المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل السين المهملة - لسان العرب - جـ ٣

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌خ

- ‌باب الخاء المعجمة

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الباء

- ‌فصل التاء

- ‌فصل الثاء

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الخاء

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل الشين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل الظاء المعجمة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء

- ‌د

- ‌حرف الدال المهملة

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء

- ‌فصل الثاء

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌ذ

- ‌حرف الذال المعجمة

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الباء موحدة

- ‌فصل التاء المثناة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الراء المهملة

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

الفصل: ‌فصل السين المهملة

‌فصل السين المهملة

سأد: السأْد: الْمَشْيُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

مِنْ نضْوِ أَورامٍ تَمَشَّتْ سأْدا

والإِسْآد: سَيْرُ اللَّيْلِ كُلِّهِ لَا تَعْرِيسَ فِيهِ، والتأْويب: سَيْرُ النَّهَارِ لَا تَعْرِيجَ فِيهِ؛ وَقِيلَ: الإِسْآد أَن تَسِيرَ الإِبل بِاللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةُ بْنُ جَؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ سَحَابًا:

سادٍ تَجَرَّمَ فِي البَضِيعِ ثَمَانِيًا،

يَلْوي بِعَيْقاتِ البحارِ ويَجْنَبُ

قِيلَ: هُوَ مِنَ الإِسْآد الَّذِي هُوَ سَيْرُ اللَّيْلِ كُلِّهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَا يَجُوزُ إِلا أَن يَكُونَ عَلَى قَلْبِ مَوْضِعِ الْعَيْنَ إِلى مَوْضِعِ اللَّامِ كأَنه سَائِدٌ أَي ذُو إِسآد، كَمَا قَالُوا تَامِرٌ وَلَابِنٌ أَي ذُو تَمْرٍ وَذُو لَبَنٍ، ثُمَّ قَلَبَ فَقَالَ سَادِئٌ فَبَالَغَ، ثُمَّ أَبدل الْهَمْزَةَ إِبدالًا صَحِيحًا فَقَالَ سَادِي، ثُمَّ أَعل كَمَا أُعل قَاضٍ وَرَامٍ؛ قَالَ: وإِنما قُلْنَا فِي سادٍ هُنَا إِنه عَلَى النَّسَبِ لَا عَلَى الْفِعْلِ لأَنَّا لَا نَعْرِفُ سأَد الْبَتَّةَ، وإِنما الْمَعْرُوفُ أَسأَد، وَقِيلَ: سَادَ هُنَا مُهْمَلٌ فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمَقْلُوبٍ عَنْ شيءٍ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ: وَقَدْ جَاءَ السَّأْدُ إِلا أَني لَمْ أَرَ لَهُ فِعْلًا؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

حَرْفٌ صَمُوتُ السُّرَى، إِلَّا تَلَفُّتَها

بِاللَّيْلِ فِي سأَدٍ مِنْهَا وإِطْراق

وأَسْأَد السَّيْرَ: أَدْأَبه؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:

لَمْ تَلْقَ خَيْلٌ قَبْلَهَا مَا قَدْ لَقَت

مِنْ غِبِّ هَاجِرَةٍ وَسَيْرٍ مُسْأَدِ

أَراد: لقِيَتْ وَهِيَ لُغَةُ طَيِّءٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الإِسآد الإِغْذاذُ فِي السَّيْرِ وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي سَيْرِ اللَّيْلِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

يُسْئِدُ السيرَ عَلَيْهَا راكبٌ،

رابِطُ الجأْش عَلَى كُلِّ وَجَلْ

الأَحمر: المُسْأَدُ مِنَ الزِّقاقِ أَصغر مِنَ الحَمِيت؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الَّذِي سَمِعْنَاهُ المُسْأَبُ، بِالْبَاءِ، الزِّقُّ الْعَظِيمُ. الْجَوْهَرِيُّ: والمِسأَد نِحْيُ السَّمْنِ أَو الْعَسَلِ يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ فَيُقَالُ مِساد، فإِذا هُمِزَ فَهُوَ مِفْعَل، وإِذا لم يهمز فهو فِعالٌ. أَبو عَمْرٍو: السَّأْدُ، بِالْهَمْزِ، انتِقاضُ الجُرْحِ؛ يُقَالُ: سَئِدَ جُرْحُه يَسْأَدُ سَأَداً، فَهُوَ سَئيدٌ؛ وأَنشد:

فَبِتُّ مِنْ ذَاكَ سَاهِرًا أَرِقاً،

أَلقَى لِقاءَ اللَّاقِي مِنَ السَّأَدِ

ويعتريه سُؤَادٌ: وَهُوَ دَاءٌ يأْخذ النَّاسَ والإِبل وَالْغَنَمَ عَلَى الْمَاءِ الْمِلْحِ، وَقَدْ سُئِدَ، فَهُوَ مَسْؤُودٌ. وَيُقَالُ للمرأَة: إِن فِيهَا لَسُؤْدة أَي بَقِيَّةً مِنْ شَبَابٍ وَقُوَّةٍ. وسَأَده سَأْداً وسَأَداً: خنقه.

سبد: السَّبَدُ: مَا يَطْلُعُ من رؤوس النَّبَاتِ قَبْلَ أَن يَنْتَشِرَ، وَالْجَمْعُ أَسباد؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

أَو كأَسبادِ النَّصِيَّةِ، لَمْ

تَجْتَدِلْ فِي حَاجِرٍ مُسْتَنامْ

وَقَدْ سَبَّدَ النباتُ. يُقَالُ: بأَرض بَنِي فُلَانٍ أَسبادٌ أَي بَقَايَا مِنْ نَبْتٍ، وَاحِدُهَا سَبَدٌ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

سَبَداً مِنَ التَّنُّومِ يَخْبِطُه النَّدَى،

ونَوادراً مِنْ حَنْظلٍ خُطْبَانِ

وَقَالَ غَيْرُهُ: أَسبَدَ النَّصِيُّ إِسباداً، وَتَسَبَّدَ تَسَبُّدًا إِذا نَبَتَ مِنْهُ شَيْءٌ حَدِيثٌ فِيمَا قَدُمَ مِنْهُ، وأَنشد بَيْتَ الطِّرِمَّاحِ وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: قَالَ أَبو سَعِيدٍ: إِسباد النَّصِيَّةِ سَنَمَتها وَتُسَمِّيهَا الْعَرَبُ الْفَوَرَانَ لأَنها تَفُورُ؛ قَالَ أَبو

ص: 201

عمرو: أَسبادُ النَّصِيِّ رؤُوسه أَوّل مَا يَطلع، جَمْعُ سَبَدٍ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ قِدحاً فَائِزًا:

مُجَرَّبٌ بالرِّهانِ مُستَلِبٌ،

خَصْلُ الجَوارِي، طرائفٌ سَبَدُهْ

أَراد أَنه مُسْتَطْرَف فَوْزه وَكَسْبُهُ. والسُّبَدُ: الشُّؤْم؛ حَكَاهُ اللَّيْثُ عَنْ أَبي الدُّقيش فِي قَوْلِهِ:

إمرُؤُ الْقَيْسِ بْنَ أَرْوَى مُولِيَا،

إِن رَآنِي لأَبُوأَنْ بِسُبَدْ

قُلْتُ: بَحْرًا قُلْتَ: قَوْلًا كَاذِبًا،

إِنما يَمْنَعُنِي سَيْفِي ويَدْ

والسَّبَدُ: الوَبَر، وَقِيلَ: الشَّعَرُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَدٌ أَي مَا لَهُ ذُو وَبَرٍ وَلَا صُوفٍ مُتَلَبِّدٍ، يُكَنَّى بِهِمَا عَنِ الإِبل وَالْغَنَمِ؛ وَقِيلَ يُكَنَّى بِهِ عَنِ الْمَعَزِ والضأْن؛ وَقِيلَ: يُكَنَّى بِهِ عَنِ الإِبل وَالْمَعَزِ، فَالْوَبَرُ للإِبل وَالشَّعَرُ لِلْمَعَزِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: مَا لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَدٌ أَي مَا لَهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ وَقَالَ غَيْرُ الأَصمعي: السَّبْدُ مِنَ الشَّعَرِ وَاللُّبَدُ مِنَ الصُّوفِ، وَبِهَذَا الْحَدِيثِ سُمِّيَ الْمَالُ سبَداً. والسَّبُّود: الشَّعَرُ. وسَبَّدَ شَعْرَهُ: استأْصله حَتَّى أَلزقه بِالْجِلْدِ وأَعفاه جَمِيعًا، فَهُوَ ضِدٌّ؛ وَقَوْلُهُ:

بأَنَّا وَقَعْنَا مِنْ وليدٍ ورَهْطهِ

خِلافَهمُ، فِي أُمِّ فَأْرٍ مُسَبَّدِ

عَنَى بأُم فأْر الدَّاهِيَةَ، وَيُقَالُ لَهَا: أُم أَدراص. والدِّرْصُ يَقَعُ عَلَى ابْنِ الْكَلْبَةِ والذِّئبة وَالْهِرَّةِ والجُرَذ واليَرْبُوع فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الْوَزْنُ؛ وَهَذَا كَقَوْلِهِ:

عَرَق السِّقاء عَلَى القَعودِ اللاغِبِ

أَراد عَرَقَ القِرْبَة فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ. وَقَوْلُهُ مُسَبَّد إِفراط فِي الْقَوْلِ وَغُلُوٌّ، كَقَوْلِ الْآخَرِ:

وَنَحْنُ كَشَفَنَا مِنْ معاويةَ الَّتِي

هِيَ الأُمُّ، تَغْشَى كلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِقِ

عَنَى الدِّمَاغَ لأَن الدِّمَاغَ يُقَالُ لَهَا فَرْخٌ، وَجَعَلَهُ مُنَقْنِقًا عَلَى الغلوِّ. وَالتَّسْبِيدُ: أَن يَنْبُتَ الشَّعَرُ بَعْدَ أَيام. وَقِيلَ: سَبَّدَ الشعرُ إِذا نَبَتَ بَعْدَ الْحَلْقِ فَبَدَا سَوَادُهُ. وَالتَّسْبِيدُ: التَّشْعِيثُ. وَالتَّسْبِيدُ: طُلُوعُ الزَّغَب؛ قَالَ الرَّاعِي:

لَظَلَّ قُطاميٌّ وتحتَ لَبانِه

نَواهِضُ رُبْدٌ، ذاتُ ريشٍ مُسَبَّدِ

وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه ذَكَرَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ: التَّسْبِيدُ فِيهِمْ فاشٍ.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سأَلت أَبا عُبَيْدَةَ عَنِ التَّسْبِيدِ فَقَالَ: هُوَ تَرْكُ التَّدَهُّنِ وَغَسْلُ الرأْس؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الْحَلْقُ وَاسْتِئْصَالُ الشَّعَرِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ؛ وَقَدْ يَكُونُ الأَمران جَمِيعًا. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ وَالتَّسْبِيدُ.

وسَبَّدَ الفرخُ إِذا بَدَا رِيشُهُ وَشَوَّكَ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ فِي قِصَرِ الشَّعَرِ:

مُنْهَرِتُ الشِّدْقِ لَمْ تَنْبُتْ قوادِمُه

فِي حَاجِبِ الْعَيْنِ، مِنْ تسْبيدِه، زَبَبُ

يَصِفُ فَرْخَ قَطَاةٍ حَمَّمَ وَعَنَى بِتَسْبِيدِهِ طُلُوعَ زَغَبِهِ. وَالْمُنْهَرِتُ: الْوَاسِعُ الشِّدْقِ. وَقَوَادِمُهُ: أَوائل رِيشِ جَنَاحِهِ. وَالزَّبَبُ: كَثْرَةُ الزَّغَبِ؛ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُثْبِتُ قَوْلَ أَبي عُبَيْدَةَ؛ رُوِيَ عَنِ

ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَدِمَ مَكَّةَ مُسَبِّداً رأْسه فأَتى الْحَجَرَ فَقَبَّلَهُ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَالتَّسْبِيدُ هَاهُنَا تَرْكُ التَّدَهُّنِ وَالْغُسْلِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ التَّسْمِيدُ، بِالْمِيمِ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: سَبَّدَ شعرُه وسَمَّدَ إِذا نَبَتَ بَعْدَ الْحَلْقِ حَتَّى يَظْهَرَ. وَقَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ يَقُولُ: سَبَّدَ الرَّجُلُ شَعَرَهُ إِذا سَرَّحَه وَبَلَّهُ وَتَرَكَهُ،

ص: 202

قَالَ: لَا يُسَبِّدُ ولكنَّه يُسَبِّدُ «2» . وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَبَّدَ شعرَه وسَمَّدَه إِذا استأْصله حَتَّى أَلحقه بِالْجِلْدِ. قَالَ: وسَبَّدَ شعرَه إِذا حَلَقَهُ ثُمَّ نَبَتَ مِنْهُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: سَبَدَ شعرَه وسَبَّده وأَسْبَدَه وسَبَتَه وأَسبَتَه وسَبَّتَه إِذا حَلَقَهُ. والسُّبَدُ: طَائِرٌ إِذا قَطَرَ عَلَى ظَهْرِهِ قطرةٌ مِنْ مَاءٍ جَرى؛ وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ لَيِّنُ الرِّيشِ إِذا قَطَرَ الْمَاءُ عَلَى ظَهْرِهِ جَرَى مِنْ فَوْقِهِ لِلِينِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

أَكُلَّ يَوْمٍ عرشُها مَقِيلي،

حَتَّى تَرَى المِئْزَرَ ذَا الفُضولِ،

مِثلَ جناح السُّبَدِ الغسيلِ

والعرب تسمي الْفَرَسَ بِهِ إِذا عَرِقَ؛ وَقِيلَ: السُّبَدُ طَائِرٌ مِثْلُ العُقاب؛ وَقِيلَ: هُوَ ذَكَرُ الْعِقْبَانِ، وإِياه عَنَى سَاعِدَةُ بقوله:

كأَنَّ شُؤُونَه لَبَّاتُ بُدْنٍ،

غَدَاةَ الوَبْلِ، أَو سُبَدٌ غَسِيلُ

وَجَمْعُهُ سِبْدانٌ؛ وَحَكَى أَبو مَنْجُوفٍ عَنِ الأَصمعي قَالَ: السُّبَدُ هُوَ الخُطَّاف البَرِّيُّ، وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: هُوَ مِثْلُ الْخُطَّافِ إِذا أَصابه الْمَاءُ جَرَى عَنْهُ سَرِيعًا، يَعْنِي الْمَاءَ؛ وَقَالَ طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ:

تقريبُه المَرَطَى والجَوزُ مُعْتَدِلٌ،

كأَنه سُبَدٌ بالماءِ مغسولُ

الْمَرَطَى: ضَرْبٌ مِنَ الْعَدْوِ. وَالْجَوْزُ: الْوَسَطُ. والسُّبَدُ: ثَوْبٌ يُسَدُّ بِهِ الحوضُ المَرْكُوُّ لِئَلَّا يَتَكَدَّرَ الْمَاءُ يُفْرَشُ فِيهِ وَتُسْقَى الإِبل عَلَيْهِ وإِياه عَنَى طُفَيْلٌ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ يُقَوِّي مَا قَالَ الأَصمعي:

حَتَّى تَرَى الْمِئْزَرَ ذَا الْفُضُولِ،

مِثْلَ جَنَاحِ السُّبَدِ الْمَغْسُولِ

والسُّبَدَةُ: الْعَانَةُ «3» . والسِّبَدَةُ: الدَّاهِيَةُ. وإِنه لَسِبْدُ أَسباد أَي دَاهٍ فِي اللُّصُوصِيَّةِ. والسَّبَنْدَى والسِّبِنْدَى والسَّبَنْتى: النَّمِرُ، وَقِيلَ الأَسد؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:

قَرْمٌ جَوادٌ مِنْ بَنِي الجُلُنْدى،

يَمْشِي إِلى الأَقران كالسَّبَنْدَى

وَقِيلَ: السَّبْنَدَى الْجَرِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، هُذَلِيَّةٌ؛ قَالَ الزَّفَيَان:

لمَّا رأَيتُ الظُّعْنَ شالتْ تُحْدَى،

أَتبعْتُهُنَّ أَرْحَبِيّاً مَعْدَا

أَعيَسَ جَوّابَ الضُّحَى سَبَنْدَى،

يَدَّرِعُ الليلَ إِذا مَا اسْوَدَّا

وَقِيلَ: هُوَ الْجَرِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى كُلَّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هِيَ اللَّبْوَةُ الْجَرِيئَةُ، وَقِيلَ: هِيَ النَّاقَةُ الْجَرِيئَةُ الصَّدْرِ وَكَذَلِكَ الْجَمَلُ؛ قَالَ:

عَلَى سَبَنْدَى طَالَمَا اعْتَلى بِهِ

الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: السَّبَنْدى الْجَرِيءُ، وَفِي لُغَةِ هُذَيْلٍ: الطَّوِيلُ، وَكُلُّ جريء سَبَنْدى وسَبَنْتى. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: السَّبَنْتاةُ النَّمِرُ وَيُوصَفُ بِهَا السَّبُعُ؛ وَقَوْلُ المُعَذَّلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:

مِنَ السُّحِّ جَوَّالًا كأَنَّ غُلامَه

يُصَرِّفُ سِبْداً، فِي العِيانِ، عَمَرَّدا

وَيُرْوَى سِيداً. قَوْلُهُ مِنَ السُّحِّ يُرِيدُ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تَسِحُّ الْجَرْيَ أَي تَصُبُّ. والعمرَّد: الطَّوِيلُ، وظن

(2). قوله [لَا يُسَبِّدُ وَلَكِنَّهُ يُسَبِّدُ] كذا بالأَصل. ولعل معناه: لا يستأصل شعره بالحلق ولا يترك دهنه ولكنه يسرحه ويغسله ويتركه فيكون بينهما الجناس التام

(3)

. قوله [والسبدة العانة] وكذلك السبد كصرد كما في القاموس وشرحه

ص: 203

بَعْضُهُمْ أَن هَذَا الْبَيْتَ لِجَرِيرٍ وَلَيْسَ لَهُ، وَبَيْتُ جَرِيرٍ هُوَ قَوْلُهُ:

عَلَى سابِحٍ نَهْدٍ يُشَبَّهُ بالضُّحَى،

إِذا عَادَ فِيهِ الركضُ سِيداً عَمرَّدا

سبرد: سَبْردَ شعرَه إِذا حَلَقَهُ، والناقةُ إِذا أَلقت وَلَدَهَا لَا شَعَرَ عَلَيْهِ، فهو المُسَبْرَدُ.

سجد: السَّاجِدُ: الْمُنْتَصِبُ فِي لُغَةِ طَيِّءٍ، قَالَ الأَزهري: وَلَا يُحْفَظُ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. ابْنُ سِيدَهْ: سَجَدَ يَسْجُدُ سُجُودًا وَضَعَ جَبْهَتَهُ بالأَرض، وَقَوْمٌ سُجَّدٌ وَسُجُودٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً

؛ هَذَا سُجُودُ إِعظام لَا سُجُودُ عِبَادَةٍ لأَن بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ يَكُونُوا يَسْجُدُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ عز وجل. قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنه كَانَ مِنْ سُنَّةِ التَّعْظِيمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَن يُسْجَد لِلْمُعَظَّمِ، قَالَ وَقِيلَ: خَرُّوا لَهُ سُجَّدًا أَي خَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ والأَشبه بِظَاهِرِ الْكِتَابِ أَنهم سَجَدُوا لِيُوسُفَ، دَلَّ عَلَيْهِ رؤْياه الأُولى الَّتِي رَآهَا حِينَ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ

؛ فَظَاهِرُ التِّلَاوَةِ أَنهم سَجَدُوا لِيُوسُفَ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غَيْرِ أَن أَشركوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وكأَنهم لَمْ يَكُونُوا نُهُوا عَنِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ عز وجل، فَلَا يَجُوزُ لأَحد أَن يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ؛ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لأَهل الْعَرَبِيَّةِ: وَهُوَ أَن يُجْعَلَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً

، وَفِي قَوْلِهِ: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ

، لَامَ مِنْ أَجل؛ الْمَعْنَى: وَخَرُّوا مِنْ أَجله سُجَّدًا لِلَّهِ شُكْرًا لِمَا أَنعم اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ جَمَعَ شَمْلَهُمْ وَتَابَ عَلَيْهِمْ وَغَفَرَ ذَنْبَهُمْ وأَعز جَانِبَهُمْ وَوَسَّعَ بِيُوسُفَ، عليه السلام؛ وَهَذَا كَقَوْلِكَ فَعَلْتُ ذَلِكَ لِعُيُونِ النَّاسِ أَي مِنْ أَجل عُيُونِهِمْ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

تَسْمَعُ لِلجَرْعِ، إِذا استُحِيرا،

لِلْمَاءِ فِي أَجوافها، خَريرَا

أَراد تَسْمَعُ لِلْمَاءِ فِي أَجوافها خَرِيرَا مِنْ أَجل الْجَرْعِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ*

؛ قال أَبو إِسحق: السُّجُودُ عِبَادَةٌ لِلَّهِ لَا عِبَادَةٌ لِآدَمَ لأَن اللَّهَ، عز وجل، إِنما خَلَقَ مَا يَعْقِلُ لِعِبَادَتِهِ. والمسجَد والمسجِد: الَّذِي يُسْجَدُ فِيهِ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَاحِدُ الْمَسَاجِدِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَوْضِعٍ يُتَعَبَّدُ فِيهِ فَهُوَ مسجَد [مسجِد]، أَلا تَرَى أَن

النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: جُعِلَتْ لِيَ الأَرض مَسْجِدًا وَطَهُورًا.

