عَلَيْكَ يَشُبُّ سوادُها بياضَك، وبياضُك سوادَها
أَي تُحَسِّنُه ويُحَسِّنُها. وَرَجُلٌ مَشْبُوبٌ إِذا كَانَ أَبْيضَ الوَجْهِ أَسْوَدَ الشَّعَرِ، وأَصْلُه مَنْ شَبَّ النارَ إِذا أَوْقَدَها، فتَلأْلأَتْ ضِياءً ونُوراً. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها، حِينَ تُوفِّيَ أَبو سَلَمَةَ، قَالَتْ: جعَلْتُ عَلَى وَجْهِي صَبِراً، فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: إِنه يَشُبُّ الوجهَ، فَلَا تَفْعَلِيه
؛ أَي يُلَوِّنُه ويُحَسِّنُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه، فِي الْجَوَاهِرِ الَّتِي جَاءَتْهُ مِنْ فَتْحِ نَهاوَنْدَ: يَشُبُّ بعضُها بَعْضًا.
وَفِي كتابِه لوائِل بْنِ حُجْرٍ: إِلى الأَقيالِ العَباهِلةِ، والأَرْواعِ المَشابِيبِ أَي السادةِ الرُّؤُوسِ، الزُّهْرِ الأَلْوانِ، الحِسانِ المَناظِرِ، واحدُهم مشبوبٌ، كأَنما أُوقِدَتْ أَلوانُهم بِالنَّارِ؛ وَيُرْوَى: الأَشِبَّاءُ، جَمْعُ شَبِيبٍ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والشِّبابُ، بِالْكَسْرِ: نَشاطُ الفرَس، ورَفْعُ يَدَيْه جَمِيعًا. وشَبَّ الفرسُ، يَشِبُّ ويَشُبُّ شِباباً، وشَبِيباً وشُبوباً: رَفَعَ يَديه جَمِيعًا، كأَنه يَنْزُو نَزَواناً، ولَعِبَ وقَمَّصَ. وأَشْبَيْتُه إِذا هَيَّجْتَه؛ وَكَذَلِكَ إِذا حَرَنَ تَقُولُ: بَرِئْتُ إِليك مِنَ شِبابِه وشَبِيبه، وعِضاضِه وعَضِيضِه وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الشَّبِيبُ الَّذِي تجوزُ رِجْلاه يَدَيْهِ، وَهُوَ عَيْبٌ، والصحيحُ الشَّئيتُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِه. وَفِي حَدِيثِ
سُراقةَ: اسْتَشِبُّوا عَلَى أَسْوُقِكُم فِي البَوْلِ
، يَقُولُ: اسْتَوفِزُوا عَلَيْهَا، وَلَا تَسْتَقِرُّوا عَلَى الأَرضِ بجَميعِ أَقْدامِكُم، وتَدْنُو مِنْهَا، هُوَ مِنْ شَبَّ الفَرسُ إِذا رَفَع يَدَيْهِ جَمِيعاً مِنَ الأَرض. وأُشِبَّ لِيَ الرَّجُلُ إِشْباباً إِذا رَفَعْتَ طَرْفَكَ، فرأَيتَه مِنْ غَيْرِ أَن تَرْجُوَه، أَو تَحْتَسِبَه؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
حتَّى أُشِبَّ لَها رامٍ بِمُحْدَلةٍ،
…
نَبْعٍ وبِيضٍ، نَواحيهنَّ كالسَّجَمِ
السَّجَمُ: ضَرْبٌ مِنَ الْوَرَقِ شَبَّه النِّعالَ بِهَا.
والسَّجَمُ: الماءُ أَيضاً. وأُشِبَّ لِي كَذَا أَي أُتِيحَ لِي، وشُبَّ أَيضاً عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه فِيهِمَا. والشَّبُّ: ارْتِفاعُ كلِّ شيءٍ. أَبو عَمْرٍو: شَبْشَبَ الرَّجل إِذا تَمَّمَ، وشُبَّ إِذا رُفِعَ، وشَبَّ إِذا أَلْهَبَ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ أَسْماءِ العَقْرب الشَّوْشَبُ. وَيُقَالُ لِلْقَمْلَةِ: الشَّوشَبةُ. وشَبَّذَا زَيْدٌ أَي حَبَّذا، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. والشَّبُّ: حِجارةٌ يُتَّخذ مِنْهَا الزَّاجُ وَمَا أَشْبَهَه، وأَجْوَدُه مَا جُلِبَ مِنَ اليَمَن، وَهُوَ شَبٌّ أَبيضُ، لَهُ بَصِيصٌ شَديدٌ؛ قَالَ:
أَلا لَيْتَ عَمِّي، يَوْمَ فَرَّقَ بَيْنَنا،
…
سَقَى السُّمَّ مَمْزوجاً بِشَبٍّ يَمَانِي «3»
وَيُرْوَى: بِشَبٍّ يَمانِي؛ وَقِيلَ: الشَّبُّ دواءٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقِيلَ: الشَّبُّ شيءٌ يُشْبِهُ الزَّاجَ. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء، رضي الله عنها: أَنها دَعَتْ بِمِرْكَنٍ، وشَبٍّ يَمانٍ
؛ الشَّبُّ: حَجَر مَعْرُوفٌ يُشْبِهُ الزَّاجَ، يُدْبَغُ بِهِ الجُلُود. وعَسَلٌ شَبابِيٌّ: يُنْسَبُ إِلى بَنِي شَبابةَ، قَوْمٌ بالطَّائفِ مِنْ بَني مَالِكِ بْنِ كِنانةَ، يَنْزِلُونَ الْيَمَنَ. وشَبَّةُ وشَبِيبٌ: اسْمَا رَجُلَيْنِ. وبنُو شَبابةَ: قَوْم مِن فَهْم بْنِ مَالِكٍ، سَمَّاهم أَبو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ النَّبَاتِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: بَنُو شَبابةَ قَوْمٌ بالطَّائفِ، وَاللَّهُ أَعلم.
شجب: شَجَبَ، بِالْفَتْحِ، يَشْجُبُ، بِالضَّمِّ، شُجُوباً، وشَجِبَ، بِالْكَسْرِ، يَشْجَبُ شَجَباً، فَهُوَ شاجِبٌ وشَجِبٌ: حَزِنَ أَو هَلَكَ. وشَجَبَه اللهُ، يَشْجُبُه شَجْباً أَي أَهْلَكَه؛ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ يُقَالُ: مَا لَهُ شَجَبَه اللهُ أَي أَهْلَكَه؛ وشَجَبَه أَيضاً يَشْجُبُه شَجْباً: حَزَنَه. وشَجَبَه: شَغَله. وَفِي الْحَدِيثِ:
الناسُ ثلاثةٌ: شاجِبٌ، وغانِمٌ، وسالِمٌ؛ فالشاجِبُ: الَّذِي يَتَكَلَّم بالرَّدِيءِ، وَقِيلَ: الناطِقُ بالخَنا، المُعِينُ عَلَى الظُّلْمِ؛ والغانِمُ: الَّذِي يَتَكَلَّم بالخَيْرِ، ويَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فيَغْنَمُ؛ والسالِمُ: الساكتُ.
وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ الشاجِبُ الهالِكُ الآثِمُ. قَالَ: وشَجَبَ الرجلُ، يَشْجُبُ شُجُوباً إِذا عَطِبَ وهَلَكَ فِي دِينٍ أَو دُنْيا. وَفِي لُغَةٍ: شَجِبَ يَشْجَبُ شَجَباً، وَهُوَ أَجْوَدُ اللُّغَتين، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ؛ وأَنشد للكُمَيْت:
لَيْلَك ذَا لَيْلَكَ الطويلَ، كَمَا
…
عالَجَ تَبْريحَ غُلِّه الشَّجِبُ
وامرأَةٌ شَجُوبٌ: ذاتُ هَمٍّ، قَلْبُها مُتَعَلِّقٌ بِهِ. والشَّجَبُ: العَنَتُ يُصِيبُ الإِنسانَ مِنْ مَرَضٍ، أَو قِتال. وشَجَبُ الإِنسانِ: حاجتُه وهَمُّه، وَجَمْعُهُ شُجُوبٌ، والأَعرف شَجَنٌ، بِالنُّونِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. الأَصمعي: يُقَالُ إِنك لتَشْجُبُني عَنْ حَاجَتِي أَي تَجْذِبُني عَنْهَا؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: هُوَ يَشْجُبُ اللِّجامَ أَي يَجْذِبُه. والشَّجَبُ: الهَمُّ والحَزَنُ. وأَشْجَبه الأَمْرُ، فشَجِبَ لَهُ شَجَباً: حَزِنَ. وَقَدْ أَشْجَبَك الأَمْرُ، فشَجِبْتَ شَجَباً. وشَجَبَ الشيءُ، يَشْجُبُ شَجْباً وشُجُوباً: ذَهَبَ. وشَجَبَ الغُرابُ، يَشْجُبُ شَجِيباً: نَعَقَ بالبَيْنِ. وغرابٌ شاجِبٌ: يَشْجُبُ شَجِيباً، وهو الشديدُ
(3). قوله [سقى السم] ضبط في نسخة عتيقة من المحكم بصيغة المبني للفاعل كما ترى.
النَّعِيقِ الَّذِي يَتَفَجَّعُ مِنْ غِرْبانِ البَيْنِ؛ وأَنشد:
ذَكَّرْن أَشْجاناً لِمَنْ تَشَجَّبا،
…
وهِجْنَ أَعْجاباً لِمَنْ تَعَجَّبا
والشِّجابُ: خَشَباتٌ مُوَثَّقةٌ منصوبةٌ، تُوضَعُ عَلَيْهَا الثِّيابُ وتُنْشَر، وَالْجَمْعُ شُجُبٌ؛ والمِشْجَبُ كالشِّجابِ. وَفِي حَدِيثِ
جابِرٍ: وثَوْبهُ عَلَى المِشْجَبِ
وَهُوَ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، عِيدانٌ يُضَمُّ رُؤُوسها، ويُفَرَّجُ بَيْنَ قَوائمِها، وتُوضَعُ عَلَيْهَا الثِّيابُ. وَقَدْ تُعَلَّقُ عَلَيْهَا الأَسْقِيةُ لتَبْريدِ الماءِ؛ وَهُوَ مِنْ تَشاجَبَ الأَمْرُ إِذا اخْتَلَطَ. والشُّجُبُ: الخَشَباتُ الثلاثُ الَّتِي يُعَلِّق عَلَيْهَا الراعِي دَلْوَه وسِقاءَه. والشُّجْبُ: عَمُود مِنْ عُمُدِ الْبَيْتِ، وَالْجَمْعُ شُجُوب؛ قَالَ أَبو وِعاسٍ الهُذَلي يَصِفُ الرِّماح:
كأَنَّ رِماحَهم قَصْباءُ غِيلٍ،
…
تَهَزْهَزُ مِن شَمالٍ، أَو جَنُوبِ
فَسامُونا الهِدانةَ مِن قَريبٍ،
…
وهُنَّ مَعاً قِيامٌ كالشُّجُوبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لأُسامةَ بن الحَرثِ الْهُذَلِيِّ. وهُنَّ: ضميرُ الرِّماح الَّتِي تقدّمَت فِي الْبَيْتِ الأَوَّل. وسامُونا: عَرضُوا عَلَيْنَا. والهِدانةُ: المُهادَنةُ والمُوادَعةُ. والشَّجْبُ: سِقاءٌ يابسٌ يُجعلُ فِيهِ حَصى ثُمَّ يُحَرَّكُ، تُذْعَرُ بِهِ الإِبل. وسِقاءٌ شاجِبٌ أَي يابسٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَوْ أَنّ سَلْمَى ساوَقَتْ رَكائِبي،
…
وشَرِبَتْ مِن ماءِ شَنٍّ شاجِبِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، أَنه باتَ عِنْدَ خالتِه مَيْمونةَ، قَالَ: فَقَامَ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، إِلى شَجْبٍ، فاصْطَبَّ مِنْهُ الماءَ، وتَوَضَّأَ
؛ الشَّجْبُ: بِالسُّكُونِ، السِّقاءُ الَّذِي أَخْلَقَ وبَلِيَ، وصارَ شَنّاً، وَهُوَ مِنَ الشَّجْبِ، الهلاكِ، وَيُجْمَعُ عَلَى شُجُبٍ وأَشْجابٍ. قَالَ الأَزهري: وسمعتُ أَعرابياً مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يَقُولُ: الشَّجْب مِنَ الأَساقِي مَا تَشَنَّنَ وأَخْلَقَ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا قُطِعَ فَمُ الشَّجْبِ، وجُعِلَ فِيهِ الرُّطَبُ. ابْنُ دُرَيْدٍ: الشَّجْبُ تَداخُلُ الشيءِ بَعْضِهِ فِي بعضٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: فاسْتَقَوْا مِنْ كُلِّ بِئرٍ ثلاثَ شُجُبٍ.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ، رضي الله عنه: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ يُبَرّدُ، لِرَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، الْمَاءَ فِي أَشْجابِه.
وشَجَبَه بِشِجابٍ أَي سَدَّه بِسِدادٍ. وبَنُو الشَّجْبِ: قبيلةٌ مِنْ كَلْبٍ؛ قَالَ الأَخطل:
ويامَنَّ عَنْ نَجدِ العُقابِ، وياسَرَتْ
…
بِنا العِيسُ، عَنْ عَذْراءَ دارِ بَني الشَّجْبِ
ويَشْجُبُ: حَيٌّ، وَهُوَ يَشْجُبُ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطانَ، والله أَعلم.
شحب: شَحَبَ لَوْنُه وجِسْمُه، يَشْحَبُ ويَشْحُبُ، بِالضَّمِّ، شُحُوباً، وشَحُبَ شُحُوبةً: تَغَيَّرَ مِنْ هُزالٍ، أَو عَمَلٍ، أَو جُوعٍ، أَو سَفَرٍ، وَلَمْ يُقَيِّد فِي الصِّحَاحِ التَّغَيُّرَ بسَبَب، بَلْ قَالَ: شَحُبَ جِسْمُه إِذا تغَيَّرَ؛ وأَنشد لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
وَفِي جِسْمِ راعِيها شُحُوبٌ، كأَنه
…
هُزالٌ، وَمَا مِنْ قِلَّةِ الطُّعمِ يُهْزَلُ
وَقَالَ لَبِيدٌ فِي الأَوَّل:
رَأَتْني قَدْ شَحَبْتُ، وسَلَّ جِسْمي
…
طِلابُ النّازِحاتِ مِنَ الهُمومِ
وَقَوْلُ تَأَبَّطَ شَرّاً:
ولكِنَّني أُرْوِي مِنَ الخَمْرِ هامَتي،
…
وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِبِ المُتَشَلْشِلِ
والمُتَشَلْشِلُ، عَلَى هَذَا: الَّذِي تَخَدَّدَ لَحْمُه وقلَّ؛ وَقِيلَ: الشاحِبُ هُنَا السَّيْفُ، يَتَغَيَّرُ لوْنُه بِمَا يَبِسَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّم، فالمُتَشَلْشِلُ، عَلَى هَذَا، هُوَ الَّذِي يَتَشَلْشَلُ بِالدَّمِ. وأَنْضُو: أَنزِعُ وأَكشِفُ. والشّاحِبُ: المَهْزولُ؛ قَالَ:
وقَد يَجْمَعُ المالَ الفَتى، وَهُوَ شاحِبٌ،
…
وَقَدْ يُدْرِكُ المَوْتُ السَّمِينَ البَلَنْدَحا
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَرَّه أَن يَنظُرَ إِليَّ فلْيَنْظُر إِلى أَشْعَثَ شاحِبٍ
؛ والشّاحِبُ: المُتَغَيِّر اللَّونِ، لعارضٍ مِنْ مَرَضٍ أَو سَفَرٍ، أَو نَحْوِهِمَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الأَكْوَعِ: رَآنِي رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، شاحِباً شَاكِيًا.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه: يَلْقَى شَيْطانُ الكافرِ شَيطانَ المؤْمِن شاحِباً.
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: لَا تَلْقَى المُؤْمِنَ إِلّا شاحِباً
؛ لأَنَّ الشُّحوبَ مِنْ آثَارِ الخَوفِ وقِلَّةِ المأْكل والتَّنَعُّم. وشَحَبَ وَجْهَ الأَرضِ، يَشْحَبُه شَحْباً: قَشَرَه، يمانِيةٌ.
شخب: الشَّخْبُ والشُّخْبُ: مَا خَرَجَ مِن الضَّرْعِ مِن اللَّبن إِذا احْتُلِبَ؛ والشَّخْبُ، بِالْفَتْحِ، الْمَصْدَرُ. وَفِي الْمَثَلِ: شُخْبٌ فِي الإِناءِ وشُخْبٌ فِي الأَرض؛ أَي يُصِيبُ مَرَّة ويُخْطِئُ أُخرى. والشُّخْبةُ: الدُّفْعة، مِنْهُ، وَالْجَمْعُ شِخابٌ؛ وَقِيلَ الشُّخْبُ، بِالضَّمِّ، مِنَ اللَّبَنِ: مَا امْتَدَّ مِنْهُ حِينَ يُحْلَبُ مُتَّصِلًا بَيْنَ الإِناءِ والطُّبْيِ. شَخَبَه شَخْباً، فانْشَخَبَ. وَقِيلَ: الشَّخْبُ صوتُ اللَّبنِ عِنْدَ الحَلبِ. شَخَبَ اللبنُ، يَشْخُبُ ويَشْخَبُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
وَوَحْوَحَ فِي حِضْنِ الفَتاةِ ضَجِيعُها،
…
ولمْ يَكُ، فِي النُّكْدِ المَفالِيتِ، مَشْخَبُ
والأُشْخُوبُ: صوتُ الدِّرَّة. يُقَالُ: إِنها لأُشْخُوب الأَحالِيلِ. وَفِي حَدِيثِ الحَوض:
يَشْخُبُ فِيهِ مِيزابانِ مِنَ الْجَنَّةِ
؛ والشَّخْبُ: الدَّمُ؛ وَكُلُّ مَا سالَ، فَقَدْ شَخَبَ. وشَخَبَ أَوداجَه دَماً، فانشَخَبَت: قطَعَها فسالتْ؛ ووَدَجٌ شَخِيبٌ: قُطِعَ، فانْشَخَبَ دَمُه؛ قَالَ الأَخطل:
جادَ القِلالُ لَهُ بذاتِ صُبابةٍ
…
حَمْراء، مِثْلِ شَخِيبةِ الأَوْداجِ
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ شَخِيبة، هُنَا، فِي مَعْنَى مَشْخوبةٍ، وَثَبَتَتِ الْهَاءُ فِيهِمَا، كَمَا تثبُت فِي الذَّبيحةِ، وَفِي قَوْلِهِمْ: بئسَ الرَّمِيَّةُ الأَرْنَبُ. وانْشَخَبَ عِرْقُه دَماً إِذا سَالَ؛ وَقَوْلُهُمْ عُروقُه تَنْشخِبُ دَمًا أَي تتفَجَّر. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُبْعَثُ الشَّهِيدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وجُرْحُه يَشْخُب دَماً.
الشَّخْبُ: السَّيَلانُ، وأَصلُ الشَّخْبِ، مَا يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ يدِ الحالِبِ، عِنْدَ كُلِّ غَمْزَةٍ وعَصْرَة لضَرعِ الشاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أنَّ المَقْتولَ يجيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَشْخُب أَوداجُه دَماً.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فأَخَذَ مشاقِصَ، فقَطَع بَراجِمَه، فشَخَبَت يداهُ حَتَّى ماتَ.
والشِّخابُ: اللبَنُ، يمانِيةٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
شخدب: شُخْدُبٌ: دُوَيْبَّةٌ مِنْ أَحْناشِ الأَرض.
شخرب: شَخْرَبٌ وشُخارِبٌ. غليظٌ شديد.
شخلب: قَالَ اللَّيْثُ: مَشْخَلَبةٌ كَلِمَةٌ عِراقِيةٌ، لَيْسَ عَلَى بِنَائِهَا شَيْءٌ مِنَ العَرَبِيَّة، وَهِيَ تُتَّخَذ مِنَ اللِّيفِ والخَرَزِ، أَمثالَ الحُلِيِّ. قَالَ: وَهَذَا حديثٌ فاشٍ فِي النَّاسِ: يَا مَشْخَلَبهْ، مَاذَا الجَلَبهْ؟ تَزَوَّجَ حَرْمله، بعَجُوزٍ أَرْمَلَه؛ قَالَ: وَقَدْ تُسَمَّى الجاريةُ مَشْخَلَبةً، بِمَا يُرى عَلَيْهَا مِنَ الخَرَزِ، كالحُلِيِّ.
