الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا حق لها في التطليق، حتى لو كانت غائبة حين التفويض ولم تعلم به إلا بعد فوات وقته المعين، ليس لها أن تطلق نفسها؛ لأن مالك الحق ملكه إياها على وجه خاص فلا تملكه في غيره.
وقد تكون عبارة التفويض مطلقة عن قيد يدل على التعميم وعن التوقيت بزمن معين، كأن يجعل لها أمرها بيدها أو أن تختار نفسها أو تطلق نفسها ولم يزد على الصيغة شيئا، وفي هذه الحالة للزوجة أن تطلق نفسها في مجلس التفويض فقط إن كانت حاضرة فيه، وإن كانت غائبة عنه، كان لها ذلك الحق في مجلس علمها به فقط حتى لو انتهى أو تغير مجلس التفويض، أو مجلس العلم ولم تطلق نفسها لم يكن لها هذا الحق بعد ذلك؛ لأن الصيغة مطلقة فتنصرف إلى المجلس فإذا فات فلا تمليك1.
1 صدر من بعض المحاكم الشرعية المصرية الجزئية حكم بني على أن التفويض إذا كان في حين عقد الزواج وبصيغة مطلقة لا يتقيد بالمجلس، وللزوجة أن تطلق نفسها متى شاءت وإلا خلا التفويض من الفائدة، وأيد هذا الحكم استئنافيا.
وهذا الحكم ظاهره مخالف لما ذكر من أن صيغة التفويض المطلقة تفيد التمليك في المجلس فقط، إلا أن يقال إن التفويض إذا كان في حين عقد الزواج فهو مقترن بقرينة حالية تدل على التعميم، إذ لا يعقل أن يقصد المفوض تمليكها تطليق نفسها في نفس مجلس زواجها، فالصيغة بدلالة الحال تفيد التعميم، وهم لم يشترطوا أن يدل على تعميم التفويض دليل لفظي فيشمل دلالة الحال ودلالة اللفظ، فتكون الصيغة المطلقة حين العقد في معنى صيغة التفويض المقرونة بما يفيد التعميم فهي مطلقة لفظا فقط، ولكنها تفيد التعميم بقرينة الحال.
الخلع:
تعريفه:
الخلع هو حل عقدة الزوجية بلفظ الخلع أو ما في معناه، في مقابلة عوض تلتزم به الزوجة، كأن يقول الزوج لزوجته خالعتك على مائة جنيه فتقول: قبلت. فبمجرد قبولها تطلق بائنا، وتلزمها
المائة، وتترتب سائر أحكام الخلع التي ستبين بعد، فلا يتحقق الخلع شرعا وتترتب عليه أحكامه إلا
إذا استعمل لفظ الخلع أو ما في معناه، وكان في مقابلة مال، فإذا قال لها خلعتك ولم يذكر عوضا فحكم هذا حكم ما إذا قال لها: أبنتك أو خلصتك أوحرمتك أو أي لفظ من ألفاظ الكنايات إن نوى به الطلاق وقعت طلقة رجعية على ما عليه العمل الآن، ولا يلزمها مال ولا تترتب أحكام الخلع، وإن لم ينو الطلاق لا يقع شيء، وإذا حل عقدة الزوجية في مقابلة مال لكن لا بلفظ الخلع أو ما في معناه، كأن قال لها أنت طالق أو خالصة على مائة جنيه فقالت: قبلت فبمجرد قبولها تطلق بائنا وتلزمها المائة ولا تترتب سائر أحكام الخلع، فلفظ الخلع الذي لا يتوقف على قبول الزوجة ولا يقترن بعوض إذا نوى به الطلاق، كلفظ الطلاق مجردا عن العوض يقع به طلاق رجعي. ولفظ الخلع أو ما في معناه في مقابلة عوض هو الخلع الشرعي الذي تترتب عليه أحكامه. ولفظ الطلاق في مقابلة مال هو طلاق بائن يجب به المال على الزوجة ولا تسقط به الحقوق المالية التي تسقط بالخلع.