وَقَوْلُهُ عز وجل: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ

؛ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَنه مَنْ أَظلم مِمَّنْ خَالَفَ مِلَّةَ الإِسلام؟ قَالَ: وَقَدْ كَانَ حُكْمُهُ أَن لَا يَجِيءَ عَلَى مَفْعِل وَلَكِنَّهُ أَحد الْحُرُوفِ الَّتِي شَذَّتْ فجاءَت عَلَى مَفْعِل. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وأَما الْمَسْجِدُ فإِنهم جَعَلُوهُ اسْمًا لِلْبَيْتِ وَلَمْ يأْت عَلَى فَعَلَ يَفْعُلُ كَمَا قَالَ فِي المُدُقِّ إِنه اسْمٌ لِلْجُلْمُودِ، يَعْنِي أَنه لَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْفِعْلِ لَقِيلَ مِدَقٌّ لأَنه آلَةُ، وَالْآلَاتُ تَجِيءُ عَلَى مِفْعَلٍ كمِخْرَزٍ ومِكنَسٍ ومِكسَحٍ. ابْنُ الأَعرابي: مسجَد، بِفَتْحِ الْجِيمِ، مِحْرَابُ الْبُيُوتِ؛ وَمُصَلَّى الْجَمَاعَاتِ مسجِد، بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَالْمَسَاجِدُ جَمْعُهَا، وَالْمَسَاجِدُ أَيضاً: الْآرَابُ الَّتِي يُسْجَدُ عَلَيْهَا وَالْآرَابُ السَّبْعَةُ مَسَاجِدُ. وَيُقَالُ: سَجَدَ سَجْدَةً وَمَا أَحسن سِجْدَتَه أَي هَيْئَةَ سُجُودِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْفَرَّاءُ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى فَعَلَ يَفْعُل مِثْلَ دَخَلَ يَدْخُلُ فَالْمَفْعَلُ مِنْهُ بِالْفَتْحِ، اسْمًا كَانَ أَو مَصْدَرًا، وَلَا يَقَعُ فِيهِ الْفَرْقُ مِثْلَ دَخَلَ مَدْخَلًا وَهَذَا مَدْخَلُه، إِلا أَحرفاً مِنَ الأَسماء أَلزموها كَسْرَ الْعَيْنِ، مِنْ ذَلِكَ المسجِد والمطلِع وَالْمَغْرِبُ وَالْمَشْرِقُ والمَسْقِط والمَفْرِق والمَجْزِر والمَسْكِن والمَرْفِق مِن رَفَقَ يَرْفُقُ والمَنْبِت والمَنْسِك مِنْ نَسَك ينسُك، فَجَعَلُوا الْكَسْرَ عَلَامَةَ الِاسْمِ، وَرُبَّمَا فَتَحَهُ بَعْضُ الْعَرَبِ فِي الِاسْمِ، فَقَدْ رُوِيَ

ص: 204

مسكَن ومسكِن وَسُمِعَ المسجِد والمسجَد والمطلِع والمطلَع، قَالَ: وَالْفَتْحُ فِي كُلِّهِ جَائِزٌ وإِن لَمْ نَسْمَعْهُ. قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ بَابِ فَعَل يفعِل مِثْلُ جَلَسَ يجلِسُ فَالْمَوْضِعُ بِالْكَسْرِ وَالْمَصْدَرُ بِالْفَتْحِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، تَقُولُ: نَزَلَ منزَلًا بِفَتْحِ الزَّايِ، تُرِيدُ نَزَلَ نُزُولًا، وَهَذَا منزِله، فَتَكْسِرُ، لأَنك تَعْنِي الدَّارَ؛ قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبٌ تَفَرَّدَ بِهِ هَذَا الْبَابُ مِنْ بَيْنِ أَخواته، وَذَلِكَ أَن الْمَوَاضِعَ وَالْمَصَادِرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ تُرَدُّ كُلُّهَا إِلى فَتْحِ الْعَيْنِ وَلَا يَقَعُ فِيهَا الْفَرْقُ، وَلَمْ يُكْسَرْ شَيْءٌ فِيمَا سِوَى الْمَذْكُورِ إِلا الأَحرف الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَالْمَسْجِدَانِ: مَسْجِدُ مَكَّةَ وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، شَرَّفَهُمَا اللَّهُ عز وجل؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ بَنِي أُمية:

لَكُمْ مَسْجِدَا اللَّهِ المَزُورانِ، والحَصَى

لَكُمْ قِبْصُه مِنْ بَيْنِ أَثرَى وأَقتَرا

القِبْصُ: الْعَدَدُ. وَقَوْلُهُ: مِنْ بَيْنِ أَثرى وأَقترا يُرِيدُ مِنْ بَيْنِ رَجُلٍ أَثرى وَرَجُلٍ أَقتر أَي لَكُمُ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، المُثْري مِنْهُمْ والمُقْتِر. والمِسْجَدَةُ والسَّجَّادَةُ: الخُمْرَةُ الْمَسْجُودُ عَلَيْهَا. والسَّجَّادةُ: أَثر السُّجُودِ فِي الْوَجْهِ أَيضاً. والمَسْجَدُ، بِالْفَتْحِ: جَبْهَةُ الرَّجُلِ حَيْثُ يُصِيبُهُ نَدَبُ السُّجُودِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ

؛ قِيلَ: هِيَ مَوَاضِعُ السُّجُودِ مِنَ الإِنسان: الْجَبْهَةُ والأَنف وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالرِّجْلَانِ. وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ

، قَالَ: السُّجُودُ مَوَاضِعُهُ مِنَ الْجَسَدِ والأَرض مَسَاجِدُ، وَاحِدُهَا مسجَد، قَالَ: والمسجِد اسْمٌ جَامِعٌ حَيْثُ سُجِدَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ لَا يَسْجُدُ بَعْدَ أَن يَكُونَ اتَّخَذَ لِذَلِكَ، فأَما الْمَسْجِدُ مِنَ الأَرض فَمَوْضِعُ السُّجُودِ نَفْسِهِ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ

، أَراد أَن السُّجُودَ لِلَّهِ، وَهُوَ جَمْعُ مَسْجِدٍ كَقَوْلِكَ ضَرَبْتُ فِي الأَرض. أَبو بَكْرٍ: سَجَدَ إِذا انْحَنَى وَتَطَامَنَ إِلى الأَرض. وأَسجَدَ الرجلُ: طأْطأَ رأْسه وَانْحَنَى، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ؛ قَالَ الأَسدي أَنشده أَبو عبيد:

وقلنَ له أَسجِدْ لِلَيْلى فأَسجَدَا

يَعْنِي بَعِيرَهَا أَنه طأْطأَ رأْسه لِتَرْكَبَهُ؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ نِسَاءً:

فُضولَ أَزِمَّتِها أَسجَدَتْ

سجودَ النَّصَارَى لأَرْبابِها

يَقُولُ: لَمَّا ارْتَحَلْنَ وَلَوَيْنَ فُضُولَ أَزمَّة جِمَالِهِنَّ عَلَى مَعَاصِمِهِنَّ أَسْجدت لَهُنَّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده:

فَلَمَّا لَوَيْنَ عَلَى مِعْصَمٍ،

وكَفٍّ خضيبٍ وأَسوارِها،

فُضولَ أَزِمَّتِها، أَسْجدت

سجودَ النَّصَارَى لأَحْبارِها

وسجدَت وأَسجدَتْ إِذا خَفَضَتْ رأْسها لتُرْكَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ كِسْرَى يُسْجِدُ لِلطَّالِعِ

أَي يَتَطَامَنُ وَيَنْحَنِي؛ والطالِعُ: هُوَ السَّهْمُ الَّذِي يُجَاوِزُ الهَدَفَ مِنْ أَعلاه، وَكَانُوا يَعُدُّونَهُ كالمُقَرْطِسِ، وَالَّذِي يَقَعُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ يُقَالُ لَهُ عاصِدٌ؛ وَالْمَعْنَى: أَنه كَانَ يُسَلِّمُ لِرَامِيهِ وَيَسْتَسْلِمُ؛ وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنه كَانَ يَخْفِضُ رأْسه إِذا شَخَصَ سَهْمُهُ، وَارْتَفَعَ عَنِ الرَّمِيَّة ليتَقَوَّم السَّهْمُ فَيُصِيبَ الدارَةَ. والإِسجادُ: فُتورُ الطرفِ. وَعَيْنٌ سَاجِدَةٌ إِذا كَانَتْ فَاتِرَةً. والإِسجادُ: إِدامة النَّظَرِ مَعَ سُكُونِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: إِدامة النَّظَرِ وإِمراضُ الأَجفان؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:

أَغَرَّكِ مِنِّي أَنَّ دَلَّكِ، عِنْدَنَا،

وإِسجادَ عيْنَيكِ الصَّيودَيْنِ، رابحُ

ابْنُ الأَعرابي: الإِسجاد، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، اليهودُ؛ وأَنشد

ص: 205

الأَسود:

وافى بها كدراهم الإِسجاد «1»

. أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ اعْطُونَا الإِسجاد أَي الْجِزْيَةَ، وَرُوِيَ بَيْتُ الأَسود بِالْفَتْحِ كَدَرَاهِمِ الأَسجاد. قَالَ ابْنُ الأَنباري: دَرَاهِمُ الأَسجاد هِيَ دَرَاهِمُ ضَرَبَهَا الأَكاسرة وَكَانَ عَلَيْهَا صُوَرٌ، وَقِيلَ: كَانَ عَلَيْهَا صُورَةُ كِسْرَى فَمَنْ أَبصرها سَجَدَ لَهَا أَي طأْطأَ رأْسه لَهَا وأَظهر الْخُضُوعَ. قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ شِعْرِ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ رِوَايَةَ الْمُفَضَّلِ مَرْقُومٌ فِيهِ عَلَامَةٌ أَي «2» .... وَنَخْلَةٌ سَاجِدَةٌ إِذا أَمالها حِمْلُهَا. وَسَجَدَتِ النَّخْلَةُ إِذا مَالَتْ. وَنَخْلٌ سَوَاجِدُ: مَائِلَةٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:

بَيْنَ الصَّفا وخَلِيج العينِ ساكنةٌ

غُلْبٌ سواجدُ، لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الخَصَرُ

قَالَ: وَزَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَن السَّوَاجِدَ هُنَا المتأَصلة الثَّابِتَةُ؛ قَالَ وأَنشد فِي وَصْفِ بَعِيرٍ سَانِيَةٍ:

لَوْلَا الزِّمامُ اقتَحَم الأَجارِدا

بالغَرْبِ، أَوْ دَقَّ النَّعامَ السَّاجِدَا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ لَمْ أُغير مِنْ حِكَايَتِهِ شَيْئًا. وَسَجَدَ: خَضَعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

تَرَى الأُكْمَ فِيهَا سُجَّداً للحوافِرِ

وَمِنْهُ سُجُودُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الأَرض وَلَا خُضُوعَ أَعظم مِنْهُ. وَالِاسْمُ السِّجْدَةُ، بِالْكَسْرِ، وَسُورَةُ السَّجْدَةِ، بِالْفَتْحِ. وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ وَخَضَعَ لِمَا أُمر بِهِ، فَقَدْ سَجَدَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ

أَي خُضَّعًا مُتَسَخِّرَةً لِمَا سُخِّرَتْ لَهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ

؛ مَعْنَاهُ يَسْتَقْبِلَانِ الشَّمْسَ وَيَمِيلَانِ مَعَهَا حَتَّى يَنْكَسِرَ الْفَيْءُ. وَيَكُونُ السُّجُودُ عَلَى جِهَةِ الْخُضُوعِ وَالتَّوَاضُعِ كَقَوْلِهِ عز وجل: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ

«3» وَيَكُونُ السُّجُودُ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ؛ وأَنشد:

مَلِكٌ تَدِينُ لَهُ الملوكُ وتَسْجُدُ

قَالَ وَمَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً

، سُجُودَ تَحِيَّةٍ لَا عِبَادَةٍ؛ وَقَالَ الأَخفش: مَعْنَى الْخُرُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمُرُورُ لَا السُّقُوطُ وَالْوُقُوعُ. ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَوْلُهُ، عز وجل: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً*

، قَالَ: بَابٌ ضَيِّقٌ، وَقَالَ: سُجَّدًا رُكَّعًا، وَسُجُودُ الْمَوَاتِ مَحْمَلُهُ فِي الْقُرْآنِ طَاعَتُهُ لِمَا سُخِّرَ لَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ

، إِلى قَوْلِهِ: وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ؛ وَلَيْسَ سُجُودُ الْمَوَاتِ لِلَّهِ بأَعجب مِنْ هُبُوطِ الْحِجَارَةِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ لِلَّهِ والإِيمان بِمَا أَنزل مِنْ غَيْرِ تَطَلُّبِ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ السُّجُودِ وَفِقْهِهِ، لأَن اللَّهَ، عز وجل، لَمْ يُفَقِّهْنَاهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ تَسْبِيحُ الْمَوَاتِ مِنَ الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا مِنَ الطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ يَلْزِمُنَا الإِيمان بِهِ وَالِاعْتِرَافُ بِقُصُورِ أَفهامنا عَنْ فَهْمِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ.

سخد: السُّخْدُ: دَمٌ وَمَاءٌ فِي السَّابِيَاء، وَهُوَ السَّلى الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ. ابْنُ أَحمر: السُّخْدُ الْمَاءُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ. ابْنُ سِيدَهْ: السُّخْدُ مَاءٌ أَصفر ثَخِينٌ يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ يَخْرُجُ مَعَ الْمَشِيمَةِ، قِيلَ: هُوَ لِلنَّاسِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: هُوَ للإِنسان وَالْمَاشِيَةِ، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ مُسَخَّدٌ. وَرَجُلٌ مُسَخِّدٌ: مورَّم مُصْفَرٌّ ثَقِيلٌ مِنْ مَرَضٍ أَو

(1). قوله [وافى بها إلخ] صدره كما في القاموس:

من خمر ذي نطق أغن منطق

(2)

. قوله [علامة أي] في نسخة الأَصل التي بأيدينا بعد أي حروف لا يمكن أَن يهتدي اليها أحد

(3)

. الآية

ص: 206

غَيْرِهِ لأَن السُّخْدَ مَاءٌ ثَخِينٌ يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ. وَفِي حَدِيثِ

زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: كَانَ يُحْيِي لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ فَيُصْبِحُ وكأَن السُّخْدَ عَلَى وَجْهِهِ

؛ هُوَ الْمَاءُ الْغَلِيظُ الأَصفر الَّذِي يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ إِذا نُتخ، شَبَّهَ مَا بِوَجْهِهِ مِنَ التَّهَيُّج بالسُّخْدِ فِي غِلَظِهِ مِنَ السَّهَرِ. وأَصبح فُلَانٌ مُسَخَّداً إِذا أَصبح وَهُوَ مُصْفَرٌّ مُوَرَّمٌ. وَقِيلَ: السُّخْدُ هَنَة كَالْكَبِدِ أَو الطِّحَالِ مُجْتَمِعَةٌ تَكُونُ فِي السَّلى وَرُبَّمَا لَعِبَ بِهَا الصِّبْيَانُ؛ وَقِيلَ: هُوَ نَفْسُ السَّلى. والسُّخْدُ: بَوْلُ الْفَصِيلِ فِي بَطْنِ أُمه. والسُّخْدُ: الرَّهَلُ والصُّفرة فِي الْوَجْهِ، وَالصَّادُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ عَلَى المضارعة، والله أَعلم.

سدد: السَّدُّ: إِغلاق الخَلَلِ ورَدْمُ الثَّلْمِ. سَدَّه يَسُدُّه سَدّاً فَانْسَدَّ وَاسْتَدَّ وَسَدَّدَهُ: أَصلحه وأَوثقه، وَالِاسْمُ السُّدُّ. وَحَكَى الزَّجَّاجُ: مَا كَانَ مَسْدُودًا خِلْقَةً، فَهُوَ سُدٌّ، وَمَا كَانَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، فَهُوَ سَدٌّ، وَعَلَى ذَلِكَ وُجِّهت قراءَة مَنْ قرأَ بَيْنَ السُّدَّيْنِ والسَّدَّيْن. التَّهْذِيبِ: السَّدُّ مَصْدَرُ قَوْلِكَ سَدَدْتُ الشَّيْءَ سَدّاً. والسَّدُّ والسُّدّ: الْجَبَلُ وَالْحَاجِزُ. وَقُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ

، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنه قَالَ: بَيْنَ السُّدّين، مَضْمُومٌ، إِذا جَعَلُوهُ مَخْلُوقًا مِنْ فِعْلِ اللَّهِ، وإِن كَانَ مِنْ فِعْلِ الْآدَمِيِّينَ، فَهُوَ سَدٌّ، بِالْفَتْحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ الأَخفش. وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو: بَيْنَ السَّدَّين وَبَيْنَهُمْ سَدّاً، بِفَتْحِ السِّينِ. وقرأَ فِي يس: مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا

، يضم السِّينِ، وقرأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وأَبو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ، بِضَمِّ السِّينِ، فِي الأَربعة الْمَوَاضِعِ، وقرأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بَيْنَ السُّدَّين، بِضَمِّ السِّينِ. غَيْرُهُ: ضَمُّ السِّينِ وَفَتْحُهَا، سَوَاءٌ السَّدُّ والسُّدُّ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا

، فتح السِّينِ وَضَمِّهَا. والسَّد، بِالْفَتْحِ والضم: الردم والجبل؛ ومنه سَدُّ الرَّوْحاءِ وَسَدُّ الصَّهْبَاءِ وَهُمَا مَوْضِعَانِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هَؤُلَاءِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكُفَّارِ أَرادوا بِالنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، سُوءًا فَحَالَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَسَدَّ عَلَيْهِمُ الطَّرِيقَ الَّذِي سَلَكُوهُ فَجُعِلُوا بِمَنْزِلَةِ من غُلَّتْ يدُه وسُدَّ طَرِيقُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وجُعل عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةٌ؛ وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ قَوْلُ آخَرَ: إِن اللَّهَ وَصَفَ ضَلَالَ الْكُفَّارِ فَقَالَ سَددْنا عَلَيْهِمْ طريقَ الْهُدَى كَمَا قَالَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ. والسِّدادُ: مَا سُدَّ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَسِدَّة. وَقَالُوا: سِدادٌ مِنْ عَوَزٍ وسِدادٌ مِنْ عَيْشٍ أَي مَا تُسَدُّ بِهِ الْحَاجَةُ، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي السُّؤَالِ أَنه قَالَ: لَا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لِثَلَاثَةٍ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا أَصابته جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ فيسأَل حَتَّى يُصِيبَ سِداداً من عَيْشٍ أَو قِواماً

أَي مَا يَكْفِي حَاجَتَهُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قَوْلُهُ سِداداً مِنْ عَيْشٍ أَي قِوَامًا، هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ، وَكُلِّ شَيْءٍ سَدَدْتَ بِهِ خَلَلًا، فَهُوَ سِداد بِالْكَسْرِ، وَلِهَذَا سُمِّيَ سِداد الْقَارُورَةِ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ صِمامُها لأَنه يَسُدُّ رأْسَها؛ وَمِنْهَا سِدادُ الثَّغْرِ، بِالْكَسْرِ، إِذا سُدَّ بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ؛ وأَنشد الْعَرَجِيُّ:

أَضاعوني، وأَيَّ فَتًى أَضاعوا

ليومِ كريهةٍ، وسِدادِ ثَغْرِ

بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ وَهُوَ سَدُّه بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ. الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُهُمْ فِيهِ سِدادٌ مِنْ عَوَز وأَصبت بِهِ سِداداً مِنْ عَيْش أَي مَا تُسَدُّ بِهِ الخَلَّةُ، فَيَكْسِرُ وَيَفْتَحُ، والكسر أَفصح. قال: وأَما السَّداد، بِالْفَتْحِ، فإِنما مَعْنَاهُ الإِصابة فِي

ص: 207

الْمَنْطِقِ أَن يَكُونَ الرَّجُلُ مُسَدَّداً. وَيُقَالُ: إِنه لَذُو سَدادٍ فِي مَنْطِقِهِ وَتَدْبِيرِهِ، وكذلك في الرمي. يقال: سَدَّ السَّهْمُ يَسِدُّ إِذا اسْتَقَامَ. وسَدَّدْتُه تَسْدِيدًا. واسْتَدَّ الشيءُ إِذا اسْتَقَامَ؛ وَقَالَ:

أُعَلِّمُه الرِّمايَةَ كلَّ يومٍ،

فَلَمَّا اسْتَدَّ ساعِدُه رَماني

قَالَ الأَصمعي: اشْتَدَّ، بِالشِّينِ المعجمة، لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ يُنْسَبُ إِلى مَعْن بْنِ أَوس قَالَهُ فِي ابْنِ أُخت لَهُ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ لِمَالِكِ بْنِ فَهْم الأَزْدِيِّ، وَكَانَ اسْمُ ابْنِهِ سُلَيْمَةَ، رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ فَقَالَ الْبَيْتِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ورأَيته فِي شِعْرِ عَقِيلِ بْنِ عُلَّفَةَ يَقُولُهُ فِي ابنه عُميس حِينَ رَمَاهُ بِسَهْمٍ، وَبَعْدِهِ:

فَلَا ظَفِرَتْ يَمِينُكَ حِينَ تَرْمي،

وشَلَّتْ مِنْكَ حاملةُ البَنانِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ لَهُ قَوْسٌ تُسَمَّى السَّدادَ

سُمِّيَتْ بِهِ تفاؤُلًا بإِصابة مَا رَمَى عَنْهَا. والسَّدُّ: الرَّدْمُ لأَنه يُسدُّ بِهِ، والسُّدُّ والسَّدُّ: كُلُّ بِنَاءٍ سُدَّ بِهِ مَوْضِعٌ، وَقَدْ قُرِئَ: تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا

وسُدّاً، وَالْجَمْعُ أَسِدَّةٌ وسُدودٌ، فأَما سُدودٌ فَعَلَى الْغَالِبِ وأَما أَسدة فَشَاذٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه جَمْعُ سِدَادٍ؛ وَقَوْلُهُ:

ضَرَبَتْ عليَّ الأَرضُ بالأَسْدادِ

يَقُولُ: سُدَّتْ عليَّ الطريقُ أَي عَمِيَتْ عليَّ مَذَاهِبِي، وَوَاحِدُ الأَسْدادِ سُدٌّ. والسُّدُّ: ذَهَابُ الْبَصَرِ، وَهُوَ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: السَّدُودُ العُيون الْمَفْتُوحَةُ وَلَا تُبْصِرُ بَصَرًا قَوِيًّا، يُقَالُ مِنْهُ: عَيْنٌ سادَّة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: عَيْنٌ سادَّة وَقَائِمَةٌ إِذا ابْيَضَّتْ لَا يُبْصِرُ بِهَا صَاحِبَهَا وَلَمْ تَنْفَقِئْ بعدُ. أَبو زَيْدٍ: السُّدُّ مِنَ السَّحَابِ النَّشءُ الأَسود مِنْ أَي أَقطار السَّمَاءِ نشأَ. والسُّدُّ وَاحِدُ السُّدودِ، وَهُوَ السَّحَائِبُ السُّودُ. ابْنُ سِيدَهْ: والسُّدّ السَّحَابُ الْمُرْتَفِعُ السادُّ الأُفُق، وَالْجَمْعُ سُدودٌ؛ قَالَ:

قَعَدْتُ لَهُ وشَيَّعَني رجالٌ،

وَقَدْ كَثُرَ المَخايلُ والسُّدودُ

وَقَدْ سَدَّ عَلَيْهِمْ وأَسدَّ. والسُّدُّ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْجَرَادِ تَسُدُّ الأُفُقَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

سَيْلُ الجَرادِ السُّدِّ يرتادُ الخُضَرْ

فإِما أَن يَكُونَ بَدَلًا مِنْ الْجَرَادِ فَيَكُونُ اسْمًا، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ سَدودٍ، وَهُوَ الَّذِي يَسُدُّ الأُفُقَ فَيَكُونُ صِفَةً. وَيُقَالُ: جاءَنا سُدٌّ مِنْ جَرَادٍ. وجاءَنا جَرَادٌ سُدٌّ إِذَا سَدَّ الأُفق مِنْ كَثْرَتِهِ. وأَرض بِهَا سَدَدَةٌ، وَالْوَاحِدَةُ سُدَّةٌ: وهي أَودية فِيهَا حِجَارَةٌ وَصُخُورٌ يَبْقَى فِيهَا الماءُ زَمَانًا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الْوَاحِدُ سُدٌّ مِثْلَ جُحْرٍ وجِحَرَةٍ. والسُّدُّ والسَّدُّ: الْجَبَلُ، وَقِيلَ: مَا قَابَلَكَ فسَدَّ مَا وراءَه فَهُوَ سَدٌّ وسُدٌّ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي المِعْزَى: سَدٌّ يُرَى مِنْ وَرَائِهِ الْفَقْرُ، وسُدٌّ أَيضاً، أَي أَن الْمَعْنَى لَيْسَ إِلا مَنْظَرَهَا وَلَيْسَ لَهُ كَبِيرُ مَنْفَعَةٍ. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: رَمَاهُ فِي سَدِّ نَاقَتِهِ أَي فِي شَخْصِهَا. قَالَ: والسَّدُّ والدَّرِيئة والدَّرِيعةُ النَّاقَةُ الَّتِي يُسْتَتَرُ بِهَا الصَّائِدُ وَيَخْتَلُّ لِيَرْمِيَ الصَّيْدَ؛ وأَنشد لأَوس:

فَمَا جَبُنوا أَنَّا نَسُدُّ عليهمُ،

وَلَكِنْ لَقُوا نَارًا تَحُسُّ وتَسْفَعُ

قَالَ الأَزهري: قرأْت بِخَطِّ شِمْرٍ فِي كِتَابِهِ: يُقَالُ سَدَّ عَلَيْكَ الرجلُ يَسِدُّ سَدّاً إِذا أَتى السَّدادَ. وَمَا كَانَ هَذَا الشَّيْءُ سَدِيدًا وَلَقَدْ سَدَّ يَسدُّ سَداداً وسُدوداً، وأَنشد بَيْتَ أَوس وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: لَمْ يَجْبُنُوا

ص: 208

مِنَ الإِنصاف فِي الْقِتَالِ ولكن حشرنا عليهن فَلَقَوْنَا وَنَحْنُ كَالنَّارِ الَّتِي لَا تُبْقِي شَيْئًا؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي. والسَّدُّ: سَلَّة مِنْ قُضْبَانٍ، وَالْجُمَعُ سِدادٌ وسُدُدٌ. اللَّيْثُ: السُّدودُ السِّلالُ تُتَّخَذُ مِنْ قُضْبَانٍ لَهَا أَطباق، وَالْوَاحِدَةُ سَدَّة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّلَّة يُقَالُ لَهَا السَّدَّة وَالطَّبْلُ. والسُّدَّة أَمام بَابِ الدَّارِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّقِيفَةُ. التَّهْذِيبِ: والسُّدَّة بَابُ الدَّارِ وَالْبَيْتِ؛ يُقَالُ: رأَيته قَاعِدًا بَسُدَّةِ بَابِهِ وبسُدَّة دَارِهِ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: السُّدَّة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الفِناء، يُقَالُ لِبَيْتِ الشَّعَر وَمَا أَشبهه، وَالَّذِينَ تَكَلَّمُوا بالسُّدَّة لَمْ يَكُونُوا أَصحاب أَبنية وَلَا مَدَرٍ، وَمِنْ جَعَلَ السُّدَّة كالصُّفَّة أَو كَالسَّقِيفَةِ فإِنما فَسَّرَهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهل الحَضَر. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: السُّدَّة كالصُّفَّة تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ، والظُّلَّة تَكُونُ بِبَابِ الدَّارِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي الدَّرْدَاءِ أَنه أَتى بَابَ مُعَاوِيَةَ فَلَمْ يأْذن لَهُ، فَقَالَ: مَنْ يَغْشَ سُدَد السُّلْطَانِ يَقُمْ وَيَقْعُدْ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:

الشُّعْثُ الرؤُوسِ الَّذِينَ لَا تُفتح لَهُمُ السُّدَدُ.

