الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهلم أيها الإخوان في الله إليه، ففيه- والله- التجارة الرابحة، والحياة الناجحة وإرضاء الرحمن وإرغام الشيطان والسعادة في الدارين.
تنبيه وتحذير:
الأعمال إما طاعات لأنها مأمور بها وجوبا أو استحبابا وإما مخالفات لأنها منهي عنها تحريما أو كراهة، واما مباحات لأنها غير مأمور بها ولا منهي عنها. فالمخالفات بقسميها لا تقبلها النيات طاعات لأنها في نسمها غير عمل صالح ولأننا علمنا بالنهي عنها، أن قصد الشارع هو تركها وعدم وجودها، فقصد المكلف مضاد لقصد الشارع فكان ساقطا لا عبرة به ولا أهلية له لقلب الموضع الشرعي .. والطاعات بقسميها هي التي تؤثر فيها النية بالقبول والرد بحسب قصد الله بها وقصد غيره أو بتفاوت درجات القبول وبحسب المقصود على ما تقدم وهي المقصودة بالقصد الأول من الحديث.
والمباحات مثلها تؤثر فيها النيات فتقبلها طاعة أو معصية لأن الشرع لما أباحها علمنا أنه لا قصد له لا في وجودها ولا في عدمها من حيث ذاتها، فكان لقصد المكلف حينئذ سبيل إلى التأثير فيها.
وقد غفل عن هذه الحقيقة أقوام- عفا الله عنهم- فتراهم يستدلون على أعمالهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى» قاصدين إلى تبريرها غير ملتفتين إلى كونها من قسم الطاعات أو المخالفات أو المباحات. وكثيرا ما يرتكبون البدع كدعاء المخلوقات وكالحج إلى الأضرحة وإيقاد الشموع عليها والنذور لها وكالرقص وضرب الدف في بيوت الله وغير هذا من أنواع البدع والمنكرات
ويتوكأون في ذلك كله على (إنما الأعمال بالنيات). كلا، ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب فإن البدع كلها من قسم المخالفات وأن المخالفات لا تنقلب طاعات بالنيات.
فحذار أيها الأخوان في الله من هذا الجهل الذي أدى إلى تحريف الكلم عن مواضعه وإلى المداومة على المنكر والفرح به، ونعوذ بالله- لنا ولجميع إخواننا المسلمين- أن نكون من الذين ضلَّ سعيُهم في الحياة الدنيا وهم يَحْسبُونَ أنَّهم يُحسنُون صُنعاً. ونسأله تعالى لنا ولإخواننا المسلمين أن نكون من الذين يرجون لقاء ربهم فيعملون الأعمال الصالحة ولا يشركون بعبادة ربهم أحدا (1).
(1) ش: ج1، م 7 - رمضان 1349ه - فيفري 1931م.