المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ نفقة الزوجة: - أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية

[عبد الوهاب خلاف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الموضوعات:

- ‌الزواج

- ‌مدخل

- ‌مقدمات الزواج:

- ‌أركان الزواج:

- ‌شروط الزواج:

- ‌صيغة الزواج من حيث إطلاقها وتقييدها:

- ‌حكم الزواج:

- ‌المحرمات من النساء:

- ‌الولاية على الزواج:

- ‌الوكالة بالزواج:

- ‌الكفاءة في الزواج:

- ‌حقوق الزوجة على زوجها

- ‌مدخل

- ‌ المهر:

- ‌ نفقة الزوجة:

- ‌ عدم الإضرار بالزوجة:

- ‌ العدل بين الزوجات:

- ‌حقوق الزوج على زوجته

- ‌مدخل

- ‌ الطاعة:

- ‌ ولاية التأديب:

- ‌الحقوق المشتركة بين الزوجين:

- ‌زوج المسلم بالكتابيات

- ‌زواج غير المسلمين بعضهم ببعض:

- ‌الطلاق

- ‌مدخل

- ‌أحوال صيغة الطلاق:

- ‌أنواع الطلاق:

- ‌حكم الطلاق:

- ‌طلاق المريض مرض الموت:

- ‌تفويض الطلاق إلى الزوجة:

- ‌الخلع:

- ‌الحالات التي يطلق فيها القاضي:

- ‌فسخ الزواج:

- ‌العدة:

- ‌ثبوت النسب

- ‌ثبوت النسب بالفراش

- ‌ ثبات النسب بالإقرار:

- ‌ثبوت النسب بالبينة

- ‌اللقيط:

- ‌الرضاعة:

- ‌‌‌الحضانةوالنفقات

- ‌الحضانة

- ‌نفقة الأقارب:

- ‌مقارنة بين أنواع النفقات بعضها وبعض:

- ‌الحَجْر:

- ‌الولاية على المال:

- ‌المفقود:

- ‌المريض مرض الموت

- ‌مدخل

- ‌الهبة:

- ‌الوصية:

الفصل: ‌ نفقة الزوجة:

الزوجة حسب الغالب زفت إلى زوجها بشيء منها، فيجعل لها من هذه الأعيان قدر ما تجهز به عادة، ويكون القول لها فيه بيمينها عملا بشهادة العادة الغالبة، وما زاد عن ذلك يكون القول فيه للزوج بيمينه عملا بشهادة اليد. وأبو يوسف لم يفرق بين ما إذا كان الاختلاف في الصالح لهما بين الزوجين أنفسهما أو بين أحدهما وورثة الآخر، فجعل القول للزوجة أو ورثتها باليمين في قدر ما تجهز به عادة وجعل القول للزوج أو ورثته باليمين فيما زاد. ومحمد لم يفرق أيضا فجعل القول في الحالين للزوج أو ورثته باليمين؛ لأنه صاحب اليد ورثته خلفاؤه. وأبو حنيفة فرق فقال: إذا كان الاختلاف في الصالح لهما بين الزوجين أنفسهما فالقول للزوج بيمينه؛ لأنه صاحب اليد وحده، وإذا كان بين أحدهما وورثة الآخر فالقول للحي منهما بيمينه سواء كان الزوج أو الزوجة؛ لأن يد الحي منهما ظاهر شاهد له.

ص: 106

2-

‌ نفقة الزوجة:

تعريفها ودليل وجوبها على الزوج: نفقة الزوجة هي ما تحتاج إليه من طعام وكسوة ومسكن وفرش وخدمة، وكل ما يلزم لمعيشتها حسب المعروف، وهي حق واجب لها على زوجها لقوله تعالى في سورة البقرة:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} وقوله عز شأنه في سورة الطلاق: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} . وقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في صحيحه: " اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف".

سبب استحقاقها: تستحق الزوجة النفقة على زوجها جزاء احتباسها وقصرها عليه لحقه ومنفعته؛ وذلك لأن موجب عقد الزواج الصحيح أن تصير الزوجة مقصورة على زوجها لا يحل لغيره أن يستمتع بها صيانة لنسب أولاده عن الاختلاط، وأن تجب عليها طاعته والقرار في بيته للقيام بواجباته، وإذا كانت

ص: 106

الزوجة محتسبة على الزوج لحقه وواجبه فنفقتها واجبة عليه، عملا بالأصل العام "كل من احتبس لحق غيره ومنفعته فنفقته على من احتبس لأجله" فهي واجبة على الزوج في مقابل ما له من الحقوق ولهذا تستحق النفقة الزوجة المسلمة والكتابية والغنية والفقيرة؛ لأن سبب الاستحقاق وهو الاحتباس متحقق فيهن جميعا، ولو كان السبب هو الصلة ما استحقتها الزوجة المخالفة في الدين، ولو كان السبب هو سد الحاجة ما استحقتها الزوجة الغنية، وتجب النفقة على الزوج الغني والفقير؛ لأنه بالعقد يثبت له الحق عليها، وتستحق من حين تمام العقد؛ لأنه من حين تمامه تثبت له الحقوق عليها فيجب لها عليه واجبها ما دام لم يفت عليه حقه.

