الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقدير القاضي أو اتفاق الطرفين، كذلك تستحق نفقة العدة إن كان الطلاق بعد الدخول ولا تستحقها إن كان قبله، وتقدير قيمتها يكون بمعرفة القاضي أو تراضي الطرفين.
5-
إذا كان للزوجة من زوجها أولاد يكونون تابعين في الدين لمذهب الزوج المسلم، فإذا طلقها بائنا يكون لها الحق في إرضاع أولادها بأجرة على والدهم، وكذلك حضانة أولادها تكون من حقها بالقيمة التي يقررها القاضي الشرعي أو يتفق عليها الطرفان، وتكون مدة الحضانة سبع سنين للابن وتسع سنين للبنت ما لم ير القاضي خلاف ذلك لمانع.
6-
اختلاف الدين مانع من موانع الميراث فلا يرث أحد الزوجين الآخر إذا مات.
زواج غير المسلمين بعضهم ببعض:
المراد بغير المسلمين ما يشمل أهل الكتاب والمشركين وكل من لا يدينون بالإسلام، والأساس الذي بني عليه الإسلام معاملة المسلمين لمن في بلادهم من غير المسلمين أننا أمرنا بتركهم وما يدينون وعدم التعرض لهم فيما يعتقدون.
وعلى هذا الأساس كل زواج تم بين اثنين منهم صحيحا حسب دينهم، لا يجوز للمسلم الاعتراض عليه ولا للقضاء الإسلامي التعرض له، سواء أكانا من أهل الكتاب أم من المشركين أم من غيرهم، وسواء أكان هذا الزواج صحيحا في حكم الإسلام أم غير صحيح في حكمه لفقده أي شرط من شروطه.
فلو تزوج اليهودي إحدى محارمه نسبا أو رضاعا أو مصاهرة، أو تزوج المسيحي بغير حضور شهود، أو تزوج المجوسي معتدة مجوسي آخر، وكان ذلك كله جائزا في دينهم فهم وما يدينون ولا يجوز التعرض لهم في زوجيتهم1 حتى لو اختصما
1 نصت الفقرة الأخيرة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أنه لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق.
إلينا في بعض آثار هذه الزوجية كأن طلبت زجة المسيحي من القاضي الشرعي الحكم لها على زوجها المسيحي بنفقة، أو طلب هو الحكم له عليها بالطاعة تسمع الدعوى ويقضى بالنفقة أو الطاعة، ولو كانت الزوجية غير صحيحة في حكم الإسلام ما دامت صحيحة في دينهم ولم يختصما إلينا فيها؛ لأنا أمرنا بتركهم وما يدينون.
ولكننا نتعرض لهم ونمضي حكم الإسلام في زوجيتهم في حالات ثلاث:
"الأولى" أن يختصما في الزوجية ويترافعا إلينا طالبين حكم الإسلام فيها1 فحينئذ يفصل في هذه الزوجية بما تقضي به الشريعة الإسلامية عملا بقوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ولأنهما بالترافع إلينا رضيا حكم شريعتنا وطلبا إمضاءه في زواجهما.
فإذا ثبت أن الزواج المتنازع فيه بينهما كان حين عقده مستوفيا الشرائط الشرعية وصحيحا في حكم الإسلام قضى القاضي بصحته؛ لأن كل زواج صحيح بين المسلمين فهو صحيح بين غيرهم.
وإذا ثبت أنه كان حين عقده غير صحيح في الإسلام لعدم حضور شهود؛ أو لأن الزوجة حين العقد عليها كانت في عدة كتابي كان زوجا لها من قبل، قضى القاضي أيضا بصحته ما دام ذلك جائزا في دينهم؛ لأنهما لما رضيا بحكم الإسلام لم يلتزما بمذهب معين من مذاهب أئمة المسلمين، وما دام الزواج بغير حضور شهود صحيحا في بعض المذاهب الإسلامية، وهو مذهب مالك؛ لأن الشرط عنده إعلانه ولو بغير الشهود، فإنه يقضى بصحته بينهم ما دام متفقا ودينهم.
وأما إذا ثبت أنه كان حين عقده غير صحيح في الإسلام لكون الزوجة إحدى محارم الزوج بنسب أو رضاع أو مصاهرة، أو لكونها كانت حين العقد عليها معتدة
1 ولا يجوز التعرض لزوجيتهما، إلا إذا ترافعا إلينا معا، وأما لو رفع أحدهما فقط وأبى الآخر فلا نتعرض لهما؛ لأن في هذا اعتداء على حق من أبى، وهذا هو مذهب الإمام وعليه العمل. وقال محمد: يكفي أن يرفع أحدهما الأمر إلينا؛ لأنه رضي بحكم الإسلام فصار كما إذا أسلم.
لمسلم فإنه يقضى ببطلانه وبالتفريق بينهما؛ لأنه بإجماع أئمة المسلمين زواج غير صحيح في حكم الإسلام فلا يقرهما عليه القضاء الشرعي1.