وسُدَّة الْمَسْجِدِ الأَعظم: مَا حَوْلَهُ مِنَ الرُّواق، وَسُمِّيَ إِسماعيل السُّدِّيُّ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ تَاجِرًا يَبِيعُ الخُمُر وَالْمَقَانِعَ عَلَى بَابِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي سُدَّة مَسْجِدِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ السُّدَّة الْبَابَ نَفْسَهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: السديُّ رَجُلٌ مَنْسُوبٌ إِلى قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ؛ قَالَ الأَزهري: إِنْ أَراد إِسماعيل السُّدِّيَّ فَقَدْ غَلِطَ، لَا نَعْرِفُ فِي قَبَائِلِ الْيَمَنِ سَدًّا وَلَا سُدَّةً. وَفِي حَدِيثِ

الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي سُدَّة الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ مَعَ الإِمام

، وَفِي رِوَايَةٍ:

كَانَ لَا يُصَلِّي

، وسُدَّة الْجَامِعِ: يَعْنِي الظِّلَالَ الَّتِي حَوْلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ

أَنه قِيلَ لَهُ: هَذَا عليٌّ وفاطمة قَائِمِينَ بالسُّدَّة

؛ السُّدَّةُ: كَالظُّلَّةِ عَلَى الْبَابِ لِتَقِيَ الْبَابَ مِنَ الْمَطَرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْبَابُ نَفْسُهُ، وَقِيلَ: هِيَ السَّاحَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ وَارِدِي الْحَوْضِ:

هُمُ الَّذِينَ لَا تُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ وَلَا يَنكحِون المُنَعَّمات

أَي لَا تُفْتَحُ لَهُمُ الأَبواب. وَفِي حَدِيثِ أُم سَلَمَةَ:

أَنها قَالَتْ لِعَائِشَةَ لَمَّا أَرادت الْخُرُوجَ إِلى الْبَصْرَةِ: إِنك سُدَّة بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَبَيْنَ أُمته

أَي بَابٌ فَمَتَى أُصيب ذَلِكَ الْبَابُ بِشَيْءٍ فَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي حريمه وحَوْنَته واستُبيحَ مَا حَمَاهُ، فَلَا تَكُونِي أَنت سَبَبَ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ الَّذِي لَا يَجِبُ عَلَيْكِ فتُحْوِجي النَّاسَ إِلى أَن يَفْعَلُوا مِثْلَكِ. والسُّدَّة جَرِيدٌ يُشدّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ يَنَامُ عَلَيْهِ. والسُّدَّة والسُّداد، مِثْلُ العُطاس والصُّداع: دَاءٌ يسدُّ الأَنف يأْخذ بالكَظَم وَيَمْنَعُ نَسِيمَ الرِّيحِ. والسَّدُّ: الْعَيْبُ، وَالْجَمْعُ أَسِدَّة، نَادِرٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقِيَاسُهُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ أَسُدٌّ أَو سُدود، وَفِي التَّهْذِيبِ: الْقِيَاسُ أَن يُجْمَعَ سَدٌّ أَسُدّاً أَو سُدُوداً. الْفَرَّاءُ: الوَدَس والسَّدُّ، بِالْفَتْحِ، الْعَيْبَ مِثْلَ العَمى والصمَم والبَكم وَكَذَلِكَ الأَيه والأَبه «1» أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ مَا بِفُلَانٍ سَدادة يَسُدُّ فَاهُ عَنِ الْكَلَامِ أَي مَا بِهِ عَيْبٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا تجعلنَّ بِجَنْبِك الأَسِدَّة أَي لَا تُضَيِّقَنَ صَدْرَكَ فَتَسْكُتَ عَنِ الْجَوَابِ كَمَنَ بِهِ صَمَمٌ وَبَكَمٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

وَمَا بِجَنْبيَ مِنْ صَفْح وَعَائِدَةٍ،

عِنْدَ الأَسِدَّةِ، إِنَّ العِيَّ كالعَضَب

يَقُولُ: لَيْسَ بِي عِيُّ وَلَا بَكَم عَنْ جَوَابِ الْكَاشِحِ، وَلَكِنِّي أَصفح عَنْهُ لأَن العِيَّ عَنِ الْجَوَابِ كالعَضْب، وَهُوَ قَطْعُ يَدٍ أَو ذَهَابُ عضو. والعائدة: العَطْف.

(1). قوله [وكذلك الأَيه والأَبه] كذا بالأصل ولعله محرف عن الآهة والماهة أَو نحو ذلك، والآهة والماهة الحصبة والجدري.

ص: 209

وَفِي حَدِيثِ

الشَّعْبِيِّ: مَا سدَدْتُ على خصم قط

أَي مَا قَطَعْتُ عَلَيْهِ فأَسُدَّ كَلَامَهُ. وَصَبَبْتُ فِي الْقِرْبَةِ مَاءً فاسْتَدَّت بِهِ عُيون الخُرَز وَانْسَدَّتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والسَّدَد: القصْد فِي الْقَوْلِ والوَفْقُ والإِصابة، وَقَدْ تَسَدَّد لَهُ واستَدَّ. والسَّديدُ والسَّداد: الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ. يُقَالُ: إِنه لَيُسِدُّ فِي الْقَوْلِ وَهُوَ أَن يُصِيبَ السَّداد يَعْنِي الْقَصْدَ. وسَدَّ قَوْلُهُ يَسِدُّ، بِالْكَسْرِ، إِذا صَارَ سَدِيدًا. وإِنه لَيُسِدُّ فِي الْقَوْلِ فَهُوَ مُسِدٌّ إِذا كَانَ يُصِيبُ السَّدَادَ أَي الْقَصْدَ. والسَّدَد: مَقْصُورٌ، مِنَ السَّداد، يُقَالُ: قُلْ قَوْلًا سَدَداً وسَداداً وسَديداً أَي صَوَابًا؛ قَالَ الأَعشى:

مَاذَا عَلَيْهَا؟ وَمَاذَا كَانَ ينقُصها

يومَ الترحُّل، لَوْ قَالَتْ لَنَا سَدَدا؟

وَقَدْ قَالَ سَداداً مِنَ الْقَوْلِ. والتَّسديدُ: التوفيقُ لِلسَّدَادِ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْقَصْدُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. وَرَجُلٌ سَديدٌ وأَسَدُّ: مِنَ السَّدَادِ وَقَصْدِ الطَّرِيقِ، وسدَّده اللَّهُ: وَفَّقَهُ. وأَمر سَدِيدٌ وأَسَدُّ أَي قَاصِدٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الهَرِمَة سادَّةٌ وسَلِمَةٌ وسَدِرَةٌ وسَدِمَةٌ. والسِّدادُ: الشَّيْءُ مِنَ اللَّبَن يَيْبَسُ فِي إِحليل النَّاقَةِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: أَنه سأَل النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، عن الإِزار فَقَالَ: سَدِّدْ وقارِبْ

؛ قَالَ شِمْرٌ: سَدِّدْ مِنَ السَّدَادِ وَهُوَ المُوَفَّقُ الَّذِي لَا يُعَابُ، أَي اعْمَلْ بِهِ شَيْئًا لَا تُعَابُ عَلَى فِعْلِهِ، فَلَا تُفْرِط فِي إِرساله وَلَا تَشْميره، جَعَلَهُ الْهَرَوِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبي بكر، والزمخشري مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وأَن أَبا بَكْرٍ، رضي الله عنه، سأَله؛ والوَفْق: المِقْدار. اللَّهُمَّ سدِّدْنا لِلْخَيْرِ أَي وَفِّقْنا لَهُ؛ قَالَ: وَقَوْلُهُ وقارِب، القِرابُ فِي الإِبل أَن يُقارِبَها حَتَّى لَا تَتَبَدَّد. قَالَ الأَزهري: مَعْنَى قَوْلِهِ قارِبْ أَي لَا تُرْخِ الإِزارَ فَتُفْرِطَ فِي إِسباله، وَلَا تُقَلِّصه فَتُفَرِّطَ فِي تَشْمِيرِهِ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ. قَالَ شِمْرٌ: وَيُقَالُ سَدِّدْ صاحِبَكَ أَي عَلِّمْهُ واهده، وسَدِّد مَالَكَ أَي أَحسن الْعَمَلَ بِهِ. وَالتَّسْدِيدُ للإِبل: أَن تُيَسِّرَهَا لِكُلِّ مكانِ مَرْعى وَكُلِّ مَكَانٍ لَيانٍ وَكُلِّ مَكَانٍ رَقَاق. وَرَجُلٌ مُسَدَّدٌ: مُوَفَّق يَعْمَلُ بالسَّدادِ والقصْد. والمُسَدَّدُ: المُقوَّم. وسَدَّد رُمْحَهُ: وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِكَ عَرَّضَهُ. وَسَهْمٌ مُسَدَّد: قَوِيمٌ. وَيُقَالُ: أَسِدَّ يَا رَجُلُ وَقَدْ أَسدَدْتَ مَا شِئْتَ أَي طَلَبْتَ السَّدادَ والقصدَ، أَصبته أَو لَمْ تُصِبْه؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:

أَسِدِّي يَا مَنِيُّ لِحِمْيَري

يُطَوِّفُ حَوْلَنا، وَلَهُ زَئِيرُ

يَقُولُ: اقْصِدِي لَهُ يَا مَنِيَّةُ حَتَّى يَمُوتَ. والسَّداد، بِالْفَتْحِ: الِاسْتِقَامَةُ وَالصَّوَابُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

قَارِبُوا وسَدِّدوا

أَي اطْلُبُوا بأَعمالكم السَّداد وَالِاسْتِقَامَةَ، وَهُوَ الْقَصْدُ فِي الأَمر وَالْعَدْلُ فِيهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

قَالَ لِعَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: سلِ اللهَ السَّداد، وَاذْكُرْ بالسَّداد تَسديدَك السَّهْمَ

أَي إِصابةَ الْقَصْدِ بِهِ. وَفِي صِفَةِ مُتَعَلِّمِ الْقُرْآنِ:

يَغْفِرُ لأَبويه إِذا كَانَا مُسَدَّدَيْن

أَي لَازِمَيِ الطَّرِيقَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ؛ وَيُرْوَى بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا مِنْ مؤْمن يؤْمن بِاللَّهِ ثُمَّ يُسَدِّدُ

أَي يَقْتَصِدُ فَلَا يَغْلُو وَلَا يُسْرِفُ. قَالَ أَبو عَدْنَانَ: قَالَ لِي جَابِرٌ البَذِخُ الَّذِي إِذا نَازَعَ قَوْمًا سَدَّد عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قَالُوهُ، قُلْتُ: وَكَيْفَ يُسَدِّدُ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: يَنْقُضُ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قَالُوهُ. وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنه قَالَ: ما سَددتُ على خَصْم قَطُّ؛ قَالَ شِمْرٌ: زَعْمٌ العِتْرِيفِيُّ أَن مَعْنَاهُ مَا قَطَعْتُ عَلَى

ص: 210

خَصْمٍ قَطُّ. والسُّدُّ: الظِّلُّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:

قعدْتُ لَهُ فِي سُدِّ نِقْضٍ مُعَوَّدٍ،

لِذَلِكَ، فِي صَحْراءَ جِذْمٍ دَرِينُها

أَي جَعَلْتُهُ سُتْرَةً لِي مِنْ أَن يَرَانِي. وَقَوْلُهُ جِذْم دَرينها أَي قَدِيمٌ لأَن الْجَذْمَ الأَصل وَلَا أَقدم مِنَ الأَصل، وَجَعَلَهُ صِفَةً إِذ كَانَ فِي مَعْنَى الصِّفَةَ. وَالدَّرِينُ مِنَ النَّبَاتِ: الَّذِي قَدْ أَتى عَلَيْهِ عَامٌ. والمُسَدُّ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ عِنْدَ بُسْتَانِ ابْنِ عَامِرٍ وَذَلِكَ الْبُسْتَانُ مأْسَدَة؛ وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:

أَلفَيْتُ أَغلَبَ مَنْ أُسْدِ المُسَدِّ حديدَ

النَّابِ، أَخْذَتُه عَقْرٌ فَتَطْرِيحُ

قَالَ الأَصمعي: سأَلت ابْنَ أَبي طَرْفَةَ عَنِ المُسَدّ فَقَالَ: هُوَ بُسْتَانُ ابْنِ مَعْمَر الَّذِي يَقُولُ لَهُ النَّاسُ بُسْتَانَ ابْنِ عَامِرٍ. وسُدّ: قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ. والسُّد، بِالضَّمِّ: ماءُ سَماء عِنْدَ جَبَلٍ لغَطفان أَمر سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بسدّه.

سرد: السَّرْدُ فِي اللُّغَةِ: تَقْدِمَةُ شَيْءٍ إِلى شَيْءٍ تأْتي بِهِ متَّسقاً بعضُه فِي أَثر بَعْضٍ مُتَتَابِعًا. سَرَد الْحَدِيثَ وَنَحْوَهُ يَسْرُدُه سَرْداً إِذا تَابَعَهُ. وَفُلَانٌ يَسْرُد الْحَدِيثَ سَرْدًا إِذا كَانَ جَيِّد السِّيَاقِ لَهُ. وَفِي صِفَةِ كَلَامِهِ، صلى الله عليه وسلم:

لَمْ يَكُنْ يَسْرُد الْحَدِيثَ سَرْدًا

أَي يُتَابِعُهُ وَيَسْتَعْجِلُ فِيهِ. وسَرَد الْقُرْآنَ: تَابِعٌ قراءَته في حَدْر منه. والسَّرَد: المُتتابع. وَسَرَدَ فُلَانٌ الصَّوْمَ إِذا وَالَاهُ وَتَابَعَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

كَانَ يَسْرُد الصَّوْمَ سَرْداً

؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: إِني أَسْرُد الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: إِن شِئْتَ فصم وإِن شئت فأَفطر.

وَقِيلَ لأَعرابي: أَتعرف الأَشهر الْحُرُمَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَاحِدٌ فَرْدٌ وَثَلَاثَةٌ سَرْد، فَالْفَرْدُ رجَبٌ وَصَارَ فَرْدًا لأَنه يأْتي بَعْدَهُ شعبانُ وَشَهْرُ رمضانَ وشوّالٌ، وَالثَّلَاثَةُ السَّرْد: ذُو القَعْدة وَذُو الْحِجَّةِ والمُحرّم. وسَرَد الشَّيْءَ سَرْداً وسرَّده وأَسْرَده: ثقبه. والسِّراد والمِسْرَد: المِثْقَب. والمِسْرَدُ: اللسان. والمِسْرَدُ: النعل المخصوفة اللسان. والسَّرْدُ: الخرزُ في الأَديم، والتَّسْريد مثله. والسِّراد والمِسْرَد: المِخْصَف وَمَا يُخْرز بِهِ، والخرز مَسْرودٌ ومُسَرَّد، وَقِيلَ: سَرْدُها «2» نَسْجُها، وَهُوَ تَدَاخُلُ الحَلَق بَعْضِها فِي بَعْضٍ. وسَرَدَ خُفَّ الْبَعِيرِ سَرْداً: خَصَفَهُ بالقِدِّ. والسَّرد: اسْمٌ جَامِعٌ لِلدُّرُوعِ وَسَائِرِ الحَلَق وَمَا أَشبهها مِنْ عَمَلِ الْخَلْقِ، وَسُمِّيَ سَرْداً لأَنه يُسْرَد فَيَثْقُبُ طَرَفَا كُلِّ حَلْقَةٍ بِالْمِسْمَارِ فَذَلِكَ الحَلَق المِسْرَد. والمِسْرَد: هُوَ المِثْقَب، وَهُوَ السِّراد؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

كَمَا خَرَجَ السِّرادُ مِنَ النِّقال

أَراد النِّعال؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:

حِفافَيْه شُكَّا فِي العَسِيبِ بِمسْرَد

والسَّرْد: الثَّقْب. وَالْمَسْرُودَةُ: الدِّرْعُ الْمَثْقُوبَةُ؛ وَقِيلَ: السَّرْد السَّمْر. والسَّرْد: الحَلَق. وَقَوْلُهُ عز وجل:

وقدِّر فِي السَّرد

؛ قِيلَ: هُوَ أَن لَا يَجْعَلَ الْمِسْمَارَ غَلِيظًا والثقْب دَقِيقًا فيَفْصِم الْحِلَقَ، وَلَا يَجْعَلَ الْمِسْمَارَ دَقِيقًا والثقبَ وَاسِعًا فَيَتَقَلْقَلُ أَو يَنْخَلِعُ أَو يَتَقَصَّفُ، اجْعَلْه عَلَى الْقَصْدِ وقَدْر الْحَاجَةِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: السرْد السمْر، وَهُوَ غَيْرُ خَارِجٍ مِنَ اللُّغَةِ لأَن السَّرْد تَقْدِيرُكَ طرَف الحَلْقة إِلى طرفها الآخر.

(2). قوله [والخزز مسرود إلخ] كذا بالأَصل. وعبارة الصحاح: والخرز مسرود ومسرد، وكذلك الدرع مسرود ومسردة، وقيل سردها إلخ انتهى.

ص: 211

والسَّرادة: الخَلالة الصُّلْبة. والسَّرَّاد: الزرَّاد. والسَّرادَةُ: البُسْرة تَحْلو قَبْلَ أَن تُزْهِيَ وَهِيَ بلَحة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّراد الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ البُسْر قيل أَن يُدْرِكَ وَهُوَ أَخضر، الواحدة سَرادة. والسَّراد مِنَ الثَّمَرِ: مَا أَضرَّ بِهِ الْعَطَشُ فَيَبِسَ قَبْلَ يَنْعِه، وَقَدْ أَسرَدَ النخلُ. أَبو عَمْرٍو: السارِدُ الخَرَّاز والإِشْفى يُقَالُ لَهُ السِّراد والمِسْرَد والمِخْصَف. والسَّرْد: مَوْضِعٌ. وسُرْدُد: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مُتَمَثِّلًا بِهِ بِضَمِّ الدَّالِّ وَعَدْلِهِ بشُرْنُب، قَالَ: وأَما ابْنُ جِنِّيٍّ فَقَالَ سُرْدَد، بِفَتْحِ الدَّالِّ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:

تَصَيَّفْتُ نَعمانَ، واصَّيَفَتْ

جبالَ شَرَوْرَى إِلى سُرْدَد

قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنما ظَهَرَ تَضْعِيفُ سُرْدَد لأَنه مُلْحَقٌ بِمَا لَمْ يَجِئْ وَقَدْ عَلِمْنَا أَن الإِلحاق إِنما هُوَ صَنْعَةٌ لَفْظِيَّةٌ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَظْهَرُ ذَلِكَ الَّذِي قَدَّرَهُ هَذَا مُلْحَقًا فِيهِ، فَلَوْلَا أَن مَا يَقُومُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ بِمَا لَمْ يَظهر إِلى النُّطْقِ بِمَنْزِلَةِ الْمَلْفُوظِ بِهِ لَمَا أَلحقوا سُرْدَداً وسودَداً بِمَا لَمْ يُفَوَّهُوا بِهِ وَلَا تَجَشَّمُوا اسْتِعْمَالَهُ. والسَّرَنْدى: الْجَرِيءُ، وَقِيلَ: الشَّدِيدُ، والأُنثى سَرَنداة. والسَّرَنْدى: اسْمَ رَجُلٍ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

فَخَرَّ وجالَ المُهْرُ ذاتَ شِمالِه،

كَسَيْفِ السَّرَنْدى لاحَ فِي كَفِّ صاقِل

قَالَ سِيبَوَيْهِ: رَجُلٌ سَرَنْدى مُشْتَقٌّ مِنَ السَّرْدِ وَمَعْنَاهُ الَّذِي يَمْضِي قُدُماً. قَالَ: والسَّرَد الحَلَق، وَهُوَ الزَّرَد وَمِنْهُ قِيلَ لِصَانِعِهَا: سَرَّاد وزَرَّاد. والمُسْرَنْدي: الَّذِي يَعْلُوكَ ويَغْلِبك. واسْرَنداه الشيءُ: غَلَبَهُ وَعَلَاهُ؛ قَالَ:

قَدْ جَعل النعاسُ يَغْرَنْديني،

أَدْفعه عنِّي ويَسْرَنْديني

والاسْرِنْداء والاغْرِنْداء وَاحِدٌ، والياء للإِلحاق بافْعَنْلل.

سربد: حَاجِبٌ مُسَرْبَدٌ: لَا شِعْرَ عَلَيْهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ.

سرمد: السرْمَدُ: دَوَامُ الزَّمَانِ مِنْ لَيْلٍ أَو نَهَارٍ. وَلَيْلٌ سَرْمَدٌ: طَوِيلٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً

؟ قَالَ الزَّجَّاجُ: السَّرْمَدُ الدَّائِمُ فِي اللُّغَةِ. وَفِي حَدِيثِ

لُقْمَانَ: جَوّابُ لَيْلٍ سَرْمَد

؛ السَّرْمَدُ: الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ.

سرند: السرَنْدى: الشديد. والسرَنْدى: الْجَرِيءُ عَلَى أَمره لَا يَفْرَق مِنْ شَيْءٍ. وَقَدْ اسْرَنْداه وَأَغْرَنْدَاهُ إِذا جَهِلَ عَلَيْهِ. وَسَيْفٌ سرَنْدَى: مَاضٍ فِي الضَّرِيبَةِ وَلَا يَنْبُو؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ رَجُلًا صَرَعَ فَخَرَّ قَتِيلًا:

فَخَرَّ وَجَالَ المُهْرُ ذاتَ يمِينه،

كسيفٍ سَرَنْدى لَاحَ فِي كَفٍّ صَيْقلِ

وَمَنْ جَعَلَ سَرَنْدى فَعَنْللًا صَرَفَهُ، وَمَنْ جَعَلَهُ فَعَنْلَى لَمْ يَصْرِفْهُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اسْرَنْداه واغْرَنْداه إِذا عَلَاهُ وَغَلَبَهُ. والسَّرَنْدى: القويُّ الْجَرِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والأُنثى بالهاء. والمُسْرندي: الَّذِي يَغْلِبُكَ وَيَعْلُوكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

قَدْ جُعِلَ النُّعَاسُ يَغْرَنْدِينِي،

أَدفعه عني ويسرنديني

سرهد: المُسَرْهَد: المُنَعَّم المُغَذَّى. وامرأَة مُسَرْهَدة: سَمِينَةٌ مَصْنُوعَةٌ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وسنَام مُسَرْهَدٌ: مُقَطَّعٌ قَطْعًا، وَقِيلَ: سَنَامٌ مُسَرهد أَي سَمِينٌ. وَمَاءٌ سَرْهد أَي كثير. وسَرهدت الصبيَّ سَرْهَدَة: أَحسنت غِذَاءَهُ والمُسَرْهَدُ: الحسنُ الغِذاء، وَرُبَّمَا قِيلَ لِشَحْمِ السَّنَامِ سَرْهَد.

ص: 212

سعد: السَّعْد: اليُمْن، وَهُوَ نَقِيضُ النَّحْس، والسُّعودة: خِلَافُ النُّحُوسَةِ، وَالسَّعَادَةِ: خِلَافُ الشَّقَاوَةِ. يُقَالُ: يَوْمُ سَعْد وَيَوْمُ نَحْسٍ. وَفِي الْمَثَلِ: فِي الْبَاطِلِ دُهْدُرَّيْنْ سَعْدُ القَيْنْ، وَمَعْنَاهُمَا عِنْدَهُمُ الْبَاطِلُ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَدري مَا أَصله؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كأَنه قَالَ بَطَلَ سعدُ القينِ، فَدُهْدُرَّيْن اسْمٌ لِبَطَلَ وَسَعْدٌ مُرْتَفِعٌ بِهِ وَجَمْعُهُ سُعود. وَفِي حَدِيثِ

خَلَفٍ: أَنه سَمِعَ أَعرابيّاً يَقُولُ دُهْدُرَّيْنْ سَاعَدَ الْقَيْنْ

؛ يُرِيدُ سَعْدَ الْقَيْنْ فَغَيَّرَهُ وَجَعَلَهُ سَاعِدًا. وَقَدْ سَعِدَ يَسْعَدُ سَعْداً وسَعادَة، فَهُوَ سَعِيدٌ: نَقِيضُ شَقي مِثْلَ سَلِم فَهُوَ سَليم، وسُعِد، بِالضَّمِّ، فَهُوَ مَسْعُودٌ، وَالْجَمْعُ سُعداء والأُنثى بِالْهَاءِ. قَالَ الأَزهري: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ سَعِيدٌ بِمَعْنَى مَسْعُودٍ مَنْ سَعَده اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ سَعِد يَسْعَد، فَهُوَ سَعِيدٌ. وَقَدْ سعَده اللَّهُ وأَسعده وسَعِد جَدُّه وأَسعَده: أَنماه. ويومٌ سَعْد وكوكبٌ سَعْدٌ وُصِفا بِالْمَصْدَرِ؛ وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: يومٌ سَعْد وليلةٌ سعدة، قال: وليسا مِنْ بَابِ الأَسْعد والسُّعْدى، بَلْ مِنْ قَبِيلِ أَن سَعْداً وسَعْدَةً صِفَتَانِ مَسُوقَتَانِ عَلَى مِنْهَاجٍ وَاسْتِمْرَارٍ، فسَعْدٌ مِنْ سَعْدَة كجَلْد مِنْ جَلْدة ونَدْب مِنْ نَدْبة، أَلا تُرَاكَ تَقُولُ هَذَا يَوْمٌ سَعْدٌ وَلَيْلَةٌ سُعْدَةٌ، كَمَا تَقُولُ هَذَا شَعر جَعْد وجُمَّة جَعْدَةٌ؟ وَتَقُولُ: سَعَدَ يومُنا، بِالْفَتْحِ، يَسْعَد سُعودا. وأَسعده اللَّهُ فَهُوَ مَسْعُودٌ، وَلَا يُقَالُ مُسْعَد كأَنهم استَغْنَوا عَنْهُ بِمَسْعُودٍ. والسُّعُد والسُّعود، الأَخيرة أَشهر وأَقيس: كِلَاهُمَا سُعُودُ النُّجُومِ، وَهِيَ الْكَوَاكِبُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهَا سَعْدُ كَذَا، وَهِيَ عَشْرَةٌ أَنجم كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهَا سَعْدٌ: أَربعة مِنْهَا منازلُ يَنْزِلُ بِهَا القمر، وهي: سعدُ الذابِح وسعدُ بُلَع وَسَعْدُ السُّعود وسعدُ الأَخْبِيَة، وَهِيَ فِي بُرْجِي الْجِدِّيِّ وَالدَّلْوِ، وَسِتَّةٌ لَا يَنْزِلُ بِهَا الْقَمَرُ، وَهِيَ: سَعْدٌ ناشِرَة وَسَعْدُ المَلِك وسعْدُ البِهامِ وسعدُ الهُمامِ وَسَعْدُ البارِع وَسَعْدُ مَطَر، وَكُلُّ سَعْدٍ مِنْهَا كَوْكَبَانِ بَيْنَ كُلِّ كَوْكَبَيْنِ فِي رأْي الْعَيْنِ قَدْرُ ذِرَاعٍ وَهِيَ مُتَنَاسِقَةٌ؛ قَالَ ابْنُ كُنَاسَةَ: سَعْدُ الذَّابِحِ كَوْكَبَانِ مُتَقَارِبَانِ سُمِّيَ أَحدهما ذَابِحًا لأَن مَعَهُ كَوْكَبًا صَغِيرًا غَامِضًا، يَكَادُ يَلْزَقُ بِهِ فكأَنه مُكِبٌّ عَلَيْهِ يَذْبَحُهُ، وَالذَّابِحُ أَنور مِنْهُ قَلِيلًا؛ قَالَ: وسعدُ بُلَع نَجْمَانِ معترِضان خَفِيَّانِ. قَالَ أَبو يَحْيَى: وَزَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنه طَلَعَ حِينَ قَالَ اللَّهُ: يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي؛ وَيُقَالُ إِنما سُمِّيَ بُلَعاً لأَنه كَانَ لِقُرْبِ صَاحِبِهِ مِنْهُ يَكَادُ أَن يَبْلَعَه؛ قَالَ: وَسَعْدُ السُّعُودِ كَوْكَبَانِ، وَهُوَ أَحمد السُّعُودِ وَلِذَلِكَ أُضيف إِليها، وَهُوَ يُشْبِهُ سَعْدَ الذَّابِحِ فِي مَطْلَعِه؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ كَوْكَبٌ نَيِّرٌ مُنْفَرِدٌ. وَسَعْدُ الأَخبية ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ السُّعُودِ مَائِلَةٌ عَنْهَا وَفِيهَا اخْتِلَافٌ، وَلَيْسَتْ بِخُفْيَةٍ غَامِضَةٍ وَلَا مُضِيئَةٍ مُنِيرَةٍ، سُمِّيَتْ سَعْدَ الأَخبية لأَنها إِذا طَلَعَتْ خَرَجَتْ حشَراتُ الأَرض وهوامُّها مِنْ جِحَرتها، جُعِلَتْ جِحَرتُها لَهَا كالأَخبية؛ وَفِيهَا يَقُولُ الرَّاجِزُ:

قَدْ جَاءَ سعدٌ مُقْبِلًا بِحَرِّه،

واكِدَةً جُنودُه لِشَرِّه

فَجَعَلَ هوامَّ والأَرض جُنُودًا لِسَعْدِ الأَخبية؛ وَقِيلَ: سَعِدُ الأَخبية ثَلَاثَةُ أَنجم كأَنها أَثافٍ وَرَابِعٌ تَحْتَ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ، وَهِيَ السُّعُودُ، كُلُّهَا ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ مِنْ نُجُومِ الصَّيْفِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ تَطَلَّعَ فِي آخِرِ الرَّبِيعِ وَقَدْ سَكَنَتْ رِيَاحُ الشِّتَاءِ وَلَمْ يأْت سُلْطَانُ رِيَاحِ الصَّيْفِ فأَحسن مَا تَكُونُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ فِي أَيامها، لأَنك لَا تَرَى فِيهَا غُبْرة، وَقَدْ ذَكَرَهَا الذُّبْيَانِيُّ فَقَالَ:

ص: 213

قَامَتْ تَراءَى بَيْنَ سِجْفَيْ كِلَّةٍ،

كالشمسِ يَوْمَ طُلوعِها بالأَسعَد

والإِسْعاد: الْمَعُونَةُ. والمُساعَدة: المُعاونة. وساعَدَه مُساعدة وسِعاداً وأَسعده: أَعانه. واستَسْعد الرجلُ بِرُؤْيَةِ فُلَانٍ أَي عَدَّهُ سَعْداً. وسعْدَيك من قَوْلِهِ لَبَّيك وَسَعْدَيْكَ أَي إِسعاداً لَكَ بَعْدَ إِسعادٍ. رُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه كَانَ يَقُولُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ في يديك والشر لَيْسَ إِليك

؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ خَبَرٌ صَحِيحٌ وَحَاجَةُ أَهل الْعِلْمِ إِلى مَعْرِفَةِ تَفْسِيرِهِ مَاسَّةٌ، فأَما لبَّيْك فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ لبَّ بِالْمَكَانِ وأَلبَّ أَي أَقام بِهِ لَبّاً وإِلباباً، كأَنه يَقُولُ أَنا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ إِقامةً بَعْدَ إِقامةٍ ومُجيب لَكَ إِجابة بَعْدَ إِجابة؛ وَحُكِيَ عَنِ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ تأْويله إِلباباً بِكَ بَعْدَ إِلباب أَي لُزُومًا لطاعتك بعد لزوم وإِسعاداً بَعْدَ إِسعاد، وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: سَعْدَيْكَ أَي مُساعدةً لَكَ ثُمَّ مُسَاعِدَةً وإِسعاداً لأَمرك بَعْدَ إِسعاد، قَالَ ابْنُ الأَثير أَي سَاعَدْتُ طَاعَتَكَ مُسَاعَدَةً بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ وإِسعاداً بَعْدَ إِسعاد وَلِهَذَا ثُنِّيَ، وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الْمَنْصُوبَةِ بِفِعْلٍ لَا يَظْهَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ؛ قَالَ الجَرْميّ: وَلَمْ نَسْمَع لِسَعْدَيْكَ مُفْرَدًا. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا وَاحِدَ لِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ عَلَى صِحَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَى سَعْدَيْكَ أَسعدك اللَّهُ إِسعاداً بَعْدَ إِسعاد؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وحنَانَيْك رحِمَك اللَّهُ رَحْمَةً بَعْدَ رَحْمَةٍ، وأَصل الإِسعاد والمساعدة متابعةُ الْعَبْدِ أَمرَ رَبِّهِ وَرِضَاهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى الْمُسَاعَدَةِ والإِسعاد، غَيْرَ أَن هَذَا الْحَرْفَ جَاءَ مُثَنًّى عَلَى سَعْدَيْكَ وَلَا فِعْلَ لَهُ عَلَى سَعْدٍ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ قُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا

؛ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلا مِنَ سعَدَه اللهُ وأَسعَدَه «1» أَي أَعانه ووفَّقَه، لَا مَنْ أَسعده اللَّهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ مَسْعُودًا. وَقَالَ أَبو طَالِبٍ النَّحْوِيُّ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَي أَسعَدَني اللَّهُ إِسعاداً بَعْدَ إِسعاد؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وأَبو الْعَبَّاسِ لأَن الْعَبْدَ يُخَاطِبُ رَبَّهُ وَيَذْكُرُ طَاعَتَهُ وَلُزُومَهُ أَمره فَيَقُولُ سَعْدَيْكَ، كَمَا يَقُولُ لَبَّيْكَ أَي مُسَاعَدَةً لأَمرك بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ، وإِذا قِيلَ أَسعَدَ اللَّهُ الْعَبْدَ وسعَدَه فَمَعْنَاهُ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِمَا يُرْضِيهِ عَنْهُ فَيَسْعَد بِذَلِكَ سَعَادَةً. وساعِدَةُ السَّاقِ: شَظِيَّتُها. وَالسَّاعِدُ: مُلْتَقى الزَّنْدَين مِنْ لَدُنِ المِرْفَق إِلى الرُّسْغ. والساعِدُ: الأَعلى مِنَ الزَّنْدَيْنِ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَالذِّرَاعِ: الأَسفلُ مِنْهُمَا؛ قَالَ الأَزهري: والساعد سَاعِدُ الذِّرَاعِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الزَّنْدَيْنِ وَالْمِرْفَقِ، سُمِّيَ سَاعِدًا لِمُسَاعَدَتِهِ الْكَفَّ إِذا بَطَشَت شَيْئًا أَو تَنَاوَلَتْهُ، وَجَمْعُ السَّاعِدِ سَواعد. وَالسَّاعِدُ: مَجرى الْمُخِّ فِي الْعِظَامِ؛ وَقَوْلُ الأَعلم يَصِفُ ظَلِيمًا:

عَلَى حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ السَّواعِدِ،

ظَلَّ فِي شَريٍ طِوالِ

عَنَى بِالسَّوَاعِدِ مَجْرَى الْمُخِّ مِنَ الْعِظَامِ، وَزَعَمُوا أَن النَّعَامَ وَالْكَرَى لَا مُخَّ لَهُمَا؛ وَقَالَ الأَزهري فِي شَرْحِ هَذَا الْبَيْتِ: سَوَاعِدُ الظليم أَجنحة لأَن جَنَاحَيْهِ لَيْسَا كَالْيَدَيْنِ. والزَّمْخَرِيُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ: الأَجْوف مِثْلُ الْقَصَبِ وَعِظَامُ النَّعَامِ جُوف لَا مُخَّ فِيهَا. والحتُّ: السَّرِيعُ. والبُرَايَةُ: البقِية؛ يَقُولُ: هُوَ سَرِيعٌ عِنْدَ ذَهَابِ بُرَايَتِهِ أَي عِنْدَ انْحِسَارِ لَحْمِهِ وَشَحْمِهِ. وَالسَّوَاعِدُ: مَجَارِي الْمَاءِ إِلى النَّهر أَو البَحْر. وَالسَّاعِدَةُ:

(1). قوله [إِلَّا مِنْ سَعَدَهُ اللَّهُ وأسعده إلخ] كذا بالأَصل ولعل الأَولى إِلَّا مِنْ سَعَدَهُ اللَّهُ بمعنى أسعده.

ص: 214

خَشَبَةٌ تَنْصَبُّ لِتُمْسِكَ البَكْرَة، وَجَمْعُهَا السَّوَاعِدُ. وَالسَّاعِدُ: إِحْلِيلُ خِلْف النَّاقَةِ وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ اللَّبَنُ؛ وَقِيلَ: السَّوَاعِدُ عُرُوقٌ فِي الضَّرْع يَجِيءُ مِنْهَا اللَّبَنُ إِلى الإِحليل؛ وَقَالَ الأَصمعي: السَّوَاعِدُ قَصَب الضَّرْعِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الْعُرُوقُ الَّتِي يَجِيءُ مِنْهَا اللَّبَنُ شُبِّهَتْ بِسَوَاعِدِ الْبَحْرِ وَهِيَ مَجَارِيهِ. وَسَاعِدُ الدَّرّ: عِرْقٌ يَنْزِلُ الدَّرُّ مِنْهُ إِلى الضَّرْعِ مِنَ النَّاقَةِ وَكَذَلِكَ الْعِرْقُ الَّذِي يُؤَدِّي الدَّرَّ إِلى ثَدْيِ المرأَة يُسَمَّى سَاعِدًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

أَلم تَعْلَمِي أَنَّ الأَحاديثَ فِي غَدٍ

وَبَعْدَ غَدٍ يَا لُبن، أَلْبُ الطَّرائدِ

وَكُنْتُمْ كأُمٍّ لَبَّةٍ ظعَنَ ابنُها

إِليها، فَمَا دَرَّتْ عَلَيْهِ بساعِدِ

رَوَاهُ الْمُفَضَّلُ: ظَعَنَ ابْنُهَا، بِالظَّاءِ، أَي شَخَصَ برأْسه إِلى ثَدْيِهَا، كَمَا يُقَالُ ظعن هَذَا الْحَائِطَ فِي دَارِ فُلَانٍ أَي شَخَصَ فِيهَا. وسَعِيدُ المَزْرَعَة: نَهْرُهَا الَّذِي يَسْقِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

كُنَّا نُزَارِعُ عَلَى السَّعِيدِ.

والساعِدُ: مَسِيلُ الماء لى الْوَادِي وَالْبَحْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَجْرَى الْبَحْرِ إِلى الأَنهار. وَسَوَاعِدُ الْبِئْرِ: مَخَارِجُ مَائِهَا وَمَجَارِي عُيُونِهَا. وَالسَّعِيدُ: النَّهْرُ الَّذِي يَسْقِي الأَرض بِظَوَاهِرِهَا إِذا كَانَ مُفْرِدًا لَهَا، وَقِيلَ: هُوَ النَّهْرُ، وَقِيلَ: النَّهْرُ الصَّغِيرُ، وَجَمْعُهُ سُعُدٌ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:

وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، مُقَفِّيَةً،

نخلٌ مَواقِرُ بَيْنَهَا السُّعُد

وَيُرْوَى: حَوْلَهُ. أَبو عَمْرٍو: السَّوَاعِدُ مَجَارِي الْبَحْرِ الَّتِي تَصُبُّ إِليه الْمَاءَ، وَاحِدُهَا سَاعَدَ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وأَنشد شِمْرٌ:

تأَبَّدَ لأْيٌ منهمُ فَعُتائِدُه،

فَذُو سَلَمٍ أَنشاجُه فسواعِدُه

والأَنشاجُ أَيضاً: مَجَارِي الْمَاءِ، وَاحِدُهَا نَشَجٌ. وَفِي حَدِيثِ

سَعْدٍ: كُنَّا نَكْرِي الأَرض بِمَا عَلَى السَّواقي وَمَا سَعِدَ مِنَ الْمَاءِ فِيهَا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَنْ ذَلِكَ

؛ قَوْلُهُ: مَا سَعِدَ مِنَ الْمَاءِ أَي مَا جَاءَ مِنَ الْمَاءِ سَيْحاً لَا يَحْتَاجُ إِلى دَالِيَةٍ يَجِيئُه الْمَاءُ سَيْحًا، لأَن مَعْنَى مَا سَعِدَ: مَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ. والسَّعيدة: اللِّبْنَةُ لِبْنةُ الْقَمِيصِ. وَالسَّعِيدَةُ: بَيْتٌ كَانَ يَحُجه رَبِيعَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. والسَّعْدانة: الْحَمَامَةُ؛ قَالَ:

إِذا سَعْدانَةُ الشَّعَفاتِ نَاحَتْ

والسَّعدانة: الثَّنْدُوَة، وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ مِنَ السَّوَادِ حَوْلَ الحَلَمةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَعْدَانَةُ الثَّدْيِ مَا أَطاف بِهِ كالفَلْكَة. والسَّعْدانة: كِرْكِرَةُ الْبَعِيرِ، سُمِّيَتْ سَعْدَانَةً لاستدارتها. والسعدانة: مَدْخل الجُرْدان مِنْ ظَبْيَةِ الْفَرَسِ. والسَّعْدانة: الِاسْتُ وَمَا تَقبَّضَ مِنْ حَتَارِها. وَالسَّعْدَانَةُ: عُقْدة الشِّسع مِمَّا يَلِي الأَرض والقِبالَ مثلُ الزِّمام بَيْنَ الإِصبع الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا. وَالسَّعْدَانَةُ: الْعُقْدَةُ فِي أَسفل كفَّة الْمِيزَانِ وَهِيَ السَّعْدَانَاتُ. والسَّعْدانُ: شَوْكُ النَّخْلِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: هُوَ بَقْلَةُ. والسعدان: نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ كأَنه فَلْكَةٌ يَسْتَلْقِي فَيَنْظُرُ إِلى شَوْكِهِ كَالِحًا إِذا يَبِسَ، ومَنْبتُهُ سُهول الأَرض، وَهُوَ مِنْ أَطيب مَرَاعِي الإِبل مَا دَامَ رَطْبًا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَطيب الإِبل لَبَنًا مَا أَكلَ السَّعْدانَ والحُرْبُثَ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَفَعَ: والإِبل تُسَمَّنُ عَلَى السَّعْدَانِ وَتُطِيبُ عَلَيْهِ أَلبانها، وَاحِدَتُهُ سَعْدانَة؛ وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ وَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَةً لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلال غَيْرُ خَزْعَالٍ وقَهْقار إِلا مِنَ الْمُضَاعَفِ، وَلِهَذَا النَّبْتِ شَوْكٌ يُقَالُ لَهُ حَسَكَةُ السَّعْدَانِ وَيُشَبَّهُ بِهِ حَلَمَةُ الثَّدْيِ،

ص: 215

يُقَالُ سَعْدَانَةٌ الثُّنْدُوَة. وأَسفلَ العُجايَة هنَاتٌ كأَنها الأَظفار تُسَمَّى: السَّعْدَانَاتُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنَ الأَحرار السَّعْدَانُ وَهِيَ غَبْرَاءُ اللَّوْنِ حُلْوَةٌ يأْكلها كُلُّ شَيْءٍ وَلَيْسَتْ بكبيرة، ولها إِذا يَبِسَتْ شَوْكَةٌ مُفَلطَحَة كأَنها دِرْهَمٌ، وَهُوَ مِنْ أَنجع الْمَرْعَى؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْمَثَلِ: مَرْعًى وَلَا كالسَّعدان؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

الواهِب المائَة الأَبكار، زَيَّنها

سَعدانُ تُوضَح فِي أَوبارها اللِّبَد

قال: وقال الأَعرابي لأَعرابي أَما تُرِيدُ الْبَادِيَةَ؟ فَقَالَ: أَما مَا دَامَ السَّعْدَانُ مُسْتَلْقِيًا فَلَا؛ كأَنه قَالَ: لَا أُريدها أَبداً. وَسُئِلَتِ امرأَة تَزَوَّجَتْ عَنْ زَوْجِهَا الثَّانِي: أَين هُوَ مِنَ الأَول؟ فَقَالَتْ: مَرْعًى وَلَا كَالسَّعْدَانِ، فَذَهَبَتْ مَثَلًا، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْمَثَلِ أَن السَّعْدَانَ مِنْ أَفضل مَرَاعِيهِمْ. وَخَلَّطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ السَّعْدَانِ فَجَعَلَ الحَلَمَة ثمرَ السَّعْدَانِ وَجَعَلَ لَهُ حَسَكاً كالقُطْب؛ وَهَذَا كُلُّهُ غَلَطٌ، وَالْقُطْبُ شَوْكُ غَيْرِ السَّعْدَانِ يُشْبِهُ الحسَك؛ وأَما الحَلَمة فَهِيَ شَجَرَةٌ أُخرى وَلَيْسَتْ مِنَ السَّعْدَانِ فِي شَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ:

يَهْتَزُّ كأَنه سَعدانة

؛ هُوَ نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ وَالصِّرَاطِ:

عَلَيْهَا خَطاطيف وكلاليبُ وحَسَكَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ

؛ شَبَّه الْخَطَاطِيفَ بشوك السعدان. والسُّعْد، بِالضَّمِّ: مِنَ الطِّيبِ، والسُّعادى مِثْلُهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السُّعدة مِنَ الْعُرُوقِ الطَّيِّبَةِ الريح وهي أَرُومَة مُدحرجة سَوْدَاءُ صُلْبَة، كأَنها عُقْدَةٌ تَقَعُ فِي العِطر وَفِي الأَدوية، وَالْجَمْعِ سُعْد؛ قَالَ: وَيُقَالُ لِنَبَاتِهِ السُّعَادَى وَالْجَمْعُ سُعادَيات. قَالَ الأَزهري: السُّعد نَبْتٌ لَهُ أَصل تَحْتَ الأَرض أَسود طَيِّبُ الرِّيحِ، والسُّعادى نَبْتٌ آخَرُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: السُّعادَى نَبْتُ السُّعد. وَيُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ يَتَسَعَّدون أَي يَرْتَادُونَ مَرْعَى السَّعْدَانِ. قَالَ الأَزهري: وَالسَّعْدَانُ بَقْلٌ لَهُ ثَمَرٌ مُسْتَدِيرٌ مُشَوَّكُ الْوَجْهِ إِذا يَبِسَ سَقَطَ عَلَى الأَرض مُسْتَلْقِيًا، فإِذا وَطِئَهُ الْمَاشِي عقَر رِجْلَهُ شوْكُه، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَرَاعِيهِمْ أَيام الرَّبِيعِ، وأَلبان الإِبل تَحْلُو إِذا رَعَتِ السَّعْدانَ لأَنه مَا دَامَ رَطْبًا حُلْوٌ يَتَمَصَّصُهُ الإِنسان رَطْبًا ويأْكله. والسُّعُد: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ قَالَ:

وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، مُدْبِرةً،

نَخْلٌ بِزارَةَ حَمْله السُّعُدُ

وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ: انْجُ سَعْدُ فَقَدْ قُتِلَ سُعَيْد؛ هَذَا مَثَلٌ سَائِرٌ وأَصله أَنه كَانَ لِضَبَّة بْنِ أُدٍّ ابْنَانِ: سَعْدٌ وسُعَيْدٌ، فَخَرَجَا يَطْلُبَانِ إِبلًا لَهُمَا فَرَجَعَ سَعْدٌ وَلَمْ يَرْجِعْ سُعَيْدٌ، فَكَانَ ضبةُ إِذا رأَى سَوَادًا تَحْتَ اللَّيْلِ قَالَ: سَعْد أَم سُعَيْد؟ هَذَا أَصل الْمَثَلِ فأُخذ ذَلِكَ اللَّفْظُ مِنْهُ وَصَارَ مِمَّا يتشاءَم بِهِ، وَهُوَ يُضْرَبُ مَثَلًا فِي الْعِنَايَةِ بِذِي الرَّحِمِ وَيُضْرَبُ فِي الِاسْتِخْبَارِ عَنِ الأَمرين الْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَيهما وَقَعَ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَفِي الْمَثَلِ: أَسعد أَم سُعَيْدٌ إِذا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ أَهو مِمَّا يُحَبّ أَو يُكْرَه. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ:

لَا إِسعادَ وَلَا عُفْرَ فِي الإِسلام

؛ هُوَ إِسعاد النِّسَاءِ فِي المَناحات تَقُومُ المرأَة فَتَقُومُ مَعَهَا أُخرى مِنْ جَارَاتِهَا فَتُسَاعِدُهَا عَلَى النِّيَاحَةِ تَأْوِيلُهُ أَنَّ نِسَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ كنَّ إِذا أُصيبت إِحداهنَّ بِمُصِيبَةٍ فِيمَنْ يَعِزُّ عَلَيْهَا بكت حولًا، وأَسْعَدها عَلَى ذَلِكَ جَارَاتُهَا وذواتُ قِرَابَاتِهَا فَيَجْتَمِعْنَ مَعَهَا فِي عِداد النِّيَاحَةِ وأَوقاتها ويُتابِعْنها ويُساعِدْنها مَا دَامَتْ تَنُوحُ عَلَيْهِ وتَبْكيه، فإِذا أُصيبت صَوَاحِبَاتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمُصِيبَةٍ أَسعدتهن فَنَهَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عن هَذَا

ص: 216

الإِسعاد. وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ آخَرُ:

قَالَتْ لَهُ أُم عَطِيَّةَ: إِنَّ فُلَانَةً أَسْعَدَتْني فأُريد أُسْعِدُها، فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، شَيْئًا.

وَفِي رِوَايَةٍ

قَالَ: فاذْهَبي فأَسْعِدِيها ثُمَّ بَايِعِينِي

؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَما الإِسعاد فَخَاصٌّ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وأَما المُساعَدَة فعامَّة فِي كُلِّ مَعُونَةٍ. يُقَالُ إِنما سُمِّيَ المُساعَدَةَ المُعاونَةُ مِنْ وَضْعِ الرَّجُلِ يدَه عَلَى سَاعِدِ صَاحِبِهِ، إِذا تَمَاشَيَا فِي حَاجَةٍ وَتَعَاوَنَا عَلَى أَمر. وَيُقَالُ: لَيْسَ لِبَنِي فُلَانٍ ساعدٌ أَي لَيْسَ لَهُمْ رَئِيسٌ يَعْتَمِدُونَهُ. وساعِدُ الْقَوْمِ: رَئِيسُهُمْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَا خَيرُ كفٍّ لَا تَنُوءُ بِسَاعِدٍ

وَسَاعِدَا الإِنسان: عَضُداه. وَسَاعَدَا الطَّائِرِ: جَنَاحَاهُ. وساعِدَةُ: قَبِيلَةٌ. وساعِدَةُ: مِنْ أَسماء الأَسد مَعْرِفَةٌ لَا يَنْصَرِفُ مِثْلُ أُسامَةَ. وسَعِيدٌ وسُعَيْد وسَعْد ومَسْعُود وأَسْعَدُ وساعِدَةُ ومَسْعَدَة وسَعْدان: أَسماءُ رِجَالٍ، وَمِنْ أَسماءِ النِّسَاءِ مَسْعَدَةُ. وبنو سَعْد وبنو سَعِيدٍ: بَطْنَانِ. وَبَنُو سَعْدٍ: قَبَائِلُ شَتَّى فِي تَمِيمٍ وقيس وَغَيْرِهِمَا؛ قَالَ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ:

رأَيتُ سُعوداً مِنْ شُعوبٍ كَثيرة،

فَلَمْ ترَ عَيْني مثلَ سَعدِ بنِ مَالِكِ

الْجَوْهَرِيِّ: وَفِي الْعَرَبِ سُعُودُ قَبَائِلٍ شَتَّى مِنْهَا سَعْدُ تَميم وسَعْد هُذيل وسعد قَيْس وسَعد بَكر، وأَنشد بَيْتَ طَرَفَةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُعُودٌ جَمْعُ سُعد اسْمُ رَجُلٍ، يَقُولُ: لَمْ أَرَ فِيمَنْ سُمِّيَ سَعْدًا أَكرم مِنْ سَعْدُ بْنِ مَالِكِ بْنِ ضَبيعة بْنِ قيَس بْنِ ثَعْلبة بْنِ عُكابَة، والشُّعوبُ جَمْعُ شَعْب وَهُوَ أَكبر مِنَ الْقَبِيلَةِ. قَالَ الأَزهري: والسعود فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ وأَكثرها عَدَدًا سَعْدُ بْنِ زَيْدِ مَناةَ بْنِ تَميم بْنِ ضُبَيعة بْنِ قَيْسٍ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وسَعْدُ بن قيس عَيْلان، وسعدُ بنُ ذُبْيانَ بْنِ بَغِيضٍ، وسعدُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ فَزارةَ، وسعدُ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازِنَ وَهُمُ الَّذِينَ أَرضعوا النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، وسعد بْنُ مَالِكِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ؛ وَفِي بني أَسد سَعْدُ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان، وسَعْد بن الحرث بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان؛ قَالَ ثَابِتٌ: كَانَ بَنُو سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ لَا يُرى مثلُهم فِي بِرِّهم وَوَفَائِهِمْ، وهؤُلاء أَرِبَّاءُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَمِنْهَا بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فِي قَيْسِ عَيلان، وَمِنْهَا بَنُو سَعْدِ هُذَيم فِي قُضاعة، وَمِنْهَا سَعْدُ الْعَشِيرَةِ. وَفِي الْمَثَلِ: فِي كُلِّ وَادٍ بَنُو سَعْدٍ؛ قَالَهُ الأَضْبطُ بْنُ قُريع السَّعدي لَمَّا تحوَّل عَنْ قَوْمِهِ وَانْتَقَلَ فِي الْقَبَائِلِ فَلَمَّا لَمْ يُحْمِدهم رَجَعَ إِلى قَوْمِهِ وَقَالَ: فِي كُلِّ وادٍ بَنُو سَعْدٍ، يَعْنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ. وأَما سَعْدُ بَكْرٍ فَهُمْ أَظآر سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وجمعُ سَعِيد سَعِيدون وأَساعِدُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَعَنى له الِاسْمَ أَم الصِّفَةَ غَيْرَ أَن جَمْعَ سَعيدٍ عَلَى أَساعد شاذ. وبنو أَسعَد: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُوَ تَذْكِيرُ سُعْدَى. وسعُادُ: اسْمُ امرأَة، وَكَذَلِكَ سُعْدى. وأَسعدُ: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ سُعْدى كالأَكبر مِنَ الْكُبْرَى والأَصغر مِنَ الصُّغْرَى، وَذَلِكَ أَن هَذَا إِنما هُوَ تَقاوُدُ الصِّفَةِ وأَنت لَا تَقُولُ مَرَرْتُ بالمرأَة السُّعْدَى وَلَا بِالرَّجُلِ الأَسعد، فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَن يَكُونَ أَسعدُ مِنْ سُعْدى كأَسْلَمَ مِنْ بُشْرى، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى أَن أَسعد مُذَكَّرُ سُعْدَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ حَريَ أَن يجيءَ بِهِ سَمَاعٌ وَلَمْ نَسْمَعْهُمْ قَطُّ وَصَفُوا بِسُعْدَى، وإِنما هَذَا تَلاقٍ وَقَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ الْمُتَّفِقَيِ اللَّفْظِ كَمَا يَقَعُ هَذَانِ الْمِثَالَانِ فِي

ص: 217

المُخْتَلِفَيْه نَحْوَ أَسلم وَبُشْرَى. وسَعْدٌ: صَنَمٌ كَانَتْ تَعْبُدُهُ هُذَيْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وسُعْدٌ: مَوْضِعٌ بِنَجْدٍ، وَقِيلَ وادٍ، وَالصَّحِيحُ الأَول، وَجَعَلَهُ أَوْسُ بْنُ حَجَر اسْمًا لِلْبُقْعَةِ، فَقَالَ:

تَلَقَّيْنَني يَوْمَ العُجَيرِ بِمَنْطِقٍ،

تَرَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ مِنْهُ، وضَالُها

والسَّعْدِيَّةُ: ماءٌ لِعَمْرِو بْنِ سَلَمَة؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ هَذَا لَمَّا وَفَد عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، اسْتَقْطَعَهُ مَا بَيْنَ السَّعدية والشَّقْراء.

والسَّعْدان: مَاءٌ لَبَنِي فَزَارَةَ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ:

رَفَعْنَ مِنَ السَّعدينِ حَتَّى تفَاضَلَت

قَنابِلُ، مِنْ أَولادِ أَعوَجَ، قُرَّحُ

والسَّعِيدِيَّة: مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. وَبَنُو ساعدَةَ: قَوْمٌ مِنَ الْخَزْرَجِ لَهُمْ سَقِيفَةٌ بَنِي سَاعِدَةَ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ دَارٍ لَهُمْ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَهَلْ سَعدُ إِلَّا صخرةٌ بتَنُوفَةٍ

مِنَ الأَرضِ، لَا تَدْعُو لِغَيٍّ وَلَا رُشْدِ؟

فَهُوَ اسْمُ صَنَمٍ كَانَ لَبَنِي مِلْكانَ بْنِ كِنَانَةَ. وَفِي حَدِيثِ

البَحِيرة: ساعدُ اللهِ أَشَدُّ ومُوسَاه أَحدُّ

أَي لَوْ أَراد اللَّهُ تَحْرِيمَهَا بشقِّ آذَانِهَا لِخُلُقِهَا كَذَلِكَ فإِنه يَقُولُ لَهَا: كوني فتكون.

سغد: السُّغْدُ: جيل مَعْرُوفٌ. التَّهْذِيبُ: فِي النَّوَادِرِ فِصالٌ مُمْغَدَةٌ ومَماغِيدُ ومُسْمَغِدَّةٌ ومُسْغَدَةٌ ومُساغَدَةٌ إِذا كَانَتْ رِواء مِنَ اللَّبَنِ؛ وَقَدْ سَغَدَت أُمَّهاتها ومَغَدَتها إِذا رضعتها، والله أَعلم.

سفد: السِّفادُ: نَزْوُ الذَّكَرِ عَلَى الأُنثى. الأَصمعي: يُقَالُ لِلسِّبَاعِ كُلِّهَا: سَفَدَ وسَفِدَ أُنْثاه، وَلِلتَّيْسِ وَالثَّوْرِ وَالْبَعِيرِ وَالطَّيْرِ مِثْلُهَا. وَتَسَافَدَتِ السِّبَاعُ وَقَدْ سَفِدَها، بِالْكَسْرِ، يَسْفَدُها وسَفَدَها، بِالْفَتْحِ، يَسْفِدُها سَفْداً وسِفاداً فِيهِمَا جَمِيعًا، يَكُونُ فِي الْمَاشِي وَالطَّائِرِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ فِي السَّابِحِ. وأَسْفَدَه غيرُه وأَسْفِدْني تَيْسَك؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي أَعِرْني إِياه ليُسْفِدَ عَنزي؛ وَاسْتَعَارَهُ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ لِلزَّنْدِ فَقَالَ:

والأَرض صَيَّرها الإِلهُ طَرُوقةً

لِلْمَاءِ، حَتَّى كلُّ زَنْدٍ مُسْفِدُ

وَفِي تَرْجَمَةِ جَعَرَ لُعْبة يقال لها سَفْدُ اللِّفاح، وَذَلِكَ انْتِظَامُ الصِّبْيَانِ بَعْضُهُمْ فِي إِثر بَعْضٍ كلُّ وَاحِدٍ آخِذٌ بحُجْزة صَاحِبِهِ مِنْ خَلْفِهِ. الأَصمعي: إِذا ضَرَبَ الْجَمَلُ النَّاقَةَ قِيلَ: قَعَا وقاعَ وسَفِدَ يَسْفَدُ، وأَجاز غَيْرُهُ سَفَدَ يَسْفِدُ. ابْنُ الأَعرابي: اسْتَسْفَدَ فلانٌ بَعِيرَهُ إِذا أَتاه مِنْ خَلْفِهِ فَرَكِبَهُ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَتاه فَتَسَفَّده وتعَرْقَبَه مِثْلُهُ. والسُّفُود مِنَ الْخَيْلِ: الَّتِي قُطِعَ عَنْهَا السِّفادُ حَتَّى تَمَّتْ مُنْيَتُها، ومُنيتها عِشْرُونَ يَوْمًا؛ عَنْ كُرَاعٍ. وتَسَفَّدَ فرسَه واسْتسْفَدها؛ الأَخيرة عَنِ الْفَارِسِيِّ: رَكِبَهَا مِنْ خَلْفٍ. والسَّفُّودُ والسُّفُّود، بِالتَّشْدِيدِ: حَدِيدَةٌ ذَاتَ شُعَب مُعَقَّفَة مَعْرُوفٌ يُشْوى بِهِ اللَّحْمُ، وجمعه سفافيد.

سقد: السّقْدُ: الفرَسُ المُضَمَّر. وَقَدْ أَسقَد فرَسَه وَسَقَدَهُ يَسْقِدُهُ سَقْداً وسَقَّده: ضَمَّره؛ وَفِي حَدِيثِ

أَبي وَائِلٍ: فَخَرَجَتْ فِي السَّحَرِ أَسْقِدُ فَرَسًا

أَي أُضَمِّرُهُ، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مُعَيزٍ: خَرَجَتْ بِفَرَسٍ لأُسَقِّدَه

أَي لأُضَمِّرَه.

سَقْدَدَ: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: السُّقْدُد الْفَرَسُ المُضَمَّر؛ وَقَدْ أَسقَد فرسَه.

ص: 218

سلغد: رَجُلٌ سِلَّغْدٌ: لَئِيمٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والسِّلَّغْدُ مِنَ الرِّجَالِ: الرِّخْو. وأَحمر سِلَّغْد: شَدِيدُ الْحُمْرَةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَمِنَ الْخَيْلِ أَشقر سِلَّغْد، وَهُوَ الَّذِي خَلَصَتْ شُقْرته؛ وأَنشد:

أَشقَرُ سِلَّغْد وأَحْوَى أَدعَجُ

والأُنثى سِلَّغْدة. والسِّلَّغد: الأَحمق، وَيُقَالُ الذئبُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَهْجُو بَعْضَ الْوُلَاةِ.

وِلايَةُ سِلَّغْدٍ أَلفَّ كأَنه،

مِنَ الرَّهَقِ المخلوطِ بالنُّوكِ، أَثْوَلُ

وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ السِّلْغَدُّ؛ يَقُولُ: كأَنه مِنْ حُمْقه وَمَا يَتَنَاوَلُهُ مِنَ الْخَمْرِ تَيْسٌ مَجْنُونٌ. ابْنُ الأَعرابي: السِّلَّغْدُ الأَكول الشَّرُوب الأَحمق من الرجال.

سلقد: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: السِّلْقِدُ الضَّاوِي المَهزول؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُعيز: خرجْتُ أُسَلْقِدُ فَرَسِي أَي أُضمِّره.

سمد: سَمَدَ يَسْمُد سُموداً: عَلَا. وسَمَدت الإِبل تَسْمُدُ سُموداً: لَمْ تعرِف الإِعياء. وَيُقَالُ لِلْفَحْلِ إِذا اغْتَلَمَ. قَدْ سمَد. والسَّمْد مِنَ السَّير: الدأْب. والسَّمْدُ: السَّيْرُ الدائم. وسَمَدت الإِبل في سَيْرِهَا: جَدَّت. وسَمَدَ: ثَبَتَ فِي الأَرض وَدَامَ عَلَيْهِ. وَهُوَ لَكَ أَبداً سَمْداً سَرْمَداً؛ عَنْ ثَعْلَبٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَلَا أَفعل ذَلِكَ أَبداً سَمْدًا سَرْمَدًا. والسُّمود: اللَّهْوُ. وسَمَد سُمُوداً: لَهَا. وسمَّده: أَلهاه.

وسمَد سُموداً: غَنَّى؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَهِيَ قَلِيلَةٌ؛ وَقَوْلُهُ عز وجل: وَأَنْتُمْ سامِدُونَ

؛ فُسِّرَ بِاللَّهْوِ وَفُسِّرَ بالغِناء؛ وَقِيلَ: سَامِدُونَ لاهُون؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَامِدُونَ مُسْتَكْبِرُونَ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: سَامِدُونَ سَاهُونَ. والسُّمود فِي النَّاسِ: الْغَفْلَةُ والسَّهْوُ عَنِ الشَّيْءِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: السُّمود الْغِنَاءُ بِلُغَةِ حِمْيَر؛ يُقَالُ: اسْمُدي لَنَا أَي غَنِّي لَنَا. وَيُقَالُ لِلقَيْنَةِ: أَسمِدِينا أَي أَلهِينا بِالْغِنَاءِ؛ وَقِيلَ: السُّمود يَكُونُ سُرُورًا وَحُزْنًا؛ وأَنشد:

رمَى الحِدْثانُ نِسْوَةَ آلِ حَزْبٍ

بأَمْرٍ، قَدْ سَمَدْنَ لَهُ سُمودا

فَرَدَّ شُعورَهُنَّ السُّودَ بِيضاً،

ورَدَّ وُجوهَهُن البِيضَ سُودا

ابْنُ الأَعرابي: السامِدُ اللاهي، والسامِدُ الغافلُ، والسامد الساهي، والسامد المُتَكَبِّر، والسامد القائم، والسامد المُتَحير بَطَراً وأَشَراً، والسامد الغبيُّ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ أَنه خَرَجَ إِلى الْمَسْجِدِ والناسُ يَنْتَظِرُونَهُ لِلصَّلَاةِ قِيَامًا فَقَالَ مَا لِي أَراكم سَامِدِينَ

، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ قَوْلُهُ سَامِدِينَ يَعْنِي الْقِيَامَ؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: السَّامِدُ الْقَائِمُ فِي تَحيُّر، وأَنشد:

قِيلَ: قُمْ فانظُرْ إِليهم،

ثم دَعْ عَنْكَ السُّمودا

قَالَ ابْنُ الأَثير: السَّامِدُ الْمُنْتَصِبُ إِذا كَانَ رَافِعًا رأْسه نَاصِبًا صَدْرَهُ، أَنكر عَلَيْهِمْ قِيَامَهُمْ قَبْلَ أَن يَرَوا إِمامهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

مَا هَذَا السُّمودُ

؛ وَقِيلَ: هُوَ الْغَفْلَةُ والذَّهابُ عَنِ الشَّيْءِ. وسَمَدَ سُموداً: رَفَعَ رأْسه تكبُّراً. وكلُّ رافعٍ رأْسَه، فَهُوَ سَامِدٌ. وَقَدْ سَمِدَ يَسْمَدُ ويَسْمُد سُمُودًا؛ قَالَ رؤْبة بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ إِبلًا.

سَوامِدُ الليلِ خِفافُ الأَزوادْ

أَي دَوائبُ. وَقَوْلُهُ خِفافُ الأَزواد أَي لَيْسَ فِي بُطُونِهَا علَف؛ وَقِيلَ: لَيْسَ عَلَى ظُهُورِهَا زَادٌ لِلرَّاكِبِ، وسَمَدَ الرجلُ سُموداً: بُهِتَ، وسَمَدَه سَمْداً: قَصَدَهُ كصَمَده.

ص: 219

وتسميدُ الأَرض: أَن يُجْعَل فِيهَا السَّمادُ وَهُوَ سِرجِينٌ ورَماد. وسَمَدَ الأَرض سَمْداً: سَهَّلَهَا. وسمَّدها: زبَّلها. والسَّمادُ: تُرَابٌ قَوِيٌّ يُسَمَّدُ بِهِ النَّبَاتُ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَن رَجُلًا كَانَ يُسَمِّدُ أَرضَه بعَذِرَة النَّاسِ، فَقَالَ: أَما يَرضى أَحدُكم حَتَّى يُطِعمَ النَّاسَ مَا يَخرج مِنْهُ؟

السَّماد مَا يُطرح فِي أُصول الزَّرْعِ والخُضَر مِنَ الْعُذْرَةِ والزِّبْل ليَجود نَباتُه. والمِسْمَد: الزَّبيلُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ وتَسْميدُ الرأْس: استئصالُ شَعَره، لُغَةٌ فِي التسبيدِ. وسَمَّد شَعَرَهُ: استأْصله وأَخذه كُلَّهُ. والسَّميدُ: الطَّعَامُ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ: هِيَ بِالدَّالِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ. والإِسميدُ: الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ سَمِدْ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري أَهو هَذَا الَّذِي حَكَاهُ كُرَاعٌ أَم لَا. والمُسْمَئِدُّ: الْوَارِمُ. واسْمَأَدَّ، بِالْهَمْزِ، اسمِئْداداً: وَرِمَ؛ وَقِيلَ: ورِمَ غَضَبًا. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: وَرِمَ ورَماً شَدِيدًا. واسمأَدَّت يَدُهُ: ورِمَت. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ: اسمأَدَّت رِجْلُهَا أَي انَتَفَخَت وورِمَت. وكلُّ شيءٍ ذَهَبَ أَو هَلَك، فَقَدِ اسْمدَّ واسمَأَدَّ. واسْمادَّ مِنَ الْغَضَبِ كَذَلِكَ. واسْمادَّ الشيءُ: ذهب.

سَمْعَدَ: الأَزهري: اسمَعَدَّ الرجلُ واسمَغَدَّ إِذا امتلأَ غَضَباً، وَكَذَلِكَ اسْمَعَطَّ واشمَعَطَّ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي ذَكَر الرَّجُلِ إِذا اتمَهَلَّ.