شروط استحقاقها:

إذا تحقق بالعقد الصحيح سبب استحقاق النفقة وهو الاحتباس يشترط لترتيب المسبب عليه وهو جوب النفقة أمران: أحدهما أن يكون الاحتباس موصلا للغرض الأول المقصود من الزواج، وهو المتعة بالمباشرة الجنسية ودواعيها، فإن كانت الزوجة طفلة لا تشتهى للمباشرة الجنسية ولا لدواعيها فاحتباسها كعدمه، وثانيهما أن لا يفوت على الزوج حقه وواجبه من هذا الاحتباس بسبب ليس من قبله، فإن فات عليه ما يستحقه من هذا الاحتباس، وكان تفويته عليه من غيره فهو احتباس كعدمه، وتفصيل هذين الشرطين يتبين فيما يأتي:

من تستحق النفقة من الزوجات ومن لا تستحقها: مما قدمنا في بيان سبب استحقاق النفقة وشرطه يؤخذ أن التي تستحق النفقة من الزوجات هي الزوجة التي تم عقد زواجها صحيحا شرعا، وكانت صالحة للمعاشرة الزوجية ولو لمجرد المؤانسة، ولم يفت على زوجها حقه في احتباسها بغير مبرر شرعي، فاللازم توفره لوجوب النفقة للزوجة على زوجها أمور ثلاثة:

"الأول" أن تكون زوجة بعقد زواج صحيح شرعا، فالزوجة بعقد زواج فاسد. والمدخول بها بناء على شبهة لا تجب لواحدة منهما نفقة؛ لأن الزواج الفاسد والدخول

ص: 107

بشبهة لا يجعل للزوج حق احتباس زوجته، بل الواجب على الزوجين الافتراق رفعا للفساد، وإذا لم يثبت حق الاحتباس للزوج لا تستحق الزوجة النفقة لعدم توفر سبب استحقاقها، حتى لو حكم بنفقة للزوجة زواجا فاسدا قبل ظهور الفساد، ثم أداها الزوج تنفيذا للحكم كان له بعد ظهور فساد العقد أن يسترد ما أداه. وأما لو أنفق عليها بغير حكم فهو متبرع وليس له استرداد ما أنفق.

"الثاني" أن تكون الزوجة صالحة لمتعة الزوج ولو بالمؤانسة فقط، ولتحقيق أغراض الزوجية وواجباتها بأن تكون الزوجة كبيرة أو صغيرة تشتهي للأزواج، فإن كانت صغيرة دون سبع سنين لا تشتهي للأزواج بأي حال فلا نفقة لها؛ لأن احتباسها كعدمه حيث لا يوصل إلى الغرض المقصود من الزواج.

وقال أبو يوسف: إذا استبقى الزوج هذه الصغيرة في بيته وأمسكها للاستئناس بها، وجبت لها النفقة لرضاه هو بهذا الاحتباس الناقص، وإن لم يمسكها في بيته فلا نفقة لها، وهذا القول هو المفتى به.

واختلف في الزوجة المريضة مرضا يمنعها من مباشرة الزوج لها، هل تستحق معه النفقة على زوجها أو لا تستحقها؟ والقول المفتى به أنها تستحق النفقة عليه مطلقا سواء مرضت عنده بعد زفافها إليه، أو مرضت في بيت أبيها ولم تمتنع من الانتقال إليه؛ لأن المرض طارئ وقتي كالحيض والنفاس، وليس من حسن المعاشرة الزوجية أن يكون طروء هذا الطارئ مفوتا ما يجب لها من النفقة فلا فرق بين الصحيحة والمريضة، على المفتى به الجاري عليه العمل.

وروي عن أبي يوسف أنه قال: إذا مرضت قبل زفافها وانتقالها إلى منزل زوجها فلا نفقة لها ما دامت مريضة، ولم تنتقل إلى منزله، وإن زفت إليه وهي مريضة فحكمها حكم الصغيرة التي لا تشتهى، إن أمسكها في بيته فلها النفقة وإن لم يمسكها فلا نفقة لها، وإن زفت إليه سليمة ثم مرضت في بيته فلها النفقة سواء بقيت مدة مرضها في بيته أو عادت إلى بيت أهلها بإذنه.

