المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الوصية: تعريفها: الوصية شرعا يفيد تمليك عين أو دين أو منفعة بلا - أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية

[عبد الوهاب خلاف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الموضوعات:

- ‌الزواج

- ‌مدخل

- ‌مقدمات الزواج:

- ‌أركان الزواج:

- ‌شروط الزواج:

- ‌صيغة الزواج من حيث إطلاقها وتقييدها:

- ‌حكم الزواج:

- ‌المحرمات من النساء:

- ‌الولاية على الزواج:

- ‌الوكالة بالزواج:

- ‌الكفاءة في الزواج:

- ‌حقوق الزوجة على زوجها

- ‌مدخل

- ‌ المهر:

- ‌ نفقة الزوجة:

- ‌ عدم الإضرار بالزوجة:

- ‌ العدل بين الزوجات:

- ‌حقوق الزوج على زوجته

- ‌مدخل

- ‌ الطاعة:

- ‌ ولاية التأديب:

- ‌الحقوق المشتركة بين الزوجين:

- ‌زوج المسلم بالكتابيات

- ‌زواج غير المسلمين بعضهم ببعض:

- ‌الطلاق

- ‌مدخل

- ‌أحوال صيغة الطلاق:

- ‌أنواع الطلاق:

- ‌حكم الطلاق:

- ‌طلاق المريض مرض الموت:

- ‌تفويض الطلاق إلى الزوجة:

- ‌الخلع:

- ‌الحالات التي يطلق فيها القاضي:

- ‌فسخ الزواج:

- ‌العدة:

- ‌ثبوت النسب

- ‌ثبوت النسب بالفراش

- ‌ ثبات النسب بالإقرار:

- ‌ثبوت النسب بالبينة

- ‌اللقيط:

- ‌الرضاعة:

- ‌‌‌الحضانةوالنفقات

- ‌الحضانة

- ‌نفقة الأقارب:

- ‌مقارنة بين أنواع النفقات بعضها وبعض:

- ‌الحَجْر:

- ‌الولاية على المال:

- ‌المفقود:

- ‌المريض مرض الموت

- ‌مدخل

- ‌الهبة:

- ‌الوصية:

الفصل: ‌ ‌الوصية: تعريفها: الوصية شرعا يفيد تمليك عين أو دين أو منفعة بلا

‌الوصية:

تعريفها:

الوصية شرعا يفيد تمليك عين أو دين أو منفعة بلا عوض تمليكا مضافا إلى ما بعد موت الموصي. فهي كالهبة في أنها من عقود التمليك بغير عوض. ولكنها تخالف الهبة من وجهين: "أولهما" أن التمليك يستفاد بالهبة في الحال، وأما التمليك المستفاد بالوصية فلا يكون إلا بعد موت الموصي.

"وثانيهما" أن الوصية تكون بالعين وبالدين وبالمنفعة، والهبة لا تكون إلا بالعين. وأما هبة الدين لمن عليه الدين فهي إبراء، وتمليك المنفعة في الحال بلا عوض فهو إعارة.

ركنها:

ركنها الإيجاب من الموصي والقبول من الموصى له. فالإيجاب من الموصي يكون بكل لفظ يصدر منه يدل على التمليك المضاف إلى ما بعد موته بغير عوض، مثل أوصيت لفلان بداري أو بسكناها أو بما لي على فلان من دين. أو وهبت له ذلك بعد موتي أو ملكته بعدي. والقبول يكون من الموصى له بعد موت الموصي؛ لأنه ما دام التمليك مسندا إلى ما بعد الموت فيكون ما بعد الموت هو وقت قبوله، وأما في حياة الموصي فلا تمليك فلا عبرة بالقبول أو الرد حال حياته1.

وإذا صدر الإيجاب من الموصي لا يكون ملزما له، بل يكون له حق الرجوع عنه ما دام حيا؛ لأن الموجب له حق الرجوع عن إيجابه قبل القبول في عقود المعاوضات، فبالأولى يكون له هذا الحق في عقود التبرعات.

وعلى هذا يجوز للموصي أن يرجع عن وصيته ما دام حيا. وهذا الرجوع كما يكون صراحة بالقول، مثل أن يقول عدلت عن وصيتي أو أبطلتها، أو رجعت فيها، يكون

1 قال صاحب البدائع: "وإذا ثبت أن القبول ركن في عقد الوصية فوقت القبول ما بعد موت الموصي. ولا حكم للقبول والرد قبل موته. حتى لو رد قبل الموت ثم قبل بعده صح قبوله؛ لأن الوصية إيجاب الملك بعد الموت. والقبول أو الرد جواب. فيكون بعد إيجاب الملك".

ص: 281

دلالة بالفعل، مثل أن يعمد الموصي إلى الشيء الموصى به فيتصرف فيه تصرفا يخرجه عن ملكه، كأن يبيعه أو يهبه. أو تصرفا يغيره ويجعله شيئا آخر كأن يبني على قطعة الأرض الموصى بها منزلا، أو يخلط الشيء الموصى به بشيء آخر من ملكه بحيث لا يمكن تمييزه أصلا أو لا يمكن إلا بعسر، كأن يخلط أردب القمح الموصى به بأردب آخر من نوعه أو بأردب من شعير. أو يزيد في الشيء الموصى به زيادة لا يمكن تسليمه إلا بها، كأن يوصي بدار من طبقتين ثم يبني عليهما طبقة ثالثة.

