المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الصاد المهملة - لسان العرب - جـ ١

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الناشر]

- ‌تَرْجَمَة الْمُؤلف رحمه الله

- ‌مُقَدّمَة الطبعة الأولى

- ‌مُقدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ

- ‌بَاب تَفْسِير الْحُرُوف الْمُقطعَة

- ‌بَاب ألقاب الْحُرُوف وطبائعها وخواصها

- ‌حرف الْهمزَة

- ‌ا

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الدال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء

- ‌ب

- ‌حرف الباء

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي المعجمة

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضأب

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل الظاء المعجمة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

الفصل: ‌فصل الصاد المهملة

وَالْمِيمِ، وإِنما سُمِّيا بِذَلِكَ لابْيضاضِ الأَرض بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الثَّلْج والصَّقيعِ، وَهُمَا عِنْدَ طلوعِ العَقْرَبِ والنَّسْرِ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ:

شابَ الغُرابُ، وَلَا فُؤَادُكَ تارِكٌ

ذِكْرَ الغَضُوبِ، وَلَا عِتابُك يُعْتَبُ

أَراد: طالَ عَلَيْكَ الأَمرُ حَتَّى كَانَ مَا لَا يَكُونُ أَبداً، وَهُوَ شَيْبُ الغُرابِ. وشَيبانُ: قَبِيلةٌ، وَهُمُ الشَّيَابِنة. وشَيْبانُ: حيٌّ مِنْ بَكْرٍ، وَهُمَا شَيْبانانِ: أَحدهما شَيْبانُ بنُ ثَعْلَبة بنِ عُكابةَ بنِ صَعْبِ بنِ عَلِيِّ بنِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، والآخَر شيبانُ بنُ ذُهْلِ بنِ ثَعْلَبة بنِ عُكابة. وشَيْبةُ: اسمُ رَجُلٍ، مِفْتاحُ الكَعْبةِ فِي وَلَده، وَهُوَ شيبةُ بنُ عثمانَ بنِ طَلْحَةَ بْنِ عبدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ. والشِّيبُ، بِالْكَسْرِ، حِكَايَةُ صَوْتِ مَشافِرِ الإِبِل عِنْدَ الشُّرْبِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ وَوَصَفَ إِبِلًا تَشْرَبُ فِي حَوْضٍ متثَلِّمٍ، وأَصواتُ مَشافِرِها شِيبْ شِيبْ:

تَدَاعَيْنَ، باسمِ الشِّيبِ، فِي مُتَثَلِّمٍ،

جَوانِبُه مِنْ بَصْرةٍ وسِلامِ

وشِيبا السَّوْط: سَيْرانِ فِي رأْسِه، وشِيبُ السَّوْطِ: مَعْرُوفٌ؛ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. وشِيبٌ والشِّيبُ، وشابةُ: جَبَلان مَعْرُوفَانِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

كأَنَّ ثِقالَ المُزْنِ، بَينَ تُضارعٍ

وشابةَ، بَرْكٌ، مِن جُذَامَ، لَبِيجُ

وَفِي الصِّحَاحِ: شابةُ، فِي شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ: اسمُ جَبَلٍ بِنَجْدٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تكونَ أَلِفُ شابةَ مُنْقَلبةً عَنْ واوٍ لأَنَّ في الكلام ش وب كَمَا أَن فِيهِ ش ي ب. التَّهْذِيبُ: شابةُ اسمُ جبلٍ بناحيةِ الحِجاز، والله، سبحانه، أَعلم.

‌فصل الصاد المهملة

صأب: صَئِبَ مِنَ الشَّراب صأَباً: رَوِيَ وامتَلأَ، وأَكثر مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ. وصَئِبَ مِنَ الماءِ إِذا أَكثر شُرْبَهُ، فَهُوَ رَجُلٌ مِصْأَبٌ، على مِفْعَل. والصُّؤَابُ والصُّؤَابة، بِالْهَمْزِ: بَيْضُ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلِ، وَجَمْعُ الصؤَاب صِئبان؛ قَالَ جَرِيرٌ:

كَثِيرَةُ صِئْبانِ النِّطاقِ كأَنها،

إِذا رَشَحَتْ مِنْهَا المعابِنُ، كِيرُ

وَفِي الصِّحَاحِ: الصُّؤَابة، بِالْهَمْزِ، بيضَةُ الْقَمْلَةِ، وَالْجَمْعُ الصُّؤَاب والصِّئبان؛ وَقَدْ غَلِطَ يَعْقُوبُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا تَقُلْ صِئْبَانٌ. وَقَدْ صَئِبَ رأْسُه، وأَصْأَبَ أَيضاً، إِذا كَثُرَ صِئْبانُه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

يَا ربِّ أَوجِدْني صُؤَاباً حَيَّا،

فَمَا أَرَى الطَّيَّارَ يُغْني شَيَّا

أَي أَوجدني كالصؤَاب مِنَ الذَّهَبِ، وَعَنَى بِالْحَيِّ الصَّحِيحَ الَّذِي لَيْسَ بِمُرْفَتٍّ وَلَا مُنْفَتٍّ، والطَّيَّارُ: مَا طَارَتْ بِهِ الرِّيحُ مِنْ دَقِيقِ الذَّهَبِ. أَبو عُبَيْدٍ: الصِّئْبانُ مَا يُتَحَبَّبُ مِنَ الْجَلِيدِ كَاللُّؤْلُؤِ الصِّغار؛ وأَنشد:

فأَضحَى، وصِئْبانُ الصَّقيع كأَنه

جُمانٌ، بضاحي متْنِه، يَتَحدَّرُ

ص: 514

صبب: صبَّ الماءَ وَنَحْوَهُ يَصُبُّه صَبًّا فَصُبَّ وانْصَبَّ وتَصَبَّبَ: أَراقه، وصَبَبْتُ الماءَ: سَكَبْتُه. وَيُقَالُ: صَبَبْتُ لِفُلَانٍ مَاءً فِي القَدَح لِيَشْرَبَهُ، واصْطَبَبْتُ لِنَفْسِي مَاءً مِنَ القِربة لأَشْرَبه، واصْطَبَبْتُ لِنَفْسِي قَدَحًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَقَامَ إِلى شَجْبٍ فاصطَبَّ مِنْهُ الماءَ

؛ هُوَ افْتَعَلَ مِنَ الصَّبِّ أَي أَخذه لِنَفْسِهِ. وتاءُ الِافْتِعَالِ مَعَ الصَّادِ تُقْلَبُ طَاءً ليَسْهُل النُّطْقُ بِهَا، وَهُمَا مِنْ حُرُوفِ الإِطباق. وَقَالَ أَعرابي: اصطَبَبْتُ مِنَ المَزادة مَاءً أَي أَخذته لِنَفْسِي، وَقَدْ صَبَبْتُ الْمَاءَ فاصطَبَّ بِمَعْنَى انصَبَّ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

لَيتَ بُنيِّي قَدْ سَعَى وشبَّا،

ومَنَعَ القِرْبَةَ أَن تَصْطَبَّا

وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ نَحْوَهُ. وَقَالَ هِيَ جَمْعُ صَبوبٍ أَو صابٍّ «1» . قَالَ الأَزهري وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَكُونُ صَبٌّ جَمْعًا لِصَابٍّ أَو صَبوب، إِنما جَمْعُ صَبوب أَو صابٍّ: صُبُبٌ، كَمَا يُقَالُ: شَاةٌ عَزُوز وعُزُز وجَدُودٌ وجُدُد. وَفِي حَدِيثِ

بَرِيرَةَ: إِن أَحَبَّ أَهْلُكِ أَن أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً

أَي دَفعَة وَاحِدَةً، مِن صَبَّ الْمَاءَ يَصُبُّه صَبًّا إِذا أَفرغه. وَمِنْهُ صِفَةُ عَلِيٍّ لأَبي بَكْرٍ، عليهما السلام، حِينَ مَاتَ:

كنتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا صَبّاً

؛ هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَو الْمَفْعُولِ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: تَصَبَّبْتُ عَرَقاً أَي تَصَبَّبَ عَرَقي، فَنُقِلَ الْفِعْلُ فَصَارَ فِي اللَّفْظِ لَيٌّ، فَخَرَجَ الْفَاعِلُ فِي الأَصل مُمَيِّزًا. وَلَا يَجُوزُ: عَرَقاً تَصَبَّبَ، لأَنَّ هَذَا المميِّز هُوَ الْفَاعِلُ فِي الْمَعْنَى، فَكَمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْفَاعِلِ عَلَى الْفِعْلِ، كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُمَيِّزِ إِذا كَانَ هُوَ الْفَاعِلَ فِي الْمَعْنَى عَلَى الْفِعْلِ؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ جِنِّي. وماءٌ صَبٌّ، كَقَوْلِكَ: ماءٌ سَكْبٌ وماءٌ غَوْر؛ قَالَ دُكَيْنُ بْنُ رَجَاءٍ:

تَنْضَحُ ذِفْراهُ بماءٍ صَبِّ،

مِثْلِ الكُحَيْلِ، أَو عَقِيدِ الرُّبِ

والكُحَيْلُ: هُوَ النِّفْط الَّذِي يُطْلَى بِهِ الإِبلُ الجَربى. واصطَبَّ الماءَ: اتَّخذه لِنَفْسِهِ، عَلَى مَا يَجِيءُ عَلَيْهِ عَامَّةُ هَذَا النَّحْوِ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. والماءُ يَنْصَبُّ من الجبل، ويَتَصَبَّبُ مِنَ الْجَبَلِ أَي يَتَحَدَّر. والصُبَّة: مَا صُبَّ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ مُجْتَمِعًا، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الصُّبَّ، بِغَيْرِ هَاءٍ. والصُّبَّة: السُّفرة لأَن الطَّعَامَ يُصَبُّ فِيهَا؛ وَقِيلَ: هِيَ شِبْهُ السُّفْرة. وَفِي حَدِيثِ

واثلَةَ بْنِ الأَسْقَع فِي غَزْوَةِ تَبُوك: فَخَرَجْتُ مَعَ خَيْرِ صَاحِبِ زَادِي فِي صُبَّتي

وَرَوِيتُ صِنَّتي، بِالنُّونِ، وَهُمَا سَوْآءُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الصُّبَّة الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ وَقِيلَ: هِيَ شَيْءٌ يشبه السُّفْرة. قال يزيد: كُنْتُ آكُلُ مَعَ الرُّفْقَةِ الَّذِينَ صَحِبْتُهُمْ، وَفِي السُّفْرة الَّتِي كَانُوا يأْكلون مِنْهَا. قَالَ: وَقِيلَ إِنما هِيَ الصِّنَّة، بِالنُّونِ، وَهِيَ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، شِبْهُ السَّلَّة، يُوضَعُ فِيهَا الطَّعَامُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَتَسْمَعُ آيَةً خيرٌ مِنْ صَبيبٍ ذَهباً

؛ قِيلَ: هُوَ ذَهَبٌ كَثِيرٌ مصْبُوب غَيْرُ مَعْدُودٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ وَقِيلَ: يُحتمل أَن يَكُونَ اسْمَ جَبَلٍ، كَمَا قَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:

خَير مِنْ صَبيرٍ ذَهَبًا.

والصُّبَّة: القِطْعة مِنَ الإِبل وَالشَّاءِ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْخَيْلِ، والصِّرمة مِنَ الإِبل، والصُّبَّة، بِالضَّمِّ، مِنَ الخيل كالسُّرْبَة؛ قال:

(1). قوله [وَقَالَ هِيَ جَمْعُ صَبُوبٍ أو صاب] كذا بالنسخ وفيه سقط ظاهر، ففي شرح القاموس ما نصه وفي لسان العرب عن أَبي عبيدة وقد يكون الصب جَمْعُ صَبُوبٍ أَوْ صَابٍّ.

ص: 515

صُبَّةٌ، كَالْيَمَامِ، تَهْوِي سِراعاً،

وعَدِيٌّ كمِثْلِ شِبْهِ المَضِيق

والأَسْيَق صُبَبٌ كَالْيَمَامِ، إِلّا أَنه آثَرَ إِتْمَامَ الْجُزْءِ عَلَى الْخَبْنِ، لأَن الشُّعَرَاءَ يَخْتَارُونَ مِثْلَ هَذَا؛ وإِلّا فَمُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ أَشكل. وَالْيَمَامُ: طَائِرٌ. والصُّبَّة مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ: مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلى الثَّلَاثِينَ والأَربعين؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين. وَفِي الصِّحَاحِ عَنْ أَبي زَيْدٍ: الصُّبَّة مِنَ الْمَعَزِ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين؛ وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الإِبل مَا دُونَ الْمِائَةِ، كالفِرْق مِنَ الْغَنَمِ، فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الفِرْقَ مَا دُونَ الْمِائَةِ. والفِزْرُ مِنَ الضأْنِ: مِثلُ الصُّبَّة مَنِ المِعْزَى؛ والصِّدْعَةُ نَحْوُهَا، وَقَدْ يُقَالُ فِي الإِبل. والصُّبَّة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ

شَقِيقٍ، قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ: أَلم أُنَبَّأْ أَنكم صُبَّتان؟

صُبَّتان أَي جَمَاعَتَانِ جَمَاعَتَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَلا هلْ عَسَى أَحد مِنْكُمْ أَن يَتَّخِذ الصُّبَّة مِنَ الْغَنَمِ؟

أَي جَمَاعَةً مِنْهَا، تَشْبِيهًا بِجَمَاعَةِ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ اختُلِف فِي عَدِّهَا فَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلى الأَربعين مِنَ الضأْن وَالْمَعَزِ، وَقِيلَ: مِنَ الْمَعَزِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: نَحْوَ الْخَمْسِينَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلى السَّبْعِينَ. قَالَ: والصُّبَّة مِنَ الإِبل نَحْوَ خَمْسٍ أَو سِتٍّ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: اشْتَرَيْتُ صُبَّة مِنْ غَنَمٍ.

وَعَلَيْهِ صُبَّة مِنْ مَالٍ أَي قَلِيلٌ. والصُّبَّة والصُّبَابة، بِالضَّمِّ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَغَيْرِهِمَا تَبْقَى فِي الإِناء وَالسِّقَاءِ؛ قَالَ الأَخطل فِي الصَّبَابَةِ:

جَادَ القِلالُ لَهُ بذاتِ صُبابةٍ،

حمراءَ، مِثلِ شَخِيبَةِ الأَوداجِ

الْفَرَّاءُ: الصُّبَّة والشَّول وَالْغَرَضُ «2» : الْمَاءُ الْقَلِيلُ. وتصابَبْت الْمَاءَ إِذا شَرِبْتَ صُبابته. وَقَدِ اصطَبَّها وتَصَبَّبَها وتَصابَّها. قَالَ الأَخطلُ، وَنَسَبَهُ الأَزهريّ لِلشَّمَّاخِ:

لَقَوْمٌ، تَصابَبْتُ المعِيشَةَ بعدَهم،

أَعزُّ عَلَيْنَا مِنْ عِفاءٍ تَغَيَّرا

جَعَلَهُ لِلْمَعِيشَةِ «3» صُباباً، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ؛ أَي فَقْدُ مَنْ كُنْتُ مَعَهُ أَشدُّ عليَّ مِنِ ابْيِضَاضِ شَعَرِي. قَالَ الأَزهري: شَبَّهَ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَيْشِ بِبَقِيَّةِ الشراب يَتَمَزَّزُه ويَتَصابُّه. وَفِي حَدِيثُ

عُتْبَةَ بْنِ غَزوان أَنه خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: أَلا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْم وولَّتْ حَذَّاء، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا صُبابَةٌ كصُبابَة الإِناءِ

؛ حَذَّاء أَي مُسرِعة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصَّبَابَةُ البَقِيَّة الْيَسِيرَةُ تَبْقَى فِي الإِناءِ مِنَ الشَّرَابِ، فإِذا شَرِبَهَا الرَّجُلُ قَالَ تَصابَبْتُها؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

ولَيْلٍ، هَدَيْتُ بِهِ فِتْيَةً،

سُقُوا بِصُبابِ الكَرَى الأَغْيد

قَالَ: قَدْ يَجُوزُ أَنه أَراد بصُبابة الكَرَى فَحَذَفَ الْهَاءَ؛ كَمَا قَالَ الْهُذَلِيُّ:

أَلا ليتَ شِعْري هَلْ تَنَظَّرَ خالدٌ

عِيادي عَلَى الهِجْرانِ، أَم هُوَ بائسُ؟

وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَجْعَلَهُ جَمْعَ صُبابة، فَيَكُونُ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بالهاءِ كَشُعَيْرَةٍ وَشَعِيرٍ. وَلَمَّا اسْتَعَارَ السَّقْيَ لِلْكَرَى، اسْتَعَارَ الصُّبابة لَهُ أَيضاً، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَثَلِ. وَيُقَالُ: قد تَصابَّ فلان

(2). قوله [والغرض] كذا بالنسخ التي بأيدينا وشرح القاموس ولعل الصواب البرض بموحدة مفتوحة فراء ساكنة.