ص: 108

ومثل المريضة المعيبة بعيب نسائي يمنع من مباشرة الزوج لها فالقول المفتى به لها النفقة مطلقا. وعلى ما روي عن أبي يوسف هي على التفصيل في المريضة؛ لأن هذا العيب ليس إلا نوعا من المرض.

"الثالث" أن لا يفوت على زوجها حقه في احتباسها بغير مبرر شرعي، وبسبب ليس من قبله.

فالزوجة الناشزة لا نفقة لها، والناشزة هي التي خرجت من بيت زوجها بلا إذنه بغير وجه شرعي، أو امتنعت عن الانتقال إليه بغير حق، أو منعته من الدخول عليها في بيتها المقيم معها فيه، ولم تكن سألته النقلة فأبى.

ففي كل حالة من هذه الحالات الثلاث تكون الزوجة ناشزة، أي: مستعصية عليه وخارجة عن طاعته ومفوتة حقه في الاحتباس فلا تستحق النفقة؛ لأنها واجب في مقابلة حق، وما دامت ناشزة فلا حق لها في النفقة، فإن أقلعت عن نشوزها استحقت النفقة من حين إقلاعها عن نشوزها.

وكذلك الزوجة المحبوسة في جريمة أو دين أو ظلما لا تستحق النفقة مدة حبسها؛ لأنها فوتت عليه حقه فيفوت عليها واجبها إلا إذا كان هو الذي حبسها في دين له؛ لأنه هو الذي فوت حقه.

وكذلك الزوجة التي غصبها غاصب وحال بينها وبين زوجها لا تستحق النفقة عليه مدة غصبها؛ لأن الغصب سبب ليس من قبله، وقد فوت عليه حقه في الاحتباس كحبسها ظلما.

وكذلك الزوجة المسافرة ولو لأداء فريضة الحج مع محرم لها لا تستحق نفقة مدة سفرها. لكن إذا حجت مع زوجها نفسه استحقت نفقة الحضر لا نفقة السفر.

وكذلك الزوجة المحترفة التي تخرج نهارا لحرفتها إذا منعها زوجها فلم تمتنع لا تستحق نفقة.

ص: 109

والعلة في هذا كله أن نشوزها وحبسها وغصبها وسفرها واحترافها فيه تفويت لحق زوجها في احتباسها بغير وجه شرعي، فلو كان تفويتها حقه لوجه شرعي، كما إذا خرجت من طاعته؛ لأن المسكن ليس شرعيا، أو لأن الزوج غير أمين على نفسها أو مالها، أو امتنعت من الانتقال إلى منزله؛ لأنه لم يوفها عاجل صداقها ولو بعد الدخول بها، فلا تعد في هذه الأحوال ناشزة وتجب لها النفقة. وقال الصاحبان إذا سلمت الزوجة نفسها إلى زوجها برضاها قبل أن تأخذ معجل صداقها أو ما بقي منه فليس لها بعد ذلك أن تمتنع عن تسليم نفسها إليه لاستيفائه، وإذا امتنعت تكون ناشزة ولا نفقة لها1، وتجب لها النفقة أيضا إذا كان فوات حقه في احتباسها بسبب من قبله هو، بأن كان مريضا مرضا يمنعه من مباشرة النساء، أو معيبا بعيب كذلك كعنة وجبّ وخصاء أو محبوسا في جريمة ارتكبها أو دين ماطل في أدائه، ففي هذه الأحوال هو الذي فوّت حقه على نفسه، فتبقى نفقتها واجبة عليه.

فالخلاصة أن الزوجة بعقد صحيح إذا فات على زوجها حقه في احتباسها بغير وجه شرعي لا تجب لها عليه نفقة ما دامت كذلك، وإن لم يفت عليه حقه أصلا، أو فوتته هي عليه بمبرر شرعي، أو فوته هو على نفسه بسبب من قبله فنفقتها واجبة عليه.

واختلف في سفر الزوج بزوجته إلى بلد غير البلد الذي كانت تقيم معه فيه، هل هو حق للزوج بحيث إذا أبت أن تسافر معه تعد مفوتة حقه في احتباسها بغير حق، فلا تجب لها النفقة أو ليس حقا له إذا كان السفر بعيدا، بحيث إذا امتنعت لا تكون ناشزة، وأصح الأقوال أن للزوج أن ينقل زوجته إلى أي بلد قريبة أو بعيدة متى كان مأمونا على نفسها ومالها، وأوفاها معجل صداقها ولم يقصد بنقلها الكيد لها والإضرار بها، فإذا أبت أن تسافر مع زوج هذه حاله فهي ناشزة ولا نفقة لها ما دامت

1 وعلى قول الصاحبين سارت بعض المحاكم الشرعية المصرية، وهذا حسن في بعض قضايا يكون الدفع فيها لعدم استيفاء مقدم الصداق جميعه ليس الغرض منه إلا الخروج عن طاعة الزوج والكيد له.