شرطه: وشرطه أن يكون الزوج المخالع أهلا لإيقاع الطلاق، والزوجة محلا لوقوعه؛ لأنه كما تبين من تعريفه نوع من الطلاق على مال.
صفته: وصفته أنه من جانب الزوج يمين، ومن جانب الزوجة معاوضة. ومعنى هذا أن الزوج يقصد منه تعليق طلاقها على قبولها إعطاءه البدل فهو منه بمنزلة تعليق الطلاق على قبولها والتعليق يمين، والزوجة تقصد افتداء نفسها وتخليص عصمتها بالبدل الذي تدفعه فهو منها بمنزلة مبادلة ومعاوضة1. ويترتب على هذا أنه تراعى فيه أحكام اليمين من جانبه، وأحكام المعاوضة من جانبها، ويتبين ذلك فيما يأتي:
1-
إذا ابتدأ الزوج بالخلع فقال لها: خلعتك على عشرين جنيها لا يملك الرجوع عن هذا الإيجاب قبل قبولها، ولا يبطل إيجابه بقيامه أو قيامها من المجلس قبل القبول؛ لأن اليمين تلزمه بمجرد صدورها. ولكن إذا ابتدأت الزوجة بالخلع
1 إذا قال لها خالعتك على مائة، فإن قوله هذا معناه إن أديت لي مائة خلعتك من عصمتي فهو تعليق طلاقها على التزامها أداء البدل والتعليق يمين، وإذا قالت هي قبلت فهذا معناه رضيت أن أشتري عصمتي منك بهذا البدل فهي معاوضة منها.
فقالت له اختلعت نفسي منك على عشرين جنيها أدفعها لك، فلها أن ترجع عن هذا الإيجاب قبل قبوله ويبطل إيجابها بقيامها أو قيامه من المجلس قبل قبوله؛ لأن المعاوضة ما لم تتم بالإيجاب والقبول في المجلس فالموجب في حل من إيجابه.
2-
للزوج المخالع أن يعلق الخلع على شرط، وأن يضيفه إلى زمن المستقبل كأن يقول إن سافرت فقد خلعتك على عشرين جنيها أو خلعتك على عشرين جنيها في آخر هذا الشهر؛ لأنه من جانبه يمين واليمين تقبل التعليق والإضافة إلى زمن مستقبل، فلو قبلت الزوجة حين وجود الشرط المعلق عليه أو حلول الوقت المضاف إليه وقع الطلاق ولزمها المال وترتبت آثار الخلع، ولكن ليس للزوجة أن تعلق الخلع على الشرط أو تضيفه إلى الزمن المستقبل؛ لأنه من جانبها تمليك والتمليكات لا تقبل التعليق ولا الإضافة.
3-
يشترط في الزوجة أن تكون في إيجابها الخلع أو قبولها له راضية غير مكرهة عليه، وأن تكون عالمة بمعناه؛ لأن شرط صحة المعاوضات التراضي والعلم بمعنى عباراتها، ويصح لها أن تشترط الخيار لنفسها في إيجابه أو قبوله مدة معينة؛ لأن المعاوضات يصح شرط الخيار فيها، وأم الزوج فلكونه يمينا من جانبه لا يصح شرط الخيار له لا في إيجابه ولا في قبوله، وعلى مذهب الحنفية يعتبر منه تعليقا صحيحا ولو كان مكرها عليه؛ لأن يمين المكره عندهم منعقدة.
أحوال صيغته:
إذا خالعها بقوله خلعتك بلا ذكر بدل كان هذا كقوله خلصتك لا يتوقف وقوع الطلاق به على قبولها، بل إن نوى الطلاق وقع، وإن لم ينوه لم يقع فهو لفظ منجز من ألفاظ الكنايات.
وإذا خالعها بقوله خلعتك على عشرين جنيها توقف وقوع الطلاق على قبولها؛ لأنه كما تقدم بمنزلة طلاق معلق على شرط فلا يقع إلا عند قبولها دفع البدل.
