الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسأل الله لنا ولجميع المسلمين العافية من صفات الكفار والمنافقين، ونسأله سبحانه أن يوفقنا وجميع المسلمين للثبات على دينه والاستقامة عليه والسلامة من أسباب غضبه. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
29 -
الرد على من يحتج بحديث
السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب على ترك الأسباب
س: هناك من يحتج بترك الأسباب بحديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. فما هو الرد عليهم؟
ج: هؤلاء السبعون ما تركوا الأسباب إنما تركوا شيئين وهما الاسترقاء والكي، والاسترقاء هو طلب الرقية من الناس.
وهذا الحديث يدل على أن ترك الطلب أفضل وهكذا ترك الكي أفضل لكن عند الحاجة إليهما لا بأس بالاسترقاء والكي؛ لأن النبي عليه السلام أمر عائشة أن تسترقي من مرض أصابها
وأمر أم أولاد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهي أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن تسترقي لهم، فدل ذلك على أنه لا حرج في ذلك عند الحاجة إلى الاسترقاء، ولأنه صلى الله عليه وسلم قال:«الشفاء في ثلاث: كية نار أو شرطة محجم أو شربة عسل وما أحب أن أكتوي (1) » وقد كوى عليه السلام بعض أصحابه لما دعت الحاجة إلى الكي، لأنه سبب مباح عند الحاجة إليه، والاسترقاء: طلب الرقية، أما إن رقي من دون سؤال فهو من الأسباب أيضا لا بأس به ولا كراهة في ذلك، وهكذا بقية الأسباب المباحة كالأدوية المباحة من إبر وحبوب وشراب وغير ذلك.
أما الطيرة المذكورة في حديث السبعين فهي التشاؤم ببعض المرئيات أو المسموعات وهي محرمة ومن الشرك الأصغر إذا ردت المتشائم عن حاجته لقول الله سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (2)
(1) أخرجه البخاري من حديث ابن عباس وجابر بن عبد الله في كتاب الطب، باب الشفاء في ثلاث، برقم 5249، وباب الدواء بالعسل، برقم 5251.
(2)
سورة الأنفال الآية 2
وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة (1) » وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: «الطيرة شرك، الطيرة شرك (2) » وقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكرت عنده الطيرة: «أحسنها الفأل ولا تردن مسلما، إذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك (3) » وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. قالوا: فما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك (4) » رواه أحمد.
فعلم مما ذكرنا من الأدلة أن التوكل لا يمنع تعاطي الأسباب، فالإنسان يأكل ويشرب فالأكل سبب للشبع ولقوام هذا البدن وسلامته، وهكذا الشرب ولا يجوز للإنسان أن يقول: أنا لا آكل ولا أشرب وأتوكل على الله في حياتي وأبقى صحيحا سليما. فهذا لا يقوله عاقل، وهكذا يلبس الثياب الثقيلة في الشتاء
(1) صحيح البخاري الطب (5753) ، صحيح مسلم السلام (2225) ، سنن ابن ماجه الطب (3540) .
(2)
سنن الترمذي السير (1614) ، سنن أبو داود الطب (3910) ، سنن ابن ماجه الطب (3538) ، مسند أحمد بن حنبل (1/440) .
(3)
سنن أبو داود الطب (3919) .
(4)
مسند أحمد بن حنبل (2/220) .