الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالُوا: ثَلَاثُ ذَوْدٍ يَعْنُونَ ثَلَاثَ أَينق؛ قَالَ اللُّغَوِيُّونَ: الذَّوْدُ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ كَالنَّعَمِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الذَّوْدُ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ. وَفِي الْمَثَلِ: الذَّوْدُ إِلى الذَّوْدِ إِبِلٌ، وَقَوْلُهُمْ إِلى بِمَعْنَى مَعَ أَي الْقَلِيلُ يُضَمُّ إِلى الْقَلِيلِ فَيَصِيرُ كَثِيرًا. وذَيَّاد وَذَوَّادٌ: اسْمَانِ. والمَذَاد: مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ. وَالذَّائِدُ: اسْمُ فَرَسٍ نَجِيبٍ جِدًّا مِنْ نَسْلِ الحَرُون؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ الذَّائِدُ بْنُ بُطَينِ بْنِ بِطَانَ بن الحَرُون.
فصل الراء
رأد: غُصن رَؤودٌ: وهو أَرطب مَا يَكُونُ وأَرخصه، وَقَدْ رَؤُدَ وتَرَأَّدَ وَقِيلَ: تَرَؤُّدُه تَفَيُّؤه وتذبُّله وَتَرَاؤُدُهُ، كَقَوْلِكَ تَواعُدُه: تميُّلُه وتميُّحه يَمِينًا وَشِمَالًا. والرَّأْدَةُ، بِالْهَمْزِ، والرُّؤْدَة والرَّؤُدَةُ، عَلَى وَزْنِ فَعُولة: كُلُّهُ الشَّابَّةُ الْحَسَنَةُ السَّرِيعَةُ الشَّبَابِ مَعَ حُسْنِ غِذَاءٍ وَهِيَ الرُّؤْدُ أَيضاً، وَالْجَمْعُ أَرآد. وتَرَأَّدَت الْجَارِيَةُ تَرَؤُّداً: وَهُوَ تَثَنِّيهَا مِنَ النِّعْمَةِ. والمرأَة الرَّؤُود: الشَّابَّةُ الْحَسَنَةُ الشَّبَابِ. وامرأَة رَادة: فِي مَعْنَى رُؤْد. وَالْجَارِيَةُ الْمَمْشُوقَةُ قَدْ تَرَأَّدُ فِي مَشْيِهَا، وَيُقَالُ لِلْغُصْنِ الَّذِي نَبَتَ مِنْ سَنَتِهِ أَرطب ما يكون وأَرخصه: رُؤْدٌ، وَالْوَاحِدَةُ رُؤْدَةٌ، وَسُمِّيَتِ الْجَارِيَةُ الشَّابَّةُ رُؤْداً تَشْبِيهًا بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الرأْدُ والرُّؤْدُ مِنَ النِّسَاءِ الشَّابَّةُ الْحَسَنَةُ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: هُمَا مَهْمُوزَانِ، وَيُقَالُ أَيضاً: رَأْدَة ورُؤْدَةٌ. والتَّرؤُّد: الِاهْتِزَازُ مِنَ النِّعْمَةِ، تَقُولُ مِنْهُ: تَرَأَّدَ وارْتَأَدَ بِمَعْنًى: والرِّئْدُ: التِّرْبُ، يُقَالُ: هُوَ رِئْدُها أَي تِرْبُها، وَالْجَمْعُ أَرْآد؛ وَقَالَ كثير فلم يهمز:
وَقَدْ دَرَّعُوها وَهِيَ ذاتُ مؤَصَّدٍ
…
مَجُوبٍ، ولمَّا يَلْبَسِ الدِّرْعَ رِيدُها
والرِّئْدُ: فَرْخُ الشَّجَرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَانَ في أَغصانها، وَالْجَمْعُ رِئْدانٌ، ورِئْدُ الرَّجُلِ: تِرْبُه وَكَذَلِكَ الأُنثى وأَكثر مَا يَكُونُ فِي الإِناث؛ قَالَ:
قَالَتْ سُلَيمى قَوْلةً لِرِيدِها
أَراد الْهَمْزَ فَخَفَّفَ وأَبدل طَلَبًا للرِّدف وَالْجَمْعُ أَرْآدٌ، والرَّأْدُ: رَوْنَقُ الضُّحَى، وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ انْبِسَاطِ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعِ النَّهَارِ، وَقَدْ تَراءَدَ وتَرَأَّدَ؛ وَقِيلَ: رَأْدُ الضُّحَى ارْتِفَاعُهُ حِينَ يَعْلُو النَّهَارُ، أَو الأَكثر: أَن يَمْضِيَ مِنَ النَّهَارِ خُمسه، وفَوْعَةُ النَّهَارِ بَعْدَ الرَّأْدِ، وأَتيته غُدْوَةَ غَيْرِ مُجْرًى مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ إِلى طُلُوعِ الشَّمْسِ وبكرةَ نَحْوِهَا، وجاءَنا حَدَّ الظَّهِيرَةِ: وَقْتَهَا، وَعِنْدَهَا أَي عِنْدَ حُضُورِهَا، ونحْرُ الظَّهِيرَةِ: أَوَّلها، وَقَالَ اللَّيْثُ: الرَّأْدُ رأْدُ الضُّحَى وَهُوَ ارْتِفَاعُهَا؛ يُقَالُ: تَرَجَّلَ رَأْدَ الضُّحَى، وترَأَّدَ كَذَلِكَ، والرَّأْدُ والرُّؤْدُ أَيضاً رَأْدُ اللَّحْيِ وَهُوَ أَصل اللَّحْيِ النَّاتِئُ تَحْتَ الأُذن؛ وَقِيلَ: أَصل الأَضراس فِي اللَّحْيِ، وَقِيلَ: الرَّأْدانِ طَرَفا اللَّحْيَينِ الدَّقِيقَانِ اللَّذَانِ فِي أَعلاهما وَهُمَا المحدَّدانِ الأَحْجَنانِ الْمُعَلَّقَانِ فِي خُرْتَينِ دُونَ الأُذنين؛ وَقِيلَ: طرفُ كل غضن رُؤْدٌ وَالْجُمَعُ أَرآد وأَرَائد نَادِرٌ، وَلَيْسَ بِجَمْعِ جَمْعٍ إِذ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَقِيلَ أَرائيد؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ترى شؤُونَ رأْسه العَوارِدا:
…
الخَطْمَ واللَّحيين والأَرائدا
والرُّؤْدُ: التُّؤَدَةُ؛ قَالَ:
كأَنه ثَمِلٌ يَمْشِي عَلَى رُودِ
احْتَاجَ إِلى الرِّدْفِ فَخَفَّفَ هَمْزَةَ الرؤْد، وَمَنْ جَعَلَهُ تَكْبِيرَ رُوَيْد لَمْ يَجْعَلْ أَصله الْهَمْزُ؛ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ:
كأَنها مِثلُ مَنْ يَمْشِي عَلَى رُود
فَقَلَبَ ثَمِلٌ وَغَيَّرَ بناءَه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ خطأٌ، وترَأَّدَ الرَّجُلُ فِي قِيَامِهِ تَرَؤُّداً: قَامَ فأَخذته رِعْدَةٌ فِي قِيَامِهِ حَتَّى يَقُومَ، وترأَّدت الْحَيَّةُ: اهْتَزَّتْ فِي انْسِيَابِهَا؛ وأَنشد:
كأَنَّ زِمَامَهَا أَيمٌ شُجاع،
…
تَرَأَّدَ فِي غُصونٍ مُغْطَئِلَّه
وتَرَأَّدَ الشيءُ: الْتَوَى فَذَهَبَ وجاءَ، وَقَدْ تَرَأَّدَ إِذا تفيأَ وَتَثَنَّى، وتَرَأَّدَ وتَمايحَ إِذا تميَّل يَمِينًا وَشِمَالًا، والرِّئْدُ: التِّرب، وَرُبَّمَا لَمْ يُهْمَزْ وَسَنَذْكُرُهُ في ريد.
ربد: الرُّبْدَةُ: الغُبرة؛ وَقِيلَ: لَوْنٌ إِلى الْغُبْرَةِ، وَقِيلَ: الرُّبْدَةُ والرُّبْدُ فِي النَّعَامِ سَوَادٌ مُخْتَلِطٌ، وَقِيلَ هُوَ أَن يَكُونَ لَوْنُهَا كُلُّهُ سَوَادًا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، ظَلِيمٌ أَرْبَدُ وَنَعَامَةٌ ربداءُ ورَمْداءُ: لَوْنُهَا كَلَوْنِ الرَّمَادِ وَالْجَمْعُ رُبْدٌ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الرَّبداءُ السَّوْدَاءُ؛ وَقَالَ مَرَّةً: هِيَ الَّتِي فِي سَوَادِهَا نُقَطٌ بِيضٌ أَو حُمْرٌ؛ وَقَدِ ارْبَدَّ ارْبِداداً. ورَبَّدَتِ الشَّاةُ ورَمَّدَت وَذَلِكَ إِذا أَضرعت فَتَرَى فِي ضَرْعِهَا لُمَعَ سوادٍ وَبَيَاضٍ، وترَبَّدَ ضَرْعُهَا إِذا رأَيت فِيهِ لُمَعاً مِنْ سَوَادٍ بِبَيَاضٍ خَفِيٍّ. والرَّبْداءُ من المعزى: السوادءُ الْمُنَقَّطَةُ بِحُمْرَةٍ وَهِيَ الْمُنَقَّطَةُ الْمَوْسُومَةُ موضعَ النِّطاق مِنْهَا بِحُمْرَةٍ، وَهِيَ مِنْ شِيَاتِ الْمَعَزِ خَاصَّةً، وَشَاةٌ رَبْدَاءُ: مُنَقَّطَةٌ بِحُمْرَةٍ وَبَيَاضٍ أَو سَوَادٍ. وارْبَدَّ وَجْهُهُ وتَرَبَّدَ: احمرَّ حُمْرَةً فِيهَا سَوَادٌ عِنْدَ الْغَضَبِ، والرُّبْدَةُ: غُبرة فِي الشَّفَةِ؛ يُقَالُ: امرأَة رَبْداءُ وَرَجُلٌ أَرْبَدُ، وَيُقَالُ لِلظَّلِيمِ: الأَرْبَدُ لِلَوْنِهِ. والرُّبْدَةُ والرُّمْدَة: شِبْهُ الْوَرَقَةِ تَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ، وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ حِينَ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ: أَيُّ قَلْبٍ أُشرِبَها صَارَ مُرْبَدّاً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مُرْبادّاً
، هُمَا مِنَ ارْبَدَّ وارْبادَّ وتَرَبَّد؛ ارْبِدادُ الْقَلْبِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا الصُّورَةُ، فإِن لَوْنَ الْقَلْبِ إِلى السَّوَادِ مَا هُوَ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الرُّبْدَةُ لَون بَيْنَ السَّوَادِ وَالْغُبْرَةِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّعَامِ: رُبْدٌ جَمْعُ رَبْداءَ. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: المُرَبَّد المُوَلَّع بِسَوَادٍ وَبَيَاضٍ، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: لَمَّا رَآنِي تَرَبَّد لَوْنُهُ، وتربُّده: تَلَوُّنُهُ، تَرَاهُ أَحمر مَرَّةً وَمَرَّةً أَخضر وَمَرَّةً أَصفر، ويَترَبَّد لَوْنُهُ مِنَ الْغَضَبِ أَي يَتَلَوَّنُ، وَالضَّرْعُ يَتَرَبَّدُ لَوْنُهُ إِذا صَارَ فِيهِ لُمَعٌ؛ وأَنشد اللَّيْثُ فِي تَرَبَّدَ الضَّرْعُ:
إِذا وَالَدَ مِنْهَا تَرَبَّد ضَرعُها،
…
جعلتُ لَهَا السكينَ إِحدى الْقَلَائِدِ
وتَرَبَّد وَجْهُهُ أَي تَغَيَّرَ مِنَ الْغَضَبِ، وَقِيلَ: صَارَ كَلَوْنِ الرَّمَادِ، وَيُقَالُ ارْبَدَّ لَوْنُهُ كَمَا يُقَالُ احمرَّ وَاحْمَارَّ، وإِذا غَضِبَ الإِنسان تَرَبَّد وَجْهُهُ كأَنه يَسْوَدُّ مِنْهُ مَوَاضِعُ، وارْبَدَّ وَجْهُهُ وارْمَدَّ إِذا تَغَيَّرَ، وَدَاهِيَةٌ رَبْداءُ أَي مُنْكَرَةٌ، وتَرَبَّد الرَّجُلُ: تَعَبَّس، وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ ارْبَدَّ وَجْهُهُ
أَي تَغَيَّرَ إِلى الغُبرة؛ وَقِيلَ: الرُّبْدة لَوْنٌ مِنَ السَّوَادِ وَالْغُبْرَةِ، وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنه قَامَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ مُرْبَدَّ الْوَجْهِ فِي كَلَامٍ أُسمعه
، وترَبَّدت السماءُ: تَغَيَّمَتْ. والأَرْبَدُ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ خَبِيثٌ، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ يَعَضُّ الإِبل. وَرَبدَ الإِبل يَرْبُدُها رَبْداً: حَبَسَهَا، والمِرْبَدُ: مَحْبِسُها، وَقِيلَ: هِيَ خَشَبَةٌ أَو عَصًا تَعْتَرِضُ صُدُورَ الإِبل فَتَمْنَعُهَا عَنِ الْخُرُوجِ؛ قَالَ:
عواصِيَ إِلَّا مَا جعلْتُ وراءَها
…
عَصَا مِرْبَدٍ، تَغْشَى نُحوراً وأَذْرُعا
قِيلَ: يَعْنِي بِالْمِرْبَدِ هَاهُنَا عَصًا جَعَلَهَا مُعْتَرِضَةً عَلَى الْبَابِ تَمْنَعُ الإِبل مِنَ الْخُرُوجِ، سَمَّاهَا مِرْبَدًا لِهَذَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ أَنكر غَيْرُهُ مَا قَالَ، وَقَالَ: أَراد عَصًا مُعْتَرِضَةً عَلَى بَابِ الْمِرْبَدِ فأَضاف الْعَصَا الْمُعْتَرِضَةَ إِلى الْمِرْبَدِ لَيْسَ أَن الْعَصَا مِرْبَدٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الرَّبْد الْحَبْسُ، وَالرَّابِدُ: الْخَازِنُ، وَالرَّابِدَةُ: الْخَازِنَةُ، والمِربد: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُحْبَسُ فِيهِ الإِبل وَغَيْرُهَا. وَفِي حَدِيثِ
صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنه كَانَ يَعْمَلُ رَبَداً بِمَكَّةَ.
الرَّبْدُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ: الطِّينُ، والرَّبَّادُ: الطيَّان أَي بناءٌ مِنْ طِينٍ كالسِّكْر، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الرَّبْد الْحَبْسُ لأَنه يَحْبِسُ الماءَ وَيُرْوَى بِالزَّايِ وَالنُّونِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ ومِرْبَد الْبَصْرَةِ: مِن ذَلِكَ سُمِّيَ لأَنهم كَانُوا يَحْبِسُونَ فِيهِ الإِبل؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
عَشِيَّةَ سَالَ المِرْبَدان، كِلَاهُمَا،
…
عَجاجَة مَوْتٍ بالسيوفِ الصَّوَارِمِ
فإِنما سَمَّاهُ مَجَازًا لِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ مُجَاوِرِهِ، ثُمَّ إِنه مَعَ ذَلِكَ أَكده وإِن كَانَ مَجَازًا، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ سُمِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَانِبَيْهِ مِرْبَدًا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي بَيْتِ الْفَرَزْدَقِ: إِنه عَنَى بِهِ سِكَّةَ الْمِرْبَدِ بِالْبَصْرَةِ، وَالسِّكَّةَ الَّتِي تَلِيهَا مِنْ نَاحِيَةِ بَنِي تَمِيمٍ جَعَلَهُمَا الْمِرْبَدَيْنِ، كَمَا يُقَالُ الأَحْوصان وَهُمَا الأَحْوص وَعَوْفُ بْنُ الأَحوص. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَن مَسْجِدَهُ كَانَ مِرْبَداً لِيَتِيمَيْنِ فِي حَجْر مُعَاذِ بْنِ عَفْراء، فَجَعَلَهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَبَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مَسْجِدًا.
قَالَ الأَصمعي: المِرْبد كُلُّ شَيْءٍ حُبِسَتْ بِهِ الإِبل وَالْغَنَمُ، وَلِهَذَا قِيلَ مِرْبد النَّعَمِ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ، وَبِهِ سُمِّيَ مِرْبَد الْبَصْرَةِ، إِنما كَانَ مَوْضِعَ سُوقِ الإِبل وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَيضاً إِذا حُبست بِهِ الإِبل، وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، مِنْ رَبَد بِالْمَكَانِ إِذا أَقام فِيهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه تَيَمَّمَ بِمِرْبد الْغَنَمِ.
ورَبَدَ بِالْمَكَانِ يَرْبُدُ رُبُودًا إِذا أَقام بِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَبَدَهُ حَبَسَهُ. والمِرْبد: فَضَاءٌ وَرَاءَ الْبُيُوتِ يُرْتَفَقُ بِهِ. والمِرْبد: كالحُجرة فِي الدَّارِ. ومِرْبد التَّمْرِ: جَرِينه الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ بَعْدَ الْجِدَادِ لِيَيْبَسَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ اسْمٌ كالمَطْبَخ وإِنما مَثَّلَهُ بِهِ لأَن الطَّبْخَ تَيْبِيسٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالْمِرْبَدُ أَيضاً مَوْضِعُ التَّمْرِ مِثْلُ الْجَرِينِ، فَالْمِرْبَدُ بِلُغَةِ أَهل الْحِجَازِ وَالْجَرِينُ لَهُمْ أَيضاً، والأَنْدَر لأَهل الشَّامِ، والبَيْدَر لأَهل الْعِرَاقِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَهل الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُجَفَّفُ فِيهِ التَّمْرُ لِيُنَشَّفَ مِرْبَدًا، وَهُوَ المِسْطَح وَالْجَرِينُ فِي لُغَةِ أَهل نَجْدٍ، وَالْمِرْبَدُ لِلتَّمْرِ كالبيدَر لِلْحِنْطَةِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى يَقُومَ أَبو لُبَابَةَ يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِربده بإِزاره
؛ يَعْنِي مَوْضِعَ تَمْرِهِ. ورَبد الرجلُ إِذا كَنَزَ التَّمْرَ فِي الرَّبَائِدِ وَهُوَ الْكَرَاحَاتُ «4» وَتَمْرٌ رَبِيد: نُضِّدَ فِي الْجِرَارِ أَو فِي الحُب ثُمَّ نُضِحَ بِالْمَاءِ. والرُّبَد: فِرِنْد السَّيْفِ. ورُبْد السَّيْفِ: فِرِنْدُهُ، هُذَلِيَّةٌ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
وصارِمٍ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه،
…
أَبيضَ مَهْوٍ، فِي مَتْنِهِ رُبَد
وَسَيْفٌ ذُو رُبَد، بِفَتْحِ الْبَاءِ، إِذا كُنْتَ تَرَى فِيهِ شِبْهَ غُبَارٍ أَو مَدَبّ نَمْلٍ يَكُونُ فِي جَوْهَرِهِ، وأَنشد بَيْتَ صَخْرِ الْغَيِّ الْهُذَلِيِّ وَقَالَ: الخشيبة الطبيعة أَخلصتها
(4). قوله [الكراحات إلخ] كذا بالأصل ولم نجده فيما بأيدينا من كتب اللغة.
الْمَدَاوِسُ وَالصَّقْلُ. وَمَهْوٍ: رَقِيقٌ. وأَربَدَ الرَّجُلُ: أَفسد مَالَهُ وَمَتَاعَهُ. وأَرْبَد: اسْمُ رَجُلٍ. وأَربد بْنُ رَبِيعَةَ: أَخو لَبِيدٍ الشَّاعِرِ. والرُّبيدان: نَبْتٌ.
رثد: الرَّثْد: مَصْدَرُ رَثَد الْمَتَاعَ يَرْثُدُه رَثْداً فَهُوَ مَرْثود ورَثيد: نَضَّده وَوَضَعَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ أَو إِلى جَنْبِ بَعْضٍ وَتَرَكَهُ مُرْتَثِداً مَا تَحَمَّل بَعْدُ أَي نَاضِدًا مَتَاعَهُ. يُقَالُ: تَرَكْتُ بَنِي فُلَانٍ مُرْتَثِدين مَا تَحَمَّلُوا بَعْدُ أَي نَاضِدِينَ مَتَاعَهُمْ. الْكِسَائِيُّ: أَرثَدَ الْقَوْمُ أَي أَقاموا. وَاحْتَفَرَ الْقَوْمُ حَتَّى أَرثدوا أَي بَلَغُوا الثَّرَى؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَمِنْهُ اشْتُقَّ مَرْثَد وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ. والمَرْثَد: اسْمٌ مِنْ أَسماءِ الأَسد. والرَّثَد: مَا رُثِدَ مِنَ الْمَتَاعِ، وَطَعَامٌ مَرْثود ورَثِيد؛ وَقَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ صُعَير الْمَازِنِيُّ وَذَكَرَ الظَّلِيمَ وَالنَّعَامَةَ وأَنهما تَذَكَّرَا بَيْضَهُمَا فِي أُدْحِيِّهما فأَسرعا إِليه:
فَتَذكَّرا ثَقَلًا رَثِيداً، بَعد ما
…
أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمِينَها فِي كافِر
والرثَد: بِالتَّحْرِيكِ: مَتَاعُ الْبَيْتِ الْمَنْضُودُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، وَالْمَتَاعُ رَثيد ومَرْثود. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن رَجُلًا نَادَاهُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ رَثَدْت حَاجَتَهُ وَطَالَ انْتِظَارُهُ؟
أَي دافعْتَ بِحَوَائِجِهِ ومَطَلْتَه، مِنْ قَوْلِكَ رَثَدْتُ الْمَتَاعَ إِذا وَضَعْتَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ، وأَراد بِحَاجَتِهِ حَوَائِجَهُ فأَوقع الْمُفْرَدَ مَوْقِعَ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ، أَي بِذُنُوبِهِمْ. ورَثَدُ الْبَيْتِ: سَقَطُه. ورُثِدَتِ الْقَصْعَةُ بالثَّريد: جَمَعَ بَعْضَهُ إِلى بَعْضٍ وسُوّي. ورَثَدَت الدَّجَاجَةُ بَيْضَهَا: جَمَعَتْهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والرِّثْدَة وَاللِّثْدَةُ، بِالْكَسْرِ: الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ الْمُقِيمُونَ وَلَا يَظْعَنُونَ. والرَّثَدُ: ضَعَفَة النَّاسِ. يُقَالُ: تَرَكْنَا عَلَى الْمَاءِ رَثَداً مَا يُطِيقُونَ تَحَمُّلًا، وأَما الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَتَحَمَّلُونَ عَلَيْهِ فَهُمْ مُرْتَثِدُونَ وَلَيْسُوا بِرَثَدٍ. ومَرْثَدٌ: اسْمٌ. وأَرْثَدُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
أَلا نَسْأَلُ الخَيْماتِ مَنْ بَطْنِ أَرْثَدٍ،
…
إِلى النخلِ مِنْ وَدَّانَ: مَا فَعَلَتْ نُعْمُ؟
رجد: الإِرجادُ: الإِرعادُ. وَقَدْ أُرجِدَ إِرجاداً إِذا أُرعِدَ. وأُرجِدَ وأُرعِدَ بِمَعْنًى؛ قَالَ:
أُرجدَ رأْسُ شَيْخَهِ عَيْصوم
وَيُرْوَى عَيْضُومِ وسيأْتي ذِكْرُهُ. ابْنُ الأَعرابي: رُجِدَ رأْسُه وأُرجِدَ ورُجِّدَ بِمَعْنًى. والرَّجْدُ: الارتعاش.
رخد: الرِّخْوَدُّ مِنَ الرِّجَالِ: اللَّيِّنُ الْعِظَامِ الرِّخْوُها الْكَثِيرُ اللَّحْمِ. يُقَالُ: رَجُلٌ رِخْوَدُّ الشَّبَابِ نَاعِمُهُ. وامرأَة رِخوَدَّةٌ نَاعِمَةٌ، وجمعُها رَخاوِيدُ؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
عَرَفْتُ مِنْ هِنْدَ أَطلالًا بِذِي البِيدِ
…
قَفْراً، وَجَارَاتِهَا البيضِ الرَّخاوِيدِ
قال أَبو الهثيم: الرِّخْوَدُّ الرِّخْوُ، زِيدَتْ فِيهِ دَالٌ وَشُدِّدَتْ، كَمَا يُقَالُ فَعْمٌ وفَعْمَدّ.
ردد: الرَّدُّ: صَرْفُ الشَّيْءِ ورَجْعُه. والرَّدُّ: مَصْدَرُ رَدَدْتَ الشَّيْءَ. ورَدَّهُ عَنْ وَجْهِهِ يَرُدُّه رَدّاً ومَرَدّاً وتَرْداداً: صَرَفَهُ، وَهُوَ بِنَاءٌ لِلتَّكْثِيرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ هَذَا بَابُ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَصْدَرُ مِنْ فَعَلْتُ فَتَلْحَقُ الزَّائِدَ وَتَبْنِيهِ بِنَاءً آخَرَ، كَمَا أَنك قُلْتَ فِي فَعَلْتُ فَعَّلْتُ حِينَ كَثَّرْتَ الْفِعْلَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى التَّفْعال كَالتَّرْدَادِ وَالتَّلْعَابِ وَالتَّهْذَارِ وَالتَّصْفَاقِ وَالتَّقْتَالِ وَالتَّسْيَارِ وأَخواتها؛ قَالَ: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ
هَذَا مَصْدَرُ أَفعلت، وَلَكِنْ لَمَّا أَردتَ التَّكْثِيرَ بَنَيْتَ الْمَصْدَرَ عَلَى هَذَا كَمَا بَنَيْتَ فَعَلْتُ عَلَى فَعَّلْتُ. والمَرَدُّ: كَالرَّدِّ. وارْتَدَّه: كَرَدَّه؛ قَالَ مُلَيْحٌ:
بَعَزْمٍ كوَقْعِ السَّيْفِ لَا يَسْتَقِلُّهُ
…
ضعيفٌ، وَلَا يَرْتَدُّه، الدهرَ، عاذِلُ
وردَّه عَنِ الأَمر ولَدَّه أَي صَرَفَهُ عَنْهُ بِرِفْقٍ. وأَمر اللَّهِ لَا مردَّ لَهُ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلا مَرَدَّ لَهُ
؛ وَفِيهِ: يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ*
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لأَنه شيءٌ لَا يُرَدُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمرنا فَهُوَ رَدٌّ
أَي مردودٌ عَلَيْهِ. يُقَالُ: أَمْرٌ رَدٌّ إِذَا كَانَ مُخَالِفًا لِمَا عَلَيْهِ السنَّة، وَهُوَ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ. وشيءٌ رَدِيدٌ: مَرْدودٌ؛ قَالَ:
فَتىً لَمْ تَلِدْهُ بِنتُ عَمٍّ قريبةٌ
…
فَيَضْوَى، وَقَدْ يَضْوَى رَدِيدُ الغَرائب
وَقَدِ ارتدَّ وارتدَّ عَنْهُ: تَحَوَّلَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
؛ وَالِاسْمُ الرِّدّة، وَمِنْهُ الردَّة عَنِ الإِسلام أَي الرُّجُوعُ عَنْهُ. وارتدَّ فُلَانٌ عَنْ دِينِهِ إِذا كَفَرَ بَعْدَ إِسلامه. وردَّ عَلَيْهِ الشَّيْءَ إِذا لَمْ يَقْبَلْهُ، وَكَذَلِكَ إِذا خَطَّأَه. وَتَقُولُ: رَدَّه إِلى مَنْزِلِهِ ورَدَّ إِليه جَوَابًا أَي رَجَعَ. والرِّدّة، بِالْكَسْرِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ ردَّه يَرُدُّه رَدّاً ورِدَّة. والرِّدَّةُ: الِاسْمُ مِنَ الِارْتِدَادِ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ وَالْحَوْضِ
فَيُقَالُ: إِنهم لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّين عَلَى أَعقابهم
أَي مُتَخَلِّفِينَ عَنْ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ. قَالَ: وَلَمْ يُرِدْ رِدَّةَ الْكُفْرِ وَلِهَذَا قَيَّدَهُ بأَعقابهم لأَنه لَمْ يَرْتَدَّ أَحد مِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ، إِنما ارْتَدَّ قَوْمٌ مِنْ جُفاة الأَعراب. واستَرَدَّ الشيءَ وارْتَدَّه: طَلَبَ رَدَّه، عَلَيْهِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
وَمَا صُحْبَتي عبدَ الْعَزِيزِ ومِدْحتي
…
بِعارِيَّةٍ، يَرتدُّها مَن يُعِيرُها
وَالِاسْمُ: الرَّداد والرِّداد؛ قَالَ الأَخطل:
وَمَا كلُّ مَغْبونٍ، وَلَوْ سَلْفَ صَفْقَةٍ،
…
يُراجِعُ مَا قَدْ فَاتَهُ بِرَدادِ
وَيُرْوَى بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، ورُدُود الدَّرَاهِمِ: مَا رُدَّ، وَاحِدُهَا رَدٌّ، وَهُوَ مَا زِيفَ فَرُدَّ عَلَى نَاقِدِهِ بعد ما أُخذ مِنْهُ، وَكُلُّ مَا رُدَّ بِغَيْرِ أَخذ: رَدٌّ. والرِّدُّ: مَا كَانَ عِمَادًا لِلشَّيْءِ يَدْفَعُهُ ويَرُدُّه؛ قَالَ:
يَا رَبُّ أَدعوك إِلهاً فَرْداً،
…
فَكُنْ لَهُ مِنَ الْبَلَايَا رِدَّا
أَي مَعْقِلًا يَرُدُّ عَنْهُ الْبَلَاءَ. والرِّدُّ: الْكَهْفُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَوْلُهُ تعالى: فأَرسله معي رِدّاً يُصَدِّقُنِي؛ فِيمَنْ قرأَ بِهِ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ الِاعْتِمَادِ وَمِنَ الْكَهْفِ، وأَن يَكُونَ عَلَى اعْتِقَادِ التَّثْقِيلِ في الوقف بعد تحفيف الْهَمْزِ. وَيُقَالُ: وَهَبَ هِبَةً ثُمَّ ارتدَّها أَي استردَّها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَسأَلك إِيماناً لَا يَرْتَدُّ
أَي لَا يَرْجِعُ. وَالْمَرْدُودَةُ: الْمُطَلَّقَةُ وَكُلُّهُ مِنَ الرَّدّ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ لِسُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ: أَلا أَدلك عَلَى أَفضل الصَّدَقَةِ؟ ابْنَتُكَ مَرْدُودَةٌ عَلَيْكَ لَيْسَ لَهَا كَاسِبٌ غَيْرَكَ
؛ أَراد أَنها مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجِهَا فَتُرَدّ إِلى بَيْتِ أَبيها فأَنفق عَلَيْهَا، وأَراد: أَلا أَدلك عَلَى أَفضل أَهل الصَّدَقَةِ؟ فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ فِي دارٍ لَهُ وَقَفَهَا فَكَتَبَ: وَلِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِي أَن تَسْكُنَهَا
؛ لأَن الْمُطَلَّقَةَ لَا مَسْكَنَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الرُّدَّى المرأَة الْمَرْدُودَةُ الْمُطْلَقَةُ. وَالْمَرْدُودَةُ: المُوسَى لأَنها تُرَدُّ فِي نِصَابِهَا. وَالْمَرْدُودُ: الرَّدُّ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِثْلُ الْمَحْلُوفِ وَالْمَعْقُولِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا يَعْدَمُ السَّائِلُونَ الخيرَ أَفْعَلُه،
…
إِمَّا نَوالًا، وإِمَّا حُسْنَ مَرْدودِ
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ
أَي أَعطوه وَلَوْ ظِلْفًا مُحْرِقًا. وَلَمْ يُرِدْ رَدَّ الحِرْمان وَالْمَنْعِ كَقَوْلِكَ سَلَّم فردَّ عَلَيْهِ أَي أَجابه. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَا تَرُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلفٍ
أَي لَا تردّوه ردَّ حرمات بِلَا شَيْءٍ وَلَوْ أَنه ظِلْفٌ؛ وَقَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الْوَرْدِ:
وزَوَّد خَيْرًا مَالِكًا، إِنَّ مَالِكًا
…
لَهُ رَدَّةٌ فِينَا، إِذا الْقَوْمُ زُهَّدُ
قَالَ شَمِرٌ: الرَّدَّةُ العَطْفَة عَلَيْهِمْ وَالرَّغْبَةُ فِيهِمْ. وردَّده تَرْدِيدًا وتَرْداداً فَتَرَدَّدَ. وَرَجُلٌ مُردِّدٌ: حَائِرٌ بَائِرٌ. وَفِي حَدِيثِ الْفِتَنِ:
وَيَكُونُ عِنْدَ ذَلِكُمُ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ
، وَهُوَ بِالْفَتْحِ، أَي عَطْفَةٌ قَوِيَّةٌ. وَبَحْرٌ مُرِدٌّ أَي كَثِيرُ الْمَوْجِ. وَرَجُلٌ مُرِدٌّ أَي شَبِق. وَالِارْتِدَادُ: الرُّجُوعُ، وَمِنْهُ المُرْتَدّ. واستردَّه الشَّيْءَ: سأَله أَن يَرُدَّه عَلَيْهِ. والرِّدِّيدَى: الرَّدُّ. وتَرَدَّدَ وتَرادَّ: تَرَاجَعَ. وَمَا فِيهِ رِدِّيدَى أَي احْتِبَاسٌ وَلَا تَرْداد. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنه قَالَ: لَا رِدِّيدَى فِي الصَّدَقَةِ
؛ يَقُولُ لَا تُرَدُّ، الْمَعْنَى أَن الصَّدَقَةَ لَا تؤْخذ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ لِقَوْلِهِ، عليه السلام:
لَا ثِنى فِي الصَّدَقَةِ.
أَبو عُبَيْدٍ: الرِّدِّيدَى مِنَ الردِّ فِي الشَّيْءِ. ورِدِّيدَى، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْقَصْرِ: مَصْدَرٌ مِنْ رَدَّ يَرُدُّ كالقِتِّيتى والخِصِّيصى. والرِّدُّ: الظَّهْرُ والحَمُولة مِنَ الإِبل؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سُمِّيَتْ رِدّاً لأَنها تُردُّ مِنْ مَرْتَعِهَا إِلى الدَّارِ يَوْمَ الظَّعْنِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
رَدَّ القِيانُ جِمالَ الحيِّ، فاحتُمِلوا
…
إِلى الظَّهيرَةِ، أَمرٌ بَيْنَهُمْ لَبِكُ
ورادَّه الشيءَ أَي رَدَّهُ عَلَيْهِ. وَهُمَا يتَرادَّان البيعَ: مِنَ الرَّدِّ وَالْفَسْخِ. وَهَذَا الأَمر أَرَدُّ عَلَيْهِ أَي أَنفع لَهُ. وَهَذَا الأَمر لَا رادَّة لَهُ أَي لَا فَائِدَةَ لَهُ وَلَا رُجُوعَ. وَفِي حَدِيثِ أَبي إِدريسَ الْخَوْلَانِيِّ: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ إِن كَانَ دَاوَى مَرْضاها ورَدَّ أُولاها عَلَى أُخْراها أَي إِذا تَقَدَّمَتْ أَوائلها وَتَبَاعَدَتْ عَنِ الأَواخر، لَمْ يَدَعْها تَتَفَرَّقُ، وَلَكِنْ يَحْبِسُ الْمُتَقَدِّمَةَ حَتَّى تَصِلَ إِليها المتأَخرة. ورجلٌ مُتردِّد: مُجْتَمِعٌ قَصِيرٌ لَيْسَ بِسَبْطِ الخَلْقِ. وَفِي صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم:
لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا الْقَصِيرِ المتردِّد
أَي الْمُتَنَاهِي فِي الْقِصَرِ، كأَنه تَرَدَّدَ بَعْضُ خَلْقه عَلَى بَعْضٍ وَتَدَاخَلَتْ أَجزاؤُه. وعُضْو رِدِّيدٌ: مُكْتَنِزٌ مُجْتَمِعٌ، قَالَ أَبُو خِرَاشٍ:
تَخاطَفهُ الحُتُوفُ فَهُوَّ جَوْنٌ،
…
كِنازُ اللحْمِ، فائلُهُ رَدِيدُ
والرَّدَد والرِّدَّة: أَن تَشْرَبَ الإِبل الْمَاءَ عَلَلًا فَتَرْتَدُّ الأَلبان فِي ضُرُوعِهَا. وَكُلُّ حَامِلٍ دَنَتْ وِلَادَتُهَا فَعَظُمَ بَطْنُهَا وَضَرْعُهَا: مُرِدّ. والرِّدَّة: أَن يُشْرِقَ ضَرْعُ النَّاقَةِ وَيَقَعَ فِيهِ اللَّبَنُ، وَقَدْ أَردّتْ. الْكِسَائِيُّ: نَاقَةٌ مُرْمِدٌ عَلَى مِثَالِ مُكرِم، ومُرِدٌّ مِثَالُ مُقِلّ إِذا أَشْرَقَ ضَرْعُهَا وَوَقَعَ فِيهِ اللَّبَنُ. وأَردّت النَّاقَةُ: بَرَكَتْ عَلَى نَدًى فَورِم ضَرْعُهَا وَحَيَاؤُهَا، وَقِيلَ: هُوَ وَرَمُ الْحَيَاءِ مِنَ الضَّبَعَة، وَقِيلَ: أَرَدَّتِ النَّاقَةُ وَهِيَ مُردّ وَرمت أَرفاغها وَحَيَاؤُهَا مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ. والرَّدَدُ والرَّدَّة: وَرَمٌ يُصِيبُهَا فِي أَخلافها، وَقِيلَ: وَرَمُهَا مِنَ الحَفْل. الْجَوْهَرِيُّ: الرِّدَّة امْتِلَاءُ الضَّرْعِ مِنَ اللَّبَنِ قَبْلَ النِّتَاجِ؛ عَنِ الأَصمعي؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
تَمْشِي مِنَ الرِّدَّة مَشْيَ الحُفَّل،
…
مَشْيَ الرَّوايا بالمَزادِ المُثْقِل
وَيُرْوَى بِالْمَزَادِ الأَثقل، وَتَقُولُ مِنْهُ: أَردَّتِ الشَّاةُ
وَغَيْرُهَا، فَهِيَ مُرِدّ إِذا أَضرعت. وَنَاقَةٌ مُرِدٌّ إِذا شَرِبَتِ الْمَاءَ فَوَرِمَ ضَرْعُهَا وَحَيَاؤُهَا مِنْ كَثْرَةِ الشُّرْبِ. يُقَالُ: نُوقٌ مَرادُّ، وَكَذَلِكَ الْجِمَالُ إِذا أَكثرت مِنَ الْمَاءِ فَثَقُلَتْ. وَرَجُلٌ مُرِدٌّ إِذا طَالَتْ عُزْبَتُه فَتَرَادَّ الْمَاءُ فِي ظَهْرِهِ. وَيُقَالُ: بَحْرٌ مُرِدٌّ أَي كَثِيرُ الْمَاءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ركِبَ الْبَحْرَ إِلى البحرِ، إِلى
…
غَمَراتِ الموتِ ذِي المَوْجِ المُرِدّ
وأَردّ الْبَحْرُ: كَثُرَتْ أَمواجه وَهَاجَ. وَجَاءَ فُلَانٌ مُرِدَّ الْوَجْهِ أَي غضبانَ. وأَرَدَّ الرجلُ: انْتَفَخَ غَضَبًا، حَكَاهُ صَاحِبُ الأَلفاظ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اربَدَّ. والرِّدَّة: الْبَقِيَّةُ؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
إِذا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الحَبِيبَيْنِ رِدَّةٌ،
…
سِوى ذِكر شَيْءٍ قَدْ مَضى، دَرَسَ الذِّكر
والرَّدَّة: تَقاعُس فِي الذَّقَنِ إِذا كَانَ فِي الْوَجْهِ بَعْضُ الْقَبَاحَةِ وَيَعْتَرِيهِ شَيْءٌ مِنْ جَمَالٍ؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ:
فِي وَجْهِهِ قُبْحٌ وَفِيهِ رَدَّة
أَي عَيْبٌ. وَشَيْءٌ رَدٌّ أَي رَدِيءٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للإِنسان إِذا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ: فِيهِ نَظْرة ورَدَّة وخَبْلَة؛ وَقَالَ أَبو لَيْلَى: فِي فُلَانٍ رَدَّة أَي يَرْتَدُّ الْبَصَرُ عَنْهُ مِنْ قُبْحِهِ؛ قَالَ: وَفِيهِ نَظْرَة أَي قُبْحٌ. اللَّيْثُ: يُقَالُ للمرأَة إِذا اعْتَرَاهَا شَيْءٌ مِنْ خَبَالٍ وَفِي وَجْهِهَا شَيْءٌ مِنْ قَبَاحَةٍ: هِيَ جَمِيلَةٌ وَلَكِنْ فِي وَجْهِهَا بَعْضُ الرَّدَّة. وَفِي لِسَانِهِ رَدٌّ أَي حُبسة. وَفِي وَجْهِهِ رَدَّة أَي قُبْحٌ مَعَ شَيْءٍ مِنَ الْجَمَالِ. ابْنُ الأَعرابي: الرُّدُدُ الْقِبَاحُ مِنَ النَّاسِ. يُقَالُ: فِي وَجْهِهِ ردَّة، وَهُوَ رَادٌّ. ورَدَّادٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَقِيلَ: اسْمُ رَجُلٍ كَانَ مُجَبِّراً نُسَبَ إِليه المُجَبِّرون، فَكُلُّ مُجَبِّر يُقَالُ لَهُ ردَّاد. ورُؤِيَ رَجُلٌ يَوْمَ الكُلاب يَشُدُّ عَلَى قَوْمٍ وَيَقُولُ: أَنا أَبو شدَّاد، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ: أَنا أَبو رَدَّاد. وَرَجُلٌ مِرَدٌّ: كَثِيرُ الرَّدِّ وَالْكَرِّ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
مِرَدٌّ قَدْ نَرى مَا كَانَ مِنْهُ،
…
وَلَكِنْ إِنما يُدْعى النجيب
رشد: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى الرشيدُ: هُوَ الَّذِي أَرْشَد الْخَلْقَ إِلى مَصَالِحِهِمْ أَي هَدَاهُمْ وَدَلَّهُمْ عَلَيْهَا، فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعل؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَنْسَاقُ تَدْبِيرَاتُهُ إِلى غَايَاتِهَا عَلَى سَبِيلِ السَّدَادِ مِنْ غَيْرِ إِشارة مُشِيرٍ وَلَا تَسْديد مُسَدِّد. الرُّشْد والرَّشَد والرَّشاد: نَقِيضُ الْغَيِّ. رَشَد الإِنسان، بِالْفَتْحِ، يَرْشُد رُشْداً، بِالضَّمِّ، ورَشِد، بِالْكَسْرِ، يَرْشَد رَشَداً ورَشاداً، فَهُوَ راشِد ورَشيد، وَهُوَ نَقِيضُ الضَّلَالِ، إِذا أَصاب وَجْهَ الأَمر وَالطَّرِيقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي
؛ الراشدُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ رَشَد يَرْشُد رُشْداً، وأَرْشَدته أَنا. يُرِيدُ بِالرَّاشِدِينَ أَبا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَرِضْوَانُهُ، وإِن كَانَ عَامًّا فِي كُلِّ مَنْ سَارَ سِيرَتَهم مِنَ الأَئمة. ورَشِدَ أَمرَه: رَشِدَ فِيهِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا يُنْصَبُ عَلَى تَوَهُّمِ رَشَدَ أَمرَه، وإِن لَمْ يُسْتَعْمَلْ هَكَذَا. وَنَظِيرُهُ: غَبِنْتَ رأْيَك وأَلِمْتَ بطنَك ووفِقْتَ أَمرَك وبَطِرْتَ عَيْشَكَ وسَفِهْتَ نفسَك. وأَرشَدَه اللَّهُ وأَرشَدَه إِلى الأَمر ورشَّده: هَدَاهُ. واستَرْشَده: طَلَبَ مِنْهُ الرُّشْدَ. وَيُقَالُ: استَرْشَد فُلَانٌ لأَمره إِذا اهْتَدَى لَهُ، وأَرشَدْتُه فَلَمْ يَسْتَرْشِد. وَفِي الْحَدِيثِ:
وإِرشاد الضَّالِّ
أَي هِدَايَتُهُ الطريقَ وَتَعْرِيفُهُ. والرَّشَدى: اسْمٌ لِلرَّشَادِ. إِذا أَرشدك إِنسان الطَّرِيقِ فَقُلْ: لَا يَعْمَ «5» عَلَيْكَ الرُّشْد. قال
(5). قوله [لا يعم إلخ] في بعض الأَصول لا يعمى؛ قاله في الأساس.
أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ رَشَدَ يَرْشُدُ ورَشِدَ يَرْشَد بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْغَيِّ وَالضَّلَالِ. وَالْإِرْشَادُ: الْهِدَايَةُ وَالدَّلَالَةُ. والرَّشَدى: مِنَ الرُّشْدِ؛ وأَنشد الأَحمر:
لَا نَزَلْ كَذَا أَبدا،
…
ناعِمين فِي الرَّشَدى
وَمِثْلُهُ: امرأَة غَيَرى مِنَ الغَيْرَة وحَيَرى مِنَ التحير. وقوله تعالى: يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ
، أَي أَهدكم سبيلَ القصدِ سبيلَ اللَّهِ وأُخْرِجْكم عَنْ سَبِيلِ فِرْعَوْنَ. والمَراشِدُ: الْمَقَاصِدُ؛ قَالَ أُسامة بْنُ حَبِيبٍ الْهُذَلِيُّ:
تَوَقَّ أَبا سَهْمٍ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
…
مِنَ اللَّهِ واقٍ، لَمْ تُصِبْه المَراشِد
وَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ إِنما هُوَ مِنْ بَابِ محاسِنَ وملامِحَ. والمراشِدُ: مقاصِدُ الطُّرُقِ. والطريقُ الأَرْشَد نَحْوَ الأَقصد. وَهُوَ لِرِشْدَة، وَقَدْ يُفْتَحُ، وَهُوَ نَقِيضُ زِنْيَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ ادَّعَى وَلَدًا لِغَيْرِ رِشْدَة فَلَا يرِث وَلَا يُورِثُ.
يُقَالُ: هَذَا وَلَدُ رِشْدَة إِذا كَانَ لِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، كَمَا يُقَالُ فِي ضِدِّهِ: وَلد زِنْية، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، وَيُقَالُ بِالْفَتْحِ وَهُوَ أَفصح اللُّغَتَيْنِ؛ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِ الْمَصَادِرِ: وُلِدَ فُلَانٌ لِغَيْرِ رَشْدَةٍ، وَوُلِدَ لِغَيَّةٍ ولِزَنْيةٍ، كُلُّهَا بِالْفَتْحِ؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: يَجُوزُ لِرِشْدَة ولِزَنْيةٍ؛ قَالَ: وَهُوَ اخْتِيَارُ ثَعْلَبٍ فِي كِتَابِ الْفَصِيحِ، فأَما غَيَّة، فَهُوَ بِالْفَتْحِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: قَالُوا هُوَ لِرَشْدة ولِزِنْية، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالزَّايِ مِنْهُمَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ قَالَ اللَّيْثُ وأَنشد:
لِذِي غَيَّة مِنْ أُمِّهِ ولِرَشْدة،
…
فَيَغْلِبها فَحْلٌ عَلَى النَّسْلِ مُنْجِبُ
وَيُقَالُ: يَا رِشْدينُ بِمَعْنَى يا راشد؛ وقال ذُو الرُّمَّةِ:
وكائنْ تَرى مِنْ رَشْدة فِي كَرِيهَةٍ،
…
وَمِنْ غَيَّةٍ يُلْقَى عَلَيْهِ الشراشرُ
يَقُولُ: كَمْ رُشد لَقَيْتُهُ فِيمَا تَكْرَهُهُ وَكَمْ غَيّ فِيمَا تُحِبُّهُ وَتَهْوَاهُ. وَبَنُو رَشدان: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يسمَّوْن بَنِي غَيَّان فأَسماهم سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بَنِي رَشْدان؛ وَرَوَاهُ قَوْمٌ بَنُو رِشْدان، بِكَسْرِ الرَّاءِ؛
وَقَالَ لِرَجُلٍ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: غَيَّان، فَقَالَ: بَلْ رَشدان
، وإِنما قَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، رَشْدان عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ لِيُحَاكِيَ بِهِ غَيَّان؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا وَاسِعٌ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُحَافِظُونَ عَلَيْهِ ويَدَعون غَيْرَهُ إِليه، أَعني أَنهم قَدْ يُؤْثِرُونَ الْمُحَاكَاةَ وَالْمُنَاسَبَةَ بَيْنَ الأَلفاظ تَارِكِينَ لِطَرِيقِ القياس، كَقَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم:
ارجِعْنَ مأْزورات غَيْرَ مأْجورات
، وَكَقَوْلِهِمْ: عَيْناء حَوراء مِنَ الْحِيرِ الْعِينِ، وإِنما هُوَ الحُور فآثَروا قَلْبَ الْوَاوِ يَاءً فِي الْحُورِ إِتباعاً لِلْعِينِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إِني لَآتِيُهُ بِالْغَدَايَا وَالْعَشَايَا، جَمَعُوا الْغَدَاةَ عَلَى غَدَايَا إِتباعاً لِلْعَشَايَا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ تَكْسِيرُ فُعْلة عَلَى فَعائل، وَلَا تَلْتَفِتَنَّ إِلى مَا حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي مِنْ أَن الْغَدَايَا جَمْعُ غَدِيَّة فإِنه لَمْ يَقُلْهُ أَحد غَيْرُهُ، إِنما الْغَدَايَا إِتباع كَمَا حَكَاهُ جَمِيعُ أَهل اللُّغَةِ، فإِذا كَانُوا قَدْ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ مُحْتَشِمِينَ مِنْ كَسْرِ الْقِيَاسِ، فأَن يَفْعَلُوهُ فِيمَا لَا يَكْسِرُ الْقِيَاسَ أَسوغ، أَلا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ: رأَيت زَيْدًا، فَيُقَالُ: مَنْ زَيْدًا؟ وَمَرَرْتُ بِزَيْدٍ، فَيُقَالُ: مَنْ زَيْدٍ؟ وَلَا عُذْرَ فِي ذَلِكَ إِلا مُحَاكَاةُ اللَّفْظِ؛ وَنَظِيرُ مُقَابَلَةِ غَيَّان بِرَشْدان لِيُوَفِّقَ بني الصِّيغَتَيْنِ اسْتِجَازَتُهُمْ تَعْلِيقَ فِعْل عَلَى فاعِل لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ، لِتَقَدُّمِ تعليق فِعْل على فاعل يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ الفِعْل، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُحَاكَاةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ؛
وَالِاسْتِهْزَاءُ مِنَ الْكُفَّارِ حَقِيقَةً، وَتَعْلِيقُهُ بِاللَّهِ عز وجل مَجَازٌ، جَلَّ رَبُّنَا وَتَقَدَّسَ عَنِ الِاسْتِهْزَاءِ بَلْ هُوَ الْحَقُّ وَمِنْهُ الْحَقُّ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يُخادِعُونَ اللَّهَ، وَهُوَ خادِعُهُمْ
؛ والمُخادَعة مِنْ هَؤُلَاءِ فِيمَا يُخَيَّلُ إِليهم حَقِيقَةً، وَهِيَ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مَجَازٌ، إِنما الِاسْتِهْزَاءُ والخَدع مِنَ اللَّهِ عز وجل، مكافأَة لَهُمْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
أَلا لَا يَجْهَلَنْ أَحدٌ عَلَيْنَا،
…
فنَجْهَلَ فوقَ جَهْلِ الجاهِلينا
أَي إِنما نكافئهُم عَلَى جَهْلهم كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ؛ وَهُوَ بَابٌ وَاسِعٌ كَبِيرٌ. وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ يسمَّوْن بَنِي زِنْية فَسَمَّاهُمُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، بِبَنِي رِشْدة. والرَّشاد وَحَبُّ الرَّشَادِ: نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الثُّفَّاء؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَهل الْعِرَاقِ يَقُولُونَ للحُرْف حَبُّ الرَّشَادِ يَتَطَيَّرُونَ مِنْ لَفْظِ الحُرْف لأَنه حِرْمان فَيَقُولُونَ حَبُّ الرَّشَادِ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِلْحَجَرِ الَّذِي يملأُ الْكَفَّ الرَّشادة، وَجَمْعُهَا الرَّشاد، قَالَ: وَهُوَ صَحِيحٌ. وراشِدٌ ومُرْشِد ورُشَيْد ورُشْد ورَشاد: أَسماء.
رصد: الراصِدُ بِالشَّيْءِ: الرَّاقِبُ لَهُ. رَصَدَه بِالْخَيْرِ وَغَيْرِهِ يَرْصُدُه رَصْداً ورَصَداً: يَرْقُبُهُ، ورصَدَه بالمكافأَة كَذَلِكَ. والتَّرَصُّدُ: التَّرَقُّبُ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ أَنا لَكَ مُرْصِدٌ بإِحسانك حَتَّى أُكافئك بِهِ؛ قَالَ: والإِرصاد فِي المكافأَة بِالْخَيْرِ، وَقَدْ جَعَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي الشَّرِّ أَيضاً؛ وأَنشد:
لاهُمَّ، رَبَّ الرَّاكِبِ الْمُسَافِرِ،
…
احْفَظْه لِي مِنْ أَعيُنِ السَّوَاحِرِ،
وحَيَّةٍ تُرْصِدُ بِالْهَوَاجِرِ
فَالْحَيَّةُ لَا تُرْصِدُ إِلا بِالشَّرِّ. وَيُقَالُ لِلْحَيَّةِ الَّتِي تَرْصُد الْمَارَّةَ عَلَى الطَّرِيقِ لِتَلْسَعَ: رَصِيدٌ. والرَّصِيدُ: السَّبُعُ الَّذِي يَرْصُد لِيَثِب. والرَّصُود مِنَ الإِبل: الَّتِي تَرْصُد شُرْبَ الإِبل ثُمَّ تَشْرَبُ هِيَ. والرَّصَدُ: الْقَوْمُ يَرْصُدون كالحَرَس، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَرُبَّمَا قَالُوا أَرصاد. والرُّصْدَة، بِالضَّمِّ: الزُّبْية. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرصَدَ لَهُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، لَا يُقَالُ إِلا بالأَلف، وَقِيلَ: تَرَصَّدَه تَرَقَّبَهُ. وأَرصَدَ لَهُ الأَمر: أَعدّه. وَالِارْتِصَادُ: الرَّصْد. والرَّصَد: المرتَصِدُون، وَهُوَ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبو عَامِرٍ الرَّاهِبُ حارَب النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، وَمَضَى إِلى هِرَقْلَ وَكَانَ أَحد الْمُنَافِقِينَ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ بَنَوْا مَسْجِدَ الضِّرَارِ: نَبْنِي هَذَا الْمَسْجِدَ وَنَنْتَظِرُ أَبا عَامِرٍ حَتَّى يَجِيءَ وَيُصَلِّيَ فِيهِ. والإِرصاد: الِانْتِظَارُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الإِرصاد الإِعداد، وَكَانُوا قَدْ قَالُوا نَقْضي فِيهِ حَاجَتَنَا وَلَا يُعَابُ عَلَيْنَا إِذا خَلَوْنَا، ونَرْصُده لأَبي عَامِرٍ حَتَّى مَجِيئِهِ مِنَ الشَّامِ أَي نُعِدُّهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ. رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي وَالْكِسَائِيِّ: رصَدْت فُلَانًا أَرصُدُه إِذا تَرَقَّبْتَهُ. وأَرْصَدْت لَهُ شَيْئًا أُرْصِدُه: أَعددت لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: مَا أُحِبُّ عِندي «1» . مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأُنفِقَه فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وتُمسي ثالثةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دينارٌ إِلَّا دِينَارٌ أُرْصِدُه
أَي أُعِدُّه لِدَيْنٍ؛ يُقَالُ: أَرصدته إِذا قَعَدْتَ لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ تَرْقُبُهُ. وأَرْصَدْتُ لَهُ الْعُقُوبَةَ إِذا أَعددتها لَهُ، وحقيقتُه جَعَلْتُهَا لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ كَالْمُتَرَقِّبَةِ لَهُ؛ ومنه
(1). قوله [ما أحب عندي] كذا بالأصل ولعله ما أحب أن عندي والحديث جاء بروايات كثيرة
الْحَدِيثُ:
فأَرْصَدَ اللَّهُ عَلَى مَدْرجته ملَكاً
أَي وَكَلَّهُ بِحِفْظِ الْمَدْرَجَةِ، وَهِيَ الطَّرِيقُ. وَجَعَلَهُ رَصَداً أَي حَافِظًا مُعَدّاً. وَفِي حَدِيثُ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَذَكَرَ أَباه فَقَالَ: مَا خَلَّف مِنْ دُنْيَاكُمْ إِلا ثُلْثُمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ أَرصَدَها لِشِرَاءِ خَادِمٍ.
وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ سِيرِينَ أَنه قَالَ: كَانُوا لَا يَرْصُدون الثِّمَارَ فِي الدَّيْن وَيَنْبَغِي أَن يُرْصَد العينُ فِي الدَّيْن
؛ قَالَ: وَفَسَّرَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فَقَالَ إِذا كَانَ عَلَى الرَّجُلِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ مِنَ الْعَيْنِ مِثْلُهُ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ، وإِن كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وأَخرجت أَرضه ثَمَرَةً يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ لَمْ يَسْقُطُ الْعُشْرُ عَنْهُ مِنْ أَجل مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا وَفِيهِ خِلَافٌ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَوْلُهُمْ فُلَانٌ يَرْصُد فُلَانًا مَعْنَاهُ يَقْعُدُ لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ. قَالَ: والمَرْصَدُ والمِرْصادُ عِنْدَ الْعَرَبِ الطَّرِيقُ؛ قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ وَاقْعُدُوا لَهُمْ عَلَى طَرِيقِهِمْ إِلى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَي كُونُوا لَهُمْ رَصَداً لتأْخذوهم فِي أَيّ وَجْهٍ تَوَجَّهُوا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: عَلَى كُلِّ طَرِيقٍ؛ وَقَالَ عز وجل: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ
؛ مَعْنَاهُ لَبِالطَّرِيقِ أَي بِالطَّرِيقِ الَّذِي مَمَرُّكَ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ عَدِيٌّ:
وإِنَّ الْمَنَايَا للرجالِ بِمَرْصَد
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَي يَرْصُدُ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَصَدَّ عَنْهُ بِالْعَذَابِ؛ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَي يَرْصُد كُلَّ إِنسان حَتَّى يجازِيَه بِفِعْلِهِ. ابْنُ الأَنباري: المِرصاد الْمَوْضِعُ الَّذِي تُرْصَدُ النَّاسُ فِيهِ كَالْمِضْمَارِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُضَمَّر فِيهِ الْخَيْلُ مِنْ مَيْدَانِ السِّبَاقِ وَنَحْوِهِ، والمَرْصَدُ: مِثْلُ المِرصاد، وَجَمْعُهُ الْمَرَاصِدُ، وَقِيلَ: الْمِرْصَادُ الْمَكَانُ الَّذِي يُرْصَدُ فِيهِ الْعَدُوُّ. وَقَالَ الأَعمش في قوله: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ
؛ قَالَ: الْمِرْصَادُ ثَلَاثَةُ جُسُورٍ خَلْفَ الصِّرَاطِ: جِسْرٌ عَلَيْهِ الأَمانة، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّحِمُ، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّبُّ؛ وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً
، أَي تَرْصُد الْكُفَّارَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً
أَي إِذا نَزَلَ الملَك بِالْوَحْيِ أَرسل اللَّهُ مَعَهُ رَصَدًا يَحْفَظُونَ الْمَلَكَ مِنْ أَن يأْتي أَحد مِنَ الْجِنِّ، فَيَسْتَمِعُ الْوَحْيَ فَيُخْبِرُ بِهِ الْكَهَنَةَ وَيُخْبِرُوا بِهِ النَّاسَ، فَيُسَاوُوا الأَنبياء. والمَرْصَد: كالرصَد. وَالْمِرْصَادُ والمَرْصَد: مَوْضِعُ الرَّصْدِ. وَمَرَاصِدُ الْحَيَّاتِ: مَكَامِنُهَا؛ قَالَ الْهُذَلِيِّ:
أَبا مَعْقَلٍ لَا يُوطِئَنْكَ بغاضَتي
…
رُؤوسَ الأَفاعي فِي مَراصِدِها العُرْم
وَلَيْثٌ رَصِيدٌ: يَرْصُدُ لِيَثِبَ؛ قَالَ:
أَسليم لَمْ تَعُدْ،
…
أَم رصِيدٌ أَكلَكْ؟
والرَّصْد والرَّصَد: الْمَطَرُ يأْتي بَعْدَ الْمَطَرِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَطَرُ يَقَعُ أَوّلًا لِمَا يأْتي بَعْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل الْمَطَرِ. الأَصمعي: مِنْ أَسماء الْمَطَرِ الرصْد. ابْنُ الأَعرابي: الرصَد الْعِهَادُ تَرْصُد مَطَرًا بَعْدَهَا، قَالَ: فإِن أَصابها مَطَرٌ فَهُوَ الْعُشْبُ، وَاحِدَتُهَا عِهْدَة، أَراد: نَبَت العُشْب أَو كَانَ الْعُشْبُ. قَالَ: وَيَنْبُتُ الْبَقْلُ حِينَئِذٍ مُقْتَرَحًا صُلْباً، وَاحِدَتُهُ رَصَدَة ورَصْدة؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ قَدْ كَانَ قَبْلَ هَذَا الْمَطَرِ لَهُ رَصْدَة؛ والرَّصْدة، بِالْفَتْحِ: الدُّفعة مِنَ الْمَطَرِ، وَالْجَمْعُ رِصَادٌ، وَتَقُولُ مِنْهُ: رُصِدَت الأَرض، فَهِيَ مَرْصُودَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرض مُرصِدة مُطِرَتْ وَهِيَ تُرْجَى لأَن تَنْبُتَ، وَالرَّصْدُ حِينَئِذٍ: الرَّجَاءُ لأَنها تُرْجَى كَمَا تُرْجَى الْحَائِلُ «2» وَجَمْعُ الرَّصْدِ أَرصاد. وأَرض مَرْصُودَةٌ ومُرْصَدة: أَصابتها الرَّصْدة. وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: لَا يُقَالُ مَرْصُودَةٌ وَلَا مُرْصَدَة، إِنما يُقَالُ أَصابها رَصْد ورَصَد. وأَرض مُرصِدة إِذا كَانَ بِهَا شيء
(2). قوله [ترجى الحائل] مرة قالها بالهمز ومرة بالميم، وكلاهما صحيح.
مِنْ رصَد. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا مُطرت الأَرض فِي أَوّل الشِّتَاءِ فَلَا يُقَالُ لَهَا مَرْت لأَنّ بِهَا حِينَئِذٍ رَصْدًا، وَالرَّصْدُ حِينَئِذٍ الرَّجَاءُ لَهَا كَمَا تُرْجَى الْحَامِلُ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّصْدة تَرْصُدُ وَلْياً مِنَ الْمَطَرِ. الْجَوْهَرِيُّ: الرصَد، بِالتَّحْرِيكِ، الْقَلِيلُ مِنَ الكلإِ وَالْمَطَرِ. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّصَدُ الْقَلِيلُ مِنَ الكلإِ فِي أَرض يُرْجَى لَهَا حَيَا الرَّبِيعِ. وأَرض مُرْصِدة: فِيهَا رَصَدٌ مِنَ الكلإِ. وَيُقَالُ: بِهَا رَصَدٌ مِنْ حَيَا. وَقَالَ عَرَّامٌ: الرصائد والوصائد مصائدُ تُعدّ للسباع.
رضد: الأَزهري: قرأْت فِي نَوَادِرِ الأَعرابي رضَدْت المتاح فارتَضَد ورَضَمْتُه فارتَضَم إِذا نَضَدْته.
رعد: الرِّعْدَة: النَّافِضُ يَكُونُ مِنَ الْفَزَعِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ أُرْعِدَ فارتَعَدَ. وتَرَعْدَد: أَخَذته الرِّعْدَةُ. وَالِارْتِعَادُ: الِاضْطِرَابُ، تَقُولُ: أَرعده فَارْتَعَدَ. وأُرْعِدَت فَرَائِصُهُ عِنْدَ الْفَزَعِ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ الأَسود: فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَد فَرَائِصُهُمَا
أَي تَرْجُفُ وَتَضْطَرِبُ مِنَ الْخَوْفِ. وَرَجُلٌ تِرْعِيد ورِعْديد ورِعْديدَة: جَبَانٌ يُرْعَدُ عِنْدَ الْقِتَالِ جُبْنًا؛ قَالَ أَبو الْعِيَالِ:
ولا زُمَّيْلَةٌ رِعْديدَةٌ
…
رَعِشٌ، إِذا رَكِبُوا
وَرَجُلٌ رِعْشيش: مِثْلُ رعْديد، وَالْجَمْعُ رَعَادِيدُ ورعاشِيشُ، وَهُوَ يَرْتَعِدُ ويَرْتَعِشُ. وَنَبَاتٌ رِعْدِيدٌ: نَاعِمٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
والخازِبازِ السَّنِمَ الرِّعديدا
وَقَدْ تَرَعَّد. وامرأَة رِعديدة: يَتَرَجْرَجُ لَحْمُهَا مِنْ نَعْمتها وَكَذَلِكَ كلُّ شيءٍ مُتَرَجْرِجٍ كالقَريس وَالْفَالُوذِ والكثيب ونحوه، فَهُوَ يَتَرَعدَد كَمَا تَتَرَعْدَدُ الأَليَة؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَهُوَ كَرِعْديدِ الكَثيب الأَيْهم
والرِّعديد المرأَة الرَّخْصة. وَقِيلَ لأَعرابي: أَتعرف الْفَالُوذَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَصفر رِعْديد. وَجَارِيَةٌ رِعْديدة: تَارَّةٌ ناعِمة، وجَوارٍ رعاديدُ. ابْنُ الأَعرابي: وَكَثِيبٌ مُرْعِد أَي مُنْهال، وَقَدْ أُرْعِدَ إِرْعاداً؛ وأَنشد:
وكفَلٌ يَرْتَجُّ تَحتَ المِجْسَدِ،
…
كالغُصْن بَيْنَ المُهَدات المُرْعَد
أَي مَا تَمَهَّدَ مِنَ الرَّمْلِ. وَالرَّعْدُ: الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ السَّحَابِ. وأَرْعَد الْقَوْمُ وأَبرَقوا: أَصابهم رَعْدٌ وَبَرْقٌ. ورعَدت السَّمَاءُ تَرْعُد وترعَد رعْداً ورُعوداً وأَرْعَدت: صَوَّتَتْ للإِمطار. وَفِي الْمَثَلِ: رُبَّ صَلَفٍ تحتَ الراعدَة؛ يُضْرَبُ لِلَّذِي يُكْثِرُ الْكَلَامَ وَلَا خَيْرَ عِنْدَهُ. وَسَحَابَةٌ رعَّادة: كَثِيَرَةُ الرَّعْدِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا رَعَّادَةً. وأَرْعَدنا: سَمِعْنَا الرَّعْدَ. ورُعِدْنا: أَصابنا الرَّعْدُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَقَدْ أَرْعَدنا أَي أَصابنا رَعد. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ؛ قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ صَوْتُ الرَّعْدِ تَسْبِيحُهُ لأَن صَوْتَ الرَّعْدِ مِنْ عَظِيمِ الأَشياء. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
الرَّعْدُ مَلَكٌ يَسُوقُ السَّحَابَ كَمَا يَسُوقُ الْحَادِي الإِبل بحُدائه.
وَسُئِلَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ عَنِ الرَّعْدِ فَقَالَ: اللَّهُ أَعلم. وَقِيلَ: الرَّعْدُ صَوْتُ السَّحَابِ وَالْبَرْقُ ضوءٌ وَنُورٌ يَكُونَانِ مَعَ السَّحَابِ. قَالُوا: وَذِكْرُ الْمَلَائِكَةِ بَعْدَ الرَّعْدِ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ
، يَدُلُّ عَلَى أَن الرَّعْدَ لَيْسَ بِمَلَكٍ. وَقَالَ الَّذِينَ قَالُوا الرَّعْدُ مَلَكٌ: ذِكْرُ الْمَلَائِكَةِ بَعْدَ الرَّعْدِ وَهُوَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا يُذْكَرُ الْجِنْسُ بَعْدَ النَّوْعِ.