(3)

. وقوله [جعله للمعيشة إلخ] كذا بالنسخ وشرح القاموس ولعل الأَحسن جعل للمعيشة.

ص: 516

المعِيشَةَ بَعْدَ فُلَانٍ أَي عَاشَ. وَقَدْ تَصابَبْتهم أَجمعين إِلا وَاحِدًا. وَمَضَتْ صُبَّة مِنَ اللَّيْلِ أَي طَائِفَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه ذَكَرَ فِتَنًا فَقَالَ:

لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبّاً، يضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بَعْضٍ.

والأَساود: الحيَّات. وَقَوْلُهُ صُبّاً، قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ: هُوَ مِنَ الصَّبِّ. قَالَ: وَالْحَيَّةُ إِذا أَراد النَّهْش ارْتَفَعَ ثُمَّ صَبَّ عَلَى الْمَلْدُوغِ؛ وَيُرْوَى صُبَّى بِوَزْنِ حُبْلى. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ أَساوِدَ صُبّاً جَمْعُ صَبُوب وصَبِب، فَحَذَفُوا حَرَكَةَ الْبَاءِ الأُولى وأَدغموها فِي الباءِ الثَّانِيَةِ فَقِيلَ صَبٌّ، كَمَا قَالُوا: رَجُلٌ صَبٌّ، والأَصل صَبِبٌ، فأَسقطوا حَرَكَةَ الْبَاءِ وأَدغموها، فَقِيلَ صَبٌّ كَمَا قَالَ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَنباري، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ، وَصَحَّ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ وَابْنِ الأَعرابي وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَرُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ فِي كِتَابِ الْفَاخِرِ فَقَالَ: سُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ قَوْلِهِ أَساوِدَ صُبّاً، فَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه كَانَ يَقُولُ: أَساوِدَ يُرِيدُ بِهِ جماعاتٍ سَواد وأَسْوِدَة وأَساوِد، وصُبّاً: يَنْصَبُّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقَتْلِ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ أَساود صُبّاً عَلَى فُعْل، مِنْ صَبا يَصْبو إِذا مَالَ إِلى الدُّنْيَا، كَمَا يُقَالُ: غازَى وغَزا؛ أَراد لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساود أَي جَمَاعَاتٍ مُخْتَلِفِينَ وطوائفَ مُتَنَابِذِينَ، صَابِئِينَ إِلى الفِتْنة، مَائِلِينَ إِلى الدُّنْيَا وزُخْرُفها. قَالَ: وَلَا أَدري مِنْ رَوَى عَنْهُ، وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ: أَصله صَبَأَ عَلَى فَعَل، بِالْهَمْزِ، مِثْلُ صَابئٍ مِنْ صَبَا عَلَيْهِ إِذا زَرَى عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُهُ، ثُمَّ خَفَّفَ هَمَزَهُ ونوَّن، فَقِيلَ: صُبّاً بِوَزْنِ غُزًّا. يُقَالُ: صُبَّ رِجْلا فُلَانٍ فِي الْقَيْدِ إِذا قُيِّد؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

وَمَا صَبَّ رِجْلي فِي حَدِيدِ مُجاشِع،

مَعَ القَدْرِ، إِلّا حاجَة لِي أُرِيدُها

والصَّبَبُ: تَصَوُّبُ نَهر أَو طَرِيقٍ يَكُونُ فِي حَدورٍ. وَفِي

صِفَةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه كَانَ إِذا مَشَى كأَنه يَنْحَطُّ فِي صَبَب

أَي فِي مَوْضِعٍ مُنْحدر؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَراد بِهِ أَنه قَوِيُّ الْبَدَنِ، فإِذا مَشَى فكأَنه يَمْشِي عَلَى صَدْر قَدَمَيْهِ مِنَ الْقُوَّةِ؛ وأَنشد:

الواطِئِينَ عَلَى صُدُورِ نِعالِهم،

يَمْشونَ فِي الدّفْئِيِّ والإِبْرادِ

وَفِي رِوَايَةٍ:

كأَنما يَهْوِي مِنْ صبَب

«1» ؛ ويُروى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَالْفَتْحُ اسْمٌ لِما يُصَبُّ عَلَى الإِنسان مِنْ ماءٍ وَغَيْرِهِ كالطَّهُور والغَسُول، وَالضَّمُّ جَمْعُ صَبَبٍ. وَقِيلَ: الصَّبَبُ والصَّبُوبُ تَصوُّبُ نَهر أَو طَرِيقٍ. وَفِي حَدِيثِ الطَّوَافِ:

حَتَّى إِذا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي

أَي انْحَدَرَتَا فِي السَّعْيِ. وَحَدِيثُ الصَّلَاةِ:

لَمْ يُصْبِ رأْسَه

أَي يُمَيِّلْه إِلى أَسفل. وَمِنْهُ حَدِيثُ

أُسامة: فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إِلى السماءِ ثُمَّ يَصُبُّها عَلَيَّ، أَعرِف أَنه يَدْعُو لِي.

وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ:

أَنه صَبَّ فِي ذَفِرانَ

، أَي مَضَى فِيهِ مُنْحَدِرًا وَدَافِعًا، وَهُوَ مَوْضِعٌ عِنْدَ بَدْرٍ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: وسُئِلَ أَيُّ الطُّهُور أَفضل؟ قَالَ: أَن تَقُوم وأَنت صَبٌ

، أَي تَنْصَبُّ مِثْلَ الْمَاءِ؛ يَعْنِي يَنْحَدِرُ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ أَصباب؛ قَالَ رؤْبة:

بَلْ بَلَدٍ ذِي صُعُدٍ وأَصْبابْ

وَيُقَالُ: صَبَّ ذُؤَالةُ عَلَى غَنَمِ فُلَانٍ إِذا عَاثَ فِيهَا؛ وصبَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَوْطَ عَذَابِهِ إِذا عَذَّبَهُمْ؛ وصَبَّت الحيَّةُ عَلَيْهِ إِذا ارْتَفَعَتْ فَانْصَبَّتْ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقُ. والصَّبُوب مَا انْصَبَبْتَ فِيهِ وَالْجَمْعُ صُبُبٌ.

(1). قوله [يَهْوِي مِنْ صَبَبٍ] وَيُرْوَى بالفتح كذا بالنسخ التي بأَيدينا وفيها سقط ظاهر وعبارة شارح القاموس بعد أن قال يهوي من صبب كالصبوب ويروى إلخ.

ص: 517

وصَبَبٌ وَهِيَ كالهَبَط وَالْجَمْعُ أَصْباب. وأَصَبُّوا: أَخذوا فِي الصَّبِّ. وصَبَّ فِي الْوَادِي: انْحَدر. أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ للحَدُور: الصَّبوب، وَجَمْعُهَا صُبُب، وَهِيَ الصَّبِيبُ وَجَمْعُهُ أَصباب؛ وَقَوْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ:

فأَوْرَدْتُها مَاءً، كأَنَّ جِمامَه،

مِنَ الأَجْن، حِنَّاءٌ مَعاً وصَبيبُ

قِيلَ: هُوَ الْمَاءُ المَصْبوب، وَقِيلَ: الصَّبِيبُ هُوَ الدَّمُ، وَقِيلَ: عُصارة العَنْدم، وَقِيلَ: صِبْغ أَحمر. والصَّبيبُ: شَجَرٌ يُشْبِهُ السَّذاب يُخْتضب بِهِ. وَالصَّبِيبُ السَّناءُ الَّذِي يَخْتَضِبُ بِهِ اللِّحاء كالحِنَّاء. وَالصَّبِيبُ أَيضاً: مَاءُ شَجَرَةِ السِّمْسِمِ. وَقِيلَ: مَاءُ وَرَقِ السِّمْسِمِ. وَفِي حَدِيثِ

عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنه كَانَ يَخْتَضِبُ بالصَّبِيب

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ إِنه مَاءُ وَرَقِ السِّمْسِمِ أَو غَيْرِهِ مِنْ نَبَاتِ الأَرض؛ قال: وقد وُصِف لِي بِمِصْرَ وَلَوْنُ مَائِهِ أَحمر يَعْلُوهُ سَوَادٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ الْبَيْتَ الْمُتَقَدِّمَ، وَقِيلَ: هُوَ عُصارة وَرَقِ الحنَّاء وَالْعُصْفُرِ. والصَّبِيبُ: الْعُصْفُرُ الْمُخْلِصُ؛ وأَنشد:

يَبْكُونَ، مِن بعْدِ الدُّموعِ الغُزَّر،

دَماً سِجالًا، كَصَبِيبِ العُصْفُر

وَالصَّبِيبُ: شَيْءٌ يُشْبِهُ الوَسْمَة. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَيُقَالُ للعَرَق صَبيب؛ وأَنشد:

هَواجِرٌ تَجْتلِبُ الصَّبِيبَا

ابْنُ الأَعرابي: ضَرَبَهُ ضَرْبًا صَبّاً وحَدْراً إِذا ضَرَبَهُ بِحَدِّ السَّيْفِ. وَقَالَ مُبْتَكِرٌ: ضَرَبَهُ مِائَةً فَصَبًّا منوَّنٌ؛ أَي فَدُونَ ذَلِكَ، وَمِائَةً فَصَاعِدًا أَي مَا فَوْقَ ذَلِكَ. وَفِي قَتْلِ أَبي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ: فَوَضَعْتُ صَبيبَ السَّيْفِ فِي بَطنِه أَي طَرَفه، وآخِرَ مَا يَبْلُغُ سِيلانه حِينَ ضَرَبَ، وَقِيلَ: سِيلانه مُطْلَقًا. والصَّبابة: الشَّوْقُ؛ وَقِيلَ: رِقَّتُهُ وَحَرَارَتُهُ. وَقِيلَ: رِقَّةُ الْهَوَى. صَبِبْتُ إِليه صَبَابة، فأَنا صَبٌّ أَي عَاشِقٌ مُشْتَاقٌ، والأُنثى صَبَّة. سِيبَوَيْهِ: وَزْنُ صَبَّ فَعِل، لأَنَّك تَقُولُ: صَبِبْتَ، بِالْكَسْرِ، يَا رَجُلُ صَبابة، كَمَا تَقُولُ: قَنِعْتَ قَنَاعَةً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِيمَا يَقُولُهُ نساءُ الأَعراب عِنْدَ التأْخِيذِ بالأُخَذِ: صَبٌّ فاصْبَبْ إِليه، أَرِقٌ فارْقَ إِليه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

ولَسْتَ تَصَبُّ إِلى الظَّاعِنِينْ،

إِذا مَا صَدِيقُك لَمْ يَصْبَبِ

ابْنُ الأَعرابي: صَبَّ الرَّجُلُ إِذا عَشِقَ يَصَبُّ صَبابة، وَرَجُلٌ صَبٌّ، وَرَجُلَانِ صَبَّان، وَرِجَالُ صَبُّون، وامرأَتان صَبَّتان، وَنِسَاءٌ صَبَّات، عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: رَجُلٌ صَبٌّ، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ رَجُلٌ فَهِمٌ وحَذِرٌ. وأَصله صَبِبٌ فَاسْتَثْقَلُوا الْجَمْعَ بَيْنَ باءَين مُتَحَرِّكَتَيْنِ، فأَسقطوا حَرَكَةَ الْبَاءِ الأُولى وأَدغموها فِي الباءِ الثَّانِيَةِ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ رَجُلٌ صَبٌّ، وَهُوَ يَجْعَلُ الصَّبَّ مَصْدَرَ صَبِبْتَ صَبّاً، عَلَى أَن يَكُونَ الأَصل فِيهِ صَبَباً ثُمَّ لَحِقَهُ الإِدغام، قَالَ فِي التَّثْنِيَةِ: رَجُلَانِ صَبٌّ وَرِجَالٌ صَبٌّ وامرأَة صَبٌّ. أَبو عَمْرٍو: الصَّبِيبُ الجَليدُ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ الشِّتَاءِ:

وَلَا كَلْبَ، إِلّا والِجٌ أَنْفَه اسْتَه،

وَلَيْسَ بِهَا، إِلا صَباً وصَبِيبُها

والصَّبِيبُ: فَرس مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبي زَيْدٍ. وصَبْصَبَ الشيءَ: مَحَقه وأَذْهبه. وبصْبَصَ الشيءُ:

ص: 518

امَّحَق وذَهَب. وصُبَّ الرجلُ والشيءُ إِذا مُحِقَ. أَبو عَمْرٍو: والمُتَصَبْصِبُ الذَّاهِبُ المُمَّحِقُ. وتَصَبْصَبَ اللَّيْلُ تَصَبْصُباً: ذَهَبَ إِلا قَلِيلًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

إِذا الأَداوى، ماؤُها تَصَبْصَبا

الْفَرَّاءُ: تَصَبْصَبَ مَا فِي سِقَائِكَ أَي قَلَّ؛ وَقَالَ الْمَرَّارُ:

تَظَلُّ نِساءُ بَنِي عامِرٍ،

تَتَبَّعُ صَبْصابَه كُلَّ عَامِ

صَبْصابهُ: مَا بَقِيَ مِنْهُ، أَو مَا صُبَّ مِنْهُ. والتَّصَبْصُبُ: شِدَّةُ الخِلاف والجُرْأَة. يُقَالُ: تَصَبْصَبَ عَلَيْنَا فُلَانٌ، وتَصَبْصَبَ النهارُ: ذَهَبَ إِلا قَلِيلًا؛ وأَنشد:

حَتَّى إِذا مَا يَومُها تَصَبْصَبا

قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَي ذَهَبَ إِلا قَلِيلًا. وتصَبْصب: الحرُّ: اشْتَدَّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

حَتَّى إِذا مَا يومها تَصَبْصَبَا

أَي اشْتَدَّ عَلَيْهَا الْحَرُّ ذَلِكَ الْيَوْمَ. قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ أَبي زَيْدٍ أَحب إِليَّ. وَتَصَبْصَبَ أَي مَضَى وَذَهَبَ؛ وَيُرْوَى: تَصَبَّبَا؛ وَبَعْدَهُ قَوْلُهُ:

مِنْ صادِرٍ أَو وارِدٍ أَيدي سَبَا

وتصَبْصَب الْقَوْمُ: تَفَرَّقُوا. أَبو عَمْرٍو: صَبْصَبَ إِذا فرَّق جَيشاً أَو مَالًا. وقَرَبٌ صَبْصاب: شَدِيدٌ. صَبصابٌ مِثْلُ بَصْباص. الأَصمعي: خِمْسٌ صبْصاب وبَصْباص وحَصْحاص: كُلُّ هَذَا السَّيْرِ الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ وَثِيرة وَلَا فُتور. وَبَعِيرٌ صَبْصَب وصُباصِبٌ: غَلِيظٌ شَدِيدٌ.

