المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل العين المهملة - لسان العرب - جـ ٣

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌خ

- ‌باب الخاء المعجمة

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الباء

- ‌فصل التاء

- ‌فصل الثاء

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الخاء

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل الشين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل الظاء المعجمة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء

- ‌د

- ‌حرف الدال المهملة

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء

- ‌فصل الثاء

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌ذ

- ‌حرف الذال المعجمة

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الباء موحدة

- ‌فصل التاء المثناة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الراء المهملة

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

الفصل: ‌فصل العين المهملة

وإِن سَبَقْتُ فَلِي عَلَيْكَ كَذَا، كأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لَهُ: إِن جِئْتَ بِجَرْحِ الشُّهودِ وإِلا حَكَمْتُ عَلَيْكَ بِشَهَادَتِهِمْ. وَبَنُو طُرُودٍ: بَطْن وَقَدْ سَمَّتْ طَرَّاداً ومُطَرِّداً.

طود: الطَّوْدُ: الْجَبَلُ الْعَظِيمُ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رضي الله عنهما: ذَاكَ طَودٌ مُنِيفٌ

أَي جَبَلٌ عَالٍ. والطَّوْدُ: الهَضْبَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ أَطْوادٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

يَا مَنْ رأَى هامَةً تَزْقُو عَلَى جَدَثٍ،

تُجِيبُها خَلِفاتٌ ذاتُ أَطْوادِ

فَسَّرَهُ فَقَالَ: الأَطوادُ هُنَا الأَسْنِمَة، شَبَّهَهَا فِي ارْتِفَاعِهَا بالأَطواد الَّتِي هِيَ الْجِبَالُ، يَصِفُ إِبِلَا أُخِذَت فِي الدِّيَةِ فَعَيَّرَ صاحِبَها بِهَا. والتَّطْوادُ: التَّطْوافُ؛ ابْنُ الأَعرابي: طَوَّدَ إِذا طَوَّفَ بالبِلادِ لِطَلَبِ الْمَعَاشِ. والمَطاوِدُ: مِثْلُ المَطَاوِحِ. والطادِي: الثَّابِتُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِ الْقَطَامِيِّ:

......... وَمَا

تُقْضَى بَواقي دَيْنِها الطَّادِي

قَالَ: يُرادُ بِهِ الواطِدُ فأَخَّر الْوَاوَ وَقَلَبَهَا أَلفاً «2» الْفَرَّاءُ: طَادَ إِذا ثَبَتَ، وداطَ إِذا حَمُق، ووَطَد إِذا حَمُق، ووطَدَ إِذا سَارَ. وطَوَّد فُلَانٌ بِفُلَانٍ تَطْويداً وطَوَّحَ بِهِ تَطْوِيحاً وطَوَّد بِنَفْسِهِ فِي المَطاوِدِ وطَوَّح بِهَا فِي المطاوِح وَهِيَ المَذاهب؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

أَخُو شُقَّةٍ جابَ البلادَ بنفْسِه،

عَلَى الهَوْلِ حَتَّى لَوَّحَتْه المَطاوِدُ

وابنُ الطَّوْدِ: الجُلْمُودُ الَّذِي يَتَدَهْدى مِنَ الطَّوْدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

دَعَوْتُ جُلَيْداً دَعْوَةً فَكأَنما

دَعَوْتُ بِه ابنَ الطَّوْدِ، أَو هُوَ أَسْرَع «3»

. وطَوْدٌ وطُوَيْد: اسمان.

‌فصل العين المهملة

عبد: الْعَبْدُ: الإِنسان، حُرًّا كَانَ أَو رَقِيقًا، يُذْهَبُ بِذَلِكَ إِلى أَنه مَرْبُوبٌ لِبَارِيهِ، جَلَّ وَعَزَّ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ فِي الْفِدَاءِ: مكانَ عَبْدٍ عَبْدٌ

، كَانَ مِنْ مَذْهَبِ عُمَرَ، رضي الله عنه، فِيمَنْ سُبيَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وأَدركه الإِسلام، وَهُوَ عِنْدَ مَنْ سَبَاهُ، أَن يُرَدَّ حُرّاً إِلى نَسَبِهِ وَتَكُونَ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ يؤَدّيها إِلى مَنْ سَبَاهُ، فَجَعل مَكَانَ كُلِّ رأْس مِنْهُمْ رأْساً مِنَ الرَّقِيقِ؛ وأَما قَوْلُهُ:

وَفِي ابْنِ الأَمة عَبْدان

، فإِنه يُرِيدُ الرَّجُلَ الْعَرَبِيَّ يَتَزَوَّجُ أَمة لِقَوْمٍ فَتَلِدُ مِنْهُ وَلَدًا فَلَا يَجْعَلُهُ رَقِيقًا، وَلَكِنَّهُ يُفْدَى بِعَبْدَيْنِ، وإِلى هَذَا ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ رَاهَوَيْهِ، وسائرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى خِلَافِهِ. والعَبْدُ: الْمَمْلُوكُ خِلَافُ الْحُرِّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ فِي الأَصل صِفَةٌ، قَالُوا: رَجُلٌ عَبْدٌ، وَلَكِنَّهُ استُعمل اسْتِعْمَالَ الأَسماء، وَالْجَمْعُ أَعْبُد وعَبِيد مِثْلُ كَلْبٍ وكَليبٍ، وَهُوَ جَمْع عَزيزٌ، وعِبادٌ وعُبُدٌ مِثْلُ سَقْف وسُقُف؛ وأَنشد الأَخفش:

انْسُبِ العَبْدَ إِلى آبائِه،

أَسْوَدَ الجِلْدَةِ مِنْ قَوْمٍ عُبُدْ

وَمِنْهُ قرأَ بعضُهم: وعُبُدَ الطاغوتِ؛ وَمِنَ الْجَمْعِ أَيضاً عِبْدانٌ، بِالْكَسْرِ، مِثْلَ جِحْشانٍ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: هؤُلاء قَدْ ثَارَتْ مَعَهُمْ عِبْدانُكم.

وعُبْدانٌ، بِالضَّمِّ: مِثْلُ تَمْرٍ وتُمْرانٍ. وعِبِدَّان،

(2). قوله [وقلبها ألفاً] كذا بالأَصل المعتمد والمناسب قلبها ياء كما هو ظاهر.

(3)

. قوله [جليدا] كذا بالأصل، وفي شرح القاموس خليداً، وفي الأَساس كليباً

ص: 270

مُشَدَّدَةُ الدَّالِ، وأَعابِدُ جَمْعُ أَعْبُدٍ؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ الإِيادي يَصِفُ نَارًا:

لَهنٌ كَنارِ الرأْسِ، بالْعَلْياءِ،

تُذْكيها الأَعابِدْ

وَيُقَالُ: فُلَانٌ عَبْدٌ بَيِّن العُبُودَة والعُبودِيَّة والعَبْدِيَّةِ؛ وأَصل العُبودِيَّة الخُضوع والتذلُّل. والعِبِدَّى، مَقْصُورٌ، والعبدَّاءُ، مَمْدُودٌ، والمَعْبوداء، بِالْمَدِّ، والمَعْبَدَة أَسماءُ الْجَمْعِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ: لَا يَقُل أَحدكم لِمَمْلُوكِهِ عَبْدي وأَمَتي وَلْيَقُلْ فتايَ وَفَتَاتِي

؛ هَذَا عَلَى نَفْيِ الِاسْتِكْبَارِ عَلَيْهِمْ وأَنْ يَنْسُب عُبُودِيَّتَهُمْ إِليه، فإِن الْمُسْتَحِقَّ لِذَلِكَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ رَبُّ الْعِبَادِ كُلِّهِمْ والعَبيدِ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمُ العِباد لِلَّهِ، وغيرَه مِنَ الْجَمْعِ لِلَّهِ وَالْمَخْلُوقِينَ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بالعِبِدَّى العَبيدَ الَّذِينَ وُلِدوا فِي المِلْك، والأُنثى عَبْدة. قَالَ الأَزهري: اجْتَمَعَ الْعَامَّةُ عَلَى تَفْرِقَةِ مَا بَيْنَ عِباد اللَّهِ وَالْمَمَالِيكِ فَقَالُوا هَذَا عَبْد مِنْ عِباد اللَّهِ، وهؤُلاء عَبيدٌ مَمَالِيكُ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ عَبَدَ يَعْبُدُ عِبادة إِلا لِمَنْ يَعْبُد اللَّهَ، وَمَنْ عَبَدَ دُونَهُ إِلهاً فَهُوَ مِنَ الْخَاسِرِينَ. قَالَ: وأَما عَبْدٌ خَدَمَ مَوْلَاهُ فَلَا يُقَالُ عَبَدَه. قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ لِلْمُشْرِكِينَ هُمْ عَبَدَةُ الطَّاغُوتِ، وَيُقَالُ لِلْمُسْلِمِينَ عِبادُ اللَّهِ يَعْبُدُونَ اللَّهَ. وَالْعَابِدُ: المُوَحِّدُ. قَالَ اللَّيْثُ: العِبِدَّى جَمَاعَةُ العَبِيد الَّذِينَ وُلِدوا فِي العُبودِيَّة تَعْبِيدَةٌ ابْنُ تَعْبِيدَةٍ أَي فِي العُبودة إِلى آبَائِهِ، قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ، يُقَالُ: هَؤُلَاءِ عِبِدَّى اللَّهِ أَي عِبَادُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ:

هَؤُلَاءِ عِبِدَّاكَ بِفِناءِ حَرَمِك

؛ العِبِدَّاءُ، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، جَمْعُ الْعَبْدِ. وَفِي حَدِيثِ

عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ: أَنه قَالَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: مَا هَذِهِ العِبِدَّى حوْلَك يَا مُحَمَّدُ؟

أَراد فقَراءَ أَهل الصُّفَّة، وَكَانُوا يَقُولُونَ اتَّبَعَه الأَرذلون. قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ لِلْعَبِيدِ مَعْبَدَةٌ؛ وأَنشد لِلْفَرَزْدَقِ:

وَمَا كَانَتْ فُقَيْمٌ، حيثُ كَانَتْ

بِيَثْرِبَ، غيرَ مَعْبَدَةٍ قُعودِ

قَالَ الأَزهري: ومثلُ مَعْبَدة جَمْعِ العَبْد مَشْيَخَةٌ جَمْعُ الشيْخ، ومَسْيَفة جَمْعُ السَّيْفِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَبَدْتُ اللَّهَ عِبادَة ومَعْبَداً. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ

، الْمَعْنَى مَا خَلَقْتُهُمْ إِلا لأَدعوهم إِلى عِبَادَتِي وأَنا مُرِيدٌ لِلْعِبَادَةِ مِنْهُمْ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ مَنْ يَعْبُدُهُ مِمَّنْ يَكْفُرُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ خَلَقَهُمْ لِيُجْبِرَهُمْ عَلَى الْعِبَادَةِ لَكَانُوا كُلُّهُمْ عُبَّاداً مُؤْمُنِينَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ أَهل السنَّة وَالْجَمَاعَةِ. والَعبْدَلُ: العبدُ، وَلَامُهُ زَائِدَةٌ. والتِّعْبِدَةُ: المُعْرِقُ فِي المِلْكِ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ العُبودةُ والعُبودِيَّة وَلَا فِعْلَ لَهُ عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: عَبُدَ عُبودَة وعُبودِية. اللَّيْثُ: وأَعْبَدَه عَبْدًا مَلَّكه إِياه؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ أَعْبَدْتُ فُلَانًا أَي استَعْبَدْتُه؛ قَالَ: وَلَسْتُ أُنْكِرُ جَوَازَ مَا قَالَهُ اللَّيْثُ إِن صَحَّ لِثِقَةٍ مِنَ الأَئمة فإِن السَّمَاعَ فِي اللُّغَاتِ أَولى بِنَا مِنْ خَبْطِ العَشْواءِ، والقَوْلِ بالحَدْس وابتداعِ قياساتٍ لَا تَطَّرِدُ. وتَعَبَّدَ الرجلَ وعَبَّده وأَعْبَدَه: صيَّره كالعَبْد، وتَعَبَّدَ اللَّهُ العَبْدَ بِالطَّاعَةِ أَي اسْتَعْبَدَهُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

حَتَّامَ يُعْبِدُني قَوْمي، وَقَدْ كَثُرَت

فيهمْ أَباعِرُ، ما شاؤوا، وعِبْدانُ؟

وعَبَّدَه واعْتَبَده وَاسْتَعْبَدَهُ؛ اتَّخَذَهُ عَبْداً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

يَرْضَوْنَ بالتَّعْبِيدِ والتَّأَمِّي

ص: 271

أَراد: والتَّأْمِيَةِ. يُقَالُ: تَعَبَّدْتُ فُلَانًا أَي اتخذْتُه عَبْداً مِثْلُ عَبَّدْتُه سَوَاءٌ. وتأَمَّيْتُ فُلَانَةً أَي اتخذْتُها أَمَة. وَفِي الْحَدِيثِ:

ثَلَاثَةٌ أَنا خَصْمُهم: رَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّراً

، وَفِي رِوَايَةٍ: أَعبَدَ مُحَرَّراً أَي اتَّخَذَهُ عَبْدًا، وَهُوَ أَن يُعْتِقَه ثُمَّ يكْتمه إِياه، أَو يَعْتَقِلَه بَعْدَ العِتْقِ فَيَسْتَخْدِمَهُ كُرْهاً، أَو يأْخذ حُرًّا فيدَّعيه عَبْدًا وَيَتَمَلَّكَهُ؛ وَالْقِيَاسُ أَن يَكُونَ أَعبَدْتُه جَعَلْتُهُ عَبداً. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ

؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذِهِ آيَةٌ مُشْكِلَةٌ وَسَنَذْكُرُ مَا قِيلَ فِيهَا وَنُخْبِرُ بالأَصح الأَوضح. قَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتِلْكَ نِعْمَةٌ، قَالَ: يُقَالُ هَذَا اسْتِفْهَامٌ كأَنه قَالَ أَو تِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ ثُمَّ فَسَّرَ فَقَالَ: أَن عَبَّدْتَ بَنِي إِسرائيل، فَجَعَلَهُ بَدَلًا مِنَ النِّعْمَةِ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا غَلَطٌ لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ مُلْقًى وَهُوَ يُطْلَبُ، فِيَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ كَاْلَخَبَرِ؛ وَقَدِ استُقْبِحَ وَمَعَهُ أَمْ وَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، اسْتَقْبَحُوا قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

تروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِرْ

قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَتَروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِر فحذفُ الِاسْتِفْهَامِ أَولى وَالنَّفِيُ تَامٌّ؛ وَقَالَ أَكثرهم: الأَوّل خَبَرٌ وَالثَّانِي اسْتِفْهَامٌ فأَما وَلَيْسَ مَعَهُ أَم لَمْ يَقُلْهُ إِنسان. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ، لأَنه قَالَ وأَنت مِنَ الْكَافِرِينَ لِنِعْمَتِي أَي لِنِعْمَةِ تَرْبِيَتِي لَكَ فأَجابه فَقَالَ: نَعَمْ هِي نِعْمَةٌ عَلَيَّ أَن عبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَسْتَعْبِدْنِي، فَيَكُونُ مَوْضِعُ أَن رَفْعًا وَيَكُونُ نَصْبًا وَخَفْضًا، مَنْ رَفَعَ رَدَّهَا عَلَى النِّعْمَةِ كأَنه قَالَ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ تَعْبِيدُك بَنِي إِسرائيل وَلَمْ تُعَبِّدْني، وَمَنْ خَفَضَ أَو نَصَبَ أَضمر اللَّامَ؛ قَالَ الأَزهري: وَالنَّصْبُ أَحسن الْوُجُوهِ؛ الْمَعْنَى: أَن فِرْعَوْنَ لَمَّا قَالَ لِمُوسَى: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ، فاعْتَدَّ فِرْعَوْنُ عَلَى مُوسَى بأَنه ربَّاه وَلِيدًا منذُ وُلدَ إِلى أَن كَبِرَ فَكَانَ مِنْ جَوَابِ مُوسَى لَهُ: تِلْكَ نِعْمَةٌ تَعْتَدُّ بِهَا عَلَيَّ لأَنك عبَّدْتَ بَنِي إِسرائيل، وَلَوْ لَمْ تُعَبِّدْهم لكَفَلَني أَهلي وَلَمْ يُلْقُوني فِي الْيَمِّ، فإِنما صَارَتْ نِعْمَةً لِمَا أَقدمت عَلَيْهِ مِمَّا حَظَرَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: الْمُفَسِّرُونَ أَخرجوا هَذِهِ عَلَى جِهَةِ الإِنكار أَن تَكُونَ تِلْكَ نِعْمَةً، كأَنه قَالَ: وأَيّ نِعْمَةٍ لَكَ عَلَيَّ فِي أَن عَبَّدْتَ بَنِي إِسرائيل، وَاللَّفْظُ لَفْظُ خَبَرٍ؛ قَالَ: وَالْمَعْنَى يَخْرُجُ عَلَى مَا قَالُوا عَلَى أَن لَفْظَهُ لَفْظُ الْخَبَرِ وَفِيهِ تَبْكِيتُ الْمُخَاطَبِ، كأَنه قَالَ لَهُ: هَذِهِ نِعْمَةٌ أَنِ اتَّخَذْتَ بَنِي إِسرائيلَ عَبيداً وَلَمْ تَتَخِذْنِي عَبْدًا. وعَبُدَ الرجلُ عُبودَةً وعُبودِيَّة وعُبِّدَ: مُلِكَ هُوَ وآباؤَه مِنْ قبلُ. والعِبادُ: قَوْمٌ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى مِنْ بطونِ الْعَرَبِ اجْتَمَعُوا عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ فأَنِفُوا أَن يَتَسَمَّوْا بالعَبِيدِ وَقَالُوا: نَحْنُ العِبادُ، والنَّسَبُ إِليه عِبادِيّ كأَنصارِيٍّ، نَزَلُوا بالحِيرَة، وَقِيلَ: هُمُ العَباد، بِالْفَتْحِ، وَقِيلَ لِعَبادِيٍّ: أَيُّ حِمَارَيْكَ شَرٌّ؟ فَقَالَ: هَذَا ثُمَّ هَذَا. وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ: العَبادي، بِفَتْحِ الْعَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا غَلَطٌ بَلْ مَكْسُورُ الْعَيْنِ؛ كَذَا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَغَيْرُهُ؛ وَمِنْهُ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ العِبادي، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَكَذَا وُجِدَ بِخَطِّ الأَزهري. وعَبَدَ اللَّهَ يَعْبُدُه عِبادَةً ومَعْبَداً ومَعْبَدَةً: تأَلَّه لَهُ؛ وَرَجُلٌ عَابِدٌ مِنْ قَوْمٍ عَبَدَةٍ وعُبُدٍ وعُبَّدٍ وعُبَّادٍ. والتَّعَبُّدُ: التَّنَسُّكُ. والعِبادَةُ: الطَّاعَةُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ

ص: 272

مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ؛ قرأَ أَبو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ وأَبو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ

، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلِيٍّ قَوْلَهُ عز وجل: وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ ومَن عَبَدَ الطاغوتَ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قَوْلُهُ: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ

، نَسَقٌ عَلَى مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ؛ الْمَعْنَى مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَمَنْ عبَدَ الطاغوتَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عز وجل، قَالَ وتأْويلُ عبدَ الطاغوتَ أَي أَطاعه يَعْنِي الشيطانَ فِيمَا سَوّلَ لَهُ وأَغواه؛ قَالَ: والطاغوتُ هُوَ الشَّيْطَانُ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ

؛ أَي نُطِيعُ الطاعةَ الَّتِي يُخْضَعُ مَعَهَا، وَقِيلَ: إِياك نُوَحِّد، قَالَ: وَمَعْنَى العبادةِ فِي اللُّغَةِ الطاعةُ مَعَ الخُضُوعِ، وَمِنْهُ طريقٌ مُعَبَّدٌ إِذا كَانَ مُذَلَّلًا بِكَثْرَةِ الوطءِ. وقرأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّاب والأَعمش وَحَمْزَةُ: وعَبُدَ الطاغوتِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا أَعلم لَهُ وَجْهًا إِلا أَن يَكُونَ عَبُدَ بِمْنْزِلَةِ حَذُرٍ وعَجُلٍ. وَقَالَ نَصْرٌ الرَّازِيُّ: عَبُدَ وَهِمَ مَنْ قرأَه وَلَسْنَا نَعْرِفُ ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. قَالَ اللَّيْثُ: وعَبُدَ الطاغوتُ مَعْنَاهُ صَارَ الطاغوتُ يُعْبَدُ كَمَا يُقَالُ ظَرُفَ الرَّجُلُ وفَقُه؛ قَالَ الأَزهري: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالتَّفْسِيرِ، مَا قرأَ أَحد مِنْ قرَّاء الأَمصار وَغَيْرِهِمْ وعَبُدَ الطاغوتُ، بِرَفْعِ الطَّاغُوتِ، إِنما قرأَ حَمْزَةُ وعَبُدَ الطاغوتِ وَهِيَ مَهْجُورَةٌ أَيضاً؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وقرأَ بَعْضُهُمْ وعَبُدَ الطاغوتِ وأَضافه؛ قَالَ: وَالْمَعْنَى فِيمَا يُقَالُ خَدَمُ الطاغوتِ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِجَمْعٍ لأَن فَعْلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَعُلٍ مِثْلَ حَذُرٍ ونَدُسٍ، فِيَكُونُ الْمَعْنَى وخادِمَ الطاغوتِ؛ قَالَ الأَزهري: وَذَكَرَ اللَّيْثُ أَيضاً قِرَاءَةً أُخرى مَا قرأَ بِهَا أَحد قَالَ وَهِيَ: وَعَابِدُو الطاغوتِ جَمَاعَةٌ؛ قَالَ: وَكَانَ رحمه الله قَلِيلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْقِرَاآتِ، وَكَانَ نَوْلُه أَن لَا يَحكي القراآتِ الشاذَّةَ وَهُوَ لَا يَحْفَظُهَا، وَالْقَارِئُ إِذا قرأَ بِهَا جَاهِلٌ، وَهَذَا دَلِيلُ أَن إِضافته كِتَابَهُ إِلى الْخَلِيلِ بْنِ أَحمد غَيْرُ صَحِيحٍ، لأَن الْخَلِيلَ كَانَ أَعقل مِنْ أَن يُسَمِّيَ مِثْلَ هَذِهِ الْحُرُوفِ قِرَاآتٍ فِي الْقُرْآنِ وَلَا تَكُونُ مَحْفُوظَةً لِقَارِئٍ مَشْهُورٍ مِنْ قُرَّاءِ الأَمصار، ونسأَل اللَّهَ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِلصَّوَابِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وقُرِئَ وعُبُدَ الطاغوتِ جماعةُ عابِدٍ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ جَمْعُ عَبيدٍ كَرَغِيفٍ ورُغُف؛ وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنه قرأَ: وعُبْدَ الطاغوتِ، بإِسكان الْبَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ، وَقُرِئَ وعَبْدَ الطاغوتِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحدهما أَن يَكُونَ مُخَفَفًا مِنْ عَبُدٍ كَمَا يُقَالُ فِي عَضُدٍ عَضْدٌ، وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ عَبْدَ اسْمُ الْوَاحِدِ يَدُلُّ عَلَى الْجِنْسِ وَيَجُوزُ فِي عَبْدٍ النَّصْبَ وَالرَّفْعَ، وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَن أُبَيًّا وَعَبْدَ اللَّهِ قَرَآ: وعَبَدوا الطاغوتَ؛ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قرأَ: وعُبَّادَ الطاغوتِ، وَبَعْضُهُمْ: وعابِدَ الطاغوتِ؛ قَالَ الأَزهري: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وعُبِّدَ الطاغوتُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيضاً: وعُبَّدَ الطاغوتِ، وَمَعْنَاهُ عُبَّاد الطاغوتِ؛ وَقُرِئَ: وعَبَدَ الطاغوتِ، وَقُرِئَ: وعَبُدَ الطاغوتِ. قَالَ الأَزهري: وَالْقِرَاءَةُ الْجَيِّدَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ عِنْدِي غَيْرُهَا هِيَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ الَّتِي بِهَا قرأَ الْقُرَّاءُ الْمَشْهُورُونَ، وعَبَدَ الطاغوتَ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي بَيَّنْتُهُ أَوّلًا؛ وأَما قَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَر:

أَبَنِي لُبَيْنَى، لَسْتُ مُعْتَرِفاً،

لِيَكُونَ أَلأَمَ مِنْكُمُ أَحَدُ

أَبَني لُبَيْنى، إِنَّ أُمَّكُمُ

أَمَةٌ، وإِنَّ أَباكُمُ عَبُدُ

فإِنه أَراد وإِن أَباكم عَبْد فَثَقَّل لِلضَّرُورَةِ، فَقَالَ عَبُدُ لأَن الْقَصِيدَةَ مِنَ الْكَامِلِ وَهِي حَذَّاء. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ

؛ أَي دَائِنُونَ. وكلُّ مَنْ دانَ لِمَلِكٍ فَهُوَ عَابِدٌ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: فُلَانٌ عَابِدٌ

ص: 273

وَهُوَ الْخَاضِعُ لِرَبِّهِ الْمُسْتَسْلِمُ المُنْقاد لأَمره. وَقَوْلُهُ عز وجل: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ*

؛ أَي أَطيعوا رَبَّكُمْ. وَالْمُتَعَبِّدُ: الْمُنْفَرِدُ بِالْعِبَادَةِ. والمُعَبَّد: المُكَرَّم المُعَظَّم كأَنه يُعْبَد؛ قَالَ:

تقولُ: أَلا تُمْسِكْ عليكَ، فإِنَّني

أَرى المالَ عندَ الباخِلِينَ مُعَبَّدَا؟

سَكَّنَ آخِرَ تُمْسِكْ لأَنه تَوَهَّمَ سِكُعَ «4» مَنْ تُمْسِكُ عليكَ بِناءً فِيهِ ضَمَّةٌ بَعْدَ كَسْرَةٍ، وَذَلِكَ مُسْتَثْقَلٌ فَسَكَّنَ، كَقَوْلِ جَرِيرٍ:

سِيروا بَني العَمِّ، فالأَهْوازُ مَنْزِلُكم

ونَهْرُ تِيرَى، وَلَا تَعْرِفْكُمُ العَربُ

والمُعَبَّد: المُكَرَّم فِي بَيْتِ حَاتِمٍ حَيْثُ يَقُولُ:

تقولُ: أَلا تُبْقِي عَلَيْكَ، فإِنَّني

أَرى المالَ عِنْدَ المُمْسِكينَ مُعَبَّدا؟

أَي مُعَظَّماً مَخْدُومًا. وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُكَرَّم. والعَبَدُ: الجَرَبُ، وَقِيلَ: الجربُ الَّذِي لَا يَنْفَعُهُ دَوَاءٌ؛ وَقَدْ عَبِدَ عَبَداً. وَبَعِيرٌ مُعَبَّد: أَصابه ذَلِكَ الجربُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مَهْنُوءٌ بالقَطِران؛ قَالَ طَرَفَةُ:

إِلى أَن تَحامَتْني العَشِيرَةُ كُلُّها،

وأُفْرِدْتُ إِفْرادَ البعيرِ المُعَبَّدِ

قَالَ شَمِرٌ: المُعَبَّد مِنَ الإِبل الَّذِي قَدْ عُمَّ جِلدُه كلُّه بالقَطِران؛ وَيُقَالُ: المُعَبَّدُ الأَجْرَبُ الَّذِي قَدْ تَسَاقَطَ وَبَرهُ فأُفْرِدَ عَنِ الإِبل لِيُهْنَأَ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي عَبَّدَه الجَرَبُ أَي ذَلَّلَهُ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

وضَمَّنْتُ أَرْسانَ الجِيادِ مُعَبَّداً،

إِذا مَا ضَرَبْنا رأْسَه لَا يُرَنِّحُ

قَالَ: المُعَبَّد هَاهُنَا الوَتِدُ. قَالَ شَمِرٌ: قِيلَ لِلْبَعِيرِ إِذا هُنِئَ بالقَطِرانِ مُعَبَّدٌ لأَنه يَتَذَلَّلُ لِشَهْوَتِه القَطِرانَ وَغَيْرَهُ فَلَا يَمْتَنِعُ. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: سَمِعْتُ الْكِلَابِيِّينَ يَقُولُونَ: بَعِيرٌ مُتَعَبِّدٌ ومُتَأَبِّدٌ إِذا امْتَنَعَ عَلَى النَّاسِ صُعُوبَةً وَصَارَ كآبِدَةِ الْوَحْشِ. والمُعَبَّدُ: الْمُذَلَّلُ. وَالتَّعَبُّدُ: التَّذَلُّلُ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي يُترَك وَلَا يُرْكَبُ. وَالْتَعْبِيدُ: التَّذْلِيلُ. وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُذَلَّلٌ. وَطَرِيقٌ مُعَبَّد: مَسْلُوكٌ مُذَلَّلٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَكْثُرُ فِيهِ الْمُخْتَلِفَةُ؛ قَالَ الأَزهري: والمعبَّد الطَّرِيقُ الْمَوْطُوءُ فِي قَوْلِهِ:

وَظِيفاً وَظِيفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ

وأَنشد شَمِرٌ:

وبَلَدٍ نَائِي الصُّوَى مُعَبَّدِ،

قَطَعْتُه بِذاتِ لَوْثٍ جَلْعَدِ

قَالَ: أَنشدنيه أَبو عدنانَ وَذَكَرَ أَن الْكِلَابِيَّةَ أَنشدته وَقَالَتِ: المعبَّد الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَثر وَلَا علَم وَلَا مَاءٌ والمُعَبَّدة: السَّفِينَةُ المُقَيَّرة؛ قَالَ بِشْرٌ فِي سَفِينَةٍ رَكِبَهَا:

مُعَبَّدَةُ السَّقائِفِ ذاتُ دُسْرٍ،

مُضَبَّرَةٌ جَوانِبُها رَداحُ

قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُعَبَّدةُ المَطْلِيَّة بِالشَّحْمِ أَو الدُّهْنِ أَو الْقَارِ؛ وَقَوْلُ بِشْرٍ:

تَرى الطَّرَقَ المُعَبَّدَ مِن يَدَيها،

لِكَذَّانِ الإِكامِ بِهِ انْتِضالُ

الطَّرَقُ: اللِّينُ فِي اليَدَينِ. وَعَنَى بالمعبَّد الطَّرَق الَّذِي لَا يُبْس يَحْدُثُ عَنْهُ وَلَا جُسُوءَ فكأَنه طَرِيقٌ مُعَبَّد قَدْ سُهِّلَ وذُلِّلَ. والتَّعْبِيدُ: الاسْتِعْبَادُ وَهُوَ أَن يَتَّخِذَه عَبْداً وَكَذَلِكَ الاعْتِبادُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

ورجلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّراً

، والإِعبادُ مِثْلُه وَكَذَلِكَ التَّعَبُّد؛ وَقَالَ:

تَعَبَّدَني نِمْرُ بْنُ سَعْدٍ، وَقَدْ أُرَى

ونِمْرُ بْنُ سَعْدٍ لِي مُطيعٌ ومُهْطِعُ

(4). هكذا في الأَصل.

ص: 274

وعَبِدَ عَلَيْهِ عَبَداً وعَبَدَةً فَهُوَ عابِدٌ وعَبدٌ: غَضِب؛ وَعَدَّاهُ الْفَرَزْدَقُ بِغَيْرِ حَرْفٍ فَقَالَ:

عَلَامَ يَعْبَدُني قَوْمي، وَقَدْ كَثُرَتْ

فِيهِمْ أَباعِرُ، ما شاؤُوا، وعُبْدانُ [عِبْدانُ]؟

أَنشده يَعْقُوبُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى يُعْبِدُني؛ وَقِيلَ: عَبِدَ عَبَداً فَهُوَ عَبِدٌ وعابِدٌ: غَضِبَ وأَنِفَ، وَالِاسْمُ العَبَدَةُ. والعَبَدُ: طُولُ الْغَضَبِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: عَبِد عَلَيْهِ وأَحِنَ عَلِيْهِ وأَمِدَ وأَبِدَ أَي غَضِبَ. وَقَالَ الغَنَوِيُّ: العَبَدُ الحُزْن والوَجْدُ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:

أُولئِكَ قَوْمٌ إِنْ هَجَوني هَجَوتُهم،

وأَعْبَدُ أَن أَهْجُو كُلَيْباً بِدارِمِ

أَعبَدُ أَي آنَفُ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ الغَوَّاص:

فأَرْسَلَ نَفْسَهُ عَبَداً عَلَيها،

وَكَانَ بنَفْسِه أَرِباً ضَنِينا

قِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ عَبَداً أَي أَنَفاً. يَقُولُ: أَنِفَ أَن تَفُوتَهُ الدُّرَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ

، ويُقْرأُ:

العَبِدينَ

؛ قَالَ اللَّيْثُ: العَبَدُ، بِالتَّحْرِيكِ، الأَنَفُ والغَضَبُ والحَمِيَّةُ مِنْ قَوْلٍ يُسْتَحْيا مِنْهُ ويُسْتَنْكَف، وَمَنْ قرأَ العَبِدِينَ فَهُوَ مَقْصُورٌ مِنْ عَبِدَ يَعْبَدُ فَهُوَ عَبِدٌ؛ وَقَالَ الأَزهري: هَذِهِ آيَةٌ مُشْكِلَةٌ وأَنا ذَاكِرُ أَقوال السَّلَفِ فِيهَا ثُمَّ أُتْبِعُها بِالَّذِي قَالَ أَهل اللُّغَةِ وأُخبر بأَصحها عَنْدِي؛ أَما الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ فِي قراءَة الْعَبِدِينَ، فَهُوَ قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ عَلَى أَني مَا عَلِمْتُ أَحداً قرأَ فأَنا أَول العَبِدين، وَلَوْ قرئَ مَقْصُورًا كَانَ مَا قَالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ مُحْتَمَلًا، وإِذ لَمْ يقرأْ بِهِ قَارِئٌ مَشْهُورٌ لَمْ نعبأْ بِهِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَا رُوِيَ عَنِ

ابْنِ عْيَيْنَةَ أَنه سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: مَعْنَاهُ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فأَنا أَوّل الْعَابِدِينَ

، يَقُولُ: فَكَمَا أَني لَسْتُ أَول مَنْ عَبَدَ اللَّهَ فَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلَّهِ وَلَدٌ؛ وَقَالَ السُّدِّيُّ: قَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ: قُلْ إِن كَانَ عَلَى الشَّرَطِ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ كَمَا تَقُولُونَ لَكُنْتُ أَوّل مَنْ يُطِيعُهُ وَيَعْبُدُهُ؛ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِن كَانَ مَا كَانَ وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ عَلَى مَعْنَى مَا كَانَ، فأَنا أَوّل الْعَابِدِينَ أَوّل مَنْ عَبْدَ اللَّهِ مَنْ هَذِهِ الأُمة؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ إِن كَانَ أَي مَا كَانَ لِلرَّحْمَنِ فأَنا أَول الْعَابِدِينَ أَي الْآنِفِينَ، رَجُلٌ عابدٌ وعَبِدٌ وآنِف وأَنِفٌ أَي الغِضاب الْآنِفِينَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَ فأَنا أَول الْجَاحِدِينَ لِمَا تَقُولُونَ، وَيُقَالُ أَنا أَوَّل مَنْ تَعبَّده عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ مُخالَفَةً لَكُمْ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه، وَقِيلَ لَهُ: أَنت أَمرت بِقَتْلِ عُثْمَانَ أَو أَعَنْتَ عَلَى قَتْلِهِ فَعَبِدَ وضَمِدَ

أَي غَضِبَ غَضَبَ أَنَفَةٍ؛ عَبِدَ، بِالْكَسْرِ، يَعْبَدُ عَبَداً، بِالتَّحْرِيكِ، فَهُوَ عابِدٌ وعَبِدٌ؛ وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى عَنْ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنه قَالَ: عَبِدْتُ فصَمَتُ

أَي أَنِفْتُ فسَكَتُّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَا كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ، وَالْوَقْفُ عَلَى الْوَلَدِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ: فأَنا أَوّل الْعَابِدِينَ لَهُ، عَلَى أَنه لَا وَلَدَ لَهُ وَالْوَقْفُ عَلَى الْعَابِدِينَ تَامٌّ. قَالَ الأَزهري: قَدْ ذَكَرْتُ الأَقوال وَفِيهِ قَوْلٌ أَحْسَنُ مِنْ جَمِيعِ مَا قَالُوا وأَسْوَغُ فِي اللُّغَةِ وأَبْعَدُ مِنَ الِاسْتِكْرَاهِ وأَسرع إِلى الْفَهْمِ. رُوِيَ عَنْ

مُجَاهِدٍ فِيهِ أَنه يَقُولُ: إِن كَانَ لِلَّهِ وَلَدٌ فِي قَوْلِكُمْ فأَنا أَوّل مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَكَذَّبَكُمْ بِمَا تَقُولُونَ

؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا وَاضِحٌ، وَمِمَّا يَزِيدُهُ وُضُوحًا أَن اللَّهَ عز وجل قَالَ لنبيِّه: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْكُفَّارِ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فِي زَعْمِكُمْ فأَنا أَوّل الْعَابِدِينَ إِلهَ الخَلْق أَجمعين الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وأَوّل المُوَحِّدِين لِلرَّبِّ الْخَاضِعِينَ

ص: 275

الْمُطِيعِينَ لَهُ وَحْدَهُ لأَن مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَاعْتَرَفَ بأَنه مَعْبُودُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَقَدْ دَفَعَ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فِي دَعْوَاكُمْ، وَاللَّهُ عز وجل وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهُوَ مَعْبُودِي الَّذِي لَا ولَدَ لَهُ وَلَا والِدَ؛ قَالَ الأَزهري: وإِلى هَذَا ذَهَبَ إِبراهيم بْنُ السريِّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ ذَوِي الْمَعْرِفَةِ؛ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ عِنْدِي غَيْرُهُ. وتَعَبَّدَ كَعَبِدَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

يَرَى المُتَعَبَّدُونَ عليَّ دُوني

حِياضَ المَوْتِ، واللُّجَجَ الغِمارا

وأَعْبَدُوا بِهِ: اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ يَضْرِبُونَهُ. وأُعْبِدَ بِفُلانٍ: ماتَتْ راحِلَتُه أَو اعْتَلَّت أَو ذهَبَتْ فانْقُطِعَ بِهِ، وَكَذَلِكَ أُبْدِعَ بِهِ. وعَبَّدَ الرجلُ: أَسْرعَ. وَمَا عَبَدَك عَنِّي أَي مَا حَبَسَك؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وعَبِدَ بِهِ: لَزِمَه فَلَمْ يُفارِقْه؛ عَنْهُ أَيضاً. والعَبَدَةُ: البَقاءُ؛ يُقَالُ: لَيْسَ لِثَوبِك عَبَدَةٌ أَي بَقاءٌ وَقُوَّةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعَبَدَةُ: صَلاءَةُ الطِّيب. ابْنُ الأَعرابي: العَبْدُ نَبات طَيِّبُ الرَّائِحَةِ؛ وأَنشد:

حَرَّقَها العَبْدُ بِعُنْظُوانِ،

فاليَوْمُ مِنْهَا يومُ أَرْوَنانِ

قَالَ: والعَبْدُ تُكلَفُ بِهِ الإِبلُ لأَنه مَلْبَنَة مَسْمَنَةٌ، وَهُوَ حارُّ المِزاجِ إِذا رَعَتْهُ الإِبِلُ عَطِشَتْ فطلَبَت الْمَاءَ. والعَبَدَةُ: النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:

تَرَى عَبَداتِهِنَّ يَعُدْنَ حُدْباً،

تُناوِلُهَا الفَلاةُ إِلى الفلاةِ

وناقةٌ ذاتُ عَبَدَةٍ أَي ذاتُ قوَّةٍ شديدةٍ وسِمَنٍ؛ وَقَالَ أَبو دُوادٍ الإِيادِيُّ:

إِن تَبْتَذِلْ تَبْتَذِلْ مِنْ جَنْدَلٍ خَرِسٍ

صَلابَةً ذاتَ أَسْدارٍ، لهَا عَبَدَه

والدراهمُ العَبْدِيَّة: كَانَتْ دراهمَ أَفضل مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ وأَكثر وَزْنًا. وَيُقَالُ: عَبِدَ فُلَانٌ إِذا نَدِمَ عَلَى شَيْءٍ يَفُوتُهُ يَلُومُ نَفْسَهُ عَلَى تَقْصِيرِ مَا كَانَ مِنْهُ. والمِعْبَدُ: المِسْحاةُ. ابْنُ الأَعرابي: المَعَابِدُ المَساحي والمُرورُ؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ العِبَادِي:

إِذ يَحْرُثْنَه بالمَعَابِدِ «1»

وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: المَعَابِدُ العَبيدُ. وتَفَرَّقَ القومُ عَبادِيدَ وعَبابيدَ؛ والعَباديدُ والعَبابيدُ: الْخَيْلُ الْمُتَفَرِّقَةُ فِي ذَهَابِهَا وَمَجِيئِهَا وَلَا وَاحِدَ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَا يَقَعُ إِلا فِي جَمَاعَةٍ وَلَا يُقَالُ لِلْوَاحِدِ عبْدِيدٌ. الْفَرَّاءُ: العباديدُ والشَّماطِيطُ لَا يُفْرَد لَهُ واحدٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلَا يُتكلم بِهِمَا فِي الإِقبال إِنما يُتَكَلَّمُ بِهِمَا فِي التَّفَرُّق وَالذَّهَابِ. الأَصمعيُّ: يُقَالُ صَارُوا عَبادِيدَ وعَبابيدَ أَي مُتَفَرِّقِين؛ وَذَهَبُوا عَباديدَ كَذَلِكَ إِذا ذَهَبُوا مُتَفَرِّقِينَ. وَلَا يُقَالُ أَقبلوا عَبادِيدَ. قَالُوا: وَالنِّسْبَةُ إِليهم عَبَادِيدِيُّ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ ذهَبَ إِلى أَنه لَوْ كَانَ لَهُ واحدٌ لَرُدَّ فِي النَّسَبِ إِليه. والعبادِيدُ: الآكامُ. والعَبادِيدُ: الأَطرافُ الْبَعِيدَةُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

والقَوْمُ آتَوْكَ بَهْزٌ دونَ إِخْوَتِهِم،

كالسَّيْلِ يَرْكَبُ أَطرافَ العَبَادِيدِ

وبَهْزٌ: حيٌّ مِنْ سُلَيمٍ. قَالَ: هِيَ الأَطرافُ الْبَعِيدَةُ والأَشياء المتفَرِّقةُ. قَالَ الأَصمعي: العَبابيدُ الطُّرُقُ الْمُخْتَلِفَةُ. والتَّعْبيدُ: مِنْ قَوْلِكَ مَا عَبَّدَ أَن فعَلَ ذَلِكَ أَي مَا لَبِثَ؛ وَمَا عَتَّمَ وَمَا كَذَّبَ كُلُّه: مَا لَبِثَ. وَيُقَالُ انثَلَّ يَعْدُو وانْكَدَرَ يَعْدُو

(1). قوله [إذ يحرثنه إلخ] في شرح القاموس:

وملك سليمان بن داود زلزلت

دريدان إذ يحرثنه بالمعابد

ص: 276

وعَبَّدَ يَعْدُو إِذا أَسْرَع بعضَ الإِسْراعِ. والعَبْدُ: وَادٍ معروف في جبال طيء. وعَبُّودٌ: اسْمُ رَجُلٍ ضُرِبَ بِهِ المَثَلُ فَقِيلَ: نامَ نَوْمَةَ عَبُّودٍ، وَكَانَ رَجُلًا تَماوَتَ عَلَى أَهله وَقَالَ: انْدُبِيني لأَعلم كَيْفَ تَنْدبينني، فَنَدَبَتْهُ فَمَاتَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ سَلَمَةَ: كَانَ عَبُّودٌ عَبْداً أَسْوَدَ حَطَّاباً فَغَبَر فِي مُحْتَطَبِه أُسبوعاً لَمْ يَنَمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَبَقِيَ أُسبوعاً نَائِمًا، فَضُرِبَ بِهِ الْمَثَلُ وَقِيلَ: نَامَ نومةَ عَبُّودٍ. وأَعْبُدٌ ومَعْبَدٌ وعُبَيْدَةُ وعَبَّادٌ وعَبْدٌ وعُبادَةُ وعابِدٌ وعُبَيْدٌ وعِبْدِيدٌ وعَبْدانُ وعُبَيْدانُ، تصغيرُ عَبْدانَ، وعَبِدَةُ وعَبَدَةُ: أَسماءٌ. وَمِنْهُ علقمةُ بْنُ عَبَدَة، بِالتَّحْرِيكِ، فإِما أَن يَكُونَ مِنَ العَبَدَةِ الَّتِي هِيَ البَقاءُ، وإِما أَن يَكُونَ سُمِّيَ بالعَبَدَة الَّتِي هِيَ صَلاءَةُ الطِّيبِ، وعَبْدة بْنُ الطَّبيب، بِالتَّسْكِينِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: النَّسب إِلى عَبْدِ الْقَيْسِ عَبْدِيٌّ، وَهُوَ مِنَ الْقِسْمِ الَّذِي أُضيف فِيهِ إِلى الأَول لأَنهم لَوْ قَالُوا قَيْسِيٌّ، لَالْتَبَسَ بِالْمُضَافِ إِلى قَيْس عَيْلانَ وَنَحْوِهِ، وَرُبَّمَا قَالُوا عَبْقَسِيٌّ؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ:

وهُمْ صَلَبُوا العَبْدِيَّ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ،

فَلَا عَطَسَتْ شَيْبانُ إِلَّا بِأَجْدَعَا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ بِأَجْدَعَا أَي بأَنْفٍ أَجْدَعَ فحَذَفَ الْمَوْصُوفَ وأَقام صِفَتَهُ مَكَانَهُ. والعَبيدتانِ: عَبيدَةُ بنُ مُعَاوِيَةَ وعَبيدَةُ بْنُ عَمْرٍو. وَبَنُو عَبيدَة: حيٌّ، النَّسَبُ إِليه عُبَدِيٌّ، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ. والعُبَيْدُ، مُصَغَّرٌ: اسْمُ فَرَسُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْداسٍ؛ وَقَالَ:

أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْدِ

بَيْنَ عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ؟

وعابِدٌ: مَوْضِعٌ. وعَبُّودٌّ: مَوْضِعٌ أَو جبلٌ. وعُبَيْدانُ: مَوْضِعٌ. وعُبَيْدانُ: ماءٌ مُنْقَطِعٌ بأَرض الْيَمَنِ لَا يَقْرَبُه أَنِيسٌ وَلَا وَحْشٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

فهَلْ كنتُ إِلَّا نَائِيًا إِذْ دَعَوْتَني،

مُنادَى عُبَيْدانَ المُحَلَّاءِ باقِرُهْ

وَقِيلَ: عُبَيْدانُ فِي الْبَيْتِ رَجُلٌ كَانَ رَاعِيًا لِرَجُلٍ مِنْ عَادٍ ثُمَّ أَحد بَنِي سُوَيْدٍ وَلَهُ خَبَرٌ طَوِيلٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وعُبَيْدانُ اسْمُ وَادٍ يُقَالُ إِن فِيهِ حيَّة قَدْ مَنَعَتْه فَلَا يُرْعَى وَلَا يُؤْتَى؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

لِيَهْنَأْ لَكُمْ أَنْ قَدْ نَفَيْتُمْ بُيوتَنا،

مُنَدَّى عُبَيْدانَ المُحَلَّاءِ باقِرُهْ

يَقُولُ: نَفَيْتُمْ بُيُوتَنَا إِلى بُعْدٍ كبُعْدِ عُبَيْدانَ؛ وَقِيلَ: عُبَيْدَانُ هُنَا الْفَلَاةُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: عُبَيْدَانُ اسْمُ وَادِي الْحَيَّةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: المُحَلِّئِ باقِرَه، بِكَسْرِ اللَّامِ مِنَ المُحَلِّئِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ باقِرَه، وأَوّل الْقَصِيدَةِ:

أَلا أَبْلِغَا ذُبيانَ عَنِّي رِسَالَةً،

فَقَدْ أَصْبَحَتْ عَنْ مَنْهَجِ الحَقِّ جائِرَهْ

وَقَالَ: قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: عُبَيْدانُ رَاعٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سُوَيْدِ بْنِ عَادٍ وَكَانَ آخِرَ عَادٍ، فإِذا حَضَرَ عُبَيْدَانُ الْمَاءَ سَقَى مَاشِيَتَهُ أَوّل النَّاسِ وتأَخر النَّاسُ كُلُّهُمْ حَتَّى يَسْقِي فَلَا يُزَاحِمُهُ عَلَى الْمَاءِ أَحد، فَلَمَّا أَدرك لُقْمَانَ بْنَ عَادٍ وَاشْتَدَّ أَمره أَغار عَلَى قَوْمِ عُبَيْدَانَ فَقَتَلَ مِنْهُمْ حَتَّى ذُلُّوا، فَكَانَ لُقْمَانُ يُورِدُ إِبلهُ فَيَسْقِي ويَسْقِي عُبَيْدانُ مَاشِيَتَهُ بَعَدَ أَن يَسْقِيَ لُقْمَانُ فَضَرَبَهُ النَّاسُ مَثَلًا. والمُنَدَّى: المَرْعَى يَكُونُ قَرِيبًا مِنَ الْمَاءِ يَكُونُ فِيهِ الحَمْضُ، فإِذا شَرِبَتِ الإِبلُ أَوّل شَرْبَةٍ نُحِّيَتْ إِلى المُنَدَّى لِتَرْعَى فِيهِ، ثُمَّ تُعَادُ إِلى الشُّرْبِ فَتَشْرَبُ حَتَّى تَرْوَى وَذَلِكَ أَبقى للماءِ فِي أَجوافها.

ص: 277

والباقِرُ: جَمَاعَةُ البَقَر. والمُحَلِّئُ: الْمَانِعُ. الفرَّاء: يُقَالُ صُكَّ بِهِ فِي أُمِّ عُبَيْدٍ، وَهِي الفلاةُ، وَهِي الرقَّاصَةُ. قَالَ: وَقُلْتُ لِلْعَتَّابِيِّ: مَا عُبَيْدٌ؟ فَقَالَ: ابْنُ الْفَلَاةِ؛ وعُبَيْدٌ فِي قَوْلِ الأَعشى:

لَمْ تُعَطَّفْ عَلَى حُوارٍ، ولم يَقْطَعْ

عُبَيْدٌ عُرُوقَهَا مِن خُمالِ

اسْمُ بَيْطارٍ. وَقَوْلُهُ عز وجل: فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي

؛ أَي فِي حِزْبي. والعُبَدِيُّ: مَنْسُوبٌ إِلى بَطْنٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ جَنابٍ مِنْ قُضاعَةَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو العُبَيْدِ، كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِلى بَنِي الهُذَيْل هُذَلِيٌّ، وَهُمُ الَّذِينَ عَنَاهُمُ الأَعشى بِقَوْلِهِ:

بَنُو الشَّهْرِ الحَرامِ فَلَسْتَ مِنْهُمْ،

ولَسْتَ مِنَ الكِرامِ بَني العُبَيْدِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سَبَبُ هَذَا الشِّعْرِ أَن عَمْرو بنَ ثعلبةَ بنِ الحَرِث بنِ حضْرِ بنِ ضَمْضَم بْنِ عَدِيِّ بْنِ جنابٍ كَانَ رَاجِعًا مِنْ غَزاةٍ، وَمَعَهُ أُسارى، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ الأَعشى فأَخذه فِي جُمْلَةِ الأُسارى، ثُمَّ سَارَ عَمْرٌو حَتَّى نَزَلَ عِنْدَ شُرَيْحِ بنِ حصْنِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ السَّمَوْأَل بْنِ عَادِيَاءَ فأَحسن نُزُلَهُ، فسأَل الأَعشى عَنِ الَّذِي أَنزله، فَقِيلَ لَهُ هُوَ شُرَيْحُ بْنُ حِصْنٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ امْتَدَحْتُ أَباه السَّمَوْأَل وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ خلَّةٌ، فأَرسل الأَعشى إِلى شُرَيْحٍ يُخْبِرُهُ بِمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبيه، وَمَضَى شُرَيْحٌ إِلى عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ فَقَالَ: إِني أُريد أَنْ تَهَبَنِي بعضَ أُساراكَ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ: خُذْ مِنْهُمْ مَنْ شِئتَ، فَقَالَ: أَعطني هَذَا الأَعمى، فَقَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهَذَا الزَّمِنِ؟ خُذْ أَسيراً فِداؤُه مائةٌ أَو مِائَتَانِ مِنَ الإِبل، فَقَالَ: مَا أُريدُ إِلا هَذَا الأَعمى فإِني قَدْ رَحِمْتُهُ، فَوَهَبَهُ لَهُ، ثُمَّ إِنَّ الأَعشى هَجَا عَمْرَو بْنَ ثَعْلَبَةَ بِبَيْتَيْنِ وَهُمَا هَذَا الْبَيْتُ [بَنُو الشَّهْرِ الْحَرَامِ] وَبَعْدَهُ:

وَلَا مِنْ رَهْطِ جَبَّارِ بنِ قُرْطٍ،

وَلَا مِن رَهْطِ حارثَةَ بنِ زَيْدِ

فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ ثَعْلَبَةَ فأَنْفَذ إِلى شُرَيْحٍ أَنْ رُدَّ عليَّ هِبَتي، فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: مَا إِلى ذَلِكَ سَبِيلٌ، فَقَالَ: إِنه هَجَانِي، فَقَالَ شُرَيْحٌ: لَا يَهْجُوكَ بَعْدَهَا أَبداً؛ فَقَالَ الأَعشى يَمْدَحُ شُرَيْحًا:

شُرَيْحُ، لَا تَتْرُكَنِّي بعد ما عَلِقَتْ،

حِبالَكَ اليومَ بَعْدَ القِدِّ، أَظْفارِي

يَقُولُ فِيهَا:

كُنْ كالسَّمَوْأَلِ إِذْ طافَ الهُمامُ بِهِ

فِي جَحْفَلٍ، كَسَوادِ الليلِ، جَرَّارِ

بالأَبْلَقِ الفَرْدِ مِن تَيْماءَ مَنْزِلهُ،

حِصْنٌ حَصِينٌ، وجارٌ غيرُ غدَّارِ

خَيَّرَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فَقَالَ لَهُ:

مَهْمَا تَقُلْه فإِني سامِعٌ حارِي

فَقَالَ: ثُكْلٌ وغَدْرٌ أَنتَ بَيْنَهُمَا،

فاخْتَرْ، وَمَا فِيهِمَا حَظٌّ لمُخْتارِ

فَشَكَّ غيرَ طويلٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ:

اقْتُلْ أَسِيرَكَ إِني مانِعٌ جَارِي

وَبِهَذَا ضُرِبَ المثلُ فِي الْوَفَاءِ بالسَّمَوْأَلِ فَقِيلَ: أَوفى مِنَ السَّمَوْأَل. وكان الحرث الأَعرج الْغَسَّانِيُّ قَدْ نَزَلَ عَلَى السموأَل، وَهُوَ فِي حِصْنِهِ، وَكَانَ وَلَدُهُ خَارِجَ الْحِصْنِ فأَسره الْغَسَّانِيُّ وَقَالَ للسموأَل: اخْتَرْ إِمّا أَن تُعْطِيَني السِّلاحَ الَّذِي أَوْدَعك إِياه إمرُؤُ الْقَيْسِ، وإِمّا أَن أَقتل وَلَدَكَ؛ فأَبى أَن يُعْطِيَهُ فَقَتَلَ وَلَدَهُ. والعَبْدانِ فِي بَنِي قُشَيْرٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُشَيْرٍ، وَهُوَ الأَعور، وَهُوَ ابْنُ لُبَيْنى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ بْنُ قُشَير، وَهُوَ سَلَمَةُ الْخَيْرِ. والعَبيدَتانِ: عَبيدَةُ

ص: 278

ابن معاويةَ بْنِ قُشَيْر، وعَبيدَةُ بْنَ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ. والعَبادِلَةُ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص.

عبرد: غُصْنٌ عُبَرِّدٌ: مُهْتَزٌّ نَاعِمٌ لَيِّنٌ. وَشَحْمٌ عُبَرِّدٌ: يَرْتَجُّ مِنْ رُطُوبَتِهِ. والعُبَرِّدَةُ «2» : الْبَيْضَاءُ مِنَ النِّسَاءِ النَّاعِمَةُ. وَجَارِيَةٌ عُبَرِّدَةٌ: تَرْتَجُّ مِنْ نَعْمَتِهَا. وَعُشْبٌ عُبَرِّدٌ ورُطَبٌ عُبَرِّدٌ: رقيق رديء.

عتد: عَتُدَ الشيءُ عَتاداً، فَهُوَ عَتِيدٌ: جَسُمَ. والعَتِيدَةُ: وعاءُ الطِّيب ونحوهُ، مِنْهُ. قَالَ الأَزهري: والعَتِيدَةُ طَبْلُ العَرائس أُعْتِدَتْ لِما تَحْتَاجُ إِليه العَرُوسُ مِنْ طِيبٍ وأَداة وبَخُور ومِشْط [مُشْط] وَغَيْرِهِ، أُدخل فِيهَا الْهَاءُ عَلَى مَذْهَبِ الأَسماء. وَفِي حَدِيثِ

أُم سُلَيْمٍ: فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَها

؛ هِيَ كَالصُّنْدُوقِ الصَّغِيرِ الَّذِي تَتْرُكُ فِيهِ المرأَة مَا يَعِزُّ عَلَيْهَا مِنْ مَتَاعِهَا. وأَعْتَدَ الشيءَ: أَعَدَّه؛ قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً

أَي هَيَّأَتْ وأَعَدَّت. وَحَكَى يَعْقُوبُ أَن تَاءَ أَعْتَدْتُه بَدَلٌ مِنْ دَالِ أَعْدَدْتُه. يُقَالُ: أَعْتَدْتُ الشيءَ وأَعْدَدْتُه، فَهُوَ مُعْتَدٌ وعَتِيدٌ؛ وَقَدْ عَتَّدَه تَعْتِيداً. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ نَارًا

؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَعْتَدْتُ للغُرَماءِ كَلْباً ضارِياً

عِنْدي، وفَضْلَ هِراوَةٍ مِن أَزرَقِ

وَشَيْءٌ عَتِيدٌ: مُعَدٌّ حاضِرٌ. وعَتُدَ الشيءُ عَتادَةً، فَهُوَ عَتِيدٌ: حَاضِرٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَمِنْ هُنَاكَ سُمِّيَتِ العَتِيدَةُ الَّتِي فِيهَا طِيبُ الرَّجُلِ وأَدْهانُه. وَقَوْلُهُ عز وجل: هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ

؛ فِي رَفْعِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ: أَحدها أَنه عَلَى إِضمار التَّكْرِيرِ كأَنه قَالَ: هَذَا مَا لَدَيَّ هَذَا عَتِيدٌ، وَيَجُوزُ أَن تَرْفَعَهُ عَلَى أَنه خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، كَمَا تَقُولُ هَذَا حُلْوٌ حَامِضٌ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى هَذَا شَيْءٌ لَدَيَّ عَتِيدٌ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بإِضمار هُوَ كأَنه قَالَ: هَذَا مَا لَدَيَّ هُوَ عَتِيدٌ، يَعْنِي مَا كَتَبَهُ مِنْ عَمَلِهِ حَاضِرٌ عِنْدِي، وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَرِيبٌ. والعَتادُ: العُدَّةُ، وَالْجَمْعُ أَعْتِدَةٌ وعُتُدٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَالْعَتَادُ الشَّيْءُ الَّذِي تُعِدُّه لأَمْرٍ مَا وتُهَيِّئُه لَهُ، يُقَالُ: أَخذ للأَمر عُدَّتَه وعَتادَه أَي أُهْبَتَه وَآلَتَهُ. وَفِي حَدِيثِ صِفَتِهِ، عليه السلام:

لِكُلِّ حالٍ عِنْدَهُ عَتادٌ

أَي مَا يَصْلُحُ لِكُلِّ مَا يَقَعُ مِنَ الأُمور. وَيُقَالُ: إِنَّ العُدَّةَ إِنما هِيَ العُتْدَةُ، وأَعَدَّ يُعِدُّ إِنما هُوَ أَعْتَدَ يُعْتِدُ، وَلَكِنْ أُدغمت التَّاءُ فِي الدَّالِ؛ قَالَ: وأَنكر الْآخَرُونَ فَقَالُوا اشْتِقَاقُ أَعَدَّ مِنْ عَيْنٍ وَدَالَيْنِ لأَنهم يَقُولُونَ أَعددناه فَيُظْهِرُونَ الدَّالَيْنِ؛ وأَنشد:

أَعْدَدْتُ للحَرْبِ صَارِمًا ذَكَراً،

مُجَرَّبَ الوقْع، غيرَ ذِي عَتَبِ

وَلَمْ يَقُلْ أَعْتَدْتُ. قَالَ الأَزهري: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ عَتَدَ بِناءً عَلَى حِدَةٍ وعَدَّ بِنَاءً مُضَاعَفًا؛ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الأَصوب عِنْدِي. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، نَدَب الناسَ إِلى الصَّدقةِ فَقِيلَ لَهُ: قَدْ مَنَعَ خالدُ بنُ الوليدِ والعباسُ عَمُّ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: أَمّا خَالِدٌ فإِنهم يَظْلِمون خَالِدًا، إِنَّ خَالِدًا جَعَل رقيقَه وأَعْتُدَه حُبُساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وأَما الْعَبَّاسُ فإِنها عَلَيْهِ ومثلُها مَعَهَا

؛ الأَعْتُدُ: جَمْعُ قِلَّةٍ للعَتاد، وَهُوَ مَا أَعدّه الرَّجُلُ مِنَ السِّلَاحِ وَالدَّوَابِّ وآلة الحرب

(2). قوله [غصن عبرد] كذا في الأَصل المعوّل عليه بهذا الضبط، والذي في القاموس غصن عبرود وعبارد انتهى يعني كعصفور وعلابط وقوله وشحم عبرد كذا فيه أيضاً وفي القاموس وشحم عبرود إِذا كان يرتج انتهى يعني كعصفور؛ وقوله [والعبردة إلخ] كذا فيه أَيضاً والذي في القاموس جارية عبرد كقنفذ وعلبط وعلبطة وعلابط بيضاء ناعمة ترتج من نعمتها؛ وقوله وعشب عبرد كذا فيه أيضاً والذي في القاموس عشب عبرد انتهى يعني كقنفذ

ص: 279

لِلْجِهَادِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَعْتِدَةٍ أَيضاً. وَفِي رِوَايَةٍ:

أَنه احْتَبَسَ أَدْراعَهُ وأَعْتادَه

؛ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ: وأَعْتادَه وأَخطأَ فِيهِ وصحَّف وإِنما هُوَ أَعْتُدَه، وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَعْبُدَه، بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، جَمْعُ قِلَّةٍ لِلْعَبْدِ؛ وَفِي مَعْنَى الْحَدِيثِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنَّهُ كَانَ قَدْ طُولِبَ بِالزَّكَاةِ عَنْ أَثمان الدُّرُوعِ والأَعْتُدِ عَلَى مَعْنَى أَنها كَانَتْ عِنْدَهُ للتجارة فأَخبرهم النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا وأَنه قَدْ جَعَلَهَا حُبساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالثَّانِي أَن يَكُونَ اعْتَذَرَ لِخَالِدٍ وَدَافَعَ عَنْهُ؛ يَقُولُ: إِذا كَانَ خَالِدٌ قَدْ جَعَلَ أَدراعه وأَعتاده فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَبَرُّعًا وَتَقَرُّبًا إِلى اللَّهِ، وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يَسْتَجِيزُ مَنْعَ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ؟ وَفَرَسٌ عَتَدٌ وعَتِدٌ، بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا: شَدِيدٌ تَامُّ الْخَلْقِ سَرِيعُ الْوَثْبَةِ مُعَدٌّ للجَرْيِ لَيْسَ فِيهِ اضطِرابٌ وَلَا رَخاوَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَتِيدُ الْحَاضِرُ المُعَدُّ لِلرُّكُوبِ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِمَا سَوَاءٌ؛ قَالَ الأَشْعَرُ الجُعْفِيُّ:

راحُوا بَصائِرُهُم عَلَى أَكتافِهِمْ،

وبَصِيرَتي يَعْدُو بِهَا عَتَدٌ [عَتِدٌ] وَأَى

وَقَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:

بِكُلِّ مُجَنَّب كالسِّيدِ نَهْدٍ،

وكلِّ طُوالَةٍ عَتَدٍ [عَتِدٍ] نِزاقِ

وَمِثْلُهُ رَجُلٌ سَبِطٌ وسَبَطٌ، وشعَرٌ رَجِلٌ ورَجَلٌ، وثَغْرٌ رَتِلٌ ورَتَلٌ أَي مُفَلَّج. والعَتُودُ: الجَدْيُ الَّذِي استَكْرَشَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي بَلَغَ السِّفادَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أَجْذَعَ. والعَتُودُ مِنْ أَولاد المَعَز: مَا رَعى وقَوِيَ وأَتى عَلَيْهِ حَوْل. وَفِي حَدِيثِ الأُضحية:

وَقَدْ بَقِيَ عِنْدِي عَتُودٌ.

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ وذكَرَ سِياسَتَهُ فَقَالَ: وَأَضُمُّ العَتُودَ

أَي أَرُدُّه إِذا نَدَّ وشَرَدَ، وَالْجَمْعُ أَعْتِدَةٌ وعِدَّانٌ، وأَصله عِتْدانٌ إِلا أَنه أُدغم؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:

واذْكُرْ غُدانَةَ عِدّاناً مُزَنَّمَةً

مِنَ الحَبَلَّقِ، تُبْنى حَوْلها الصِّيَرُ

وَهُوَ العَريضُ أَيضاً. ابْنُ الأَعرابي: العَتادُ القَدَحُ، وَهُوَ العَسْفُ والصَّحْنُ، والعَتادُ: العُسُّ مِنَ الأَثل؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا سَمَّوُا القَدَحَ الضَّخْم عَتاداً؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:

فكُلْ هَنِيّاً ثُمَّ لَا تُزَمِّلِ،

وادْعُ هُديتَ بِعَتادٍ جُنْبُلِ

قَالَ شَمِرٌ: أَنشد ابْنُ عَدْنَانَ وَذَكَرَ أَن أَعرابيّاً مِنْ بَلْعَنْبَرِ أَنشده هَذِهِ الأُرجوزة:

يَا حمزُ هَلْ شَبِعْتَ مِنْ هَذَا الخَبَطْ؟

«3» ؟ أَو أَنتَ فِي شَكٍّ فَهَذَا مُنْتَفَدْ،

صَقْبٌ جَسِيمٌ وشَديدُ المُعْتَمَدْ:

يَعْلُو بِهِ كلُّ عَتُودٍ ذاتِ وَدْ،

عرُوقُها فِي الْبَحْرِ تَرْمي بالزَّبَدْ

قَالَ: العَتُودُ السِّدْرَة أَو الطَّلْحَةُ. وعَتائِد: مَوْضِعٌ، وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَنه رُبَاعِيٌّ. وعَتْيَدٌ وعِتْوَدٌ: وَادٍ أَو مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: عَتْيَدٌ مَصْنُوعٌ كَصَهْيَدٍ، وعِتْوَدٌ دُوَيْبَّةٌ مَثَّلَ بِهَا سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهَا السِّيرَافِيُّ. وَعَتْوَدٌ عَلَى بِناء جَهْورٍ «4»: مَأْسَدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ مقبل:

(3). [الخبط] كذا بالأَصل

(4)

. قوله [على بناء جهور] في المعجم لياقوت وقال العمراني: عتود، بفتح أوله، واد، قال ويروى بكسر العين، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

جُلُوسًا به الشعب الطوال كأَنهم

ص: 280

جُلوساً بِهِ الشُّمُّ العِجافُ كأَنَّه

أُسودٌ بِتَرْجٍ، أَو أُسودٌ بِعَتْوَدا

وعِتْوَدٌ: اسْمُ وَادٍ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فِعْوَلٌ غَيْرُهُ، وَغَيْرُ خِرْوَعٍ.

عتبد: عُتابِدٌ: موضع.

عجد: العَجَدُ: الغِرْبانُ، الْوَاحِدَةُ عَجَدَة؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ يَصِفُ الْخَيْلَ:

فَأَرْسَلُوهُنَّ يَهْتَلِكْنَ بِهِمْ

شَطْرَ سَوامٍ، كأَنها العَجَدُ

والعُجْدُ: الزَّبيبُ. والعُجْدُ والعُنْجُدُ: حَبُّ العِنَبِ، وَقِيلَ: حبُّ الزَّبِيبِ، وَقِيلَ: هُوَ أَرْدَؤُه، وَقِيلَ: هُوَ ثَمَرٌ يشبهه وليس به.

عجرد: العَجْرَدُ والعُجارِدُ: ذَكَرُ الرَّجُلِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الذَّكَرُ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ؛ وأَنشد شَمِرٌ:

فَشامَ فِي وَمَّاحِ سَلْمى العَجْرَدا

والمُعَجْرِدُ: العُرْيانُ. قَالَ شَمِرٌ: هُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ «1» . وكأَنَّ اسْمَ عَجْرَدٍ مِنْهُ مأْخوذ. وَشَجَرٌ عَجْرَدٌ ومُعَجْرِدٌ: عارٍ مِنْ وَرَقِهِ. والعَجْرَدُ: الْخَفِيفُ السَّرِيعُ. وعَجْرَدٌ: اسْمُ رَجُلٍ مَنَ الحَرُوريَّة. والعَجْرَدِيَّة مَنَ الْحَرُورِيَّةِ: ضَرْب يُنْسَبُونَ إِليه. والعَجْرَدُ: الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ. وَنَاقَةٌ عَجْرَدٌ: مِنْهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَمَّادُ عَجْرَدٍ. الْجَوْهَرِيُّ: العَجارِدَةُ صِنْفٌ مِنَ الْخَوَارِجِ أَصحاب عَبْدِ الْكَرِيمِ بن العَجْرَدِ.

عجلد: لَبَنٌ عُجَلِدٌ: كَعُجَلِطٍ، والعُجالِدُ والعُجَلِدُ: اللَّبَنُ الخاثِرُ.

عدد: العَدُّ: إِحْصاءُ الشيءِ، عَدَّه يَعُدُّه عَدّاً وتَعْداداً وعَدَّةً وعَدَّدَه. والعَدَدُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً

؛ لَهُ مَعْنَيَانِ: يَكُونُ أَحصى كُلَّ شَيْءٍ مَعْدُودًا فَيَكُونُ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ، يُقَالُ: عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ عَدًّا وَمَا عُدَّ فَهُوَ مَعْدود وعَدَد، كَمَا يُقَالُ: نَفَضْتُ ثَمَرَ الشَّجَرِ نَفْضاً، والمَنْفُوضُ نَفَضٌ، وَيَكُونُ مَعْنَى قوله: أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً

؛ أَي إِحصاء فأَقام عَدَدًا مَقَامَ الإِحصاء لأَنه بِمَعْنَاهُ، وَالِاسْمُ الْعَدَدُ وَالْعَدِيدُ. وَفِي حَدِيثِ

لُقْمَانَ: وَلَا نَعُدُّ فَضْلَه عَلَيْنَا

أَي لَا نُحْصِيه لِكَثْرَتِهِ، وَقِيلَ: لَا نَعْتَدُّهُ عَلَيْنَا مِنَّةً لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا سُئِلَ عَنِ الْقِيَامَةِ مَتَى تَكُونُ، فَقَالَ: إِذا تَكَامَلَتِ العِدَّتان

؛ قِيلَ: هُمَا عِدّةُ أَهل الْجَنَّةِ وعِدَّةُ أَهلِ النَّارِ أَي إِذا تَكَامَلَتْ عِنْدَ اللَّهِ بِرُجُوعِهِمْ إِليه قَامَتِ الْقِيَامَةُ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: عَدَّه مَعَدّاً؛ وأَنشد:

لَا تَعْدِلِيني بِظُرُبٍّ جَعْدِ،

كَزِّ القُصَيْرى، مُقْرِفِ المَعَدِّ «2»

. قَوْلُهُ: مُقْرِفُ الْمَعَدِّ أَي مَا عُدَّ مِنْ آبَائِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن المَعَدَّ هُنَا الجَنْبُ لأَنه قَدْ قَالَ كَزِّ الْقُصَيْرَى، وَالْقُصَيْرَى عُضْو، فَمُقَابَلَةُ الْعُضْوِ بِالْعُضْوِ خَيْرٌ مِنْ مُقَابَلَتِهِ بالعِدَّة. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ

؛ أَي فأَفطر فَعليه كَذَا فَاكْتَفَى بِالْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيام أُخر عَنِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الإِفطار. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَيضاً عَنِ الْعَرَبِ: عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ أَفراداً وَوِحاداً، وأَعْدَدْت الدَّرَاهِمَ أَفراداً ووِحاداً، ثُمَّ قَالَ: لَا أَدري أَمن الْعَدَدِ أَم مِنَ الْعُدَّةِ، فَشَكُّهُ فِي ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَن أَعددت لُغَةٌ فِي عَدَدْتُ وَلَا أَعرفها؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

(1). قوله [هو بكسر الراء] في القاموس الفتح أيضاً

(2)

. قوله [لا تعدليني] بالدال المهملة، ومثله في الصحاح وشرح القاموس أي لا تسوّيني وتقدم في ج ع د لا تعذليني بذال معجمة من العذل اللوم فاتبعنا المؤلف في المحلين وإن كان الظاهر ما هنا

ص: 281

رَدَدْنا إِلى مَوْلى بَنِيها فَأَصْبَحَتْ

يُعَدُّ بِهَا، وَسْطَ النِّساءِ الأَرامِل

إِنما أَراد تُعَدُّ فَعَدَّاه بِالْبَاءِ لأَنه فِي مَعْنَى احْتُسِبَ بِهَا. والعَدَدُ: مِقْدَارُ مَا يُعَدُّ ومَبْلغُه، وَالْجَمْعُ أَعداد وَكَذَلِكَ العِدّةُ، وَقِيلَ: العِدّةُ مَصْدَرٌ كالعَدِّ، والعِدّةُ أَيضاً: الْجَمَاعَةُ، قَلَّتْ أَو كَثُرَتْ؛ تَقُولُ: رأَيت عِدَّةَ رجالٍ وعِدَّةَ نساءٍ، وأَنْفذْتُ عِدَّةَ كُتُبٍ أَي جَمَاعَةَ كُتُبٍ. والعديدُ: الْكَثْرَةُ، وَهَذِهِ الدراهمُ عَديدُ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَي مِثْلُها فِي العِدّة، جاؤوا بِهِ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ لأَنه منصرفٌ إِلى جِنْسِ العَديل، فَهُوَ مِنْ بَابِ الكَمِيعِ والنَّزيعِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ هَذَا عِدادُه وعِدُّه ونِدُّهُ ونَديدُه وبِدُّه وبَديدُه وسِيُّهُ وزِنُه وزَنُه وحَيْدُه وحِيدُه وعَفْرُه وغَفْرُه ودَنُّه «1» أَي مِثْلُه وقِرْنُه، وَالْجَمْعُ الأَعْدادُ والأَبْدادُ؛ والعَدائدُ النُّظَراءُ، واحدُهم عَديدٌ. وَيُقَالُ: مَا أَكْثَرَ عَديدَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنُو فُلَانٍ عَديدُ الحَصى والثَّرى إِذا كَانُوا لَا يُحْصَوْن كَثْرَةً كَمَا لَا يُحْصى الحَصى والثَّرى أَي هُمْ بِعَدَدِ هَذَيْنِ الْكَثِيرِينَ. وَهُمْ يَتَعادُّونَ ويَتَعَدَّدُونَ عَلَى عَدَدِ كَذَا أَي يَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي العَدَد، وَقِيلَ: يَتَعَدَّدُونَ عَلَيْهِ يَزيدون عَلَيْهِ فِي الْعَدَدِ، ويَتَعَادُّون إِذا اشْتَرَكُوا فِيمَا يُعادُّ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ المَكارِم. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ

. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَيَتعادُّ بَنُو الأُم كَانُوا مِائَةً فَلَا يَجِدُونَ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلا الرَّجُلَ الواحِدَ

أَي يَعُدُّ بعضُهم بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ

أَنس: إِن وَلدِي لَيَتعَادُّون مِائَةً أَو يَزِيدُونَ عَلَيْهَا

؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ يَتَعدّدون. والأَيام الْمَعْدُودَاتُ: أَيامُ التَّشْرِيقِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، وأَما الأَيام المعلوماتُ فَعَشْرُ ذِي الحِجة، عُرِّفَتْ تِلْكَ بِالتَّقْلِيلِ لأَنها ثَلَاثَةٌ، وعُرِّفَتْ هَذِهِ بالشُّهْرة لأَنها عَشَرَةٌ، وإِنما قُلِّلَ بِمَعْدُودَةٍ لأَنها نَقِيضُ قَوْلِكَ لَا تُحْصَى كَثْرَةً؛ وَمِنْهُ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ

أَي قَلِيلَةٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ عَدَدٍ قَلَّ أَو كَثُرَ فَهُوَ مَعْدُودٌ، وَلَكِنْ مَعْدُودَاتٌ أَدل عَلَى القِلَّة لأَن كُلَّ قَلِيلٍ يُجْمَعُ بالأَلف وَالتَّاءِ نَحْوَ دُرَيْهِماتٍ وحَمَّاماتٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَقَعَ الأَلف وَالتَّاءُ لِلتَّكْثِيرِ. والعِدُّ: الكَثْرَةُ. يُقَالُ: إِنهم لَذُو عِدٍّ وقِبْصٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

يَخْرُجُ جَيْشٌ مِنَ الْمَشْرِقِ آدَى شيءٍ وأَعَدُّه

أَي أَكْثَرُه عِدَّةً وأَتَمُّه وأَشَدُّه اسْتِعْدَادًا. وعَدَدْتُ: مِنَ الأَفعال الْمُتَعَدِّيَةِ إِلى مَفْعُولَيْنِ بَعْدَ اعْتِقَادِ حَذْفِ الْوَسِيطِ. يَقُولُونَ: عَدَدْتُكَ المالَ، وَعَدَدْتُ لَكَ الْمَالَ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: عَدَدْتُكَ وَعَدَدْتُ لَكَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَالَ. وعادَّهُم الشيءُ: تَساهَموه بَيْنَهُمْ فَسَاوَاهُمْ. وَهُمْ يَتَعادُّون إِذا اشْتَرَكُوا فِيمَا يُعادُّ فِيهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ مكارِمَ أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَشياء كُلِّهَا. والعدائدُ: المالُ المُقْتَسَمُ والمِيراثُ. ابْنُ الأَعرابي: العَدِيدَةُ الحِصَّةُ، والعِدادُ الحِصَصُ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ:

تَطِيرُ عَدائدُ الأَشْراكِ شَفْعاً

وَوِتْراً، والزَّعامَةُ للغُلام

يَعْنِي مَنْ يَعُدُّه فِي الْمِيرَاثِ، وَيُقَالُ: هُوَ مِنْ عِدَّةِ الْمَالِ؛ وَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: العَدائد المالُ والميراثُ. والأَشْراكُ: الشَّرِكةُ؛ يَعْنِي ابْنَ الأَعرابي بالشَّرِكة جمعَ شَريكٍ أَي يَقْتَسِمُونَهَا بَيْنَهُمْ شَفْعاً وَوِتْراً: سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ، وَسَهْمًا سهماً، فيقول:

(1). قوله [وزنه وزنه وعفره وغفره ودنه] كذا بالأَصل مضبوطاً ولم نجدها بمعنى مثل فيما بأيدينا من كتب اللغة ما عدا شرح القاموس فإنه ناقل من نسخة اللسان التي بأيدينا

ص: 282

تَذْهَبُ هَذِهِ الأَنصباء عَلَى الدَّهْرِ وَتَبْقَى الرِّيَاسَةُ لِلْوَلَدِ. وَقَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ: العَدائدُ مَنْ يَعُدُّه فِي الْمِيرَاثِ، خطأٌ؛ وَقَوْلُ أَبي دُوَادَ فِي صِفَةِ الْفَرَسِ:

وطِمِرَّةٍ كَهِراوةِ الأَعْزَابِ،

ليسَ لَهَا عَدائدْ

فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: شَبَّهَهَا بِعَصَا الْمُسَافِرِ لأَنها مَلْسَاءُ فكأَنّ الْعَدَائِدَ هُنَا العُقَدُ، وإِن كَانَ هُوَ لَمْ يُفَسِّرْهَا. وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ لَيْسَ لها نَظَائِرُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الْعَدَائِدُ الَّذِينَ يُعادُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْمِيرَاثِ. وفلانٌ عَدِيدُ بَنِي فُلَانٍ أَي يُعَدُّ فِيهِمْ. وعَدَّه فاعْتَدَّ أَي صَارَ مَعْدُودًا واعْتُدَّ بِهِ. وعِدادُ فُلَانٌ فِي بَنِي فُلَانٍ أَي أَنه يُعَدُّ مَعَهُمْ فِي دِيوَانِهِمْ، ويُعَدُّ مِنْهُمْ فِي الدِّيوَانِ. وَفُلَانٌ فِي عِدادِ أَهل الْخَيْرِ أَي يُعَدُّ مِنْهُمْ. والعِدادُ والبِدادُ: المناهَدَة. يُقَالُ: فلانٌ عِدُّ فُلَانٍ وبِدُّه أَي قِرْنُه، وَالْجَمْعُ أَعْدادٌ وأَبْدادٌ. والعَدِيدُ: الَّذِي يُعَدُّ مِنْ أَهلك وَلَيْسَ مَعَهُمْ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ أَتيت فُلَانًا فِي يَوْمٍ عِدادٍ أَي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَو فِطْرٍ أَو عِيدٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا يأْتينا فُلَانٌ إِلا عِدادَ القَمَرِ الثُّرَيَّا وإِلا قِرانَ القمرِ الثُّرَيَّا أَي مَا يأْتينا فِي السَّنَةِ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ أَنشد أَبو الْهَيْثَمِ لأُسَيْدِ بنِ الحُلاحِل:

إِذا مَا قارَنَ القَمَرُ الثُّرَيَّا

لِثَالِثَةٍ، فَقَدْ ذَهَبَ الشِّتاءُ

قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وإِنما يقارنُ القمرُ الثُّرَيَّا لَيْلَةً ثَالِثَةً مِنَ الْهِلَالِ، وَذَلِكَ أَول الرَّبِيعِ وَآخِرَ الشِّتَاءِ. وَيُقَالُ: مَا أَلقاه إِلا عِدَّة الثُّرَيَّا القمرَ، وإِلا عِدادَ الثُّرَيَّا القمرَ، وإِلا عدادَ الثُّرَيَّا مِنَ الْقَمَرِ أَي إِلا مَرَّةً فِي السَّنَةِ؛ وَقِيلَ: فِي عِدَّةِ نُزُولِ الْقَمَرِ الثُّرَيَّا، وَقِيلَ: هِيَ لَيْلَةٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَلْتَقِي فِيهَا الثُّرَيَّا وَالْقَمَرُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وَذَلِكَ أَن القمر ينزل الثريا في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ: لأَن الْقَمَرَ يُقَارِنُ الثُّرَيَّا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَذَلِكَ فِي خَمْسَةِ أَيام مِنْ آذَارَ؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ أُسيد بْنِ الْحُلَاحِلِ:

إِذا مَا قَارَنَ الْقَمَرُ الثُّرَيَّا

الْبَيْتَ؛ وَقَالَ كُثَيِّرٌ:

فَدَعْ عَنْكَ سُعْدَى، إِنما تُسْعِفُ النَّوَى

قِرانَ الثُّرَيَّا مَرَّةً، ثُمَّ تَأْفُلُ [تَأْفِلُ]

رأَيت بِخَطِّ الْقَاضِي شَمْسِ الدِّينِ أَحمد بْنِ خِلِّكَانَ: هَذَا الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ الشَّيْخُ عَلَى الْجَوْهَرِيِّ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لأَنه قَالَ إِن القمر ينزل الثريا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ لأَن القمر يقطع الفلك في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، وَيَكُونُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلَةٍ وَالثُّرَيَّا مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَازِلِ فَيَكُونُ الْقَمَرُ فِيهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّةً، وَمَا تَعَرَّضَ الْجَوْهَرِيُّ لِلْمُقَارَنَةِ حَتَّى يَقُولَ الشَّيْخُ صَوَابُهُ كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ: فُلَانٌ إِنما يأْتي أَهلَه العِدَّةَ وَهِيَ مِنَ العِدادِ أَي يأْتي أَهله فِي الشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ. وَيُقَالُ: بِهِ مرضٌ عِدادٌ وَهُوَ أَن يَدَعَه زَمَانًا ثُمَّ يُعَاوِدُهُ، وَقَدْ عادَّه مُعادَّة وعِداداً، وَكَذَلِكَ السَّلِيمُ وَالْمَجْنُونُ كأَنّ اشْتِقَاقَهُ مِنَ الْحِسَابِ مِنْ قِبَل عَدَدِ الشُّهُورِ والأَيام أَي أَن الْوَجَعَ كأَنه يَعُدُّ مَا يَمْضِي مِنَ السَّنَةِ فإِذا تَمَّتْ عَاوَدَ الملدوغَ. والعِدادُ: اهتياجُ وَجَعِ اللَّدِيغِ، وَذَلِكَ إِذا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ مُذْ يَوْمِ لُدِغَ هَاجَ بِهِ الأَلم، والعِدَدُ، مَقْصُورٌ، مِنْهُ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ. يُقَالُ: عادّتهُ اللَّسْعَةُ إِذا أَتته لِعِدادٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا زَالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعادُّني فَهَذَا أَوانُ قَطَعَتْ أَبْهَري

أَي تُرَاجِعُنِي وَيُعَاوِدُنِي أَلَمُ سُمِّها فِي أَوقاتٍ مَعْلُومَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

يُلاقي مِنْ تَذَكُّرِ آلِ سَلْمَى،

كَمَا يَلْقَى السَّلِيمُ مِنَ العِدادِ

ص: 283

وَقِيلَ: عِدادُ السَّلِيمِ أَن تَعُدَّ لَهُ سَبْعَةَ أَيام، فإِن مَضَتْ رَجَوْا لَهُ البُرْءَ، وَمَا لَمْ تَمْضِ قِيلَ: هُوَ فِي عِدادِه. وَمَعْنَى قَوْلُ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: تُعادُّني

تُؤْذيني وَتُرَاجِعُنِي فِي أَوقاتٍ مَعْلُومَةٍ وَيُعَاوِدُنِي أَلمُ سُمِّهَا؛ كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ فِي حَيَّةٍ لَدَغَتْ رَجُلًا:

تُطَلِّقُهُ حِيناً وحِيناً تُراجِعُ

وَيُقَالُ: بِهِ عِدادٌ مِنْ أَلَمٍ أَي يُعَاوِدُهُ فِي أَوقات مَعْلُومَةٍ. وعِدادُ الْحُمَّى: وَقْتُهَا المعروفُ الَّذِي لَا يكادُ يُخْطِيئُه؛ وعَمَّ بعضُهم بالعِدادِ فَقَالَ: هُوَ الشيءُ يأْتيك لِوَقْتِهِ مِثْلُ الحُمَّى الغِبِّ والرِّبْعِ، وَكَذَلِكَ السُّمُّ الَّذِي يَقْتُلُ لِوَقْتٍ، وأَصله مِنَ العَدَدِ كَمَا تَقَدَّمَ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ انْقَضَتْ عِدَّةُ الرَّجُلِ إِذا انْقَضَى أَجَلُه، وجَمْعُها العِدَدُ؛ وَمِثْلُهُ: انْقَضَتْ مُدَّتُه، وَجَمْعُهَا المُدَدُ. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: قَالَتِ امرأَة ورأَت رَجُلًا كَانَتْ عَهِدَتْه شَابًّا جَلْداً: أَين شَبابُك وجَلَدُك؟ فَقَالَ: مَنْ طَالَ أَمَدُه، وكَثُر ولَدُه، ورَقَّ عَدَدُه، ذَهَبَ جَلَدُه. قَوْلُهُ: رَقَّ عَدَدُهُ أَي سِنُوه الَّتِي بِعَدِّها ذَهَبَ أَكْثَرُ سِنِّه وقَلَّ مَا بَقِيَ فَكَانَ عِنْدَهُ رَقِيقًا؛ وأَما قَوْلُ الهُذَلِيِّ فِي العِدادِ:

هَلْ أَنتِ عارِفَةُ العِدادِ فَتُقْصِرِي؟

فَمَعْنَاهُ: هَلْ تَعْرِفِينَ وَقْتَ وَفَاتِي؟ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذا كَانَ لأَهل الْمَيِّتِ يَوْمٌ أَو لَيْلَةٌ يُجْتَمع فِيهِ لِلنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ عِدادٌ لَهُمْ. وعِدَّةُ المرأَة: أَيام قُروئها. وعِدَّتُها أَيضاً: أَيام إِحدادها عَلَى بَعْلِهَا وإِمساكها عَنِ الزِّينَةِ شُهُورًا كَانَ أَو أَقراء أَو وَضْعُ حَمْلٍ حَمَلَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا. وَقَدِ اعتَدَّت المرأَة عِدَّتها مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَو طَلَاقِهِ إِياها، وجمعُ عِدَّتِها عِدَدٌ وأَصل ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ العَدِّ؛ وَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُها. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَمْ تَكُنْ لِلْمُطَلَّقَةِ عِدَّةٌ فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى العِدَّة لِلطَّلَاقِ.

وعِدَّةُ المرأَة الْمُطْلَقَةِ والمُتَوَفَّى زَوْجُها: هِيَ مَا تَعُدُّه مِنْ أَيام أَقرائها أَو أَيام حَمْلِهَا أَو أَربعة أَشهر وَعَشْرُ لَيَالٍ. وَفِي حَدِيثِ

النَّخَعِيِّ: إِذا دَخَلَتْ عِدَّةٌ فِي عِدَّةٍ أَجزأَت إِحداهما

؛ يُرِيدُ إِذا لَزِمَتِ المرأَة عِدَّتان مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، كَفَتْ إِحداهما عَنِ الأُخرى كَمَنْ طَلَّقَ امرأَته ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا فإِنها تَعْتَدُّ أَقصى الْعِدَّتَيْنِ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي هَذَا، وَكَمَنَ مَاتَ وَزَوْجَتُهُ حَامِلٌ فَوَضَعَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فإِن عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِالْوَضْعِ عِنْدَ الأَكثر. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها

؛ فأَما قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ تَعْتَدُونَها فَمِنْ بَابِ تَظَنَّيْتُ، وَحَذْفِ الْوَسِيطِ أَي تَعْتَدُّونَ بِهَا. وإِعْدادُ الشَّيْءِ واعتِدادُه واسْتِعْدادُه وتَعْدادُه: إِحْضارُه؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ: اسْتَعْدَدْتُ لِلْمَسَائِلِ وتَعَدَّدْتُ، وَاسْمُ ذَلِكَ العُدَّة. يُقَالُ: كُونُوا عَلَى عُدَّة، فأَما قراءةُ مَنْ قرأَ: وَلَوْ أَرادوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّهُ، فَعَلَى حَذْفِ عَلَامَةِ التأْنيث وإِقامة هَاءِ الضَّمِيرِ مُقامها لأَنهما مُشْتَرِكَتَانِ فِي أَنهما جُزْئِيَّتَانِ. والعُدَّةُ: مَا أَعددته لِحَوَادِثِ الدَّهْرِ مِنَ الْمَالِ وَالسِّلَاحِ. يُقَالُ: أَخذ للأَمر عُدَّتَه وعَتادَه بِمَعْنًى. قَالَ الأَخفش: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ

. وَيُقَالُ: جَعَلَهُ ذَا عَدَدٍ. والعُدَّةُ: مَا أُعِدَّ لأَمر يَحْدُثُ مِثْلَ الأُهْبَةِ. يُقَالُ: أَعْدَدْتُ للأَمر عُدَّتَه. وأَعَدّه لأَمر كَذَا: هيَّأَه لَهُ. وَالِاسْتِعْدَادُ للأَمر: التَّهَيُّؤُ لَهُ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً

، فإِنه إِن كَانَ كَمَا ذَهَبَ إِليه قَوْمٌ مِنْ أَنه غُيِّرَ بالإِبْدالِ كراهيةَ الْمِثْلَيْنِ، كَمَا يُفَرُّ مِنْهَا إِلى الإِدغام، فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وإِن كَانَ مِنَ العَتادِ فَظَاهِرٌ أَنه لَيْسَ مِنْهُ، وَمَذْهَبُ الْفَارِسِيِّ أَنه عَلَى الإِبدال. قَالَ

ص: 284

ابْنُ دُرَيْدٍ: والعُدَّةُ مِنَ السِّلَاحِ مَا اعْتَدَدْتَه، خُصَّ بِهِ السِّلَاحُ لَفْظًا فَلَا أَدري أَخصه فِي الْمَعْنَى أَم لَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن أَبيض بْنَ حَمَّالٍ الْمَازِنِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ فأَقطعه إِياه، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتدري مَا أَقطعته؟ إِنما أَقطعت لَهُ الماءَ العِدَّ؛ قَالَ: فرَجَعه مِنْهُ

؛ قَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: العِدُّ مَوْضِعٌ يَتَّخِذُهُ النَّاسُ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ، وَالْجَمْعُ الأَعْدادُ، ثُمَّ قَالَ: العِدُّ مَا يُجْمَعُ ويُعَدُّ؛ قَالَ الأَزهري: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ العِدِّ وَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ قَالَ الأَصمعي: الْمَاءُ العِدُّ الدَّائِمُ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا انْقِطَاعَ لَهَا مِثْلَ مَاءِ الْعَيْنِ وَمَاءِ الْبِئْرِ، وجمعُ العِدِّ أَعْدادٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَزَلُوا أَعْدادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ

أَي ذَوات الْمَادَّةِ كَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ امرأَة حَضَرَتْ ماء عِدّاً بَعْدَ ما نَشَّتْ مياهُ الغُدْرانِ فِي القَيْظِ فَقَالَ:

دَعَتْ مَيَّةَ الأَعْدادُ، واسْتَبْدَلَتْ بِها

خَناطِيلُ آجالٍ مِنَ العِينِ خُذَّلُ

اسْتَبْدَلَتْ بِهَا: يَعْنِي مَنَازِلَهَا الَّتِي ظَعَنَتْ عَنْهَا حَاضِرَةً أَعداد الْمِيَاهِ فَخَالَفَتْهَا إِليها الْوَحْشُ وأَقامت فِي مَنَازِلِهَا؛ وَهَذَا اسْتِعَارَةٌ كَمَا قَالَ:

ولقدْ هَبَطْتُ الوَادِيَيْنِ، وَوَادِياً

يَدْعُو الأَنِيسَ بِهَا الغَضِيضُ الأَبْكَمُ

وَقِيلَ: العِدُّ مَاءُ الأَرض الغَزِيرُ، وَقِيلَ: العِدُّ مَا نَبَعَ مِنَ الأَرض، والكَرَعُ، مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَقِيلَ: العِدُّ الماءُ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يَنْتَزِحُ؛ قَالَ الرَّاعِي:

فِي كلِّ غَبْراءَ مَخْشِيٍّ مَتالِفُها،

دَيْمُومَةٍ، مَا بِهَا عِدٌّ وَلَا ثَمَدُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ خَفْضُ دَيْمُومَةٍ لأَنه نَعَتٌ لِغَبْرَاءَ، وَيُرْوَى جَدَّاءَ بَدَلَ غَبْرَاءَ، وَالْجَدَّاءُ: الَّتِي لَا مَاءَ بِهَا، وَكَذَلِكَ الدَّيْمُومَةُ. والعِدُّ: الْقَدِيمَةُ مِنَ الرَّكايا، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَسَبٌ عِدٌّ قَديمٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ العِدِّ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يَنْتَزِحُ هَذَا الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ فِي الْعِبَارَةِ عَنْهُ؛ وَقَالَ بعضُ المُتَحَذِّقِينَ: حَسَبٌ عِدٌّ كَثِيرٌ، تَشْبِيهًا بِالْمَاءِ الْكَثِيرِ وَهَذَا غَيْرُ قَوِيٍّ وأَن يَكُونَ العِدُّ القَدِيمَ أَشْبَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَوَرَدَتْ عِدّاً مِنَ الأَعْدادِ

أَقدَمَ مِنْ عادٍ وقَوْمِ عادِ

وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:

أَتتْ آلَ شَمَّاسِ بنِ لأْيٍ، وإِنما

أَتَتْهُمْ بِهَا الأَحلامُ والحَسَبُ العِدُّ

قَالَ أَبو عَدْنَانَ: سأَلت أَبا عُبَيْدَةَ عَنِ الماءِ العِدِّ، فَقَالَ لِي: الماءُ العِدُّ، بِلُغَةِ تَمِيمٍ، الْكَثِيرُ، قَالَ: وَهُوَ بِلُغَةِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ الماءُ الْقَلِيلُ. قَالَ: بَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ الماءُ العِدُّ، مثلُ كاظِمَةٍ [كاظِمَةَ]، جاهِلِيٌّ إِسلامِيٌّ لَمْ يَنْزَحْ قَطُّ، وَقَالَتْ لِي الكُلابِيَّةُ: الماءُ العِدُّ الرَّكِيُّ؛ يُقَالُ: أَمِنَ العِدِّ هَذَا أَمْ مِنْ ماءِ السماءِ؟ وأَنشدتني:

وماءٍ، لَيْسَ مِنْ عِدِّ الرَّكايا

وَلَا جَلْبِ السماءِ، قدِ اسْتَقَيْتُ

وَقَالَتْ: ماءُ كلِّ رَكِيَّةٍ عِدٌّ، قَلَّ أَو كَثُرَ. وعِدَّانُ الشَّبابِ والمُلْكِ: أَوّلُهما وأَفضلهما؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

وَلِي عَلَى عِدَّانِ مُلْكٍ مُحْتَضَرْ

والعِدَّانُ: الزَّمانُ والعَهْدُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يُخَاطِبُ مِسْكِينًا الدَّارِمِيَّ وَكَانَ قَدْ رَثَى زِيَادَ بْنَ أَبيه فَقَالَ:

أَمِسْكِينُ، أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَكَ إِنما

جَرَى فِي ضَلالٍ دَمْعُها، فَتَحَدَّرَا

ص: 285

أَقولُ لَهُ لمَّا أَتاني نَعِيُّهُ:

بِهِ لَا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمَةِ أَعْفَرَا

أَتَبْكِي امْرأً مِنْ آلِ مَيْسانَ كافِراً،

كَكِسرى عَلَى عِدَّانِه، أَو كَقَيْصَرا؟

قَوْلُهُ: بِهِ لَا بِظَبْيٍ، يُرِيدُ: بِهِ الهَلَكَةُ، فَحَذَفَ المبتدأَ. مَعْنَاهُ: أَوقع اللَّهُ بِهِ الْهِلْكَةَ لَا بِمَنْ يُهِمُّنِي أَمره. قَالَ: وَهُوَ مِنَ العُدَّة كأَنه أُعِدَّ لَهُ وهُيِّئَ. وأَنا عَلَى عِدَّانِ ذَلِكَ أَي حِينِهِ وإِبَّانِه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَدَّانِ فُلَانٍ وعِدَّانِه أَي عَلَى عَهْدِهِ وَزَمَانِهِ، وأَورده الأَزهري فِي عَدَنَ أَيضاً. وَجِئْتُ عَلَى عِدَّانِ تَفْعَلُ ذَلِكَ وعَدَّان تَفْعَلُ ذَلِكَ أَي حِينِهِ. وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ فِي عِدَّانِ شَبَابِهِ وعِدَّانِ مُلْكِه وَهُوَ أَفضله وأَكثره؛ قَالَ: وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَن ذَلِكَ كَانَ مُهَيَّأً مُعَدّاً. وعِدادُ الْقَوْسِ: صَوْتُهَا ورَنِينُها وَهُوَ صَوْتُ الْوَتَرِ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:

وسَمْحَةٍ مِنْ قِسِيِّ زارَةَ حَمْراءَ

هَتُوفٍ، عِدادُها غَرِدُ

والعُدُّ: بَثرٌ يَكُونُ فِي الْوَجْهِ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي؛ وَقِيلَ: العُدُّ والعُدَّةُ البَثْرُ يَخْرُجُ عَلَى وُجُوهِ المِلاح. يُقَالُ: قَدِ اسْتَكْمَتَ العُدُّ فاقْبَحْه أَي ابْيَضَّ رأْسه مِنَ القَيْح فافْضَخْه حَتَّى تَمْسَحَ عَنْهُ قَيْحَهُ؛ قَالَ: والقَبْحُ، بِالْبَاءِ، الكَسْرُ. ابْنُ الأَعرابي: العَدْعَدَةُ العَجَلَةُ. وعَدْعَدَ فِي الْمَشْيِ وَغَيْرِهِ عَدْعَدَةً: أَسرع. وَيَوْمُ العِدادِ: يَوْمُ الْعَطَاءِ؛ قَالَ عَتَبَةُ بْنُ الْوَعْلِ:

وقائِلَةٍ يومَ العِدادِ لِبَعْلِهَا:

أَرى عُتْبَةَ بنَ الوَعْلِ بَعْدِي تَغَيَّرا

قَالَ: والعِدادُ يومُ العَطاءِ؛ والعِدادُ يومُ العَرْض؛ وأَنشد شَمِرٌ لجَهْم بنِ سَبَلٍ:

مِنَ البيضِ العَقَائِلِ، لَمْ يُقَصِّرْ

بِهَا الآباءُ فِي يَوْمِ العِدادِ

قَالَ شَمِرٌ: أَراد يومَ الفَخَارِ ومُعادَّة بعضِهم بَعْضًا. وَيُقَالُ: بِالرَّجُلِ عِدادٌ أَي مَسٌّ مِنْ جُنُونٍ، وَقَيَّدَهُ الأَزهري فَقَالَ: هُوَ شِبهُ الجنونِ يأْخذُ الإِنسانَ فِي أَوقاتٍ مَعلومة. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْبَغْلِ إِذا زَجَرْتَهُ عَدْعَدْ، قَالَ: وعَدَسْ مثلُه. والعَدْعَدةُ: صوتُ الْقَطَا وكأَنه حِكَايَةٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

أَرى الموتَ أَعْدادَ النُّفُوسِ، وَلَا أَرى

بَعِيداً غَداً، مَا أَقْرَبَ اليومَ مِن غَدِ

يَقُولُ: لِكُلِّ إِنسان مِيتَةٌ فإِذا ذَهَبَتِ النُّفُوسُ ذَهَبَتْ مِيَتُهُم كُلُّهَا. وأَما العِدّانُ جَمْعُ العتُودِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَنْ تَسْمَع بالمُعَيدِيِّ خيرٌ مِنْ أَن تَرَاهُ؛ وَهُوَ تَصْغِيرُ مَعَدِّيٍّ مَنْسوب إِلى مَعَدّ، وإِنما خُفِّفَتِ الدَّالُ اسْتِثْقَالًا لِلْجَمْعِ بَيْنَ الشَّدِيدَتَيْنِ مَعَ يَاءِ التَّصْغِيرِ، يُضْرَب للرجُل الَّذِي لَهُ صيتٌ وذِكْرٌ فِي النَّاسِ، فإِذا رأَيته ازدريتَ مَرآتَه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ لَا أَنْ تراهُ؛ وكأَن تأْويلَه تأْويل أَمرٍ كأَنه اسْمَعْ بِهِ وَلَا تَرَه. والمَعَدَّانِ: موضعُ دَفَّتَي السَّرْجِ. ومَعَدٌّ: أَبو الْعَرَبِ وَهُوَ مَعَدُّ بنُ عَدْنانَ، وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ الْمِيمُ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ لِقَوْلِهِمْ تَمَعْدَدَ لِقِلَّة تَمَفْعَلَ فِي الْكَلَامِ، وَقَدْ خولِفَ فِيهِ. وتَمَعْدَدَ الرجلُ أَي تزَيَّا بِزيِّهم، أَو انْتَسَبَ إِليهم، أَو تَصَبَّرَ عَلَى عَيْش مَعَدّ. وَقَالَ

عُمَرُ، رضي الله عنه: اخْشَوْشِنُوا وتَمَعْدَدُوا

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِيهِ قَوْلَانِ: يُقَالُ هُوَ مِنَ الغِلَظِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغُلَامِ

ص: 286

إِذا شبَّ وغلُظ: قَدْ تَمَعْدَدَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

رَبَّيْتُه حَتَّى إِذا تَمَعْدَدا

وَيُقَالُ: تَمَعْدَدوا أَي تشبَّهوا بعَيْش مَعَدّ، وَكَانُوا أَهلَ قَشَفٍ وغِلَظ فِي الْمَعَاشِ؛ يَقُولُ: فَكُونُوا مثلَهم وَدَعَوُا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العَجم؛ وَهَكَذَا هُوَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:

عَلَيْكُمْ باللِّبْسَة المَعَدِّيَّة

؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وأَما قَوْلُ مَعْنِ بْنِ أَوس:

قِفَا، إِنها أَمْسَت قِفاراً ومَن بِهَا،

وإِن كَانَ مِن ذِي وُدِّنا قَدْ تَمَعْدَدَا

فإِنه يُرِيدُ تَبَاعَدَ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَذْكُرَ تَمَعْدَدَ فِي فَصْلِ مَعَدَ لأَن الْمِيمَ أَصلية. قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ قولَهم مَعَدٌّ فَقَالَ الْمِيمُ أَصلية لِقَوْلِهِمْ تَمَعْدَدَ. قَالَ: وَلَا يُحْمَلُ عَلَى تمَفْعل مِثْلَ تَمَسْكنَ لقلَّته ونَزَارَتِه، وَتَمَعْدَدَ فِي بَيْتِ ابْنِ أَوْس هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ مَعَدَ فِي الأَرض إِذا أَبعد فِي الذَّهَابِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي فَصْلِ مَعَدَ مُسْتَوْفًى؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

أَخْشَى عَلَيْهِ طَيِّئاً وأَسَدَا،

وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَعَدَا

أَي أَبْعَدَا فِي الذَّهَابِ؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ: أَنه يَقُولُ لِصَاحِبَيْهِ: قِفَا عَلَيْهَا لأَنها مَنْزِلُ أَحبابِنا وإِن كَانَتِ الْآنَ خَالِيَةً، واسمُ كَانَ مُضْمَرًا فِيهَا يَعُودُ عَلَى مَن، وَقَبْلَ الْبَيْتِ:

قِفَا نَبْكِ، فِي أَطْلال دارٍ تنَكَّرَتْ

لَنا بَعْدَ عِرْفانٍ، تُثابَا وتُحْمَدَا

عرد: عَرَدَ النابُ يَعْرُدُ عُرُوداً: خَرَجَ كلُّه وَاشْتَدَّ وَانْتَصَبَ، وَكَذَلِكَ النباتُ. وكلُّ شيءٍ مُنْتَصِبٍ شديدٍ: عَرْدٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

وعُنُقاً عَرْداً ورأْساً مِرْأَساً

قَالَ الأَصمعي: عَرْداً غَلِيظًا. مِرْأَساً: مِصَكّاً للرؤوس. وعَرَدَتْ أَنيابُ الْجَمَلِ: غَلُظَتْ واشتدَّت. وعَرَدَ الشيءُ يَعْرُدُ عُرُوداً: غلُظ. والعُرُدُّ والعُرُنْدُ: الشديدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، نُونُهُ بَدَلٌ مِنَ الدَّالِ. الْفَرَّاءُ: رُمْحٌ مِتَلٌّ وَرُمْحٌ عُرُدٌّ ووتَرٌ عُرُدٌّ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: شديدٌ؛ وأَنشد:

والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُرُدُّ،

مثِلُ جِران الفِيلِ أَو أَشَدُّ

وَيُرْوَى: مِثْلُ ذِرَاعِ الْبِكْرِ؛ شَبَّه الوَتَرَ بِذِرَاعِ الْبَعِيرِ فِي تَوَتُّرِه. وَوَرَدَ هَذَا أَيضاً فِي خُطْبَةِ

الْحَجَّاجِ: والقَوْسُ فيها وتَرٌ عُرُدٌّ

؛ العُرُدُّ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَيُقَالُ: إِنه لَقَويٌّ شَدِيدٌ عُرُدٌّ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: وَتَرٌ عُرُنْد أَي غَلِيظٌ؛ وَنَظِيرُهُ مِنَ الْكَلَامِ تُرُنْجٌ. والعَرْدُ: ذَكَر الإِنسان، وَقِيلَ: هُوَ الذَّكَرُ الصُّلْبُ الشَّدِيدُ، وَجَمْعُهُ أَعْراد، وَقِيلَ: العَرْدُ الذَّكَرُ إِذا انْتَشَرَ واتْمَهَلَّ وصَلُبَ. قَالَ اللَّيْثُ: العَرْدُ الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الصُّلْبُ المنتصبُ؛ يُقَالُ: إِنه لعَرْدُ مَغْرِزِ العُنُق؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

عَرْدَ التَّراقِي حَشْوَراً مُعَقْرَبا

وعَرَّدَ الرجلُ إِذا قَوِيَ جسمُه بَعْدَ الْمَرَضِ. وعَرَدَتِ الشجرةُ تعردُ عُرُوداً ونَجَمَتْ نُجُوماً: طَلَعَتْ، وَقِيلَ: اعْوَجَّتْ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: عَرَدَ النبتُ يَعْرُدُ عُرُوداً طَلَعَ وَارْتَفَعَ، وَقِيلَ: خَرَجَ عَنْ نَعْمَتِه وغُضُوضَتِه فاشتدَّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

يُصَعِّدْن رُقْشاً بَيْنَ عُوجٍ كأَنها

زِجاجُ القَنا، مِنْهَا نَجِيمٌ وعارِدُ

وَفِي النَّوَادِرِ: عَرَدَ الشجرُ وأَعْرَدَ إِذا غَلُظَ وكَبُرَ.

ص: 287

والعارِدُ: المُنْتَبِذُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِي:

صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنَةٍ جُلاعِدا،

لَمْ يَرْعَ بالأَصْيافِ إِلا فارِدا

تَرَى شُؤونَ رأْسِهِ العَوارِدَا،

مَضْبورَةً إِلى شَبَا حَدائِدَا

أَي مُنْتَبِذَةً بعضُها مِنْ بَعْضٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الرَّجَزُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: ترى شؤون رأْسها والصواب شؤون رأْسه لأَنه يَصِفُ فَحْلًا. وَمَعْنَى صَوَّى لَهَا أَي اخْتَارَ لَهَا فَحْلًا. والكِدْنَةُ: الغِلَظُ. والجُلاعِدُ: الشديدُ الصلْبُ. وعَرَّدَ الرَّجُلُ عَنْ قِرْنِه إِذا أَحْجَمَ ونَكَلَ. والتَّعْرِيدُ: الفِرارُ، وَقِيلَ: التَّعْرِيدُ سرعةُ الذَّهَابِ فِي الْهَزِيمَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَذْكُرُ هَزِيمَةَ أَبي نَعَامَة الحَرُورِيِّ:

لمَّا اسْتَباحُوا عَبْدَ رَبٍّ، عَرَّدَتْ

بأَبي نَعَامَةَ أُمُّ رَأْلٍ خَيْفَقُ

وعَرَّدَ الرجلُ تَعْرِيداً أَي فَرَّ. وعَرِدَ الرجلُ إِذا هَرَبَ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:

ضَرْبٌ إِذا عَرَّدَ السُّودُ التَّنابيلُ

أَي فَرُّوا وأَعْرَضُوا، وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، مِنَ التَّغْرِيدِ التَّطْريب. وعَرَّدَ السهمُ تَعْرِيدًا إِذا نَفَذَ مِنَ الرَّمِية؛ قَالَ سَاعِدَةُ:

فجَالَتْ وخَالَتْ أَنه لَمْ يَقَعْ بِهَا،

وَقَدْ خَلَّها قِدْحٌ صَويبٌ مُعَرِّدُ

مُعَرِّدٌ أَي نافِذٌ. وخَلَّها أَي دَخَلَ فِيهَا. وصويبٌ: صائبٌ قاصِد. وعَرَّدَ: تَرَك القصدَ وَانْهَزَمَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

فمَضَى وقَدَّمها، وَكَانَتْ عَادَةً

مِنْهُ إِذا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدامُها

أَنَّثَ الإِقدامَ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا، كَقَوْلِهِ:

مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِماحٌ تَسَفَّهَتْ

أَعالِيَها مَرُّ الرِّياحِ النَّواسِمِ

وعَرَدَ الحَجَرَ يَعْرُدُهُ عَرْداً: رَمَاهُ رَمْياً بَعِيدًا. والعَرَّادَةُ: شِبْهُ المَنْجَنِيقِ صَغِيرَةٌ، وَالْجَمْعُ العَرَّاداتُ. والعَرادُ والعَرادَةُ: حشيشٌ طَيِّبُ الرِّيحِ، وَقِيلَ: حَمْضٌ تأْكله الإِبل وَمَنَابِتُهُ الرَّمْلُ وَسُهُولُ الرَّمْلِ؛ وَقَالَ الرَّاعِي وَوَصَفَ إِبله:

إِذا أَخلَفَتْ صَوْبَ الرَّبِيعِ؛ وَصَالهَا

عَرادٌ وحاذٌ أَلْبَسَا كلَّ أَحْرَعَا «2»

. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ نَجِيل العَذاة، وَاحِدَتُهُ عَرادَةٌ وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. قَالَ الأَزهري: رأَيتُ العَرادَةَ فِي الْبَادِيَةِ وَهِيَ صُلْبةُ العُود مُنْتَشِرَةُ الأَغصان لَا رَائِحَةَ لَهَا؛ قَالَ: وَالَّذِي أَراد اللَّيْثُ الْعَرَادَةُ فِيمَا أَحْسَبُ وَهِيَ بَهارُ البَرِّ، وعَرادٌ عَرِدٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تَقُولُ الْعَرَبُ قِيلَ لِلضَّبِّ: وِرْداً وِرْداً؛ فَقَالَ:

أَصْبَحَ قَلْبي صَرِدَا،

لَا يَشْتَهِي أَن يَرِدَا،

إِلَّا عَراداً عَرِدَا،

وصِلِّياناً بَرِدَا،

وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا

وإِنما أَراد عَارِدًا وَبَارِدًا فَحَذَفَ لِلضَّرُورَةِ. والعَرادةُ: شَجَرَةٌ صُلْبَةُ العُود، وَجَمْعُهَا عَرادٌ. وعَرادٌ: نبتٌ صُلْبٌ مُنْتَصِبٌ. وعَرَّدَ النجمُ إِذا مَالَ لِلْغُرُوبِ بَعْدَ ما يُكَبِّدُ السماءَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وهَمَّتِ الجَوْزَاءُ بالتَّعْريدِ

(2). قوله [وصالها] كذا رسم هنا بألف بين الصاد واللام وفي ح وذ أَيضاً بالأَصل المعول عليه ولعله وصى بالياء بمعنى اتصل

ص: 288

ونِيقٌ مُعَرِّدٌ: مُرْتَفَعٌ طَوِيلٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

وإِني، وإِيَّاكم ومَن فِي حِبالِكُمْ،

كَمَنْ حَبْلُه فِي رأْسِ نِيقٍ مُعَرِّدِ

وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ الرَّاعِي:

بأَطْيَبَ مِنْ ثَوْبَيْنِ تَأْوي إِليهما

سُعادُ، إِذا نجْمُ السِّماكَيْنِ عَرَّدَا

أَي ارْتَفَعَ؛ وَقَالَ أَيضاً:

فجاءَ بأَشْوَالٍ إِلى أَهلِ خُبَّةٍ

طَرُوقاً، وَقَدْ أَقْعَى سُهَيْلٌ فَعَرَّدا

قَالَ: أَقعى ارْتَفَعَ ثُمَّ لَمْ يَبْرَحْ. وَيُقَالُ: عَرَّدَ فُلَانٌ بِحَاجَتِنَا إِذا لَمْ يَقْضِهَا. والعَرادة: الجَرادة الأُنثى. والعَرِيدَ: الْبَعِيدُ، يَمَانِيَةٌ. وَمَا زَالَ ذَلِكَ عَرِيدَه أَي دَأْبَه وهِجِّيراهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وعَرادةُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

أَتاني عَنْ عَرادةَ قَوْلُ سَوْءٍ،

فَلا وأَبي عَرادَةُ مَا أَصابا

عَرادَةُ مِن بَقِيَّةِ قومِ لوطٍ،

أَلا تَبّاً لِمَا صَنَعوا تَبَابا

والعَرادة: اسْمُ فَرَسٍ مِنْ خَيْلِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ كَلْحَبَةُ وَاسْمُهُ هُبَيرَةُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ:

تُسائِلُني بَنُو جُشَمِ بنِ بكرٍ:

أَغَرَّاءُ العَرادةُ أَم بَهِيمُ؟

كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفَةٍ، وَلَكِنْ

كلَوْنِ الصِّرْفِ، عُلَّ بِهِ الأَدِيمُ

والعَرّادةُ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: فَرَسُ أَبي دُوادٍ. وَفُلَانٌ فِي عَرادة خَيرٍ أَي فِي حَالِ خَيْرٍ. والعَرَنْدَدُ: الصُّلْبُ، وَهُوَ مُلْحَقٌ بسفرجل.

عربد: العِرْبِدُ: الحيَّةُ الْخَفِيفَةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والعِرْبِدُّ والعِرْبَدُّ كِلَاهُمَا: حَيَّةٌ تَنْفُخ وَلَا تؤْذِي، مِثَالُ سِلْغَدّ مُلْحَقٍ بِجِرْدَحْلٍ، وَالْمَعْرُوفُ أَنها الحيَّة الْخَبِيثَةُ، لأَن ابْنَ الأَعرابي قَدْ أَنشد:

إِنِّي، إِذا مَا الأَمرُ كَانَ جِدَّا،

وَلَمْ أَجِدْ مِنَ اقتِحامٍ بُدَّا،

لاقِي العِدى فِي حَيَّةٍ عِرْبَدَّا

فَكَيْفَ يَصِفُ نَفْسَهُ بأَنه حَيَّةً يَنْفُخُ الْعِدَى وَلَا يُؤْذِيهِمُ؟ الأُفْعُوانُ يُسَمَّى العِرْبَدّ: وَهُوَ الذَّكَرُ مِنَ الأَفاعي، وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ حَيَّةٌ حَمْرَاءُ خَبِيثَةٌ، وَمِنْهُ اشْتُقَّتْ عَرْبَدَةُ الشَّارِبِ؛ وأَنشد:

مُولَعَة بِخُلُقِ العِرْبَدِّ

وَقَدْ قِيلَ: العربدُّ الشَّدِيدُ؛ وأَنشد:

لقدْ غَضِبْنَ غَضَباً عِرْبَدَّا

أَبو خَيْرَةَ وَابْنُ شُمَيْلٍ: الْعِرْبَدُّ، الدَّالُّ شَدِيدَةٌ: حَيَّةٌ أَحمر أَرقشُ بِكُدْرة وَسَوَادٍ لَا يَزَالُ ظَاهِرًا عِنْدَنَا وَقَلَّمَا يَظْلِمُ إِلا أَن يُؤْذَى، لَا صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ. وَيُقَالُ للمُعَرْبِدِ: عِرْبيدٌ كأَنه شُبِّهَ بِالْحَيَّةِ. والعِرْبيدُ والمُعَربِدُ: السَّوَّار فِي السُّكْر، مِنْهُ. وَرَجُلٌ عِرْبَدٌّ وعِرْبِيدٌ ومعربدٌ: شِرِّير مُشارٌّ. والعِرْبِدُ: الأَرض الخَشِنَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: العَرْبَدَة سُوءُ الخُلُق. وَرَجُلٌ مُعَرْبِدٌ: يؤْذي نَدِيمَهُ فِي سكره.

عرجد: العُرْجُود: أَصل العِذْقِ مِنَ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ حَتَّى يُقطفا. الأَزهري: الْعُرْجُودُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْعِنَبِ أَوّل مَا يَخْرُجُ كَالثَّآلِيلِ. وَالْعُرْجُودُ: العُرْجُون وَهُوَ مِنَ الْعِنَبِ عُرْجُونٌ صَغُر؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ العُرْجُدُ والعُرْجُدُّ. والعُرْجود: لعُرْجون النخل.

