المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إميل القرن التاسع عشر - مجلة المنار - جـ ٤

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (4)

- ‌غرة ذو القعدة - 1318ه

- ‌فاتحة السنة الرابعة

- ‌الداء والدواء

- ‌رواية عربية

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌(أميل القرن التاسع عشر)

- ‌المرأة الجديدة - تتمة التقريظ

- ‌ الأحاديث الموضوعة

- ‌انتقاد الأخلاق والعادات

- ‌ثناء

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌تصحيح

- ‌من الإدارة

- ‌16 ذو القعدة - 1318ه

- ‌الفضائل والرذائل [

- ‌خطبة أساس البلاغة

- ‌قصيدة جحدر في الأسد

- ‌تقريظ المنار الأنورواقتراح طلاب الأزهر

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌مهاجر أزهري

- ‌عريضة استرحام مسلمي بنغالة

- ‌كتاب الأمير عبد الرحمن خان

- ‌غرة ذو الحجة - 1318ه

- ‌مسألة الغرانيق وتفسير الآيات

- ‌مضار اللَّثْم والتقبيل

- ‌الحنين إلى الوطن

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌ إميل القرن التاسع عشر

- ‌ملكة الإنكليز

- ‌البدع والخرافات

- ‌تهنئة واستماحة

- ‌وسام الافتخار المرصع

- ‌غرة المحرم - 1319ه

- ‌الانتقاد

- ‌الطلاق في الإسلام [

- ‌الفقه الإسلامي

- ‌العشق وحرية العرب

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌حديث مع شيخ الأزهر والجمعيات الدينيةفي فرنسا

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌16 المحرم - 1319ه

- ‌أسئلة دينية وأجوبتها

- ‌الشيعة وأهل السنةاختلافهما

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌المسلمون في أفريقيا

- ‌استلفات لإزالة شبهة

- ‌تصحيح غلط

- ‌تنبيه

- ‌شبهات المسيحيين على الإسلام

- ‌غرة صفر - 1319ه

- ‌السخاء والبخل

- ‌الأسئلة الدينية وأجوبتها

- ‌إظهار المدفون من تمثال فرعون

- ‌طُرَف الأعراب ونوادرهم

- ‌أسباب الحرب الروسية العثمانية

- ‌الوفد الإسلامي إلى الصين

- ‌زيارة القبور والمدرس المغرور

- ‌16 صفر - 1319ه

- ‌السخاء والبخل

- ‌الأسئلة والأجوبة الدينية

- ‌(أميل القرن التاسع عشر)

- ‌تعليم العربية في المدارستأخره في تقدمه

- ‌نوادر البخلاء

- ‌جمعية ندوة العلماء في الهند

- ‌الطاعون في الكاب والمسلمون

- ‌غرة ربيع الأول - 1319ه

- ‌الأسئلة والأجوبة الدينية

- ‌مكتوب في حق مسلوب

- ‌للفيلسوف الإسلامي

- ‌للشاعر العصري

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌مصاب الصحافةوفاة بشارة باشا تقلا

- ‌الواسطة والزيارةأو ابن تيمية والسبكي

- ‌16 ربيع الأول - 1319ه

- ‌التقليد

- ‌ أميل القرن التاسع عشر

- ‌احتفال مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية بمصر

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌الواسطة والزيارةأو ابن تيمية والسبكي

- ‌قسم الموالد والمواسم

- ‌غرة ربيع الثاني - 1319ه

- ‌التطويع والتحصيل بالجامع الأعظم

- ‌مدرسة خليل أغااحتفالها السنوي

- ‌المساواة في الاشتراك بالمنار وإرجاء الجزء الآتي

- ‌جمعية ندوة العلماء في الهند

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌غرة جمادى الأول - 1319ه

- ‌علماء الدين وحديث صاحبي السماحة والفضيلةشيخ الإسلام ومفتي الديار المصرية

- ‌شبهات المسيحيين على الإسلاموحجج الإسلام على المسيحيين

- ‌لائحة الفقه الإسلامي [*]