صحب: صَحِبَه يَصْحَبُه صُحْبة، بِالضَّمِّ، وصَحابة، بِالْفَتْحِ، وَصَاحَبَهُ: عَاشَرَهُ. والصَّحْب: جَمْعُ الصَّاحِبِ مِثْلِ رَاكِبٍ وَرَكْبٍ. والأَصْحاب: جَمَاعَةُ الصَّحْب مِثْلَ فَرْخ وأَفْراخ. وَالصَّاحِبُ: المُعاشر؛ لَا يتعدَّى تَعَدِّيَ الْفِعْلِ، أَعني أَنك لَا تَقُولُ: زَيْدٌ صاحِبٌ عَمْراً، لأَنهم إِنما اسْتَعْمَلُوهُ اسْتِعْمَالَ الأَسماء، نَحْوَ غُلَامِ زَيْدٍ؛ وَلَوِ اسْتَعْمَلُوهُ اسْتِعْمَالَ الصِّفَةِ لَقَالُوا: زَيْدٌ صاحِبٌ عَمْرًا، أَو زَيْدٌ صاحبُ عَمْرو، عَلَى إِرادة التَّنْوِينِ، كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ ضاربٌ عَمْرًا، وَزَيْدٌ ضاربُ عمْرٍو؛ تُرِيدُ بِغَيْرِ التَّنْوِينِ مَا تُرِيدُ بِالتَّنْوِينِ؛ وَالْجَمْعُ أَصحاب، وأَصاحيبُ، وصُحْبان، مِثْلُ شَابٍّ وشُبّان، وصِحاب مِثْلُ جَائِعٌ وجِياع، وصَحْب وصَحابة وصِحابة، حَكَاهَا جَمِيعًا الأَخفش، وأَكثر النَّاسِ عَلَى الْكَسْرِ دُونَ الهاءِ، وَعَلَى الْفَتْحِ مَعَهَا، وَالْكَسْرُ مَعَهَا عَنِ الْفَرَّاءِ خَاصَّةً. وَلَا يَمْتَنِعُ أَن تَكُونَ الْهَاءُ مَعَ الْكَسْرِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، عَلَى أَن تُزَادَ الْهَاءُ لتأْنيث الْجَمْعِ. وَفِي حَدِيثِ

قَيْلَةَ: خَرَجْتُ أَبتغي الصَّحابة إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم

؛ هُوَ بِالْفَتْحِ جَمْعُ صَاحِبٍ، وَلَمْ يُجْمَعْ فاعِل عَلَى فَعالة إِلا هَذَا؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:

فكانَ تَدانِينا وعَقْدُ عِذارهِ،

وقال صِحابي: قَدْ شَأَونَك، فاطْلُب

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَغنى عَنْ خَبَرِ كَانَ الْوَاوُ الَّتِي فِي مَعْنَى مَعَ، كأَنه قَالَ: فَكَانَ تَدَانِينَا مَعَ عَقْدِ عِذَارِهِ، كَمَا قَالُوا: كُلُّ رَجُلٍ وضَيْعَتُه؛ فَكُلُّ مُبْتَدَأٌ، وَضَيْعَتُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كُلُّ، ولم يأت له بِخَبَرٍ، وإِنما أَغنى عَنِ الْخَبَرِ كَوْنُ الْوَاوِ فِي مَعْنَى مَعَ، وَالضَّيْعَةُ هُنَا: الْحِرْفَةُ، كأَنه قَالَ: كُلُّ رَجُلٍ مَعَ حِرْفَتِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: كُلُّ رَجُلِ وشأْنه. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الصَّحابة، بِالْفَتْحِ:

ص: 519

الأَصْحاب، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ، وَجَمْعُ الأَصْحاب أَصاحِيب. وأَما الصُّحْبة والصَّحْب فَاسْمَانِ لِلْجَمْعِ. وَقَالَ الأَخفش: الصَّحْبُ جَمْعٌ، خِلَافًا لِمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَيُقَالُ: صَاحِبٌ وأَصْحاب، كَمَا يُقَالُ: شاهِد وأَشهاد، وناصِر وأَنْصار. وَمَنْ قَالَ: صَاحِبٌ وصُحْبة، فَهُوَ كَقَوْلِكَ فارِه وفُرْهَة، وغلامٌ رائِق، وَالْجَمْعُ رُوقَة؛ والصُّحْبَةُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ: صَحِبَ يَصْحَبُ صُحْبَةً. وَقَالُوا فِي النساءِ: هنَّ صواحِبُ يُوسُفَ. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي الْحَسَنِ: هُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ، جَمَعُوا صَواحِبَ جَمْعَ السَّلَامَةِ، كَقَوْلِهِ:

فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها

وَقَوْلِهِ:

جَذْب الصَّرارِيِّين بالكُرور

والصِّحابَة: مَصْدَرُ قَوْلِكَ صاحبَك اللهُ وأَحْسَن صحابَتَك. وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ التَّوْدِيعِ: مُعاناً مُصاحَباً. وَمَنْ قَالَ: مُعانٌ مَصاحَبٌ، فَمَعْنَاهُ: أَنت مُعَانٌ مُصاحَب. وَيُقَالُ: إِنه لَمِصْحاب لَنَا بِمَا يُحَبّ؛ وَقَالَ الأَعشى:

فَقَدْ أَراكَ لَنَا بالوُدِّ مصْحابا

وفُلانٌ صاحِبُ صِدْقٍ. واصْطَحَب الرَّجُلَانِ، وَتَصَاحَبَا، واصْطَحَبَ الْقَوْمُ: صَحِبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ وأَصله اصْتَحَب، لأَن تَاءَ الِافْتِعَالِ تَتَغَيَّرُ عِنْدَ الصَّادِ مِثْلَ اصْطَحَبَ، وَعِنْدَ الضَّادِ مِثْلَ اضْطَربَ، وَعِنْدَ الطَّاءِ مِثْلَ اطَّلَب، وَعِنْدَ الظَّاءِ مِثْلَ اظَّلَم، وَعِنْدَ الدَّالِ مِثْلَ ادَّعى، وَعِنْدَ الذَّالِ مِثْلَ اذّخَر، وَعِنْدَ الزَّايِ مِثْلَ ازْدَجَر، لأَن التَّاءَ لانَ مَخْرَجُها فَلَمْ تُوَافِقْ هَذِهِ الْحُرُوفَ لِشِدَّةِ مَخَارِجَهَا، فأُبْدِلَ مِنْهَا مَا يُوَافِقُهَا، لِتَخِفَّ عَلَى اللِّسَانِ، ويَعْذُبَ اللَّفْظُ بِهِ. وحمارٌ أَصْحَبُ أَي أَصْحَر يَضْرِبُ لَوْنُهُ إِلى الْحُمْرَةِ. وأَصْحَبَ: صَارَ ذَا صَاحِبٍ وَكَانَ ذَا أَصحاب. وأَصْحَبَ: بَلَغَ ابْنُهُ مَبْلَغَ الرِّجَالِ، فَصَارَ مِثْلَهُ، فكأَنه صَاحِبُهُ. واسْتَصْحَبَ الرجُلَ: دَعاه إِلى الصُّحْبة؛ وَكُلُّ مَا لَازَمَ شَيْئًا فَقَدِ اسْتَصْحَبَهُ؛ قَالَ:

إِنّ لَكَ الفَضْلَ عَلَى صُحْبَتي،

والمِسْكُ قدْ يَسْتَصْحِبُ الرّامِكا

الرامِك: نَوْعٌ مِنَ الطِّيبِ رَدِيءٌ خَسِيسٌ. وأَصْحَبْتُه الشَّيْءَ: جَعَلْتُهُ لَهُ صَاحِبًا، وَاسْتَصْحَبْتُهُ الْكِتَابَ وَغَيْرَهُ. وأَصْحَبَ الرجلَ واصْطَحَبه: حَفِظَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

اللَّهُمَّ اصْحَبْنا بِصُحْبَةٍ واقلِبْنا بِذِمَّةٍ

؛ أَي احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ فِي سَفَرنا، وأَرجِعنا بأَمانتك وعَهْدِك إِلى بَلَدِنَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ

؛ قَالَ: يَعْنِي الْآلِهَةَ لَا تَمْنَعُ أَنفسنا، وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ

: يُجَارُونَ أَي الْكُفَّارُ؛ أَلا تَرَى أَن الْعَرَبَ تَقُولُ: أَنا جارٌ لَكَ؛ وَمَعْنَاهُ: أُجِيرُك وأَمْنَعُك. فَقَالَ: يُصْحَبون بالإِجارة. وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يُصْحَبُون مِنَ اللهِ بِخَيْرٍ؛ وَقَالَ أَبو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ: أَصْحَبْتُ الرجلَ أَي مَنَعْتُه؛ وأَنشد قَوْلَ الهُذَليّ:

يَرْعَى بِرَوْضِ الحَزْنِ، مِنْ أَبِّه،

قُرْبانَه، فِي عابِه، يُصْحِبُ

يُصْحِبُ: يَمْنَعُ ويَحْفَظُ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ

أَي يُمْنعون. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِ صَحِبَك اللَّهُ أَي حَفِظَكَ وكان لك جَارًا؛ وَقَالَ:

جارِي وَمَوْلايَ لَا يَزْني حَريمُهُما،

وصاحِبي منْ دَواعي السُّوءِ مُصْطَحَبُ

ص: 520

وأَصْحبَ البعيرُ والدابةُ: انْقَادَا. وَمِنْهُمْ مَن عَمَّ فَقَالَ: وأَصْحَبَ ذلَّ وَانْقَادَ مِنْ بَعْدِ صُعوبة؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

ولَسْتُ بِذِي رَثْيَةٍ إِمَّرٍ،

إِذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحبا

الإِمَّرُ: الَّذِي يأْتَمِرُ لِكُلِّ أَحد لضَعْفِه، والرَّثْيَةُ: وجَع الْمَفَاصِلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فأَصْحَبَت الناقةُ

أَي انْقَادَتْ، وَاسْتَرْسَلَتْ، وَتَبِعَتْ صَاحِبَهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: صحِبْتُ الرجُلَ مِنَ الصُّحْبة، وأَصْحَبْتُ أَي انْقَدْتُ لَهُ؛ وأَنشد:

تَوالى بِرِبْعِيِّ السّقابُ، فأَصْحَبا

والمُصْحِبُ المُستَقِيمُ الذَّاهِبُ لَا يَتَلَبَّث؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

يَا ابْنَ شهابٍ، لَسْتَ لِي بِصاحِب،

مَعَ المُماري ومَعَ المُصاحِب

فَسَّرَهُ فَقَالَ: المُماري المُخالِفُ، والمُصاحِبُ المُنْقاد، مِنَ الإِصْحابِ. وأَصْحَبَ الماءُ: عَلَاهُ الطُّحْلُب والعَرْمَضُ، فَهُوَ ماءٌ مُصْحِبٌ. وأَدِيمٌ مُصْحِبٌ عَلَيْهِ صُوفُه أَو شَعره أَو وبَرُه، وَقَدْ أَصْحَبْته: تَرَكْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وقِربَةٌ مُصْحِبَة: بَقِيَ فِيهَا مِنْ صُوفِهَا شَيْءٌ وَلِمَ تُعْطَنْهُ. والحَمِيتُ: مَا لَيْسَ عَلَيْهِ شَعَرٌ. وَرَجُلٌ مُصْحِب: مَجْنُونٌ. وصَحَبَ المَذْبوحَ: سلَخه فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. وتَصَحَّب مِنْ مُجالَسَتِنا: استَحْيا. وَقَالَ ابْنُ بِرَزْحٍ «2» إِنه يَتَصَحَّبُ مِنْ مُجَالَسَتِنَا أَي يستَحْيِي مِنْهَا. وإِذا قِيلَ: فُلَانٌ يتسَحَّب عَلَيْنَا، بِالسِّينِ، فَمَعْنَاهُ: أَنه يَتمادَحُ ويَتَدَلَّل. وَقَوْلُهُمْ فِي النداءِ: يَا صاحِ، مَعْنَاهُ يَا صَاحِبِي؛ وَلَا يَجُوزُ تَرْخِيمُ الْمُضَافِ إِلّا فِي هَذَا وَحْدَهُ، سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ مُرخَّماً. وَبَنُو صُحْب: بَطْنان، واحدٌ فِي باهِلَة، وَآخَرُ فِي كلْب. وصَحْبانُ: اسْمُ رجلٍ.

صخب: الصَّخَبُ: الصِّياحُ والجلَبة، وَشِدَّةُ الصَّوْتِ واختلاطُهُ. وَفِي حَدِيثِ

كَعْبٍ فِي التَّوْرَاةِ: محمدٌ عَبْدِي لَيْسَ بفَظٍّ وَلَا غَلِيظ، وَلَا صَخُوبٍ فِي الأَسواق

؛ وَفِي رِوَايَةٍ:

وَلَا صَخَّاب.

الصَّخَب والسَّخَب: الضجَّة وَاخْتِلَاطُ الأَصوات للخِصام؛ وفَعُول وفَعّال: لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي حَدِيثِ

خَدِيجَةَ: لَا صَخَبَ فِيهِ، وَلَا نَصَب.

وَفِي حَدِيثِ

أُمِّ أَيمن: وَهِيَ تَصْخَب وتَذْمُر عَلَيْهِ.

وَقَدْ صَخِب، بِالْكَسْرِ، يَصْخَب صخَباً. والسَّخَب: لُغَةٌ فِيهِ رَبَعِيَّة قَبِيحَةٌ. وَرَجُلٌ صَخَّاب وصَخِبٌ وصَخُوبٌ وصَخْبانُ: شَدِيدُ الصخَب كَثِيرُهُ، وَجَمْعُ الصَّخْبان: صُخْبان عَنْ كُرَاعٍ، والأُنثى صَخِبَة وصَخّابة وصُخُبَّة وصَخُوب؛ قَالَ:

فَعَلَّكَ لوْ تُبَدِّلُنا صَخُوباً،

تَرُدُّ الأَمْرَدَ المخْتارَ كَهْلا

وَقَوْلُ أُسامة الْهُذَلِيِّ:

إِذا اضْطَرَبَ المُمَرُّ بجانِبَيْها،

تَرَنَّمُ قَيْلَةٌ صَخِبٌ طَروب «3»

حَمَلَهُ عَلَى الشَّخْصِ فذكَّر، إِذ لَا يُعْرَف فِي الْكَلَامِ: امرأَة فَعِلٌ، بِلَا هَاءٍ. واصْطَخَب: افتَعل، مِنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّ الضّفادِعَ، فِي الغُدْرانِ، تَصْطَخِب

(2). قوله [برزح] هكذا في النسخ المعتمدة بيدنا.

(3)

. قوله [قيلة] كذا بالنسخ التي بأيدينا باللام وفي شرح القاموس قينة بالنون وهو أَليق بقوله ترنم وبقول المصنف لا يعرف إلخ.

ص: 521

وَفِي حَدِيثِ الْمُنَافِقِينَ:

صخبٌ بِالنَّهَارِ

أَي صَيَّاحُونَ فِيهِ وَمُتَجَادِلُونَ. وَعَيْنٌ صَخْبَةٌ: مُصْطَفِقَة عِنْدَ الجَيَشانِ. واصْطَخَب الْقَوْمُ وتَصاخَبُوا إِذا تَصَايَحُوا وَتَضَارَبُوا. وَمَاءٌ صَخِبُ الآذِيِّ ومُصْطَخِبُه إِذا تَلَاطَمَتْ أَمواجُه أَي لَهُ صَوْتٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

مُفْعَوْعِمٌ، صَخِبُ الآذِيِّ، مُنْبَعِق

واصْطِخابُ الطَّيْرِ: اخْتِلَاطُ أَصواتها. وَحِمَارٌ صَخِبُ الشوارِبِ: يُرَدِّدُ نُهاقَه فِي شَوَارِبِهِ. والشوارِبُ: مَجَارِي الْمَاءِ فِي الحَلْق؛ قَالَ:

صَخِبُ الشوارِبِ لَا يَزال، كأَنه

عبْدٌ، لآلِ أَبي رَبيعةَ، مُسْبَعُ

والصَّخْبَة: العَطْفة.

صرب: الصَّرْبُ والصَّرَبُ: اللَّبَنُ الحَقينُ الحامِض. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ حُقِنَ أَياماً فِي السقاءِ حَتَّى اشتدَّ حَمَضُه، وَاحِدَتُهُ: صَرْبَةٌ وصَرَبَةٌ. يُقَالُ: جَاءَنَا بِصَربة تَزْوي الْوَجْهُ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ الزُّبَيْرِ: فيأْتي بالصَّربة مِنَ اللَّبَنِ

؛ هُوَ اللَّبَنُ الْحَامِضُ. وصَربه يَصْرُبُه صَرْباً، فَهُوَ مَصْروب وصَريب. وصَرَبه: حَلَبَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ وَتَرَكَهُ يَحْمَضُ. وَقِيلَ: صَرَب اللبنَ والسمنَ فِي النِّحْي. الأَصمعي: إِذا حُقِن اللَّبَنُ أَياماً فِي السقاءِ حَتَّى اشتَدَّ حَمَضُه، فَهُوَ الصرْب والصرَب؛ وأَنشد:

فالأَطْيَبانِ بِهَا الطُّرْثوثُ والصّرَب

قَالَ أَبو حَاتِمٍ: غَلِطَ الأَصمعي فِي الصَّرْبِ أَنه اللَّبَنُ الْحَامِضُ؛ قَالَ وَقُلْتُ لَهُ: الصَّرب الصمْغ والصَّرب اللَّبَنُ، فَعَرَفَهُ، وَقَالَ: كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: صَرَب اللبنَ فِي السقاءِ. ابْنُ الأَعرابي: الصِّرْبُ الْبُيُوتُ الْقَلِيلَةُ مِنْ ضَعْفَى الأَعراب. قَالَ الأَزهري: والصِّرْم مِثْلُ الصِّرْب، قَالَ: وَهُوَ بِالْمِيمِ أَعرب «1» . وَيُقَالُ: كَرَصَ فُلَانٌ فِي مِكْرَصه، وصَرَبَ فِي مِصْرَبه، وقَرَعَ فِي مِقْرَعه: كُلُّه السِّقَاءُ يُحْقن فِيهِ اللَّبَنُ. وَقَدِمَ أَعرابي عَلَى أَعرابية، وَقَدْ شَبِقَ لِطُولِ الْغَيْبَةِ، فَرَاوَدَهَا فأَقبلت تُطَيِّبُ وتُمتعه، فَقَالَ: فَقَدْتُ طَيِّباً فِي غَيْرِ كُنْهه أَي فِي غَيْرِ وَجْهِهِ وَمَوْضِعِهِ، فَقَالَتِ المرأَة: فقدْتَ صرْبة مُسْتَعْجِلًا بِهَا؛ عَنَتْ بِالصَّرْبَةِ: الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ فِي الظَّهْرِ. وإِنما هُوَ عَلَى الْمَثَلِ بِاللَّبَنِ الْمُجْتَمِعِ فِي السقاءِ. والمِصْرَب: الإِناءُ الَّذِي يُصرَب فِيهِ اللَّبَنُ أَي يُحْقَن، وَجَمْعُهُ الْمَصَارِبُ. تَقُولُ: صَرَبْتُ اللَّبَنَ فِي الوَطْب واصْطَرَبْتُه إِذا جَمَعْتَهُ فِيهِ شَيْئًا بَعْدَ شيءٍ وتركْتَه ليَحْمَض. والصَّرْب: مَا يُزَوَّدُ مِنَ اللَّبَنِ فِي السقاءِ، حَلِيبًا كَانَ أَو حازِراً. وَقَدِ اصْطَرَبَ صَرْبة، وصرَبَ بولَه يَصْرُبه ويَصْرِبه صَرْبًا: حقنَه إِذا طَالَ حَبْسُهُ؛ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْفَحْلَ مِنَ الإِبل، وَمِنْهُ قِيلَ للبَحِيرة: صَرْبى عَلَى فَعْلى، لأَنهم كَانُوا لَا يَحْلُبونها إِلا لِلضَّيْفِ، فَيَجْتَمِعُ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: البَحِيرة الَّتِي يُمْنع دَرُّها لِلطَّوَاغِيتِ، فَلَا يحلُبها أَحد مِنَ النَّاسَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عَنْ أَبيه قَالَ: هَلْ تُنْتَج إِبلُك وافِيةً أَعينها وآذانُها فتَجْدَعُها وَتَقُولُ صَرْبَى؟

قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: قَوْلُهُ صَرْبى مِثْلَ سَكْرَى، مِنْ صَرَبْت اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ إِذا جَمَعْتَهُ وَلَمْ تَحْلِبْهُ، وَكَانُوا إِذا جَدَعُوهَا أَعْفَوْها مِنَ الحلْب. وَقَالَ بعضهم:

(1). قوله [أعرب] كذا في نسخة وفي أخرى وشرح القاموس أعرف بالفاء.

