الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الرحمن بن معاوية بن هشام
ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو المطرف الأموي الهشامي المعروف بالداخل ولد بدير حنيناء، وذكر البلاذري أنه من عمل دمشق. غلب على الأندلس حين قتل مروان بن محمد، وهو لأم ولد اسمها راح.
ويقال إنه لما خرج هارباً من مصر إلى أرض برقة، أقام ببرقة خمس سنين، ثم رحل من برقة يريد الأندلس.
وكان دخول عبد الرحمن الأندلس سنة تسعٍ وثلاثين ومائة - وقيل سنة ثمان وثلاثين - في زمن أبي جعفر المنصور.
وكان الوالي على الأندلس يوسف الفهري أول من قطع الدعوة عن بني أمية، وكان من قبل يوسف من الولاة يدعون لولد عبد الملك بالخلافة، فلما أتى يوسف قطع الخلافة عنهم، ودعا لنفسه، فلما دخل عبد الرحمن الأندلس قاتل يوسف، وأخذ البلاد.
قيل إن عبد الرحمن لما توجه إلى يوسف الفهري أتلى الخبر يوسف بشخوصه، وأخبر بقدومه، وتوجهه إليه، فلم يعبأ يوسف، ولم يكترث، وإن عبد الرحمن لما توجه إليه غدا إلى الجزيرة، فنزلها، فاتبعه أهلها، ثم مضى منها إلى شذونة، فاتبعه أهلها، ثم مضى من شذونة إلى اشبيلية، فاتبعه من فيها، ثم مضى من اشبيلية إلى قرطبة، وهي مدينة الأندلس، فاتبعه من فيها، فكان كلما دخل مدينة ابتعه أهلها حتى دخلوا معه الأندلس. فذكروا أنهم دخلوها يوم الأضحى، أول الفطر، فلما رأى يوسف العساكر قد أظلته خرج هارباً إلى دار الشرك، فتحصن فيها هناك.
وغزاه عبد الرحمن من بعد ذلك، فوقعت نفرة في عسكره، فانهزم، وانصرف عبد الرحمن ومن معه بلا حرب. وجعل عبد الرحمن لمن أتاه برأسه جعلاً، فأتاه رجل من أصحاب يوسف برأس يوسف، فسره ذلك، فأجازه، وأكرمه.
وأقام عيال يوسف في مسكنهم لم يهجهم بشيء، فلما كان بعد ذلك خير عياله في الخروج عنه، أن المقام في موضعهم، فاختاروا موضعهم، فأقاموا فيه.
وكان عبد الرحمن الأندلسي، ووليها نائباً، وقال: إن أتت رسل بين العباس سلمت إليهم، وأنزلتهم هاهنا، فقال له مولاه - يقال له: مهدي بن الأصفر -: تخاف قوماً بينك وبينهم طول هذه المدة، والبحر دونك ودونهم؟ فأشار عليه ألا يفعل، فقبل منه.
ولعبد الرحمن أدب وشعر. ومما أنشد له يتشوق إلى معاهده بالشام: من الخفيف
أيها الراكب الميمم أرضي
…
أقر من بعضي السلام لبعضي
إن جسمي كما علمت بأرضٍ
…
وفؤادي ومالكيه بأرض
قدر البين بيننا فافترقنا
…
وطوى البين عن جفوني غمضي
قد قضى الله بالفراق علينا
…
فعسى باجتماعنا سوف يقضي
وكان من أهل ذلك الصقع جفاء وغلظة، فلما أمن به عبد الرحمن، ونشأ أولاده فضلاء علماء سمحاء توفر أعيان الرعية به على التأدب والتفقه، فرقت حواشيهم، ونبغ فيهم شعراء، والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم، والملك سوق يجلب إليها ما ينفق فيها.
وكان المنصور يثني على عبد الرحمن، ويقول: ذاك صقر قريش، دخل المغرب وقد قتل قومه، فلم يزل يضرب العدنانية بالقحطانية، ويلبس القحطانية بالعدنانية حتى ملك.
وكان الناس يقولون: ملك الأرض ابنا بربريتين - يعنون: عبد الرحمن والمنصور، أم المنصور سلامة البربرية، وأم عبد الرحمن راح البربرية.