سمغد: السِّمَّغْدُ «2» الطويلُ. والسِّمَّغْدُ: الأَحْمق الضَّعِيفُ. والمُسمَغِدُّ: المُنَتَفخ، وَقِيلَ: النَّاعم، وَقِيلَ: الذَّاهِبُ. والمُسْمَغِدُّ: الشَّدِيدُ القَبْض حَتَّى تَنْتَفِخَ. الأَنامل. والمُسْمَغِدُّ: الْوَارِمُ، بِالْغَيْنِ مُعْجَمَةً. يُقَالُ: اسْمَغَدَّت أَنامله إِذا تَوَرَّمَت. واسمَغَدَّ الرَّجُلُ أَي امتلأَ غَضَبًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه صَلَّى حَتَّى اسمَغَدَّت رِجْلَاهُ

أَي تورَّمَتا وَانْتَفَخَتَا. والمُسْمَغِدُّ: الْمُتَكَبِّرُ المنتفِخُ غَضَبًا. واسْمَغَدَّ الْجُرْحُ إِذا وَرِمَ. وَقِيلَ: المُسْمَغِدُّ مِنَ الرِّجَالِ الطويلُ الشديدُ الأَركان؛ قَالَهُ أَبو عَمْرٍو وأَنشد:

حَتَّى رأَيت العَزَبَ السِّمَّغْدا،

وَكَانَ قَدْ شبَّ شَباباً مَغْداً

ابْنُ السِّكِّيتِ: رأَيته مُغِدّاً مُسْمَغِدّاً إِذا رأَيته وَارِمًا مِنَ الغضَب؛ وَقَالَ أَبو سُوَاجٍ:

إِنَّ المَنِيَّ، إِذا سَرى

فِي الْعَبْدِ، أَصْبَحَ مُسْمَغِدّا

سمهد: السَّمْهَدُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الْجَسِيمُ مِنَ الإِبل. واسمَهَدَّ سنَامُه إِذا عَظُم. والسَّمْهَدُ: الشيءُ الصُّلْب اليابس.

سند: السَّنَدُ: مَا ارتَفَعَ مِنَ الأَرض فِي قُبُل الْجَبَلِ أَو الْوَادِي، وَالْجَمْعُ أَسْنادٌ، لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وكلُّ شيءٍ أَسندتَ إِليه شَيْئًا، فَهُوَ مُسْنَد. وَقَدْ سنَدَ إِلى الشيءِ يَسْنُدُ سُنوداً واستَنَدَ وتسانَد وأَسْنَد وأَسنَدَ غيرَه. وَيُقَالُ: سانَدته إِلى الشَّيْءِ فَهُوَ يتَسانَدُ إِليه أَي أَسنَدتُه إِليه؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ:

سانَدُوه، حَتَّى إِذا لَمْ يَرَوْه

شُدَّ أَجلادُه عَلَى التَّسْنِيدِ

وَمَا يُسْنَدُ إِليه يُسَمَّى مِسْنَداً ومُسْنَداً، وَجَمْعُهُ المَسانِدُ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّنَدُ مَا قَابَلَكَ مِنَ الْجَبَلِ وَعَلَا عَنِ السَّفْحِ. والسَّنَدُ: سُنُودُ الْقَوْمِ فِي الْجَبَلِ. وَفِي حَدِيثِ أُحُد:

رأَيت النساءَ يُسْنِدْن فِي الْجَبَلِ

(2). قوله [السمغد إلخ] هو كقرشب بضبط القلم في الأَصل وصوّبه شارح القاموس معترضاً على جعله كحضجر، وعزاه لخط الصاغاني.

ص: 220

أَي يُصَعِّدْن، وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسَنَذْكُرُهُ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنيس: ثُمَّ أَسنَدوا إِليه فِي مَشْرُبة

أَي صَعِدوا. وخُشُبٌ مُسَنَّدة: شُدِّد لِلْكَثْرَةِ. وتَسانَدْتُ إِليه: استَنَدْتُ. وساندْت الرجلَ مسانَدَةً إِذَا عاضَدْتَهُ وكانَفْتَه. وسَنَدَ فِي الْجَبَلِ يَسْنُدُ سُنوداً وأَسنَد: رَقِيَ. وَفِي خَبَرِ أَبي عَامِرٍ: حَتَّى يُسْنِدَ عَنْ يَمِينِ النُّمَيرةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ. والمُسْنَد والسَّنِيد: الدَّعِيُّ. وَيُقَالُ للدعِيِّ: سَنِيدٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

كريمٌ لَا أَجدُّ وَلَا سَنِيدُ

وسَنَد فِي الْخَمْسِينَ مثلَ سُنود الْجَبَلِ أَي رَقيَ، وفلانٌ سَنَدٌ أَي معتَمَدٌ. وأَسنَد فِي العَدْو: اشْتَدَّ وجَمَّد. وأَسنَد الحديثَ: رَفَعَهُ. الأَزهري: والمُسْنَد مِنَ الْحَدِيثِ مَا اتَّصَلَ إِسنادُه حَتَّى يُسْنَد إِلى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، والمُرْسَل والمُنْقَطِع مَا لَمْ يَتَّصِلْ. والإِسنادِ فِي الْحَدِيثِ: رَفْعُه إِلى قَائِلِهِ. والمُسْنَدُ: الدَّهْرُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لَا آتِيهِ يَدَ الدَّهْرِ ويَدَ المُسْنَد أَي لَا آتِيهِ أَبداً. وَنَاقَةٌ سِنادٌ: طَوِيلَةُ الْقَوَائِمِ مُسْنَدَةُ السَّنام، وَقِيلَ: ضَامِرَةٌ؛ أَبو عُبَيْدَةَ: الهَبِيطُ الضَّامِرَةُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: السِّنادُ مِثْلُهُ، وأَنكره شَمِرٌ. وَنَاقَةٌ مُسانَدةُ القَرى: صُلْبَتُه مُلاحِكَتُه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

مُذَكَّرَةُ الثُّنْيا مُسانِدَةُ القَرَى،

جُمالِيَّة تَخْتَبُّ ثُمَّ تُنيبُ

وَيُرْوَى مُذَكِّرة ثُنْيَا. أَبو عَمْرٍو: نَاقَةٌ سِنَادٌ شَدِيدَةُ الخَلْق؛ وَقَالَ ابن برزج: السِّنَادُ مِنْ صِفَةِ الإِبل أَن يُشْرِفَ حارِكُها. وَقَالَ الأَصمعي في المُشْرِفة الصَّدْرِ والمُقَدَّم وَهِيَ المُسانِدَة، وَقَالَ شَمِرٌ أَي يُساند بَعْضُ خَلْقِهَا بَعْضًا؛ الْجَوْهَرِيُّ: السِّناد النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ الْخَلْقِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنادٌ، يُشِلُّها

وظِيفٌ أَزَجُّ الخَطوِ، ظَمآنُ سَهْوَقُ

جُمالِيَّة: نَاقَةٌ عَظِيمَةُ الخَلْق مُشَبَّهَة بِالْجَمَلِ لعُظْم خَلْقِهَا. والحَرْفُ: النَّاقَةُ الضَّامِرَةُ الصُّلبة مُشَبَّهَةٌ بالحَرْف مِنَ الْجَبَلِ. وأَزَجُّ الخَطْوِ: واسِعُه. وظَمآنُ: لَيْسَ بِرَهِلٍ، وَيُرْوَى رَيَّانُ مَكَانَ ظمآنُ، وَهُوَ الْكَثِيرُ الْمُخِّ، والوَظِيفُ: عَظْمُ السَّاقِ، والسَّهْوَقُ: الطَّوِيلُ. والإِسنادُ: إِسناد الرَّاحِلَةِ فِي سَيْرِهَا وَهُوَ سَيْرٌ بَيْنَ الذّمِيلِ والهَمْلَجَة. وَيُقَالُ: سَنَدْنا فِي الجَبل وأَسنَدْنا جَبَلَها فِيهَا «1» . وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنيس: ثُمَّ أَسنَدُوا إِليه فِي مَشْرُبَة

أَي صَعِدوا إِليه. يُقَالُ: أَسنَدَ فِي الْجَبَلِ إِذا مَا صَعَّدَه. والسنَدُ: أَن يَلْبَسَ قَمِيصًا طَوِيلًا تَحْتَ قَمِيصٍ أَقصَرَ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: السَّنَدُ ضُروبٌ مِنَ الْبُرُودِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه رأَى عَلَى عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَربعة أَثواب سَنَدٍ

، وَهُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ؛ قَالَ اللَّيْثُ: السَّندُ ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ قَمِيصٌ ثُمَّ فَوْقَهُ قَمِيصٌ أَقصر مِنْهُ، وَكَذَلِكَ قُمُص قِصَارٌ مِنْ خِرَق مُغَيَّب بَعْضُهَا تَحْتَ بَعْضٍ، وكلُّ مَا ظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ يُسَمَّى: سِمْطاً؛ قَالَ الْعَجَّاجِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:

كَتَّانُها أَو سنَدٌ أَسماطُ

وَقَالَ ابْنُ بُزُرج: السنَدُ الأَسنادُ «2» مِنَ الثِّيَابِ وَهِيَ

(1). قوله [جبلها فيها] كذا بالأَصل المعوّل عليه ولعله محرف عن خيلنا فيه أو غير ذلك

(2)

. قوله [السند الأَسناد] كذا بالأَصل ولعله جمعه الأسناد أي بناء على أن السند مفرد، وحينئذ فقوله: جبة أسناد أي من أسناد.

ص: 221

مِنَ الْبُرُودِ، وأَنشد:

جُبَّةُ أَسنادٍ نَقِيٌّ لونُها،

لَمْ يَضْرِبِ الخيَّاطُ فِيهَا بالإِبَرْ

قَالَ: وَهِيَ الْحَمْرَاءُ مِنْ جِبابِ الْبُرُودِ. ابْنُ الأَعرابي: سَنَّدَ الرجلُ إِذا لَبِس السَّنَد وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ. وَخَرَجُوا مُتسانِدينَ إِذا خَرَجُوا عَلَى راياتٍ شَتَّى. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ: خَرَجَ ثُمامة بْنُ أُثال وَفُلَانٌ مُتسانِدَين

أَي مُتعاوِنَين، كأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسْنِدُ عَلَى الْآخَرِ وَيَسْتَعِينُ بِهِ. والمُسْنَدُ: خَطٌّ لِحِمْيَرَ مُخَالِفٌ لِخَطِّنَا هَذَا، كَانُوا يَكْتُبُونَهُ أَيام مُلْكِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، قَالَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ فِي أَيديهم إِلى الْيَوْمِ بِالْيَمَنِ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الْمَلِكِ: أَن حَجَراً وُجد عَلَيْهِ كِتَابٌ بِالْمُسْنَدِ

؛ قَالَ: هِيَ كِتَابَةٌ قَدِيمَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ خَطُّ حِمْيَرَ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: المُسْنَدُ كَلَامُ أَولاد شِيثٍ. والسِّنْد: جِيلٌ مِنَ النَّاسِ تُتاخم بلادُهم بلادَ أَهل الْهِنْدِ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم سِنْديّ. أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ عُيُوبِ الشِّعْرِ السِّنادُ وهو اختلاف الأَرْدادِ، كَقَوْلِ عَبِيد بْنِ الأَبرص:

فَقَدْ أَلِجُ الخِباءَ عَلَى جَوارٍ،

كأَنَّ عُيونَهُنَّ عُيونُ عِينِ

ثُمَّ قَالَ:

فإِنْ يكُ فاتَني أَسَفاً شَبابي

وأَضْحَى الرأْسُ مِني كاللُّجَينِ

وَهَذَا الْعَجُزُ الأَخير غَيَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ:

وأَصبح رأْسُه مِثلَ اللُّجَينِ

وَالصَّوَابُ فِي إِنشادهما تَقْدِيمُ الْبَيْتِ الثَّانِي عَلَى الأَول. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سَلَامٍ أَنه قَالَ: السِّنادُ فِي الْقَوَافِي مِثْلُ شَيْبٍ وشِيبٍ؛ وساندَ فُلَانٌ فِي شِعْرِهِ. وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ مُتسانِدين أَي عَلَى رَايَاتٍ شَتى إِذا خَرَجَ كُلُّ بَنِي أَب عَلَى رَايَةٍ، وَلَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى رَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا تَحْتَ رَايَةِ أَمير وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ أَسنَد فِي الشِّعْرِ إِسناداً بِمَعْنَى سانَدَ مِثْلَ إِسناد الْخَبَرِ، وَيُقَالُ سانَدَ الشَّاعِرُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وشِعْرٍ، قَدْ أَرِقْتُ لَهُ، غَريبٍ

أُجانِبُه المَسانِدَ والمُحالا

ابْنُ سِيدَهْ: سانَدَ شعره سِناداً وسانَدَ فِيهِ كِلَاهُمَا: خَالَفَ بَيْنَ الْحَرَكَاتِ الَّتِي تَلِي الأَرْدافَ فِي الرَّوِيِّ، كَقَوْلِهِ:

شَرِبنا مِن دِماءِ بَني تَميمٍ

بأَطرافِ القَنا، حَتَّى رَوِينا

وَقَوْلِهِ فِيهَا:

أَلم تَرَ أَنَّ تَغْلِبَ بَيْتُ عِزٍّ،

جبالُ مَعاقِلٍ مَا يُرْتَقَيْنا؟

فَكَسَرَ مَا قَبْلَ الْيَاءِ فِي رَوِينا وَفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فِي يُرْتَقَيْنا، فَصَارَتْ قَيْنا مَعَ وِينا وَهُوَ عَيْبٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: بِالْجُمْلَةِ إِنَّ اخْتِلَافَ الْكَسْرَةِ وَالْفَتْحَةِ قَبْلَ الرِّدْفِ عَيْبٌ، إِلَّا أَنَّ الَّذِي اسْتَهْوَى فِي اسْتِجَازَتِهِمْ إِياه أَن الْفَتْحَةَ عِنْدَهُمْ قَدْ أُجريَتْ مُجْرى الْكَسْرَةِ وعاقَبتها فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ الْيَاءُ الْمَفْتُوحُ مَا قَبْلَهَا قَدْ أُجريت مُجْرَى الْيَاءِ الْمَكْسُورِ مَا قَبْلَهَا، أَما تَعاقُبُ الْحَرَكَتَيْنِ فَفِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا أَنهم عَدَلوا لَفْظَ الْمَجْرُورِ فِيمَا لَا يَنْصَرِفُ إِلى لَفْظِ الْمَنْصُوبِ، فَقَالُوا مَرَرْتُ بعُمَر كَمَا قَالُوا ضَرَبْتُ عُمر، فكأَن فَتْحَةَ رَاءِ عُمَر عَاقَبَتْ مَا كَانَ يَجِبُ فِيهَا مِنَ الْكَسْرَةِ لَوْ صُرِفَ الِاسْمُ فَقِيلَ مَرَرْتُ بعُمرٍ، وأَما مُشَابَهَةُ الْيَاءِ الْمَكْسُورِ مَا قَبْلَهَا لِلْيَاءِ الْمَفْتُوحِ مَا قَبْلَهَا فلأَنهم قَالُوا

ص: 222

هَذَا جَيْب بَّكر فأَدغموا مَعَ الْفَتْحَةِ، كَمَا قَالُوا هذا سعيد دَّاود، وقالوا شَيْبَانُ وَقَيْسُ عِيلَانَ فأَمالوا كَمَا أَمالوا سِيحان وتِيحان، وقال الأَحفش بَعْدَ أَن خَصَّصَ كَيْفِيَّةَ السِّنَادِ: أَما مَا سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ فِي السِّنَادِ فإِنهم يَجْعَلُونَهُ كُلَّ فَسَادٍ فِي آخِرِ الشِّعْرِ وَلَا يَحُدُّونَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَهُوَ عِنْدَهُمْ عَيْبٌ، قَالَ: وَلَا أَعلم إِلَّا أَني قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَجْعَلُ الإِقواءَ سِنَادًا؛ وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:

فِيهِ سِنادٌ وإِقْواءٌ وتحْريدُ

فَجَعَلَ السِّنَادَ غَيْرَ الإِقْواء وَجَعَلَهُ عَيْبًا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَجْهُ مَا قَالَهُ أَبو الْحَسَنِ أَنه إِذا كَانَ الأَصل السِّناد إِنما هُوَ لأَن الْبَيْتَ الْمُخَالِفَ لِبَقِيَّةِ الأَبيات كَالْمُسْنَدِ إِليها لَمْ يَمْتَنِعْ أَن يَشِيعَ ذَلِكَ فِي كُلِّ فَسَادٍ فِي آخِرِ الْبَيْتِ فَيُسَمَّى بِهِ، كَمَا أَن الْقَائِمَ لَمَّا كَانَ إِنما سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لِمَكَانِ قِيَامِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ أَن يُسَمِّي كُلَّ مَنْ حَدَثَ عَنْهُ الْقِيَامُ قَائِمًا؛ قَالَ: وَوَجْهُ مَنْ خَصَّ بَعْضَ عُيُوبِ الْقَافِيَةِ بِالسِّنَادِ أَنه جَارٍ مَجْرَى الِاشْتِقَاقِ، وَالِاشْتِقَاقُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ غَيْرُ مَقِيسٍ، إِنما يُسْتَعْمَلُ بِحَيْثُ وُضِعَ إِلَّا أَن يَكُونَ اسْمَ فَاعِلٍ أَو مَفْعُولٍ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي ضَارِبٍ وَمَضْرُوبٍ؛ قَالَ وَقَوْلُهُ:

فِيهِ سِنَادٌ وإِقواءٌ وَتَحْرِيدُ

الظَّاهِرُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الأَخفش مِنْ أَن السِّنَادَ غَيْرُ الإِقواء لِعَطْفِهِ إِياه عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مُمْتَنِعًا فِي الْقِيَاسِ أَن يَكُونَ السِّنَادُ يَعْنِي بِهِ هَذَا الشاعرُ الإِقواءَ نفْسَه، إِلَّا أَنه عَطَفَ الإِقواءَ عَلَى السِّنَادِ لِاخْتِلَافِ لَفْظَيْهِمَا كَقَوْلِ الْحُطَيْئَةِ:

وهِنْد أَتى مِن دونِها النَّأْيُ والبُعْدُ

قَالَ: وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. قَالَ: وَقَوْلُ سِيبَوَيْهِ هَذَا بَابُ المُسْنَد والمُسْنَد إِليه؛ الْمُسْنَدُ هُوَ الْجُزْءُ الأَول مِنَ الْجُمْلَةِ، وَالْمُسْنَدُ إِليه الْجُزْءُ الثَّانِي مِنْهَا، وَالْهَاءُ مِنْ إِليه تَعُودَ عَلَى اللَّامِ فِي الْمُسْنَدِ الأَول، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ والمسند إِليه وَهُوَ الجزءُ الثَّانِي يَعُودُ عَلَيْهَا ضَمِيرٌ مَرْفُوعٌ فِي نَفْسِ الْمُسْنَدِ، لأَنه أُقيم مُقام الْفَاعِلِ، فإِن أَكدت ذَلِكَ الضَّمِيرَ قُلْتَ: هَذَا بَابُ المُسْنَدِ والمُسْنَدِ هُو إِليه. قَالَ الْخَلِيلُ: الْكَلَامُ سَنَدٌ ومُسْنَدٌ، فالسَّنَدُ كَقَوْلِكَ «3» . عَبْدُ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَعَبْدُ اللَّهِ سَنَدٌ، وَرَجُلٌ صَالِحٌ مُسْنَدٌ إِليه؛ التهذيب في ترجمة قسم قَالَ الرِّيَاشِيُّ: أَنشدني الأَصمعي فِي النُّونِ مَعَ الْمِيمِ:

تَطْعُنُها بخَنْجرٍ مِن لَحْم،

تحتَ الذُّنابى، فِي مكانٍ سُخْن

قَالَ: وَيُسَمَّى هَذَا السِّنَادُ. قَالَ الفراءُ: سَمَّى الدَّالَ وَالْجِيمَ الإِجادة؛ رَوَاهُ عَنِ الْخَلِيلِ. الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ سِنْدَأْوَةٌ وقِنْدَأْوةٌ وَهُوَ الخفيفُ؛ وَقَالَ الفراءُ: هِيَ مِنَ النُّوق الجريئَة. أَبو سَعِيدٍ: السِّنْدَأْوَةُ خِرْقَة تَكُونُ وقايَةً تَحْتَ الْعِمَامَةِ مِنَ الدُّهْن. والأَسْنادُ: شَجَرٌ. والسَّندانُ: الصَّلاءَةُ. والسِّنْدُ: جِيل مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ سُنودٌ وأَسْنادٌ. وسِنْدٌ: بلادٌ، تَقُولُ سِنْديٌّ لِلْوَاحِدِ وسِندٌ لِلْجَمَاعَةِ، مِثْلُ زِنجيٍّ وزِنْجٍ. والمُسَنَّدَةُ والمِسْنَديَّةُ: ضَرْب مِنَ الثِّيَابِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: أَنه رأَى عَلَيْهَا أَربعة أَثواب سَنَد

؛ قِيلَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ اليمانِية وَفِيهِ لُغَتَانِ: سَنَدٌ وسَنْد، وَالْجُمَعُ أَسناد. وسَنْدادٌ [سِنْدادٌ]: مَوْضِعٌ. والسَّنَدُ: بَلَدٌ مَعْرُوفٌ فِي الْبَادِيَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

يَا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ

والعَلياءُ: اسْمُ بَلَدٍ آخَرَ. وسِنداد: اسْمُ نَهْرٍ؛ ومنه

(3). قوله [فالسند كقولك إلخ] كذا بالأَصل المعوّل عليه ولعل الأَحسن سقوط فالسند أَو زيادة والمسند

ص: 223

قَوْلُ الأَسْوَدِ بنِ يَعْفُر:

والقَصْرِ ذِي الشُّرُفاتِ مِن سِنداد

سهد: اللَّيْثُ: السُّهْدُ والسُّهادُ نَقيضُ الرُّقاد؛ قَالَ الأَعشى:

أَرِقتُ وَمَا هَذَا السُّهادُ المُؤَرِّقُ

الْجَوْهَرِيُّ: السُّهادُ الأَرَقُ. والسُّهُدُ، بِضَمِّ السِّينِ وَالْهَاءِ: الْقَلِيلُ مِنَ النَّوْمِ. وسَهِدَ، بِالْكَسْرِ، يَسْهَدُ سَهَداً وسُهْداً وسُهاداً: لَمْ يَنَمْ. وَرَجُلٌ سُهُدٌ: قليلُ النَّوْمِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:

فَأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً،

سُهُداً، إِذا مَا نامَ ليلُ الهَوْجَلِ

وَعَينٌ سُهُدٌ كَذَلِكَ. وَقَدْ سَهَّدَه الهمُّ والوجعُ. وَمَا رأَيتُ مِنْ فُلَانٍ سَهْدَةً أَي أَمراً أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ أَو بَرَكَةٍ أَو خَبرٍ أَو كَلَامٍ مُقْنِع. وَفُلَانٌ ذُو سَهْدَةٍ أَي ذُو يَقَظَةٍ. وَهُوَ أَسْهَدُ رَأْياً مِنْكَ. وَفِي بَابِ الإِتباع: شيءٌ سَهْدٌ مَهْدٌ أَي حَسَن. والسَّهْوَدُ: الطويلُ الشَّدِيدُ؛ شَمِرٌ: يُقَالُ غُلَامٌ سَهْوَدٌ إِذا كَانَ غَضّاً حَدَثاً؛ وأَنشد:

ولَيْتَه كَانَ غُلَامًا سَهْوَدا،

إِذا عَسَت أَغصانُه تَجدّدا

وسَهَّدْتُه أَنا فَهُوَ مُسَهَّدٌ. وَفُلَانٌ يُسَهَّدُ أَي لَا يُتْرَكُ أَن يَنَامَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

يُسَهَّدُ مِنْ نومِ العشاءِ سَليمُها،

لِحَلْيِ النساءِ فِي يَدَيْهِ قَعاقِعُ

ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للمرأَة إِذا ولَدَت ولَدَها بزَحْرة وَاحِدَةٍ: قَدْ أَمْصَعَتْ بِهِ وأَخْفَدَتْ بِهِ وأَسْهَدَتْ بِهِ وأَمْهَدَتْ بِهِ وحَطَأَتْ بِهِ. وسُهْدُد: اسْمُ جَبَلٍ لَا يَنْصَرِفُ كأَنهم يَذْهَبُونَ بِهِ إِلى الصَّخْرَةِ أَو البقعة.