ص: 522

تجعلُ الصَّرْبَى مِنَ الصَّرْم، وَهُوَ الْقَطْعُ، بِجَعْلِ الباءِ مُبدلَة مِنَ الْمِيمِ، كَمَا يُقَالُ ضرْبَةُ لازِم وَلَازِبٍ؛ قَالَ: وكأَنه أَصح التَّفْسِيرَيْنِ لِقَوْلِهِ فتجْدع هَذِهِ فَتَقُولُ صَرْبى. ابْنُ الأَعرابي الصَّرْبُ: جَمْعُ صَرْبَى، وَهِيَ الْمَشْقُوقَةُ الأُذن مِنَ الإِبل، مِثْلُ الْبَحِيرَةِ أَو الْمَقْطُوعَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى عَنْ

أَبي الأَحوص أَيضاً عَنْ أَبيه قَالَ: أَتيت رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وأَنا قَشِف الْهَيْئَةِ، فَقَالَ: هَلْ تُنْتَج إِبلك صِحاحاً آذانُها، فتَعْمِدَ إِلى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها، فَتَقُولُ: هَذِهِ بَحِيرة، وَتَشُقُّهَا فَتَقُولُ: هَذِهِ صَرْم فَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَهلك؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا آتَاكَ اللَّهُ لَكَ حِلٌّ، وساعِدُ اللَّهِ أَشدّ، ومُوساه أَحدّ.

قَالَ: فَقَدْ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ صَرْمٌ مَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي الصَّرْب: إِنَّ الْبَاءَ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْمِيمِ. وصَرَبَ الصبيُّ: مَكَثَ أَياماً لَا يُحْدِث، وصَرَبَ بَطْنُ الصَّبِيِّ صَرْباً إِذا عَقَد لِيَسْمَنَ، وَهُوَ إِذا احْتَبَسَ ذُو بَطْنِه فَيَمْكُثُ يَوْمًا لَا يُحْدِثُ، وَذَلِكَ إِذا أَراد أَن يَسْمَن. والصَّرْب والصَّرَب: الصَّمْغُ الأَحمر؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَذْكُرُ الْبَادِيَةَ:

أَرْضٌ، عَنِ الخيْرِ والسُّلْطانِ، نائِيَةٌ،

فالأَطْيَبانِ بِهَا الطُّرثُوثُ والصَّرَبُ

وَاحِدَتُهُ صَرْبَةٌ، وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى صِراب؛ وَقِيلَ: هُوَ صَمْغُ الطَّلْح والعُرْفُط، وَهِيَ حُمْرٌ كأَنها سَبَائِكُ تُكْسَرُ بِالْحِجَارَةِ. وَرُبَّمَا كَانَتِ الصَّرْبَةُ مِثْلَ رأْس السِّنَّوْر، وَفِي جَوْفِهَا شَيْءٌ كالغِراءِ والدِّبْس يُمَصُّ ويؤْكَل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

سَيَكْفِيكَ صَرْبُ القَوْمِ، لحْمٌ مُغَرّضٌ،

وماءُ قُدورٍ، فِي الجِفانِ، مَشُوب

قَالَ: والصَّرْب الصَّمْغُ الأَحمر، صَمْغُ الطلْح. والصَّرَبَةُ: مَا يُتَخير مِنَ الْعُشْبِ وَالشَّجَرِ بَعْدَ الْيَابِسِ، وَالْجَمْعُ صَرَبٌ وَقَدْ صَرِبت الأَرضُ، واصْرَأَبَّ الشيءُ: امْلاسَّ وَصَفَا؛ وَمَنْ رَوَى بَيْتَ إمرئِ القَيس: صَرَابَةَ حَنْظَل، أَراد الصَّفَاءَ وَالْمُلُوسَةَ؛ وَمَنْ رَوَى: صَرايةَ، أَراد نَقِيعَ مَاءِ الْحَنْظَلِ، وهو أَحمر صاف.

صطب: «1» : التَّهْذِيبُ ابْنُ الأَعرابي: المِصْطَب سَنْدان الحَدَّاد. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابياً مِنْ بَنِي فَزارَةَ يَقُولُ لِخَادِمٍ لَهُ: أَلا وَارْفَعْ لِي عَنْ صَعِيد الأَرض مِصْطَبة أَبِيتُ عَلَيْهَا بِاللَّيْلِ، فَرَفَعَ لَهُ مِنَ السَّهْلةِ شِبْهَ دُكَّانٍ مُرَبَّعٍ، قَدْرَ ذِرَاعٍ مِنَ الأَرض، يَتَّقِي بِهَا مِنَ الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ آخَرَ مِنْ بَنِي حَنْظلة سَمَّاهَا المصْطَفَّة، بالفاءِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنه قَالَ: إِني كُنْتُ لَا أُجالسكم مَخَافَةَ الشُّهْرَةِ، حَتَّى لَمْ يَزَلْ بِيَ الْبَلَاءُ حَتَّى أَخذ بِلِحْيَتِي وأَقمت عَلَى مَصْطَبة بِالْبَصْرَةِ. وَقَالَ أَبو الهيثمِ: المَصْطَبَّة والمِصْطَبَّة بِالتَّشْدِيدِ مُجْتَمَعُ النَّاسِ، وَهِيَ شِبْهُ الدُّكَّانِ يُجْلس عَلَيْهَا. والأُصْطُبَّة: مُشاقة الكَتَّان. وَفِي الْحَدِيثِ:

رأَيت أَبا هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، عَلَيْهِ إِزار فِيهِ عَلَقٌ، قَدْ خيَّطه بالأُصْطُبَّة

، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الغَريبين.

صعب: الصَّعْبُ: خِلَافُ السَّهْل، نَقِيضُ الذَّلُول؛ والأُنثى صَعْبَة، بالهاءِ، وَجَمْعُهُمَا صِعاب؛ ونساءٌ صَعْبات، بِالتَّسْكِينِ لأَنه صِفَةٌ. وصَعُب الأَمر وأَصْعَبَ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، يَصْعُب صُعوبة: صَارَ صَعْباً. واسْتَصْعَب وتَصَعَّب وصعَّبه وأَصْعَبَ الأَمرَ:

(1). قوله [صطب] أهمل الجوهري والمؤلف قبله مادة ص ر خ ب والصرخبة فسرها ابن دريد بالخفة والنزق كالصربخة، أفاده شارح القاموس.

ص: 523

وَافَقَهُ صَعْباً؛ قَالَ أَعْشى بَاهِلَةَ:

لَا يُصْعِبُ الأَمرَ، إِلّا رَيْثَ يَرْكَبُه،

وَكُلَّ أَمرٍ، سِوى الفَحْشاء، يأْتَمِرُ

واسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ الأَمرُ أَي صَعُب. واستصْعَبه: رَآهُ صَعْباً؛ وَيُقَالُ: أَخذ فُلَانٌ بكْراً مِنَ الإِبل ليقتَضِيَه، فاستَصعَب عَلَيْهِ استِصعاباً. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا رَكِبَ الناسُ الصَّعْبَة والذلُولَ، لَمْ نأْخذْ مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَا نعرِفُ

أَي شدائدَ الأُمور وسُهُولَها. وَالْمُرَادُ: تَرَكَ المُبالاةَ بالأَشياءِ وَالِاحْتِرَازَ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. والصَّعْبُ مِنَ الدَّوَابِّ: نَقِيضُ الذَّلُول؛ والأُنثى: صَعْبة، وَالْجَمْعُ صِعاب. وأُصْعِبَ الجمَلُ: لَمْ يُرْكب قَطُّ؛ وأَصْعَبه صاحبُه: تَرَكَهُ وأَعفاه مِنَ الرُّكُوبِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

سَنامُه فِي صُورةٍ مِنْ ضُمْرِهِ،

أَصعَبَه ذُو جِدَةٍ فِي دَثْره

قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ فِي صُورَةٍ حَسَنَة مِنْ ضُمْره أَي لَمْ يَضَعْهُ أَن كَانَ ضَامِرًا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: تَرَكَهُ فَلَمْ يَرْكَبْهُ، وَلَمْ يَمْسَسْه حَبْل حَتَّى صَارَ صَعْباً. وَفِي حَدِيثِ

جُبَيْرٍ: مَنْ كَانَ مُصْعِباً فَلْيَرْجِعْ

أَي مَنْ كَانَ بَعِيرُهُ صَعْبًا غَيْرَ مُنْقَادٍ وَلَا ذَلُولٍ. يُقال: أَصْعَب الرَّجُلُ فَهُوَ مُصْعِب. وَجَمَلٌ مُصْعَب إِذا لَمْ يَكُنْ مُنَوَّقاً، وَكَانَ مُحَرَّم الظَّهْرِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: المُصْعَبُ الْفَحْلُ الَّذِي يُودَعُ مِنَ الرُّكُوبِ وَالْعَمَلِ للفِحْلة. والمُصْعَب: الَّذِي لَمْ يَمْسَسْهُ حَبْلٌ، وَلَمْ يُركب. والقَرْم: الْفَحْلُ الَّذِي يُقْرَم أَي يُودَعُ ويُعْفَى مِنَ الرُّكُوبِ، وَهُوَ المُقْرَمُ والقَريعُ والفَنِيقُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:

كَأَنَّ مَصاعِيبَ، زُبِّ الرُّؤوسِ،

فِي دارِ صَرْمٍ تَلاقَى، مُريحا

أَراد: مَصاعِب جَمْعُ مُصْعَب، فَزَادَ الياءَ لِيَكُونَ الجزءُ فَعُولُنْ، وَلَوْ لَمْ يأْتِ بالياءِ لَكَانَ حَسَنًا. وَيُقَالُ: جِمَالٌ مَصاعِبُ ومَصاعِيبُ. وقوله: تَلاقى مُريحا، إِنما ذكَّرَ عَلَى إِرادة الْقَطِيعِ. وَفِي حَدِيثِ حَنْفَانَ: صَعابِيبُ، وَهُمْ أَهل الأَنابيب. الصَّعَابِيبُ: جَمْعُ صُعْبوب، وَهُمُ الصِّعاب أَي الشَّدَائِدُ. والصَّاعِبُ: مِنَ الأَرضين ذاتُ النَّقَل وَالْحِجَارَةُ تُحْرَثُ. والمُصْعَبُ: الْفَحْلُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ مُصْعَباً. وَرَجُلٌ مُصْعَب: مسوَّد، مِنْ ذَلِكَ. وَمُصَعِّبٌ: اسْمُ رَجُلٍ، مِنْهُ أَيضاً. وصَعْب: اسْمُ رَجُلٍ غَلَبَ عَلَى الْحَيِّ. وصَعْبَة وصُعَيْبَة: اسْمَا امرأَتين. وَبَنُو صَعْب: بَطْن. والمُصْعَبان: مُصْعَب بنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُهُ عِيسَى بنُ مُصْعَب. وَقِيلَ: مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وأَخوه عَبْدُ اللَّهِ. وَكَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ المُنْذِرُ بْنُ ماءِ السماءِ يُلَقَّبُ بالصَّعْب؛ قَالَ لَبِيدٌ:

والصَّعْبُ، ذُو القَرْنَينِ، أَصْبَح ثاوِياً

بالحِنو، فِي جَدَثٍ، أُمَيْمَ، مُقِيم

وعَقَبَة صَعْبَة إِذا كانت شاقة.

صعرب: الصُّعْرُوبُ: الصغيرُ الرأسِ من الناس وغيرهم.

صعنب: الصَّعْنَبُ: الصَّغِيرُ الرأْس؛ قَالَ الأَزهري أَنشد أَبو عَمْرٍو:

يَتْبَعْنَ عَوْداً، كاللِّواءِ، مِسْأَبا،

ناجٍ، عَفَرْنَى، سَرَحاناً أَغْلَبا

رَحْبَ الفُروجِ، ذَا نَصِيعٍ مِنْهَبا،

يُحْسَبُ، بِاللَّيْلِ، صُوًى مُصَعْنَبا

ص: 524

أَي يأْتي منزلهُ. الصُّوَى: الْحِجَارَةُ المجموعةُ، الْوَاحِدَةُ صُوَّة. والمُصَعْنَب: الَّذِي حُدِّدَ رأْسُه. يُقَالُ: إِنه لَمُصَعْنَبُ الرَّأْسِ إِذا كَانَ مُحَدَّدَ الرأْس. وَقَوْلُهُ: ناجٍ، أَراد نَاجِيًا. والمِنْهَب: السريعُ.

وَقَدْ أَجُوبُ ذَا السِّماطَ السَّبْسَبَا،

فَمَا تَرَى إِلَّا السِّراجَ اللَّغبا،

فإِنْ تَرَى الثَّعْلَبَ يَعْفُو مُحَرَّبَا

وصَعنَبَى: قَرْيَةٌ بِالْيَمَامَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وصَعْنَبى أَرض؛ قَالَ الأَعشى:

وَمَا فَلَجٌ، يَسْقِي جَداوِلَ صَعْنَبى،

لَهُ شَرَعٌ سَهْلٌ عَلَى كلِّ مَوْرِدِ

والصَّعْنَبَةُ: أَن تُصَعْنَبَ الثَّريدَةُ، تُضَمَّ جَوانِبُها، وتُكَوَّمَ صَوْمَعَتُها، ويُرْفَعَ رَأْسُها؛ وَقِيلَ: رَفْعُ وسَطِها، وقَوْرُ رَأْسِها؛ يُقَالُ: صَعْنَبَ الثَّريدة. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، سَوّى ثَريدَة فلَبَّقَها بِسَمْن ثُمَّ صَعْنَبَها.

قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَعْنِي رَفَعَ رَأْسَها؛ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: يَعْنِي جَعَلَ لَهَا ذُرْوَة؛ وَقَالَ شَمِرٌ: هُوَ أَن يَضُمَّ جَوانِبَها، ويُكَوِّمَ صَوْمَعَتَها. والصَّعْنَبَةُ: انْقِباضُ البَخيلِ عِندَ المَسْأَلَةِ. وعمَّ ابْنُ سِيدَهْ فَقَالَ: الصَّعْنَبَةُ الانْقِباض.

صغب: قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الباهليَّ يَقُولُ: يُقالُ لِبَيْضَةِ القَمْلَةِ: صُغاب وصُؤَابٌ.

