الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفقود:
تعريفه:
المفقود شرعا هو غائب لا يدرى مكانه، ولا يعلم أحي هو أم ميت.
إدارة شئونه:
إذا ترك المفقود وكيلا كان قد وكله عنه قبل فقده، تستمر وكالة هذا الوكيل، ويكون له الحق بمقتضاها في حفظ أمواله، واستثمارها والنظر في شئونها من تحصيل غلات وقبض ديون، وغير ذلك من كل تصرف يقتضيه الحفظ أو الاستثمار. ولا يعتبر الوكيل بفقد موكله معزولا من الوكالة بل يبقى نائبا عنه في إدارة شئونه. وليس لورثة المفقود التعرض له، ولا لمندوب بيت المال عند عدم وجود ورثة له؛ لأنه ما دام لم يحكم بموت المفقود فما له باق على ملكه، ووكيله قائم فيه مقامه، ولا حق فيه للورثة ولا لبيت المال، ولا يملك هذا الوكيل تعمير عقاراته إلا بإذن القاضي.
وإذا لم يترك المفقود وكيلا عنه عيّن له وكيل يحفظ أمواله ويستثمرها بما فيه المصلحة.
جهة الاختصاص بشئونه:
المجالس الحسبية هي المختصة الآن بتعيين الوكيل في مال المفقود، ومراقبة الوكيل الذي أنابه عنه المفقود قبل فقده، ولها الحق في محاسبته وفي عزله، وتعيين غيره إن رأته غير صالح لإدارة المال، ولها ضم غيره إليه إن رأته غير قادر عليها وحده. وشأنه في ذلك شأن الوصي على القاصر والقيّم على المحجور عليه.
والمحاكم الشرعية هي المختصة بالحكم بموت المفقود، وقسمة تركته بين ورثته، وشئون زوجيته.
وتصرفات الوكيل في أموال المفقود على ما عليه العمل الآن بالمجالس الحسبية حكمها حكم تصرفات الوصي في مال القاصر، والقيم في مال المحجور عليه، فلا يجوز له التبرع بشيء منه، ولا تغييره كما نص على ذلك في المادة 22، ويجب عليه استئذان
المجلس لإجراء أي تصرف من التصرفات الواردة في المادة 21، وما عدا ذلك فهو سائغ له بغير اسئذان؛ لأن المواد المذكورة جعلت حكمها ساريا على الأوصياء والقامة. والوكلاء عن الغائبين. بغير تفريق بين وصي مختار ومعين، وبين وكيل مختار ووكيل معين.
أحكام المفقود:
يعتبر المفقود حيا وترتب عليه أحكام الأحياء ما دام لم يثبت موته ولم يحكم به؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيره. وعلى هذا لا يفرق بينه وبين زوجته ولا تحل لأحد غيره، ولا يقسم ماله بين ورثته، ولا تفسخ إجارته. وتجب عليه في ماله النفقة لزوجته، ولكل من تجب عليه نفقتهم شرعا؛ لأنه معتبر حيا في غيبته. فلا ترتب عليه أحكام الموتى فتبقى زوجته على عصمته، وماله على ملكه، وإجارته قائمة، ويبقى أهلا لوجوب النفقة عليه.
ولكن بما أن حياته هذه اعتبارية، وليست محققة فلا ترتب عليها الأحكام التي شَرْطها التحقق من الحياة، وعلى هذا لا يرث فعلا من غيره. ولا يستحق فعلا الموصى له به؛ لأن الشرط لاستحقاق الإرث والوصية التحقق من حياة الوارث أو الموصى له بعد موت المورث أو الموصي. وبما أن المفقود ليست محققة حياته بل هو معتبر حيا فقط، فلا يرث فعلا ولا يستحق الموصى به فعلا، ولكن لاحتمال حياته يوقف له نصيبه في الميراث الذي يستحقه لو كان محقق الحياة، ويوقف له الموصى له به، فإذا ظهر حيا أخذ النصيب الموقوف المحفوظ له؛ لأنه تبين أنه استحقه، وإذا لم يظهر حيا وحكم بموته، يرد الموقوف من الميراث إلى ورثة المورث، وترد الوصية إلى ورثة الموصي؛ لأن المفقود لما لم تظهر حياته كان كأنه عند موت المورث أو الموصي غير موجود، فلا حق له في الإرث، ولا الوصية، ويكون ما وقف له حقا لورثة المورث أو الموصي:
وهذا معنى قول الفقهاء يعتبر المفقود حيا في الأحكام التي تضره، وتترتب على ثبوت موته كقسمة ماله بين ورثته وانقطاع زوجيته. ويعتبر ميتا في حق الأحكام
التي تنفعه وتضر غيره، وتترتب على ثبوت حياته. كإرثة من غيره واستحقاقه وصية غيره له.
