الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب ألقاب الْحُرُوف وطبائعها وخواصها
قَالَ عبد الله مُحَمَّد بن المكرم: هَذَا الْبَاب أَيْضا لَيْسَ من شرطنا لكني اخْتَرْت ذكر الْيَسِير مِنْهُ، وَإِنِّي لَا أضْرب صفحا عَنهُ ليظفر طَالبه مِنْهُ بِمَا يُرِيد وينال الافادة مِنْهُ من يَسْتَفِيد، وليعلم كل طَالب أَن وَرَاء مطلبه أخر، وَأَن لله تَعَالَى فِي كل شئ سرا لَهُ فعل واثر.
وَلم أوسع القَوْل فِيهِ خوفًا من انتقاد من لَا يدريه.
ذكر ابْن كيسَان فِي ألقاب الْحُرُوف: أَن مِنْهَا المجهور والمهموس، وَمعنى المجهور مِنْهَا أَنه لزم مَوْضِعه إِلَى انْقِضَاء حُرُوفه، وَحبس النَّفس أَن يجْرِي مَعَه، فَصَارَ مجهورا لانه لم يخالطه شئ يُغَيِّرهُ، وَهُوَ تِسْعَة عشر حرفا: الالف وَالْعين والغين وَالْقَاف وَالْجِيم وَالْبَاء وَالضَّاد وَاللَّام وَالنُّون وَالرَّاء والطاء وَالدَّال وَالزَّاي والظاء والذال وَالْمِيم وَالْوَاو والهمزة وَالْيَاء، وَمعنى المهموس مِنْهَا أَنه حرف لَان مخرجه دون المجهور، وَجرى مَعَه النَّفس، وَكَانَ دون المجهور فِي رفع الصَّوْت، وَهُوَ عشرَة أحرف: الْهَاء والحاء وَالْخَاء وَالْكَاف والشين وَالسِّين وَالتَّاء وَالصَّاد والثاء وَالْفَاء، وَقد يكون المجهور شَدِيدا، وَيكون رخوا، والمهموس كَذَلِك.
وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: حُرُوف الْعَرَبيَّة تِسْعَة وَعِشْرُونَ حرفا مِنْهَا خَمْسَة وَعِشْرُونَ حرفا صِحَاح، لَهَا أحياز ومدارج، واربعة أحرف جَوف: الْوَاو وَالْيَاء والالف اللينة والهمزة، وَسميت جوفا لانها تخرج من الْجوف، فَلَا تخرج فِي مدرجة من مدارج الْحلق، وَلَا مدارج اللهاة، وَلَا مدارج اللِّسَان، وَهِي فِي الْهَوَاء، فَلَيْسَ لَهَا حيّز تنْسب إِلَيْهِ إِلَّا الْجوف.
وَكَانَ يَقُول: الالف اللينة وَالْوَاو وَالْيَاء هوائية أَي أَنَّهَا فِي الْهَوَاء.
واقصى الْحُرُوف كلهَا الْعين، وارفع مِنْهَا الْحَاء، وَلَوْلَا بحة فِي الْحَاء لاشبهت الْعين لقرب مخرجها مِنْهَا، ثمَّ الْهَاء، وَلَوْلَا هتة فِي الْهَاء، وَقَالَ مرّة أُخْرَى ههة فِي الْهَاء، لاشبهت الْحَاء لقرب مخرجها مِنْهَا، فَهَذِهِ الثَّلَاثَة فِي حيّز وَاحِد، ولهذه الْحُرُوف ألقاب أخر، الحلقية: الْعين وَالْهَاء والحاء وَالْخَاء والغين، اللهوية: الْقَاف وَالْكَاف، الشجرية: الْجِيم والشين وَالضَّاد، وَالشَّجر مفرج الْفَم، الاسلية: الصَّاد وَالسِّين وَالزَّاي، لَان مبداها من أسلة اللِّسَان وَهِي مستدق طرفه، النطعية: الطَّاء والذال وَالتَّاء، لَان مبداها من نطع الْغَار الاعلى، اللثوية: الظَّاء وَالدَّال والثاء، لَان مبداها من اللثة، الذلقية: الرَّاء وَاللَّام وَالنُّون، الشفوية: الْفَاء وَالْبَاء وَالْمِيم، وَقَالَ مرّة شفهية، الهوائية: الْوَاو والالف وَالْيَاء.