صقب: الصَّقْب والصَّقَب، لُغَتَانِ، الطَّويلُ التارُّ مِنْ كُلِّ شيءٍ، وَيُقَالُ لِلْغُصْنِ الرَّيَّانِ الغَلِيظِ الطَّويلِ. وصَقْبُ النَّاقَةِ وَلَدُها وجَمْعُه صِقابٌ وصِقْبانٌ. والصَّقْبُ عَمُودٌ يُعْمَدُ بِهِ البَيْتُ؛ وَقِيلَ: هُو العَمُودُ الأَطوَلُ فِي وَسَطِ البَيْتِ وَالْجَمْعُ صُقُوبٌ. وصَقَبَ البِناءَ وغَيْرَه رَفَعَه. وصُقُوبُ الإِبِلِ: أَرْجُلُها، لُغَةٌ فِي سُقُوبِها؛ حَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي. قَالَ: وَأَرَى ذَلِكَ لِمَكَانِ الْقَافِ، وضَعُوا مَكانَ السِّينِ صَادًا، لأَنَّها أَفْشَى مِنَ السِّينِ، وَهِيَ موافِقَةٌ للقافِ فِي الإِطْباقِ ليَكون العَمَلُ مِن وَجْهٍ وَاحِدٍ. قَالَ: وَهَذَا تعليلُ سِيبويْه فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ المُضارَعَةِ. والصَّقَبُ: القُرْب. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فِي الظُّروفِ الَّتِي عَزَلَها مِمَّا قَبْلَها لِيُفَسِّرَ معانِيها لأَنَّها غَرائِبُ: هُوَ صَقَبُك، وَمَعْنَاهُ القُرْب؛ ومكانٌ صَقَبٌ وصَقِبٌ: قَرِيبٌ. وَهَذَا أَصْقَبُ مِنْ هَذَا أَي أَقْرَبُ. وأَصْقَبَتْ دارُهم وصَقِبَت، بِالْكَسْرِ، وأَسْقَبَتْ: دَنتْ وقَرُبَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

الجارُ أَحقُّ بِصَقَبه

؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: أَراد بالصَّقَب المُلاصَقَة والقُرْب وَالْمُرَادُ بِهِ الشُّفْعَةُ كأَنه أَرادَ بِمَا يَلِيه؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرادَ الشَّريكَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرادَ المُلاصِقَ؛ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْني القُرْبَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَلِيٍّ، عليه السلام: أَنَّه كَانَ إِذا أُتِيَ بالقَتِيلِ قَدْ وُجِدَ بَيْنَ القَرْيَتَيْنِ، حُمِلَ عَلَى أَصْقَبِ القَريَتَيْنِ إِليه

أَي أَقْربِهِما، وَيُرْوَى بِالسِّينِ؛ وأَنشد لِابْنِ الرُّقَيَّاتِ:

كُوفِيَّةٌ، نازِحٌ مَحِلَّتُها،

لَا أَمَمٌ دارُها وَلَا صَقَبُ

قَالَ: مَعْنَى الحَديثِ أَنَّ الجارَ أَحَقُّ بالشُّفْعَة مِنَ الَّذِي لَيْسَ بِجَارٍ. وَدَارِي مِن دارِه بسَقَبٍ وصَقَبٍ وزَمَمٍ وأَمَمٍ وصَدَدٍ أَي قَريبٌ. وَيُقَالُ: هُوَ جَارِي مُصاقِبي، ومُطانبي، ومُؤَاصِري

ص: 525

أَي صَقْبُ دارِه «2» وإِصارهُ وطُنُبُه بِحِذَاءِ صَقْب بَيْتِي وإِصاري. وَقِيلَ: أَصْقَبَك الصَّيْدُ فارْمِه أَي دَنا مِنْكَ وأَمْكَنَكَ رَمْيُه. وَتَقُولُ: أَصْقَبَه فَصَقِب أَي قَرَّبهُ فَقَرُب. وصاقَبْناهُم مُصاقَبَةً وصِقاباً: قارَبْناهُمْ. ولَقِيتُه مُصاقَبَةً، وصِقاباً وصِفاحاً مِثلَ الصِّراح أَي مُواجَهَة. والصَّقْب: الجَمْعُ. وصقَبَ قفَاهُ: ضَربَه بِصَقْبِه. والصَّقْب: الضَّرْبُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُصْمَتٍ يابِس. وصَقَبَ الطائرُ: صَوَّتَ؛ عَنْ كُراع. والصَّاقِبُ: جَبَل مَعْرُوفٌ، زَادَ ابْنُ بَري فِي بِلَادِ بَنِي عَامِرٍ، قَالَ:

رُمِيَتْ بأَثْقَلَ مِن جِبالِ الصَّاقِبِ

وَالسِّينُ «3» فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ.

صقعب: الصَّقْعَب: الطَّويلُ مِن الرّجالِ، بالصادِ والسينِ؛ وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ: الطَّويلُ مُطْلَقاً، مِن غير تَقْييدٍ.

صقلب: بَعِيرٌ صِقْلابٌ: شَديدُ الأَكْل. ابْنُ الأَعرابي: الصِّقْلابُ الرجلُ الأَبْيَضُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ الأَحْمَرُ؛ وأَنشد لِجَنْدَلٍ:

بَيْنَ مَقَذَّى رأْسِه الصِّقْلاب

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الصقالِبَةُ جِيلٌ حُمْرُ الأَلوان، صُهْبُ الشُّعُور، يُتاخِمُون الخَزَر وبَعْضَ جِبالِ الرُّوم. وَقِيلَ للرَّجُلِ الأَحمرِ: صِقْلابٌ تَشْبِيهاً بهم.

صلب: الصُّلْبُ والصُّلَّبُ: عَظْمٌ مِنْ لَدُنِ الكاهِل إِلى العَجْب، وَالْجَمْعُ: أَصْلُب وأَصْلاب وصِلَبَةٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

أَما تَرَيْني، اليَوْمَ، شَيْخاً أَشْيَبَا،

إِذا نَهَضْتُ أَتَشَكَّى الأَصْلُبا

جَمَعَ لأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِن صُلْبه صُلْباً؛ كَقَوْلِ جَرِيرٍ:

قَالَ العَواذِلُ: مَا لِجَهْلِكَ بَعْدَ ما

شابَ المَفارِقُ، واكْتَسَيْنَ قَتِيرا

وَقَالَ حُمَيْدٌ:

وانْتَسَفَ، الحالِبَ مِنْ أَنْدابِه،

أَغْباطُنا المَيْسُ عَلى أَصْلابِه

كأَنه جَعَلَ كلَّ جُزْءٍ مِنَ صُلْبِه صُلْباً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عنِ الْعَرَبِ: هَؤُلَاءِ أَبناء صِلَبَتِهِمْ. والصُّلْب مِنَ الظَّهْر، وكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الظَّهْر فِيهِ فَقَارٌ فَذَلِكَ الصُّلْب؛ والصَّلَبُ، بِالتَّحْرِيكِ، لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ العَجاج يَصِفُ امرأَة:

رَيَّا العظامِ، فَخْمَة المُخَدَّمِ،

فِي صَلَبٍ مثْلِ العِنانِ المُؤدَم،

إِلى سَواءٍ قَطَنٍ مُؤَكَّمِ

وَفِي حَدِيثِ

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فِي الصُّلْب الديةُ.

قَالَ القُتَيْبِيُّ: فِيهِ قَوْلَانِ أَحدُهما أَنَّه إِنْ كُسِرَ الصُّلْبُ فحَدِبَ الرَّجُلُ فَفِيهِ الديةُ، والآخَرُ إِنْ أُصِيبَ صُلْبه بشيءٍ ذَهَبَ بِهِ

(2). قوله [صقب داره] أي عمود بيته بحذاء عمود بيتي. وإصاره: أي الحبل القصير يُشَدُّ بِهِ أَسْفَلُ الْخِبَاءِ إلى الوتد بحذاء حبل بيتي القصير أو الوتد بحذاء وتد بيتي وطنبه: أي حبل بيته الطويل بحذاء حبل بيتي الطويل. هذا هو المناسب ولا يغتر بما للشارح.

(3)

. قوله [والسين إلخ]: سقط قبله من النسخ التي بأيدينا بعد قوله من جبال الصاقب ما صرح به شارح القاموس نقلًا عن اللسان ما نصه، وقال غيره:

عَلَى السَّيِّدِ الصَّعْبِ لَوْ أَنه

يَقُومُ عَلَى ذِرْوَةِ الصاقب

ص: 526

الجِماعُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيهِ، فَسُمِّيَ الجِماعُ صُلْباً، لأَنَّ المَنِيَّ يَخْرُجُ منهُ. وقولُ

العَباسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ يَمدَحُ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم:

تُنْقَلُ مِنْ صَالَبٍ إِلى رَحِم،

إِذا مَضَى عالَمٌ بَدا طَبَق

قِيلَ: أَراد بالصَّالَب الصُّلْب، وَهُوَ قَلِيلُ الِاسْتِعْمَالِ. وَيُقَالُ للظَّهْر: صُلْب وصَلَب وصالَبٌ؛ وأَنشد:

كأَنَّ حُمَّى بكَ مَغْرِيَّةٌ،

بَيْنَ الحَيازيم إِلى الصَّالَبِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ للجَنَّةِ أَهْلًا، خَلَقَها لَهُم، وهُمْ فِي أَصلاب آبائِهِم.

الأَصْلابُ: جَمْعُ صُلْب وَهُوَ الظَّهْرُ. والصَّلابَةُ: ضدُّ اللِّين. صَلُبَ الشيءُ صَلابَةً فَهُوَ صَلِيبٌ وصُلْب وصُلَّب وَصُلْبٌ «1» أَي شَدِيدٌ. وَرَجُلٌ صُلَّبٌ: مِثْلُ القُلَّبِ والحُوَّل، وَرَجُلٌ صُلْبٌ وصَلِيبٌ: ذُو صَلَابَةٍ؛ وَقَدْ صَلُب، وأَرض صُلْبَة، وَالْجُمَعُ صِلَبَة. وَيُقَالُ: تَصَلَّبَ فُلَانٌ أَي تَشَدَّدَ. وَقَوْلُهُمْ فِي الرَّاعِي: صُلْبُ العَصا وصَلِيبُ العَصا، إِنما يَرَوْنَ أَنه يَعْنُفُ بالإِبل؛ قَالَ الرَّاعِي:

صَلِيبُ العَصا، بادِي العُروقِ، تَرَى لَهُ،

عَلَيْها، إِذا مَا أَجْدَبَ النَّاسُ، إِصْبَعا

وأَنشد:

رَأَيْتُكِ لَا تُغْنِينَ عنِّي بِقُرَّةٍ،

إِذا اخْتَلَفَتْ فيَّ الهَراوَى الدَّمامِكُ

فأَشْهَدُ لَا آتِيكِ، مَا دامَ تَنْضُبٌ

بأَرْضِكِ، أَو صُلْبُ العَصا مِنْ رجالِكِ

أَصْلُ هَذَا أَن رَجُلًا واعَدَتْه امْرَأَةٌ، فعثَرَ عَليها أَهْلُها، فَضَرَبُوهُ بعِصِيِّ التَّنْضُب. وَكَانَ شَجَرُ أَرضها إِنما كَانَ التنضبَ فَضَرَبُوهُ بِعِصِيِّها. وصَلَّبَه: جَعَلَهُ صُلْباً وشدَّه وقوَّاه؛ قَالَ الأَعشى:

مِن سَراةِ الهِجانِ صَلَّبَها العُضُّ،

وَرَعْيُ الحِمى، وطُولُ الحِيالِ

أَي شَدَّهَا. وسَراةُ الْمَالِ: خِياره، الْوَاحِدُ سَرِيّ؛ يُقَالُ: بعيرٌ سَرِيّ، وَنَاقَةٌ سَرِيَّة. والهِجانُ: الخِيارُ مِنْ كُلِّ شيءٍ؛ يُقال: نَاقَةٌ هِجانٌ، وجَمَل هِجانٌ، ونوقٌ هِجان. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الناقَةُ الهِجانُ هِيَ الأَدْماءُ، وَهِيَ البَيْضاءُ الخالِصَةُ اللَّوْنِ. والعُضُّ: عَلَفُ الأَمْصار مِثْلُ القَتِّ والنَّوَى. وَقَوْلُهُ: رَعْي الحِمى يُريدُ حِمى ضَرِيَّة، وَهُوَ مَرْعَى إِبل الْمُلُوكِ، وحِمَى الرَّبَذَةِ دُونَه. والحِيال: مَصْدَرُ حَالَتِ النَّاقَةُ إِذا لَمْ تَحْمِلْ. وَفِي حَدِيثِ

الْعَبَّاسِ: إِنَّ المُغالِبَ صُلْبَ اللهِ مَغْلُوب

أَي قُوَّةَ اللهِ. وَمَكَانٌ صُلْب وصَلَبٌ: غَليظٌ حَجِرٌ، وَالْجَمْعُ: صِلَبَةٌ. والصُّلْبُ مِنَ الأَرض: المَكانُ الغَلِيظُ المُنْقاد، وَالْجَمْعُ صِلَبَةٌ، مِثْلُ قُلْب وقِلَبَة. والصَّلَب أَيضاً: مَا صَلُبَ مِنَ الأَرض. شَمِرٌ: الصَّلَب نَحْوٌ مَنِ الحَزيزِ الغَلِيظِ المُنْقادِ. وقال

(1). قوله [وصلب] هو كسكر ولينظر ضبط ما بعده هل هو بفتحتين لكن الجوهري خصه بما صلب من الأَرض أو بضمتين الثانية للإتباع إلا أن المصباح خصه بكل ظهر له فقار أو بفتح فكسر ويمكن أن يرشحه ما حكاه ابن القطاع والصاغاني عَنِ ابْنِ الأَعرابي مِنْ كسر عين فعله.

ص: 527

غَيْرُهُ: الصَّلَب مِنَ الأَرض أَسْناد الْآكَامِ والرَّوابي، وَجَمْعُهُ أَصْلاب؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

نَغْشَى قَرًى، عَارِيَةً أَقْراؤُه،

تَحْبُو، إِلى أَصْلابِه، أَمْعاؤه

الأَصمعي: الأَصْلابُ هِيَ مِنَ الأَرض الصَّلَب الشديدُ المُنْقادُ، والأَمْعاءُ مَسايِلُ صِغار. وَقَوْلُهُ: تَحْبُو أَي تَدْنو. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الأَصلاب: مَا صَلُب مِنَ الأَرض وارْتَفَعَ، وأَمْعاؤُه: مَا لانَ مِنْهُ وانْخَفَضَ. والصُّلْب: مَوْضِعٌ بالصَّمَّان، أَرْضُهُ حجارةٌ، مِنْ ذَلِكَ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الصِّفَةُ، وَبَيْنَ ظَهراني الصُّلْب وقِفافِه، رياضٌ وقِيعانٌ عَذْبَةُ المَنابِتِ «1» كَثِيرةُ العُشْبِ، وَرُبَّمَا قَالُوا: الصُّلْبانِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

سُقْنا بِهِ الصُّلْبَيْنِ، فالصَّمَّانا

فإِما أَن يَكُونَ أَراد الصُّلْب، فَثَنَّى لِلضَّرُورَةِ، كَمَا قَالُوا: رامَتانِ، وإِنما هِيَ رَامَّةٌ وَاحِدَةٌ. وإِما أَن يَكُونَ أَراد مَوْضِعَيْن يَغْلِبُ عَلَيْهِمَا هَذِهِ الصِّفَةُ، فَيُسَمَّيانِ بِهَا. وصَوْتٌ صَلِيبٌ وجَرْيٌ صَلِيب، عَلَى الْمَثَلِ. وصَلُبَ عَلَى المالِ صَلابة: شَحَّ بِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

فَإِن كُنْتَ ذَا لُبٍّ يَزِدْكَ صَلابَةً،

عَلَى المالِ، مَنْزورُ العَطاءِ، مُثَرِّبُ

اللَّيْثُ: الصُّلْبُ مِنَ الجَرْي وَمِنَ الصَّهِيلِ الشَّديدُ؛ وأَنشد:

ذُو مَيْعَة، إِذا تَرَامَى صُلْبُه

والصُّلَّبُ والصُّلَّبِيُّ والصُّلَّبَة والصُّلَّبِيَّة: حِجَارَةُ المِسَنِّ؛ قَالَ امْرُؤُ القَيْس:

كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبِيِّ النَّحِيض

أَراد بِالسِّنَانِ المِسَنَّ. وَيُقَالُ: الصُّلَّبِيُّ الَّذِي جُليَ، وشُحِذ بِحِجَارَةِ الصُّلَّبِ، وَهِيَ حِجَارَةٌ تُتَخَذُ منها المِسانُّ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

وكأَنَّ شَفْرَةَ خَطْمِه وجَنِينِه،

لمَّا تَشَرَّفَ صُلَّبٌ مَفْلُوق

والصُّلُّبُ: الشَّدِيدُ مِنِ الْحِجَارَةِ، أَشَدُّها صَلابَةً. ورُمْحٌ مُصَلَّبٌ: مَشْحوذ بالصَّلَّبيّ. وَتَقُولُ: سِنانٌ صُلُّبِيٌّ وصُلَّبٌ أَيضاً أَي مَسْنُون. والصَّلِيب: الْوَدَكُ، وَفِي الصِّحَاحِ: ودكُ العِظامِ. قَالَ أَبو خِرَاشٍ الْهُذْلِيُّ يَذْكُرُ عُقاباً شَبَّه فَرسَهُ بِهَا:

كأَني، إِذْ غَدَوْا، ضَمَّنْتُ بَزِّي،

مِنَ العِقْبانِ، خائِتَةً طَلُوبا

جَرِيمَةَ ناهِضٍ، فِي رأْسِ نِيقٍ،

تَرى، لِعِظامِ مَا جَمَعَتْ، صَلِيبا

أَي ودَكاً، أَي كأَني إِذْ غَدَوْا لِلْحَرْبِ ضَمَّنْتُ بَزِّي أَي سِلَاحِي عُقاباً خائِتَةً أَي مُنْقَضَّةً. يُقَالُ خاتَتْ إِذا انْقَضَّتْ. وجَرِيمَة: بِمَعْنَى كاسِبَة، يُقَالُ: هُوَ جَرِيمَةُ أَهْلِه أَي كاسِبُهُم. والناهِضُ: فَرْخُها. وَانْتُصَابُ قَوْلِهِ طَلُوبا: عَلَى النَّعْتِ لخائتَة. والنِّيقُ: أَرْفَعُ مَوْضِعٍ فِي الجَبَل. وصَلَبَ العِظامَ يَصْلُبُها صَلْباً واصْطَلَبَها: جَمَعَها وطَبَخَها واسْتَخْرَجَ وَدَكَها لِيُؤْتَدَم

(1). قوله [عذبة المنابت] كذا بالنسخ أيضاً والذي في المعجم لياقوت عذبة المناقب أي الطرق فمياه الطرق عذبة.