وَسُئِلَ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه، عَنِ الرَّعْدِ فَقَالَ: مَلَك، وَعَنِ الْبَرْقِ فَقَالَ: مَخاريقُ بأَيدي الْمَلَائِكَةِ مِنْ حَدِيدٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الرَّعْدُ مَلَكٌ اسْمُهُ الرَّعْدُ يَسُوقُ السَّحَابَ بِالتَّسْبِيحِ؛ قَالَ: وَمِنْ صَوْتِهِ اشْتُقَّ فِعْلُ رَعَدَ يَرْعُد وَمِنْهُ الرِّعْدَة وَالِارْتِعَادُ. وَقَالَ الأَخفش: أَهل الْبَادِيَةِ يَزْعُمُونَ أَن الرَّعْدَ هُوَ صَوْتُ السَّحَابِ وَالْفُقَهَاءُ يَزْعُمُونَ أَنه مَلَكٌ. ورَعَدت المرأَة وأَرْعدَت: تَحَسَّنَتْ وَتَعَرَّضَتْ. ورَعَدَ لِي بِالْقَوْلِ يَرْعُد رَعْداً، وأَرْعَد: تهدَّدَ وأَوعد. وإِذا أَوْعد الرَّجُلُ قِيلَ: أَرْعَدَ وأَبرَقَ ورَعَدَ وبرَقَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
يَا جَلَّ مَا بَعُدَت عَلَيْكَ بِلادُنا
…
وطِلابُنا، فابرُقْ بأَرضك وارْعُد
الأَصمعي: يُقَالُ رَعَدت السَّمَاءُ وبَرَقت ورعَدَ لَهُ وَبَرَقَ لَهُ إِذا أَوعده، وَلَا يُجِيزُ أَرعَدَ وَلَا أَبرَقَ فِي الْوَعِيدِ وَلَا السَّمَاءِ؛ وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: رَعَدَ وأَرعَدَ وَبَرَقَ وأَبرَقَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلُ الْكُمَيْتِ:
أَرْعِدْ وأَبرِقْ يَا يزيدُ،
…
فَمَا وعِيدُك لِي بِضَائِرِ
وَلَمْ يَكُنِ الأَصمعي يَحْتَجُّ بِشِعْرِ الْكُمَيْتِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رعَدَت السماءُ وبَرَقَت رعْداً ورُعوداً وبَرْقاً وبُروقاً بِغَيْرِ أَلف. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُلَيْكَةَ: إِن أُمَّنا مَاتَتْ حِينَ رعَد الإِسلامُ وبَرَق
أَي حِينَ جَاءَ بِوَعِيدِهِ وتَهَدُّده. وَيُقَالُ لِلسَّمَاءِ المنتظَرَة إِذا كَثُرَ الرَّعْدُ وَالْبَرْقُ قَبْلَ الْمَطَرِ: قَدْ أَرعدت وأَبرقت؛ وَيُقَالُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: رعَدَت وبَرَقَت. وَيُقَالُ: هُوَ يُرَعْدِدُ أَي يُلحف فِي السُّؤَالِ. وَرَجُلٌ رَعَّادة ورَعَّاد: كَثِيرُ الْكَلَامِ. والرُّعَيْداءُ: مَا يُرْمَى مِنَ الطَّعَامِ إِذا نُقِّي كالزؤانِ وَنَحْوِهِ، وَهِيَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُصَنَّفِ رُغَيْداء، وَالْغَيْنُ أَصح «1» والرَّعَّاد: ضَرْبٌ مِنْ سَمَكِ الْبَحْرِ إِذا مَسَّهُ الإِنسان خَدِرَتْ يَدُهُ وَعَضُدُهُ حَتَّى يَرْتَعِدَ مَا دَامَ السَّمَكُ حَيًّا. وَقَوْلُهُمْ: جَاءَ بذاتِ الرَّعْدِ والصَّلِيلِ، يَعْنِي بِهَا الْحَرْبَ. وذاتُ الرَّواعِدِ: الدَّاهِيَةُ. وَبَنُو راعِد: بَطْنٌ، وَفِي الصحاح: بنو راعِدة.
رغد: عَيْشٌ رغْد: كَثِيرٌ. وَعَيْشٌ رَغَد ورَغِدٌ ورغِيد وراغِد وأَرغدُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: مُخْصِبٌ رفِيهٌ غَزِيرٌ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: فِي الرَّغْد لُغَتَانِ: رَغْد ورَغَد؛ وأَنشد:
فَيَا ظَبْيُ كُلْ رَغْداً هَنِيئًا وَلَا تَخَف،
…
فإِنِّي لَكُمْ جارٌ، وإِن خِفْتُمُ الدَّهرا
وَقَوْمٌ رَغَد وَنِسْوَةٌ رَغَد: مُخْصبون مَغْزُرُونَ. تَقُولُ: رَغِدَ عيشُهم ورَغُد، بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا، وأَرغَد فُلَانٌ: أَصاب عَيْشًا وَاسِعًا. وأَرغد الْقَوْمُ: أَخْصَبوا. وأَرغَد الْقَوْمُ: صَارُوا فِي عَيْشٍ رَغَدٍ. وأَرغد مَاشِيَتَهُ: تَرَكَهَا وسَوْمَها. وعيشَة رَغْد ورَغَد أَي وَاسِعَةٌ طَيِّبَةٌ. والرغْدُ: الْكَثِيرُ الْوَاسِعُ الَّذِي لَا يُعييك مِنْ مَالٍ أَو مَاءٍ أَو عَيْشٍ أَو كلإٍ. والمَرْغَدة: الرَّوْضَةُ. والرَّغِيدة: اللَّبَنُ الْحَلِيبُ يُغْلى ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ حَتَّى يَخْتَلِطَ ويُساط فَيُلْعَقَ لَعْقًا. وارْغادَّ اللَّبَنُ ارْغيداداً أَي اخْتَلَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَلَمْ تَتِمَّ خُثورتُه بعدُ. والمُرْغادُّ: اللَّبَنُ الَّذِي لَمْ تَتِمَّ خُثورته. وَرَجُلٌ مُرْغادٌّ: اسْتَيْقَظَ، وَلَمْ يَقْضِ كَرَاهُ فَفِيهِ ثَقلة.
(1). قوله [والغين أصح] كذا بالأصل بإعجام الغين، وفي شرح القاموس والعين أصح بإهمالها ونسبها للفراء.
والمُرْغادُّ: الشَّاكُّ فِي رأْيه لَا يَدْرِي كَيْفَ يُصْدِرُه، وَكَذَلِكَ الإِرغِيداد فِي كُلِّ مُخْتَلِطٍ. والمُرْغادُّ: الْغَضْبَانُ الْمُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ غَضَبًا؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُجِيبُكَ مِنَ الْغَيْظِ. والمُرْغادُّ: الَّذِي أَجهده الْمَرَضُ؛ وَقِيلَ: هُوَ إِذا رأَيت فِيهِ خَمْصاً وَفُتُورًا فِي طَرْفه وَذَلِكَ فِي بَدْءِ مَرَضِهِ. وَتَقُولُ ارغادَّ الْمَرِيضُ إِذا عَرِفْتَ فِيهِ ضَعْضَعَةً مِنْ هُزَالٍ؛ وَقَالَ النَّضْرُ: ارغادَّ الرَّجُلُ ارغِيداداً، فَهُوَ مُرغادٌّ وَهُوَ الَّذِي بدأَ بِهِ الْوَجَعُ فأَنت تَرَى فِيهِ خَمصاً ويُبْساً وفَتْرة؛ وَقِيلَ: ارغادَّ ارْغِيدَادًا، وَهُوَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَمْ يُجْهد وَالنَّائِمُ الَّذِي لَمْ يَقْضِ كَرَاهُ، فَاسْتَيْقَظَ وَفِيهِ ثقلة.
رفد: الرِّفْد، بِالْكَسْرِ: الْعَطَاءُ وَالصِّلَةُ. والرَّفْد، بِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ. رَفَدَه يَرْفِدُه رَفْداً: أَعطاه، ورَفَدَه وأَرْفَده: أَعانه، وَالِاسْمُ مِنْهُمَا الرِّفْد. وَتَرَافَدُوا: أَعان بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والمَرْفَدُ والمُرْفَدُ: الْمَعُونَةُ؛ وَفِي الْحَوَاشِي لِابْنِ بَرِّيٍّ قَالَ دُكين:
خَيْرُ امرئٍ قَدْ جَاءَ مِن مَعَدِّهْ
…
مِن قَبْلِهِ، أَو رافِدٍ مِنْ بعدِهْ
الرَّافِدُ: هُوَ الَّذِي يَلِي المَلِك وَيَقُومُ مَقَامَهُ إِذا غَابَ. والرِّفادة: شَيْءٌ كَانَتْ قُرَيش تَتَرَافَدُ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فيُخْرج كُلُّ إِنسان مَالًا بِقَدْرِ طَاقَتِهِ فَيَجْمَعُونَ مِنْ ذَلِكَ مَالًا عَظِيمًا أَيام الْمَوْسِمِ، فَيَشْتَرُونَ بِهِ لِلْحَاجِّ الجُزر وَالطَّعَامَ وَالزَّبِيبَ لِلنَّبِيذِ، فَلَا يَزَالُونَ يُطْعِمون النَّاسَ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيام مَوْسِمِ الْحَجِّ؛ وَكَانَتِ الرِّفادَة والسِّقاية لِبَنِي هَاشِمٍ، والسِّدانة واللِّواء لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَكَانَ أَوّلَ مَنْ قَامَ بالرِّفادة هاشمُ بْنُ عَبْدِ مُنَافٍ وَسُمِّيَ هَاشِمًا لهَشْمِه الثَّرِيدَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ أَن يَكُونَ الفيءُ رِفْداً
أَي صِلَةً وَعَطِيَّةً؛ يُرِيدُ أَن الْخَرَاجَ والفَيء الَّذِي يحْصُل، وَهُوَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَهلِ الفَيء، يَصِيرُ صِلَاتٍ وَعَطَايَا، ويُخَص بِهِ قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ عَلَى قَدْرِ الْهَوَى لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَا يُوضَعُ مَوَاضِعَهُ. والرِّفْدُ: الصِّلَةُ؛ يُقَالُ: رَفَدْتُه رَفْداً، وَالِاسْمُ الرِّفْد. والإِرْفاد: الإِعطاء والإِعانة. والمرافَدة: المُعاونة. والتَّرافد: التَّعَاوُنُ. والاستِرفاد: الِاسْتِعَانَةُ. وَالِارْتِفَادُ: الْكَسْبُ. والتَّرفيدُ: التَّسويدُ. يُقَالُ: رُفِّدَ فُلَانٌ أَي سُوِّدَ وَعُظِّمَ. ورَفَّد القومُ فُلَانًا: سَوَّدوه ومَلَّكوه أَمرهم. والرِّفادة: دِعامة السَّرْجِ وَالرَّحْلِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ رَفَده وَعَلَيْهِ يَرْفِده رَفْداً. وكلُّ مَا أَمسك شَيْئًا: فَقَدْ رَفده. أَبو زَيْدٍ: رَفَدتُ عَلَى الْبَعِيرِ أَرْفِدُ رَفْداً [رِفْداً] إِذا جُعِلَتْ لَهُ رِفادة؛ قَالَ الأَزهري: هِيَ مِثْلُ رِفَادَةِ السَّرْجِ. والرَّوافِدُ خَشَبُ السَّقْفِ؛ وأَنشد الأَحمر:
رَوافِدُه أَكرَمُ الرافِداتِ،
…
بَخٍ لكَ بَخٍّ لِبَحْرٍ خِضَم
وارتَفَد المالَ: اكْتَسَبَهُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
عَجَباً مَا عَجِبْتُ من واهِبِ المالِ،
…
يُباهي بِهِ ويَرْتَفِدُه
ويُضِيعُ الَّذِي قَدَ أَوْجَبَه اللَّهُ
…
عَلَيْهِ، فَلَيْسَ يَعْتَمِدُه «1»
. والرَّفْد والرِّفْد والمِرْفَد والمَرْفِدُ: العُسُّ الضَّخْمُ؛ وَقِيلَ: الْقَدَحُ الْعَظِيمُ الضَّخْمُ. والعُسُّ: القَدَح الضَّخْمُ يَرْوِي الثَّلَاثَةَ والأَربعة والعِدَّة، وَهُوَ أَكبر مِنَ الغُمَر، والرَّفْدُ أَكبر مِنْهُ، وعمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ القدَح أَي
(1). قوله [فليس يعتمده] الذي في الأَساس: يعتهده أي يتعهده، وكل صحيح
قَدْرٍ كَانَ. والرَّفودُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تملَؤُه فِي حَلْبَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَقِيلَ: هِيَ الدَّائِمَةُ عَلَى مِحْلَبها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ مَرَّةً: هِيَ الَّتِي تُتابِعُ الحَلَب. وَنَاقَةٌ رَفُود: تَمْلأُ مِرْفَدها؛ وَفِي حَدِيثِ حَفْرِ زَمْزَمَ:
أَلم نَسْقِ الحَجِيجَ، ونَنْحَرِ
…
المِذْلاقَةَ الرُّفُدَا
الرُّفُدُ، بِالضَّمِّ: جَمْعُ رَفُود وَهِيَ الَّتِي تملأُ الرَّفْد فِي حَلْبَةٍ وَاحِدَةٍ. الصِّحَاحُ: والمِرْفَدُ الرَّفْد وَهُوَ الْقَدَحُ الضَّخْمُ الَّذِي يُقْرَى فِيهِ الضَّيْفُ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
نِعْمَ المِنْحة اللِّقْحَةُ تَرُوحُ بِرِفْدٍ وتَغْدُو بِرِفْدٍ
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: الرِّفْد القَدح تُحتلَب النَّاقَةُ فِي قَدَحٍ، قَالَ: وَلَيْسَ مِنَ الْمَعُونَةِ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ المُؤَرِّجُ هُوَ الرِّفد للإِناء الَّذِي يُحْتَلَبُ فِيهِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الرَّفد، بِالْفَتْحِ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: رَفْد ورِفْد الْقَدَحُ؛ قَالَ: وَالْكَسْرُ أَعرب. ابْنُ الأَعرابي: الرَّفْد أَكبر مِنَ العُسِّ. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ رَفُود تَدُوم عَلَى إِنائها فِي شِتَائِهَا لأَنها تُجالِحُ الشَّجَرَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الرَّفْد والمِرْفَد الَّذِي تُحْلَبُ فِيهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الرَّفد الْمَعُونَةُ بِالْعَطَاءِ وسقْي اللَّبَنِ والقَوْل وكلِّ شيءٍ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
أَعْطَى زكاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نفسُه رافِدَةً عَلَيْهِ
؛ الرَّافدة، فَاعِلَةٌ؛ مِنَ الرِّفْد وَهُوَ الإِعانة. يُقَالُ: رَفَدْته أَي أَعَنْتُه؛ مَعْنَاهُ أَن تُعِينَه نَفْسُه عَلَى أَدائها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُبادة: أَلا ترون أَن لَا أَقُوم إِلَّا رِفْداً
أَي إِلا أَن أُعان عَلَى الْقِيَامِ؛ وَيُرْوَى رَفْداً، بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيمانُكم مِنَ النُّصْرَةِ والرِّفادة
أَي الإِعانة. وَفِي حَدِيثِ وَفْد مَذْحِج:
حَيّ حُشَّد رُفَّد
، جَمْعُ حَاشِدٍ وَرَافِدٍ. والرَّفْد: النَّصِيبُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ
؛ قَالَ: مجازُه مجازُ الْعَوْنِ الْمُجَازِ، يُقَالُ: رَفَدْتُه عِنْدَ الأَمير أَي أَعنته، قَالَ: وَهُوَ مَكْسُورُ الأَول فإِذا فتحتَ أَوَّله فَهُوَ الرَّفد. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ عَوْنًا لِشَيْءٍ أَو اسْتَمْدَدْتَ بِهِ شَيْئًا فَقَدْ رَفَدْته. يُقَالُ: عَمَدْت الْحَائِطَ وأَسْنَدْته ورَفَدْته بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: رَفَدْتُ فُلَانًا مَرْفَداً: قَالَ: وَمِنْ هَذَا أُخذت رِفادَة السَّرْجِ مِنْ تَحْتِهِ حَتَّى يَرْتَفِعَ. والرِّفْدَة: العُصبة مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
مُسَأَّل يَبْتَغِي الأَقْوامُ نائلَه،
…
مِنْ كُلِّ قَوْم قَطين، حَوْلَه، رِفَدُ
والمِرْفَد: العُظَّامةُ تَتَعَظَّم بِهَا المرأَة الرَّسْحاء. والرِّفادة: خِرْقَةٌ يُرْفَدُ بِهَا الجُرْح وَغَيْرُهُ. والتَّرْفِيدُ: الْعَجِيزَةُ: اسْمٌ كالتَّمْتِين والتَّنْبيت؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَقُولُ خَوْدٌ سَلِسٌ عُقُودُها،
…
ذاتُ وِشاحٍ حَسَنٌ تَرْفِيدُها:
مَتى تَرانا قائِمٌ عَمُودُها؟
أَي نُقِيمُ فَلَا نَظْعَنُ، وإِذا قَامُوا قَامَتْ عُمُدُ أَخبيتهم، فكأَنّ هَذِهِ الخَوْد مَلَّتِ الرِّحْلَةَ لِنِعْمَتِهَا فسأَلت: مَتَى تَكُونُ الإِقامة وَالْخَفْضُ؟ وَالتَّرْفِيدُ: نَحْوٌ مِنَ الهَمْلَجة؛ وَقَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
وإِن غُضَّ مِنْ غَرْبِها رَفَّدَتْ
…
وَشِيجًا، وأَلْوَتْ بِجَلْسٍ طُوالْ
أَراد بالجَلس أَصل ذَنَبِهَا. وَالْمَرَافِيدُ: الشاءُ لَا يَنْقَطِعُ لَبَنُهَا صَيْفًا وَلَا شِتَاءً. والرَّافدَان: دِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يُعَاتِبُ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي تَقْدِيمِ أَبي الْمُثَنَّى عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيَّ عَلَى الْعِرَاقِ وَيَهْجُوهُ:
بَعَثْتَ إِلى العراقِ ورافِدَيْه
…
فَزَاريّاً، أَحَذَّ يَدِ القَمِيص
أَراد أَنه خَفِيفٌ، نَسَبَهُ إِلى الْخِيَانَةِ. وَبَنُو أَرْفِدَة الَّذِي فِي الْحَدِيثِ: جِنْسٌ مِنَ الْحَبَشِ يَرْقُصُونَ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ لِلْحَبَشَةِ:
دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير. هُوَ لَقَبٌ لَهُمْ؛ وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ أَبيهم الأَقدم يُعْرَفُونَ بِهِ، وَفَاؤُهُ مَكْسُورَةٌ وَقَدْ تُفْتَحُ. ورُفَيدة: أَبو حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ يُقَالُ لَهُمُ الرُّفَيْدَاتُ، كَمَا يُقَالُ لِآلِ هُبَيْرة الهُبَيْرات.