فإذا رجع الموصي عن وصيته صراحة أو دلالة بطل إيجابه، وليس للموصى له أن يبني عليه قبولا. كما يبطل الإيجاب بجنون الموصي جنونا مطبقا؛ لأنه لا بد لصحته من بقاء الموجب على أهليته إلى وقت موته، وكما يبطل الإيجاب بهلاك الموصى به إذا كان عينا مشارا إليها لفوات محل العقد.

وإما إذا لم يرجع الموصي عن وصيته لا بقول ولا بفعل، بل بقي مصرا عليها حتى مات، فإن للموصى له الحق في أن يقبلها وأن يردها. فإن ردها بطلت الوصية وبقي الموصى به على ملك ورثة الموصي. وإن قبلها تمت الوصية وملك الموصى به سواء كان عينا أو منفعة ملكا لازما ليس لأحد حق نقضه. وإن سكت الموصى له فلم يقبل ولم يرد إلى أن مات اعتبر قابلا، وتمت الوصية وملك ورثته العين الموصى بها إلى مورثهم.

ومن هذا يؤخذ أن تمام عقد الوصية من جانب الموصي بأن يصدر منه إيجاب الوصية، ويستمر على أهليته وإيجابه من غير رجع عنه بقول أو فعل حتى يموت. ومن جانب الموصى له بأن يقبلها بعد موت الموصي. أو يسكت عن الرد والقبول حتى يموت. فإن شئت قلت ركن الوصية الإيجاب من الموصي وعدم الرد من الموصى له بأن يقع اليأس عن رده بموته.

وهذا إذا كان الموصى له معينا بالشخص حتى يتأتى منه القبول أو الرد. أما إذا كان غير معين بالشخص كمن أوصى لفقراء بلده، أو في أي سبيل للخير.

ص: 282

فهذه الوصية في الحقيقة صدقة تتم بالإيجاب وحده من الموصي؛ لأن قصد الموصي بالوصية للفقراء أو في وجه من وجوه الخير التقرب إلى الله بإخراج ماله إليه سبحانه لا التمليك لأحد.

شروطها:

1-

في الموصي:

يشترط لصحة الوصية أن يكون الموصي أهلا للتبرع، بأن يكون كامل الأهلية بالعقل والبلوغ والحرية. وأن يكون مختارا غير مكره، وغير محجور عليه لسفه أو غفله؛ لأن التبرعات من غير هؤلاء باطلة لا تقبل الإجازة كما بينا في الهبة. وتستثنى من هذا جزئيتان:

"الأولى" تصح وصية الصغير المميز الخاصة بأمر تجهيزه ودفنه، ما دامت في حدود المصلحة؛ لأنها من حاجاته بعد موته.

"الثانية" تصح وصية المحجور عليه للسفه في وجه من وجوه الخير كبناء مستشقى. أو تعليم فقراء. وإن كان له وارث وأجازها نفذت من كل ماله، وكذا إذا لم يكن له وارث أصلا. وأما إن كانت له ورثة ولم يجيزوا هذه الوصية فإنها تنفذ من ثلث ماله فقط، والسبب في صحة وصيته في سبل الخير أن الحجر على السفيه إنما هو للمحافظة على ماله في حياته، حتى لا يصرفه في غير مصلحة، ولا يعيش عالة على غيره، وهو بالوصية لا يخرج شيئا عن ملكه حال حياته، بل يخرجها بعد مماته إلى وجوه البر التي يكون في أشد الحاجة إلى المثوبة عليها لا إلى المال. ولهذا السبب صح وقف المحجور عليه للسفه إذا وقف على نفسه ثم على جهة عينها؛ لأن الحجر إنما هو للمحافظة على أمواله، ووقفه بهذه الطريقة يحقق هذه المحافظة؛ لأنه يمنع العين من التصرف فيها بأي تصرف ناقل للملكية ويضمن ريعها لنفسه ما دام حيا.

2-

في الموصى له:

إذا كان الموصى له معينا يشترط لصحة الوصية له أن يكون موجودا وقت الوصية تحقيقا أو تقديرا، فإذا قال الموصي أوصيت

ص: 283

بداري لفلان وكان فلان موجودا وقت إيجاب الوصية صحت الوصية له، بحيث إذا مات الموصي مصرا عليها ولم يردها فلان بعد موته ملك الدار الموصى له بها. وأما إذا كان فلان ميتا وقت إيجاب الوصية له فلا تصح الوصية.

وكذلك إذا قال الموصي أوصيت لحمل فلانة وكان الحمل موجودا في بطنها وقت إيجاب الوصية له صحت الوصية، بحيث إذا مات الموصي مصرا على وصيته ملك الحمل ما أوصى له به. وقدمنا في الهبة وجه التفريق بين الهبة للحمل والوصية للحمل.