شذب: الشَّذَبُ: قِطَعُ الشَّجَرِ، الْوَاحِدَةُ شَذَبةٌ؛ وَهُوَ أَيضاً قِشْرُ الشَّجَرِ؛ والشَّذْبُ الْمَصْدَرُ، وَالْفِعْلُ يَشْذُبُ، وَهُوَ القَطْعُ عَنِ الشَّجَرِ. وَقَدْ شَذَب اللِّحاءَ يَشْذُبُه ويَشْذِبُه، وشَذَّبَه: قَشَره. وشَذَبَ العُودَ، يَشْذُبُه شَذْباً. أَلقَى مَا عَلَيْهِ مِنَ الأَغْصانِ حَتَّى يَبْدُوَ؛ وَكَذَلِكَ كلُّ شيءٍ نُحِّي عَنْ شيءٍ، فَقَدْ شُذِبَ عَنْهُ؛ كَقَوْلِهِ:
نَشْذِبُ عَنْ خِنْدِفَ، حَتَّى تَرْضَى
أَي نَدْفَعُ عَنْهَا العِدا؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَشْذِبُ أُولاهُنَّ عَنْ ذاتِ النَّهَقْ «4»
أَي يَطْرد. والشَّذَبةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا يُقْطَعُ مِمَّا تفرَّق مِنْ أَغصان الشَّجَرِ وَلَمْ يَكُنْ فِي لُبّه، وَالْجَمْعُ الشَّذَبُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
بَلْ أَنتَ فِي ضِئْضِئِ النُّضارِ مِنَ
…
النَّبْعَةِ، إِذ حَظُّ غيرِك الشَّذَبُ
الشَّذَبُ: القُشورُ، والعِيدانُ المتفرّقةُ. وشَذَّبَ الشجرةَ تَشْذِيبًا. وجِذْعٌ مُشَذَّبٌ أَي مُقَشَّر، إِذا قَشَرْتَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّوْكِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رجلٌ شاذِبٌ إِذا كَانَ مُطَّرَحاً، مَأْيوساً مِنْ فَلاحِه، كأَنه عَرِيَ مِنَ الخَير، شُبِّهَ بالشَّذَبِ، وَهُوَ مَا يُلْقَى مِنَ النخلةِ مِنَ الكرانِيفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ شَمِرٌ: شَذَبْتُه أَشْذِبُه شَذْباً، وشلَلْتُه شَلًّا، وشَذَّبْتُه تَشْذِيباً، بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقَالَ بُرَيقٌ الهُذليُّ:
يُشَذِّبُ بالسَّيْفِ أَقرانَه،
…
إِذْ فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الفَيْلَمُ
وأَنشد شَمِرٌ قَوْلَ ابْنِ مُقْبِلٍ:
تَذُبُّ عَنْهُ بلِيفٍ شَوْذَبٍ شَمِلٍ،
…
يَحْمِي أَسِرَّةَ، بَين الزَّوْرِ والثَّفَنِ
بِلِيفٍ أَي بذَنَبٍ. والشَّمِلُ: الرَّقِيقُ. والأَسِرَّةُ: الخُطوطُ، وَاحِدُهَا سِرَرٌ. وشَذَّبَ الجِذْعَ: أَلقَى مَا عَلَيْهِ مِنَ الكَرَبِ. والمِشْذَبُ: المِنْجَلُ الَّذِي يُشَذَّبُ بِهِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التَّشْذيبُ فِي القِدْحِ العَملُ الأَوَّلُ، والتهذيبُ العملُ الثَّانِي؛ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وشَذَّبَه عَنِ الشَّيْءِ: طَرَده؛ قَالَ:
أَنا أَبو ليْلى وسَيْفِي المَعْلُوبْ،
…
هَلْ يُخْرِجَنْ ذَوْدَكَ ضَرْبٌ تَشذيبْ،
ونَسَبٌ، فِي الحَيِّ، غَيرُ مَأْشُوبْ
أَراد: ضَرْبٌ ذُو تَشْذيبٍ؛ والتَّشْذِيبُ: التَّفريقُ والتَّمزيقُ فِي الْمَالِ وَنَحْوِهِ. الْقُتَيْبِيُّ: شذَّبْتُ المالَ إِذا فرَّقْته، وكأَنَّ المُفْرِطَ فِي الطُّول، فُرِّقَ خَلْقُه وَلَمْ يُجْمَع، وَلِذَلِكَ قِيلَ
(4). قوله [أُولاهن] كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في التكملة أُخراهن.
لَهُ: مُشَذَّبٌ؛ وكلُّ شَيْءٍ تَفَرَّقَ شُذِّبَ، قَالَ ابْنُ الأَنباري: غَلِطَ الْقُتَيْبِيُّ فِي المُشَذّب، أَنه الطويلُ البائنُ الطُّول، وأَن أَصله مِنَ النَّخْلَةِ الَّتِي شُذِّبَ عَنْهَا جَريدها أَي قُطِّعَ وفُرِّقَ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ للبائنِ الطُّول إِذا كَانَ كَثِيرَ اللَّحْمِ مُشذَّبٌ حَتَّى يَكُونَ فِي لَحْمِهِ بعضُ النُّقْصان؛ يُقَالُ: فرسٌ مُشَذَّبٌ إِذا كَانَ طَوِيلًا، لَيْسَ بِكَثِيرِ اللَّحْمِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، شَذَّبهم عَنا تَخَرُّم الْآجَالِ.
وشَذَبَ عَنْهُ شَذْباً أَي ذَبَّ. والشَّاذِبُ: المُتَنَحِّي عَنْ وَطَنِهِ. وَيُقَالُ: الشَّذَبُ المُسَنَّاة. وَرَجُلٌ شَذْبُ العُروقِ أَي ظاهِرُ العُرُوقِ. وأَشْذابُ الكلإِ وغيرِه، بَقاياه، الْوَاحِدُ شَذَبٌ، وَهُوَ المأْكول؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً مِنْ أَلائِفِه،
…
يَرْتادُ أَحْلِيَةً، أَعْجازُها شَذَبُ
والشَّذَبُ: مَتاعُ البيتِ، مِنَ القُماشِ وَغَيْرِهِ. وَرَجُلٌ مُشَذَّبٌ: طَويلٌ، وَكَذَلِكَ الفَرس؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
دَلوٌ تَمَأّى، دُبِغَتْ بالحُلَّبِ،
…
بَلَّتْ بِكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّبِ
والشَّوْذَبُ مِنَ الرِّجَالِ: الطويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ.
وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَنه كَانَ أَطْولَ مِنَ المَرْبوعِ وأَقصَرَ مِنَ المُشَذَّبِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُشَذَّبُ المُفْرِطُ فِي الطُّول؛ وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ جَرِيرٌ:
أَلوى بِهَا شَذْبُ العُروقِ مُشَذَّبٌ،
…
فكأَنها وكَنَتْ عَلَى طِرْبالِ
رَوَاهُ شَمِرٌ: أَلوَى بِهَا شَنِقُ العُروقِ مُشَذَّبٌ. والشَّوْذَبُ: الطويلُ النَّجِيبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وشَوْذبٌ: اسم.
شرب: الشَّرْبُ: مَصْدَرُ شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابْنُ سِيدَهْ: شَرِبَ الماءَ وَغَيْرَهُ شَرْباً وشُرْباً وشِرْباً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ
؛ بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ. قَالَ
سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُموي: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يقرأُ: فشارِبون شَرْبَ الهِيمِ؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، إِنما هِيَ: شُرْبَ الْهِيمِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَسَائِرُ الْقُرَّاءِ يَرْفَعُونَ الشِّينَ. وَفِي حَدِيثِ أَيّامِ التَّشْريق:
إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ
؛ يُروى بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، وَهُمَا بِمَعْنًى؛ وَالْفَتْحُ أَقل اللُّغَتَيْنِ، وَبِهَا قرأَ أَبو عَمْرِو: شَرْب الهِيمِ؛ يُرِيدُ أَنها أَيام لَا يَجُوزُ صَومُها، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الشَّرْبُ، بِالْفَتْحِ، مَصْدَرٌ، وَبِالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ، اسْمَانِ مِنْ شَرِبْت والتَّشْرابُ: الشُّرْبُ؛ فأَما قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
شَرِبنَ بماءِ البحرِ، ثُمَّ تَرَفَّعَتْ،
…
مَتى حَبَشِيَّاتٍ، لَهُنَّ نئِيجُ «1»
فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِبنَ مَاءَ الْبَحْرِ، ثُمَّ تَصَعَّدْنَ، فأَمْطَرْن ورَوَّيْنَ؛ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمَاءِ الْبَحْرِ زَائِدَةٌ، إِنما هُوَ شَرِبنَ مَاءَ الْبَحْرِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الحالِ، والعُدُولُ عَنْهُ تَعَسُّفٌ؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ شَرِبنَ مِن مَاءِ الْبَحْرِ، فأَوْقَع الْبَاءَ مَوْقِعَ مِنْ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَنه لَمَّا كَانَ شَرِبنَ فِي مَعْنَى رَوِينَ، وَكَانَ رَوِينَ مِمَّا يتعدَّى بالباءِ، عَدَّى شَرِبنَ بالباءِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ؛ مِنْهُ مَا مَضَى، ومنه ما
(1). قوله [متى حبشيات] هو كذلك في غير نسخة من المحكم.
سيأْتي، فَلَا تَسْتَوْحِش مِنْهُ. وَالِاسْمُ: الشِّرْبةُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَقِيلَ: الشَّرْبُ الْمَصْدَرُ، والشِّرْبُ الِاسْمُ. والشِّرْبُ: الْمَاءُ، وَالْجَمْعُ أَشرابٌ. والشَّرْبةُ مِنَ الماءِ: مَا يُشْرَبُ مَرَّةً. والشَّرْبةُ أَيضاً: المرةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الشُّرْبِ. والشِّرْبُ: الحَظُّ مِنَ الماءِ، بِالْكَسْرِ. وَفِي الْمَثَلِ: آخِرُها أَقَلُّها شِرْباً؛ وأَصلُهُ فِي سَقْيِ الإِبل، لأَنَّ آخِرَها يُرَدُّ، وَقَدْ نُزِفَ الحوْضُ؛ وَقِيلَ: الشِّرْبُ هُوَ وقتُ الشُّرْبِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الشِّرْبُ المَوْرِد، وَجَمْعُهُ أَشْرابٌ. قَالَ: والمَشْرَبُ الْمَاءُ نَفسُه. والشَّرابُ: مَا شُرِب مِنْ أَيِّ نوْعٍ كَانَ، وَعَلَى أَيّ حَالٍ كَانَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّرابُ، والشَّرُوبُ، والشَّرِيبُ وَاحِدٌ، يَرْفَع ذَلِكَ إِلى أَبي زَيْدٍ. ورَجلٌ شارِبٌ، وشَرُوبٌ وشَرّابٌ وشِرِّيبٌ: مُولَع بالشَّرابِ، كخِمِّيرٍ. التَّهْذِيبُ: الشَّرِيبُ المُولَع بالشَّراب؛ والشَّرَّابُ: الكثيرُ الشُّرْبِ؛ وَرَجُلٌ شَروبٌ: شديدُ الشُّرْب. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، لَمْ يَشْرَبها فِي الْآخِرَةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ فِي الْبَيَانِ؛ أَراد: أَنه لَمْ يَدْخُلِ الجنَّةَ، لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ، فإِذا لَمْ يَشْرَبْها فِي الْآخِرَةِ، لَمْ يَكن قَدْ دَخَلَ الجنةَ. والشَّرْبُ والشُّرُوبُ: القَوم يَشْرَبُون، ويجْتَمعون عَلَى الشَّراب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما الشَّرْبُ، فَاسْمٌ لِجَمْعِ شارِب، كرَكْبٍ ورَجْلٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ. وأَما الشُّروب، عِنْدِي، فَجَمْعُ شاربٍ، كشاهدٍ وشُهودٍ، وَجَعَلَهُ ابْنُ الأَعرابي جَمْعَ شَرْبٍ؛ قَالَ: وَهُوَ خطأٌ؛ قَالَ: وَهَذَا ممَّا يَضِيقُ عَنْهُ عِلْمُه لِجَهْلِهِ بِالنَّحْوِ؛ قَالَ الأَعشى:
هُوَ الواهِبُ المُسْمِعاتِ الشُّرُوبَ
…
بَين الحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا،
…
مِثلَ المَناديلِ، تُعاطَى الأَشرُبا «1»
يَكُونُ جَمْعَ شَرْبٍ، كَقَوْلِ الأَعشى:
لَهَا أَرَجٌ، فِي البَيْتِ، عالٍ، كأَنما
…
أَلمَّ بهِ، مِن تَجْرِ دارِينَ، أَرْكُبُ
فأَرْكُبٌ: جَمْعُ رَكْبٍ، وَيَكُونُ جَمْعَ شَارِبٍ وراكِبٍ، وَكِلَاهُمَا نَادِرٌ، لأَنَّ سِيبَوَيْهِ لَمْ يَذْكُرْ أَن فَاعِلًا قَدْ يُكَسَّر عَلَى أَفْعُلٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ، رضي الله عنهما: وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنصار
؛ الشَّرْبُ، بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: الْجَمَاعَةُ يَشْرَبُونَ الخمْر. التَّهْذِيبُ، ابْنُ السِّكِّيتِ: الشِّرْبُ: الماءُ بعَينهِ يُشْرَبُ. والشِّرْبُ: النَّصِيبُ مِنَ الْمَاءِ. والشَّريبةُ مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ، فتَتْبَعُها الغَنمُ، هَذِهِ فِي الصِّحَاحِ؛ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حاشيةٌ: الصَّوَابُ السَّريبةُ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً. شَرِبَ مَعَهُ، وَهُوَ شَرِيبي؛ قَالَ:
رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ،
…
شِرابُه كالحَزِّ بالمَواسي
والشَّرِيبُ: صاحِبُكَ الَّذِي يُشارِبُكَ، ويُورِدُ إِبلَه معَكَ، وَهُوَ شَرِيبُك؛ قَالَ الراجز:
(1). قوله [جلبا] كذا ضبط بضمتين فِي نُسْخَةٍ مِنَ الْمُحْكَمِ.
إِذا الشَّريبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ،
…
فخلِّه، حَتَّى يَبُكَّ بَكَّهْ
وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي قَوْلَهُ:
رُبَّ شَرِيب لَكَ ذِي حُساس
قَالَ: الشَّرِيبُ هُنَا الَّذِي يُسْقَى مَعَك. والحُساسُ: الشُّؤْم والقَتْلُ؛ يَقُولُ: انتِظارُك إِيَّاه عَلَى الحوضِ، قَتْلٌ لَكَ ولإِبلِك. قَالَ: وأَما نَحْنُ ففَسَّرْنا الحُساسَ هُنَا، بأَنه الأَذَى والسَّوْرَةُ فِي الشَّراب، وَهُوَ شَرِيبٌ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفاعِل، مِثْلُ نَديم وأَكِيل. وأَشْرَبَ الإِبِلَ فَشرِبَتْ، وأَشْرَبَ الإِبل حَتَّى شَرِبَتْ، وأَشْرَبْنَا نَحْنُ: رَوِيَتْ إِبلُنا، وأَشْرَبْنا: عَطِشْنا، أَو عَطِشَت إِبلُنا؛ وَقَوْلُهُ:
اسْقِنِي، فإِنَّنِي مُشْرِب
رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَفَسَّرَهُ بأَنَّ مَعْنَاهُ عَطْشَانُ، يَعْنِي نَفْسَهُ، أَو إِبله. قَالَ وَيُرْوَى: فإِنَّكَ مُشْرِب أَي قَدْ وجَدْتَ مَن يَشْرَبُ. التَّهْذِيبُ: المُشْرِبُ العَطْشان. يُقَالُ: اسْقِنِي، فإِنِّي مُشْرِب. والمُشْرِبُ: الرجُل الَّذِي قَدْ عَطِشَت إِبلُه أَيضاً. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: رَجل مُشْرِبٌ قَدْ شَرِبَت إِبله. وَرَجُلٌ مُشرِبٌ: حانَ لإِبلِه أَن تَشْرَبَ. قَالَ: وَهَذَا عِنْدَهُ مِنَ الأَضداد. والمَشْرَبُ: الْمَاءُ الَّذِي يُشْرَبُ. والمَشْرَبةُ: كالمَشْرَعةِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
مَلْعُونٌ ملعونٌ مَنْ أَحاطَ عَلَى مَشْرَبةٍ
؛ المَشْرَبة، بِفَتْحِ الراءِ مِنْ غَيْرِ ضَمٍّ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُشْرَبُ مِنْهُ كالمَشْرَعةِ؛ وَيُرِيدُ بالإِحاطة تَملُّكَه، ومنعَ غَيْرِهِ مِنْهُ. والمَشْرَبُ: الوجهُ الَّذِي يُشْرَبُ مِنْهُ، وَيَكُونُ مَوْضِعًا، وَيَكُونُ مَصْدَرًا؛ وأَنشد:
ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي، كأَنه
…
خَصِيٌّ، أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَشْرَبِ
أَي مِنْ غَيْرِ وَجْهِ الشُّرْب؛ والمَشْرَبُ: شَرِيعةُ النَّهر؛ والمَشْرَبُ: المَشْروبُ نفسُه. والشَّرابُ: اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ. وكلُّ شَيْءٍ لَا يُمْضَغُ، فإِنه يُقَالُ فِيهِ: يُشْرَبُ. والشَّرُوبُ: مَا شُرِبَ. وَالْمَاءُ الشَّرُوب والشَّريبُ: الَّذِي بَيْنَ العَذْبِ والمِلْح؛ وَقِيلَ: الشَّروب الَّذِي فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عُذوبةٍ، وَقَدْ يَشْرَبُه النَّاسُ، عَلَى مَا فِيهِ. والشَّرِيبُ: دُونَهُ فِي العُذوبةِ، وَلَيْسَ يَشْرَبُه النَّاسُ إِلّا عِنْدَ ضَرُورَةٍ، وَقَدْ تَشْرَبُه الْبَهَائِمُ؛ وَقِيلَ: الشَّرِيبُ العَذْبُ؛ وَقِيلَ: الْمَاءُ الشَّرُوب الَّذِي يُشْرَبُ. والمأْجُ: المِلْحُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
فإِنَّكَ، بالقَريحةِ، عامَ تُمْهى،
…
شَروبُ الْمَاءِ، ثُمَّ تَعُودُ مَأْجا
قَالَ: هَكَذَا أَنشده أَبو عُبَيْدٍ بالقَريحة، وَالصَّوَابُ كالقَرِيحةِ. التَّهْذِيبُ أَبو زَيْدٍ: الْمَاءُ الشَّريبُ الذي ليس فِيهِ عُذوبةٌ، وَقَدْ يَشْرَبُه الناسُ عَلَى مَا فِيهِ. والشَّرُوبُ: دُونهُ فِي العُذوبةِ، وَلَيْسَ يَشْرَبُه النَّاسُ إِلّا عِنْدَ الضَّرُورة. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَاءٌ شَرِيبٌ وشَرُوب فِيهِ مَرارةٌ ومُلُوحة، وَلَمْ يَمْتَنِعْ مِنَ الشُّرْب؛ وَمَاءٌ شَرُوبٌ وَمَاءٌ طَعِيمٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ الشُّورَى:
جُرْعةٌ شَرُوبٌ أَنْفَع مِنْ عَذْبٍ مُوبٍ
؛ الشَّرُوبُ مِنَ الماءِ: الَّذِي لَا يُشْرَب إِلّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَلِهَذَا وَصَفَ بِهِ الجُرْعةَ؛ ضُرِبَ الْحَدِيثُ
مَثَلًا لِرَجُلَيْنِ: أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ، وَالْآخَرُ أَرفعُ وأَضرُّ. وماءٌ مُشْرِبٌ: كَشَروبٍ. وَيُقَالُ فِي صِفَةِ بَعيرٍ: نِعْمَ مُعَلَّقُ الشَّرْبةِ هَذَا؛ يَقُولُ: يَكْتَفِي إِلى مَنْزِلِهِ الَّذِي يريدُ بشَرْبةٍ وَاحِدَةٍ، لَا يَحْتاجُ إِلى أُخرى. وَتَقُولُ: شَرَّبَ مَالِي وأَكَّلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم بِهِ؛ وظَلَّ مَالِي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كَيْفَ شاءَ. وَرَجُلٌ أُكَلةٌ وشُرَبةٌ، مِثَالُ هُمَزةٍ: كَثِيرُ الأَكل والشُّرب، عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. ورجلٌ شَرُوبٌ: شديدُ الشُّرْبِ، وقومٌ شُرُبٌ وشُرَّبٌ. ويومٌ ذُو شَرَبةٍ: شديدُ الحَرِّ، يُشْرَبُ فِيهِ الماءُ أَكثر مِمَّا يُشْرَب عَلَى هَذَا الْآخَرِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَمْ تَزَلْ بِهِ شَرَبَةٌ هَذَا اليومَ أَي عَطَشٌ. التَّهْذِيبِ: جاءَت الإِبل وَبِهَا شَرَبةٌ أَي عطَش، وَقَدِ اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو عَمْرٍو إِنه لَذُو شَرَبةٍ إِذا كَانَ كَثِيرَ الشُّرب. وطَعامٌ مَشْرَبةٌ: يُشْرَبُ عَلَيْهِ الْمَاءُ كَثِيرًا، كَمَا قَالُوا: شَرابٌ مَسْفَهةٌ. وطَعامٌ ذُو شَرَبة إِذا كَانَ لَا يُرْوَى فِيهِ مِنَ الماءِ. والمِشْرَبةُ، بِالْكَسْرِ: إِناءٌ يُشْرَبُ فِيهِ. والشَّارِبةُ: الْقَوْمُ الَّذِينَ مَسْكَنُهُمْ عَلَى ضَفَّة النَّهْرِ، وَهُمُ الَّذِينَ لَهُمْ مَاءُ ذَلِكَ النَّهْرِ. والشَّرَبةُ: عَطَشُ المالِ بعدَ الجَزءِ، لأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُوها إِلى الشُّرْب. والشَّرَبةُ، بِالتَّحْرِيكِ: كالحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ وَالشَّجَرَةِ، ويُمْلأُ مَاءً، فَيَكُونُ رَيَّها، فتَتَرَوَّى مِنْهُ، وَالْجَمْعُ شَرَبٌ وشَرَباتٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يَخْرُجْنَ مِن شَرَباتٍ، مَاؤُهَا طَحِلٌ،
…
عَلَى الجُذوعِ، يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مِثْلُ النَّخِيلِ يُرَوِّي، فَرْعَها، الشَّرَبُ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: اذْهَبْ إِلى شَرَبةٍ مِنَ الشَّرَباتِ، فادْلُكْ رأْسَك حَتَّى تُنَقِّيَه.