- ‌مقدمة ديوان حافظ

- ‌عفة نساء العرب وبلاغتهن

- ‌الأسئلة والأجوبة الدينية

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌تنبيه

- ‌إصلاح الطرق وأهلها

- ‌16 جمادى الأولى - 1319ه

- ‌وظائف علماء الدين

- ‌شبهات التاريخ على اليهودية والمسيحيةوحجج الإسلام على المسيحيين

- ‌لائحة الفقه الإسلامي

- ‌الأسئلة الدينية وأجوبتها

- ‌مقدمة ديوان حافظ

- ‌التقاريظ

- ‌عيد الجلوس السلطاني

- ‌قطع العلائق بين الدولة العلية وفرنسا

- ‌تعازٍ ووفيات

- ‌غرة جمادى الآخر - 1319ه

- ‌الرجال والنساء

- ‌الأسئلة والأجوبة الدينية

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌16 جمادى الآخرة - 1319ه

- ‌شبهات المسيحيين على الإسلاموحجج الإسلام على المسيحيين

- ‌تهاني العلماء والأدباءلفضيلة مفتي الديار المصرية

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌غرة رجب - 1319ه

- ‌كم حكمة لله في حب المحمدة الحقة [

- ‌شبهات المسيحيينوحجج المسلمين

- ‌ أميل القرن التاسع عشر

- ‌ريشة صادق

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌رزء عظيم إسلاميوفاة أمير الأفغان

- ‌سقوط الشيخ أبي الهدى أفندي

- ‌عودة أحمد عرابي

- ‌من إدارة المنار

- ‌مفاسد لا موالد

- ‌16 رجب - 1319ه

- ‌الاستقلال والاتكال

- ‌شبهات المسيحيينوحجج المسلمين

- ‌تغزل النساء

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌من إدارة المنار

- ‌غرة شعبان - 1319ه

- ‌الشعور والوجدان وشعائر الأمم والأديان

- ‌شبهات المسيحيينوحجج المسلمين

- ‌ أميل القرن التاسع عشر

- ‌رثاء الأمير عبد الرحمن خان

- ‌انتقاد المقتطفوكتاب القسطاس المستقيم

- ‌تصحيح

- ‌الاحتفال بقدوم الجناب العالي الخديوي

- ‌الموالد والشعور الديني وضرر الخرافات

- ‌16 شعبان - 1319ه

- ‌الإصلاح والإسعاد على قدر الاستعداد

- ‌الأسئلة والأجوبة

- ‌ أميل القرن التاسع عشر

- ‌التعليم في بلاد سيرالونمدرسة إسلامية في فوله

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌غرة رمضان - 1319ه

- ‌فلسفة وعرفان في الصيام والإيمان

- ‌السياسة والساسة

- ‌الأمراء والحكام ونوع الحكومة الإسلامية

- ‌شبهات المسيحيينوحجج المسلمين

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌نساء المسلمين [

- ‌البدع والخرافات

- ‌16 رمضان - 1319ه

- ‌السياسة والساسةمن نحن ومن غيرنا

- ‌الأمراء والحكام ونوع الحكومة الإسلامية [*]

- ‌ أميل القرن التاسع عشر

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌أخبار

- ‌16 شوال - 1319ه

- ‌حياة أمة بعد موتها

- ‌الأمراء والحكامبلاء الأمة بهم

- ‌شبهات المسيحيينوحجج المسلمين

- ‌طهارة الأعطار ذات الكحولوالرد على ذي فضول

- ‌مشروع التعليم باللغة العامية المصرية

- ‌نساء المسلمين

- ‌الهدايا والتقاريظ

- ‌غرة ذو القعدة - 1319ه

- ‌نساء المسلمين وتربية الدينورأيا كاتبة أوربية وأميرة مصرية

- ‌المسلمون في أفريقيا

- ‌طهارة الأعطار ذات الكحولوالرد على ذي فضول

- ‌مؤتمر التربية والتعليم في الهند

- ‌العربية الفصحى والعامية المصريةمناظرة

- ‌وصف الشام

- ‌16 ذو القعدة - 1319ه

- ‌الخمر أم الخبائث

- ‌حرمة الخمر [*]