وأما إذا لم يكن الموصى له بالشخص، فيشترط أن يكون موجودا وقت موت الموصي تحقيقا أو تقديرا، ولا يشترط وجوده وقت الوصية. فإذا قال الموصي أوصيت بداري لأولاد أخي علي، ولم يعين هؤلاء الأولاد، ومات مصرا على وصيته ملك الدار من يكونون موجودين من أولاد علي وقت موت الموصي، سواء منهم الموجود تحقيقا أو تقديرا كالحمل، ولو لم يكونوا موجودين وقت إيجاب الوصية.

والتحقق من وجود الحمل وقت الوصية، أو وقت موت الموصي يكون بولادته حال قيام زوجية الحامل لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية، أو من وقت موت الموصي. وإذا كانت الحامل الموصى لحملها معتدة من طلاق بائن أو وفاة فالتحقق من وجوده بولادته لأقل من سنتين من تاريخ الطلاق أو الوفاة؛ لأنه ما دام الشارع حكم بثبوت نسبه فقد حكم بوجوده وقت الوصية له.

ويشترط في الموصى له لنفاذ الوصية له أن يكون غير وارث للموصي. وأما إذا كان أحد ورثته فيتوقف نفاذ الوصية له على إجازة باقي الورثة.

والمراد بالوارث هنا من يرث الموصي فعلا بعد وفاته، ولو لم يقم به سبب الإرث وقت الوصية. وغير الوارث هو من لم يرث فعلا وقت موت الموصي، ولو كان من الورثة وقت الوصية. فإذا أوصى لأجنبية ثم تزوجها ومات وهي على

ص: 284

عصمته فهي وارثة لا تنفذ الوصية لها إلا بإجازة سائر الورثة. ولو أوصى لزوجته، ثم طلقها وانقضت عدتها ومات وهي ليست على عصمته فهي أجنبية والوصية لها نافذة. وهذا خلاف المراد بالوارث وغير الوارث في إقرار المريض.

ويشترط في الموصى له لنفاذ الوصية له أن لا يقتل الموصي قتلا محرما مباشرا، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا وصية لقاتل" فإذا قتل الموصى له الموصي لا تنفذ الوصية له إلا بإجازة الورثة1، بشرط أن يكون قتلا مباشرا ومحرما، سواء كان عمدا أو شبه عمد أو خطأ أو جاريا مجرى الخطأ. وأما القتل بالتسبب، كما إذا حفر الموصى له بئرا في طريق عام فتردى فيها الموصي. والقتل دفاعا عن النفس. والقتل من فاقد الأهلية أو ناقصها كالمجنون والصبي والمعتوه فلا يمنع نفاذ الوصية2.

ويشترط أيضا في الموصى له أن لا يكون مجهولا جهالة لا يمكن إزالتها؛ لأنه معها لا يمكن تسليم الموصى به، ولا تنفيذ الوصية، بأن يكون معينا بالشخص مثل أوصيت لفلان، أو بالنوع، مثل أوصيت لفقراء بلدي. أو لطلبة العلم بمعهد كذا، ولا يشترط أن يتحد الموصى له في الدين مع الموصي، فتصح وصية المسلم للمسلم ولغيره ما لم يكن حربيا. ولا يشترط أن يكون الموصى له من أهل التملك فتصح الوصية للملاجئ والمساجد والمدارس وسبل الخير والنفع، وتكون الوصية في هذه الحال صدقة تتم بإيجاب الموصي وحده؛ لأن القصد منها بإخراج الملك إلى وجه الله لا تمليك أحد كما تقدم.

1 وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، وهو مبني على أن حرمان القاتل من الوصية هو لحق الورثة. وقال أبو يوسف: القاتل تبطل الوصية له، ولا تلحقها إجازة الورثة؛ لأن من تعجل بالشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، فكما لا إرث لقاتل لا وصية لقاتل. وقول أبي يوسف: هو المعقول. وعلى قوله يكون هذا الشرط شرط صحة لا شرط نفاذ كقولهما.

2 القتل أنواع خمسة: عمد، وشبه عمد، وخطأ، وجار مجرى الخطأ، وقتل بالتسبب. فالنوع الخامس لا يمنع من نفاذ الوصية كما لا يمنع من الميراث. والأنواع الأربعة الأولى تمنع من نفاذ الوصية، كما تمنع من الميراث بشرط أن يكون القاتل عاقلا بالغا ليس مدافعا عن نفسه، ولا منفذا حدا أو قصاصا.

ص: 285

3-

في الموصى به:

يشترط في الموصى به أن يكون بعد موت الموصي قابلا للتمليك بأي سبب من أسباب الملك، فتصح الوصية بكل مال متقوم من الأعيان؛ لأنها تملك بالبيع أو الهبة. ومن المنافع لأنها تملك بالإجارة أو الإعارة، وتصح الوصية بما يثمره شجره؛ لأنه يملك بعقد المساقاة. وبما في بطن بقرته أو نعجته؛ لأنه يملك بالإرث، فما دام وجوده محققا وقت موت الموصي استحقه الموصى له، وتصح الوصية بالدين؛ لأنها في الحقيقة وصية بالعين التي تقتضي من المدين سدادا للدين.