وَسَنذكر فِي صدر كل حرف أَيْضا شَيْئا مِمَّا يَخُصُّهُ.
واما تَرْتِيب كتاب الْعين وَغَيره، فقد قَالَ اللَّيْث بن المظفر: لما أَرَادَ الْخَلِيل بن أَحْمد الِابْتِدَاء فِي كتاب الْعين أعمل فكره فِيهِ، فَلم يُمكنهُ أَن يَبْتَدِئ فِي أول حُرُوف المعجم، لَان الالف حرف معتل، فَلَمَّا فَاتَهُ أول الْحُرُوف كره أَن يَجْعَل الثَّانِي أَولا، وَهُوَ الْبَاء، إِلَّا بِحجَّة وَبعد استقصاء، فدبر وَنظر إِلَى الْحُرُوف كلهَا وذاقها، فَوجدَ مخرج الْكَلَام كُله من الْحق، فصير أولاها، فِي الِابْتِدَاء، أدخلها فِي الْحلق.
وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يَذُوق الْحَرْف فتح فَاه بالف ثمَّ أظهر الْحَرْف ثمَّ يَقُول: اب ات اث اج اع، فَوجدَ الْعين أقصاها فِي الْحلق، وادخلها، فَجعل أول الْكتاب الْعين، ثمَّ مَا قرب مخرجه مِنْهَا بعد الْعين الا رفع
فالارفع، حَتَّى أَتَى على آخر الْحُرُوف، فَقلب الْحُرُوف عَن موَاضعهَا، ووضعها على قدر مخرجها من الْحلق.
وَهَذَا تأليفه وترتيبه: الْعين والحاء وَالْهَاء وَالْخَاء والغين وَالْقَاف وَالْكَاف وَالْجِيم والشين وَالضَّاد وَالصَّاد وَالسِّين وَالزَّاي والطاء وَالدَّال وَالتَّاء والظاء والذال والثاء وَالرَّاء وَاللَّام وَالنُّون وَالْفَاء وَالْبَاء وَالْمِيم وَالْيَاء وَالْوَاو والالف.
وَهَذَا هُوَ تَرْتِيب الْمُحكم لِابْنِ سَيّده، إِلَّا انه خَالفه فِي الاخير، فرتب بعد الْمِيم الالف وَالْيَاء وَالْوَاو.
وَلَقَد انشدني شخص بِدِمَشْق المحروسة أبياتا، فِي تَرْتِيب الْمُحكم، هِيَ أَجود مَا قيل فِيهَا: عَلَيْك حروفا هن خير غوامض، * قيود كتاب، جلّ، شانا، ضوابطه صِرَاط سوي، زل طَالب دحضه، * تزيد ظهورا ذَا ثبات روابطه لذلكم نلتذ فوزا بمحكم، * مُصَنفه، أَيْضا، يفوز وضابطه وَقد انتقد هَذَا التَّرْتِيب على من رتبه.
وترتيب سِيبَوَيْهٍ على هَذِه الصُّورَة: الْهمزَة وَالْهَاء وَالْعين والحاء وَالْخَاء والغين وَالْقَاف وَالْكَاف وَالضَّاد وَالْجِيم والشين وَاللَّام وَالرَّاء وَالنُّون والطاء وَالدَّال وَالتَّاء وَالصَّاد وَالزَّاي وَالسِّين والظاء والذال والثاء وَالْفَاء وَالْبَاء وَالْمِيم وَالْيَاء والالف وَالْوَاو.
واما تقَارب بَعْضهَا من بعض وتباعدها، فان لَهَا سرا، فِي النُّطْق، يكشفه من تعناه، كَمَا انْكَشَفَ لنا سره فِي حل المترجمات، لشدَّة احتياجنا إِلَى معرفَة مَا يتقارب بعضه من بعض، ويتباعد بعضه من بعض، ويتركب بعضه مَعَ بعض، وَلَا يتركب بعضه مَعَ بعض، فان من الْحُرُوف مَا يتَكَرَّر وَيكثر فِي الْكَلَام اسْتِعْمَاله، وَهُوَ: ال م هـ وي ن، وَمِنْهَا مَا يكون تكراره دون ذَلِك، وَهُوَ: ر ع ف ت ب ك د س ق ح ج، وَمِنْهَا مَا يكون تكراره أقل من ذَلِك، وَهُوَ: ظ غ ط ز ث خَ ض ش ص ذ.