- ‌ أميل القرن التاسع عشر

- ‌نساء المسلمين

- ‌مدرسة محمد علي الصناعية

- ‌الدول في سلطنة مراكش

- ‌الرقص والعفة والحجاب

- ‌الأميرة ناظلي هانم وتربية البنات

- ‌غرة ذو الحجة - 1319ه

- ‌إصلاح الدولة العلية

- ‌الإسلام والمسلمون

- ‌خبر سلمان الفارسي وإسلامه

- ‌ أميل القرن التاسع عشر

- ‌سوانح وبوارح

- ‌الأخبار التاريخية

- ‌الاستهزاء بالعلم والعلماء وإهانة القرآن العزيز

- ‌خاتمة السنة الرابعة

الفصل: ‌ إميل القرن التاسع عشر

الكاتب: عبد العزيز محمد

التعليم الفطري والمدارس [1]

(المكتوب 48) من أراسم إلى هيلانة في 15 أغسطس سنة 185.

لو أني عُهِدَ إليّ ببناء مدرسة كبرى للناشئين في أمة من الأمم العظيمة،

لبذلت وسعي في أن أبث في جدرانها من العلم روحًا وعقلاً.

ذلك لأن القائمين على التعليم لم يزالوا في سبات من الغفلة عما كان لمعاهدة

التربية من التأثير في خيال المتعلمين خصوصًا في سنيهم الأولى، ولقد كان القدماء

أنفذ منا إدراكًا في سر التعليم بالمشاهدة، وجروا في ذلك على نواميس الفطرة

الإنسانية الحقة.

ليست المعابد والبِيع عند جميع الأمم إلا مدارس اتخذها الكهنة والقسيسون في

الأديان القديمة والحديثة صحفًا لمجموع عقائدهم ومذاهبهم، بما وجدوه لذلك من

الوسائل الكبرى في فن العمارة، ونحت التماثيل، وصناعة التصوير، وبقاء

العبادات إلى الآن يدلنا على درجة انتقاش الرموز والصور الاعتقادية في أذهان

العامة؛ فإن مخترعات الخيال التي يبرزها الرسم للوجود الخارجي في صور فخيمة

تبقى شائعة بين الناس بعد فناء الفكرة التي أنتجتها بعدة قرون، يشهد لذلك بقاء

مظاهر المعتقدات الجمادية، مع أن الأمم قد كفت من عهد بعيد عن توهم أنها لا

تزال على عادتها في عبادتها.

إذا كنا قد رفعنا هياكل للآلهة الباطلة كالحرب والروع والظفر بالأعداء وجميع

بلايا الإنسان ومصائبه، فما لنا لا نرفع للعلم هيكلاً؟ وأي كلفة في هذا العمل على

أمة عظيمة؟ لا يقال: إن أول عائق دونه هو قلة المال وغلاء المواد اللازمة

لإقامته؛ لأني أرى أننا في غنى عن الذهب والمرمر والخشب النفيس، وفي مقدورنا

أن لا نتعرض في إنشائه لشيء من صنوبر لبنان، ولا من نفائس المعادن التي تم بها

العظم والجلال لهيكل سليمان؛ فإن في الجبس، بل في الورق المقوى غناء عن ذلك

كله في سبيل التربية، إذا وجد له أناس صُنُع اليدين يهيئونه ويستخدمونه في الدلالة

على المعاني، وقد أصبح اليوم من الميسور تحصيل أهم مثل الأشياء الخلقية

والصناعية بنفقات زهيدة، وذلك بفضل ما اخترع من إفراغ صب المواد في

القواليب، وإن فيما يوجد بمعاهد التمثيل عندنا من تماثيل الزينة وصورها لبرهانًا

ناطقًا بأن في قدرة المصور أن ينقل الرائي إلى رومة [2] وأثينا [3] ومنفيس [4] ببعض

جولات يتحرك بها قلمه، وبشيء من المغالطات البصرية؛ لأنه متى أتقن تمثيل ما

يمثله من الأشياء في شكله ولونه، كاد أن يُحْدِث في الخيال ما يُحْدِثه أصله من الأثر،

فلا عبرة بالمادة، وبما يُتخذ من الوسائل لبث الروح فيها ما دامت الصورة تنبه

المشاعر وتؤدي إلى العقل معنى صحيحًا لما يُراد تعريفه إياه.