ولا تصح بما ليس مالا كالميتة. وما ليس متقوما في حق العاقدين أو أحدهما، كالخمر للمسلمين، ولا بمعدوم لا يقبل التمليك بأي عقد وقت الوصية، كالوصية بما ستلده غنمه.

وكما يصح أن يكون الموصى به معلوما، كما إذا أوصى الموصي لفلان بألف جنيه أو أوصى له بثلث تركته يصح أن يكون مجهولا، كما إذا أوصى لفلان بجزء من ماله، ويكون بيان هذا الجزء حقا للورثة بعد موت الموصي.

نفاذ الوصية: إذا استوفت الوصية شروطها، ومات الموصي مصرا عليها، فنفاذها يختلف باختلاف حال الموصي، والموصى به، والموصى له.

فإن كان الموصي وقت الوصية مدينا بدين مستغرق تركته، ومات على ذلك فلا تنفذ وصيته في قليل من ماله ولا كثير، لا لوارث ولا لأجنبي، إلا إذا أجازها الدائنون؛ وذلك لأن حق الدائن مقدم على حق الموصى له والوارث، فما دامت التركة مستغرقة بالدين فالحق فيها للغرماء؛ لأنه لا وصية إلا بعد سداد الدين، ولا تركة إلا بعد سداد الدين وتنفيذ الوصية الجائزة.

وإن كان الموصي مدينا بدين غير مستغرق تركته، ومات على ذلك فما يعادل الدين من تركته فهو متعلق به حق الدائنين، فلا تنفذ وصيته فيه إلا بإجازتهم.

ص: 286

وما زاد يعتبر كأنه تركة مستقلة خالية من الدين، فتسري في تنفيذ الوصية فيه الأحكام الآتية:

وإن كان الموصي غير مدين، وليس له وارث نفذت وصيته مطلقا، سواء كان الموصى به قليلا أو كثيرا، ولو استغرق جميع تركته؛ لأنه ما دام لم يتعلق بالتركة حق لدائن ولا لوارث فوصية الموصي نافذة، وليس لأحد الاعتراض على نفاذها، وليس لبيت المال اعتراض عليها؛ لأن مرتبته في الاستحقاق بعد الموصى له. وعلى هذا إذا أوصى شخص لأحد أو لجهة بِرٍّ بكل ماله ومات، وليس عليه دين، وليس له وارث استحق الموصى له كل تركته. وإذا أوصى أحد الزوجين للآخر بكل ماله ومات وليس عليه دين، وليس له وارث آخر، استحق الموصى له كل تركته.

وإن كان الموصي غير مدين. وله ورثة، فإن كانت وصيته لوارث فلا تنفذ إلا بإجازة سائر الورثة، سواء كان الموصى به قليلا أو كثيرا، لقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله تبارك وتعالى أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث1". ولأن في إيثار بعض الورثة على بعض بطريق الوصية إيغارا للصدور، وتوليدا للأحقاد، وقطيعة للرحم. ولكن إذا أجاز الورثة أو بعضهم الوصية لأحدهم نفذت في حق من أجازوا؛ لأنهم تنازلوا عن حقهم.

وإن كان الموصي غير مدين وله ورثة ووصيته لأجنبي، فإن كان الموصى به لا يتجاوز ثلث تركته نفذت الوصية بدون توقف على إجازة أحد. وإن تجاوز الموصى به ثلث تركته نفذت في الثلث فقط، وتوقف نفاذها فيما زاد على إجازة الورثة،

1 وأما قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} فالمراد بها والله أعلم بمراده الوصية للوالدين اللذين يمنع من إرثهما شرعا مانع كاختلاف الدين مثلا. والأقربين الذين لا يرثون كالعمة الشقيقة مع العم الشقيق، وبنت الأخ الشقيق مع ابنه، وكل قريب ليس له في الإرث نصيب. فالله شرع الوصية لتدارك ما فات في الإرث.

ص: 287

فإن أجازوا نفذت فيه أيضا، وإن ردوا بطلت فيه، ولم يكن للموصى له غير الثلث. وإن أجازها بعضهم وردها بعضهم نفذت في حق الذي أجاز وبطلت في حق من لم يجز. فلو أوصى رجل لأجنبي بنصف ماله ومات وله ابنان، فإن أجاز الابنان الوصية استحق الموصى له نصف التركة، وورث الابنان النصف الباقي لكل منهما الربع. وإن لم يجز الابنان الوصية استحق الموصى له ثلث التركة، وورث الابنان الثلثين الباقيين لكل منهما الثلث. وإن أجازها أحدهما ولم يجزها الآخر استحق من أجاز ربع الترك، كما لو أجازا معا، واستحق من لم يجز ثلث التركة، كما لو لم يجيزا معا، والباقي يكون للموصى له. فللمجيز ربع. ولغير المجيز ثلث. وللموصى له الباقي 5/ 12.

ولو مات الموصي عن ورثة هم أمه. وأخته الشقيقة. وأختاه لأمه، وقد أوصى لأجنبي غير وارث له بنصف تركته، وكان مقدار تركته 72 فدانا.

فإذا أجاز ورثته كلهم وصيته أخذ الموصى له 1/ 2 تركته 36 فدانا. وأخذ ورثته فروضهم من نصفه الباقي، فللأم 1/ 6 النصف 6 فدادين. وللأخت الشقيقة 1/ 2 النصف 18 فدانا. وللأختين لأم 1/ 3 النصف 12 فدانا.