ص: 110

كذلك فإن كان غير مأمون على نفسها أو مالها أو كان قاصدا المضارة بنقلها، أو لم يوفها معجل صداقها، فلا يعد امتناعها عن السفر معه في هذه الحال نشوزا وتجب لها النفقة، وهذا هو ما عليه عمل المحاكم الشرعية المصرية الآن.

تقدير النفقة:

نفقة الزوجة تشمل طعامها وكسوتها ومسكنها وخدمتها وكل ما يلزم لمعيشتها حسب المعروف كما قدمنا.

وما دامت الزوجية قائمة والزوج معاشر زوجته فهو الذي يتولى الإنفاق عليها، ويجيئها بما فيه كفايتها من طعام وكسوة وغيرهما، وما دام متوليا هذا الإنفاق وقائما بالواجب فليس للزوجة طلب فرض نفقة.

فإذا شكت مطله في الإنفاق، وأنه تاركها بلا نفقة بغير حق وطلبت فرض نفقة لها بأنواعها الثلاثة: الطعام والكسوة والمسكن وثبت ذلك، فرض لها القاضي النفقة بأنواعها، وأمر الزوج بأداء ما فرض لها، ويصح أن تكون النفقة المفروضة أصنافا بأن يفرض على الزوج أن يرتب لطعامها مقادير معينة من خبز ولحم وخضر وما يستلزمه طعامها. ويرتب لكسوتها شتاء ثيابا معينة وصيفا كذلك. ويصح أن يفرض لها بدل طعامها وكسوتها نقودا، وهي تشتري بها ما يلزمها.

أساس تقدير النفقة: يراعى في تقدير النفقة بأنواعها أمران:

"أولهما" حال الزوج المالية حين فرضها، فإن كان موسرا فرضت لها نفقة اليسار، ولو كانت هي معدمة، وإن كان معسرا فرضت لها نفقة الإعسار، ولو كانت هي ثرية، وإن كان متوسط الحال فنفقة الوسط، وهذا هو الجاري به العمل الآن في المحاكم الشرعية المصرية تطبيقا للمادة 16 من القانون رقم 25 سنة 1929، ونصها:"تقدر نفقة الزوجة على زوجها بحسب حال الزوج يسرا وعسرا مهما كانت حال الزوجة". وهو مذهب الشافعي، وقول صحيح في مذهب الحنفية. وأما القول الآخر في مذهب الحنفية وهو الذي كان عليه العمل قبل سنة 1929 فهو أن النفقة

ص: 111

تقدر بحسب حال الزوجين معا، فإن كانا موسرين فنفقة اليسار، وإن كانا معسرين فنفقة الإعسار، وإن كانا مختلفين فنفقة الوسط، ويؤمر الزوج المعسر بأداء ما في وسعه، والزائد دين عليه إلى الميسرة.

ولكن ما عليه العمل الآن هو صريح القرآن الكريم في قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} وقوله عز شأنه: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} .

"وثانيهما" غلاء الأسعار ورخصها حين الفرض؛ لأن المفروض إنما هو ثمن لشراء حاجيات، والأثمان تختلف باختلاف الأسعار.

فإذا تغيرت الأسعار عن وقت الفرض إلى زيادة، أو تحسنت حال الزوج المالية عما كانت عليه حين الفرض كان للزوجة أن تطلب زيادة نفقتها.

وإذا تغيرت حال الأسعار إلى نقص، أو حال الزوج المالية إلى أسوأ كان للزوج أن يطلب تخفيض النفقة.

ولا يلزم أن تفرض النفقة شهرية بل يصح أن تفرض يومية إذا كان الزوج من العمال الذين يقتضون أجرتهم يوما فيوما وطلب ذلك، وأن تفرض أسبوعية أو سنوية على حسب ما هو ميسر للزوج. وتعطى نفقة أية مدة مقدما حتى تستطيع الزوجة قضاء حاجاتها منها.

والجاري عليه العمل الآن في المحاكم الشرعية المصرية فرض بدل طعامها شهريا وبدل كسوتها عن ستة شهور، على اعتبار أنها تحتاج في السنة إلى كسوتين واحدة للصيف وأخرى للشتاء. وبعض القضاة يفرض مبلغا شهريا لطعامها وكسوتها وسكنها بدون تفصيل، مراعيا أن فيما يفرضه كفاية لها في الأنواع الثلاثة حسب حال زوجها.

