الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً
. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ بِكَ أَعوذ وَبِكَ أَلوذُ
، لَاذَ بِهِ إِذا التجأَ إِليه وَانْضَمَّ وَاسْتَغَاثَ. والمَلاذُ والمَلْوَذَةُ: الحِصن. ولاذَ بِهِ ولاوَذَ وأَلاذَ: امْتَنَعَ. ولاوَذَه لِواذاً: راوَغَهُ. وَقَوْلُهُ عز وجل: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً
، قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى لِوَاذًا هَاهُنَا خِلَافًا أَي يخالفون خلافاً، قَالَ: وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ وَقِيلَ: مَعْنَى يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا، يَلُوذُ هَذَا بِذَا وَيَسْتَتِرُ ذَا بِذَا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
يَلُوذُ بِهِ الهُلَّاكُ
أَي يَسْتَتِرُ بِهِ الْهَالِكُونَ وَيَحْتَمُونَ، وإِنما قَالَ تَعَالَى لِوَاذًا لأَنه مَصْدَرُ لَاوَذْتُ، وَلَوْ كَانَ مَصْدَرًا للُذت لَقُلْتَ لُذْتُ بِهِ لِياذاً، كَمَا تَقُولُ قُمْتُ إِليه قِيَامًا وَقَاوَمْتُكَ قِواماً طَوِيلًا، وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ: وأَنا أَرميكم بطَرْفي وأَنتم تَتَسلَّلُون لِوَاذًا أَي مستخْفين وَمُسْتَتِرِينَ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ، وَهُوَ مَصْدَرُ لاوَذَ يُلاوِذُ مُلاوذَةً ولِواذاً. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: خيرُ بَنِي فُلَانٍ مُلاوِذٌ لَا يَجِيءُ إِلا بَعْدَ كَدٍّ، وأَنشد الْقُطَامِيُّ:
وَمَا ضَرَّها أَن لَمْ تَكُنْ رَعَتِ الحِمَى،
…
وَلَمْ تَطْلُبِ الخيرَ المُلاوِذَ مِنْ بِشْرِ
الْجَوْهَرِيُّ: المُلاوِذ يَعْنِي الْقَلِيلَ، وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
يُلاوِذُ مِنْ حَرٍّ، كَأَنَّ أُوَارَهُ
…
يُذيبُ دِماغَ الضَّبّ، وَهْوَ جَدوعُ
يُلَاوِذُ يَعْنِي بَقَرَ الْوَحْشِ أَي تلجأُ إِلى كُنُسِها. ولاذَ الطريقُ بِالدَّارِ وأَلاذَ إِلاذَةً، وَالطَّرِيقُ مُلِيذ بِالدَّارِ إِذا أَحاط بِهَا. وأَلاذت الدَّارُ بِالطَّرِيقِ إِذا أَحاطت بِهِ. ولُذْتُ بِالْقَوْمِ وأَلَذْتُ بِهِمْ، وَهِيَ الْمُدَاوَرَةُ مِنْ حَيْثُمَا كَانَ. ولاوَذَهُمْ: دَارَاهُمْ. واللَّوْذُ: حِصْنُ الْجَبَلِ وَجَانِبُهُ وَمَا يُطِيفُ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَلْوَاذٌ. ولَوْذُ الْوَادِي: مُنْعَطَفُه وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَيُقَالُ: هُوَ بِلَوْذِ كَذَا أَي بِنَاحِيَةِ كَذَا وبِلَوْذانِ كَذَا، قَالَ ابْنُ أَحمر:
كأَنّ وَقْعَتَهُ لَوْذانَ مِرْفَقِها
…
صَلْقُ الصَّفَا بِأَديمٍ وَقْعُه تِيَرُ
تِيَرٌ أَي تاراتٌ. وَيُقَالُ: هُوَ لَوْذُه أَي قَرِيبٌ مِنْهُ. وَلِي مِنَ الإِبل وَالدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا مِائَةٌ أَو لِواذُها، يُرِيدُ أَو قُرَابَتُهَا، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمِائَةِ مِنَ الْعَدَدِ أَي أَنقص مِنْهَا بِوَاحِدٍ أَو اثْنَيْنِ أَو أَكثر مِنْهَا بِذَلِكَ الْعَدَدِ. واللَّاذُ: ثيابُ حَرِيرٍ تُنْسَجُ بِالصِّينِ، وَاحِدَتُهُ لاذَة، وَهُوَ بِالْعَجَمِيَّةِ سَوَاءٌ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ اللَّاذَةُ. والمَلاوِذُ: الْمَآزِرُ، عَنْ ثَعْلَبٍ. ولَوْذانُ، بِالْفَتْحِ: اسْمُ رَجُلٍ، ولَوْذانُ: اسْمُ أَرض، قَالَ الرَّاعِي:
فَلَبَّثَها الرَّاعِي قَلِيلًا كَلا وَلَا
…
بِلَوْذانَ، أَو مَا حَلَّلَتْ بالكراكِرِ
فصل الميم
متذ: مَتَذَ بِالْمَكَانِ يَمْتُذ مُتُوذاً: أَقام؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ.