رقد: الرُّقاد: النَّوْم. والرَّقْدَة: النَّوْمَةُ. وَفِي التَّهْذِيبِ عَنِ اللَّيْثِ: الرُّقود النَّوْمُ بِاللَّيْلِ، والرُّقادُ: النَّوْمُ بِالنَّهَارِ؛ قَالَ الأَزهري: الرُّقاد والرُّقُود يَكُونُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قالُوا يَا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا
؛ هَذَا قَوْلُ الْكُفَّارِ إِذا بُعِثُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَانْقَطَعَ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ مِنْ مرقدنا، ثم قالت لهم الْمَلَائِكَةُ: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا مِنْ صِفَةِ المَرْقَد، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: حَقٌّ مَا وعَد الرَّحْمَنُ؛ وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ المَرْقَد مَصْدَرًا، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مَوْضِعًا وَهُوَ الْقَبْرُ، وَالنَّوْمُ أَخو الْمَوْتِ. ورَقَدَ يَرْقُدُ رَقْداً ورُقُوداً ورُقاداً: نَامَ. وَقَوْمٌ رُقُود أَي رُقَّد. والمَرْقَد، بِالْفَتْحِ: الْمَضْجَعُ. وأَرْقَدَهُ: أَنامه. والرَّقُود والمِرْقِدَّى: الدَّائِمُ الرُّقاد؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَلَقَدْ رَقَيْتَ كِلابَ أَهلِكَ بالرُّقَى،
…
حَتَّى تَرَكْتَ عَقُورَهُنَّ رَقُودا
وَرَجُلٌ مِرْقِدَّى مِثْلُ مِرْعِزَّى أَي يَرْقَدُّ فِي أُموره. والمُرْقِدُ: شَيْءٌ يُشرب فينوِّم مَن شَرِبَهُ ويُرْقِدُه. والرَّقْدَة: هَمْدة مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ورَقَدَ الحَرُّ: سَكَنَ. والرَّقْدَة: أَن يُصِيبَكَ الْحَرُّ بَعْدَ أَيام رِيحٍ وَانْكِسَارٍ مِنَ الوَهَج. ورَقَدَ الثوبُ رَقْداً ورُقاداً: أَخلق. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ: رَقَدَتِ السوقُ كَسَدت، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى نَامَتْ. وأَرْقَد بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: أَرْقَدَ الرَّجُلُ بأَرض كَذَا إِرْقاداً إِذا أَقام بِهَا. والارقِدادُ والارْمِدادُ: السَّيْرُ، وَكَذَلِكَ الإِغْذاذُ. ابْنُ سِيدَهْ: الِارْقِدَادُ سُرْعَةُ السَّيْرِ؛ تَقُولُ مِنْهُ: ارْقَدَّ ارْقِداداً أَي أَسرع؛ وَقِيلَ: الِارْقِدَادُ عَدْوُ الناقِزِ كأَنه نَفَرَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يَرْقَدُّ. يُقَالُ: أَتيتك مُرْقَدّاً؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَذْهَبَ عَلَى وَجْهِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ ثَوْرًا:
فظلَّ يَرْقَدُّ مِنَ النَّشاط،
…
كالبَرْبَريّ لَجَّ فِي انخِراط
وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ ظَلِيمًا:
يَرْقَدُّ فِي ظِلِّ عَرَّاصٍ، ويَتْبَعُه
…
حَفِيفُ نافجَة، عُثْنُونها حَصِب
يَرْقَدُّ: يُسْرِعُ فِي عَدْوِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ السُّرْعَةِ وَمِنَ النُّقَازِ وَمِنَ الذهاب على الوجه. والرَّاقَدانُ: طَفْرُ الجَدْي والحَمَل وَنَحْوِهِمَا من النشاط. المُرْقَدُّ: الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي المُرْقِدُ مُخَفَّفٌ، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ هُوَ. والراقُودُ: دَنٌّ طَوِيلُ الأَسفل كَهَيْئَةِ الإِرْدَبَّة يُسَيَّع دَاخِلُهُ بِالْقَارِ، وَالْجَمْعُ الرَّوَاقِيدُ معرَّب، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عَرَبِيًّا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: لَا يَشْرَبُ فِي رَاقُودٍ وَلَا جرَّة
؛ الراقُود: إِناءُ خَزَفٍ مُسْتَطِيلٌ مقيَّر، وَالنَّهْيُ عَنْهُ كَالنَّهْيِ عَنِ الشُّرْبِ فِي الْحَنَاتِمِ
وَالْجِرَارِ الْمُقَيَّرَةِ. ورُقاد والرُّقاد: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
أَلا قُلْ للأَمير: جُزِيتَ خَيْرًا
…
أَجِرْنا مِنْ عُبَيدةَ والرُّقادِ
ورَقْد: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: وَادٍ فِي بِلَادِ قَيْسٍ، وَقِيلَ: جَبَلٌ وَرَاءَ إِمَّرَةَ فِي بِلَادِ بَنِي أَسد؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وأَظْهَرَ فِي عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه
…
عَلاجِيمُ، لَا ضَحْلٌ وَلَا مُتَضَحْضِحُ
وَقِيلَ: هُوَ جَبَلٌ تُنْحَتُ مِنْهُ الأَرْحِية؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ كِرْكِرَة الْبَعِيرِ ومَنْسِمَه:
تَفُضُّ الحَصَى عَنْ مُجْمِرات وَقِيعِه،
…
كَأَرْحاءِ رَقْدٍ، زَلَّمَتْها المَناقِرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما وَصَفَ ذُو الرُّمَّةِ مَنَاسِمَ الإِبل لَا كِرْكِرَةَ الْبَعِيرِ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ. وتَفُضُّ: تُفَرِّقُ أَي تُفَرِّقُ الْحَصَى عَنْ مَنَاسِمِهَا. وَالْمُجْمِرَاتُ: الْمُجْتَمِعَاتُ الشَّدِيدَاتُ. وزَلَّمَتها الْمَنَاقِرُ: أَخَذت مِنْ حَافَاتِهَا. والرُّقادُ: بَطْنٌ مِنْ جَعْدة؛ قَالَ:
مُحافَظَةً عَلَى حَسَبي، وأَرْعَى
…
مَساعِي آلِ ورْدٍ والرُّقاد
ركد: رَكَدَ الْقَوْمُ يَرْكُدون رُكوداً: هدأُوا وَسَكَنُوا؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
لَهَا، كُلَّما رِيعَتْ، صلاةٌ ورَكْدَةٌ
…
بِمُصْدانَ، أَعْلى اثْنَيْ شَمَامِ الْبَوَائِنِ
ورَكَدَ الماءُ والريحُ والسفينةُ والحرُّ والشمسُ إِذا قامَ قائمُ الظَّهِيرَةِ. وَكُلُّ ثَابِتٍ فِي مَكَانٍ: فَهُوَ رَاكِدٌ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه نَهَى أَن يُبالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ ثُمَّ يُتوضأَ مِنْهُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الرَّاكِدُ هُوَ الدَّائِمُ السَّاكِنُ الَّذِي لَا يَجْرِي. يُقَالُ: رَكَدَ الماءُ رُكُوداً إِذا سَكَنَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الصَّلَاةِ:
فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا ورُكودها
؛ هُوَ السُّكُونُ الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَ حَرَكَاتِهَا كَالْقِيَامِ والطمأْنينة بَعْدَ الرُّكُوعِ والقَعْدة بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي التَّشَهُّدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سعد ابن أَبي وَقَّاصٍ: أَركُدُ بِهِمْ فِي الأُولَيَيْن وأَحْذِفُ فِي الأَخيرَتَيْن
أَي أَسكن وأُطيل الْقِيَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيين مِنَ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ، وأُخفِّف فِي الأَخيرتين. ورَكَدت الرِّيحُ إِذا سَكَنَتْ فَهِيَ رَاكِدَةٌ. وركَد الْمِيزَانُ إِذا اسْتَوَى؛ وأَنشد:
وَقَوَّمَ الْمِيزَانَ حِينَ يَرْكُد،
…
هَذَا سميريٌّ، وَهَذَا مَوْلِدُ
قَالَ: هُمَا دِرْهَمَانِ. ورَكَد العَصير مِنَ الْعِنَبِ: سَكَن غَلَيانه. وَكُلُّ مَا ثَبَتَ فِي شَيْءٍ، فَقَدْ رَكَد. والرواكِدُ: الأَثافي، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لِثَبَاتِهَا. ورَكَدت الْبَكَرَةُ: ثَبَتَتْ وَدَارَتْ، وَهُوَ ضِدٌّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كَمَا رَكَدَتْ حَوَّاءُ، أُعْطِيَ حُكْمَه
…
بِهَا القَيْنُ مِنْ عُودٍ، تَعَلَّلَ جَاذِبُهُ
ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: رَكَدَتْ؛ وَتَكُونُ بِمَعْنَى وَقَفَتْ، يَعْنِي بَكْرة مِنْ عُودٍ. وَالْقَيْنُ: الْعَامِلُ. والمَراكِدُ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَرْكُدُ فِيهَا الإِنسان وَغَيْرُهُ. وَالْمَرَاكِدُ: مَغامِض الأَرض؛ قَالَ أُسامة بْنُ حَبِيبٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ حِمَارًا طَرَدَتْهُ الْخَيْلُ فَلَجأَ إِلى الْجِبَالِ فِي شِعَابِهَا وَهُوَ يَرَى السَّمَاءَ طَرَائِقَ:
أَرَتْهُ مِنَ الجَرْباء فِي كلِّ مَوْطِنٍ
…
طِباباً، فَمثْواهُ، النهارَ، المراكِدُ
وَجَفْنَةٌ رَكُود: ثَقِيلَةٌ مَمْلُوءَةٌ؛ وأَنشد:
المُطْعِمِينَ الجَفْنَةَ الرَّكُودا،
…
ومَنعُوا الرَّيْعانَة الرَّفودا
يَعْنِي بالرَّيْعانة الرَّفود: نَاقَةً فَتِيَّة تُرِفدُ أَهلها بكثرة لبنها.
رمد: الرَّمَدُ: وَجَعُ الْعَيْنِ وانتفاخُها. رَمِدَ، بِالْكَسْرِ، يَرْمَدُ رَمَداً وَهُوَ أَرْمَدُ ورَمِدٌ، والأُنثى رَمْداء: هاجَتْ عَينُه؛ وَعَيْنٌ رَمْداء ورَمِدَة، ورَمِدَتْ تَرْمَدُ رَمَداً، وَقَدْ أَرمَدَها اللَّهُ فَهِيَ رَمِدة. والرَّمادُ: دُقاق الْفَحْمِ مِنْ حُراقَةِ النَّارِ وَمَا هَبا مِنَ الجَمْر فَطَارَ دُقاقاً، وَالطَّائِفَةُ مِنْهُ رَمادة؛ قَالَ طُريح:
فغادَرَتْها رَمادَةً حُمَما
…
خاوِيةً، كالتِّلال دامِرُها
وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: زَوْجي عظِيمُ الرَّماد
أَي كَثِيرُ الأَضياف لأَن الرَّمَادَ يَكْثُرُ بِالطَّبْخِ، وَالْجَمْعُ أَرْمِدَة وأَرْمِداءُ وإِرْمِداءُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا نَظِيرَ لإِرْمِداءَ الْبَتَّةَ؛ وَقِيلَ: الأَرْمِداءُ مِثَالُ الأَربعاء وَاحِدُ الرَّماد. ورَمادٌ أَرمَدُ ورِمْدِدٌ ورِمْدَد ورِمْدِيدٌ: كَثِيرٌ دَقِيقٌ جِدًّا. الْجَوْهَرِيُّ: رَمادٌ رِمْدِدٌ أَي هَالِكٌ جَعَلُوهُ صِفَةً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
رَماداً أَطارَتْه السَّواهِكُ رِمْدِدا
وَفِي الْحَدِيثِ:
وافِدَ عادٍ خُذْها رَماداً رِمْدِداً، لَا تَذَرُ مِنْ عادٍ أَحداً
؛ الرِّمْدِد، بِالْكَسْرِ: الْمُتَنَاهِي فِي الِاحْتِرَاقِ والدِّقة؛ يُقَالُ: يَوْم أَيْوَمُ إِذا أَرادوا الْمُبَالَغَةَ. سِيبَوَيْهِ: إِنما ظَهَرَ المثْلان فِي رِمْدِد لأَنه مُلْحَقٌ بِزهْلِق، وَصَارَ الرّمادُ رِمْدِداً إِذا هَبا وَصَارَ أَدَقَّ مَا يَكُونُ. والرمْدِداءُ، مَكْسُورٌ مَمْدُودٌ: الرَّمَادُ. ورَمَّد الشِّواءَ: أَصابه بِالرَّمَادِ. وَفِي الْمَثَلِ: شَوى أَخُوك حَتَّى إِذا أَنضَجَ رَمَّدَ؛ يُضْرب مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَعُودُ بِالْفَسَادِ عَلَى مَا كَانَ أَصلحه، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ، رضي الله عنه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ لِلَّذِي يَصْنَعُ الْمَعْرُوفَ ثُمَّ يُفْسِدُهُ بِالْمِنَّةِ أَو يَقْطَعُهُ. والتَّرْمِيدُ: جَعْلُ الشيءِ فِي الرَّمَادِ. ورَمَّد الشِّواءَ: مَلَّه فِي الْجَمْرِ. والمُرَمَّدُ مِنَ اللَّحْمِ: المشوِيّ الَّذِي يملُّ فِي الْجَمْرِ. أَبو زَيْدٍ: الأَرْمِداءُ الرَّماد؛ وأَنشد:
لَمْ يُبْقِ هَذَا الدَّهْرُ، مِنْ ثَرْيائه،
…
غيرَ أَثافِيه وأَرمِدائِه
وَثِيَابٌ رُمْدٌ: وَهِيَ الغُبْر فِيهَا كُدُوْرَةٌ، مأْخوذ مِنَ الرَّماد، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِضَرْبٍ مِنَ الْبَعُوضِ: رُمْدٌ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ يَصِفُ الصَّائِدَ:
تَبِيتُ جارَتَه الأَفعى، وسامِرُه
…
رُمْدٌ، بِهِ عاذِرٌ مِنْهُنَّ كالجَرَب
والأَرْمَدُ: الَّذِي عَلَى لَوْنِ الرَّماد وَهُوَ غُبرة فِيهَا كُدرَة؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّعَامَةِ رَمداءُ، وَلِلْبَعُوضِ رُمْدٌ. وَالرُّمْدَةُ: لَوْنٌ إِلى الغُبْرَة. وَنَعَامَةٌ رَمْداءُ: فِيهَا سَوَادٌ مُنْكَسِفٌ كلَون الرَّمَادِ. وَظَلِيمٌ أَرمد كَذَلِكَ، وَزَعَمَ اللِّحْيَانِيُّ أَن الْمِيمُ بَدَلٌ مِنَ الباءِ فِي رَبَدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنه قَالَ: يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ بالماءِ الرَّمِدِ وبالماءِ الطَّرِدِ؛ فَالطَّرِدُ الَّذِي خَاضَتْهُ الدَّوَابُّ، والرَّمِدُ الكَدِر الَّذِي صَارَ عَلَى لَوْنِ الرَّمَادِ. وَفِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ:
وَعَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْد
أَي غُبْرٌ فِيهَا كُدْرَةٌ كَلَوْنِ الرَّمَادِ، وَاحِدُهَا أَرمد. والرَّماديُّ: ضَرْبٌ مِنَ الْعِنَبِ بِالطَّائِفِ أَسود أَغبر. والرَّمْد: الْهَلَاكُ. والرَّمادة: الْهَلَاكُ. ورَمَدَ الْقَوْمُ رَمْداً: هَلَكُوا؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
صبَبْتُ عَلَيْكُمْ حاصِبي فتَرَكْتُكم
…
كأَصْرام عادٍ، حِينَ جَلَّلها الرَّمْدُ
وأَرمَدوا كَرَمَدُوا. ورمَّدَهم اللَّهُ وأَرمَدَهم: أَهلكهم، وَقَدْ رَمَدَهم يَرْمِدُهم فَجَعَلَهُ مُتَعَدِّيًا؛
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَدْ رَمَدْنا الْقَوْمَ نَرْمِدُهم ونَرْمُدُهم رَمْداً أَي أَتينا عَلَيْهِمْ. وأَرمدَ الرَّجُلُ إِرماداً: افْتَقَرَ. وأَرمد الْقَوْمُ إِذا جَهِدُوا. والرَّمادة: الْهَلَكَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سأَلت رَبِّي أَن لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمتي سَنة فَتَرْمِدَهم فأَعطانيها
أَي تُهْلِكُهُمْ. يُقَالُ: رَمَدَه وأَرمَدَه إِذا أَهلكه وَصَيَّرَهُ كَالرَّمَادِ. ورَمِدَ وأَرمَدَ إِذا هَلَكَ. وَعَامُ الرَّمادة: مَعْرُوفٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن النَّاسَ والأَموال هَلَكُوا فِيهِ كَثِيرًا؛ وَقِيلَ: هُوَ لِجَدْبٍ تَتَابَعَ فَصَيَّرَ الأَرض وَالشَّجَرَ مِثْلَ لَوْنِ الرَّمَادِ، والأَول أَجود؛ وَقِيلَ: هِيَ أَعوام جَدْب تَتَابَعَتْ عَلَى النَّاسِ فِي أَيام عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه أَخر الصَّدَقَةَ عَامَ الرَّمادة
وَكَانَتْ سَنَةَ جَدْب وقَحْط فِي عَهْدِهِ فَلَمْ يأْخذها مِنْهُمْ تَخْفِيفًا عَنْهُمْ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لأَنهم لَمَّا أَجدبوا صَارَتْ أَلوانهم كَلَوْنِ الرَّمَادِ. وَيُقَالُ: رَمِدَ عيشُهم إِذا هَلَكُوا. أَبو عُبَيْدٍ: رَمِدَ الْقَوْمُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وارمَدُّوا، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ؛ قَالَ: وَالصَّحِيحُ رَمَدُوا وأَرْمَدوا. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلشَّيْءِ الْهَالِكِ مِنَ الثِّيَابِ: خَلوقة قَدْ رَمَدَ وهَمَدَ وبادَ. وَالرَّامِدُ: الْبَالِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَهاهٌ أَي خَيْرٌ وَبَقِيَّةٌ، وَقَدْ رَمَدَ يَرْمُدُ رُمودة. ورمَدت الْغَنَمُ تَرْمِدُ رَمْداً: هَلَكَتْ مِنْ بَرْدٍ أَو صَقِيعٍ. رمَّدت الشَّاةُ وَالنَّاقَةُ وَهِيَ مُرَمِّد: اسْتَبَانَ حَمْلُهَا وَعَظُمَ بَطْنُهَا وَوَرِمَ ضَرْعها وَحَيَاؤُهَا؛ وَقِيلَ: هُوَ إِذا أَنزلت شَيْئًا عِنْدَ النَّتاج أَو قُبيله؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا أَنزلت شَيْئًا قَلِيلًا مِنَ اللَّبَنِ عِنْدَ النَّتَاجِ. والتَّرْميدُ: الإِضراع. ابْنُ الأَعرابي: وَالْعَرَبُ تَقُولُ رَمَّدتِ الضأْن فَرَبِّقْ رَبِّقْ، رَمَّدَتِ المعْزَى فَرنِّقْ رَنِّقْ أَي هَيّءْ للإِرباق لأَنها إِنما تُضْرِعُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ. وأَرمَدتِ الناقةُ: أَضرعت، وَكَذَلِكَ الْبَقَرَةُ وَالشَّاةُ. وَنَاقَةٌ مُرْمِد ومُرِدٌّ إِذا أَضرعت. اللِّحْيَانِيُّ: مَاءٌ مُرمِدٌ إِذا كَانَ آجِنًا. والارْمِداد: سُرْعَةُ السَّيْرِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ النَّعَامَ. والارْمِيداد: الجِدُّ والمَضاءُ. أَبو عَمْرٍو: ارقَدَّ البعِيرُ ارقِداداً وارْمَدَّ ارمِداداً، وَهُوَ شِدَّةُ الْعَدْوِ. قَالَ الأَصمعي: ارقَدّ وارمَدّ إِذا مَضَى عَلَى وَجْهِهِ وأَسرع. وبالشَّواجِن مَاءٌ يُقال لَهُ: الرَّمادة؛ قَالَ الأَزهري: وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا فَوَجَدْتُهُ عَذْبًا فُرَاتًا. وَبَنُو الرَّمْدِ وَبَنُو الرَّمداء: بَطْنَانِ. ورَمادانُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فحَلَّتْ نَبِيّاً أَو رَمادانَ دونَها
…
رِعانٌ وقِيعانٌ، مِنَ البِيدِ، سَمْلَق
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ رَمْد، بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ مَاءٌ أَقطعه سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، جَمِيلًا العُذري حِينَ وَفَدَ عليه.