ص: 112

وإذا تبين بعد فرض النفقة أن التقدير كان خطأ لا يقوم بكفاية الزوجة حسب حال زوجها؛ لأن ما فرض لطعامها لا يسد حاجتها، وما فرض لكسوتها كذلك مع أنها لم تستعمل ثيابها غير الاستعمال المعتاد، عدّل القاضي المفروض لطعامها وكسوتها تعديلا يتفق وكفايتها مع رعاية حال الزوج.

والمسكن الذي يهيئه الزوج لزوجته ويجب عليها أن تطيعه فيه، بحيث إذا امتنعت من الطاعة فيه تعتبر ناشزة هو المسكن اللائق لحالة الزوج المالية، سواء كان منزلا مستقلا أو شقة في منزل أو حجرة من شقة حسب ميسرة الزوج، بشرط أن يكون خاليا من أهله وأهلها، وفيه المرافق الشرعية، وبين جيران صالحين تأمن فيه على نفسها ومالها، فإذا أعد لها مسكنا مستكملا هذه الشروط فقد قام بما يجب عليه.

وليس له أن يجبرها على إسكان أحد معها في مسكنها من أهله وأولاده من غيرها، سوى ولده الصغير غير المميز، كما أنها ليس لها أن تسكن معها أحدا من أهلها وأولادها من غيره، ولا ولدها الصغير غير المميز، والغرض من هذا منع إضرار واحد منهما بصاحبه وتوفير أسباب الراحة لهما.

وإذا كان في منزل شقق متعددة أو في دار بيوت متعددة والزوجة تسكن في إحداها، وللزوج قريبات كأمه وأخته وبنته تسكن في الأخرى، فليس لها أن تطلب النقلة إلى مسكن آخر، إلا إذا آذينها بفعل أو قول. وأما إذا كان في الشقة الأخرى من المنزل أو في البيت الآخر من الدار ضرتها فلها أن تطلب النقلة إلى مسكن آخر بعيد عنها مطلقا؛ لأن مجرد وجود الضرة إيذاء لها1.

وإذا لم يهيئ الزوج هذا المسكن الشرعي فرض القاضي عليه بدل سكناها، مراعيا حاله وأجور المساكن وأمره بأدائه لها.

1 ذكر ابن عابدين أن المسكن يراعى فيه العرف، وأن على المفتي أن ينظر إلى حال أهل زمانه وبلده، فمن الناس من لا يسكنون في بيت من دار مشتملة على أجانب فيلزمون بدار من بابها، ومنهم من يسكنون بالزوجة في بيت من دار ولو مع أحمائها وضرتها، فينبغي مراعاة حال الأزواج واختلاف الزمان والمكان.

ص: 113

وإذا كان الزوج معسرا فلا تجب عليه نفقة خادم؛ لأن الواجب على المعسر نفقة الكفاية، وهي تكتفي بخدمة نفسها، وإذا كان موسرا وجبت عليه نفقة ما تحتاج إليه من خادم أو أكثر، حسب يساره وحاجتها متى كان هذا الخادم مملوكا لها ومتفرغا لخدمتها، وفلو لم يكن لها خادم مملوك لا يلزمه إحضار خادم يخدمها بل يلزمه أن يحضر لها ما تحتاجه.

نفقة زوجة الغائب:

إذا طلبت الزوجة فرض نفقة لها على زوجها الغائب فرض لها ولا تمنع غيبة الزوج من القضاء عليه بنفقة زوجته.

وإذا كان لهذا الغائب مال من جنس النفقة كالغلال والنقود، وكان هذا المال في يد الزوجة فرض القاضي لها النفقة، وأمرها بأخذ المفروض لها مما في يدها من ماله.

وإن كان مال الزوج الغائب الذي هو من جنس النفقة وديعة عند أحد أو دينا في ذمة أحد، وطلبت الزوجة فرض نفقة لها على زوجها وأمر المودع أو المدين بأداء المفروض لها، فإن كان كل من المودع أو المدين معترفا بالزوجية وبالوديعة أو الدين فرض القاضي النفقة، وأمر المودع أو المدين بأداء المفروض لها؛ لأنه معترف بأن لها حقا فيما عنده للغائب. وإن كانا غير معترفين بهما أو بأحدهما والقاضي يعلم ما أنكره فرض وأمر بالأداء أيضا إعانة لصاحبة الحق على وصلها إلى حقها. وإن كان كل منهما غير معترف بالزوجية ولا بالوديعة أو الدين ولا علم للقاضي بهما تسمع الدعوى من الزوجة وتطلب منها البينة على ما أنكر، فإذا أقامتها قضي لها بالنفقة وأمر المنكر بالأداء. وهذا قول زفر المفتى به، ووجهه أن القضاء هنا هو بمجرد النفقة سدا لحاجة الزوجة ولا ضرر فيه على الزوج؛ لأنه يحتاط لحقه بأخذ كفيل منها بما أخذت، وتحليفها اليمين على أنها تستحقه. وله المعارضة بعد عودته ودفع دعواها بما يبطلها.