كل دين إذا استكنهناه رأيناه يرجع إلى فهم ما ذهب إليه أربابه من الآراء في

خلق العالم ونظامه؛ لكن فهم هذه الآراء هو في الغالب غاية في الصعوبة، وإنه

لولا الاستعانة بالرموز في إدراكها لنبت عنها عقول الكافة نبوًّا كليًّا، وأما الهيكل

الذي أقصد رفعه للعلم، فهو معرض تتجلى فيه الحوادث على الناشئين، بل هو

تاريخ حي محسوس للعالم الذي يعيشون فيه مواده كلها موجودة؛ لكنها متفرقة فيما

عندنا من المتاحف والمكتبات والمجموعات، ونحن عنها غافلون، فليس من الحق أن

يُكَلَّف اليافع بالتماسها في أماكنها؛ لأن ما في هذه الأماكن من العظام النخرة،

والحيوانات المصبرة، وجذاذ الأوثان المكسرة؛ إنما يفيد العلماء، وأما الأحداث

فاللازم لإفادتهم إيجاد مشهد تجتمع لهم فيه المُثل الحية الكبرى للإنسان وغيره من

المخلوقات على صورة جاذبة لنفوسهم.

هذه معارضنا العامة التي تقام في باريس ولوندرة قد تعلم منها الجهلة (وهم

في كل أمة سوادها الأعظم) من مناشئ الصناعة وتوزع الأجيال على سطح

الأرض، وأحوال الترقي في الأمم المختلفة أكثر مما يتعلمونه من جميع الكتب التي

وضعت في التدبير السياسي وتقويم البلدان، فكيف إذا عزَّزت مشاهدة الأشياء،

وكملت بتعليم خاص؟ تلك المعارض لا يتسنى إقامتها مسانهة، وهي فوق ذلك لا

تحتوي إلا على طائفة من الوقائع والأمور المخصوصة، وإذا كنت قد نوهت بها؛

فإنما قصدت بذلك أن أبين لك ما يعود على الأحداث من الفائدة، إذا أقيم لهم معهد

آخر للعلوم تمثل لهم فيه صورها.

أصبح علم الكرة الأرضية خلوًا مما يستميل نفوس المتعلمين مورثًا للسآمة

والضجر بمين ما رسمناه له من الخرائط وألفناه فيه من الكتب، أفلا يكون الحال

على خلاف ذلك لو أن هذه الخرائط استعيضت بقماش تصور عليه الأرض وما

فيها تصويرًا إذا جال النور في أرجائه ضاعف مغالطة بصر الطفل، فخيَّل له أنه

على الجانب الآخر للمحيط مثلاً؟ وليس يلزم لذلك إلا مصور صادق في عزيمته

باذل نفسه من أجل البلوغ إلى غايته.