وإذا لم يجز ورثته وصيته أخذ الموصى له 1/ 3 تركته 24 فدانا. وأخذ ورثته فروضهم من الثلثين الباقيين، فللأم 1/ 6 الثلثين 8 فدادين، وللأخت الشقيقة 1/ 2 الثلثين 24 فدانا. وللأختين لأم 1/ 3 الثلثين 16 فدانا.

وإذا أجاز الوصية بعضهم ولم يجزها الآخر أخذ الموصى له 1/ 3 التركة، وأخذ معه ما استفاده من إجازة المجيز، وهو الفرق بين نصيبه في حال عدم الإجازة. وفي حال الإجازة. ففي هذا المثال إن كان المجيز الأم فقط أخذ الثلث 24 فدانا + 2 فدانان. وإن كان المجيز الأخت الشقيقة فقط أخذ 24 فدانا + 6 فدادين. وإن كان المجيز الأختين لأم فقط أخذ 24 24فدانا + 4 فدادين. وهكذا إذا كان المجيز اثنين منهم.

ص: 288

فمتى عرف نصيب الموصى له، وكل وارث عند عدم إجازتهم جميعا، ونصيب الموصى له، وكل وارث عند إجازتهم جميعا. يسهل معرفة نصيب الموصى له، وكل وارث عند إجازة بعضهم وعدم إجازة بعضهم.

وإنما نفذت الوصية للأجنبي في الثلث فقط، وتوقفت فيما زاد على إجازة الورثة لحديث سعد بن أبي وقاص حيث كان مريضا فعاده الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أأوصي بكل مالي؟ قال: "لا" قال: أأوصي بالثلثين؟ قال: "لا". قال: أأوصي بالنصف؟ قال: "لا". قال: أأوصي بالثلث؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس".

وكل موضع توقف نفاذ الوصية فيه على إجازة الورثة لا تكون هذه الإجازة صحيحة يترتب عليها أثرها، وهو نفاذ الوصية إلا بشرطين:"الأول" أن تكون الإجازة بعد موت الموصي؛ لأنه قبل موته لم يثبت للمجيز حق فلا اعتبار لإجازته. وعلى هذا لو أجاز بعض الورثة الوصية في حياة الموصي ثم ردها بعد موته، فالعبرة لرده ولا اعتبار لإجازته، "والثاني" أن يكون المجيز وقت إجازته من أهل التبرع، بأن يكون كامل الأهلية غير محجور عليه لسفه أو غفلة؛ لأن إجازته في حكم التبرع منه والتنازل عن حقه.

المال الذي تنفذ فيه الوصية: إذا كانت الوصية بمال غير معين بالشخص بأن أوصى الموصي بثلث ماله أو ربعه مثلا استحق الموصى له ثلث أو ربع مال الموصي الموجود عند وفاته، سواء كان له هذا المال وقت الوصية أو لا؛ لأن التمليك في الوصية مضاف إلى ما بعد الموت، فيتعلق بالمال الموجود وقت التمليك والتملك. وإذا كانت الوصية بمعين بالذات بأن أوصى الموصي بهذا المنزل أو هذه المكتبة استحق الموصى له عين الموصى به، بحيث لو هدم المنزل أو حرقت المكتبة في حياة الموصي بطلت الوصية لفوات محلها.

ص: 289

الوصية بالمنفعة:

تبين من تعريف الوصية أنها كما تكون بالعين تكون بالدين وبالمنفعة، والوصية بالمنفعة تارة تكون بأن ينتفع الموصى له بنفسه بالعين الموصى بها، كما إذا أوصى له بسكنى داره، أو بركوب فرسه، أو بالقراءة في كتبه. وتارة تكون بأن ينتفع الموصى له بغلة العين الموصى بها، كما إذا أوصى بأن يستغل الموصى له داره أو أرضه أو أي عين يملكها.

والشرط لنفاذ الوصية بالمنفعة هوالشرط لنفاذ الوصية بالعين، فإن كان الموصى له بالمنفعة وارثا توقف نفاذ الوصية له على إجازة سائر الورثة، مهما كانت قيمة العين الموصى بمنفعتها. وإن كان غير وارث نفذت الوصية له بالمنفعة، إذا كانت قيمة العين الموصى بمنفعتها لا تتجاوز ثلث التركة. فإن تجاوزت الثلث توقفت فيما زاد عن الثلث على إجازة الورثة؛ وذلك لأن الوصية لغير الورثة بمنفعة عين من الأعيان تحول بين الورثة وبين الانتفاع بالعين الموصى بمنفعتها. ولا يجوز للموصي أن يعطل انتفاعهم بأكثر من ثلث ماله إلا بإجازتهم.

وهنا في الوصية بالمنفعة بحثان: "الأول" ما الذي يملكه الموصى له بالمنفعة من ضروب الانتفاع. "والثاني" ما أمد هذا الانتفاع.

أما الأول فإذا نص الموصي في وصيته على أن للموصى له الحق في أن ينتفع بالعين الموصى بها بنفسه. وأن يستغلها كان له الانتفاع والاستغلال، فإن شاء سكن المنزل، وإن شاء أجره وانتفع بأجرته.

وإذا نص على أن له السكنى فقط، لم يكن له الاستغلال عملا بنص الموصي، فله أن يسكن المنزل وليس له أن يؤجره.

وإذا نص على أن له الاستغلال فقط. قيل ليس له الانتفاع بنفسه؛ لأن الموصي ملكه أن ينتفع على وجه خاص فليس له غيره. وقيل له الانتفاع بنفسه أيضا؛ لأن

ص: 290

تمليك الإنسان المنفعة لغيره فرع عن ملكيته لها، إذ لو لم يملكها بنفسه ما أمكنه أن يملكها غيره، وهذا الرأي الثاني هو الراجح.

ومذهب الإمام أحمد أن من أوصى له بالانتفاع ملك الاستغلال، ومن أوصى له بالاستغلال ملك الانتفاع. وهذا مذهب معقول المعنى؛ لأن الموصي ما أراد بوصيته إلا نفع الموصى له. وقد يتعذر على الموصى له أن ينتفع بنفسه لبعد الدار الموصى بها عن محل إقامته، أو ضيقها عن حاجته أو لأي سبب، فإذا لم يكن له الاستغلال بقيت الدار في مثل هذه الحالات معطلة، وضاع غرض الموصي من نفع الموصى له. وهذا الخلاف جار أيضا فيمن وقف دارا على فلان ليسكنها1.

وأما الثاني فإذا أطلق الموصي بالمنفعة وصيته أو نص على الأبد، كما إذا قال أوصيت لفلان بسكنى منزلي أو بسكنى منزلي أبدا، كان للموصى له الانتفاع ما دام حيا، فإذا مات ترد العين الموصى بمنفعتها إلى ورثة الموصي. وإذا حدد مدة كان للموصى له الانتفاع في المدة المحددة فقط. فإذا قال أوصيت لفلان بسكنى داري أو محصول أرضي سنة، فله ذلك بعد موت الموصى سنة فقط. وإذا قال أوصيت لفلان بسكنى داري السنة الثالثة بعد مماتي فله السكنى تلك السنة، وبعد المدة المحددة تعود العين إلى ورثة الموصي. فالوصية بالمنفعة ينتهي أمدها بانتهاء المدة إذا حددت لها مدة. وبانتهاء حياة الموصى له إذا أطلقت عن تحديد مدة أو نص فيها على الأبد. ولا تنتقل المنفعة إلى ورثة الموصى له؛ لأنهم غير موصى لهم بها؛ ولأن المنافع لا تورث وحدها، بل تورث تبعا لإرث الأعيان.

حكم الوصية:

إذا تمت الوصية باستيفاء ركنها وشروطها ترتب عليها حكمها، وهو ثبوت الملك بعد موت الموصي للموصى له فيما أوصى له به. فإذا كان موصى له

1 وقد أخذنا بمذهب الإمام أحمد في مشروع الإصلاح لبعض أحكام الوقف، وبينا في مذكرتنا ما في الأخذ به من مصالح.

ص: 291

بالعين ملكها ملكية تامة، وكان له بعد موت الموصي حق التصرف فيها بجميع التصرفات التي للمالك في ملكه، وتورث عنه بعد مماته. وإذا كان موصى له بالمنفعة ملكها على حسب نص الوصية من حيث نوع الانتفاع وأمده على ما بينا، وتكون في هذه الحال رقبة العين الموصى بمنفعتها ملكا لورثة الموصي. ولكن ملكيتها ناقصة حتى يستوفي الموصى له حقه في منفعتها. وقد قدمنا أن الموصي ما دام حيا له الرجوع عن وصيته؛ لأنه لم يحصل إلا الإيجاب وحده فله العدول عنه؛ لأنه لم يتم العقد. وهذا من الوجهة القضائية. أما من الوجهة الخلقية فمن شرع في خير فعليه أن يمضي فيه، والله يحب إذا عمل عملا أن يتمه، وهو سبحانه يمد بمعونته من أراد الخير ويوفقه إلى أن يتمه وأن يتبع الخير بخيرات:

والحمد لله على نعمة التوفيق

ص: 292

قانون نمرة 25 لسنة 1920 خاص بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية:

نحن سلطان مصر:

بعد الديباجة، رسمنا بما هو آت:

الباب الأول: في النفقة

القسم الأول: في النفقة والعدة

مادة 1- تعتبر نفقة الزوجة التي سلمت نفسها لزوجها ولو حكما دينا في ذمته، من وقت امتناع الزوج عن الإنفاق مع وجوبه بلا توقف على قضاء أو تراض منهما، ولا يسقط دينها إلا بالأداء أو الإبراء.

مادة 2- المطلقة التي تستحق النفقة تعتبر نفقتها دينا كما في المادة السابقة من تاريخ الطلاق.

مادة 3- من تأخر حيضها بغير رضاع تعتبر عدتها بالنسبة للنفقة بسنة بيضاء لا ترى فيها الحيض، فإن ادعت أنها رأت الدم في أثنائها أخرت إلى أن ترى الدم مرة أخرى، أو إلى أن تمضي سنة بيضاء، وفي الثالثة إن رأت الدم انقضت عدتها، وإن لم تره تنقضي العدة بانتهاء السنة.