وقال الإمام وصاحباه لا تسمع دعواها على المودع أو المدين عند إنكارهما الزوجية والوديعة أو الدين؛ لأنه ليس واحد منهما خصما لها في إثبات ما أنكره؛ لأن

ص: 114

إثبات الوديعة أو الدين يكون من المودع أو الدائن. وإثباتها الزوجية يكون في مواجهة الزوج، وإذا لم تكن خصومة فلا تسمع الدعوى.

وفي كل موضع يقضى على الغائب بنفقة لزوجته يحتاط القاضي لحقه، بأخذ كفيل من الزوجة يكون ضامنا لما أخذته إن تبين أنها لا تستحقه، وبتحليفها اليمين على أنها تستحق نفقة عليه.

وللغائب بعد عودته أن يعارض في الحكم، ويدفع دعواها بما يبطلها، كأن يدفعها بأنها مطلقة انقضت عدتها أو ناشزة، أو أنه ترك لها قبل غيبته ما تنفق منه على نفسها. وإذا أثبت ما دفع به بالبينة، وتقرر قبول الدفع ونقض الحكم المعارض فيه، فله الرجوع على زوجته أو كفيلها بما أخذت من ماله بغير حق.

هذا إذا ترك الغائب مالا من جنس النفقة. أما إذا ترك ما لا ليس من جنس النفقة، بأن كان ماله عقارات مثلا فلا يباع شيء من عقاراته تنفيذا لنفقتها، بل تكون نفقتها في أجرة ما يؤجر منها؛ لأن مال المدين لا يباع في دينه عند الإمام مطلقا، ولا يباع عند الصاحبين إلا إذا امتنع من أدائه، ومع الغيبة لم يثبت امتناع.

وإذا لم يترك مالا أصلا لا من جنس النفقة ولا من غيره قضى القاضي لها بالنفقة وأمرها أن تستدينها، وتجب الإدانة على من تجب عليه نفقتها من أقاربها لو لم تكن متزوجة. ولو طلبت تطليقها منه لإعساره لا تجاب إلى طلبها؛ لأن إعسار الزوج سواء كان غائبا أو حاضرا ليس مسوغا لتطليق زوجته منه؛ لأن اليسر عرض يزول والمال غاد ورائح.

هذا هو مذهب الحنفية وهو ما كان عليه عمل المحاكم الشرعية المصرية قبل صدور القانون 25 سنة 1920 أم بعد صدرو هذا القانون فقد قضت المادة الخامسة منه بأن الغائب إذا كان له مال ظاهر يمكن التنفيذ فيه بالطرق المعتادة نفذ حكم النفقة فيه سواء كان هذا المال من جنس النفقة أو من غير جنسها. والمراد بالطرق المعتادة

ص: 115

في التنفيذ ما ورد في لائحة التنفيذ من البدء بالتنفيذ على النقود الموجودة عينا، ثم على المنقولات، ثم على العقار في حالة عدم وجود منقولات، أو عدم كفاية ثمنها، ولا يجوز بيع منزل السكنى، وإن لم يكن له مال ظاهر يمكنها أن تنفذ حكم نفقتها فيه، وطلبت تطليقها منه طلقها القاضي مه في الحال، أو بعد إعذاره ومضي الأجل المضروب له على التفصيل بين الغائب غيبة بعيدة والغائب غيبة قريبة، الذي يتبين في فرق الزواج كما سيتبين أن لزوجة الغائب إذا غاب سنة فأكثر بلا عذر أن تطلب تطليقها منه ولو كان له مال ظاهر كما نص على هذا في القانون رقم 25 سنة 1929.

متى تكون النفقة دينا على الزوج: نفقة الزوجة واجبة على زوجها بالعقد الصحيح عليها، ولكنها في مذهب الحنفية لا تصير دينا في ذمة الزوج بمجرد امتناعه عن الإنفاق، مع وجوبه بل هي على التفصيل الآتي:

النفقة المستحقة للزوجة إذا لم يصدر حكم بها، أو لم يتراض الزوجان عليها، وأنفقتها الزوجة على نفسها من مالها أو مما استدانته من غيرها في مدة شهر أو أكثر، لا تكون دينا على الزوج بحيث إذا طلبت الحكم لها بنفقتها عن مدة ماضية سابقة على وقت التقاضي أو التراضي شهر فأكثر لا تجاب إلى طلبها؛ لأن ما أنفقته على نفسها من غير قضاء أو رضا لا ترجع به على زوجها، غير أنه يجاب طلبها عن مدة سابقة على الحكم أقل من شهر؛ لأن هذه المدة تعتبر فترة التقاضي، ولا بد أن يمضي مثلها على المدعية قبل القضاء لها.