وَمن الْحُرُوف مَا لَا يَخْلُو مِنْهُ أَكثر الْكَلِمَات، حَتَّى قَالُوا: ان كل كلمة ثلاثية فَصَاعِدا لَا يكون فِيهَا حرف أَو حرفان مِنْهَا، فَلَيْسَتْ بعربية، وَهِي سِتَّة أحرف: د ب م ن ل ف، وَمِنْهَا مَا لَا يتركب بعضه مَعَ بعض، إِذا اجْتمع فِي كلمة، إِلَّا ان يقدم، وَلَا يجْتَمع، إِذا تَأَخّر، وَهُوَ: ع هـ، فان الْعين إِذا تقدّمت تركبت، وَإِذا تَأَخَّرت لَا تتركب، وَمِنْهَا مَا لَا يتركب، إِذا تقدم، ويتركب، إِذا تَأَخّر، وَهُوَ: ض ج، فان الضَّاد إِذا تقدّمت (1) تركبت، وَإِذا تَأَخَّرت لَا تتركب فِي أصل الْعَرَبيَّة، وَمِنْهَا مَالا يتركب بعضه مَعَ بعض لَا إِن تقدم وَلَا إِن تَأَخّر، وَهُوَ: س ث ض ز ظ ص، فَاعْلَم ذَلِك.
وَأما خواصها: فان لَهَا أعمالا عَظِيمَة تتَعَلَّق بابواب جليلة من أَنْوَاع المعالجات، وأوضاع الطلسمات، وَلها نفع شرِيف بطبائعها، وَلها خُصُوصِيَّة بالافلاك المقدسة وملائمة لَهَا، وَمَنَافع لَا يحصيها من يصفها، لَيْسَ هَذَا مَوضِع ذكرهَا، لَكنا لَا بُد ان نلوح بشي من ذَلِك، ننبه على مِقْدَار نعم الله تَعَالَى على من كشف لَهُ سرها، وَعلمه علمهَا، وأباح لَهُ التَّصَرُّف بهَا.
وَهُوَ أَن مِنْهَا مَا هُوَ حَار يَابِس طبع النَّار، وَهُوَ: الالف وَالْهَاء والطاء وَالْمِيم وَالْفَاء والشين والذال، وَله خُصُوصِيَّة بِالْمُثَلثَةِ النارية، وَمِنْهَا مَا هُوَ بَارِد يَابِس طبع التُّرَاب، وَهُوَ: الْبَاء وَالْوَاو وَالْيَاء وَالنُّون وَالصَّاد وَالتَّاء وَالضَّاد، وَله خُصُوصِيَّة بِالْمُثَلثَةِ الترابية، وَمِنْهَا مَا هُوَ حَار رطب طبع الْهَوَاء، وَهُوَ: الْجِيم وَالزَّاي وَالْكَاف وَالسِّين وَالْقَاف والثاء والظاء، وَله
قَوْله " فان الضَّاد إِذا تقدّمت الخ " الاولى فِي التَّفْرِيع ان يُقَال فان الْجِيم إِذا تقدّمت لَا تتركب وَإِذا تَأَخَّرت تتركب وَإِن كَانَ ذَلِك لَازِما لكَلَامه.
(*)
خُصُوصِيَّة بِالْمُثَلثَةِ الهوائيه، وَمِنْهَا مَا هُوَ بَارِد رطب طبع المَاء، وَهُوَ: الدَّال والحاء وَاللَّام وَالْعين وَالرَّاء وَالْخَاء والغين، وَله خُصُوصِيَّة بِالْمُثَلثَةِ المائية.
ولهذه الْحُرُوف فِي طبائعها مَرَاتِب ودرجات ودقائق وثوان وثوالث وروابع وخوامس يُوزن بهَا الْكَلَام، وَيعرف الْعَمَل بِهِ علماؤه، وَلَوْلَا خوف الاطالة، وانتقاد ذَوي الْجَهَالَة، وَبعد اكثر النَّاس عَن تَأمل دقائق صنع الله وحكمته، لذكرت هُنَا اسرارا من افعال الْكَوَاكِب المقدسة، إِذا مازجتها الْحُرُوف تخرق عقول من لَا اهْتَدَى إِلَيْهَا، وَلَا هجم بِهِ تنقيبه وبحثه عَلَيْهَا.