قام بفكر أمريكي شجاع اسمه جون بانفارد يومًا من الأيام أن يصور مجرى

نهر المسيسبي [5] ، فركبه وحده في قارب مكشوف مصرًّا على إنفاذ فكره، غير مبالٍ

بما كان يعترضه من الصعوبات الكثيرة، ويعتريه من الآلام الشديدة، فيبست يداه

وخشنتا بسبب استعمال المجذاف، واحترق جلده بحر الشمس، فصار عما قليل

كواحد من هنود أمريكا في لونه، وقضى أسابيع كاملة، بل شهورًا لم يصادف فيها

إنسانًا يكلمه، ولم يكن له رفيق سوى قرينته، بلى كانت هذه الرفيقة تتكلم بأعلى

صوت كلامًا حقًّا لا خطأ فيه يُفْهِم بعض طيور النهر والأجمة، وكان يخرج في كل

مساء من قاربه إلى البر ويوقد نارًا، فيشوي عليها ما يصطاده، ثم يرقد ملتفًّا في

غطائه مكفئًا فوقه القارب؛ ليكون له جُنة دون الحيوانات الوحشية، وسقفًا يقيه طل

الليل، وكان عند شروق الشمس يهب من نومه ويمضي عامة يومه في اجتياز

النهر من شاطئ إلى آخر على التوالي طلبًا لمنظر جديد، فكان يسترعي طرفه في

مكان خليج عميق، وفي آخر أسراب من الطيور، وتستلفته في ثالث جزيرة

صغيرة علتها خضرة نضرة، وهو لا يفتر عن تسويد ما يلاحظه فلم يغادر شيئًا مما

يستحق التصوير إلا رسمه خطفًا واختلاسًا، ولما فرغ من تقييد إشاراته وملاحظاته

اتخذ له في المدينة المسماة لويسفيل بولاية كنتوكي [6] بيتًا من الخشب، حيث أنشأ

يصور ما قيده على القماش وما كان أطوله، فقد بلغ ذرعه ثلاثة أميال.

لا شك في أن ذلك المصور كان أهلاً لأن يأتي بطرفة من الطرف، وإن كان

رسم مناظر المسيسبي ليس في الحقيقة إلا حكاية صادقة لسفره خطها قلم الرسم خطًّا

بطيئًا، ونحن على كل حال نرجو الله سبحانه أن يقيض لنا من يحتذي مثال جون

بانفارد من المصورين، وأن يهبهم من الإقدام والإخلاص للعمل ما وهبه؛ فإنه لو

تحقق ذلك لأصبحنا بسطح الكرة التي نسكنها أعلم مما نحن الآن بكثير.

وليت شعري: أي مانع يحول دون إنفاذ عمل كهذا يكون تاريخًا للأرض ومن

يقطنها من الأمم؟ ربما قيل: إن ذلك هو ما يقتضيه من إنفاق المال الكثير. فأقول:

هذا مُسَلَّم؛ ولكنا ننفق في تبديل سلاح بآخر، أو طريقة من طرق القتال بغيرها أو

في بناء بارجة، أو إقامة حكومة جديدة متوسطة مدة بقائها ثمانية عشر شهرًا على

الأكثر - أضعاف ما تقتضيه منا طريقة التربية المؤسَّسة على نواميس الفطرة

الإنسانية.

لا شأن لنا في ذلك، وعلينا التسليم والامتثال؛ فإن هيكلاً كالذي وصفته

تتجلى فيه الوقائع والمعاني إنما هو صورة من صور الخيال لا وجود له في الخارج

ولن يوجد بلا شك، فيجب علينا إذن بناؤه في المستقبل في ذهن (إميل) بمواد

أخرى اهـ.

(المنار)

إن ما قاله المؤلف في الأديان غير مُسَلَّم على إطلاقه، ويظهر أنه لم يطلع على

الدين الإسلامي الذي هو دين الفطرة، والمرشد إلى سنن الفطرة في التربية والتعليم،

وإن كان يستنير بأشعة شمسه من حيث لا يشعر.

((يتبع بمقال تالٍ))

_________

(1)

مُعَرَّب من باب الولد من كتاب‌

‌ إميل القرن التاسع عشر

.

(2)

رومة هي عاصمة إيتاليا الآن وكانت في غابر الأزمان عاصمة مملكة الرومانيين، ثم عاصمة لولايات السلطنة الروحية، ومقرًّا للبابا كما أنها مقره الآن.

(3)

أثينا هي مدينة شهيرة من القدم في بلاد اليونان، وهي الآن قاعدة حكومة تلك البلاد.

(4)

منفيس مدينة كانت عاصمة لمصر في الأزمان الغابرة أطلالها قريبة من القاهرة.

(5)

المسيسبي نهر عظيم في أمريكا الشمالية يصب في خليج المكسيك بالقرب من مدينة نوفل أورليانس وطوله 5500كيلو متر.

(6)

كنتوكي هي إحدى الولايات المتحدة بأمريكا الجنوبية سكانها 1855450 نفسًا وعاصمتها فرنكفورت.

ص: 108