أما نفقة الزوجة التي صدر بها حكم أو تراضى الزوجان عليها، ولكن لم يقرن الحكم أو التراضي بإذن الزوجة باستدانتها فإنها تكون دينا للزوجة على زوجها، تطالبه بما تجمد لها منه سواء أنفقت على نفسها من مالها أو مما استدانته من غيرها. ومثله ما أنفقته على نفسها من غير قضاء أو تراض ولكن في مدة أقل من شهر. ولكنه دين ليس صحيحا من كل وجه بل هو دين ضعيف ولهذا يسقط بما يسقط به الدين

ص: 116

الصحيح وهو الأداء أو الإبراء ويسقط أيضا بواحد من ثلاثة، بنشوز الزوجة فإذا خرجت الزوجة عن طاعة زوجها بغير حق شرعي، وكان لها متجمد من هذا الدين سقط بنشوزها، وبموت أحد الزوجين فإذا مات أحدهما وفي ذمة الزوج متجمد من هذا الدين سقط عنه، فلو كان هو الذي مات ليس لها أن تأخذه من تركته، ولو كانت هي التي ماتت ليس لورثتها أن يطالبوا زوجها به، وبطلاقها الذي بني على سبب من قبلها كسوء خلقها، فإذا طلقها سقط المتجمد لها عليه من هذا الدين، إذا ثبت أنه كان له العذر في تطليقها؛ لأنها هي التي اضطرته إليه لسوء معاشرتها أو سوء سمعتها مثلا. وقيل إن الطلاق أيا كان سببه لا يسقط هذا الدين. وقيل إن الطلاق أيا كان سببه يسقط هذا الدين والمختار هو التفصيل المتقدم.

وأما نفقة الزوجة التي صدر حكم بها أو تراضى الزوجان عليها، وأذنت الزوجة من القاضي أو من زوجها باستدانتها واستدانتها الزوجة فعلا للإنفاق على نفسها، فهي دين صحيح لا يسقطه إلا الأداء أو الإبراء، ولا يسقطه واحد من النشوز أو الموت أو الطلاق.

ففي مذهب الحنفية النفقة الواجبة للزوجة إذا لم يؤدها الزوج لها مع وجوبها قد لا تكون دينا عليه أصلا، وقد تكون دينا ضعيفا، وقد تكون دينا صحيحا.

وكان عمل المحاكم الشرعية على هذا إلى أن صدر القانون رقم 25 لسنة 1920 ونص في المادة الأولى منه على أن نفقة الزوجة المستحقة لها شرعا تعتبر دينا صحيحا لها في ذمة زوجها، من وقت امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه بلا توقف على قضاء أو تراض منهما، ولا يسقط هذا الدين إلا بالأداء أو الإبراء. ونص في المادة الثانية منه على أن المطلقة التي تستحق نفقة العدة تعتبر نفقتها كذلك دينا صحيحا من تاريخ طلاقها. وهذا مأخوذ من مذهب الشافعي.

ص: 117

وهذا نص المادتين المشار إليهما وتعليمات وزارة الحقانية بشأنهما:

مادة 1- تعتبر نفقة الزوجة التي سلمت نفسها لزوجها ولو حكما دينا في ذمته من وقت امتناع الزوج عن الإنفاق، مع وجوبه بلا توقف على قضاء أو تراض منهما ولا يسقط دينها إلا بالأداء أو الإبراء.

مادة 2- المطلقة التي تستحق النفقة تعتبر نفقتها دينا كما في المادة السابقة من تاريخ الطلاق.

التعليمات: اشتملت هاتان المادتان على حكمين مخالفين لما كان العمل جاريا عليه قبل صدور هذا القانون وهما:

1-

أن نفقة الزوجة أو المطلقة لا يشترط في اعتبارها دينا في ذمة الزوج القضاء أو الرضا، بل تعتبر دينا من وقت امتناع الزوج عن الإنفاق مع وجوبه.

2-

أن دين النفقة من الديون الصحيحة، وهي التي لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء.

ويترتب على هذين الحكمين:

1-

أن للزوجة أو المطلقة أن تطلب الحكم لها بالنفقة على زوجها من مدة سابقة على الترافع، ولو كانت أكثر من شهر إذا ادعت أن زوجها تركها من غير نفقة، مع وجوب الإنفاق عليها في هذه المدة طالت أو قصرت، ومتى أثبتت ذلك بطريق من طرق الإثبات ولو كان شهادة الاستكشاف المنصوص عليها في المادة 177 من اللائحة حكم لها بما طلبت.