وَلَا انتقاد عَليّ فِي قَول ذَوي الْجَهَالَة، فان الزَّمَخْشَرِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى، قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله عزوجل: وَجَعَلنَا السَّمَاء سقفا مَحْفُوظًا، وهم عَن آياتها معرضون، قَالَ: عَن آياتها اي عَمَّا وضع الله فِيهَا من الادلة والعبر، كَالشَّمْسِ وَالْقَمَر، وَسَائِر النيرات، ومسايرها وطلوعها وغروبها على الْحساب القويم، وَالتَّرْتِيب العجيب، الدَّال على الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَالْقُدْرَة الباهرة.
قَالَ وَأي جهل أعظم من جهل من أعرض عَنْهَا، وَلم يذهب بِهِ وهمه الى تدبرها وَالِاعْتِبَار بهَا، وَالِاسْتِدْلَال على عَظمَة شان من اوجدها عَن عدم، ودبرها ونصبها هَذِه النصبة، واودعها مَا اودعها مِمَّا لَا يعرف كنهه الا هُوَ جلت قدرته، ولطف علمه.
هَذَا نَص كَلَام الزَّمَخْشَرِيّ رحمه الله.
وَذكر الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس احْمَد الْبونِي رحمه الله قَالَ: منَازِل الْقَمَر ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ مِنْهَا اربعة عشر فَوق الارض، وَمِنْهَا اربعة عشر تَحت الارض.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحُرُوف: مِنْهَا اربعة عشر مُهْملَة بِغَيْر نقط، واربعة عشر مُعْجمَة بنقط، فَمَا هُوَ مِنْهَا غير منقوط، فَهُوَ اشبه بمنازل السُّعُود، وَمَا هُوَ مِنْهَا منقوط، فَهُوَ منَازِل النحوس والممتزجات، وَمَا كَانَ مِنْهَا لَهُ نقطة وَاحِدَة، فَهُوَ اقْربْ الى السُّعُود، وَمَا هُوَ بنقطتين، فَهُوَ متوسط فِي النحوس، فَهُوَ الممتزج، وَمَا هُوَ بِثَلَاث نقط، فَهُوَ عَام النحوس.
هَكَذَا وجدته.
وَالَّذِي نرَاهُ فِي الْحُرُوف انها ثَلَاثَة عشر مُهْملَة وَخَمْسَة عشر مُعْجمَة، إِلَّا أَن يكون كَانَ لَهُم اصْطِلَاح فِي النقط تغير فِي وقتنا هَذَا.
واما الْمعَانِي المنتفع بهَا من قواها وطبائعها فقد ذكر الشَّيْخ أَبُو الْحسن عَليّ الْحَرَّانِي وَالشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس احْمَد الْبونِي والبعلبكي وَغَيرهم، رحمهم الله، من ذَلِك مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ كتبهمْ من قواها وتاثيراتها، وَمِمَّا قيل فِيهَا أَن تتَّخذ الْحُرُوف الْيَابِسَة وَتجمع متواليا، فَتكون متقوية لما يُرَاد فِيهِ تَقْوِيَة الْحَيَاة الَّتِي تسميها الاطباء الغريزية، أَو لما يُرَاد دَفعه من آثَار الامراض الْبَارِدَة الرّطبَة، فيكتبها، أَو يرقي بهَا، أَو يسقيها لصَاحب الحمي البلغمية والمفلوج والملووق.
وَكَذَلِكَ الْحُرُوف الْبَارِدَة الرّطبَة، إِذا اسْتعْملت بعد تتبعها، وعولج بهَا، رقية أَو كِتَابَة أَو سقيا، من بِهِ حمى محرقة، أَو كتبت على ورم حَار، وخصوصا حرف الْحَاء لانها، فِي عالمها، عَالم صُورَة.
وَإِذا اقْتصر على حرف مِنْهَا كتب بعدده، فَيكْتب الْحَاء مثلا ثَمَانِي مَرَّات، وَكَذَلِكَ مَا تكتبه من الْمُفْردَات تكتبه بعدده.