"الثانية" أن يكون في زوجيتهما اعتداء على حق مسلم كما إذا كانت كتابية متزوجة بمسلم فطلقها فتزوجها كتابي وهي في عدة المسلم، فإن القاضي يفرق بينهما ولو لم يترافعا إلينا محافظة على حق المسلم.
"الثالثة" أن يسلم الزوجان أو أحدهما، فإن أسلما معا وكانت زوجيتهما مما يقرها الإسلام بأن كانت صحيحة في حكمه لاستيفائها شروطه، أو غير صحيحة لعدم حضور شهود؛ أو لأن الزوجة حين العقد عليها كانت معتدة لغير مسلم يقران على زوجيتهما ولا يتعرض لهما، وإن كانت زوجيتهما مما لا يقرها الإسلام بأن كانت غير صحيحة؛ لأن الزوجة إحدى محارم الزوج؛ أو لأنها حين العقد عليها كانت معتدة لمسلم فلا يقران على زوجيتهما. وإن لم يفترقا من تلقاء أنفسهما يقضى بالتفريق بينهما ولم لم يترافعا إلينا؛ لأنهما بإسلامهما التزما إمضاء حكم الإسلام فيهما وهذه زوجية لا يقرها الإسلام فيجب عليهما الافتراق وألا فرق بينهما القضاء شأن كل مسلمين تعاشرا بزواج غير صحيح شرعا.
وإذا أسلم الزوج وحده وكانت زوجته كتابية فزواجها باق على حاله ما دامت زوجيتهما مما يقرها الإسلام؛ لأن زواج المسلم بالكتابية يحل ابتداء فيحل بقاء. وأما إذا أسلم وكانت زوجته غير كتابية بأن كانت مشركة فإنه يعرض عليها الإسلام، فإن أبت أن تسلم أو تدين بأي دين إلهي فرق بينهما؛ لأن زواج المسلم بغير الكتابية
1 كل زواج صح حسب شريعة الزوجين من غير المسلمين ولم يصح في الشريعة الإسلامية إن كان عدم صحته لفقد شرط متفق على اشتراطه بين أئمة المسلمين لا يعتبر صحيحا، وإن كان عدم صحته لفقد شرط مختلف فيه يعتبر صحيحا.
ويبحث وجه التسوية بين زواج لم يحضره شهود وزواج المعتدة من كتابي؛ لأن الأول مختلف فيه فهل الثاني كذلك؟
لا يصح ابتداء فلا يصح بقاء، وإن أسلمت أو اعتنقت أي دين سماوي فزواجهما باق على حاله ما دام مما يقره الإسلام.
وإذا أسلمت الزوجة وحدها فسواء أكان الزوج كتابيا أم غير كتابي يعرض عليه الإسلام إن كان أهلا لعرض الإسلام عليه، بأن كان بالغا عاقلا أو صبيا مميزا أو معتوها مميزا، فإن أبى أن يسلم فرق بينهما القضاء؛ لأن المسلمة لا يصح أن تكون زوجة لغير مسلم، وإن أسلم فزواجهما باق على حاله ما دام مما يقره الإسلام1.
وإن كان غير أهل لعرض الإسلام عليه بأن كان صغيرا غير مميز أو مجنونا ففي الصغير غير المميز ينتظر حتى يبلغ سن التمييز، فإن صار مميزا عرض عليه الإسلام كما تقدم. وفي المجنون يعرض الإسلام على أبويه، فإن أسلم أحدهما تبعه ابنه، واستمرت زوجيتهما ما دامت مما يقرها الإسلام، وإذا أبى كل من أبويه الإسلام فرق القاضي بين الزوجين. وكذلك يفرق بينهما إذا لم يكن للمجنون أب ولا أم بعد أن يقيم وصيا للخصومة عن المجنون يكون حكم التفريق في مواجهته.
وإنما فرق في الحكم بين الصغير غير المميز وبين المجنون؛ لأن بلوغ الصغير سن التمييز له أمد معلوم يمكن انتظاره، ولكن شفاء المجنون ليس له وقت معلوم، وربما طال سنين عديدة فتتضرر الزوجة التي أسلمت فمنعا للضرر عنها يعرض الإسلام على أبوي زوجها المجنون فربما يكونان حريصين على بقاء الزوجية، وتبعثهما أو أحدهما الشفقة الأبوية على الإسلام، فيتبعه المجنون ويبقى الزواج.
1 إذا أسلمت الزوجة وكان زوجها غير المسلم غائبا غيبة منقطعة لا يدرى مكانه حكم بالتفريق بينها وبينه بدون عرض الإسلام عليه لانعدام الولاية التي تمكننا من عرض الإسلام عليه "اقرأ حكم محكمة الجمالية الشرعية في مجلة القضاء الشرعي عدد 2 سنة أولى".
وإذا أسلمت وطلب زوجها للحضور لعرض الإسلام عليه ولم يحضر وتكرر ذلك منه اعتبر تخلفه المتكرر بعد طلبه إباء منه، وفرق بينه وبين زوجته، وقد صدرت بهذا عدة أحكام من المحاكم الشرعية المصرية.