الشَّرَبة، بِفَتْحِ الراءِ: حَوْضٌ يَكُونُ فِي أَصل النَّخْلَةِ وحَوْلَها، يُمْلأُ مَاءً لِتَشْرَبه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
جَابِرٍ، رضي الله عنه: أَتانا رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَعَدَلَ إِلى الرَّبِيع، فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ إِلى الشَّرَبةِ
؛ الرَّبِيعُ: النهرُ. وَفِي حَدِيثِ لَقِيطٍ:
ثُمَّ أَشْرَفْتُ عَلَيْهَا، وَهِيَ شَرْبةٌ وَاحِدَةٌ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: إِن كَانَ بِالسُّكُونِ، فإِنه أَراد أَن الْمَاءَ قَدْ كَثُرَ، فَمِنْ حَيْثُ أَردت أَن تَشْرَبَ شَرِبْتَ، وَيُرْوَى بالياءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والشَّرَبةُ: كُرْدُ الدَّبْرَةِ، وَهِيَ المِسْقاةُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ شَرَباتٌ وشَرَبٌ. وشَرَّبَ الأَرضَ والنَّخلَ: جَعَلَ لَهَا شَرَباتٍ؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ فِي صِفَةِ نَخْلٍ:
مِنَ الغُلْبِ، مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ
…
لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها
وكلُّ ذَلِكَ مِنَ الشُّرْب. والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ فِي الحَلْقِ؛ وَقِيلَ: الشَّوارِبُ عُروقٌ فِي الحَلْقِ تَشْرَبُ الْمَاءَ؛ وَقِيلَ: هِيَ عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالحُلْقوم، وأَسْفَلُها بالرِّئةِ؛ وَيُقَالُ: بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِين، وَلَهَا قَصَبٌ مِنْهُ يَخْرُجُ الصَّوْت؛ وَقِيلَ: الشَّوارِبُ مَجاري الْمَاءِ فِي العُنُقِ؛ وَقِيلَ: شَوارِبُ الفَرَسِ
ناحِيةُ أَوْداجِه، حَيْثُ يُوَدِّجُ البَيْطارُ، واحِدُها، فِي التَّقْدِيرِ، شارِبٌ؛ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ، مِن هَذَا، أَي شَديدُ النَّهِيقِ. الأَصمعي، فِي قَوْلِ أَبي ذؤَيب:
صَخِبُ الشَّوارِبِ، لَا يَزالُ كأَنَّه
…
عَبْدٌ، لآلِ أَبي رَبِيعةَ، مُسْبَعُ
قَالَ: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ فِي الحَلْقِ، وإِنما يُرِيدُ كَثرةَ نُهاقِه؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ عُرُوقُ باطِن الحَلْقِ. والشَّوارِبُ: عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالحُلْقُومِ؛ يُقَالُ: فِيهَا يَقَعُ الشَّرَقُ؛ وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ عُرُوق تأْخذ الْمَاءَ، وَمِنْهَا يَخْرُج الرِّيقُ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ فِي الْعَيْنِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي تَفُور فِي الأَرض، لَا مَجارِيَ ماءِ عَيْنِ الرأْس. والمَشْرَبةُ: أَرضٌ لَيِّنةٌ لَا يَزالُ فِيهَا نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ. والمَشْرَبةُ والمَشْرُبَةُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: الغُرْفةُ؛ سِيبَوَيْهِ: وَهِيَ المَشْرَبةُ، جَعَلُوهُ اسْمًا كالغُرْفةِ؛ وَقِيلَ: هِيَ كالصُّفَّةِ بَيْنَ يَدَي الغُرْفةِ. والمَشارِبُ: العَلاليُّ، وَهُوَ فِي شِعْرِ الأَعشى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ فِي مَشْرَبةٍ لَهُ
أَي كَانَ فِي غُرْفةٍ؛ قَالَ: وَجَمْعُهَا مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ. والشارِبانِ: مَا سالَ عَلَى الفَم مِنَ الشَّعر؛ وَقِيلَ: إِنما هُوَ الشَّارِبُ، وَالتَّثْنِيَةُ خطأٌ. والشَّارِبان: مَا طالَ مِن ناحِيةِ السَّبَلةِ، وَبَعْضُهُمْ يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً وَاحِدًا، وَلَيْسَ بِصَوَابٍ، وَالْجَمْعُ شَوارِبُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَالُوا إِنه لَعَظِيمُ الشَّواربِ. قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّقَ، فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ مِنْهُ شارِباً، ثُمَّ جُمِع عَلَى هَذَا. وَقَدْ طَرَّ شارِبُ الغُلامِ، وَهُمَا شارِبانِ. التَّهْذِيبُ: الشارِبانِ مَا طالَ مِنْ ناحِيةِ السَّبَلةِ، وَبِذَلِكَ سُمِّي شارِبا السيفِ؛ وشارِبا السيفِ: مَا اكْتَنَفَ الشَّفْرةَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشارِبانِ فِي السيفِ، أَسْفَلَ القائِم، أَنْفانِ طَويلانِ: أَحدُهما مِنْ هَذَا الْجَانِبِ، والآخَرُ مِنْ هَذَا الجانِب. والغاشِيةُ: مَا تحتَ الشَّارِبَين؛ والشارِبُ والغاشيةُ: يَكُونَانِ مِنْ حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ. وأَشْرَبَ اللَّونَ: أَشْبَعَه؛ وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر، فَقَدْ أُشْرِبَه. وَقَدِ اشْرابَّ: عَلَى مِثالِ اشْهابَّ. والصِّبْغُ يَتَشَرَّبُ فِي الثوبِ، والثوبُ يَتَشَرَّبُه أَي يَتَنَشَّفُه. والإِشْرابُ: لَوْنٌ قَدْ أُشْرِبَ مِنْ لَونٍ؛ يُقَالُ: أُشْرِبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذَلِكَ؛ وَفِيهِ شُرْبةٌ مِنْ حُمْرَةٍ أَي إِشْرابٌ. ورجُل مُشْرَبٌ حُمْرةً، وإِنه لَمَسْقِيُّ الدَّم مِثْلُهُ، وَفِيهِ شُرْبةٌ مِنَ الحُمْرةِ إِذا كَانَ مُشْرَباً حُمْرَةً وَفِي صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم:
أَبيضُ مُشْرَبٌ حُمرةً.
الإِشْرابُ: خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ. كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِيَ اللونَ الآخَرَ؛ يُقَالُ: بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرةً مُخَفَّفًا، وإِذا شُدّد كَانَ لِلتَّكْثِيرِ وَالْمُبَالَغَةِ. وَيُقَالُ أَيضاً: عِنْدَهُ شُربةٌ مِنْ ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ؛ وَمِثْلُهُ الحُسْوةُ، والغُرْفةُ، واللُّقْمةُ. وأُشْرِبَ فُلَانٌ حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه. وأُشْرِبَ قلبُه مَحَبَّةَ هَذَا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّرابِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ
؛ أَي حُبَّ العِجْلِ، فحذَف المضافَ، وأَقامَ المضافَ
إِليه مُقامَه؛ وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ العِجْلُ هُوَ المُشْرَبَ، لأَنَّ العِجْلَ لَا يَشْرَبُه القَلْبُ؛ وَقَدْ أُشْرِبَ فِي قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ
؛ قَالَ: مَعْنَاهُ سُقُوا حُبَّ العِجْلِ، فَحُذِفَ حُبَّ، وأُقِيمَ العِجْلُ مُقامَه؛ كَمَا قَالَ الشَّاعِرِ:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ
…
خَلالَتُه، كأَبي مَرْحَبِ؟
أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ. والثَّوْبُ يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ: يَتَنَشَّفُه. وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فِيهِ: سَرَى. واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً: اشْتَدَّت حُمْرَتُها؛ وذلك إِذا كانت من الشِّرْبانِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: مِنَ المُشْرَبةِ حُروف يَخْرُجُ مَعَهَا عِنْدَ الوُقوفِ عَلَيْهَا نَحْوَ النَّفْخِ، إِلَّا أَنها لَمْ تُضْغَطْ ضَغْطَ المَحْقُورَةِ، وَهِيَ الزَّايُ والظاءُ وَالذَّالُ وَالضَّادُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وبعضُ الْعَرَبِ أَشَدُّ تَصْوِيبًا مِنْ بَعْضٍ. وأُشْرِبَ الزَّرْعُ: جَرى فِيهِ الدَّقيقُ؛ وَكَذَلِكَ أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ، عَدَّاه أَبو حَنِيفَةَ سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ أَو الرُّواة. وَيُقَالُ لِلزَّرْعِ إِذا خَرَجَ قَصَبُه: قَدْ شَرِبَ الزرعُ فِي القَصَبِ، وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الشُّرْبُبُ الغَمْلى مِنَ النَّبَاتِ. وَفِي حَدِيثِ أُحد:
إنَّ الْمُشْرِكِينَ نَزَلُوا عَلَى زَرْعِ أَهلِ المدينةِ، وخَلَّوا فِيهِ ظَهْرهم، وَقَدْ شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ
، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع، وقُرْبِ إِدْراكِه. يُقَالُ: شَرَّبَ قَصَبُ الزَّرْعِ إِذا صارَ الماءُ فِيهِ؛ وشُرِّبَ السُّنْبُلُ الدَّقيقَ إِذا صارَ فِيهِ طُعْمٌ؛ والشُّرْبُ فِيهِ مستعارٌ، كأَنَّ الدَّقِيقَ كَانَ مَاءً، فَشَرِبَه. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
لَقَدْ سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم
، أَي سُقِيَتْهُ كَمَا يُسْقَى العَطْشانُ الْمَاءَ؛ يُقَالُ: شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِيتَه. وأُشْرِبَ قَلْبُه كَذَا، أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب، أَو اخْتَلَطَ بِهِ، كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بِالثَّوْبِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ.
أَبو عُبَيْدٍ: وشَرَّبَ القِرْبةَ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، إِذا كَانَتْ جَدِيدَةً، فَجَعَلَ فِيهَا طِيبًا وَمَاءً، لِيَطِيبَ طَعْمُها؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ الإِبل بِكَثْرَةِ أَلبانها:
ذَوارِفُ عَيْنَيْها، منَ الحَفْلِ، بالضُّحَى،
…
سُجُومٌ، كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّب
هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ وَتَفْسِيرُهُ، وَقَوْلُهُ: كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّبِ؛ إِنما هُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ؛ قَالَ: وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ خَطَأٌ. وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ: نَشِفَه. وضَبَّةٌ شَرُوبٌ: تَشْتَهِي الْفَحْلَ، قَالَ: وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ. وشَرِبَ بِالرَّجُلِ، وأَشْرَبَ بِهِ: كَذَبَ عَلَيْهِ؛ وَتَقُولُ: أَشْرَبْتَني مَا لَمْ أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ مَا لَمْ أَفْعَلْ. والشَّرْبةُ: النَّخْلة الَّتِي تَنبُتُ مِنَ النَّوى، وَالْجَمْعُ الشَّرَبَّاتُ، والشَّرائِبُ، والشَّرابِيبُ
«2» . وأَشْرَبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الحَبْلَ: وَضَعَه فِي عُنُقها؛ قَالَ:
يَا آلَ وَزْرٍ أَشْرِبُوها الأَقْرانْ
وأَشْرَبْتُ الخَيْلَ أَي جَعَلْتُ الحِبالَ فِي أَعْناقِها؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حَتَّى أَنَخْتُها
…
بِقُرْح، وَقَدْ أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِينِ
وأَشْرَبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لِكُلِّ جَمَلٍ قَريناً؛ وَيَقُولُ أَحدهم لِنَاقَتِهِ: لأُشْرِبَنَّكِ الحِبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بِهَا. والشَّارِبُ: الضَّعْفُ، فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانِ؛ يُقَالُ: فِي بعيرِك شارِبُ خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ؛ ونِعْم البعيرُ هَذَا لَوْلَا أَن فِيهِ شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ. قَالَ: وشَرِبَ إِذا رَوِيَ، وشَرِبَ إِذا عَطِشَ، وشَرِبَ إِذا ضَعُفَ بَعيرُه. وَيُقَالُ: مَا زالَ فُلَانٌ عَلَى شَرَبَّةٍ واحدةٍ أَي عَلَى أَمرٍ وَاحِدٍ. أَبو عَمْرٍو: الشَّرْبُ الْفَهْمُ. وَقَدْ شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ؛ وَيُقَالُ لِلْبَلِيدِ: احْلُبْ ثُمَّ اشْرُبْ أَي ابْرُك ثُمَّ افْهَمْ. وحَلَبَ إِذا بَرَكَ. وشَرِيبٌ، وشُرَيْبٌ، والشُّرَّيْبُ، بِالضَّمِّ، والشُّرْبُوبُ، والشُّرْبُبُ: كُلُّهَا مَوَاضِعُ. والشُّرْبُبُ فِي شِعْرِ لَبِيدٍ، بالهاءِ؛ قَالَ:
هَلْ تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الشُّرْبُبَه؟
والشُّرْبُبُ: اسْمُ وادٍ بعَيْنِه. والشَّرَبَّةُ: أَرض لَيِّنَة تُنْبِتُ العُشْبَ، وَلَيْسَ بِهَا شَجَرٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وإِلَّا فإِنَّا بالشَّرَبَّةِ، فاللِّوى،
…
نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع، ونَيْسِرُ
وشَرَبَّةُ، بِتَشْدِيدِ الباءِ بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جؤَية:
بِشَرَبَّةٍ دَمِث الكَثِيبِ، بدُورِه
…
أَرْطًى، يَعُوذُ بِهِ، إِذا مَا يُرْطَبُ
يُرْطَبُ: يُبَلُّ؛ وَقَالَ دَمِث الكَثِيب، لأَنَّ الشُّرَبَّةَ مَوْضِعٌ أَو مكان؛ ليس فِي الْكَلَامِ فَعَلَّةٌ إِلَّا هَذَا، عَنْ كُرَاعٍ، وَقَدْ جاءَ لَهُ ثَانٍ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: جَرَبَّةٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. واشْرَأَبَّ الرَّجُلُ للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِئْباباً: مَدَّ عُنُقَه إِليه، وَقِيلَ: هُوَ إِذا ارْتَفَعَ وعَلا؛ وَالِاسْمُ: الشُّرَأْبِيبةُ، بِضَمِّ الشِّينِ، مِنِ اشْرَأَبَّ. وَقَالَتْ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: اشْرَأَبَّ النِّفاقُ، وارْتَدَّت العربُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اشْرَأَبَّ ارتفعَ وَعَلَا؛ وكلُّ رافِعٍ رأْسَه: مُشْرَئِبٌّ. وَفِي حَدِيثٍ:
يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ: يَا أَهلَ الجنةِ، وَيَا أَهلَ النَّارِ، فيَشْرَئِبُّون لِصَوْتِهِ
؛ أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم ليَنْظُروا إِليه؛ وكلُّ رَافِعٌ رأْسه مشرئبٌّ؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّبْيةَ، ورَفْعَها رأْسَها:
ذَكَرْتُكِ، إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ،
…
أَمامَ المَطايا، تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ
قَالَ: اشْرأَبَّ مأْخوذ مِنَ المَشْرَبة، وهي الغُرْفةُ.
شرجب: الشَّرْجَبُ: الطَّوِيلُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنَ الرِّجَالِ الطَّوِيلُ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدٍ، رضي الله عنه: فعارَضَنا رجُل شَرْجَبٌ
؛ الشَّرْجَبُ: الطَّوِيلُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الطويلُ القوائمِ، الْعَارِي أَعالي العِظام.
(2). قوله [وَالْجَمْعُ الشربَّات وَالشَّرَائِبُ وَالشَّرَابِيبُ] هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيدة وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان.
والشَّرْجَبُ: نَعت الفَرس الجَوادِ؛ وَقِيلَ: الشَّرْجَبُ الفَرسُ الكَريمُ. والشَّرْجَبانُ: شَجَرَةٌ يُدْبَغ بِهَا، وَرُبَّمَا خُلِطَت بالغَلْقةِ، فدُبِغَ بِهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّرْجَبانُ شُجَيرةٌ كشجَرةِ الباذِنجانِ، غَيْرَ أَنه أَبيضُ، وَلَا يؤْكل. ابْنُ الأَعرابي: الشُّرْجُبانُ شَجَرَةٌ مُشْعانَّةٌ طَوِيلَةٌ «1» ، يَتَحَلَّبُ مِنْهَا كالسَّمِّ، وَلَهَا أَغصانٌ.
شرعب: الشَّرْعَبُ: الطَّوِيلُ. رجُل شَرْعَبٌ: طويلٌ خفيفُ الجسمِ، والأُنثى بالهاءِ. والشَّرْعَبِيُّ: الطويلُ، الحَسَنُ الجسمِ. وشَرْعَبَ الشيءَ: طَوَّلَه؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
أَسِيلةُ مَجْرَى الدَّمْعِ، خُمْصانةُ الحَشَى،
…
بَرُودُ الثَّنايا، ذاتُ خَلْقٍ مُشَرْعَبِ
والشَّرْعَبةُ: شَقُّ اللحمِ والأَديمِ طُولًا. وشَرْعَبَه: قطَعَه طُولًا. والشَّرْعَبةُ: القِطْعةُ مِنْهُ. والشَّرْعَبِيُّ والشَّرْعَبِيَّةُ: ضَرْبٌ مِنَ البُرُودِ؛ أَنشد الأَزهري:
كالبُستانِ والشَّرْعَبَى، ذَا الأَذْيال «2»
وَقَالَ رؤْبة يَصِفُ نَابَ الْبَعِيرِ:
قَدًّا بخَدّادٍ، وهَذًّا شَرْعَبَا
والشَّرْعَبِيَّةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَخطل:
ولَقَدْ بَكَى الجَحَّافُ ممَّا أَوْقَعَتْ
…
بالشَّرْعَبِيَّةِ، إِذْ رَأَى الأَطْفالا
شزب: الشَّازِبُ: الضامِرُ اليابِسُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ؛ وأَكثرُ مَا يُستعمل فِي الخيلِ وَالنَّاسِ. وَقَالَ الأَصمعي: الشازِبُ الَّذِي فِيهِ ضُمور، وإِن لَمْ يَكُنْ مَهْزُولًا؛ والشَّاسِفُ والشاسِبُ: الَّذِي قَدْ يَبِسَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابياً يَقُولُ مَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ: أَيْنُقاً شُزُباً، إِنما قَالَ أَعْنُزاً شُسُباً، وَلَيْسَتِ الزَّايُ وَلَا السِّينُ، بَدَلًا إِحداهما مِنَ الأُخرى، لتَصَرُّفِ الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا، وَالْجَمْعُ: شُزَّبٌ وشَوازِبٌ. وَقَدْ شَزَبَ الفرسُ يَشْزُبُ شَزَباً وشُزُوباً. وخَيْلٌ شُزَّبٌ أَي ضَوامِرُ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، يَرْثي عُرْوةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ:
بالخيلِ عابِسةً، زُوراً مَناكِبُها،
…
تَعْدُو شَوازِبَ، بالشُّعْثِ الصَّناديدِ
والشَّوازِبُ: المُضَمَّراتُ، جَمْعُ شازِبٍ، وَيُجْمَعُ عَلَى شُزَّبٍ أَيضاً. وأَتانٌ شَزْبةٌ: ضامِرةٌ. التَّهْذِيبِ: الشَّوزَبُ والمَئِنَّةُ: العَلامةُ؛ وأَنشد:
غُلامٌ بَينَ عَيْنَيْه شَوْزَبُ
والشَّزِيبُ: القَضِيبُ مِنَ الشَّجَرِ، قَبْلَ أَن يُصْلح، وَجَمْعُهُ شُزُوبٌ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وقَوْسٌ شَزْبةٌ: لَيْسَتْ بجَديدٍ، وَلَا خَلَقٍ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
وَقَدْ تَوَشَّحَ بِشَزْبةٍ كَانَتْ معَه.