ص: 528

بِهِ، وَهُوَ الاصْطِلابُ، وَكَذَلِكَ إِذا شَوَى اللَّحْمَ فأَسالَه، قَالَ الكُمَيْتُ الأَسَدِيّ:

واحْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَه،

وَبَاتَ شَيْخُ العِيالِ يَصْطَلِبُ

احْتَلَّ: بِمَعْنَى حَلَّ. والبَرْكُ: الصَّدْرُ، واسْتَعارَهُ للشِّتاءِ أَي حَلَّ صَدْرُ الشِّتاء ومُعْظَمُه فِي مَنْزِلِهِ: يَصِفُ شِدَّةَ الزَّمَانِ وجَدْبَه، لأَن غالِبَ الجَدْبِ إِنما يَكُونُ فِي زَمَن الشِّتاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه لمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتاه أَصحابُ الصُّلُب

؛ قِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يَجْمَعُون العِظام إِذا أُخِذَت عَنْهَا لُحومُها فيَطْبُخونها بالماءِ، فإِذا خَرَجَ الدَّسَمُ مِنْهَا جَمَعُوهُ وائْتَدَمُوا بِهِ. يُقَالُ: اصْطَلَبَ فلانٌ العِظام إِذا فَعَل بِهَا ذَلِكَ. والصُّلُبُ جَمْعُ صَليب، والصَّلِيبُ: الوَدَكُ. والصَّلِيبُ والصَّلَبُ: الصَّدِيدُ الَّذِي يَسيلُ مِنَ الْمَيِّتِ. والصَّلْبُ: مَصْدَرُ صَلَبَه يَصْلُبه، صَلْباً وأَصله مِنَ الصَّلِيب وَهُوَ الوَدَكُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: أَنه اسْتُفْتِيَ فِي اسْتِعْمَالِ صَلِيبِ المَوْتَى فِي الدِّلاءِ والسُّفُن، فَأَبى عَلَيْهِمْ

، وَبِهِ سُمِّي المَصْلُوب لِمَا يَسِيلُ مِنْ وَدَكه. والصَّلْبُ، هَذِهِ القِتْلة الْمَعْرُوفَةُ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، لأَن وَدَكه وَصَدِيدَهُ يَسِيل. وَقَدْ صَلَبه يَصْلِبُه صَلْباً، وصَلَّبه، شُدِّدَ لِلتَّكْثِيرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ

. وَفِيهِ: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ

؛ أَي عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ. والصَّلِيبُ: المَصْلُوبُ. والصَّليب الَّذِي يَتَّخِذُهُ النَّصَارَى عَلَى ذَلِكَ الشَّكْل. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّلِيبُ مَا يَتَّخِذُهُ النَّصَارَى قِبْلَةً، والجَمْعُ صُلْبان وصُلُبٌ؛ قَالَ جَريرٌ:

لَقَدْ وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ،

عَلَى بابِ اسْتِها صُلُبٌ وشامُ

وصَلَّب الراهبُ: اتَّخَذ فِي بِيعَته صَليباً؛ قَالَ الأَعشى:

وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ،

بَناهُ وصَلَّبَ فِيهِ وَصَارَا

صارَ: صَوَّرَ. عَنْ أَبي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ: وَثَوْبٌ مُصَلَّبٌ فِيهِ نَقْشٌ كالصَّلِيبِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذا رَأَى التَّصْلِيبَ فِي ثَوْب قَضَبه

؛ أَي قَطَع مَوْضِعَ التَّصْلِيبِ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ المُصَلَّبِ

؛ هو الَّذِي فِيهِ نَقشٌ أَمْثال الصُّلْبان. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ أَيضاً: فَناوَلْتُها عِطافاً فرَأَتْ فِيهِ تَصْلِيباً، فَقَالَتْ: نَحِّيه عَني.

وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ: أَنها كَانَتْ تَكرَه الثيابَ المُصَلَّبةَ.

وَفِي حَدِيثِ

جَرِيرٍ: رأَيتُ عَلَى الحسنِ ثَوْبًا مُصَلَّباً.

والصَّلِيبانِ: الخَشَبَتانِ اللَّتانِ تُعَرَّضانِ عَلَى الدَّلْوِ كالعَرْقُوَتَيْنِ؛ وَقَدْ صَلَبَ الدلْو وصَلَّبَها. وَفِي مَقْتَلِ

عُمَرَ: خَرَج ابنُه عُبيدُ اللَّهِ فَضَرَب جُفَيْنَةَ الأَعْجَمِيَّ، فَصَلَّب بَيْنَ عَيْنَيْه

، أَي ضَرْبَهُ عَلَى عُرْضِهِ، حَتَّى صَارَتِ الضَّرْبة كالصَّلِيب. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:

صَلَّيْتُ إِلى جَنْبِ عُمَرَ، رضي الله عنه، فَوضَعْتُ يَدِي عَلَى خاصِرتي، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: هَذَا الصَّلْبُ فِي الصَّلَاةِ. كَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، يَنْهَى عَنْهُ

أَي إِنه يُشْبِه الصَّلْبَ لأَنَّ الرَّجُلَ إِذا صُلِبَ مُدَّ يَدُه، وباعُهُ عَلَى الجِذْعِ.

ص: 529

وهيئةُ الصَّلْب فِي الصَّلَاةِ: أَن يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى خاصِرتيه، ويُجافيَ بَيْنَ عَضُدَيْه فِي الْقِيَامِ. والصَّلِيبُ: ضَرْبٌ مِنْ سِماتِ الإِبل. قَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: الصَّليبُ قَدْ يَكُونُ كَبِيرًا وَصَغِيرًا وَيَكُونُ فِي الخَدَّين والعُنُق وَالْفَخِذَيْنِ. وَقِيلَ: الصَّلِيبُ مِيسَمٌ فِي الصُّدْغِ، وَقِيلَ فِي العُنقِ خَطَّانِ أَحدهما عَلَى الْآخَرِ. وَبَعِيرٌ مُصَلَّبٌ ومَصْلُوب: سِمَتُه الصَّليب. وَنَاقَةٌ مَصْلُوبة كَذَلِكَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

سَيَكْفِي عَقِيلًا رِجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبةٌ،

تَمَطَّت بِهِ مَصْلُوبةٌ لَمْ تُحارِدِ

وإِبلٌ مُصَلَّبة. أَبو عَمْرٍو: أَصْلَبَتِ الناقةُ إِصْلاباً إِذا قَامَتْ ومَدَّتْ عُنُقَهَا نحوَ السماءِ، لتَدِرَّ لِوَلَدِهَا جَهْدَها إِذا رَضَعَها، وَرُبَّمَا صَرَمَها ذَلِكَ أَي قَطَع لبَنَها. والتَّصْلِيبُ: ضَربٌ مِنَ الخِمْرةِ للمرأَة. وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَن يُصَلِّي فِي تَصْلِيبِ العِمامة، حَتَّى يَجْعَله كَوْراً بعضَه فَوْقَ بَعْضٍ. يُقَالُ: خِمار مُصَلَّبٌ، وَقَدْ صَلَّبَتِ المرأَة خمارَها، وَهِيَ لِبْسةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ النساءِ. وصَلَّبَتِ التَّمْرَةُ: بَلَغَت اليُبْسَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ شَيْخٌ مِنَ الْعَرَبِ أَطْيَبُ مُضْغةٍ أَكَلَها الناسُ صَيْحانِيَّةٌ مُصَلِّبةٌ، هَكَذَا حَكَاهُ مُصَلِّبةٌ، بالهاءِ. وَيُقَالُ: صَلَّبَ الرُّطَبُ إِذا بَلَغَ اليَبِيسَ، فَهُوَ مُصَلِّب، بِكَسْرِ اللَّامِ، فإِذا صُبَّ عَلَيْهِ الدِّبْسُ لِيَلِينَ، فَهُوَ مُصَقِّر. أَبو عَمْرٍو: إِذا بَلَغ الرُّطَبُ اليُبْسَ فَذَلِكَ التَّصْلِيب، وَقَدْ صَلَّبَ؛ وأَنشد الْمَازِنِيُّ فِي صِفَةِ التَّمْرِ:

مُصَلِّبة مِنْ أَوْتَكى القاعِ كُلَّمَا

زَهَتْها النُّعامى خِلْتَ، مِنْ لَبَنٍ، صَخْرا

أَوْتَكَى: تَمر الشِّهْريزِ. ولَبَنٌ: اسْمُ جَبَلٍ بعَيْنِه. شَمِرٌ: يُقَالُ صَلَبَتْه الشَّمسُ تَصْلِبُه وتَصلُبُه صَلْباً إِذا أَحْرَقته، فَهُوَ مَصْلُوب: مُحْرَق؛ وَقَالَ أَبو ذؤَيب:

مُسْتَوْقِدٌ فِي حَصاهُ الشمسُ تَصْلِبُه،

كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ

وَفِي حَدِيثِ

أَبي عُبَيْدَةَ: تَمْرُ ذَخِيرةَ مُصَلِّبةٌ

أَي صُلْبة. وَتَمُرُّ الْمَدِينَةِ صُلْبٌ. وَيُقَالُ: تَمْرٌ مُصَلِّب، بِكَسْرِ اللَّامِ، أَي يَابِسٌ شَدِيدٌ. والصالِبُ مِنَ الحُمَّى الحارَّةُ غَيْرُ النَّافِضِ، تذكَّر وتؤَنث. وَيُقَالُ: أَخَذَتْه الحُمَّى بصالِبٍ، وأَخذته حُمَّى صالِبٌ، والأَول أَفصح، وَلَا يَكَادُونَ يُضِيفون؛ وَقَدْ صَلَبَتْ عَلَيْهِ، بِالْفَتْحِ، تَصْلِبُ، بِالْكَسْرِ، أَي دَامَتْ وَاشْتَدَّتْ، فَهُوَ مَصْلوب عَلَيْهِ. وإِذا كَانَتِ الحُمَّى صالِباً قِيلَ: صَلَبَتْ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: الْعَرَبُ تَجْعَلُ الصالِبَ مِنَ الصُّداعِ؛ وأَنشد:

يَرُوعُكَ حُمَّى مِنْ مُلالٍ وصالِبِ

وَقَالَ غَيْرُهُ: الصالِبُ الَّتِي مَعَهَا حرٌّ شَدِيدٌ، وَلَيْسَ مَعَهَا بَرْدٌ. وأَخذه صالِبٌ أَي رِعْدة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

عُقاراً غَذاها البحرُ مِنْ خَمْرِ عانةٍ،

لَهَا سَوْرَةٌ، فِي رأْسِه، ذاتُ صالِبِ

والصُّلْبُ: القُوَّة. والصُّلْبُ: الحَسَبُ. قَالَ

ص: 530

عَدِيّ بْنِ زَيْدٍ:

اجْلَ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ،

فَوقَ مَا أَحْكَى بصُلْبٍ وإِزارْ

فُسِّر بِهِمَا جَمِيعًا. والإِزار: العَفاف. وَيُرْوَى:

فوقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بإِزارْ

أَي شَدَّ صُلْباً: يَعْنِي الظَّهْرَ. بإِزار: يَعْنِي الَّذِي يُؤْتَزَر بِهِ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الأَنْجُمَ الأَربعة الَّتِي خَلْفَ النَّسرِ الواقِعِ: صَلِيباً. ورأَيت حَاشِيَةً فِي بَعْضِ النُّسَخِ، بِخَطِّ الشَّيْخِ ابْنِ الصَّلَاحِ المحدِّث، مَا صُورَتُهُ: الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الأَنجمِ الأَربعة أَن يُقال خَلْف النَّسرِ الطائِرِ لأَنها خَلْفَه لَا خَلْفَ الْوَاقِعِ، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا وَهِمَ فِيهِ الجوهريُّ. الليثُ: والصَّوْلَبُ والصَّوْليبُ هُوَ البَذْرُ الَّذِي يُنْثَر عَلَى الأَرض ثُمَّ يُكْرَبُ عَلَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَا أُراه عَرَبِيًّا: والصُّلْبُ: اسمُ أَرض؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

كأَنه، كلَّما ارْفَضَّتْ حَزيقَتُها،

بالصُّلْبِ، مِن نَهْسِه أَكْفالَها، كَلِبُ

والصُّلَيبُ: اسمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ سَلامة بْنُ جَنْدَلٍ:

لِمَنْ طَلَلٌ مثلُ الكتابِ المُنَمَّقِ،

عَفا عَهْدُه بَيْنَ الصُّلَيْبِ ومُطْرِقِ

صلهب: الصَّلْهَبُ مِنَ الرِّجَالِ: الطويلُ، وَكَذَلِكَ السَّلْهَبُ. وَهُوَ أَيضاً البيتُ الكبيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وشادَ عَمْرٌو لكَ بَيْتاً صَلْهَبا،

واسِعةً أَظْلالُه مُقَبَّبا

والصَّلْهَبُ والصَّلَهْبَى مِنَ الإِبل: الشَّدِيدُ، والياءُ للإِلحاق، وَكَذَلِكَ الصَّلَخْدَى، والأُنثى: صَلْهَبَةٌ وصَلَهْباة. أَبو عَمْرٍو: الصَّلاهِبُ مِنَ الإِبل: الشدادُ. وحَجَر صَلْهَبٌ وصُلاهِبٌ: شَديد صُلْبٌ. والمُصْلَهِبُّ: الطويلُ.

صنب: الصِّنابُ: صِباغٌ يُتَّخذُ من الخَرْدَلِ وَالزَّبِيبُ. وَمِنْهُ قِيلَ للبِرذَوْنِ: صِنابيٌّ، شُبِّهَ لَونُه بِذَلِكَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

تُكَلِّفُني مَعِيشةَ آلِ زيدٍ،

وَمَنْ لِي بالصَّلائقِ والصِّنابِ

والمِصْنَبُ: المُولَعُ بأَكلِ الصِّناب، وَهُوَ الخَرْدَلُ بِالزَّبِيبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَتاه أَعرابي بأَرْنَب قَدْ شَواها، وجاءَ مَعَهَا بصِنابها

أَي بصِباغها، وَهُوَ الخَرْدَل الْمَعْمُولُ بِالزَّبِيبِ، وَهُوَ صِباغٌ يُؤْتَدَمُ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: لَوْ شئتُ لَدَعَوْتُ بصِلاءٍ وصِنابٍ.

والصِّنابيُّ مِنَ الإِبل وَالدَّوَابِّ: الَّذِي لَوْنُهُ مِنَ الحُمْرة والصُّفْرة، مَعَ كَثْرَةِ الشَّعَر وَالْوَبَرِ. وَقِيلَ: الصِّنابيّ هُوَ الكُمَيْتُ أَو الأَشْقَرُ إِذا خَالَطَ شُقْرَتَه شَعْرةٌ بَيْضَاءُ؛ يُنسب إِلى الصِّنابِ. والله أَعلم.

صنخب: ابْنُ الأَعرابي: الصِّنْخابُ الجمل الضَّخْمُ.