عرقد: العَرْقَدَة: شِدَّةُ فَتْلِ الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ مِنَ الأَشياء كلها.

ص: 289

عزد: العَزْدُ والعَصْدُ: الْجِمَاعُ. عَزَدَها يَعْزِدُها عَزْداً: جَامَعَهَا.

عسد: عَسَدَ الحبْلَ يَعْسِدُه عَسْداً: أَحكم فَتْلَهُ. والعَسْدُ: لُغَةٌ فِي العَزْد، وَهُوَ الْجِمَاعُ، كالأَسْد والأَزْد. يُقَالُ: عَسَدَ فلانٌ جاريتَه وعزَدَها وعَصَدَها إِذا جَامَعَهَا. وَجَمَلٌ عِسْوَدٌّ: قَوِيٌّ شَدِيدٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. والعِسْوَدَّةُ: دُوَيبَّة بَيْضَاءُ كأَنها شَحْمَةٌ يُقَالُ لَهَا بِنْتُ النَّقا تَكُونُ فِي الرَّمْلِ، يُشَبَّهُ بِهَا بَنانُ الْجَوَارِي، وَيُجْمَعُ عَساوِدَ وعِسْوَدّاتٍ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العسودُّ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ: العَضْرَفوطُ. وَقَالَ الأَزهري: بِنْتُ النَّقَا غَيْرُ الْعَضْرَفُوطِ لأَن بِنْتَ النَّقَا تُشْبِهُ السَّمَكَةَ، والعَضْرفُوطُ مِنَ العِظاءِ وَلَهَا قَوَائِمُ؛ وَقِيلَ: العِسْوَدَّة تُشْبِهُ الحُكَأَة أَصغر مِنْهَا وأَدق رأْساً سَوْدَاءُ غَبْرَاءُ؛ وَقِيلَ: العِسْوَدُّ دَسَّاسٌ يَكُونُ فِي الأَنقاء. ابْنُ الأَعرابي: الْعِسْوَدُّ وَالْعِرْبَدُّ الْحَيَّةُ. قَالَ الأَزهري وَقَالَ بَعْضُهُمْ: العَسْدُ هُوَ البَبْر وأَنا لَا أَعرفه. وتفرَّق القومُ عُسادَياتٍ أَي فِي كُلِّ وَجْهٍ.

عسجد: العَسْجَدُ: الذَّهَبُ؛ وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْجَوْهَرِ كُلِّهِ مِنَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَسْجَدِ؛ فَرَوَى أَبو نَصْرٍ عَنِ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:

إِذا اصْطَكّتْ بِضيقٍ حُجْرَتاها،

تَلَاقَى العَسْجَدِيَّةُ واللَّطيمُ

قَالَ: الْعَسْجَدِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى سُوقٍ يَكُونُ فِيهَا الْعَسْجَدُ وَهُوَ الذَّهَبُ؛ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي عَنِ الْمُفَضَّلِ أَنه قَالَ: الْعَسْجَدِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْلٍ كَرِيمٍ يُقَالُ لَهُ عَسْجَد؛ قَالَ وأَنشده الأَصمعي:

بَنونَ وهَجْمَةٌ، كأَشاءِ بُسٍّ،

تَحِلِّي العَسْجَدِيَّة واللَّطِيمِ «3»

. قَالَ: الْعَسْجَدُ الذَّهَبُ، وَكَذَلِكَ العِقْيانُ، والعَسْجَدية رِكَابُ الْمُلُوكِ، وَهِيَ إِبل كَانَتْ تُزَيَّنُ لِلنُّعْمَانِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الْعَسْجَدِيَّةُ رِكَابُ الْمُلُوكِ الَّتِي تَحْمِلُ الدِّقَّ الْكَثِيرَ الثَّمَنِ لَيْسَ بِجَافٍ. واللَّطيمةُ: سُوقٌ فِيهَا بَزُّ وطِيبٌ. وَيُقَالُ: أَعظمُ لَطِيمَةٍ مِنْ مِسْك أَي قِطْعَةٍ. وَقَالَ الْمَازِنِيُّ: فِي الْعَسْجَدِيَّةِ قَوْلَانِ: أَحدهما تَلَاقَى أَولادُ عَسْجَدٍ وَهُوَ الْبَعِيرُ الضَّخْمُ؛ وَيُقَالُ: الإِبل تَحْمِل الْعَسْجَدَ وَهُوَ الذَّهَبُ؛ وَيُقَالُ: اللَّطِيمُ الصَّغِيرُ مِنِ الإِبل سُمِّيَ لَطِيمًا لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ تأْخذ الْفَصِيلَ إِذا صَارَ لَهُ وَقْتٌ مِنْ سِنِّهِ، فتقبلُ بِهِ سُهَيْلًا إِذا طَلَعَ ثُمَّ تَلْطِمُ خدَّه، وَيُقَالُ لَهُ: اذْهَبْ لَا تَذُقْ بَعْدَهَا قَطْرَةً. والعَسْجَدِيَّةُ: العِيرُ الَّتِي تَحْمِلُ الذَّهَبَ وَالْمَالَ، وَقِيلَ: هِيَ كِبَارُ الإِبل. والعَسْجَدُ: مِنْ فُحُولِ الإِبل، مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الْعَسْجَدِيُّ أَيضاً كأَنه مِنْ إِضافة الشيءِ إِلى نَفْسِهِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

فِيهمْ بَناتُ العَسْجَدِيّ ولاحِقٍ،

وُرْقاً مراكِلُها مِنَ المِضْمارِ

الْجَوْهَرِيُّ: الْعَسْجَدِيَّةُ فِي قَوْلِ الأَعشى:

فالعَسْجَدِيَّةُ فالأَبْواءُ فالرِّجَلُ

اسْمُ مَوْضِعٍ. الأَزهري: الْعَسْجَدِيُّ اسْمُ فَرَسٍ لِبَنِي أَسَدٍ مِنْ نِتاج الدِّيناريّ بْنِ الهُمَيْسِ بْنِ زَادِ الرَّكْبِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْعَسْجَدُ هُوَ أَحد مَا جاءَ مِنْ الرُّبَاعِيِّ بِغَيْرِ حرْف ذَوْلَقيٍّ، وَالْحُرُوفُ الذَّوْلَقِيَّةُ سِتَّةٌ: ثَلَاثَةٌ مِنْ طَرف اللِّسَانِ وَهِيَ الرَّاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ، وَثَلَاثَةٌ شَفَهِيَّة وَهِيَ الْبَاءُ وَالْفَاءُ وَالْمِيمُ، وَلَا نَجِدُ كَلِمَةٌ رُبَاعِيَّةٌ أَو خُمَاسِيَّةٌ إِلا وَفِيهَا حَرْفٌ أَو حرفان

(3). قوله [بنون إلخ] بياقوت بدل المصراع الثاني ما نصه

[صفايا كنة الآبار كوم]

فالظاهر أَن ما هنا عجز بيت آخر

ص: 290

مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ أَحرف، إِلا مَا جاءَ نَحْوَ عسجد وما أَشبهه.

عسقد: العُسْقُد: الرجلُ الطُّوالُ فِيهِ لَوْثَةٌ؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ. الأَزهري: العُسْقُدُ الطويلُ الأَحمقُ.

عشد: عَشَدَه يَعْشِدُه عَشْداً: جَمَعَه.

عصد: العَصْدُ: اللَّيُّ. عَصَدَ الشيءَ يَعْصِدُه عَصْداً، فَهُوَ مَعْصُود وعَصيدٌ: لَوَاهُ؛ والعَصِيدَةُ مِنْهُ، والمِعْصَدُ مَا تُعْصَدُ بِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعصيدَةُ الَّتِي تَعْصِدُها بِالْمِسْوَاطِ فَتُمِرُّها بِهِ، فَتَنْقَلِبُ وَلَا يَبْقَى فِي الإِناءِ مِنْهَا شَيْءٌ إِلا انْقَلَبَ. وَفِي حَدِيثِ

خَوْلَةَ: فقَرَّبْتُ لَهُ عَصِيدَةً

؛ هُوَ دَقِيقٌ يُلَتُّ بِالسَّمْنِ وَيُطْبَخُ. يُقَالُ: عَصَدْتُ الْعَصِيدَةَ وأَعْصَدْتُها أَي اتَّخَذَتْهَا. وعَصَدَ الْبَعِيرُ عُنُقَهُ: لَوَاهُ نَحْوَ حارِكِه لِلْمَوْتِ؛ يَعْصدُه عُصُوداً، فَهُوَ عَاصِدٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. يُقَالُ: عَصَدَ فُلَانٌ «1» يَعْصُدُ عُصُوداً مَاتَ؛ وأَنشد شَمِرٌ:

عَلَى الرَّحْلِ ممَّا مَنَّه السيْرُ عاصِدُ

وَقَالَ اللَّيْثُ: الْعَاصِدُ هَاهُنَا الَّذِي يَعْصِدُ العصِيدة أَي يُدِيرُهَا وَيُقَلِّبُهَا بالمِعْصَدَة؛ شبَّه الناعسَ بِهِ لِخَفَقَانِ رأْسه. قَالَ: وَمَنْ قَالَ إِنه أَراد الْمَيِّتَ بِالْعَاصِدِ فَقَدْ أَخطأَ. وعَصَدَ السَّهْمُ: الْتَوَى فِي مَرٍّ وَلَمْ يَقْصِد الهَدَف. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يومٌ عَطُودٌ «2» وعَطَوَّدٌ وعَصَوَّدٌ أَي طَوِيلٌ. ورَكِبَ فُلَانٌ عِصْوَدَّه أَي رأْيه وعِرْبَدَّهُ إِذا رَكِبَ رأْيَه. والعَصْدُ والعَزْدُ: النكاحُ لَا فِعْلَ لَهُ. وَقَالَ كُرَاعٌ: عصَدَ الرجلُ المرأَة يَعْصِدُها عَصْداً وعزَدَها عَزْداً: نَكَحَهَا، فجاءَ لَهُ بِفِعْلٍ. وأَعْصِدْني عَصْداً مِنْ حِمَارِكَ وعَزْداً، عَلَى الْمُضَارَعَةِ، أَي أَعِرْني إِياه لأُنْزِيَه عَلَى أَتاني؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ عَصِيدٌ مَعْصودٌ: نَعْتُ سُوءٍ. وعَصَدْتُه عَلَى الأَمر عَصْداً إِذا أَكرهته عَلَيْهِ؛ وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ لِعَنْتَرَةَ:

فهَلَّا وَفَى الفَغْواءَ عَمْرُو بْنُ جابِرٍ

بِذِمَّتِهِ، وابنُ اللَّقِيطَةِ عِصْيَدُ

قَالَ بَعْضُهُمْ: عِصْيَدٌ بِوَزْنِ حِذْيَم وَهُوَ المأْبون؛ قَالَ الأَزهري: وقرأْت بِخَطِّ أَبي الْهَيْثَمِ فِي شِعْرِ المتلمس يهجو عمرون بْنَ هِنْدٍ:

فإِذا حَلَلْتُ ودُونَ بَيْتي غاوَةٌ،

فابْرُقْ بأَرضِك مَا بَدَا لكَ وارْعُدِ

أَبَنِي قِلابَة، لَمْ تكُنْ عاداتُكُم

أَخْذَ الدَّنِيَّةِ قَبْلَ خُطَّةِ مِعْصَدِ

قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَعْنِي عُصِدَ عَمْرُو بْنُ هِند مِنَ العَصْدِ والعَزْدِ يَعْنِي مَنْكُوحًا. والعِصْوادُ والعُصْوادُ: الجَلَبة والاختلاطُ فِي حَرْبٍ أَو خُصُومَةٍ، قَالَ:

وتَرامى الأَبْطالُ بالنَّظَرِ الشَّزْرِ،

وظَلَّ الكُماةُ فِي عِصْوادِ

وتَعَصْوَدَ القومُ: جَلَّبوا وَاخْتَلَطُوا. وعَصْوَدُوا عَصْوَدَةً مُنْذُ الْيَوْمِ أَي صَاحُوا وَاقْتَتَلُوا. اللَّيْثُ: العِصْوادُ جَلَبة فِي بَلِيَّة، وعَصَدَتْهُم العَصاويدُ: أَصابتهم بِذَلِكَ. وعِصْوادُ الظَّلَامِ: اختلاطُه وتراكُبه. وجاءَت الإِبلُ عَصاويدَ إِذا رَكِبَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَكَذَلِكَ عَصاويدُ الْكَلَامِ. والعصاويدُ: العِطاشُ مِنِ الإِبل. وَرَجُلٌ عِصْوادٌ: عَسِر شديد. وامرأَة

(1). قوله [عصد فلان] في القاموس وكعلم ونصر عصوداً مات.

(2)

. قوله [عطود] كذا في الأَصل بهذا الضبط. وفي شرح القاموس عن نوادر الأَعراب عطرد، براء مهملة مشددة بدل الواو الساكنة.

ص: 291

عِصواد: كَثِيرَةُ الشَّرِّ؛ قَالَ:

يَا مَيُّ ذاتَ الطَّوْقِ والمِعْصادِ،

فدَتْكِ كلُّ رَعْبَلٍ عِصْوادِ،

نَافِيَةٍ للبَعْلِ والأَوْلادِ

وقومٌ عَصاويدُ فِي الْحَرْبِ: يُلَازِمُونَ أَقرانهم وَلَا يُفَارِقُونَهُمْ؛ وأَنشد:

لمَّا رَأَيْتُهُمُ، لَا دَرْءَ دُونَهُمُ،

يَدْعونَ لِحْيانَ فِي شُعْثٍ عَصاويدِ

وَقَوْلُهُمْ: وَقَعُوا فِي عِصْوادٍ أَي فِي أَمر عَظِيمٍ. وَيُقَالُ: تَرَكْتُهُمْ فِي عِصْوادٍ وَهُوَ الشَّرُّ مِنْ قَتْل أَو سِباب أَو صَخَب. وَهُمْ فِي عِصْوادٍ بَيْنَهُمْ: يَعْنِي الْبَلَايَا وَالْخُصُومَاتِ. ورجلٌ عِصْوادٌ: مُتعِب؛ وأَنشد:

وَفِي القَرَبِ العِصْوادُ للعِيسِ سائقُ

عصلد: العَصْلَدُ والعُصْلُودُ: الصُّلْب الشديد.

عضد: العَضُدُ والعَضْدُ والعُضُدُ والعُضْدُ والعَضِدُ مِنِ الإِنسان وغيره؛ الساعدُ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمِرْفَقِ إِلى الْكَتِفِ، وَالْكَلَامُ الأَكثر العَضُدُ: وَحَكَى ثَعْلَبٌ: العَضَد، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالضَّادِ، كلٌّ يُذَكَّرُ ويؤْنث. قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَهل تِهامة يَقُولُونَ العُضُد والعُجُزُ ويُذكرون. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْعَضُدُ مُؤَنَّثَةٌ لَا غَيْرَ، وَهُمَا العَضُدانِ، وَجَمْعُهَا أَعضادٌ، لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

أُمّ زَرْعٍ: وملأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَ

؛ الْعَضُدُ مَا بَيْنَ الكَتِفِ والمِرْفَقِ وَلَمْ تُرِدْهُ خَاصَّةً، وَلَكِنَّهَا أَرادت الْجَسَدَ كُلَّهُ فإِنه إِذا سَمِن الْعَضُدُ سَمِنَ سَائِرُ الْجَسَدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي قَتَادَةَ والحمارِ الْوَحْشِيِّ: فناولْتُه العضدَ فأَكلها

، يُرِيدُ كَتِفَهُ. وَفِي

صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم: كَانَ أَبيض مُعَضَّداً

؛ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَهُوَ المُوَثَّقُ الخَلْق؛ وَالْمَحْفُوظُ فِي الرِّوَايَةِ: مُقَصّداً؛ وَاسْتَعْمَلَ ساعدةُ بنُ جؤيَّةَ الأَعضاد لِلنَّحْلِ، فَقَالَ:

وكأَنَّ مَا جَرَسَتْ عَلَى أَعضادِها،

حَيْثُ اسْتَقَلَّ بِهَا الشرائعُ مَحْلَبُ

شَبَّهَ مَا عَلَى سُوقِهَا مِنَ الْعَسَلِ بِالْمَحْلَبِ. وَرَجُلٌ «1» عُضِاديٌّ: عَظِيمُ الْعَضُدِ، وأَعْضَدُ: دَقيق الْعَضُدِ. وعَضَدَه يَعْضِدُه عَضْداً: أَصاب عَضُدَه؛ وَكَذَلِكَ إِذا أَعَنْتَه وكنتَ لَهُ عَضُدًا. وعَضِدَ عَضَداً: أَصابه داءٌ فِي عَضُدِه. وعُضِدَ عَضْداً: شَكَا عَضُدَه، يطَّرد عَلَى هَذَا بابٌ فِي جَمِيعِ الأَعضاءِ. وأَعْضَدَ المطرُ وعَضَّدَ: بَلَغَ ثَرَاهُ العَضُدَ وعَضُدٌ عَضِدَةٌ: قَصِيرَةٌ. ويَدٌ عَضِدَةٌ: قَصِيرَةُ العَضُد. والعِضادُ: مِنْ سِمات الإِبل وَسْمٌ فِي الْعَضُدِ عَرْضًا؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. وإِبِلٌ مُعَضَّدَةٌ: مَوْسُومَةٌ فِي أَعضادها. وناقةٌ عَضادٌ: وَهِيَ الَّتِي لَا تَرِدُ النَّضيحَ حَتَّى يَخْلو لهَا، تَنْصرِمُ عَنِ الإِبل وَيُقَالُ لَهَا القَذُورُ. والعِضادُ والمِعْضَدُ: مَا شُدَّ فِي العَضُدِ مِنَ الحِرْزِ؛ وَقِيلَ: المِعْضَدَةُ والمِعْضَد الدُّمْلُجُ لأَنه عَلَى الْعَضُدِ يَكُونُ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ، وَالْجَمْعُ مَعاضِدُ. واعْتَضَدْتُ الشَّيْءَ: جَعَلْتُهُ فِي عَضُدِي. والمِعْضَدَةُ أَيضاً: الَّتِي يَشُدُّهَا المسافرُ عَلَى عَضُدِهِ وَيَجْعَلُ فِيهَا نَفَقَتَهُ، عَنْهُ أَيضاً. وَثَوْبٌ مُعَضَّدٌ: مُخَطَّطٌ عَلَى شَكْلِ الْعَضُدِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الَّذِي وَشْيُه فِي جَوَانِبِهِ. والمُعَضَّدُ: الثَّوْبُ الَّذِي لَهُ عَلَم فِي مَوْضِعِ الْعَضُدِ مِنْ لَابِسِهِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ بَقَرَةً:

(1). قوله [ورجل إلخ] في القاموس ورجل عضادي مثلثة إلخ.

ص: 292

فجالَتْ عَلَى وحْشِيِّها، وكأَنَّها

مُسَرْبَلَةٌ مِنْ رازِقِيٍّ مُعَضَّدِ

والعَضُدُ: الْقُوَّةُ لأَن الإِنسان إِنما يَقْوى بِعَضُدِهِ فَسُمِّيَتِ الْقُوَّةُ بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي سَنُعِينُكَ بأَخيك. قَالَ: وَلَفْظُ الْعَضُدِ عَلَى جِهَةِ الْمَثَلِ لأَن الْيَدَ قِوامُها عَضُدُها. وَكُلُّ مُعين، فَهُوَ عَضُدٌ. والعَضُدُ: المُعين عَلَى الْمَثَلِ بِالْعَضُدِ مِنَ الأَعضاءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً

؛ أَي أَعضاداً وإِنما أَفرد لتعتدل رؤوس الْآيِ بالإِفراد. وَمَا كنتَ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا؛ أَي مَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ لِتَتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ أَنصاراً. وعَضُدُ الرجلِ: أَنصاره وأَعوانه. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فلانٌ يَفُتُّ فِي عَضُدِ فُلَانٍ وَيَقْدَحُ فِي سَاقِهِ؛ فَالْعَضُدُ أَهل بَيْتِهِ وَسَاقُهُ نَفْسُهُ. والاعْتِضادُ: التَّقَوِّي وَالِاسْتِعَانَةُ. وَفُلَانٌ يَعْضُدُ فُلَانًا أَي يُعِينه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عَضُدُ فلانٍ وعِضادَتُه ومُعاضِدُه إِذا كَانَ يُعَاوِنُهُ وَيُرَافِقُهُ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

أَوْ مِسْحَل سَنِق عِضادَة سَمْحَجٍ،

بِسَراتها نَدَبٌ لَهُ وكُلومُ

وَاعْتَضَدْتُ بِفُلَانٍ: اسْتَعَنْتُ. وعَضَدَه يَعْضُدُه عَضْداً وعاضَدَه: أَعانه. وَعَاضَدَنِي فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَي عَاوَنَنِي. والمُعاضدَة: المُعاونة. وعَضُدُ البِناء وَغَيْرِهِ وعَضَدُه وأَعْضاده: مَا شُدَّ مِنْ حَوَالَيْهِ كَالصَّفَائِحِ الْمَنْصُوبَةِ حَوْلَ شَفِير الْحَوْضِ. وعَضُدُ الْحَوْضِ: مِنْ إِزائه إِلى مُؤَخّره، وإِزاؤُه مَصَبُّ الْمَاءِ فِيهِ، وَقِيلَ: عَضَدُهُ جَانِبَاهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ أَعضاد؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الْحَوْضَ الَّذِي طَالَ عَهْدُهُ بِالْوَارِدَةِ:

راسِخُ الدِّمْنِ عَلَى أَعْضادِه،

ثَلَمَتْه كلُّ رِيحٍ وسَبَلْ

وعُضود؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

فَارْفَتَّ عُقْرُ الحَوْضِ والعُضودُ

مِنْ عَكَراتٍ، وَطْؤُها وئِيدُ

وعَضُدُ الركائبِ: مَا حَوَالَيْهَا. وعَضَدَ الركائبَ يَعْضُدُها عَضْداً: أَتاها مِنْ قبَلِ أَعْضادِها فضمَّ بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

إِذا مَشى لَمْ يَعْضُدِ الرَّكائبا

والعاضِدُ: الَّذِي يَمْشِي إِلى جَانِبِ دَابَّةٍ عَنْ يَمِينِهِ أَو يَسَارِهِ. وَتَقُولُ: هُوَ يَعْضُدُها يَكُونُ مَرَّةً عَنْ يَمِينِهَا وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهَا لَا يُفَارِقُهَا، وَقَدْ عَضَدَ يَعْضُدُ عُضُوداً، والبعيرُ مَعْضُودٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

ساقَتُها أَربعةٌ بالأَشْطانْ،

يَعْضُدُها اثْنانِ، ويَتْلوها اثنانْ

يُقَالُ: اعْضُدْ بَعِيرَك وَلَا تَتْلُه. وعَضَدَ البعيرُ البعيرَ إِذا أَخذ بِعَضُدِه فَصَرَعَه، وضَبَعَه إِذا أَخذ بِضَبْعَيْهِ. والعاضِدُ: الْجَمَلُ يأْخُذُ عَضُدَ النَّاقَةِ فَيَتَنَوَّخُها. وحِمارٌ عَضِدٌ وعاضِدٌ إِذا ضَمَّ الأُتنَ مِنْ جَوَانِبِهَا. وعَضُدُ الطريقِ وعِضادَتُه: نَاحِيَتُهُ. وعَضُدُ الإِبْطِ وعَضَدُه: نَاحِيَتُهُ؛ وَقِيلَ: كلُّ نَاحِيَةٍ عَضُدٌ وعَضَدٌ. وأَعْضادُ الْبَيْتِ: نواحِيه. وَيُقَالُ: إِذا نَخَرَتِ الرِّيحُ مِنْ هَذِهِ العَضُدِ أَتاك الغيثُ، يَعْنِي ناحيةَ الْيَمَنِ. وعضُدُ الرَّحْلِ: خَشَبَتَانِ تَلزقان بِوَاسِطَتِهِ؛ وَقِيلَ: بأَسفل وَاسِطَتِهِ. وعضَدَ القَتَبُ البعيرَ عَضْداً: عَضَّه فَعَقَرَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وهُنَّ عَلَى عَضْدِ الرِّحالِ صَوابِرُ

وعَضَدَتْها الرِّحالُ إِذا أَلَحَّتْ عَلَيْهَا. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لأَعْلى ظَلِفَتَي الرَّحْلِ مِمَّا يَلي العَراقي: العَضُدان، وأَسْفَلِهما: الظَّلِفَتانِ، وَهُمَا مَا سَفَلَ مِنَ الحِنْوَين: الواسِط والمُؤخَّرَةِ. وعَضُدُ النَّعْلِ وعِضادَتاها:

ص: 293

اللَّتَانِ تَقَعَانِ عَلَى الْقَدَمِ. وعِضادتا البابِ والإِبْزيمِ: نَاحِيَتَاهُ. وَمَا كَانَ نَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ العِضادة. وعِضادَتا الْبَابِ: الْخَشَبَتَانِ الْمَنْصُوبَتَانِ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ مِنْهُ وَشَمَالِهِ. والعِضادتان: العُودان اللَّذَانِ فِي النِّير الَّذِي يَكُونُ عَلَى عُنُقِ ثَوْرِ الْعَجَلَةِ، والواسِطُ: الَّذِي يَكُونُ وَسَطَ النِّيرِ. والعاضِدان: سَطْران مِنَ النَّخْلِ عَلَى فَلَج. والعَضُدُ مِنَ النَّخْلِ: الطَّرِيقَةُ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنّ سَمُرة كَانَتْ لَهُ عَضُدٌ مِنْ نَخْلٍ فِي حَائِطِ رَجُلٍ مِنَ الأَنصار

؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ؛ أَراد طَرِيقَةً مِنَ النَّخْلِ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ عَضِيدٌ مِنَ النَّخْلِ. وَرَجُلٌ عَضُدٌ وعَضِدٌ وعَضْدٌ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. وامرأَة عَضادٌ «1» قَصِيرَةٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

ثَنَتْ عُنُقاً لَمْ تَثْنِه جَيْدَرِيَّةٌ

عَضادٌ، وَلَا مَكْنوزَةُ اللحمِ ضَمْزَرُ

الضمزرُ: الْغَلِيظَةُ اللَّئِيمَةُ. قَالَ الْمُؤَرِّجُ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْقَصِيرِ عَضادٌ. وعضَدَ الشجرَ يَعْضِدُه، بِالْكَسْرِ، عَضْداً، فَهُوَ مَعْضود وعَضِيدٌ، واسْتَعْضَدَه: قَطَعَهُ بالمِعْضَد؛ الأَخيرة عَنِ الْهَرَوِيِّ؛ قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ

طَهْفَةَ: ونَسْتَعْضِدُ البَريرَ

أَي نَقْطَعُهُ ونَجْنِيه مِنْ شَجَرِهِ للأَكل. والعَضَدُ: مَا عُضِدَ مِنَ الشَّجَرِ أَو قُطِعَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْضُودِ؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْعٍ الهُذَلي:

الطَّعْنُ شَغْشَغَةٌ، والضَّرْبُ هَيْقَعَةٌ،

ضَرْبَ المُعَوِّلِ تحتَ الدِّيمَةِ العَضَدَا

الشَّغْشَغَةُ: صَوْتُ الطَّعْن. وَالْهَيْقَعَةُ: صَوْتُ الضَّرْبِ بِالسَّيْفِ. والمُعَوِّلُ: الَّذِي يَبْنِي العالَةَ، وَهِيَ ظُلَّةٌ مِنَ الشَّجَرِ يُسْتَظَلُّ بِهَا مِنَ الْمَطَرِ. وَفِي حَدِيثِ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ:

نَهَى أَن يُعْضَدَ شجرُها

أَي يَقْطَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لوَدِدْتُ أَني شجرةٌ تُعْضَد.

وَفِي حَدِيثِ

ظَبْيَانَ: وَكَانَ بَنُو عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ مِنْ جَذيمَةَ يخبِطون عَضِيدَها ويأْكلون حَصِيدَها

؛ العَضِيدُ والعَضَدُ: مَا قُطِع مِنَ الشَّجَرِ أَي يَضْرِبُونَهُ لِيَسْقُطَ وَرَقُهُ فَيَتَّخِذُوهُ عَلَفاً لإِبلهم. وعَضَدَ الشجرَ: نَثَر ورَقَها لإِبله؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَاسْمُ ذَلِكَ الورَقِ العَضَدُ. والمِعْضَدُ والمِعْضادُ مِنَ السُّيُوفِ: المُمْتَهَنُ فِي قَطْعِ الشَّجَرِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

سَيْفاً بِرِنْداً لَمْ يَكُنْ مِعْضاداً

قَالَ: والمِعْضادُ سَيْفٌ يَكُونُ مَعَ الْقَصَّابِينَ تُقْطَعُ بِهِ الْعِظَامُ. وَالْمِعْضَادُ: مِثْلُ المِنْجل لَيْسَ لَهَا أُشُرٌ «2» . يُرْبَط نِصابُها إِلى عَصَا أَو قَنَاةٍ ثُمَّ يَقْصِمُ الرَّاعِي بِهَا عَلَى غَنَمِهِ أَو إِبله فُروعَ غُصونِ الشَّجَرِ؛ قَالَ:

كأَنما تُنْحي، عَلَى القَتادِ

والشَّوْكِ، حَدَّ الْفَأْسِ والمِعْضادِ

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كُلُّ مَا عُضِد بِهِ الشَّجَرُ فَهُوَ مِعْضَد. قَالَ: وَقَالَ أَعرابي: المِعْضَدُ عِنْدَنَا حَدِيدَةٌ ثَقِيلَةٌ فِي هَيْئَةِ المِنْجل يَقْطَعُ بِهَا الشَّجَرَ. والعَضِيدُ: النَّخْلَةُ الَّتِي لَهَا جِذْعٌ يَتناولُ مِنْهُ الْمُتَنَاوِلُ، وَجَمْعُهُ عِضْدانٌ؛ قَالَ الأَصمعي: إِذا صَارَ لِلنَّخْلَةِ جِذْعٌ يَتَنَاوَلُ مِنْهُ الْمُتَنَاوَلُ فَتِلْكَ النَّخْلَةُ العَضِيدُ، فإِذا فأَتت الْيَدَ فَهِيَ جَبَّارَةٌ. والعَواضِدُ: مَا يَنْبُتُ مِنَ النَّخْلِ عَلَى جَانِبَيِ النَّهْرِ. وبُسْرَةٌ مُعَضِّدة، بِكَسْرِ الضَّادِ: بَدَا التَّرْطِيبُ فِي أَحد جَانِبَيْهَا. وَقَالَ النضر: أَعضادُ المزارع حدودها يَعْنِي الْحُدُودَ الَّتِي تَكُونُ فِيمَا بَيْنَ الْجَارِّ وَالْجَارِّ كالجُدْران فِي الأَرضين. وَالْعَضُدُ، بِالتَّحْرِيكِ: دَاءً يأْخذ الإِبل فِي أَعضادها

(1). قوله [وامرأة عضاد] في القاموس والعضاد كسحاب الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ والغليظة العضد.

(2)

. قوله [أشر] كشطب وشطب، بفتح الشين وضمها كما في الصحاح والقاموس، وقوله نصابها كذا فيه وفي شرح القاموس ولعله نصالها باللام لا بالباء

ص: 294

فَتُبَطُّ، تَقُولُ مِنْهُ: عَضِدَ الْبَعِيرُ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

شَكَّ الفَريصَةَ بالمِدْرى فَأَنْفَذَها،

شَكَّ المُبَيْطِر إِذ يَشفِي مِنَ العَضَدِ

واليَعْضِيدُ: بَقْلَةٌ، وَهُوَ الطَّرْخَشْقوق، وَفِي التَّهْذِيبِ: التَّرْخَجْقوق. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْيَعْضِيدُ بَقْلَةٌ زَهْرُهَا أَشد صُفْرَةً مِنَ الوَرْس، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هِيَ بَقْلَةٌ مِنْ بُقُولِ الرَّبِيعِ فِيهَا مَرارة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْيَعْضِيدُ بَقْلَةٌ مِنَ الأَحرار مُرَّةٌ، لَهَا زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ تَشْتَهِيهَا الإِبل وَالْغَنَمُ وَالْخَيْلُ أَيضاً تُعْجِبُ بِهَا وتُخْصِبُ عَلَيْهَا؛ قَالَ النَّابِغَةُ وَوَصَفَ خَيْلًا:

يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ مِنْ أَشْداقِها،

صُفْراً مَناخِرُها مِنَ الجَرْجارِ

عطد: العَطْدُ: الشِّدَّةُ. والعَطَوَّدُ: الشَّدِيدُ الشاقُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وسَفَرٌ عَطَوَّدٌ: شَاقُّ شَدِيدٌ، وَقِيلَ: بَعِيدٌ؛ قَالَ:

فَقَدْ لَقِينا سَفَراً عَطَوَّدا،

يَتْرُكُ ذَا اللَّوْنِ البَصيصِ أَسْودا

والعَطَوَّدُ: الانطلاقُ السَّرِيعُ؛ قَالَ:

إِليك أَشْكُو عَنَقاً عَطَوَّدا

وَقَدْ حُكِيَ كُلُّ ذَلِكَ بِالرَّاءِ مَكَانَ الْوَاوِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي الرُّبَاعِيِّ. ويومٌ عَطَوَّدٌ: تَامٌّ. قَالَ الأَزهري: وَذَهَبَ يَوْمًا عطوَّداً أَي يَوْمًا أَجمعَ؛ وأَنشد:

أَتْمٌ، أُدِيمَ يومَها عَطَوّدا،

مِثْلَ سُرى لَيْلَتِها، أَو أَبْعَدا

والعَطَوَّدُ: الطويلُ. وَالْعَطَوَّدُ: الْمُرْتَفِعُ. وَجَبَلٌ عَطَوَّدٌ وعَطَرَّدٌ وعَصَوَّدٌ أَي طَوِيلٌ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هَذَا طَرِيقٌ عَطَوَّدٌ أَي بَيِّنٌ يَذْهَبُ فِيهِ حيثما شاء.

عطرد: نَاقَةٌ عَطَرَّدَةٌ: مُرْتَفِعَةٌ. وَرَجُلٌ عَطَرَّد، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: طَوِيلٌ. وَسَيْرٌ عَطَرَّد: كعطوَّد. وَيَوْمٌ عطرَّدٌ وعطوَّدٌ: طَوِيلٌ. وَطَرِيقٌ عطرَّد: مُمْتَدٌّ طَوِيلٌ، وشأْوٌ عَطَرَّدٌ. وَيُقَالُ: عَطْرِدْ لَنَا عِنْدَكَ هَذَا يَا فُلَانُ أَي صَيِّره لَنَا عِنْدَكَ كالعِدَة وَاجْعَلْهُ لَنَا عُطْروداً مِثْلُه؛ قَالَ: وَمِنْهُ اسْمُ عُطارِدٍ. وعُطارِدٌ: كَوْكَبٌ لَا يُفَارِقُ الشَّمْسَ. قَالَ الأَزهري: وَهُوَ كوكبُ الْكِتَابِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ نَجْمٌ مَنَّ الخُنَّسِ. وعُطارِدٌ: حَيٌّ مِنْ سَعْد، وَقِيلَ: عُطارِدٌ بطنٌ مِنْ تَميمٍ رَهْطُ أَبي رَجاءٍ العُطاردي.

عطود: العَطَوَّدُ: السَّيْرُ السَّرِيعُ؛ قَالَ: وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْخُمَاسِيِّ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

إِليك أَشكُو عَنَقاً عَطَوَّدا

وَيَوْمٌ عَطَرَّد وعَطَوَّدٌ: طَوِيلٌ.

عفد: عَفَدَ يَعْفِد عَفْداً وعَفَداناً: طَفَرَ، يَمَانِيَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا صَفَّ رِجْلَيْهِ فَوَثَبَ مِنْ غَيْرِ عَدْو. والعَفْد: طَائِرٌ يُشْبِهُ الحَمام، وَقِيلَ: هُوَ الْحَمَامُ بِعَيْنِهِ، وَالْجَمْعُ عُفْدانٌ. أَبو عَمْرٍو: الاعْتِفادُ أَن يُغْلِقَ الرَّجُلُ بابَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يسأَل أَحداً حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا؛ وأَنشد:

وقائلةٍ: ذَا زَمانُ اعْتِفادِ،

ومَن ذاكَ يَبْقى عَلَى الاعْتِفاد؟

وَقَدِ اعْتَفَدَ يَعْتَفِدُ اعتِفاداً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَنس: كَانُوا إِذا اشْتَدَّ بِهِمُ الْجُوعُ وَخَافُوا أَن يَمُوتُوا أَغْلَقوا عَلَيْهِمْ بَابًا، وَجَعَلُوا حَظِيرَةً مِنْ شَجَرَةٍ يَدْخُلُونَ فِيهَا لِيَمُوتُوا جُوعًا. قَالَ: وَلَقِيَ رِجْلٌ جَارِيَةً تَبْكِي فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ؟ قَالَتْ: نُرِيدُ أَن نَعْتَفِدَ؛ قَالَ: وَقَالَ النَّظَّارُ بْنُ هَاشِمٍ الأَسدي:

ص: 295

صاحَ بِهِم، عَلَى اعتِفادٍ، زَمانْ

مُعْتَفَدٌ قَطَّاعُ بَيْنِ الأَقْرانْ

قَالَ شَمِرٌ: وَوَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ بُزُرْج اعْتَقَدَ الرجلُ، بِالْقَافِ، وآطَمَ وَذَلِكَ أَن يُغْلق عَلَيْهِ بَابًا إِذا احْتَاجَ حَتَّى يموت.