فإن كانت مرضعا وحاضت في أثناء الرضاع اعتدت بالإقراء، وإن تأخر حيضها بعد انقضاء مدة الرضاع، كان الحكم في تأخر حيضها هو ما تقدم. وفي الحالتين لا تسمع دعوى أن لها عادة في الحيض لأكثر من سنة1.

1 ألغيت هذه المادة بالقانون رقم 25 لسنة 1929.

ص: 293

القسم الثاني: في العجز عن النفقة

مادة 4- إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته، فإن كان له مال ظاهر نفذ الحكم عليه بالنفقة في ماله، فإن لم يكن له مال ظاهر ولم يقل إنه معسر أو موسر، ولكن أصر على عدم الإنفاق طلق عليه القاضي في الحال. وإن ادعى العجز فإن لم يثبته طلق عليه حالا. وإن أثبته أمهله مدة لا تزيد على شهر، فإن لم ينفق طلق عليه بعد ذلك.

مادة 5- إذا كان الزوج غائبا غيبة قريبة فإن كان له مال ظاهر نفذ الحكم عليه بالنفقة في ماله، وإن لم يكن له مال ظاهر أعذر إليه القاضي بالطرق المعروفة وضرب له أجلا، فإن لم يرسل ما تنفق منه زوجته على نفسها أو لم يحضر للإنفاق عليها، طلق عليه القاضي بعد مضي الأجل.

فإن كان بعيد الغيبة لا يسهل الوصول إليه، أو كان مجهول المحل، أو كان مفقودا وثبت أنه لا مال له تنفق منه الزوجة طلق عليه القاضي.

وتسري أحكام هذه المادة على المسجون الذي يعسر بالنفقة.

مادة 6- تطليق القاضي لعدم الإانفاق يقع رجعيا، وللزوج أن يراجع زوجته إذا ثبت إيساره واستعد للإنفاق في أثناء العدة، فإذا لم يثبت إيساره ولم يستعد للإنفاق لم تصح الرجعة.

الباب الثاني: في المفقود.

مادة 7- إذا كان للمفقود وهو من انقطع خبره مال تنفق منه زوجته جاز لها أن ترفع أمرها إلى القاضي، وتبين الجهة التي يظن أنه سار إليها، ويمكن أن يكون موجودا بها. وعلى القاضي أن يبلغ الأمر إلى وزارة الحقانية لتجري البحث عنه بجميع الطرق الممكنة. فإذا مضت مدة أربع سنين من حين رفع الأمر إلى القاضي ولم يعد الزوج ولم يظهر له خبر، يعلن القاضي الزوجة، فتعتد عدة وفاة أربعة أشهر وعشرة أيام. وبعد انقضاء العدة يحل لها أن تتزوج بغيره1.

1 ألغيت هذه المادة بالقانون رقم 25 لسنة 1929.

ص: 294

مادة 8- إذا جاء المفقود أو لم يجئ، وتبين أنه حي فزوجته له ما لم يتمتع الثاني بها غير عالم بحياة الأول، فإن تمتع بها الثاني غير عالم بحياته كانت للثاني ما لم يكن عقده في عدة وفاة الأول.

الباب الثالث: في التفريق بالعيب

مادة 9-للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيبا مستحكما لا يمكن البرء منه، أو يمكن بعد زمن طويل، ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجذام والبرص، سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد، ولم تعلم به أم حدث بعد العقد ولم ترض به، فإن تزوجته عالمة بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها فلا يجوز التفريق.

مادة 10- الفرقة بالعيب طلاق بائن.

مادة 11- يستعان بأهل الخبرة في العيوب التي يطلب فسخ الزواج من أجلها.

الباب الرابع: في أحكام متفرقة.

مادة 12- تسري أحكام المادة الثالثة من هذا القانون على المعتدات اللاتي حكم لهن بنفقات عدة بمقتضى أحكام نهائية صادرة قبل تنفيذ هذا القانون1.

مادة 13- على وزير الحقانية تنفيذ هذا القانون، ويسري العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

صدر بسراي رأس التين في 25 شوال سنة 1328 "12 يوليه سنة 1920".

فؤاد

وزير الحقانية بأمر الحضرة السلطانية

أحمد ذو لفقار رئيس مجلس الوزراء

محمد توفيق نسيم

1 ألغيت هذه المادة بالقانون رقم 25 لسنة 1929.

ص: 295

مرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 خاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية

نحن فؤاد الأول ملك مصر:

بعد الديباجة، رسمنا بما هو آت:

1-

الطلاق:

مادة 1- لا يقع طلاق السكران والمكره.

مادة 2- لا يقع الطلاق غير المنجز، إذا قصد به الحمل على فعل شيء أو تركه لا غير.

مادة 3- الطلاق المقترن بعدد لفظا أو إشارة لا يقع إلا واحدة.

مادة 4- كنايات الطلاق، وهي تحتمل الطلاق وغيره، لا يقع بها الطلاق إلا بالنية.