صهب: الصُّهْبةُ: الشُّقْرة فِي شَعْرِ الرأْس، وَهِيَ الصُّهُوبةُ. الأَزهري: الصَّهَبُ والصُّهْبة: لونُ حمْرةٍ فِي شَعَرِ الرأْس وَاللِّحْيَةِ، إِذا كَانَ فِي الظَّاهِرِ حُمْرةٌ، وَفِي الْبَاطِنِ اسودادٌ، وَكَذَلِكَ فِي لَوْنِ الإِبل؛ بعيرٌ أَصْهَبُ وصُهابيٌّ وَنَاقَةٌ صَهْباء وصُهابِيَّةٌ؛ قَالَ طَرَفة:

صُهابِيَّةُ العُثْنُونِ، مُؤْجَدَةُ القَرَا،

بَعيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ، مَوَّارَةُ اليَدِ

ص: 531

الأَصمعي: الأَصْهَبُ: قريبٌ مِنَ الأَصْبَح. والصَّهَبُ والصُّهْبَة: أَن يَعْلُوَ الشعرَ حُمْرَةٌ، وأُصُولُه سُودٌ، فإِذا دُهِنَ خُيِّل إِليك أَنه أَسود. وَقِيلَ: هُوَ أَن يَحْمَرَّ الشَّعَرُ كُلُّهُ. صَهِبَ صَهَباً واصْهَبَّ واصْهابَّ وَهُوَ أَصْهَبُ. وَقِيلَ: الأَصْهَبُ مِنَ الشَّعر الَّذِي يُخالط بياضَه حمرةٌ. وَفِي حَدِيثِ اللِّعانِ:

إِن جاءَت بِهِ أَصْهَبَ فَهُوَ لِفُلَانٍ

؛ هُوَ الَّذِي يَعْلُو لونَه صُهْبَةٌ، وَهِيَ كالشُّقْرة، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. وَالْمَعْرُوفُ أَن الصُّهْبة مُخْتَصَّةٌ بِالشِّعْرِ، وَهِيَ حُمْرَة يَعْلُوهَا سَوَادٌ. والأَصْهَبُ مِنَ الإِبل: الَّذِي لَيْسَ بِشَدِيدِ الْبَيَاضِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْعَرَبُ تَقُولُ: قُريشُ «2» . الإِبل صُهْبُها وأُدْمُها؛ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلى تَشْرِيفِهَا عَلَى سَائِرِ الإِبل. وَقَدْ أَوضحوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: خيرُ الإِبل صُهْبُها وحُمْرُها، فَجَعَلُوهَا خَيْرَ الإِبل، كَمَا أَن قُرَيْشًا خيرُ النَّاسِ عِنْدَهُمْ. وَقِيلَ: الأَصْهَبُ مِنَ الإِبل الَّذِي يُخَالِطُ بياضَه حُمرةٌ، وَهُوَ أَن يَحْمَرَّ أَعلى الوَبَر وتَبْيَضَّ أَجْوافُه. وَفِي التَّهْذِيبِ: وليستْ أَجوافُه بالشديدةِ البياضِ، وأَقْرابُه ودُفُوفه فِيهَا تَوضِيحٌ أَي بَياض. قَالَ: والأَصْهَبُ أَقلُّ بَيَاضًا مِنَ الآدَم، فِي أَعاليه كُدْرة، وَفِي أَسافله بياضٌ. ابْنُ الأَعرابي: الأَصْهَبُ مِنَ الإِبل الأَبيضُ. الأَصمعي: الآدَمُ مِنَ الإِبل: الأَبيضُ، فإِن خَالَطَتْهُ حُمْرة، فَهُوَ أَصْهَبُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ حُنَيْفُ الحَناتِم، وَكَانَ آبَلَ النَّاسَ: الرَّمْكَاءُ بُهْيَا، والحَمْراءُ صُبْرَى، والخَوَّارَةُ غُزْرَى، والصَّهْبَاءُ سُرْعَى. قَالَ: والصُّهْبَةُ أَشْهَرُ الأَلوان وأَحسنُها، حِينَ تَنْظُر إِليها؛ ورأَيتُ فِي حاشيةٍ: البُهْيا تأْنيث البَهِيَّةِ، وَهِيَ الرَّائِعَةُ. وجَمَلٌ صُهابيٌّ أَي أَصْهَبُ اللَّوْنِ، وَيُقَالُ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى صُهابٍ: اسْمُ فَحل أَو مَوْضِعٌ. التَّهْذِيبُ: وإِبل صُهابِيَّةٌ: مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْلٍ اسْمُهُ صُهابٌ. قَالَ: وإِذا لَمْ يُضِيفُوا الصُّهابِيَّة، فَهِيَ مِنْ أَولاد صُهابٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

صُهابِيَّةٌ غُلْبُ الرِّقابِ، كأَنَّما

يُناطُ بأَلْحِيها فَراعِلَةٌ غُثْرُ

قِيلَ: نُسبت إِلى فَحْل فِي شِقِّ الْيَمَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ يَرْمي الجِمارَ عَلَى ناقةٍ لَهُ صَهْباء.

وَيُقَالُ للأَعداء: صُهْبُ السِّبالِ، وسُود الأَكباد، وإِن لَمْ يَكُونُوا صُهْبَ السِّبال، فَكَذَلِكَ يُقَالُ لَهُمْ؛ قَالَ:

جاؤوا يَجُرُّونَ الحَديدَ جَرَّا،

صُهْبَ السِّبالِ يَبْتَغُونَ الشَّرَّا

وإِنما يريد أَنَّ عداوتهم لَنَا كَعَدَاوَةِ الرُّومِ. والرومُ صُهْبُ السِّبال وَالشُّعُورِ، وإِلّا فَهُمْ عَرَبٌ، وأَلوانهم: الأُدْمَةُ والسُّمْرةُ والسَّوادُ؛ وَقَالَ ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:

فَظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْنَ رأْسِي،

واعْتِناقي فِي القَوْمِ صُهْبَ السِّبالِ

وَيُقَالُ: أَصله لِلرُّومِ، لأَن الصُّهُوبةَ فِيهِمْ، وَهُمْ أَعداءُ الْعَرَبِ. الأَزهري: وَيُقَالُ للجَراد صُهابِيَّةٌ؛ وأَنشد:

صُهابِيَّةٌ زُرْقٌ بعيدٌ مَسيرُها

والصَّهْباءُ: الخَمْر؛ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلَوْنِهَا. قِيلَ: هِيَ الَّتِي عُصِرَت مِنْ عِنَبٍ أَبيضَ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي

(2). قوله [قريش الإِبل إلخ] بإضافة قريش للإِبل كما ضبطه في المحكم ولا يخفى وجهه

ص: 532

تَكُونُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ إِذا ضَرَبَتْ إِلى البَياض؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّهْباءُ اسْمٌ لَهَا كالعَلَم، وَقَدْ جاءَ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ لأَنها فِي الأَصل صِفَةٌ؛ قَالَ الأَعشى:

وصَهْباءَ طافَ يَهودِيها،

وأَبْرَزَها، وَعَلَيْهَا خَتَمْ

وَيُقَالُ للظَّلِيم: أَصْهَبُ البَلَدِ أَي جِلْدُه. والموتُ الصُّهابيُّ: الشَّدِيدُ كَالْمَوْتِ الأَحمر؛ قَالَ الجَعْدِيُّ:

فَجِئْنا إِلى المَوتِ الصُّهابيِّ بعد ما

تَجَرَّدَ عُرْيانٌ، مِنَ الشَّرِّ، أَحدَبُ

وأَصْهَبَ الرجلُ: وُلِدَ لَهُ أَولادٌ صُهْبٌ. والصُّهابيُّ: كالأَصْهَب؛ وقولُ هِمْيانَ:

يُطيرُ عَنْهَا الوَبَرَ الصُّهَابِجَا

أَراد الصُّهَابيَّ، فخفَّف وأَبدل؛ وَقَوْلُ الْعَجَاجِ:

بِشَعْشَعانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ

إِنما عَنَى بِهِ المِشْفَرَ وحدَه، وَصَفَهُ بِمَا تُوصَفُ بِهِ الْجُمْلَةُ. وصُهْبى: اسْمُ فرسِ النَّمِر بْنِ تَوْلَب، وإِياها عَنَى بِقَوْلِهِ:

لَقَدْ غَدَوْتُ بصُهْبَى وَهِيَ مُلْهِبَةٌ،

إِلْهابُها كضِرامِ النارِ فِي الشِّيحِ

قَالَ: وَلَا أَدري أَشْتَقَّه مِنَ الصَّهَبِ، الَّذِي هُوَ اللَّوْنُ، أَم ارْتَجَلَه عَلَماً. والصُّهَابيُّ: الْوَافِرُ الَّذِي لَمْ يَنْقُصْ. ونَعَمٌ صُهَابيٌّ: لَمْ تُؤْخَذْ صَدَقتُه بَلْ هُوَ بِوَفْرِه. والصُّهَابيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا دِيوَانَ لَهُ. ورَجُلٌ صَيْهَبٌ: طَويلٌ. التَّهْذِيبُ: جَمَلٌ صَيْهَبٌ، وَنَاقَةٌ صَيْهَبَة إِذا كَانَا شَدِيدَيْنِ، شُبِّها بالصَّيْهَبِ، الحِجارةِ؛ قَالَ هِمْيَانُ:

حَتَّى إِذا ظَلْماؤُها تَكَشَّفَتْ

عَنِّي، وعَنْ صَيْهَبَةٍ قَدْ شَدِفَتْ

أَي عَنْ ناقةٍ صُلْبَةٍ قَدْ تَحَنَّتْ. وصَخرةٌ صَيْهَبٌ: صُلْبَة. والصَّيْهَبُ الْحِجَارَةُ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ؛ قَالَ القُطاميّ:

حَدا، فِي صَحَارَى ذِي حماسٍ وعَرْعَرٍ،

لِقاحاً يُغَشِّيها رُؤُوسَ الصَّياهِب «1»

قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ الصَّيْهَبُ الْمَوْضِعُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ كَثِيرٌ:

عَلَى لاحِبٍ، يَعْلُو الصَّيَاهِبَ، مَهْيَعِ

ويومٌ صَيْهَبٌ وصَيْهَدٌ: شَديد الحَرِّ. والصَّيْهَبُ شِدَّةُ الحَرِّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَحْدَهُ وَلَمْ يَحْكِهِ غيرهُ إِلا وَصْفاً. وصُهابُ: مَوْضِعٌ جَعَلُوهُ اسْمًا للبُقْعة؛ أَنشد الأَصمعي:

وأَبي الَّذِي تَرَكَ المُلُوكَ وجَمْعَهم،

بصُهابِ هامِدةٍ، كأَمْسِ الدَّابِر

وَبَيْنَ البَصْرة وَالْبَحْرَيْنِ عينٌ تُعرف بِعَيْنِ الأَصْهَبِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ، فَجَمَعَهُ عَلَى الأَصْهَبِيَّات:

دَعاهُنَّ مِنْ ثَأْجٍ، فأَزْمَعْنَ وِرْدَه،

أَو الأَصْهَبِيَّات، العُيُونُ السَّوائحُ

وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الصَّهْباءِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ عَلَى رَوْحةٍ من خَيْبَر.

(1). [ذي حماس وعرعر] موضعان كما في ياقوت والبيت في التكملة أيضاً.

ص: 533

وصُهَيْبُ بْنُ سِنانٍ: رَجُلٌ، وَهُوَ الَّذِي أَراده الْمُشْرِكُونَ مَعَ نَفَرٍ مَعَهُ عَلَى تَرْكِ الإِسلام، وَقَتَلُوا بَعْضَ النَّفَرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ: أَنا شَيْخٌ كَبِيرٌ، إِنْ كنتُ عَلَيْكُمْ لَمْ أَضُرَّكُم، وإِن كنتُ مَعَكُمْ لَمْ أَنفعكم، فخَلُّوني وَمَا أَنا عَلَيْهِ، وخُذُوا مَالِي. فقَبلوا مِنْهُ، وأَتى المدينةَ فَلَقِيَهُ أَبو بَكْرٍ الصديقُ، رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ: رَبِحَ الْبَيْعُ يَا صُهَيْبُ. فَقَالَ لَهُ: وأَنتَ رَبِحَ بيعُك يَا أَبا بَكْرٍ. وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ. وَفِي حاشيةٍ: والمُصَهَّبُ: صَفِيفُ الشِّواءِ والوَحْشِ المُخْتَلِطُ.

صوب: الصَّوْبُ: نُزولُ المَطَر. صَابَ المَطَرُ صَوْباً، وانْصابَ: كِلَاهُمَا انْصَبَّ. ومَطَرٌ صَوْبٌ وصَيِّبٌ وصَيُّوبٌ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: الصَّيِّبُ هُنَا الْمَطَرُ، وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبه اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُنَافِقِينَ، كأَنّ الْمَعْنَى: أَو كأَصْحابِ صَيِّبٍ؛ فَجَعَلَ دينَ الإِسلام لَهُمْ مَثَلًا فِيمَا ينالُهم فِيهِ مِنَ الخَوْفِ وَالشَّدَائِدِ، وجَعَلَ مَا يَسْتَضِيئُون بِهِ مِنَ الْبَرْقِ مَثَلًا لِمَا يستضيئُون بِهِ مِنَ الإِسلام، وَمَا يَنَالُهُمْ مِنَ الْخَوْفِ فِي الْبَرْقِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَخَافُونَهُ مِنَ الْقَتْلِ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ. وكُلُّ نازِلٍ مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ، فَقَدْ صابَ يَصُوبُ؛ وأَنشد:

كأَنَّهمُ صابتْ عَلَيْهِمْ سَحابَةٌ،

صَواعِقُها لطَيرهنَّ دَبيبُ «1»

وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّوْبُ الْمَطَرُ. وصابَ الغيثُ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، وصابَتِ السَّماءُ الأَرضَ: جادَتْها. وصابَ الماءَ وصوَّبه: صبَّه وأَراقَه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ ساقيتين:

وحَبَشِيَّينِ، إِذا تَحَلَّبا،

قَالَا نَعَمْ، قَالَا نَعَمْ، وصَوَّبا

والتَّصَوُّبُ: حَدَبٌ فِي حُدُورٍ، والتَّصَوُّبُ: الِانْحِدَارُ. والتَّصْويبُ: خِلَافُ التَّصْعِيدِ. وصَوَّبَ رأْسَه: خَفَضَه. التَّهْذِيبُ: صَوَّبتُ الإِناءَ ورأْسَ الْخَشَبَةِ تَصْويباً إِذا خَفَضْته؛ وكُرِه تَصْويبُ الرأْسِ فِي الصَّلَاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مِنْ قَطَع سِدْرةً صَوَّبَ اللَّهُ رأْسَه فِي النَّارِ

؛ سُئِلَ أَبو دَاوُدَ السِّجسْتانيّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ مُخْتَصَر، وَمَعْنَاهُ: مَنْ قَطَعَ سِدْرةً فِي فَلَاةٍ، يَسْتَظِلُّ بِهَا ابنُ السَّبِيلِ، بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا، صَوَّبَ اللَّهُ رأْسَه أَي نكَّسَه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

وصَوَّبَ يَده

أَي خَفَضَها. والإِصابةُ: خلافُ الإِصْعادِ، وَقَدْ أَصابَ الرجلُ؛ قَالَ كُثَيِّر عَزَّةَ:

ويَصْدُرُ شتَّى مِنْ مُصِيبٍ ومُصْعِدٍ،

إِذا مَا خَلَتْ، مِمَّنْ يَحِلُّ، المنازِلُ

والصَّيِّبُ: السحابُ ذُو الصَّوْبِ. وصابَ أَي نَزَلَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ وَلَكِنْ لمْلأَكٍ،

تَنَزَّلَ، مِنْ جَوِّ السماءِ، يَصوبُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: البيتُ لرجلٍ مِنْ عبدِ الْقَيْسِ يمدَحُ النُّعْمانَ؛ وَقِيلَ: هُوَ لأَبي وجزَة يَمْدَحُ عبدَ اللَّهِ بْنِ الزُّبير؛ وَقِيلَ: هُوَ لعَلْقَمَة بْنِ عَبْدَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي هَذَا البيتِ شاهدٌ عَلَى أَن قولَهم مَلَك حُذِفت مِنْهُ هَمْزَتُهُ وخُفِّفَت بِنَقْلِ حركتِها عَلَى مَا

(1). عجز هذا البيت غامض.