عقد: العَقْد: نَقِيضُ الحَلِّ؛ عَقَدَه يَعْقِدُه عَقْداً وتَعْقاداً وعَقَّده؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

لَا يَمْنَعَنَّكَ، مِنْ بِغاءِ

الخَيْرِ، تَعْقادُ التمائمْ

واعتَقَدَه كعَقَدَه؛ قَالَ جَرِيرٌ:

أَسِيلَةُ معْقِدِ السِّمْطَيْنِ مِنْهَا،

وَرَيَّا حيثُ تَعْتَقِدُ الحِقابا

وَقَدِ انعَقَد وتعَقَّدَ. والمعاقِدُ: مَوَاضِعُ العَقْد. والعَقِيدُ: المُعَاقِدُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا هُوَ مِنِّي مَعْقِدَ الإِزار أَي بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ فِي الْقُرْبِ، فحذفَ وأَوْصَلَ، وَهُوَ مِنَ الحروف الْمُخْتَصَّةِ الَّتِي أُجريت مُجْرى غَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ لأَنه كَالْمَكَانِ وإِن لَمْ يَكُنْ مَكَانًا، وإِنما هُوَ كَالْمَثَلِ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَنَاءٌ: فُلَانٌ لَا يَعْقِدُ الحَبْلَ أَي أَنه يَعْجِزُ عَنْ هَذَا عَلَى هَوانِهِ وخفَّته؛ قَالَ:

فإِنْ تَقُلْ يَا ظَبْيُ حَلًّا حَلَّا،

تَعْلَقْ وتَعْقِدْ حَبْلَها المُنْحَلَّا

أَي تجِدُّ وتَتَشَمَّرُ لإِغْضابِه وإِرْغامِهِ حَتَّى كأَنها تَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهِ الحبْل. والعُقْدَةُ: حَجْمُ العَقْد، وَالْجَمْعُ عُقَد. وَخُيُوطٌ معقَّدة: شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَيُقَالُ: عَقَدْتُ الْحَبْلَ، فَهُوَ مَعْقُودٌ، وَكَذَلِكَ الْعَهْدُ؛ وَمِنْهُ عُقْدَةُ النِّكَاحِ؛ وانعقَدَ عَقْدُ الْحَبْلِ انْعِقَادًا. وَمَوْضِعُ الْعَقْدِ مِنَ الْحَبْلِ: مَعْقِدٌ، وَجَمْعُهُ مَعاقِد. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

أَسأَلك بِمَعاقِدِ العِزِّ مِنْ عَرْشِك

أَي بِالْخِصَالِ الَّتِي اسْتَحَقَّ بِهَا العرشُ العِزَّ أَو بِمَوَاضِعِ انْعِقَادِهَا مِنْهُ، وَحَقِيقَةُ مَعْنَاهُ: بِعِزِّ عَرْشِكَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَصحاب أَبي حَنِيفَةَ يَكْرَهُونَ هَذَا اللَّفْظَ مِنَ الدُّعَاءِ. وجَبَرَ عَظْمُه عَلَى عُقْدَةٍ إِذا لَمْ يَسْتَوِ. والعُقْدَةُ: قِلَادَةٌ. والعِقْد: الْخَيْطُ يُنْظَمُ فِيهِ الْخَرَزُ، وَجَمْعُهُ عُقود. وَقَدِ اعتقَدَ الدرَّ والخرَزَ وَغَيْرَهُ إِذا اتَّخَذَ مِنْهُ عِقْداً، قَالَ عديَّ بْنُ الرَّقَّاعِ:

وَمَا حُسَيْنَةُ، إِذ قامَتْ تُوَدِّعُنا

لِلبَيْنِ، واعَتَقَدتْ شَذْراً ومَرْجاناً

والمِعْقادُ: خَيْطٌ يُنْظَمُ فِيهِ خَرَزَاتٌ وتُعَلَّق فِي عُنُقِ الصَّبِيِّ. وعقَدَ التاجَ فَوْقَ رأْسه وَاعْتَقَدَهُ: عَصَّبَه بِهِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:

يَعْتَقِدُ التاجَ فوقَ مَفْرَقِه

على جَبينٍ، كأَنه الذَّهَبُ

وَفِي حَدِيثِ

قَيْسِ بْنِ عَبَّاد قَالَ: كنتُ آتِي المدينةَ فأَلقى أَصحابَ رسولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وأَحَبُّهم إِليّ عمرُ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، وأُقيمت صَلَاةُ الصُّبْحِ فَخَرَجَ عُمَرُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَعَرَفَهُمْ غَيْرِي، فَدَفَعَنِي مِنَ الصَّفِّ وَقَامَ مَقَامِي ثُمَّ قَعَدَ يُحَدِّثُنَا، فَمَا رأَيت الرِّجَالَ مَدَّتْ أَعناقها مُتَوَجِّهَةً إِليه فَقَالَ: هلَك أَهلُ العُقَدِ وربِّ الكعبةِ، قَالَهَا ثَلَاثًا، وَلَا آسَى عَلَيْهِمْ إِنما آسَى عَلَى مَنْ يَهْلِكون مِنَ النَّاسِ

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: العُقَدُ الوِلاياتُ عَلَى الأَمصار، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: هَلَكَ أَهلُ العَقَدِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ عَقْدِ الْوِلَايَةِ للأُمراء. وَفِي حَدِيثِ

أُبَيّ: هلكَ أَهلُ العُقْدَة وربِّ الْكَعْبَةِ

؛ يُرِيدُ البَيْعَة الْمَعْقُودَةَ لِلْوِلَايَةِ. وعَقَدَ العَهْدَ وَالْيَمِينَ يَعْقِدهما عَقْداً وعَقَّدهما: أَكدهما. أَبو زَيْدٍ فِي

ص: 296

قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ

وَعَاقَدَتْ أَيمانكم؛ وَقَدْ قُرِئَ عَقَّدَتْ بِالتَّشْدِيدِ، مَعْنَاهُ التَّوْكِيدُ وَالتَّغْلِيظُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها، فِي الْحَلِفِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ عاقَدَت أَيمانُكم

؛ المُعاقَدَة: المُعاهَدة وَالْمِيثَاقُ. والأَيمانُ: جَمْعُ يَمِينِ القَسَمِ أَو الْيَدِ. فأَما الْحَرْفُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ

، بِالتَّشْدِيدِ فِي الْقَافِ قِرَاءَةُ الأَعمش وَغَيْرِهِ، وَقَدْ قُرِئَ عَقَدْتُمْ بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

أُولئك قَوْمٌ، إِن بَنَوْا أَحْسَنُوا الْبُنَا،

وإِن عَاهَدُوا أَوفَوْا، وإِن عاقَدوا شَدُّوا

وَقَالَ آخَرُ:

قوْمٌ إِذا عَقَدُوا عَقْداً لجارِهِم

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: عَاقَدُوا، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: عَقَّدوا، وَالْحَرْفُ قُرِئَ بِالْوَجْهَيْنِ؛ وعَقَدْتُ الحبْلَ وَالْبَيْعَ وَالْعَهْدَ فَانْعَقَدَ. والعَقْد: الْعَهْدُ، وَالْجَمْعُ عُقود، وَهِيَ أَوكد العُهود. وَيُقَالُ: عَهِدْتُ إِلى فلانٍ فِي كَذَا وَكَذَا، وتأْويله أَلزمته ذَلِكَ، فإِذا قُلْتَ: عَاقَدْتُهُ أَو عَقَدْتُ عَلَيْهِ فتأْويله أَنك أَلزمته ذَلِكَ بِاسْتِيثَاقٍ. وَالْمُعَاقَدَةُ: الْمُعَاهَدَةُ. وَعَاقَدَهُ: عهده. وَتَعَاقَدَ الْقَوْمُ: تَعَاهَدُوا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

؛ قِيلَ: هِيَ الْعُهُودُ، وَقِيلَ: هِيَ الْفَرَائِضُ الَّتِي أُلزموها؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَوفوا بالعُقود، خَاطَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بالوفاءِ بِالْعُقُودِ الَّتِي عَقَدَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، والعقُودِ الَّتِي يعقِدها بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَلَى مَا يُوجِبُهُ الدِّينُ. والعَقِيدُ: الحَليفُ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ الْهُذْلِيُّ:

كَمْ مِن عَقِيدٍ وجارٍ حَلَّ عِنْدَهُمُ،

ومِن مُجارٍ بِعَهْدِ اللهِ قَدْ قَتَلُوا

وعَقَدَ البِناءَ بالجِصِّ يَعْقِدُه عَقْداً: أَلْزَقَهُ. والعَقْدُ: مَا عَقَدْتَ مِنَ البِناءِ، وَالْجَمْعُ أَعْقادٌ وعُقودٌ. وعَقَدَ: بَنَى عَقْداً. والعَقْدُ: عَقْدُ طاقِ البناءِ، وَقَدْ عَقَّدَه البَنَّاءُ تَعْقِيداً. وتَعَقَّدَ القوْسُ فِي السَّمَاءِ إِذا صَارَ كأَنه عَقْد مَبْنّي. وتَعَقَّدَ السَّحابُ: صَارَ كَالْعَقْدِ الْمَبْنِيِّ. وأَعقادُه: مَا تعَقَّدَ مِنْهُ، وَاحِدُهَا عَقْد. والمَعْقِدُ: المَفْصِلُ. والأَعْقَدُ مِنَ التُّيوس: الَّذِي فِي قَرْنِه الْتِواء، وَقِيلَ: الَّذِي فِي قَرْنِهِ عُقْدة، وَالِاسْمُ العَقَد. والذئبُ الأَعْقَدُ: المُعْوَجُّ. وَفَحْلٌ أَعْقَدُ إِذا رَفَعَ ذَنَبَه، وإِنما يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ النَّشَاطِ. وَظَبْيَةٌ عَاقِدٌ: انْعَقَدَ طرَفُ ذَنَبِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْعَاطِفُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي رَفَعَتْ رأْسها حَذَرًا عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى وَلَدِهَا. والعَقْداءُ مِنَ الشَّاءِ: الَّتِي ذَنَبُهَا كأَنه مَعْقُودٌ. والعَقَدُ: التواءٌ فِي ذنَب الشَّاةِ يَكُونُ فِيهِ كالعُقْدة؛ شاةٌ أَعْقَدُ وكَبْشٌ أَعْقد وَكَذَلِكَ ذِئْبٌ أَعقد وَكَلْبٌ أَعقد؛ قَالَ جَرِيرٌ:

تَبُول عَلَى القَتادِ بناتُ تَيْمٍ،

مَعَ العُقَدِ النَّوابحِ فِي الدِّيار

وَلَيْسَ شيءٌ أَحَبَّ إِلى الْكَلْبِ مِنْ أَن يَبُولَ عَلَى قَتادةٍ أَو عَلَى شُجَيْرَةٍ صَغِيرَةٍ غَيْرِهَا. والأَعْقَدُ: الْكَلْبُ لِانْعِقَادِ ذَنَبِهِ جَعَلُوهُ اسْمًا لَهُ مَعْرُوفًا. وكلُّ مُلْتَوي الذنَب أَعْقَدُ. وعُقْدَة الْكَلْبِ: قَضِيبُهُ وإِنما قيل عُقدة إِذا عَقَدَت عَلَيْهِ الكلبةُ فَانْتَفَخَ طَرَفه. والعَقَدُ: تَشبُّثُ ظبيةِ اللَّعْوَةِ ببُسْرَة قَضِيبِ الثَّمْثَم، والثمثمُ كَلْبُ الصَّيْد، وَاللَّعْوَةُ: الأُنثى، وظَبْيَتُها: حَياؤُها. وَتَعَاقَدَتِ الكلابُ: تَعاظَلَتْ؛ وَسَمَّى جَرِيرٌ الفرزدقَ عُقْدانَ، إِما عَلَى التَّشْبِيهِ لَهُ بِالْكَلْبِ الأَعْقَدِ الذنبِ، وإِما عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْكَلْبِ المُتعَقِّدِ مَعَ الْكَلْبَةِ إِذا عاظَلَها، فَقَالَ:

ص: 297

وَمَا زِلْتَ يَا عُقْدانُ صاحِبَ سَوْأَةٍ،

تُناجِي بِهَا نَفْساً لَئِيماً ضَمِيرُها

وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَقَّبَهُ عُقْدانَ لِقِصَرِه؛ وَفِيهِ يَقُولُ:

يَا لَيْتَ شِعْري مَا تَمَنَّى مُجاشِعٌ،

وَلَمْ يَتَّرِكْ عُقْدانُ لِلقَوْسِ مَنْزَعا

أَي أَعرَقَ فِي النَّزْع وَلَمْ يَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا. وإِذا أَرْتَجَتِ الناقةُ عَلَى ماءِ الْفَحْلِ فَهِيَ عاقِدٌ، وَذَلِكَ حِينَ تَعْقِدُ بِذَنَبِهَا فَيُعْلَمُ أَنها قَدْ حَمَلَتْ وأَقرت باللِّقاحِ. وَنَاقَةٌ عَاقِدٌ: تَعْقِدُ بذَنَبِها عِنْدَ اللِّقاح؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمَةٍ، وبُزْلٌ

عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً وحُولُ

وظَبْيٌ عاقِدٌ: واضِعٌ عُنُقَه عَلَى عَجُزه، قَدْ عطَفَه لِلنَّوْمِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

وكأَنما وافاكَ، يومَ لَقِيتَها،

مِنْ وحشِ مكةَ عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ

وَالْجَمْعُ العَواقِدُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:

حِسان الوُجوهِ كالظباءِ العَواقِد

وَهِيَ العواطِفُ أَيضاً. وجاءَ عاقِداً عُنُقَه أَي لَاوِيًا لَهَا مِنَ الكِبْر. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَه فإِن مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ

؛ قِيلَ: هُوَ مُعَالَجَتُهَا حَتَّى تَنْعَقِد وتَتَجَعَّد، وَقِيلَ: كَانُوا يَعْقِدونها فِي الْحُرُوبِ فأَمرهم بإِرسالها، كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ تَكَبُّرًا وعُجْباً. وعقدَ العسلُ والرُّبُّ ونحوُهما يَعْقِدُ وانعَقَدَ وأَعْقَدْتُه فَهُوَ مُعْقَدٌ وعَقِيد: غَلُظَ؛ قَالَ الْمُتَلَمِّسُ فِي نَاقَةٍ لَهُ:

أُجُدٌ إِذا اسْتَنْفَرْتَها مِن مَبْرَكٍ

حَلَبَتْ مَغَابِنَها بِرُبٍّ مُعْقَدِ

وَكَذَلِكَ عَقيدُ عَصير الْعِنَبِ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ: عَقَّدْتُ العسلَ والكلامَ أَعْقَدْتُ؛ وأَنشد:

وَكَأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلًا مُعْقَدا

قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَيُقَالُ لِلْقَطِرَانِ وَالرُّبِّ وَنَحْوِهِ: أَعْقَدْتُه حَتَّى تَعَقَّد. واليَعْقِيدُ: عَسَلٌ يُعْقَدُ حَتَّى يَخْثُرَ، وَقِيلَ: اليَعْقِيدُ طعامٌ يُعْقَدُ بِالْعَسَلِ. وعُقْدَةُ اللِّسَانِ. مَا غلُظَ مِنْهُ. وَفِي لِسَانِهِ عُقْدَةٌ وعَقَدٌ أَي التِواء. وَرَجُلٌ أَعْقَدُ وعَقِدٌ: فِي لِسَانِهِ عُقْدَة أَو رَتَجٌ؛ وعَقِدَ لسانهُ يَعْقَدُ عَقَداً. وعَقَّد كلامَه: أَعوَصَه وعَمَّاه. وكلامٌ مُعَقَّدٌ أَي مُغَمَّضٌ. وَقَالَ إِسحاق بْنُ فَرَجٍ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: عَقَدَ فلانُ بْنُ فُلَانٍ عُنقَه إِلى فُلَانٍ إِذا لجأَ إِليه وعَكَدَها. وعَقَدَ قَلْبه عَلَى الشَّيْءِ: لَزِمَه، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: عَقَد فُلَانٌ نَاصِيَتَهُ إِذا غَضِبَ وتهيأَ لِلشَّرِّ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

أَثابُوا أَخاهُمْ، إِذْ أَرادُوا زِيالَه

بأَسْواطِ قِدٍّ، عاقِدِينَ النَّواصِيا

وَفِي حَدِيثٍ:

الخيلُ مَعقودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخيْرُ

أَي مُلَازِمٌ لَهَا كأَنه مَعْقُودٌ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

لَكَ مِنْ قُلُوبِنَا عُقْدَةُ النَّدم

؛ يُرِيدُ عَقْدَ الْعَزْمِ عَلَى النَّدَامَةِ وَهُوَ تَحْقِيقُ التَّوْبَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لآمُرَنَّ بِرَاحِلَتِي تُرْحَلُ ثُمَّ لَا أَحُلُّ لَهَا عُقْدةً حَتَّى أَقدَمَ الْمَدِينَةَ

أَي لَا أَحُلُّ عَزْمِي حَتَّى أَقدَمَها؛ وَقِيلَ: أَراد لَا أَنزل عَنْهَا فأَعقلها حَتَّى أَحتاج إِلى حَلِّ عِقَالِهَا. وعُقْدَة النكاحِ والبيعِ: وُجُوبُهُمَا؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: هُوَ مِنَ الشَّدِّ وَالرَّبْطِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: إِمْلاكُ المرأَةِ، لأَن أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةِ أَيضاً العَقْدُ، فَقِيلَ إِملاك المرأَة كَمَا قِيلَ عُقْدَةُ النِّكَاحِ؛ وانعَقدَ النكاحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ والبيعُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ. وعُقْدَةُ كلِّ شيءٍ: إِبرامه. وَفِي

ص: 298

الْحَدِيثِ:

مَن عقدَ الجِزْية في عنقه فقد بَرِىءَ مِمَّا جاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم

؛ عَقْدُ الجِزْيةِ كِنَايَةٌ عَنْ تَقْرِيرِهَا عَلَى نَفْسِهِ كَمَا تُعْقَدُ الذِّمَّةُ لِلْكِتَابِيِّ عَلَيْهَا. واعتقدَ الشيءُ: صَلُبَ وَاشْتَدَّ. وتَعَقَّد الإِخاءُ: اسْتَحْكَمَ مِثْلُ تَذَلَّلَ. وتَعَقَّدَ الثَّرَى: جَعُدَ. وثَرًى عَقِدٌ عَلَى النسَبِ: مُتَجَعِّدٌ. وعقدَ الشحمُ يعقِدُ: انْبَنَى وَظَهَرَ. والعَقِدُ: المتراكِمُ مِنَ الرَّمْلِ، وَاحِدُهُ عَقِدَة وَالْجَمْعُ أَعقادٌ. والعَقَدُ لُغَةٌ فِي العَقِدِ؛ وَقَالَ هِمْيَانُ:

يَفْتَحُ طُرْقَ العَقِدِ الرَّواتِجا

لِكَثْرَةِ الْمَطَرِ. والعَقدُ: ترطُّبُ الرَّمْلِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ. وَجَمَلٌ عَقِدٌ: قَوِيٌّ. ابْنُ الأَعرابي: العَقِدُ الْجَمَلُ الْقَصِيرُ الصَّبُورُ عَلَى الْعَمَلِ. وَلَئِيمٌ أَعقد: عَسِرُ الخُلُق لَيْسَ بِسَهْلٍ؛ وَفُلَانٌ عَقِيدُ الكرَم وعَقِيدُ اللُّؤْمِ. والعَقَدُ فِي الأَسنان كالقادِحِ. والعاقِدُ: حَرِيمُ الْبِئْرِ وَمَا حَوْلَهُ. والتَّعَقُّدُ فِي الْبِئْرِ: أَن يَخْرخَ أَسفَلُ الطيِّ وَيَدْخُلَ أَعلاه إِلى جِرابها، وجِرابُها اتِّسَاعُهَا. وَنَاقَةٌ مَعْقُودَةُ القَرا: مُوَثَّقَهُ الظَّهْرِ؛ وَجُمَلٌ عَقْدٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

فكيْفَ مَزارُها إِلا بِعَقْدٍ

مُمَرٍّ، لَيْسَ يَنْقُضُه الخَؤُون؟

الْمُرَادُ الحَبْلُ وأَراد بِهِ عَهْدَها. والعُقْدَةُ: الضَّيْعَةُ. واعتَقَدَ أَيضاً: اشْتَرَاهَا. والعُقْدة: الأَرض الْكَثِيرَةُ الشَّجَرِ وَهِيَ تَكُونُ مِنَ الرِّمْثِ والعَرْفَجِ، وأَنكرها بَعْضُهُمْ فِي الْعَرْفَجِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَكَانُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

فَعَدَلْتُ عَنِ الطَّرِيقِ فإِذا بِعُقْدَةٍ مِنْ شَجَرٍ

أَي بُقْعَةٍ كَثِيرَةِ الشَّجَرِ؛ وَقِيلَ: الْعُقْدَةُ مِنَ الشَّجَرِ مَا يَكْفِي الْمَاشِيَةَ؛ وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الشَّجَرِ مَا اجْتَمَعَ وَثَبَتَ أَصله يُرِيدُ الدوامَ. وَقَوْلُهُمْ؛ آلَفُ مِنْ غُرابِ عُقْدَة؛ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هِيَ أَرض كَثِيرَةُ النَّخِيلِ لَا يطيرُ غُرابُها. وَفِي الصِّحَاحِ: آلفُ مِنْ غُراب عُقْدة لأَنه لَا يُطَيَّرُ. والعُقْدَة: بَقِيَّةُ المَرْعَى، وَالْجَمْعُ عُقَدٌ وعِقادٌ. وَفِي أَرض بَنِي فُلَانٍ عُقْدة تَكْفِيهِمْ سَنَتَهُمْ، يَعْنِي مَكَانًا ذَا شَجَرٍ يَرْعَوْنَهُ. وَكُلُّ مَا يَعْتَقِدُهُ الإِنسان مِنَ الْعَقَارِ، فَهُوَ عُقْدَةٌ لَهُ. وَاعْتَقَدَ ضَيْعة وَمَالًا أَي اقْتَنَاهُمَا. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: فِي قَوْلِهِمْ لِفُلَانٍ عُقْدة، الْعُقْدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْحَائِطُ الْكَثِيرُ النَّخْلِ. وَيُقَالُ للقَرْية الْكَثِيرَةِ النَّخْلِ: عُقْدة، وكأَنّ الرَّجُلَ إِذا اتَّخَذَ ذَلِكَ فَقَدْ أَحكم أَمره عِنْدَ نَفْسِهِ وَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ، ثُمَّ صَيَّرُوا كُلَّ شَيْءٍ يَسْتَوْثِقُ الرَّجُلُ بِهِ لِنَفْسِهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ عُقْدة. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا سَكَنَ غَضَبُهُ: قَدْ تَحَلَّلَتْ عُقَدُه. وَاعْتَقَدَ كَذَا بِقَلْبِهِ وَلَيْسَ لَهُ معقودٌ أَي عقدُ رأْي. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا كَانَ يُبَايِعُ وَفِي عُقْدته ضَعْفٌ

أَي فِي رأْيه وَنَظَرِهِ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ. والعَقَدُ والعَقَدانُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ. والعَقِدُ، وَقِيلَ العَقَد: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ سَعْدٍ. وَبَنُو عَقِيدَةَ: قَبِيلَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ. وَبَنُو عَقِيدَةَ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ. والعُقُدُ: بُطُونٌ مِنْ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: العَقَدُ قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ يُنْسَبُ إِليهم العَقَدِيُّ. والعَقَدُ: مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ خَاصَّةً؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. قَالَ: واللَّبكُ بَنُو الْحَرْثِ بْنِ كَعْبٍ مَا خَلَا مِنْقَراً، وذِئابُ الْغَضَا بَنُو كَعْبِ بْنَ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَة. والعُنْقُودُ: وَاحِدُ عناقِيدِ الْعِنَبِ، والعِنقادُ لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

إِذ لِمَّتي سَوْداء كالعِنْقادِ

والعُقْدَةُ مِنَ المَرْعَى: هِيَ الجَنْبَةُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ مَرْعَى عَامَ أَوّلَ، فَهُوَ عُقْدَةٌ وعُرْوَةٌ فَهَذَا مِنَ الجَنْبَة، وَقَدْ يضطرُّ المالُ إِلَى الشَّجَرِ، وَيُسَمَّى عُقْدَةً

ص: 299

وَعُرْوَةً فإِذا كَانَتِ الْجَنَبَةُ لَمْ يُقِلْ لِلشَّجَرِ عُقْدَةً وَلَا عُرْوَةً؛ قَالَ: وَمِنْهُ سميت العُقْدَة؛ وقال الرِّقَاعِ الْعَامِلِيُّ:

خَضَبَتْ لَهَا عُقَدُ البِراقِ جَبينَها،

مِن عَرْكِها عَلَجانَها وعَرادَها

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَمْرٍو: أَلم أَكن أَعلم السباعَ هَاهُنَا كَثِيرًا؟ قِيلَ: نَعَمْ وَلَكِنَّهَا عُقِدَت فَهِيَ تُخَالِطُ الْبَهَائِمَ وَلَا تَهِيجُها

أَي عُولِجَتْ بالأُخَذِ وَالطَّلْسَمَاتِ كَمَا يُعَالِجُ الرومُ الهوامَّ ذواتِ السُّمُومِ، يَعْنِي عُقِدت ومُنِعتْ أَن تَضُرَّ الْبَهَائِمَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي مُوسَى: أَنه كَسَا فِي كفَّارة الْيَمِينِ ثَوْبَيْنِ ظَهْرانِيًّا ومُعَقَّداً

؛ المُعَقَّدُ: ضَرْبٌ من برودِ هَجَرَ.

عكد: العُكْدَةُ والعَكَدَةُ: أَصل اللِّسَانِ وَالذَّنَبِ وعُقْدَتُه، وَالْجَمْعُ عُكَدٌ وعَكَد. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا قُطِعَ اللِّسَانُ مِنْ عُكْدَتِه فَفِيهِ كَذَا

؛ العُكْدَةُ عُقْدَةُ أَصل اللِّسَانِ، وَقِيلَ: مُعْظَمُهُ، وَقِيلَ: وَسَطُه. وعَكْدُ كلِّ شيءٍ: وسَطُه. وعَكَدَة الْقَلْبِ: أَصله بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ. وعَكِدَ الضَّبُّ يَعْكَدُ عَكَداً، فَهُوَ عَكِدٌ، واستَعْكَدَ: سَمِنَ وصَلُبَ لحمُه. واستَعْكَدَ الضبُّ بِحَجَرٍ أَو شَجَرٍ إِذا تَعَصَّرَ بِهِ مخافةَ عُقابٍ أَو بازٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي يَصِفُ الضَّبَّ:

إِذا اسْتَعْكَدَتْ مِنْهُ بكلِّ كُدايَةٍ

مِنَ الصَّخْرِ، وَافَاهَا لَدى كلِّ مَسْرَحِ

وَنَاقَةٌ عَكِدَةٌ: سَمِينَةٌ. واسْتَعْكَدَ الماءُ: اجْتَمَعَ؛ وَيُرْوَى بَيْتُ إمرئِ الْقَيْسِ:

تَرى الفَأْرَ فِي مُسْتَعْكِدِ الماءِ لاحِباً

عَلَى جَدَدِ الصَّحْراءِ، مِن شَدِّ مَلْهَبِ

وعَكْدُكَ هَذَا الأَمْرُ. وحَبابُك وشَبابُكَ ومجهودُك ومعكودُك أَن تَفْعَلَ كَذَا مَعْنَاهُ كلِّه: غايتُك وآخِرُ أَمْرِكَ أَي قُصاراكَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

سَنُصْلي بِهَا القَوْمَ الَّذِينَ اصْطَلَوْا بِهَا،

وإِلَّا فمَعكودٌ لَنا أُمُّ جُندُبِ

ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْكود لَنَا أَي قُصارى أَمْرِنا وَآخِرُهُ أَن نَظْلِمَ فنَقْتُلَ غيرَ قاتِلِنا. وأُم جُنْدُبٍ هُنَا: الغَدْرُ والداهيةُ، وَهَذَا معكودٌ أَي عَتِيدٌ. والمَعْكُودُ: الْمَحْبُوسُ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَلَبَنٌ عُكالِدٌ وعُكَلِدٌ أَي خَاثِرٌ، بِزِيَادَةِ اللَّامِ. والعِلْكِدُ: القَصيرةُ اللَّحِيمةُ.

عكرد: غُلَامٌ عُكْرُدٌ وعُكْرُودٌ وعُكَرِدٌ: سَمِينٌ. وَقَدْ عَكْرَدَ الغلامُ وَالْبَعِيرُ يُعَكْرِدُ عَكْرَدَة إِذا سَمِنَ. وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الإِنسان. وَفِي حَدِيثِ العُرنيين:

فسَمِنوا وعَكْرَدُوا

أَي غَلُظوا وَاشْتَدُّوا. يُقَالُ لِلْغُلَامِ الْغَلِيظِ الْمُشْتَدِّ: عَكْرَدٌ وعُكْرُود.

عكلد: لبنٌ عُكَلِدٌ كَعُكَلِطٍ: خَاثِرٌ. والعُكَلِدُ والعُلَكِدُ كُلُّهُ: الغليظُ الشَّدِيدُ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ عامَّةً، الذَّكَرُ فِيهِ والأُنثى سَوَاءٌ، وَالِاسْمُ العَكْلَدَة.

علد: العَلْدُ: عَصَبُ العُنُق، وَجَمْعُهُ أَعلادٌ. والأَعْلاد: مَضائغُ فِي العُنُقِ مِنْ عَصَبٍ، وَاحِدُهَا عَلْدٌ؛ قَالَ رؤْبة يَصِفُ فَحْلًا:

قَسْبُ العَلابيِّ جُراز الأَعْلادْ

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُرِيدُ عصَبَ عُنُقِهِ. والقَسْبُ: الشديدُ الْيَابِسُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: كَانَ مجاشِعُ بْنُ دارمٍ عِلْودَّ العُنق. قَالَ أَبو عَمْرٍو: العِلْوَدُّ مِنَ الرِّجَالِ الْغَلِيظُ الرقَبَة. والعَلْدُ: الصُّلْبُ الشديدُ مِنْ كُلِّ شيءٍ كأَن فِيهِ

ص: 300

يُبساً مِنْ صَلَابَتِهِ، وَهُوَ أَيضاً: الرَّاسِي الَّذِي لَا يَنقادُ وَلَا يَنْعَطِفُ، وَقَدْ عَلِدَ عَلَداً. وَرَجُلٌ عِلْوَدٌّ وامرأَة عِلْوَدَّةٌ: وَهُوَ الشَّدِيدُ ذُو القَسْوة. والعِلْوَدُّ والعَلْوَدُّ مِنَ الرِّجَالِ والإِبل: المُسِنُّ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الْغَلِيظُ؛ قَالَ الدُّبَيْرِيُّ يَصِفُ الضَّبَّ:

كأَنَّهما ضَبَّانِ ضَبَّا عَرادَةٍ،

كَبيران عِلْوَدَّانِ صُفْراً كُشاهُما

علْوَدَّان: ضَخْمان. واعْلَوَّدَ الرجلُ إِذا غلط. والعِلْوَدُّ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ: الْكَبِيرُ الْهَرِمُ؛ وَوَصَفَ الْفَرَزْدَقُ بَظْرَ أُم جَرِيرٍ بِالْعِلْوَدِّ فَقَالَ:

بِئْسَ المُدافِعُ عنكمُ عِلْوَدُّها،

وابنُ المَراغَةِ كانَ شَرّ مُجِير

وإِنما عَنَى بِهِ عِظَمَه وصَلابَتَه. وَنَاقَةٌ عِلْوَدَّة: هَرِمة. وَسَيِّدٌ عِلْوَدٌّ: رَزِينٌ ثَخِينٌ؛ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ: العِلوَدُ، بِالتَّخْفِيفِ، فَزَعَمَ السِّيرَافِيُّ أَنها لُغَةٌ. واعْلَوَّدَ: لَزِمَ مَكانه فَلَمْ يُقْدَر عَلَى تَحْرِيكِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

وعِزُّنا عِزٌّ إِذا تَوَحَّدا،

تَثاقلتْ أَركانُه واعْلَوَّدا

وعَلْوَدَ يُعَلْوِدُ إِذا لَزِمَ مَكَانَهُ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَحْرِيكِهِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العِلْوَدَّةُ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تَنْقادُ بِقَوَائِمِهَا وتَجْذِبُ بِعُنُقِها الْقَائِدَ جَذْباً شَدِيدًا، وَقَلَّمَا يَقُودُهَا حَتَّى يَسُوقَهَا سَائِقٌ مِنْ وَرَائِهَا، وَهِيَ غَيْرُ طَيِّعَةِ القِيادة وَلَا سَلِسَةٍ؛ وأَما قَوْلُ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ:

وغُودِرَ عِلْوَدٌّ لهَا مُتَطاوِلٌ،

نَبيلٌ كَجُثْمانِ الجُرادَةِ ناشِرُ

فإِنه أَراد بِعِلْوَدِّها عُنُقَها، أَراد النَّاقَةَ. والجُرادَةُ: اسْمُ رملةٍ بِعَيْنِهَا؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:

أَيُّ غُلامٍ لَشَ عِلَوَدِّ العُنُقْ

لَيْسَ بِكَبَّاسٍ وَلَا جَدٍّ حَمِقْ «3»

. قَوْلُهُ لَشَ أَراد لَكَ، لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ. والعُلادى والعَلَنْدى والعُلَنْدى: الْبَعِيرُ الضَّخْمُ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ الطَّوِيلُ وَكَذَلِكَ الفرس، وقيل: هو الغليط مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والأُنثى عَلَنْداة، وَالْجَمْعُ عَلادى، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَلَدْنى. وَفِي التَّهْذِيبِ: عَلانِدُ عَلَى تَقْدِيرِ قَلانِسَ. وَقَالَ النَّضْرُ: العَلَنْداة مِنَ الإِبل الْعَظِيمَةُ الطَّوِيلَةُ، وَلَا يُقَالُ جمَلٌ عَلَنْدى؛ قَالَ: والعَفَرْناة مِثْلُهَا وَلَا يُقَالُ جَمَلٌ عَفَرْنى، وَرُبَّمَا قَالُوا جَمَلٌ عُلُنْدى؛ قَالَ أَبو السَّمَيْدَع: اعْلَنْدى الجملُ واكْلَنْدى إِذا غِلَظَ وَاشْتَدَّ. والعَلَنْدَدُ: الْفَرَسُ الشَّدِيدُ. وَمَا لِي عَنْهُ عَلَنْدَدٌ ومُعْلَنْدَدٌ أَي بدٌّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا وَجَدْتُ إِلى ذَلِكَ مَعْلَنْدَداً ومُعْلَنْدَداً أَي سَبِيلًا؛ وَحَكَى أَيضاً: مَا لِي عَنْ ذَلِكَ مُعْلُنْدُدٌ ومُعُلَنْدَدٌ أَي مَحِيص. والعَلَنْدَى، بِالْفَتْحِ: الْغَلِيظُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والعَلَنْدى: ضَرْبٌ مِنْ شَجَرِ الرَّمْلِ وَلَيْسَ بحَمْض يَهِيجُ لَهُ دُخَانٌ شَدِيدٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

سَيَأْتِيكُمُ مِنِّي، وإِنْ كنتُ نَائِيًا،

دُخانُ العَلَنْدَى دونَ بَيْتَي مِذْوَدُ

أَي سيأْتي مذْوَدٌ يَذُودُكُمْ يَعْنِي الْهِجَاءَ. وَقَوْلُهُ: دُخَانُ العَلَنْدى دُونَ بَيْتِي أَي منابتُ الْعَلْنَدَى بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ: العَلَنْداةُ شَجَرَةٌ طَوِيلَةٌ لَا شَوْكَ لَهَا مِنَ العِضاه؛ قَالَ الأَزهري: لم يصب

(3). قوله [بكباس] كذا في شرح القاموس بباء موحدة قبل الألف وفي الأَصل بلا نقط

ص: 301

اللَّيْثُ فِي وَصْفِ الْعَلَنْدَاةِ لأَن الْعَلَنْدَاةَ شَجَرَةٌ صُلْبَةُ الْعِيدَانِ جاسيَة لَا يُجْهِدُهَا الْمَالُ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْعِضَاهِ، وَكَيْفَ تَكُونُ مِنَ الْعِضَاهِ وَلَا شَوْكَ لَهَا؟ والعضاهُ مِنَ الشَّجَرِ: مَا كَانَ لَهُ شَوْكٌ صَغِيرًا كَانَ أَو كَبِيرًا، وَالْعَلْنَدَاةُ لَيْسَتْ بِطَوِيلَةٍ وأَطولها عَلَى قَدْرِ قِعْدة الرَّجُلِ، وَهِيَ مَعَ قِصَرِهَا كَثِيفَةُ الأَغصان مُجْتَمِعَةٌ.

علكد: العِلْكِدُ والعُلَكِدُ والعَلْكَدُ والعُلْكُدُ والعُلاكِدُ والعِلَّكْد، كُلُّهُ: الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ عامَّةً، الذكرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ، وَالِاسْمُ العَلْكَدَةُ. والعِلْكِد والعلَّكْد كِلْتَاهُمَا: الْعَجُوزُ الصَّخَّابة، وَقِيلَ هِيَ المرأَة الْقَصِيرَةُ اللَّحِيمةُ الْحَقِيرَةُ الْقَلِيلَةُ الْخَيْرِ؛ وأَنشد الأَزهري:

وعِلْكِدٍ خَثْلَتُها كالجُفِّ،

قَالَتْ وَهِيَ تُوعِدُني بالكَفِّ:

أَلا امْلأَنَّ وَطْبَنا وكَفِّي

قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العِلْكِدُ الدَّاهِيَةُ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:

أَعْيَسَ مَضْبُورَ القَرا عِلْكَدَّا

قَالَ: شَدَّدَ الدَّالَ اضْطِرَارًا. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يُشَدِّدُ اللَّامَ. وَقَالَ النَّضْرُ: فِي فُلَانٍ عَلْكَدَةٌ وجَساةٌ فِي خَلْقه أَي غِلَظٌ. الأَزهري: العَلاكِدُ الإِبل الشِّدَادُ؛ قَالَ دُكَيْنٌ:

يَا دِيلُ مَا بِتَّ بِلَيْلٍ جاهِدا،

وَلَا رَحَلْتَ الأَيْنُقَ العَلاكِدا

علند: العَلَنْدى: البَعِير الضَّخْمُ الطَّوِيلُ، والأُنثى عَلَنداة، وَالْجَمْعُ العَلانِدُ والعَلادى والعَلَنْداةُ أَو الْعَلَانِدُ. وَالْعَلَنْدَاةُ: الْعَظِيمَةُ الطَّوِيلَةُ، وَرَجُلٌ عَلَنْدى والعَفَرْناة مِثْلُهَا. واعْلَنْدى الْبَعِيرُ إِذا غَلُظَ. وَيُقَالُ: مَا لِي عَنْهُ مُعْلَنْدِدٌ، بِكَسْرِ الدَّالِ، أَي لَيْسَ دُونَهُ مُناخٌ وَلَا مَقِيلٌ إِلا الْقَصْدَ نَحْوَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

كَمْ دونَ مَهْدِيَّةَ مِنْ مُعْلَنْدِدِ

قَالَ: المُعْلَنْدِدُ الْبَلَدُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ ماءٌ وَلَا مرْعى. وَيُقَالُ: مَا لِي عَنْهُ عُنْدُدٌ وَلَا مُعْلَنْدَدٌ وَلَا احْتِيَالٌ أَي مَا لِي عَنْهُ بُدٌّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا وَجَدْتُ إِلى ذَلِكَ عُنْدُداً وعَنْدَداً ومُعْلَنْدداً أَي سَبِيلًا، وَقَدْ مَرَّ أَكثر هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي عَلِدَ.

علنكد: الأَزهري: رَجُلٌ عَلَنْكَدٌ صلب شديد.

علهد: عَلْهَدْت الصَّبِيَّ: أَحسنت غذاءَه.

عمد: العَمْدُ: ضِدُّ الخطإِ فِي الْقَتْلِ وَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ. وَقَدْ تَعَمَّده وتعمَّد لَهُ وعَمَده يعْمِده عَمْداً وعَمَدَ إِليه وَلَهُ يَعْمِد عَمَدًا وتعمَّده واعتَمَده: قَصَدَهُ، وَالْعَمْدُ الْمَصْدَرُ مِنْهُ. قَالَ الأَزهري: الْقَتْلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوجه: قَتْلُ الخطإِ المحْضِ وَهُوَ أَن يَرْمِيَ الرَّجُلَ بِحَجَرٍ يُرِيدُ تَنْحِيَتَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ وَلَا يَقْصِدُ بِهِ أَحداً فيصيب إِنساناً فيقلته، فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّامِي أَخماساً مِنَ الإِبل وَهِيَ عِشْرُونَ ابْنَةَ مَخاض، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُون، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّة وَعِشْرُونَ جَذَعة؛ وأَما شِبْهُ الْعَمْدِ فَهُوَ أَن يَضْرِبَ الإِنسان بِعَمُودٍ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ أَو بِحَجَرٍ لَا يَكَادُ يَمُوتُ مَنْ أَصابه فيموت منه فيه الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ؛ وَكَذَلِكَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ فِيهِ ثَلَاثُونَ حَقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وأَربعون مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إِلى بازِلِ عامِها كُلُّهَا خَلِفَةٌ؛ فأَما شِبْهُ الْعَمْدِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وأَما الْعَمْدُ الْمَحْضُ فَهُوَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ. وَفَعَلْتُ ذَلِكَ عَمْداً عَلَى عَيْن وعَمْدَ عَيْنٍ أَي بِجدٍّ وَيَقِينٍ؛ قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ:

إِنْ تَكُ خَيْلِي قَدْ أُصِيبَ صَميمُها.

فعَمْداً عَلَى عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالِكا

ص: 302

وعَمَد الْحَائِطَ يَعْمِدُه عَمْداً: دعَمَه؛ وَالْعَمُودُ الَّذِي تَحَامَلَ الثِّقْلُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقُ كَالسَّقْفِ يُعْمَدُ بالأَساطينِ الْمَنْصُوبَةِ. وعَمَد الشيءَ يَعْمِدُه عَمْدًا: أَقامه. والعِمادُ: مَا أُقِيمَ بِهِ. وعمدتُ الشيءَ فانعَمَد أَي أَقمته بِعِمادٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ. والعِمادُ: الأَبنية الرَّفِيعَةُ، يُذَكَّرُ ويؤَنث، الْوَاحِدَةُ عِمادة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

ونَحْنُ، إِذا عِمادُ الحَيِّ خَرَّتْ

عَلَى الأَحَفاضِ، نَمْنَعُ مَنْ يَلِينا

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ

؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَي ذَاتِ الطُّولِ، وَقِيلَ أَي ذَاتِ البناءِ الرَّفِيعِ؛ وَقِيلَ أَي ذَاتِ البناءِ الرَّفِيعِ المُعْمَدِ، وَجَمْعُهُ عُمُدٌ والعَمَدُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: ذاتِ الْعِمادِ

إِنهم كَانُوا أَهل عَمَدٍ يَنْتَقِلُونَ إِلى الكَلإِ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ يَرْجِعُونَ إِلى مَنَازِلِهِمْ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لأَصحاب الأَخبِيَة الَّذِينَ لَا يَنْزِلُونَ غَيْرَهَا هُمْ أَهل عَمود وأَهل عِماد. الْمُبَرِّدُ: رَجُلٌ طويلُ العِماد إِذا كَانَ مُعْمَداً أَي طَوِيلًا. وَفُلَانٌ طويلُ العِماد إِذا كَانَ مَنْزِلُهُ مُعْلَماً لِزَائِرِيهِ. وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: زَوْجِي رفيعُ العِمادِ

؛ أَرادت عِمادَ بيتِ شَرَفِهِ، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الْبَيْتَ مَوْضِعَ الشَّرَفِ فِي النَّسَبِ وَالْحَسَبِ. والعِمادُ والعَمُود: الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا الْبَيْتُ. وأَعمَدَ الشيءَ: جَعَلَ تَحْتَهُ عَمَداً. والعَمِيدُ: الْمَرِيضُ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ مِنْ مَرَضِهِ حَتَّى يُعْمَدَ مِنْ جَوَانِبِهِ بالوَسائد أَي يُقامَ. وَفِي حَدِيثِ

الْحَسَنِ وَذَكَرَ طَالِبَ الْعِلْمِ: وأَعْمَدَتاه رِجْلاه

أَي صَيَّرَتاه عَمِيداً، وَهُوَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَن يَثْبُتَ عَلَى الْمَكَانِ حَتَّى يُعْمَدَ مِنْ جَوَانِبِهِ لِطُولِ اعْتِمَادِهِ فِي الْقِيَامِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: أَعمدتاه رِجْلَاهُ، عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ أَكلوني البراغيثُ، وهي لغة طيء. وَقَدْ عَمَدَه المرضُ يَعْمِدُه: فَدَحَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَمِنْهُ اشْتُقَّ القلبُ العَمِيدُ. يَعْمِدُه: يُسْقِطُهُ ويَفْدَحُه ويَشْتَدُّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَدَخَلَ أَعرابي عَلَى بَعْضِ الْعَرَبِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ تَجدُك؟ فَقَالَ: أَما الَّذِي يَعْمِدُني فَحُصْرٌ وأُسْرٌ. وَيُقَالُ لِلْمَرِيضِ مَعمود، وَيُقَالُ لَهُ: مَا يَعْمِدُكَ؟ أَي مَا يُوجِعُك. وعَمَده الْمَرَضُ أَي أَضناه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَلا مَنْ لِهَمٍّ آخِرَ اللَّيْلِ عامِدِ

مَعْنَاهُ: مُوجِعٌ. رَوَى ثَعْلَبٌ أَنَّ ابْنَ الأَعرابي أَنشده لِسِمَاكٍ الْعَامِلِيِّ:

أَلا مَنْ شَجَتْ ليلةٌ عامِدَه،

كَمَا أَبَداً ليلةٌ واحِدَه

وَقَالَ: مَا مَعْرِفَةٌ فَنَصْبُ أَبداً عَلَى خُرُوجِهِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ كَانَ جَائِزًا «4» . قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُهُ لَيْلَةٌ عَامِدَةٌ أَي مُمْرضة مُوجِعَةٌ. واعْتَمَد عَلَى الشَّيْءِ: توكّأَ. والعُمْدَةُ: مَا يُعتَمَدُ عَلَيْهِ. واعْتَمَدْتُ عَلَى الشَّيْءِ: اتكأْتُ عَلَيْهِ. وَاعْتَمَدْتُ عَلَيْهِ فِي كَذَا أَي اتَّكَلْتُ عَلَيْهِ. وَالْعَمُودُ: الْعَصَا؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:

يَهْدي العَمُودُ لَهُ الطريقَ إِذا هُمُ

ظَعَنُوا، ويَعْمِدُ لِلطَّرِيقِ الأَسْهَلِ

واعْتَمَد عَلَيْهِ فِي الأَمر: تَوَرَّك عَلَى الْمَثَلِ. وَالِاعْتِمَادُ: اسْمٌ لِكُلِّ سَبَبٍ زَاحَفْتَهُ، وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنك إِنما تُزاحِفُ الأَسباب لاعْتِمادها عَلَى الأَوْتاد. والعَمود: الْخَشَبَةُ الْقَائِمَةُ فِي وَسَطِ الخِباء، وَالْجَمْعُ أَعْمِدَة وعُمُدٌ، والعَمَدُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وَيُقَالُ: كُلُّ خِبَاءٍ مُعَمَّدٌ؛ وَقِيلَ: كُلُّ خِبَاءٍ كَانَ طَوِيلًا فِي الأَرض

(4). قوله [وقال ما معرفة إلى قوله كان جائزاً] كذا بالأَصل

ص: 303

يُضْرَبُ عَلَى أَعمدة كَثِيرَةٍ فَيُقَالُ لأَهْلِه: عَلَيْكُمْ بأَهْل ذَلِكَ الْعَمُودِ، وَلَا يُقَالُ: أَهل العَمَد؛ وأَنشد:

وَمَا أَهْلُ العَمُودِ لَنَا بأَهْلٍ،

وَلَا النَّعَمُ المُسامُ لَنَا بمالِ

وَقَالَ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:

يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاح والعَمَدِ

قَالَ: الْعَمَدُ أَساطين الرُّخَامِ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ

؛ قُرِئَتْ فِي عُمُدٍ، وَهُوَ جَمْعُ عِمادٍ وعَمَد، وعُمُد كَمَا قَالُوا إِهابٌ وأَهَبٌ وَأُهُبٌ وَمَعْنَاهُ أَنها فِي عَمَدٍ مِنَ النَّارِ؛ نَسَبَ الأَزهري هَذَا الْقَوْلَ إِلى الزَّجَّاجِ، وَقَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ: العَمَد والعُمُد جَمِيعًا جَمْعَانِ لِلْعَمُودِ مِثْلُ أَديمٍ وأَدَمٍ وأُدُمٍ وقَضيم وقَضَمٍ وقُضُمٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ إِنها بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا أَي لَا تَرَوْنَ تِلْكَ الْعَمَدَ، وَقِيلَ خَلَقَهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ وَكَذَلِكَ تَرَوْنَهَا؛ قَالَ: والمعنى في التفسير يؤول إِلى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ تأْويل بِغَيْرِ عَمْدٍ تَرَوْنَهَا التأْويل الَّذِي فُسِّرَ بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا، وَتَكُونُ الْعَمَدُ قُدْرَتَهُ الَّتِي يُمْسِكُ بِهَا السَّمَاوَاتِ والأَرض؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه خَلَقَهَا مَرْفُوعَةً بِلَا عَمَدٍ وَلَا يَحْتَاجُونَ مَعَ الرُّؤْيَةِ إِلى خَبَرٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ خَلَقَهَا بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَ تِلْكَ الْعَمَدَ؛ وَقِيلَ: الْعَمَدُ الَّتِي لَا تُرَى قُدْرَتُهُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ أَنكم لَا تَرَوْنَ الْعَمَدَ وَلَهَا عَمَدٌ، وَاحْتَجَّ بأَن عَمَدَهَا جَبَلُ قَافٍ الْمُحِيطُ بِالدُّنْيَا وَالسَّمَاءُ مِثْلُ الْقُبَّةِ، أَطرافها عَلَى قَافٍ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، وَيُقَالُ: إِن خُضْرَةَ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ فَيَصِيرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا تَحْشُرُ النَّاسَ إِلى الْمَحْشَرِ. وعَمُودُ الأُذُنِ: مَا اسْتَدَارَ فَوْقَ الشَّحْمَةِ وَهُوَ قِوامُ الأُذن الَّتِي تَثْبُتُ عَلَيْهِ وَمُعْظَمُهَا. وَعَمُودُ اللِّسَانِ: وسَطُه طُولًا، وعمودُ الْقَلْبِ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ عِرْقٌ يَسْقِيهِ، وَكَذَلِكَ عَمُودُ الكَبِد. وَيُقَالُ للوَتِينِ: عَمُودُ السَّحْر، وَقِيلَ: عَمُودُ الْكَبِدِ عِرْقَانِ ضَخْمَانِ جَنَابَتَي السُّرة يَمِينًا وَشِمَالًا. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لَخَارِجٌ عَمُودُهُ مِنْ كَبِدِهِ مِنَ الْجُوعِ. والعمودُ: الوَتِينُ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، فِي الجالِبِ قَالَ: يأْتي بِهِ أَحدهم عَلَى عَمُودِ بَطْنِه

؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: عَمُودُ بَطْنِهِ ظَهْرُهُ لأَنه يُمْسِكُ الْبَطْنَ ويقوِّيه فَصَارَ كَالْعَمُودِ لَهُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: عِنْدِي أَنه كَنَّى بِعَمُودِ بَطْنِهِ عَنِ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ أَي أَنه يأْتي بِهِ عَلَى تَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ، وإِن لَمْ يَكُنْ عَلَى ظَهْرِهِ إِنما هُوَ مَثَلٌ، وَالْجَالِبُ الَّذِي يَجْلِبُ الْمَتَاعَ إِلى الْبِلَادِ؛ يقولُ: يُتْرَكُ وبَيْعَه لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ حَتَّى يَبِيعَ سِلْعَتَهُ كَمَا شَاءَ، فإِنه قَدِ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ وَالتَّعَبَ فِي اجْتِلَابِهِ وَقَاسَى السَّفَرَ والنصَب. والعمودُ: عِرْقٌ مِنْ أُذُن الرُّهَابَةِ إِلى السَّحْرِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: عَمُودُ الْبَطْنِ شِبْهُ عِرْق مَمْدُودٍ مِنْ لَدُنِ الرُّهَابَةِ إِلى دُوَيْنِ السُّرَّةِ فِي وَسَطِهِ يَشُقُّ مِنْ بَطْنِ الشَّاةِ. وَدَائِرَةُ الْعَمُودِ فِي الْفَرَسِ: الَّتِي فِي مَوَاضِعِ الْقِلَادَةِ، وَالْعَرَبُ تَسْتَحِبُّهَا. وَعَمُودُ الأَمر: قِوامُه الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ إِلا بِهِ. وَعَمُودُ السِّنانِ: مَا تَوَسَّط شَفْرتَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ النَّاتِئُ فِي وَسَطِهِ. وَقَالَ النَّضْرُ: عَمُودُ السَّيْفِ الشَّطِيبَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ مَتْنِهِ إِلى أَسفله، وَرُبَّمَا كَانَ لِلسَّيْفِ ثَلَاثَةُ أَعمدة فِي ظَهْرِهِ وَهِيَ الشُّطَبُ والشَّطائِبُ. وعمودُ الصُّبْحِ: مَا تَبَلَّجَ مِنْ ضَوْئِهِ وَهُوَ المُسْتَظهِرُ مِنْهُ، وَسَطَعَ عمودُ الصُّبْحِ عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. وعمودُ النَّوَى: مَا اسْتَقَامَتْ عَلَيْهِ السَّيَّارَةُ مِنْ بَيْتِهِ عَلَى الْمَثَلِ. وَعَمُودُ الإِعْصارِ: مَا يَسْطَعُ مِنْهُ فِي السَّمَاءِ أَو يَسْتَطِيلُ عَلَى وَجْهِ الأَرض.

ص: 304

وعَمِيدُ الأَمرِ: قِوامُه. والعميدُ: السَّيِّدُ المُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الأُمور أَو الْمَعْمُودُ إِليه؛ قَالَ:

إِذا مَا رأَتْ شَمْساً عَبُ الشَّمْسِ، شَمَّرَتْ

إِلى رَمْلِها، والجُلْهُمِيُّ عَمِيدُها

وَالْجَمْعُ عُمَداءُ، وَكَذَلِكَ العُمْدَةُ، الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِيهِ سَوَاءٌ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ: أَنتم عُمْدَتُنا الَّذِينَ يُعْتَمد عَلَيْهِمْ. وعَمِيدُ الْقَوْمِ وعَمُودُهم: سَيِّدُهُمْ. وَفُلَانٌ عُمْدَةُ قَوْمِهِ إِذا كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ فِيمَا يَحْزُبُهم، وَكَذَلِكَ هُوَ عُمْدتنا. والعَمِيدُ: سَيِّدُ الْقَوْمِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:

حَتَّى يَصِيرَ عَمِيدُ القومِ مُتَّكِئاً،

يَدْفَعُ بالرَّاح عَنْهُ نِسْوَةٌ عُجُلُ

وَيُقَالُ: استقامَ القومُ عَلَى عَمُودِ رأْيهم أَي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ. وَاعْتَمَدَ فُلَانٌ لَيْلَتَهُ إِذا رَكِبَهَا يَسْرِي فِيهَا؛ وَاعْتَمَدَ فُلَانٌ فُلَانًا فِي حَاجَتِهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ. والعَمِيدُ: الشَّدِيدُ الْحُزْنِ. يُقَالُ: مَا عَمَدَكَ؟ أَي مَا أَحْزَنَك. والعَمِيدُ والمَعْمُودُ: المشعوف عِشْقاً، وَقِيلَ: الَّذِي بَلَغَ بِهِ الْحُبُّ مَبْلَغاً. وقَلبٌ عَمِيدٌ: هَدَّهُ الْعِشْقُ وَكَسَرَهُ. وعَمِيدُ الوجعِ: مَكَانُهُ. وعَمِدَ البعَيرُ عَمَداً، فَهُوَ عَمِدٌ والأُنثى بِالْهَاءِ: وَرِمَ سنَامُه مِنْ عَضِّ القَتَب والحِلْس وانْشدَخَ؛ قَالَ لَبِيَدٌ يَصِفُ مَطَرًا أَسال الأَودية:

فَبَاتَ السَّيْلُ يَرْكَبُ جانِبَيْهِ،

مِنَ البَقَّارِ، كالعَمِدِ الثَّقَالِ

قَالَ الأَصمعي: يَعْنِي أَن السَّيْلَ يَرْكَبُ جَانِبَيْهِ سحابٌ كالعَمِد أَي أَحاط بِهِ سَحَابٌ مِنْ نَوَاحِيهِ بِالْمَطَرِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكُونَ السَّنَامُ وَارِيًا فَيُحْمَلَ عَلَيْهِ ثِقْلٌ فَيَكْسِرَهُ فَيَمُوتَ فِيهِ شَحْمُهُ فَلَا يَسْتَوِي، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَرِمَ ظَهْرُ الْبَعِيرِ مَعَ الغُدَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْشَدِخَ السَّنَامُ انْشِدَاخًا، وَذَلِكَ أَن يُرْكَب وَعَلَيْهِ شَحْمٌ كَثِيرٌ. والعَمِدُ: الْبَعِيرُ الَّذِي قَدْ فَسَدَ سَنَامُه. قَالَ: وَمِنْهُ قِيلَ رَجُلٌ عَمِيدٌ ومَعْمُودٌ أَي بَلَغَ الْحُبُّ مِنْهُ، شُبه بِالسَّنَامِ الَّذِي انْشَدَخَ انْشِدَاخًا. وعَمِدَ البعيرُ إِذا انْفَضَخَ داخلُ سَنَامِه مِنَ الرُّكُوبِ وَظَاهِرُهُ صَحِيحٌ، فَهُوَ بَعِيرٌ عَمِدٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: أَنّ نادبته قالت: وا عُمراه أَقام الأَودَ وَشَفَى العَمَدَ.

الْعَمَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: ورَمٌ ودَبَرٌ يَكُونُ فِي الظَّهْرِ، أَرادت بِهِ أَنه أَحسن السِّيَاسَةَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَلِيٍّ: لِلَّهِ بَلَاءُ فُلَانٍ فَلَقَدْ قَوَّم الأَوَدَ ودَاوَى العَمَدَ

؛ وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:

كَمْ أُدارِيكم كَمَا تُدارَى البِكارُ العَمِدَةُ؟

البِكار جَمْعُ بَكْر وَهُوَ الفَتيُّ مِنَ الإِبل، والعَمِدَةُ مِنَ العَمَدِ: الورَمِ والدَّبَرِ، وَقِيلَ: العَمِدَةُ الَّتِي كَسَرَهَا ثِقَلُ حَمْلِهَا. والعِمْدَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْتَفِخُ مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ وَغَارِبِهِ. وَقَالَ النَّضْرُ: عَمِدَتْ أَلْيَتَاهُ مِنَ الرُّكُوبِ، وَهُوَ أَن تَرِمَا وتَخْلَجَا. وعَمدْتُ الرَّجُلَ أَعْمِدُه عَمْداً إِذا «1» ضَرَبْتَهُ بِالْعَمُودِ. وعَمَدْتُه إِذا ضَرَبْتَ عَمُودَ بَطْنِهِ. وعَمدَ الخُراجُ عَمَداً إِذا عُصرَ قَبْلَ أَن يَنْضَجَ فَوَرِمَ وَلَمْ تَخْرُجْ بَيْضَتُهُ، وَهُوَ الْجُرْحُ العَمِدُ. وعَمِدَ الثَّرى يَعْمَدُ عَمَداً: بَلَّلَه الْمَطَرُ، فَهُوَ عَمِدٌ، تقَبَّضَ وتَجَعَّدَ ونَدِيَ وَتَرَاكَبَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فإِذا قَبَضْتَ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ تَعَقَّدَ وَاجْتَمَعَ مِنْ نُدُوَّته؛ قَالَ الرَّاعِيَ يَصِفُ بَقَرَةً وَحْشِيَّةً:

حَتَّى غَدَتْ فِي بياضِ الصُّبْحِ طَيِّبَةً،

رِيحَ المَباءَةِ تَخْدِي، والثَّرَى عَمِدُ

(1). قوله [أعمده عمداً إذا إلخ] كذا ضبط بالأَصل ومقتضى صنيع القاموس أنه من باب كتب.

ص: 305

أَراد طَيِّبَةَ ريِحِ المباءَةِ، فَلَمَّا نَوَّنَ طَيِّبَةً نَصبَ رِيحَ الْمَبَاءَةِ. أَبو زَيْدٍ: عَمِدَتِ الأَرضُ عَمَداً إِذا رَسَخَ فِيهَا الْمَطَرُ إِلى الثَّرَى حَتَّى إِذ قَبَضْتَ عَلَيْهِ فِي كَفِّكَ تَعَقَّدَ وجَعُدَ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لعَمِدُ الثَّرَى أَي كَثِيرُ الْمَعْرُوفِ. وعَمَّدْتُ السيلَ تَعْميداً إِذا سَدَدْتَ وَجْهَ جَريته حَتَّى يَجْتَمِعَ فِي مَوْضِعٍ بِتُرَابٍ أَو حِجَارَةٍ. والعمودُ: قضِيبُ الْحَدِيدِ. وأَعْمَدُ: بِمَعْنَى أَعْجَبُ، وَقِيلَ: أَعْمَدُ بِمَعْنَى أَغْضبُ مِنْ قَوْلِهِمْ عَمِدَ عَلَيْهِ إِذا غَضِبَ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَتَوَجَّعُ وأَشتكي مِنْ قَوْلِهِمْ عَمَدَني الأَمرُ فَعَمِدْتُ أَي أَوجعني فَوَجِعتُ. الغَنَويُّ: العَمَدُ والضَّمَدُ والغَضَبُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ العَمَدُ والأَمَدُ أَيضاً. وعَمِدَ عَلَيْهِ: غَضب كَعَبِدَ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمُبْدَلِ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: أَعْمَدُ من كَيلِ مُحِقٍّ أَي هَلْ زَادَ عَلَى هَذَا. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ مُحِّقَ، بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ الأَزهري: ورأَيت فِي كِتَابٍ قَدِيمٍ مَسْمُوعٍ مِنْ كَيْلٍ مُحِقَ، بِالتَّخْفِيفِ، مِنَ المَحْقِ، وفُسِّر هَلْ زَادَ عَلَى مِكْيَالٍ نُقِصَ كَيْلُه أَي طُفِّفَ. قَالَ: وَحَسِبْتُ أَن الصَّوَابَ هَذَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

فاكْتَلْ أُصَيَّاعَكَ مِنْهُ وانْطَلِقْ،

وَيْحَكَ هَلْ أَعْمَدُ مِن كَيْلٍ مُحِقْ

وَقَالَ: مَعْنَاهُ هَلْ أَزيد عَلَى أَن مُحِقَ كَيْلي؟ وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه أَتى أَبا جَهْلِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ صَرِيعٌ، فَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى مُذَمَّرِهِ لِيُجْهِزَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبو جَهْلٍ: أَعْمَدُ مِنْ سَيِّدٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ

أَي أَعْجَبُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ هَلْ زَادَ عَلَى سَيِّدٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، هَلْ كَانَ إِلا هَذَا؟ أَي أَن هَذَا لَيْسَ بِعَارٍ، وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَن يُهَوِّنَ عَلَى نَفْسِهِ مَا حَلَّ بِهِ مِنَ الْهَلَاكِ، وأَنه لَيْسَ بِعَارٍ عَلَيْهِ أَن يَقْتُلَهُ قَوْمُهُ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: هَذَا اسْتِفْهَامٌ أَي أَعجب مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؛ قَالَ الأَزهري: كأَن الأَصل أَأَعْمَدُ مِنْ سَيِّدٍ فَخُفِّفَتْ إِحدى الْهَمْزَتَيْنِ؛ وَقَالَ ابْنُ مَيَّادة وَنَسَبَهُ الأَزهري لِابْنِ مُقْبِلٍ:

تُقَدَّمُ قَيْسٌ كلَّ يومِ كَرِيهَةٍ،

ويُثْنى عَلَيْهَا فِي الرَّخاءِ ذُنوبُها

وأَعْمَدُ مِنْ قومٍ كفَاهُمْ أَخوهُمُ

صِدامَ الأَعادِي، حيثُ فُلَّتْ نُيُوبُها

يَقُولُ: هَلْ زِدْنَا عَلَى أَن كَفَينَا إِخْوَتَنَا. والمُعْمَدُ والعُمُدُّ والعُمُدَّان والعُمُدَّانيُّ: الشابُّ الْمُمْتَلِئُ شَبَابًا، وَقِيلَ هُوَ الضَّخْمُ الطَّوِيلُ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالْهَاءِ، وَالْجَمْعُ العُمَدَّانِيُّونَ. وامرأَة عُمُدَانِيَّة: ذاتُ جِسْمٍ وعَبَالَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: العَمودُ والعِمادُ والعُمْدَةُ والعُمْدانُ رَئِيسُ الْعَسْكَرِ وَهُوَ الزُّوَيْرُ. وَيُقَالُ لرِجْلَي الظَّلِيمِ: عَمودانِ. وعَمُودانُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ حَاتِمٌ الطَّائِيُّ:

بَكَيْتَ، وَمَا يُبْكِيكَ مِنْ دِمْنَةٍ قَفْرِ،

بِسُقفٍ إِلى وَادِي عَمُودانَ فالغَمْرِ؟

ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ: حَلِسَ بِهِ وعَرِسَ بِهِ وعَمِدَ بِهِ ولَزِبَ بِهِ إِذا لَزِمَه. ابْنُ الْمُظَفَّرِ: عُمْدانُ اسْمُ جَبَلٍ أَو مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَزهري: أُراه أَراد غُمْدان، بِالْغَيْنِ، فصحَّفه وَهُوَ حِصْنٌ فِي رأْس جَبَلٍ بِالْيَمَنِ مَعْرُوفٌ وَكَانَ لِآلِ ذِي يَزَنَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا تَصْحِيفٌ كَتَصْحِيفِهِ يَوْمَ بُعاث وَهُوَ مِنْ مَشَاهِيرِ أَيَّامِ العرب أَخرجه في الغين وصحفه.

عمرد: العُمْرُودُ والعَمَرَّدُ: الطَّوِيلُ. يُقَالُ ذئبٌ عَمَرَّدٌ وسَبْسَبٌ عَمَرَّدٌ طَوِيلٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛

ص: 306

وأَنشد:

فَقَامَ وَسْنَانَ وَلَمْ يُوَسَّدِ،

يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ كَفِعلِ الأَرْمَدِ

إِلى صَناعِ الرِّجْلِ خَرْقاءِ اليَدِ،

خَطّارةٍ بالسَّبْسَبِ العَمَرَّدِ

وَيُقَالُ: العَمَرّدُ الشرِسُ الخُلُقِ القَوِيُّ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ عَمَرَّد؛ قَالَ المُعَذَّلُ بنُ عَبْدِ اللهِ:

مِنَ السُّحِّ جَوَّالًا، كأَنَّ غُلامَه

يُصَرِّفُ سِبْداً فِي العِنانِ عَمَرَّدَا

قَوْلُهُ مِنَ السُّحِّ يُرِيدُ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تَصُبُّ الجَرْي. والسِّبْدُ: الداهِيةُ. يُقَالُ: هُوَ سِبدُ أَسْبادٍ. أَبو عَمْرٍو: شَأْوٌ عَمَرَّدٌ؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ الأَحوص:

ثارَتْ بِهِمْ قَتْلَى حَنِيفَةَ، إِذْ أَبَتْ

بِنِسْوَتِهِمْ إِلا النَّجاءَ العَمَرَّدَا

والعَمَرَّدُ: الذئبُ الخبيثُ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَصِفُ فَرَسًا:

عَلَى سابِحٍ نَهْدٍ يُشَبَّه، بالضُّحَى،

إِذا عَادَ فِيهِ الرَّكْضُ، سِيداً عَمَرَّدا

قَالَ أَبو عَدْنانَ: أَنشدتني امرأَة شدَّادٍ الكِلابية لأَبيها:

عَلَى رِفَلٍّ ذِي فُضُولٍ أَقْوَدِ،

يَغْتَالُ نِسْعَيْهِ بِحَوْزٍ مُوفِدِ،

صَافِي السَّبِيبِ سَلِبٍ عَمَرَّدِ

فسأَلتها عَنِ العَمَرَّد فَقَالَتِ: النجيبةُ الرحيلُ مِنَ الإِبل، وَقَالَتِ: الرَّحِيلُ الَّذِي يَرْتَحِلُهُ الرَّجُلُ فَيَرْكَبُهُ. والعمرَّد: السَّيْرُ السَّرِيعُ الشَّدِيدُ؛ وأَنشد:

فَلَمْ أَرَ لِلْهَمِّ المُنِيخِ كَرِحْلَةٍ،

يَحُثُّ بِهَا القومُ النَّجاءَ العَمَرَّدا

عند: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ

. قَالَ قَتَادَةُ: العنيدُ المُعْرِضُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ تَعَالَى: وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ

. عَنَدَ الرجلُ يَعْنُد عَنْداً وعُنُوداً وعَنَداً: عَتَا وطَغَا وجاوزَ قَدْرَه. وَرَجُلٌ عَنِيدٌ: عانِدٌ، وَهُوَ مِنَ التجبُّرِ. وَفِي خُطْبَةِ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: وستَرَوْن بَعْدِي مُلْكاً عَضُوضاً ومَلِكاً عَنوداً

؛ العَنُودُ والعَنِيدُ بِمَعْنًى وَهُمَا فَعِيلٌ وفَعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَو مُفاعَل. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

فَأَقْصِ الأَدْنَيْنَ عَلَى عُنُودِهِم عَنْكَ

أَي مَيْلِهم وجَوْرِهِم. وعنَدَ عَنِ الْحَقِّ وَعَنِ الطَّرِيقِ يَعْنُدُ ويَعْنِدُ: مالَ. والمُعانَدَةُ والعِنادُ: أَن يَعْرِفَ الرجلُ الشَّيْءَ فيأْباه وَيَمِيلَ عَنْهُ؛ وَكَانَ كُفْرُ أَبي طَالِبٍ مُعاندة لأَنه عَرَفَ وأَقرَّ وأَنِفَ أَن يُقَالَ: تَبِعَ ابْنَ أَخيه، فَصَارَ بِذَلِكَ كَافِرًا. وعانَدَ مُعانَدَةً أَي خَالَفَ وردَّ الحقَّ وَهُوَ يَعْرِفُهُ، فَهُوَ عَنِيدٌ وعانِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً عَنِيدًا

؛ الْعَنِيدُ: الْجَائِرُ عَنِ الْقَصْدِ الْبَاغِي الَّذِي يَرُدُّ الْحَقَّ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ. وَتَعَانَدَ الْخَصْمَانِ: تَجَادَلَا. وعندَ عَنِ الشَّيْءِ وَالطَّرِيقِ يَعْنِدُ ويَعْنُدُ عُنُوداً، فَهُوَ عَنُود، وعَنِدَ عَنَداً: تَباعَدَ وعَدل. وَنَاقَةٌ عَنُودٌ: لَا تخالطُ الإِبل تَباعَدُ عَنِ الإِبل فَتَرْعَى نَاحِيَةً أَبداً، والجمعُ عُنُدٌ وعانِدٌ وعانِدَةٌ، وَجَمْعُهَمَا جَمِيعًا عَوانِدُ وعُنَّدٌ؛ قَالَ:

إِذا رَحَلْتُ فاجْعَلوني وسَطَا،

إِني كَبيرٌ لَا أُطِيقُ العُنَّدَا

جَمَعَ بَيْنِ الطَّاءِ وَالدَّالِ، وَهُوَ إِكفاءٌ. وَيُقَالُ: هُوَ يَمْشِي وسَطاً لَا عَنَداً. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ يَذْكُرُ سِيرَتَهُ يَصِفُ نَفْسَهُ بِالسِّيَاسَةِ فَقَالَ: إِني أَنهَرُ اللَّفُوت وأَضُمُّ العَنُود وأُلْحِقُ القَطُوف وأَزْجُرُ العَرُوض

؛ قَالَ: الْعُنُودُ هُوَ مِنَ

ص: 307

الإِبل الَّذِي لَا يُخَالِطُهَا وَلَا يَزَالُ مُنْفَرِدًا عَنْهَا، وأَراد: مَنْ خَرَجَ عَنِ الْجَمَاعَةِ أَعدته إِليها وَعَطَفْتُهُ عَلَيْهَا؛ وَقِيلَ: العَنُود الَّتِي تباعَدُ عَنِ الإِبل تَطْلُبُ خِيَارَ المَرْتَع تتأَنَّفُ، وَبَعْضُ الإِبل يَرْتَعُ مَا وَجَدَ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي، وأَبو نَصْرٍ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي طَائِفَةِ الإِبل أَي فِي نَاحِيَتِهَا. وَقَالَ الْقَيْسِيُّ: الْعَنُودُ مِنَ الإِبل الَّتِي تُعَانِدُ الإِبل فَتُعَارِضُهَا، قَالَ: فإِذا قَادَتْهُنَّ قُدُماً أَمامهنَّ فَتِلْكَ السَّلوف. وَالْعَانِدُ: الْبَعِيرُ الذي يَجُورُ عَنِ الطَّرِيقِ ويَعْدِلُ عَنِ القَصْد. ورجلٌ عَنُودٌ: يُحَلُّ عِنْده وَلَا يُخَالِطُ النَّاسَ؛ قَالَ:

ومَوْلًى عَنُودٌ أَلْحَقَتْه جَريرَةٌ،

وَقَدْ تَلْحَقُ المَوْلى العنودَ الجرائرُ

الْكِسَائِيُّ: عنَدَتِ الطَّعْنَةُ تَعْنِدُ وتَعْنُد إِذا سَالَ دَمُهَا بَعِيدًا مِنْ صَاحِبِهَا؛ وَهِيَ طَعْنَةٌ عَانِدَةٌ. وعَنَدَ الدمُ يَعْنِد [يَعْنُد] إِذا سَالَ فِي جَانِبٍ. والعَنودُ مِنَ الدَّوَابِّ: الْمُتَقَدِّمَةُ فِي السَّيْرِ، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنْ حُمُرِ الْوَحْشِ. وَنَاقَةٌ عُنُودٌ: تَنْكُبُ الطريقَ مِنْ نَشَاطِهَا وَقُوَّتِهَا، وَالْجَمْعُ عُنُدٌ وعُنَّدٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن عُنَّداً لَيْسَ جَمْعَ عَنُودٍ لأَن فَعُولًا لَا يُكَسَّرُ عَلَى فُعَّل، وإِنما هِيَ جَمْعُ عانِدٍ، وَهِيَ مُمَاتَةٌ. وعانِدَةُ الطَّرِيقِ: مَا عُدِلَ عَنْهُ فَعَنَدَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

فإِنَّكَ، والبُكا بَعْدَ ابنِ عَمْرٍو،

لَكَالسَّاري بِعانِدَة الطريقِ

يَقُولُ: رُزِئْتَ عَظِيمًا فَبُكَاؤُكَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَهُ ضَلَالٌ أَي لَا يَنْبَغِي لَكَ أَن تَبْكِيَ عَلَى أَحد بَعْدَهُ. وَيُقَالُ: عانَدَ فُلَانٌ فُلَانًا عِناداً: فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ. يُقَالُ: فُلَانٌ يُعانِدُ فُلَانًا أَي يَفْعَلُ مِثْلَ فِعْلِهِ، وَهُوَ يُعَارِضُهُ ويُباريهِ. قَالَ: وَالْعَامَّةُ يُفَسِّرُونَهُ يُعانِدُه يَفْعَلُ خِلافَ فِعْلِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرف ذَلِكَ وَلَا أَثبته. والعَنَدُ: الِاعْتِرَاضُ؛ وَقَوْلُهُ:

يَا قومِ، مَا لِي لَا أُحِبُّ عَنْجَدَهْ؟

وكلُّ إِنسانٍ يُحِبُّ وَلَدَهْ،

حُبَّ الحُبارَى ويَزِفُّ عَنَدَهْ

وَيُرْوَى يَدُقُّ أَي معارَضةَ الْوَلَدِ؛ قَالَ الأَزهري: يُعَارِضُهُ شَفَقَةً عَلَيْهِ. وَقِيلَ: العَنَدُ هُنَا الْجَانِبُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الِاعْتِرَاضُ. قَالَ: يُعَلِّمُهُ الطَّيَرانَ كَمَا يُعَلِّمُ العُصْفُورُ ولَدَه، وأَنشده ثَعْلَبٌ: وكلُّ خنزيرٍ. قَالَ الأَزهري: والمُعانِدُ هُوَ المُعارِضُ بِالْخِلَافِ لَا بالوِفاقِ، وَهَذَا الَّذِي تَعْرِفُهُ الْعَوَامُّ، وَقَدْ يَكُونُ العِنادُ مُعَارَضَةً لِغَيْرِ الْخِلَافِ، كَمَا قَالَ الأَصمعي وَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ عَنَدِ الحُبارى، جَعَلَهُ اسْمًا مِنْ عانَدَ الحُبارى فَرْخَه إِذا عَارَضَهُ فِي الطَّيَرَانِ أَوّلَ مَا يَنْهَضُ كأَنه يُعَلِّمُهُ الطَّيَرَانَ شَفَقَةً عَلَيْهِ. وأَعْنَدَ الرجلُ: عارَضَ بِالْخِلَافِ. وأَعْنَدَ: عارَض بِالِاتِّفَاقِ. وعانَدَ البعيرُ خِطامَه: عارضَه. وعانَدَه معانَدَةً وعِناداً: عارَضَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فافْتَنَّهُنَّ مِن السَّواءِ وماؤُه

بَثْرٌ، وعانَدَه طريقٌ مَهْيَعُ «2»

افْتَنَّهُنَّ مِنَ الفَنّ، وَهُوَ الطرْدُ، أَي طَرَدَ الحِمارُ أُتُنَه مِنَ السَّواءِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ بَثْرٌ. والمَهْيَعُ: الْوَاسِعُ. وعَقَبَةٌ عَنُودٌ: صَعْبَةُ المُرْتَقى. وعَنَدَ العِرْقُ وعَنِدَ وعَنُدَ وأَعْنَدَ: سَالَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْقَأُ، وَهُوَ عِرْقٌ عاندٌ؛ قَالَ عَمْرُو بنُ مِلْقَطٍ:

(2). قوله [وماؤه بثر] تفسير البثر بالموضع لا يلاقي الإِخبار به عن قوله ماؤه، ولياقوت في حل هذا البيت أنه الماء القليل وهو من الأَضداد انتهى. ولا ريب أن بثراً اسم موضع إلا أنه غير مراد هنا

ص: 308

بِطَعْنَةٍ يَجْري لَها عانِدٌ،

كالماءِ مِنْ غائِلَةِ الجابِيَهْ

وَفَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي العانِدَ هُنَا بِالْمَائِلِ، وَعَسَى أَن يَكُونَ السَّائِلَ فَصَحَّفَهُ النَّاقِلُ عَنْهُ. وأَعْنَدَ أَنْفُه: كَثُرَ سَيَلانُ الدمِ مِنْهُ. وأَعْنَدَ القَيْءَ وأَعْنَدَ فِيهِ إِعناداً: تَابَعَهُ. وَسُئِلَ

ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَقَالَ: إِنه عِرْقٌ عانِدٌ أَو رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العِرْقُ العانِدُ الَّذِي عَنَدَ وبَغى كالإِنسان يُعانِدُ، فَهَذَا الْعِرْقُ فِي كَثْرَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِمُنْزِلَتِهِ، شُبِّهَ بِهِ لِكَثْرَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ؛ وَقِيلَ: العانِدُ الَّذِي لَا يرقأُ؛ قَالَ الرَّاعِي:

ونحنُ تَرَكْنا بالفَعاليِّ طَعْنَةً،

لَهَا عانِدٌ، فَوقَ الذِّراعَينِ، مُسْبِل «1»

وأَصله مِنْ عُنودِ الإِنسان إِذا بَغى وعَنَدَ عَنِ الْقَصْدِ؛ وأَنشد:

وبَخَّ كلُّ عانِدٍ نَعُورِ

والعَنَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْجَانِبُ. وعانَدَ فلانٌ فُلَانًا إِذا جَانَبَهُ. ودَمٌ عانِدٌ: يَسِيلُ جَانِبًا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: عَنَدَ الرَّجُلُ عن أَصحابه يَعْنُدُ عُنُوداً إِذا مَا تَرَكَهُمْ وَاجْتَازَ عَلَيْهِمْ. وعَنَدَ عَنْهُمْ إِذا مَا تَرَكَهُمْ فِي سَفَرٍ وأَخَذَ فِي غيرِ طَرِيقِهِمْ أَو تَخَلَّفَ عَنْهُمْ. والعُنُودُ: كأَنه الخِلافُ والتَّباعُدُ وَالتَّرْكُ؛ لَوْ رأَيت رَجُلًا بِالْبَصْرَةِ مِنْ أَهل الْحِجَازِ لَقُلْتَ: شَدَّ مَا عَنَدْتَ عَنْ قَوْمِكَ أَي تَبَاعَدْتَ عَنْهُمْ. وَسَحَابَةٌ عَنُودٌ: كَثِيرَةُ الْمَطَرِ، وَجَمْعُهُ عُنُدٌ؛ وَقَالَ الرَّاعِي:

دِعْصاً أَرَذَّ عَلَيْهِ فُرَّقٌ عُنُدُ

وقِدْحٌ عَنُودٌ: وهو الَّذِي يَخْرُجُ فَائِزًا عَلَى غَيْرِ جِهَةِ سائرِ الْقِدَاحِ. وَيُقَالُ: اسْتَعْنَدَني فُلَانٌ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ أَي قَصَدَني. وأَما عِنْدَ: فَحُضُورُ الشيءِ ودُنُوُّه وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ: عِنْدَ وعَنْدَ وعُنْدَ، وَهِيَ ظَرْفٌ فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، تَقُولُ: عِنْدَ الليلِ وعِنْدَ الْحَائِطِ إِلا أَنها ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ، لَا تَقُولُ: عِنْدُك واسعٌ، بِالرَّفْعِ؛ وَقَدْ أَدخلوا عَلَيْهِ مِنْ حُرُوفِ الْجَرِّ مِنْ وَحْدِهَا كَمَا أَدخلوها عَلَى لَدُنْ. قَالَ تَعَالَى: رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا*