الشَّزْبةُ: مِنْ أَسْماءِ القَوْسِ، وَهِيَ الَّتِي لَيْسَتْ بجَديد، وَلَا خَلَقٍ، كأَنها الَّتِي شَزَبَ قَضِيبُها، أَي ذَبَلَ، وَهِيَ الشَّزيبُ أَيضاً. وَمَكَانٌ شازِبٌ أَي خَشِنٌ.
شسب: الشَّاسِبُ: لُغَةٌ فِي الشَّازِبِ، وَهُوَ النَّحِيف اليابِسُ مِنَ الضُّمْر، الَّذِي قَدْ يَبِسَ جلده عليه؛
(1). قوله [ابن الأَعرابي الشرجبان إلخ] عبارة التكملة، قال ابن الأَعرابي الشرجبانة، بالضم وقد تفتح: شجرة مشعانة إلى آخر ما هنا.
(2)
. قوله [كالبستان إلخ] كذا هو في التهذيب
قَالَ لَبِيدٌ:
أَتِيكَ أَمْ سَمْحَجٌ تَخَيَّرَهَا
…
عِلْجٌ، تَسَرَّى نَحائِصاً شُسُبا؟
وَقَالَ أَيضاً:
تَتَّقِي الأَرضَ بِدَفٍّ شاسِبٍ،
…
وضُلُوعٍ، تَحْتَ زَوْرٍ قَدْ نَحَلْ
وَهُوَ المَهْزُول، مِثْلُ الشَّاسِفِ، وَلَيْسَ مِثْلُ الشَّازِبِ؛ قَالَ الوَقَّافُ العُقَيْلِيُّ:
فَقُلْتُ لَه: حانَ الرَّواحُ، ورُعْتُه
…
بأَسْمَرَ مَلْوِيٍّ، مِنَ القِدِّ، شاسِبِ
وَالْجَمْعُ شُسُبٌ. وشَسَبَ شُسُوباً وشَسُبَ. والشَّسِيبُ: القَوْسُ.
شصب: الشِّصْب، بِالْكَسْرِ: الشِّدَّةُ والجَدْبُ، وَالْجَمْعُ أَشْصابٌ، وَهِيَ الشَّصِيبةُ؛ وكَسَّر كُراع الشَّصِيبةَ، الشِّدَّةَ، عَلَى أَشصابٍ فِي أَدنَى الْعَدَدِ، قَالَ: وَالْكَثِيرُ شَصائِبُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنْهُ خطأٌ وَاخْتِلَاطٌ. وشَصِبَ الأَمْرُ، بِالْكَسْرِ: اشْتَدَّ. ابْنُ هَانِئٍ: إِنه لَشَصِبٌ لَصِبٌ وَصِبٌ إِذا أُكِّدَ النَّصِب. وشَصِبَ المَكانُ شَصَباً: أَجْدَبَ. والشَّصِيبةُ: شِدَّةُ الْعَيْشِ. وعيْش شاصِبٌ وشِصْبٌ؛ وشَصِبَ عَيْشُه شَصَباً وشَصْباً، وشَصَبَ، بِالْفَتْحِ، يَشْصُبُ، بِالضَّمِّ، شُصُوباً، فَهُوَ شَصِبٌ وشاصِبٌ، وأَشْصَبَهُ اللهُ، وأَشْصَبَ اللهُ عَيْشَه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كِرامٌ يَأْمَنُ الجِيرانُ فِيهِمْ،
…
إِذا شَصَبَتْ بِهِمْ إِحدى اللَّيَالِي
وشَصَبَ الشَّاةَ: سَلَخَها. أَبو الْعَبَّاسِ: المَشْصُوبةُ الشاةُ المَسْمُوطَةُ. وَيُقَالُ للقَصَّاب: شَصَّابٌ. والشَّصْبُ: السَّمْطُ. والشَّصائِبُ: عِيدانُ الرَّحْلِ، وَلَمْ يُسمع لَهَا بِوَاحِدٍ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
وَذَا شَصَائِبَ، فِي أَحْنائِهِ شَمَمٌ،
…
رِخْوَ المِلاطِ، رَبِيطاً فَوقَ صُرْصورِ
وَرَجُلٌ شَصِيبٌ أَي غَريبٌ. اللَّيْثُ: الشَّيْصَبانُ الذَّكَرُ مِن النَّمْلِ؛ وَيُقَالُ: هُوَ جُحْرُ النَّمل. الْفَرَّاءُ عَنِ الدُّبَيْرِيِّين: قَالُوا هُوَ الشَّيْطانُ الرَّجِيمُ. والشَّيْصَبانُ، والبَلْأَزُ، والجَلْأَزُ، والجَانُّ، والقازُّ، والخَيْتَعُورُ: كُلُّهَا مِنْ أَسماءِ الشَّيْطَانِ. والشَّيْصَبان: أَبو حَيّ مِنَ الجِنِّ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: وكانتِ السِّعْلاةُ لَقِيَتْه، فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ المَدينةِ، فَصَرَعَتْهُ وقَعَدَت عَلَى صَدْرِه، وَقَالَتْ لَهُ: أَنتَ الَّذِي يأْمُل قَوْمُكَ أَن تكون شاعِرَهم؟ فقال: نَعَم؛ قَالَتْ: واللهِ لَا يُنْجِيكَ مِنِّي إِلَّا أَن تَقُولَ ثَلَاثَةَ أَبيات، عَلَى رَوِيٍّ وَاحِدٍ؛ فَقَالَ حَسَّانُ:
إِذا مَا تَرَعْرَعَ، فِينَا، الغُلامْ،
…
فَمَا إِنْ يقالُ لَهُ: مَنْ هُوَهْ؟
فَقَالَتْ: ثَنِّه؛ فَقَالَ:
إِذا لَمْ يَسُدْ، قبلَ شَدِّ الإِزارْ،
…
فَذَلِكَ فِينا الَّذِي لَا هُوَهْ
فَقَالَتْ: ثلِّثْه؛ فَقَالَ:
وَلِي صاحِبٌ، مِنْ بَني الشَّيْصَبان،
…
فَطَوْراً أَقُولُ، وطَوْراً هُوَهْ
هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، وَحَكَى الأَثرم فَقَالَ: أَخبرني عُلَمَاءُ الأَنصار، أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، بعد ما ضُرَّ بَصَرُه، مَرَّ بابنِ الزِّبَعْرَى، وعبدِ اللَّهِ بْنِ أَبي طَلْحَةَ بْنِ سهلِ بْنِ الأَسود بْنِ حَرام، وَمَعَهُ ولدُه يَقُوده، فَصاحَ بِهِ ابْنُ الزِّبَعْرَى، بعد ما ولَّى: يَا أَبا الْوَلِيدِ، مَن هَذَا الغُلامُ؟ فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثابِتٍ الأَبيات.
شصلب: شَصْلَبٌ: شَديدٌ قوِيٌّ.
شطب: الشَّطْبُ، مِنَ الرِّجَالِ والخَيْلِ: الطويلُ، الحَسَنُ الخَلْقِ. وجارِيةٌ شِطْبةٌ وشَطْبةٌ: طَويلةٌ، حَسَنَةٌ، تارَّةٌ، غَضَّةٌ، الْكَسْرُ عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وَالْفَتْحُ أَعلى. وَيُقَالُ: غُلامٌ شَطْبٌ: حَسَنُ الخَلْقِ، لَيْسَ بِطَوِيلٍ، وَلَا قَصِيرٍ. ورَجل مَشْطُوبٌ ومُشَطَّبٌ إِذا كَانَ طَوِيلًا. وفَرَسٌ شِطْبةٌ: سَبِطَةُ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: طَوِيلَةٌ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ، وَلَا يُوصَفُ بِهِ الذَّكَرُ. والشَّطْب، مَجْزُومٌ: السَّعَف الأَخضر، الرَّطْبُ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَاحِدَتُهُ شَطْبةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: كَمَسَلِّ شَطْبةٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الشَّطْبةُ مَا شُطِبَ مِنْ جَريد النَّخْلِ، وَهُوَ سَعَفُه، شَبَّهته بِتِلْكَ الشَّطْبة، لِنَعْمَتِه، واعْتِدالِ شَبابِه؛ وَقِيلَ: أَرادت أَنه مَهْزول، كأَنه سَعَفَةٌ فِي دِقَّتِها؛ أَرادت أَنه قَلِيلُ اللَّحْمِ، دَقِيقُ الخَصْر، فشبَّهته بالشَّطْبةِ أَي موضِعُ نومِه دَقِيقٌ لنَحافَتِه؛ وَقِيلَ: أَرادت سَيْفاً سُلَّ مِنْ غِمْدِه؛ والمَسَلُّ: مَصْدَرٌ، بِمَعْنَى السَّلّ، أُقِيمَ مُقامَ الْمَفْعُولِ، أَي كَمَسْلُول الشَّطْبة، يَعْنِي مَا سُلَّ مِنْ قِشره أَو غِمْده؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الشَّطْبةُ: السيفُ، أَرادت أَنه كالسَّيْفِ يُسَلُّ مِنْ غِمْده؛ كَمَا قَالَ العُجَيْرُ السَّلُولي يَرْثِي أَبا الحَجناء:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ، لَا مُتآزِفٌ،
…
وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُه وأَباجلُه
ابْنُ الأَعرابي: الشَّطائِبُ دُونَ الكَرانِيفِ، الْوَاحِدَةُ شَطِيبةٌ؛ والشَّطْبُ دُونَ الشَّطائِب، الْوَاحِدَةُ شَطْبةٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّاطِبةُ الَّتِي تَعْمَلُ الحُصْر مِنَ الشَّطْب، الْوَاحِدَةُ شَطْبة، وَهِيَ السَّعَفُ. والشُّطُوبُ: أَن تأْخُذَ قِشْرَه الأَعلى. قَالَ: وتَشْطُبُ وتَلْحَى وَاحِدٌ. والشَّواطِبُ مِنَ النساءِ: اللَّوَاتِي يَشْقُقْنَ الخُوصَ، ويَقْشُرْنَ العُسُبَ، لِيَتَّخِذْنَ مِنْهُ الحُصْر، ثُمَّ يُلْقِينَها إِلى المُنَقِّيات؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
تَرى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى، كأَنها
…
تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
تَقُولُ مِنْهُ: شَطَبَتِ المَرأَةُ الجَريدَ شَطْباً شَقَّتْه، فَهِيَ شاطِبةٌ، لِتَعْمَلَ مِنْهُ الْحُصْرَ. الأَصمعي: الشَّاطِبةُ الَّتِي تَقْشُر العَسِيبَ، ثُمَّ تُلْقِيه إِلى المنَقِّيةِ، فتأْخُذ كُلَّ شَيْءٍ عَلَيْهِ بِسِكِّينها، حَتَّى تَتْرُكَهُ رقِيقاً، ثُمَّ تُلْقِيه المُنَقِّيةُ إِلى الشَّاطِبَةِ ثَانِيَةً، وَهُوَ قَوْلُهُ:
تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
وشُطُوبُ السَّيْفِ وشُطُبُه، بِضم الشِّينِ وَالطَّاءِ، وشُطَبُه: طَرائقُه الَّتِي فِي مَتْنِهِ، وَاحِدَتُهُ شُطْبةٌ، وشُطَبةٌ، وشِطْبةٌ. وَسَيْفٌ مُشَطَّبٌ ومَشْطُوبٌ: فِيهِ شُطَبٌ. وثوبٌ مُشَطَّبٌ: فِيهِ طَرائقُ. والشَّطائبُ مِنَ الناسِ وَغَيْرِهِمْ: الفِرَقُ والضُّرُوبُ المختلفةُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فهاجَ بِهِ، لمَّا تَرَجَّلَتِ الضُّحَى،
…
شَطائِبُ شَتَّى، مِنْ كِلابٍ ونابلِ
وسَيْفٌ مُشَطَّب: فِيهِ طَرائِقُ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مُرْتَفِعةً ومُنْحَدِرَةً. ابْنُ شُمَيْلٍ: شُطْبةُ السَّيْفِ: عَموده الناشِزُ فِي متْنِه. الشَّطبةُ والشِّطْبةُ: قِطْعةٌ مِنْ سَنام الْبَعِيرِ، تُقْطَع طُولًا. وكلُّ قِطْعة مِنْ ذَلِكَ أَيضاً تُسَمَّى: شَطِيبةً؛ وَقِيلَ: شَطِيبةُ اللَّحْمِ الشَّرِيحةُ مِنْهُ. وشَطَّبه: شَرَّحه. وَيُقَالُ: شَطَبْتُ السَّنَامَ والأَديمَ أَشْطُبه شَطْباً. أَبو زَيْدٍ: شُطَبُ السَّنامِ أَن تُقَطِّعَه قِدَداً، وَلَا تُفَصِّلَها، وَاحِدَتُهَا شُطْبةٌ، وَقَالُوا أَيضاً شَطِيبة، وَجَمْعُهَا شَطائِبُ. وكلُّ قِطْعَةِ أَديمٍ تُقَدُّ طُولًا شَطِيبةٌ. وشَطَبَ الأَديمَ والسَّنام، يَشْطُبهما شَطْباً: قَطَعَهما. وشَطِيبةٌ مِن نَبْع يُتَّخَذُ مِنْهَا القَوْسُ. والشَّواطِبُ مِنَ النساءِ: اللَّوَاتِي يَقْدُدْنَ الأَدِيمَ، بعد ما يَخْلُقْنَه. وَنَاقَةٌ شَطِيبةٌ: يابِسةٌ. وفَرَسٌ مَشْطُوبُ المَتْن والكَفَل: انْتَبَر مَتْناه سِمَناً، وتَبايَنَتْ غُرورُه؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
مِثلُ هِمْيانِ العَذارَى، بَطْنُه
…
أَبْلَقُ الحقْوَينِ، مَشْطوبُ الكَفَلْ
وَرَجُلٌ شاطِب المَحَلِّ: بعيدُه، مِثْلُ شاطِنٍ. والانْشِطابُ: السَّيَلانُ. والمُنْشَطِبُ: السائِلُ «3» مِنَ الماءِ وَغَيْرِهِ. والمُنْشَطِبُ السَّائِلُ. وطريقٌ شاطِبٌ: مائِلٌ. وشَطَبَ عَنِ الشيءِ: عَدَلَ عَنْهُ. الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا ذَهَبَ وتباعَد. وَفِي النَّوَادِرِ: رَمْيةٌ شاطِفةٌ، وشاطِبةٌ، وصائِفةٌ إِذا زَلَّت عَنِ المَقْتَلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَحَمَلَ عامِرُ بنُ رَبِيعةَ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فطَعَنَه، فشَطَبَ الرُّمْحُ عَنْ مَقْتَله
؛ هُوَ مِنْ شَطَبَ، بِمَعْنَى بَعُدَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الحَرْبيُّ: شَطَبَ الرُّمح عَنْ مَقْتَله أَي لَمْ يَبْلُغْه. الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا عَدَل ومالَ. أَبو الْفَرَجِ: الشَّطائبُ والشَّصائبُ الشَّدائدُ. وشَطِبٌ: جبلٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
كأَنَّ أَقْرابَه، لمَّا عَلا شَطِباً،
…
أَقْرابُ أَبْلَقَ، يَنْفِي الخيْلَ، رمّاحِ
وَفِي الصِّحَاحِ: شَطِيبٌ: اسْمُ جَبَل. ورأَيت فِي حَوَاشِي نُسْخَةٍ مَوْثُوقٍ بِهَا: هَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ، وَالَّذِي أَورده الْفَارَابِيُّ فِي دِيوَانِ الأَدب، وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، وَابْنُ فَارِسٍ: شَطِبٌ، عَلَى فَعِلٍ: اسْمُ جَبل، والله أَعلم.
شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: وشَعْبٌ صَغِيرٌ مِنْ شَعْبٍ كبيرٍ
أَي صَلاحٌ قلِيلٌ مِنْ فَسادٍ كَثِيرٍ. شَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً، فانْشَعَبَ، وشَعَّبَه فَتَشَعَّب؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِعَلِيِّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ فِي الشَّعْبِ بِمَعْنَى التَّفْريق:
وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ،
…
شَعْبَ العَصا، ويَلِجُّ فِي العِصْيانِ
قَالَ: مَعْنَاهُ يُفَرِّقُ أَمْرَه. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: شَعَبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه
(3). قوله [والمنشطب السائل] هذه العبارة الثانية للأَزهري والأَولى لابن سيدة، جمع المؤلف بين عبارتيهما.
وفَرَّقَه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيت فِي الشَّعْبِ: إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ، يكونُ إِصْلاحاً، ويكونُ تَفْريقاً. وشَعْبُ الصَّدْعِ فِي الإِناءِ: إِنما هُوَ إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه، ونحوُ ذَلِكَ. والشَّعْبُ: الصَّدْعُ الَّذِي يَشْعَبُهُ الشَّعّابُ، وإِصْلاحُه أَيضاً الشَّعْبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسلةً
؛ أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الَّذِي فِيهِ. والشَّعَّابُ: المُلَئِّمُ، وحِرْفَتُه الشِّعابةُ. والمِشْعَبُ: المِثْقَبُ المَشْعُوبُ بِهِ. والشَّعِيبُ: المَزادةُ المَشْعُوبةُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي مِنْ أَديمَين؛ وَقِيلَ: مِنْ أَدِمَينِ يُقابَلان، لَيْسَ فيهما فِئامٌ في زَواياهُما؛ والفِئامُ فِي المَزايدِ: أَن يُؤْخَذَ الأَديمُ فيُثْنى، ثُمَّ يُزادُ فِي جَوانِبِها مَا يُوَسِّعُها؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ إِبِلًا تَرعَى فِي العَزيبِ:
إِذا لمْ تَرُحْ، أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ،
…
شَعِيبَ أَديمٍ، ذَا فِراغَينِ مُتْرَعا
يَعْنِي ذَا أَدِيمَين قُوبِلَ بَيْنَهُمَا؛ وَقِيلَ: الَّتِي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ بَيْنِ الجِلْدَين لتَتَّسِعَ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي مِنْ قِطْعَتَينِ، شُعِبَتْ إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ، وَقِيلَ: هِيَ المَخْرُوزَةُ مِنْ وَجْهينِ؛ وكلُّ ذَلِكَ مِنَ الجمعِ. والشَّعِيبُ أَيضاً: السِّقاءُ الْبَالِي، لأَنه يُشْعَب، وجَمْعُ كلِّ ذَلِكَ شُعُبٌ. والشَّعِيبُ، والمَزادةُ، والراويَةُ، والسَّطيحةُ: شيءٌ واحدٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ، لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ. ويقال: أَشْعَبُه فَمَا يَنْشَعِبُ أَي فَمَا يَلْتَئِمُ. ويُسَمَّى الرحلُ شَعِيباً؛ وَمِنْهُ قولُ المَرّار يَصِفُ نَاقَةً:
إِذا هِيَ خَرَّتْ، خَرَّ، مِن عَنْ يمينِها،
…
شَعِيبٌ، بِهِ إِجْمامُها ولُغُوبُها «1»
يَعْنِي الرحْل، لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ. وَتَقُولُ: التَأَمَ شَعْبُهم إِذا اجْتَمَعُوا بَعْدَ التفَرُّقِ؛ وتَفَرَّقَ شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بَعْدَ الاجتماعِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ عَجَائِبِ كلامِهم؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ،
…
وشَجاكَ، اليَوْمَ، رَبْعُ المُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا هَذِهِ الفُتْيا الَّتِي شَعَبْتَ بِهَا الناسَ؟
أَي فرَّقْتَهم. والمُخاطَبُ بِهَذَا الْقَوْلِ ابنُ عباسٍ، فِي تحليلِ المُتْعةِ، والمُخاطِبُ لَهُ بِذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ بَلْهُجَيْم. والشَّعْبُ: الصدعُ والتَّفَرُّقُ فِي الشيءِ، والجمْع شُعوبٌ. والشُّعْبةُ: الرُّؤْبةُ، وَهِيَ قِطْعةٌ يُشْعَب بِهَا الإِناءُ. يُقَالُ: قَصْعةٌ مُشَعَّبةٌ أَي شُعِبَتْ فِي مواضِعَ مِنْهَا، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي الله عنه: يَرْأَبُ شَعْبَها
أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلمَتَها؛ وَقَدْ يكونُ الشَّعْبُ بِمَعْنَى الإِصلاحِ، فِي غَيْرِ هَذَا، وَهُوَ مِنَ الأَضْدادِ. والشَّعْبُ: شَعْبُ الرَّأْسِ، وَهُوَ شأْنُه الَّذِي يَضُمُّ قَبائِلَه،
(1). قوله [من عن يمينها] هكذا في الأَصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها.
وَفِي الرأْسِ أَربَعُ قَبائل؛ وأَنشد:
فإِنْ أَوْدَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَخْرٍ،
…
فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وَتَقُولُ: هُمَا شَعْبانِ أَي مِثْلانِ. وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشَّجَرَةِ، وانْشَعَبَتْ: انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ. والشُّعْبة مِنَ الشَّجَرِ: مَا تَفَرَّقَ مِنْ أَغصانها؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تَسْلُبُ الكانِسَ، لَمْ يُؤْرَ بِهَا،
…
شُعْبةَ الساقِ، إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْبةُ الساقِ: غُصْنٌ مِنْ أَغصانها. وشُعَبُ الغُصْنِ: أَطرافُه المُتَفَرِّقَة، وكلُّه راجعٌ إِلى مَعْنَى الافتراقِ؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ كلِّ غُصْنَيْن شُعْبةٌ؛ والشُّعْبةُ، بِالضَّمِّ: وَاحِدَةُ الشُّعَبِ، وَهِيَ الأَغصانُ. وَيُقَالُ: هَذِهِ عَصاً فِي رأْسِها شُعْبَتانِ؛ قَالَ الأَزهري: وسَماعي مِنَ الْعَرَبِ: عَصاً فِي رَأْسِها شُعْبانِ، بِغَيْرِ تَاءٍ. والشُّعَبُ: الأَصابع، والزرعُ يكونُ عَلَى ورَقة، ثُمَّ يُشَعِّبُ. وشَعَّبَ الزرعُ، وتَشَعَّبَ: صَارَ ذَا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ. والتَّشَعُّبُ: التفرُّق. والانْشِعابُ مِثلُه. وانْشَعَبَ الطريقُ: تَفَرَّقَ؛ وَكَذَلِكَ أَغصانُ الشَّجَرَةِ. وانْشَعَبَ النَّهْرُ وتَشَعَّبَ: تفرَّقَتْ مِنْهُ أَنهارٌ. وانْشَعَبَ بِهِ القولُ: أَخَذَ بِهِ مِنْ مَعْنًى إِلى مَعْنًى مُفارِقٍ للأَولِ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةُ:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ،
…
وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِكَ، تَشْعَبُ
قِيلَ: تَشْعَبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع؛ وَقِيلَ: لَا تجيءُ عَلَى القصدِ. وشُعَبُ الجبالِ: رؤُوسُها؛ وَقِيلَ: مَا تفرَّقَ مِنْ رؤُوسِها. الشُّعْبةُ: دُونَ الشِّعْبِ، وَقِيلَ: أُخَيَّة الشِّعْب، وَكِلْتَاهُمَا يَصُبُّ مِنَ الْجَبَلِ. والشِّعْبُ: مَا انْفَرَجَ بَيْنَ جَبَلَينِ. والشِّعْبُ: مَسِيلُ الْمَاءِ فِي بطنٍ مِنَ الأَرضِ، لَهُ حَرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ، إِذا انْبَطَح، وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ سَنَدَيْ جَبَلَين. والشُّعْبةُ: صَدْعٌ فِي الجبلِ، يأْوي إِليه الطَّيرُ، وَهُوَ مِنْهُ. والشُّعْبةُ: المَسيلُ فِي ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ. والشُّعْبة: المَسِيلُ الصغيرُ؛ يُقَالُ: شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلًا. والشُعْبةُ: مَا صَغُرَ عَنِ التَّلْعة؛ وَقِيلَ: مَا عَظُمَ مِنَ سَواقي الأَوْدِيةِ؛ وَقِيلَ: الشُّعْبة مَا انْشَعَبَ مِنَ التَّلْعة وَالْوَادِي، أَي عَدَل عَنْهُ، وأَخَذ فِي طريقٍ غيرِ طريقِه، فتِلك الشُّعْبة، وَالْجَمْعُ شُعَبٌ وشِعابٌ. والشُّعْبةُ: الفِرْقة وَالطَّائِفَةُ مِنَ الشيءِ. وَفِي يَدِهِ شُعْبةُ خيرٍ، مَثَلٌ بِذَلِكَ. وَيُقَالُ: اشْعَبْ لِي شُعْبةً مِنَ المالِ أَي أَعْطِني قِطعة مِنْ مالِكَ. وَفِي يَدِي شُعْبةٌ مِنْ مالٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحياءُ شُعْبةٌ مِنَ الإِيمانِ
أَي طائفةٌ مِنْهُ وقِطعة؛ وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان، لأَنَّ المُسْتَحِي يَنْقَطِعُ لِحيائِه عَنِ الْمَعَاصِي، وإِن لَمْ تَكُنْ لَهُ تَقِيَّةٌ، فَصَارَ كالإِيمانِ الَّذِي يَقْطَعُ بينَها وبينَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: الشَّبابُ شُعْبة مِنَ الجُنونِ
، إِنما جَعَله شُعْبةً مِنْهُ، لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ، وَكَذَلِكَ الشَّبابُ قَدْ يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ، لِما فِيهِ مِنْ كثرةِ المَيْلِ إِلى الشَّهَوات، والإِقْدامِ عَلَى المَضارّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ إِنَّ النارَ يومَ الْقِيَامَةِ، تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ، فكُلَّما ذهبُوا
أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ، رَدَّتْهُم. ومعنى الظِّلِّ هاهنا أَن النارَ أَظَلَّتْه، لأَنَّه لَيْسَ هُنَاكَ ظِلٌّ. وشُعَبُ الفَرَسِ وأَقْطارُه: مَا أَشرَفَ مِنْهُ، كالعُنُقِ والمَنْسِج؛ وَقِيلَ: نواحِيه كُلُّهَا؛ وَقَالَ دُكَينُ بنُ رَجَاءٍ:
أَشَمّ خِنْذِيذٌ، مُنِيفٌ شُعَبُهْ،
…
يَقْتَحِمُ الفارِسَ، لَوْلَا قَيْقَبُه
الخِنْذِيذُ: الجَيِّدُ مِنَ الخَيْلِ، وَقَدْ يَكُونُ الخصِيَّ أَيضاً. وأَرادَ بقَيْقَبِه: سَرْجَه. والشَّعْبُ: القَبيلةُ العظيمةُ؛ وَقِيلَ: الحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ مِنَ القبيلةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ القبيلةُ نفسُها، وَالْجَمْعُ شُعوبٌ. والشَّعْبُ: أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا
. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه، فِي ذَلِكَ: الشُّعُوبُ الجُمّاعُ، والقبائلُ البُطُونُ، بُطونُ الْعَرَبِ، والشَّعْبُ مَا تَشَعَّبَ مِنْ قَبائِل الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ. وكلُّ جِيلٍ شَعْبٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً، أَبداً،
…
وَلَا تَقَسَّمُ شَعْباً وَاحِدًا، شُعَبُ
والجَمْعُ كالجَمْعِ. ونَسَب الأَزهري الاستشهادَ بِهَذَا الْبَيْتِ إِلى اللَّيْثِ، فَقَالَ: وشُعَبُ الدَّهْر حالاتُه، وأَنشد الْبَيْتَ، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: أَي ظَنَنْت أَن لَا يَنْقَسِمَ الأَمرُ الْوَاحِدُ إِلى أُمورٍ كثيرةٍ؛ ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُجَوِّد الليثُ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ، وَمَعْنَاهُ: أَنه وصفَ أَحياءً كَانُوا مُجتَمِعينَ فِي الربيعِ، فَلَمَّا قَصَدُوا المَحاضِرَ، تَقَسَّمَتْهُم الْمِيَاهُ؛ وشُعَب القومِ نِيّاتُهم، فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَكَانَتْ لكلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ نِيَّة غيرُ نِيّة الآخَرينَ، فَقَالَ: مَا كنتُ أَظُنُّ أَنَّ نِيَّاتٍ مختَلِفةً تُفَرِّقُ نِيَّةً مُجْتمعةً. وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا فِي مُنْتَواهُمْ ومُنْتَجَعِهم مُجْتَمِعِينَ عَلَى نِيَّةٍ واحِدةٍ، فَلَمَّا هاجَ العُشْبُ، ونَشَّتِ الغُدرانُ، توزَّعَتْهُم المَحاضِرُ، وأَعْدادُ المِياهِ؛ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:
وَلَا تَقَسَّمُ شَعْباً وَاحِدًا شُعَبُ
وَقَدْ غَلَبَتِ الشُّعوبُ، بلفظِ الجَمْعِ، عَلَى جِيلِ العَجَمِ، حَتَّى قِيلَ لمُحْتَقرِ أَمرِ الْعَرَبِ: شُعُوبيٌّ، أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه عَلَى الجِيلِ الواحِد، كقولِهم أَنْصاريٌّ. والشُّعوبُ: فِرقَةٌ لَا تُفَضِّلُ العَرَبَ عَلَى العَجَم. والشُّعوبيٌّ: الَّذِي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب، وَلَا يَرَى لَهُمْ فَضْلًا عَلَى غيرِهم. وأَما الَّذِي فِي حَدِيثِ
مَسْروق: أَنَّ رَجلًا مِنَ الشُّعوبِ أَسلم، فَكَانَتْ تؤخذُ مِنْهُ الجِزية، فأَمرَ عُمَرُ أَن لَا تؤخذَ مِنْهُ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: الشعوبُ هاهنا الْعَجَمُ، ووجهُه أَن الشَّعْبَ مَا تَشَعَّبَ مِنْ قَبائِل الْعَرَبِ، أَو الْعَجَمِ، فخُصَّ بأَحَدِهِما، ويجوزُ أَن يكونَ جمعَ الشُّعوبيِّ، وَهُوَ الَّذِي يصَغِّرُ شأْنَ الْعَرَبِ، كقولِهم اليهودُ والمجوسُ، فِي جَمْعِ اليهوديِّ وَالْمَجُوسِيِّ. والشُّعَبُ: القبائِل. وَحَكَى ابْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبيه: الشَّعْبُ أَكبرُ مِنَ القبيلةِ، ثُمَّ الفَصيلةُ، ثُمَّ العِمارةُ، ثُمَّ البطنُ، ثُمَّ الفَخِذُ. قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ فِي هَذَا مَا رَتَّبَه الزُّبَيرُ بنُ بكَّارٍ: وَهُوَ الشَّعْبُ، ثُمَّ القبيلةُ، ثُمَّ العِمارةُ، ثُمَّ البطنُ، ثُمَّ الفَخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ؛ قَالَ أَبو أُسامة: هَذِهِ الطَّبَقات عَلَى ترتِيب خَلْق الإِنسانِ، فالشَّعبُ أَعظمُها، مُشْتَقٌّ مِنْ شَعْبِ الرَّأْسِ، ثُمَّ القبيلةُ مِنْ قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها، ثُمَّ العِمارةُ وَهِيَ الصَّدرُ،
ثُمَّ البَطنُ، ثُمَّ الفخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ، وَهِيَ الساقُ. والشعْبُ، بالكسرِ: مَا انْفَرَجَ بينَ جَبَلَيْنِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الطَّريقُ فِي الجَبَلِ، والجمعُ الشِّعابُ. وَفِي المَثَل: شَغَلَتْ شِعابي جَدْوايَ أَي شَغَلَتْ كَثرةُ المؤُونة عَطائي عَنِ الناسِ؛ وَقِيلَ: الشِّعْبُ مَسِيلُ الماءِ، فِي بَطْنٍ منَ الأَرضِ، لهُ جُرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُهُ بطْحَةُ رَجُلٍ. والشُّعْبة: الفُرْقة؛ تَقُولُ: شَعَبَتْهم الْمَنِيَّةُ أَي فرَّقَتْهم، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمَنِيَّةُ شَعُوبَ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ لَا تَنْصَرِفُ، وَلَا تَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ. وَقِيلَ: شَعُوبُ والشَّعُوبُ، كِلْتاهُما المَنِيَّة، لأَنها تُفَرِّقُ؛ أَمّا قَوْلُهُمْ فِيهَا شَعُوبُ، بِغَيْرِ لامٍ، والشَّعوبُ بِاللَّامِ، فَقَدْ يُمْكِنُ أَن يكونَ فِي الأَصل صِفَةً، لأَنه، مِنْ أَمْثِلَةِ الصِّفاتِ، بِمَنْزِلَةِ قَتُولٍ وضَروبٍ، وإِذا كَانَ كَذَلِكَ، فاللامُ فِيهِ بمنزلتِها فِي العَبّاسِ والحَسَنِ والحَرِثِ؛ ويؤَكِّدُ هَذَا عندَكَ أَنهم قَالُوا فِي اشْتِقاقِها، إِنها سُمِّيَتْ شَعُوبَ، لأَنها تَشْعَبُ أَي تُفَرِّقُ، وَهَذَا الْمَعْنَى يؤَكِّدُ الوَصْفِيَّةَ فِيهَا، وَهَذَا أَقْوى مِنْ أَن تُجْعَلَ اللَّامُ زَائِدَةً. ومَن قَالَ شَعُوبُ، بِلا لامٍ، خَلَصَتْ عندَه اسْماً صَرِيحًا، وأَعْراها فِي اللَّفْظِ مِن مَذْهَبِ الصفةِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُلْزمْها اللَّامَ، كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ قَالَ عباسٌ وحَرِثٌ، إِلَّا أَنَّ روائِحَ الصفةِ فِيهِ عَلَى كلِّ حالٍ، وإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ لامٌ، أَلا تَرَى أَنَّ أَبا زيدٍ حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبزَ جابِرَ بْنَ حبَّة؟ وإِنما سَمَّوهُ بِذَلِكَ، لأَنه يَجْبُر الجائِعَ؛ فَقَدْ تَرَى مَعْنَى الصِّفَةِ فِيهِ، وإِن لَمْ تَدْخُلْهُ اللامُ. ومِن ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: واسِطٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَمَّوهُ واسِطاً، لأَنه وَسَطَ بينَ العِراقِ والبَصْرَة، فَمَعْنَى الصِّفَةِ فِيهِ، وإِن لَمْ يَكُنْ فِي لفظِه لامٌ. وشاعَبَ فلانٌ الحياةَ، وشاعَبَتْ نَفْسُ فلانٍ أَي زَايَلَتِ الحَياةَ وذَهَبَت؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
ويَبْتَزُّ فِيهِ المرءُ بَزَّ ابْنِ عَمِّهِ،
…
رَهِيناً بِكَفَّيْ غَيْرِه، فَيُشاعِبُ
يشَاعِبُ: يفَارِق أَي يُفارِقُه ابنُ عَمِّه؛ فَبزُّ ابنِ عَمِّه: سِلاحُه. يَبْتَزُّه: يأْخُذُه. وأَشْعَبَ الرجلُ إِذا ماتَ، أَو فارَقَ فِراقاً لَا يَرْجِعُ. وَقَدْ شَعَبَتْه شَعُوبُ أَي المَنِيَّة، تَشْعَبُه، فَشَعَب، وانْشَعَب، وأَشْعَبَ أَي ماتَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
أَقَامَتْ بِهِ مَا كانَ، فِي الدَّارِ، أَهْلُها،
…
وكانُوا أُناساً، مِنْ شَعُوبَ، فأَشْعَبُوا
تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا، فَتَفَرَّقُوا
…
فَريقَيْن، مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوابُ إِنْشادِه، عَلَى مَا رُوِيَ فِي شِعْرِهِ: وَكَانُوا شُعُوباً مِنْ أُناسٍ أَي ممَّنْ تَلْحَقُه شَعُوبُ. وَيُرْوَى: مِنْ شُعُوب، أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا. وَيُقَالُ للمَيِّتِ: قَدِ انْشَعَبَ؛ قَالَ سَهْم الْغَنَوِيُّ:
حَتَّى تُصادِفَ مَالًا، أَو يُقَالَ فَتًى
…
لاقَى الَّتِي تشْعَبُ الفِتْيانَ، فانْشَعَبَا
وَيُقَالُ: أَقَصَّتْه شَعُوب إِقْصاصاً إِذا أَشْرَفَ عَلَى المَنِيَّة، ثُمَّ نَجَا. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: فَمَا زِلْتُ واضِعاً رِجْلِي عَلَى خَدِّه حَتَّى أَزَرْتُه شَعُوبَ
؛ شَعُوبُ: مِنْ أَسماءِ المَنِيَّةِ، غيرَ مَصْروفٍ، وسُمِّيَتْ شعُوبَ، لأَنَّها تُفَرِّقُ. وأَزَرْتُه: مِنَ الزيارةِ. وشَعَبَ إِليهم فِي عَدَدِ كَذَا: نَزَع، وفارَقَ صَحْبَهُ.
والمَشْعَبُ: الطَّريقُ. ومَشْعَبُ الحَقِّ: طَريقُه المُفَرِّقُ بينَه وَبَيْنَ الباطلِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَا لِيَ، إِلَّا آلَ أَحْمَد، شِيعةٌ،
…
وَمَا لِيَ، إِلَّا مَشْعَبَ الحقِّ، مَشْعَبُ
والشُّعْبةُ: ما بين القَرْنَيْنِ، لتَفْريقِها بَيْنَهُمَا؛ والشَّعَبُ: تَباعُدُ مَا بَيْنَهُمَا؛ وَقَدْ شَعِبَ شَعَباً، وَهُوَ أَشْعَبُ. وظَبْيٌ أَشْعَبُ: بَيِّنُ الشَّعَب، إِذا تَفَرَّقَ قَرْناه، فتَبايَنَا بينُونةً شَدِيدَةً، وَكَانَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْه بَعِيدًا جِدًّا، وَالْجَمْعُ شُعْبٌ؛ قَالَ أَبو دُوادٍ:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْساءِ،
…
نَبَّاجٍ مِنَ الشُّعْبِ
وتَيْسٌ أَشْعَبُ إِذا انْكَسَرَ قَرْنُه، وعَنْزٌ شَعْبَاءُ. والشَّعَبُ أَيضاً: بُعْدُ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، والفِعلُ كالفِعلِ. والشاعِبانِ: المَنْكِبانِ، لتَباعُدِهِما، يَمانِيَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا قَعَدَ الرَّجُلُ مِنَ المرأَةِ مَا بَيْنَ شُعَبِها الأَرْبعِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الغُسْلُ.