مذذ: رَجُلٌ مَذْماذٌ: صيَّاح كَثِيرُ الْكَلَامِ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبي ظَبْيَةَ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ وَعَنْهُ أَيضاً: رَجُلٌ مَذْماذٌ وَطْواطٌ إِذا كَانَ صَيَّاحاً؛ وَكَذَلِكَ بَرْبارٌ فَجْفاجٌ بَجْباجٌ عَجْعاجٌ. ومَذْمَذَ إِذا كذَب. والمَذيذُ والمِذْميذُ: الْكَذَّابُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: مَذْمَذيٌّ، وَهُوَ الظَّرِيفُ الْمُخْتَالُ، وَهُوَ المَذْماذ. ابْنُ بُزُرْجَ: يُقَالُ مَا رأَيته مُذْ عامِ الأَوَّلِ، وقال العوام: مُذْ عامٍ أَوَّلَ، وَقَالَ أَبو هِلَالٍ: مُذْ عَامًا أَول، وَقَالَ الْآخَرُ: مُذْ عامٌ أَوَّلُ، وَمُذْ عامُ
الأَوَّلِ، وقال نجاد: مُذْ عامٌ أَوّلُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمْ أَره مُذُ يَوْمَانِ وَلَمْ أَره مُنْذُ يَوْمَيْنِ، يرفع بمذ ويخفض بمنذ، وسنذكره في منذ.
مرذ: الأَصمعي: حَذَوْتُ وَحَثَوْتُ، وَهُوَ الْقِيَامُ عَلَى أَطراف الأَصابع. قَالَ: ومَرَثَ فلانٌ الخُبز فِي الْمَاءِ ومَرَذَه إِذا ماثَهُ؛ وَرَوَاهُ الإِيادي مَرَذَهُ، بِالذَّالِ، وَغَيْرُهُ يَقُولُ مَرَدَهُ، بِالدَّالِ؛ وَرَوَى بَيْتَ النَّابِغَةِ:
فَلَمَّا أَبى أَنْ يَنْقُصَ القَوْدُ لحمَهُ،
…
نَزَعْنا المَرِيذَ والمَدِيدَ لِيَضْمُرَا
وَيُقَالُ: امْرُذِ الثريدَ فتَفُتُّه ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهِ اللَّبَنَ ثُمَّ تَمَيّثُه وتَحسّاه.