2-

أن دين النفقة لا يسقط بموت أحد الزوجين ولا بالطلاق ولو خلعا، فللمطلقة مُطْلقا الحق فيما تجمد لها من النفقة حال قيام الزوجية ما لم يكن عوضا لها عن الطلاق أو الخلع.

ص: 118

3-

أن النشوز الطارئ لا يسقط متجمد النفقة، وإنما يمنع النشوز مطلقا من وجوبها ما دامت الزوجة أو المعتدة ناشزة.

وظاهر أن هذين الحكمين هما المنصوص عليهما في هاتين المادتين، وأما ما عداهما من أحكام النفقة فالمرجع فيه إلى الأرجح من مذهب أبي حنيفة طبقا لما نص عليه في اللائحة، وعلى هذا يكون المرجع فيمن تجب لها النفقة ومن لا تجب هو مذهب أبي حنيفة.

ومن المقارنة يتبين أن ما كان عليه العمل قبل سنة 1920 وهو مذهب الحنفية كان يفوت على الزوجات نفقتهن عن كل مدة سابقة على وقت الحكم شهر فأكثر، ولذلك ما كانت تصدر أحكام النفقات مستندة إلى تاريخ سابق على الحكم بأكثر من شهر، وما صار عليه العمل بعد سنة 1920 وهو مذهب الشافعية جعل للزوجة الحق في أن تطلب الحكم لها بالنفقة عن كل مدة سابقة طالت أو قصرت.

وقد تبين أن بعض الزوجات استغلت هذا التعديل لإرهاق الأزواج بمبلغ باهظ متجمد عن عدة سنين فيتركن المطالبة بالنفقة حتى تمضي مدة طويلة ويتجمد فيها مبلغ باهظ يرهق الزوج، ولهذا تدورك الأمر ونص في الفقرة 6 من المادة 99 من القانون رقم 78 لسنة 1931 "اللائحة" على ما يأتي:"ولا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من ثلاث سنوات ميلادية نهايتها تاريخ رفع الدعوى".

وجاء في المذكرة الإيضاحية بشأن هذه الفقرة ما نصه:

"أما النفقة عن المدة الماضية فقد رئي أخذا بقاعدة جواز تخصيص القضاء ألا تسمع الدعوى بها لأكثر من ثلاث سنوات ميلادية نهايتها تاريخ قيد الدعوى. ولما كان في إطلاق إجازة المطالبة بالنفقة المتجمدة عن مدة سابقة على رفع الدعوى احتمال المطالبة بنفقة سنين عديدة، ترهق الشخص الملزم بها، رئي من العدل دفع صاحب الحق في النفقة إلى المطالبة بها أولا فأولا بحيث لا يتأخر أكثر من ثلاث

ص: 119

سنين، وجعل ذلك من طريق منع سماع الدعوى وليس في ذلك الحكم ضرر على صاحب الحق في النفقة إذ يمكنه أن يطالب به قبل مضي الثلاث سنين1".

وبما أن نفقة الزوجة التي تستحقها على زوجها تعتبر دينا في ذمته من وقت امتناعه عن الإنفاق، يصح أن تبرئه الزوجة من دين نفقتها كله أو بعضه متى صادف الإبراء دينا في ذمته. وبما أنها تعتبر دينا صحيحا لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، فإذا كان للزوج دين في ذمتها وطلب أحدهما مقاصة الدينين أجيب إلى طلبه لاستواء الدينين في القوة.

وإذا عجل الزوج لزوجته نفقة مدة مستقبلة كشهر مثلا، ثم طرأ في أثناء المدة ما يجعلها لا تستحق النفقة بأن نشزت في نصف الشهر أو مات أحد الزوجين، قال الشيخان: لا يسترد شيء مما عجل من النفقة؛ لأنها وإن كانت جزاء احتباس فيها شبهة الصلة، والصلة بين الزوجين لا رجوع فيها. وقال محمد والشافعي: يسترد من المعجل نفقة المدة التي لا تستحق نفقة عنها؛ لأنها إنما أخذته جزاء احتباسها، ومتى فات الاحتباس فلا حق لها فيه، فعليها أن ترده.

ومقتضى الأخذ بمذهب الشافعي في اعتبارها دينا صحيحا من حين وجوبها أن يؤخذ بهذا فيكون له استرداد ما عجله مما تبين عدم وجوبه عليه.

1 ولم تعرف الحكمة في تحديد المدة بخصوص ثلاث سنين ولا ما استند إليه في هذا التحديد. كما أن بعض الباحثين يرى أنها كثيرة وسبيل للإرهاق إذا كانت النفقة المحكوم بها شهريا كثيرة.

ص: 120