شُعَبُها الأَرْبعُ: يَداها ورِجْلاها؛ وَقِيلَ: رِجْلاها وشُفْرا فَرْجِها؛ كَنى بِذَلِكَ عَنْ تَغْيِيبِه الحَشَفَة فِي فَرْجِها. وماءٌ شَعْبٌ: بعيدٌ، وَالْجَمْعُ شُعُوبٌ؛ قَالَ:
كَمَا شَمَّرَتْ كَدْراءُ، تَسْقِي فِراخَها
…
بعَرْدَةَ، رِفْهاً، والمياهُ شُعُوبُ
وانْشَعَبَ عنِّي فُلانٌ: تباعَدَ. وشاعَبَ صاحبَه: باعَدَه؛ قَالَ:
وسِرْتُ، وَفِي نَجْرانَ قلْبي مُخَلَّفٌ،
…
وجِسْمي، ببَغْدادِ العِراقِ، مُشاعِبُ
وشَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً إِذا صَرَفَه. وشَعَبَ اللجامُ الفَرَسَ إِذا كَفَّه؛ وأَنشد:
شاحِيَ فِيهِ واللِّجامُ يَشْعَبُهْ
وشَعْبُ الدَّارِ: بُعْدُها؛ قَالَ قيسُ بنُ ذُرَيْحٍ:
وأَعْجَلُ بالإِشْفاقِ، حَتَّى يَشِفَّنِي،
…
مَخافة شَعْبِ الدَّارِ، والشَّمْلُ جامِعُ
وشَعْبانُ: اسمٌ للشَّهْرِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لتَشَعُّبِهم فِيهِ أَي تَفَرُّقِهِم فِي طَلَبِ المِياهِ، وَقِيلَ فِي الغاراتِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ إِنما سُمِّيَ شَعبانُ شَعبانَ لأَنه شَعَبَ، أَي ظَهَرَ بَيْنَ شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ، وَالْجَمْعُ شَعْباناتٌ، وشَعابِينُ، كرمضانَ ورَمَاضِينَ. وشَعبانُ: بَطْنٌ مِنْ هَمْدانَ، تَشَعَّب منَ اليَمَنِ؛ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الشَّعْبِيُّ، رحمه الله، عَلَى طَرْحِ الزائدِ. وَقِيلَ: شَعْبٌ جبلٌ باليَمَنِ، وَهُوَ ذُو شَعْبَيْنِ، نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الحِمْيَرِيُّ وَولَدُه، فنُسِبوا إِليه؛ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِالْكُوفَةَ، يُقَالُ لَهُمُ الشَّعْبِيُّونَ، مِنْهُمْ عامرُ بنُ شَراحِيلَ الشَّعْبِيُّ، وعِدادُه فِي هَمْدانَ؛ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بالشامِ، يقالُ لَهُمُ الشَّعْبانِيُّون؛ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ باليَمَن، يقالُ لَهُمْ آلُ ذِي شَعْبَيْنِ، ومَن كَانَ مِنْهُمْ بمصْرَ والمَغْرِبِ، يُقَالُ لَهُمُ الأُشْعُوبُ. وشَعَب البعيرُ يَشْعَبُ شَعْباً: اهْتَضَمَ الشجرَ مِنْ أَعْلاهُ. قَالَ ثعلبٌ، قَالَ النَّضْر: سمعتُ أَعرابياً حِجازيّاً باعَ بَعِيرًا لَهُ، يقولُ: أَبِيعُكَ،
هُوَ يَشْبَعُ عَرْضاً وشَعْباً؛ العَرْضُ: أَن يَتَناوَلَ الشَّجَرَ مِنْ أَعْراضِه. وَمَا شَعَبَك عَنِّي؟ أَي مَا شَغَلَكَ؟ والشِّعْبُ: سِمَةٌ لبَنِي مِنْقَرٍ، كهَيْئةِ المِحْجَنِ وصُورَتِه، بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الشِّعابُ سِمَةٌ فِي الفَخِذ، فِي طُولِها خَطَّانِ، يُلاقى بَيْنَ طَرَفَيْهِما الأَعْلَيَيْنِ، والأَسْفَلانِ مُتَفَرِّقانِ؛ وأَنشد:
نَارٌ علَيْها سِمَةُ الغَواضِرْ:
…
الحَلْقَتانِ والشِّعابُ الفاجِرْ
وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التذكِرةِ: الشَّعْبُ وسْمٌ مُجْتَمِعٌ أَسفلُه، مُتَفَرِّقٌ أَعلاه. وجَمَلٌ مَشْعُوبٌ، وإِبلٌ مُشَعَّبةٌ: مَوْسُومٌ بِهَا. والشَّعْبُ: موضعٌ. وشُعَبَى، بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، مقصورٌ: اسمُ موضعٍ فِي جَبَلِ طَيِّئٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو الْعَبَّاسَ بْنَ يَزِيدَ الكِنْدي:
أَعَبْداً حَلَّ، فِي شُعَبَى، غَريباً؟
…
أَلُؤْماً، لَا أَبا لَكَ، واغْتِرابا
قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْعَرَبُ تقولُ أَبي لكَ وشَعْبي لكَ، مَعْنَاهُ فَدَيْتُك؛ وأَنشد:
قالَتْ: رأَيتُ رَجُلًا شَعْبي لَكْ،
…
مُرَجَّلًا، حَسِبْتُه تَرْجِيلَكْ
قَالَ: مَعْنَاهُ رأَيتُ رجُلًا فدَيْتُك، شَبَّهتُهُ إِيَّاك. وشعبانُ: موضعٌ بالشامِ. والأَشْعَب: قَرْيةٌ باليَمامَةِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الجَعْدي:
فَلَيْتَ رسُولًا، لَهُ حاجةٌ
…
إِلى الفَلَجِ العَوْدِ، فالأَشْعَبِ
وشَعَبَ الأَمِيرُ رَسُولًا إِلى موضعِ كَذَا أَي أَرسَلَه. وشَعُوبُ: قَبِيلة؛ قَالَ أَبو خِراشٍ:
مَنَعْنا، مِنْ عَدِيِّ، بَني حُنَيْفٍ،
…
صِحابَ مُضَرِّسٍ، وابْنَيْ شَعُوبَا
فأَثْنُوا، يَا بَنِي شِجْعٍ، عَلَيْنا،
…
وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِيبا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا وَجَدْنَا شَعُوبٍ مَصْروفاً فِي الْبَيْتِ الأَخِير، وَلَوْ لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ. وأَشْعَبُ: اسمُ رجُلٍ كَانَ طَمَّاعاً؛ وَفِي المَثَل: أَطْمَعُ مِنْ أَشْعَبَ. وشُعَيْبٌ: اسمٌ. وغَزالُ شعبانَ: ضَرْبٌ مِنَ الجَنادِب، أَو الجَخادِب. وشَعَبْعَبُ: مَوْضِعٌ. قَالَ الصِّمَّةُ بنُ عبدِ اللهِ القُشَيْرِي، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كثيرٌ مِمَّنْ يَغْلَطُ فِي الصِّمَّة فيقولُ القَسْري، وَهُوَ القُشَيْرِي لَا غَيْرُ، لأَنه الصِّمَّةُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ طُفَيْلِ بْنِ قُرَّةَ بنِ هُبَيْرةَ بْنِ عامِر بْنِ سَلَمةِ الخَير بْنِ قُشَيْرِ بْنِ كَعبٍ:
يَا لَيْتَ شِعْرِيَ، والأَقْدارُ غالِبةٌ،
…
والعَيْنُ تَذْرِفُ، أَحياناً، مِنَ الحَزَنِ
هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي، للخَدِّ، مِرْفَقَةً
…
عَلَى شَعَبْعَبَ، بينَ الحَوْضِ والعَطَنِ؟
وشُعْبةُ: موضعٌ. وَفِي حَدِيثِ الْمَغَازِي:
خَرَجَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يريدُ قُريْشاً، وسَلَكَ شُعْبة
، بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، موضعٌ قُرْب يَلْيَل، وَيُقَالُ لَهُ شُعْبةُ بنِ عبدِ الله.
شعصب: الشَّعْصَبُ: العاسِي. وشَعْصَبَ: عَسَا.
شعنب: الأَزهري: يُقَالُ للتَّيْسِ إِنه لمُعَنْكِبُ القَرْنِ، وَهُوَ المُلْتَوِي القَرْنِ حَتَّى يصيرَ كأَنه حلْقةٌ. والمُشَعْنِبُ: المُسْتَقِيمُ. وَقَالَ النَّضْرُ: الشَّعْنَبَةُ أَن يَسْتَقِيمَ قَرنُ الكبشِ ثُمَّ يَلْتَوِيَ عَلَى رَأْسِهِ قبلَ أُذُنِه، قَالَ: وَيُقَالُ تَيْسٌ مُشَعْنِبُ القَرْنِ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، والفتح والكسر.
شغب: الشَّغْبُ، والشَّغَبُ، والتَّشْغِيبُ: تَهْيِيجُ الشَّرِّ، وأَنشد اللَّيْثُ:
وإِني، عَلَى مَا نالَ مِنِّي بصَرْفِهِ،
…
عَلَى الشَّاغِبِينَ، التارِكِي الحَقِّ، مِشْغَبُ
وَقَدْ شَغَبَهم وشَغَب عَلَيْهِمْ، وَالْكَسْرُ فِيهِ لُغَةٌ، وَهُوَ شَغْبُ الجُنْدِ، وَلَا يُقَالُ شَغَبٌ؛ وتقول منه: شَغَبْتُ عَلَيْهِمْ، وشَغَبْت بِهِم، وشَغَبْتُهُم أَشْغَبُ شَغْباً: كُلُّه بِمَعْنًى؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ويُعابُ قائِلُهُم، وإِن لَمْ يَشْغَبِ
أَي وإِن لَمْ يَجُرْ عَنِ الطريقِ والقَصْدِ. شَمِرٌ: شَغَبَ فلانٌ عَنِ الطريقِ، يَشْغَبُ شَغْباً، وفلانٌ مِشْغَبٌ إِذا كَانَ عانِداً عَنِ الحَقِّ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
يَرُدُّونَ الحُلُومَ إِلى جِبالٍ،
…
وإِن شاغَبْتَهم وجَدوا شِغابَا
أَي وإِن خالَفْتَهم عَنِ الْحُكْمِ إِلى الْجَوْرِ، وتركِ الْقَصْدِ إِلى العُنودِ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِكَ، تَشْغَبُ
أَي تَجُورُ بِكَ عَنْ طَرِيقِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: قِيلَ لَهُ مَا هَذِهِ الفُتْيا الَّتِي شَغَبَتْ فِي الناسِ؟
الشَّغْبُ، بِسُكُونِ الْغَيْنِ: تَهْيِيجُ الشَّرِّ والفِتْنَةِ والخِصام، والعامَّة تَفْتَحُها؛ تقولُ: شَغَبْتُهم، وَبِهِمْ، وَفِيهِمْ، وَعَلَيْهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ المُشاغَبَةِ
، أَي المُخاصَمَة والمُفاتَنَة. وَيُقَالُ للأَتانِ إِذا وحِمَتْ، فاسْتَصْعَبت عَلَى الفَحلِ: إِنها ذَاتُ شَغْبٍ وضِغْنٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ «2» ، يَرْثي ابْنَ أَخيه:
كَانَ عَنِّي يَرُدُّ دَرْؤُكَ، بعدَ
…
اللَّهِ، شَغْبَ المُسْتَصْعِبِ، المِرِّيدِ
وأَنشد الْبَاهِلِيُّ قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
كأَنَّ، تَحْتي، ذاتَ شَغْبٍ سَمْحَجا،
…
قَوْداءَ، لَا تَحْمِلُ إِلّا مُخْدَجا
قَالَ: الشَّغْبُ الخِلافُ، أَي لَا تُواتِيهِ وتَشْغَبُ عَلَيْهِ؛ يَعْنِي أَتاناً سَمْحَجاً طَوِيلَةٌ عَلَى وجهِ الأَرض، قَوْداءَ طويلةَ العُنُقِ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ:
فإِن تَشْغَبي، فالشَّغْبُ، مِنِّي، سَجِيَّةٌ،
…
إِذا شِيمَنِي مَا يؤْت مِنْهَا سَجِيحُهَا «3»
تَشْغَبي: أَي تُخالِفِيني وتَفْعَلي مَا لَا يُقامِيني أَي مَا لَا يُوافِقُني؛ وأَنشد لهِمْيانَ:
إِنَّ جِرانَ الجَمَلِ المُسِنِّ،
…
يَكْسِرُ شَغْبَ النَّافِرِ، المُصِنِ
يَعْنِي بجِران الجَمَلِ: سَوْطاً سُوِّيَ مِنْ جِرانِهِ. والشَّغْبُ: الخِلافُ، قَالَهُ الْبَاهِلِيُّ: وشَغِبْتُ عَلَيْهِمْ، بِالْكَسْرِ، أَشْغَبُ شَغَباً، لغةٌ
(2). قوله [أبو زيد] هكذا في الأَصل وشرح القاموس وبعض نسخ الصحاح وفي بعضها أبو زبيد.
(3)
. قوله [إذا شيمني إلخ] هكذا في الأَصل.
فِيهِ ضَعِيفَةٌ، وشاغَبَه، فَهُوَ شَغَّابٌ، ومُشَغِّبٌ، وَرَجُلٌ شَغِبٌ، ومِشْغَبٌ، ومُشاغِبٌ، وَذُو مَشاغِبَ، وَرَجُلٌ شِغَبٌّ؛ قَالَ هِمْيانٌ:
نَدْفَعُ عَنها المُترَفَ، الغُضُبَّا،
…
ذَا الخُنْزُوانِ، العَرِكَ، الشِّغَبَّا
وأَبو الشَّغْبِ: كُنْيَة بعضِ الشُّعَراء. وشَغْبٌ: موضِعٌ بينَ الْمَدِينَةِ والشامِ. وَفِي حَدِيثُ
الزُّهْرِيِّ: أَنه كَانَ لَهُ مالٌ بِشَغْبٍ وبَدا
؛ هُمَا مَوْضِعانِ بِالشَّامِ، وَبِهِ «1» كَانَ مُقام عليِّ بْنِ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ وأَولادِهِ، إِلى أَن وَصَلَت إِليهم الخِلافة، وَهُوَ بسكونِ الْغَيْنِ. وشَغَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: اسمُ امْرَأَةٍ، لَا ينصَرفُ فِي الْمَعْرِفَةِ.
شغزب: الشَّغْزَبَة: الأَخْذُ بالعُنْفِ. وكلُّ أَمرٍ مُسْتَصْعَبٍ: شَغْزَبيٌّ. ومَنْهَلٌ شَغْزَبيٌّ: مُلْتَوٍ عَن الطَّريق؛ وقالَ العجاجُ يَصِفُ مَنْهَلًا:
مُنْجَرِدٌ، أَزْوَرُ، شَغْزَبيُ
وتَشَغْزَبَتِ الرِّيحُ: التَوَتْ فِي هُبُوبِهَا. والشَّغْزَبِيَّةُ: ضَرْبٌ مِنَ الحِيلَةِ فِي الصِّراعِ، وَهِيَ أَن تَلْوِيَ رِجلَهُ بِرجْلِكَ؛ تَقُولُ: شَغْزَبْتُه شَغْزَبَةً، وأَخَذْتُه بالشَّغْزَبِيَّةِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ولَبَّسَ بَين أَقْوامي،
…
فكُلٌّ أَعَدَّ لَهُ الشَّغازِبَ، والمِحالا
وَقِيلَ: الشَّغْزَبِيَّةُ والشَغْزَبيُّ اعتِقالُ المُصارِعِ رِجْلَه بِرِجْل آخَرَ، وإِلْقاؤُه إِيَّاهُ شَزْراً، وصَرعُه إِيَّاهُ صَرعاً؛ قَالَ:
عَلَّمَنا أَخْوالُنَا، بنُو عِجِلْ،
…
الشَّغْزَبيَّ، واعْتِقالًا بالرِّجِلْ
تقولُ: صَرَعْتُه صَرْعَةً شَغْزَبِيَّةً. أَبو زَيْدٍ: شَغْزَبَ الرَّجلُ الرَّجلَ، وشَغْرَبَهُ، بِمَعْنًى واحدٍ، وَهُوَ إِذا أَخَذَه العُقَيلَى؛ وأَنشد:
بَيْنَا الفَتى يَسْعَى إِلى أُمْنِيَّهْ،
…
يَحْسِبُ أَنَّ الدَّهْرَ سُرْجُوجِيَّهْ،
عَنَّتْ لَهُ داهِيَةٌ دُهْوِيَّهْ،
…
فاعْتَقَلَتْه عُقْلَة شَزْرِيَّهْ،
لَفْتَاءَ عَنْ هَواه شَغْزَبِيَّهْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى يكونَ شُغْزُبّاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ أَبو دَاوُدَ فِي السننِ. قَالَ الحَرْبيُّ: وَالَّذِي عِنْدي أَنه زُخْزُبّاً، وَهُوَ الَّذِي اشْتَدَّ لحمُه وغَلُظَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّايِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَن تكونَ الزايُ أُبْدِلَت شِيناً، والخاءُ غَيْناً، تَصْحِيفًا، وَهَذَا مِنْ غَرِيبِ الإِبدال. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَعْمرٍ: أَنه أَخَذَ رَجُلًا بِيَدِهِ الشَّغْزَبِيَّةَ
؛ قِيلَ: هِيَ ضَرْبٌ مِنَ الصُّراعِ، وَهُوَ اعْتِقالُ المُصارع رِجْلَه برِجْلِ صاحِبِه، ورَمْيُه إِلى الأَرض. قَالَ: وأَصلُ الشَّغْزَبِيَّةِ الالْتِواءُ والمَكْرُ، وكلُّ أَمرٍ مُسْتَصْعَبٍ شَغْزَبيٌّ. والشَّغْبَزُ «2»: ابْنُ آوى.
شغنب: الشُّغْنُوبُ: أَعالي الأَغْصانِ؛ تَقُولُ للغُصْنِ النَّاعِم: شُغْنُوبٌ وشُنْغُوبٌ، وَكَذَلِكَ الشُّنْغُبُ والشُّنْغُوب. الأَزهري فِي شنعبَ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: هِيَ أَن يَسْتَقيمَ قَرْنُ الكَبْشِ، ثُمَّ يَلْتَوِيَ عَلَى رَأْسِهِ قِبَلَ أُذُنِهِ؛ قال: ويقال تَيْسٌ مُشَعْنِب، بالعينِ والغينِ، والفتحِ والكسرِ.
(1). أراد: وبالشَّغْب.
(2)
. قوله [والشغبز إلخ] هكذا في الأَصل وأورده في التهذيب في مقلوب شغزب بالزاي وقال الصواب أنه شغبر بالراء المهملة.
شقب: الشَّقْبُ والشِّقْبُ: مَهْواةُ مَا بينَ كلِّ جَبَلَينِ؛ وَقِيلَ: هُوَ صَدْعٌ يكونُ فِي لُهُوبِ الجبَالِ، ولُصُوبِ الأَوْدِيَةِ، دونَ الكَهْفِ، يُوكِرُ فِيهِ الطَّير؛ وَقِيلَ: هُوَ كالفأْرِ أَو كالشَّقِّ فِي الْجَبَلِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مكانٌ مُطْمَئِنٌّ، إِذا أَشْرَفْتَ عَلَيْهِ، ذَهَب فِي الأَرض، والجمعُ: شِقابٌ، وشُقُوبٌ، وشِقَبَةٌ. التَّهْذِيبُ، اللَّيْثُ: الشِّقْبُ مَواضِعُ، دُونَ الغِيرانِ، تَكُونُ فِي لُهُوبِ الجِبالِ، ولُصُوبِ الأَوْدِية، يُوكِرُ فِيهَا الطَّيرُ؛ وأَنشد:
فصَبَّحَتْ، والطَّيرُ، فِي شِقَابها،
…
جُمَّة تَيَّارٍ، إِذا ظَمَا بِها
الأَصمعي: الشِّقْبُ كالشَّقِّ يكونُ فِي الجِبالِ، وجَمْعُه شِقَبَةٌ. واللِّهْبُ: مَهْواةُ مَا بَيْنَ كلِّ جَبَلَين. واللِّصْبُ: الشِّعْبُ الصَّغيرُ فِي الجبلِ. والشَّقَبُ والشِّقْبُ: شَجَرٌ لَه غِصنةٌ وَورَقٌ، يَنْبُتُ كَنِبْتَةِ الرُّمَّانِ، وَوَرَقُه كَوَرَقِ السِّدرِ، وجَنَاتُه كالنَّبِقِ، وَفِيهِ نَوًى، واحدَتُه شَقَبة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ شجرٌ مِنْ شجرِ الجبالِ، يَنبُتُ، فِيمَا زَعَموا، فِي شِقَبَتِها؛ وَقَالَ مرَّة: هُوَ مِنْ عُتْقِ العِيدانِ. والشَّوْقَبُ: الطَّويلُ مِنَ الرجالِ، والنَّعامِ، والإِبِل. وحافِر شَوقَبٌ: واسعٌ، عَنْ كُراعٍ. والشَّوْقَبَانِ: خَشَبَتَا القَتَبِ، اللَّتانِ تُعَلَّقُ بِهِمَا الحِبالُ. والشَّقَبَانُ: طائِرٌ نَبَطِيٌّ.
شقحطب: كَبْشٌ شَقَحْطَبٌ: ذُو قَرْنَينِ مُنْكَرَينِ، كأَنه شِقُّ حَطَبٍ. أَبو عَمْرٍو: الشَّقَحْطَبُ الكَبْشُ الَّذِي لَهُ أَربعةُ قُرون. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا حَرْفٌ صحيحٌ.
شكب: التَّهْذِيبِ: رَوَى بَعْضُهُمْ قَوْلَ وِعاس «1» :
وهُنَّ، مَعًا، قِيامٌ كالشُّكُوبِ
وَقَالَ: هِيَ الكَراكيُّ؛ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: كالشُّجُوبِ، وَهِيَ عَمَد مِنْ أَعمِدَةِ الْبَيْتِ. الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ: والشُّكْبانُ شِباكٌ يُسَوِّيها الحَشَّاشونَ فِي البادِية مِنَ اللِّيفِ والخُوصِ، تُجْعَلُ لَهَا عُرًى واسعةٌ، يَتَقَلَّدُها الحَشَّاشُ، فيَضَعُ فِيهَا الحَشيشَ؛ والنُّونُ فِي شُكْبان نونُ جَمْعٍ، وكأَنها فِي الأَصل شُبْكَانٌ، فقُلِبَت إِلى الشُّكْبان؛ وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: الشُّكْبانُ ثوبٌ يُعْقَدُ طَرَفاهُ مِنْ وراءِ الحِقْوَينِ، والطَّرفانِ فِي الرأْسِ، يَحُشُّ فِيهِ الحَشَّاشُ عَلَى الظَّهْر، ويُسَمَّى الحالَ؛ قَالَ أَبو سُلَيْمَانَ الفَقْعَسِي:
لمَّا رأَيتُ جَفْوَةَ الأَقارِبِ،
…
تُقَلِّبُ الشُّقْبانَ، وهْوَ رَاكِبي،
أَنتَ خَليلٌ، فالْزَمَنَّ جانِبي
وإِنما قَالَ: وَهُوَ راكِبي، لأَنه عَلَى ظَهرِه؛ ويقالُ لَهُ: الرِّفَلُّ، وَقَالَهُ بِالْقَافِ، وهُما لُغتان: شُكْبان وشُقْبان؛ قَالَ: وَسَمَاعِيٌّ مِنَ الأَعراب شُكْبان. والشُّكْبُ: لُغَةٌ فِي الشُّكْمِ، وَهُوَ الجَزاءُ؛ وقيل: العَطاءُ.
شلخب: رَجُلٌ شَلْخَبٌ: فَدْمٌ.
شنب: الشَّنَبُ: ماءٌ ورِقَّةٌ يَجْرِي عَلَى الثَّغْرِ؛ وَقِيلَ: رِقَّةٌ وبَرْدٌ وعُذوبةٌ فِي الأَسنان؛ وقيل:
(1). قوله [قول وعاس] هكذا في الأَصل والذي في التكملة وشرح القاموس أبي سهم الهذلي.
الشَّنَبُ نُقَطٌ بيضٌ فِي الأَسنانِ؛ وَقِيلَ: هُوَ حِدَّةُ الأَنياب كالغَرْبِ، تَراها كالمِئْشار. شَنِبَ شَنَباً، فَهُوَ شانِبٌ وشَنيبٌ وأَشْنَبُ؛ والأُنْثَى شَنْباءُ، بَيِّنَةُ الشَّنَبِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: شَمْباءُ وشُمْبٌ، عَلَى بدلِ النُّونِ مِيمًا، لِما يُتَوَقَّعُ مِنْ مَجيءِ الباءِ مِنْ بعدِها. قَالَ الْجَرْمِيُّ: سَمِعْتُ الأَصمعي يقولُ الشَّنَبُ بَرْدُ الفَمِ والأَسنانِ، فقلتُ: إِنَّ أَصحابَنا يَقُولُونَ هُوَ حِدَّتُها حِينَ تَطْلُع؛ فيُرادُ بِذَلِكَ حَداثَتُها وطَراءَتُها، لأَنَّها إِذا أَتَتْ عَلَيْهَا السِّنون، احْتَكَّتْ، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلّا بَرْدُها؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
لَمْياءُ، فِي شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ،
…
وَفِي اللِّثاتِ، وَفِي أَنْيابِها، شَنَبُ
يُؤَيِّدُ قولَ الأَصمَعي، لأَنَّ اللِّثَة لَا تكونُ فِيهَا حِدَّةٌ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: اخْتَلَفوا فِي الشَّنَب، فَقَالَتْ طائفةٌ: هُوَ تَحزيزُ أَطرافِ الأَسنانِ؛ وَقِيلَ: هُوَ صفاؤُها ونَقاؤُها؛ وَقِيلَ: هُوَ تَفْلِيجُها؛ وَقِيلَ: هُوَ طِيبُ نَكْهَتِها. وَقَالَ الأَصمعي: الشَّنَبُ البَرْدُ والعُذوبةُ فِي الفَمِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الشَّنَبُ فِي الأَسنانِ أَن تَراها مُسْتَشْرِبة شَيْئًا مِنْ سَوادٍ، كَمَا تَرى الشَّيءَ مِنَ السَّوادِ فِي البَرَدِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِفُ الأَسنانَ:
مُنَصَّبُها حَمْشٌ، أَحَمُّ، يَزينُه
…
عَوارِضُ، فِيهَا شُنْبةٌ وغُروبُ
والغَرْبُ: ماءُ الأَسْنانِ. والظَّلْم: بَيَاضُهَا، كأَنه يَعْلُوهُ سَوَادٌ. والمَشانِبُ: الأَفْواهُ الطيِّبةُ. ابْنُ الأَعرابي: المِشْنَبُ الغلامُ الحَدَث، المُحَدَّدُ الأَسْنانِ، المُؤَشَّرُها فَتاءً وحداثَةً. وَفِي
صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم: ضَلِيع الفَمِ أَشْنَب.
الشَّنَبُ: البَياضُ والبَريقُ، والتَّحْديدُ فِي الأَسْنانِ. ورُمَّانةٌ شَنْباءُ: إِمْلِيسِيَّةٌ وَلَيْسَ فِيهَا حَبٌّ، إِنما هِيَ ماءٌ فِي قِشْرٍ، عَلَى خِلْقةِ الحَبِّ مِنْ غَيْرِ عَجم. قَالَ الأَصمعي: سَأَلت رؤْبَة عَنِ الشَّنَب، فأَخَذ حَبَّةَ رُمَّانٍ، وأَوْمَأَ إِلى بَصِيصِها. وشَنِبَ يومُنا، فَهُوَ شَنِبٌ وشانِبٌ: بَرَدَ.
شنخب: الشُّنْخُوب: فَرْعُ الكاهِل. والشُّنْخُوبةُ والشُّنْخُوبُ والشِّنْخابُ: أَعْلى الجَبَلِ. وشَناخِيبُ الجبالِ: رُؤُوسُها، واحِدتُها شُنْخُوبةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الشُّنْخوبة والشُّنْخوبُ والشِّنْخابُ: واحِدُ شَناخِيبِ الجَبلِ، وهي رُؤُوسُه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: ذَوات الشَّناخِيبِ الصُّمِ
؛ هي رؤُوسُ الجبالِ الْعَالِيَةِ. والشُّنْخوب: فِقْرَةُ ظَهْر البَعير. رجلٌ شَنْخَبٌ: طويلٌ.
شنزب: الشَّنْزَبُ: الصُّلْبُ الشديدُ، عربيٌّ.
شنظب: الشُّنْظُب: جُرُفٌ فِيهِ ماءٌ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كلُّ جُرُفٍ فِيهِ ماءٌ. والشُّنْظُبُ: الطَّويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ. والشُّنْظُبُ: موضعٌ بالباديةِ.
شنعب: الشِّنْعابُ مِنَ الرِّجَالِ، كالشِّنْعافِ: وَهُوَ الطويلُ العاجزُ. والشِّنْعابُ: رأْسُ الجَبَل، بالباءِ.
شنغب: الشُّنْغُبُ والشُّنْغُوب: أَعالي الأَغْصانِ؛ وأَنشد فِي تَرْجَمَةِ شَرَعَ:
تَرَى الشَّرائع تَطْفُو فَوْقَ ظاهِرِه،
…
مُسْتَحْضراً، ناظِراً نحْو الشَّناغِيبِ
تَقُولُ للغُصْن الناعِمِ: شُنْغُوبٌ وشُغْنُوبٌ؛ قَالَ الأَزهري: ورأَيتُ فِي الْبَادِيَةِ رجُلًا يُسَمَّى شُنْغُوباً، فسأَلتُ غُلاماً مِنْ بَني كُلَيْبٍ عَنْ مَعْنى اسْمِه، فَقَالَ: الشُّنْغُوبُ الغُصْنُ الناعِمُ الرَّطْبُ؛ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الأَعرابي. والشُّنْغُب: الطويلُ مِنْ جميعِ الحَيَوانِ. والشِّنْغابُ: الطويلُ الدَّقيقُ مِنَ الأَرْشِيةِ والأَغْصانِ وَنَحْوِهَا. والشِّنْغابُ: الرِّخْوُ العاجِزُ. والشُّنْغُوبُ: عِرْقٌ طويلٌ مِنَ الأَرض، دَقيقٌ.
شهب: الشَّهَبُ والشُّهْبةُ: لَونُ بَياضٍ، يَصْدَعُه سَوادٌ فِي خِلالِه؛ وأَنشد:
وعَلا المَفارِقَ رَبْعُ شَيْبٍ أَشْهَبِ
والعَنْبَرُ الجَيِّدُ لَوْنُه أَشْهَبُ؛ وَقِيلَ: الشُّهْبة البَياضُ الَّذِي غَلَبَ عَلَى السَّوادِ. وَقَدْ شَهُبَ وشَهِبَ شُهْبةً، واشْهَبَّ، وجاءَ فِي شِعْرِ هُذيلٍ شاهِبٌ؛ قَالَ:
فَعُجِّلْتُ رَيْحانَ الجِنانِ، وعُجِّلُوا
…
رَمَاريمَ فَوَّارٍ، مِنَ النَّارِ، شاهِبِ
وفَرَسٌ أَشْهَبُ، وقدِ اشْهَبَّ اشْهِباباً، واشْهابَّ اشْهيباباً، مِثْلُهُ. وأَشْهَبَ الرجلُ إِذا كَانَ نَسْلُ خَيْلِه شُهْباً؛ هَذَا قولُ أَهلِ اللُّغَةِ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ الأَعرابي قَالَ: لَيْسَ فِي الخَيْلِ شُهْبٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الشُّهْبَة فِي أَلوانِ الخَيْلِ، أَن تَشُقَّ مُعْظَمَ لَوْنِه شَعْرَةٌ، أَو شَعَراتٌ بِيضٌ، كُمَيْتاً كَانَ، أَو أَشْقَرَ، أَو أَدْهَمَ. واشْهابَّ رأْسُه واشْتَهَب: غَلَبَ بياضُه سوادَه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
قالتِ الخَنْساءُ، لمَّا جِئْتُها:
…
شابَ، بَعْدي، رَأْسُ هَذَا، واشْتَهَبْ
وكَتِيبةٌ شَهْباءُ: لِمَا فِيهَا مِنْ بَياضِ السِّلاحِ والحديدِ، فِي حَالِ السَّواد؛ وَقِيلَ: هِيَ البَيْضاءُ الصافيةُ الحديدِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَكَتِيبَةٌ شِهَابَةٌ «1» ؛ وَقِيلَ: كَتِيبةٌ شَهْباءُ إِذا كَانَتْ عِلْيَتُها بياضَ الْحَدِيدِ. وسنَةٌ شَهْباءُ إِذا كَانَتْ مُجْدِبَةً، بيضاءَ مِنَ الجَدْبِ، لَا يُرَى فِيهَا خُضْرَة؛ وَقِيلَ: الشَّهْباءُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مطرٌ، ثُمَّ البَيْضاءُ، ثُمَّ الحَمْراءُ؛ وأَنشد الجوهريُّ وغيرُه، فِي فَصْلِ جَحَرَ، لِزُهَيْرِ بْنُ أَبي سُلْمَى:
إِذا السَّنَة الشَّهْباءُ، بالناسِ، أَجْحَفَتْ،
…
ونالَ كرامَ المالِ، فِي الجَحْرَةِ، الأَكلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّهْباءُ البَيْضاءُ، أَي هِيَ بَيْضاءُ لكَثْرَة الثَّلْج، وعَدَمِ النَّبات. وأَجْحَفَتْ: أَضَرَّتْ بِهم، وأَهْلَكَتْ أَموالَهم. وَقَوْلُهُ: ونالَ كِرامَ المالِ، يريدُ كَرائمَ الإِبِل، يَعْنِي أَنها تُنْحَر وتُؤْكَل، لأَنهم لَا يَجدُونَ لَبناً يُغْنِيهِم عَنْ أَكْلِها. والجَحْرَةُ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ الَّتِي تَجْحَر الناسَ فِي البُيوت. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ، قالَ يومَ الفتحِ: يَا أَهلَ مَكَّةَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، فقَدِ اسْتَبْطَنْتُمْ بأَشْهَبَ بازِلٍ
؛ أَي رُمِيتُمْ بأَمْرٍ صَعْبٍ، لَا طَاقةَ لَكُم بِهِ. ويومٌ أَشْهَبُ، وسَنَةٌ شَهْباءُ، وجَيْشٌ أَشْهَبُ أَي قَوِيٌّ شديدٌ. وأَكثرُ مَا يُسْتَعْمل فِي الشِّدَّة والكَراهَة؛ جعلَه بازِلًا لأَن بُزُولَ الْبَعِيرِ نِهايَتُه فِي القُوَّة.
(1). قوله [وكتيبة شهابة] هكذا في الأَصل وشرح القاموس.
وَفِي حَدِيثِ
حَلِيمَة: خَرَجْتُ فِي سَنَةٍ شَهْباءَ
أَي ذاتِ قَحْطٍ وجَدْبٍ. والشَّهْباءُ: الأَرضُ البيضاءُ الَّتِي لَا خُضْرة فِيهَا لقِلَّة المَطَر، مِنَ الشُّهْبَة، وَهِيَ البياضُ، فسُمِّيَت سَنَةُ الجَدْب بِهَا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثعلبٌ:
أَتانا، وَقَدْ لَفَّتْه شَهْباءُ قَرَّة،
…
عَلَى الرَّحْلِ، حَتَّى المَرْءُ، فِي الرَّحْلِ، جانِحُ
فسَّره فَقَالَ: شَهْباءُ ريحٌ شديدةُ البَرْدِ؛ فَمِنْ شِدّتِها هُوَ مائِلٌ فِي الرَّحْلِ. قَالَ: وَعِنْدِي أَنها رِيحُ سَنَةٍ شَهْباءَ، أَو رِيحٌ فِيهَا بَرْدٌ وثَلْج؛ فكأَن الريحَ بَيْضاءُ لِذَلِكَ. أَبو سَعِيدٍ: شَهَّبَ البَرْدُ الشَّجَرَ إِذا غَيَّرَ أَلْوانَها، وشَهَّبَ الناسَ البَرْدُ. ونَصْلٌ أَشْهَبُ: بُرِدَ بَرْداً خَفِيفاً، فَلَمْ يَذْهَبْ سوادُه كُلُّهُ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، وأَنشد:
وَفِي اليَدِ اليُمْنَى، لمُسْتَعيرِها،
…
شَهْباءُ، تُرْوي الرِّيشَ مِنْ بَصِيرِها
يَعْنِي أَنها تَغِلُّ فِي الرَّمِيَّةِ حَتَّى يَشْرَبَ ريشُ السَّهْمِ الدَّمَ. وَفِي الصِّحَاحِ: النَّصْلُ الأَشْهَبُ الَّذِي بُرِدَ فَذَهَبَ سَوادُه. وغُرَّةٌ شَهْباءُ: وَهُوَ أَن يكونَ فِي غُرَّةِ الْفَرَسِ شَعَر يُخالِفُ البياضَ. والشَّهْباءُ مِنَ المَعَزِ: نحوُ المَلْحاءِ مِن الضأْنِ. واشْهَابَّ الزَّرْعُ: قَارَبَ الهَيْجَ فابْيَضَّ، وَفِي خِلالِه خُضْرةٌ قليلةٌ. وَيُقَالُ: اشْهابَّت مَشافِرُه. والشَّهابُ: اللبنُ الضَّيَاحُ؛ وَقِيلَ اللبنُ الَّذِي ثُلْثاهُ ماءٌ، وثُلثُه لبنٌ، وَذَلِكَ لتَغَيُّرِ لونِه؛ وَقِيلَ الشَّهاب والشُّهابَة، بالضَّمِّ، عَنْ كُرَاعٍ: اللبنُ الرَّقِيقُ الكَثِيرُ الماءِ، وَذَلِكَ لتَغَيُّرِ لَوْنِه أَيضاً، كَمَا قِيلَ لَهُ الخَضارُ؛ قَالَ الأَزهري: وسَمِعْتُ غيرَ واحِدٍ مِنَ العَرَبِ يقولُ للَّبنِ المَمْزوجِ بالماءِ: شَهابٌ، كَمَا تَرَى، بفَتْحِ الشِّينِ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ الشُّهابَةُ، بضَمِّ الشِّين، وَهُوَ الفَضِيخُ، والخَضارُ، والشَّهابُ، والسَّجاجُ، والسَّجارُ «1» ، والضَّياحُ، والسَّمارُ، كلُّه وَاحِدٌ. ويومٌ أَشْهَبُ: ذُو رِيحٍ بارِدَةٍ؛ قَالَ: أُراهُ لِمَا فِيه منَ الثَّلْجِ والصَّقيعِ والبَرْدِ. وليلَةٌ شَهْباءُ كَذَلِكَ. الأَزهري: وَيَوْمٌ أَشْهَبُ: ذُو حَلِيتٍ وأَزيزٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده سِيبَوَيْهِ:
فِدًى، لِبَني ذُهْلِ بنِ شَيْبانَ، ناقَتي،
…
إِذا كانَ يومٌ ذُو كَواكِبَ، أَشْهَبُ
يَجُوزُ أَن يكونَ أَشْهَبَ لبياضِ السِّلاحِ، وأَن يكونَ أَشْهَبَ لمَكانِ الغُبارِ. والشِّهابُ: شُعْلَةُ نارٍ ساطِعَةٌ، وَالْجَمْعُ شُهُبٌ وشُهْبانٌ وأَشْهَبُ «2»؛ وأَظُنُّه اسْمًا للجَمْعِ؛ قَالَ:
تُرِكْنا، وخَلَّى ذُو الهَوادَةِ بَيْنَنا،
…
بأَشْهَبِ نارَيْنَا، لدَى القَوْمِ نَرْتَمِي
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: نَوَّن عاصِمٌ والأَعْمَشُ فِيهِما؛ قَالَ وأَضَافه أَهلُ المَدينَةِ [بِشِهابِ قبسٍ]؛ قَالَ: وَهَذَا مِنْ إِضافة الشَّيءِ إِلى نفسِه، كَمَا قَالُوا: حَبَّةُ الخَضْراءِ، ومَسْجِدُ الجامِع، يُضَافُ الشَّيءُ إِلى نَفْسِهِ، ويُضافُ أَوائِلُها إِلى ثوانِيهَا، وهِيَ هِيَ فِي الْمَعْنَى. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ.
(1). قوله [والسجار] هو هكذا في الأَصل وشرح القاموس.
(2)
. قوله [وأشهب] هو هكذا بفتح الهاء في الأَصل والمحكم. وقال شارح القاموس: وأشهب، بضم الهاء، قال ابن منظور وأظنه اسماً للجمع.
وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ، قَالَ: الشِّهابُ العُودُ الَّذِي فِيهِ نارٌ؛ قَالَ وَقَالَ أَبو الهَيْثم: الشِّهابُ أَصْلُ خَشَبَةٍ أَو عودٍ فِيهَا نارٌ ساطِعَة؛ وَيُقَالُ لِلْكَوْكَبِ الَّذِي يَنْقَضُّ عَلَى أَثر الشَّيْطان بالليْلِ: شِهابٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ
. والشُّهُبُ: النُّجومُ السَّبْعَة، المعْروفَة بالدَّراري. وَفِي حَدِيثِ اسْتِراقِ السَّمْعِ:
فَرُبَّما أَدْرَكَه الشِّهابُ، قَبْلَ أَن يُلْقِيَها
؛ يَعْنِي الكَلِمَة المُسْتَرَقَة؛ وأَراد بالشِّهابِ: الَّذِي يَنْقَضُّ باللَّيْلِ شِبْهَ الكَوكَبِ، وَهُوَ، فِي الأَصل، الشُّعْلَة مِنَ النَّارِ؛ وَيُقَالُ للرجُلِ الْمَاضِي فِي الْحَرْبِ: شِهابُ حَرْبٍ أَي ماضٍ فِيهَا، عَلَى التَّشْبيهِ بِالكَوْكَبِ فِي مُضِيِّه، والجمعُ شُهُبٌ وشُهْبانٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا عَمَّ داعِيها، أَتَتْهُ بمالِكٍ،
…
وشُهْبانِ عَمْرٍو، كلُّ شَوْهاءَ صِلْدِمِ
عَمَّ داعِيها: أَي دَعا الأَبَ الأَكْبَر. وأَرادَ بشُهْبانِ عَمْرٍو: بَني عَمْرو بنِ تَميمٍ. وأَما بَنُو المُنْذِرِ، فإِنَّهُم يُسَمَّوْنَ الأَشاهِبَ، لجمالِهِمْ؛ قَالَ الأَعشى:
وبَني المُنْذِرِ الأَشاهِب، بالحيرَةِ،
…
يَمْشُونَ، غُدْوَةً، كالسُّيوفِ
والشَّوْهَبُ: القُنْفُذُ. والشَّبَهانُ والشَّهَبانُ: شجرٌ معروفٌ، يُشبِه الثُّمامَ؛ أَنشد الْمَازِنِيُّ:
وَمَا أَخَذَ الدِّيوانَ، حَتَّى تَصَعْلَكَا،
…
زَماناً، وحَثَّ الأَشْهَبانِ غِناهُما
الأَشْهَبانِ: عامانِ أَبيضانِ، لَيْسَ فِيهِمَا خُضْرَةٌ مِنَ النَّباتِ. وسَنَةٌ شَهْباءُ: كَثِيرَةُ الثَّلْجِ، جَدْبةٌ؛ والشَّهْباءُ أَمْثَلُ مِنَ البَيْضاءِ، والحَمْراءُ أَشدُّ مِنَ البَيْضاءِ؛ وَسَنَةٌ غَبراءُ: لَا مَطَرَ فِيهَا؛ وَقَالَ:
إِذا السَّنَةُ الشَّهْباءُ حَلَّ حَرامُها
أَي حَلَّت المَيْتَةُ فيها.
شهرب: الشَّهْرَبةُ والشَّهْبَرةُ: العَجوزُ الْكَبِيرَةُ؛ قَالَ:
أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ،
…
تَرْضى، مِنَ الشاةِ، بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
اللامُ مُقْحَمَة فِي لَعَجوز، وأَدْخَلَ اللامَ فِي غيرِ خَبَر إِنَّ ضَرُورَةً، وَلَا يُقاسُ عَلَيْهِ؛ وَالْوَجْهُ أَن يُقَالَ: لأُمُّ الحُلَيْس عجوزٌ شَهْرَبَهْ، كَمَا يُقَالُ: لَزَيدٌ قائِمٌ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
خَالِي لأَنتَ ومَن جَريرٌ خالُه،
…
يَنَلِ العَلاءَ، ويُكْرِمِ الأَخْوالا
قَالَ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَمرين: أَحدهما أَن يكونَ أَراد لَخالي أَنْتَ، فأَخَّر اللامَ إِلى الخَبَر ضَرُورَةً، والآخَرُ أَن يكونَ أَرادَ لأَنْتَ خَالِي، فقَدَّمَ الْخَبَرَ عَلَى المبتدإِ، وإِن كَانَتْ فِيهِ اللامُ ضَرُورَةً، وَمَنْ رَوى فِي البيتِ المتقدِّم شَهْبَرَه، فإِنه خطأٌ، لأَنَّ هاءَ التأْنيثِ لَا تكونُ رَوِيّاً، إِلَّا إِذا كُسِرَ مَا قَبْلَها. وشَيْخٌ شَهْرَبٌ، وشَيْخٌ شَهْبَرٌ، عَنْ يَعْقُوبَ. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الشَّهْرَبة الحُوَيْضُ الَّذِي يَكُونُ أَسفلَ النَّخْلَةِ، وَهِيَ الشَّرَبة، فزِيدَتِ الهاءُ.
شوب: الشَّوْبُ: الخَلْطُ. شابَ الشيءَ شَوْباً: خَلَطَه. وشُبْتُه أَشُوبُه: خَلَطْتُه، فَهُوَ مَشُوبٌ.
واشْتابَ، هُوَ، وانْشابَ: اخْتَلَط؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
جادَتْ، مَنَاصِبَه، شَفَّانُ غادِيةٍ،
…
بسُكَّرٍ، ورَحِيقٍ شيبَ، فاشْتابا
وَيُرْوَى: فانْشابا، وَهُوَ أَذْهَبُ فِي بابِ المُطاوَعَة. والشَّوْبُ والشِّيابُ: الخَلْطُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْب:
وأَطْيِبْ براحِ الشامِ، جاءَتْ سَبيئَةً،
…
مُعَتَّقَةً، صِرْفاً، وتِلكَ شِيابُها
وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ:
فأَطْيِبْ بِراحِ الشامِ صِرْفاً، وَهَذِهِ
…
مُعَتَّقَةٌ، صَهْباءُ، وهْيَ شِيابُها «3»
قَالَ: هَكَذَا أَنشده أَبو حَنِيفَةَ، وَقَدْ خلَّط فِي الرِّوَايَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ
؛ أَي لَخَلْطاً ومِزاجاً؛ يُقَالُ للمُخَلِّطِ فِي القولِ أَو العَمَلِ: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ. أَبو حَاتِمٍ: سأَلت الأَصمعي عَنِ المَشاوِبِ، وَهِيَ الغُلُفُ، فَقَالَ: يُقَالُ لِغِلافِ الْقَارُورَةِ مُشاوَبٌ، عَلَى مُفاعَل، لأَنه مَشُوبٌ بحُمْرَةٍ، وصُفْرةٍ، وخُضْرَةٍ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يجوزُ أَنْ يُجْمَع المُشاوَبُ عَلَى مَشاوِبَ. والمُشاوَبُ، بِضَمِّ الْمِيمِ وفتحِ الواوِ: غِلافُ الْقَارُورَةِ لأَنَّ فِيهِ أَلواناً مُخْتَلِفَةً. والشِّيابُ: اسمُ مَا يُمْزَجُ. وسَقاه الذَّوْبَ بالشَّوْبِ؛ الذَّوْبُ: العَسَلُ؛ والشَّوْبُ: مَا شُبْتَه بِهِ مِنْ ماءٍ أَو لَبنٍ. وَحَكَى ابنُ الأَعرابي: مَا عِنْدِي شَوْبٌ وَلَا رَوْبٌ؛ فالشَّوْبُ العَسَل، والرَّوْبُ اللَّبنُ الرَّائبُ؛ وَقِيلَ: الشَّوْبُ العَسَلُ، والرَّوْبُ اللَّبَنُ، مِنْ غيرِ أَن يُحَدَّا؛ وَقِيلَ: لَا مَرَقٌ وَلَا لَبَنٌ. وَيُقَالُ: سَقَاه الشَّوْبَ بالذَّوْب، فالشَّوْبُ اللبنُ، والذَّوْبُ العَسَل، قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ. الْفَرَّاءُ: شابَ إِذا خانَ، وباشَ إِذا خَلَطَ. الأَصمعي، فِي بَابِ إِصابةِ الرجلِ فِي مَنْطِقِه مَرَّة، وإِخطائِه أُخْرى: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا نَضَحَ عَنِ الرَّجُلِ: قَدْ شابَ عَنْهُ ورابَ، إِذا كَسِلَ. قَالَ: والتَّشْوِيبُ أَن يَنْضَحَ نَضْحاً غيرَ مُبالَغٍ فِيهِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: هُوَ يشُوبُ ويَرُوبُ أَي يُدَافِعُ مُدَافَعَة غيرَ مُبالَغٍ فِيهَا، ومَرَّة يَكْسَلُ فَلَا يُدافِعُ البَتَّة. قَالَ غيرُه: يَشُوبُ مِنْ شَوْبِ اللَّبنِ، وَهُوَ خَلْطُه بالماءِ ومَذْقُه؛ ويَرُوبُ أَرادَ أَن يَقُولَ يُرَوِّب أَي يَجْعلُه رائِباً خاثِراً، لَا شَوْبَ فِيهِ، فأَتْبَع يَرُوبُ يَشُوبُ لازْدواجِ الْكَلَامِ، كَمَا قَالُوا: هُوَ يَأْتيه الغَدايا والعَشايا، والغَدايا لَيْسَ بِجمْعٍ للغَداة، فجاءَ بِهَا عَلَى وَزْنِ العَشايا. أَبو سَعِيدٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ: رأَيْتُ فُلاناً اليومَ يَشُوبُ عَنْ أَصحابه إِذا دافَعَ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ دِفاعٍ. قَالَ: وَلَيْسَ قولُهم هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ مِنَ اللَّبنِ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ رجلٌ يَرُوبُ أَحياناً، فَلَا يتَحَرَّك وَلَا يَنْبَعِث، وأَحياناً يَنْبَعِثُ فيَشُوبُ عَنْ نفسِه، غيرَ مُبالغٍ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: شابَ إِذا كَذَب، وشابَ: خَدَع فِي بَيْعٍ أَو شِراءٍ. ابْنُ الأَعرابي: شابَ يَشُوب شَوْباً إِذا غَشَّ؛ وَمِنْهُ الخَبرُ: لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ أَي لَا غِشَّ وَلَا تَخْلِيطَ فِي بَيعٍ أَو شِراءٍ. وأَصلُ الشَّوْبِ الخَلْطُ، والرَّوْبُ مِنَ اللَّبنِ الرائِبِ، لخَلْطِه بالماءِ. وَيُقَالُ للمُخَلِّط فِي كَلَامِهِ: هُوَ يَشُوبُ ويرُوبُ. وَقِيلَ: مَعْنَى لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ أَنَّكَ
(3). قوله [وهذه معتقة إلخ] هكذا في الأَصل وفي بعض نسخ المحكم: وهاده معتقة إلخ بالنصب مفعولًا لهاده.
بريءٌ مِنْ هَذِهِ السِّلْعَة. ورُوِي عَنْهُ «1» أَنه قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ فِي البَيْعِ والشِّراءِ فِي السِّلْعَةِ تَبِيعُها أَي إَنَّكَ بَريءٌ مِنْ عَيْبِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَشْهَدُ بَيْعَكُم الحَلْفُ واللَّغْوُ، فشَوِّبوه بالصَّدَقَةِ
؛ أَمَرَهم بالصَّدَقَةِ لمَا يَجْرِي بَينهُم مِنَ الكَذِب والرِّبا، والزِّيادَةِ والنُّقْصانِ فِي القولِ، لتكُونَ كَفَّارةً لِذَلِكَ؛ وقولُ سُلَيْكِ بنِ السُّلَكَة السَّعْدِي:
سَيَكْفِيكَ، صَرْبَ القَوْمِ، لَحْمٌ مُعَرَّصٌ،
…
وماءُ قُدُورٍ، فِي القِصاعِ، مَشِيبُ
إِنما بناهُ عَلَى شِيب الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه أَي مَخْلُوط بالتَّوابِلِ والصِّباغِ. والصَّرْبُ: اللبنُ الحامِضُ. ومُعَرَّصٌ: مُلْقًى فِي العَرْصَةِ ليَجِفَّ، وَيُرْوَى مُغَرَّضٌ أَي طَرِيٌّ؛ وَيُرْوَى مُعَرَّضٌ أَي لَمْ يَنْضَجْ بعدُ، وَهُوَ المُلَهْوَجُ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ، يُضرب مَثَلًا لمَنْ يَخْلِطُ فِي القولِ والعَمَلِ. وَفِي فُلَانٍ شَوْبَة أَي خَدِيعةٌ، وَفِي فُلَانٍ ذَوْبَة أَي حَمْقَةٌ ظاهِرةٌ. واسْتَعْمَل بعضُ النَّحْوِيِّينَ الشَّوْبَ فِي الحركاتِ، فَقَالَ: أَمَّا الفَتْحَة المَشُوبَة بالكسرةِ، فالفَتْحة الَّتِي قَبْلَ الإِمالةِ، نَحْوَ فَتْحة عَين عَابِدٍ وعَارِفٍ؛ قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الإِمالة إِنما هِيَ أَن تَنْحُوَ بالفَتْحَةِ نحوَ الكَسرة، فتُمِيلَ الأَلِفَ نحوَ الْيَاءِ، لِضَرْبٍ مِنْ تَجانُسِ الصَّوْتِ، فَكَمَا أَنَّ الحركَةَ لَيْسَتْ بفَتْحَةٍ مَحْضَةٍ، كَذَلِكَ الأَلِفُ الَّتِي بعدَها لَيْسَتْ أَلِفاً مَحْضَةً، وَهَذَا هُوَ القياسُ، لأَنَّ الأَلفَ تَابِعَةٌ للفَتحَة، فكَما أَنَّ الفَتْحة مَشُوبَة، فَكَذَلِكَ الأَلِفُ اللَّاحقة لَها. والشَّوْبُ: القِطْعَة مِنَ العَجِينِ. وباتَتِ المَرْأَةُ بلَيْلَةِ شَيْباءَ؛ قِيلَ: إِنَّ الياءَ فِيهَا مُعاقِبَة، وإِنما هُوَ مِنَ الواوِ، لأَنَّ ماءَ الرجُلِ خالَط ماءَ المرأَةِ. والشَّائِبَة: واحِدة الشَّوائِبِ، وهيَ الأَقْذَارُ والأَدْناسُ. وشَيْبانُ: قَبيلَة؛ قِيلَ ياؤُه بدَلٌ مِنَ الوَاوِ، لقَولِهِم الشَّوابِنَة. وشَابَةُ: مَوْضِعٌ بنَجْدٍ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الياءِ، لأَنَّ هَذِهِ الأَلف تَكُونُ منقَلِبة عَنْ ياءٍ وَعَنْ واوٍ، لأَنّ فِي الكلامِ ش وب، وَفِيهِ ش ي ب، وَلَوْ جُهِل انْقِلابُ هَذِهِ الأَلِف لَحُمِلَتْ عَلَى الواوِ، لأَنَّ الأَلِف هاهنا عَين، وانْقلابُ الأَلِفِ إِذا كَانَتْ عَيْناً عَنِ الواوِ أَكثر مِنِ انقلابِها عَنِ الياءِ؛ قَالَ:
وضَرْب الجماجِمِ ضَرْب الأَصَمِّ،
…
حَنْظَل شَابَةَ، يَجْني هَبِيدا
شوشب: قَالَ فِي تَرْجَمَةٍ فَوْلَفٍ: وَمِمَّا جاءَ عَلَى بِناءِ فَوْلَفٍ شَوْشَبٌ: اسمٌ للعَقْرَبِ.
شيب: الشَّيْبُ: مَعْرُوفٌ، قَلِيلُه وكَثِيرُه بَياضُ الشَّعَر، والمَشِيبُ مِثْلُه، ورُبَّما سُمِّيَ الشَّعَرُ نَفْسُه شيْباً. شَابَ يَشِيبُ شَيْباً، ومَشِيباً وشَيبةً، وَهُوَ أَشْيَبُ، عَلَى غيرِ قياسٍ، لأَنَّ هَذَا النَّعْتَ إِنما يكونُ مِنْ بَابِ فَعِلَ يَفعَلُ، وَلَا فَعْلاءَ لَهُ. قيلَ: الشَّيْبُ بياضُ الشَّعَر. وَيُقَالُ: عَلاهُ الشَّيْبُ. وَيُقَالُ: رَجلٌ أَشْيَبُ، وَلَا يُقَالُ: امْرَأَةٌ شَيْباءُ، لَا تُنْعَتُ بِهِ المَرْأَةُ، اكْتَفوا بالشَّمْطاءِ عَن الشَّيْباءِ، وَقَدْ يُقَالُ: شَابَ رَأْسُها. والمَشِيبُ: دُخُولُ الرَّجُلِ فِي حَدِّ الشَّيْبِ من
(1). قوله [وروي عنه] أي عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي عبارة التهذيب.
الرِّجالِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ عَدِيّ:
تَصْبُو، وأَنَّى لَكَ التَّصابي؟
…
والرأْسُ قَدْ شابَهُ المَشِيبُ
يَعْنِي بَيَّضَه المَشِيبُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ خَالَطَه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيتُ زَعَم الْجَوْهَرِيُّ أَنه لعَدِيٍّ، وَهُوَ لعَبِيدِ بنِ الأَبرَصِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ رابَه، ولِمِثْلِ ذلِكَ رَابَهُ،
…
وَقَعَ المَشِيبُ عَلى السَّوادِ، فشَابَهُ
أَي بَيَّضَ مُسْوَدَّه. والأَشْيَبُ: المُبْيَضُّ الرأْس. شَيَّبَه الحُزْنُ، وشَيَّبَ الحُزْنُ رَأْسَه، وبرأْسِهِ، وأشابَ رَأْسَه وبِرَأْسِه، وقَوْمٌ شِيبٌ، وَيَجُوزُ فِي الشِّعر شُيُبٌ، عَلَى التَّمامِ؛ هَذَا قولُ أَهلِ اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعِندِي أَنَّ شُيُباً إِنما هُوَ جمعُ شَائِبٍ، كَمَا قَالُوا بازِلٌ وبُزُلٌ، أَو جَمْعُ شَيُوبٍ، عَلَى لُغةِ الحجازيِّين، كَمَا قَالُوا دُجاجَةٌ بَيُوضٌ، ودُجاجٌ بُيُضٌ؛ وَقَوْلُ الرَّائِدِ: وجَدْتُ عُشْباً وتَعَاشِيب، وكَمْأَةً شِيب، إِنما يَعْنِي بِهِ البِيضَ الكِبارَ. والشِّيبُ: جمعُ أَشْيَبَ. والشِّيبُ: الجِبالُ يَسْقُطُ عَلَيْهَا الثَّلْجُ، فتَشِيبُ بِهِ؛ وَقَوْلُ عَدِيِّ بنِ زَيْدٍ:
أَرِقْتُ لمُكْفَهِرٍّ، بَاتَ فيهِ
…
بَوارِقُ، يَرْتَقِينَ رُؤُوسَ شِيبِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الشِّيبُ هاهنا سَحائِبُ بيضٌ، واحِدُها أَشْيَبُ؛ وَقِيلَ: هِيَ جِبالٌ مُبْيَضَّةٌ منَ الثَّلْجِ، أَو مِنَ الغُبارِ؛ وَقِيلَ: شِيبٌ اسمُ جَبَلٍ، ذَكَرَهُ الكُمَيْت، فَقَالَ:
وَمَا فُدُرٌ عَواقِلُ أَحْرَزَتْها
…
عَمَاية، أَوْ تَضَمَّنَهُنَّ شِيبُ
وشَيْبٌ شائِبٌ: أَرادُوا بِهِ المبالغةَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِم: شِعْرٌ شاعِرٌ، وَلَا فِعْلَ لَهُ. وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً
، نَصْبٌ عَلَى التَّمْييز؛ وَقِيلَ عَلَى الْمَصْدَرِ، لأَنه حِينَ قَالَ: اشْتَعَلَ كأَنه قَالَ شابَ فَقَالَ شَيْباً. وأَشابَ الرَّجُلُ: شابَ وَلَدُه، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تقولُ للبِكْرِ إِذا زُفَّتْ إِلى زَوْجِها، فدَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَفْتَرِعْها ليلةَ زِفافِها: بَاتَتْ بلَيلةِ حُرَّةٍ؛ وإِن افْتَرَعَها تِلْكَ اللَّيْلَةَ، قَالُوا: باتَتْ بلَيلَةِ شَيْباءَ؛ وَقَالَ عُرْوةُ بنُ الوَرْد:
كلَيْلَةِ شَيْباءَ، الَّتِي لَسْتُ ناسِياً،
…
ولَيْلَتِنا، إِذْ مَنَّ، مَا مَنَّ، قَرْمَلُ
فَكُنْتُ كليلةِ الشَّيْباءِ، هَمَّتْ
…
بِمَنْعِ الشَّكْرِ، أَتْأَمَها القَبِيلُ
وَقِيلَ: ياءُ شَيْباءَ بَدلٌ مِنْ واوٍ، لأَنَّ ماءَ الرَّجُلِ شابَ ماءَ المرأَةِ، غيرَ أَنَّا لَم نَسْمَعْهم قَالُوا بليلةِ شَوْباءَ؛ جَعَلوا هَذَا بَدلًا لازِماً كعِيدٍ وأَعيادٍ. وليلةُ شَيْباءَ: آخِرُ ليلةٍ مِنَ الشهرِ، ويومٌ أَشْيَبُ شَيْبان: فِيهِ غَيْمٌ وصُرَّادٌ وبَرْدٌ. وشِيبانُ ومِلْحانُ: شَهْرا قِماحٍ، وَهُمَا أَشدُّ شهورِ الشِّتاءِ بَرْداً، وَهُمَا اللَّذان يقولُ مَن لَا يَعْرِفُهما: كانونٌ وكانُونُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ غُبْراً جُنُوبُها
…
بشِيبانَ، أَو مِلْحانَ، واليَوْمُ أَشْهَبُ
أَي مِنَ الثَّلْج؛ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ سَلَمة، بِكَسْرِ الشينِ