الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
سقوط الشيخ أبي الهدى أفندي
شاع من بضعة أشهر أن مولانا السلطان - أيَّد الله دولته - قد غضب على
صاحب السماحة الشيخ أبي الهدى أفندي غضبًا لم يغضب عليه مثله، وقد حقق مرور
الزمن الطويل ذلك، ويؤكد العارفون بأسرار الآستانة أن ثقة السلطان به قد زالت من
كل وجه؛ حتى أنه لا يفض ختم التقارير التي يرفعها إليه، وإن كُتب على ظرفها
أنها تتعلق بحياة السلطان التي هي أهم الأشياء وأجدرها بالالتفات والعناية، والتي كان
الإيهام فيها هو الوسيلة العظمى لقرب أمثال هذا الشيخ من المقربين الذين باعوا
مصالح الأمة والدولة بالحظوظ التي ينالونها من شغل مولانا السلطان بها، أما سبب
هذا الغضب المباشر فأقرب ما يقوله الناس فيه إلى التصديق أنه ثبت لمولانا السلطان
أن الشيخ كَاتَبَ سمو الخديو المعظم، وخضع له في حادثة (شكيب) المشهورة، مع
أنه كان يحاول دائمًا إقناع السلطان بأن الخديو طامع بالخلافة، أليس هذا الخضوع مع
هذا الزعم أعظم كفران بنعم مولاه؟
_________
الكاتب: محمد رشيد رضا
عودة أحمد عرابي
عاد إلى مصر من سيلان زعيم الثورة العرابية أحمد عرابي باشا بعفو من
سمو الخديو المعظم مبني على شفاعة ولي عهد دولة الإنكليز، ومن عموم الجهل
في القطر المصري أن أكثر أهله لا يزالون في أمر مريج من الاعتقاد بهذا الرجل،
فمنهم من يعتقد أنه كان يقصد نفع الوطن وخدمته بكل إخلاص، وأن السبب الأكبر
في فشله وخيبته إعلان السلطان عصيانه وخروجه، ومن هؤلاء أكثر العامة؛
ولذلك كانوا يتمسحون به تبركًا بعد أن صلى الجمعة في مسجد السيدة زينب رضي
الله عنها وعندما زار الضريح الحسيني، ومنهم من يعتقد أن سبب فشله هو الجهل
بما يحتاج إليه هذا العمل العظيم الذي تصدى له، ومنهم من يعتقد أنه كان بينه
وبين الإنكليز وفاق سري، كان هو السبب في مساعدة قنصل الإنكليز له في كثير
من مطالبه قبيل الثورة وفي أثنائها، ومنهم من يعتقد أن هذا الوفاق كان بينه وبين
الخديو السابق توفيق باشا ودولة الإنكليز لأجل استقلال البلاد المصرية وانفصالها
من الدولة العلية، ويظهر لنا صحة ما قاله البعض من أن أكثر الخواص يمقتونه
على كل حال؛ لأنه سبب ضياع استقلال بلادهم.
_________