مادة 5- كل طلاق يقع رجعيا إلا المكمل للثلاث. والطلاق قبل الدخول. والطلاق على مال، وما نص على كونه بائنا في هذا القانون والقانون رقم 25 سنة 1920.

2-

الشقاق بين الزوجين والتطليق للضرر:

مادة 6- إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما. يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق، وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما، فإذا رفض الطلب ثم تكررت الشكوى، ولم يثبت الضرر بعث القاضي حكمين، وقضى على الوجه المبين بالمواد "7 و8 و9 و10 و11".

ص: 296

مادة 7- يشترط في الحَكَمين أن يكونا رجلين عدلين من أهل الزوجين إن أمكن، وإلا فمن غيرهم ممن له خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما.

مادة 8- على الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح، فإن أمكن على طريقة معينة قررا.

مادة 9- إذا عجز الحكمان عن الإصلاح وكانت الإساءة من الزوج أو منهما. أو جهل الحال. قررا التفريق بطلقة بائنة.

مادة 10- إذا اختلف الحكمان أمرهما القاضي بمعاودة البحث، فإن استمر الخلاف بينهما حكم غيرهما.

مادة 11- على الحكمين أن يرفعا إلى القاضي ما يقررانه، وعلى القاضي أن يحكم بمقتضاة.

3-

التطليق لغيبة الزوج أو لحبسه:

مادة 12- إذا غاب الزوج سنة فأكثر بلا عذر مقبول، جاز لزوجته أن تطلب إلى القاضي تطليقها بائنا إذا تضررت من بعده عنها، ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه.

مادة 13- إن أمكن وصول الرسائل إلى الغائب ضرب له القاضي أجلا وأعذر إليه بأنه يطلقها عليه إن لم يحضر للإقامة معها، أو ينقلها إليه أو يطلقها، فإذا انقضى الأجل ولم يفعل، ولم يبد عذرا مقبولا فرق القاضي بينهما بتطليقة بائنة.

وإن لم يمكن وصول الرسائل إلى الغائب طلقها القاضي عليه بلا إعذار وضرب أجل.

مادة 14- لزوجة المحبوس المحكوم عليه نهائيا بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنين فأكثر، أن تطلب إلى القاضي بعد مضي سنة من حبسه التطليق عليه بائنا للضرر، ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه.

ص: 297

4-

دعوى النسب:

مادة 15- لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد، ولا لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها، ولا لولد المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة.

5-

النفقة والعدة:

مادة 16- تقدر نفقة الزوجة على زوجها بحسب حال الزوج يسرا وعسرا، مهما كانت حالة الزوجة.

مادة 17- لا تسمع الدعوى لنفقة عدة لمدة تزيد عن سنة من تاريخ الطلاق. كما أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى الإرث بسبب الزوجية لمطلقة توفي عنها زوجها بعد سنة من تاريخ الطلاق.

مادة 18- لا يجوز تنفيذ حكم بنفقة صادر بعد العمل بهذا القانون لمدة تزيد على سنة من تاريخ الطلاق. ولا يجوز تنفيذ حكم صادر قبل العمل بهذا القانون لمدة بعد صدوره، إلا بمقدار ما يكمل سنة من تاريخ الطلاق.

6-

المهر:

مادة 19- إذا اختلف الزوجان في مقدار المهر فالبينة على الزوجة، فإن عجزت كان القول للزوج بيمينه، إلا إذا ادعى مالا يصح أن يكون مهرا لمثلها عرفا فيحكم مهر المثل.

وكذلك الحكم عند الاختلاف بين أحد الزوجين وورثة الآخر أو بين ورثتهما.

7-

سن الحضانة:

مادة 20- للقاضي أن يأذن بحضانة النساء للصغير بعد سبع سنين إلى تسع، وللصغيرة بعد تسع سنين إلى إحدى عشرة سنة، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك.

ص: 298

8-

المفقود:

مادة 21- يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنين من تاريخ فقده.

وأما في جميع الأحوال الأخرى، فيفوض أمر المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها إلى القاضي، وذلك كله بعد التحري عنه بجميع الطرق الممكنة الموصلة إلى معرفة إن كان المفقود حيا أو ميتا.

مادة 22- بعد الحكم بموت المفقود بالصفة المبينة في المادة السابقة، تعتد زوجته عدة الوفاة، وتقسم تركته بين ورثته الموجودين وقت الحكم.

مادة 23- المراد بالسنة في المواد "12 إلى 18" هي السنة التي عدد أيامها 365 يوما.

مادة 24- تلغى المواد "3 و7 و12" من القانون نمرة 25 سنة 1920 التي تتضمن أحكاما بشأن النفقة ومسائل أخرى متعلقة بالأحوال الشخصية.

مادة 25- على وزير الحقانية تنفيذ هذا القانون، ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

نأمر أن يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وأن ينشر في الجريدة الرسمية وينفذ كقانون من قوانين الدولة.

صدر بسراي عابدين في 28 رمضان سنة 1347 "10 مارس سنة 1929".

فؤاد

بأمر حضرة صاحب الجلالة

وزير الحقانية رئيس مجلس الوزراء

أحمد محمد خشبة محمد محمود

ص: 299