وإذا خالعها بصيغة المفاعلة أو بصيغة الأمر بأن قال لها خالعتك أو اختلعي، فسواء ذكر مالا مع صيغة منهما أو لم يذكر مالا لا يقع الطلاق إلا بقبولها،
أما في حالتي ذكر المال فالعلة واضحة؛ لأنه علق خلعها على قبولها المال، وأما في حالتي عدم ذكر المال؛ فلأن الصيغة نفسها وهي المفاعلة أو الأمر تقتضي لزوم قبولها؛ لأن المفاعلة تقتضي المشاركة وهي لا تتم بعبارة واحدة؛ ولأن الأمر بمنزلة التفويض إليها فما لم تقبل لم تباشر ما فوض إليها فلا يقع طلاق. ففي خمس حالات يتوقف الخلع على قبولها وفي واحدة لا يتوقف.
بدله: وبدل الخلع يصح من كل ما يصح تسميته مهرا أي: من كل مال معلوم متقوم في حق الزوجين. وليس له نهاية صغرى ولا نهاية كبرى بل يصح الخلع ببدل قليل أو كثير سواء كان دون المهر الذي تزاوجا به أو مساويا له أو أكثر منه. فالبدل الذي يتراضى عليه الزوجان أيا كان قدره يكون ملكا للزوج ملزمة به الزوجة؛ لأن الله تعالى قال: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} أي: فلا جناح ولا إثم على الرجل فيما أخذ ولا على المرأة فيما أعطت.
ففي القضاء يملك الزوج البدل بالغا قدره ما بلغ؛ لأنه أسقط حقه في مقابل عوض التزمت به الزوجة برضاها وهي أهل لالتزامه، ولا فرق بين أن يكون النشوز الذي أدى إلى الاختلاع من جهة الزوج أو من جهة الزوجة أو منهما.
وأما ديانة فإذا كان النشوز من جانب الزوج، وهو الذي رغب في الفرقة ليستبدل زوجة مكان زوجة فلا يحل له أن يأخذ منها شيئا في مقابل طلاقها، لا قليلا ولا كثيرا حتى لا يجمع عليها بين إيحاشها بفرقة ليست هي الباعثة عليها، وبين أخذ بدل منها، وهذا صريح قوله تعالى في سورة النساء:{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا، وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} .
وإذا كان النشوز منهما أو منها وحدها فلا جناح ولا إثم على الزوج في أن يأخذ منها عوضا لقوله تعالى في سورة البقرة: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} . ولكن لا يحل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاه لها مهرا لما روي أن جميلة بنت عبد الله بن أبي كانت زوجة ثابت بن قيس بن شماس وكانت تبغضه وهو يحبها فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: لا أنا ولا ثابت ولا يجمع رأسي ورأسه شيء والله ما أعيب عليه في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإسلام، ما أطيقه بغضا، وكان قد أصدقها حديقة فقال:"أتردين عليه حديقته" قالت: نعم وزيادة، فقال الرسول "أما الزيادة فلا". فاختلعت منه بمهرها فقط.
ففي الديانة إذا أخذ الزوج أي عوض في الحال الأولى أو أخذ زيادة عما أمهرها في الحال الثانية لا يطيب له ما أخذ ويملكه ملكا خبيثا.
ويصح أن يكون بدل الخلع إرضاع الطفل مدة الرضاعة كأن يقول لها خالعتك على أن ترضعي ابني منك مدة السنتين بلا أجر فتقول قبلت؛ لأن الرضاعة منفعة متقومة يستحق في مقابلتها المال، وأجرتها حق خالص لها فعليها أن ترضعه بغير أجرة المدة المحددة حتى لو لم ترضع لوفاة الطفل أو هربها أو وفاتها كان له الرجوع بقيمة الرضاعة عن المدة أو ما بقي منها.
ويصح أن يكون بدل الخلع نفقة ابنه الصغير منها كأن يقول لها خالعتك على أن تنفقي على ابني من الآن حتى يبلغ سبع سنين فتقول قبلت فيلزمها الإنفاق عليه في المدة المحددة، حتى إذا لم تقم بالإنفاق بسبب وفاة الولد أو وفاتها أو امتناعها كان له أن يرجع عليها بمثل نفقته في المدة أو ما بقي منها.