وَقد شاهدنا نَحن ذَلِك فِي عصرنا، وراينا، من معلمي الْكِتَابَة وَغَيرهم، من يكْتب على خدود الصّبيان، إِذا تورمت، حُرُوف أبجد بكمالها، ويعتقد أَنَّهَا مفيدة، وَرُبمَا افادت، وَلَيْسَ الامر كَمَا اعْتقد، وَإِنَّمَا لما جهل اكثر النَّاس طبائع الْحُرُوف، وراوا مَا يكْتب مِنْهَا، ظنُّوا الْجَمِيع أَنه مُفِيد فكتبوها كلهَا.
وشاهدنا أَيْضا من يقلقه الصداع الشَّديد ويمنعه الْقُرْآن (1)، فَيكْتب لَهُ صُورَة لوح، وعَلى جوانبه تاءات ارْبَعْ، فَيبرأ بذلك من الصداع.
وَكَذَلِكَ الْحُرُوف الرّطبَة إِذا اسْتعْملت رقى، أَو كِتَابَة، أَو سقيا، قوت الْمِنَّة وادامت الصِّحَّة وقوت على الباه، وَإِذا كتبت للصَّغِير حسن نَبَاته، وَهِي اوتار الْحُرُوف كلهَا، وَكَذَلِكَ الْحُرُوف الْبَارِدَة الْيَابِسَة، إِذا عولج بهَا من نزف دم بسقي، أَو كِتَابَة، أَو بخور، وَنَحْو ذَلِك من الامراض.
وَقد ذكر الشَّيْخ محيي الدّين بن الْعَرَبِيّ، فِي كتبه، من ذَلِك، جملا كَثِيرَة.
وَقَالَ الشَّيْخ عَليّ الحرالي رحمه الله: إِن الْحُرُوف الْمنزلَة اوائل السُّور وعدتها، بعد اسقاط مكررها، اربعة عشر حرفا، وَهِي: الالف وَالْهَاء والحاء والطاء وَالْيَاء وَالْكَاف وَاللَّام وَالْمِيم وَالرَّاء وَالسِّين وَالْعين وَالصَّاد وَالْقَاف وَالنُّون، قَالَ: إِنَّهَا يقْتَصر بهَا على مداواة السمُوم، وتقاوم السمُوم باضدادها، فيسقى للدغ الْعَقْرَب حارها، وَمن نهشة الْحَيَّة باردها الرطب، أَو تكْتب لَهُ، وتجري المحاولة، فِي الامور، على نَحْو من الطبيعة فتسقى الْحُرُوف الحارة الرّطبَة للتفريح وإذهاب الْغم، وَكَذَلِكَ الحارة الْيَابِسَة لتقوية الْفِكر وَالْحِفْظ، والباردة الْيَابِسَة الثَّبَات وَالصَّبْر، والباردة الرّطبَة لتيسير الامور وتسهيل الْحَاجَات وَطلب الصفح وَالْعَفو.
وَقد صنف البعلبكي فِي خَواص الْحُرُوف كتابا مُفردا، وَوصف لكل حرف خاصية يَفْعَلهَا بِنَفسِهِ، وخا صية بمشاركة غَيره من الْحُرُوف على اوضاع مُعينَة فِي كِتَابه، وَجعل لَهَا نفعا بمفردها على الصُّورَة الْعَرَبيَّة، ونفعا بمفردها، إِذا كتبت على الصُّورَة الْهِنْدِيَّة، ونفعا بمشاركتهما فِي الْكِتَابَة، وَقد اشْتَمَل من الْعَجَائِب على مَا لَا يعلم مِقْدَاره الا من علم مَعْنَاهُ.
وَأما اعمالها فِي الطلسمات فان لله سبحانه وتعالى فِيهَا سرا عجيبا، وصنعا جميلا، شاهدنا صِحَة اخبارها، وَجَمِيل آثارها.
وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع الاطالة بِذكر مَا جربناه مِنْهَا ورأيناه من التَّأْثِير عَنْهَا، فسبحان مسدي النِّعْمَة، ومؤتى الْحِكْمَة، الْعَالم بِمن خلق، وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير.
(1) قَوْله " الْقُرْآن " كَذَا بالنسخ وَلَعَلَّ الاظهر الْقَرار.
(*)