. وَقَالَ تَعَالَى: مِنْ لَدُنَّا*. وَلَا يُقَالُ: مَضَيْتُ إِلى عِنْدِك وَلَا إِلى لَدُنْكَ؛ وَقَدْ يُغْرى بِهَا فَيُقَالُ: عِنْدَكَ زَيْدًا أَي خُذْه؛ قَالَ الأَزهري: وَهِيَ بِلُغَاتِهَا الثَّلَاثِ أَقْصى نِهاياتِ القُرْبِ وَلِذَلِكَ لَمْ تُصَغَّرْ، وَهُوَ ظَرْفٌ مُبْهَمٌ وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَمَكَّنَ إِلا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَن يَقُولَ الْقَائِلُ لِشَيْءٍ بِلَا عِلْمٍ: هَذَا عِنْدي كَذَا وَكَذَا، فَيُقَالُ: ولَكَ عِنْدٌ؛ زَعَمُوا أَنه فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُرَادُ بِهِ القَلْبُ وَمَا فِيهِ مَعْقُولٌ مِنَ اللُّبِّ، وَهَذَا غَيْرُ قَوِيٍّ. وَقَالَ اللَّيْثُ: عِنْد حَرْفٌ صِفَةٌ يَكُونُ مَوْضعاً لِغَيْرِهِ وَلَفْظُهُ نَصْبٌ لأَنه ظَرْفٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ فِي التَّقْرِيبِ شِبْهُ اللِّزْقِ وَلَا يَكَادُ يَجِيءُ فِي الْكَلَامِ إِلا مَنْصُوبًا لأَنه لَا يَكُونُ إِلا صِفَةً مَعْمُولًا فِيهَا أَو مُضْمَرًا فِيهَا فِعْلٌ إِلا فِي قَوْلِهِمْ: ولَكَ عندٌ، كَمَا تَقَدَّمَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا عِنْدَكَ: تُحَذّرُه شَيْئًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَو تأْمُرُه أَن يَتَقَدَّمَ، وَهُوَ مِنْ أَسماء الْفِعْلِ لَا يَتَعَدَّى؛ وَقَالُوا: أَنت عِنْدي ذاهبٌ أَي فِي ظَنِّي؛ حَكَاهَا ثَعْلَبٌ عَنِ الْفَرَّاءِ. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تأْمر مِنَ الصِّفَاتِ بِعَلَيْكَ وعِنْدَك ودُونَك وإِلَيْكَ، يَقُولُونَ: إِليكَ إِليكَ عَنِّي، كَمَا يَقُولُونَ: وراءَكَ وَرَاءَكَ، فَهَذِهِ الْحُرُوفُ كَثِيرَةٌ؛ وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ: بَيْنَكما البعيرَ فَخُذَاهُ، فَنَصَبَ الْبَعِيرَ وأَجاز ذَلِكَ فِي كُلِّ الصِّفَاتِ الَّتِي تُفْرَدُ وَلَمْ يُجِزْهُ فِي اللَّامِ وَلَا

(1). قوله [بالفعالي] كذا بالأَصل

ص: 309

الْبَاءِ وَلَا الْكَافِ؛ وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ الْعَرَبَ تَقُولُ: كَمَا أَنْتَ وزَيْداً ومكانَكَ وزيْداً؛ قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي سُلَيْمٍ يَقُولُ: كَمَا أَنْتَني، يَقُولُ: انْتَظِرْني فِي مكانِكَ. وَمَا لِي عَنْهُ عُنْدَدٌ وعُنْدُدٌ أَي بُدٌّ؛ قَالَ:

لَقَدْ ظَعَنَ الحَيُّ الجميعُ فأَصْعَدُوا،

نَعَمْ لَيْسَ عَمَّا يَفْعَلُ اللَّهُ عُنْدُدُ

وإِنما لَمْ يُقْضَ عَلَيْهَا أَنها فُنْعُلٌ لأَن التَّكْرِيرَ إِذا وَقَعَ وَجَبَ الْقَضَاءُ بِالزِّيَادَةِ إِلا أَن يَجِيءَ ثَبَتٌ، وإِنما قَضَى عَلَى النُّونِ هَاهُنَا أَنها أَصل لأَنها ثَانِيَةٌ وَالنُّونُ لَا تُزَادُ ثَانِيَةً إِلا بثَبَتٍ. وَمَا لِي عَنْهُ مُعْلَنْدَدٌ أَيضاً وَمَا وَجَدْتُ إِلى كَذَا مُعْلَنْدَداً أَي سَبِيلًا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا لِي عَنْ ذَاكَ عُنْدَدٌ وعُنْدُدٌ أَي مَحِيص. وَقَالَ مَرَّةً: مَا وَجَدْتُ إِلى ذَلِكَ عُنْدُداً وعُنْدَداً أَي سَبِيلًا وَلَا ثَبَتَ هُنَا. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِنَّ تَحْتَ طِرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأْوَةً، والطريقةُ: اللّينُ والسكونُ، والعِنْدَأْوَةُ: الجَفْوَةُ والمَكْرُ؛ قَالَ الأَصمعي: مَعْنَاهُ إِن تَحْتَ سُكُونِكَ لَنَزْوَةً وطِماحاً؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: العِنْدَأْوَةُ الِالْتِوَاءُ والعَسَرُ، وَقَالَ: هُوَ مِنَ العَداء، وَهَمَزَهُ بَعْضُهُمْ فَجَعَلَ النُّونَ وَالْهَمْزَةَ زَائِدَتَيْنِ «1» عَلَى بِناءِ فِنْعَلْوة، وَقَالَ غَيْرُهُ: عِنْداوَةٌ فِعْلَلْوَة. وعانِدانِ: وَادِيَانِ مَعْرُوفَانِ؛ قَالَ:

شُبَّتْ بِأَعْلى عانِدَيْنِ مَنْ إِضَمْ

وعانِدينَ وعانِدونَ: اسمُ وادٍ أَيضاً. وَفِي النَّصْبِ وَالْخَفْضِ عَانِدِينِ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ وَمِثْلُهُ بِقاصِرينَ وخانِقِينَ ومارِدين وماكِسِين وناعِتِين، وَكُلُّ هَذِهِ أَسماء مَوَاضِعَ؛ وَقَوْلُ سَالِمِ بْنِ قُحْفَانَ:

يَتْبَعْنَ وَرْقاءَ كَلَوْنِ العَوْهَقِ،

لاحِقَةَ الرِّجْلِ عَنُودَ المِرْفَقِ

يَعْنِي بَعِيدَةَ المِرْفَقِ مِنَ الزَّوْرِ. والعَوْهَقُ: الخُطَّافُ الجَبَلِيُّ، وَقِيلَ: الْغُرَابُ الأَسود، وَقِيلَ: الثَّوْرُ الأَسود، وَقِيلَ: اللَّازَوَرْدُ. وطَعْنٌ عَنِدٌ، بِالْكَسْرِ، إِذا كَانَ يَمْنَةً ويَسْرَةً. قَالَ أَبو عَمْرٍو: أَخَفُّ الطَّعْن الوَلْقُ، والعانِدُ مثله.

عنجد: العُنْجُدُ: حبُّ الْعِنَبِ. والعَنْجَدُ والعُنْجَدُ: رَديءُ الزَّبيب، وَقِيلَ: نَوَاهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُنْجُدُ والعُنْجَدُ الزبيبُ، وَزَعَمَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه حَبُّ الزَّبِيبِ؛ قَالَ الشاعر:

غَدا كالعَسَلَّسِ، فِي حُذْلِهِ

رُؤُوسُ العَظارِيِّ كالعُنْجُدِ

والعَظارِيُّ: ذكورُ الْجَرَادِ، وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَن العنجُد، بِضَمِّ الْجِيمِ، الأَسود مِنَ الزَّبِيبِ. قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ العَنْجَدُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ؛ قَالَ الخليل:

رُؤُوسُ العَناظِبِ كالعَنْجَدِ

شبَّه رؤُوس الْجَرَادِ بِالزَّبِيبِ، وَمَنْ رَوَاهُ خَناظِب فَهِيَ الخنافِسُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلزَّبِيبِ العَنْجَدُ والعُنْجَدُ والعُنْجُدُ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَحَاكَمَ أَعرابي رَجُلًا إِلى الْقَاضِي فَقَالَ: بِعْتُ بِهِ عُنْجُداً مُذْ جَهْرٍ فَغَابَ عَنِّي؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْجَهْرُ قِطْعَةٌ مِنَ الدَّهْرِ. وعَنْجَدٌ وعَنْجَدَةُ: اسْمَانِ؛ قَالَ:

يَا قومِ، مَا لِي لَا أُحِبُّ عَنْجَدَه؟

وكلُّ إِنسانٍ يُحِبُّ وَلَدَه،

حُبَّ الحُبارى، ويَذُبُّ عَنَدَه

(1). قوله [النون والهمزة زائدتين] كذا بالأَصل وفيه يكون بناء عندأوة فنعالة لا فنعلوة

ص: 310

عنجرد: الأَزهري، الْفَرَّاءُ: امرأَة عَنْجَرِدٌ: خبيثةٌ سيئةُ الخُلُق؛ وأَنشد:

عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحْلِفُ،

كَمِثْلِ شَيْطانِ الحَماطِ أَعْرَفُ

وَقَالَ غَيْرُهُ: امرأَة عنجرد سَلِيطَةٌ.

عندد: الأَزهري: يُقَالُ مَا لِي عَنْهُ عُنْدُدٌ وَلَا مُعْلَنْدَدٌ أَي مَا لِي عَنْهُ بُدٌّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا وَجَدْتُ إِلى ذَلِكَ عُنْدُداً وعُنْدَداً ومُعْلَنْدَداً أَي سبيلًا.

عنقد: العُنْقُودُ والعِنقادُ مِنَ النَّخْلِ والعنبِ والأَراكِ والبُطْم وَنَحْوِهَا؛ قَالَ:

إِذْ لِمَّتي سَوْداءُ كالعِنْقادِ،

كَلِمَّةٍ كانتْ عَلَى مَصادِ

وعُنْقُود: اسْمُ ثَوْرٍ؛ قَالَ:

يَا ربِّ سَلِّمْ قَصَباتِ عُنْقُودْ

عنكد: العَنْكَدُ: ضَرْبٌ مِنَ السمك البحري.

عهد: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: مَا أَدري مَا الْعَهْدُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: العَهْدُ كُلُّ مَا عُوهِدَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وكلُّ مَا بَيْنَ العبادِ مِنَ المواثِيقِ، فَهُوَ عَهْدٌ. وأَمْرُ الْيَتِيمِ مِنَ العهدِ، وَكَذَلِكَ كلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ ونَهى عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعاءِ:

وأَنا عَلَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ مَا استَطَعْتُ

أَي أَنا مُقِيمٌ عَلَى مَا عاهَدْتُك عَلَيْهِ مِنَ الإِيمان بِكَ والإِقرار بوَحْدانيَّتِك لَا أَزول عَنْهُ، وَاسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ مَا استَطَعْتُ مَوْضِع القَدَرِ السابقِ فِي أَمره أَي إِن كَانَ قَدْ جَرَى القضاءُ أَنْ أَنْقُضَ العهدَ يَوْمًا مَا فإِني أُخْلِدُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلى التَّنَصُّلِ وَالِاعْتِذَارِ، لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ فِي دَفْعِ مَا قَضَيْتَهُ عَلَيَّ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِني مُتَمَسِّكٌ بِمَا عَهِدْتَه إِليّ مِنْ أَمرك وَنَهْيِكَ ومُبْلي العُذْرِ فِي الوفاءِ بِهِ قَدْرَ الوُسْع وَالطَّاقَةِ، وإِن كُنْتُ لَا أَقدر أَن أَبلغ كُنْهَ الْوَاجِبِ فِيهِ. والعَهْدُ: الْوَصِيَّةُ، كَقَوْلِ سَعْدٍ حِينَ خَاصَمَ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ فِي ابْنِ أَمَتِهِ فَقَالَ: ابْنُ أَخي عَهِدَ إِليّ فِيهِ أَي أَوصى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

تمَسَّكوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ

أَي مَا يُوصِيكُمْ بِهِ ويأْمرُكم، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:

رضِيتُ لأُمَّتي مَا رضيَ لَهَا ابنُ أُمِّ عَبْدٍ

لِمَعْرِفَتِهِ بِشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ وَنَصِيحَتِهِ لَهُمْ، وابنُ أُم عَبْدٍ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. وَيُقَالُ: عهِد إِلي فِي كَذَا أَي أَوصاني؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: عَهِدَ إِليّ النبيُّ الأُمّيُ

أَي أَوْصَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ

؛ يَعْنِي الوصيةَ والأَمر. والعَهْدُ: التقدُّم إِلى المرءِ فِي الشيءِ. وَالْعَهْدُ: الَّذِي يُكتب لِلْوُلَاةِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ عُهودٌ، وَقَدْ عَهِدَ إِليه عَهْداً. والعَهْدُ: المَوْثِقُ وَالْيَمِينُ يَحْلِفُ بِهَا الرَّجُلُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. تَقُولُ: عَلَيَّ عهْدُ اللَّهِ وميثاقُه، وأَخذتُ عَلَيْهِ عهدَ اللَّهِ وميثاقَه؛ وَتَقُولُ: عَلَيَّ عهدُ اللهِ لأَفعلن كَذَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ

؛ وَقِيلَ: وليُّ الْعَهْدِ لأَنه وليَ الميثاقَ الَّذِي يؤْخذ عَلَى مَنْ بَايَعَ الْخَلِيفَةَ. وَالْعَهْدُ أَيضاً: الْوَفَاءُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ

؛ أَي مِنْ وَفَاءٍ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العهْدُ جَمْعُ العُهْدَةِ وَهُوَ الْمِيثَاقُ وَالْيَمِينُ الَّتِي تستوثقُ بِهَا مِمَّنْ يعاهدُك، وإِنما سُمِّيَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَهلَ العهدِ: لِلذِّمَّةِ الَّتِي أُعْطُوها والعُهْدَةِ المُشْتَرَطَةِ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ. والعَهْدُ والعُهْدَةُ وَاحِدٌ؛ تَقُولُ: بَرِئْتُ إِليك مِنَ عُهْدَةِ هَذَا العبدِ أَي مِمَّا يدركُك فِيهِ مِنْ عَيْب كَانَ مَعْهُودًا فِيهِ عِنْدِي. وَقَالَ شَمِرٌ: العَهْد الأَمانُ، وَكَذَلِكَ الذِّمَّةُ؛ تَقُولُ: أَنا أُعْهِدُك مِنْ هَذَا الأَمر

ص: 311

أَي أُؤَمِّنُك مِنْهُ أَو أَنا كَفيلُك، وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى غُلَامًا فَقَالَ: أَنا أُعْهِدُك مِنْ إِباقه، فَمَعْنَاهُ أَنا أُؤَمِّنُك مِنْهُ وأُبَرِّئُكَ مِنْ إِباقه؛ وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ العُهْدَة؛ وَيُقَالُ: عُهْدَتُه عَلَى فُلَانٍ أَي مَا أُدْرِك فِيهِ مِنْ دَرَكٍ فإِصلاحه عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُمْ: لَا عُهْدَة أَي لَا رَجْعَة. وَفِي حَدِيثِ

عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: عُهْدَةُ الرقيقِ ثَلَاثَةُ أَيامٍ

؛ هُوَ أَن يَشْتَرِي الرقيقَ وَلَا يَشْترِطَ البائعُ البَراءَةَ مِنَ الْعَيْبِ، فَمَا أَصاب الْمُشْتَرَى مِنْ عَيْبٍ فِي الأَيام الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَرُدُّ إِن شَاءَ بِلَا بَيِّنَةٍ، فإِن وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَرُدُّ إِلا بِبَيِّنَةٍ. وعَهِيدُك: المُعاهِدُ لَكَ يُعاهِدُك وتُعاهِدُه وَقَدْ عَاهَدَهُ؛ قَالَ:

فَلَلتُّرْكُ أَوفى مِنْ نِزارٍ بعَهْدِها،

فَلَا يَأْمَنَنَّ الغَدْرَ يَوْماً عَهِيدُها

والعُهْدةُ: كِتَابُ الحِلْفِ والشراءِ. واستَعْهَدَ مِنْ صَاحِبِهِ: اشْتَرَطَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عُهْدة، وَهُوَ مِنْ بَابِ العَهد والعُهدة لأَن الشَّرْطَ عَهْدٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو الْفَرَزْدَقَ حِينَ تَزَوَّجَ بِنْتَ زِيقٍ:

وَمَا استَعْهَدَ الأَقْوامُ مِن ذِي خُتُونَةٍ

مِنَ الناسِ إِلَّا مِنْكَ، أَو مِنْ مُحارِبِ

والجمعُ عُهَدٌ. وَفِيهِ عُهْدَةٌ لَمْ تُحْكَمْ أَي عَيْبٌ. وَفِي الأَمر عُهْدَةٌ إِذا لَمْ يُحْكَمْ بَعْدُ. وَفِي عَقْلِه عُهْدَةٌ أَي ضَعْفٌ. وَفِي خَطِّه عُهدة إِذا لَمْ يُقِم حُروفَه. والعَهْدُ: الحِفاظُ ورعايةُ الحُرْمَة. وَفِي الْحَدِيثِ

أَن عَجُوزًا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فسأَل بِهَا وأَحفى وَقَالَ: إِنها كَانَتْ تأْتينا أَيام خَدِيجَةَ وإِن حُسن الْعَهْدِ مِنَ الإِيمان.

وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ: قَالَتْ لِعَائِشَةَ: وتَرَكَتْ عُهَّيْدَى

«1» العُهَّيْدَى، بِالتَّشْدِيدِ وَالْقَصْرِ، فُعَّيْلى مِنَ العَهْدِ كالجُهَّيْدَى مِنَ الجَهْدِ، والعُجَّيْلى مِنَ العَجَلة. والعَهْدُ: الأَمانُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ

، وَفِيهِ: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ

. وعاهَدَ الذِّمِّيَّ: أَعطاهُ عَهْداً، وَقِيلَ: مُعَاهَدَتُه مُبايَعَتُه لَكَ عَلَى إِعطائه الْجِزْيَةَ والكفِّ عَنْهُ. والمُعَاهَدُ: الذِّمِّيُّ. وأَهلُ العهدِ: أَهل الذِّمَّةِ، فإِذا أَسلموا سَقَطَ عَنْهُمُ اسْمُ الْعَهْدِ. وَتَقُولُ: عاهدْتُ اللَّهَ أَن لَا أَفعل كَذَا وَكَذَا؛ وَمِنْهُ الذِّمِّيُّ المعاهَدُ الَّذِي فُورِقَ فَأُومِرَ عَلَى شُرُوطٍ استُوثِقَ مِنْهُ بِهَا، وأُوِمن عَلَيْهَا، فإِن لَمْ يفِ بِهَا حَلَّ سَفْكُ دمِه. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ كَرَمَ العَهْدِ مِنَ الإِيمانِ

أَي رِعَايَةَ المَوَدَّة. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: لَا يُقْتَلُ مُؤمنٌ بكافِرٍ

، وَلَا ذُو عهْد فِي عَهْدِه؛ مَعْنَاهُ لَا يُقتل مُؤْمِنٍ بِكَافِرٍ، تَمَّ الْكَلَامُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُقْتَلُ أَيضاً ذُو عَهْدٍ أَي ذُو ذِمَّة وأَمان مَا دَامَ عَلَى عَهْدِهِ الَّذِي عُوهِدَ عَلَيْهِ، فَنَهَى، صلى الله عليه وسلم، عَنْ قَتْلِ المؤْمن بِالْكَافِرِ، وَعَنْ قَتْلِ الذِّمِّيِّ الْمُعَاهِدِ الثَّابِتِ عَلَى عَهْدِهِ. وَفِي النِّهَايَةِ: لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ أَي وَلَا ذُو ذِمَّةٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا مُشْرِكٌ أُعْطِيَ أَماناً فَدَخَلَ دَارَ الإِسلام، فَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يعودَ إِلى مَأْمَنِه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ تأْويلان بِمُقْتَضَى مَذْهَبَيِ الشَّافِعِيِّ وأَبي حَنِيفَةَ: أَما الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ مُطْلَقًا مُعَاهَدًا كَانَ أَو غَيْرَ مُعَاهَدٍ حَرْبِيًّا كَانَ أَو ذِمِّيًّا مُشْرِكًا أَو كِتَابِيًّا، فأَجرى اللَّفْظَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يُضْمِرْ لَهُ شَيْئًا فكأَنه نَهَى عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ وَعَنْ قَتْلِ الْمَعَاهَدِ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ لِئَلَّا يَتَوهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنه قَدْ نَفَى عَنْهُ القَوَدَ بقَتْله الكافرَ، فيَظُّنَّ أَنَّ المعاهَدَ لو قَتَلَ كان حكمه كذلك

(1). قوله [وتركت عهيدى] كذا بالأَصل والذي في النهاية وتركت عهيداه

ص: 312

فَقَالَ: وَلَا يُقْتَلُ ذُو عَهْدٍ فِي عهدِه، وَيَكُونُ الْكَلَامُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مُنْتَظِمًا فِي سِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ شَيْءٍ مَحْذُوفٍ؛ وأَما أَبو حَنِيفَةَ فإِنه خَصَّصَ الكافرَ فِي الْحَدِيثِ بالحرْبيِّ دُونَ الذِّمِّي، وَهُوَ بِخِلَافِ الإِطلاق، لأَن مِنْ مَذْهَبِهِ أَن الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ فَاحْتَاجَ أَن يُضْمِرَ فِي الْكَلَامِ شَيْئًا مُقَدَّرًا ويجعلَ فِيهِ تَقْدِيمًا وتأْخيراً فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ أَي لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ مُعَاهَدٌ بِكَافِرٍ، فإِن الكافرَ قَدْ يَكُونُ مُعَاهَدًا وَغَيْرَ مُعَاهَدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَن قَتَلَ مُعَاهَداً [مُعَاهِداً] لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدلًا

؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ بِالْفَتْحِ أَشهر وأَكثر. والمعاهدُ: مَن كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَهْدٌ، وأَكثر مَا يُطْلَقُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَهل الذِّمَّةِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ إِذا صُولحوا عَلَى تَرْكِ الْحَرْبِ مدَّة مَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

لَا يَحِلُّ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهد

أَي لَا يَجُوزُ أَن تُتَمَلَّك لُقَطَتُه الْمَوْجُودَةُ مِنْ مَالِهِ لأَنه مَعْصُومُ الْمَالِ، يُجْرِي حُكْمُهُ مَجْرَى حُكْمِ الذِّمِّيِّ. وَالْعَهْدُ: الِالْتِقَاءُ. وعَهِدَ الشيءَ عَهْداً: عرَفه؛ وَمِنَ العَهْدِ أَن تَعْهَدَ الرجلَ عَلَى حَالٍ أَو فِي مَكَانٍ، يُقَالُ: عَهْدِي بِهِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَفِي حَالِ كَذَا، وعَهِدْتُه بِمَكَانِ كَذَا أَي لَقِيتُه وعَهْدِي بِهِ قَرِيبٌ؛ وَقَوْلُ أَبي خِرَاشٍ الْهُذَلِيِّ:

وَلَمْ أَنْسَ أَياماً لَنا ولَيالِياً

بِحَلْيَةَ، إِذْ نَلْقَى بِهَا مَا نُحاوِلُ

فَلَيْسَ كعَهْدِ الدارِ، يَا أُمَّ مالِكٍ،

ولكِنْ أَحاطَتْ بالرِّقابِ السَّلاسِلُ

أَي لَيْسَ الأَمر كَمَا عَهِدْتِ وَلَكِنْ جَاءَ الإِسلامُ فَهَدَمَ ذَلِكَ، وأَراد بِالسَّلَاسِلِ الإِسلامَ وأَنه أَحاط بِرِقَابِنَا فَلَا نسْتَطِيعُ أَن نَعْمَلَ شَيْئًا مَكْرُوهًا. وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: وَلَا يَسْأَلُ عمَّا عَهِدَ

أَي عَمَّا كَانَ يَعْرِفُه فِي الْبَيْتِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَنَحْوِهِمَا لِسَخَائِهِ وَسِعَةِ نَفْسِهِ. والتَّعَهُّدُ: التَّحَفُّظُ بِالشَّيْءِ وتجديدُ العَهْدِ بِهِ، وَفُلَانٌ يَتَعَهَّدُه صَرْعٌ. والعِهْدانُ: العَهْدُ. والعَهْدُ: مَا عَهِدْتَه فَثافَنْتَه. يُقَالُ: عَهْدِي بِفُلَانٍ وَهُوَ شابٌّ أَي أَدركتُه فرأَيتُه كَذَلِكَ؛ وَكَذَلِكَ المَعْهَدُ. والمَعْهَدُ: الموضعُ كنتَ عَهِدْتَه أَو عَهِدْت هَوىً لَكَ أَو كنتَ تَعْهَدُ بِهِ شَيْئًا، والجمعُ المَعَاهِدُ. والمُعاهَدَةُ والاعْتِهادُ والتعاهُدُ والتَّعَهُّدُ وَاحِدٌ، وَهُوَ إِحداثُ العَهْدِ بِمَا عَهِدْتَه. وَيُقَالُ لِلْمُحَافَظِ عَلَى العَهْدِ: مُتَعَهِّدٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي عَطَاءٍ السِّنْدِيِّ وَكَانَ فَصِيحًا يَرْثِي ابْنَ هُبَيرَة:

وإِنْ تُمْسِ مَهْجُورَ الفِناءِ فَرُبَّما

أَقامَ بِهِ، بَعْدَ الوُفُودِ، وُفُودُ

فإِنَّكَ لَمْ تَبْعُدْ عَلَى مُتعَهِّدٍ،

بَلى كلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرابِ بعِيدُ

أَراد: مُحَافِظٌ عَلَى عَهْدِكَ بِذِكْرِه إِياي «2» . وَيُقَالُ: مَتَى عَهْدُكَ بِفُلَانٍ أَي مَتَى رُؤْيَتُك إِياه. وعَهْدُه: رؤيتُه. والعَهْدُ: المَنْزِلُ الَّذِي لَا يَزَالُ الْقَوْمُ إِذا انْتَأَوْا عَنْهُ رَجَعُوا إِليه، وَكَذَلِكَ المَعْهَدُ. والمعهودُ: الَّذِي عُهِدَ وعُرِفَ. والعَهْدُ: الْمَنْزِلُ المعهودُ بِهِ الشَّيْءُ، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

هَلْ تَعْرِفُ العَهْدَ المُحِيلَ رَسْمُه

وتعَهَّدَ الشَّيْءَ وتَعَاهَدَه واعْتَهَدَه: تَفَقَّدَهُ وأَحْدَثَ العَهْدَ به؛ قال الطرماح:

(2). قوله [بذكره إياي] كذا بالأَصل ولعله بذكره إياه

ص: 313

ويُضِيعُ الَّذِي قدَ أَوْجَبَهُ اللَّهُ

عَلَيْه، وَلَيْسَ يَعْتَهِدُهْ

وتَعَهَّدْتُ ضَيْعَتي وَكُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ أَفصح مِنْ قَوْلِكَ تَعاهَدْتُه لأَن التعاهدَ إِنما يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَلَا يُقَالُ تعاهَدتُه، قَالَ: وأَجازهما الْفَرَّاءُ. وَرَجُلٌ عَهِدٌ، بِالْكَسْرِ: يتَعاهَدُ الأُمورَ وَيُحِبُّ الولاياتِ والعُهودَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ قُتَيْبَة بْنَ مُسْلِمٍ الْبَاهِلِيَّ وَيَذْكُرُ فُتُوحَهُ:

نامَ المُهَلَّبُ عَنْهَا فِي إِمارتِه،

حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ، لَمْ يَقْضِها العَهِدُ

وَكَانَ الْمُهَلَّبُ يُحِبُّ الْعُهُودَ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:

فَهُنَّ مُناخاتٌ يُجَلَّلْنَ زِينَةً،

كَمَا اقْتانَ بالنَّبْتِ العِهادُ المُحَوَّفُ،

المُحَوَّفُ: الَّذِي قَدْ نَبَتَتْ حَافَّتَاهُ واستدارَ بِهِ النباتُ. والعِهادُ: مواقِعُ الوَسْمِيّ مِنَ الأَرض. وَقَالَ الْخَلِيلُ: فِعْلٌ لَهُ مَعْهُودٌ ومشهودٌ ومَوْعودٌ؛ قَالَ: مَشْهود يَقُولُ هُوَ الساعةَ، والمعهودُ مَا كَانَ أَمْسِ، والموعودُ مَا يَكُونُ غَدًا. والعَهْدُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ: أَوَّل مَطَرٍ والوَليُّ الَّذِي يَلِيه مِنَ الأَمطار أَي يَتَّصِلُ بِهِ. وَفِي الْمُحْكَمِ: العَهْدُ أَوَّل الْمَطَرِ الوَسْمِيِّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ العِهادُ. والعَهْدُ: المطرُ الأَوَّل. والعَهْدُ والعَهْدَةُ والعِهْدَةُ: مطرٌ بَعْدَ مطرٍ يُدْرِك آخِرُهُ بَلَلَ أَوّله؛ وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مطرٍ بَعْدَ مَطَرٍ، وَقِيلَ: هُوَ المَطْرَةُ الَّتِي تَكُونُ أَوّلًا لِمَا يأْتي بعْدها، وَجَمْعُهَا عِهادُ وعُهودٌ؛ قَالَ:

أَراقَتْ نُجُومُ الصَّيْفِ فِيهَا سِجالَها،

عِهاداً لِنَجْمِ المَرْبَعِ المُتَقَدِّمِ

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا أَصاب الأَرضَ مَطَرٌ بَعْدَ مَطَرٍ، وَنَدَى الأَوّل بَاقٍ، فَذَلِكَ العَهْدُ لأَن الأَوّل عُهِدَ بِالثَّانِي. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ العِهادُ: الحديثةُ مِنَ الأَمطارِ؛ قَالَ: وأَحسبه ذَهَبَ فِيهِ إِلى قَوْلِ السَّاجِعِ فِي وَصْفِ الْغَيْثِ: أَصابَتْنا دِيمَةٌ بَعْدَ دِيمَةٍ عَلَى عِهادٍ غيرِ قَدِيمةٍ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: عَلَى عِهَادٍ قَدِيمَةٍ تَشْبَعُ مِنْهَا النابُ قَبْلَ الفَطِيمَةِ؛ وَقَوْلُهُ: تشبعُ مِنْهَا النَّابُ قَبْلَ الْفَطِيمَةِ؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ هَذَا النَّبْتُ قَدْ عَلَا وَطَالَ فَلَا تُدْرِكُهُ الصَّغِيرَةُ لِطُولِهِ، وَبَقِيَ مِنْهُ أَسافله فَنَالَتْهُ الصَّغِيرَةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العِهادُ ضعيفُ مطرِ الوَسْمِيِّ ورِكاكُه. وعُهِدَتِ الرَّوْضَةُ: سَقَتْها العَهْدَةُ [العِهْدَةُ]، فَهِيَ معهودةٌ. وأَرض معهودةٌ إِذا عَمَّها الْمَطَرُ. والأَرض المُعَهَّدَةُ تَعْهِيداً: الَّتِي تُصِيبُهَا النُّفْضَةُ مِنَ الْمَطَرِ، والنُّفْضَةُ المَطْرَةُ تُصِيبُ القِطْعة مِنَ الأَرض وَتُخْطِئُ الْقِطْعَةَ. يُقَالُ: أَرض مُنَفَّضَةٌ تَنْفيضاً؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

أَصْلَبيٌّ تَسْمُو العُيونُ إِليه،

مُسْتَنيرٌ، كالبَدْرِ عامَ العُهودِ

ومطرُ العُهودِ أَحسن مَا يكونُ لِقِلَّةِ غُبارِ الآفاقِ؛ قِيلَ: عامُ العُهودِ عامُ قِلَّةِ الأَمطار. وَمِنْ أَمثالهم فِي كَرَاهَةِ الْمَعَايِبِ: المَلَسَى لَا عُهْدَةَ لَهُ؛ الْمَعْنَى ذُو المَلَسَى لَا عُهْدَةَ لَهُ. والمَلَسَى: ذهابٌ فِي خِفْيَةٍ، وَهُوَ نَعْتٌ لِفَعْلَتِه، والمَلَسى مُؤَنَّثَةٌ، قَالَ: مَعْنَاهُ أَنه خَرَجَ مِنَ الأَمر سَالِمًا فَانْقَضَى عَنْهُ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: المَلَسى أَن يَبيعَ الرجلُ سِلْعَةً يَكُونُ قَدْ سرَقَها فَيَمَّلِس ويَغِيب بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وإِن استُحِقَّتْ فِي يَدَيِ الْمُشْتَرِي لَمْ يتهيأْ لَهُ أَن يبيعَ البائعُ بِضَمَانِ عُهْدَتِها لأَنه امَّلَسَ هَارِبًا، وعُهْدَتُها أَن يَبيعَها وَبِهَا عَيْبٌ أَو فِيهَا اسْتِحْقَاقٌ لِمَالِكِهَا. تَقُولُ: أَبيعُك المَلَسى لَا عُهْدَة أَي تنملسُ

ص: 314

وتَنْفَلتُ فَلَا تَرْجِعُ إِليّ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: مَتَى عهدكَ بأَسفلِ فيكَ؟ وَذَلِكَ إِذا سأَلته عَنْ أَمر قَدِيمٍ لَا عَهْدَ لَهُ بِهِ؛ ومِثْلُه: عَهْدُك بالفالياتِ قديمٌ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للأَمر الَّذِي قَدْ فَاتَ وَلَا يُطْمَعُ فِيهِ؛ وَمِثْلُهُ: هَيْهَاتَ طَارَ غُرابُها بِجَرادَتِك؛ وأَنشد:

وعَهْدي بِعَهْدِ الفالياتِ قَديمُ

وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:

وإِني لأَطْوي السِّرَّ فِي مُضْمَرِ الحَشا،

كُمونَ الثَّرَى فِي عَهْدَةٍ مَا يَريمُها

أَراد بالعَهْدَةِ مَقْنُوءَةً لَا تَطْلُعُ عَلَيْهَا الشمسُ فَلَا يَرِيمُهَا الثَّرَى. والعَهْدُ: الزمانُ. وقريةٌ عَهِيدَةٌ أَي قَدِيمَةٌ أَتى عَلَيْهَا عَهْدٌ طويلٌ. وَبَنُو عُهادَةَ: بُطَيْنٌ مِنَ الْعَرَبِ.

عود: فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى: المبدِئُ المعِيدُ؛ قَالَ الأَزهري: بَدَأَ اللَّهُ الخلقَ إِحياءً ثُمَّ يميتُهم ثُمَّ يعيدُهم أَحياءً كَمَا كَانُوا. قَالَ اللَّهُ، عز وجل: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ

. وَقَالَ: إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ

؛ فَهُوَ سبحانه وتعالى الَّذِي يُعِيدُ الْخَلْقَ بَعْدَ الْحَيَاةِ إِلى المماتِ فِي الدُّنْيَا وَبَعْدَ المماتِ إِلى الحياةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ النَّكَلَ عَلَى النَّكَلِ، قِيلَ: وَمَا النَّكَلُ عَلَى النَّكَلِ؟ قَالَ: الرَّجُلُ القَوِيُّ المُجَرِّبُ المبدئُ المعيدُ عَلَى الْفَرَسِ القَوِيِّ المُجَرّبِ المبدِئ المعيدِ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُهُ الْمُبْدِئُ المعِيدُ هُوَ الَّذِي قَدْ أَبْدَأَ فِي غَزْوِهِ وأَعاد أَي غَزَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وجرَّب الأُمور طَوْراً بَعْدَ طَوْر، وأَعاد فِيهَا وأَبْدَأَ، والفرسُ المبدئُ المعِيدُ هُوَ الَّذِي قَدْ رِيضَ وأُدِّبَ وذُلِّلَ، فَهُوَ طَوْعُ راكبِهِ وفارِسِه، يُصَرِّفه كَيْفَ شَاءَ لِطَواعِيَتِه وذُلِّه، وأَنه لَا يَسْتَصْعِبُ عَلَيْهِ وَلَا يمْنَعُه رِكابَه وَلَا يَجْمَحُ بِهِ؛ وَقِيلَ: الْفَرَسُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الَّذِي قَدْ غَزَا عَلَيْهِ صَاحِبُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ لَيْلٌ نائِمٌ إِذا نِيمَ فِيهِ وسِرٌّ كَاتِمٌ قَدْ كَتَمُوهُ. وَقَالَ شِمْرٌ: رَجُلٌ مُعِيدٌ أَي حَاذِقٌ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:

عَوْمُ المُعِيدِ إِلى الرَّجا قَذَفَتْ بِهِ

فِي اللُّجِّ داوِيَةُ المَكانِ، جَمُومُ

والمُعِيدُ مِنَ الرجالِ: العالِمُ بالأُمور الَّذِي لَيْسَ بغُمْرٍ؛ وأَنشد:

كَمَا يَتْبَعُ العَوْد المُعِيد السَّلائِب

وَالْعَوْدُ ثَانِي الْبَدْءِ؛ قَالَ:

بَدَأْتُمْ فأَحْسَنْتُمْ فأَثْنَيْتُ جاهِداً،

فإِنْ عُدْتُمُ أَثْنَيْتُ، والعَوْدُ أَحْمَدُ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَعَادَ إِليه يَعُودُ عَوْدَةً وعَوْداً: رَجَعَ. وَفِي الْمَثَلِ: العَوْدُ أَحمدُ؛ وأَنشد لِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ:

جَزَيْنا بَنِي شَيْبانَ أَمْسِ بِقَرْضِهِمْ،

وجِئْنا بِمِثْلِ البَدْءِ، والعَوْدُ أَحمدُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: وعُدْنا بِمِثْلِ البَدْءِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي شِعْرِهِ، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْبَيْتِ: وَالْعَوْدُ أَحمد؟ وَقَدْ عَادَ لَهُ بعد ما كَانَ أَعرَضَ عَنْهُ؛ وَعَادَ إِليه وَعَلَيْهِ عَوْداً وعِياداً وأَعاده هُوَ، وَاللَّهُ يبدِئُ الْخَلْقَ ثُمَّ يعيدُه، مِنْ ذَلِكَ. وَاسْتَعَادَهُ إِياه: سأَله إِعادَتَه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَتَقُولُ رَجَعَ عَوْدُه عَلَى بَدْئِه؛ تُرِيدُ أَنه لَمْ يَقْطَعْ ذَهابَه حَتَّى وَصَلَهُ بِرُجُوعِهِ، إِنما أَردْتَ أَنه رَجَعَ فِي حافِرَتِه أَي نَقَضَ مَجِيئَه بِرُجُوعِهِ، وَقَدْ يَكُونُ أَن يَقْطَعَ مَجِيئَهُ ثُمَّ يرجع فتقول: رجَعْتُ عَوْدي عَلَى بَدْئي أَي رجَعْتُ كَمَا

ص: 315

جِئْتُ، فالمَجِيءُ مَوْصُولٌ بِهِ الرجوعُ، فَهُوَ بَدْءٌ والرجوعُ عَوْدٌ؛ انْتَهَى كَلَامُ سِيبَوَيْهِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ: رَجَعَ عَوْداً عَلَى بَدْءٍ مِنْ غَيْرِ إِضافة. وَلَكَ العَوْدُ والعَوْدَةُ والعُوادَةُ أَي لَكَ أَن تعودَ فِي هَذَا الأَمر؛ كُلُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ: العَوْد تَثْنِيَةُ الأَمر عَوْداً بَعْدَ بَدْءٍ. يُقَالُ: بَدَأَ ثُمَّ عَادَ، والعَوْدَةُ عَوْدَةُ مرةٍ واحدةٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ

؛ يَقُولُ: لَيْسَ بَعْثُكم بأَشَدَّ مِنَ ابتِدائِكم، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَعُودون أَشقِياءَ وسُعداءَ كَمَا ابْتَدأَ فِطْرَتَكُم فِي سَابِقِ عِلْمِهِ، وَحِينَ أَمَرَ بنفْخِ الرُّوحِ فِيهِمْ وَهُمْ فِي أَرحام أُمهاتهم. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَصْلُحُ فِيهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ ثُمَّ يَعُودُونَ إِلى مَا قَالُوا وَفِيمَا قَالُوا، يُرِيدُ النِّكَاحَ وكلٌّ صوابٌ؛ يُرِيدُ يَرْجِعُونَ عَمَّا قَالُوا، وَفِي نَقْض مَا قَالُوا قَالَ: وَيَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَن تَقُولَ: إِن عَادَ لِمَا فَعَلَ، تُرِيدُ إِن فَعَلَهُ مَرَّةً أُخرى. وَيَجُوزُ: إِن عَادَ لِمَا فَعَلَ، إِن نَقَضَ مَا فَعَلَ، وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: حَلَفَ أَن يَضْرِبَكَ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: حَلَفَ لَا يَضْرِبُكَ وَحَلَفَ لَيَضْرِبَنَّكَ؛ وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا

إِنا لَا نَفْعَلُهُ فَيَفْعَلُونَهُ يَعْنِي الظِّهَارَ، فإِذا أَعتق رَقَبَةً عَادَ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَالَ إِنه عَلَيَّ حَرَامٌ فَفَعَلَهُ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: يَعُودُونَ لِما قالُوا

، لِتَحْلِيلِ مَا حَرَّمُوا فَقَدْ عَادُوا فِيهِ. وَرَوَى الزَّجَّاجُ عَنِ الأَخفش أَنه جَعَلَ لِمَا قَالُوا مِنْ صِلَةِ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَالْمَعْنَى عِنْدَهُ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ ثُمَّ يَعُودُونَ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ لِمَا قَالُوا، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبٌ حَسَنٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ

، يَقُولُ: إِذا ظَاهَرَ مِنْهَا فَهُوَ تَحْرِيمٌ كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَهُ وَحُرِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَحْرِيمَ النِّسَاءِ بِهَذَا اللَّفْظِ، فإِن أَتْبَعَ المُظاهِرُ الظِّهارَ طَلَاقًا، فَهُوَ تَحْرِيمُ أَهل الإِسلام وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ، وإِن لَمْ يُتْبِع الظِّهَارَ طَلَاقًا فَقَدْ عَادَ لِمَا حَرَّمَ وَلَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ عُقُوبَةً لِمَا قَالَ؛ قَالَ: وَكَانَ تَحْرِيمُهُ إِياها بِالظِّهَارِ قَوْلًا فإِذا لَمْ يُطَلِّقْهَا فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ مِنَ التَّحْرِيمِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذا أَراد الْعَوْدَ إِليها والإِقامة عَلَيْهَا، مَسَّ أَو لَمْ يَمَسَّ، كَفَّر. قَالَ اللَّيْثُ: يَقُولُ هَذَا الأَمر أَعْوَدُ عَلَيْكَ أَي أَرفق بِكَ وأَنفع لأَنه يَعُودُ عَلَيْكَ بِرِفْقٍ وَيُسْرٍ. والعائدَةُ: اسْمُ مَا عادَ بِهِ عَلَيْكَ الْمُفْضِلُ مِنْ صِلَةٍ أَو فَضْلٍ، وَجَمْعُهُ الْعَوَائِدُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْعَائِدَةُ المعروفُ والصِّلةُ يُعَادُ بِهِ عَلَى الإِنسان والعَطْفُ والمنْفَعَةُ. والعُوادَةُ، بِالضَّمِّ: مَا أُعيد عَلَى الرَّجُلِ مِنْ طَعَامٍ يُخَصُّ بِهِ بَعْدَمَا يفرُغُ الْقَوْمُ؛ قَالَ الأَزهري: إِذا حَذَفْتَ الْهَاءَ قُلْتَ عَوادٌ كَمَا قَالُوا أَكامٌ ولمَاظٌ وقَضامٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العُوادُ، بِالضَّمِّ، مَا أُعيد مِنَ الطعام بعد ما أُكِلَ مِنْهُ مَرَّةً. وعَوادِ: بِمَعْنَى عُدْ مِثْلُ نَزالِ وتَراكِ. وَيُقَالُ أَيضاً: عُدْ إِلينا فإِن لَكَ عِنْدَنَا عَواداً حَسَناً، بِالْفَتْحِ، أَي مَا تُحِبُّ، وَقِيلَ: أَي بِرًّا وَلُطْفًا. وَفُلَانٌ ذُو صَفْحٍ وَعَائِدَةٍ أَي ذُو عَفْوٍ وَتَعَطُّفٍ. والعَوادُ: البِرُّ واللُّطْف. وَيُقَالُ لِلطَّرِيقِ الَّذِي أَعاد فِيهِ السَّفَرَ وأَبدأَ: مُعِيدٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ يَصِفُ الإِبل السَّائِرَةَ:

يُصْبِحْنَ بالخَبْتِ، يَجْتَبْنَ النِّعافَ عَلَى

أَصْلابِ هادٍ مُعِيدٍ، لابِسِ القَتَمِ

أَراد بِالْهَادِي الطريقَ الَّذِي يُهْتَدى إِليه، وبالمُعِيدِ الَّذِي لُحِبَ. والعادَةُ: الدَّيْدَنُ يُعادُ إِليه، مَعْرُوفَةٌ وَجَمْعُهَا عادٌ وعاداتٌ وعِيدٌ؛ الأَخيرةُ عَنْ كُرَاعٍ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، إِنما العِيدُ مَا عَادَ إِليك مِنَ الشَّوْقِ

ص: 316

وَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ وَسَنَذْكُرُهُ. وتَعَوَّدَ الشيءَ وعادَه وعاوَدَه مُعاوَدَةً وعِواداً واعتادَه وَاسْتَعَادَهُ وأَعادَه أَي صَارَ عادَةً لَهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

لَمْ تَزَلْ تِلْكَ عادَةَ اللهِ عِنْدي،

والفَتى آلِفٌ لِما يَسْتَعِيدُ

وَقَالَ:

تَعَوَّدْ صالِحَ الأَخْلاقِ، إِني

رأَيتُ المَرْءَ يَأْلَفُ مَا اسْتَعادا

وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ الذِّئَابَ:

إِلَّا عَواسِلَ، كالمِراطِ، مُعِيدَةً

باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ

أَي وَرَدَتْ مَرَّاتٍ فَلَيْسَ تُنْكِرُ الْوُرُودَ. وعاوَدَ فلانٌ مَا كَانَ فِيهِ، فَهُوَ مُعاوِدٌ. وعاوَدَتْه الحُمَّى وعاوَدَهُ بالمسأَلة أَي سأَله مَرَّةً بَعْدَ أُخرى، وعَوَّدَ كَلْبَهُ الصيْدَ فَتَعَوّده؛ وَعَوَّدَهُ الشيءَ: جَعَلَهُ يَعْتَادُهُ. والمُعاوِدُ: المُواظِبُ، وَهُوَ مِنْهُ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ المواظبِ عَلَى أَمْرٍ: معاوِدٌ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: الْزَمُوا تُقى اللَّهِ واسْتَعِيدُوها أَي تَعَوَّدُوها. واسْتَعَدْتُه الشَّيْءَ فأَعادَه إِذا سأَلتَه أَن يَفْعَلَهُ ثَانِيًا. والمُعاوَدَةُ: الرُّجُوعُ إِلى الأَمر الأَول؛ يُقَالُ لِلشُّجَاعِ: بطَلٌ مُعاوِدٌ لأَنه لَا يَمَلُّ المِراسَ. وتعاوَدَ القومُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا إِذا عَادَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلى صَاحِبِهِ. وَبَطَلٌ مُعاوِد: عَائِدٌ. والمَعادُ: المَصِيرُ والمَرْجِعُ، وَالْآخِرَةُ: مَعادُ الخلقِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَعَادُ الآخرةُ وَالْحَجُّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ

؛ يَعْنِي إِلى مَكَّةَ، عِدَةٌ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يَفْتَحَهَا لَهُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِلى مَعَادٍ حَيْثُ وُلِدْتَ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ يَرُدُّكَ إِلى وَطَنِكَ وَبَلَدِكَ؛ وَذَكَرُوا أَن

جِبْرِيلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اشْتَقْتَ إِلى مَوْلِدِكَ وَوَطَنِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ

؛ قَالَ: والمَعادُ هَاهُنَا إِلى عادَتِك حَيْثُ وُلِدْتَ وَلَيْسَ مِنَ العَوْدِ، وَقَدْ يَكُونُ أَن يُجْعَلَ قَوْلُهُ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ

لَمُصَيِّرُكَ إِلى أَن تَعُودَ إِلى مَكَّةَ مَفْتُوحَةً لَكَ، فَيَكُونُ المَعادُ تَعَجُّبًا إِلى معادٍ أَيِّ معادٍ لِمَا وَعَدَهُ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: معادٍ الآخرةُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يُحْييه يَوْمَ الْبَعْثِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَي إِلى مَعْدِنِك مِنَ الْجَنَّةِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: المَعادَةُ والمَعاد كَقَوْلِكَ لِآلِ فُلَانٍ مَعادَةٌ أَي مُصِيبَةٌ يَغْشَاهُمُ النَّاسُ فِي مَناوِحَ أَو غَيْرِهَا يَتَكَلَّمُ بِهِ النِّسَاءُ؛ يُقَالُ: خَرَجْتُ إِلى المَعادةِ والمَعادِ والمأْتم. والمَعادُ: كُلُّ شَيْءٍ إِليه الْمَصِيرُ. قَالَ: وَالْآخِرَةُ مَعَادٌ لِلنَّاسِ، وأَكثر التَّفْسِيرِ فِي قوله [لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ]

لَبَاعِثُكَ. وَعَلَى هَذَا كَلَامُ النَّاسِ: اذْكُرِ المَعادَ أَي اذْكُرْ مَبْعَثَكَ فِي الْآخِرَةِ؛ قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْمَعَادُ الْمَوْلِدُ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلى أَصلك مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ: إِلى مَعَادٍ أَي إِلى الْجَنَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

وأَصْلِحْ لِي آخِرتي الَّتِي فِيهَا مَعادي

أَي مَا يعودُ إِليه يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ إِمّا مَصْدَرٌ وإِمّا ظَرْفٌ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: والحَكَمُ اللَّهُ والمَعْوَدُ إِليه يومَ الْقِيَامَةِ

أَي المَعادُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ المَعْوَدُ عَلَى الأَصل، وَهُوَ مَفْعَلٌ مِنْ عَادَ يَعُودُ، وَمِنْ حَقِّ أَمثاله أَن تُقْلَبَ وَاوُهُ أَلفاً كالمَقام والمَراح، وَلَكِنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الأَصل. تَقُولُ: عَادَ الشيءُ يعودُ عَوْداً ومَعاداً أَي رَجَعَ، وَقَدْ يَرِدُ بِمَعْنَى صَارَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

مُعَاذٍ: قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: أَعُدْتَ فَتَّاناً يَا مُعاذُ

أَي صِرتَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

خُزَيْمَةَ: عادَ لَهَا النِّقادُ مُجْرَنْثِماً

أَي

ص: 317

صَارَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

كَعْبٍ: وَدِدْتُ أَن هَذَا اللَّبَنَ يعودُ قَطِراناً

أَي يَصِيرُ،

فَقِيلَ لَهُ: لِمَ ذَلِكَ قَالَ: تَتَبَّعَتْ قُرَيشٌ أَذْنابَ الإِبلِ وتَرَكُوا الجماعاتِ.

والمَعادُ والمَعادة: المأْتَمُ يُعادُ إِليه؛ وأَعاد فُلَانٌ الصلاةَ يُعِيدها. وَقَالَ اللَّيْثُ: رأَيت فُلَانًا ما يُبْدِيءُ وَمَا يُعِيدُ أَي مَا يَتَكَلَّمُ ببادئَة وَلَا عائِدَة. وَفُلَانٌ مَا يُعِيدُ وَمَا يُبدئ إِذا لَمْ تَكُنْ لَهُ حِيلَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

وكنتُ امْرَأً بالغَورِ مِنِّي ضَمانَةٌ،

وأُخْرى بِنَجْد مَا تُعِيدُ وَمَا تُبْدي

يَقُولُ: لَيْسَ لِما أَنا فِيهِ مِنَ الْوَجْدِ حِيلَةٌ وَلَا جِهَةٌ. والمُعِيدُ: المُطِيقُ للشيءِ يُعاوِدُه؛ قَالَ:

لَا يَسْتَطِيعُ جَرَّهُ الغَوامِضُ

إِلا المُعِيداتُ بِهِ النَّواهِضُ

وَحَكَى الأَزهري فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ: يَعْنِي النُّوقَ الَّتِي اسْتَعَادَتِ النَّهْضَ بالدَّلْوِ. وَيُقَالُ: هُوَ مُعِيدٌ لِهَذَا الشَّيْءِ أَي مُطِيقٌ لَهُ لأَنه قَدِ اعْتادَه؛ وأَما قَوْلُ الأَخطل:

يَشُولُ ابنُ اللَّبونِ إِذا رَآنِي،

ويَخْشاني الضُّواضِيَةُ المُعِيدُ

قَالَ: أَصل المُعيدِ الْجَمَلُ الَّذِي لَيْسَ بِعَياياءٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَضْرِبُ حَتَّى يَخْلِطَ لَهُ، والمعِيدُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلى ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمُعِيدُ الْجَمَلُ الَّذِي قَدْ ضَرَبَ فِي الإِبل مَرَّاتٍ كأَنه أَعاد ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. وَعَادَنِي الشيءُ عَوْداً وَاعْتَادَنِي، انْتابَني. وَاعْتَادَنِي هَمٌّ وحُزْنٌ؛ قَالَ: والاعتِيادُ فِي مَعْنَى التَّعوُّدِ، وَهُوَ مِنَ الْعَادَةِ. يُقَالُ: عَوَّدْتُه فاعتادَ وتَعَوَّدَ. والعِيدُ: مَا يَعتادُ مِنْ نَوْبٍ وشَوْقٍ وهَمٍّ وَنَحْوِهِ. وَمَا اعتادَكَ مِنَ الهمِّ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ عِيدٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

والقَلْبُ يَعْتادُه مِنْ حُبِّها عِيدُ

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ يَمْدَحُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ:

أَمْسَى بأَسْماءَ هَذَا القلبُ مَعْمُودَا،

إِذا أَقولُ: صَحا، يَعْتادُه عِيدا

كأَنَّني، يومَ أُمْسِي مَا تُكَلِّمُني،

ذُو بُغْيَةٍ يَبْتَغي مَا ليسَ مَوْجُوداً

كأَنَّ أَحْوَرَ مِنْ غِزْلانِ ذِي بَقَرٍ،

أَهْدَى لَنَا سُنَّةَ العَيْنَيْنِ والجِيدَا

وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ يَرْوِيهِ شِبْهَ الْعَيْنَيْنِ وَالْجِيدَا، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا، أَراد وَشِبْهَ الْجِيدِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقامه؛ وَقَدْ قِيلَ إِن أَبا عَلِيٍّ صَحَّفَهُ يَقُولُ في مدحها:

سُمِّيتَ باسمِ نَبِيٍّ أَنتَ تُشْبِهُه

حِلْماً وعِلْماً، سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَا

أَحْمِدْ بِهِ فِي الْوَرَى الماضِين مِنْ مَلِكٍ،

وأَنتَ أَصْبَحتَ فِي الباقِينَ مَوْجُوداً

لَا يُعذَلُ الناسُ فِي أَن يَشكُروا مَلِكاً

أَوْلاهُمُ، فِي الأُمُورِ، الحَزْمَ والجُودا

وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: عَادَنِي عِيدي أَي عَادَتِي؛ وأَنشد:

عادَ قَلْبي مِنَ الطويلةِ عِيدُ

أَراد بِالطَّوِيلَةِ رَوْضَةً بالصَّمَّانِ تَكُونُ ثَلَاثَةَ أَميال فِي مِثْلِهَا؛ وأَما قَوْلُ تأَبَّطَ شَرّاً:

يَا عيدُ مَا لَكَ مِنْ شَوْقٍ وإِيراقِ،

ومَرِّ طَيْفٍ، عَلَى الأَهوالِ طَرَّاقِ

قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ يَا عِيدُ مَا لَكَ: العِيدُ مَا يَعْتادُه مِنَ الْحُزْنِ والشَّوْق، وَقَوْلُهُ مَا لَكَ مِنْ شَوْقٍ أَي مَا أَعظمك مِنْ شَوْقٍ، وَيُرْوَى: يَا هَيْدَ مَا لكَ، وَالْمَعْنَى: يَا هَيْدَ مَا حالُك وَمَا شأْنُك. يُقَالُ: أَتى

ص: 318

فُلَانٌ القومَ فَمَا قَالُوا لَهُ: هَيْدَ مَا لَك أَي مَا سأَلوه عَنْ حَالِهِ؛ أَراد: يَا أَيها المعتادُني مَا لَك مِنْ شَوْقٍ كَقَوْلِكَ مَا لَكَ مِنْ فَارِسٍ وأَنت تتعجَّب مِنْ فُروسيَّته وَتَمْدَحُهُ؛ وَمِنْهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ مِنْ شَاعِرٍ. والعِيدُ: كلُّ يَوْمٍ فِيهِ جَمْعٌ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ عَادَ يَعُود كأَنهم عَادُوا إِليه؛ وَقِيلَ: اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْعَادَةِ لأَنهم اعْتَادُوهُ، وَالْجَمْعُ أَعياد لَزِمَ الْبَدَلَ، وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْ لَقِيلَ: أَعواد كرِيحٍ وأَرواحٍ لأَنه مِنْ عَادَ يَعُودُ. وعَيَّدَ الْمُسْلِمُونَ: شَهِدوا عِيدَهم؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ:

واعْتادَ أَرْباضاً لَها آرِيُّ،

كَمَا يَعُودُ العِيدَ نَصْرانيُ

فَجَعَلَ الْعِيدَ مِنْ عَادَ يَعُودُ؛ قَالَ: وتحوَّلت الْوَاوُ فِي الْعِيدِ يَاءً لِكَسْرَةِ الْعَيْنِ، وَتَصْغِيرُ عِيد عُيَيْدٌ تَرَكُوهُ عَلَى التَّغْيِيرِ كَمَا أَنهم جَمَعُوهُ أَعياداً وَلَمْ يَقُولُوا أَعواداً؛ قَالَ الأَزهري: والعِيدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْوَقْتُ الَّذِي يَعُودُ فِيهِ الفَرَح وَالْحُزْنُ، وَكَانَ فِي الأَصل العِوْد فَلَمَّا سُكِّنَتِ الْوَاوُ وَانْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا صَارَتْ يَاءً، وَقِيلَ: قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً ليَفْرُقوا بَيْنَ الِاسْمِ الْحَقِيقِيِّ وَبَيْنَ الْمَصْدَرِيِّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما جُمِعَ أَعيادٌ بِالْيَاءِ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ، وَيُقَالُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعوادِ الْخَشَبِ. ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَ العِيدُ عِيدًا لأَنه يَعُودُ كُلَّ سَنَةٍ بِفَرَحٍ مُجَدَّد. وعادَ العَلِيلَ يَعُودُه عَوْداً وعِيادة وعِياداً: زَارَهُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَنَظَّرَ خالدٌ

عِيادي عَلَى الهِجْرانِ، أَم هوَ يائِسُ؟

قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد عِيَادَتِي فَحَذَفَ الْهَاءَ لأَجل الإِضافة، كَمَا قَالُوا: لَيْتَ شِعْرِي؛ وَرَجُلٌ عائدٌ مِنْ قَوْم عَوْدٍ وعُوَّادٍ، ورجلٌ مَعُودٌ ومَعْوُود، الأَخيرة شَاذَّةٌ، وَهِيَ تَمِيمِيَّةٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العُوادَةُ مِنْ عِيادةِ الْمَرِيضِ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. وقَوْمٌ عُوَّادٌ وعَوْدٌ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ. ونِسوةٌ عوائِدُ وعُوَّدٌ: وهنَّ اللَّاتِي يَعُدْنَ الْمَرِيضَ، الْوَاحِدَةُ عائِدةٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هَؤُلَاءِ عَودُ فُلَانٍ وعُوَّادُه مِثْلَ زَوْرِه وزُوَّاره، وَهُمُ الَّذِينَ يَعُودُونه إِذا اعْتَلَّ. وَفِي حَدِيثِ

فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: فإِنها امرأَة يكثُرُ عُوَّادُها

أَي زُوَّارُها. وَكُلٌّ مَنْ أَتاك مَرَّةً بَعْدَ أُخرى، فَهُوَ عَائِدٌ، وإِن اشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ حَتَّى صَارَ كأَنه مُخْتَصٌّ بِهِ. قَالَ اللَّيْثُ: العُودُ كُلُّ خَشَبَةٍ دَقَّتْ؛ وَقِيلَ: العُودُ خَشَبَةُ كلِّ شجرةٍ، دَقَّ أَو غَلُظ، وَقِيلَ: هُوَ مَا جَرَى فِيهِ الْمَاءُ مِنَ الشَّجَرِ وَهُوَ يَكُونُ للرطْب وَالْيَابِسِ، وَالْجَمْعُ أَعوادٌ وعِيدانٌ؛ قَالَ الأَعشى:

فَجَرَوْا عَلَى مَا عُوِّدوا،

ولكلِّ عِيدانٍ عُصارَهْ

وَهُوَ مِنْ عُودِ صِدْقٍ أَو سَوْءٍ، عَلَى الْمَثَلِ، كَقَوْلِهِمْ مِنْ شجرةٍ صالحةٍ. وَفِي حَدِيثِ

حُذَيفة: تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلَى القلوبِ عَرْضَ الحُصْرِ عَوْداً عَوْداً

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا الرِّوَايَةُ، بِالْفَتْحِ، أَي مَرَّةً بَعْدَ مرةٍ، وَيُرْوَى بِالضَّمِّ، وَهُوَ وَاحِدُ العِيدان يَعْنِي مَا يُنْسَجُ بِهِ الحُصْرُ مِنْ طَاقَاتِهِ، وَيُرْوَى بِالْفَتْحِ مَعَ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ، كأَنه اسْتَعَاذَ مِنَ الْفِتَنِ. والعُودُ: الْخَشَبَةُ المُطَرَّاةُ يدخَّن بِهَا ويُسْتَجْمَرُ بِهَا، غَلَبَ عَلَيْهَا الِاسْمُ لِكَرَمِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

عَلَيْكُمْ بالعُودِ الهِندِيّ

؛ قِيلَ: هُوَ القُسْطُ البَحْرِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ العودُ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ. والعُودُ ذُو الأَوْتارِ الأَربعة: الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ أَيضاً؛ كَذَلِكَ

ص: 319

قَالَ ابْنُ جِنِّي، وَالْجَمْعُ عِيدانٌ؛ وَمِمَّا اتَّفَقَ لَفْظُهُ وَاخْتَلَفَ مَعْنَاهُ فَلَمْ يَكُنْ إِيطاءً قولُ بَعْضِ الْمُوَلَّدِينَ:

يَا طِيبَ لَذَّةِ أَيامٍ لَنَا سَلَفَتْ،

وحُسْنَ بَهْجَةِ أَيامِ الصِّبا عُودِي

أَيامَ أَسْحَبُ ذَيْلًا فِي مَفارِقِها،

إِذا تَرَنَّمَ صَوْتُ النَّايِ والعُودِ

وقهْوَةٍ مِنْ سُلافِ الدَّنِّ صافِيَةٍ،

كالمِسْكِ والعَنبَرِ الهِندِيِّ والعُودِ

تستَلُّ رُوحَكَ فِي بِرٍّ وَفِي لَطَفٍ،

إِذا جَرَتْ منكَ مَجْرَى الماءِ فِي العُودِ

قَوْلُهُ أَوَّلَ وهْلَةٍ عُودي: طَلَبٌ لَهَا فِي العَوْدَةِ، والعُودُ الثَّانِي: عُودُ الغِناء، والعُودُ الثَّالِثُ: المَنْدَلُ وَهُوَ العُودُ الَّذِي يُتَطَيَّبُ بِهِ، والعُودُ الرَّابِعُ: الشَّجَرَةُ، وَهَذَا مِنْ قَعاقعِ ابْنِ سِيدَهْ؛ والأَمر فِيهِ أَهون مِنَ الِاسْتِشْهَادِ بِهِ أَو تَفْسِيرِ مَعَانِيهِ وإِنما ذَكَرْنَاهُ عَلَى مَا وَجَدْنَاهُ. والعَوَّادُ: مُتَّخِذُ العِيدانِ. وأَما مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ

شُرَيْحٍ: إِنما الْقَضَاءُ جَمْرٌ فادفعِ الجمرَ عَنْكَ بعُودَيْنِ

؛ فإِنه أَراد بِالْعُودَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ، يُرِيدُ اتَّقِ النَّارَ بِهِمَا وَاجْعَلْهُمَا جُنَّتَك كَمَا يَدْفَعُ المُصْطَلي الجمرَ عَنْ مَكَانِهِ بِعُودٍ أَو غَيْرِهِ لِئَلَّا يَحْتَرِقَ، فمثَّل الشَّاهِدَيْنِ بِهِمَا لأَنه يَدْفَعُ بِهِمَا الإِثم وَالْوَبَالَ عَنْهُ، وَقِيلَ: أَراد تَثَبَّتْ فِي الْحُكْمِ وَاجْتَهِدْ فِيمَا يَدْفَعُ عَنْكَ النَّارَ مَا اسْتَطَعْتَ؛ وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:

ومَنْ وَرِثَ العُودَيْنِ والخاتَمَ الَّذِي

لَهُ المُلْكُ، والأَرضُ الفَضاءُ رَحْيبُها

قَالَ: العودانِ مِنْبَرُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وعَصاه؛ وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الْعُودَيْنِ فِي الْحَدِيثِ وفُسِّرا بِذَلِكَ؛ وَقَوْلُ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:

وَلَقَدْ عَلِمْت سوَى الَّذِي نَبَّأْتني:

أَنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ ذِي الأَعْوادِ

قَالَ الْمُفَضَّلُ: سَبِيلُ ذِي الأَعواد يُرِيدُ الْمَوْتَ، وَعَنَى بالأَعواد مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ؛ قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ أَن الْبَوَادِيَ لَا جَنَائِزَ لَهُمْ فَهُمْ يَضُمُّونَ عُوداً إِلى عُودٍ وَيَحْمِلُونَ الْمَيِّتَ عَلَيْهَا إِلى الْقَبْرِ. وَذُو الأَعْواد: الَّذِي قُرِعَتْ لَهُ العَصا، وَقِيلَ: هُوَ رَجُلٌ أَسَنَّ فَكَانَ يُحمل فِي مِحَفَّةٍ مِنْ عُودٍ. أَبو عَدْنَانَ: هَذَا أَمر يُعَوِّدُ الناسَ عليَّ أَي يُضَرِّيهم بِظُلْمي. وَقَالَ: أَكْرَهُ تَعَوُّدَ الناسِ عليَّ فَيَضْرَوْا بِظُلْمي أَي يَعْتادُوه. وَقَالَ شِمْرٌ: المُتَعَيِّدُ الظَّلُومُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِطَرَفَةَ:

فَقَالَ: أَلا مَاذَا تَرَوْنَ لِشارِبٍ

شَدِيدٍ عَلَيْنَا سُخطُه مُتَعَيِّدِ؟ «3»

. أَي ظَلُومٍ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:

يَرَى المُتَعَيِّدُونَ عليَّ دُوني

أُسُودَ خَفِيَّةَ الغُلْبَ الرِّقابا

وَقَالَ غَيْرُهُ: المُتَعَيِّدُ الَّذِي يُتَعَيَّدُ عَلَيْهِ بِوَعْدِهِ. وَقَالَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: المُتَعَيِّدُ المُتجَنِّي فِي بَيْتِ جَرِيرٍ؛ وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ مَقْرُومٍ:

عَلَى الجُهَّالِ والمُتَعَيِّدِينا

قَالَ: والمُتَعَيِّدُ الغَضْبانُ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: تَعَيِّدَ العائنُ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ إِذا تَشَهَّقَ عَلَيْهِ وتَشَدَّدَ لِيُبَالِغَ فِي إِصابته بِعَيْنِهِ. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي: هُوَ لَا يُتَعَيَّنُ عَلَيْهِ وَلَا يُتَعَيَّدُ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:

كأَنها وفَوْقَها المُجَلَّدُ،

وقِرْبَةٌ غَرْفِيَّةٌ ومِزْوَدُ،

(3). في ديوان طرفة: شديد علينا بغيُه متعمِّدِ

ص: 320

غَيْرَى عَلَى جاراتِها تَعَيَّدُ

قَالَ: المُجَلَّدُ حِمْل ثَقِيلٌ فكأَنها، وَفَوْقَهَا هَذَا الْحِمْلُ وَقِرْبَةٌ وَمِزْوَدٌ، امرأَة غَيْرَى. تُعِيدُ أَي تَنْدَرِئُ بِلِسَانِهَا عَلَى ضَرَّاتها وَتُحَرِّكُ يَدَيْهَا. والعَوْدُ: الْجَمَلُ المُسِنُّ وَفِيهِ بَقِيَّةٌ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ الَّذِي جاوَزَ فِي السنِّ البازِلَ والمُخْلِفَ، وَالْجَمْعُ عِوَدَةٌ، قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ فِي لُغَةٍ عِيَدَةَ وَهِيَ قَبِيحَةٌ. وَفِي الْمَثَلِ: إنْ جَرْجَرَ العَوْدُ فَزِدْه وقْراً، وَفِي الْمَثَلِ: زاحِمْ بعَوْد أَو دَعْ أَي اسْتَعِنْ عَلَى حَرْبِكَ بأَهل السِّنِّ وَالْمَعْرِفَةِ، فإِنَّ رأْي الشَّيْخِ خَيْرٌ مِنْ مَشْهَدِ الْغُلَامِ، والأُنثى عَوْدَةٌ وَالْجَمْعُ عِيادٌ؛ وَقَدْ عادَ عَوْداً وعَوَّدَ وَهُوَ مُعَوِّد. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ عَوَّدَ البعيرُ تَعْوِيداً إِذا مَضَتْ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ بَعْدَ بُزُولِه أَو أَربعٌ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلنَّاقَةِ عَوْدَةٌ وَلَا عَوَّدَتْ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِفَرَسٍ لَهُ أُنثى عَوْدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ

حَسَّانَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَبْعَثُوا إِلى هَذَا العَوْدِ

؛ هُوَ الْجَمَلُ الْكَبِيرُ المُسِنُّ المُدَرَّبُ فَشَبَّهَ نَفْسَهُ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ: سأَله رَجُلٌ فَقَالَ: إِنك لَتَمُتُّ بِرَحِمٍ عَوْدَة، فَقَالَ: بُلَّها بعَطائكَ حَتَّى تَقْرُبَ،

أَي برَحِمٍ قديمةٍ بَعِيدَةِ النَّسَبِ. والعَوْد أَيضاً: الشَّاةُ الْمُسِنُّ، والأُنثى كالأُنثى. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه، عليه الصلاة والسلام، دَخَلَ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ منزلَهُ قَالَ: فَعَمَدْتُ إِلى عَنْزٍ لِي لأَذْبَحَها فَثَغَتْ، فقال، عليه السلام: يَا جَابِرُ لَا تَقْطَعْ دَرًّا وَلَا نَسْلًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنما هِيَ عَوْدَة عَلَفْنَاهَا الْبَلَحَ والرُّطَب فَسَمِنَتْ

؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وعَوَّدَ البعيرُ والشاةُ إِذا أَسَنَّا، وَبَعِيرٌ عَوْد وَشَاةٌ عَوْدَةٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: عَوَّدَ الرجلُ تَعْويداً إِذا أَسن؛ وأَنشد:

فَقُلْنَ قَدْ أَقْصَرَ أَو قَدْ عَوّدا

أَي صَارَ عَوْداً كَبِيرًا. قَالَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ عَوْدٌ لِبَعِيرٍ أَو شَاةٍ، وَيُقَالُ لِلشَّاةِ عَوْدة وَلَا يُقَالُ لِلنَّعْجَةِ عَوْدة. قَالَ: وَنَاقَةٌ مُعَوِّد. وَقَالَ الأَصمعي: جَمَلٌ عَوْدٌ وَنَاقَةٌ عَوْدَةٌ وَنَاقَتَانِ عَوْدَتان، ثُمَّ عِوَدٌ فِي جَمْعِ العَوْدة مِثْلَ هِرَّةٍ وهِرَرٍ وعَوْدٌ وعِوَدَةٌ مِثْلَ هِرٍّ وهِرَرَةٍ، وَفِي النَّوَادِرِ: عَوْدٌ وعِيدَة؛ وأَما قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:

حَتَّى إِذا الليلُ تَجَلَّى أَصْحَمُه،

وانْجابَ عَنْ وجْهٍ أَغَرَّ أَدْهَمُه،

وتَبِعَ الأَحْمَرَ عَوْدٌ يَرْجُمُه

فإِنه أَراد بالأَحمر الصُّبْحَ، وأَراد بِالْعَوْدِ الشَّمْسَ. والعَوْدُ: الطريقُ القديمُ العادِيُّ؛ قَالَ بُشَيْرُ بْنُ النِّكْثِ:

عَوْدٌ عَلَى عَوْدٍ لأَقْوامٍ أُوَلْ،

يَمُوتُ بالتَّركِ، ويَحْيا بالعَمَلْ

يُرِيدُ بِالْعَوْدِ الأُول الْجَمَلَ الْمُسِنَّ، وَبِالثَّانِي الطَّرِيقَ أَي عَلَى طَرِيقٍ قَدِيمٍ، وَهَكَذَا الطَّرِيقُ يَمُوتُ إِذا تُرِكَ ويَحْيا إِذا سُلِكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:

عَوْدٌ عَلى عَوْدٍ عَلى عَوْدٍ خَلَقْ

فالعَوْدُ الأَول رَجُلٌ مُسنّ، والعَوْدُ الثَّانِي جَمَلٌ مُسِنٌّ، وَالْعَوْدُ الثَّالِثُ طَرِيقٌ قَدِيمٌ. وسُودَدٌ عَوْدٌ قديمٌ عَلَى الْمَثَلِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

هَلِ المَجْدُ إِلا السُّودَدُ العَوْدُ والنَّدى،

وَرَأْبُ الثَّأَى، والصَّبْرُ عِنْدَ المَواطِنِ؟

وعادَني أَنْ أَجِيئَك أَي صَرَفَني، مَقْلُوبٌ مِنْ عَداني؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. وعادَ فِعْلٌ بِمَنْزِلَةِ صَارَ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:

فَقَامَ تَرْعُدُ كَفَّاه بِمِيبَلَة،

قَدْ عادَ رَهْباً رَذِيّاً طائِشَ القَدَمِ

ص: 321

لَا يَكُونُ عَادَ هُنَا إِلا بِمَعْنَى صَارَ، وَلَيْسَ يُرِيدُ أَنه عَاوَدَ حَالًا كَانَ عَلَيْهَا قَبْلُ، وَقَدْ جَاءَ عَنْهُمْ هَذَا مَجِيئًا وَاسِعًا؛ أَنشد أَبو عَلِيٍّ لِلْعَجَّاجِ:

وقَصَباً حُنِّيَ حَتَّى كادَا

يَعُودُ، بَعْدَ أَعْظُمٍ، أَعْوادَا

أَي يَصِيرُ. وَعَادٌ: قَبِيلَةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَضَيْنَا عَلَى أَلفها أَنها وَاوٌ لِلْكَثْرَةِ وأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ [ع ي د] وأَمَّا عِيدٌ وأَعْيادٌ فَبَدَلٌ لَازِمٌ. وأَما مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْعَرَبِ مِنْ أَهلِ عَادٍ بالإِمالة فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ أَن أَلفها مِنْ يَاءٍ لِمَا قَدَّمْنَا، وإِنما أَمالوا لِكَسْرَةِ الدَّالِ. قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يدَعُ صَرْفَ عَادٍ؛ وأَنشد:

تَمُدُّ عليهِ، منْ يَمِينٍ وأَشْمُلٍ،

بُحُورٌ لَهُ مِنْ عَهْدِ عَادَ وتُبَّعا

جَعَلَهُمَا اسْمَيْنِ لِلْقَبِيلَتَيْنِ. وَبِئْرٌ عادِيَّةٌ، والعادِيُّ الشَّيْءُ الْقَدِيمُ نُسِبَ إِلى عَادٍ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:

وَمَا سالَ وادٍ مِنْ تِهامَةَ طَيِّبٌ،

بِهِ قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكُرُورُ «4»

. وَعَادٌ: قَبِيلَةٌ وَهُمْ قومُ هودٍ، عليه السلام. قَالَ اللَّيْثُ: وَعَادٌ الأُولى هُمْ عادُ بْنُ عَادِيَا بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ الَّذِينَ أَهلكهم اللَّهُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

وأُهْلِكَ لُقْمانُ بنُ عادٍ وعادِيا

وأَما عَادٌ الأَخيرة فَهُمْ بَنُو تَمِيمٍ يُنْزِلُونَ رمالَ عالِجٍ عَصَوُا اللَّهَ فَمُسخُوا نَسْناساً، لِكُلِّ إِنسان مِنْهُمْ يَدٌ وَرِجْلٍ مِنْ شِقّ؛ وَمَا أَدْري أَيُّ عادَ هُوَ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ «5» أَي أَيّ خَلْقٍ هُوَ. والعِيدُ: شَجَرٌ جَبَلِيٌّ يُنْبِتُ عِيداناً نَحْوَ الذِّرَاعِ أَغبر، لَا وَرَقَ لَهُ وَلَا نَوْر، كَثِيرُ اللِّحَاءِ والعُقَد يُضَمَّدُ بِلِحَائِهِ الْجُرْحُ الطَّرِيُّ فَيَلْتَئِمُ، وإِنما حَمَلْنَا الْعِيدَ عَلَى الْوَاوِ لأَن اشْتِقَاقَ الْعِيدِ الَّذِي هُوَ الْمَوْسِمُ إِنما هُوَ مِنَ الْوَاوِ فَحَمَلْنَا هَذَا عَلَيْهِ. وَبَنُو العِيدِ: حَيٌّ تُنْسَبُ إِليه النُّوقُ العِيدِيَّةُ، والعيدِيَّة: نَجَائِبُ مَنْسُوبَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ وَقِيلَ: العِيدية مَنْسُوبَةٌ إِلى عَادِ بْنِ عَادِ، وَقِيلَ: إِلَى عادِيّ بْنِ عَادٍ إِلا أَنه عَلَى هَذَيْنِ الأَخيرين نَسَبٌ شاذٌّ، وَقِيلَ: الْعِيدِيَّةُ تُنْسَبُ إِلى فَحْلٍ مُنْجِب يُقَالُ لَهُ عِيدٌ كأَنه ضَرَبَ فِي الإِبل مَرَّاتٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِرَذَاذٍ الْكَلْبِيِّ:

ظَلَّتْ تَجُوبُ بِهَا البُلْدانَ ناجِيَةٌ

عِيدِيَّةٌ، أُرْهِنَتْ فِيهَا الدَّنانِيرُ

وَقَالَ: هِيَ نُوق مِنْ كِرام النَّجَائِبِ مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْلٍ مُنْجِبٍ. قَالَ شِمْرٌ: والعِيدِيَّة ضَرْب مِنَ الْغَنَمِ، وَهِيَ الأُنثى من البُرْقانِ [البِرْقانِ]، قَالَ: وَالذَّكَرُ خَرُوفٌ فَلَا يَزالُ اسمَه حَتَّى يُعَقَّ عَقِيقَتُه؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف العِيدِيَّة فِي الْغَنَمِ وأَعرف جِنْسًا مِنَ الإِبل العُقَيْلِيَّة يُقَالُ لَهَا العِيدِيَّة، قَالَ: وَلَا أَدري إِلى أَي شَيْءٍ نُسِبَتْ. وَحَكَى الأَزهري عَنِ الأَصمعي: العَيْدانَةُ النَّخْلَةُ الطَّوِيلَةُ، وَالْجَمْعُ العَيْدانُ؛ قال لبيد:

وأَبْيَض العَيْدانِ والجَبَّارِ

قَالَ أَبو عَدْنَانَ: يُقَالُ عَيْدَنَتِ النخلةُ إِذا صَارَتْ عَيْدانَةً؛ وَقَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلَسٍ:

والأُدْمُ كالعَيْدانِ آزَرَها،

تحتَ الأَشاءِ، مُكَمَّمٌ جَعْلُ

قَالَ الأَزهري: مَنْ جَعَلَ الْعِيدَانَ فَيْعالًا جعل النون

(4). قوله [وكرور] كذا بالأَصل هنا والذي فيه في مادة ك ر ر وكرار بالألف وأورد بيتاً قبله على هذا النمط وكذا الجوهري فيها

(5)

. قوله [غير مصروف] كذا بالأصل والصحاح وشرح القاموس ولو أريد بعاد القبيلة لا يتعين منعه من الصرف ولذا ضبط في القاموس الطبع بالصرف.

ص: 322