ويصح أن يكون بدل الخلع حضانة ابنه منها مدة حضانته بلا أجر؛ لأن حضانتها الصغير في مدة الحضانة منفعة متقومة يستحق في مقابلتها المال كإرضاعه، وأجرتها حق خالص لها وإذا لم تقم بحضانته لوفاته أو وفاتها أو خروجها عن أهلية الحضانة أو امتناعها رجع عليها بقيمة الحضانة في المدة أو فيما
بقي منها.
ولا يصح الخلع على أن تمسك الصغير عندها بعد تجاوز سن الحضانة إلى أن يبلغ الحلم؛ لأن ذلك تراض على إضاعة حق الصغير؛ لأن الشارع مراعاة لمصلحته جعل الحق في إمساكه بعد تجاوز سن الحضانة للأب لا للأم، فالتراضي على أن يكون إمساكه بعد تجاوز سن الحضانة للأب لا للأم، فالتراضي على أن يكون إمساكه للأم لا للأب غير صحيح، كما إذا تراضيا على أن يكون الصغير أو الصغيرة في مدة الحضانة بيد الأب لا الأم. أما إذا اختلعت على إمساك بنتها عندها إلى أن تبلغ الحلم فلها ذلك؛ لأنه ليس فيه إضرار بالبنت.
وهذا هو الوارد بالمادة 287 من كتاب الأحوال الشخصية للمرحوم محمد قدري باشا، ولك الظاهر ألا يفرق بين البنت والغلام، فالاتفاق على إمساك أحدهما بعد تجاوزه سن الحضانة إلى بلوغ الحلم بيد الأم يكون باطلا، كالاتفاق على إمساكهما مدة الحضانة بيد الأب؛ لأن الشرع جعل لكل مدة يدا بلا فرق بين بنت وغلام.
حكمه: وحكمه أنه متى تحقق معناه الشرعي بأن كان بلفظ الخلع أو ما في معناه في مقابلة بدل وقبلت الزوجة ترتبت عليه آثار ثلاثة: وقوع طلاق بائن؛ لأن الطلاق في مقابلة المال بائن، ولزوم المال في ذمة الزوجة؛ لأن الزوج علق طلاقه على قبولها هذا الالتزام وقد رضيت به، وسقوط كل حق ثابت وقت الخلع لكل واحد من الزوجين قبل الآخر مما يتعلق بالزواج الذي وقع الخلع منه، فيسقط ما للزوجة من مهر لم تقبضه ونفقة متجمدة لم تستوفها استحقتهما من هذا الزواج، ويسقط ما للزوج من نفقة عجلها ولم تمض مدتها ومهر سلمه إليها ولم تستحقه بتمامه في هذه الزوجية.
وهذا قول الإمام وعليه الفتوى ولا فرق عنده في إسقاط هذه الحقوق بين لفظ الخلع وبين ما في معناه كالمبارأة، ووجه قول أن الخلع ينبئ عن الفصل، والمبارأة تنبئ عن براءة كل منهما عن الآخر، وقد صدر كل من اللفظين غير مقيد فينصرف إلى الانفصال التام والبراءة التامة، وذلك إنما يكون بقطع آثار هذه الزوجية الحاصل
منها الخلع وسقوط الحقوق الثابتة بها. ولكن لا تسقط نفقة العدة؛ لأنها لم تكن حقا ثابتا وقت الخلع وإنما ثبتت بعده، فلا تسقط إلا إذا نص عليها صراحة في بدل الخلع. ولا يسقط ما لأحدهما قبل الآخر من غير حقوق الزوجية كثمن مبيع أو دين قرض، ولا تسقط حقوق زوجية سابقة مثل مؤخر صداق.
وقال محمد لا يسقط بالخلع والمبارأة شيء من الحقوق، ويقتصر فيهما على ما سماه الزوجان؛ لأن المعاوضات يقتصر فيها على ما تم التراضي عليه، فيقع عليه الطلاق البائن ويلزمها البدل المسمى فقط.
وأبو يوسف مع أبي حنيفة في المبارأة ومع محمد في الخلع.