رند: الرَّنْد: الْآسُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْعُودُ الَّذِي يُتبخر بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ مِنْ أَشجار الْبَادِيَةِ وَهُوَ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ يُسْتَاكُ بِهِ، وَلَيْسَ بِالْكَبِيرِ، وَلَهُ حَبٌّ يُسَمَّى الغارَ، وَاحِدَتُهُ رَنْدَة؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
ورَنْداً ولُبْنَى والكِباءَ المُقَتِّرا
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: رُبَّمَا سَمُّوا عُودَ الطِّيبِ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ رَنْدًا، وأَنكر أَن يَكُونَ الرَّنْدُ الْآسَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَنه قَالَ: الرَّنْدُ الْآسُ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهل اللُّغَةِ إِلا أَبا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ وَابْنَ الأَعرابي، فإِنهما قَالَا: الرَّنْدُ الحَنْوَة وَهُوَ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ. قَالَ الأَزهري: والرَّند عِنْدَ أَهل الْبَحْرَيْنِ شِبْهُ جُوالَق [جِوالَق][جُوالِق][جِوالِق] وَاسِعُ الأَسفل مَخْرُوطُ الأَعلى، يُسَفُّ مِنْ خُوصِ
النَّخْلِ، ثُمَّ يُخَيَّط وَيُضْرَبُ بالشُّرُط الْمَفْتُولَةِ مِنَ اللِّيفِ حَتَّى يَتَمَتَّن، فَيَقُومُ قَائِمًا ويُعَرَّى بعُرىً وَثِيقَةٍ يُنْقَلُ فِيهِ الرُّطَبُ أَيام الخِراف، يُحْمَلُ مِنْهُ رَنْدَانِ عَلَى الْجَمَلِ القَويّ، قَالَ: ورأَيت هَجَريّاً يَقُولُ لَهُ النَّرْد، وكأَنه مَقْلُوبٌ، وَيُقَالُ لَهُ القَرْنة أَيضاً. والرِّيْوَندُ «2» الصِّينِيُّ: دَوَاءٌ بَارِدٌ جَيِّدٌ لِلْكَبِدِ، وليس بعربي محض.
رهد: رَهَّدَ الرجلُ إِذا حَمُقَ حَمَاقَةً مُحكَمَة. ورهَدَ الشيءَ يَرْهَدُه رَهْداً: سَحَقَهُ سَحْقًا شَدِيدًا، وَالْكَافُ أَعرف. والرَّهادة: الرَّخاصَة. والرَّهِيدُ: النَّاعِمُ الرَّخْصُ. وَفَتَاةٌ رَهِيدة: رَخْصة. والرَّهيدة: بُرٌّ يُدَقُّ وَيُصَبُّ عليه لبن.
رود: الرَّوْدُ: مَصْدَرُ فِعْلِ الرَّائِدِ، وَالرَّائِدُ: الَّذِي يُرْسَل فِي الْتِمَاسِ النُّجْعَة وَطَلَبِ الكلإِ، وَالْجَمْعُ رُوَّاد مِثْلُ زَائِرٍ وزُوَّار. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام، فِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين: يَدْخُلُونَ رُوَّاداً وَيَخَرُجُونَ أَدلة
أَي يَدْخُلُونَ طَالِبِينَ لِلْعِلْمِ مُلْتَمِسِينَ لِلْحِلْمِ مِنْ عِنْدِهِ وَيَخْرُجُونَ أَدلة هُداة لِلنَّاسِ. وأَصل الرَّائِدِ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ يُبْصِر لَهُمُ الكلأَ وَمَسَاقِطَ الْغَيْثِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَجَّاجِ فِي صِفَةِ الْغَيْثِ: وَسَمِعْتُ الرُّوَّاد يَدْعُونَ إِلى رِيَادَتِهَا
أَي تَطْلُبُ النَّاسَ إِليها، وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ:
إِنَّا قوم رادَةٌ
؛ وهو جَمْعُ رَائِدٍ كَحَاكَةٍ وَحَائِكٍ، أَي نَرْوُدُ الْخَيْرَ وَالدِّينَ لأَهلنا. وَفِي شِعْرِ هُذَيْلٍ: رادَهم رَائِدُهُمْ «3» ، وَنَحْوُ هَذَا كَثِيرٌ فِي لُغَتِهَا، فإِما أَن يَكُونَ فَاعِلًا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، وإِما أَن يَكُونَ فَعَلًا، إِلا أَنه إِذا كَانَ فَعَلًا فإِنما هُوَ عَلَى النسَب لَا عَلَى الْفِعْلِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ رَجُلًا حَاجًّا طَلَبَ عَسَلًا:
فباتَ بِجَمْعٍ، ثُمَّ تمَّ إِلى مِنًى،
…
فأَصبح رَأْدًا يَبتغِي المزْجَ بالسَّحْل
أَي طَالِبًا؛ وَقَدْ رَادَ أَهله مَنْزِلًا وَكَلَأً، وَرَادَ لَهُمْ رَوْداً ورِياداً وَارْتَادَ وَاسْتَرَادَ. وَفِي حَدِيثِ
مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وأُخته: فاستَراد لأَمر اللَّهِ
أَي رَجَعَ وَلَانَ وَانْقَادَ، وَارْتَادَ لَهُمْ يَرْتَادُ. وَرَجُلٌ رادٌ: بِمَعْنَى رَائِدٍ، وَهُوَ فَعَل، بِالتَّحْرِيكِ، بِمَعْنَى فَاعِلٍ كالفَرَط بِمَعْنَى الْفَارِطِ. وَيُقَالُ: بَعَثْنَا رَائِدًا يرود لنا الكلأَ وَالْمَنْزِلَ وَيَرْتَادُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَي يَنْظُرُ وَيَطْلُبُ وَيَخْتَارُ أَفضله. قَالَ وجاءَ فِي الشِّعْرِ: بَعَثُوا رَادَهُمْ أَي رَائِدَهُمْ؛ وَمِنْ أَمثالهم: الرائدُ لَا يَكْذب أَهلَه؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلَّذِي لَا يَكْذِبُ إِذا حَدَّثَ، وإِنما قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لأَنه إِن لَمْ يَصْدُقهم فَقَدْ غَرَّرَ بِهِمْ. وَرَادَ الكلأَ يَرُوده رَوْداً ورِياداً وَارْتَادَهُ ارْتِيَادًا بِمَعْنًى أَي طَلَبَهُ. وَيُقَالُ: رَادَ أَهلَه يَرُودُهُمْ مَرْعىً أَو مَنْزِلًا رِيَادًا وَارْتَادَ لَهُمُ ارْتِيَادًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِذا أَراد أَحدكم أَن يَبُولَ فليَرتَدْ لِبَوْلِهِ
أَي يَرْتَادُ مَكَانًا دَمِثاً لَيِّنًا مُنْحَدِرًا، لِئَلَّا يَرْتَدَّ عَلَيْهِ بَوْلُهُ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ رَشاشُه. وَالرَّائِدُ: الَّذِي لَا مَنْزِلَ لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْحُمَّى رائدُ الْمَوْتِ
أَي رَسُولُ الْمَوْتِ الَّذِي يَتَقَدَّمُهُ، كَالرَّائِدِ الَّذِي يُبْعَثُ ليَرتاد مَنْزِلًا وَيَتَقَدَّمُ قَوْمَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمَوْلِدِ:
أُعيذُك بِالْوَاحِدِ، مِنْ شَرِّ كلِّ حَاسِدٍ وكلِّ خَلْقٍ رَائِدٍ
أَي يَتَقَدَّمُ بِمَكْرُوهٍ. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ مُسترادٌ لِمِثْلِهِ، وَفُلَانَةٌ مُسْتَرَادٌ لِمِثْلِهَا أَي مِثلُه وَمِثْلُهَا يُطلب ويُشَحُّ بِهِ لِنَفَاسَتِهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مُسترادُ مِثلِه أَو مِثلِها، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
(2). قوله [والريوند] في القاموس والروند كسجل، يعني بكسر ففتح فسكون، والأَطباء يزيدونها أَلفاً، فيقولون راوند.
(3)
. قوله [رادهم رائدهم] كذا بالأصل وكتب السيد مرتضى بالهامش صوابه راد رادهم.
ولكنَّ دَلًّا مُستراداً لمِثلِه،
…
وَضَرْبًا للَيْلى لَا يُرى مِثلُه ضَرْبًا
ورادَ الدارَ يَرُودُها: سأَلها؛ قَالَ يَصِفُ الدَّارَ:
وَقَفْتُ فِيهَا رَائِدًا أَرُودُها
وَرَادَتِ الدوابُّ رَوْداً وَرَوَداناً واسترادتْ: رَعَتْ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَكَانَ مِثلَينِ أَن لَا يَسرحَوا نَعَماً،
…
حيثُ استرادَتْ مواشيهمْ، وتسريحُ
ورُدْتُها أَنا وأَردتها. والروائدُ: الْمُخْتَلِفَةُ مِنَ الدَّوَابِّ؛ وَقِيلَ: الروائدُ مِنْهَا الَّتِي تَرْعَى مِنْ بَيْنِهَا وَسَائِرُهَا مَحْبُوسٌ عَنِ الْمَرْتَعِ أَو مَرْبُوطٌ. التَّهْذِيبُ: وَالرَّوَائِدُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي تَرْتَعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كأَنَّ روائدَ المُهْراتِ مِنْهَا
ورائدُ الْعَيْنِ: عُوَّارُها الَّذِي يَرُودُ فِيهَا. وَيُقَالُ: رادَ وِسادُه إِذا لَمْ يَسْتَقِرَّ. والرِّيادُ وذَبُّ الرِّياد: الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يُمَشِّي بِهَا ذَبُّ الرِّيادِ، كأَنه
…
فَتًى فارسيٌّ فِي سراويلِ رَامِحُ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: رادتِ الإِبلُ ترودُ رِياداً اخْتَلَفَتْ فِي الْمَرْعَى مُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً وَذَلِكَ رِيادُها، وَالْمَوْضِعُ مَرادٌ؛ وَكَذَلِكَ مَرادُ الرِّيحِ وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُذهَبُ فِيهِ ويُجاء؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
والآلُ فِي كلِّ مَرادٍ هَوْجَلِ
وَفِي حَدِيثِ
قَسٍّ:
ومَراداً لمَحْشرِ الخَلْق طُرّا
أَي مَوْضِعًا يُحْشَرُ فِيهِ الْخَلْقُ، وَهُوَ مَفْعل مِنْ رادَ يَرْودُ. وإِن ضُمَّت الْمِيمُ، فَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يُرادُ أَن يُحْشَرَ فِيهِ الْخَلْقُ. وَيُقَالُ: رادَ يَرودُ إِذا جَاءَ وَذَهَبَ وَلَمْ يَطْمَئِنْ. وَرَجُلٌ رَائِدُ الوِسادِ إِذا لَمْ يَطْمَئِنَّ عَلَيْهِ لِهَمٍّ أَقلَقَه وَبَاتَ رائدَ الْوِسَادَ؛ وأَنشد:
تَقُولُ لَهُ لَمَّا رأَت جَمْعَ رَحلِه:
…
«4» أَهذا رئيسُ القومِ رادَ وِسادُها؟
دَعَا عَلَيْهَا بأَن لَا تَنَامَ فَيَطْمَئِنَّ وِسَادُهَا. وامرأَة رادٌ ورَوادٌ، بِالتَّخْفِيفِ غير مهموز، ورَؤُود؛ الأَخيرة عَنْ أَبي عَلِيٍّ: طَوَّافَةٌ فِي بُيُوتِ جَارَاتِهَا، وَقَدْ رادتْ تَرودُ رَوْداً وَروَدَاناً ورُؤوداً، فَهِيَ رادَة إِذا أَكثرت الِاخْتِلَافَ إِلى بُيُوتِ جَارَاتِهَا. الأَصمعي: الرادَة مِنَ النِّسَاءِ؛ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، الَّتِي تَرودُ وَتَطُوفُ، والرَّأَدة، بِالْهَمْزِ. السَّرِيعَةُ الشَّبَابُ، مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَرَادَتِ الريحُ تَرودُ رَوْداً ورُؤوداً وروَدَاناً: جَالَتْ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا تَحَرَّكَتْ، ونَسَمَتْ تَنْسِمِ نَسَماناً إِذا تَحَرَّكَتْ تَحَرُّكًا خَفِيفًا. وأَراد الشيءَ: شاءَه؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الإِرادَة تَكُونُ مَحَبَّة وَغَيْرَ مَحَبَّةٍ؛ فأَما قَوْلُهُ:
إِذا مَا المرءُ كَانَ أَبوه عَبْسٌ،
…
فَحَسْبُكَ مَا تريدُ إِلى الْكَلَامِ
فإِنما عَدَّاهُ بإِلى لأَن فِيهِ مَعْنَى الَّذِي يُحْوِجُكَ أَو يَجِيئُكَ إِلى الْكَلَامِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
أُريدُ لأَنسى ذِكرَها، فكأَنما
…
تَمثَّلُ لِي لَيْلى بكلِّ سبيلِ
أَي أُريد أَن أَنسى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى إِرادتي بِهَذَا لَكَ أَي قَصْدِي بِهَذَا لَكَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ
؛ أَي أَقامه الخَضِرُ. وَقَالَ: يُرِيدُ والإِرادة إِنما تَكُونُ
(4). قوله [تَقُولُ لَهُ لَمَّا رَأَتْ جمع رحله] كذا بالأَصل ومثله في شرح القاموس. والذي في الأَساس: لما رأت خمع رجله، بفتح الخاء المعجمة وسكون الميم أي عرج رجله.