ملذ: مَلَذَه يَمْلُذُه مَلْذاً: أَرضاه بِكَلَامٍ لَطِيفٍ وأَسمعه مَا يُسِرُّ وَلَا فِعْلَ لَهُ مَعَهُ؛ قَالَ أَبو إِسحق: الذَّالُ فِيهَا بَدَلٌ مِنَ الثَّاءِ. وَرَجُلٌ مَلَّاذٌ ومِلْوذ ومَلَذان ومَلَذانيٌّ: يَتَصَنَّعُ كَذُوبٌ لَا يَصِحُّ وُدُّهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَذَّابُ الَّذِي لَا يَصْدُقُ أَثره يُكَذِّبُكَ مِنْ أَين جَاءَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جئتُ فسلّمتُ عَلَى مُعاذِ،
…
تسليمَ مَلَّاذٍ عَلَى مَلَّاذِ
والمَلْثُ: مِثْلُ المَلْذِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
إِني إِذا عَنَّ مِعَنٌّ مِتْيَحُ،
…
ذُو نَخْوَةٍ أَو جَدِلٌ بَلَنْدَحُ،
أَو كَيْذُبانٌ مَلَذَانٌ مِمْسَحُ
والمِمْسَحُ: الْكَذَّابُ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وَتَمَثَّلَتْ بِشِعْرِ لَبِيدٍ:
مُتَحدّثُون مَخانَةً ومَلاذَةً
…
ويعاب قايِلُهُمْ، وإِن لم يَشْعَبِ
المَلاذَةُ: مَصْدَرُ مَلَذَه مَلْذاً ومَلاذَةً. والمِلْوذُ: الَّذِي لَا يَصْدُقُ فِي مَوَدَّتِهِ، وأَصل الملْذ السُّرْعَةُ فِي الْمَجِيءِ وَالذَّهَابِ. الْجَوْهَرِيُّ: المَلَّاذُ المُطَرْمِذ الْكَذَّابُ، لَهُ كَلَامٌ وَلَيْسَ لَهُ فِعَالٌ. ومَلَذَهُ بِالرُّمْحِ مَلْذاً: طَعَنَهُ. والمَلْذُ فِي عَدْوِ الْفَرَسِ: مَدٌّ ضَبُعَيْه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ حِمَارًا وأُتنه:
إِذا مَلَذَ التَّقْريبَ حاكَينَ مَلْذَهُ،
…
وإِن هُوَ مِنْهُ آلَ أُلْنَ إِلى النَّقَلْ
وَمَلَذَ الفرسُ يَمْلُذُ مَلْذاً، وَهُوَ أَن يمدَّ ضَبُعَيْهِ حتى لا يجد مَزِيدًا لِلَّحَاقِ وَيَحْبِسَ رِجْلَيْهِ حَتَّى لَا يَجِدَ مَزِيدًا لِلَّحَاقِ فِي غَيْرِ اخْتِلَاطٍ. وَذِئْبٌ ملَّاذ: خَفِيُّ خَفِيفٌ. والمَلَذانُ: الَّذِي يُظهر النُّصْحَ ويضمر غيره.
منذ: قَالَ اللَّيْثُ: مُنْذُ النُّونِ وَالذَّالُ فِيهَا أَصليان، وَقِيلَ: إِن بِنَاءَ مُنْذُ مأْخوذ مِنْ قَوْلِكَ [مِنْ إِذ] وَكَذَلِكَ مَعْنَاهَا مِنَ الزَّمَانِ إِذا قُلْتَ مُنْذُ كَانَ مَعْنَاهُ [مِنْ إِذ] كَانَ ذَلِكَ. ومُنْذُ ومُذْ: مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي. ابْنُ بُزُرْجَ: يُقَالُ مَا رأَيته مُذْ عامِ الأَوّلِ، وَقَالَ العوام: مُذْ عامٍ أَوّلَ، وَقَالَ أَبو هِلَالٍ: مُذْ عَامًا أَوّل، وَقَالَ الْآخَرُ: مُذْ عامٌ أَوّلُ ومُذْ عامُ الأَوّلِ، وقال نَجاد: مُذْ عامٌ أَوّلُ، وقال غَيْرُهُ: لَمْ أَره مُذُ يَوْمَانِ وَلَمْ أَره مُنْذُ يومين، يرفع بمذ ويخفض بِمُنْذُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَذَذَ. ابْنُ سِيدَهْ: مُنْذُ تَحْدِيدُ غَايَةٍ زَمَانِيَّةٍ، النُّونُ فِيهَا أَصلية، رُفِعَتْ عَلَى تَوَهُّمِ الْغَايَةِ؛ قِيلَ: وأَصلها [مِنْ إِذ] وَقَدْ تُحْذَفُ النُّونُ فِي لُغَةٍ، وَلَمَّا كَثُرَتْ فِي الْكَلَامِ طُرِحَتْ هَمْزَتُهَا وَجُعِلَتْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، وَمُذْ مَحْذُوفَةٌ مِنْهَا تَحْدِيدُ غَايَةٍ زَمَانِيَّةٍ أَيضاً. وَقَوْلُهُمْ: مَا رأَيته مُذُ الْيَوْمِ، حَرَّكُوهَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَلَمْ يَكْسِرُوهَا لَكِنَّهُمْ ضَمُّوهَا لأَن أَصلها الضَّمُّ فِي مُنْذُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَكِنَّهُ الأَصل الأَقرب، أَلا تَرَى أَن أَوّل حَالِ هَذِهِ الذَّالِ أَن تَكُونَ سَاكِنَةً؟ وإِنما ضُمَّتْ لِالْتِقَاءِ
السَّاكِنَيْنِ إِتباعاً لِضَمَّةِ الْمِيمِ، فَهَذَا عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ الأَصل الأَوّل؛ قَالَ: فأَما ضَمُّ ذَالِ مُنْذُ فإِنما هُوَ فِي الرُّتْبَةِ بَعْدَ سُكُونِهَا الأَوّل الْمُقَدَّرِ، وَيَدُلُّكَ عَلَى أَن حَرَكَتَهَا إِنما هِيَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، أَنه لَمَّا زَالَ الْتِقَاؤُهُمَا سُكِّنَتِ الذَّالُ، فضمُّ الذَّالِ إِذاً فِي قَوْلِهِمْ مُذُ الْيَوْمِ وَمُذُ اللَّيْلَةِ، إِنما هُوَ رَدٌّ إِلى الأَصل الأَقرب الَّذِي هُوَ مُنْذُ دُونِ الأَصل، إِلا بَعْدَ الَّذِي هُوَ سُكُونُ الذَّالِ فِي مُنْذُ قَبْلَ أَن تُحَرَّكَ فِيمَا بَعْدُ؛ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْعَرَبُ فِي مُذْ وَمُنْذُ: فَبَعْضُهُمْ يَخْفِضُ بِمُذْ مَا مَضَى وَمَا لَمْ يَمْضِ، وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُ بِمُنْذُ مَا مَضَى وَمَا لَمْ يَمْضِ. وَالْكَلَامُ أَن يُخْفَضَ بِمُذْ مَا لَمْ يَمْضِ وَيُرْفَعَ مَا مَضَى، وَيُخْفَضُ بِمُنْذُ مَا لَمْ يَمْضِ وَمَا مَضَى، وَهُوَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَجمعت الْعَرَبُ عَلَى ضَمِّ الذَّالِ مِنْ مُنْذُ إِذا كَانَ بَعْدَهَا مُتَحَرِّكٌ أَو سَاكِنٌ كَقَوْلِكَ لَمْ أَره مُنْذُ يَوْمٍ وَمُنْذُ الْيَوْمِ، وَعَلَى إِسكان مُذْ إِذا كَانَ بَعْدَهَا مُتَحَرِّكٌ، وَتَحْرِيكُهَا بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ إِذا كَانَتْ بَعْدَهَا أَلف وَصْلٍ، وَمَثَّلَهُ الأَزهري فَقَالَ: كَقَوْلِكَ لَمْ أَره مُذُ يَوْمَانِ وَلَمْ أَره مُذُ الْيَوْمِ. وَسُئِلَ بَعْضُ الْعَرَبِ: لِمَ خَفَضُوا بِمُنْذُ وَرَفَعُوا بِمُذْ فَقَالَ: لأَن مُنْذُ كَانَتْ فِي الأَصل مِنْ إِذ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْكَلَامِ فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ وَضُمَّتِ الْمِيمُ، وَخَفَضُوا بِهَا عَلَى عِلَّةِ الأَصل، قَالَ: وأَما مُذْ فإِنهم لَمَّا حَذَفُوا مِنْهَا النُّونَ ذَهَبَتِ الْآلَةُ الْخَافِضَةُ وَضَمُّوا الْمِيمَ مِنْهَا لِيَكُونَ أَمتن لَهَا، وَرَفَعُوا بِهَا مَا مَضَى مَعَ سُكُونِ الذَّالِ لِيُفَرِّقُوا بِهَا بَيْنَ مَا مَضَى وَبَيْنَ مَا لَمْ يَمْضِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: مُنْذُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ، وَمُذْ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصْلُحُ أَن يَكُونَ حَرْفَ جَرٍّ فَتَجُرَّ مَا بَعْدَهُمَا وَتُجْرِيهِمَا مَجْرَى فِي، وَلَا تُدْخِلْهُمَا حِينَئِذٍ إِلا عَلَى زَمَانٍ أَنت فِيهِ، فَتَقُولُ: مَا رأَيته مُنْذُ اللَّيْلَةِ، وَيَصْلُحُ أَن يَكُونَا اسْمَيْنِ فَتَرْفَعُ مَا بَعْدَهُمَا عَلَى التَّارِيخِ أَو عَلَى التَّوْقِيتِ، وَتَقُولُ فِي التَّارِيخِ: مَا رأَيته مُذْ يومُ الْجُمْعَةِ، وَتَقُولُ فِي التَّوْقِيتِ: مَا رأَيته مُذْ سنةٌ أَي أَمد ذَلِكَ سَنَةٌ، وَلَا يَقَعُ هَاهُنَا إِلا نَكِرَةً، فَلَا تَقُولُ مُذْ سنةُ كَذَا، وإِنما تَقُولُ مُذْ سنةٌ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: مُنْذُ لِلزَّمَانِ نَظِيرُهُ مِنْ لِلْمَكَانِ، وَنَاسٌ يَقُولُونَ إِن مُنْذُ فِي الأَصل كَلِمَتَانِ [مِنْ إِذ] جُعِلَتَا وَاحِدَةً، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَبَنُو عُبَيْدٍ مِنْ غَنِيٍّ يُحَرِّكُونَ الذَّالَ مِنْ مُنْذُ عِنْدِ الْمُتَحَرِّكِ وَالسَّاكِنِ، وَيَرْفَعُونَ مَا بَعْدَهَا فَيَقُولُونَ: مذُ اليومُ، وَبَعْضُهُمْ يَكْسِرُ عِنْدَ السَّاكِنِ فَيَقُولُ مذِ اليومُ. قَالَ: وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: وَوَجْهُ جَوَازِ هَذَا عِنْدِي عَلَى ضَعْفِهِ أَنه شبَّه ذَالَ مُذْ بِدَالِ قَدْ وَلَامِ هَلْ فَكَسَرَهَا حِينَ احْتَاجَ إِلى ذَلِكَ كَمَا كَسَرَ لَامَ هَلْ وَدَالَ قَدْ. وَحُكِيَ عَنْ بَنِي سُلَيْمٍ: مَا رأَيته مِنذ سِتٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَرَفْعِ مَا بَعْدَهُ. وَحُكِيَ عَنْ عَكْلٍ: مِذُ يَوْمَانِ، بِطَرْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَضَمِّ الذَّالِ. وَقَالَ بَنُو ضَبَّةَ: وَالرَّبَابُ يَخْفِضُونَ بِمُذْ كُلَّ شَيْءٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما مُذْ فَيَكُونُ ابْتِدَاءَ غَايَةِ الأَيام والأَحيان كَمَا كَانَتْ مِنْ فِيمَا ذَكَرْتُ لَكَ وَلَا تَدْخُلُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَذَلِكَ قَوْلُكَ: مَا لَقِيتُهُ مُذْ يَوْمَ الْجُمْعَةِ إِلى الْيَوْمِ، وَمُذْ غدوةَ إِلى السَّاعَةِ، وَمَا لَقِيتُهُ مُذِ اليومِ إِلى سَاعَتِكَ هَذِهِ، فَجَعَلْتَ الْيَوْمَ أَول غَايَتِكَ وأَجْرَيْتَ فِي بَابِهَا كَمَا جَرَتْ مِنْ حَيْثُ قُلْتَ: مِنْ مَكَانِ كَذَا إِلى مَكَانِ كَذَا؛ وَتَقُولُ: مَا رأَيته مُذْ يَوْمَيْنِ فَجَعَلْتَهُ غَايَةً كَمَا قُلْتَ: أَخذته مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَجَعَلْتَهُ غَايَةً وَلَمْ تُرِدْ مُنْتَهًى؛ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَدْ تُحْذَفُ النُّونُ مِنَ الأَسماء عَيْنًا فِي قَوْلِهِمْ مُذْ وأَصله مُنْذُ، وَلَوْ صَغَّرْتَ مُذِ اسْمَ رَجُلٍ لَقُلْتَ مُنَيْذ، فَرَدَدْتَ النُّونَ الْمَحْذُوفَةَ لِيَصِحَّ لَكَ وَزَنُ فُعَيْل. التَّهْذِيبُ: وَفِي مُذْ وَمُنْذُ لُغَاتٌ شَاذَّةٌ تَكَلَّمَ بِهَا الخَطِيئَة مِنْ أَحياء الْعَرَبِ فَلَا يعبأُ بِهَا، وإِن جُمْهُورَ الْعَرَبِ عَلَى مَا بُيِّنَ فِي