متى يحكم بموته:
أصل المذهب أن المفقود يحكم بموته بالبينة. فإن لم توجد بينة فبموت أقرانه، أو بمضي تسعين سنة من تاريخ ولادته.
والجاري عليه العمل الآن في المحاكم الشرعية وهو مأخوذ من مذهب أبي حنيفة وأحمد بن حنبل: أن المفقود إذا فقد في حالة يظن معها موته كمن خرج ليقضي حاجة قريبة ويعود ففقد. أو خرج للقتال في الميدان ففقد، فهذا يحكم بموته بناء على طلب ذي الشأن فيه، إذا مضت عليه أربع سنين كاملة من حين فقده ولم يعد، وبحث عنه فلم يوجد. وإذا فقد في حالة يظن معها بقاؤه حيا، كمن سافر للسياحة أو التجارة أو طلب العلم ففقد، فهذا يحكم بموته بناء على طلب ذي الشأن فيه إذا مضت عليه من حين فقده مدة لا يعيش مثل المفقود إلى غايتها، وتحرّي عنه بما يوصل إلى معرفة حاله فلم يوجد. وتقدير هذه المدة موكول إلى رأي القاضي يقدرها بمراعاة سن المفقود وحالته الصحية حين فقده، وقد تكون أربع سنين أو أقل أو أكثر.
والفرق بين الحالين أنه لما كان الفقد في الحالة الأولى على حال يغلب فيها الهلاك حددت أربع سنوات يكون مضيها مرجحا موته. ولما كان الفقد في الحالة الثانية على حال يظن معها بقاؤه حيا ترك أمر تقدير المدة التي يحكم بموته إذا مضت إلى القاضي، ليراعي سن المفقود وصحته وسائر أحواله. ولزم التحري في الحالتين للاحتياط. وقبل صدور الحكم بموته يعتبر حيا على ما قدمنا مهما طالت مدة فقده.
ومتى حكم بموته اعتدت زوجته عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ الحكم بموته. وبعد انقضائها تحل للأزواج. وقسمت تركته بين ورتثه الموجودين وقت الحكم بموته. ورد الموقوف له من الإرث أو الوصية إلى ورثة مورثه أو الموصى كما قدمنا.
ومن هذا يتبين أن الحكم بموت المفقود لا يستند إلى تاريخ فقده بالنسبة لإرث غيره منه. ولهذا لا يرثه إلا ورثته الموجودون وقت الحكم بموته. أما من ماتوا قبل الحكم فلا يرثونه، ولو ماتوا بعد فقده. ويستند إلى تاريخ فقده بالنسبة لإرثه من غيره، ولهذا يرد النصيب الموقوف من الإرث أو الوصية إلى ورثة المورث أو الموصى كأن المفقود لم يكن موجودا.
ظهور حياته:
إذا حكم بموت المفقود على أي حال كان فقده ثم جاء، أو ظهرت حياته بأي دليل. فأما زوجته فهي له ما لم يتزوج بها آخر، ويستمتع بها غير عالم بحياة الأول. فإن وجدها كذلك أي تزوجت بآخر وتمتع بها غير عالم بحياة الأول فهي لزوجها الثاني، إلا أن يكون عقد عليها في عدة وفاة الأول. وأما ماله فالموجود منه في أيدي ورثته يأخذه منهم. وأما ما استهلكوه منه فهو غير مضمون عليهم؛ لأنهم أخذوه بحكم القاضي. وكذلك الحكم فيما كان موقوفا له من إرث أو وصية ورُدّ إلى ورثة المورث أو الموصى بعد الحكم بموته يأخذ الموجود منه بأيديهم، وأما المستهلك فلا ضمان له.
مادة 21 من القانون رقم 25 لسنة 1929: "يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنين من تاريخ فقده. وأما في جميع الأحوال الأخرى فيفوض أمر المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها إلى القاضي. وذلك كله بعد التحري عنه بجميع الطرق الممكنة، الموصلة إلى معرفة إن كان المفقود حيا أو ميتا".
مادة 22 من القانون نفسه: "بعد الحكم بموت المفقود بالصفة المبينة في المادة السابقة تعتد زوجته عدة الوفاة، وتقسم تركته بين ورثته الموجودين وقت الحكم".
مادة 7 من القانون رقم 25 لسنة 1920: "إذا جاء المفقود أو لم يجئ، وتبين أنه حي فزوجته له ما لم يتمتع بها الثاني، غير عالم بحياة الأول، فإن تمتع بها الثاني غير عالم بحياة الأول كانت للثاني، ما لم يكن عقده في عدة وفاة الأول".