مِنَ الْحَيَوَانِ، والجدارُ لَا يُرِيدُ إِرادَة حَقِيقِيَّةً لأَنَّ تَهَيُّؤه لِلسُّقُوطِ قَدْ ظَهَرَ كَمَا تَظْهَرُ أَفعال الْمُرِيدِينَ، فَوُصِفَ الْجِدَارُ بالإِرادة إِذ كَانَتِ الصُّورَتَانِ وَاحِدَةً؛ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي اللُّغَةِ وَالشِّعْرِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فِي مَهْمَةٍ قَلِقَتْ بِهِ هاماتُها،
…
قَلَقَ الفُؤُوسِ إِذا أَردنَ نُضولا
وَقَالَ آخَرُ:
يُريدُ الرمحُ صدرَ أَبي بَراء،
…
ويَعدِلُ عَنْ دِماءِ بَني عَقيل
وأَرَدْتُه بكلِ ريدَة أَي بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنواع الإِرادة. وأَراده عَلَى الشَّيْءِ: كأَداره. والرَّودُ والرُّؤْدُ: المُهْلَة فِي الشَّيْءِ. وَقَالُوا: رُوَيْداً أَي مَهلًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ حِكَايَةُ أَهل اللُّغَةِ، وأَما سِيبَوَيْهِ فَهُوَ عِنْدَهُ اسْمٌ لِلْفِعْلِ. وَقَالُوا رُوَيداً أَي أَمهِلْه وَلِذَلِكَ لَمْ يُثن وَلَمْ يُجْمع وَلَمْ يُؤَنَّثْ. وَفُلَانٌ يَمْشِي عَلَى رُودٍ أَي عَلَى مَهَل؛ قَالَ الجَموحُ الظَّفَرِيُّ:
تَكادِ لَا تَثلِمُ البَطحاءَ وَطْأَتُها،
…
كأَنها ثَمِلٌ يَمِشي عَلَى رُودِ
وَتَصْغِيرُهُ رُوَيد. أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَصحابه: تَكْبِيرُ رويدٍ رَوْدٌ وَتَقُولُ مِنْهُ أَرْوِدْ فِي السيرِ إِرْواداً ومُرْوَداً أَي ارْفُقْ؛ وَقَالَ إمرُؤ القيس:
جَوَادُ المَحَصَّةِ والمُرْوَدِ
وَبِفَتْحِ الْمِيمِ أَيضاً مِثْلَ المُخْرَج والمَخرج؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده جوادَ، بِالنَّصْبِ، لأَن صدرَه:
وأَعدَدْتُ لِلْحَرْبِ وثَّابَةً
والجَواد هُنَا الْفَرَسُ السَّرِيعَةُ. والمَحَثَّة: مِنَ الْحَثِّ؛ يَقُولُ إِذا اسْتَحْثَثْتَهَا فِي السَّيْرِ أَو رَفَقْتَ بِهَا أَعطتك مَا يُرْضِيكَ مِنْ فِعْلِهَا. وَقَوْلُهُمْ: الدهرُ أَرودُ ذُو غِيَرٍ أَي يَعمل عَمَلَهُ فِي سُكُونٍ لَا يُشَعر بِهِ. والإِرواد: الإِمهال، وَلِذَلِكَ قَالُوا رُوَيداً بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِمْ إِرْواداً الَّتِي بِمَعْنَى أَرْوِدْ، فكأَنه تَصْغِيرُ التَّرْخِيمِ بِطَرْحِ جَمِيعِ الزَّوَائِدِ، وَهَذَا حُكْمُ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ التَّحْقِيرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ فِي رُوَيْدٍ لأَنه جَعَلَهُ بَدَلًا مِنْ أَرْوِدْ، غَيْرَ أَن رُويداً أَقرب إِلى إِرْوادٍ مِنْهَا إِلى أَرْوِدْ لأَنها اسْمٌ مِثْلُ إِرواد، وَذَهَبَ غَيْرُ سِيبَوَيْهِ إِلى أَن رُويداً تَصْغِيرُ رُود؛ وأَنشد بَيْتَ الْجَمُوحِ الظُّفْرِيِّ:
كأَنها ثَمِلٌ يَمْشِي عَلَى رُود
قَالَ: وَهَذَا خطأٌ لأَن رُوداً لَمْ يُوضَعْ مَوْضِعَ الْفِعْلِ كما وضعت إِرواد بِدَلِيلِ أَرود. وَقَالُوا: رُويدك زَيْدًا فَلَمْ يَجْعَلُوا لِلْكَافِ مَوْضِعًا، وإِنما هِيَ لِلْخِطَابِ وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: أَرَأَيتك زَيْدًا أَبو مَنْ؟ وَالْكَافُ لَا مَوْضِعَ لَهَا لأَنك لَوْ قُلْتَ أَرأَيت زَيْدًا أَبو مَنْ هُوَ لَا يَسْتَغْنِي الْكَلَامُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَسَمِعْنَا مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ أَردتَ الدَّرَاهِمَ لأَعطيتك رُوَيْدَ مَا الشِّعرِ؛ يُرِيدُ أَرْوِدِ الشِّعْرَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لَوْ أَردت الدارهم لأُعْطِيَنَّك فَدَعِ الشِّعْرَ؛ قَالَ الأَزهري: فَقَدْ تَبَيَّنَ أَن رُويد فِي مَوْضِعِ الْفِعْلِ ومُتَصَرَّفِهِ يَقُولُ رُويدَ زَيْدًا، وإِنما يَقُولُ أَرود زَيْدًا؛ وأَنشد:
رُويدَ عَلِيًّا، جُدَّ مَا ثَدْيُ أُمِّهم
…
إِلينا، وَلَكِنْ وُدُّهم مُتَماينُ
قَالَ: رَوَاهُ ابْنُ كَيْسَانَ
[وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ مُتيامِنُ]
وَفَسَّرَهُ أَنه ذَاهِبٌ إِلى الْيَمَنِ. قَالَ: وَهَذَا أَحب إِليّ مِنْ مُتَمَايِنُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ رُوَيْدَ زَيْدٍ كَقَوْلِهِ غَدْرَ الْحَيِّ وضَرْبَ الرِّقاب؛ قَالَ: وَعَلَى هَذَا أَجازوا رُويدك نَفْسَكَ زَيْدًا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَدْ يَكُونُ رُوَيْدُ صِفَةً فَيَقُولُونَ سَارُوا سَيْرًا رُويداً، وَيَحْذِفُونَ السَّيْرَ فَيَقُولُونَ سَارُوا رُويداً يَجْعَلُونَهُ حَالًا
لَهُ، وَصَفَ كَلَامَهُ واجتزأَ بِمَا فِي صَدْرِ حَدِيثِهِ مِنْ قَوْلِكَ سَارَ عَنْ ذِكْرِ السَّيْرِ؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ ضَعْهُ رُوَيْدًا أَي وَضَعًا رُوَيْدًا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ يُعَالِجُ الشَّيْءَ إِنما يُرِيدُ أَن يَقُولَ عِلَاجًا رُوَيْدًا، قَالَ: فَهَذَا عَلَى وَجْهِ الْحَالِ إِلا أَن يَظْهَرَ الْمَوْصُوفُ بِهِ فَيَكُونُ عَلَى الْحَالِ وَعَلَى غَيْرِ الْحَالِ. قَالَ: وَاعْلَمْ أَن رُوَيْدًا تَلْحَقُهَا الْكَافُ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ أَفعِلْ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ رُوَيْدَكَ زَيْدًا وَرُوَيْدَكُمْ زَيْدًا، فَهَذِهِ الْكَافُ الَّتِي أُلحقت لِتَبْيِينِ الْمُخَاطَبِ فِي رُوَيْدًا، وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإِعراب لأَنها لَيْسَتْ بِاسْمٍ، وَرُوَيْدٌ غَيْرُ مُضَافٍ إِليها، وَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلى زَيْدٍ لأَنه اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ الْفِعْلُ يَعْمَلُ عَمَلَ الأَفعال، وَتَفْسِيرُ رُوَيْدٍ مَهْلًا، وَتَفْسِيرُ رُوَيْدَكَ أَمهِلْ، لأَن الْكَافَ إِنما تَدْخُلُهُ إِذا كَانَ بِمَعْنَى أَفعِل دُونَ غَيْرِهِ، وإِنما حُرِّكَتِ الدَّالُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فنُصبَ نَصْبَ الْمَصَادِرِ، وَهُوَ مُصَغَّرٌ مَأْمُورٌ بِهِ لِأَنَّهُ تَصْغِيرُ التَّرْخِيمِ مِنْ إِرْوَادٍ، وَهُوَ مَصْدَرُ أَرْوَدَ يُرْوِد، وَلَهُ أَربعة أَوجه: اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَصِفَةٌ وَحَالٌ وَمَصْدَرٌ، فَالِاسْمُ نَحْوَ قَوْلِكَ رُوَيْدَ عَمْرًا أَي أَروِدْ عَمْرًا بِمَعْنَى أَمهِلْه، وَالصِّفَةُ نَحْوَ قَوْلِكَ سَارُوا سَيْرًا رُويداً، وَالْحَالُ نَحْوَ قَوْلِكَ سَارَ القومُ رُويداً لَمَّا اتَّصَلَ بِالْمَعْرِفَةِ صَارَ حَالًا لَهَا، وَالْمَصْدَرُ نَحْوَ قَوْلِكَ رُوَيْدَ عَمْرٍو بالإِضافة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَضَرْبَ الرِّقابِ. وَفِي حَدِيثِ أَنْجَشَةَ:
رُويدَك رِفْقاً بِالْقَوَارِيرِ
أَي أَمهل وتأَنّ وارفُق؛ وَقَالَ الأَزهري عِنْدَ قَوْلِهِ: فَهَذِهِ الْكَافُ الَّتِي أُلحقت لِتَبْيِينِ الْمُخَاطَبِ فِي رُوَيْدًا، قَالَ: وإِنما أُلحقت الْمَخْصُوصَ لأَن رُوَيْدًا قَدْ يَقَعُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ والأُنثى، فإِنما أَدخل الْكَافَ حَيْثُ خِيف الْتِبَاسُ مَنْ يُعْنى مِمَّنْ لَا يُعْنى، وإِنما حُذِفَتْ فِي الأَول اسْتِغْنَاءً بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ لأَنه لَا يَعْنِي غَيْرَهُ. وَقَدْ يُقَالُ رُوَيْدًا لِمَنْ لَا يَخَافُ أَن يَلْتَبِسَ بِمَنْ سِوَاهُ تَوْكِيدًا، وَهَذَا كَقَوْلِكَ النَّجاءَكَ والوَحاك تَكُونُ هَذِهِ الْكَافُ عَلَمًا للمأْمورين والمنهبين. قَالَ وَقَالَ اللَّيْثَ: إِذا أَردت بِرُوَيد الْوَعِيدَ نَصَبْتَهَا بِلَا تَنْوِينٍ؛ وأَنشد:
رُويدَ تَصَاهَلْ بالعِراقِ جِيادَنا،
…
كأَنك بالضحَّاك قَدْ قَامَ نادِبُه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ، وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: وَقَدْ يَكُونُ رُوَيْدًا لِلْوَعِيدِ، كَقَوْلِهِ:
رُويدَ بَنِيَ شيبانَ، بعضَ وَعيدِكم
…
تُلاقوا غَدًا خَيْلي عَلَى سَفَوانِ
فأَضاف رُوَيْدًا إِلى بَنِي شَيْبَانَ وَنَصَبَ بعضَ وَعِيدِكُمْ بإِضمار فِعْلٍ، وإِنما قَالَ رُوَيْدَ بَنِي شَيْبَانَ عَلَى أَن بَنِي شَيْبَانَ فِي مَوْضِعِ مَفْعُولٍ، كَقَوْلِكَ رُوَيْدَ زيدٍ وكأَنه أَمر غَيْرَهُمْ بإِمهالهم، فَيَكُونُ بَعْضَ وَعِيدِكُمْ عَلَى تَحْوِيلِ الْغَيْبَةِ إِلى الْخِطَابِ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بَنِي شَيْبَانَ مُنَادَى أَي أَمهلوا بعضَ وَعِيدِكُمْ، وَمَعْنَى الأَمر هاهنا التأْهير وَالتَّقْلِيلُ مِنْهُ، وَمَنْ رَوَاهُ رويدَ بني شيبانَ بعضَ وَعِيدِهِمْ كَانَ عَلَى الْبَدَلِ لأَن مَوْضِعَ بَنِي شَيْبَانَ نُصِبَ، عَلَى هَذَا يَتَّجِهُ إِعراب الْبَيْتِ؛ قَالَ: وأَما مَعْنَى الْوَعِيدِ فَلَا يَلْزَمُ وإِنما الْوَعِيدُ فِيهِ بِحَسَبِ الْحَالِ لأَنه يَتَوَعَّدُهُمْ بِاللِّقَاءِ وَيَتَوَعَّدُونَهُ بِمِثْلِهِ. قَالَ الأَزهري: وإِذا أَردت برُويد الْمُهْلَةَ والإِرواد فِي الشَّيْءِ فَانْصُبْ وَنَوِّنْ، تَقُولُ: امْشِ رُوَيْدًا، قَالَ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ أَروِدْ فِي مَعْنَى رُوَيْدًا الْمَنْصُوبَةِ. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ فِي بَابِ رُوَيْدًا: كأَنّ رُوَيْدًا مِنَ الأَضداد، تَقُولُ رُوَيْدًا إِذا أَرادوا دَعْه وخَلِّه، وإِذا أَرادوا ارْفُقْ بِهِ وأَمسكه قَالُوا: رُوَيْدًا زَيْدًا أَيضاً، قَالَ: وتَيْدَ زَيْدًا بِمَعْنَاهَا، قَالَ: وَيَجُوزُ إِضافتها إِلى زَيْدٍ لأَنهما مَصْدَرَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَضَرْبَ الرِّقابِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: إِن لِبَنِي أُمية مَرْوَداً يَجرون إِليه
، هُوَ مَفْعَل مِنَ الإِرْوادِ الإِمهال كأَنه شَبَّهَ الْمُهْلَةَ الَّتِي هُمْ فِيهَا بِالْمِضْمَارِ الَّذِي
يَجْرُونَ إِليه، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. التَّهْذِيبُ: والرِّيدة اسْمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الِارْتِيَادِ والإِرادة، وأَراد الشَّيْءَ: أَحبه وعُنِيَ بِهِ، وَالِاسْمُ الرِّيدُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: إِن الشَّيْطَانَ يُرِيدُ ابْنَ آدَم بِكُلِّ رِيدَةٍ
أَي بِكُلِّ مَطْلَب ومُراد. يُقَالُ: أَراد يُرِيدُ إِرادة، وَالرَّيْدَةُ الِاسْمُ مِنَ الإِرادة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ: هَرَدْتُ الشَّيْءَ أُهَريدُه هِرادةً، فإِنما هُوَ عَلَى الْبَدَلِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: أُريد لأَن تَفْعَلَ مَعْنَاهُ إِرادتي لِذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ. الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: والإِرادة الْمَشِيئَةُ وأَصله الْوَاوُ، كَقَوْلِكَ رَاوَدَهُ أَي أَراده عَلَى أَن يَفْعَلَ كَذَا، إِلا أَن الْوَاوَ سُكِّنَتْ فَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلى مَا قَبْلَهَا فَانْقَلَبَتْ فِي الْمَاضِي أَلفاً وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ يَاءً، وَسَقَطَتْ فِي الْمَصْدَرِ لِمُجَاوَرَتِهَا الأَلف السَّاكِنَةَ وَعَوَّضَ مِنْهَا الْهَاءَ فِي آخِرِهِ. قَالَ اللَّيْثُ: وَتَقُولُ راوَدَ فُلَانٌ جَارِيَتَهُ عَنْ نَفْسِهَا وراوَدَتْه هِيَ عَنْ نَفْسِهِ إِذا حَاوَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ الْوَطْءَ وَالْجِمَاعَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ
؛ فَجَعَلَ الْفِعْلَ لَهَا. وراوَدْتُه عَلَى كَذَا مُراوَدَةً ورِواداً أَي أَردتُه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: حَيْثُ يُراوِدُ عمَّه أَبا طَالِبٍ عَلَى الإِسلام
أَي يُراجعه ويُرادُّه؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ الإِسراء:
قَالَ لَهُ مُوسَى، صَلَّى الله عليهما وَسَلَّمَ: قَدْ وَاللَّهِ راودْتُ بَنِي إِسرائيل عَلَى أَدنى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ.
وراودْته عَنِ الأَمر وَعَلَيْهِ: دَارَيْتُهُ. وَالرَّائِدُ: العُود الَّذِي يَقْبِضُ عَلَيْهِ الطَّاحِنُ إِذا أَداره. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والرائدُ مَقْبِضُ الطَّاحِنِ مِنَ الرَّحَى. ورائدُ الرَّحَى: مَقْبِضُها. وَالرَّائِدُ: يَدُ الرَّحَى. والمِرْوَدُ: الْمَيْلُ وَحَدِيدَةٌ تَدُورُ فِي اللِّجَامِ ومِحورُ الْبَكْرَةِ إِذا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ. وَفِي حَدِيثِ
مَاعِزٍ: كَمَا يَدْخُلُ المِرْوَدُ فِي المكحُلةِ
؛ المِرْوَدُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الْمَيْلُ الَّذِي يُكْتَحَلُ بِهِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. والمِرْوَدُ أَيضاً: المَفْصِل. والمِرْوَدُ: الوَتِدُ؛ قَالَ:
داوَيْتُه بالمَحْضِ حَتَّى شَتَا،
…
يَجتذِبُ الأَرِيَّ بالمِرْوَد
أَراد مَعَ المِروَد. وَيُقَالُ: رِيحٌ رَوْدٌ لَيِّنَةُ الهُبوب. وَيُقَالُ: رِيحٌ رَادَّةٌ إِذا كَانَتْ هَوْجاء تَجيءُ وَتَذْهَبُ. وريح رائدة: مثل رادة، وَكَذَلِكَ رُواد؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَصَعْصَعَ إِن أُمَّكَ، بَعْدَ لَيْلِي،
…
رُوادُ الليلِ، مُطْلَقَةُ الكِمام
وَكَذَلِكَ امرأَة رُوَادٌ ورَادة ورائدة.
ريد: الرَّيْد: حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْجَبَلِ. ابْنُ سِيدَهْ: الرَّيْدُ الحَيْدُ فِي الْجَبَلِ كَالْحَائِطِ، وَهُوَ الْحَرْفُ الناتئُ مِنْهُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ، وَقِيلَ صَخْرُ الْغَيِّ، يَصِفُ عُقاباً:
فَمَرَّتْ عَلَى رَيْدٍ وأَعْنَتْ ببعضِها،
…
فَخَرَّتْ عَلَى الرِّجْلَيْنِ أَخيَبَ خائبِ
وَالْجَمْعُ أَرياد؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
بِنا إِذا اطَّرَدَت شَهْرًا أَزِمَّتُها،
…
ووازنَتْ مِنْ ذُرى فَوْدٍ بأَرْيادِ
وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ رُيود. والرِّئْدُ: التِّرْبُ، بِالْهَمْزِ؛ يُقَالُ: هُوَ رئِدُها أَي تِرْبُها؛ قَالَ: وَرُبَّمَا لَمْ يُهْمَزْ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ فَلَمْ يهمز:
وَقَدْ دَرَّعوها وَهِيَ ذاتُ مُؤَصَّد
…
مَجُوبٍ، ولمَّا يَلْبَسِ الدِّرْعَ رِيدُها
والرِّيدُ، بِلَا هَمْزٍ: الأَمر الَّذِي تُريدُه وَتُزَاوِلُهُ. والرَّيْدانة: الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ؛ وأَنشد:
هاجتْ بِهِ رَيْدانَةٌ مُعَصْفَرُ
والرَّيْدَة: الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ أَيضاً. وَرِيحٌ رَيْدة وَرَادَةٌ