وعلى ما عليه العمل الآن من أن نفقة الزوجة التي سلمت نفسها لزوجها، ولو حكما تعتبر دينا صحيحا في ذمة الزوج من وقت امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا يسقطها إلا الأداء أو الإبراء، وأنها لا تسقط بالطلاق ولو خلعا تكون النفقة المتجمدة للزوجة مثل نفقة عدتها إذا نص على أنها من بدل الخلع تسقط وإن لم ينص على أنها منه لا تسقط.
ومن حكم الخلع يتبين الفرق بينه وبين الطلاق على مال، فالطلاق على مال يترتب عليه أثران: وقوع البائن، ولزوم المال. والخلع تترتب عليه آثار ثلاثة: هذان الاثنان، وسقوط حقوق الزوجية على ما بينا.
خلع الزوجة التي ليست أهلا للتبرع:
قدمنا أن الخلع من جانب الزوجة معاوضة، ولكنه لما كان معاوضة مال بغير مال؛ لأن الزوجة تدفع مالا هو بدل الخلع ولا يدخل في ملكها مال، بل تخلص لها عصمتها اعتبرت الزوجة كأنها متبرعة بالبدل الذي تلتزم به، ولهذا لا يلزمها البدل ولا يتحقق معنى الخلع الشرعي المترتبة عليه آثاره الثلاثة إذا كانت الزوجة المخالعة أهلا للتبرع، أي: بالغة عاقلة غير محجور عليها لسفه أو مريضة مرض الموت.
فإن كانت الزوجة صغيرة مميزة وقال لها زوجها خلعتك على مؤخر صداقك أو على عشرين جنيها فقالت: قبلت. وقع عليه طلاق رجعي، ولا يلزمها المال، أما عدم لزوم المال فوجهه أنها صغيرة ليست أهلا للتبرع بهذا البدل الذي التزمته بقبولها، وقبولها لا يلزمها، وأما وقوع الطلاق؛ فلأن عبارة الزوج معناها تعليق الطلاق على قبولها، وقد صح التعليق لصدوره من أهله ووجد المعلق عليه وهو القبول ممن هي أهل له؛ لأن الأهلية للقبول تكون بالتمييز وهي هنا صغيرة مميزة، ومتى وجد المعلق عليه وقع الطلاق المعلق. وكان رجعيا؛ لأنه لما لم يصح التزام المال كان طلاقا مجردا ليس في مقابلة مال فيقع رجعيا، فإن لم تقبل الصغيرة أو قبلت وهي ليست أهلا للقبول بأن كانت غير مميزة فلا يقع طلاق أصلا لعدم وجود المعلق عليه وهو القبول ممن هو أهله.
وإذا جرى الخلع بين ولي الصغيرة وزوجها بأن قال زوج الصغيرة لأبيها خالعت ابنتك على مهرها أو على مائة جنيه من مالها، ولم يضمن الأب البدل له، وقالت قبلت: طلقت، ولا يلزمها المال ولا يلزم أباها، أما وقوع الطلاق فلأن الطلاق المعلق يقع متى وجد المعلق عليه، وهو هنا قبول الأب وقد وجد، وأما عدم لزومها المال؛ فلأنها ليست أهلا لالتزام التبرعات ولم تلتزم، وأما عدم لزوم أبيها المال فلأنه لم يلتزمه بالضمان ولا إلزام بدون التزام، ولهذا إذا ضمنه لزمه، وقيل لا يقع الطلاق في هذه الحال؛ لأن المعلق عليه قبول دفع البدل وهو لم يتحقق، وهذا القول ظاهر ولكن العمل بالقول الأول.
وإذا خالع أبا الصغيرة على بدل من مال الأب نفسه تم الخلع بقبول الأب ولزم الأب أن يقع البدل من ماله ولا رجوع له على مال الصغير.
وإذا كانت الزوجة محجورا عليها للسفه وخالعها زوجها على مال وقبلت لا يلزمها المال، ويقع عليها الطلاق الرجعي المعلق على قبولها؛ لأنها ليست أهلا للتبرع كالصغيرة ولكنها أهل للقبول كالمميزة.