سود: السَّواد: نقيضُ الْبَيَاضِ؛ سَوِدَ وَسادَ واسودَّ اسْوِداداً واسْوادّ اسْوِيداداً، وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ اسْوَأَدَّ، تُحَرَّكُ الأَلف لئلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ؛ وَهُوَ أَسودُ، وَالْجَمْعُ سُودٌ وسُودانٌ. وسَوَّده: جَعْلَهُ أَسودَ، والأَمر مِنْهُ اسْوادَدْ، وإِن شِئْتَ أَدغمْتَ، وتصغيرُ الأَسود أُسَيِّدٌ، وإِن شِئْتَ أُسَيْوِدٌ أَي قَدْ قَارَبَ السَّوادَ، والنسْبَةُ إِليه أُسَيْدِيٌّ، بِحَذْفِ الْيَاءِ الْمُتَحَرِّكَةِ، وتَصغير التَّرْخِيمِ سُوَيْدٌ. وساوَدْتُ فُلَانًا فَسُدْتُه أَي غَلَبْتُه بِالسَّوَادِ مِنْ سَوَادِ اللونِ والسُّودَدِ جَمِيعًا. وسَوِدَ الرجلُ: كَمَا تَقُولُ عَوِرَت عَيْنُه وَسَوِدْتُ أَنا؛ قَالَ نُصَيْبٌ:

سَوِدْتُ فَلَمْ أَمْلِكْ سَوادي، وتحتَه

قَمِيصٌ مِنَ القُوهِيِّ، بيضٌ بَنائقُهْ

ويُرْوَى:

سَوِدْتُ فَلَمْ أَملك وتحتَ سَوادِه

وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: سُدْتُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَنشد أَعرابي لِعنترةَ يَصِفُ نفسَه بأَنه أَبيضُ الخُلُق وإِن كَانَ أَسودَ الجلدِ:

عَلَيَّ قميصٌ مِنْ سَوادٍ وتحتَه

قميصُ بَياضٍ،

بنَائقُه «1»

وَكَانَ عنترةُ أَسْوَدَ اللَّوْنِ، وأَراد بقميصِ البياضِ قَلْبَه. وسَوَّدْتُ الشيءَ إِذا غَيَّرْتَ بَياضَه سَوَاداً. وأَسوَدَ الرجُلُ وأَسأَدَ: وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَسود. وساوَدَه سِواداً: لَقِيَه فِي سَوادِ الليلِ. وسَوادُ القومِ: مُعْظَمُهم. وسوادُ الناسِ:

(1). لم نجد هذا البيت في ما لدينا من شعر عنترة المطبوع.

ص: 224

عَوامُّهُم وكلُّ عددٍ كَثِيرٍ. وَيُقَالُ: أَتاني القومُ أَسوَدُهم وأَحمرُهم أَي عَرَبُهم وعَجَمُهم. وَيُقَالُ: كَلَّمُتُه فَمَا رَدَّ عليَّ سوداءَ وَلَا بيضاءَ أَي كَلِمَةً قَبِيحَةً وَلَا حَسَنَةً أَي مَا رَدَّ عَلَيَّ شَيْئًا. وَالسَّوَادُ: جماعةُ النخلِ والشجرِ لِخُضْرَته واسْوِدادِه؛ وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ لأَنَّ الخُضْرَةَ تُقارِبُ السوادَ. وسوادُ كلِّ شيءٍ: كُورَةُ مَا حولَ القُرَى والرَّساتيق. والسَّوادُ: مَا حَوالَي الكوفةِ مِنَ القُرَى والرَّساتيقِ وَقَدْ يُقَالُ كُورةُ كذا وكذا وسوادُها إِلى مَا حَوالَيْ قَصَبَتِها وفُسْطاطِها مِنْ قُراها ورَساتيقِها. وسوادُ الكوفةِ والبَصْرَة: قُراهُما. والسَّوادُ والأَسْوِداتُ والأَساوِدُ: جَماعةٌ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: هُم الضُّروبُ المتفرِّقُون. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه قَالَ لِعُمَرَ، رضي الله عنه: انْظُرْ إِلى هَؤُلَاءِ الأَساوِدِ حَوْلَكَ

أَي الجماعاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ. وَيُقَالُ: مَرَّتْ بِنَا أَساودُ مِنَ الناسِ وأَسْوِداتٌ كأَنها جُمَعُ أَسْوِدَةٍ، وَهِيَ جمعُ قِلَّةٍ لسَوادٍ، وَهُوَ الشَّخْصُ لأَنه يُرَى مِنْ بعيدٍ أَسْوَدَ. والسوادُ: الشَّخْصُ؛ وَصَرَّحَ أَبو عُبَيْدٍ بأَنه شَخْصُ كلِّ شَيْءٍ مِنْ مَتَاعٍ وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ أَسْودةٌ، وأَساوِدُ جمعُ الجمعِ. وَيُقَالُ: رأَيتُ سَوادَ القومِ أَي مُعْظَمَهم. وسوادُ العسكرِ: مَا يَشتملُ عَلَيْهِ مِنَ المضاربِ وَالْآلَاتِ والدوابِّ وغيرِها. وَيُقَالُ: مَرَّتْ بِنَا أَسْوِداتٌ مِنَ النَّاسِ وأَساوِدُ أَي جماعاتٌ. والسَّوادُ الأَعظمُ مِنَ النَّاسِ: هُمُ الجمهورُ الأَعْظمُ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ تَجمعوا عَلَى طَاعَةِ الإِمام وَهُوَ السُّلْطَانُ. وسَوادُ الأَمير: ثَقَلُه. ولفلانٍ سَوادٌ أَي مَالٌ كثيرٌ. والسِّوادُ: السِّرارُ، وسادَ الرجلُ سَوْداً وساوَدَه سِواداً، كِلَاهُمَا: سارَّه فأَدْنى سوادَه مِنْ سَوادِه، وَالِاسْمُ السِّوادُ والسُّوادُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَلِكَ أَطلقه أَبو عُبَيْدٍ، قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي أَن السِّوادَ مَصْدَرُ ساوَد وأَن السُّوادَ الِاسْمُ كَمَا تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مِزاحٍ ومُزاحٍ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ: أُذُنَكَ عَلَى أَن تَرْفَعَ الْحِجَابَ وتَسْمَعَ سِوادِي حَتَّى أَنهاك

؛ قَالَ الأَصمَعي: السِّوادُ، بِكَسْرِ السِّينِ، السِّرارُ، يُقَالُ مِنْهُ: ساوَدْتُه مُساودَة وسِواداً إِذا سارَرْتَه، قَالَ: وَلَمْ نَعْرِفْها بِرَفْع السِّينِ سُواداً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ جِوارٍ وجُوارٍ، فالجُوارُ الاسمُ والجِوارُ المصدرُ. قَالَ: وَقَالَ الأَحمر: هُوَ مِنْ إِدْناء سَوادِكَ مِنْ سَوادِه وَهُوَ الشخْص أَي شخْصِكَ مِنْ شَخْصِهِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مِنَ السِّرارِ لأَنَّ السِّرارَ لَا يَكُونُ إِلا مِنَ إِدْناءِ السَّوادِ؛ وأَنشد الأَحمر:

مَن يَكُنْ في السِّوادِ والدَّدِ والإِعْرامِ

زِيرًا، فإِنني غيرُ زِيرِ

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِمْ لَا يُزايِلُ سَوادي بَياضَكَ: قَالَ الأَصمعي مَعْنَاهُ لَا يُزايِلُ شَخْصِي شخصَكَ. السَّوادُ عِنْدَ الْعَرَبِ: الشخصُ، وَكَذَلِكَ البياضُ. وَقِيلَ لابنَةِ الخُسِّ: مَا أَزناكِ؟ أَو قِيلَ لَهَا: لِمَ حَمَلْتِ؟ أَو قِيلَ لَهَا: لِمَ زَنَيْتِ وأَنتِ سيِّدَةُ قَوْمِكِ؟ فَقَالَتْ: قُرْبُ الوِساد، وطُولُ السِّواد؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السِّوادُ هُنَا المُسارَّةُ، وَقِيلَ: المُراوَدَةُ، وَقِيلَ: الجِماعُ بِعَيْنِهِ، وَكُلُّهُ مِنَ السَّوادِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْبَيَاضِ. وَفِي حَدِيثِ

سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ يَعُودُهُ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: لَا أَبكي خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ أَو حُزْنًا عَلَى الدُّنْيَا، فَقَالَ: مَا يُبْكِيك؟ فَقَالَ: عَهِد إِلينا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، ليَكْف أَحدَكم مثلُ زَادِ الرَّاكِبِ

ص: 225

وَهَذِهِ الأَساوِدُ حَوْلي؛ قَالَ: وَمَا حَوْلَه إِلَّا مِطْهَرَةٌ وإِجَّانَةٌ وجَفْنَةٌ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد بالأَساودِ الشخوصَ مِنَ الْمَتَاعِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، وكلُّ شَخْصٍ مِنْ مَتَاعٍ أَو إِنسان أَو غيرِه: سوادٌ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يُريدَ بالأَساودِ الحياتِ، جَمْعَ أَسودَ، شَبَّهَها بِهَا لاسْتضرارِه بِمَكَانِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا رأَى أَحدكم سَوَادًا بِلَيْلٍ فَلَا يَكُنْ أَجْبنَ السَّوادَينِ فإِنه يخافُك كَمَا تخافُه

أَي شَخْصًا. قَالَ: وَجَمْعُ السَّوادِ أَسوِدةٌ ثُمَّ الأَساودُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وأَنشد الأَعشى:

تناهَيْتُمُ عَنَّا، وَقَدْ كَانَ فيكُمُ

أَساوِدُ صَرْعَى، لم يُسَوَّدْ قَتِيلها

يَعْنِي بالأَساوِدِ شُخوصَ القَتْلى. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَجَاءَ بعُودٍ وجاءَ بِبَعرةٍ حَتَّى زَعَمُوا فَصَارَ سَوَادًا

أَي شَخْصًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

وَجَعَلُوا سَواداً حَيْساً

أَي شَيْئًا مُجْتَمِعًا يَعْنِي الأَزْوِدَة. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا رأَيتم الِاخْتِلَافَ فَعَلَيْكُمْ بالسَّواد الأَعظم

؛ قِيلَ: السَّوَادُ الأَعظمُ جُمْلَة النَّاسِ ومُعْظَمُهم الَّتِي اجْتَمَعَتْ عَلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ وَسُلُوكِ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ؛ وَقِيلَ: الَّتِي اجْتَمَعَتْ عَلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ وبَخِعَت لَهَا، بَرّاً كَانَ أَو فَاجِرًا، مَا أَقام الصلاةَ؛ وَقِيلَ لأَنَس: أَين الْجَمَاعَةُ؟ فَقَالَ: مَعَ أُمرائكم. والأَسْوَدُ: العظيمُ مِنَ الحيَّات وَفِيهِ سوادٌ، وَالْجَمْعُ أَسْوَدات وأَساوِدُ وأَساويدُ، غَلَبَ غَلَبَةَ الأَسماء، والأُنثى أَسْوَدَة نادرٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِ الأَسود أَساوِد قَالَ: لأَنه اسْمٌ وَلَوْ كَانَ صِفَةً لَجُمِع عَلَى فُعْلٍ. يُقَالُ: أَسْوَدُ سالِخٌ غَيْرُ مُضَافٍ، والأُنثى أَسْوَدَة ولا توصف بسالخةٍ.

وَقَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم، حِينَ ذَكَرَ الفِتَنَ: لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساوِدَ صُبّاً يَضِربُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

؛ قَالَ الزُّهْرِيُّ: الأَساودُ الحياتُ؛ يَقُولُ: يَنْصَبُّ بِالسَّيْفِ عَلَى رأْس صاحِبِه كَمَا تفعلُ الحيةُ إِذا ارْتَفَعَتْ فَلَسعت مَنْ فَوْقُ، وإِنما قِيلَ للأَسود أَسْودُ سالِخٌ لأَنه يَسْلُخُ جِلْدَه فِي كلِّ عَامٍ؛ وأَما الأَرقم فَهُوَ الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ الَّذِي لَهُ خَطَّان أَسودان. قَالَ شَمِر: الأَسودُ أَخْبثُ الْحَيَّاتِ وأَعظمها وأَنكاها وَهِيَ مِنَ الصِّفَةِ الْغَالِبَةِ حَتَّى استُعْمِل استِعْمال الأَسماءِ وجُمِعَ جَمْعَها، وَلَيْسَ شيءٌ مِنَ الْحَيَّاتِ أَجْرَأَ مِنْهُ، وَرُبَّمَا عَارَضَ الرُّفْقَةَ وتَبَعَ [تَبِعَ] الصَّوْتَ، وَهُوَ الَّذِي يطلُبُ بالذَّحْلِ وَلَا يَنْجُو سَلِيمُه، وَيُقَالُ: هَذَا أَسود غَيْرُ مُجْرًى؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد بِقَوْلِهِ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساوِدَ صُبّاً يَعْنِي جماعاتٍ، وَهِيَ جَمْعُ سوادٍ مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَةٌ ثُمَّ أَسْوِدَة، ثُمَّ أَساوِدُ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه أَمر بِقَتْلِ الأَسوَدَين فِي الصَّلَاةِ

؛ قَالَ شَمِر: أَراد بالأَسْوَدَينِ الحيةَ والعقربَ. والأَسْوَدان: التَّمْرُ وَالْمَاءُ، وَقِيلَ: الْمَاءُ وَاللَّبَنُ وَجَعَلَهُمَا بَعْضُ الرُّجَّاز الماءَ والفَثَّ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْبَقْلِ يُختَبَزُ فَيُؤْكَلُ؛ قَالَ:

الأَسْودانِ أَبرَدا عِظامي،

الماءُ والفَثُّ دَوا أَسقامي

والأَسْودانِ: الحَرَّةُ وَاللَّيْلُ لاسْوِدادهما، وضافَ مُزَبِّداً المَدَنيَّ قومٌ فَقَالَ لَهُمْ: مَا لَكَمَ عِنْدَنَا إِلا الأَسْوَدانِ فَقَالُوا: إِن فِي ذَلِكَ لمَقْنَعا التَّمْرِ والماءِ، فَقَالَ: مَا ذَاكَ عَنَيْتُ إِنما أَردت الحَرَّةَ وَاللَّيْلَ. فأَما قَوْلُ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: لَقَدْ رأَيْتُنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلا الأَسْودان

؛ فَفَسَّرَهُ أَهل اللُّغَةِ بأَنه التَّمْرُ والماءُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها إِنما أَرادت الْحَرَّةَ والليلَ، وَذَلِكَ أَن وُجُودَ التَّمْرِ وَالْمَاءِ عِنْدَهُمْ شِبَعٌ ورِيٌ

ص: 226

وخِصْبٌ لَا شِصْبٌ، وإِنما أَرادت عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَن تُبَالِغَ فِي شِدَّةِ الْحَالِ وتَنْتَهيَ فِي ذَلِكَ بأَن لَا يَكُونَ مَعَهَا إِلا الْحَرَّةُ وَاللَّيْلُ أَذْهَبَ فِي سُوءِ الْحَالِ مِنْ وُجُودِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

أَلا إِنني شَرِبتُ أَسوَدَ حالِكاً،

أَلا بَجَلي مِنَ الشرابِ، أَلا بَجَلْ

قَالَ: أَراد الْمَاءَ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَقِيلَ أَراد سُقِيتُ سُمَّ أَسوَدَ. قَالَ الأَصمعي والأَحمر: الأَسودان الْمَاءُ وَالتَّمْرُ، وإِنما الأَسود التَّمْرُ دُونَ الماءِ وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى تَمْرِ الْمَدِينَةِ، فأُضيف الماءُ إِليه وَنُعِتَا جَمِيعًا بِنَعْتٍ وَاحِدٍ إِتباعاً، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الشَّيْئَيْنِ يُصْطَحَبَانِ يُسَمَّيان مَعًا بِالِاسْمِ الأَشهر مِنْهُمَا كَمَا قَالُوا العُمَران لأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالْقَمَرَانِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. والوَطْأَة السَّوْداءُ: الدارسة، وَالْحَمْرَاءُ: الْجَدِيدَةُ. وَمَا ذُقْتُ عِنْدَهُ مِنْ سُوَيْدٍ قَطْرَةً، وَمَا سَقَاهُمْ مِنْ سُوَيْدٍ قَطْرةً، وَهُوَ الماءُ نَفْسُهُ لَا يُسْتَعْمَلُ كَذَا إِلا فِي النَّفْيِ. وَيُقَالُ للأَعداءِ: سُودُ الأَكباد؛ قَالَ:

فَمَا أَجْشَمْتُ مِنْ إِتْيان قَوْمٍ،

هُمُ الأَعداءُ فالأَكبادُ سُودُ

وَيُقَالُ للأَعداء: صُهْبُ السِّبال وَسُودُ الأَكباد، وإِن لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ يُقَالُ لَهُمْ. وسَواد الْقَلْبِ وسَوادِيُّه وأَسْوَده وسَوْداؤُه: حَبَّتُه، وَقِيلَ: دَمُهُ. يُقَالُ: رَمَيْتُهُ فأَصبت سَوَادَ قَلْبِهِ؛ وإِذا صَغَّروه رَدُّوهُ إِلى سُوَيْداء، وَلَا يَقُولُونَ سَوْداء قَلْبه، كَمَا يَقُولُونَ حَلَّق الطَّائِرُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَفِي كُبَيْد السَّمَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فأَمر بِسَوَادِ البَطن فشُوِيَ لَهُ الْكَبِدُ.

والسُّوَيْداءُ: الاسْت. والسَّوَيْداء: حَبَّةُ الشُّونيز؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصَّوَابُ الشِّينِيز. قَالَ: كَذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ الْحَبَّةَ الْخَضْرَاءَ لأَن الْعَرَبَ تُسَمِّي الأَسود أَخضر والأَخضر أَسود. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا مِنْ داءٍ إِلا فِي الْحَبَّةِ السوداءِ لَهُ شِفَاءٌ إِلا السَّامُ

؛ أَراد بِهِ الشُّونِيزَ. والسَّوْدُ: سَفْحٌ مِنَ الْجَبَلِ مُسْتَدِقٌّ فِي الأَرض خَشِنٌ أَسود، وَالْجَمْعُ أَسوادٌ، والقِطْعَةُ مِنْهُ سَوْدةٌ وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة سَوْدَةَ. اللَّيْثُ: السَّوْدُ سَفْحٌ مُسْتَوٍ بالأَرض كَثِيرُ الْحِجَارَةِ خَشِنُهَا، وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا أَلوان السَّوَادِ وَقَلَّمَا يَكُونُ إِلا عِنْدَ جَبَلٍ فِيهِ مَعْدِن؛ والسَّود، بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، فِي شِعْرِ خِدَاشِ بْنِ زُهَيْرٍ:

لَهُمْ حَبَقٌ، والسَّوْدُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ،

يَدِي لكُمُ، والزائراتِ المُحَصَّبا

هُوَ جِبَالُ قَيْسٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَوَاهُ الجرميُّ يَدِي لَكُمْ، بإِسكان الياءِ عَلَى الإِفراد وَقَالَ: مَعْنَاهُ يَدَيَّ لَكُمْ رَهْنٌ بالوفاءِ، وَرَوَاهُ غيرهُ يُديَّ لَكُمْ جَمْعُ يَدٍّ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

فَلَنْ أَذكُرَ النُّعمانَ إِلا بِصَالِحٍ،

فإِن لَهُ عِنْدِي يُدِيّاً وأَنعُما

وَرَوَاهُ أَبو شَرِيكٍ وَغَيْرُهُ: يَديّ بكم مثنى بالياءِ بَدَلَ اللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الأَكثر فِي الرِّوَايَةِ أَي أَوقع اللَّهُ يَدَيَّ بِكُمْ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي مِجْلَزٍ: وَخَرَجَ إِلى الْجُمُعَةِ وَفِي الطَّرِيقِ عَذِرات يَابِسَةٌ فَجَعَلَ يَتَخَطَّاهَا وَيَقُولُ: مَا هَذِهِ الأَسْوَدات؟

هِيَ جَمْعُ سَوْداتٍ، وسَوْداتٌ جَمْعُ سودةٍ، وَهِيَ القِطعة مِنَ الأَرض فِيهَا حِجَارَةٌ سُودٌ خَشِنَةٌ، شَبَّهَ العَذِرةَ الْيَابِسَةَ بِالْحِجَارَةِ السُّودِ. والسَّوادِيُّ: السُّهْريزُ. والسُّوادُ: وجَع يأْخُذُ الْكَبِدَ مِنْ أَكل التَّمْرِ وَرُبَّمَا

ص: 227

قَتل، وَقَدْ سُئِدَ. وماءٌ مَسْوَدَةٌ يأْخذ عَلَيْهِ السُّوادُ، وَقَدْ سادَ يسودُ: شَرِبَ المَسْوَدَةَ. وسَوَّدَ الإِبل تَسْوِيدًا إِذا دَقَّ المِسْحَ الباليَ مِنْ شَعَر فَدَاوَى بِهِ أَدْبارَها، يَعْنِي جَمْعَ دَبَر؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. والسُّودَدُ: الشَّرَفُ، مَعْرُوفٌ، وَقَدْ يُهْمَز وتُضم الدَّالُ، طَائِيَّةٌ. الأَزهري: السُّؤدُدُ، بِضَمِّ الدَّالِ الأُولى، لغة طيء؛ وَقَدْ سَادَهُمْ سُوداً وسُودُداً وسِيادةً وسَيْدُودة، وَاسْتَادَهُمْ كَسَادَهُمْ وسوَّدهم هُوَ. والمسُودُ: الَّذِي سَادَهُ غَيْرُهُ. والمُسَوَّدُ: السَّيّدُ. وَفِي حَدِيثِ

قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: اتقوا الله وسَوِّدوا أَكبَرَكم.

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: مَا رأَيت بَعْدَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ؛ قِيلَ: وَلَا عُمَر؟ قَالَ: كَانَ عُمَرُ خَيْرًا مِنْهُ، وَكَانَ هُوَ أَسودَ مِنْ عُمَرَ

؛ قِيلَ: أَراد أَسخى وأَعطى لِلْمَالِ، وَقِيلَ: أَحلم مِنْهُ. قَالَ: والسَّيِّدُ يُطْلَقُ عَلَى الرَّبِّ وَالْمَالِكِ وَالشَّرِيفِ وَالْفَاضِلِ وَالْكَرِيمِ وَالْحَلِيمِ ومُحْتَمِل أَذى قَوْمِهِ وَالزَّوْجِ وَالرَّئِيسِ والمقدَّم، وأَصله مِنْ سادَ يَسُودُ فَهُوَ سَيْوِد، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لأَجل الياءِ السَّاكِنَةِ قَبْلَهَا ثُمَّ أُدغمت. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّداً، فَهُوَ إِن كَانَ سَيِّدَكم وَهُوَ مُنَافِقٌ، فَحَالُكُمْ دُونَ حَالِهِ وَاللَّهُ لَا يَرْضَى لَكُمْ ذَلِكَ.

أَبو زَيْدٍ: اسْتادَ القومُ اسْتِياداً إِذا قَتَلُوا سَيِّدَهُمْ أَو خَطَبُوا إِليه. ابْنُ الأَعرابي: اسْتَادَ فُلَانٌ فِي بَنِي فُلَانٍ إِذا تَزَوَّجَ سَيِّدَةً مِنْ عَقَائِلِهِمْ. وَاسْتَادَ الْقَوْمُ بَنِي فُلَانٍ: قَتَلُوا سَيِّدَهُمْ أَو أَسروه أَو خَطَبُوا إِليه. واستادَ القومَ وَاسْتَادَ فِيهِمْ: خَطَبَ فِيهِمْ سَيِّدَةً؛ قَالَ:

تَمنَّى ابنُ كُوزٍ، والسَّفاهةُ كاسْمِها،

لِيَسْتادَ مِنا أَن شَتَوْنا لَيالِيا

أَي أَراد يتزوجُ مِنَّا سَيِّدَةً لأَن أَصابتنا سَنَةٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه: تَفَقَّهوا قَبْلَ أَن تُسَوَّدوا

؛ قَالَ شَمِر: مَعْنَاهُ تعلَّموا الْفِقْهَ قَبْلَ أَن تُزَوَّجوا فَتَصِيرُوا أَرباب بُيُوتٍ فَتُشْغَلوا بِالزَّوَاجِ عَنِ الْعِلْمِ، مِنْ قَوْلِهِمُ اسْتَادَ الرجلُ، يَقُولُ: إِذا تَزوّج فِي سَادَةٍ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَقُولُ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ مَا دُمْتُمْ صِغاراً قَبْلَ أَن تَصِيرُوا سادَةً رُؤَساءَ مَنْظُورًا إِليهم، فإِن لَمْ تَعَلَّموا قَبْلَ ذَلِكَ اسْتَحَيْتُمْ أَن تَعَلَّموا بَعْدَ الْكِبَرِ، فبقِيتم جُهَّالًا تأْخذونه مِنَ الأَصاغر، فَيُزْرِي ذَلِكَ بِكُمْ؛ وَهَذَا شَبِيهٌ بِحَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَخذوا الْعِلْمَ عَنْ أَكابرهم، فإِذا أَتاهم مِنْ أَصاغرهم فَقَدْ هَلَكُوا

، والأَكابر أَوْفَرُ الأَسنان والأَصاغرُ الأَحْداث؛ وَقِيلَ: الأَكابر أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، والأَصاغر مَنْ بَعْدَهم مِنَ التَّابِعِينَ؛ وَقِيلَ: الأَكابر أَهل السُّنَّةِ والأَصاغر أَهل الْبِدَعِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَا أُرى عَبْدَ اللَّهِ أَراد إِلا هَذَا. والسَّيِّدُ: الرَّئِيسُ؛ وَقَالَ كُراع: وَجَمْعُهُ سادةٌ، ونظَّره بقَيِّم وَقَامَةٍ وعَيِّل وعالةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن سَادَةً جَمْعُ سَائِدٍ عَلَى مَا يَكْثُرُ فِي هَذَا النَّحْوِ، وأَما قامةٌ وعالةٌ فجمْع قَائِمٍ وَعَائِلٍ لَا جمعُ قَيِّمٍ وعيِّلٍ كَمَا زَعَمَ هُوَ، وَذَلِكَ لأَنَّ فَعِيلًا لَا يُجْمَع عَلَى فَعَلةٍ إِنما بَابُهُ الْوَاوُ وَالنُّونُ، وَرُبَّمَا كُسِّر مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى غَيْرِ فَعَلة كأَموات وأَهْوِناء؛ وَاسْتَعْمَلَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ السَّيِّدَ لِلْجِنِّ فَقَالَ:

جِنٌّ هَتَفْنَ بليلٍ،

يَنْدُبْنَ سَيِّدَهُنَّهْ

قَالَ الأَخفش: هَذَا الْبَيْتُ مَعْرُوفٌ مِنْ شِعْرِ الْعَرَبِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنه مِنْ شِعْرِ الْوَلِيدِ وَالَّذِي زَعَمَ ذَلِكَ أَيضاً. «2» .... ابْنُ شُمَيْلٍ: السَّيِّدُ الذي فاق غيره

(2). بياض بالأَصل المعول عليه قبل ابن شميل بقدر ثلاث كلمات

ص: 228

بِالْعَقْلِ وَالْمَالِ وَالدَّفْعِ وَالنَّفْعِ، المعطي مَالَهُ فِي حُقُوقِهِ الْمُعِينُ بِنَفْسِهِ، فَذَلِكَ السَّيِّدُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: السَّيِّدُ الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ غَضَبه. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الْعَابِدُ الوَرِع الْحَلِيمُ. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: سُمِّيَ سَيِّدًا لأَنه يَسُودُ سَوَادَ النَّاسِ أَي عُظْمهم. الأَصمعي: الْعَرَبُ تَقُولُ: السَّيِّدُ كُلُّ مَقْهور مَغْمُور بِحُلْمِهِ، وَقِيلَ: السَّيِّدُ الْكَرِيمُ. وَرَوَى

مُطَرِّفٌ عَنْ أَبيه قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَنت سَيِّدُ قُرَيْشٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: السيدُ اللَّهُ، فَقَالَ: أَنت أَفضلُها قَوْلًا وأَعْظَمُها فِيهَا طَوْلًا، فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: لِيَقُلْ أَحدكم بِقَوْلِهِ وَلَا يَسْتَجْرِئَنَّكُم

؛ معناهُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ السِّيَادَةُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كَرِهَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يُمْدَحَ فِي وَجْهِهِ وأَحَبَّ التَّواضع لِلَّهِ تَعَالَى، وجَعَلَ السِّيَادَةَ لِلَّذِي سَادَ الْخَلْقَ أَجمعين، وَلَيْسَ هَذَا بِمُخَالِفٍ

لِقَوْلِهِ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ حِينَ قَالَ لِقَوْمِهِ الأَنصار: قُومُوا إِلى سَيِّدِكُمْ

، أَراد أَنه أَفضلكم رَجُلًا وأَكرمكم، وأَما صِفَةُ اللَّهِ، جَلَّ ذِكْرُهُ، بِالسَّيِّدِ فَمَعْنَاهُ أَنه مَالِكُ الْخَلْقِ وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ عُبَيْدُهُ، وَكَذَلِكَ

قَوْلُهُ: أَنا سيّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ

، أَراد أَنه أَوَّل شَفِيعٍ وأَول مَنْ يُفتح لَهُ بَابُ الْجَنَّةِ، قَالَ ذَلِكَ إِخباراً عَمَّا أَكرمه اللَّهُ بِهِ من الفضل والسودد، وتحدُّثاً بِنِعْمَةِ اللَّهِ عِنْدَهُ، وإِعلاماً مِنْهُ لِيَكُونَ إِيمانهم بِهِ عَلَى حَسَبهِ ومُوجَبهِ، وَلِهَذَا أَتبعه بِقَوْلِهِ وَلَا فَخْرَ أَي أَن هَذِهِ الْفَضِيلَةَ الَّتِي نِلْتُهَا كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ، لَمْ أَنلها مِنْ قِبَلِ نَفْسِي وَلَا بَلَغْتُهَا بقوَّتي، فَلَيْسَ لِي أَن أَفْتَخِرَ بِهَا؛ وَقِيلَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ لَهُمْ

لَمَّا قَالُوا لَهُ أَنت سَيِّدُنا: قُولُوا بِقَوْلِكُم

أَي ادْعوني نَبِيًّا وَرَسُولًا كَمَا سَمَّانِي اللَّهُ، وَلَا تُسَمُّوني سَيِّداً كَمَا تُسَمُّونَ رؤَساءكم، فإِني لَسْتُ كأَحدهم مِمَّنْ يَسُودُكُمْ فِي أَسباب الدُّنْيَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

يَا رسولَ اللَّهِ مَنِ السيِّد؟ قَالَ: يوسفُ بن إِسحقَ بْنِ يعقوبَ بْنِ إِبراهيم، عليه السلام، قَالُوا: فَمَا فِي أُمَّتِك مِنْ سَيِّدٍ؟ قَالَ: بَلَى مَنْ أَتَاهُ اللَّهُ مَالًا ورُزِقَ سَماحَةً، فأَدّى شُكْرَهُ وقلَّتْ شِكايَتهُ فِي النَّاس.

وَفِي الْحَدِيثِ:

كُلُّ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، فَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهل بَيْتِهِ، والمرأَة سَيِّدَةُ أَهل بَيْتِهَا.

وَفِي حَدِيثِهِ للأَنصار

قَالَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ؟ قَالُوا: الجَدُّ بنُ قَيس عَلَى أَنا نُبَخِّلُه، قَالَ: وأَي داءٍ أَدْوى مِنَ الْبُخْلِ؟

وَفِي الْحَدِيثِ

أَنه قَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رضي الله عنهما: إِن ابْني هَذَا سيدٌ

؛ قِيلَ: أَراد بِهِ الحَليم لأَنه قَالَ فِي تَمَامِهِ:

وإِن اللَّهَ يُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَفِي حَدِيثٍ:

قَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: انْظُرُوا إِلى سَيِّدِنَا هَذَا مَا يَقُولُ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ الْخَطَّابِيُّ. وَقِيلَ: انْظُرُوا إِلى مَنْ سَوَّدْناه عَلَى قَوْمِهِ ورأَّسْناه عَلَيْهِمْ كَمَا يَقُولُ السلطانُ الأَعظم: فُلَانٌ أَميرُنا قائدُنا أَي مَنْ أَمَّرناه عَلَى النَّاسِ وَرَتَّبْنَاهُ لقَوْد الْجُيُوشِ. وَفِي رِوَايَةٍ: انْظُرُوا إِلى سَيِّدِكُمْ أَي مُقَدَّمِكُم. وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى يَحْيَى سَيِّدًا وَحَصُورًا؛ أَراد أَنه فَاقَ غَيْرَهُ عِفَّة وَنَزَاهَةً عَنِ الذُّنُوبِ. الْفَرَّاءُ: السَّيِّدُ الْمَلِكُ وَالسَّيِّدُ الرَّئِيسُ وَالسَّيِّدُ السخيُّ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ مَوْلَاهُ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالْهَاءِ. وَسَيِّدُ المرأَة: زَوْجُهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ

؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَنَظُنُّ ذَلِكَ مِمَّا أَحدثه النَّاسِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا عِنْدِي فَاحِشٌ، كَيْفَ يَكُونُ فِي الْقُرْآنِ ثُمَّ يَقُولُ اللِّحْيَانِيُّ: وَنَظُنُّهُ مِمَّا أَحدثه النَّاسُ؛ إِلا أَن تَكُونَ مُراوِدَةُ يُوسُفَ مَمْلُوكَةً؛ فإِن قُلْتَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَهُوَ يَقُولُ: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ؟ فَهِيَ إِذاً حُرَّةٌ، فإِنه «1» . قد

(1). قوله [فإنه إلخ] كذا بالأَصل المعوّل عليه ولعله سقط من قلم مبيض مسودة المؤلف قلت لا ورود فإنه إلخ أو نحو ذلك والخطب سهل

ص: 229

يَجُوزُ أَن تَكُونَ مَمْلُوكَةً ثُمَّ يُعْتِقُها وَيَتَزَوَّجَهَا بَعْدُ كَمَا نَفْعَلُ نَحْنُ ذَلِكَ كَثِيرًا بأُمهات الأَولاد؛ قَالَ الأَعشى:

فكنتَ الخليفةَ مِنْ بَعْلِها،

وسَيِّدَتِيَّا، ومُسْتادَها

أَي مِنْ بَعْلِهَا، فَكَيْفَ يَقُولُ الأَعشى هَذَا وَيَقُولُ اللِّحْيَانِيُّ بَعْدُ: إِنَّا نَظُنُّهُ مِمَّا أَحدثه النَّاسُ؟ التَّهْذِيبُ: وأَلفيا سَيِّدَهَا مَعْنَاهُ أَلفيا زَوْجَهَا، يُقَالُ: هُوَ سَيِّدُهَا وَبَعْلُهَا أَي زَوْجُهَا. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَن امرأَة سأَلتها عَنِ الْخِضَابِ فَقَالَتْ: كَانَ سَيِّدِي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَكْرَهُ رِيحَهُ

؛ أَرادت مَعْنَى السِّيَادَةَ تَعْظِيمًا لَهُ أَو مَلِكِ الزَّوْجِيَّةِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أُم الدَّرْدَاءِ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَبو الدَّرْدَاءِ.

أَبو مَالِكٍ: السَّوادُ الْمَالُ والسَّوادُ الْحَدِيثُ وَالسَّوَادُ صُفْرَةٌ فِي اللَّوْنِ وَخُضْرَةٌ فِي الظُّفْرِ تُصِيبُ الْقَوْمَ مِنَ الْمَاءِ الملح؛ وأَنشد:

فإِنْ أَنتُمُ لَمْ تَثْأَرُوا وتسَوِّدوا،

فَكُونُوا نَعَايَا فِي الأَكُفِّ عِيابُها «1»

يَعْنِي عَيْبَةَ الثِّيَابِ؛ قَالَ: تُسَوِّدُوا تَقْتلُوا. وسيِّد كلِّ شَيْءٍ: أَشرفُه وأَرفَعُه؛ وَاسْتَعْمَلَ أَبو إِسحق الزَّجَّاجُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ: لأَنه سَيِّدُ الْكَلَامِ نَتْلُوهُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَسَيِّداً وَحَصُوراً

، السَّيِّدُ: الَّذِي يَفُوقُ فِي الْخَيْرِ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: إِن قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ سَمَّى اللَّهُ، عز وجل، يَحْيَى سَيِّدًا وَحَصُورًا، وَالسَّيِّدُ هُوَ اللَّهُ إِذ كَانَ مَالِكَ الْخَلْقِ أَجمعين وَلَا مَالِكَ لَهُمْ سِوَاهُ؟ قِيلَ لَهُ: لَمْ يُرِد بِالسَّيِّدِ هَاهُنَا الْمَالِكَ وإِنما أَراد الرئيسَ والإِمامَ فِي الْخَيْرِ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ فُلَانٌ سَيِّدُنَا أَي رَئِيسُنَا وَالَّذِي نُعَظِّمُهُ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:

سَوَّارُ سيِّدُنا وسَيِّدُ غيرِنا،

صَدْقُ الْحَدِيثِ فَلَيْسَ فِيهِ تَماري

وسادَ قومَه يَسُودُهم سيادَةً وسُوْدَداً وسَيْدُودَةً، فَهُوَ سيِّدٌ، وَهُمْ سادَةٌ، تَقْدِيرُهُ فَعَلَةٌ، بِالتَّحْرِيكِ، لأَن تَقْدِيرَ سَيِّدٍ فَعْيِلٌ، وَهُوَ مِثْلُ سَرِيٍّ وسَراةٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنه يُجمعُ عَلَى سيائدَ، بِالْهَمْزِ، مثلَ أَفيل وأَفائلَ وتَبيعٍ وتَبائعَ؛ وَقَالَ أَهل الْبَصْرَةِ: تَقْدِيرُ سَيِّدٍ فَيْعِلٌ وجُمِعَ عَلَى فَعَلَةٍ كأَنهم جَمَعُوا سَائِدًا، مِثلَ قائدٍ وقادةٍ وذائدٍ وذادةٍ؛ وَقَالُوا: إِنما جَمَعَتِ العربُ الجَيِّد والسَّيِّدَ عَلَى جَيائِدَ وسَيائدَ، بِالْهَمْزِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، لأَنّ جَمْعَ فَيْعِلٍ فياعلُ بِلَا هَمْزٍ، وَالدَّالُ فِي سُودَدٍ زائدةٌ للإِلحاق بِبِنَاءِ فُعْلَلٍ، مِثلِ جُندَبٍ وَبُرْقُعٍ. وَتَقُولُ: سَوَّدَه قَوْمُهُ وَهُوَ أَسودُ مِنْ فُلَانٍ أَي أَجلُّ مِنْهُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هَذَا سَيِّدُ قومِه الْيَوْمَ، فإِذا أَخبرت أَنه عَنْ قَلِيلٍ يَكُونُ سيدَهم قُلْتَ: هُوَ سائدُ قومِه عَنْ قَلِيلٍ. وَسَيِّدٌ «2»

وأَساد الرجلُ وأَسْوَدَ بِمَعْنًى أَي وَلدَ غُلَامًا سَيِّدًا؛ وَكَذَلِكَ إِذا وَلَدَ غُلَامًا أَسود اللَّوْنِ. والسَّيِّد مِنَ الْمَعِزِ: المُسِنُّ؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ. قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

ثَنِيٌّ مِنَ الضأْن خَيْرٌ مِنَ السَّيِّدِ مِنَ الْمَعِزِ

؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

سَوَاءٌ عَلَيْهِ: شاةُ عامٍ دَنَتْ لَهُ

لِيَذْبَحَها لِلضَّيْفِ، أَم شاةُ سَيِّدِ

كَذَا رَوَاهُ أَبو عَلِيٍّ عَنْهُ؛ المُسِنُّ مِنَ الْمَعِزِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُسِنُّ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَلِيلُ وإِن لَمْ يَكُنْ مُسِنًّا. وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَن جِبْرِيلَ قَالَ لِي: اعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ أَن ثَنْيَةً مِنَ الضأْن خَيْرٌ مِنَ السيِّد مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ

، يدل على أَنه

(1). قوله [فكونوا نعايا] هذا ما في الأَصل المعوّل عليه وفي شرح القاموس بغايا

(2)

. هنا بياض بالأَصل المعوّل عليه.

ص: 230

مَعْمُومٌ بِهِ. قَالَ: وَعِنْدَ أَبي عَلِيٍّ فَعْيِل مِنْ [س ود] قَالَ: وَلَا يمتَنع أَن يَكُونَ فَعِّلًا مِنَ السَّيِّد إِلا أَن السيدَ لَا مَعْنَى لَهُ هَاهُنَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بِكَبْشٍ يطَأُ فِي سَوَادٍ وينْظرُ فِي سَوَادٍ ويَبْرُكُ فِي سَوَادٍ لِيُضَحِّيَ بِهِ

؛ قَوْلُهُ: يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، أَراد أَنَّ حَدَقَتَهُ سَوْدَاءُ لأَن إِنسان الْعَيْنِ فِيهَا؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:

وَعَنْ نَجْلاءَ تَدْمَعُ فِي بياضٍ،

إِذا دَمَعَتْ وتَنظُرُ فِي سوادِ

قَوْلُهُ: تَدْمَعُ فِي بَيَاضٍ وَتَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، يُرِيدُ أَن دُمُوعَهَا تَسِيلُ عَلَى خدٍّ أَبيض وَنَظَرَهَا مِنْ حَدَقَةٍ سَوْدَاءَ، يُرِيدُ أَنه أَسوَدُ الْقَوَائِمِ «1» ، ويَبْرُك فِي سَوَادٍ يُرِيدُ أَن مَا يَلِي الأَرض مِنْهُ إِذا بَرَكَ أَسْودُ؛ وَالْمَعْنَى أَنه أَسود الْقَوَائِمِ والمَرابض وَالْمَحَاجِرِ. الأَصمعيُّ: يُقَالُ جاءَ فُلَانٌ بِغَنَمَهِ سُودَ الْبُطُونِ، وجاءَ بِهَا حُمرَ الكُلَى؛ مَعْنَاهُمَا مهازِيل. والحمارُ الوحْشِيُّ سَيِّد عانَته، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِذا كَثُرَ الْبَيَاضُ قلَّ السَّوَادُ؛ يَعْنُونَ بِالْبَيَاضِ اللَّبَنَ وَبِالسَّوَادِ التَّمْرَ؛ وَكُلُّ عَامٍ يَكْثُرُ فِيهِ الرِّسْلُ يَقِلُّ فِيهِ التَّمْرُ. وَفِي الْمَثَلِ: قَالَ لِي الشَّرُّ أَقِمْ سوادَك أَي اصْبِرْ. وأُمُّ سُويْدٍ: هِيَ الطِّبِّيجَةُ. والمِسْأَدُ: نِحْيُ السَّمْنِ أَو الْعَسَلِ، يُهْمَز وَلَا يُهمز، فَيُقَالُ مِسادٌ، فإِذا هُمِزَ، فَهُوَ مِفْعَلٌ، وإِذا لم يُهْمَز، فهو فِعَالٌ؛ وَيُقَالُ: رَمَى فُلَانٌ بِسَهْمِهِ الأَسودِ وَبِسَهْمِهِ المُدْمَى وَهُوَ السَّهْمُ الَّذِي رُمِيَ بِهِ فأَصاب الرمِيَّةَ حَتَّى اسْوَدَّ مِنَ الدَّمِ وَهُمْ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرَ:

قالَتْ خُلَيْدَةُ لمَّا جِئْتُ زائِرَها:

هَلَّا رَمَيْتَ ببَعْضِ الأَسْهُمِ السُّودِ؟

قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد بالأَسهم السُّودِ هَاهُنَا النُّشَّابَ، وَقِيلَ: هِيَ سِهَامُ القَنَا؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: الَّذِي صَحَّ عِنْدِي فِي هَذَا أَن الجَمُوحَ أَخا بَنِي ظَفَر بَيَّتَ بَنِي لِحْيان فَهُزم أَصحابُه، وَفِي كِنَانَتِهِ نَبْلٌ مُعَلَّمٌ بِسَوَادٍ، فَقَالَتْ لَهُ امرأَته: أَين النَّبْلُ الَّذِي كنتَ تَرْمِي بِهِ؟ فَقَالَ هَذَا الْبَيْتَ: قَالَتْ خُلَيْدَةُ. والسُّودانيَّةُ والسُّودانةُ: طَائِرٌ مِنَ الطَّيْرِ الَّذِي يأْكل الْعِنَبَ وَالْجَرَادَ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهَا السُّوادِيَّةَ. ابْنُ الأَعرابي: المُسَوَّدُ أَن تُؤْخَذَ المُصْرانُ فتُفْصَدَ فِيهَا الناقةُ وتُشَدّ رأْسُها وتُشْوَى وَتُؤْكَلَ. وأَسْوَدُ: اسْمُ جَبَلٍ. وأَسْوَدَةُ: اسْمُ جَبَلٍ آخَرَ. والأَسودُ: عَلَمٌ فِي رأْس جَبَلٍ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:

كَلَّا، يَمِينُ اللَّهِ حَتَّى تُنزِلوا،

مِنْ رأْس شاهقةٍ إِلينا، الأَسْوَدا

وأَسْودُ العَيْنِ: جَبَلٌ؛ قَالَ:

إِذا مَا فَقَدْتُمْ أَسْوَدَ العينِ كنْتُمُ

كِراماً، وأَنتم مَا أَقامَ أَلائِمُ

قَالَ الهَجَرِيُّ: أَسْوَدُ العينِ فِي الجَنُوب مِنْ شُعَبَى. وأَسْوَدَةُ: بِئر. وأَسوَدُ والسَّودُ: مَوْضِعَانِ. والسُّوَيْداء: موضعٌ بالحِجاز. وأَسْوَدُ الدَّم: مَوْضِعٍ؛ قَالَ النابغةُ الْجَعْدِيُّ:

تَبَصَّرْ خَلِيلِي، هَلْ تَرَى مِنْ ظعائنٍ

خَرَجْنَ بِنِصْفِ الليلِ، مِنْ أَسْوَدِ الدَّمِ؟

والسُّوَيْداءُ: طائرٌ. وأَسْودانُ: أَبو قَبِيلَةٍ وَهُوَ نَبْهانُ. وسُوَيْدٌ وسَوادةُ: اسْمَانِ. والأَسْوَدُ: رجل.

سيد: السِّيدُ: الذئبُ، وَيُقَالُ: سِيدُ رمْل، وَفِي لُغَةِ هُذَيْل: الأَسَدُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

كالسِّيدِ ذي اللِّبْدَةِ المُستَأْسِدِ الضَّارِي

(1). قوله [يُرِيدُ أَنَّهُ أَسْوَدُ الْقَوَائِمِ] كذا بالأَصل المعوّل عليه ولعله سقط قبله ويطأ في سواد كما هو واضح

ص: 231