ص: 534

قبلَها، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ مَلائكة، فأُعيدت الْهَمْزَةُ فِي الْجَمْعِ، وَبِقَوْلِ الشَّاعِرِ: وَلَكِنْ لمْلأَك، فأَعاد الْهَمْزَةَ، والأَصل فِي الْهَمْزَةِ أَن تَكُونَ قَبْلَ اللَّامِ لأَنه مِنَ الأَلُوكَة، وَهِيَ الرِّسَالَةُ، فكأَنَّ أَصلَ مَلأَكٍ أَن يَكُونَ مأْلَكاً، وإِنما أَخروها بَعْدَ اللَّامِ لِيَكُونَ طَرِيقًا إِلى حَذْفِهَا، لأَن الْهَمْزَةَ مَتَى مَا سَكَنَ مَا قَبْلَهَا، جَازَ حَذْفُهَا وإِلقاء حَرَكَتِهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا. والصَّوْبُ مِثْلُ الصَّيِّبِ، وَتَقُولُ: صابَهُ المَطَرُ أَي مُطِرَ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

اللَّهُمَّ اسقِنا غَيْثًا صَيِّباً

؛ أَي مُنْهَمِراً مُتَدَفِّقًا. وصَوَّبْتُ الفرسَ إِذا أَرسلته فِي الجَرْيِ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:

فَصَوَّبْتُه، كأَنه صَوْبُ غَبْيَةٍ،

عَلَى الأَمْعَزِ الضَّاحِي، إِذا سِيطَ أَحْضَرا

والصَّوابُ: ضدُّ الخطإِ. وصَوَّبه: قَالَ لَهُ أَصَبْتَ. وأَصابَ: جاءَ بِالصَّوَابِ. وأَصابَ: أَراد الصوابَ؛ وأَصابَ فِي قَوْلِهِ، وأَصابَ القِرْطاسَ، وأَصابَ فِي القِرْطاس. وَفِي حَدِيثِ

أَبي وَائِلٍ: كَانَ يُسْأَلُ عَنِ التَّفْسِيرِ، فَيَقُولُ: أَصابَ اللهُ الَّذِي أَرادَ

، يَعْنِي أَرادَ اللهُ الَّذِي أَرادَ؛ وأَصله مِنَ الصَّوَابِ، وَهُوَ ضدُّ الخطإِ. يُقَالُ أَصاب فلانٌ فِي قَوْلِهِ وفِعْلِه؛ وأَصابَ السهمُ القِرْطاسَ إِذا لَمْ يُخْطِئْ؛ وقولٌ صَوْبٌ وصَوابٌ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ أَصابَ فلانٌ الصوابَ فأَخطأَ الْجَوَابَ؛ مَعْنَاهُ أَنه قَصَدَ قَصْدَ الصوابِ وأَراده، فأَخْطَأَ مُرادَه، وَلَمْ يَعْمِدِ الخطأَ وَلَمْ يُصِبْ. وَقَوْلُهُمْ: دَعْني وعليَّ خطَئي وصَوْبي أَي صَوابي؛ قَالَ أَوسُ بْنُ غَلْفاء:

أَلا قالَتْ أُمامةُ يَوْمَ غُولٍ،

تَقَطَّع، بابنِ غَلْفاءَ، الحِبالُ:

دَعِيني إِنما خَطَئي وصَوْبي

عليَّ، وإِنَّ مَا أَهْلَكْتُ مالُ

وإِنَّ مَا: كَذَا مُنْفَصِلَةٌ. قَوْلُهُ: مالُ، بِالرَّفْعِ، أَي وإِنَّ الَّذِي أَهلكتُ إِنما هُوَ مالٌ. واسْتَصْوَبَه واسْتَصابَه وأَصابَه: رَآهُ صَواباً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: اسْتَصَبْتُه قياسٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: اسْتَصْوَبْتُ رأْيَك. وأَصابه بِكَذَا: فَجَعَه بِهِ. وأَصابهم الدهرُ بِنُفُوسِهِمْ وأَموالهم. جاحَهُم فِيهَا فَفَجَعَهم. ابْنُ الأَعرابي: مَا كنتُ مُصاباً وَلَقَدْ أُصِبْتُ. وإِذا قَالَ الرجلُ لِآخَرَ: أَنتَ مُصابٌ، قَالَ: أَنتَ أَصْوَبُ مِني؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَصابَتْهُ مُصِيبةٌ فَهُوَ مُصابٌ. والصَّابةُ والمُصِيبةُ: مَا أَصابَك مِنَ الدَّهْرِ، وَكَذَلِكَ المُصابةُ والمَصُوبة، بِضَمِّ الصَّادِ، وَالتَّاءِ لِلدَّاهِيَةِ أَو لِلْمُبَالَغَةِ، وَالْجَمْعُ مَصاوِبُ ومَصائِبُ، الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، تَوَهَّموا مُفْعِلة فَعِيلة الَّتِي لَيْسَ لَهَا فِي الياءِ وَلَا الْوَاوِ أَصل. التَّهْذِيبُ: قَالَ الزجَّاج أَجمع النَّحْوِيُّونَ عَلَى أَنْ حَكَوْا مَصائِبَ فِي جَمْعِ مُصِيبة، بِالْهَمْزِ، وأَجمعوا أَنَّ الاختيارَ مَصاوِبُ، وإِنما مَصائبُ عِنْدَهُمْ بِالْهَمْزِ مِنَ الشَّاذِّ. قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي إِنما هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ، كَمَا قَالُوا وِسَادَةٌ وإِسادة؛ قَالَ: وَزَعَمَ الأَخفش أَن مَصائِبَ إِنما وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا بَدَلًا مِنَ الْوَاوِ، لأَنها أُعِلَّتْ فِي مُصِيبة. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا رَدِيءٌ لأَنه يَلْزَمُ أَن يُقَالَ فِي مَقَام مَقَائِم، وَفِي مَعُونة مَعائِن. وَقَالَ أَحمدُ بْنُ يَحْيَى: مُصِيبَة كَانَتْ فِي الأَصل مُصْوِبة. وَمِثْلُهُ: أَقيموا الصَّلَاةَ، أَصله أَقْوِمُوا، فأَلْقَوْا حركةَ الْوَاوِ عَلَى الْقَافِ فَانْكَسَرَتْ، وَقَلَبُوا الْوَاوَ يَاءً لِكَسْرَةِ الْقَافِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُجْمَعُ

ص: 535

الفُواق أَفْيِقَةً، والأَصل أَفْوِقةٌ. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: تركتُ الناسَ عَلَى مَصاباتِهم أَي عَلَى طَبقاتِهم ومَنازِلهم. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ

، أَي ابْتَلَاهُ بِالْمَصَائِبِ لِيُثِيبَهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الأَمر الْمَكْرُوهُ يَنْزِلُ بالإِنسان. يُقَالُ أَصابَ الإِنسانُ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ أَي أَخَذَ وتَنَاول؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

يُصِيبونَ مَا أَصابَ الناسُ

أَي يَنالون مَا نَالُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يُصِيبُ مِنْ رأْس بَعْضِ نِسَائِهِ وَهُوَ صَائِمٌ

؛ أَراد التقبيلَ. والمُصابُ: الإِصابةُ؛ قَالَ الحرثُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ:

أَسُلَيْمَ إِنَّ مُصابَكُمْ رَجُلًا

أَهْدَى السَّلامَ، تحيَّةً، ظُلْمُ

أَقْصَدْتِه وأَرادَ سِلْمَكُمُ،

إِذْ جاءَكُمْ، فَلْيَنْفَعِ السِّلْمُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ لَيْسَ للعَرْجِيِّ، كَمَا ظَنَّهُ الْحَرِيرِيُّ، فَقَالَ فِي دُرَّة الْغَوَّاصِ: هُوَ للعَرْجِيِّ. وَصَوَابُهُ: أَظُلَيْم؛ وظُلَيم: تَرْخِيمُ ظُلَيْمة، وظُلَيْمة: تَصْغِيرُ ظَلُوم تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ. وَيُرْوَى: أَظَلُومُ إِنَّ مُصابَكم. وظُلَيْمُ: هِيَ أُمُّ عمْران، زوجةُ عبدِ اللَّهِ بنُ مُطِيعٍ، وكان الحرثُ يَنْسِبُ بِهَا، وَلَمَّا مَاتَ زَوْجُهَا تَزَوَّجَهَا. وَرَجُلًا: منصوبٌ بمُصابٍ، يَعْنِي: إِنَّ إِصابَتَكم رَجُلًا؛ وظُلْم: خَبَرُ إِنَّ. وأَجمعت الْعَرَبُ عَلَى هَمْزِ المَصائِب، وأَصله الْوَاوُ، كأَنهم شَبَّهُوا الأَصليّ بِالزَّائِدِ. وقولُهم للشِّدة إِذا نزلتْ: صَابَتْ بقُرٍّ أَي صَارَتِ الشِّدَّة فِي قَرارِها. وأَصابَ الشيءَ: وَجَدَه. وأَصابه أَيضاً: أَراده. وَبِهِ فُسِّر قولُه تَعَالَى: تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ

؛ قَالَ: أَراد حَيْثُ أَراد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وغَيَّرها مَا غَيَّر الناسَ قَبْلَها،

فناءَتْ، وحاجاتُ النُّفوسِ تُصِيبُها

أَراد: تُريدها؛ وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصَابَ، مِنَ الصَّواب الَّذِي هُوَ ضِدُّ الخطإِ، لأَنه لَا يكونُ مُصيباً ومُخْطِئاً فِي حَالٍ وَاحِدٍ. وصابَ السَّهْمُ نحوَ الرَّمِيَّةِ يَصُوبُ صَوْباً وصَيْبُوبةً وأَصابَ إِذا قَصَد وَلَمْ يَجُزْ؛ وَقِيلَ: صَابَ جاءَ مِنْ عَلُ، وأَصابَ: مِنَ الإِصابةِ، وصَابَ السهمُ القِرْطاسَ صَيْباً، لُغَةٌ فِي أَصابه. وإِنه لسَهْمٌ صائِبٌ أَي قاصِدٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلسَّائِرِ فِي فَلاة يَقْطَعُ بالحَدْسِ، إِذا زاغَ عَنِ القَصْدِ: أَقِمْ صَوْبَك أَي قَصْدَك. وَفُلَانٌ مُستقيم الصَّوْبِ إِذا لَمْ يَزِغْ عَنْ قَصْدِه يَمِينًا وَشِمَالًا فِي مَسِيره. وَفِي الْمَثَلِ: مَعَ الخَوَاطِئِ سهمٌ صائبٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:

إِذا نَهَضَتْ فِيهِ تَصَعَّدَ نَفْرُها،

كعَنْزِ الفَلاةِ، مُسْتَدِرٌّ صِيابُها

أَرادَ جمعَ صَائِبٍ، كصاحِب وصِحابٍ، وأَعَلَّ العينَ فِي الْجَمْعِ كَمَا أَعَلَّها فِي الْوَاحِدِ، كَصَائِمٍ وصِيامٍ وَقَائِمٍ وقِيامٍ، هَذَا إِن كَانَ صِيابٌ مِنَ الْوَاوِ وَمِنَ الصَّوابِ فِي الرَّمْيِ، وإِن كَانَ مِنْ صَابَ السَّهمُ الهَدَفَ يَصِيبُه، فالياء فيه أَصل؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

فكيفَ تُرَجِّي العَاذِلاتُ تَجَلُّدي،

وصَبْرِي إِذا مَا النَّفْسُ صِيبَ حَمِيمُها

فَسَّرَهُ فَقَالَ: صِيبَ كقولكَ قُصِدَ؛ قَالَ: وَيَكُونُ

ص: 536

عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ: صَاب السَّهْمُ. قَالَ: وَلَا أَدْري كَيْفَ هَذَا، لأَن صَابَ السهمُ غَيْرُ متعدٍّ. قَالَ: وَعِنْدِي أَن صِيبَ هاهنا مِنْ قَوْلِهِمْ: صابتِ السماءُ الأَرْضَ أَصابَتْها بِصَوْبٍ، فكأَنَّ المنيةَ كَانَتْ صابَتِ الحَميمَ فأَصابَتْه بصَوْبِها. وسهمٌ صَيُوبٌ وصَوِيبٌ: صائبٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَمْ نَعْلَمْ فِي اللُّغَةِ صِفَةً عَلَى فَعِيلٍ مِمَّا صَحَّتْ فاؤُه وَلَامُهُ، وَعَيْنُهُ وَاوٌ، إِلَّا قَوْلَهُمْ طَوِيلٌ وقَوِيم وصَوِيب؛ قَالَ: فأَما العَوِيصُ فَصِفَةٌ غَالِبَةٌ تَجْرِي مَجْرى الِاسْمِ. وَهُوَ فِي صُوَّابةِ قَوْمِهِ أَي فِي لُبابهم. وصُوَّابةُ الْقَوْمِ: جَماعتُهم، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الياءِ لأَنها يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. ورجلٌ مُصابٌ، وَفِي عَقْل فُلَانٍ صابةٌ أَي فَتْرة وضَعْفٌ وطَرَفٌ مِنَ الجُنون؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كأَنه مَجْنُونٌ. وَيُقَالُ لِلْمَجْنُونِ: مُصابٌ. والمُصابُ: قَصَب السُّكَّر. التَّهْذِيبُ، الأَصمعي: الصَّابُ والسُّلَعُ ضَرْبَانِ، مِنَ الشَّجَرِ، مُرَّان. والصَّابُ عُصارة شَجَرٍ مُرٍّ؛ وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ إِذا اعْتُصِرَ خَرَج مِنْهُ كَهَيْئَةِ اللَّبَن، وَرُبَّمَا نَزَت مِنْهُ نَزِيَّةٌ أَي قَطْرَةٌ فَتَقَعُ فِي الْعَيْنِ كأَنها شِهابُ نارٍ، وَرُبَّمَا أَضْعَفَ الْبَصَرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيب الهُذَلي:

إِني أَرِقْتُ فبِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً،

كأَنَّ عَيْنِيَ فِيهَا الصّابُ مَذْبُوحُ «2»

وَيُرْوَى:

نَامَ الخَلِيُّ وبتُّ الليلَ مُشْتَجراً

والمُشْتَجِرُ: الَّذِي يَضَعُ يَدَهُ تَحْتَ حَنَكِه مُذكِّراً لِشِدَّة هَمِّه. وَقِيلَ: الصَّابُ شَجَرٌ مُرٌّ، وَاحِدَتُهُ صابَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ عُصارة الصَّبِرِ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: عَيْنُ الصَّابِ واوٌ، قِيَاسًا وَاشْتِقَاقًا، أَما الْقِيَاسُ فلأَنها عَيْنٌ والأَكثر أَن تَكُونَ وَاوًا، وأَما الِاشْتِقَاقُ فلأَنَّ الصَّابَ شَجَرٌ إِذا أَصاب الْعَيْنَ حَلَبها، وَهُوَ أَيضاً شَجَرٌ إِذا شُقَّ سالَ مِنْهُ الماءُ. وَكِلَاهُمَا فِي مَعْنَى صابَ يَصُوبُ إِذا انْحَدر. ابْنُ الأَعرابي: المِصْوَبُ المِغْرَفَةُ؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيُّ:

صابُوا بستَّةِ أَبياتٍ وأَربعةٍ،

حتَّى كأَن عَلَيْهِمْ جابِياً لُبَدَا

صابُوا بِهِمْ: وَقَعوا بِهِمْ. وَالْجَابِي: الجَراد. واللُّبَدُ: الْكَثِيرُ. والصُّوبةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الطَّعَامِ. والصُّوبةُ: الكُدْسةُ مِنَ الحِنْطة وَالتَّمْرِ وَغَيْرِهِمَا. وكُلُّ مُجْتَمعٍ صُوبةٌ، عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَهلُ الفَلْجِ يُسَمُّونَ الجَرِينَ الصُّوبةَ، وَهُوَ مَوْضِعُ التَّمْرِ. والصُّوبةُ: الكُثْبة مِنْ تُراب أَو غَيْرِهِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبي الدِّينَارِ الأَعرابي: دَخَلْتُ عَلَى فُلَانٍ فإِذا الدنانيرُ صُوبةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ أَي كُدْسٌ مُجْتَمِعٌ مَهِيلةٌ؛ ومَن رَوَاهُ: فإِذا الدِّينَارُ، ذَهَبَ بِالدِّينَارِ إِلى مَعْنَى الْجِنْسِ، لأَن الدِّينَارَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ صُوبةً. والصَّوْبُ: لَقَبُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُوَ أَبو قَبِيلَةٍ مِنْهُمْ. وبَنُو الصَّوْبِ: قَوْمٌ مِنْ بَكْر بْنِ وَائِلٍ. وصَوْبةُ: فَرَسُ العباسِ بْنِ مِرْداس. وصَوْبة أَيضاً: فرس لبني سَدُوسٍ.

صيب: الصُّيَّابُ والصُّيَّابة «3» : أَصلُ الْقَوْمِ. والصُّيَابةُ والصُّيَابُ: الخالِصُ مِنْ كلِّ شَيْءٍ؛ أَنشد ثعلب:

(2). قوله [مشتجراً] مثله في التكملة والذي في المحكم مرتفقاً ولعلهما روايتان.

(3)

. قوله الصياب والصيابة [إلخ] بشد التحتية وتخفيفها على المعنيين المذكورين كما في القاموس وغيره.

ص: 537