الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:( «مَا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ أَوْ جَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ، وَمَا مَاتَ فِيهِ وَطَفَا فَلَا تَأْكُلُوهُ» ) . وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا كَرَاهَةَ أَكْلِ الطَّافِي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَطَاوُسٍ، وَالزُّهْرِيِّ. (رَوَاهُ الْدَارَقُطْنِيُّ) .
[بَابُ ذِكْرِ الْكَلْبِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ.
4098 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَمَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ ضَارٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
[1]
- بَابُ ذِكْرِ الْكَلْبِ.
أَيْ هَذَا بَابٌ ذُكِرَ فِي أَحَادِيثِهِ حُكْمُ الْكَلْبِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمَقْصُودُ مِنْهُ بَيَانُ مَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ مِنَ الْكِلَابِ وَمَا لَا يَجُوزُ، فَهُوَ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ لِلْبَابِ السَّابِقِ. قُلْتُ: أَوْ كَالتَّوْطِئَةِ وَالْمُقَدِّمَةِ لِلْبَابِ اللَّاحِقِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ.
4098 -
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنِ اقْتَنَى) أَيْ: حَفِظَ وَحَبَسَ وَأَمْسَكَ (كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: إِلَّا هُنَا. بِمَعْنَى غَيْرٍ صِفَةٌ " لِكَلْبًا " لَا لِلِاسْتِثْنَاءِ لِتَعَذُّرِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ تُنَزَّلَ النَّكِرَةُ مَنْزِلَةَ الْمَعْرِفَةِ، فَيَكُونَ اسْتِثْنَاءً لَا صِفَةً كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنِ اقْتَنَى الْكَلْبَ إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ (أَوْ ضَارٍ) : بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ الْمُنَوَّنَةِ مِنْ غَيْرِ يَاءٍ فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ عَلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَاشِيَةٍ أَيْ: وَإِلَّا كَلْبٌ مُعَلَّمٌ لِلصَّيْدِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الضَّارِي مِنَ الْكِلَابِ مَا يَهِيجُ بِالصَّيْدِ، يُقَالُ: ضَرَى الْكَلْبُ بِالصَّيْدِ ضَرَاوَةً أَيْ تَعَوَّدَهُ، وَمِنْ حَقِّ اللَّفْظِ أَوْ ضَارِيًا عَطْفًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، فَتَحَقَّقَ مِنْ تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّ تَرْكَ التَّنْوِينِ فِيهِ خَطَأٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ: ضَارِي بِالْيَاءِ وَفِي بَعْضِهَا ضَارِيًا بِالْأَلِفِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: فَأَمَّا ضَارِيًا فَهُوَ ظَاهِرُ الْإِعْرَابِ، وَأَمَا ضَارٍ وَضَارِي فَهُمَا مَجْرُورَانِ بِالْعَطْفِ عَلَى مَاشِيَةٍ، وَيَكُونُ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى صِفَتِهِ كَمَاءِ الْمَاوَرْدِ، وَمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَثُبُوتُ الْيَاءِ فِي ضَارِي عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ فِي إِثْبَاتِهَا فِي الْمَنْقُوصِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ. قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: وَإِضَافَةُ الْكَلْبِ إِلَى ضَارٍ عَلَى قَصْدِ الْإِبْهَامِ وَالتَّخْصِيصِ، فَإِنَّ الْكَلْبَ قَدْ يَكُونُ ضَارِيًا وَقَدْ لَا يَكُونُ ضَارِيًا (نُقِصَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْمَعْلُومِ وَهُوَ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا اللُّزُومُ أَيِ: انْتَقَصَ (مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ) : بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ (قِيرَاطَانِ) : فَاعِلٌ أَوْ نَائِبُهُ أَيْ: مِنْ أَجْرِ عَمَلِهِ الْمَاضِي، فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مَحْمُولًا عَلَى التَّهْدِيدِ؛ لِأَنَّ حَبْطَ الْحَسَنَةِ بِالسَّيِّئَةِ لَيْسَ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَقِيلَ: أَيْ: مِنْ ثَوَابِ عَمَلِ الْمُسْتَقْبَلِ حِينَ يُوجَدُ، وَهَذَا أَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا نَقَصَ مِنْ ثَوَابِ عَمَلِهِ، وَلَا يُكْتَبُ لَهُ كَمَا يُكْتَبُ لِغَيْرِهِ مِنْ كَمَالِ فَضْلِهِ لَا يَكُونُ حَبْطًا لِعَمَلِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اقْتَنَى النَّجَاسَةَ مَعَ وُجُوبِ التَّجَنُّبِ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَحَاجَةٍ، وَجَعَلَهَا وَسِيلَةً لِرَدِّ السَّائِلِ وَالضَّعِيفِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُقْصَانِ الْأَجْرِ بِاقْتِنَاءِ الْكَلْبِ، فَقِيلَ: لِامْتِنَاعِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ، وَقِيلَ: لِمَا يَلْحَقُ الْمَارِّينَ مِنَ الْأَذَى مِنْ تَرْوِيعِ الْكَلْبِ لَهُمْ وَقَصْدِهِ إِيَّاهُمْ، وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ لَهُمْ لِاتِّخَاذِهِمْ مَا نُهِيَ عَنِ اتِّخَاذِهِ وَعِصْيَانِهِمْ فِي ذَلِكَ. وَقِيلَ: لِمَا يُبْتَلَى بِهِ مِنْ وُلُوغِهِ فِي الْأَوَانِي عِنْدَ غَفْلَةِ صَاحِبِهِ وَلَا يَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ.
4099 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ، انْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
4099 -
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا) أَيِ: اقْتَنَاهُ وَحَفِظَهُ (إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ، انْتُقِصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ) : التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ، فَالْقِيرَاطَانِ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لِفَضْلِهِمَا، وَالْقِيرَاطُ فِي غَيْرِهِمَا كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَبَيَّنَهُ الشَّارِعُ، وَقِيلَ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانَيْنِ، فَالْقِيرَاطَانِ لِلتَّغْلِيظِ لِكَثْرَةِ إِلْفَتِهِمْ بِالْكِلَابِ، حَتَّى حُكِيَ أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ مَعَهَا، بَلْ يَأْكُلُونَهَا، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ مِثْلُ هَذَا فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي نَوْعَيْنِ مِنَ الْكِلَابِ. أَحَدُهُمَا أَشَدُّ أَذًى مِنَ الْآخَرِ، أَوْ يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ، فَيَكُونُ الْقِيرَاطَانِ فِي الْمَدِينَةِ خَاصَّةً لِزِيَادَةِ فَضْلِهَا، وَالْقِيرَاطُ فِي غَيْرِهَا. قُلْتُ: لِكَوْنِهَا مَهْبِطَ الْوَحْيِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْبَيْتِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَمَا وَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ؟ قَالَ: أَوِ الْقِيرَاطَانِ فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى، وَالْقِيرَاطُ فِي الْبَوَادِي، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي زَمَانَيْنِ، فَذَكَرَ الْقِيرَاطَ أَوَّلًا ثُمَّ زَادَ لِلتَّغْلِيظِ، فَذِكْرُ الْقِيرَاطَيْنِ وَالْقِيرَاطِ هُنَا مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُرَادُ نَقْصُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ عَمَلِهِ اهـ. وَهُوَ فِي الْأَصْلِ نِصْفُ دَانِقٍ وَهُوَ سُدُسُ الدِّرْهَمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .